الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكُونُ لِمَنْ يَعْقِلُ الرَّسُولَ وَالْمُرْسِلَ، فَيُسْأَلُ: هَلْ آمَنَ بِالرَّسُولِ وَصَدَّقَ بِهِ أَمْ لَا؟ فَأَمَّا الطِّفْلُ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ لَهُ بِوَجْهٍ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ وَلَوْ رُدَّ إلَيْهِ عَقْلُهُ فِي الْقَبْرِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَالْعِلْمِ بِهِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا السُّؤَالِ. (قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: يُسْأَلُ الْأَطْفَالُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ حِينَ الذُّرِّيَّةِ) ، يُشِيرُ بِهِ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ سُؤَالُ تَكْرِيمٍ، وَسُؤَالُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنْ ثَبَتَ فَهُوَ سُؤَالُ تَشْرِيفٍ وَتَعْظِيمٍ، كَمَا أَنَّ التَّكَالِيفَ فِي دَارِ الدُّنْيَا الْبَعْضُ تَكْرِيمٌ، وَالْبَعْضُ امْتِحَانٌ وَنَكَالٌ.
(وَالْكِبَارُ يُسْأَلُونَ عَنْ مُعْتَقِدِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَ) عَنْ (إقْرَارِهِمْ الْأَوَّلِ) حِينَ الذُّرِّيَّةِ، (وَاَللَّهُ) سبحانه وتعالى (أَعْلَمُ)
[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْر فَوْقَ شِبْرٍ]
(كُرِهَ رَفْعُ قَبْرٍ فَوْقَ شِبْرٍ)، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ:«لَا تَدَعْ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَالْمُشْرِفُ: مَا رُفِعَ كَثِيرًا، بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ " لَا مُشْرِفَةٍ، وَلَا لَاطِئَةٍ ".
(وَ) كُرِهَ (زِيَادَةُ تُرَابِهِ)، أَيْ: الْقَبْرِ (بِلَا حَاجَةٍ)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا:«نُهِيَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ، أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
(وَ) كُرِهَ (تَزْوِيقُهُ)، أَيْ: الْقَبْرِ (وَتَخْلِيقُهُ وَنَحْوُهُ) كَطَلْيِهِ بِمَغْرَةٍ وَزَعْفَرَانٍ.
(وَتَجْصِيصُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَتَبْحِيرُهُ وَكِتَابَةُ رِقَاعٍ) وَإِرْسَالُهَا (إلَيْهِ وَدَسُّهَا فِيهِ، وَاسْتِشْفَاءٌ بِهِ مِنْ
سَقَمٍ) ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْبِدَعِ (وَاتِّكَاءٌ إلَيْهِ وَمَبِيتٌ) عِنْدَهُ، (وَحَدِيثٌ) عِنْدَهُ (بِأَمْرِ دُنْيَا وَتَبَسُّمٌ عِنْدَهُ، وَضَحِكٌ أَشَدُّ) مِنْهُ كَرَاهَةً، (وَكِتَابَةٌ) عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
(وَجُلُوسٌ) عَلَيْهِ لِمَا رَوَى أَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَ) كُرِهَ (وَطْءٌ) عَلَيْهِ، لِقَوْلِ الْخَطَّابِيِّ: ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ تُوطَأَ الْقُبُورُ»
(وَ) كُرِهَ (مَشْيٌ عَلَيْهِ)، أَيْ: الْقَبْرِ، يَعْنِي: الْمَشْيَ بَيْنَ الْقُبُورِ (بِنَعْلٍ)، لِلْخَبَرِ (حَتَّى بِالتُّمُشْكِ: بِضَمِّ تَاءٍ فَمِيمٍ) مَضْمُومَةٍ، (فَسُكُونِ شِينٍ) مُعْجَمَةٍ: نَوْعٌ مِنْ النِّعَالِ. وَ (لَا) يُكْرَهُ الْمَشْيُ بَيْنَهَا (بِخُفٍّ) لِمَشَقَّةِ نَزْعِهِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَعْلٍ، رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ لِلْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّيْهِ. (وَسُنَّ خَلْعُهُ)، أَيْ: النَّعْلِ إذَا دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ، لِحَدِيثِ «بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ فَقَالَ: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ، فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ أَحْمَدُ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَاحْتِرَامًا لِأَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ (إلَّا خَوْفَ نَحْوِ نَجَاسَةٍ وَشَوْكٍ) وَحَرَارَةِ أَرْضٍ وَبُرُودَتِهَا، فَلَا يُكْرَهُ لِلْعُذْرِ.
(وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ الْفُسْطَاطَ وَالْخَيْمَةَ عَلَى الْقَبْرِ) ، لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَوْصَى حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ " أَنْ لَا تَضْرِبُوا عَلَيَّ فُسْطَاطًا " رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: " وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ
فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: انْزِعْهُ يَا غُلَامُ؛ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ "، وَلِأَنَّ الْخِيَامَ بُيُوتُ أَهْلِ الْبَرِّ، فَكُرِهَتْ كَمَا كُرِهَتْ بُيُوتُ أَهْلِ الْمُدُنِ.
(وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (فِي كِسْوَةِ الْقَبْرِ بِالثِّيَابِ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ إذَا فُعِلَ بِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ؟ ،) وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: تَغْشِيَةُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَيْسَ مَشْرُوعًا فِي الدِّينِ.
(وَيَتَّجِهُ: وَيَحْرُمُ) أَنْ يُكْسَى الْقَبْرُ (بِحَرِيرٍ) لِأَنَّهُ سَرَفٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ تَعُودُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيُكْرَهُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ)، أَيْ: الْقَبْرِ (سَوَاءٌ لَاصَقَ الْأَرْضَ أَوْ لَا، وَلَوْ فِي مِلْكِهِ مِنْ قُبَّةٍ وَغَيْرِهَا، لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ:" وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ " وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. (وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي) كِتَابِهِ (إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ) فِي مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ ": (يَجِبُ هَدْمُ الْقِبَابِ الَّتِي عَلَى الْقُبُورِ، لِأَنَّهَا أُسِّسَتْ عَلَى مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ. انْتَهَى) . (وَهُوَ) ، أَيْ: الْبِنَاءُ (بِ) مَقْبَرَةٍ (مُسَبَّلَةٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً) ، لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ بِلَا فَائِدَةٍ، وَاسْتِعْمَالٌ لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لَمْ تُوضَعْ لَهُ، (وَعَنْهُ) ، أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (مَنْعُ الْبِنَاءِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ) ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ: رَأَيْتُ الْأَئِمَّةَ بِمَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا يُبْنَى. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ
أَنَّ الْأَشْهَرَ لَا يُمْنَعُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِي هَذَا مَا سَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَقْبَرَةِ قَالَ: لَا يُدْفَنُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ: لَا تَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ كَغَيْرِهِ. (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ بَنَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ فَ (هُوَ غَاصِبٌ) ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فِيهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ: فِي مِلْكِهِ إسْرَافٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، وَكُلٌّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَ (قَالَ أَبُو حَفْصٍ: تَحْرُمُ الْحُجْرَةُ بَلْ تُهْدَمُ، وَهُوَ) ، أَيْ: الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِ الْبِنَاءِ فِي الْمُسَبَّلَةِ (الصَّوَابُ) ، لِمَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ لِلْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ.
(وَحَرُمَ إسْرَاجُ قُبُورٍ)، لِحَدِيثِ:«لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذَاتِ عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ، وَلِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا فَائِدَةٍ وَمُغَالَاةٌ فِي تَعْظِيمِ الْأَمْوَاتِ، يُشْبِهُ تَعْظِيمَ الْأَصْنَامِ.
(وَكَذَا) يَحْرُمُ (طَوَافٌ بِهَا)، أَيْ: الْقُبُورِ، (خِلَافًا لَهُ) ، لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ "(هُنَا) حَيْثُ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ صَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ.
