الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بِمَا فِيهِ سُمٌّ مِنْ نَبَاتٍ، إنْ غَلَبَتْ سَلَامَتُهُ) ، وَرُجِيَ نَفْعُهُ لِدَفْعِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَدْوِيَةِ. (وَلَا بَأْسَ بِحِمْيَةٍ) نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَيَتَوَجَّهُ: أَنَّهَا مَسْأَلَةُ التَّدَاوِي، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عَلِيُّ لَا تَأْكُلْ مِنْ هَذَا وَكُلْ مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَكَ» وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ مَا ظُنَّ ضَرَرُهُ
وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " التَّرْغِيبِ ": يَجُوزُ بِدِفْلَى وَنَحْوِهَا لَا تَضُرُّ، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ وَالْفَضْلُ فِي حَشِيشَةٍ تُسْكِرُ: تُسْحَقُ وَتُطْرَحُ مَعَ دَوَاءٍ لَا بَأْسَ، أَمَّا مَعَ الْمَاءِ، فَلَا. (وَ) لَا بَأْسَ بِ (كَتْبِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ بِإِنَاءٍ لِحَامِلٍ، لِعُسْرِ وِلَادَةٍ وَمَرِيضٍ، وَيُسْقَيَانِهِ)، أَيْ: الْحَامِلُ وَالْمَرِيضُ، نَصًّا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
[فَصْلٌ إذَا اُحْتُضِرَ إنْسَانٌ فَمَا الْحُكْمُ]
(فَصْلٌ)(وَإِذَا اُحْتُضِرَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - أَيْ: حَضَرَ الْمَلَكُ لِقَبْضِ رُوحِ الْمَرِيضِ، (سُنَّ تَعَاهُدُ بَلِّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَ) تَعَاهُدُ (تَنْدِيَةِ شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُطْفِئُ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ الشِّدَّةِ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ النُّطْقَ، بِالشَّهَادَةِ، (وَتَوْلِيَةُ أَرْفَقِ أَهْلِهِ بِهِ، وَأَعْرَفِهِمْ بِمُدَارَاتِهِ، وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ) تَعَالَى. (وَ) سُنَّ (تَلْقِينُهُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " مَرَّةً نَصًّا)، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا:«لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَأُطْلِقَ عَلَى الْمُحْتَضَرِ مَيِّتًا بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ.
وَعَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاقْتُصِرَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا إقْرَارٌ بِالْأُخْرَى، وَفِيهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُلَقَّنُ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَبَعٌ، فَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْأُولَى.
وَلَمَّا حَضَرَ ابْنَ الْمُبَارَكِ الْمَوْتُ، لَقَّنَهُ رَجُلٌ الشَّهَادَةَ فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إذَا قُلْتُ مَرَّةً، فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ أَتَكَلَّمْ.
(وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ)، أَيْ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ تَلْقِينَهُ ذَلِكَ (ثَلَاثًا)، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُلَقَّنُ ثَلَاثًا. (وَلَمْ يَزِدْ) عَلَى ثَلَاثٍ (إلَّا إنْ تَكَلَّمَ) بَعْدَهَا، (فَيُعَادُ) التَّلْقِينُ، لِيَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.
وَيَكُونُ (بِرِفْقٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَهَذَا أَوْلَى بِهِ.
(وَكُرِهَ تَلْقِينُ وَرَثَةٍ)، أَيْ: أَحَدِهِمْ لِلْمُحْتَضَرِ، (بِلَا عُذْرٍ) ، بِأَنْ حَضَرَهُ غَيْرُهُ، (قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي) ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تُهْمَةِ الِاسْتِعْجَالِ، وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثٍ؛ لِئَلَّا يُضْجِرَهُ، مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ، كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَسُنَّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَ " يَاسِينَ " عِنْدَهُ)، أَيْ: الْمُحْتَضَرِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ سُورَةَ: يَاسِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
وَلِمَا فِيهَا مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ، وَالْبُشْرَى بِالْجَنَّةِ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ، وَغِبْطَةِ مَنْ مَاتَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ:{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: 26]{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} [يس: 27] فَتَسْتَبْشِرُ الرُّوحُ بِذَلِكَ، فَيُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ، فَيُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، فَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ قَلْبُ الْقُرْآنِ، وَلَهَا خَاصِّيَّةٌ عَجِيبَةٌ فِي قِرَاءَتِهَا عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ.
قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": وَيَقْرَأُ: " تَبَارَكَ " وَلِأَنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ.
(وَ) سُنَّ (تَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ) قَبْلَ النُّزُولِ بِهِ، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ: قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَيَكُونُ تَوْجِيهُهُ (عَلَى جَنْبٍ أَيْمَنَ مَعَ سَعَةِ مَكَان) ، رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ
بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ لِأُمِّ رَافِعٍ: " اسْتَقْبِلِي بِي الْقِبْلَةَ، ثُمَّ قَامَتْ فَاغْتَسَلَتْ أَحْسَنَ مَا تَغْتَسِلُ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا جُدُدًا. وَقَالَتْ: إنِّي الْآنَ مَقْبُوضَةٌ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْقِبْلَةَ مُتَوَسِّدَةً يَمِينَهَا ". (وَيَتَّجِهُ) : الْأَفْضَلُ تَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ مَعَ سِعَةِ مَكَان (وَعَدَمِ مَشَقَّةٍ) ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ ضَيِّقًا، أَوْ كَانَ فِي تَوْجِيهِهِ مَشَقَّةٌ، فَلَا يُوَجَّهُ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ:(وَإِلَّا) يَكُنْ الْمَكَانُ وَاسِعًا، (فَ) يُوَجَّهُ (عَلَى ظَهْرِهِ)، أَيْ: مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ، وَأَخْمَصَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ، كَالْمَوْضُوعِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ، (قَالَ جَمَاعَةٌ) مِنْ الْأَصْحَابِ:(وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ) إذَا كَانَ مُسْتَلْقِيًا (قَلِيلًا) لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ السَّمَاءِ. (وَاسْتَحَبَّ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ تَطْهِيرَ ثِيَابِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ؛ «لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: الْمُرَادُ بِثِيَابِهِ: عَمَلُهُ، قَالَ: وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ الْأَكْثَرُ.
(وَيَنْبَغِي) لِلْمَرِيضِ (اشْتِغَالُهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي نَفْسِهِ بِأَنَّهُ حَقِيرٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ عِبَادَاتِهِ وَطَاعَاتِهِ، وَأَنْ لَا يَطْلُبَ الْعَفْوَ وَالْإِحْسَانَ إلَّا مِنْهُ، وَأَنْ يُكْثِرَ مَا دَامَ حَاضِرَ الذِّهْنِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ، وَأَنْ يُبَادِرَ إلَى أَدَاءِ الْحُقُوقِ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ وَالْوَدَائِعِ
وَالْعَوَارِيِّ: وَاسْتِحْلَالُ نَحْوِ زَوْجَةٍ وَوَلَدٍ، وَقَرِيبٍ وَجَارٍ وَصَاحِبٍ، وَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ.
وَاجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ.
وَيَصْبِرُ عَلَى مَشَقَّةِ ذَلِكَ، (وَيَجْتَهِدُ فِي خَتْمِ عُمُرِهِ بِأَكْمَلِ حَالٍ) وَيَتَعَاهَدُ نَفْسَهُ بِتَقْلِيمِ ظُفْرٍ وَأَخْذِ عَانَةٍ وَشَارِبٍ وَإِبْطٍ، (وَيَعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ) تَعَالَى (فِيمَنْ يُحِبُّ) مِنْ بَنِيهِ وَغَيْرِهِمْ، (وَيُوصِي) بِقَضَاءِ دُيُونِهِ، وَتَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ وَنَحْوِ غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِ بَالِغٍ رَشِيدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ (لِلْأَرْجَحِ فِي نَظَرِهِ) مِنْ قَرِيبٍ وَأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لِلْمَصْلَحَةِ
، (فَإِذَا مَاتَ: سُنَّ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ، وَقَالَ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلِئَلَّا يَنْفَتِحَ نَظَرُهُ، وَيُسَاءَ بِهِ الظَّنُّ. (وَلَهُ تَغْمِيضُ ذَاتِ مَحْرَمٍ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ. (وَلَهَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ (تَغْمِيضُ مَحْرَمِ) هَا، كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا، وَتَغْمِيضُ مِثْلِهَا وَصَبِيٍّ (وَكُرِهَ) التَّغْمِيضُ (مِنْ حَائِضٍ وَجُنُبٍ، وَأَنْ يَقْرَبَاهُ)، أَيْ: الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ، لِحَدِيثِ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ» . (وَ) سُنَّ عِنْدَ تَغْمِيضٍ (قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ وَلَفْظُهُ:" وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ".
