الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورقة، وكتاب الأديان في العبادات في ثلاثة آلاف وخمس مائة ورقة، وكتاب التلويح والتصريح في الشعر ثلاث مجلدات، وكتاب تاريخ مصر وكتاب أنواع الجماع في أربع مجلدات، وغير ذلك من السخافات. وفيها توفي الأمير عز الملك محمد بن أبي القاسم الكاتب الحراني الأصل، المصري المولد، صاحب التاريخ المشهور وغيره من المصنفات، رزق حظوة في التصانيف، وكان مع ما فيه من الفضائل على زي الأجناد، واتصل بخدمة الحاكم العبيدي صاحب مصر ونال منه سعادة من الدنيا. وبلغ تاريخه ثلاثة عشر ألف ورقة. وله عدة تصانيف أخرى، وله شعر حسن، من ذلك أبيات رثى بها أم ولده، وهي:
ألا في سبيل الله قلب تقطعاً
…
وقادحة لم تبق للعين مدمعا
الصبر وقد حل الثرى من أوده
…
ولله هم ما أشد وأوجعا
فياليتني للموت قدمت قبلها
…
وإلا فليت الموت أذهبنا معا
سنة احدى وعشرين واربع مائة
فيها أو في ما بعدها توفي الإمام أبو الفتح يحيى بن عيسى بن ملابس، وهو ممن انتشر
عنه فقه الإمام الشافعي في بلاد اليمن، تفقه بجماعة منهم الإمام الحسين بن جعفر المراغي، ومنهم الإمام محمد بن يحيى بن سراقة. ثم ارتحل إلى مكة، فجاور فيها، وشرح مختصر المزني، شرحه المشهور له في اليمن، ذكر في أوله أنه شرحه بمكة في أربع سنين، مقابل الكعبة. وروى القاضي الإمام طاهر ابن الإمام العلامة يحيى بن أبي الخير العمراني، مصنف كتاب البيان بسنده عن الإمام يحيى بن عيسى المذكور أنه لما استأذنه ولده في المجاورة بمكة نهاه أن يتزوج من النساء من هي بالغ بسنها، قال: فإني تزوجت بها ستين امرأة في أربع سنين، ولا آمن عليك أن تتزوج من كنت تزوجت بها. وفيها أقبلت الروم في ثلاثمائة ألف على قصد الشام، فأشرف على معسكرهم سرية من العرب نحو مائة فارس وألف راجل، فظن ملكهم أنها كبسة، فاختفى، ولبس خفاً أسود، وهرب، فوقعت الخبطة فيهم، واستحكمت الهزيمة، فطمع أولئك العرب منهم، ووضعوا السيف حتى قتلوا مقتلة عظيمة، وغنموا خزائن الملك، واستغنوا بها.
وكاد أن يستولي الخراب إلى بغداد، لضعف الهيبة وتتابع السنين، فاجتمع الهاشميون في جامع المنصور، ورفعوا المصاحف، واستنفروا الناس، فاجتمع إليهم الفقهاء وخلق من الإمامية والرافضة، وضجوا بأن يعفوا من الترك، فعمد الترك نعود بالله من الضلال فرفعوا صليباً على رمح، وترامى الفريقان بالنشاب والآجر، وقتل طائفة، ثم تهاجروا، وكثرت العملات والكبسات، وأخذت المخازن الكبار والدور، وتجدد دخول الأكراد اللصوص إلى بغداد، فأخذوا خيول الأتراك من الاصطبلات. وفيها توفي السلطان محمود ابن الأمير ناصر الدولة أبو منصور. كان أبوه أمير الغزاة الذين يغزون من بلاد ما وراء النهر على أطراف الهند، وأخذ عدة قلاع، وافتتح ناحية بست. وأما محمود فافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر، ثم استولى على سائر خراسان، ودان له الخلق على اختلاف أجناسهم، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام، فافتتح منه بلاداً واسعة، وقد مضى ذكر شيء من فتح البلاد البعيدة، وصفاته الجميلة الحميدة، وعلو همته الشريفة، ورجوعه عن مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنهما، في القضية المتقدمة في السنة العاشرة بعد الأربعمائة.
وفيها توفي الإمام أحمد بن محمد المعروف بابن دراج الأندلسي الشاعر. قال الثعالبي: كان يصقع الأندلس كالمتنبي يصقع الشام. ومن أشعاره ما عارض بها قصيدة أبي نواس التي مدح بها الخصيب صاحب ديوان خراج مصر ومنها قوله:
تقول التي من بيتها خف محمل
…
عزيزعلينا أن نراك تسير
أما دون مصر للغني مطلب
…
بلى إن أسباب الغنى لكثير
فقلت لها واستعجلتها بوادر
…
جرت فجرى من حرهن عبير
درين أكثر حاسديك برحلة
…
إلى بلدة فيها الخصيب أمير
فما حازه جود ولا حل دونه
…
ولكن يصير الجود حيث يصير
فتى يشتري حسن الثناء بماله
…
ويعلم أن الدائرات تدور
فمن كان أمسى جاهلاً بمقالتي
…
فإن أمير المؤمنين خبير
ثم قال في أواخرها بعد ذكر المنازل:
زها بالخصيب السيف والرمح في الوغى
…
وفي السلم يزهو منبر وسرير
جواد إذا الأيدي قبضن عن الندى
…
ومن دون عورات النساء غيور
فإني جدير إن بلغتك للغنى
…
وأنت لما أملت منك جدير
فإن تولني منك الجميل فأهله
…
وإلا فإني عاذر وشكور
وكل هذه الأبيات من قصيدة أبي نواس، وأما قصيدة ابن دراج المعارض بها فمنها هذه الأبيات:
دعيني أرد ماء المفاوز راجياً
…
إلى حيث ماء للكرام نمير
فإن خطيرات المهالك ضمنت
…
براكبها أن الجزاء خطير
ولما تراءت للوداع وقد هفا
…
بصبري منها أنه وزفير
تناشدني عهد المودة والهوى
…
وفي المهد منهوم النداء صغير
عيي بمرجوع الخطاب ولحظه
…
بموقع أهواء النفوس خبير
تنوع بممنوع القلوب ومهدت
…
له أذرع محفوفة ونحور
فكل مفداة الترائب عنده
…
وكل محياة المحاش ظير
عصيت شفيع النفس فيه وقادني
…
روائح تلاب السرى وبكور
فطار جناح البين بي وهفت بها
…
حوائج من دعو العراق تطير
ولو شاهدتني والهواجر تلتظي
…
علي ورقراق السراب يمور
أسلط حراً لها جرات إذا سطا
…
على حر وجهي والأصيل هجير
واستنشق النكباء وهي لواقح
…
وأستوطن الرمضاء وهي تفور
وللموت في عين الجبان تلون
…
وللذعر في سمع الجري صفير
لبان لها أني من الضيم جازع
…
وأني على مض الخطوب صبور
أمير على غول السبايف ماله
…
إذا ريع إلا المشرقي وزير
ولو بصرت بي والسرى حل عزمتي
…
وجرسي لجنان الفلاة سمير
وأعتسف الموماة في غسق الدجى
…
وللأسد في غيل الغياض زئير
وقد حومت زهر النجوم كأنها
…
كواعب في خضر الحدائق حور
ودارت نجوم القطب حتى كأنها
…
كؤوس مهاً والى بهن مدير
وقد خيلت طرف المجرة أنها
…
على مفرق الليل البهيم فقير
وثاقب عزمي والظلام مروع
…
وقد غض في أجفان النجوم فتور
لقد أيقنت المنى طوع همتي
…
وأني بعطف العامري جدير
وفيها أو قبلها أو بعدهما، توفي الإمام أبو عبد الله محمد بن مسعود بن أحمد