(وَحَرُمَ تَخَلٍّ) عَلَى قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهَا، لِحَدِيثِ:«لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ، وَلَا أُبَالِي أَوَسْطَ الْقَبْرِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَوْ وَسْطَ السُّوقِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) حَرُمَ (جَعْلُ مَسْجِدٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا)، أَيْ: الْقُبُورِ، لِلْخَبَرِ، (وَتَتَعَيَّنُ إزَالَتُهُ) - أَيْ: الْمَسْجِدِ - قَالَ فِي " الْهَدْيِ ": لَوْ وَضَعَ الْمَسْجِدَ وَالْقَبْرَ مَعًا؛ لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ، وَلَا الصَّلَاةُ.
(وَ) حَرُمَ (حَفْرُ) قَبْرٍ فَأَكْثَرَ (بِمُسَبَّلَةٍ قَبْلَ حَاجَةٍ) إلَيْهِ.
(وَ) حَرُمَ (دَفْنُ حُلِيٍّ أَوْ ثِيَابٍ مَعَ مَيِّتٍ) ، لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا فَائِدَةٍ.
(وَ) حَرُمَ
(حَرْقُ مَالَهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (وَتَكْسِيرُ نَحْوِ آنِيَةٍ) لَهُ كَآلَةِ صِنَاعَةٍ، وَتَعْطِيلُ مَحَلٍّ كَانَ يَسْكُنُهُ بِتَسْكِيرِهِ، أَوْ هَدْمِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ.
(وَ) حَرُمَ (قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ أَطْرَافِهِ) كَيَدِهِ وَنَحْوِهَا (وَإِحْرَاقُهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِهِ)، أَيْ: بِفِعْلِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، (وَلَا ضَمَانَ فِيهِ) عَلَى فَاعِلِهِ، لِامْتِثَالِهِ أَمْرَ الْمُوصِي؛ لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْوَارِثِ، (وَلِوَلِيِّهِ)، أَيْ: وَلِيِّ الْمَيِّتِ (الدَّفْعُ عَنْهُ)، أَيْ: دَفْعُ مُرِيدِ فِعْلِ ذَلِكَ بِأَطْرَافِ الْمَيِّتِ أَوْ مَالِهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، (وَإِنْ آلَ) الدَّفْعُ (لِإِتْلَافِ طَالِبِ) شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَتْلَفَهُ؛ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ.
(وَحَرُمَ دَفْنُ غَيْرِهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (مَعَهُ أَوْ عَلَيْهِ) وَلَوْ كَانَ مَحْرَمًا لَهُ (حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ)، أَيْ: الْأَوَّلَ (صَارَ تُرَابًا) ، فَيَجُوزُ نَبْشُهُ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِقَاعِ وَالْبِلَادِ وَالْهَوَاءِ، وَهُوَ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ أَسْرَعُ مِنْهُ فِي الْبَارِدَةِ، وَإِنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ بَلِيَ وَصَارَ تُرَابًا رَجَعَ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ، ثُمَّ إنْ وُجِدَ فِيهِ عِظَامٌ لَمْ يَجُزْ دَفْنُ آخَرَ عَلَيْهِ نَصًّا، (إلَّا لِحَاجَةٍ) ، كَكَثْرَةِ مَوْتَى بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَجُوزُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِلْعُذْرِ، (وَسُنَّ حَجْزٌ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ) يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَكْفِي الْكَفَنُ. (وَ) سُنَّ (أَنْ يُقَدَّمَ لِلْقِبْلَةِ مَنْ يُقَدَّمُ لِإِمَامٍ) لَوْ جُمِعَتْ
جَنَائِزُهُمْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، لِحَدِيثِ «هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: شُكِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثْرَةُ الْجِرَاحَاتِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: احْفِرُوا وَوَسِّعُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ، وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ أَحْمَدُ: وَلَوْ جَعَلَ لَهُمْ شِبْهَ النَّهْرِ، وَجَعَلَ رَأْسَ أَحَدِهِمْ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا مِنْ تُرَابٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ.
