الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِكَافِ الْخِطَابِ، حَيْثُ كَانَ (فِي غَيْرِ اللَّهِ) كَ: إيَّاكَ نَعْبُدُ (وَرَسُولِهِ) صلى الله عليه وسلم كَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، فَلَا تَبْطُلُ بِهِ. (وَ) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ (بِدُعَاءٍ بِأَمْرِ دُنْيَا) وَمَلَاذِهَا (كَ) قَوْلِ مُصَلٍّ: اللَّهُمَّ (اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ وَحُلَّةً خَضْرَاءَ، أَوْ دَابَّةً هِمْلَاجَةً) ، أَوْ دَارًا وَسِيعَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ (مَا لَمْ يَشُقَّ) إمَامٌ بِالدُّعَاءِ (عَلَى مَأْمُومٍ) ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ يَخْشَى فَوَاتَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ بِتَطْوِيلِهِ، (أَوْ) مَا لَمْ (يَخَفْ سَهْوًا) بِإِطَالَةِ دُعَائِهِ، فَيَتْرُكُهُ، وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا. (وَكَذَا) أَيْ: الدُّعَاءُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، (دُعَاءٌ فِي رُكُوعٍ، وَسُجُودٍ) ، وَاعْتِدَالٍ، وَجُلُوسٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، لِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدُّعَاءَ» (وَقُنُوتٌ) لِلْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ.
[فَصْلٌ كَيْفِيَّة التَّسْلِيم مِنْ التَّشَهُّد]
(فَصْلٌ)(ثُمَّ يَلْتَفِتُ نَدْبًا) وَهُوَ جَالِسٌ بِلَا نِزَاعٍ، (عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ) .
وَيَلْتَفِتُ (أَكْثَرَ) مِنْ الْتِفَاتِهِ عَنْ يَمِينِهِ، لِحَدِيثِ عُمَارَةَ مَرْفُوعًا:«كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ، وَإِذَا سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَالْأَيْسَرِ» رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ بِإِسْنَادِهِ. (قَائِلًا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ. وَابْنِ مَسْعُودٍ، لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ:«إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ. وَعَنْ يَسَارِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدَّيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. (مُرَتَّبًا، مُعَرَّفًا بِأَلْ وُجُوبًا) ،
لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ صَحَّتْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُ كَذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ خِلَافُهُ، وَقَالَ:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . (فَإِنْ نَكَّرَهُ) بِأَنْ قَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، (أَوْ نَكَّسَهُ) بِأَنْ قَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ، (أَوْ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِإِسْقَاطِ مِيمٍ) بِأَنْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك، (لَمْ يُجْزِهِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: سَلَامِي عَلَيْكُمْ، أَوْ: سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، أَوْ: السَّلَامُ عَلَيْهِمْ، (وَكَذَا تَنْكِيسُهُ) أَيْ: السَّلَامُ (فِي تَشَهُّدٍ) كَقَوْلِهِ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَإِنْ تَعَمَّدَ قَوْلًا مِمَّا ذُكِرَ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. (وَلَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِ) صَلَاةِ (جِنَازَةٍ إنْ لَمْ يَقُلْ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُ، وَقَالَ:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وَهُوَ سَلَامٌ فِي صَلَاةٍ وَرُدَّ مَقْرُونًا بِالرَّحْمَةِ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ بِدُونِهَا، كَالسَّلَامِ فِي التَّشَهُّدِ، (وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَزِيدَ: وَبَرَكَاتُهُ) كَمَا فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ، لَكِنْ لَا يَضُرُّ:" لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَسُنَّ) أَيْضًا (حَذْفُ سَلَامٍ) لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «حَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ» وَرُوِيَ مَرْفُوعًا، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ. (وَهُوَ) أَيْ: حَذْفُ السَّلَامِ: (أَنْ لَا يُطَوِّلَهُ، وَلَا يَمُدَّهُ، لَا فِي الصَّلَاةِ؛ وَلَا عَلَى النَّاسِ) إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ. (وَ) سُنَّ أَيْضًا (جَزْمُهُ) أَيْ: السَّلَامِ، بِأَنْ يَقْطَعَ إعْرَابَ آخِرِ الْجَلَالَةِ بِحَذْفِ الْحَرَكَةِ مِنْ الْهَاءِ، وَمِنْ رَاءِ أَكْبَرَ فِي التَّكْبِيرِ، لِقَوْلِ النَّخَعِيّ: السَّلَامُ جَزْمٌ، وَالتَّكْبِيرُ جَزْمٌ (بِأَنْ يَقِفَ عَلَى آخِرِ كُلِّ تَسْلِيمَةٍ) وَالْمُرَادُ بِالْجَزْمِ هُنَا: مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ: قَطْعُ الْإِعْرَابِ. (وَ) سُنَّ (نِيَّتُهُ بِهِ)، أَيْ: السَّلَامِ (الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ) ، لِتَكُونَ النِّيَّةُ شَامِلَةً لِطَرَفَيْ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ قَدْ شَمَلَتْ جَمِيعَهَا،
وَالسَّلَامُ مِنْ جُمْلَتِهَا كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (فَإِنْ نَوَى مَعَهُ) أَيْ: مَعَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، السَّلَامَ (عَلَى حَفَظَةٍ وَإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ، جَازَ) .
نُصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.
(وَأُنْثَى كَرَجُلٍ فِيمَا مَرَّ) فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، لِشُمُولِ الْخِطَابِ لَهَا فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . (حَتَّى فِي رَفْعِ يَدَيْنِ) قَبْلَ رُكُوعٍ، وَبَعْدَهُ. (لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، فَلَا تَتَجَافَى)، لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى امْرَأَتَيْنِ تُصَلِّيَانِ، فَقَالَ: إذَا سَجَدْتُمَا فَضُمَّا بَعْضَ اللَّحْمِ إلَى بَعْضٍ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ.
وَلِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، فَكَانَ الْأَلْيَقُ بِهَا الِانْضِمَامَ. (وَتَجْلِسُ مُسْدِلَةً رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا، وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ تَرَبُّعِهَا؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ جُلُوسِ عَائِشَةَ، وَأَشْبَهُ بِجِلْسَةِ الرَّجُلِ، وَأَبْلُغُ فِي الْإِكْمَالِ وَالضَّمِّ، وَأَسْهَلُ عَلَيْهَا. (أَوْ) تَجْلِسُ (مُتَرَبِّعَةً) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَتَرَبَّعْنَ فِي الصَّلَاةِ (وَتُسِرُّ بِقِرَاءَةٍ وُجُوبًا إنْ سَمِعَهَا أَجْنَبِيٌّ) خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ بِهَا.
(وَإِلَّا) يَسْمَعْهَا أَجْنَبِيٌّ، (فَلَا بَأْسَ بِجَهْرِهَا) لِعَدَمِ الْمَحْذُورِ (وَخُنْثَى كَأُنْثَى) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً.
(ثُمَّ يُسَنُّ بَعْدَ تَسْلِيمٍ) مِنْ مَكْتُوبَةٍ (أَنْ يَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا، وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ) السَّلَامُ: مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: سَلَامَتُهُ مِمَّا يَلْحَقُ الْخَلْقَ مِنْ الْعَيْبِ وَالْفَنَاءِ، (وَمِنْك السَّلَامُ) أَيْ: وَمِنْكَ حُصُولُ السَّلَامِ لِلْخَلْقِ.
وَلَعَلَّ مُنَاسَبَةَ ذِكْرِ السَّلَامِ عَقِبَ الصَّلَاةِ
إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سَلَامَةَ الْمُصَلِّي مِنْ نَقْصِ صَلَاتِهِ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْهُ تَعَالَى (تَبَارَكْتَ) مِنْ: الْبَرَكَةِ، أَوْ: مِنْ الْبُرُوكِ، وَهُوَ: الدَّوَامُ وَالثُّبُوتُ. (يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)، الْجَلَالُ: الْعَظَمَةُ، وَالْإِكْرَامُ: الْإِعْزَازُ، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ تَعَالَى مُتَّصِفٌ بِالْعَظَمَةِ وَالْعِزَّةِ اتِّصَافًا ذَاتِيًّا لَا انْفِكَاكَ لَهُ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ.
