الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخير صحيح البخاري وسنن أبي داود، واجتمع عليه جماعة، وسمعوا عليه الكتابين المذكورين. وكان في الحديث متقناً للرواية عألفا بصحيحه ومعلوله. قال الإمام يحيى بن أبي الخير: ما رأيت أحفظ من هذا الشيخ - يعني: علي بن أبي بكر المذكور - في حفظ الحديث ولا أعرف منه، قيل له: ولا في العراق؟ قال: ما سمعت، قال ابن سمرة: وعنه أخذ شيخ قاضي عدن أحمد بن عبد الله القريظي، وله تصنيف مليح يعرف بكتاب الزلازل والأشراط، قال: وإليه ينتهي سند أكثر أصحابنا، وسمع عليه خلق كثير في الجند وعدن وغيرهما من بلاد اليمن. وفيها توفي أبو سعيد المؤيد بن محمد الأندلسي ألفاعر المشهور، من أعيان شعراء عصره، وله نظم عجيب مشتمل على المعاني المبتكرة، من ذلك قوله في وصف طنبور:
وطنبور مليح الشكل يحكي
…
بنغمته الفصيحة عندليبا
روى لما روى نغماً فصاحاً
…
حواها في تقنلها قضيبا
كذا من عاشر العلماء طفلاً
…
يكون إذا نشا شيخاً أديبا
ولبعضهم في هذا المعنى:
وعود له نوعان من لذة المنى
…
فبورك جان مجتنيه وغارس
تغنت عليه وهو رطب حمامة
…
وغنت عليه قينة وهو يابس
سنة ثمان وخمسين وخمس مائة
فيها توفي الشيخ الزاهد أحمد بن محمد بن قدامة، وكان خطيب جماعيل بفتح الجيم وتشديد الميم وبكسر العين المهملة بعد الالف واللام بعد مثناة من تحت ففي من الفرنج مهاجراً إلى الله عز وجل، ثم صعد إلى الجبل، وكانوا يعرفون بالصالحية - لنزولهم بمسجد بني صالح، ومن ثم قيل جبل الصالحية - وكان قانتاً لله زاهداً صألفا، صاحب جد وصدق وحرص على الخير - رحمه الله تعالى -. وفيها توفي ابن القطان هبة الله بن الفضل ألفاعر المشهور البغدادي، سمع الحديث من جماعة، وسمع عليه، وكان غاية في الخلاعة والمجون، كثير المناح والمداعبات، وله ديوان شعر، وذكره السمعاني في الذيل وقال: شاعر مجود مليح الشعر، رقيق الطبع، إلا أن آلهجاء غالب عليه، وهو ممن يتقي لمانه، كتبت عنه حديثين، وعلقت عنه مقطمات من
شعره، وذكر العماد في خريدة القصر: وكان مجمعاً على ظرفه ولطفه. وحكي أنه دخل يوماً على الوزير الزينبي وعنده الحيص - وقد عمل بيتين لا يمكن أن يعمل لهما ثالث، لأنه قد استوفى المعنى فيهما، فقال الوزير: وما هما؟ فأنشد:
زار الخيال بخيلاًمثل مرسلهفما شفاني منه الضم والقبل
ما زارني قط إلا كي يوافقني
…
على إلىقاد فينفيه ويرتحل
فالتفت الوزير إلى الحيص وقال له: ما تقول في دعواه؟ فقال: إن أعادهما سمع لهما الوزير ثالثاً، فقال له الوزير: أعدهما، فوقف الحيص لحظة ثم أنشد:
وما درى أن نومي حيلة نصبت
…
لطيفه حين أعيى اليقظة الحيل
المغرب الأقصى والأدنى وبلاد إفريقية وكثير من بلاد الأندلس - وتسمى أمير المؤمنين - وقصدته الشعراء، وامتدحته بالمدائح الحسان، وكان أبيض مليحاً، أسود الشعر وضياً، معتدل الشامة جهوري الصوت، فصيحاً عذب المنطق، لا يراه أحد إلا أحبه بديهة، وكان ملما عادلاً عظيم آلهيبة عالي آلهمة، كثير المحاسن متين الديانة، يقرأ كل يوم سبعاً، ويجتنب لبس الحرير، ويصوم الاثنين والخميس، ويهتم بالجهاد والنظر في الأمور، كأنما خلق للملك. وذكر عماد الأصبهاني في كتاب الخريدة أنه لما أنشده بعض الفقهاء:
ما هز عطفيه بين البيض والأسل
…
مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي
أشار إليه أن يقتصر على هذا البيت، وأمر له بألف دينار، ولما تمهدت له القواعد وانتهت أيامه خرج من مراكش إلى مدينة سلا، فأصابه بها مرض شديد، وتوفي بها رحمه الله تعالى - وعهد إلى ولده أبي عبد الله محمد، فاضطرب أمره، وأجمعوا على خلعه، وبويع أخوه يوسف. والكومي: بضم ألفاف وسكون الواو، وبعدها ميم: نسبة إلى كومية، وهي قبيلة صغيرة نازلة بساحل البحر من أعمال تلمسان. وذكر في بعض تواريخ المغرب أن ابن تومرت كان قد ظفي بكتاب يقال له: الجفي، وفيه ما يكون على يده، وقضية عبد المؤمن وجيشه واسمه وغير ذلك مما تقدم ذكره. وقال ابن قتيبة في أوائل كتاب اختلاف الحديث بعد كلام من علم باطنه بما وقع طويل: وأعجب من هذا التفسير - تفسير إلىوافض للقرآن الكريم وما يدعونه إليهم عن الجفي الذي ذكره سعد ابن هارون العجلي وكان رأس اليزيدية - فقال شعراً:
ألم تر أن الرافضين تفيقوا
…
فكلهم في جعفر قال منكرا
وطائفة قالوا إمام ومنهم
…
طوائف سمته النبي المطهرا
ومن عجب لم أقصه جلد جفيهم
…
برئت إلى إلىحمن ممن تجفيا
مع أبيات أخرى. قم قال ابن قتيبة: وهو جلد جفيا دعوا أنه كتب لهم فيه الإمام كل ما يحتاجون إلى عمله كل ما يكون إلى يوم القيامة، قيل: ويعنون بالإمام: الإمام جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه وإلى هذا الجفي المذكور أشار أبو العلاء المعري بقوله:
لقد عجبوا لأهل البيت لما
…
أتاهم علمهم في مسك جفي
ومرآة المنجم وهي صغرى
…
أرته كل عامرة وقفي
وقوله في: مسك جفي: هو بفتح الميم وسكون السين المهملة: الجلد، والجقر: بفتح الجيم وسكون الماء وبعدها راء: من أولاد المعز، ما بلغ أربعة أشهر والاثني جفية. وكانت