(وَحَرُمَ عِمَارَةُ قَبْرٍ دَثَرَ) وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بِلَى صَاحِبِهِ، (لِمَنْعِ دَفْنِ) النَّاسِ (فِيهِ) خُصُوصًا مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، (وَلَعَلَّ الْمُرَادَ) مِنْ تَحْرِيمِ عِمَارَةِ قَبْرٍ دَثَرَ إذَا كَانَ (بِمُسَبَّلَةٍ) ، لِئَلَّا يُتَصَوَّرَ بِصُورَةِ الْجَدِيدِ قِيَاسًا عَلَى تَحْرِيمِ الْحَفْرِ فِيهَا قَبْلَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(وَإِذَا صَارَ الْمَيِّتُ تُرَابًا؛ جَازَ حَرْثُ قَبْرِهِ لِزَرْعٍ وَغَيْرِهِ) كَبِنَاءٍ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي. (وَالْمُرَادُ) بِقَوْلِ أَبِي الْمَعَالِي: إذَا كَانَ الْقَبْرُ (بِغَيْرِ مُسَبَّلَةٍ) أَمَّا فِيهَا؛ فَلَا.
(وَحَرُمَ دَفْنٌ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبْنَ لَهُ، (وَيُنْبَشُ) مَنْ دُفِنَ بِهِ، وَيُخْرَجُ نَصًّا. (وَيَتَّجِهُ) : أَنَّهُ يُنْبَشُ (وُجُوبًا) وَيُدْفَنُ فِي مُسَبَّلَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ إنْ أَذِنَ مَالِكُهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَجِبُ نَبْشُ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ) وَقَدْ (أَمْكَنَ) تَغْسِيلُهُ قَبْلَ دَفْنِهِ تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ، فَيُخْرَجُ وَيُغَسِّلُهُ، مَا لَمْ يُخْشَ تَفَسُّخُهُ.
(وَيَتَّجِهُ: أَوْ)، أَيْ: وَيَجِبُ نَبْشُ مَيِّتٍ إنْ كَانَ أَمْكَنَ تَيَمُّمُهُ وَدُفِنَ بِلَا (تَيَمُّمٍ) ، كَمَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(أَوْ) دُفِنَ بِلَا
(صَلَاةٍ) عَلَيْهِ فَيُخْرَجُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُرَدُّ إلَى مَضْجَعِهِ نَصًّا مَا لَمْ يُخْشَ تَفْسَخُهُ، لِأَنَّ مُشَاهَدَتَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَقْصُودَةٌ.
(أَوْ) دُفِنَ بِلَا (كَفَنٍ) ، فَيُخْرَجُ وَيُكَفَّنُ نَصًّا اسْتِدْرَاكًا لِلْوَاجِبِ، وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وُجُوبًا، لِعَدَمِ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عُرْيَانًا.
(أَوْ) دُفِنَ (لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) ، فَيُنْبَشُ وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ (مَعَ أَمْنِ تَفَسُّخِهِ، أَوْ) أَمْنِ (تَغَيُّرِهِ فِي الْجَمِيعِ)، أَيْ: جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَيَتَّجِهُ: وَإِلَّا) يُؤْمَنْ تَفَسُّخُهُ أَوْ تَغَيُّرُهُ؛ (صُلِّيَ عَلَيْهِ بِقَبْرٍ كَ) مَا يُصَلَّى (عَلَى غَرِيقٍ) ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ جَيِّدٌ.
