الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ رَجُلٍ (فِي فَرْضٍ) إلَّا (صَبِيٌّ، فَفَذٌّ) أَيْ: فَرْدٌ، لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِالرَّجُلِ فِي الْفَرْضِ، فَلَا تَصِحُّ مُصَافَّتُهُ لَهُ. (وَتَصِحُّ) مُصَافَّتُهُ (إنْ وَقَفَ مَعَهُ مُتَنَفِّلٌ أَوْ) وَقَفَ مَعَهُ (مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُ، كَأُمِّيٍّ وَأَخْرَسَ وَفَاسِقٍ وَعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ) بِلَا خِلَافٍ.
[فَصْلٌ فِي الِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاةِ]
(فَصْلٌ فِي الِاقْتِدَاءِ)
(يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ يُمْكِنُهُ) الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامٍ أَيْ: مُتَابَعَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ، (وَلَوْ) كَانَ (بَيْنَهُ وَبَيْنَ إمَامِهِ فَوْقَ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) . قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ. (وَلَوْ لَمْ تَتَّصِلْ صُفُوفٌ) عُرْفًا؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِلْجَمَاعَةِ، فَكُلُّ مَنْ حَصَلَ فِيهِ حَصَلَ فِي مَحَلِّ الْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ خَارِجِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلِاجْتِمَاعِ فِيهِ، فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ الِاتِّصَالُ فِيهِ. (فَإِنْ كَانَا)، أَيْ: الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (بِغَيْرِ مَسْجِدٍ، أَوْ) كَانَ (مَأْمُومٌ وَحْدَهُ خَارِجَهُ)، أَيْ: الْمَسْجِدِ (شُرِطَ عَدَمُ حَائِلٍ)، أَيْ: مَانِعٍ؛ كَحَائِطٍ وَطَرِيقٍ (بَيْنَهُمَا)، أَيْ: بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ وَقَفَ قَوْمٌ فِي طَرِيقٍ وَرَاءَ الْمَسْجِدِ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ مَا يُمْكِنُهُمْ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ، وَلَا ضَرُورَةَ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُمْ
(وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ مَأْمُومٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (أَنْ يَرَى الْإِمَامَ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَلَا بَعْضَ مَنْ وَرَاءَهُ؛ لَمْ تَصِحَّ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ. (وَلَوْ) كَانَتْ الرُّؤْيَةُ (فِي بَعْضِهَا)، أَيْ: الصَّلَاةِ، كَحَالِ الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ مِنْ شَخْصِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ أُنَاسٌ
يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ» . الْحَدِيثَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (أَوْ) كَانَتْ الرُّؤْيَةُ (مِنْ شُبَّاكٍ) ، لِتَمَكُّنِهِ إذَنْ مِنْ مُتَابَعَتِهِ.
وَلَا يَكْتَفِي إذَنْ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ. (وَلَا يَضُرُّ حَائِلٌ) مِنْ نَحْوِ (ظُلْمَةٍ أَوْ عَمًى) ، وَكَانَ يَرَى بِحَيْثُ لَوْلَا ذَلِكَ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ حَيْثُ أَمْكَنَتْهُ الْمُتَابَعَةُ وَلَوْ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ " وَفِي " حَوَاشِي ابْنِ قُنْدُسٍ " عَلَيْهِ، وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ " وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِمْ. (وَإِنْ كَانَا)، أَيْ: الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (بِهِ)، أَيْ: الْمَسْجِدِ؛ (فَلَا) تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ، (وَكَفَى سَمَاعُ تَكْبِيرٍ) ، لِتَمَكُّنِهِ مِنْ مُتَابَعَتِهِ إذَنْ.
(وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا)، أَيْ: الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي:) إنْ كَانَ النَّهْرُ (فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) ؛ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ؛ صَحَّتْ. (أَوْ) كَانَ بَيْنَهُمَا (طَرِيقٌ، وَلَمْ تَتَّصِلْ فِيهِ صُفُوفٌ) عُرْفًا (حَيْثُ صَحَّتْ) الصَّلَاةُ (فِيهِ)، أَيْ: الطَّرِيقِ (كَجِنَازَةٍ وَكُسُوفٍ وَجُمُعَةٍ) وَعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ لِضَرُورَةٍ؛ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلصَّلَاةِ، أَشْبَهَ مَا يَمْنَعُ الِاتِّصَالَ، فَإِنْ اتَّصَلَتْ إذَنْ صَحَّتْ. (أَوْ كَانَا)، أَيْ: الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (فِي غَيْرِ شِدَّةٍ وَخَوْفٍ بِسَفِينَتَيْنِ غَيْرِ مَقْرُونَتَيْنِ، لَمْ تَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ طَرِيقٌ، وَلَيْسَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً.
وَأَمَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ؛ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِلْحَاجَةِ.
(وَكُرِهَ عُلُوُّ إمَامٍ عَنْ مَأْمُومٍ ذِرَاعًا فَأَكْثَرَ)، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا:«إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ؛ فَلَا يَقُومَنَّ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِهِمْ» وَمَحَلُّ ذَلِكَ: مَا لَمْ يَكُنْ الْعُلُوُّ يَسِيرًا، كَدَرَجَةِ مِنْبَرٍ.
لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، فَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ، وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ. فَلَمَّا انْصَرَفَ: قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّمَا فَعَلْت ذَلِكَ لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَلَا بَأْسَ بِعُلُوِّ مَأْمُومٍ) وَلَوْ كَثِيرًا نَصًّا، كَمَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّهُ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ " وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ أَنَسٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ فَأَشْبَهَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ
(وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِقَطْعِ صَفٍّ مُطْلَقًا)، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ وَرَاءَ الْإِمَامِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ قَطْعُ الصَّفِّ (عَنْ يَسَارِهِ)، أَيْ: الْإِمَامِ (إذَا بَعُدَ) الْمُنْقَطِعُ (بِقَدْرِ مَقَامِ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ) ؛ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى (وَيَتَّجِهُ: أَنَّ الْمُرَادَ) بِبُطْلَانِ صَلَاةِ صَفٍّ انْقَطَعَ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ بِقَدْرِ مَقَامِ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ (مَا لَمْ تَنْوِ)، أَيْ: مَا لَمْ تَنْوِ الطَّائِفَةُ الْمُنْقَطِعَةُ (مُفَارَقَةَ) الْإِمَامِ، فَإِنْ نَوَتْ مُفَارَقَتَهُ؛ صَحَّتْ، أَوْ اتَّصَلَ الصَّفُّ.
أَوْ أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ كَثِيرٍ؛ صَحَّتْ، وَهَذَا مُتَّجِهٌ
(وَ) يَتَّجِهُ أَيْضًا: (أَنَّهُ مَنْ بَعُدَ عَنْ الصَّفِّ) مَعَ مُحَاذَاتِهِ لَهُ، وَكَانَ بُعْدُهُ عَنْهُ (قَدْرَ ذَلِكَ)، أَيْ: مَقَامَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ (فَفَذٌّ)، أَيْ: فَرْدٌ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ.
وَهَذَا لَيْسَ بِوَجِيهٍ، إذْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَطْعِ الصَّفِّ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْجَمَاعَةَ.
(وَيُبَاحُ اتِّخَاذُ مِحْرَابٍ) نَصًّا، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ. (وَتُكْرَهُ صَلَاةُ إمَامٍ فِيهِ)، أَيْ: الْمِحْرَابِ (بِلَا حَاجَةٍ) كَضِيقِ مَسْجِدٍ، وَكَثْرَةِ جَمْعٍ؛ فَلَا يُكْرَهُ، لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ (إنْ مَنَعَ مَأْمُومًا مُشَاهَدَتَهُ) ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حِجَابٌ، (بَلْ يَقِفُ) الْإِمَامُ (عَنْ يَمِينِ مِحْرَابٍ) إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا نَصًّا، لِتَمَيُّزِ جَانِبِ الْيَمِينِ.
(وَكُرِهَ لَهُ)، أَيْ: لِإِمَامٍ، وَ (لَا) يُكْرَهُ (لِمَأْمُومٍ تَطَوُّعُهُ بِلَا حَاجَةٍ بَعْدَ مَكْتُوبَةٍ مَوْضِعَهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: كَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا قَالَ:«لَا يُصَلِّيَنَّ الْإِمَامُ فِي مَقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ، وَلِأَنَّ فِي تَحَوُّلِهِ
مِنْ مَكَانِهِ إعْلَامًا لِمَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى، فَلَا يَنْتَظِرُ وَيَطْلُبُ جَمَاعَةً أُخْرَى.
(وَ) كُرِهَ (مُكْثُهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ (كَثِيرًا) بَعْدَ الصَّلَاةِ (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ)، لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَلَيْسَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (نِسَاءٌ) ، وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى إطَالَةِ الْجُلُوسِ مُسْتَقْبِلًا، كَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُنْصَرَفًا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِانْحِرَافُ. (فَإِنْ كُنَّ) نِسَاءً (سُنَّ لَهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ، (وَلِمَأْمُومٍ أَنْ يَثْبُتُوا) فِي مَوَاضِعِهِمْ (بِقَدْرِ مَا يَرَوْنَ انْصِرَافَهُنَّ)، " لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَنَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِكَيْ يَنْفَدَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنْ النِّسَاءِ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَلِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.
(وَسُنَّ لَهُنَّ)، أَيْ: النِّسَاءِ انْصِرَافٌ (عَقِبَ سَلَامِ إمَامٍ، وَ) سُنَّ (لِمَأْمُومٍ) أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إلَّا (بَعْدَ انْصِرَافِ إمَامٍ) إنْ (اسْتَقْبَلَهُ) بَعْدَ سَلَامِهِ (وَلَمْ يُطِلْ الْجُلُوسَ) ، فَإِنْ أَطَالَهُ؛ انْصَرَفَ مَأْمُومٌ إذَنْ، لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ بِإِطَالَتِهِ.
(وَيَنْحَرِفُ إمَامٌ) اسْتِحْبَابًا بَعْدَ سَلَامِهِ إلَى مَأْمُومٍ، لِحَدِيثِ سَمُرَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَيَكُونُ انْحِرَافُهُ (جِهَةَ قَصْدِهِ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَيْهِ، (وَإِلَّا) يَقْصِدْ جِهَةً (فَ) يَنْحَرِفْ (عَنْ يَمِينِهِ)، أَيْ: الْإِمَامُ (فَتَلِي يَسَارُهُ الْقِبْلَةَ) تَمْيِيزًا لِجَانِبِ الْيَمِينِ.
(وَكُرِهَ وُقُوفُ مَأْمُومٍ بَيْنَ سَوَارٍ تَقْطَعُ الصُّفُوفَ عُرْفًا) ، رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُصَفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ لِينٌ.
وَقَالَ أَنَسٌ: " كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّفَّ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: فَتَكُونُ سَارِيَةٌ عَرْضُهَا مَقَامَ ثَلَاثَةٍ.
وَلَا يُكْرَهُ وُقُوفُ الْإِمَامِ بَيْنَ السَّوَارِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ صَفٌّ يُقْطَعُ.
(وَ) كُرِهَ (اتِّخَاذُهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ (بِمَسْجِدٍ مَكَانًا لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا بِهِ) .
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ، وَيَكْرَهُ إيطَانَهَا
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً، ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ «سَلَمَةَ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَهَا الْمُصْحَفُ، وَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ، كَإِسْمَاعِ حَدِيثٍ، وَتَدْرِيسٍ وَإِفْتَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: لَا.
وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ.
وَ (لَا) يُكْرَهُ اتِّخَاذُهُ لِصَلَاةِ (نَفْلِهِ) لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ.
(وَحَرُمَ بِنَاءُ مَسْجِدٍ يُرَادُ بِهِ الضَّرَرُ لِمَسْجِدٍ بِقُرْبِهِ فَيُهْدَمُ) مَا بُنِيَ ضَرَرًا وُجُوبًا، لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الضَّرَرُ؛ جَازَ وَإِنْ قَرُبَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إذَا بَعُدَ يَجُوزُ، وَلَوْ قُصِدَ بِهِ الضَّرَرُ لِغَيْرِهِ
(وَيَتَّجِهُ: وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ) مَسْجِدٍ أُرِيدَ بِهِ الضَّرَرُ، وَلَا الْوَقْفُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.