(وَ) سُنَّ (شَدُّ لَحْيَيْهِ) بِعِصَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا تَجْمَعُ لَحْيَيْهِ، وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ، لِئَلَّا يَبْقَى فَمُهُ مَفْتُوحًا، فَتَدْخُلُهُ الْهَوَامُّ وَيَتَشَوَّهُ خَلْقُهُ. (وَ) سُنَّ (تَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ) بِرَدِّ ذِرَاعَيْهِ إلَى عَضُدَيْهِ.
ثُمَّ رَدِّهِمَا، وَرَدِّ أَصَابِعِ يَدَيْهِ إلَى كَفَّيْهِ، ثُمَّ يَبْسُطُهُمَا، وَرَدُّ فَخِذَيْهِ إلَى بَطْنِهِ، وَسَاقَيْهِ إلَى فَخْذَيْهِ، ثُمَّ يَمُدُّهُمَا لِسُهُولَةِ الْغُسْلِ، لِبَقَاءِ الْحَرَارَةِ فِي الْبَدَنِ عَقِبَ الْمَوْتِ، وَلَا يُمْكِنُ تَلْيِينُهَا بَعْدَ بُرُودَتِهِ. (وَ) سُنَّ (خَلْعُ ثِيَابِهِ) ، لِئَلَّا يُحْمَى جَسَدُهُ، فَيُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ،
وَرُبَّمَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَوَّثَهَا. (وَ) سُنَّ (سَتْرُهُ بِثَوْبٍ) ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ، سُجِّيَ بِثَوْبٍ حِبَرَةٍ» وَاحْتِرَامًا لَهُ، وَصَوْنًا عَنْ الْهَوَامِّ، وَيَنْبَغِي جَعْلُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ تَحْتَ رَأْسِهِ، وَالْآخَرِ تَحْتَ رِجْلَيْهِ، لِئَلَّا يَنْكَشِفَ. (وَ) سُنَّ (وَضْعُ حَدِيدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) ، كَمِرْآةٍ وَسَيْفٍ وَسِكِّينٍ وَقِطْعَةِ طِينٍ (عَلَى بَطْنِهِ) ، لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ " أَنَّهُ مَاتَ مَوْلًى لِأَنَسٍ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ أَنَسٌ: ضَعُوا عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدًا " وَلِئَلَّا يَنْتَفِخَ بَطْنُهُ، وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِنَحْوِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا.
وَيُصَانُ عَنْهُ مُصْحَفٌ، وَكُتُبُ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَعِلْمٍ نَافِعٍ. (وَ) سُنَّ (وَضْعُهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ) بُعْدًا لَهُ عَنْ الْهَوَامِّ وَنَدَاوَةِ الْأَرْضِ، (مُتَوَجِّهًا) إلَى الْقِبْلَةِ، (مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ) ، فَيَكُونُ رَأْسُهُ أَعْلَى، لِيَنْصَبَّ عَنْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَمَاءُ غُسْلِهِ.
(وَ) سُنَّ (إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ) ، لِحَدِيثِ «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَصَوْنًا لَهُ عَنْ التَّغْيِيرِ (إنْ مَاتَ غَيْرَ فُجَاءَةٍ) أَيْ: بَغْتَةً.
