الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْكَثِيرُ عَلَى الْقَلِيلِ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ. فَإِنْ عَكَسَ، حَصَلَتْ السُّنَّةُ، (وَيُسَلِّمُ وَارِدٌ عَلَى ضِدِّهِ مُطْلَقًا) صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا. (وَمَنْ سَلَّمَ أَوْ رَدَّ عَلَى أَصَمَّ جَمَعَ بَيْنَ لَفْظٍ وَإِشَارَةٍ) ، فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا مَنْ يُسَلِّمُ عَلَى الْأَصَمِّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ، (وَسَلَامُ أَخْرَسَ) بِالْإِشَارَةِ (وَجَوَابُهُ)، أَيْ: الْأَخْرَسِ (بِالْإِشَارَةِ) ، لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ، وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ كَانَ رُبَّمَا أَذِنَ لِلنَّاسِ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِ أَفْوَاجًا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ بِيَدِهِ. (وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى أَيْقَاظٍ بَيْنَ نِيَامٍ) ، أَوْ لَا يَعْلَمُ هَلْ هُمْ أَيْقَاظٌ أَوْ نِيَامٌ؟ (خَفَضَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يُسْمِعُهُمْ)، أَيْ: الْأَيْقَاظَ (وَلَا يُوقِظُهُمْ)، أَيْ: النِّيَامَ، جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ.
[فَرْعٌ مُصَافَحَةُ الرَّجُل لِلرَّجُلِ]
(فَرْعٌ: تُسَنُّ مُصَافَحَةُ رَجُلٍ لِرَجُلٍ، وَ) مُصَافَحَةُ (امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ)، لِحَدِيثِ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: " أَكَانَتْ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا؛ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ وَرُوِيَ تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُمَا، وَكَانَ أَحَقُّهُمَا بِالْأَجْرِ أَبَشَّهُمَا بِصَاحِبِهِ» (وَلَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِ مُصَافِحِهِ حَتَّى يَنْزِعَهَا)، أَيْ: يَدَهُ مِنْ يَدِهِ لِمَا فِي نَزْعِ يَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ (إلَّا لِحَاجَةٍ كَحَيَاءِ) هـ مِنْهُ (وَنَحْوِهِ) كَمَضَرَّةٍ بِالتَّأْخِيرِ.
(وَلَا بَأْسَ بِمُصَافَحَةِ مُرْدٍ لِمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ) عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورٍ، (وَقَصَدَ تَعْلِيمَهُمْ)، أَيْ: الْمُرْدِ (حُسْنَ الْخُلُقِ) ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُصُولِ " وَالرِّعَايَةِ " لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَاتِّقَاءِ الْمَفْسَدَةِ.
(وَحَرُمَ مُصَافَحَةُ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ شَابَّةٍ)، أَيْ: حَسْنَاءَ، لِأَنَّهَا شَرٌّ مِنْ
النَّظَرِ إلَيْهَا، أَمَّا الْعَجُوزُ غَيْرُ الْحَسْنَاءِ فَلِلرَّجُلِ مُصَافَحَتُهَا، لِعَدَمِ الْمَحْظُورِ.
(وَلَا بَأْسَ بِمُعَانَقَةٍ) قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقَادِمِ، وَمُعَانَقَتُهُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَإِكْرَامُ الْعُلَمَاءِ، وَأَشْرَافِ الْقَوْمِ بِالْقِيَامِ لَهُمْ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، قَالَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَامِ النَّاسِ لَهُ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إلَّا لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ وَالْوَالِدَيْنِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالْكَرَمِ وَالنَّسَبِ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي " الْمُجَرَّدِ " وَ " الْفُصُولِ "، وَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ، وَقَاسَهُ عَلَى الْمُهَادَاةِ لَهُمْ، قَالَ: وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ، وَاَلَّذِي يُقَامُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَسْتَكْبِرَ نَفْسُهُ إلَيْهِ، وَلَا تَطْلُبَهُ، وَالنَّهْيُ قَدْ وَقَعَ عَلَى السُّرُورِ بِذَلِكَ الْحَالِ، فَإِذَا لَمْ يُسَرَّ بِالْقِيَامِ إلَيْهِ، وَقَامُوا إلَيْهِ؛ فَغَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الْآدَابِ ".
(وَ) لَا بَأْسَ بِ (تَقْبِيلِ رَأْسِ وَيَدِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَنَحْوِهِمْ)، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ:«قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَفِي حَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةٍ قَالَ فِيهَا فَدَنَوْنَا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلْنَا يَدَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: «قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ. . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى قَوْلِهِ: فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. فَيُبَاحُ تَقْبِيلُ الْيَدِ وَالرَّأْسِ تَدَيُّنًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ إبَاحَتِهِ لِأَمْرِ الدُّنْيَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ النَّهْيُ، قَالَهُ الْحَجَّاوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ ". (وَ) لَا بَأْسَ بِ (الْقِيَامِ لَهُمْ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِحَدِيثِ:«قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ» .