الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَتَنَ نَفْسَهُ» .
وَإِنْ تَرَكَ الْخِتَانَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ: فَسَقَ.
(وَخِتَانُ زَمَنِ صِغَرٍ أَفْضَلُ إلَى تَمْيِيزٍ) ، لِأَنَّهُ أَسْرَعُ بُرْءًا وَيَنْشَأُ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ.
(وَكُرِهَ) خِتَانٌ (فِي سَابِعِ وِلَادَةٍ) لِلتَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ، (كَمَا) يُكْرَهُ الْخِتَانُ (قَبْلَهُ)، أَيْ: مِنْ الْوِلَادَةِ إلَيْهِ.
[فَصْلٌ فِي تَعْرِيف السَّنَة]
(فَصْلٌ)(وَسُنَنُ وُضُوءٍ)، جَمْعُ: سُنَّةٍ، وَهِيَ: الطَّرِيقَةُ، وَاصْطِلَاحًا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ، وَهِيَ: مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ فِعْلِهِ أَوْ هَمِّهِ أَوْ تَقْرِيرِهِ: (سِوَاكٌ) قَبْلَهُ (كَمَا مَرَّ) فِي الْبَابِ، (وَاسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ وَهُوَ مُتَّجِهٌ فِي كُلِّ طَاعَةٍ إلَّا لِدَلِيلٍ) ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، (وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ) ثَلَاثًا، (لِغَيْرِ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ)«لِأَنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ وَصَفُوا وُضُوءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرُوا أَنَّهُ غَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا» وَلِأَنَّهُمَا آلَةُ نَقْلِ الْمَاءِ إلَى الْأَعْضَاءِ، فَفِي غَسْلِهِمَا احْتِيَاطٌ لِجَمِيعِ الْوُضُوءِ (فَيَجِبُ) غَسْلُهُمَا لِقِيَامٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ (تَعَبُّدًا ثَلَاثًا) ، فَلَا يَكْفِي مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ سَوَاءٌ نَوَى الْغُسْلَ بِذَلِكَ أَوْ لَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَكَذَا الْبُخَارِيُّ. إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ثَلَاثًا، فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُ مَنْعًا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِغَمْسِ بَعْضِ الْيَدِ وَلَا لِيَدِ كَافِرٍ وَلَا غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا غَيْرِ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَنَوْمِ النَّهَارِ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ الْمُكَلَّفِينَ هُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ، وَالْمَبِيتُ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ، وَالْخَبَرُ إنَّمَا وَرَدَ فِي كُلِّ الْيَدِ، وَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ بَعْضُهَا، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُطْلَقَةِ وَالْمَشْدُودَةِ
بِنَحْوِ جِرَابٍ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا عُلِّقَ عَلَى الْمَظِنَّةِ لَمْ تُعْتَبَرْ حَقِيقَةُ الْحِكْمَةِ، كَالْعِدَّةِ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ، (بِنِيَّةٍ شُرِطَتْ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَبِتَسْمِيَةٍ) وَاجِبَةٍ مَعَ الذِّكْرِ، كَالْوُضُوءِ، وَتَسْقُطُ سَهْوًا، قَالَ فِي " شَرْحِ الْمُحَرَّرِ " تَنْقَسِمُ التَّسْمِيَةُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: فَتَجِبُ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالصَّيْدِ، وَتُسَنُّ فِي نَحْوِ أَكْلٍ وَقِرَاءَةٍ وَمَنْسَكٍ وَجِمَاعٍ وَدُخُولِ نَحْوِ خَلَاءٍ، وَتَارَةً لَا تُسَنُّ كَمَا فِي أَذَانٍ وَصَلَاةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَتُكْرَهُ فِي الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّسْمِيَةِ الْبَرَكَةُ، وَلَا تُطْلَبُ فِيهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا. (وَلَا يُجْزِئُ عَنْ نِيَّةِ غَسْلِهِمَا نِيَّةُ وُضُوءٍ) ، وَلَا نِيَّةُ غُسْلٍ، (لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُفْرَدَةٌ) ، لَا مِنْ الْوُضُوءِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْوُضُوءِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْهُ لَمْ تَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ.