(وَكَذَا) يُنْبَشُ وُجُوبًا (إنْ كُفِّنَ بِغَصْبٍ) وَيُرَدُّ الْكَفَنُ إلَى مَالِكِهِ إنْ تَعَذَّرَ غُرْمُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُنْبَشْ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ مَعَ إمْكَانِ دَفْعِ التَّضَرُّرِ بِدُونِهَا، (أَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَتَبْقَى مَالِيَّتُهُ) كَالذَّهَبِ وَنَحْوِهِ، (وَطَلَبَهُ رَبُّهُ) لَمْ يُنْبَشْ، وَغَرِمَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ صَوْنًا لِحُرْمَتِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ، كَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبِقَ؛ تَجِبُ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمَالِ وَرَبِّهِ، (وَ) إنْ (تَعَذَّرَ غُرْمُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ) لِعَدَمِهَا؛ فَيُنْبَشُ (وَيُشَقُّ جَوْفُهُ) وَيُدْفَعُ الْمَالُ لِرَبِّهِ تَخْلِيصًا لِلْمَيِّتِ مِنْ إثْمِهِ. (قَالَ الْمَجْدُ: يَضْمَنُهُ) ، أَيْ: الْكَفَنَ (مَنْ كَفَّنَهُ) بِهِ (عَالِمًا) أَنَّهُ مَغْصُوبٌ، لِمُبَاشَرَتِهِ الْإِتْلَافَ، (وَ) إنْ كَانَ كَفَّنَهُ بِهِ (جَهْلًا) بِكَوْنِهِ مَغْصُوبًا؛ (فَالْقَرَارُ)، أَيْ: قَرَارُ الضَّمَانِ (عَلَى الْغَاصِبِ) جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ " وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى " وَ " الْحَاوِيَيْنِ "(وَ) إنْ بَلَعَهُ (بِإِذْنِهِ)، أَيْ: إذْنِ مَالِكِهِ أَخَذَهُ (إذَا بَلِيَ) الْمَيِّتُ، لِأَنَّ مَالِكَهُ هُوَ الْمُسَلَّطُ لَهُ عَلَى مَالِهِ بِالْإِذْنِ لَهُ، (أَوْ بَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ) لَمْ يُنْبَشْ قَبْلَ أَنْ يَبْلَى، لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكٌ لِمَالِ نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) ، فَيُنْبَشُ وَيُشَقُّ
جَوْفُهُ، فَيُخْرَجُ وَيُوَفَّى دَيْنُهُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى تَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ.
(أَوْ وَقَعَ وَلَوْ بِفِعْلِ رَبِّهِ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ عُرْفًا، وَطَلَبَهُ) رَبُّهُ؛ نُبِشَ وَأُخِذَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ وَضَعَ خَاتَمَهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: خَاتَمِي، فَدَخَلَ وَأَخَذَهُ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَقْرَبُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا نَسِيَ الْحَفَّارُ مِسْحَاتَهُ فِي الْقَبْرِ؛ جَازَ أَنْ يَنْبُشَ.
(وَيَجُوزُ نَبْشُ) مَيِّتٍ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَتَحْسِينِ كَفَنٍ)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ:«أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَ) لِ (إبْدَالِ كَفَنٍ حَرِيرٍ) أَوْ مَنْسُوجٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِتَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهِ.
(وَ) يَجُوزُ نَبْشُهُ (لِإِفْرَادِ مَدْفُونٍ مَعَ غَيْرِهِ)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ:" دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَ) يُنْبَشُ (مَدْفُونٌ لِعُذْرٍ بِلَا غُسْلٍ وَحَنُوطٍ) ، فَيُغْسَلُ وَيُحَنَّطُ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ.
(وَيَتَّجِهُ: وَ) يُنْبَشُ مَيِّتٌ (مَدْفُونٌ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ) ، لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ (أَوْ لَحِقَتْهُ نَدَاوَةُ) الْأَرْضِ فَيُنْبَشُ، لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَهَذَا مُتَّجِهٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (أَوْ بَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ وَلَهُ وَارِثٌ)
فَفِيهِ مَا فِيهِ، بِدَلِيلِ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ لِلْوَارِثِ أَخْذَ الْمَالِ إذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ لَا قَبْلَهُ
، (وَ) يَجُوزُ نَبْشُهُ (لِنَقْلِهِ لِبُقْعَةٍ شَرِيفَةٍ وَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ)، لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ " لِمَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ: إنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَاتَا بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَا إلَى الْمَدِينَةِ، وَدُفِنَا بِهَا. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ هَهُنَا، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ هَا هُنَا، وَأَنْ يُدْفَنَ بِسَرِفٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
(وَيَتَّجِهُ: لَا) يَجُوزُ نَبْشُهُ (فِي زَمَنِ تَغَيُّرِهِ، بَلْ) يُنْبَشُ (قَبْلَهُ)، أَيْ: التَّغْيِيرِ (أَوْ بَعْدَهُ) ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (إلَّا شَهِيدًا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ، فَيَحْرُمُ نَبْشُهُ لِنَقْلِهِ) ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَصَارِعِهِمْ» . (وَدَفْنُهُ)، أَيْ: الشَّهِيدِ (بِهِ)، أَيْ: بِمَصْرَعِهِ (سُنَّةٌ) ، لِلْخَبَرِ (فَيُرَدُّ) الشَّهِيدُ (إلَيْهِ)، أَيْ: إلَى مَصْرَعِهِ (لَوْ نُقِلَ) مُوَافَقَةً لِلسُّنَّةِ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجِبُ نَقْلُهُ لِضَرُورَةٍ نَحْوِ كَوْنِهِ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ مَكَان يُخَافُ نَبْشُهُ وَتَحْرِيقُهُ، أَوْ الْمُثْلَةُ بِهِ، (وَلِمَالِكٍ نَبْشُ مَنْ دُفِنَ تَعَدِّيًا بِمِلْكِهِ، وَلَهُ إلْزَامُ دَافِنِهِ بِنَقْلِهِ) لِتَفْرِيغِ مِلْكِهِ،
(وَالْأَوْلَى) لَهُ (تَرْكُهُ) لِئَلَّا يَهْتِكَ حُرْمَتَهُ.
