الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألف دينار وخلعاً. وفيها توفي الإمام الكبير الفقيه الشهير القاضي حسين بن محمد المروزي، شيخ الشافعية في زمانه، صاحب التعليقة في الفقه، والوجوه الغريبة، أخذ عنه الفقه عن الإمام أبي بكر القفال المروزي، وصنف في الأصول والفروع والخلاف، ولم يزل يحكم بين الناس، ويدرس، ويفتي، أخذ عنه الفقه جماعة من الأعيان، منهم أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي صاحب كتاب التهذيب، وشرح السنة وغيرهما، قلت: كلما أطلق العلماء الشافعية في الفروع من لفظ القاضي فالمراد به القاضي حسين المذكور. واما في الأصول إذا أطلق ذلك أهل السنة فالمراد به القاضي أبو بكر الباقلاني، وإذا قالوا: القاضيان، فالمراد بهما: هو والقاضي عبد الجبار المعتزلي، وإذا أطلقوا الشيخ، فالمراد به أبو الحسن القشيري وعند الفقهاء المراد به الشيخ أبو محمد الجويني وإذا أطلقوا الإمام، فالمراد به عند الفقهاء وبعض الأصوليين إمام الحرمين. وأكثر الأصوليين يريدون به فخر الدين الرازي.
وفيها توفي الإمام اللغوي أبو غالب بن بشران الواسطي الحنفي، ويعرف بابن الخالة. وفيها توفي السيد الجليل الفقه الإمام أبو عبد الله محمد بن عتاب بفتح العين المهملة وتشديد المثناة من فوق وبعد الألف موحدة الحراني مولاهم المالكي، مفتي قرطبة، وعالمها ومحدثها وأورعها.
سنة ثلاث وستين واربع مائة
فيها أقام صاحب حلب محمود بن صالح الكلابي الخطبة العباسية، ولبس الخطيب السواد وأخذت رعاع الرافضة حضر الجامع وقالوا: هذه حصر الإمام علي، فليأت أبو بكر بحصره، وجاءت محموداً الخلع مع طراد الذهب، ثم بعد قليل جاء السلطان ألب أرسلان وحاصر محموداً، فخرجت أمه بتقاديم وتحف فترحل عنهم.
وفيها كانت الملحمة الكبرى، وخرج أرمانوس في مائتي ألف من الفرنج والروم والكرج بالجيم فوصلوا إلى منازكرد فبلغ السلطان كثرتهم، وما عنده سوى خمسة عسر ألف فارس، فصبحهم على الملتقى وقال: إن استشهدت فإنني ملك شاه ولى عهدي. فلما التقى الجمعان أرسل بطلب المهادنة، فقال طاغية الروم: لا هدنة إلا بالري، فاحتد ألب أرسلان وجرى المصاف يوم الجمعة والخطباء على المنابر ونزل السلطان وعفر وجهه قي التراب، وبكى وتضرع، ثم ركب، وحمل فصار المسلمون في وسط القوم، وصدقوا فنزل النصر، وقتلوا الروم كيف شاؤوا، وانهزمت الروم، وامتلأت الأرض بالقتلى، وأسر أرمانوس، فأحضر إلى السلطان، فضربه ثلاث مقارع بيده، وقال: ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت؟ فقال: دعني من التوبيخ، وافعل ما تريد. قال: ما كنت تفعل بي لو أسرتني؟ قال: فما كنت تظن أن أفعل بك؟ قال: إما أن تقتلني وإما أن تشهرني في بلادك، وأبعدها العفو، قال: ما عزمت على غير هذه، ثم فدى نفسه بألف ألف وخمس مائه ألف دينار، وبكل أسير في مملكته، فخلع عليه، وأطلق له عدة من البطارقة، وهادنه خمسين سنة، وشيعه فرسخاً، وأعطاه عشرة آلاف دينار برسم الطريق، فقال: أين جهة الخليفة؟ فعرفوه، فكشف رأسه، وأومى إلى الجهة بالخدمة. وأما المنهزمون ففقدوهم، ولما وصل هذا الخبر إلى أطراف بلده ترهب، وتزهد، وجمع ما أمكنه وكان مائتين وتسعين ألف دينار، فأرسله، وحلف أنه لا يقدر غيره، ثم إنه استولى على بلاد الأرمن. وفي السنة المذكورة سار بعض أمراء الملك ألب أرسلان، فدخل الشام وافتتح الرملة، وأخذها من المصريين، وحاصر بيت المقدس فأخذه منهم، ثم حاصر دمشق، وأغارت عسكره، وأخربوا أعمال دمشق. وفيها توفي أبو حامد الأزهري أحمد بن الحسن النيسابوري، والحافظ أحد الأئمة صاحب التآليف المنتشرة في الإسلام أبو بكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت البغدادي. روى عن أبي عمر بن مهدي وابن الصلت الأهوازي وطبقتهما، ورحل إلى البصرة ونيسابور وأصبهان ودمشق والكوفة والري، وصنف قريباً من مائة مصنف، وفضله أشهر من أن يوصف، وأخذ الفقه عن أبي الحسين المحاملي والقاضي أبي الطيب الطبري. وكان فقيهاً نقلت عليه الحديث والتاريخ، توفي يوم الاثنين سابع ذي الحجة. وقال السمعاني: في