وَسُنَّ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى لِخَبَرِ " وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ " تَنْبِيهٌ: إذَا اسْتَيْقَظَ أَسِيرٌ فِي مَطْمُورَةٍ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَرْمَدُ مِنْ نَوْمٍ لَا يَدْرِي أَنَوْمُ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ: لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُمَا، لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْمُوجِبِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، (وَغَسْلُهُمَا لِمَعْنًى فِيهِمَا) غَيْرُ مَعْقُولٍ لَنَا (فَلَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ الْإِنَاءَ لَمْ يَصِحَّ) وُضُوءُهُ (وَفَسَدَ مَا حَصَلَ فِيهِمَا) مِنْ الْمَاءِ كَذَا فِي الْإِقْنَاعِ " وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِيَارِ جَمْعٍ مِنْ أَنَّ حُصُولَهُ فِي بَعْضِهَا كَحُصُولِهِ فِي كُلِّهَا، وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمَاءُ فِي جَمِيعِ الْيَدِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَتَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ مِنْهُ بِالْغَمْسِ فِيهِ، وَلَمْ يَنْوِ غَسْلَهُمَا، أَوْ كَانَ قَلِيلًا فَصَمَدَ أَعْضَاءَهُ لَهُ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ غَسْلِهِمَا (وَيَسْقُطُ غَسْلُهُمَا، وَالتَّسْمِيَةُ فِيهِ سَهْوًا) كَالْوُضُوءِ وَأَوْلَى (وَيَتَّجِهُ أَوْ) - أَيْ: - وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ التَّسْمِيَةُ (جَهْلًا) لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» (قِيَاسًا عَلَى
وَاجِبِ صَلَاةٍ) مِنْ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ وَنَحْوِهَا، (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ مَا حَصَلَ فِيهِمَا) مِنْ الْمَاءِ (إذَنْ) - أَيْ: حَالَ السَّهْوِ أَوْ الْجَهْلِ - (لِلْمَشَقَّةِ) لِكَثْرَةِ وُرُودِ السَّهْوِ، وَاسْتِيلَاءِ الْجَهْلِ عَلَى الْإِنْسَانِ.
قَالَ تَعَالَى {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} [الأحزاب: 72] وَهَذَا مُتَّجَهٌ. وَقَوْلُهُ: (وَ) يَتَّجِهُ: (أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ) أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُمَا (فِي الْأَثْنَاءِ) - أَيْ: أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ - لَزِمَهُ غَسْلُهُمَا (وَأَعَادَ) وُضُوءَهُ كَمَا لَوْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ، (وَ) لَوْ ذَكَرَ (بَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُمَا صَحَّ، (ثُمَّ) إنْ (أَرَادَ طَهَارَةً) أُخْرَى (لَزِمَهُ غَسْلُهُمَا) إنْ كَانَ (ذَاكِرًا) وَقْتَ إرَادَتِهِ الطَّهَارَةَ فِيهِ مَا فِيهِ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": فَرْعٌ: إذَا نَسِيَ غَسْلَهُمَا سَقَطَ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُفْرَدَةٌ وَإِنْ وَجَبَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَأْنِفُ وَلَوْ تَذَكَّرَ فِي الْأَثْنَاءِ بَلْ وَلَا يَغْسِلُهُمَا بَعْدُ، بِخِلَافِ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّهَا مِنْهُ. انْتَهَى. وَقَوْلُهُ:(وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ يَصِحُّ غَسْلُ جُنُبٍ مَعَ عَمْدِ) هـ تَرَكَ غَسْلَهُمَا حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَانْغَمَسَ فِيهِ، أَوْ قَلِيلًا وَلَمْ يَغْمِسْهَا كُلَّهَا فِيهِ، صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّرْحِ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) سُنَّ (بُدَاءَةٌ قَبْلَ غَسْلِ وَجْهٍ بِمَضْمَضَةٍ) بِيَمِينِهِ، (فَاسْتِنْشَاقٍ بِيَمِينِهِ وَاسْتِنْثَارٍ) - بِالْمُثَلَّثَةِ: مِنْ النَّثْرَةِ، وَهُوَ: طَرَفُ الْأَنْفِ - أَوْ هُوَ
بِيَسَارِهِ، لِحَدِيثِ «عَلِيٍّ أَنَّهُ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَنَثَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، فَفَعَلَ هَذَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا طَهُورُ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا. (وَمُبَالَغَةٌ فِيهِمَا) - أَيْ: فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ - (لِغَيْرِ صَائِمٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. (وَتُكْرَهُ) الْمُبَالَغَةُ (لَهُ) - أَيْ: الصَّائِمِ - لِلْخَبَرِ. (وَ) تُسَنُّ الْمُبَالَغَةُ (فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ: مَعَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، (وَهِيَ) أَيْ: الْمُبَالَغَةُ (فِي مَضْمَضَةٍ إدَارَةُ الْمَاءِ بِجَمِيعِ الْفَمِ بِحَيْثُ يَبْلُغُ بِهِ) - أَيْ: الْمَاءِ - (أَقْصَى حَنَكٍ وَوَجْهَيْ أَسْنَانٍ وَلِثَةٍ، وَ) الْمُبَالَغَةُ (فِي اسْتِنْشَاقٍ جَذْبُهُ) - أَيْ: الْمَاءِ - (بِنَفَسِهِ إلَى أَقْصَى أَنْفٍ، وَالْوَاجِبُ) فِي الْمَضْمَضَةِ (مُجَرَّدُ الْإِدَارَةِ) لِلْمَاءِ فِي فَمِهِ، (وَ) الْوَاجِبُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ (جَذْبُهُ إلَى بَاطِنِ أَنْفٍ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَقْصَاهُ. (وَلَهُ بَعْدَ) إدَارَةِ الْمَاءِ فِي فَمِهِ (بَلْعُهُ) وَلَفْظُهُ، لِأَنَّ الْغَسْلَ قَدْ حَصَلَ. (لَا) أَيْ: لَيْسَ لَهُ (جَعْلُ مَضْمَضَةٍ وُجُودًا بِلَا إدَارَةٍ) فِي فَمِهِ، (وَ) لَا جَعْلُ (اسْتِنْشَاقٍ سَعُوطًا)، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى مَضْمَضَةً وَلَا اسْتِنْشَاقًا. (وَ) الْمُبَالَغَةُ (فِي غَيْرِهِمَا) - أَيْ: غَيْرِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ - (دَلْكُ مَا)، أَيْ: الْمَوْضِعِ الَّذِي (يَنْبُو عَنْهُ الْمَاءُ)، أَيْ: لَا يَطْمَئِنُّ عَلَيْهِ.
(وَتَخْلِيلُ لِحْيَةٍ كَثِيفَةٍ) - بِالْمُثَلَّثَةِ - (عِنْدَ غَسْلِهَا)، أَيْ: اللِّحْيَةِ، (وَإِنْ شَاءَ) يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ (إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ نَصًّا) ، وَيَكُونُ ذَلِكَ (ب) أَخْذِ (كَفٍّ مِنْ مَاءٍ يَضَعُهُ مِنْ تَحْتِهَا بِأَصَابِعِهِ مُتَشَبِّكَةً) ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ وَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (أَوْ) يَضَعُهُ (مِنْ جَانِبَيْهَا وَيَعْرُكُهَا)، أَيْ:
لِحْيَتَهُ.
