الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكتاب جامع بيان العلم وفصله وما ينبغي في روايته وحمله وكتاب الدرر في اختصار المغازي والسير وكتاب العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم، وكتاب بهجة المحاسن في أنس المجالس وكتاب صغير في قبائل العرب وأنسابهم، وغير ذلك. وكان له بسطة كبيرة في علم النسب، مع ما تقدم من الفقه والأخبار والعربية.
سنة اربع وستين واربع مائة
فيها توفي أبو الحسن جابر بن نصر البغدادي العطار والمعتضد بالله عباد ابن القاضي محمد بن اسماعيل اللخمي صاحب إشبيلية، ولي بعد أبيه، وكان شهماً مقداماً صارماً، قتل جماعة وصاد آخرين، ودانت له الملوك. وفيها توفي ابن حيدة بكر بن محمد النيسابوري.
سنة خمس وستين واربع مائة
فيها قتل ألب أرسلا، وتسلطن ابنه ملكشاه، وفيها افترق الجيش، واقتلوا فقتل نحو الأربعين ألفاً، ثم التقوا مرة ثانية، وكثر القتل في العبيد، وانتصر الأتراك، وضعف المستنصر، وأنفق خزائنه في رضائهم، وغلب العبيد على السعيد، ثم جرت لهم وقعات، وعاد الغلاء المفرط والوباء، ونهب الجند دور العامة. قال ابن الأثير: اشتد البلاء والوباء حتى إن أهل البيت كانوا يمولون في ليلة، وحتى حكي أن امرأة أكلت رغيفاً بألف دينار، باعت عروضاً لها قيمة ألف دينار، واشترت بها حملة قمح، وحمله الحمال على ظهره، فنهبت الحملة، فنهبت المرأة مع الناس، فحصل لها رغيف واحد. وفيها توفي السلطان الكبير عضد الدولة أبو شجاع: ألب أرسلان ابن الملك داود بن ميكائيل بن سلجوق بفتح السين المهملة وضم الجيم بين الواو واللام، أول من قيل له السلطان على منابر بغداد. وكان فى آخر دولته من أعدل الناس، وأحسنهم سيرة، وأرغبهم في الجهاد وفي نصر الإسلام، ثم عبر نهر جيحون ومعه نحو مائتي ألف فارس، وقيل إنه لم يعبر الفرات في قديم الزمان ولا في حديثه في الإسلام ملك تركي قبل ألب أرسلان، فإنه أول من عبرها من ملوك الترك، فأتى بمتولي قلعة يقال له يوسف الخو ارزمي، فأمر أن يشد
بأربعة أوتاد، فقال: يا مخنث، مثلي يقتل هكذا؟ فغضب السلطان، فأخذ القوس والنشاب فقال: خلوه، فرماه، فأخطأه وكان قل أن يخطىء فشد يوسف عليه، فنزل السلطان، فأخذ القوس والنشاب فقال: خلوه عن السرير، فعثر، فبرك عليه يوسف، وضربه بسكين معه في خاصرته، فشد مملوك على يوسف فقتله، ثم مات السلطان من ذلك، وكان أهل سمرقند قد خافوه، وابتهلوا إلى الله تعالى وفروا إليه ليكفيهم أمر ألب أرسلان، فكفاهم. وفيها توفي أبو الغنائم عبد الصمد بن علي الماسع، سمع جده أبا الفضل ابن المأمون الدارقطني وجماعة. قال أبو سعيد السمعاني: كان ثقة نبيلاً مهيباً تعلوه سكينة ووقار، رحمه الله. وفيها توفي الأستاذ الكبير العارف بالله الشهير السيد الجليل الإمام، جامع الفضائل والمحاسن زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري الصوفي شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومصنف الرسالة. قال أبو سعيد السمعاني: لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، كان علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والشعر والأدب والكتابة وعلم التصوف، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية اسنوا، من العرب الذين قدموا خراسان. توفي أبوه وهو صغير، فتعلم الأدب، وحضر مجلس الأستاذ ابي علي الدقاق وكان إمام وقته فلما سمع كلامه أعجبه، ووقع في قلبه، فسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق، وأقبل عليه، وتفرس فيه النجابة، فجذبه بهمته، وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فخرج إلى درس محمد بن أبي بكر الطوسي، وشرع في الفقه حتى فرغ من تعليقه، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر بن فورك، فقرأ عليه حتى أتقن علم الأصول، ثم تردد إلى الأستاذ أبي إسحاق الاسفرائيني، وقعد ليسمع درسه أياماً، فقال الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع، ولا بد من الضبط بالكتابة، فأعاد عليه جميع ما سمع منه في تلك الأيام، فعجب منه، وعرف محله، فأكرمه وقال له: ما تحتاج إلى درس، بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي. فقعد، وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك، ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني، وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ ابي علي الدقاق، وزوجه ابنته مع كثرة أقاربها، وبعد وفاة أبي علي سلك مسلك المجاهدة والتجريد، وأخذ في التصنيف، فصنف التفسير الكبير، وسقاه التيسير في علم التفسير وهو من أجود التفاسير، وصنف الرسالة في رجال الطريقة، وخرج إلى الحج في رفقة فيها الإمام أبو محمد الجويني وإمام الحرمين والإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، وجماعة من المشاهير وسمع منهم الحديث في بغداد والحجاز، وكان له في الفروسية واستعمال السلاح الباع الطويل،
والبراعة البالغة. وأما مجلس الوعظ والتذكير فهو إمامها المنفرد بها، عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث. وذكره صاحب: كتاب دمية القصر، وبالغ في الثناء عليه حتى قال في مبالغته: لو قرع الصخر بسوط تخويفه لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لناب. وذكره الخطيب في تاريخه وقال: كان حسن الموعظة، مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي. وذكره الشيخ
الإمام عبد الغافر في تاريخه فقال: عبد الكريم بن هوازن أبو القاسم القشيري الإمام مطلقاً، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيد وقته، ونصر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقذم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة وعين السعادة، وقطب السيادة وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته، وجمع بين علم الشريعة والحقيقة. وذكر الخطيب سماعه من جماعة كثيرين من الأكابر: كأبي نعيم والحاكم والخفاف والسلمي وابن فورك وأشباههم. قلت: وقد ذكرت عن الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابي الشاش المعلم محاسن كثيرة وقضايا شهيرة، وحذفتها هناك. وقال أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن لنفسه: لإمام عبد الغافر في تاريخه فقال: عبد الكريم بن هوازن أبو القاسم القشيري الإمام مطلقاً، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيد وقته، ونصر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقذم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة وعين السعادة، وقطب السيادة وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته، وجمع بين علم الشريعة والحقيقة. وذكر الخطيب سماعه من جماعة كثيرين من الأكابر: كأبي نعيم والحاكم والخفاف والسلمي وابن فورك وأشباههم. قلت: وقد ذكرت عن الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابي الشاش المعلم محاسن كثيرة وقضايا شهيرة، وحذفتها هناك. وقال أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي: أنشدنا عبد الكريم بن هوازن لنفسه:
سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم
…
وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك
قمنا زماناً والعيون قريرة
…
وأصبحت يوماً والعيون سوافك
ومما أنشده في رسالته المشهورة.
ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة
…
فإني من ليلى لها غير ذائق
وأكثر شيء نبته من وصالها
…
أماني لم تصدق كلمحة بارق
وكان ولده أبو نصر عبد الرحيم إماماً كبيراً، أشبه أباه في علومه ومجالسه، ثم واظب دروس إمام الحرمين أبي المعالي، حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف، ثم خرج إلى الحج، فوصل إلى بغداد، وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه، وأطبق علماء بغداد على أنه لم ير مثله. قلت: وسيأتي ذكر شيء من محاسنه وسيرته في ترجمته إن شاء الله تعالى.