الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِتَحْرِيمِ كِتَابَةِ قُرْآنٍ عَلَى كَفَنِ) الْمَيِّتِ (خَوْفَ تَنْجِيسٍ) بِتَفَسُّخِ الْمَيِّتِ (وَقَوَاعِدُنَا) مَعْشَرَ الْحَنَابِلَةِ (تَقْتَضِيهِ)، أَيْ: تَحْرِيمَ الْكِتَابَةِ عَلَى الْكَفَنِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّنْجِيسِ الْمُؤَدِّي لِامْتِهَانِ الْقُرْآنِ (وَحَيٌّ مُضْطَرٌّ لِكَفَنِ مَيِّتٍ مِنْ نَحْوِ بَرْدٍ) مُزْعِجٍ أَوْ حَرٍّ (أَحَقُّ بِهِ)، أَيْ: كَفَنِ الْمَيِّتِ، فَيَأْخُذُهُ (بِثَمَنِهِ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ آكَدُ. (قَالَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ) : لِلْحَيِّ أَخْذُ الْكَفَنِ بِثَمَنِهِ (إنْ خَشِيَ التَّلَفَ) ، وَإِلَّا فَلَا، (وَ) إنْ كَانَ الْحَيُّ مُحْتَاجًا لِكَفَنِ الْمَيِّتِ (لِحَاجَةِ صَلَاةٍ) فِيهِ؛ (فَالْمَيِّتُ أَحَقُّ بِكَفَنِهِ) ، وَلَوْ كَانَ لِفَافَتَيْهِ، وَيُصَلِّي الْحَيُّ عُرْيَانًا عَلَى الْمَيِّتِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُصَلِّي عَلَيْهِ عَادِمٌ فِي إحْدَى لِفَافَتَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
[تَتِمَّةٌ إذَا مَاتَ مُسَافِرٌ فَلِرَفِيقِهِ تَكْفِينُهُ مِنْ مَالِهِ]
ِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ؛ فَمِنْهُ، وَيَأْخُذُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ وَلَا حَاكِمَ، فَإِنْ وُجِدَ حَاكِمٌ وَأَذِنَ فِيهِ؛ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَنَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ.
[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]
(فَصْلٌ)
فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ: (وَالصَّلَاةُ عَلَى مَنْ قُلْنَا يُغَسَّلُ) مِنْ الْمَوْتَى (أَوْ يُيَمَّمُ) مِنْهُمْ (فَرْضُ كِفَايَةٍ)، لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا فِي غَيْرِ حَدِيثٍ كَقَوْلِهِ:«صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ فَإِنَّهُمْ أَفْرَاطُكُمْ» ، وَقَوْلُهُ فِي الْغَالِّ:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، وَقَوْلُهُ:«إنَّ أَخَاكُمْ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ» ، وَقَوْلُهُ:«صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْمَيِّتِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ مَنْ يَعْلَمُ بِهِ مَعْذُورٌ، (فَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ
(عَلَى شَهِيدِ) مَعْرَكَةٍ. وَمَقْتُولٍ ظُلْمًا فِي حَالٍ لَا يُغَسَّلَانِ فِيهَا، (وَتَسْقُطُ) الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ، أَيْ: يَسْقُطُ وُجُوبُهَا (بِ) صَلَاةِ (مُكَلَّفٍ، وَلَوْ) كَانَ (أُنْثَى) أَوْ خُنْثَى، وَظَاهِرُهُ: لَا تَسْقُطُ بِمُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ. (وَيُقَدَّمُ مِنْهُنَّ) - أَيْ: النِّسَاءِ - لِلْإِمَامَةِ (مَنْ يُقَدَّمُ مِنْ رِجَالٍ) عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي، (وَتَقِفُ) إمَامَتُهُنَّ (فِي وَسَطِهِنَّ، كَ) وُقُوفِهَا فِي صَلَاةٍ (مَكْتُوبَةٍ) بِلَا فَرْقٍ. (وَتُسَنُّ) الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ (جَمَاعَةً) ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ، (إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَلَا)، أَيْ: فَلَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ (تَعْظِيمًا لَهُ وَاحْتِرَامًا) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " دَخَلَ النَّاسُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَالًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا فَرَغُوا أَدْخَلُوا النِّسَاءَ، حَتَّى إذَا فَرَغُوا أَدْخَلُوا الصِّبْيَانِ، وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ " أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم. (وَ) سُنَّ (أَنْ لَا تَنْقُصُ الصُّفُوفُ عَنْ ثَلَاثَةٍ) ، لِحَدِيثِ «مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ: كَانَ إذَا صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ جَزَّأَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنْ النَّاسِ فَقَدْ أُوجِبَتْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَ فِي " النِّهَايَةِ ": يُقَالُ: أَوْجَبَ الرَّجُلُ؛ إذَا فَعَلَ فِعْلًا وَجَبَتْ لَهُ بِهِ الْجَنَّةُ أَوْ النَّارُ.
