الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وثلاثين وأربعمائة
فيها كانت الزلزلة العظمى بتبريز، فهدمت أسوارها، وأحصى من هلك تحت الهدم فكانوا أكثر من أربعين ألفاً نسأل الله العفو والعافية. وفيها توفي الحافظ أبو ذر الهروي الأنصاري الفقيه المالكي، نزيل مكة روى الصحيح عن ثلاثة من أصحاب القريري، وجمع لنفسه معجماً، وعاش ثمانياً وسبعين سنة وكان ثقة متقناً ديناً عابداً حافظاً بصيراً باللغة والأصول، أخذ علم الكلام عن الباقلاني وصنف مخرجاً على الصحيجن، وكان شيخ الحرم في عصره، ثم تزوج بالسروا، وبقي يحج كل عام ويرجع.
سنة خمس وثلاثين واربع مائة
فيها توفي جلال الدولة. وأبو الحزم جهور محمد بن جهور أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها.
سنة ست وثلاثين واربع مائة
توفي فيها الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. كان نقيب الطالبين، وكان إماماً في علم الكلام والأدب والشعر، وهو أخو الشريف الرضي المقدم ذكره في سنة ست وأربعمائة. بين موتيهما ثلاثون سنة. وللمرتضى تصانيف على مذهب الشيعة، ومقالة في أصول الدين، وله ديوان شعر كثيرة وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، هل هو جمعه أو جمع أخيه الرضي؟ وقد قيل إنه ليس من كلام علي وإنما أحدهما هو الذي وضعه ونسبه إليه، والله تعالى أعلم. وله
الكتاب الذي سماه الدرر والغرر وهي مجالس املأها يشتمل على فنون من معاني الأدب، تكلم فيها على النحو واللغة وغير ذلك، وهو كتاب يدل على فضل كبير وتوسع في الاطلاع على العلوم. وذكره ابن بسام الأندلسي في أواخر كتاب الذخيرة فقال: هذا الشريف إمام أئمة العراق بين الاختلاف والافتراق، إليه فرغ علماؤها وأخذ عنه عظماؤها، صاحب مدارسها، وجامع شاردها وآنسها، ممن سارت أخباره، وعرفت بها أشعاره، وحمدت في ذات الله مآثره وآثاره، وتواليفه في أصول الدين، وتصانيفه في أحكام المسلمين، مما يشهد أنه فرغ تلك الأصول، وأهل ذاك البيت الجليل وأورد له عدة مقاطع، فمن ذلك قوله:
ولما تفرقنا كما شاءت النوى
…
بين ود خالص وتودد
كأني وقد سار الخليط عشية
…
أخو جنة مما أقوم وأقعد
قيل ومعنى البيت الأول من هذين البيتين مأخوذ من قول المتنبي:
إذا اشتبكت دموع في خدود
…
تبين من بكى ممن تباكى
ومما نسب إلى المرتضي أيضاً رضي الله تعالى عنه:
مولاي يا بدر كل داجية
…
خذ بيدي قد وقعت في اللجج
حسنك ما تنقضي عجائبه
…
كالبحر جد عنه بلا حرج
بحق من خط عارضيك ومن
…
سلط سلطانها على المهج
مد يديك الكريمتين معاً
…
ثم إدع لي من هواك بالفرج
وحكى الخطيب أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي أن أبا الحسن علي بن أحمد الفالي الأديب كانت له نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد في غاية الجودة، ودعته الحاجة إلى بيعها، فباعها، واشتراها الشريف المرتضى بستين ديناراً، وتصفحها، فوجد فيها أبياتاً بخط بائعها أبي الحسن الفالي:
أنست بها عشرين حولاً وبعتها
…
لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها
…
ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية
…
صغار عليهم تستهل شؤوني
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك
…
كرائم من رب بهن ضنين
وهذا الفالي منسوب إلى فالة بالفاء وهي بلدة بخوزستان وملح الشريف المرتضى وفضائله كثيرة. وكانت ولادته في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.