الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يُسَنُّ لِإِمَامٍ تَخْفِيفُ صَلَاتِهِ]
(فَصْلٌ)(يُسَنُّ لِإِمَامٍ تَخْفِيفُ) صَلَاتِهِ (مَعَ إتْمَامِ) هَا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ السَّقِيمَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ؛ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» رَوَاهُ
الْجَمَاعَةُ.
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا؛ قَالَ: فَمَا رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ؛ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ إنَّ
مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ أَمَّ بِالنَّاسِ: فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَمَعْنَاهُ أَنْ
يَقْتَصِرَ عَلَى أَدْنَى الْكَمَالِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَسَائِرِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، (مَا لَمْ يُؤْثِرْ مَأْمُومٌ التَّطْوِيلَ، فَإِنْ آثَرُوا كُلُّهُمْ) التَّطْوِيلَ، (اُسْتُحِبَّ) ، لِزَوَالِ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ، وَهِيَ: التَّنْفِيرُ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَعَدَدُهُمْ مُنْحَصِرٌ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ، مَعَ أَنَّهُ سَبَقَ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ.
(وَتُكْرَهُ) لِلْإِمَامِ (سُرْعَةٌ تَمْنَعُ مَأْمُومًا فِعْلَ مَا يُسَنُّ) لَهُ فِعْلُهُ، (بَلْ يُرَتِّلُ نَحْوَ قِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحِ) رُكُوعٍ وَسُجُودٍ (بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ مَنْ خَلْفَهُ مَنْ يَثْقُلُ لِسَانُهُ قَدْ أَتَى بِهِ) ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى الْمَأْمُومِ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ، وَالْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مِنْ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَوْلِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَإِتْمَامِ مَا تُسَنُّ لَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ.
(وَيُسَنُّ) لِإِمَامٍ (تَخْفِيفُ) الصَّلَاةِ (إذَا عَرَضَ لِبَعْضِ مَأْمُومِينَ) فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ (مَا يَقْتَضِي خُرُوجَهُ) مِنْهَا (كَسَمَاعِ بُكَاءِ صَبِيٍّ)، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِيهَا مَخَافَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِ إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ آخِرَهُ وَنَحْوَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ غَالِبًا مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ غَالِبًا، (يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لِلْمَصْلَحَةِ) كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ أَحْيَانًا.
(وَ) سُنَّ لِإِمَامٍ (انْتِظَارُ دَاخِلٍ) مَعَهُ (مُطْلَقًا)، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ ذَا حُرْمَةٍ أَوْ لَا (فِي رُكُوعٍ وَغَيْرِهِ) .
وَسُنَّ كَوْنُ انْتِظَارِهِ لَهُ (بِنِيَّةِ تَقَرُّبٍ) إلَى اللَّهِ تَعَالَى (لَا) بِنِيَّةِ (تَوَدُّدٍ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ ثَبَتَ عَنْ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةٍ بِلَا مَضَرَّةٍ، فَكَانَ مُسْتَحَبًّا كَرَفْعِ الصَّوْتِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (إنْ لَمْ يَشُقَّ) انْتِظَارُهُ (عَلَى مَأْمُومٍ) بِأَنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ يَسِيرَةً، وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى بَعْضِهِمْ، وَإِلَّا (فَيُكْرَهُ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَأْمُومِ الَّذِي مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ مَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ، فَلَا يَشُقُّ عَلَى مَنْ مَعَهُ لِنَفْعِ الدَّاخِلِ، (وَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ جَمَاعَةٌ) أَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، فَيُكْرَهُ انْتِظَارُهُ، (لِأَنَّهُ)، أَيْ: الْحَالَ وَالشَّأْنَ (يَبْعُدُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ) ذَلِكَ، زَادَ جَمَاعَةٌ أَوْ طَالَ ذَلِكَ.
(وَسُنَّ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ) رَكْعَةٍ (أَوْلَى) لِإِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَنْ) قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (ثَانِيَةٍ)، لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «كَانَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ تُقَامُ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْبَقِيعِ، فَيَقْضِي حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِمَّا يُطَوِّلُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلْيَلْحَقْهُ الْقَاصِدُ إلَيْهَا، لِئَلَّا يَفُوتَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ شَيْءٌ (إلَّا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي) كَمَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، (فَثَانِيَةٌ أَطْوَلُ) مِنْ أُولَى، لِتُتِمَّ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهَا، ثُمَّ تَذْهَبَ لِتَحْرُسَ، ثُمَّ تَأْتِيَ الْأُخْرَى، فَتَدْخُلَ مَعَهُ، (أَوْ) إلَّا إذَا كَانَ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى (بِيَسِيرٍ، كَ) مَا إذَا قَرَأَ بِ: (سَبِّحْ، وَالْغَاشِيَةِ) لِوُرُودِهِ فِي نَحْوِ الْجُمُعَةِ (وَفِي " الْإِقْنَاعِ ":) وَ (لَعَلَّ الْمُرَادَ: لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتٍ يَسِيرٍ، وَهُوَ)، أَيْ: تَرَجِّي صَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ "(حَسَنٌ) ؛ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ، لِمَا تَقَدَّمَ.