عادتهم في ذلك الزمان أنهم يكتبون في الجلود والعظام والخزف، وما شاكل ذلك. وفيها توفي سديد الدولة ابن الأنباري صاحب ديوان الإنشاء محمد بن عبد الكريم الشيباني ألفاتب البليغ، أقام في الإنشاء خمسين سنة، وناب في الوزارة ونفذ رسولاً، وكان ذا رأي وحزم وعقل. وفيها توفي الفقيه العلامة الإمام مفيد ألفالبين وقدوة الأنام الذي سارت بفضائله إلىكبان، واشتهر علمه في البلمان، النجيب ألفارع صاحب البيان أبو زكريا يحيى بن أبي الخير اليمني، من بني عمران المنتسبين إلى معد بن عدنان. ولد في سنة تسع وثمانين وأربع مائة، وتفقه بجماعة، منهم: خآله أبو الفتوح، ومنهم الإمامان زيد بن عبد الله اليفاعي، وزيد بن الحسين ألفايشي، وموسى بن علي الصعبي، وعبد الله بن أحمد، وعمر بن اسماعيل بن علقمة، وسالم بن عبد الله، وغير هؤلاء المذكورين، ومنهم شيخه في الحديث، ومنهم شيخه في الفقه، ومنهم شيخه في النحو ومنهم شيخه في اللغة ومنهم شيخه في الأصول. وحفظ على - ما ذكر ابن سمرة -: كتاب المهذب واللمع للشيخ أبي إسحاق، والملخص والإرشاد لابن عبدويه، وكافي الفيائض للصرد، والذي ذكره من مسموعاته من الحديث صحيح البخاري وسنن أبي داود وجامع الترمذي، وقرأ في أصول الدين الحروف الستة، وتزوج في سنة سبع عشر بأم القاضي طاهر المذكور، وكان قد تسرى قبلها بحبسه. وتفقه ولده القاضي أبو الطيب طاهر المذكور، وخلفه في حلقته ومجلسه، وأجاب عن المشكلات في حياته، وجالس العلماء وروى عنهم، وأخذ عن غير واحد، وجاور في مكة سنين، فيوى عن كبار المحدثين في الحرم الشريف: كالأنصاري، وعن شيخ المقرئين أبي عبد الله محمد بن ابراهيم الحضرمي، ثم عاد إلى وطنه في سنة ست وستين، وولي قضاء ذي جبلة وأعمآلها من زمان بني مهدي إلى بعض أيام شمس الدولة من بني أيوب، وصنف مصنفات مليحة منها: مقاصد اللمع، ومنها كتاب في مناقب الإمامين الشافعي وأحمد بن حنبل، وجمع بين علم القراءات والحديث والفقه، وبرع في علم الكلام، وناظر بعض المخالذين بين يدي سلمان الوقت، فقطعه مراراً. رجعنا إلى ذكر والده الإمام يحيى بن أبي الخير، وفي سنة ثمان عشرة ابتدأ بمطالعة الكتب من شروح مختصر المنني والشامل لابن الصباغ وكتاب العدة والإبانة، وشرح التلخيص وغير ذلك من الفقهيات، فوجد فيها من المسائل ما ليس مذكوراً في المهذب
، فاستشار شيخه زيد بن عبد الله اليفاعي في ذلك، فأشار عليه بجمع ما ليس في كتاب المهذب، وشرع في تعليق كتاب الزوائد في السنة المذكورة، وولد ابنه طاهر سنة ثمان عشرة، وكمل كتاب الزوائد في سنة عشرين، وحج وزار في سنة إحدى وعشرين. وذكر ابن سمرة كلاماً فيما يتعلق بما جرى له في تلك الحجة من المناظرة والكلام في العقيدة مع بعض العلماء، رأيت تأخير ذكر ذلك إلى آخر ما يتعلق به الكلام، لئلا يفصل بين ما يتعلق بما نحن بصدده من تصنيفه، وبين غيره - مما يطول فيه الكلام ويباين في مذاهب الأنام ثم رجع فاستخرج كتابه المؤلف في الدور من كتاب ابن اللمان وغيره، ثم نظر في كتابه الزوائد، فإذا هو قد رتبه على ترتيب شروح مختصر المنني، وأغفل الدور وأقوال فقهاء الأمة من أرباب المذاهب المدونة المشهورة وغيرهم، فطالع وراجع، ثم ابتدأ بتصنيف كتابه البيان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وفيغ منه سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، فيتبه على ترتيب محفوظه - وهو المهذب - فجمع البيان في ست سنين، وجمع الزوائد في قريب من أربع سنين. قال ابن سمرة: وذكر في البيان عن الشريف العثماني مسائل تدل على غزارة علمه وفضله وجواز الأخذ باجتهاده ونقله. قلت وهذا الذي ذكره من نقله عن العثماني صحيح، وما ذكره من جواز الأخذ باجتهاد العثماني غير صحيح، فإن للعثماني في المذهب وجوهاً ضعيفة، جماهير أصحابنا على خلافها. ومن ذلك ما نقل عنه أن المكي وغيره ممن ينشىء إحرام الحج من مكة إذا طاف عند خروجه إلى عرفة، وسعى بعده يجزيه عن السعي المفيوض عليه في الحج، وهذ غير مسلم ولا موافق عليه، فإنه لا بد أن يقع السعي بعد طواف الاماضة أو طواف القدوم، ولا يصح بعد طواف لا يتعلق بمناسك الحج هذا هو المذهب الصحيح. وأما من أطلق من
المصنفين في المذهب قوله أنه يصح بعد طواف صحيح. وقول بعضهم أنه يصح بعد طواف ما فلا بد من تقييد ذلك بقولنا: متعلق بمنسك من مناسك الحج، وتكون القيود في ذلك أربعة: الأول بعد طواف، والثاني صحيح، والثالث من مناسك الحج، وإلىابع لم يتخلل بينه وبين السعي وقوف. ومع ذلك فإن كتاب البيان وإن كان كتاباً جليلاً منتفعاً به في الآفاق فإن فيه وجوهاً ضعيفة - ليس هذا الكتاب موضع تتبع ذكرها - ويكفي منها ما ذكروا أن الشاموم إذا قال:" إياك نعبد وإياك نستعين " ألفاتحة عند قراءة إمامه ذلك تبطل صلاته. ورجعنا إلى ذكر ما يتعلق بتصنيفه، قال ابنه القاضي طاهر: إنه ما علق الزوائد حتى
طالع في المهذب أربعين مرة بعد حفظه له. قلت: يعني أنه تكرر تتبع الكتاب لينظر: هل ما وجد من الزوائد في غيره فيه أم ل؟ لئلا يقع ما يسميه - زوائد ما هو موجود فيه - وذكر كلاماً مما يدل على قوة حفظه لكتاب المهذب وفهمه فيه، وتصرفه في معانيه وامادة الطلبة وتفهيمهم على حسب ما يليق بكل منهم من بسط الكلام والاقتصار على ما يحصل به الإفهام. قلت ولا شك أن إلىجل كان كذلك ماهراً في كثير من العلوم - سيما علم الفقه - خصوصاً كتاب المهذب، وعليه العمدة كان في جمعه كتاب البيان، ثم أضاف إليه ما ذكر من الزوائد كما فعل الشيخ في عبد الغفار في كتابه: ألفاوي كما نبه في خطبته بقوله: سميته ألفاوي لما حوى الفوائد الزوائد وما في اللماب، يعني أنه أودعه ما تضمنه كتابه المسمى باللماب، مع زوائد أخرى أضافها إليه. وبلغني أنه كثيراً ما كان يعتمد في جمع البيان على كتاب الشامل لابن الصباغ في بعض ما نقل. وروى ابن سمرة أنه لما فيغ من كتاب البيان سآله الفقيه محمد بن مفلح الحضرمي - وكان من جلة أصحابه أن يستخرج المسائل المشكلة، فاستخرج ذلك ووضعه في كتاب مستقل. وذكر أنه في أثناء تصنيف البيان اعتنر من التدريس لاشتغآله بجمعه. قلت: واللذة يجدها مع الاشتغال - خلقها الله تعالى في قلوب المشتغلين بالعلوم أو بالأعمال - ليكون عوناً على تحصيل المقاصد، بحيث إن الإنسان يقدم ذلك الشغل الذي هو فيه على غيره من حظوظ النفس، حكمة من الله تعالى ولطفاً، حتى أخبرني بعض شيوخنا أنه كان يتغذى بالاشتغال بالعلم، قلت: ولقد كنت في بعض الأوقات يبيت عشاي مطروحاً أول الليل إلى آخر وقت السحر، لما أجد من الميل إلى غيره. رجعنا إلى ما كنا. وذكر أنه أقام بسير بفتح السين المهملة وسكون المثناة من تحت وفي آخره راء وفي أوله موحدة مكسورة: مكان، حتى ظهرت حروب فيه وفتن، فانتقل إلى ذي السفا، ثم إلى ذي أشر، وأقام فيه سبع سنين يدرس ويقرأ، ثم ظهر ابن مهدي واستولى على زبيد وأعمآلها، ثم قويت شوكة ولده مهدي، وأغار على الجند وبواديها، وقتل من قتل في تلك النواحي سنة سبع وخمسين وخمس مائة، ثم في سنة ثمان أخذ جبال