انْتَهَى.
فَإِنْ كَانُوا سِتَّةً فَأَكْثَرَ جَعَلَ كُلَّ اثْنَيْنِ صَفًّا، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً؛ جَعَلَهُمْ صَفَّيْنِ. (وَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (لِفَذٍّ) ، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ ".
(وَيَتَّجِهُ: فَإِنْ كَبَّرَ) مَأْمُومٌ خَارِجَ الصَّفِّ تَكْبِيرَةً (وَاحِدَةً) بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ (فَ) هُوَ (فَذٌّ) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ صَلَاةَ رَكْعَةٍ مِمَّا تُشْرَعُ لَهُ الْجَمَاعَةُ خَلْفَ الصَّفِّ، ثُمَّ دَخَلَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا يُطَافُ بِجِنَازَةٍ) عَلَى أَهْلِ الْأَمَاكِنِ (لِيُصَلَّى عَلَيْهَا، بَلْ هِيَ) أَيْ: الْجِنَازَةُ (كَإِمَامٍ يُقْصَدُ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، (وَلَا يَقْصِدُ) ، بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ.
(وَالْأَوْلَى بِهَا)، أَيْ: بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إمَامًا (وَصِيُّهُ الْعَدْلُ) ، لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُمْ مَا زَالُوا يُوصُونَ بِذَلِكَ، وَيُقَدِّمُونَ الْوَصِيَّ؛ فَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ، وَأَوْصَى عُمَرُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، وَأَوْصَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَوْصَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ، حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عَائِشَةُ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ؛ وَلِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تُسْتَفَادُ بِالنَّسَبِ، فَصَحَّ الْإِيصَاءُ بِهَا كَالْمَالِ وَتَفْرِقَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ فَاسِقًا لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ.
(وَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِهَا)، أَيْ: الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (لِاثْنَيْنِ) مُكَلَّفَيْنِ. (وَيَتَّجِهُ: وَيُقَدَّمُ) مِنْهُمَا (أَفْضَلُ)، أَيْ: مَنْ كَانَ أَوْلَى بِإِمَامَةٍ (وَيَقْتَرِعَانِ مَعَ تَسَاوٍ) فِي الْفَضِيلَةِ، فَمَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ قُدِّمَ،
وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (فَسَيِّدٌ بِرَقِيقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ، (فَالسُّلْطَانُ)، لِحَدِيثِ:«لَا يُؤَمَّنَّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ.» الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.
خَرَجَ مِنْهُ الْوَصِيُّ وَالسَّيِّدُ لِمَا تَقَدَّمَ، فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُمَا عَلَى الْعُمُومِ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْمَوْتَى، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ الْوَصِيَّ.
وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: شَهِدْت حُسَيْنًا حِينَ مَاتَ الْحَسَنُ، وَهُوَ يَدْفَعُ فِي قَفَاءِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُكَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ يُسَنُّ لَهَا الِاجْتِمَاعُ، فَإِذَا حَضَرَهَا السُّلْطَانُ كَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، (فَنَائِبُهُ الْأَمِيرُ) فِي بَلَدِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، (فَ) نَائِبُهُ (الْحَاكِمُ) وَهُوَ: الْقَاضِي، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ (فَالْأَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ عَلَيْهِ الْأَوْلَى (بِغُسْلِ رَجُلٍ) ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى فَيُقَدَّمُ أَبٌ فَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ ابْنٌ، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، ثُمَّ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ، (فَزَوْجٌ) يُقَدَّمُ (بَعْدَ ذَوِي الْأَرْحَامِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ مَزِيَّةً عَلَى بَاقِي الْأَجَانِبِ، وَيُقَدَّمُ حُرٌّ بَعِيدٌ عَلَى عَبْدٍ قَرِيبٍ، وَيُقَدَّمُ عَبْدٌ مُكَلَّفٌ عَلَى صَبِيٍّ حُرٍّ، لِعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَتِهِ لِلْبَالِغِينَ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا لِعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَتِهَا لِلرِّجَالِ، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيمَ وَاجِبٌ.، (ثُمَّ مَعَ تَسَاوٍ) فِي الْقُرْبِ كَابْنَيْنِ وَشَقِيقَيْنِ، يُقَدَّمُ (الْأَوْلَى) مِنْهُمَا (بِإِمَامَةٍ) لِمَزِيَّةِ فَضِيلَتِهِ، (ثُمَّ) مَعَ تُسَاوِيهِمَا فِي كُلِّ شَيْءٍ (يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا، لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ غَيْرِهَا.
(وَتُكْرَهُ إمَامَةُ غَيْرِ الْأَوْلَى بِلَا إذْنِهِ مَعَ حُضُورِهِ) ؛ لِأَنَّهُ افْتِئَاتٌ عَلَيْهِ، (وَيَسْقُطُ بِهِ) - أَيْ: بِمَنْ كَانَ غَيْرَ الْأَوْلَى، وَصَلَّى بِلَا إذْنِ الْأَوْلَى - (فَرْضٌ، وَ) يَسْقُطُ بِهِ (حُكْمُ تَقْدِيمٍ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَقَدْ حَصَلَ، وَلَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ افْتِئَاتٍ تَشُحُّ بِهِ الْأَنْفُسُ عَادَةً، بِخِلَافِ النِّكَاحِ، (فَإِنْ صَلَّى) الْوَلِيُّ (خَلْفَهُ صَارَ إذْنًا) لِدَلَالَتِهِ عَلَى رِضَاهُ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ قَدَّمَهُ لِلصَّلَاةِ، (وَإِلَّا)، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْوَلِيُّ وَرَاءَهُ، (فَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا)، أَيْ: الصَّلَاةَ (لِأَنَّهَا حَقُّهُ) ، وَيُسَنُّ لِمَنْ صَلَّى أَنْ يُعِيدَ تَبَعًا لَهُ، وَلَوْ مَاتَ بِأَرْضِ فَلَاةٍ؛ فَقَالَ فِي " الْفُصُولِ ": يُقَدَّمُ أَقْرَبُ أَهْلِ الْقَافِلَةِ إلَى الْخَيْرِ وَالْأَشْفَقُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَالْمُرَادُ كَالْإِمَامَةِ. (وَمَنْ قَدَّمَهُ وَلِيٌّ) بِمَنْزِلَتِهِ مَعَ أَهْلِيَّتِهِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَ (لَا) يَكُونُ مَنْ قَدَّمَهُ (وَصِيٌّ بِمَنْزِلَتِهِ)، أَيْ: الْوَصِيِّ، لِتَفْوِيتِهِ عَلَى الْمُوصِي مَا أَمَّلَهُ فِي الْوَصِيِّ مِنْ الْخَيْرِ، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْوَصِيُّ (انْتَقَلَتْ إلَى مَنْ بَعْدَهُ) .
(وَتُبَاحُ) صَلَاةٌ عَلَى مَيِّتٍ (بِمَسْجِدٍ مَعَ أَمْنِ تَلْوِيثٍ)«لِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَهْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
وَجَاءَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَإِنْ خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ بِنَحْوِ انْفِجَارِهِ؛ حَرُمَ إدْخَالُهُ إيَّاهُ صِيَانَةً لَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ.
(وَسُنَّ قِيَامُ إمَامٍ وَ) قِيَامُ (مُنْفَرِدٍ عِنْدَ صَدْرِ رَجُلٍ)، أَيْ: ذَكَرٍ، (وَوَسَطِ امْرَأَةٍ) - أَيْ: أُنْثَى - نَصًّا (وَ) قِيَامُهُمَا (بَيْنَ ذَلِكَ)، أَيْ: الصَّدْرِ وَالْوَسَطِ (مِنْ خُنْثَى) مُشْكِلٍ، لِتَسَاوِي الِاحْتِمَالَيْنِ فِيهِ
(وَ) سُنَّ (أَنْ يَلِيَ إمَامًا) إذَا اجْتَمَعَ مَوْتَى (مِنْ كُلِّ نَوْعٍ أَفْضَلُ) أَفْرَادِ ذَلِكَ النَّوْعِ لِفَضِيلَتِهِ «لِتَقْدِيمِهِ صلى الله عليه وسلم فِي
الْقَبْرِ مَنْ كَانَ أَكْثَرَ قُرْآنًا» فَيُقَدَّمُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ.
فَعَبْدٌ كَذَلِكَ.
فَصَبِيٌّ كَذَلِكَ، ثُمَّ خُنْثَى ثُمَّ امْرَأَةٌ كَذَلِكَ، وَتُقَدَّمُ. (فَأَسُنُّ فَأَسْبَقُ) إنْ اسْتَوَوْا، (ثُمَّ يُقْرَعُ) مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكُلِّ.
وَإِذَا سَقَطَ فَرْضُهَا؛ سَقَطَ التَّقْدِيمُ. (وَجَمْعُهُمْ)، أَيْ: الْمَوْتَى مَعَ التَّعَدُّدِ (بِصَلَاةٍ) وَاحِدَةٍ (أَفْضَلُ) مِنْ إفْرَادِ كُلٍّ بِصَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ وَأَبْلُغُ فِي تَوْفِيرِ الْجَمْعِ. (وَيُقَدَّمُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ) لِلْإِمَامَةِ عَلَيْهِمْ (أَوْلَاهُمْ) بِإِمَامَةٍ (كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ) ، وَكَمَا لَوْ اسْتَوَى وَلِيَّانِ لِوَاحِدٍ، (وَلِوَلِيِّ كُلٍّ) مِنْهُمْ (أَنْ يَنْفَرِدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ)، أَيْ: مَيِّتِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي تَوَلِّيهِ. (وَيُجْعَلُ وَسَطُ أُنْثَى حِذَاءَ صَدْرِ رَجُلٍ، وَ) يُجْعَلُ (خُنْثَى) بَيْنَهُمَا (لِيَقِفَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ مَوْقِفَهُ) مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، (وَيُسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِ كُلِّ نَوْعٍ) ؛ لِأَنَّ مَوْقِفَ النَّوْعِ وَاحِدٌ.
