الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(خِلَافًا لَهُ) ، أَيْ لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " حَيْثُ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ وَطْئِهَا.
(وَإِنْ جَاوَزَ) زَمَنُ الدَّمِ وَزَمَنُ النَّقَاءِ (أَكْثَرَهُ) - أَيْ: أَكْثَرَ الْحَيْضِ - (كَمَنْ تَرَى يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا نَقَاءً إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَثَلًا، فَ) تَكُونُ (مُسْتَحَاضَةً)، لِقَوْلِ عَلِيٍّ:(فَتَجْلِسُ عَادَتَهَا إنْ عَلِمَتْهَا وَإِلَّا) لَمْ تَعْلَمْ عَادَتَهَا (عَمِلَتْ بِتَمْيِيزٍ صَالِحٍ إنْ كَانَ) ، وَإِلَّا يَكُنْ تَمْيِيزٌ صَالِحٌ فَهِيَ مُتَحَيِّرَةٌ، (وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً وَلَا تَمْيِيزَ؛ جَلَسَتْ أَقَلَّهُ) - أَيْ: أَقَلَّ الْحَيْضِ - (فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تَنْتَقِلُ لِغَالِبِ حَيْضٍ) . قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهَلْ تُلَفَّقُ لَهَا سَبْعَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، أَوْ تَجْلِسُ أَرْبَعَةً مِنْ سَبْعَةٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. انْتَهَى، وَجَزَمَ فِي " الْكَافِي " بِالثَّانِي.
[فَصْلٌ يَلْزَمُ مُسْتَحَاضَةً وَكُلَّ دَائِمِ حَدَثٍ صَلَاةٌ]
(فَصْلٌ)(يَلْزَمُ مُسْتَحَاضَةً وَكُلَّ دَائِمِ حَدَثٍ)، أَيْ: غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ. (وَيَتَّجِهُ وَيَثْبُتُ) عُذْرُ مَنْ ابْتَدَأَهُ الْحَدَثُ (بِدَوَامِهِ) - أَيْ: الْحَدَثِ وَاسْتِمْرَارِهِ - (لِآخِرِ وَقْتِ صَلَاةٍ) ، فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ وَسَطِهِ، بَلْ عَلَيْهِ تَأْخِيرُهُ لَقُرْبِ وَقْتِ خُرُوجِهِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ رَجَاءَ انْقِطَاعِ الْحَدَثِ، فَلَمْ يَنْقَطِعْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، (فَلَهُ طُهْرٌ وَصَلَاةٌ بِأَوَّلِ) وَقْتٍ (ثَانٍ) ، لِثُبُوتِ
حُكْمِ دَوَامِ الْحَدَثِ بِاسْتِمْرَارِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَلَوْ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِاسْتِقْرَارِ حُكْمِ دَوَامِ الْحَدَثِ لَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(بِسَلِسِ بَوْلٍ) - مُتَعَلِّقٌ بِدَائِمٍ - (أَوْ مَذْيٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ جُرْحٍ لَا يَرْقَأُ دَمُهُ) وَمِثْلُهُ رُعَافٌ دَائِمٌ: (غَسْلُ) - فَاعِلُ: يَلْزَمُ - (الْمَحَلِّ) الْمُلَوَّثِ بِالْحَدَثِ لِإِزَالَتِهِ عَنْهُ، (وَتَعْصِيبُهُ مَعَ إمْكَانٍ بِطَاهِرٍ يَمْنَعُ الْخَارِجَ حَسَبَ الْإِمْكَانِ بِحَشْوِ) الْمَحَلِّ (بِقُطْنٍ، وَ) شَدِّهِ (بِخِرْقَةٍ عَرِيضَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ لِمُسْتَحَاضَةٍ تَتَلَجَّمُ بِهَا) ، وَتُوثِقُ طَرَفَيْهَا بِشَيْءٍ آخَرَ قَدْ شَدَّتْهُ عَلَى وَسَطِهَا، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِحَمْنَةَ حِينَ شَكَتْ إلَيْهِ كَثْرَةَ الدَّمِ أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ» - يَعْنِي: الْقُطْنَ - تَحْشِينَ بِهِ الْمَكَانَ، «قَالَتْ: إنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: تَلَجَّمِي» فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شَدُّهُ، كَبَاسُورٍ وَنَاصُورٍ وَجُرْحٍ لَا يُمْكِنُ شَدُّهُ، صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، فَإِنْ غَلَبَ الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَطَرَ لَمْ تَبْطُلْ الطَّهَارَةُ، لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ. (وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ غُسْلٍ، وَلَا) إعَادَةُ (تَعْصِيبٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ حَيْثُ لَا تَفْرِيطَ) فِي الشَّدِّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ مَعَ غَلَبَتِهِ وَقُوَّتِهِ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ قَالَتْ عَائِشَةُ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا، وَهِيَ تُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَإِنْ فَرَّطَ فِي
الشَّدِّ، وَخَرَجَ الدَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ لَزِمَتْ إعَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ حَدَثٌ أُمْكِنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، (وَيَلْزَمُ) مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٍ (وُضُوءٌ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ) إنْ خَرَجَ شَيْءٌ، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْتَحَاضَةِ وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «وَلِقَوْلِهِ أَيْضًا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَلَا يَجُوزُ لِفَرْضٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ عُذْرٍ فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَلَا يَتَوَضَّأُ، (وَيَبْطُلُ) الْوُضُوءُ (بِخُرُوجِهِ) - أَيْ: الْوَقْتِ - كَمَا يَبْطُلُ وُضُوءُ مَنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِغَيْرِ فَرْضِ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِدُخُولِهِ، وَجَزَمَ النَّاظِمُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، فَقَالَ فِي " مُفْرَدَاتِهِ ":
وَبِدُخُولِ الْوَقْتِ طُهْرٌ يَبْطُلُ
…
لِمَنْ بِهَا اسْتِحَاضَةٌ قَدْ نَقَلُوا
لَا بِالْخُرُوجِ مِنْهُ لَوْ تَطَهَّرَتْ
…
لِلْفَجْرِ لَمْ يَبْطُلْ بِشَمْسٍ ظَهَرَتْ
وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ ": وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ، وَالصَّحِيحُ فِيهِ: أَنَّهُ يَبْطُلُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَبْطُلُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَبِخُرُوجِهِ أَيْضًا، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " الْكَافِي " وَ " الشَّرْحِ " فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَالتَّيَمُّمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ ". (وَيَتَّجِهُ) بُطْلَانُ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ خُرُوجِ شَيْءٍ، (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (فِي غَيْرِ صَلَاةِ جُمُعَةٍ)، قِيَاسًا عَلَى التَّيَمُّمِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَبْطُلُ فِيهَا، لِعَدَمِ إمْكَانِ إعَادَتِهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيُصَلِّي عَقِبَ طُهْرٍ نَدْبًا) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، (فَإِنْ أَخَّرَ) الصَّلَاةَ عَنْ طُهْرِهِ، (وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَضُرَّ) مَا دَامَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ كَالْمُتَيَمِّمِ، (وَيُصَلِّي) بِوُضُوئِهِ (مَا شَاءَ) مَا دَامَ الْوَقْتُ، (حَتَّى جَمَعَا بَيْنَ فَرْضَيْنِ) ، لِبَقَاءِ وُضُوئِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَكَالتَّيَمُّمِ وَأَوْلَى. (وَلَهَا) - أَيْ: الْمُسْتَحَاضَةِ - (الطَّوَافُ) فَرْضًا وَنَفْلًا (وَلَوْ لَمْ
تَطُلْ اسْتِحَاضَتُهَا) ، كَالصَّلَاةِ وَأَوْلَى.