اليمن وقتل فيها قتلاً ذريعاً، وحرق مسجدها في يوم الاثنين الثامن من شهر شوال، ثم رجع إلى زبيد ومات فيها، ثم ولي أخوه عبد النبي المعروف بالسيد والإمام، على ألسنة العوام، وأصحابه يقولون: عليه السلام وأسر أبا النور بن أبي الفتح، فمات في أسره بزبيد. وفي سنة اثنتين وستين أخذ المجمعة واستولى على مخلاف التعك، وزالت على يديه دولة آل زريع من المخلاف، دامت دولة بني مهدي خمس عشرة سنة وثلاثة أشهر وثمانية أيام، إلى أن قدم السلطان شمس الدين من الديار المصرية، ثم بعده سيف الإسلا، كلاهما من بني أيوب، وسيأتي ذكرهما مع غيرهما في تراجمهم إن شاء الله تعالى. وعبد النب، المذكور هو الذي جرى له مع الشيخين الكبيرين الوليين الشهيرين اليمنيين القديمين أبي العباس الصياد والشيخ علي الأسدي ما جرى في مسجد ألفازة من ساحل زبيد - على ما مضى ذكره. ولما كثر الفساد وخربت البلاد، وقتلت العباد في دولة بني مهدي انتقل الإمام أبو زكريا يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي المذكور إلى ذي السفال تغيباً عن الشرور، وتوفي في السنة التي تليها - رحمه الله تعالى - مبطوناً شهيداً، وما ترك فييضة في مرضه، فأقام ليلتين ينازع ويسأل عن أوقات الصلاة وذكر إلىاوي أنه كان ورده في كل ليلة سبع القران، يقرأه في صلاته، وربما قال في مائة ركعة. وكان من جملة تصانيفه: كتاب الانتصار في إلىد على القدرية الأشرار، وكتابه المشهور بغرائب الوسيط، ومختصر من إحياء علوم
الدين للإمام حجة الإسلام واشتهر من تصانيفه المذكورات كتاب البيان، وانتفع به وشاع فضله في البلمان، وعد من الكتب الستة المشهورة المفيدة المبسوطة في الفقه المشكورة - بل الله تعالى برحمته تراه، وشكر سعيه، وجعل الجنة مأواه - وفيه يقول ألفاعر: م حجة الإسلام واشتهر من تصانيفه المذكورات كتاب البيان، وانتفع به وشاع فضله في البلمان، وعد من الكتب الستة المشهورة المفيدة المبسوطة في الفقه المشكورة - بل الله تعالى برحمته تراه، وشكر سعيه، وجعل الجنة مأواه - وفيه يقول ألفاعر:
لله شيخ من بني عمران
…
قد شاد قصر العلم بالأركان
يحيى لقد أحيى الشريعة هادياً
…
بزوائد وغرائب وبيان
هو درة اليمن الذي ما مثله
…
من أول في عصرنا أو ثاني
قلت: وأما ما ذكرت من تأخير الكرم على العقيدة، فذكر ابن سمرة أنه لقي الفقيه الإمام الواعظ الشريف محمد بن أحمد العثماني، وأنه ناظره في العقيدة - والشريف أشعري - فنظر الإمام يحيى مذهب الحنابلة، وذكر أنه استدل بالآية، وأنه ظهر بالحجة إلى أن نزف الشريف العرق من وجهه، كأنه يعني: خجلاً. وأما اجتماعه بالشريف المذكور، فظاهره الصحة، خلاف ما ذكر بعض الناس أنه اجتمع في تلك الحجة بأبي حامد الغزالي، وأنه بحث معه في المسائل الفقهية - وعليه فيو كما هو زي حجاج اليمن - وأن وأبا حامد أعجبه بحثه، فذلك غير صحيح، فإن الإمام أبا حامد توفي قبل ذلك في سنة خمس وخمسمائة. وأما ما ذكر من كون عقيدته حنبلية فصحيح بالنسبة إلى الحنابلة المتأخرين - حاشى الإمام أحمد - والمتقدمين منهم، وقد أوضحت ذلك، وأشبعت الكلام فيه في كتابي: المرهم، وإليه أشرت بقولي:
وفي حشويات كسوفان أظلما
…
هما جهة والحرف حاش ابن حنبل
أعني أن ذلك مذهب الحشوية بعد أن أسفيت البدور لأئمة كل مذهب، وذكرت أن بدور المذاهب الثلاثة أنارت، وأنه حصل في بدور مذهب الحشوية كسوفان مظلمان، وهما ما ذكرت من القول بالجهة والحرف والصوت في كلام الله تعالى. وأما ما ذكرت - من كون الإمام أحمد والمتقدمين من أصحابه - براء مما ادعاه المتأخرون منهم، فممن نص على ذلك بعض الحنابلة: وهو الإمام أبو الفيج بن الجوزي، حتى ذكر أنهم صاروا شبه على المذهب باعتقادهم الذي يتوهم غيرهم أنه مذهب أحمد. وليس العجب من حنابلة الفيوع وإنما العجب من شافعية الفيوع كصاحب البيان المذكور ومن تابعه من أهل الجبال، والكلام معهم في شيئين: أحدهما الاحتجاج، والثاني الأئمة المحتجون. أما الاحتجاج فاستمداده من إلىاهين العقلية القواطع ونصوص الكتاب والسنة المنيرات السواطع، وذلك لعمري يحتاج في ذكره إلى مصنف مستقل مشتمل على مجلمات لايسع هذا المكان شيء منها. وأما الأئمة المحتجون فقد ذكرت منهم مائة إمام في كتابي: الموسوم بألفاش المعلم شاوش وكتاب المرهم المعلم بشرف المفاخر العلية في مناقب الأئمة الأشعرية، وما اجتلوا به من الفضائل والمحاسن الحميدة والطريقة السديدة والأوصاف الجميلة، ومن متأخريهم جمال الإسلام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وتصنيفه في ذلك معروف - أعني تصنيفه في أصول الدين، وكذا فتياه التي رواها الإمام الحافظ أبو القاسم ابن عساكر، وأنه قال فيها:
الأشعرية رؤوس أهل السنة، وقد أوضحت ذلك في كتابي: المرهم. وكان الشيخ أبو إسحاق وحده فيه كفاية لصاحب البيان المذكور، فإنه هو وغيره معترفون له بالفضائل العديدة والمحاسن الحميدة والطريقة السديدة، والأوصاف الجميلة الملاح ألفاهدة له بالصلاح والفلاح. ومنهم شيخ الإسلام معدن الفضائل والمحاسن ومعتمد الفتاوى الشيخ محيي الدين النواوي، فقد ملأت محاسنه الآفاق، وحصل من الموالف والمخالف عليه الاتفاق، فكان فيه وحده كفاية لمن عاصره منهم، وأتى بعده، ومذهبه معروف في شرح مسلم وغيره من كتبه فيما يتعلق بالعقيدة. ومنهم حجة الإسلام أبو حامد الغزالي، ومحاسنه وفضائله وعلومه ودلائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وقد وقف المذكور يحيى على كتابه: الأحياء، وهو في العلوم بحر تلاطمت أمواجه، ومرتقى سنام عسر معراجه. فكل واحد من الثلاثة المذكورين فيه كفاية للمقتدين، فكيف باجتماعهم مع ما حووه من الفضل والدين!! بل اجتماع ألوف منهم الإمامين من الأئمة الأعلام المبرزين من المشايخ العارفين أولي الأنوار والأسرار واليقين، والعلماء الفضلاء الشاملين من المذاهب الثلاثة المعروفة!! وفي عقيدة الشيخ الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام وحدها كفاية لمن رآها واعتقدها من العلماء، وكذا عقيدة الشيخ الكبير الولي الشهير أبي عبد الله القرشي، وقد ذكرت ألفاظها في كتابي المرهم، وكذلك عقيدة الإمام شهاب الدين السهروردي الموسومة بأعلام آلهدى، وغيرهم ممن يطول عددهم ويسمو مجدهم. قلت: وأما قول الخصوم من المذكورين وغيرهم: مذهبنا مذهب السلف، فهذا جهل منهم بمذهب السلف، فإن السلف ما خالفوا مذهب الخلف، إلا بعدم ذكرهم للماويل، مع اعتقادهم تنزيه الله تعالى عن سمات الخلق من التجسم والمكان والحركة والانتقال وسائر، سمات الحدوث والتغير والزوال، وقليل منهم وافق جمهور الخلف في ألفاويل، وقليل من الخلف وافق جمهور السلف في عدم ذكرهم ألفاويل. كل هذا حكاه الإمام محيي الدين النواوي عنهم في شرح صحيح مسلم، والعجب منهم، يقولون مذهبنا مذهب السلف، وهذا إمام المحدثين من السلف والخلف الذي مذهبه باهج ما أظلم ولا اندرس، شيخ الإمام
الشافعي: مالك بن أنس، تأول قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا ". الحديث بتأويلين: أحدهما ينزل ملائكته تعالى ورحمته، والثاني أنه محمول على الاستعارة لأجابة ألفاعي واللطف، كما يقال: نزل الملك عن سريره إذا عدل في سيرته ولطف برعيته.
أترى هؤلاء الخصوم يتوهمون أنهم أعلم وأدرى بالتحقيق، وأدين وأقرب إلى التوفيق مما ذكرنا من الأولياء العارفين، والعلماء الشاملين أولي النور والفهم والتدقيق!! كلا بل جمدوا على الظواهر، ما فهموا استحالتها بالبرهان ألفاطع، فهم كما قال الشيخ الإمام - شيخ الاسلام شهاب الدين السهروردي: - أيها الشامد المحيط به الجهات؛ فهمك ما ينتج لك إلا الجهات، يستحيل عندك أن لا يكون الشيء إلا في مكان -، وقد كان المكان لا في مكان يعني السماوات والأرض، إذ خلقنا بعد أن لم تكونا، فما ظنك بخالقهما تبارك وتعالى؟!! ولقد بلغني أن الإمام القاضي - طاهر ابن الإمام يحيى بن أبي الخير المذكور - لما شرح الله تعالى صدره للنور أنكر على والده مذهبه، وعنفه - وهو في مكة - بالمكاتبة، ولقد تعجبت من فقهاء جبال اليمن في عقائدهم بحضرة الشيخ الفقيه الصالح عبد الله ابن الشيخ الولي الشهير ذي المقام ألفالي، ألفاكن في ذي السفال، وسألته: من أين جاءهم هذا الاعتقاد؟ فقال لي: غرهم صاحب البيان. - هكذا يقول - والله تعالى على ما أقول وكيل. وأفهمني أن اعتقاده اعتقاد الإمام الغزالي، ولم يزل فقهاء الجبال كلهم قديماً، وبعضهم حديثاً - يقدحون في الإمام حجة الاسلام، وعقيدته السنية المخالفة لعقيدة الحشوية، وما ينكر فضل الغزالي ويسيء الظن به إلا كل مخذول محروم تعيس مشؤوم. فقد قال الشيخ الكبير ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة: ألفارف بالله ذو النور القدسي أبو العباس - المعروف بالمرسي - لما ذكر الغزالي، إنا لنشهد له بالصديقية العظمى. وقال شيخه - شيخ الشيوخ في أوانه وقطبهم في زمانه - الشيخ أبو الحسن ألفاذلي قدس الله روحه: من كانت له إلى الله تعالى حاجة فليتوسل إليه بالإمام أبي حامد الغزالي. كل هذا رواه الشيخ الإمام تاج الدين عطاء الله في كتابه: لمائف المنن. وكذلك الفقيه الإمام ألفارف بالله تعالى رفع المقام الذي كثرت كراماته وعظمت، وقال للشمس يوماً: قفي، فوقفت، إلى أن وصل إلى موضعه الذي يريد من مكان بعيد: أبو الفدا اسماعيل بن محمد الحضرمي لما جاءته، فتوى من فقهاء الجبال يقولون فيها - لمبالغتهم في الطعن فيه -: هل يجوز قراءة كتب الغزالي؟ أجاب بجواب أوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، وآخره: ومحمد بن محمد بن محمد الغزالي سيد المصنفين. وفقهاء جبال اليمن مخالفون لفقهاء تهامتها، كما ذكر ابن سمرة أنه وقع في زمان
صاحب البيان تكفير من بعض فقهاء الجبال لفقهاء زبيد، هذا كله لانطوأنهم على الجمود، وعدولهم عن طريق الحق المحمود. رجعنا إلى ذكر الغزالي، وكذلك الشيخ الكبير الولي الشهير أبي العباس المعروف بالصياد اليمني في كتاب سيرته إلىضية الشهيرة المروية ما هو معروف من كونه رأى في حال ورد عليه أبواب السماء، وقد فتحت، ونزل منهما عصبة معهم خلع خضر ومركوب، فجاؤوا إلى مقبرة، فانشق قبر منها، وخرج منه إنسان، فألبسوه تلك الخلع، وأركبوه على ذلك المركوب، وعرجوا به من سماء إلى سماء، ولم يزالوا كذلك إلى أن حرقوا السماوات السبع وسبعين حجاباً بعدها، قا: فسألت بعضهم: من هذا؟ قال: الغزالي. قال: ولا أدري أين بلغ انتهاؤه هذا في حال كشف ومشاهدة وحال من الأحوال الواردة. وأما المنامات المباركة إلىضية ألفالة على صحة عقيدة الأشعرية، من رؤية إلىسول عليه السلام وغيره، فها أنا أعقد لها وحدها فصلاً. فصل في ذكر بعض المنامات المباركة إلىضية ألفالة على صحة عقيدة الأشعرية من رؤية إلىسول عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وشيء من رؤية الأولياء والملائكة الكرام. من ذلك ما روى الإمام الحافظ ابن عساكر بسنده إلى الإمام الشيخ أبي الحسن الأشعري أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العشر الأواخر من شهر رمضان، فقال لي: يا علي، أنصر المذاهب المروية عني، فإنها الحق. - وكان ذلك سبب انتصابه للرد على المبتدعين -.