(وَلَا يَجِبُ أَنْ يُسَامِتَ الْإِمَامُ الْمَيِّتَ) بَلْ يُسْتَحَبُّ اقْتِدَاءٌ بِفِعْلِ السَّلَفِ، (فَإِنْ لَمْ يُسَامِتْهُ) الْإِمَامُ، بِأَنْ تَأَخَّرَ، وَتَحَوَّلَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً، (كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَحُشَ تَحَوُّلُهُ عَنْهُ بِحَيْثُ غَابَ عَنْ نَظَرِهِ، أَوْ جَعَلَهُ عَلَى عُلُوٍّ: أَوْ فِي بِئْرٍ لَمْ تَصِحَّ لِاشْتِرَاطِ حُضُورِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ.
(وَالْأَوْلَى) لِمُصَلٍّ (مَعْرِفَةُ ذُكُورَةِ مَيِّتٍ وَأُنُوثَتِهِ) وَاسْمِهِ (وَتَسْمِيَتُهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (فِي دُعَائِهِ) لَهُ (وَلَا بَأْسَ بِإِشَارَةٍ إلَيْهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (حَالَ دُعَاءٍ) نَصًّا. (وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ عَيْنِ مَيِّتٍ) ، لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْمَقْصُودِ عَلَى ذَلِكَ، (فَيَنْوِي) الصَّلَاةَ عَلَى (الْحَاضِرِ) أَوْ الْجِنَازَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَإِنْ نَوَى أَحَدَ الْمَوْتَى اُعْتُبِرَ تَعْيِينُهُ) إزَالَةً لِلْجَهَالَةِ.
(فَإِنْ) عَيَّنَ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى زَيْدٍ. فَ (بَانَ) الْمَيِّتُ (غَيْرَهُ، لَمْ تَصِحَّ) الصَّلَاةُ. (جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي وَقَالَ: إنْ نَوَى عَلَى هَذَا الرَّجُلِ. فَبَانَ امْرَأَةً أَوْ عَكَسَ) ، بِأَنْ نَوَى عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ، فَبَانَتْ رَجُلًا:(فَالْقِيَاسُ الْإِجْزَاءُ) لِقُوَّةٍ التَّعْيِينِ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ. (وَيَتَّجِهُ: لَوْ) نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى جَمَاعَةٍ (ظَنَّهُمْ سَبْعًا) فَقَطْ (فَبَانُوا تِسْعًا؛ لَا) تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِمْ لِاقْتِصَارِهِ فِي النِّيَّةِ عَلَى سَبْعٍ، وَخُرُوجِ الِاثْنَيْنِ مَعَ ظَنِّهِ دُخُولَهُمَا، (وَعَكْسُهُ) : بِأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى مَوْتَى ظَنَّهُمْ تِسْعًا فَبَانُوا سَبْعًا، (نَعَمْ) تُجْزِئُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ التِّسْعَ سَبْعٌ وَزِيَادَةٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ) مُصَلٍّ (أَرْبَعًا يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) يُحْرِمُ بِ التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) بَعْدَ النِّيَّةِ، فَيَقُولُ قَائِمًا مَعَ الْقُدْرَةِ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا، وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى النِّيَّةِ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ.
لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ.
وَيَجْعَلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ، (وَلَا يَسْتَفْتِحُ) لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَيَتَعَوَّذُ وَيُسَمِّي وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ)، أَيْ: مِنْ غَيْرِ سُورَةٍ (سِرًّا، وَلَوْ لَيْلًا) .
لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً. ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَالسَّلَامُ» وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ.
؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ، وَالْجِنَازَةَ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ. (وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِ) تَكْبِيرَةٍ (ثَانِيَةٍ) سِرًّا، لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِمَا «عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ يُسَلِّمَ» . وَتَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (كَفِي تَشَهُّدٍ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَأَلُوهُ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ عَلَّمَهُمْ ذَلِكَ. (وَيَدْعُوَ) لِلْمَيِّتِ (بِ) تَكْبِيرَةٍ (ثَالِثَةٍ)، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. (وَلَا يَتَعَيَّنُ) دُعَاءٌ (فِيهَا) .
