الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا]
(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا، وَأَرْكَانِهَا، وَوَاجِبَاتِهَا، وَسُنَنِهَا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (سُنَّ خُرُوجٌ إلَيْهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (بِسَكِينَةٍ) : بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَتَخْفِيفِ الْكَافِ، أَيْ: طُمَأْنِينَةٍ، وَتَأَنٍّ فِي الْحَرَكَاتِ، وَاجْتِنَابِ الْعَبَثِ (وَوَقَارٍ) ، كَسَحَابٍ، أَيْ: رَزَانَةٍ، كَغَضِّ الطَّرْفِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ، (وَخُضُوعٍ) أَيْ: تَوَاضُعٍ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» . وَلِمُسْلِمٍ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» . (مُقَارِبًا بَيْنَ خُطَاهُ لِتَكْثُرَ حَسَنَاتُهُ) ، فَإِنَّ كُلَّ خُطْوَةٍ يُكْتَبُ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ، لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:«أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَمْشِي وَأَنَا مَعَهُ، فَقَارَبَ فِي الْخُطَا، ثُمَّ قَالَ: تَدْرِي لِمَ فَعَلْتُ هَذَا؟ لِتَكْثُرَ خُطَايَ فِي طَلَبِ الصَّلَاةِ» . (قَائِلًا) مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ:(اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلَا بَطِرًا) » - قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْبَطِرُ: الْأَشِرُ، وَهُوَ: شِدَّةُ الْمَرَحِ، وَالْمَرَحُ: شِدَّةُ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ - « (وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً) » - الرِّيَاءُ: إظْهَارُ الْعَمَلِ لِلنَّاسِ لِيَرَوْهُ، وَيَظُنُّوا بِهِ خَيْرًا.
وَالسُّمْعَةُ: إظْهَارُ الْعَمَلِ لِيَسْمَعَهُ النَّاسُ.
- « (خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِكَ) » أَيْ: غَضَبِكَ « (وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنْ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إلَّا أَنْتَ) ؛ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَسُنَّ أَنْ يَقُولَ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إلَيْكَ، وَأَقْرَبِ مَنْ تَوَسَّلَ إلَيْكَ، وَأَفْضَلِ مَنْ سَأَلَكَ وَرَغِبَ إلَيْكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي قَبْرِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَفِي عَصَبِي نُورًا وَفِي لَحْمِي نُورًا، وَفِي دَمِي نُورًا، وَفِي شَعْرِي نُورًا، وَفِي بَشَرِي نُورًا، وَفِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا، وَاجْعَلْنِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا، وَزِدْنِي نُورًا» ، رَوَى مُسْلِمٌ بَعْضَهُ.
(وَ) سُنَّ أَنْ يَقُولَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ، وَلَوْ لِغَيْرِ صَلَاةٍ:" بِسْمِ اللَّهِ، آمَنْتُ بِاَللَّهِ، وَاعْتَصَمَتْ بِاَللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ " وَمَا دَعَا بِهِ مِمَّا وَرَدَ فَحَسَنٌ
وَسُنَّ أَنْ يَقُولَ فِي دُخُولِ مَسْجِدٍ: " بِسْمِ اللَّهِ " مُقَدِّمًا رِجْلَهُ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهُ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ.
وَيَقُولَ مَا ذُكِرَ فِي خُرُوجٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: أَبْوَابَ فَضْلِكَ بَدَلَ أَبْوَابِ رَحْمَتِكَ، لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَغَيْرُهُ: « (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ) » لِمَا رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ:«إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، تَدَاعَتْ جُنُودُ إبْلِيسَ، وَاجْتُلِبَتْ، كَمَا تَجْتَمِعُ النَّحْلُ عَلَى يَعْسُوبِهَا، فَإِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَضُرَّهُ» .
وَالْيَعْسُوبُ: ذَكَرُ النَّحْلِ، وَقِيلَ: أَمِيرُهَا.
وَكُرِهَ (لِمَنْ سَمِعَ) الْإِقَامَةَ إسْرَاعُ مَشْيٍ، لِأَنَّهُ يُذْهِبُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ، إلَّا لِخَوْفِهِ فَوْتَ جَمَاعَةٍ، فَلَا يُكْرَهُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنْ طَمِعَ فِي إدْرَاكِ تَكْبِيرَةٍ أُولَى، فَلَا بَأْسَ بِإِسْرَاعِهِ لِذَلِكَ، مَا لَمْ تَكُنْ عَجَلَةٌ تُقْبَحُ، فَلَا يَرْتَكِبُهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْثُرُ فَيَنْضَرُّ.
(وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ) لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، إنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ:«إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ثُمَّ جَلَسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَ (اشْتَغَلَ بِنَحْوِ ذِكْرٍ) كَقِرَاءَةٍ، (أَوْ سَكَتَ) إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِذَلِكَ (وَكُرِهَ خَوْضٌ بِأَمْرِ دُنْيَا) ، فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ، كَمَا فِي الْخَبَرِ. (وَ) كُرِهَ (فَرْقَعَةُ أَصَابِعَ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ. (فَمَا دَامَ كَذَلِكَ)، أَيْ: مُشْتَغِلًا بِالذِّكْرِ أَوْ سَاكِنًا مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ (فَهُوَ فِي صَلَاةٍ، وَالْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يُحْدِثْ) ، لِلْخَبَرِ.