قلت ومن ذلك ما روينا بالإسناد الصحيح المتصل ألفالي المسلسل إلى سيد الخلق إلىسول الكريم المبخل صلى الله عليه وآله وسلم أنه باهى بالإمام الغزالي موسى وعيسى ابن مريم - صلوات الله تعالى على الجميع - وقال: أفي أفتيكما حبر كهذا؟ قالا: لا. وأخبرني به الشيخ الفقيه الإمام الولي الكبير إلىفيع المقام شهاب الدين المعروف بابن الميلق عن شيخه السيد الكبير الفقيه ألفارف بالله الشهير تاج الدين بن عطاء الله ألفاذلي، عن شيخه أستاذ الأكابر معدن الأنوار ملقح السرائر أبي العباس المرسي ألفاذلي، عن شيخه القطب أبي الحسن ألفاذلي المذكور شيخ الشيوخ ألفاذلية المشهور، أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام باهى بالغزالي وذكر ما تقدم.
ومن ذلك ما تقدم في ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي في سنة خمس وخمسمائة من رواية الإمام الحافظ ألفاهر شيخ المحدثين أبي القاسم ابن عساكر في كتابه المشتمل على مناقب أبي الحسن الأشعري قال: سمعت الإمام الفقيه ابا القاسم سعد بن علي بن أبي القاسم ابن أبي هريرة الاسفيائيني الصوفي الأشعري بدمشق قال: سمعت الشيخ الأوحد زين القراء جمال الحرم أبا الفتح عامر بن النحام بن أبي عامر ألفاوي بمكة أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكر قصة طويلة مشتملة على مرتبة جليلة للإمام أبي حامد المذكور، ذكرتها أيضاً في كتاب نشر المحاسن ألفالية، وفي كتاب: ألفاش المعلم، ومختصرها أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين اليقظة والمنام، فإذا بالأئمة أصحاب المذاهب جاؤوا يعرضون مذاهبهم عليه، فذكر أن أول من جاءه الشافعي، فبش به وأكرمه، ثم جلس بين يديه، ثم كذلك ذكر في الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وعرضا عليه مذهبهما، ثم كذلك كل ذي مذهب. قال: ثم جاء بعض المبتدعين ممن يبغض الصحابة بكتاب معه في كراريس ليعرضه، فطرد من بعيد، ولم يترك أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزجر، ورمي بالكراريس من يده، وأهين. قال إلىاوي: فلما رأيت أن القوم قد فيغوا - تقدمت وكان في يدي كتاب - فناديت وقلت: يا رسول الله؛ هذا معتقدي ومعتقد أهل السنة، لو أذنت لي حتى أقرأه عليك؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: وإيش ذلك؟ قلت: يا رسول الله! هو قواعد العقائد الذي صنفه الغزالي.
فقعدت وابتدأت: بسم الله إلىحمن الرحيم، كتاب قواعد العقائد، وفيه أربعة فصول: الفصل الاول في كلمتي الشهادة. وذكر أنه قرأ العقيدة إلى أن انتهى إلى قول الإمام أبي حامد: معنى الكلمة الثانية وهي شهادة للرسول وأنه بعث إلىسول النبي الأمي القرشي إلى كافة العرب والعجم والجن والإنس. فلما بلغت إلى هذا رأيت البشاشة والتبسم في وجهه صلى الله عليه وآله وسلم حتى انتهيت إلى نعته وصفته التفت إلي وقال: أين الغزالي؟ فإذا بالغزالي فقال: ها أنا ذا يا رسول الله؛ فتقدم وسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيد عليه الجواب، وناوله يده العزيزة، والغزالي يقبل يده ويضع خديه عليها تبركاً به وبيده العزيزة المباركة، ثم قعد فقال: فما رأيت - رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر استبشاراً بقراءة أحد مثلما كان بقراءتي عليه قواعد العقائد. ثم انتبهت من النوم - وعلى عيني أثر الدموع مما رأيت انتهى مختصراً. ومن ذلك ما رأيته بالإسناد المتقدم عن الشيخ أبي الحسن ألفاذلي، وذكرته في غير كتاب من كتبي، ومختصره أن الامام أبا الحسن بن حرزم المعروف في لمان الشامة بابن حرازم المغربي كان ينكر على الغزالي، ويطعن فيه، فيأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، وإذا بالغزالي قد اشكى به إليه، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بجلده. قال
الشيخ أبو الحسن ألفاذلي: ولقد مات يوم مات، وأثر السياط على جلده. قلت: وأخبرني بعض ذرية الشيخ ابن حرزم المذكور - وهو محرم جاث على ركبتيه باك بعينيه في الحرم الشريف - بزيادة على ما ذكرت مما هو مسطور في سيرد جده أنه كان جده المذكور مطاعاً في بلاد المغرب. وقال غيره: كان رئيس الفقهاء، فنظر في الإحيا، فقال: هو خلاف السنة. ثم التمس السلطان أن يأمر منادياً ينادي في البلاد بإحضار نسخ الإحياء، قال: فلما حضرت اجتمع هو والفقهاء، ونظروا فيها، وكان ذلك في يوم الخميس، فاجتمع رأيهم على أن يحرقوها يوم الجمعة بعد الصلاة. فلما كانت ليلة الجمعة رأى النبيً صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الجوامع، ومعه أبو بكر وعمر والنور هنالك ساطع وهم جلوس فإذا بالإمام الغزالي قائم، فلما رآني قال: يا رسول الله؛ هذا خصمي. ثم جثا على ركبتيه، وزحف عليهما من مكانه إلى أن وصل إلى الموضع الذي فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وناوله نسخة من كتاب الإحياء، وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا يزعم أني أقول عنك خلاف سنتك، فانظر فيه، فإن كان كما يزعم استغفرت الله تعالى وتبت، وإن كان شيئاً تستحسنه حصل لي من بركتك فخذ لي حقي من خصمي. قال: فنظر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أوله إلى آخره، ثم قال: إن هذا حسن، ثم ناوله الصديق رضي الله تعالى عنه فنظر فيه ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق إنه لحسن، ثم ناوله عمر - رضي الله تعالى عنه - فنظر فيه، ثم قال كذلك. قال إلىاوي أبو الحسن المذكور: فعند ذلك أمر بتجريدي، فضربت خمسة أسواط، ثم شفع في الصديق وقال: يا رسول الله، إنما فعل هذا اجتهاداً في سنتك وتعظيماً لها. قال: فعند ذلك عفا عني أبو حامد، وبقيت متوجعاً لذلك خمساً وعشرين ليلة، ثم رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء، ومسح علي وتوبني فشفيت، ونظرت في الإحياء، ففهمته غير الفهم الأول. انتهى. قلت ومعلوم أن كتاب الإحياء مشتمل على عقيدة الأشعرية وعلى مذهب الصوفية، وقد استحسن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، وصاحباه، فلزم أن تكون العقيدة حسنة حميدة، وطريقة الصوفية رضية سديدة.
ومن ذلك ما أخبرني بعض الأخبار من أهل اليمن أنه شوهد الشيخ الإمام المحدث في
زبيد أحمد بن أبي الخير جألفا بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يعرفه إلىائي، فقال: يا رسول الله، من هذا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هذا الذي لم ينزل على سنتي: أحمد بن أبي الخير. قلت: وعقيدته عقيدة الأشعرية، والدليل على ذلك أنه سالني بعض الفقهاء من أهل عدن، هو الفقيه عمر بن يحيى المعروف بابن الجراف بالجيم وإلىاء المشددة عن عقيدة أشير عليه بها ليعتمد عليها، فقلت له: عليك بعقيدة الإمام عز الدين بن عبد السلام - وإنما أشرت بها لأنها لإمام فحل في مبارزة الخصوم، مشهور بالمحاسن وتحقيق العلوم - فقال لي: قد أشارعلي بها الإمام أحمد بن أبي الخير، فأعجبني ذلك، وسررت به لكونه من أئمة المحدثين، وبعضهم يعتقد الظواهر.
قلت ومن ذلك منامات أخر مما يتعلق بي - مشتملة على كلام طويل أحكيها بلفظها أو معناها - والله على ما أقول وكيل. الله يجعل ذلك نصحاً لا تبجحاً، وإرشاداً لا تمدحاً، ويرزقنا السلامة من الزيغ والفتن ألفاطنة والظاهرة والعفو وألفافية في الدين والدنيا والآخرة. ومن ذلك ما أخبرني بعض مشايخ الصوفية اليمانيين المباركين الصالحين بمكة في بعض حجاته نفع الله تعالى ببركاته قال: لما دخلت تعز اجتمعت بجماعة من أهلها أو قال من فقهأنها فجرى ذكرك بقول لي فقالوا: ذاك أشعري يعني أنهم أخرجوا ذلك مخرج القدح في المذهب المذكور فقال: فبت وفي نفسي شيء من ذلك، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله ما تقول في فلان؟ فأجابه صلى الله عليه وآله وسلم بجواب يسر، أستقبح أن أذكره لكونه يتعلق بالمدح لي والوعد بما لست من أهله، وإن كان فضل الله تعالى أوسع من ذلك، أسأله من كرمه تعالى حصول نيله. ومن ذلك أنه جاءني في كتاب من اليمن من بعض الصالحين في عدن - قبل تاريخ هذا الكتاب بنحو سنتين - مشتمل على معارف وحكم ومواعظ وعبر، فيه كفاية لمن اتغظ واعتبر، وهو مختوم بكلام مضمونه أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جامع أو قال: في مسجد، وهو معه، وفي ذلك المسجد حلمات كثيرة، فأخذ صلى الله عليه وآله وسلم بيده ومشى به إلى حلقة، ذكر في كتابه أني أنا المتحدث فيها، ثم قال له صلى الله عليه وآله وسلم: عليك بحلقة الفقيه فلان، وأشار إلي. قلت: ووجه الاستدلال بهذا على صحة العقيدة أن من أمر ألفارع بمجالسته فقد أرشد إلى الاقتداء به، ومن جملة ما يقتدى به من الخصائل الحميدة: صحة العقيدة.