رَوَى ثَوْبَانُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا سَلَّمَ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَلَوْ قَالَهُ بَعْدَ قِيَامِهِ، وَفِي ذَهَابِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُصِيبٌ لِلسُّنَّةِ أَيْضًا، إذْ لَا تَحْجِيرَ فِي ذَلِكَ.
وَلَوْ شُغِلَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَذَكَّرُهُ، فَذَكَرُهُ، فَالظَّاهِرُ: حُصُولُ أَجْرِهِ الْخَاصِّ لَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ قَرِيبًا لِلْعُذْرِ.
أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا، ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ، فَالظَّاهِرُ فَوَاتُ أَجْرِهِ الْخَالِصِ، وَبَقَاءِ أَجْرِ الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ لَهُ.
انْتَهَى.
وَمِمَّا وَرَدَ مِنْ الذِّكْرِ: مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالتَّهْلِيلُ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِمَا تَقَدَّمَ.
وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ - أَيْ: بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ -: «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْجَدُّ: بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى
الْمَشْهُورِ هُوَ الْغِنَى، وَالْحَظُّ، أَيْ: لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى وَالْحَظِّ مِنْ الدُّنْيَا بِذَلِكَ، أَيْ: بَدَلَ طَاعَتِكَ، أَوْ بَدَلَ حَظِّكَ، أَيْ: بَدَلَ حَظِّهِ مِنْكَ. قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ. وَبِكَسْرِ الْجِيم ضَعِيفٌ، وَعَلَيْهِ: لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ مِنْك اجْتِهَادُهُ، إنَّمَا يَنْفَعُهُ رَحْمَتُكَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْجَدُّ وَالسَّعْيُ التَّامُّ فِي الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: الْإِسْرَاعُ فِي الْهَرَبِ، أَيْ: ذَا الْإِسْرَاعِ فِي الْهَرَبِ مِنْكَ هَرَبُهُ، فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِكَ وَسُلْطَانِكَ. (وَ) يَقُولُ:(ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «تُسَبِّحُونَ، وَتُكَبِّرُونَ، وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» (فَإِنْ زَادَ فِي الْعَدِّ؛ فَلَا بَأْسَ) ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنْ الزِّيَادَةِ هُنَا كَالزَّكَاةِ، (وَيَفْرُغُ مِنْ عَدَدِ الْكُلِّ مَعًا) لِقَوْلِ أَبِي صَالِحٍ رَاوِي الْحَدِيثِ:«تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَتَّى تَبْلُغَ مِنْ جَمِيعِهِنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» (وَيَعْقِدُهُ)، أَيْ: الْعَدَدَ الْمُتَقَدِّمَ بِيَدِهِ، وَيَعْقِدُ (الِاسْتِغْفَارَ بِيَدِهِ)، أَيْ: يَضْبِطُ عَدَدَهُ بِأَصَابِعِهِ، لِحَدِيثِ بُسْرَةَ مَرْفُوعًا:«وَاعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ؛ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. (وَتَمَامُ الْمِائَةِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ:(وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِذَلِكَ)، أَيْ: بِالتَّسْبِيحِ، وَالتَّحْمِيدِ، وَالتَّكْبِيرِ عَقِبَ الصَّلَاةِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«كُنْتُ أَعْلَمُ إذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إذَا سَمِعْتُهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «كُنْت أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ:
(وَ) يَقُولُ (بَعْدَ كُلٍّ مِنْ)
صَلَاتَيْ (صُبْحٍ وَمَغْرِبٍ، وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ) بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ (عَشْرَ مَرَّاتٍ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، لِخَبَرِ أَحْمَدَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ مَرْفُوعًا. وَلِهَذَا مُنَاسَبَةٌ، وَيَكُونُ الشَّارِعُ شَرَعَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ لِتَحْتَرِسَ بِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فِيهِمَا، وَالْخَبَرُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
أَيْضًا، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَغْرِبَ، فَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْفَجْرِ فَقَطْ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَشَهْرٌ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ جِدًّا انْتَهَى.
