الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَعْدَ الْفَجْرِ) ، لِأَنَّهُ وَقْتُ قَسْمِ الْأَرْزَاقِ، (وَ) بَعْدَ (عَصْرٍ) ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «مَنْ نَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَاخْتُلِسَ عَقْلُهُ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ. (وَ) نَوْمٌ (تَحْتَ سَمَاءٍ مُتَجَرِّدًا) مِنْ ثِيَابٍ، وَالْمُرَادُ: مَسْتُورُ الْعَوْرَةِ، وَعَلَى سَطْحٍ لَيْسَ عَلَيْهِ تَحْجِيرٌ، (وَ) نَوْمٌ (وَحْدَهُ) ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «نَهَى عَنْ الْوَحْدَةِ» (كَ) مَا يُكْرَهُ شُرُوعُهُ فِي (سَفَرٍ) وَحْدَهُ لِحَدِيثِ «الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ» (وَ) نَوْمٌ (بَيْنَ أَيْقَاظٍ) ، لِإِيذَائِهِمْ وَإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ، (وَ) كَذَا (نَوْمٌ وَجُلُوسٌ بَيْنَ شَمْسٍ، وَظِلٍّ)" لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم " رَوَاهُ أَحْمَدُ. (وَرُكُوبُ بَحْرٍ عِنْدَ هَيَجَانِهِ) لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ، (وَخُرُوجٌ لَيْلًا إلَى صَيْحَةٍ) ، لِحَدِيثِ «إيَّاكُمْ وَهَوَشَاتِ اللَّيْلِ، إيَّاكُمْ وَهَوَشَاتِ الْأَسْوَاقِ» .
تَتِمَّةٌ: قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي طِبِّهِ: النَّوْمُ فِي الشَّمْسِ فِي الصَّيْفِ يُحَرِّكُ الدَّاءَ الدَّفِينَ، وَالنَّوْمُ فِي الْقَمَرِ يُحِيلُ الْأَلْوَانَ إلَى الصُّفْرَةِ، وَيُثَقِّلُ الرَّأْسَ.
[بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِ التَّخَلِّي]
(بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِ التَّخَلِّي) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الِاسْتِطَابَةُ، مَأْخُوذٌ مِنْ نَجَوْتُ الشَّجَرَةَ إذَا قَطَعْتُهَا لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْأَذَى، أَوْ مِنْ النَّجْوَةِ: مَا يَرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ، لِأَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ يَسْتَتِرُ بِهَا. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَاسْتَطَابَ: اسْتَنْجَى كَأَطَابَ، انْتَهَى. فَيُسَمَّى اسْتِطَابَةً، وَشَرْعًا:(إزَالَةُ نَجَسٍ) مُعْتَادٍ وَغَيْرِهِ (مُلَوَّثٍ) لَا نَاشِفٍ كَالْبَعْرِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الِاسْتِنْجَاءَ (خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ) أَصْلِيٍّ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (إلَى مَا) - أَيْ مَحَلٍّ - (يَلْحَقُهُ حُكْمُ تَطْهِيرٍ) ، فَلَوْ انْتَقَلَ الْبَوْلُ أَوْ الْمَذْيُ إلَى الْقَصَبَةِ، أَوْ دَاخِلِ الْفَرْجِ وَلَمْ يَخْرُجْ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ، (بِمَاءٍ طَهُورٍ أَوْ رَفْعُ حُكْمِهِ) - أَيْ: حُكْمِ النَّجِسِ - (بِ) مَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَاءِ مِنْ (نَحْوِ حَجَرٍ طَاهِرٍ مُبَاحٍ مُنَقٍّ) . كَخَشَبٍ
وَخِرَقٍ، وَيُسَمَّى بِالْحَجَرِ اسْتِجْمَارًا أَيْضًا، مِنْ الْجِمَارِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغَارُ
(وَسُنَّ لِدَاخِلِ خَلَاءٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ الْمَوْضِعُ الْخَالِي، وَمِنْهُ اُسْتُعِيرَ لِمَحِلِّ الْحَدَثِ، وَبِكَسْرِ الْخَاءِ عَيْبٌ فِي الْإِبِلِ مِثْلُ الْحِرَانِ فِي الْخَيْلِ، وَبِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: الْحَشِيشُ الرَّطْبِ، وَأَيْضًا حُسْنُ الْكَلَامِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ حُلْوِ الْخَلَا أَيْ: حَسَنُ الْكَلَامِ (وَنَحْوِهِ) - أَيْ: نَحْوِ دَاخِلِ الْخَلَاءِ، كَالْمُرِيدِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ بِنَحْوِ صَحْرَاءَ - (قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ) ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «سَتْرُ مَا بَيْنَ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ «أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخُبْثِ» بِإِسْكَانِ الْبَاءِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَنَّهُ أَكْثَرُ رِوَايَاتِ الشُّيُوخِ، وَفَسَّرَهُ بِالشَّرِّ، (وَالْخَبَائِثِ) بِالشَّيَاطِينِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ الشَّرِّ وَأَهْلِهِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهُوَ: جَمْعُ خَبِيثٍ، وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ، فَكَأَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ ذُكْرَانِ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثِهِمْ، وَقِيلَ: الْخُبْثُ: الْكُفْرُ، وَالْخَبَائِثُ: الشَّيَاطِينُ.
(الرِّجْسِ) الْقَذَرُ، وَيُحَرَّكُ وَتُفْتَحُ الرَّاءُ وَتُكْسَرُ الْجِيمُ، قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ (النَّجِسِ) : اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ نَجِسَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إذَا قَالُوهُ مَعَ الرِّجْسِ أَتْبَعُوهُ إيَّاهُ، أَيْ: قَالُوهُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ. (الشَّيْطَانِ) مِنْ شَطَنَ، أَيْ: بَعُدَ، وَمِنْهُ: دَارٌ شَطُونٌ، أَيْ: بَعِيدَةٌ، لِبُعْدِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ: شَاطَ أَيْ: هَلَكَ لِهَلَاكِهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ.
(الرَّجِيمِ) : إمَّا بِمَعْنَى رَاجِمٌ، لِأَنَّهُ يَرْجُمُ غَيْرَهُ بِالْإِغْوَاءِ أَوْ: بِمَعْنَى مَرْجُومٍ لِأَنَّهُ يُرْجَمُ بِالْكَوَاكِبِ إذَا اسْتَرَقَ السَّمْعَ. رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ " إذَا أَرَادَ دُخُولَهُ " وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " أَعُوذُ بِاَللَّهِ "، وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ
مَرْفُوعًا «لَا يَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إذَا دَخَلَ مِرْفَقَهُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنَّفُ " كَالْمُقْنِعِ " وَ " الْبُلْغَةِ " جَمْعٌ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ.
(وَ) سُنَّ (لِمُنْصَرِفٍ) مِنْ الْخَلَاءِ قَوْلُ: (غُفْرَانَكَ) . لِحَدِيثِ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، أَيْ: أَسْأَلُكَ غُفْرَانَكَ. وَالْغَفْرُ: السَّتْرُ. وَسِرُّهُ أَنَّهُ لَمَا خَلَصَ مِنْ النَّجْوِ الْمُثْقِلِ لِلْبَدَنِ، سَأَلَ الْخَلَاصَ مِمَّا يُثْقِلُ الْقَلْبَ، وَهُوَ الذَّنْبُ، لِتَكْمُلَ الرَّاحَةُ. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) لِقَوْلِ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي مُصَنَّفِ " عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَنَّ نُوحًا عليه السلام، كَانَ إذَا خَرَجَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ، وَأَبْقَى فِي مَنْفَعَتَهُ، وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ.