أَيْ: الثَّالِثَةِ. (فَيُجْزِئُ بَعْدَ) تَكْبِيرَةٍ (رَابِعَةٍ)، نَصَّ عَلَيْهِ. (وَيَدْعُو بِأَحْسَنِ مَا يَحْضُرُهُ وَسُنَّ) دُعَاؤُهُ (بِمَا) وَرَدَ. (وَمِنْهُ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا) - أَيْ: حَاضِرِنَا (وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا إنَّك تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا) - أَيْ مُنْصَرَفَنَا - (وَمَثْوَانَا) - أَيْ: مَأْوَانَا - (وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا ") رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
زَادَ ابْنُ مَاجَهْ: " اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ " وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ.
قَالَ الْحَاكِمُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ عَلَى
شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، لَكِنْ زَادَ فِيهِ الْمُوَفَّقُ:" وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " وَلَفْظُ السُّنَّةِ: (" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ) - بِضَمِّ الزَّايِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ قِرَاءَةُ - (وَأَوْسِعْ مَدْخَلَهُ) - بِفَتْحِ الْمِيمِ: مَوْضِعَ الدُّخُولِ، وَبِضَمِّهَا، الْإِدْخَالَ - (وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ) - بِالتَّحْرِيكِ: الْمَطَرُ الْمُنْعَقِدُ - (وَنَقِّهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ) - يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ زَوْجَةٌ - (وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ ") رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّهُ «سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى جِنَازَةٍ حَتَّى تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَيِّتَ، وَفِيهِ: وَأَبْدِلْهُ أَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ» وَزَادَ الْمُوَفَّقُ لَفْظَ " مِنْ الذُّنُوبِ " وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. (وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَائِقٌ بِالْحَالِ.
زَادَ الْخِرَقِيِّ وَالْمَجْدُ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ: (اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ) ، إنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا، فَإِنْ كَانَ امْرَأَةً؛ قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّهَا أَمَتُكَ ابْنَةُ أَمَتِكِ، نَزَلَتْ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ.
زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَا أَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَلَا يَقُولُ إلَّا إنْ عَلِمَ خَيْرًا، وَإِلَّا أَمْسَكَ عَنْهُ حِذَارًا مِنْ الْكَذِبِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَشْهَدُ لَهُ ثَلَاثُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ؛ إلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي فِيمَا عَلِمُوا، وَغَفَرْتُ لَهُ مَا أَعْلَمُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. (اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَجَازِهِ بِإِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ) زَادَ فِي " الْمُبْدِعِ ": اللَّهُمَّ إنَّا جِئْنَا شُفَعَاءَ لَهُ فَشَفِّعْنَا فِيهِ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، إنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ
(صَغِيرًا، أَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَاسْتَمَرَّ) عَلَى جُنُونِهِ حَتَّى مَاتَ (قَالَ) بَعْدُ: وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا، (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ وَفَرَطًا) أَيْ: سَابِقًا لِمَصَالِحِ أَبَوَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، سَوَاءٌ مَاتَ فِي حَيَاتِهِمَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمَا (وَأَجْرًا وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ، وَقِه بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمِ)، لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا:«السَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَفِي لَفْظٍ: " بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ " رَوَاهُمَا أَحْمَدُ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنَّ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ شَافِعٌ غَيْرُ مَشْفُوعٍ فِيهِ، وَلَا جَرَى عَلَيْهِ قَلَمٌ، فَالْعُدُولُ إلَى الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ أَوْلَى مِنْ الدُّعَاءِ لَهُ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الدُّعَاءِ لَائِقٌ بِالْمَحَلِّ، مُنَاسِبٌ لِمَا هُوَ فِيهِ، فَشَرَعَ فِيهِ كَالِاسْتِغْفَارِ لِلْبَالِغِ، وَقَوْلُهُ: فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ؛ يُشِيرُ بِهِ إلَى مَا أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ قَالَ: إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا: طُوبَى، كُلُّهَا ضُرُوعٌ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ يَرْضَعُونَ رَضَعَ مِنْ طُوبَى، وَحَاضِنُهُمْ إبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إسْلَامَ وَالِدَيْهِ دَعَا لِمَوَالِيهِ)، فَيَقُولُ: ذُخْرًا لِمَوَالِيهِ. إلَى آخِرِهِ. (وَيُؤَنَّثُ الضَّمِيرُ عَلَى أُنْثَى، وَلَا يَقُولُ: وَأَبْدِلْهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهَا) فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ ":(وَيُشِيرُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُمَا)، أَيْ: الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي صَلَاةٍ (عَلَى خُنْثَى)، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِهَذَا الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ. (وَيَقِفُ بَعْدَ) تَكْبِيرَةٍ (رَابِعَةٍ قَلِيلًا، وَلَا يَدْعُوَ) بَعْدَهَا (حَيْثُ دَعَا أَوَّلًا) لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، نَصَّ عَلَيْهِ. (وَيُسَلِّمُ بِلَا تَشَهُّدٍ) وَلَا تَسْبِيحٍ - نَصَّ عَلَيْهِ - تَسْلِيمَةً (وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ) نَصًّا، وَقَالَ: عَنْ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم -
«وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمَ» فَيَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ كَالْمَكْتُوبَةِ، (وَيَجُوزُ) أَنْ يُسَلِّمَ (تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ نَصًّا. (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً (ثَانِيَةً) عَنْ يَسَارِهِ، لِمَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى تَسْلِيمَتَيْنِ، وَاسْتَحَبَّهُ الْقَاضِي، وَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ؛ لَكِنْ ذِكْرُ الرَّحْمَةِ أَوْلَى، (وَسُنَّ وُقُوفُهُ)، أَيْ: الْمُصَلِّي (حَتَّى تُرْفَعَ) الْجِنَازَةُ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا تَنْفَضُّ الصُّفُوفُ حَتَّى تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ.
