المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ست واربع مائة - مرآة الجنان وعبرة اليقظان - جـ ٣

[اليافعي]

فهرس الكتاب

- ‌سنة اثنتين واربع مائة

- ‌سنة ثلاث وأربع مائة

- ‌سنة أربع وأربع مائة

- ‌سنة خمس وأربع مائة

- ‌سنة ست واربع مائة

- ‌سنة سبع واربع مائة

- ‌سنة ثمان وأربع مائة

- ‌سنة تسع وأربعمائة

- ‌سنة عشر وأربع مائة

- ‌سنة احدى عشرة وأربع مائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وأربع مائة

- ‌سنة أربع عشرة وأربع مائة

- ‌سنة خمس عشرة وأربع مائة

- ‌سنة ست عشرة وأربع مائة

- ‌سنة سبع عشرة وأربع مائة

- ‌سنة ثمان عشرة وأربع مائة

- ‌سنة تسع عشرة وأربع مائة

- ‌سنة عشرين واربع مائة

- ‌سنة احدى وعشرين واربع مائة

- ‌سنة واثنتين وعشرين واربع مائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين واربع مائة

- ‌سنة اربع وعشرين واربع مائة

- ‌سنة خمس وعشرين واربع مائة

- ‌سنة ست وعشرين واربع مائة

- ‌سنة سبع وعشرين واربع مائة

- ‌سنة ثمان وعشرين واربع مائة

- ‌سنة تسع وعشرين واربع مائة

- ‌سنة ثلاثين واربع مائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين واربع مائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين واربع مائة

- ‌سنة ست وثلاثين واربع مائة

- ‌سنة سبع وثلاثين واربع مائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين واربع مائة

- ‌سنة تسع وثلاتين وأربع مائة

- ‌سنة اربعين واربع مائة

- ‌سنة احدى واربعين واربع مائة

- ‌سنة اثنتين واربعين واربع مائة

- ‌سنة ثلاث واربعين واربع مائة

- ‌سنة أربع وأربعين وأربع مائة

- ‌سنة خمس وأربعين وأربع مائة

- ‌سنة ست واربعين واربع مائة

- ‌سنة سبع واربعين واربع مائة

- ‌سنة ثمان واربعين واربع مائة

- ‌سنة تسع واربعين واربع مائة

- ‌سنة خمسين واربع مائة

- ‌‌‌سنة احدى وخمسين واربع مائة

- ‌سنة احدى وخمسين واربع مائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين واربع مائة

- ‌سنة أربع وخمسين واربع مائة

- ‌سنة خمس وخمسين واربع مائة

- ‌سنة ست وخمسين واربع مائة

- ‌سنة سبع وخمسين واربع مائة

- ‌سنة ثمان وخمسين واربع مائة

- ‌سنة تسع وخمسين واربع مائة

- ‌سنة ستين واربع مائة

- ‌سنة احدى وستين واربع مائة

- ‌سنة اثنتين وستين وأربع مائة

- ‌سنة ثلاث وستين واربع مائة

- ‌سنة اربع وستين واربع مائة

- ‌سنة خمس وستين واربع مائة

- ‌سنة ست وستين واربع مائة

- ‌سنة سبع وستين واربع مائة

- ‌سنة ثمان وستين واربع مائة

- ‌سنة تسع وستين واربع مائة

- ‌سنة سبعين وإربع مائة

- ‌سنة احدى وسبعين واربع مائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين واربع مائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين واربع مائة

- ‌سنة اربع رسبعين واريع مائة

- ‌سنة خمس وسبعين واربع مائة

- ‌سنة. ست وسبعين واربع مائه

- ‌سنة سبع وسبعين واربع مائة

- ‌سنة تسع وسبعين واربع مائة

- ‌سنة ثمانين واربع مائة

- ‌سنة احدى وثمانين واربع مائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة

- ‌سنة اربع وثمانين واربع مائة

- ‌سنة خمس وثمانين واربع مائة

- ‌سنة ست وثمانين واربع مائة

- ‌سنة سبع وثمانين واربع مائة

- ‌سنة ثمان وثمانين واربع مائة

- ‌سنة تسع وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة تسعين واربع مائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وأربع مائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين واربع مائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين واربع مائة

- ‌سنة أربع وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين واربع مائة

- ‌سنة ست وتسعين واربع مائة

- ‌سبع وتسعين واربع مائة

- ‌سنة ثمان وتسعين واربع مائة

- ‌سنة تسع وتسعين واربع مائة

- ‌سنة خمس مائة

- ‌سنة احدى وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث وخمس مائة

- ‌سنة أربع وخمس مائة

- ‌سنة خمس وخمس مائة

- ‌سنة ست وخمس مائة

- ‌سنة سبع وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وخمس مائة

- ‌سنة تسع وخمس مائة

- ‌سنة عشرة وخمس مائة

- ‌سنة احدى عشرة وخمس مائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وخمس مائة

- ‌سنة أربع عشرة وخمس مائة

- ‌سنة خمس عشرة وخمس مائة

- ‌سنة ست عشرة وخمس مائة

- ‌سنة سبع عشرة وخمس مائة

- ‌سنة ثمان عشرة وخمس مائة

- ‌سنة تسع عشرة وخمس مائة

- ‌سنة عشرين وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وخمس مائة

- ‌سنة اربع وعثسرين وخمس مائة

- ‌سنة خمس وعشرين وخمس مائة

- ‌سنة ست وعشرين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وعشرين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وعشرين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة ست وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وخمس مائة

- ‌سنة أربعين وخمس مائة

- ‌سنة احدى واربعين وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث واربعين وخمس مائة

- ‌سنة أربع وأربعين وخمس مائة

- ‌سنة ست وأربعين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وأربعين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان واربعين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وأربعين وخمس مائة

- ‌سنة خمسين وخمس مائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة أربع وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة خمس وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة ست وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وخمسين وخمس مائة

- ‌سنة ستين وخمس مائة

- ‌سنة إحدى وستين وخمس مائة

- ‌ذكروالشيخ عبد ألفادر بن أبي صالح الزاهد

- ‌نسبه ومولده وصنعته رضي الله تعالى عنه

- ‌شيء من علمه وتسمية بعض شيوخه

- ‌سنة اثنتين وستين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث وستين وخمس مائة

- ‌سنة أربع وستين وخمس مائة

- ‌سنة خمس وستين وخمس مائة

- ‌سنة ست وستين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وستين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وستين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وستين وخمس مائة

- ‌سنة سبعين وخمس مائة

- ‌سنة احدى وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة اربع وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة خمس وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة ست وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وسبعين وخمس مائة

- ‌سنة ثمانين وخمس مائة

- ‌سنة احدى وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة اربع وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة خمس وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة ست وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وثمانين وخمس مائة

- ‌فصل

- ‌انتهاء اللولة العبيدية واقامة الدولة العباسية

- ‌ذكر أئمة العبيديين وعدد سني دولتهم

- ‌ذكر خلفاء بني العباس وعدد سني دولتهم

- ‌ذكر ملوك بني أمية وعدد سني دولتهم

- ‌ذكر عدد الخلفاء الراشدين ومدة خلافتهم

- ‌سنة تسعين وخمس مائة

- ‌سنة احدى وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة ئلاث وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة اربع وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة خمس وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة ست وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة سبع وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة تسع وتسعين وخمس مائة

- ‌سنة ست مائة

الفصل: ‌سنة ست واربع مائة

نباتة في اليوم الذي توفي فيه، فأنشدني هذا البيت، وودعته وانصرفت، فأخبرت في طريقي أنه توفي.

وفيها توفي الإمام الكبير الحافظ الشهير أبو عبد الله محمد بن عبد الله، المعروف بالحاكم ابن البيع النيسابوري، إمام أهل الحديث في وقته. كتب عن نحو الذي حديث شيخ، وبرع في معرفة الحديث وفنونه، وصنف التصانيف، وتفقه على الإمام أبي سهل الصعلوكي الفقيه الشافعي، ولازمه الدارقطني، وسمع منه الإمام أبو بكر القفال الشاشي وغيره من الأئمة. وفيها وقيل في سنة ثلاث وستين وأربع مائة توفي ابن زيدون المخزومي الأندلسي الشاعر المشهور. ومن شعره:

يا بائعاً حظه مني ولو بذلت

لي الحياة بحظي منه لم أبع

يكفيك أني إن حملت قلبي ما

لا يستطيع قلوب الناس يستطع

ته أحتمل واستطل أصبر وعز

أهن وول أقبل اسمع ومر أطع

ومن شعره أيضاً:

تكاد حين تناجيكم ضمائرنا

يقضي علينا الأسى لولا تأسينا

حالت لبعدكم أيامنا فغدت

سوداً، وكانت بكم بيضاً ليالينا

بالأمس كنا وما نخشى تفرقنا

واليوم نحن وما يرجى تلاقينا

ومنه أيضاً:

لم تدر ما خلتعيناك في خلديمن الغرام ولا ما كابدت كبدي

‌سنة ست واربع مائة

فيها توفي الإمام الجليل الفاضل، مقر النجابة والفضائل، الشيخ أبو حامد أحمد بن

ص: 12

أبي طاهر محمد بن أحمد الاسفرائيني الفقيه الشافعي، شيخ طريقة العراق، وإمام الشافعية بالاتفاق. انتهت إليه رئاسة الدنيا والدين ببغداد، وكان يحضر مجلسه أكثر من ثلائمائة فقيه هكذا ذكر بعضهم، وقال بعضهم: سبع مائة فقيه، علق على مختصر المزني تعاليق، وطبق الأرض بالأصحاب، وله فى المذاهب: التعليقة الكبرى في نحو خمسين مجلداً، وكتاب البستان، ذكر فيه غرائب، وهو كتاب صغير. أخذ الفقه عن أبي الحسن بن المرزباني، ثم عن أبي القاسم الداركي. واتفق أهل عصره على جلالته وتفضيله وتقديمه في جودة النظر. وذكر الخطيب أنه حدث بشيء يسير عن عبد الله بن عدي، وأبي بكر الاسماعيلي، وابراهيم بن محمد الاسفرائيني وغيرهم. وقال: وكان ثقة، ورأيته غير مرة، وحضرت تدريسه، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة متفقه. وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي لفرح به. وحكى الشيخ أبو إسحاق في كتاب الطبقات أن أبا الحسن القدوري كان يعظمه ويفضله على كل أحد، وأن الوزير أبا القاسم علي بن الحسن حكى له عن القدوري أنه قال: أبو حامد عندي أفقه وأنظر من الشافعي. قال الشيخ أبو إسحاق: فقلت له: هذا القول من القدوري، حمله عليه اعتقاده في الشيخ أبي حامد، وتعصبه للحنفية على الشافعي، ولا يلتفت إليه فإن أبا حامد، ومن هو أعلم منه وأقدم على بعد من تلك الطبقة، وما مثل الشافعي ومثل من بعده إلا كما قال الشاعر:

نزلوا بمكة في قبائل نوفل

ونزلت بالبيداء أبعد منزل

وقال تلميذه الإمام سليم الرازي: كان لا يخلو له وقت عن اشتغال، حتى إنه كان إذا أبوأ القلم قرأ القرآن أو سبح، وكذلك إذا كان ماراً في الطريق. وروى القاضي الإمام طاهر ابن الإمام العلامة صاحب البيان يحيى بن أبي الخير العمراني اليمني بسنده عن بعض شيوخه بالسند المتصل عن الإمام أبي الفتوح يحيى بن عيسى بن ملامس، عن والده قال: لقيت الشيخ الإمام أبا حامد الاسفرائيني بمكة في بعض المواسم، فرأيت عليه ثياباً ثمينة من ثياب الملوك، ورأيته يركب مراكب الملوك، ورأيته في الطواف والناس يعظمونه فقرأ في الطواف قارىء:" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً " - القصص 83 - فبكى الشيخ أبو حامد بكاء شديداً، وسمعته يقول: أما العلو يا رب فقد أردناه، وأما الفساد فلم نرده. وروي أنه قابله بعض الفقهاء في مجلس المناظرة بما لا يليق، ثم أتاه في الليل معتذراً إليه، فأنشده أبو حامد:

جفاء جرى جهراً لدى الناس وانبسط

وعذراً أتى سراً فأكد ما فرط

ص: 13

ومن ظن أن يمحو جلي جفائه

خفى اعتذار فهو في أعظم الغلط

وفي الإمام أبي حامد المذكور ما هو عن بعضهم بهذا اللفظ مسطور، لما عاد مريضاً أنشأ المريض يقول:

مرضت فاشتقت إلى عائد

فعادني العالم في واحد

ذاك الإمام ابن طاهر

أحمد ذو الفضل أبو حامد

وكانت ولادته رحمه الله في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقدم بغداد في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. وقال الخطيب: سنة أربع وستين. ودرس الفقه بها من سنة سبعين إلى أن توفي في السنة المذكورة، ودفن في داره، ثم نقل إلى باب حرب في سنة عشر وأربعمائة. قلت: وهذا يقتضي أنه نقل بعد موته بأربع سنين، وأن جسده ما بلي، ويكون ذلك كرامة في حقه. وقال الخطيب: صليت على جنازته في الصحراء، وكان الإمام في الصلاة عليه عبد الله بن المهدي، خطيب جامع المنصور، وكان يوماً مشهوراً بعظم الحزن وكثرة الناس وشدة البكاء. ونسبته إلى إسفراين بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء وكسر الياء المثناة من تحت وبعدها نون هي بلدة بخراسان بنواحي نيسابور على منتصف الطريق إلى جرجان.

وفيها توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير، وحيد عصره ونسيج وحده، الأستاذ أبو علي الحسن بن علي الدقاق النيسابوري. وفيها توفي الإمام الكبير الأستاذ الشهير محمد بن الحسن بن فورك بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء الأصفهاني، صاحب التصانيف الحميدة والسيرة السديدة والفضائل العديدة والعزيمة الشديدة والشمائل الجريدة والأوصاف السعيدة، المتكلم الأصولي، الأديب النحوي الواعظ. دخل العراق، وأقام بها مدة يدرس العلم، ثم توجه إلى الري، فسمعت به المبتدعة، فراسله أهل نيسابور، والتمسوا منه التوجه إليهم، ففعل، وورد نيسابور، فبنى له مدرسة وداراً، وأحيى الله به أنواعاً من العلوم. ولما استوطنها ظهرت بركته على جماعة المشتغلين بالعلم، وبلغت مصنفاته في أصول الفقه والدين ومعاني القرآن قريباً من مائة مصنف، ورحل إلى مدينة غزنة بفتح الغين المعجمة والنون وسكون الزاي بينهما مدينة عظيمه في أوائل الهند من جهة خراسان، وجرت له بها مناظرات كثيرة. ومن كلامه رضي الله تعالى عنه: الشغل بالعيال نتيجة متابعة شهوة الحلال، فما ظنك

ص: 14

بقضية شهوة الحرام. وكان شديد الرد على أصحاب عبد الله بن كرام، ثم عاد إلى نيسابور، فسم في الطريق، فمات هناك، ونقل إلى نيسابور، ومشهده ظاهر هنالك، يزار، ويستسقى به لنزول الأمطار، وتجاب الدعوة عنده رحمة الله عليه ورضوانه. وفي السنة المذكورة توفي الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي البغدادي الشيعي، نقيب الأشراف، ذو المناقب ومحاسن الأوصاف، صاحب ديوان الشعر. ذكره الثعالبي في كتابه اليتيمة، وقال: ابتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز عشر سنين بقليل، وهو اليوم أبدع أهل الزمان إنشاء، وأعجب سادة أهل العراق يعني الجهابذة الحذاق يتحلى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر، وفضل باهر، وحظ من جميع المحاسن وافر، ثم هو أشعر الطالبين على كثرة شعرائهم المفلقين يعني بالمفلقين بضم الميم وسكون الفاء وكسر اللام والقاف: الدهاة الآتين بالأمر العجيب. قال: ولو قلت إنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق، وسيشهد بما أخبرته شاهد عدل من شعره العالي المدح، الممتنع في وصفه عن القدح الذي يرجع إلى السلاسة متانة، وإلى السهولة رصانة، ويشتمل على معان يقرب جناها، ويبعد مداها. ومن غرر شعره ما كتبه إلى الإمام القادر بالله أبي العباس أحمد بن المقتدر من جملة قصيدة:

عطفاً أمير المؤمنين فإننا

في دوحة العلياء لا نتفرق

ما بيننا يوم الفخار تفاوت

أبداً كلانا في المعالي معرق

إلا الخلافة ميزتك فإنني

أنا عاطل منها، وأنت مطوق

ويقال: أعرق الرجل: إذا كان له عرق في الكرم، كذلك الفرس، ويقال أيضاً في اللؤم، بضم اللام. ومن جيد قوله أيضاً:

رمت المعالي فامتنعن ولم يزل

أبداً يمانع عاشقاً معشوق

وصبرت حتى نلتهن ولم أقل

ضجراً دواء الفارك التطليق

وديوان شعره كبير، يدخل في أربع مجلدات، وهو كثير الوجود، فلا حاجة إلى الإكثار من ذكره. وذكر أبو الفتح ابن جني النحوي أن الشريف المذكور أحضر إلى ابن السيرافي النحوي وهو طفل لم يبلغ عمره سنين، فلقنه النحو، وقعد معه يوماً في الحلقة، فذاكره بشيء من الإعراب على عادة التعليم، فقال له: إذا قلنا: رأيت عمر، فما علامة النصب في عمر؟ فقال له الرضي: بغض علي فعجب السيرافي والحاضرون من حدة خاطره. وذكر أنه حفظ القرآن

ص: 15