الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى ": وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ وُضُوءُ أَحَدِهِمَا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَحْدَثَ مِنْهُمَا هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَوَضَّأْ، (أَوْ صَافَّهُ)، أَيْ: صَافَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (مَعَ) مَأْمُومٍ (ثَالِثٍ) فَلَا يُعِيدُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صَلَاتَهُ، لِعَدَمِ تَيَقُّنِ مَا يُبْطِلُهَا (وَيَتَّجِهُ لَوْ أَمَّهُ) - أَيْ: أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ - (مَعَ) مُتَطَهِّرٍ (ثَالِثٍ فَأَكْثَرَ لَمْ يُعِدْ إمَامٌ) صَلَاتَهُ، لِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ حَدَثَ نَفْسِهِ، (وَأَعَادَ صَاحِبُهُ) صَلَاتَهُ لِتَحَقُّقِ الْمُفْسِدِ، وَهُوَ إمَّا حَدَثُهُ، أَوْ حَدَثُ إمَامِهِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَ خَلْفَهُ، وَوَقَفَ مَعَهُ غَيْرُهُ، لِزَوَالِ الْفَذِّيَّةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
[فَصْلٌ مَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الْأَكْبَر وَالْأَصْغَر]
(فَصْلٌ)(يَحْرُمُ بِحَدَثٍ) أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ (حَيْثُ لَا عُذْرَ) مَنَعَهُ مِنْ الطَّهَارَةِ (صَلَاةٌ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ. وَسَوَاءٌ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَلَا كُفْرَ بِالصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ، لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ كَسَائِرِ الْمَعَاصِي.
(وَ) يَحْرُمُ بِهِ أَيْضًا (طَوَافٌ وَلَوْ نَفْلًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (وَ) يَحْرُمُ بِهِ أَيْضًا (مَسُّ مُصْحَفٍ)(وَبَعْضِهِ وَلَوْ لِصَغِيرٍ)
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا وَفِيهِ: لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مُتَّصِلًا، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا. (حَتَّى جِلْدَهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ - (الْمُتَّصِلَ) بِهِ، (وَ) حَتَّى (حَوَاشِيَهُ) ، وَمَا فِيهِ مِنْ وَرِقٍ أَبْيَضَ، لِأَنَّهُ يَشْمَلُهُ اسْمُ الْمُصْحَفِ، وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ (بِيَدٍ وَغَيْرِهَا) كَصَدْرٍ، إذْ كُلُّ شَيْءٍ لَاقَى شَيْئًا فَقَدْ مَسَّهُ. (وَيَتَّجِهُ) : أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ (حَتَّى بِظُفْرٍ وَشَعْرٍ) وَسِنٍّ قَبْلَ انْفِصَالِهَا عَنْ مَحَالِّهَا تَعْظِيمًا لَهُ، وَاحْتِرَامًا وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا) يَحْرُمُ مَسُّهُ (بِحَائِلٍ كَكِيسٍ وَكُمٍّ) ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ لِلْحَائِلِ لَا لَهُ، (وَ) لَا يَحْرُمُ عَلَى مُحْدِثٍ (تَصَفُّحُهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ - (بِهِ) - أَيْ: الْحَائِلِ - (وَبِعُودٍ) ، لِمَا تَقَدَّمَ، (وَ) لَا يَحْرُمُ عَلَى مُحْدِثٍ (حَمْلُ) مُصْحَفٍ (بِعِلَاقَةٍ) ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْأَجْرَامِ وَفَتْحِهَا فِي الْمَعَانِي - لِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي الْمَسِّ، وَالْحَمْلُ لَيْسَ بِمَسٍّ، (وَلَا) يَحْرُمُ عَلَى مُحْدِثٍ (مَسُّ تَفْسِيرٍ مُطْلَقًا) ، سَوَاءٌ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، وَلَا كُتُبِ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَرَسَائِلَ فِيهَا آيَاتٌ مِنْ قُرْآنٍ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُصْحَفًا، (وَ) لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَسُّ (مَنْسُوخٍ تِلَاوَةً)، وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ كَ: " الشَّيْخِ