(وَأَرْكَانُهَا)، أَيْ: صَلَاةِ الْجِنَازَةِ سَبْعَةٌ: أَحَدُهَا: (قِيَامُ قَادِرٍ فِي فَرْضِهَا) ، فَلَا تَصِحُّ مِنْ قَاعِدٍ، وَلَا رَاكِبٍ رَاحِلَةً بِلَا عُذْرٍ، لِفَوَاتِ رُكْنِهَا، وَهُوَ الْقِيَامُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ نَفْلَهَا يَصِحُّ مِنْ الْقَاعِدِ كَنَفْلِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَمِنْ الرَّاكِبِ وَالْمُسَافِرِ. (وَ) الثَّانِي:(تَكْبِيرَاتٌ أَرْبَعٌ) ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَبَّرَ أَرْبَعًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، (فَإِنْ تَرَكَ غَيْرُ مَسْبُوقٍ تَكْبِيرَةً) مِنْ الْأَرْبَعِ (عَمْدًا؛ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ رُكْنًا، (وَ) إنْ تَرَكَهَا (سَهْوًا يُكَبِّرُهَا) كَمَا لَوْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهَا سَهْوًا (مَا لَمْ يُطِلْ فَصْلٌ، فَإِنْ طَالَ) فَصْلٌ عُرْفًا؛ اسْتَأْنَفَهَا (أَوْ وَجَدَ مُنَافٍ) لِلصَّلَاةِ مِنْ كَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (اسْتَأْنَفَ) الصَّلَاةَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا " صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا، وَتَكَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّمَا كَبَّرْت ثَلَاثًا؛ فَرَجَعَ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا رَوَاهُ حَرْبٌ فِي مَسَائِلِهِ وَالْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ، وَعَوْدُهُ إلَى ذَلِكَ لَمَّا أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ. (وَ) الثَّالِثُ:(قِرَاءَةُ) الـ (فَاتِحَةِ عَلَى غَيْرِ مَأْمُومٍ) وَهُوَ الْإِمَامُ
وَالْمُنْفَرِدُ، وَلِحَدِيثِ:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَيَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ عَنْ الْمَأْمُومِ. (وَ) الرَّابِعُ: الـ (صَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ) صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى نَبِيِّهِ» ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ". (وَ) الْخَامِسُ:(أَدْنَى دُعَاءٍ لِمَيِّتٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ. (وَيَتَّجِهُ) : أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ (يَخُصَّهُ)، أَيْ: يَخُصَّ الْمُصَلِّي الْمَيِّتَ (بِهِ)، أَيْ: الدُّعَاءِ، فَلَا يَكْفِي قَوْلُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَإِنْ دَخَلَ فِي الْعُمُومِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَيَكُونُ تَخْصِيصُهُ (بِنَحْوِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ) لِتَتِمَّ فَائِدَةُ الصَّلَاةِ. (وَ) السَّادِسُ: الـ (سَلَّامٍ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الْجِنَازَةِ. (وَ) السَّابِعُ: الـ (تَّرْتِيبُ) عَلَى هَذَا النَّمَطِ، (لَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ) الـ (دُعَاءُ) لِلْمَيِّتِ (بِ) تَكْبِيرَةٍ (ثَالِثَةٍ لِجَوَازِهِ بَعْدَ) تَكْبِيرَةٍ (رَابِعَةٍ) ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ.