(وَإِنْ اُعْتِيدَ انْقِطَاعُ حَدَثٍ) دَائِمٍ (زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْفِعْلِ) - أَيْ: الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ لَهَا - (فِيهِ) - أَيْ: الزَّمَنِ - (تَعَيَّنَ) فِعْلُ الْمَفْرُوضَةِ فِيهِ، ظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَزِمَ عَلَيْهِ خُرُوجُ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا عُذْرَ مَعَهُ وَلَا ضَرُورَةَ، فَتَعَيَّنَ كَمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، (وَإِنْ عَرَضَ هَذَا الِانْقِطَاعُ) - أَيْ: انْقِطَاعُ الْحَدَثِ - زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْفِعْلِ (لِمَنْ عَادَتُهُ الِاتِّصَالُ) لِلْحَدَثِ، وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ؛ (بَطَلَ وُضُوءُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ مَنْ حَدَثُهُ غَيْرُ دَائِمٍ، (فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ) لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ طَهَارَتِهِ بِالِانْقِطَاعِ، (وَ) إنْ وُجِدَ هَذَا الِانْقِطَاعُ (قَبْلَهَا) - أَيْ: قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ - فَإِنَّهُ (يَحْرُمُ شُرُوعٌ فِيهَا) حَتَّى يَتَوَضَّأَ، لِبُطْلَانِ الْوُضُوءِ بِالِانْقِطَاعِ، فَإِنْ خَالَفَ وَاسْتَمَرَّ فِي الصَّلَاةِ، وَاسْتَمَرَّ الِانْقِطَاعُ زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، (وَلَا أَثَرَ لِانْقِطَاعِ) حَدَثٍ دَائِمٍ زَمَنًا (لَا يَتَّسِعُ لِفِعْلِ) وُضُوءٍ وَصَلَاةٍ، لَكِنَّهُ يَمْنَعُ الشُّرُوعَ فِي الصَّلَاةِ وَالْمُضِيَّ فِيهَا، لِاحْتِمَالِ اسْتِمْرَارُهُ (أَوْ)، أَيْ: وَلَا أَثَرَ لِانْقِطَاعٍ (مُخْتَلِفٍ بِتَقَدُّمٍ وَتَأَخُّرٍ، وَقِلَّةٍ وَكَثْرَةٍ، وَوُجُودِ مَرَّةٍ وَانْعِدَامِ أُخْرَى، وَعَدَمِ عَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ) بِاتِّصَالٍ أَوْ انْقِطَاعٍ، فَهَذِهِ كَمَنْ عَادَتُهَا الِاتِّصَالُ فِي الدَّمِ فِي بُطْلَانِ الْوُضُوءِ بِالِانْقِطَاعِ الْمُتَّسَعِ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ دُونَ مَا يَتَّسِعُ لَهُمَا، وَحُكْمُهَا كَمَنْ عَادَتُهَا اتِّصَالُ الْمُتَّسَعِ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ دُونَ مَا يَتَّسِعُ لَهُمَا، وَحُكْمُهَا كَمَنْ عَادَتُهَا الِاتِّصَالُ فِي سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ قَبْلَ تَبَيُّنِ اتِّسَاعِهِ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، لِعَدَمِ انْضِبَاطِ هَذَا الِانْقِطَاعِ، فَيَقْضِي لُزُومُ اعْتِبَارِهِ إلَى الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، (وَمُجَرَّدُ الِانْقِطَاعِ يُوجِبُ الِانْصِرَافَ) مِنْ الصَّلَاةِ، لِبُطْلَانِ الطَّهَارَةِ بِهِ، (إلَّا أَنْ يَكُونَ اُعْتِيدَ) لَهَا (انْقِطَاعٌ يَسِيرٌ) فَلَا يَلْزَمُهَا الِانْصِرَافُ مِنْ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدٍ؛ لِأَنَّ