وَيَقُولُ أَيْضًا: وَهُوَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ: (اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ: الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّ إلَيْهِ فَقَالَ: إذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ وَفِي رِوَايَةٍ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا، فَإِنَّكَ إذَا قُلْتَ ذَلِكَ، ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِكَ؛ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّكَ إذَا مِتَّ فِي يَوْمِكَ، كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا. قَالَ الْحَارِثُ: أَسَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَخُصُّ بِهَا إخْوَانَنَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ تَفَرَّدَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ؛ فَلِهَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَعْرَفُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظِهِ:" قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ ".
(وَ) يَقْرَأُ (بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) مَكْتُوبَةٍ (آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَالْإِخْلَاصِ)، لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ:«مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إلَّا الْمَوْتُ» . إسْنَادُهُ
جَيِّدٌ. وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ".
(وَ) يَقْرَأُ (الْمُعَوِّذَتَيْنِ) ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ:«أَمَرَنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقْرَأَ الْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» . لَهُ طُرُقٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَوْ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: غَرِيبٌ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَفِي هَذَا سِرٌّ عَظِيمٌ فِي دَفْعِ الشَّرِّ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى الصَّلَاةِ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
(وَيَدْعُوَ) مُصَلٍّ اسْتِحْبَابًا (بَعْدَ كُلِّ) صَلَاةٍ (مَكْتُوبَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7](سِيَّمَا) بَعْدَ (فَجْرٍ وَعَصْرٍ، لِحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا) ، فَيُؤَمِّنُونَ عَلَى الدُّعَاءِ، فَيَكُونُ أَقْرَبَ لِلْإِجَابَةِ، (سِيَّمَا الْإِمَامُ) لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ. (وَلَا يُكْرَهُ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِدُعَاءٍ نَصًّا) لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، وَلِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛ إذْ أَوَّلُهَا:«اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ، وَأَسْأَلُكَ» وَذَلِكَ يَخُصُّ نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ صلى الله عليه وسلم.
وَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ الَّذِي لَا يُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ نَفْسَهُ (إنْ لَمْ يُؤَمِّنْ مَأْمُومٌ) كَدُعَاءِ الْمُنْفَرِدِ، وَفِي التَّشَهُّدِ وَالسُّجُودِ، وَنَحْوِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمَّنَ مَأْمُومٌ عَلَى دُعَائِهِ (فَيَعُمُّ) بِالدُّعَاءِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ يُؤَمِّنُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ، وَلَمْ يَعُمَّ، فَقَدْ (خَانَهُ وَكَدُعَاءِ قُنُوتٍ) ، فَإِذَا لَمْ يَعُمَّ بِهِ؛ كَانَ خَائِنًا لِلْمَأْمُومِ، لِخَبَرِ ثَوْبَانَ، فَإِنَّ فِيهِ:«لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ؛ فَقَدْ خَانَهُمْ» . (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَفِّفَهُ) أَيْ: الدُّعَاءَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْإِفْرَاطِ فِي الدُّعَاءِ» ، وَالْإِفْرَاطُ: كَثْرَةُ الْأَسْئِلَةِ. (وَيَبْدَأُ) الدُّعَاءَ (بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ،
- صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. (وَيَخْتِمُ) دُعَاءَهُ (بِهِ) أَيْ: بِالْحَمْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] . (كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) .
قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَوَسَطَهُ، لِخَبَرِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ، يَمْلَأُ قَدَحَهُ ثُمَّ يَضَعُهُ، وَيَرْفَعُ مَتَاعَهُ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى شَرَابٍ شَرِبَهُ، أَوْ الْوُضُوءِ تَوَضَّأَ، وَإِلَّا أَهْرَاقَهُ، وَلَكِنْ اجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ، وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ» . (وَلَا يُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِيهِ)، أَيْ: فِي الدُّعَاءِ، خِلَافًا لِلْغُنْيَةِ " لِحَدِيثِ الْمِقْدَادِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي» . (وَكُرِهَ رَفْعُ صَوْتٍ بِهِ)، أَيْ: الدُّعَاءِ (فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا) لِحَدِيثِ: «إنَّكُمْ لَا تُنَادُونَ أَصَمَّ» ، (لِغَيْرِ حَاجٍّ) أَمَّا لَهُ فَيُسَنُّ، لِحَدِيثِ:«أَفْضَلُ الْحَجِّ: الْعَجُّ، وَالثَّجُّ» . (وَ) كُرِهَ الدُّعَاءُ (لِإِمَامٍ) حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ بَلْ يَسْتَقْبِلُ مَأْمُومًا) حَالَ دُعَائِهِ، لِأَنَّ انْحِرَافَهُ إلَى الْمُصَلِّينَ مَطْلُوبٌ إذَا سَلَّمَ (وَيَلِحُّ) الدَّاعِي فِي الدُّعَاءِ (رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى صَدْرِهِ مَبْسُوطَتَيْنِ، وَيَدْعُو بِدُعَاءٍ مَعْهُودٍ)، أَيْ: مَأْثُورٍ مِنْ الْكِتَابِ، أَوْ السُّنَّةِ، أَوْ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَيُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِلْحَاحِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ» .
(وَيَجْتَنِبُ السَّجْعَ) فِي الدُّعَاءِ، كَمَا يَدْعُو بَعْضُ جَهَلَةِ الْمُتَعَبِّدَةِ،
يَلْتَزِمُونَ السَّجْعَ غَالِبًا وَالْأَدْعِيَةَ غَيْرَ الْمَأْثُورَةِ كَ: اللَّهُمَّ اكْشِفْ غَبْنَ قَلْبِي، وَافْتَحْ عَيْنَ بَصِيرَتِي وَلُبِّي، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ، وَلَا مَأْثُورٍ.
وَأَمَّا الَّذِي وَرَدَ مُسَجَّعًا، كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ وَنَحْوِهِ، فَالدُّعَاءُ بِهِ مَطْلُوبٌ.
وَيَكُونُ الدُّعَاءُ جَامِعًا (بِتَأَدُّبٍ) فِي هَيْئَتِهِ وَأَلْفَاظِهِ، فَيَكُونُ جُلُوسُهُ إنْ كَانَ جَالِسًا كَجُلُوسِ أَقَلِّ الْعَبِيدِ بَيْنَ يَدَيْ أَعْظَمِ الْمَوَالِي (وَخُشُوعٌ) وَخُضُوعٌ (وَعَزْمٌ وَرَغْبَةٌ، وَحُضُورُ قَلْبٍ وَرَجَاءٍ) لِحَدِيثِ «لَا يُسْتَجَابُ مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ.
وَيَتَمَلَّقُ، وَيَتَوَسَّلُ إلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَيُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْ دُعَائِهِ صَدَقَةً.
(وَشُرِطَ) فِي الدُّعَاءِ (إخْلَاصٌ، وَاجْتِنَابُ حَرَامٍ) مِنْ مَطْعَمٍ، وَمَشْرَبٍ، وَمَلْبَسٍ، وَغَيْرِهِ.
وَيَتَحَرَّى أَوْقَاتَ الْإِجَابَةِ، وَهِيَ: الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنْ اللَّيْلِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ، وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَأَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، وَعِنْدَ صُعُودِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ، وَآخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. (وَيَنْتَظِرُ الْإِجَابَةَ)، لِحَدِيثِ:«اُدْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ» . (وَلَا يَعْجِزُ فَيَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي) ، لِمَا فِي الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَعْجَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَبْ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ» .
وَيَدْعُو الدُّعَاءَ وَيَنْتَظِرُ الْفَرَجَ، فَهُوَ عِبَادَةٌ أَيْضًا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَسْأَلَةِ إلَّا لِيُعْطَى. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ:«مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إلَّا آتَاهُ اللَّهُ إيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: إذَنْ نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ» .
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ، وَفِيهِ:«إمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا، أَوْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا» .
وَيَبْدَأُ فِي دُعَائِهِ بِنَفْسِهِ.