(وَسُنَّ قِيَامُ إمَامٍ، فَ) قِيَامُ (مَأْمُومٍ) غَيْرِ مُقِيمٍ، (لِصَلَاةٍ إذَا قَالَ مُقِيمٌ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ) ، " لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ "، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: وَلِأَنَّهُ دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ، فَاسْتُحِبَّ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهَا عِنْدَهُ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ. (إنْ رَأَى) الْمَأْمُومُ (الْإِمَامَ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُقِيمِ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، (فَ) إنَّهُ يَقُومُ (عِنْدَ رُؤْيَتِهِ) لِإِمَامِهِ، فَلَا يَقُومُ حَتَّى يَرَى الْإِمَامَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، لِقَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالْمُقِيمُ يَأْتِي بِالْإِقَامَةِ كُلِّهَا قَائِمًا.
وَلَا يُحْرِمُ الْإِمَامُ حَتَّى تَفْرُغَ الْإِقَامَةُ.
نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ جُلِّ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ.
(وَيَتَّجِهُ هَذَا) أَيْ: قِيَامُ الْمَأْمُومِ إذَا رَأَى الْإِمَامَ مُعْتَبَرٌ (فِيمَنْ)، أَيْ: مَأْمُومٍ (يُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ إمَامٍ) ، بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ
جَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى اتِّجَاهِهِ (ثُمَّ يُسَوِّي إمَامٌ الصُّفُوفَ نَدْبًا بِمَنْكِبٍ وَكَعْبٍ) ، دُونَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، (فَلْيَلْتَفِتْ يَمِينًا وَشِمَالًا قَائِلًا: اعْتَدِلُوا وَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ، أَوْ) يَقُولُ كَمَا فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ، وَتَبِعَهُ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى ":(اسْتَوُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ)، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": اعْتَدِلُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ، لِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:«صَلَّيْتُ إلَى جَنْبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمًا فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ صُنِعَ هَذَا الْعُودُ؟ فَقُلْتُ: لَا وَاَللَّهِ، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ، فَقَالَ: اعْتَدِلُوا، وَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، قَالَ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي أَنْ تُقَامَ الصُّفُوفُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ.
(وَسُنَّ تَكْمِيلُ صَفٍّ، أَوَّلٍ فَأَوَّلٍ) ، حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْآخِرِ، (فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ)، أَيْ: تَرْكُ تَكْمِيلِهِ (لِقَادِرٍ) عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ
مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَى ذَلِكَ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» .
وَظَاهِرُهُ: حَتَّى بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ كَانَ الصَّلَاةُ فِي مِحْرَابِ زِيَادَةِ عُثْمَانَ.
(وَ) سُنَّ (مراصة)، أَيْ: الْتِصَاقُ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ بِبَعْضٍ، وَسَدُّ خَلَلِ الصُّفُوفِ. (وَيَمِينُهُ)، أَيْ: الْإِمَامِ لِرِجَالٍ أَفْضَلُ مِنْ يَسَارِهِ (مُطْلَقًا)، أَيْ: سَوَاءٌ قَرُبَ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ بَعُدَ. (وَ) صَفُّ (أَوَّلٍ لِرِجَالٍ) مَأْمُومِينَ (لَا نِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ أَفْضَلُ) مِمَّا بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ صَفٍّ أَفْضَلُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ صُفُوفِ الرِّجَالِ.
وَصُفُوفِ النِّسَاءِ عَكْسُ ذَلِكَ، لِحَدِيثِ:«خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَلَهُ ثَوَابُهُ وَثَوَابُ مَنْ وَرَاءَهُ، أَيْ: لِلْإِمَامِ ثَوَابُ نَفْسِهِ وَثَوَابُ مَنْ وَرَاءَهُ، مَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لِاقْتِدَائِهِمْ بِهِ. (وَ) الصَّفُّ (الْأَوَّلُ) : هُوَ (مَا يَقْطَعُهُ الْمِنْبَرُ)، يَعْنِي: مَا يَلِي الْإِمَامَ وَلَوْ قَطَعَهُ الْمِنْبَرُ فَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ تَامًّا.
(وَ) قَالَ (فِي " الْفُرُوعِ " ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ)، أَيْ: الْأَصْحَابِ: (أَنَّ بَعِيدًا عَنْ يَمِينِ) الْإِمَامِ (أَفْضَلُ مِنْ) مَأْمُومٍ (قَرِيبٍ عَنْ يَسَارِهِ) ، لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ يَمِينَهُ لِرِجَالٍ أَفْضَلُ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَهُوَ أَقْوَى عِنْدِي، لِخُصُوصِيَّةِ جِهَةِ الْيَمِينِ بِمُطْلَقِ الْفَضْلِ، كَمَا أَنَّ مَنْ وَقَفَ وَرَاءَ الْإِمَامِ أَفْضَلُ، وَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ الصَّفِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ مُلْتَصِقًا بِهِ.
(وَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا: (أَنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى) الصَّفِّ (الْأَوَّلِ، وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ)، أَيْ: بِسَبَبِ مَشْيِهِ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ نَصِّهِ يُسْرِعُ إلَى الْأُولَى لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، لَا إنْ خَافَ فَوْتَ (جَمَاعَةٍ) .
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَالْمُرَادُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ: إذَا لَمْ تَفُتْهُ الْجَمَاعَةُ، أَمَّا إذَا خَشِيَ مِنْ اشْتِغَالِهِ بِإِدْرَاكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ سَلَامَ