ومن ذلك أنه كما سماني صلى الله عليه وآله وسلم في هذا المنام فقيهاً، فقد سماني في منام بعض الأولياء العارفين المنورين المكاشفين شيخاً واماماً. ومعلوم أن كل واحد من اللفظين متضمن لجواز الاتباع والاقتداء والإرشاد والاهتداء، ومن جملة الاقتداء الاتباع في الأقوال والأفعال والعقائد، وسائر الأحوال. وهذا المنام المذكور فيه كلام يطول، وسر ما فيه من المحصول ذكرته في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كتابي: الموسوم بالإرشاد، ومختصره أنه رآني على سرير في قصر في بستان، وعندي الشيخ الكبير ألفارف بالله سهل بن عبد الله، وأني أتيت بأربع خلع خضر، لبست واحدة، وخلعت ثلاثاً على ثلاثة من أصحابي، وأن إلىسول صلى الله عليه وآله وسلم جاء إلى ذلك البستان وسأل عني وقال: أين الشيخ فلان؟ ما جئنا إلا لزيارته، وأنه مسح بيده الكريمة على رأسي، ودعا لي، وأوصاني فقال له أصحابي: أوصنا، فقال: أوصيكم بما أوصيت به إمامكم ولم أكن إماماً لهم في الصلاة فعم بالإمامة، وفيهم الفقيه والصوفي. ثم أتى صلى الله عليه وآله وسلم بطبق، فيه فواكه، فأخذ منه حبة رمان، وأطعم كل من هو حاضر في ذلك البستان، ومن جملة إطعامه الفواكه لي ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه ناولني بكفيه الكريمتين مرتين من بعض الثمار، وما رأى بعض الصالحين أنه رآني آكل رطباً بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر وصف ذلك إلىطب والظرف الذي هو فيه، وحسنهما. ومن ذلك ما رأى بعض الصالحين من العالمين: وهو الفقيه الإمام المشهور بالصلاح عند الفقهاء والعوام أحمد الجبرتي - المدفون في عدن في شهر رمضان - في المنام، ومعناه إن لم يكن لفظه بعينه أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهتماً بأمر، فسأله عن اهتمامه، فقال عليه السلام: أريد أن أرى أربعة رجال في أربعة بلمان، وذكر من البلمان مكة والمدينة، وذكر للمدينة الشيخ عبد الوهاب الجبرتي وذلك في حياته رحمه الله تعالى أيام إقامته بالمدينة، وذكر لمكة ما هو مفهوم مما نحن بصدده وأستغفر الله العظيم من ذكره - ومعلوم أنه لا يولي إلا من يجوز الاقتداء به. ومن ذلك ما رأيت في المنام في بعض الأوقات المباركات في أوان التجرد والأنس في الخلوات وقد كان جماعة من أهل الخير والمشتغلين بالله تعالى لازموني في الإقامة معهم في بعض البلاد وقالوا: هو أصلح لك من الانفراد فمال ألفاطر إلى الانعزال، فذهبت عنهم سائحاً، فرأيت في المنام بعد أن قرأت سورة ألفائدة كأنه قد قرب طعام، وخصصت بشيء منه وحدي، وإلى جنبي جماعة جمعوا على طعام، فذهب أحدهم يمدح العزلة ويذم الاختلاط
فقلت له: قد ذكروا أن الخلطة أفضل لمن يسلم فيها. قال: ومن ذا الذي يسلم اليوم في الخلطة؟! ثم سمعت كأن أناساً يتجادلون في مسألة الجهة، وواحد منهم يقول: إن لم يكن جهة فليس للوجود صانع - تعالى الله عن قوله هذا - فلما كان بعد ساعة سمعت إنساناً يصرخ، وهو يعاقب ويضرب، فسألت بعض من حضر هنالك عن ذلك فقال: هو ألفائل القول المذكور في الجهة. ثم أبصرت جنداً كأنهم عسكر سلمان قد أقبلوا على خيل وحدها، ومعها هجا، وهم يلزمون الناس ويمنعونهم في اعتقادهم، ولهم هيبة عظيمة في القلوب، فخشيت أن يمسكوني، فمروا بجنبي مسرعين وقالوا: اثبت على اعتقادك، فأنت على الحق. فذهب عني ما كنت أجده من الخوف، ثم نظرت كأن بقربي بئرين وخضرة كالمزارع أو البساتين، وإذا إنسان يقول وهو يشير إلى إحدى البئرين: هذي بئر فلان، حسبت أنها أوسع وأنها أغزر ماء من الآخرى، وأشار إلي أنه أخطاء في اعتقاده. ثم انتبهت من منامي، وأفكرت فيه، ففهمت جميع إشاراته من فضيلة العزلة والتخصيص بألفائدة بعد قراءة سورة ألفائدة ومعاقبة المعتقد للجهة، وعسكر السلطان الممتحنين في العقائد والأديان، والإشارة بالثبات على الصحيح من العقيدات إلا البئرين، ونسبة أحدهما إلى الشخص المذكور، ثم بعد ساعة ذكرت أنه مخالف في اعتقاده للجمهور، وهو ابن تيمية ومذهبه في ذلك مشهور. ومن ذلك ما أخبرني السيد الكبير الشيخ الولي الشهير الشريف جلال الدين شيخ بلاد ملمان - أمتع الله بحياته، وأعاد علينا من بركاته - أنه أمر في المنام أن يقرأ على عقيدتي ويعتقدها، وغير ذلك مما يكثر ذكره مما يتعلق بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام، وبالأولياء والملائكة الكرام مما رأه لي الأولياء أهل الكرامات والهناء، وما رأيته أنا، والحمد لله الجميل الثناء على ما منح من النعم، وأزال من العناء، وجزى الله نبينا وسيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الجزاء، وجمع بيننا وبينه وبين سائر الأحباب والمحبين في دار الكرامة والنعيم بمحض فضل الله الكريم. آمين اللهم آمين وصلاته وسلامه ورحمته وبركاته على عباده الذين اصطفى وخص من بينهم محمد المصطفى. وقد لوحت إلى شيء مما ذكرت ببعض الإشارات في ضمن هذه الأبيات، من بعض القصيدات وهي القصيدة الموسومة بنزهة الألفاب وطرفة الآداب، واستعارات المعاني الغراب، الممزوجة بحلاوة الشهد والحلاب في بيان حكم الإعراب. حيث أقول منها: فقلت له: قد ذكروا أن الخلطة أفضل لمن يسلم فيها. قال: ومن ذا الذي يسلم اليوم في الخلطة؟! ثم سمعت كأن أناساً يتجادلون في مسألة الجهة، وواحد منهم يقول: إن