(وَ) سُنَّ لِدَاخِلِ خَلَاءٍ وَنَحْوِهِ (انْتِعَالٌ وَتَغْطِيَةُ رَأْسٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا دَخَلَ الْمِرْفَقَ لَبِسَ حِذَاءَهُ وَغَطَّى رَأْسَهُ» رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ مُرْسَلًا. (وَلَا يَرْفَعُهُ) أَيْ: لَا يَرْفَعُ الْمُتَخَلِّي رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ، لِأَنَّهُ مَحَلٌّ تَحْضُرُهُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فَتَعْبَثُ بِهِ. (وَ) سُنَّ لَهُ (تَقْدِيمُ يُسْرَى) رَجُلَيْهِ (لِمَكَانِ قَضَاءِ حَاجَةٍ) سَوَاءٌ كَانَ فِي خَلَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى قَبْلَ يَسَارِهِ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ اُبْتُلِيَ بِالْفَقْرِ» وَلِأَنَّ الْيُسْرَى لِلْأَذَى وَالْيُمْنَى لِمَا سِوَاهُ (وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا) - أَيْ: الرَّجُلِ الْيُسْرَى - (جَالِسًا) أَيْ: حَالَ جُلُوسِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، لِحَدِيثِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَّكِئَ عَلَى الْيُسْرَى وَأَنْ نَنْصِبَ الْيُمْنَى» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ. وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ.
(وَ) سُنَّ لَهُ تَقْدِيمُ (يُمْنَى) رِجْلَيْهِ (عِنْدَ انْصِرَافِهِ) مِنْ مَكَانِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ إلَى الْأَمَاكِنِ الطَّيِّبَةِ. (وَكَذَا) حُكْمُ (كُلِّ مَكَان خَبُثَ: كَحَمَّامٍ) وَمُغْتَسَلٍ وَمَزْبَلَةٍ. فَيُقَدِّمُ يُسْرَى رِجْلَيْهِ دُخُولًا، وَيُمْنَاهُمَا خُرُوجًا.
(وَعَكْسُهُ كُلُّ مَكَان شَرِيفٍ: كَمَسْجِدٍ، وَمَنْزِلٍ) وَمَدْرَسَةٍ، وَزَاوِيَةٍ، فَيُقَدِّمُ يُمْنَى رَجُلَيْهِ دُخُولًا، وَيُسْرَاهُمَا خُرُوجًا (وَ) حُكْمُ (لُبْسِ) قَبَاءٍ وَنَحْوِهِ، (كَنَعْلٍ وَقَمِيصٍ) وَرِدَاءٍ وَسَرَاوِيلَ، حُكْمُ الْأَمْكِنَةِ الشَّرِيفَةِ، فَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي اللُّبْسِ، وَالْيُسْرَى فِي الْخَلْعِ، لِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. صلى الله عليه وسلم «إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُسْرَى.»
(وَ) وَسُنَّ لَهُ (بِفَضَاءٍ بَعُدَ) ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَرَادَ الْبَرَازِ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (مَعَ أَمْنِ) الْمَكَانِ، فَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سَبُعٍ، أَوْ عَدُوٍّ يَغْتَالُهُ، فَلِيَقْضِ حَاجَتَهُ قَرِيبًا مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ.
(وَ) يُسَنُّ لَهُ بِهِ (اسْتِتَارٌ) عَنْ نَاظِرٍ، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ»
(وَ) سُنَّ لَهُ (طَلَبُ مَكَانٍ رَخْوٍ) - بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ - يَبُولُ فِيهِ، لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ «كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَبُولَ، فَأَتَى دَمِثًا فِي أَصْلِ جِدَارٍ فَبَالَ، ثُمَّ قَالَ: إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَالدَّمِثُ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ: اللَّيِّنُ السَّهْلُ. وَفِي " التَّبْصِرَةِ " وَيَقْصِدُ مَكَانًا عُلْوًا (لِبَوْلٍ) لِيَنْحَدِرَ عَنْهُ الْبَوْلُ
(وَ) سُنَّ لَهُ إنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا رَخْوًا (لَصْقُ ذَكَرٍ بِصُلْبٍ) - بِضَمِّ الصَّادِ، أَيْ: شَدِيدٍ - لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ مِنْ رَشَاشِ الْبَوْلِ.
