الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها توفي الإمام أبو بكر الأزدي يحيى بن سعدون القرطبي النحوي، نزيل الموصل وشيخها، سمع بقرطبة ومصر وبغداد، وأخذ عن الزمخشري وبرع في العربية والقراءات، وتصدر فيها مدة. وكان ذا عبادة وورع، وتبحر في العلوم. وفيها توفي أبو الفتوح نصرالله بن قلانس ألفاعر اللخمي الإسكندري. كان شاعراً مجيداً وفاضلاً نبيلاً، صحب الشيخ الحافظ أبا طاهر السلفي، وانتفع بصحبته، وأثنى عليه الحافظ المذكور، ودخل بلاد اليمن، وامتدح بعض الوزارء في مدينة عدن، فأحسن إليه وأجزل صلتة، تم ركب البحر فغرق جميع ما كان معه، فعاد إليه عرياناً، وأنشده قصيدة مطلعها:
صدرنا وقد نادى السماح بنا ردوا
…
فعدنا إلى مغناك والعود أمد
وأنشده أيضاً قصيدة مفتتحها:
سافر إذا حاولت قدراً
…
سار الهلال فعاد بدرا
والماء يكسب ماجرى
…
طيبا ًويخبث ما استقرا
وتنقل الدرر النفيسة
…
بدلت بالبحر نحرا
ومعنى البيت الثاني مأخوذ من قول بديع الزمان: الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه. والبيت الثالث مأخوذ من قول صرد ألفاعر وهو:
نقل ركابك في الفلا
…
ودع الغواني في الخدور
لولا التنقل ما ارتقى
…
درر البحور إلى النحور
سنة ثمان وستين وخمس مائة
فيها دخل قراقوش - بألفاق مكررة والشين المعجمة - ابن أخي السلطان صلاح الدين بلاد المغرب، فنازل طرابلس مدة وافتتحها - وكان للفرنج -. وفيها سار شمس الدولة أخو صلاح الدين إلى اليمن، فافتتحها وقبض على المتغلب عليها الزنديق المسمى بعبد النبي.
وفيها حاصر صلاح الدين الكرك، ولم يفتتحها في هذه المرة. وفيها سار نور الدين فافتتح بهنسة وغيرها، ثم دخل الموصل، ودان له صاحب إلىوم. وفيها توفي الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي - بالشين والذال المعجمتين - ويلقب بالملك الأفضل، والد الملوك: صلاح الدين وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون، وأخو الملك أسد الدين. شب به فرسه، فحمل إلى داره ومات بعد أيام، وكان يلقب بالأجل الأفضل. وأول ما ولي نجم الدين المذكور ولاية قلعة تكريت بعد ولاية أبيه لها بتولية وإليها نائب السلطان غياث الدين مسعود السلجوقي، ثم إن النائب المذكورغضب على نجم الدين بسبب أخيه أسد الدين، وذلك أنه مرت عليه امرأة باكية، فسألها كن سبب بكأنها، فذكرت له أنه تعرض لها إنسان، فتناول أسد الدين حربة بيد ذلك الإنسان، وضربه بها فقتله، فأمسكه أخوه نجم الدين واعتقله، وكتب إلى النائب يعرفه بذلك، فوصل جوابه وهو يقول لأبيكما: علي حق، وبيني وبينه مودة مؤكدة، فما يمكنني أن أكافئكما بسيئة تصدر مني ولكني أشتهي منكما أن تخرجا من بلدي. فلما وصلهما الجواب ما أمكنهما المقام بتكريت، فخرجا منها، ووصلا إلى الموصل، فأحسن إليهما الأتابك عماد الدين زنكي، وزاد في إكرامهما والإنعام عليهما، وأقطعهما إقطاعاً جسناً، ثم لما ملك الأتابك قلعة بعلبك استخلف بها نجم الدين أيوب، وفيها بنى خانقاهاً للصوفية يقال لها النجمية - وهي منسوبة إليه - عمرها في مدة إقامته بها، وكان رجلاً مباركاً كثير الصلاح مائلاً إلى أهل الخير، حسن النية جميل الطوية، ديناً عاقلاً كريماً، وفي سيرته وما جرى له كلام طويل ذكروا في آخره أنه لما تولى ولده صلاح الدين وزارة الديار المصرية في أيام العاضد صاحب مصر من العبيديين استدعى أباه نجم الدين المذكور من الشام. - وكان في دمشق في خدمة السلطان نور الدين محمود بن زنكي - فجهزه نور الدين وأرسله إليه، فدخل القاهرة لست بقين من رجب سنة خمس وستين وخمسمائة، وخرج العاضد إلى لقائه إكراماً لولده صلاح الدين، وفعل معه من الأدب ما هو اللائق بمثله، وعرض صلاح الدين على والده المذكور أمر الوزارة كله، وجعله له فأبى