لم يكن جهة فليس للوجود صانع - تعالى الله عن قوله هذا - فلما كان بعد ساعة سمعت إنساناً يصرخ، وهو يعاقب ويضرب، فسألت بعض من حضر هنالك عن ذلك فقال: هو ألفائل القول المذكور في الجهة. ثم أبصرت جنداً كأنهم عسكر سلمان قد أقبلوا على خيل وحدها، ومعها هجا، وهم يلزمون الناس ويمنعونهم في اعتقادهم، ولهم هيبة عظيمة في القلوب، فخشيت أن يمسكوني، فمروا بجنبي مسرعين وقالوا: اثبت على اعتقادك، فأنت على الحق. فذهب عني ما كنت أجده من الخوف، ثم نظرت كأن بقربي بئرين وخضرة كالمزارع أو البساتين، وإذا إنسان يقول وهو يشير إلى إحدى البئرين: هذي بئر فلان، حسبت أنها أوسع وأنها أغزر ماء من الآخرى، وأشار إلي أنه أخطاء في اعتقاده. ثم انتبهت من منامي، وأفكرت فيه، ففهمت جميع إشاراته من فضيلة العزلة والتخصيص بألفائدة بعد قراءة سورة ألفائدة ومعاقبة المعتقد للجهة، وعسكر السلطان الممتحنين في العقائد والأديان، والإشارة بالثبات على الصحيح من العقيدات إلا البئرين، ونسبة أحدهما إلى الشخص المذكور، ثم بعد ساعة ذكرت أنه مخالف في اعتقاده للجمهور، وهو ابن تيمية ومذهبه في ذلك مشهور. ومن ذلك ما أخبرني السيد الكبير الشيخ الولي الشهير الشريف جلال الدين شيخ بلاد ملمان - أمتع الله بحياته، وأعاد علينا من بركاته - أنه أمر في المنام أن يقرأ على عقيدتي ويعتقدها، وغير ذلك مما يكثر ذكره مما يتعلق بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام، وبالأولياء والملائكة الكرام مما رأه لي الأولياء أهل الكرامات والهناء، وما رأيته أنا، والحمد لله الجميل الثناء على ما منح من النعم، وأزال من العناء، وجزى الله نبينا وسيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الجزاء، وجمع بيننا وبينه وبين سائر الأحباب والمحبين في دار الكرامة والنعيم بمحض فضل الله الكريم. آمين اللهم آمين وصلاته وسلامه ورحمته وبركاته على عباده الذين اصطفى وخص من بينهم محمد المصطفى. وقد لوحت إلى شيء مما ذكرت ببعض الإشارات في ضمن هذه الأبيات، من بعض القصيدات وهي القصيدة الموسومة بنزهة الألفاب وطرفة الآداب، واستعارات المعاني الغراب، الممزوجة بحلاوة الشهد والحلاب في بيان حكم الإعراب. حيث أقول منها:
ففي العلم مصباح وفي الجهل ظلمة
…
تكون خلاف الاهتدا وضلائل
ولكن نور العلم بالله فائق
…
على كل نور للعلوم وفاضل
ويتلوه علم الفقه، إذ عم نفعه
…
به الخلق، والخلاق كل يعامل
فذاك هو المقصود لكنه إلى
…
وسائل محتاج بها يتكامل
وللعلم فضل ليس يجهل قدره
…
سوى جاهل ما فوق ذلك جاهل
فكم خبر قد صح عن سيد الورى
…
بتفضيله القرآن في ذاك نازل
وهذا زمان فيه عزت سلامة
…
وشيخ لإرشاد المريدين كامل
وشيخ تفيد ألفالبين علومه
…
مع الفضل بالعلم المشرف عامل
وقد عز جدا ذلكم في كليهما
…
وإن قلت معدوماً فما القول باطل
وممن له بالشيخ سمى نبينا ال
…
إمام أبو إسحاق في شيراز نازل
بهذا روى السمعاني البحر في كتابه
…
الذيل في تاريخ بغداد ناقل
وكان أبو إسحاق في ذا افتخاره
…
دعاني النبي شيخاً لذلك قائل
وقد جوزوا أشباه هذا للاقتدا
…
ومن ذاك قرآن بيوسف نازل
وإني لذو محل عن الخير إنما
…
أرجى بمحض الفضل يخصب ما حل
عسى الله ربي أن يحقق لي الذي
…
أشار به غر شيوخ أفاضل
بإبراز حكمات وما فيه غبطة
…
لأهل زماني فاكهات فواضل
وما في المنام المصطفى لي مسمياً
…
إماماً وشيخاً ما دعا لي قائل
كذاك فقيهاً قد دعاني مبادراً
…
إلى حلقتي والعلم فيه محافل
رأى كل ذالي سيد بعد سيد
…
من الأولياء والحمد الله كامل
فإن شئت صدق واقبل النصح أو تشافكذب ونصحي لا قبولاً تقابل
وهاك ثماراً في قصيد تنوعت
…
فكل ما تشا مما له الطبع قابل
وما لم يناسب دع لمن فيه راغب
…
فما لم له تكل فغيرك يأكل
فإن طباع الخلق شثى فجامد
…
ولين طبع للمحبة مائل
بذكر استعارات المعاني شجونه
…
وذكر الهوى كل به الذوق حاصل
فكم من رقيق الغزل لم يلق ناسجاً
…
وعذب زلال لم يرد ذاك ناهل
يقر بأسماع جلاف تمجه
…
وتمرر إن ذاقت قلوب علائل
وهل فاق للمال السقيم حلاوة
…
ويحفظ للماء اللطيف المناخل
فإن قيل في ذي الحشو قل ذاك سكر
…
ولوز، وفي هذين لذة مأكل
إذا ما سماط مد من عربية
…
به الادم صرفاً والطباع موالل
وإن، كان معها زيرباج وغيره
…
فمن كل لون يستطيب التناول
قلت: وفي قولي من عريبة إلى آخره إشارة إلى ما أدخلت في العربية من علوم واستعارات، وحب ووعظ واعتقاد، ومدح إلىسول عليه افضل الصلاة والسلام، ومدح الأولياء الكرام والحضرة والمدام، واستعرت عربية السماط المذكور، وهي ما يعتاده العرب
من المرقة الصرف في طبخ اللحم لصرف عربية النحو غير مخلوط به غيره، أعني نوعته بهذه الأنواع لئلا تمله بعض الطباع، علما مني بأن إخواننا المتصوفين يملون من الوقوف على مجرد ظاهر العلم، ولهذا قلت:
وها هي بألوان من الحلي تختلي
…
بكل من الألوان في الحلو مائل
فإن صادفت بعض المعاني مولما
…
أخا شجن في عندها ثماثل
خصوصاً إذا ما كان من مشرب الهوى
…
له ذوق طبع أو مواجيد حاصل
وإبراز حكمات وما فيه غبطة
…
لأهل زماني فاكهات فواضل
إشارة إلى ما ذكره ثلاثة من الأولياء الجلة العارفين بالله، فقولي بإبراز حكمات إشارة إلى ما قاله لي شيخنا وسيدنا وقدوتنا ألفارف بالله علي بن عبد الله الطواشي - قدس الله روحه - حيث قال: يا ما يبرز الله تعالى من هذا الصدر من الحكم وقولي: وما فيه غبطة: إشارة إلى ما قاله الشيخ الكبير الولي الشهير خالد بن شبيب الغزاوي، حيث قال وقد جرى ذكري في مجلسه: - يغبطه أهل زمانه فيما رواه بعض الصالحين عنه. وقولي: فاكهات فواضل: إشارة إلى قول الشيخ الكبير ألفارف بالله الخبير الشيخ عبد الهادي المغربي فيما روى عنه تلميذه عبد إلىزاق، وقد سئل عني: هو فاكهة زمانه. فهذا ما أشرت إليه من التنبيه لإزالة الإغماض في بعض هذه الألفاظ، فهذه الثلاث المذكورات مما أشار به الغر الأكابر الأفاضل المذكورون. ومما أشار إليه بعضهم أيضاً أنه قال: رأيتك قد أركبت فرساً، وحملت بين يديك غاشية، وحولك خلق، أو قال: بعدك، وأجلسك النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كرسي. وقال آخر منهم: رأيتك مزيناً بالذهب في يديك، والملائكة ترفعك في الهواء عند الكعبة، والحجر الأسود يضحك إليك، ورأيت في يدك عكازاً نصفه أخضر ونصفه أبيض، فسألتك عنه فقلت: هو من عند ربي عز وجل. وقال آخر منهم: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من أصحب؟ فقال عليه السلام: فلاناً، وأشار إليك. وقال آخر منهم: سألت النبي عليه السلام في الصلاة أن يكفلك، فقال عليه الصلاة والسلام: قد فعلنا قبل أن تسأل. قلت: وأرجو من الله تعالى تحقيق ذلك وتحقيق ما قاله لي بعضم تجاه الكعبة لما أشار إلى شيء بشرني به، فقلت له: إن شاء الله تعالى، فقال لي: قد شاء، وما وعدني به صلى الله عليه وآله وسلم في منامي بعد أن شكوت إليه شيئاً فقال: أنا ظهرك أو سندك - مع ما تقدم من دعأنه صلى الله عليه وآله وسلم لي الدعاء المعين المذكور، وكذلك دعا لي صلى الله عليه وآله وسلم. - في أيام تعلمي - القرآن بدعاء ما فهمته بعد أن قبلت يده صلى