الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الصَّلَاةُ]
(بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ) وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الصَّلَاةُ، وَمَا تَصِحُّ فِيهِ فِي بَعْضٍ، وَمَا يَصِحُّ فِيهِ النَّفَلُ دُونَ الْفَرْضِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
وَهَذَا الشَّرْطُ السَّابِعُ لِلصَّلَاةِ، وَاجْتِنَابِهَا (بَدَنَ مُصَلٍّ وَثَوْبَهُ وَبُقْعَتَهُمَا) أَيْ: الثَّوْبَ وَالْبَدَنَ. (وَعَدَمَ حَمْلِهَا)، أَيْ: النَّجَاسَةِ (شَرْطٌ) لِصِحَّةِ (الصَّلَاةِ مَعَ قُدْرَةٍ) عَلَى اجْتِنَابِهَا (حَيْثُ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا) لِقَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَامَّةِ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» «وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَرَّ بِالْقَبْرَيْنِ " إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَسْتَنْثِرُ مِنْ الْبَوْلِ» بِالْمُثَلَّثَةِ قَبْلَ الرَّاءِ.
قَالَهُ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى ".
وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ، كَمَا فِي " نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ " وَفِي رِوَايَةٍ «لَا يَسْتَنْزِهُ» .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ زَيْدٍ: أَمَرَ بِتَطْهِيرِ الثِّيَابِ مِنْ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يَتَطَهَّرُونَ، وَلَا يُطَهِّرُونَ ثِيَابَهُمْ.
وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِيهَا، وَهُوَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ.
قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " لَكِنْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْهِجْرَةِ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِسَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ، وَدَمِهَا وَفَرْثِهَا، فَطَرَحَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، حَتَّى أَزَالَتْهُ فَاطِمَةُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
قَالَ الْمَجْدُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَتَى بِدَمِهَا، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ، وَلَعَلَّ الْخَمْسَ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ، وَالْأَمْرُ بِتَجَنُّبِ النَّجَاسَةِ مَدَنِيٌّ مُتَأَخِّرٌ، بِدَلِيلِ خَبَرِ النَّعْلَيْنِ، وَصَاحِبِ الْقَبْرَيْنِ، وَالْأَعْرَابِيِّ الَّذِي بَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم -
أُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي آتِي فِيهِ أَهْلِي؟ قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ تَرَى فِيهِ شَيْئًا فَتَغْسِلَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ فَثَبَتَ بِهَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِاجْتِنَابِهَا، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ. وَكَطَهَارَةِ الْحَدَثِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا: كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ بِمَحِلِّهِ، وَيَسِيرِ الدَّمِ، وَنَحْوِهِ.
وَنَجَاسَةٍ بِعَيْنٍ، لَيْسَ اجْتِنَابُهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ.
(وَهِيَ) أَيْ: النَّجَاسَةُ: (كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ) عَيْنًا كَانَ؛ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، أَوْ صِفَةً، كَأَثَرِ بَوْلٍ بِمَحِلٍّ طَاهِرٍ. (يَمْنَعُ صِحَّتَهَا حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ) لِمُبَاشَرَتِهَا، أَوْ حَمْلِهَا. (فَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (مِنْ حَامِلِ مُسْتَجْمَرٍ) ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الِاسْتِجْمَارِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي مَحِلِّهِ. (وَ) مِنْ حَامِلِ (حَيَوَانٍ طَاهِرٍ) كَالْهِرِّ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ فِي مَعِدَتِهَا فَهِيَ كَالنَّجَاسَةِ فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي «وَصَلَّى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، حَامِلًا أُمَامَةَ» . (وَ) تَصِحُّ (مِمَّنْ مَسَّ ثَوْبُهُ ثَوْبًا) نَجِسًا (أَوْ حَائِطًا نَجِسًا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِثَوْبِهِ وَلَا بَدَنِهِ.
فَإِنْ اسْتَنَدَ إلَيْهِ، فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْبُقْعَةِ لَهُ:(أَوْ) أَيْ: وَتَصِحُّ مِمَّنْ (قَابَلَهَا رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَمْ يُلَاقِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِصَلَاتِهِ، وَلَا مَحْمُولًا فِيهَا.
وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَلَمْ يُصِبْهَا.
