الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَأْمُرَ بِهِ، وَلَا يُنْكِرَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَلَا (يُعَلِّقَ اسْتِحْقَاقَ رِزْقٍ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى بِدْعَةٍ، (وَلَا) يَلْزَمُ أَنْ (يَفْعَلَ وَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ) لِمُخَالِفَتِهِ السُّنَّةَ (بَلْ قَالَ) عَبْدُ الرَّحْمَنِ (ابْنُ الْجَوْزِيِّ) فِي كِتَابِ تَلْبِيسِ إبْلِيسَ ": قَدْ رَأَيْتُ مَنْ يَقُومُ بِلَيْلٍ كَثِيرًا عَلَى الْمَنَارَةِ فَيَعِظُ وَيَذْكُرُ وَيَقْرَأُ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، و (كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ) ، لِأَنَّهُ (يَمْنَعُ النَّاسَ نَوْمَهُمْ، وَيَخْبِطُ عَلَى الْمُتَهَجِّدِينَ قِرَاءَتَهُمْ) .
انْتَهَى.
[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]
(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)(مَا) أَيْ: أَشْيَاءُ (تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا) - أَيْ الْأَشْيَاءُ - (صِحَّتُهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَالْعُقُودِ، فَإِنَّ صِحَّتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شُرُوطِهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَاتِ:(إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) يَعْجِزُ بِهِ عَنْ تَحْصِيلِ الشَّرْطِ، فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ سَقَطَ إلَّا النِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ وَالْعَقْلَ وَالتَّمْيِيزَ، وَدُخُولَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ. وَالشُّرُوطُ: جَمْعُ شَرْطٍ كَفُلُوسِ جَمْعُ فَلْسٍ، وَالشَّرَائِطُ: جَمْعُ شَرِيطَةٍ، كَفَرَائِضَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ وَالْأَشْرَاطُ: جَمْعُ شَرْطٍ كَالْأَقْمَارِ جَمْعُ قَمَرٍ وَهُوَ لُغَةً: الْعَلَامَةُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18]
أَيْ: عَلَامَاتُهَا، وَعُرْفًا: مَا لَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ مَعَ عَدَمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَهُوَ عَقْلِيٌّ كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ، وَلُغَوِيٌّ كَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَشَرْعِيٌّ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ.
(وَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهَا إلَى انْقِضَائِهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - وَبِهَذَا الْمَعْنَى فَارَقَتْ الْأَرْكَانَ، (وَلَيْسَتْ) شُرُوطُ الصَّلَاةِ (مِنْهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - بِخِلَافِ أَرْكَانِهَا (بَلْ تَجِبُ) شُرُوطُ الصَّلَاةِ (لَهَا قَبْلَهَا) فَتَسْبِقُهَا، وَتَسْتَمِرُّ فِيهَا وُجُوبًا إلَى انْقِضَائِهَا.
قَالَ الْمُنَقَّحُ: (إلَّا النِّيَّةَ) فَتَكْفِي مُقَارَنَتُهَا لِلتَّحْرِيمَةِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ (وَلَا تَسْقُطُ) الشُّرُوطُ (عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) .
(وَهِيَ) - أَيْ: شُرُوطُ الصَّلَاةِ - تِسْعَةٌ: (إسْلَامٌ، وَعَقْلٌ، وَتَمْيِيزٌ) ، وَهَذِهِ شُرُوطٌ لِكُلِّ عِبَادَةٍ غَيْرِ الْحَجِّ فَيَصِحُّ مِمَّنْ لَمْ يُمَيِّزْ، وَيَأْتِي (وَ) الرَّابِعُ:(طَهَارَةٌ مَعَ قُدْرَةٍ) ، لِحَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» ، و (الْخَامِسُ: دُخُولُ الْوَقْتِ) لِصَلَاةٍ مُؤَقَّتَةٍ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ هُنَا، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَوَاقِيتِ.
قَالَ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دُلُوكُهَا: إذَا فَاءَ الْفَيْءُ، قَالَ عُمَرُ: الصَّلَاةُ لَهَا وَقْتٌ شَرَطَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِهِ، وَهُوَ حَدِيثُ «جِبْرِيلَ حِينَ أَمَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ» فَإِنْ قِيلَ: الْخَمْسُ لَمْ تَجْتَمِعْ لِغَيْرِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فَكَيْف قَالَ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا هِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَّا كُلُّ فَرْدٍ عَلَى حِدَتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كَانَ لِغَيْرِهِ، لِمَا وَرَدَ «إنَّ الصُّبْحَ كَانَ لِآدَمَ، وَالظُّهْرَ لِدَاوُدَ، وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ» صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
(وَتَجِبُ) صَلَاةٌ (مَكْتُوبَةٌ بِدُخُولِ أَوَّلِهِ) - أَيْ: الْوَقْتِ - فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِمَعْنَى أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ يَفْعَلُهَا إذَا قَدَرَ، لِأَنَّ الْوَقْتَ سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ، وَهُوَ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ؛ إذْ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ الْخِطَابُ، (وَهُوَ) - أَيْ: الْوَقْتُ - (لِظُهْرٍ) ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي وَسَطِ النَّهَارِ، وَالظُّهْرُ لُغَةً: الْوَقْتُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَشَرْعًا: صَلَاةُ هَذَا الْوَقْتِ (وَهِيَ أُولَى الصَّلَوَاتِ) لِبُدَاءَةِ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام لَمَّا صَلَّى بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي الْبُدَاءَةِ بِهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ ظَهَرَ أَمْرُهُ، وَسَطَعَ نُورُهُ مِنْ غَيْرِ
خَفَاءٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْفَجْرِ لَخَتَمَ بِالْعِشَاءِ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَهُوَ وَقْتُ خَفَاءٍ فَلِذَلِكَ خَتَمَ بِالْفَجْرِ، لِأَنَّهُ وَقْتُ ظُهُورٍ، فِيهِ ضَعْفُ إشَارَةٍ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ يَضْعُفُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ (وَتُسَمَّى) أَيْضًا:(الْهَجِيرُ)، لِفِعْلِهَا فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ (مِنْ الزَّوَالِ) يَعْنِي: أَنَّ ابْتِدَاءَ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ الزَّوَالِ (وَهُوَ) - أَيْ: الزَّوَالُ (ابْتِدَاءُ طُولِ الظِّلِّ بَعْدَ تَنَاهِي قِصَرِهِ) ، لِأَنَّ الظِّلَّ أَوَّلًا يَكُونُ طَوِيلًا عِنْدَ ابْتِدَاءِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَكُلَّمَا صَعِدَتْ قَصُرَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ، وَهِيَ حَالَةُ الِاسْتِوَاءِ فَيَنْتَهِي نُقْصَانُهُ فَإِذَا أَخَذَتْ فِي النُّزُولِ مُغَرِّبَةً طَالَ الظِّلُّ لِابْتِدَاءِ الْمَسَافَةِ، وَمُحَاذَاةِ الْمُنْتَصِبِ قَدَحَهَا، فَهَذَا أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَيَقْصُرُ الظِّلُّ جِدًّا فِي كُلِّ بَلَدٍ بِحَسَبِ وَسَطِ الْفَلَكِ، فَيَقْصُرُ فِي الصَّيْفِ لِارْتِفَاعِهَا إلَى الْجَوِّ، وَيَطُولُ فِي الشِّتَاءِ (لَكِنْ لَا يَقْصُرُ) الظِّلُّ (فِي بَعْضِ بِلَادِ خُرَاسَانَ لِسَيْرِ الشَّمْسِ نَاحِيَتَهُ عَنْهَا) .
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ: فَصَيْفُهَا كَشِتَاءِ غَيْرِهَا، وَلِذَلِكَ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِالزَّوَالِ دُونَ زِيَادَةِ الظِّلِّ (أَوْ) ابْتِدَاءِ (حُدُوثِهِ) - أَيْ: الظِّلِّ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ - (إنْ فُقِدَ) مِنْ الْبِلَادِ الَّتِي تَحْتَ وَسَطِ قُبَّةِ الْفَلَكِ (كَصَنْعَاءِ الْيَمَنِ) وَمَا وَالَاهَا، فَإِنَّ ظِلَّ الشَّخْصِ هُنَاكَ يَتَدَاخَلُ فِي بُنْيَانِهِ حَالَ قِيَامِ الشَّمْسِ حَتَّى لَا يَبْقَى لِلشَّخْصِ ظِلٌّ، فَيُعْرَفُ الزَّوَالُ هُنَاكَ بِأَنْ يَظْهَرَ لِلشَّخْصِ فَيْءٌ مِنْ نَحْوِ الْمَشْرِقِ، فَيَعْلَمُ أَنَّ الشَّمْسَ زَالَتْ إلَى نَحْوِ الْمَغْرِبِ، وَذَلِكَ (فِي سَابِعَ عَشَرَ حُزَيْرَانَ) بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:(وَيَخْتَلِفُ ظِلُّ) الزَّوَالِ (بِاخْتِلَافِ - شَهْرٍ وَبَلَدٍ) ، فَيَقْصُرُ فِي الصَّيْفِ، وَيَطُولُ فِي الشِّتَاءِ (فَأَقَلُّهُ) - أَيْ: أَقَلُّ ظِلِّ آدَمِيٍّ تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ - (بِإِقْلِيمِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ: قَدَمٌ وَثُلُثٌ) تَقْرِيبًا بِقَدَمِ ذَلِكَ الْآدَمِيِّ (فِي نِصْفِ حُزَيْرَانَ) ، وَسَابِعَ عَشْرَةَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ (وَقَدَمٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ فِي نِصْفِ تَمُّوزَ وَأَيَارَ، وَثَلَاثَةُ) أَقْدَامٍ (فِي نِصْفِ
آبَ وَنِيسَانَ، وَأَرْبَعَةُ) أَقْدَامٍ (وَنِصْفٌ فِي نِصْفِ آذَارَ) - بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ - (وَأَيْلُولَ، وَسِتَّةُ) أَقْدَامٍ (فِي نِصْفِ سُبَاطَ) - بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ
- (وَ) نِصْفِ (تَشْرِينَ الْأَوَّلِ وَتِسْعَةُ) أَقْدَامٍ (فِي نِصْفِ كَانُونَ الثَّانِي وَ) نِصْفِ (تِشْرِينَ الثَّانِي، وَعَشَرَةُ) أَقْدَامٍ (وَسُدُسٌ فِي نِصْفِ كَانُونَ الْأَوَّلِ) ، وَذَلِكَ مُقَارِبٌ لِأَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَأَقْصَرُهَا السَّابِعَ عَشَرَ كَانُونَ الْأَوَّلَ (وَيَكُونُ) الزَّوَالُ (عَلَى أَقَلَّ) مِنْ ذَلِكَ (وَ) عَلَى (أَكْثَرَ) مِنْهُ (فِي غَيْرِ ذَلِكَ) الْوَقْتِ وَالْإِقْلِيمِ، فَإِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَعَلِّمْ الْمَوْضِعَ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ ظِلُّكَ، ثُمَّ ضَعْ قَدَمَكَ الْيُمْنَى بَيْنَ يَدَيْ قَدَمِكَ الْيُسْرَى، وَأَلْصِقْ عَقِبَكَ بِإِبْهَامِكَ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِسَاحَتُكَ هَذَا الْقَدْرَ بَعْدَ انْتِهَاءِ النَّقْصِ فَهُوَ وَقْتُ زَوَالِ الشَّمْسِ، قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " وَغَيْرِهِ.
(وَطُولُ كُلِّ إنْسَانٍ بِقَدَمِهِ: سِتَّةُ) أَقْدَامٍ (وَثُلُثَانِ تَقْرِيبًا) ، وَقَدْ يَنْقُصُ فِي بَعْضِ النَّاسِ يَسِيرًا أَوْ يَزِيدُ يَسِيرًا.
(وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا) - أَيْ: الظُّهْرِ - (مِنْ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ) ، فَإِذَا ضَبَطْت الظَّلَّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَبَلَغَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ قَدْرَ الشَّاخِصِ فَقَدْ انْتَهَى وَقْتُ الظُّهْرِ (وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا) - أَيْ: الظُّهْرِ - لِحَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْهَجِيرَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْأُولَى حِينَ تُدْحَضُ الشَّمْسُ» وَقَالَ جَابِرٌ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا (إلَّا) لِمُتَيَمِّمٍ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ، وَإِلَّا (مَعَ شِدَّةِ حَرٍّ فَيُسَنُّ تَأْخِيرُ) الصَّلَاةِ (حَتَّى يَنْكَسِرَ) الْحَرُّ، (وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ) صَلَّى (بِبَيْتِهِ) ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ
«أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ» وَفَيْحُهَا: هُوَ غَلَيَانُهَا، وَانْتِشَارُ لَهَبِهَا وَوَهَجِهَا.
لَا يُقَالُ: تَرَكَ الْوَاجِبَ لِأَجْلِ السُّنَّةِ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، كَمُدَافِعِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ.
(وَ) إلَّا (مَعَ غَيْمٍ لِمُصَلٍّ جَمَاعَةً فَيُسَنُّ) لَهُ تَأْخِيرُهَا (لِقُرْبِ وَقْتِ عَصْرٍ) طَلَبًا لِلسُّهُولَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ فِيهِ الْعَوَارِضَ مِنْ مَطَرٍ وَرِيحٍ فَيَشُقُّ الْخُرُوجُ بِتَكَرُّرِهِ، فَاسْتُحِبَّ تَأْخِيرُ الْأُولَى لِيَقْرَبَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ، فَيَخْرُجَ لَهُمَا خُرُوجًا وَاحِدًا (غَيْرَ جُمُعَةٍ فَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا بِزَوَالٍ مُطْلَقًا)، أَيْ: فِي الْحَرِّ وَالْغَيْمِ لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ " مَا كُنَّا نُقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ. "
وَقَوْلِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: «كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
(وَتَأْخِيرُهَا) - أَيْ: الظُّهْرِ - (لِمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ) كَعَبْدٍ (أَوْ) لِمَنْ (يَرْمِي الْجَمَرَاتِ حَتَّى يُفْعَلَا) - أَيْ: تُصَلَّى الْجُمُعَةُ، وَتُرْمَى الْجَمَرَاتُ - (أَفْضَلُ) مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَهُمَا لِمَا يَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَالْحَجِّ.
(ثُمَّ يَلِيهِ) - أَيْ: وَقْتَ الظُّهْرِ - (الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلْعَصْرِ) مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا اشْتِرَاكٍ وَالْعَصْرُ: الْعَشِيُّ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْعَصْرَانِ الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْعَصْرُ وَذَكَرَ الْأَزْهَرِيُّ مِثْلَهُ، تَقُولُ: فُلَانٌ يَأْتِي فُلَانًا الْعَصْرَيْنِ وَالْبَرْدَيْنِ: إذَا كَانَ يَأْتِيهِ طَرَفَيْ النَّهَارِ، فَكَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ وَقْتِهَا.
(وَهِيَ) - أَيْ: الْعَصْرُ - الصَّلَاةُ (الْوُسْطَى)، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَلَا أَعْلَمُ عَنْهُ وَلَا عَنْهُمْ فِيهَا خِلَافًا.
انْتَهَى.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ» وَلِمُسْلِمٍ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَمُرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَاةُ الْوُسْطَى: صَلَاةُ الْعَصْرِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوُسْطَى
مُؤَنَّثُ الْأَوْسَطِ، وَهُوَ وَالْوَسَطُ: الْخِيَارُ «وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مِنْ أَوْسَطِ قَوْمِهِ» أَيْ: خِيَارِهِمْ، وَلَيْسَتْ بِمَعْنَى مُتَوَسِّطَةٍ لِكَوْنِ الظُّهْرِ هِيَ الْأُولَى، بَلْ بِمَعْنَى الْفُضْلَى.
(وَيَمْتَدُّ) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلْعَصْرِ (حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ)، أَيْ: ظِلِّ الشَّاخِصِ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ إنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبَ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ: الْخِرَقِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَ " التَّلْخِيصُ " وَ " الْبُلْغَةُ " وَ " الْإِفَادَاتُ " وَ " نَظْمُ النِّهَايَةِ " وَ " الْمُحَرَّرُ " وَ " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِيَيْنِ " وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ رَزِينٍ وَ " الْفَائِقُ " وَ " الْفُرُوعُ " وَ " إدْرَاكُ الْغَايَةِ " وَ " تَجْرِيدُ الْعِنَايَةِ " وَصَحَّحَهُ فِي " الْمَذْهَبِ " وَالنَّظْمِ "؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَقَالَ: الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ "(ثُمَّ هُوَ) - أَيْ: الْوَقْتُ - بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ (وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى الْغُرُوبِ) - مَصْدَرُ غَرَبَتْ الشَّمْسُ: بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا - فَتَكُونُ الصَّلَاةُ فِيهَا أَدَاءً، لِحَدِيثِ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِالْإِثْمِ وَعَدَمِهِ، فَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ. (وَعَنْهُ) - أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ - هُوَ (وَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى اصْفِرَارِ شَمْسٍ، اخْتَارَهُ) - أَيْ: هَذَا الْقَوْلَ - (الشَّيْخَانِ) : الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ (وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ: ابْنُ عَبْدُوسٍ، وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " وَ " الْمُنْتَخَبِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى غُرُوبِهَا فَتَقَعُ الصَّلَاةُ فِيهِ أَدَاءً وَيَأْثَمُ فَاعِلُهَا بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ (وَتَعْجِيلُهَا
أَفْضَلُ مَعَ حَرٍّ أَوْ غَيْمٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا لِلْإِخْبَارِ.
(وَسُنَّ جُلُوسُهُ بَعْدَهَا) - أَيْ: الْعَصْرِ - (فِي مُصَلَّاهُ لِغُرُوبِ) شَمْسٍ (وَبَعْدَ فَجْرٍ لِطُلُوعِ شَمْسٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْعُدُ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» (وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ) نَصَّ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُبْدِعِ " وَغَيْرِهِ.
(ثُمَّ يَلِيهِ)، أَيْ: يَلِي وَقْتَ الضَّرُورَةِ لِلْعَصْرِ (وَقْتُ مَغْرِبٍ)، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ: مَصْدَرُ غَرَبَتْ الشَّمْسُ: بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا، غُرُوبًا وَمَغْرِبًا، وَيُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ وَمَكَانِهِ، فَسُمِّيَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ بِاسْمِ وَقْتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَهِيَ الْوِتْرُ) أَيْ: وِتْرُ النَّهَارِ لِاتِّصَالِهَا بِهِ، فَكَأَنَّهَا فُعِلَتْ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْوِتْرَ الْمَشْهُورَ بَلْ إنَّهَا ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ (وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعِشَاءِ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ (وَ) تَسْمِيَتُهَا (بِمَغْرِبٍ أَوْلَى)، قَالَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ: الْأَفْضَلُ تَسْمِيَتُهَا بِالْمَغْرِبِ (وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا لِمَغِيبِ شَفَقٍ أَحْمَرَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «وَقْتُ الْمَغْرِبِ: مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَيْضًا «الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ، فَإِذَا غَابَ الشَّفَقُ وَجَبَتْ الْعِشَاءُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ (وَكُرِهَ تَأْخِيرُهَا لِظُهُورِ نُجُومٍ) .
قَالَ الْآجُرِّيُّ: مَنْ أَخَّرَ حَتَّى يَبْدُوَ النَّجْمُ أَخْطَأَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ: وَقْتَ فَضِيلَةٍ، وَوَقْتَ جَوَازٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا) إجْمَاعًا، لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إذَا وَجَبَتْ» وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ:«كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا، وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ.
(إلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ)، أَيْ: مُزْدَلِفَةَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، وَهِيَ لَيْلَةُ يَوْمِ النَّحْرِ (لِمُحْرِمٍ) يُبَاحُ لَهُ الْجَمْعُ (قَصَدَ مُزْدَلِفَةَ) .
قَالَ فِي
الْفُرُوعِ ": إجْمَاعًا (إنْ لَمْ يُوَافِهَا) - أَيْ مُزْدَلِفَةَ - (وَقْتَ غُرُوبٍ) ، فَإِنْ وَافَاهَا وَقْتُ غُرُوبِهَا صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا، وَلَا يُؤَخِّرُهَا، وَإِلَّا (فِي غَيْمٍ لِمُصَلٍّ جَمَاعَةً) فَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِقُرْبِ وَقْتِ الْعِشَاءِ (وَ) إلَّا (فِي جَمْعِ) تَأْخِيرٍ (إنْ كَانَ) التَّأْخِيرُ (أَرْفَقَ) لِمَنْ يُبَاحُ لَهُ.
(ثُمَّ يَلِيهِ) - أَيْ: وَقْتَ الْمَغْرِبِ - (الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلْعِشَاءِ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَالْمَدِّ: اسْمٌ لِأَوَّلِ الظَّلَّامِ، سُمِّيَتْ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِيهِ، وَيُقَالُ لَهَا: الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ، وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ، وَغَلَّطُوهُ فِي إنْكَارِهِ.
(وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعَتَمَةِ) ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْعَتَمَةُ فِي اللُّغَةِ: شِدَّةُ الظُّلْمَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُسَمَّى الْعِشَاءَ، قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ".
(وَكُرِهَ نَوْمٌ قَبْلَهَا) وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يُوقِظُهُ (وَحَدِيثٌ بَعْدَهَا) ، لِحَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ الْعِشَاءُ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَلَّلَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا، وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ (غَيْرَ) حَدِيثٍ (يَسِيرٍ أَوْ لِشُغْلٍ وَأَهْلٍ وَضَيْفٍ) ، أَوْ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ خَيْرٌ نَاجِزٌ، فَلَا يُتْرَكُ لِتَوَهُّمِ مَفْسَدَةٍ.
وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ (إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) الْأَوَّلِ، هَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ «لِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام صَلَّاهَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَعَنْهُ) - أَيْ: الْإِمَامَ أَحْمَدُ - يَمْتَدُّ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارِ إلَى (نِصْفِهِ) - أَيْ: اللَّيْلِ - (اخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ) : الْمُوَفَّقُ
وَالْمَجْدُ (وَجَمْعٌ)، مِنْهُمْ: الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمَا، لِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَهَا إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ قَالَ: أَلَا صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَصَلَاتُهَا) - أَيْ: الْعِشَاءِ - (آخِرَ الثُّلُثِ) الْأَوَّلِ مِنْ اللَّيْلِ (أَفْضَلُ) ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. (مَا لَمْ يُؤَخِّرْ الْمَغْرِبَ) حَيْثُ جَازَ تَأْخِيرُهَا لِنَحْوِ جَمْعٍ، فَتُقَدَّمُ الْعِشَاءُ (وَيُكْرَهُ) التَّأْخِيرُ (إنْ شَقَّ وَلَوْ عَلَى بَعْضِ مَأْمُومِينَ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَأْمُرُ بِالتَّخْفِيفِ رِفْقًا بِالْمَأْمُومِينَ» (ثُمَّ هُوَ) - أَيْ: الْوَقْتُ - بَعْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ (وَقْتُ ضَرُورَةٍ لِطُلُوعِ فَجْرٍ ثَانٍ) ، لِحَدِيثِ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ صَلَاةً إلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْوِتْرِ، وَهُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْعِشَاءِ.
(وَهُوَ)، أَيْ: الْفَجْرُ الثَّانِي: الْمُسْتَطِيلُ (الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ بِالْمَشْرِقِ، وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ)، وَيُقَالُ لَهُ: الْفَجْرُ الصَّادِقُ، (وَ) الْفَجْرُ (الْأَوَّلُ) - وَيُقَالُ لَهُ: الْكَاذِبُ - (مُسْتَطِيلٌ) بِلَا اعْتِرَاضٍ (أَزْرَقُ لَهُ شُعَاعٌ، ثُمَّ يُظْلِمُ)، وَلِدِقَّتِهِ يُسَمَّى: ذَنَبَ السِّرْحَانِ، وَهُوَ: الذِّئْبُ.
(ثُمَّ يَلِيهِ) - أَيْ: وَقْتَ الضَّرُورَةِ لِلْعِشَاءِ - (وَقْتُ فَجْرٍ) سُمِّيَ بِهِ لِانْفِجَارِ الصُّبْحِ، وَهُوَ ضَوْءُ النَّهَارِ إذَا انْشَقَّ عَنْهُ اللَّيْلُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ كَالشَّفَقِ فِي أَوَّلِهِ، تَقُولُ: قَدْ أَفْجَرْنَا كَمَا تَقُولُ: قَدْ أَصْبَحْنَا مِنْ الصُّبْحِ: مُثَلَّثُ الصَّادِ، حَكَاهُ ابْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ مَا جَمَعَ بَيَاضًا وَحُمْرَةً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وَجْهٌ صَبِيحٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَاضٍ وَحُمْرَةٍ.
وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الْفَجْرِ (لِطُلُوعِ شَمْسٍ) ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «وَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَتُسَمَّى: الصُّبْحُ، وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْغَدَاةِ)، قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": فِي الْأَصَحِّ، وَهِيَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ نَصَّ عَلَيْهِ (وَتَعْجِيلُهَا) أَوَّلَ الْوَقْتِ (أَفْضَلُ وَلَوْ قَلَّ الْجَمْعُ) فِي أَوَّلِهِ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْغَلَسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَلَّسَ بِالصُّبْحِ ثُمَّ أَسْفَرَ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْفَارِ حَتَّى مَاتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُغْلِسُونَ، وَمُحَالٌ أَنْ يَتْرُكُوا الْأَفْضَلَ، وَهُمْ النِّهَايَةُ فِي إتْيَانِ الْفَضَائِلِ، وَحَدِيثُ «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» رَوَاهُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ.
حَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّ مَعْنَى الْإِسْفَارِ أَنْ يُضِيءَ الْفَجْرُ فَلَا يُشَكُّ فِيهِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَسْفَرَ الصُّبْحُ، أَيْ: أَضَاءَ قَالَ: أَسْفَرَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا إذَا كَشَفَتْهُ وَأَظْهَرَتْهُ.
(وَكُرِهَ حَدِيثٌ بَعْدَهَا) - أَيْ: صَلَاةِ الْفَجْرِ - (بِأَمْرِ دُنْيَا حَتَّى تَطْلُعَ شَمْسٌ) ، وَيَأْتِيَ لَهُ تَتِمَّةٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ.
وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ يَتْبَعُ النَّهَارَ، فَيَكُونُ فِي الصَّيْفِ أَطْوَلَ، وَوَقْتُ الْفَجْرِ يَتْبَعُ اللَّيْلَ فَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلَ؛ لِأَنَّ النُّورَيْنِ تَابِعَانِ لِلشَّمْسِ، هَذَا يَتَقَدَّمُهَا، وَهَذَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا، فَإِنْ كَانَ الشِّتَاءُ طَالَ زَمَنُ مَغِيبِهَا، فَيَطُولُ زَمَنُ الضَّوْءِ التَّابِعِ لَهَا، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ طَالَ زَمَنُ ظُهُورِهَا فَيَطُولُ زَمَنُ النُّورِ التَّابِعِ لَهَا.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ
الْفَجْرِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا بَيِّنًا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ.
(وَتَأْخِيرُ الْكُلِّ مَعَ أَمْنِ فَوْتٍ لِمُصَلِّي كُسُوفٍ وَمَعْذُورٍ، كَحَاقِنٍ وَتَائِقٍ) حَتَّى يُزِيلَ ذَلِكَ إنْ أُمِنَ فَوْتُهَا (أَفْضَلُ) لِيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ
(وَلَوْ أَمَرَهُ بِهِ) - أَيْ: بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ - (وَالِدُهُ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَ) نَصًّا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ الْجَائِزِ فِعْلُهَا فِيهِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهَا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ تَأْخِيرَ مَنْ أَمَرَهُ وَالِدُهُ الصَّلَاةَ اسْتِحْبَابًا (لَا وُجُوبًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) ، وَهُوَ صَاحِبُ " الْمُنْتَهَى " فَإِنَّهُ اسْتَظْهَرَ فِي شَرْحِهِ وُجُوبَ التَّأْخِيرِ لِطَاعَةِ وَالِدِهِ، وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِيهِ.
(وَ) يُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الْإِمَامِ أَنَّهُ (لَا يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ أَبَاهُ) ، لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ تُنَافِي مَا طُلُبَ فِعْلَهُ شَرْعًا.
(وَيَجِبُ)(تَأْخِيرٌ) إلَى أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَلَى مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ أَوْ وَاجِبَ ذِكْرٍ (لِتَعَلُّمِ فَاتِحَةٍ، وَذِكْرٍ وَاجِبٍ) فِي الصَّلَاةِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ لِيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ تَامَّةً مِنْ غَيْرِ مَحْذُورٍ بِالتَّأْخِيرِ (وَ) يَجِبُ تَأْخِيرُهَا كَذَلِكَ (لِذِي سَلَسٍ اُعْتِيدَ انْقِطَاعُهُ آخِرَهُ) - أَيْ: الْوَقْتِ -
(وَيَجِبُ تَعْجِيلُ) الصَّلَاةِ (لِمَنْ ظَنَّ مَانِعًا) عَنْ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ (كَمَوْتٍ وَقَتْلٍ وَحَيْضٍ كَمَا هُوَ) فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
(وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ تَعْجِيلِ) الصَّلَاةِ (بِتَأَهُّبٍ) لَهَا (أَوَّلِ وَقْتٍ) بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ دُخُولِهِ، لِأَنَّهُ لَا إعْرَاضَ مِنْهُ.
(وَيُقَدَّرُ لِلصَّلَاةِ أَيَّامَ الدَّجَّالِ) الطِّوَالَ (قَدْرَ) الزَّمَنِ (الْمُعْتَادِ) ، فَيُقَدَّرُ لِلصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ بِقَدْرِ مَا كَانَ فِي الْأَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ، لَا أَنَّهُ لِلظُّهْرِ مَثَلًا بِالزَّوَالِ، وَانْتِصَافِ النَّهَارِ، وَلَا لِلْعَصْرِ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ،
بَلْ يُقَدَّرُ الْوَقْتُ بِزَمَنٍ يُسَاوِي الزَّمَنَ الَّذِي كَانَ فِي الْأَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ.
قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: أَشَارَ إلَى ذَلِكَ - يَعْنِي: الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ، (مِنْ نَحْوِ لَيْلٍ وَشِتَاءٍ) فَاللَّيْلَةُ فِي ذَلِكَ كَالْيَوْمِ، فَإِذَا كَانَ الطُّولُ يَحْصُلُ فِي اللَّيْلِ كَانَ لِلصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ مَا يَكُونُ لَهَا فِي النَّهَارِ.
(وَيَتَّجِهُ حَجٌّ وَصَوْمٌ وَزَكَاةٌ وَعِدَّةٌ)، أَيْ: فَيُقَدِّرُ أَيَّامًا لِلْحَجِّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيَصُومُ فِيهِ وَيُزَكِّي مَالَهُ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّرُ لِمُعْتَدَّةٍ صَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ وَمُتَوَفًّى عَنْهَا، بِخِلَافِ حَامِلٍ وَذَاتِ أَقْرَاءٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(وَأَيَّامُهُ) - أَيْ: الدَّجَّالِ -: (أَرْبَعُونَ) يَوْمًا، مِنْهَا (يَوْمٌ كَسَنَةٍ) ، فَيُصَلِّي فِيهِ صَلَاةَ سَنَةٍ (وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ) ، فَيُصَلِّي فِيهِ صَلَاةَ شَهْرٍ (وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ) فَيُصَلِّي فِيهِ صَلَاةَ جُمُعَةٍ (وَالْبَاقِي) مِنْ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِنَا هَذِهِ، كَمَا وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ.