الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهَا (إنْ احْتَاجَتْ لِمِرَمَّةٍ) ، وَلَمْ تُمَكَّنْ بِدُونِ التَّغْيِيرِ، وَإِلَّا فَلَا. (لَا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، فَيَحْرُمُ) تَغْيِيرُهُ (لِعَدَمِ قِيَامِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ) ، بَلْ يَجِبُ بَقَاؤُهُ عَلَى حَالٍ.
وَلَوْ تَشَعَّثَ أَوْ تَكَسَّرَ يُلْصَقُ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا يُنْقَلُ إلَى غَيْرِهِ. (وَلَا يَنْتَقِلُ النُّسُكُ مَعَهُ) أَيْ: الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، إذَا نُقِلَ مِنْ مَكَانِهِ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ إنَّمَا هُوَ الطَّوَافُ بِجُمْلَةِ الْبَيْتِ، لَا بِالْحِجْرِ عَلَى انْفِرَادِهِ. (وَكُرِهَ نَقْلُ حِجَارَتِهَا)، أَيْ: الْكَعْبَةِ، (عِنْدَ عِمَارَتِهَا إلَى غَيْرِهَا) مِنْ الْأَمَاكِنِ. (وَفِي " الْفُنُونِ ": لَا يَجُوزُ أَنْ تُعَلَّى أَبْنِيَتُهَا زِيَادَةً عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ عُلُوِّهَا) زَمَنَهُ صلى الله عليه وسلم، (وَفِي " الْفُرُوعِ ": يَتَوَجَّهُ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام) ، (يَعْنِي إدْخَالَ الْحِجْرِ فِي الْبَيْتِ انْتَهَى) كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ ". (وَقَدْ فَعَلَهُ) أَيْ: الْبِنَاءَ، عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام، (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) رضي الله عنهما، ثُمَّ أَعَادَهَا الْحَجَّاجُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ بِنَاءِ قُرَيْشٍ، وَأَخْرَجَ الْحِجْرَ مِنْهَا، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنِ. (وَرَأَى) الْإِمَامُ (الشَّافِعِيُّ، وَ) الْإِمَامُ (مَالِكٌ) رضي الله عنهما (تَرْكَهُ)، أَيْ: الْبِنَاءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ (لِئَلَّا يَصِيرَ الْبَيْتُ مِلْعَبَةً لِلْمَمْلُوكِ) فَيَسْقُطُ تَعْظِيمُهُ مِنْ أَعْيُنِ الْجُهَّالِ.
[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]
وَبَيَانُ أَدِلَّتِهَا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْقِبْلَةُ: الْوَجْهَةُ، وَهِيَ: الْفَعْلَةُ مِنْ الْمُقَابَلَةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لَهُ قِبْلَةٌ، وَلَا دَبْرَةٌ، إذَا لَمْ يَهْتَدِ لِجِهَةِ أَمْرِهِ. وَأَصْلُ الْقِبْلَةِ فِي اللُّغَةِ: الْحَالَةُ الَّتِي يُقَابِلُ الشَّيْءُ غَيْرَهُ عَلَيْهَا، كَالْجِلْسَةِ لِلْحَالَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا، إلَّا أَنَّهَا صَارَتْ كَالْعِلْمِ لِلْجِهَةِ الَّتِي يَسْتَقْبِلُهَا. وَسُمِّيَتْ قِبْلَةً لِإِقْبَالِ النَّاسِ عَلَيْهَا، أَوْ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُقَابِلُهَا، وَهِيَ تُقَابِلُهُ.
وَاسْتِقْبَالُهَا (فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ شَرْطٌ لَهَا) ، أَيْ الصَّلَاةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّامِنُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ. (مَعَ قُدْرَةٍ) عَلَيْهِ (لَا مَعَ عُذْرٍ) كَعَجْزٍ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ؛ كَالْتِحَامِ حَرْبٍ، وَهَرَبٍ مِنْ سَيْلٍ أَوْ نَارٍ أَوْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْعُذْرُ (نَادِرًا، كَمَرِيضٍ) ، وَمَصْلُوبٍ (وَمَرْبُوطٍ عَجَزَ عَنْ اسْتِقْبَالٍ) وَعَمَّنْ يُدِيرُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ إلَى غَيْرِهَا بِلَا إعَادَةٍ، لِعَجْزِهِمْ عَنْ الشَّرْطِ فَيَسْقُطُ، كَالْقِيَامِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ.
(وَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَشْرَ سِنِينَ بِمَكَّةَ) .
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي " شَرْحِ الْخِرَقِيِّ الصَّغِيرِ " وَالسَّامِرِيُّ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَهِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي أَقَامَهَا بِمَكَّةَ بَعْدَ الْبَعْثَةِ بِنَاءً عَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: «بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ» الْحَدِيثَ.
وَمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ هُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ.
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيرِهِ: اخْتَلَفُوا فِي صَلَاتِهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ قَوْمٌ: كَانَ بِمَكَّةَ يُصَلِّي إلَى الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا صَارَ إلَى الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ كَانَ بِمَكَّةَ يُصَلِّي إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، إلَّا أَنَّهُ يَجْعَلُ الْقِبْلَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ كَانَ يُصَلِّي إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَطْ بِمَكَّةَ وَبِالْمَدِينَةِ أَوَّلًا سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّلَاحِ. (وَ) صَلَّى أَيْضًا، صلى الله عليه وسلم، إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ (سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْمَدِينَةِ) ، وَقِيلَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا.
رُوِيَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا
ثُمَّ إنَّهُ وَجَّهَ إلَى الْكَعْبَةِ، فَمَرَّ رَجُلٌ كَانَ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم قَدْ وَجَّهَ إلَى الْكَعْبَةِ، فَانْحَرَفُوا إلَى الْكَعْبَةِ» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ "، وَلَمْ يُشِرْ إلَى خِلَافِهِ.
وَقَدْ وَرَدَ (بِالسُّنَّةِ) قَوْلَانِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ. (وَ) وَرَدَ فِي (الْقُرْآنِ) أَيْضًا (قَوْلَانِ) قِيلَ عَنْ أَحَدِهِمَا: إنَّهُ نَزَلَ بِهِ قُرْآنٌ وَنُسِخَ، وَالثَّانِي: قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] . (ثُمَّ أُمِرَ) صلى الله عليه وسلم (بِالتَّوَجُّهِ لِلْكَعْبَةِ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] الْآيَةَ. (فَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (لِقَادِرٍ) عَلَى الِاسْتِقْبَالِ (بِدُونِ اسْتِقْبَالِهَا) أَيْ: الْقِبْلَةِ، (إلَّا فِي نَفْلِ وَرَاتِبَةِ مُسَافِرٍ، فَقِبْلَتُهُ جِهَةُ سَيْرِهِ) عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ لِلْخَبَرِ فِي الرَّاكِبِ، وَيَأْتِي. (وَلَوْ) كَانَ الْمُسَافِرُ (مَاشِيًا) لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي خَوْفِ الِانْقِطَاعِ عَنْ الْقَافِلَةِ فِي السَّفَرِ (سَفَرًا مُبَاحًا) كَالتِّجَارَةِ، (وَلَوْ قَصِيرًا) كَدُونِ الْمَسَافَةِ (لَا مَكْرُوهًا) كَسِيَاحَةٍ، وَلَا مُحَرَّمًا؛ لِأَنَّ نَفْلَهُ كَذَلِكَ رُخْصَةٌ، وَلَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي.
(أَوْ) تَنَفَّلَ (حَضَرًا) كَالرَّاكِبِ السَّائِرِ فِي مِصْرِهِ، أَوْ قَرْيَتِهِ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الِاسْتِقْبَالُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ. (وَلَا) يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ فِي نَفْلِ (رَاكِبٍ تَعَاسِيفَ وَهُوَ)، أَيْ: التَّعَاسِيفُ: (رُكُوبُ فَلَاةٍ وَقَطْعُهَا عَلَى غَيْرِ صَوْبٍ) ، وَمِنْهُ الْهَائِمُ، وَالتَّائِهُ، كَمَا لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ بِرَمَضَانَ. (وَلَا) يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ عَنْ (رَاكِبِ مِحَفَّةٍ وَاسِعَةٍ) أَوْ عمارية وَهَوْدَجٍ، فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ. (وَلَا)
عَنْ رَاكِبِ (نَحْوِ سَفِينَةٍ) كَزَوْرَقٍ، إذَا كَانَ (غَيْرَ مَلَّاحٍ) ، أَمَّا الْمَلَّاحُ فَمَعْذُورٌ لِانْفِرَادِهِ بِتَدْبِيرِهَا. (وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ) إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ؛ بِأَنْ عَلِمَ بِعُدُولِهَا، وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا، وَلَمْ يَفْعَلْ؛ بَطَلَتْ، (أَوْ عَدَلَ) هُوَ (إلَى غَيْرِهَا) أَيْ: الْقِبْلَةِ، (عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ مَعَ عِلْمِهِ) بِعُدُولِهِ
بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ قِبْلَتَهُ عَمْدًا.
وَسَوَاءٌ طَالَ عُدُولُهُ، أَوْ لَا، (أَوْ عُذِرَ) مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْهَا كَجِمَاحِهَا، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ عُذِرَ مَنْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهَا لِغَفْلَةٍ، أَوْ نَوْمٍ، أَوْ جَهْلٍ أَوْ ظَنَّهَا جِهَةَ سَيْرِهِ، (وَطَالَ) عُدُولُ دَابَّتِهِ أَوْ عُدُولُهُ عُرْفًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ (وَ) إنْ حَصَلَ الْعُدُولُ (بِعُذْرِ سَهْوٍ قَصِيرٍ) زَمَنَهُ، فَإِنَّهُ (يَسْجُدُ لَهُ) .
فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ، بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ السَّهْوِ، بِخِلَافِ الْغَفْلَةِ النَّوْمِ. (وَإِنْ وَقَفَ) الْمُسَافِرُ الْمُتَنَفِّلُ لِجِهَةِ سَيْرِهِ (لِتَعَبِ دَابَّتِهِ، أَوْ) وَقَفَ (مُنْتَظِرًا رُفْقَةً أَوْ) وَقَفَ لِكَوْنِهِ (أَيْسَرَ لِسَيْرِهِمْ) أَيْ: الرُّفْقَةِ، اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. (أَوْ نَوَى النُّزُولَ بِبَلَدٍ دَخَلَهُ، أَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ، (اسْتَقْبَلَ) الْقِبْلَةَ حَالَ كَوْنِهِ (نَازِلًا) فِي، الْأَخِيرَةِ (وَيُتِمُّهَا) لِانْقِطَاعِ سَيْرِهِ كَالْخَائِفِ يَأْمَنُ. (وَيَتَّجِهُ وُجُوبُ نُزُولِ رَاكِبٍ) وَقَفَ لِتَعَبِ دَابَّتِهِ، أَوْ مُنْتَظِرًا رُفْقَةً أَوْ لَمْ يَسِرْ لِسَيْرِهِمْ، أَوْ نَوَى النُّزُولَ بِبَلَدٍ دَخَلَهُ إنْ كَانَ (لَا يَتَمَكَّنُ) وَهُوَ رَاكِبٌ (مِنْ نَحْوِ سُجُودٍ) ، وَرُكُوعٍ وَطُمَأْنِينَةٍ، وَاعْتِدَالٍ (سِيَّمَا مُفْتَرِضٌ) وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِي الْمُفْتَرِضِ ظَاهِرٌ، وَيَأْتِي.
وَأَمَّا الْمُتَنَفِّلُ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِمَا.
(وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً عَلَى دَابَّةٍ، جَازَ وَصَحَّتْ) الصَّلَاةُ (عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الدَّابَّةِ. (وَشَرْطُ طَهَارَةِ مَحَلِّ رَاكِبٍ) ، مِنْ بَرْدَعَةٍ، وَسَرْجٍ، وَنَحْوِهِ، (وَعَدَمِ مُلَاقَاتِهِ) أَيْ: الرَّاكِبِ (لِنَجِسٍ، كَحِمَارٍ) وَبَغْلٍ، وَفِيلٍ، وَنَحْوِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ طَهَارَةِ الْمَكَانِ. (وَلَا يَضُرُّ وَطْءُ دَابَّةٍ نَجَاسَةً) .
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ عَنْهَا وَلَمْ يَفْعَلْ، بَطَلَتْ. (بَلْ) يَضُرُّ (وَطْءُ مَاشٍ) نَجَاسَةً (عَمْدًا) كَغَيْرِ الْمُسَافِرِ. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَطْءُ دَابَّةٍ نَجَاسَةً إذَا كَانَتْ غَيْرَ رَطْبَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَقُ مِنْهَا بِهَا شَيْءٌ، بِخِلَافِ الرَّطْبَةِ، فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِوَطْءِ الدَّابَّةِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ أَثَرٍ يَصْحَبُ يَدَ الدَّابَّةِ أَوْ رِجْلَهَا مِنْهَا، فَيَكُونُ كَمَنْ صَلَّى بِمَحَلٍّ نَجِسٍ وَلَا يُرَدُّ أَنَّ جَمِيعَ أَعْضَاءِ الدَّابَّةِ نَجِسَةٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ بَغْلًا، أَوْ حِمَارًا؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا غِنَاءَ عَنْهَا فِي السَّفَرِ.
وَأَمَّا النَّجَاسَةُ فَيُمْكِنُ اجْتِنَابُهَا وَالتَّحَرُّزُ مِنْهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَإِنْ رَكِبَ مَاشٍ) مُتَلَبِّسٌ (فِي نَفْلٍ، أَتَمَّهُ) رَاكِبًا، كَمَا لَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الدَّابَّةِ، فَيُتِمُّهَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ وَلَا اسْتِئْنَافٍ.
نَصَّ عَلَيْهِ. (وَيَتَّجِهُ: وَ) كَذَا لَوْ رَكِبَ بَعْدَ شُرُوعِهِ (فِي فَرْضٍ) مَاشِيًا، فَلَهُ