الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِقَوْلِ بَعْضِ وَرَثَتِهِ) . لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا، وَلَا مِنَّةَ فِيهِ. (وَعَكْسُهُ الْكَفَنُ) . أَيْ فَيُكَفَّنُ مِنْ تَرِكَتِهِ. وَلَوْ كَانَ ثَمَّ أَكْفَانُ وَقْفٍ. (وَيُقَدَّمُ فِيهَا)، أَيْ: الْمُسَبَّلَةِ عِنْدَ ضِيقٍ (بِسَبْقٍ) . لِأَنَّهُ سَبْقٌ إلَى مُبَاحٍ، (ثُمَّ) مَعَ تَسَاوٍ فِي سَبْقٍ؛ يُقَدَّمُ بِ (قُرْعَةٍ) ، لِأَنَّهَا لِتَمْيِيزِ مَا أُبْهِمَ. (وَحَرُمَ حَفْرٌ فِيهَا)، أَيْ: الْمُسَبَّلَةِ (قَبْلَ حَاجَةٍ) إلَيْهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ هُنَا مَا فِي الْمُصَلَّى الْمَفْرُوشِ.
(وَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ) فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ) وَارِثٍ (مَا دُفِنَ فِيهِ) الْمَيِّتُ (مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ)، أَيْ: يَصِيرُ (مَقْبَرَةً) نَصًّا، لِبَقَاءِ مِلْكِهِمْ، فَإِنْ جُعِلَتْ مَقْبَرَةً: صَارَتْ وَقْفًا.
[فَرْعٌ الدُّعَاءُ لِمَيِّتٍ عِنْدَ الْقَبْر بَعْدَ دَفْنِهِ]
(فَرْعٌ: يُسَنُّ دُعَاءٌ لِمَيِّتٍ عِنْدَ قَبْرٍ بَعْدَ دَفْنِهِ وَاقِفًا) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: قَدْ فَعَلَهُ عَلِيُّ وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، لِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقِفُ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَمَا يُسَوِّي عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ نَزَلَ بِكَ صَاحِبُنَا، وَخَلَّفَ الدُّنْيَا خَلْفَ ظَهْرِهِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ مَنْطِقَهُ، وَلَا تَبْتَلِهِ فِي قَبْرِهِ بِمَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ. وَالْأَخْبَارُ بِنَحْوِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] مَعْنَاهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَادَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْلِمِينَ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبِ النَّجَّارُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي
جِنَازَةٍ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقُمْنَا نَاحِيَتَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ النَّاسُ مِنْ دَفْنِهِ، وَانْقَضَى الدَّفْنُ؛ جَاءَ إلَى الْقَبْرِ، وَأَخَذَ بِيَدِي، وَجَلَسَ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْقَبْرِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّك قُلْتَ فِي كِتَابِكَ: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الواقعة: 88]{فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89] وَقَرَأَ إلَى آخِرِ السُّورَةِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ وَإِنَّا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَا كَذَّبَ بِكَ، وَلَقَدْ كَانَ يُؤْمِنُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، فَاقْبَلْ شَهَادَتَنَا لَهُ، وَدَعَا لَهُ وَانْصَرَفَ.
(وَاسْتَحَبَّ الْأَكْثَرُ تَلْقِينَهُ إذَنْ فَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِهِ بَعْدَ تَسْوِيَةِ تُرَابٍ) عَلَيْهِ، (فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ، ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ نَسَبَهُ إلَى حَوَّاءَ، ثُمَّ يَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ، لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ؛ فَلْيَقُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ ثَانِيَةً، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ، فَيَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَقُولَانِ: مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَهُ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ؟ قَالَ: فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حَوَّاءَ» قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِعِيِّ " وَلِلطَّبَرَانِيِّ
أَوْ لِغَيْرِهِ فِيهِ: " وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ " وَفِيهِ: " وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا " وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ يَقِفُ الرَّجُلُ وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ اُذْكُرْ مَا فَارَقْتَ عَلَيْهِ: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا فَعَلَ هَذَا إلَّا أَهْلُ الشَّامِ حِينَ مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ؛ جَاءَ إنْسَانٌ فَقَالَ ذَاكَ، وَكَانَ أَبُو الْمُغِيرَةِ يَرْوِي فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مَرْيَمَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ (قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فَلَوْ انْصَرَفُوا قَبْلَهُ لَمْ يَعُودُوا) ، لِأَنَّ الْخَبَرَ يُلْقُونَهُ قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ لِيَتَذَكَّرَ حُجَّتَهُ.
(وَهَلْ يُلَقَّنُ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ؟) وَجْهَانِ: وَهَذَا الْخِلَافُ (مَبْنِيٌّ عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ إلَيْهِ وَمَيْلُ جَمْعٍ) مِنْهُمْ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ:(لَا) يَنْزِلُ الْمَلَكَانِ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ فَلَا يُلَقَّنُ، (وَفِي " تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ": وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَمْصَارِ. انْتَهَى. وَرَجَحَ جَمْعٌ) مِنْهُمْ أَبُو حَكِيمٍ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ الْأَصْحَابِ النُّزُولَ، وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ " أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْمُنْتَهَى " (وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى طِفْلٍ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ قِه عَذَابَ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةَ الْقَبْرِ» قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْجَزْمِ بِنَفْيِ التَّعْذِيبِ، فَقَدْ يَكُونُ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرَى الْوَقْفَ فِيهِمْ. انْتَهَى. وَكَذَلِكَ أَجَابَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الرُّوحِ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ فِيهِ عُقُوبَةَ الطِّفْلِ قَطْعًا، لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا بِلَا ذَنْبٍ عَمِلَهُ، بَلْ الْمُرَادُ: الْأَلَمُ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بِسَبَبِ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُقُوبَةً عَلَى عَمَلٍ عَمِلَهُ، قَالَ: وَقَالَ الْآخَرُونَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ: السُّؤَالُ إنَّمَا