(وَ) سُنَّ لَهُ (عَدُّ أَحْجَارِ اسْتِجْمَارٍ) قَبْلَ جُلُوسِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، لِحَدِيثِ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ؛ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَكُرِهَ رَفْعُ ثَوْبِهِ) إنْ بَالَ قَاعِدًا (قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ أَرْضٍ) بِلَا حَاجَةٍ، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ لَمْ يَرْفَعْ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ» وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَرْفَعُ ثَوْبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَإِذَا قَامَ أَسْبَلَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ انْتِصَابِهِ. قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَلَعَلَّهُ يَجِبُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ.
(وَ) كُرِهَ لَهُ (اسْتِصْحَابُ مَا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى) لِحَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ نَقَشَ خَاتَمَهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ، وَتَعْظِيمًا لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ مَوْضِعِ الْقَاذُورَاتِ (بِلَا حَاجَةٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْفَظُهُ، وَخَافَ ضَيَاعَهُ.
(وَلَا) يُكْرَهُ اسْتِصْحَابُهُ (نَحْوَ دَرَاهِمَ) كَدَنَانِيرَ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهَا، وَمِثْلُهَا حِرْزٌ، قَالَهُ النَّاظِمُ وَأَوْلَى. (لَكِنْ يَجْعَلُ فَصَّ خَاتَمٍ) احْتَاجَ أَنْ يَصْحَبَهُ مَعَهُ وَفِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى (بِبَاطِنِ كَفِّ) يَدٍ (يُمْنَى) نَصًّا، لِئَلَّا يَمَسَّ النَّجَاسَةَ أَوْ يُقَابِلَهَا.
(وَ) كُرِهَ لَهُ أَيْضًا (اسْتِقْبَالُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ) لَمَا فِيهِمَا مِنْ نُورِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُوِيَ أَنَّ مَعَهُمَا مَلَائِكَةً، وَأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى مَكْتُوبَةٌ عَلَيْهِمَا.
وَكُرِهَ لَهُ اسْتِقْبَالُ (مَهَبِّ رِيحٍ) فِي بَوْلٍ (بِلَا حَائِلٍ) لِئَلَّا يَرُدَّهُ عَلَيْهِ فَيُنَجِّسَهُ.
(وَ) كُرِهَ لَهُ (بَوْلٌ فِي شَقٍّ) بِفَتْحِ الشِّينِ (وَ) بَوْلُهُ فِي (سَرَبٍ) - بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ: ثُقْبٌ يَتَّخِذْهُ الدَّبِيبُ فِي الْأَرْضِ - لِحَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ.» قَالُوا لِقَتَادَةَ: مَا يُكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؟ قَالَ: يُقَالُ إنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَرُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَالَ بِجُحْرٍ بِالشَّامِ ثُمَّ اسْتَلْقَى مَيِّتًا، فَسُمِعَ مِنْ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ:
نَحْنُ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَهْ
…
وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْنِ فَلَمْ تُخْطِئْ فُؤَادَهْ
فَحَفِظُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدُوهُ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ سَعْدٌ، وَخَشْيَتُهُ خُرُوجُ دَابَّةٍ بِبَوْلِهِ فَتُؤْذِيهِ، أَوْ تَرُدُّهُ عَلَيْهِ فَيُنَجِّسُهُ (وَ) مِثْلُ السَّرَبِ مَا يُشْبِهُهُ، وَلَوْ (فَمَ بَالُوعَةٍ) ، لَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) كُرِهَ بَوْلُهُ فِي (مَاءٍ رَاكِدٍ) لِخَبَرِ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» وَكُرِهَ بَوْلُهُ فِي قَلِيلٍ جَارٍ، لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَيُنَجِّسُهُ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يُحَرِّمُوهُ، لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ عَادَةً، أَوْ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِالْإِضَافَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) كُرِهَ بَوْلُهُ فِي (إنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ) نَصًّا فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يُكْرَهْ، لِقَوْلِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ عَنْ أُمِّهَا «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدَحٌ مِنْ عَيْدَانٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ يَبُولُ فِيهِ بِاللَّيْلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَالْعَيْدَانُ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ طِوَالُ النَّخْلِ.
وَكُرِهَ بَوْلُهُ فِي نَارٍ لِأَنَّهُ يُورِثُ السَّقَمَ، (وَ) فِي (رَمَادٍ) . ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ " (وَ) فِي (مَوْضِعٍ صُلْبٍ) - بِضَمِّ الصَّادِ - إلَّا إذَا لَمْ يَجِدَ مَكَانًا رَخْوًا، لَصَقَ ذَكَرَهُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) كُرِهَ بَوْلٌ فِي (مُسْتَحَمٍّ غَيْرِ مُقَيَّرٍ أَوْ مُبَلَّطٍ)، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ رَجُلٍ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي
مُغْتَسَلِهِ» وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. فَإِنْ بَالَ فِي الْمُقَيَّرِ أَوْ الْمُبَلَّطِ أَوْ الْمُجَصَّصِ ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَيْهِ الْمَاءَ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ فِيهِ.
قَالَ الْإِمَام أَحْمَدُ: إنْ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَجَرَى فِي الْبَالُوعَةِ فَلَا بَأْسَ لِلْأَمْنِ مِنْ التَّلْوِيثِ، وَمِثْلُهُ مَكَانُ الْوُضُوءِ كَمَا فِي " الْمُبْدِعِ ".
(وَ) كُرِهَ (اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ بِفَضَاءٍ بِاسْتِنْجَاءٍ أَوْ اسْتِجْمَارٍ) تَعْظِيمًا لَهَا.
(وَ) كُرِهَ (كَلَامٌ فِي خَلَاءٍ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُبَاحًا فِي غَيْرِهِ، كَسُؤَالٍ عَنْ شَيْءٍ أَوْ مُسْتَحَبًّا: كَإِجَابَةِ مُؤَذِّنٍ (وَلَوْ) وَاجِبًا: (كَرَدِّ سَلَامٍ) وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ، (ذِكْرٍ) مَسْنُونٍ، وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمُتَخَلِّي (سَلَامٌ عَلَيْهِ) ، لِأَنَّهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ، فَلَا يَجِبْ رَدُّهُ نَصًّا، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «مَرَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ» (وَيَجِبُ) الْكَلَامُ عَلَى مَنْ فِي الْخَلَاءِ كَغَيْرِهِ (لِتَحْذِيرِ مَعْصُومٍ) مِنْ هَلَكَةٍ كَأَعْمَى وَغَافِلٍ، يُحَذِّرُهُ مِنْ بِئْرٍ وَحَيَّةٍ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّ مُرَاعَاةَ حِفْظِ الْمَعْصُومِ أَهَمُّ. (فَإِنْ عَطَسَ) الْمُتَخَلِّي (أَوْ سَمِعَ أَذَانًا حَمْدَ اللَّهَ) عَقِبَ الْعُطَاسِ بِقَلْبِهِ، (وَأَجَابَ) الْمُؤَذِّنَ (بِقَلْبِهِ) دُونَ لِسَانِهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ. وَيَقْضِيهِ مُتَخَلٍّ وَمُصَلٍّ
(وَ) كُرِهَ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ قَضَاءِ حَاجَةٍ (تَوَضُّؤٌ) فِي مَكَانِ بَوْلِهِ، (وَاسْتِنْجَاءٌ بِمَوْضِعِ بَوْلِهِ) ، (وَ) فِي (أَرْضٍ نَجِسَةٍ، خَشْيَةَ تَنْجِيسٍ) بِتَطَايُرِ الْمَاءِ السَّاقِطِ عَلَى النَّجَاسَةِ.
(وَ) كُرِهَ (بَصْقُهُ عَلَى بَوْلِهِ)، لَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُورَثُ (الْوِسْوَاسَ.)
(وَ) كُرِهَ (مَسُّ فَرْجٍ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا) حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ.
(وَ) كُرِهَ (اسْتِجْمَارٌ بِهَا) - أَيْ: يَدِهِ الْيُمْنَى - (بِلَا حَاجَةٍ)، أَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ: كَجُرْحَةٍ بِيَسَارِهِ، فَلَا كَرَاهَةَ.
(فَفِي) حَالِ اسْتِجْمَارٍ مِنْ (غَائِطٍ يُؤْخَذُ حَجَرٌ) أَوْ نَحْوُهُ (بِيَسَارٍ، وَيُمْسَحُ) الْمَخْرَجُ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ فَأَكْثَرَ، وَيَأْتِي.
(وَ) فِي اسْتِجْمَارٍ مِنْ (بَوْلٍ
يُمْسَكُ ذَكَرٌ بِشِمَالٍ، وَيُمْسَحُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْحَجَرِ إنْ كَانَ كَبِيرًا، (وَمَعَ صِغَرِهِ) - أَيْ: الْحَجَرِ - (يَضَعُهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ) - تَثْنِيَةُ عَقِبٍ، كَكَتِفٍ: مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ - (أَوْ) يَضَعُهُ بَيْنَ (أَصَابِعِ قَدَمِهِ، أَوْ) بَيْنَ (إبْهَامَيْهِمَا وَمَسَحَ عَلَيْهِ) ذَكَرَهُ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، لِإِغْنَائِهِ عَنْ إمْسَاكِهِ بِيَمِينِهِ، (فَإِنَّ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ كَجَالِسٍ فِي الْأَخْلِيَةِ الْبَيِّنَةِ (مَسْكُ) - كَضَرْبٍ - (حَجَرٍ بِيَمِينٍ) لِلْحَاجَةِ، (وَ) مَسَكَ (ذَكَرًا بِيَسَارٍ وَمَسَحَ) الذَّكَرَ (عَلَيْهِ) ، فَتَكُونُ الْيَسَارُ هِيَ الْمُتَحَرِّكَةُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنْ يُكْرَهُ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يُكْرَه اسْتِنْجَاؤُهُ بِيَمِينِهِ لِحَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ.
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ ": بِيَمِينِهِ أَوْلَى مِنْ يَسَارِ غَيْرِهِ. وَالنَّهْيُ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ لِلتَّأْدِيبِ لَا لِلتَّحْرِيمِ.
وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِيَدَيْهِ لَزِمَهُ بِرِجْلِهِ إنْ أَمْكَنَ، أَوْ بِمَنْ يَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَمَسَّحَ بِنَحْوِ أَرْضٍ مَا أَمْكَنَ، فَإِنْ عَجَزَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، وَإِنْ قَدَرَ بَعْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ.
(وَلَا يُكْرَهُ بَوْلُهُ قَائِمًا) وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (مَعَ أَمْنِ تَلَوُّثٍ وَنَاظِرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا» وَالسُّبَاطَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُلْقَى فِيهِ الْقُمَامَةُ وَالْأَوْسَاخُ.
(وَلَا) يُكْرَهُ (تَوَجُّهٌ لِلْقُدْسِ) فِي ظَاهِرِ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي " الْخِلَافِ " حُمِلَ " نَهْيَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلِهِ وَغَائِطِهِ " رَوَاهُ أَحْمَدُ - حِينَ كَانَ قِبْلَةً، وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ النَّسْخِ قِبْلَةً.
(وَحَرُمَ بِلَا حَاجَةٍ دُخُولُهُ) الْخَلَاءَ (بِمُصْحَفٍ) قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ قَطْعًا، وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا عَاقِلٌ
(وَ) حَرُمَ (قِرَاءَةُ) مُتَخَلٍّ قُرْآنًا (وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ) عَلَى حَاجَتِهِ. جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قُلْتُ: الصَّوَابُ تَحْرِيمُهُ فِي نَفْسِ الْخَلَاءِ.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَى مُتَخَلٍّ (لُبْثٌ) فِي الْخَلَاءِ (فَوْقَ قَدْرِهَا) - أَيْ: الْحَاجَةِ -
وَهُوَ مُضِرٌّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ، قِيلَ: إنَّهُ يُدْمِي الْكَبِدَ وَيُورَثُ الْبَاسُورَ
(وَ) يَحْرُمُ (كَشْفُ عَوْرَةٍ بِلَا حَاجَةٍ) إلَيْهِ. لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي حَمَّامٍ أَوْ ظُلْمَةٍ، أَوْ بِحَضْرَةِ مَلَكٍ أَوْ جِنِّيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ لَا. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ "
(وَ) حَرُمَ (تَغَوُّطٌ بِمَاءٍ وَلَوْ جَارِيًا) ، قَلِيلًا كَانَ (أَوْ كَثِيرًا) كَرَاكِدٍ، لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ، وَيَمْنَعُ النَّاسَ الِانْتِفَاعَ بِهِ.
وَ (لَا) يَحْرُمُ التَّغَوُّطُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ جِدًّا (كَبَحْرٍ) ، لِأَنَّهُ لَا تُعَكِّرهُ الْجِيَفُ، (أَوْ) فِي مَاءٍ (مُعَدٍّ لِذَلِكَ) كَالْمَاءِ الْجَارِي فِي مَطَاهِرِ دِمَشْقَ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ عَادَةً.
(وَ) حَرُمَ (بَوْلٌ وَتَغَوُّطٌ بِمَوْرِدِ مَاءٍ) أَيْ: مَكَانِ جَرَيَانِهِ (وَطَرِيقٍ مَسْلُوكٍ، وَظِلٍّ نَافِعٍ)، لِحَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَمُتَشَمَّسُ) النَّاسِ (زَمَنَ شِتَاءٍ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الظِّلِّ النَّافِعِ (مَجْمَعُ نَاسٍ) لِلتَّحَدُّثِ الْمَشْرُوعِ
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يَحْرُمُ بَوْلٌ وَتَغَوُّطٌ فِي مَجْمَعِ النَّاسِ (عَلَى حَرَامٍ) كَغِيبَةٍ أَوْ لَهْوٍ مِنْ قِمَارٍ أَوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ سَمَاعِ آلَاتٍ فَيَجِبُ تَفْرِيقُهُمْ بِمَا أَمْكَنَ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
(وَ) حَرُمَ بَوْلٌ وَتَغَوُّطٌ (تَحْتَ شَجَرٍ عَلَيْهِ ثَمَرٌ يُقْصَدُ) مَأْكُولًا كَانَ أَوْ لَا. لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَتَعَافُهُ النَّفْسُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرٌ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ظِلٌّ نَافِعٌ، لِأَنَّ أَثَرَ ذَلِكَ يَزُولُ بِمَجِيءِ الْأَمْطَارِ إلَى مَجِيءِ الثَّمَرِ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الْأَشْجَارِ وَالنَّخْلِ بِأَنَّ الْأَرْضَ تَبْلَعُ فَضْلَتَهُ. (أَوْ قُرْبَ ثَمَرِهِ) - أَيْ: الشَّجَرِ - فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَشْمَئِزُّ مِنْهُ.
(وَ) يَحْرُم بَوْلٌ وَتَغَوُّطٌ (عَلَى مَا نُهِيَ عَنْ اسْتِجْمَارٍ بِهِ: كَرَوْثٍ) وَعَظْمٍ، (وَمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ كَذَنْبِهِ) وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ، (وَ) عَلَى (يَدِ مُسْتَجْمِرٍ) ، وَعَلَى مَالِهِ حُرْمَةً كَمَطْعُومِ لِآدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلُغُ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