الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومذ كفلت لي مأرب بمأربي
…
فلست على آسوان يوماً بأسوان
وإن جهلت حقي زعانف خندف
…
فقد عرفت فضلي غطارف همدان
فحسده ألفاعي وهو في مذهب الإسماعيلية الذي يدعو الخلق إلى متابعة الإمام المعصوم على زعمهم في عدن على ذلك، فكتب بالأبيات إلى صاحب مصر، فكانت سبب الغضب عليه، فأمسكه وأنفذه إليهم مقيداً مجرداً، وأخذ جميع موجوده، فأقام باليمن مدة، ثم رجع إلى مصر، فقتله شاور كما تقدم، وقوله:
وإن جهلت حقي زعانف خندف
…
فقد عرقت فضلي غطارف همدان
يحتاج إلى تفسير لمن ليس باللغة خبيراً، أما الزعانف فهي بالزاي ثم العين المهملة وبين الألف والماء نون - وهي اطراف الأديم وأكارعه، وأما خندف وهي بكسر الماء المعجمة وقبل ألفال المهملة نون ساكنة وهي قبيلة تنسب إلى أمها امرأة ألفاس بن مضر، واسمها ليلى. والخندفة مشية كالهرولة، ويقال: خندف إلىجل، إذا مشى قألفا قدميه كأنه يغترف بهما، وأما غطارف فهو بالغين المعجمة والماء المهملة وإلىاء بعد الألف جمع غطريف، وهو السيد، وفرخ ألفازي، وقحطان قبيلة مسماة باسم جدها وهو أبو اليمن وهمدان بألفال المهملة وسكون الميم قبلها قبيلة من اليمن. وأما بالذال المعجمة وفتح الميم فبلد بالعجم. والغساني بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشددة نسبة إلى غسان، وهي قبيلة كبيرة من الازد، شربوا من ماء غسان، وهو باليمن فنسبوا إليه، ومنهم بنو جفنة رهط الملوك. ويقال غان اسم قبيلة، والأسواني نسبة إلى أسوان بضم الهمزة وسكون السين المهملة، وهي بلدة بصعيد مص.
سنة اثنتين وستين وخمس مائة
فيها سار أسد الدين السير الثاني إلى مصر ببعض جيش نور الدين، فنازل الجيزة شهرين، واستنجد وزيرمصرالفرنج، فدخلوا إلى النيل من دمياط، والتقوا، فانتصر أسد الدين، وقتل ألوف من الفرنج. قال ابن الأثير: هذه من أعجب ما أرخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج. ثم
استولى أسد الدين على بلاد الصعيد وتقوى بخراجها، وأقامت الفرنج بالقاهرة حتى استر أسوا، ثم قصدوا الاسكندرية وقد أخذها صلاح الدين، فحاصروه أربعة أشهر، ثم كرأسد الدين منجداً له، فترحلت الملاعين بعد أن قد استقر لهم بالقاهرة شحنة، وقطيعة مائة ألف دينار في الشام. وصالح شاور أسد الدين على خمسين ألف دينار، وأخذها ونزل الشام.
وفيها قدم قطب الدين صاحب الموصل على أخيه نور الدين، فغزوا الفرنج، فأخذوا حصناً بعد حصن. وفيها احتراق البلادين حرقاً عظيماً، حتى صار تاريخاً، وأقامت النار أياماً. وفيها توفي خطيب دمشق أبو البركات الخضر بن شبل الفقيه الشافعي، درس بالغزالية وبالمجاهدية، وبنى له نور الدين المدرسة المعروفة بالعمادية. وفيها توفي ابن حمدون صاحب التذكرة أبو المعالي محمد بن أبي سعد ألفاتب الملقب كافي الكفاءة البغدادي. كان فاضلاً ذا معرفة تامة بالأدب والكتابة، من بيت مشهور بإلىئاسة والفضل، صنف كتاب التذكرة، وهو من أحسن المجاميع، يشتمل على التاريخ والأدب والنوادر والأشعار، لم يجمع أحد من المتأخرين مثله، ذكره العماد ألفاتب في كتاب الخريدة، وأنشد لنفسه لغزاً في مروحة الجيش:
ومرسلة معقودة دون قصدها
…
منفذة تجري لجيش طليقها
يمر خفيف الريح وهي مقيمة
…
وتسري وقد سدت عليها طريقها
لها من سليمان النبي وراثة
…
وقد عزمت نحو النبيط عروقها
إذا صدق النوء الشمالي أمحلت
…
وتمطر والجوزاء ذاك حريقها
وتحسبها إحدى الصنائع أنها
…
لذلك كانت كل روح صديقها
قلت: وفي المروحة أيضاً أنشدنا بعض شيوخنا، وهو الشيخ الصالح أبو بكر ابن ألفائغ لنفسه:
وفي عدن حر كأن لهيبه
…
من النار في أرجأنها اليوم لافح
أدافع عني بالمراوح جيشه
…
فيا ضعف من يحمي قفاه المراوح