(وَشُرُوطُهَا)، أَيْ: صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَكْتُوبَةٍ: (إسْلَامُ) مُصَلٍّ وَمُصَلًّى عَلَيْهِ، وَعَقْلُ مُصَلٍّ، (وَطَهَارَةٌ) وَلَوْ بِتُرَابٍ لِعُذْرٍ، (وَسَتْرُ عَوْرَةِ مُصَلٍّ، وَمُصَلًّى عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَةٍ) عَلَى ذَلِكَ (وَنِيَّةٌ وَتَكْلِيفُ مُصَلٍّ) شَرْطٌ لِسُقُوطِهَا، بِخِلَافِ الْمُمَيِّزِ فَتَصِحُّ مِنْهُ، وَلَا تَسْقُطُ بِهِ (وَاجْتِنَابُهُ)، أَيْ: الْمُصَلِّي (النَّجَاسَةَ وَاسْتِقْبَالُهُ الْقِبْلَةَ)، لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَحُضُورُ) الـ (مَيِّتِ بَيْنَ يَدَيْهِ) ؛ أَيْ: الْمُصَلِّي (فَلَا
تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (عَلَى جِنَازَةٍ مَحْمُولَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا كَالْإِمَامِ، (وَلَا) تَصِحُّ (مِنْ وَرَاءَ حَائِلٍ قَبْلَ دَفْنِ) الْمَيِّتِ (كَحَائِطٍ) وَنَحْوِهِ، (وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (عَلَى مَنْ فِي تَابُوتٍ مُغَطًّى) ، فَيَكْشِفُهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهَا، (وَقَالَ: ابْنُ حَامِدٍ: يَصِحُّ) أَنْ يُصَلَّى عَلَى مَنْ فِي التَّابُوتِ (كَالْمُكِبَّةِ) وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فِي التَّابُوتِ، وَتَحْتَ الْمُكِبَّةِ، وَفِي النَّعْشِ الْمُغَطَّى، قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
(وَيُصَلَّى عَلَى غَائِبٍ عَنْ) الـ (بَلَدِ وَلَوْ) كَانَ (دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ فِي غَيْرِ قِبْلَتِهِ) - أَيْ: الْمُصَلِّي - فَتَصِحُّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْآحَادِ نَصًّا، لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي «صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّجَاشِيِّ وَأَمْرِهِ أَصْحَابَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَ) يُصَلَّى (عَلَى غَرِيقٍ وَأَسِيرٍ وَنَحْوِهِ) ، وَيَسْقُطُ شَرْطُ الْحُضُورِ وَالْغُسْلِ لِلْحَاجَةِ (إلَى شَهْرٍ) مِنْ مَوْتِهِ (بِالنِّيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بَقَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ تَلَاشٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْبَلَدِ وَالْمُصَلِّي فِي الْآخَرِ؛ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، لِإِمْكَانِ الْحُضُورِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى قَبْرِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَا فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَى قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم لِئَلَّا يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.
(وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُزَادَ) فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ) لِجَمْعِ عُمَرَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْأَرْبَعِ تَدُلُّ عَلَى الْفَضِيلَةِ، وَغَيْرِهَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ. (وَيُتَابَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (إمَامٌ زَادَ) عَلَى تَكْبِيرَةٍ رَابِعَةٍ (إلَى سَبْعِ) تَكْبِيرَاتٍ (فَقَطْ)، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ، قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَكْثَرُ مَا جَاءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعًا» رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينِ.
«وَكَبَّرَ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ سَبْعًا، وَعَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ
سِتًّا» ، وَقَالَ: إنَّهُ يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَبَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرْبَعًا، فَجَمَعَ النَّاسَ عُمَرُ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَقَالَ: هُوَ أَطْوَلُ الصَّلَاةِ يَعْنِي: أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجِنَازَةِ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ ذَاتِ الرُّكُوعِ، وَأَطْوَلُ الْمَكْتُوبَاتِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، (مَا لَمْ تُظَنَّ بِدْعَتُهُ)، أَيْ: الْإِمَامُ (أَوْ) يُظَنَّ (رَفْضُهُ، فَلَا يُتَابَعَ) فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، لِمَا فِي مُتَابَعَتِهِ مِنْ إظْهَارِ شَعَائِرِهِمْ، (وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبَّحَ بِهِ) - أَيْ: الْإِمَامِ - إذَا جَاوَزَ السَّبْعَ (بَعْدَ) تَكْبِيرَةٍ (سَابِعَةٍ) ، لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ، وَقَبْلَهَا لَا يُسَبَّحُ بِهِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ":(وَلَا يَدْعُو مَأْمُومٌ فِي مُتَابَعَةِ) إمَامِهِ (بَعْدَ) تَكْبِيرَةٍ (رَابِعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لَهُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ. (وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاةُ الْجِنَازَةِ (بِمُجَاوَزَةِ سَبْعِ) تَكْبِيرَاتٍ، وَلَوْ (عَمْدًا) ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ قَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي أَصْلِهِ دَاخِلَ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَ تَكْرَارَ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ، وَسَائِرِ الْأَذْكَارِ، أَوْ نَقُولُ: تَكْرَارُ تَكْبِيرَةٍ أَشْبَهَ تَكْبِيرَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَعَكْسُهُ زِيَادَةُ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ أَفْعَالٍ، وَلِهَذَا لَوْ زَادَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى مَأْمُومٍ أَنْ يُتَابَعَ فِيمَا زَادَ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ (سَلَامٌ قَبْلَهُ)، أَيْ: قَبْلَ إمَامِهِ نَصًّا، (وَإِنْ جَاوَزَ سَبْعًا) ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، فَلَا يُقْطَعُ مِنْ أَجْلِهِ الْمُتَابَعَةُ كَإِطَالَةِ الدُّعَاءِ. (وَيُخَيَّرُ مَسْبُوقٌ) سَلَّمَ إمَامُهُ (بَيْنَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ، وَ) بَيْنَ (سَلَامٍ مَعَهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ، لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ، وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُ التَّكْبِيرِ، قَالَ: مَا سَمِعْتِ فَكَبِّرِي، وَمَا فَاتَكِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْكِ» وَيُسْتَحَبُّ إحْرَامُ
مَسْبُوقٍ مَعَهُ فِي أَيِّ حَالٍ صَادَفَهُ، وَلَا يُنْتَظَرُ تَكْبِيرُهُ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ
(وَلَوْ كَبَّرَ) إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ عَلَى جِنَازَةٍ (فَجِيءَ بِ) جِنَازَةٍ (أُخْرَى كَبَّرَ) تَكْبِيرَةً (ثَانِيَةً وَنَوَاهُمَا)، أَيْ: الْجِنَازَتَيْنِ، (فَإِنْ جِيءَ بِ) جِنَازَةٍ (ثَالِثَةٍ كَبَّرَ) تَكْبِيرَةً (ثَالِثَةً وَنَوَى الْجَنَائِزَ الثَّلَاثَ، فَإِنْ جِيءَ بِ) جِنَازَةٍ (رَابِعَةٍ كَبَّرَ) تَكْبِيرَةً (رَابِعَةً وَنَوَى) الْجَنَائِزَ (الْكُلَّ، فَيَصِيرُ مُكَبِّرًا عَلَى الْأُولَى أَرْبَعًا وَعَلَى ثَانِيَةٍ ثَلَاثًا وَعَلَى ثَالِثَةٍ ثِنْتَيْنِ، وَعَلَى الرَّابِعَةِ وَاحِدَةً، فَيَأْتِي بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أُخَرَ) تَتِمَّةَ السَّبْعِ، (فَيُتِمُّ) تَكْبِيرَهُ (سَبْعًا يَقْرَأُ) الْفَاتِحَةَ (فِي خَامِسَةٍ، وَيُصَلِّي) عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (بِسَادِسَةٍ، وَيَدْعُوَ) لِلْمَوْتَى (بِسَابِعَةٍ) ، ثُمَّ يُسَلِّمُ (فَيَصِيرُ مُكَبِّرًا عَلَى) الْجِنَازَةِ (الْأُولَى سَبْعًا، وَ) عَلَى (ثَانِيَةٍ سِتًّا، وَ) عَلَى (ثَالِثَةٍ خَمْسًا، وَ) عَلَى (رَابِعَةٍ أَرْبَعًا، فَإِنْ جِيءَ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ (بِ) جِنَازَةٍ (خَامِسَةٍ لَمْ يَنْوِهَا، بَلْ يُصَلِّي عَلَيْهَا بَعْدَ سَلَامِهِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ تَنْقِيصُهَا عَنْ أَرْبَعِ أَوْ زِيَادَةُ مَا قَبْلَهَا عَلَى سَبْعٍ، وَكِلَاهُمَا مَحْظُورٌ، (وَكَذَا لَوْ جِيءَ بِ) جِنَازَةٍ (ثَانِيَةٍ عَقِبَ تَكْبِيرَةٍ رَابِعَةٍ) لَمْ يَجُزْ إدْخَالُهَا فِي الصَّلَاةِ (لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ) التَّكْبِيرَاتِ (السَّبْعِ أَرْبَعٌ) بَلْ ثَلَاثٌ فَيُؤَدِّي إلَى مَا سَبَقَ (وَيَقْضِي مَسْبُوقٌ نَدْبًا) إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ (مَا فَاتَهُ عَلَى صِفَتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ، فَيُتَابِعُ إمَامَهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ فِيهِ، ثُمَّ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ كَبَّرَ، وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ؛ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ أَوَّلُهَا، (وَإِنْ) كَانَ الْمَقْضِيُّ (بَعْدَ) تَكْبِيرَةٍ (رَابِعَةٍ) ، بِأَنْ زَادَ الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، فَيُقْضَى عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، (فَإِنْ أَدْرَكَهُ) الْمَسْبُوقُ (بِدُعَاءٍ تَابَعَهُ فِيهِ)، أَيْ: الدُّعَاءِ، (فَإِذَا سَلَّمَ إمَامٌ كَبَّرَ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ) بَعْدَ التَّعَوُّذِ وَالْبَسْمَلَةِ، (ثُمَّ كَبَّرَ وَصَلَّى) عَلَى النَّبِيِّ،