(وَ) الْمَيِّتُ (الْمُتَعَذَّرُ إخْرَاجُهُ مِنْ بِئْرٍ إلَّا مُتَقَطِّعًا وَنَحْوُهُ) كَمُمَثَّلٍ بِهِ (وَثَمَّ حَاجَةٌ إلَيْهَا) . أَيْ: الْبِئْرِ (أُخْرِجَ) مُتَقَطِّعًا، لِأَنَّهُ أَخَفُّ ضَرَرًا مِنْ طَمِّهَا، (وَإِلَّا) يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى الْبِئْرِ؛ (طُمَّتْ) عَلَيْهِ، فَتَصِيرُ قَبْرَهُ دَفْعًا لِلتَّمْثِيلِ بِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ بِلَا تَقَطُّعٍ بِمُعَالَجَةٍ بِأَكْسِيَةٍ وَنَحْوِهَا تُدَارُ فِيهَا تَجْتَذِبُ الْبُخَارَ أَوْ بِكَلَالِيبَ وَنَحْوِهَا بِلَا مُثْلَةٍ؛ وَجَبَ لِتَأْدِيَةِ فَرْضِ غُسْلِهِ، وَيُعْرَفُ زَوَالُ بُخَارِهَا بِبَقَاءِ السِّرَاجِ وَنَحْوِهِ بِهَا، فَإِنَّ النَّارَ لَا تَبْقَى عَادَةً إلَّا فِيمَا يَعِيشُ فِيهِ الْحَيَوَانُ.
(وَيَتَّجِهُ: وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِهَا) كَغَرِيقٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَحَرُمَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمَ (نَبْشُ) مَيِّتٍ (مُسْلِمٍ مَعَ بَقَاءِ رِمَّتِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ) ، كَظُهُورِ مَوْضِعِ الْقَبْرِ مُسْتَحَقًّا لِلْغَيْرِ. (وَيَتَّجِهُ)
(وَكَذَا) يَحْرُمُ نَبْشُ مَيِّتٍ (ذِمِّيٍّ) دُفِنَ (بِ) أَرْضٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ (غَيْرِ) أَرْضِ (الْحَرَمِ) ، فَلَا يُنْبَشُ مَعَ بَقَاءِ رِمَّتِهِ، (لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ) ، وَأَمَّا إذَا دُفِنَ بِالْحَرَمِ فَيُنْبَشُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيُبَاحُ نَبْشُ قَبْرِ حَرْبِيٍّ لِمَصْلَحَةٍ كَجَعْلِهِ)، أَيْ: قَبْرِ الْحَرْبِيِّ (مَسْجِدًا) ، لِأَنَّ مَوْضِعَ مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ قُبُورًا لِلْمُشْرِكِينَ فَأَمَرَ بِنَبْشِهَا وَجَعْلِهَا مَسْجِدًا، (وَلِمَالٍ فِيهِ)، أَيْ: قَبْرِ الْحَرْبِيِّ، لِحَدِيثِ