(وَ) سُنَّ إسْرَاعُ (تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ) ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ أَجْرِهِ
(وَيَجِبُ إسْرَاعٌ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ لِلَّهِ) تَعَالَى لِحَجٍّ، (أَوْ آدَمِيٍّ) كَرَدِّ غَصْبٍ وَعَارِيَّةٍ الْوَدِيعَةٍ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ ظُلْمٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» وَأَمَّا تَقْدِيمُهَا فِي الْآيَةِ عَلَى الدَّيْنِ؛ فَلِأَنَّهَا لَمَّا أَشْبَهَتْ الْمِيرَاثَ بِكَوْنِهَا بِلَا عِوَضٍ، كَانَ فِي إخْرَاجِهَا مَشَقَّةٌ عَلَى الْوَارِثِ، فَقُدِّمَتْ حَثًّا عَلَى إخْرَاجِهَا.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ " أَوْ " الَّتِي تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، أَيْ: فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاهْتِمَامِ وَعَدَمِ التَّضْيِيعِ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا، وَيَكُونُ قَضَاءُ دَيْنِهِ، وَإِبْرَاءُ ذِمَّتِهِ، وَتَفْرِيقُ وَصِيَّتِهِ
(قَبْلَ صَلَاةٍ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالتَّجْهِيزِ، يُؤَيِّدُهُ «عَدَمُ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَقَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» . (فَإِنْ تَعَذَّرَ وَفَاءُ) دَيْنِهِ فِي الْحَالِ، لِغَيْبَةِ الْمَالِ وَنَحْوِهَا، (اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ أَوْ غَيْرِهِ تَكَفُّلٌ بِهِ) عَنْهُ لِرَبِّهِ، بِأَنْ يَضْمَنَهُ عَنْهُ أَوْ يَدْفَعَ بِهِ رَهْنًا، لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَخْذِ فِي أَسْبَابِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَإِلَّا، فَلَا تَبْرَأُ قَبْلَ وَفَائِهِ، كَمَا يَأْتِي.
(وَلَا بَأْسَ بِانْتِظَارِ مَنْ يُحْضِرُهُ مِنْ وَلِيٍّ)، أَيْ: وَارِثٍ، (وَكَثْرَةِ جَمْعٍ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (أَوْ يَشُقُّ عَلَى الْحَاضِرِينَ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا يُؤْمَلُ مِنْ الدُّعَاءِ لَهُ إذَا صَلَّى عَلَيْهِ. (وَيُنْتَظَرُ مَنْ مَاتَ فُجَاءَةً)، أَيْ: بَغْتَةً (بِنَحْوِ صَعْقَةٍ) أَوْ خَوْفٍ مِنْ حَرْبٍ، أَوْ سَبُعٍ أَوْ تَرَدٍّ مِنْ جَبَلٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، (أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ) مَوْتُهُ يَقِينًا (بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ وَمَيْلِ أَنْفِهِ، وَغَيْبُوبَةِ سَوَادِ عَيْنَيْهِ) فِي الْبَالِغِينَ، وَهُوَ أَقْوَاهَا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَرَضَ لَهُ سَكْتَةٌ، وَقَدْ يُفِيقُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا. (وَيُعْلَمُ مَوْتُ غَيْرِهِ)، أَيْ: غَيْرِ مَنْ مَاتَ فُجَاءَةً أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ (بِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ، (وَ) يُعْلَمُ (بِغَيْرِهِ، كَانْفِصَالِ كَفَّيْهِ)، أَيْ: انْخِلَاعِهِمَا عَنْ ذِرَاعَيْهِ بِأَنْ تَسْتَرْخِيَ عَصَبَةُ الْيَدِ، فَتَبْقَى كَأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ فِي جِلْدِهَا عَنْ عَظْمَةِ الزَّنْدِ، (وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ) كَذَلِكَ، وَكَذَا امْتِدَادُ جِلْدَةِ وَجْهِهِ، وَتَقَلُّصُ خُصْيَتَيْهِ إلَى فَوْقُ، مَعَ تَدَلِّي الْجِلْدَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ دَالَّةٌ عَلَى الْمَوْتِ تَعْيِينًا.
(وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (وَالنَّظَرِ إلَيْهِ) مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ، (وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ) نَصًّا، «لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ، حَتَّى رَأَيْتُ الدُّمُوعَ تَسِيلُ» صَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
(وَكُرِهَ نَعْيٌ، وَهُوَ: