الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحج ركب بغداد في تلك السنة. وفيها توفي الحافظ أبو عبد الله بن الفخار القرطبي، شيخ المالكية وعالم الأندلس.
وكان زاهداً عابداً ورعاً متألهاً عارفاً بمذاهب العلماء، واسع الدائرة حافظاً للمدونة عن ظهر قلب، والنوادر لابن أبي زيد، مجلب الدعوة. قال القاضي عياض: كان أحفظ الناس وأحضرهم علماً، وأسرعهم جواباً، وأوقفهم على اختلاف العلماء وترجيح المذاهب، حافظاً للأثر، مائلاً إلى الحجة والنظر رحمه الله تعالى. وفيها توفي عبد المحسن بن محمد المعروف بابن غلبون، الصوري الشاعر المشهور، أحد البارعين الفضلاء المجيدين الأدباء. ومن نظمه:
عندي حدائق سكر غرس جودكم
…
قد مسها عطش فليسق من غرسا
تداركوها، وفي أغصانها ورق
…
فلن يعود اخضرار العود إن يبسا
سنة عشرين واربع مائة
فيها وقع برد عظيم إلى الغاية في الواحدة أربعة أرطال بالبغدادي، حتى قيل إن بردة وجدت تزيد على قنطار، وقد نزلت في الأرض نحواً من ذراع، وذلك بأرض النعمانية من العراق، وهبت ريح لم يسمع بمثلها، قلعت الأصول الغائبة من الزيتون والنخيل. وفيها جمع القادر بالله كتاباً، فيه وعظ ووفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقصة ما جرى لعبد العزيز صاحب الحيدة بفتح الحاء والدال المهملتين وسكون المثناة من تحت بينهما وفي آخره هاء مع بشر المريسي، والرد على من يقول بخلق القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسب الرافضة، وغير ذلك. وجمع له الأعيان والعلماء ببغداد، فقرأ على الخلق، ثم أرسل الخليفة إلى جامع براثا بالموحدة وقبل الالذين راء وبينهما مثلثة وهو مأوى الرافضة من أقام الخطبة على السنة، فخطب، وقصر عما كانوا يفعلونه في ذكر علي رضي الله تعالى عنه، فرموه بالآجر من كل ناحية، فنزل وحماه
جماعة، حتى أسرع بالصلاة، فتألم القادر بالله وغاضبه ذلك، وطلب الشريف المرتضى شيخ الرافضة وكاتب السلطان وزيره ابن ماكولا يستحيش على الشيعة. ومن جملة كتابه: وإذا بلغ الأمير إلى الجرأة على الدين وسياسة المملكة من الرعاع والأوباش، فلا صبر دون المبالغة بما توجبه الحمية. وقد بلغه ما جرى في الجمعة الماضية في مسجد براثا الذي يجمع الكفرة والزنادقة ومن قد تبرأ الله تعالى منه، فصار أشبه شيء بمسجد الضرار، وذلك أن خطيباً كان فيه يقول مقالاً يخرج به، إلى الزندقة، فإنه يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، مكلم الجمجمة، ومحيي الأموات، البشري الإلهي، مكلم أصحاب الكهف. فأنفذ الخطيب ابن تمام، فأقام الخطبة، فجاء الآجر كالمطر، وكسر أنفه، وخلع كتفه، ودمي وجهه لولا أن أربعة من الأتراك حموه، وإلا كان هلك والضرورة ماسة إلى الانتقام ونزل ثلاثون بالمشاعل إلى دار ذلك الخطيب، فنهبوا الدار، وعز الحريم، وخاف أولو الأمر من فتنة تكبر. ولم يخطب أحد ببراثا، وكثرت العملات والكبسات، وفتحت الحوانيت جهاراً، وعم البلاء إلى آخر السنة حتى صلب جماعة. وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسن البغدادي. قال الخطيب: كان ثقة من أهل القرآن والأدب والفقه على مذهب مالك. وفيها توفي عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، شيخ الإقراء في الديار المصرية، وأستاذ مصنف العنوان وألف كتاب المجتبى في القراءات. وفيها توفي عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي الدمشقي، المعروف بالشيخ العفيف، قال أبو الوليد: وكان خيراً من ألف مثله إسناداً وإتقاناً وزهداً مع تقدمه. فيها توفي الأمير عز الملك محمد بن عبد الله بن أحمد الحراني الأديب العلامة، صاحب التآليف. وكان رافضياً، له كتاب القضايا الصابية في التنجيم، في ثلاثة آلاف