(وَكَذَا عَنْفَقَةٌ وَشَارِبٌ وَحَاجِبَانِ وَلِحْيَةُ أُنْثَى وَخُنْثَى) ، يُسَنُّ تَخْلِيلُهَا إذَا كَثُفَتْ. (وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ بَعْدَ) مَسْحِ (رَأْسٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ) ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الَّذِي لِرَأْسِهِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ. (وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ يَدَيْنِ وَ) أَصَابِعِ (رِجْلَيْنِ)، لِحَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ «وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ» قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهُوَ فِي الرِّجْلَيْنِ آكَدُ. فَالتَّخْلِيلُ (فِي يَدَيْنِ: بِالتَّشْبِيكِ، وَفِي رِجْلَيْنِ: يَبْدَأُ بِالْيُمْنَى مِنْ خِنْصَرِهَا إلَى إبْهَامِهَا، وَ) يَبْدَأُ (بِالْيَسَرَيْ مِنْ إبْهَامِهَا إلَى خِنْصَرِهَا) - قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " - (لِيَحْصُلَ التَّيَامُنُ) فِي التَّخْلِيلِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: مِنْ أَسْفَلِ الرِّجْلِ.
(وَمُجَاوَزَةُ مَحَلِّ فَرْضٍ بِغَسْلِ صَفْحَةِ عُنُقٍ مَعَ) غَسْلِ (مُقَدِّمَاتِ رَأْسٍ) فِي غَسْلِ الْوَجْهِ، وَيَغْسِلُ (عَضُدَيْنِ) فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ، (وَ) يَغْسِلُ (سَاقَيْنِ) مَعَ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ، لِمَا رَوَى نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ " أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إلَى السَّاقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ؛ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ " سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ» .
وَلَا يُسَنُّ مَسْحُ عُنُقٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
(وَلَا) يُسَنُّ (تَكْرَارُ مَسْحِ رَأْسٍ وَلَا) مَسْحِ (أُذُنٍ)، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ وَاحِدَةً، وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد: أَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوُضُوءَ ثَلَاثًا، وَقَالُوا فِيهَا: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا كَمَا ذَكَرُوا فِي غَيْرِهِ.
(وَغَسْلَةٌ
ثَانِيَةٌ) وَغَسْلَةٌ (ثَالِثَةٌ) ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي الْبَابِ وَأَصَحُّ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً مَرَّةً» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
وَيَعْمَلُ فِي عَدَدِ الْغَسَلَاتِ بِالْيَقِينِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَالِاثْنَتَانِ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَالثَّلَاثَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْوَاحِدَةِ. (وَكُرِهَ فَوْقَهَا) - أَيْ: الثَّلَاثَةِ - لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَالَ: هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. قَالَ الْأَبِيُّ: أَسَاءَ الْأَدَبَ الشَّرْعِيَّ، وَتَعَدَّى مَا حُدَّ لَهُ، وَظَلَمَ فِي إتْلَافِ الْمَاءِ وَوَضْعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.
(وَلَا) يُكْرَهُ (غَسْلُ بَعْضِ أَعْضَاءٍ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ) ، قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ.
(وَقَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ تَثْلِيثٍ) لِغَرَضٍ، (كَضِيقِ وَقْتٍ) خَشِيَ خُرُوجَهُ بِفِعْلِهِ التَّثْلِيثَ، (أَوْ قِلَّةِ مَاءٍ) ، بِحَيْثُ لَوْ ثَلَّثَ لَا يَكْفِي جَمِيعَ أَعْضَائِهِ.
(وَمِنْ السُّنَنِ) فِي الْوُضُوءِ (أَيْضًا التَّيَامُنُ) - أَيْ: الْبُدَاءَةُ بِالْأَيْمَنِ - (بَيْنَ غَسْلِ يَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ حَتَّى لِقَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ) ، فَيَغْسِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى. (وَبَيْنَ الْأُذُنَيْنِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ: يَمْسَحُهُمَا) أَيْ: أُذُنَيْهِ (مَعًا) قَالَهُ الْأَزَجِيُّ.
(وَ) سُنَّ (تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى مَسْنُونَاتِهِ) إذَا وُجِدَتْ قَبْلَ الْوَاجِبِ، (وَاسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا) - أَيْ: النِّيَّةِ - (إلَى آخِرِهِ) - أَيْ: الْوُضُوءِ - (وَنُطْقٌ بِهَا سِرًّا)، وَيَأْتِي. (وَقَوْلُ) مُتَوَضِّئٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ:(أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ مَعَ رَفْعِ بَصَرِهِ) إلَى السَّمَاءِ (كَمَا يَأْتِي) فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ. .