فَإِنْ لَاقَاهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (أَوْ سَقَطَتْ) النَّجَاسَةُ (عَلَيْهِ فَزَالَتْ أَوْ أَزَالَهَا سَرِيعًا) ، فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «بَيِّنَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، إذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، صَلَاتَهُ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَكَ، فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. قَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ
فِيهَا قَذَرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ مِنْ النَّجَاسَةِ مَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا، فَعُفِيَ عَنْ يَسِيرِ زَمَنِهَا، كَكَشْفِ الْعَوْرَةِ. (أَوْ صَلَّى عَلَى) مَحَلٍّ (طَاهِرٍ) مِنْ ثَوْبٍ، أَوْ حَصِيرٍ، أَوْ بِسَاطِ (طَرَفُهُ مُتَنَجِّسٌ) فَتَصِحُّ. (وَلَوْ تَحَرَّكَ) الْمُتَنَجِّسُ (بِحَرَكَتِهِ أَوْ) وَضَعَ (حَبْلًا تَحْتَ قَدَمِهِ بِطَرَفِهِ) الْخَالِي مِنْ مُبَاشَرَةِ قَدَمِهِ (نَجَاسَةً) فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ،؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَامِلٍ لِلنَّجَاسَةِ، وَلَا مُصَلٍّ عَلَيْهَا. وَإِنَّمَا اتَّصَلَ مُصَلَّاهُ بِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِأَرْضٍ نَجِسَةٍ. (غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ) بِمُصَلٍّ، وَهُوَ مَشْدُودٌ بِنَجَسٍ (يَنْجَرُّ) النَّجَسُ (بِهِ) أَيْ: مَعَهُ إذَا مَشَى، (فَإِنْ انْجَرَّ) مَعَهُ (كَحَبْلٍ بِيَدِهِ أَوْ وَسَطِهِ مَشْدُودٍ بِنَجِسٍ أَوْ بِسَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ) وَيُمْكِنُ أَنْ تَنْجَرَّ بِهِ إذَا مَشَى، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ مَحَلُّ التَّرَابُطِ طَاهِرًا. (أَوْ) كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ وَسَطِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ فِي (حَيَوَانٍ نَجِسٍ، كَكَلْبٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ) وَكُلِّ مَا (يَنْجَرُّ مَعَهُ إذَا مَشَى لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَتْبِعٌ لِلنَّجَاسَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ حَامِلَهَا. وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ حَبْلًا أَوْ غَيْرَهُ مُلْقَى عَلَى نَجَاسَةٍ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ.
ذَكَرَ فِي " فِي الْإِنْصَافِ " وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ " قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَمِثْلُهُ: لَوْ سَقَطَ طَرَفُ ثَوْبِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ. (وَإِنْ كَانَ) الْمَشْدُودُ فِيهِ الْحَبْلُ وَنَحْوُهُ (لَا يَنْجَرُّ) مَعَهُ إذَا مَشَى: (كَسَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ وَحَيَوَانٍ كَبِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَرِّهِ إذَا اسْتَعْصَى) عَلَيْهِ، (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الشَّدُّ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِتْبَاعِ ذَلِكَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَمْسَكَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ عَلَى بَعْضِهَا نَجَاسَةٍ لَمْ تُلَاقِ يَدَهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": قُلْتُ: وَإِذَا تَعَلَّقَ بِالْمُصَلِّي صَغِيرٌ بِهِ نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا، وَكَانَ لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ إذَا مَشَى انْجَرَّ مَعَهُ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يُزِلْهُ سَرِيعًا وَإِلَّا فَلَا.
(وَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ (بِعَجْزٍ عَنْ إزَالَةِ مَا) أَيْ: نَجَاسَةِ (سَقَطَتْ عَلَيْهِ
سَرِيعًا) لِإِفْضَائِهِ إلَى اسْتِصْحَابِ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ زَمَنًا طَوِيلًا، أَوْ لِعَمَلٍ كَثِيرٍ إنْ أَخَذَ يُطَهِّرُهَا. (أَوْ جَهِلَ عَيْنَهَا) بِأَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ لَا يَعْلَمُهُ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا، ثُمَّ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ (أَوْ) جَهِلَ (حُكْمَهَا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ (أَوْ نَسِيَهَا)، أَيْ: النَّجَاسَةَ. (أَوْ) جَهِلَ (أَنَّهَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ عَلِمَ) فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْإِفَادَاتِ " وَقَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": إنَّهُ الْأَشْهَرُ، وَجَعَلَهُ فِي " الْحَاوِيَيْنِ " أَصَحَّ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى؛ لِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْجَهْلِ، وَلَا بِالنِّسْيَانِ، كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ. (خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " حَيْثُ قَالَ: وَمَتَى وَجَدَ عَلَيْهِ نَجَاسَةً جَهِلَ كَوْنَهَا فِي الصَّلَاةِ صَحَّتْ. (أَوْ حَمَلَ قَارُورَةً) بَاطِنُهَا نَجِسٌ وَصَلَّى لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ (أَوْ) حَمَلَ (آجُرَّةً) : وَاحِدَةُ الْآجُرِّ، وَهُوَ: الطُّوبُ الْمَشْوِيُّ (بَاطِنُهَا نَجِسٌ أَوْ) حَمَلَ (بَيْضَةً مَذِرَةً) أَوْ بِهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ (أَوْ) حَمَلَ (عُنْقُودًا) مِنْ عِنَبٍ (حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا) لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَمَلَهَا فِي كُمِّهِ.
(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (بِكَرَاهَةٍ إنْ طِينٌ) أَرْضًا (نَجِسَةٌ) وَصَلَّى عَلَيْهَا (أَوْ بَسَطَ عَلَيْهَا)، أَيْ: الْأَرْضِ النَّجِسَةِ، طَاهِرًا صَفِيقًا، وَلَوْ رَطْبَةً، وَلَمْ تَنْفُذْ إلَى ظَاهِرِهِ (أَوْ) بَسَطَ (عَلَى حَيَوَانٍ نَجِسٍ) طَاهِرًا صَفِيقًا (أَوْ) بَسَطَ عَلَى (حَرِيرٍ طَاهِرًا صَفِيقًا) لَا خَفِيفًا، أَوْ
مُهَلْهَلًا (مُبَاحًا) لَا مَغْصُوبًا (أَوْ غَسَلَ وَجْهَ آجُرّ) ، مَعْجُونٍ بِالنَّجَاسَةِ (وَصَلَّى عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ النَّارَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُطَهِّرُ، لَكِنَّهَا تَأْكُلُ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ، وَيَبْقَى الْأَثَرُ فَيُطَهَّرُ بِالْغُسْلِ، كَظَاهِرِ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ، وَيَبْقَى الْبَاطِنُ نَجِسًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ.
ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ بِمَعْنَاهُ (أَوْ) صَلَّى (عَلَى بِسَاطِ بَاطِنُهُ فَقَطْ نَجِسٌ) وَظَاهِرُهُ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ (أَوْ) صَلَّى عَلَى (عُلُوٍّ مُبَاحٍ لَهُ) بِأَنْ كَانَ بِنَاؤُهُ قَبْلَ الْغَصْبِ أَوْ بَعْدَهُ، لَكِنْ كَانَ الْبَانِي هُوَ مَالِكُ السُّفْلِ، وَصَلَّى بِالْعُلُوِّ بَعْدَ غَصْبِ السُّفْلُ مِنْهُ صَحَّتْ أَوْ كَانَ (سُفْلُهُ غَصْبٌ لِغَيْرِهِ) وَصَلَّى فِي الْعُلُوِّ؛ صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
بِخِلَافِ مَا إذَا غَصَبَ مَحَلًّا وَبَنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى فِي الْعُلُوِّ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ. تَابِعٌ لِلْقَرَارِ. (أَوْ) صَلَّى عَلَى (سَرِيرٍ تَحْتَهُ نَجَسٌ) كُرِهَتْ صَلَاتُهُ؛ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى مَا لَا تَصِحُّ عَلَيْهِ، وَصَحَّتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ، وَلَا مُبَاشِرًا لِمَا لَا تَصِحّ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ خِيطَ جُرْحٌ أَوْ جُبِرَ عَظْمٌ) مِنْ آدَمِيٍّ (بِخَيْطٍ) نَجِسٍ، (أَوْ عَظْمٍ نَجِسٍ، فَصَحَّ) الْجُرْحُ أَوْ الْعَظْمُ؛ (لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ)، أَيْ: النَّجَسِ مِنْهُمَا (مَعَ) خَوْفِ (ضَرَرٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ، أَوْ حُصُولِ مَرَضٍ؛ لِأَنَّ حِرَاسَةَ النَّفْسِ وَأَطْرَافِهَا وَاجِبٌ، وَأَهَمُّ مِنْ مُرَاعَاةِ شَرْطِ الصَّلَاةِ.
وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ مَاءٍ وَلَا سُتْرَةٍ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ.
وَإِذَا جَازَ تَرْكُ شَرْطٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ، فَتَرْكُ شَرْطٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لِحِفْظِ بَدَنِهِ أَوْلَى. فَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا لَزِمَهُ. (وَ) حَيْثُ لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ، فَ (لَا يَتَيَمَّمُ لَهُ) أَيْ: لِلْخَطِّ أَوْ الْعَظْمِ النَّجِسِ، (إنْ غَطَّاهُ لَحْمٌ) لِإِمْكَانِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فِي جَمِيعِ مَحَلِّهَا. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُغَطِّهِ اللَّحْمُ (تَيَمَّمَ) لَهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ غَسْلِهِ بِالْمَاءِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": قُلْتُ: وَيُشْبِهُ ذَلِكَ الْوَشْمُ إنْ غَطَّاهُ اللَّحْمُ، غَسَلَهُ بِالْمَاءِ، وَإِلَّا تَيَمَّمَ لَهُ. (وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ)، أَيْ: مَنْ خِيطَ
جُرْحُهُ، أَوْ جُبِرَ عَظْمُهُ بِنَجِسٍ (بِمِثْلِهِ) قَطْعًا (وَيَتَّجِهُ) بِ (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَ) كَذَلِكَ تَصِحُّ إمَامَتُهُ (بِغَيْرِهِ حَيْثُ صَحَّ تَيَمُّمٌ لِنَجَاسَةٍ) عَلَى بَدَنٍ لِعَدَمِ مَاءٍ، كَمَا لَوْ تَضَرَّرَ مَا وُضِعَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَمَعَ عَدَمِ ضَرَرٍ) بِإِزَالَتِهِ (تَجِبُ إزَالَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَلَوْ صَلَّى مَعَهُ لَمْ تَصِحَّ. (فَلَوْ مَاتَ) مَنْ تَلْزَمُهُ إزَالَتُهُ لِعَدَمِ خَوْفِ الضَّرَرِ (إذَنْ) أَيْ: قَبْلَ إزَالَتِهِ (أُزِيلَ) وُجُوبًا (إلَّا مَعَ مُثْلَةٍ) بِإِزَالَتِهِ، فَلَا تَلْزَمُ إزَالَتُهُ،؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْمَيِّتَ مَا يُؤْذِي الْحَيَّ (وَلَا يَلْزَمُ شَارِبَ خَمْرٍ قَيْءٌ) لِلْخَمْرِ،؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى مَحَلٍّ يَسْتَوِي فِيهِ الطَّاهِرُ وَالنَّجِسُ.
وَكَذَا سَائِرُ النَّجَاسَاتِ تَحْصُلُ بِالْجَوْفِ. (وَسُؤْرُهُ) أَيْ: شَارِبِ الْخَمْرِ (نَجِسٌ) لِنَجَاسَةِ فَمِهِ (بِخِلَافِ طِفْلٍ) تَنَجَّسَ فَمُهُ فَسُؤْرُهُ طَاهِرٌ، وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أُعِيدَ نَحْوُ أُذُنِ) آدَمِيٍّ قُطِعَتْ، أَوْ أُعِيدَ سِنٌّ مِنْهُ قُلِعَتْ، فَطَاهِرٌ. (وَ) كَذَا لَوْ أُعِيدَ (سِنٌّ) قُلِعَتْ (مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ) أَوْ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ فَأَعَادَهُ بِحَرَارَتِهِ (فَثَبَتَ كَمَا كَانَ فَطَاهِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ جُمْلَةٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا؛ (كَمَا) لَوْ كَانَ ذَلِكَ (مِنْ نَحْوِ آدَمِيٍّ) كَسَمَكٍ (وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ) لِطَهَارَتِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ مَوْضِعَ سِنٍّ قُلِعَتْ سِنُّ شَاةٍ، وَنَحْوِهَا