شوال. وكان الشيخ ابو إسحاق الشيرازي من جملة من حمل نعشه، وكان يراجعه في تصانيفه قلت يعني فيما يتعلق بالحديث، وذكر محب الدين النجار بسنده أن أبا بكر بن زهر الصوفي كان قد أعد لنفسه قبراً إلى جانب قبر بشر الحافي، وكان يمضي إليه في كل أسبوع مرة، وينام فيه ويقرأ فيه القرآن كله، فلما مات الفقيه الخطيب وكان قد أوصى أن يدفن إلى جانب قبر بشر جاء أصحاب الخطيب إلى ابن زهر، وسألوه أن يدفن الخطيب في القبر الذي أعده لنفسه، وأن يؤثره به، فامتنع من ذلك امتناعاً شديداً وقال: أعددته لنفسي منذ سنتين فيؤخذ مني؟ فلما رأوا ذلك جاؤوا إلى الشيخ أبي سعيد الصوفي، وذكروا له ذلك، فاستحضره وقال له: أنا لا أقول اعطهم القبر، ولكن أقول لو أن بشراً الحافي في الأحياء، وأنت إلى جانبه، فجاء أبو بكر الخطيب ويقعد دونك، أكان يحسن منك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأجلسه في مكاني. قال: فكذا ينبغي أن يكون الآن. قال: فطاب قلبه، وأذن لهم في دفنه في القبر المذكور في باب حرب. وكان الخطيب قد تصدق بجميع ماله وهو مائتا دينار، وفرقها على أرباب الحديث والفقهاء والفقراء في مرضه، وأوصى أن يتصدق عنه بجميع ما عليه من الثياب، ووقف جميع كتبه على المسلمين، ولم يكن له عقب. ورأيت له منامات صالحة بعد موته، وكان قد انتهى إليه علم الحديث وحفظه. قال ابن موكولا: لم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثل الخطيب. وفيها توفي أبو علي حسان بن سعيد رئيس مرو الروذ الذي عم خراسان بره وأفضاله، وكان يكسي في كل عام ألف نفس، وأنشأ الجامع المنيع. وفيها توفي أبو عمرو المنبجي الهروي المحدث كان ثقة صالحاً. وفيها توفيت أم الكرام كريمة أحمد
المروزية المجاورة بمكة. روت الصحيح، وكانت ذات ضبط وفهم ونباهة، وما تزوجت قط، وقيل إنها بلغت المائة، وسمع منها خلق، وفيها توفي أبو الغنائم الزجاجي البغدادي. وفيها توفي الحافظ أبو عمر بن عبد البر القرطبي، أحد الأعلام، وصاحب التصانيف وعمره خمس وتسعون سنة وخمسة أيام قيل: وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة والتبحر في الفقه والعربية والأخبار. وله من التصانيف كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد وكتاب الاستدراك لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من المعاني والرأي والآثار. وكتاب الاستيعاب في اسماء الصحابة النجاب وكتاب جامع بيان العلم وفصله وما ينبغي في روايته وحمله وكتاب الدرر في اختصار المغازي والسير وكتاب العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم، وكتاب بهجة المحاسن في أنس المجالس وكتاب صغير في قبائل العرب وأنسابهم، وغير ذلك. وكان له بسطة كبيرة في علم النسب، مع ما تقدم من الفقه والأخبار والعربية. روزية المجاورة بمكة. روت الصحيح، وكانت ذات ضبط وفهم ونباهة، وما تزوجت قط، وقيل إنها بلغت المائة، وسمع منها خلق، وفيها توفي أبو الغنائم الزجاجي البغدادي. وفيها توفي الحافظ أبو عمر بن عبد البر القرطبي، أحد الأعلام، وصاحب التصانيف وعمره خمس وتسعون سنة وخمسة أيام قيل: وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة والتبحر في الفقه والعربية والأخبار. وله من التصانيف كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد وكتاب الاستدراك لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من المعاني والرأي والآثار. وكتاب الاستيعاب في اسماء الصحابة النجاب