الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن للعيان لطيف معنى
…
بنظرتنا إلى وجه الكليم
وروى الحافظ الحميدي له أيضاً:
أقمنا ساعة ثم ارتحلنا
…
وما يغني المشوق وقوف ساعه
كأن الشمل لم يك ذا اجتماع
…
إذا ما شتت البين اجتماعه
ومن شعره أيضاً:
وذي عدل فيمن سيأتي حسنه
…
يطبل ملامي في الهوى ويقول
أفي حسن وجه لاح لم تر غيره
…
ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل
فقلت له أسرفت في اللوم ظالماً
…
وعندي رد لو أردت طويل
ألم تر أني ظاهري وأنني
…
على ما بدا حتى يقوم دليل
قلت في قوله هذا مناقشة، وهي أن لا يكون الوجه الظاهر مستحيلاً في العقد كما في صفات الله في الاستواء والنزول إلى سماء الدنيا، وأن لا يكون مخالفاً للقياس الجلي، كما هو معلوم في التشنيع على داود الظاهري في تنجس الماء بالبول فيه، ولا يتنجس بالتغوط فيه. قالوا وكان كثير الوقوع في العلماء المتقذمين، لا يكاد أحد يسلم من لسانه، فنفرت عنه القلوب، واستهدف من فقهاء وقته، فتمالؤوا على بغضه، وردوا قوله، واجتمعوا على تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ عنه، فاقتصته الملوك، وشردوه عن بلادهم حتى انتهى إلى بادية فمات بها. وقال أبو العبالس بن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين، يعني بذلك كثرة وقوعه في الأئمة، كما قد عرف من صنيع الحجاج بهم وسفكه لدمائهم. وكان والد ابن حزم المذكور وزير الدولة العامرية أي وزير أبي تمام المنصور في بلاد المغرب، وكان من أهل العلم والأدب والخير، وقال ولد ابن حزم: أنشدني والدي في بعض وصاياه لي رحمه الله تعالى.
إذا شئت أن تحبني غنياً فلا تكن
…
على حالة إلا رضيت بدونها
سنة سبع وخمسين واربع مائة
فيها توفي العيار سعيد بن أبي سعيد وأبو عثمان أحمد بن محمد النيسابوري.
سنة ثمان وخمسين واربع مائة
فيها ولدت بنت لها رأسان ورقبتان ووجهان على بدن واحد ببغداد.
وفيها توفي الإمام الكبير الحافظ النحرير أحمد بن الحسين البيهقي الفقيه الشافعي، واحد زمانه وفرد أقرانه في الفنون، من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله بن البيع في الحديث الزائد عليه في أنواع العلوم، له مناقب شهيرة وتصانيف كثيرة بلغت ألف جزء، نفع الله تعالى بها المسلمين شرقاً وغرباً وعجماً وعرباً، لفضله وجلالته وإتقانه وديانته تغمده الله برحمته غلب عليه الحديث، واشتهر به، ورحل في طلبه إلى العراق والجبال والحجاز، وسمع بخراسان من علماء عصره، وكذلك بقية البلاد التي انتهى إليها، وأخذ الفقه عن أبي الفتح ناصر بن محمد العمري المروزي، وهو أول من جمع نصوص الشافعي في عشر مجلدات. ومن مشهور مصنفاته السنن الكبير والسنن الصغير ودلائل النبوة والسنن والآثار والخلافيات وهو من الكتب الباهرة وشعب الايمان ومناقب الإمام الشافعي ومناقب الإمام احمد والأسماء والصفات والبعث والنشور وكتاب الاعتقاد وكتاب الدعوات وكتاب الزهد وكتاب المدخل وكتاب الآداب وكتاب الترغيب وكتاب الأسرار. قال الشيخ الإمام عبد الغافر الفارسي: كان على سيرة العلماء قانعاً باليسير من الدنيا، محموداً في زهده وورعه. وذكر غيره أنه سرد الصوم ثلاثين سنة، وذكر بعضهم أن مشايخه نحو المائة، قال وليسوا بالنسبة إلى علومه بكثير ولكن بورك للرجل في ذلك، لكنه سمع مصنفات عديدة، ومع هذا فاته أشياء منها: مسند الإمام. هكذا قال في الأصل، وكأنه يعني الإمام أحمد. ومنها سنن النسائي وابن ماجة وجامع الترمذي، كل هذه ليست عنده إلا ما قل منها، وقال إمام الحرمين في حقه: ما من شافعي المذهب إلا وللشافعي عليه منة إلا أحمد البيهقي، فإن له على الشافعي منة، فإنه كان أكثر الناس نصراً لمذهب الشافعي. وطلب إلى نيسابور لنشر العلم، فأجاب، وانتقل إليها، وكان على سيرة السلف، وأخذ عنه الحديث جماعة من الأعيان كالفراوي وعبد المنعم القشيري وزاهر وغيرهم. وكان مولده في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، ونسبته إلى بيهق بفتح الموحدة وسكون المثناة من تحت وبعد الهاء المفتوحة قاف وهي قرى مجتمعة بنواحي نيسابور على عشرين فرسخاً منها. وفيها توفي الفقيه الإمام القاضي أبو عاصم محمد بن محمد بن أحمد العبادي الهروي الشافعي، وكان إماماً متقناً، انتقل في البلاد، ولقي خلقاً من المشايخ وأخذ عنهم، وصنف كتباً نافعة، منها المبسوط والهادي إلى مذهب العلماء والرد على السمعاني وأدب القضاء وطبقات الفقهاء، وسمع الحديث ورواه. فيها توفي القاضي أبو يعلى شيخ الحنابلة البغدادي فقيه عصره في مذهبه.