وَالشَّيْخَةِ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا " (وَ) لَا يَحْرُمُ مَسُّ (نَحْوِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ) وَزَبُورٍ وَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَشِيثٍ وُجِدَتْ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا، (وَ) لَا مَسُّ (مَأْثُورٍ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى) كَالْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ، (وَ) لَا مَسُّ (رُقَى وَتَعَاوِيذَ فِيهَا قُرْآنٌ) قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وِفَاقًا. وَلَا يَحْرُمُ مَسُّ ثَوْبٍ رُقِّمَ بِقُرْآنٍ أَوْ فِضَّةٍ نُقِشَتْ بِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَوَازُ قَالَ فِي النَّظْمِ عَنْ الدِّرْهَمِ الْمَنْقُوشِ: هَذَا الْمَنْصُورُ. (وَ) لَا بَأْسَ بِمَسِّ (لَوْحٍ فِيهِ قُرْآنٌ لِصَغِيرٍ) ، فَلَا يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْ مَسِّ الْمَحَلِّ الْخَالِي مِنْ الْكِتَابَةِ لِلْمَشَقَّةِ، (وَلَا) يَجُوزُ تَمْكِينُ الصَّغِيرِ مِنْ مَسِّ (الْمَحَلِّ الْمَكْتُوبِ) فِيهِ الْقُرْآنُ مِنْهُ - أَيْ: مِنْ اللَّوْحِ - بِلَا طَهَارَةٍ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِمَسِّ الْخَالِي، وَمَا حَرُمَ بِلَا وُضُوءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ حَرُمَ بِلَا غُسْلٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَا الْعَكْسِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ تَحْرُمُ بِلَا غُسْلٍ فَقَطْ. (وَيَحْرُمُ مَسُّ مُصْحَفٍ بِعُضْوٍ مُتَنَجِّسٍ) ، لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْحَدَثِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَكَذَا ذِكْرُ اللَّهِ بِنَجِسٍ، وَ (لَا) يَحْرُمُ مَسُّهُ (بِعُضْوٍ طَاهِرٍ) إذَا (تَنَجَّسَ غَيْرُهُ) مِنْ الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا يَتَعَدَّى وُجُوبُ غُسْلِهَا غَيْرَ مَحَلِّهَا، بِخِلَافِ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَلِمُحْدِثٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا نَسْخُهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ، لِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ عَنْ مَسِّهِ، وَهِيَ لَيْسَتْ مَسًّا (وَ) لَهُ (أَخْذُ أُجْرَتِهِ) - أَيْ: النَّسْخِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، (وَيَأْتِي) فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ (إنْ مَلَكَهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفَ - بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ.
(وَحَرُمَ سَفَرٌ بِهِ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ - (لِدَارِ حَرْبٍ)«لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ عُرْضَةٌ لِاسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَيْهِ وَاسْتِهَانَتِهِ، (وَ) حَرُمَ (كَتْبُهُ) - أَيْ:
الْقُرْآنِ - (مَعَ ذِكْرِ) اللَّهِ (بِ) شَيْءٍ (نَجِسٍ) ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ نَجِسٍ، (وَإِنْ قَصَدَ إهَانَتَهُ) - أَيْ: الْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ بِذَلِكَ أَيْ: بِكَتْبِهِ بِالنَّجَسِ - (فَالْوَاجِبُ) عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ (قَتْلُهُ، كَمَا) ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (" فِي الْفُنُونِ ") وَيَجِبُ غَسْلُ الْكِتَابَةِ وَتَحْرِيقُهَا لِلصِّيَانَةِ.
(وَ) حَرُمَ (تَوَسُّدُهُ) أَيْ: الْمُصْحَفِ (وَوَزْنٌ بِهِ، وَاتِّكَاءٌ عَلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِذَالٌ لَهُ.
(وَ) حَرُمَ (كَتْبُهُ) - أَيْ: الْقُرْآنِ (بِحَيْثُ يُهَانُ)، كَعَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ يُدَاسُ أَوْ يُجْلَسُ عَلَيْهِ. (وَيَتَّجِهُ: قَتْلُهُ) ، أَيْ: قَتْلُ كَاتِبِ الْقُرْآنِ عَلَى مَحَلٍّ مُبْتَذَلٍ (إنْ قَصَدَ امْتِهَانَهُ بِذَلِكَ) الْكَتْبِ، قِيَاسًا عَلَى كَتْبِهِ بِالنَّجَسِ أَوْ عَلَيْهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْفَافِهِ بِالْقُرْآنِ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَمِثْلُهُ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ كُتُبُ عِلْمٍ فِيهَا قُرْآنٌ) فَيَجِبُ احْتِرَامُهَا وَصَوْنُهَا عَنْ الِامْتِهَانِ، (وَإِلَّا) يَكُنْ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ قُرْآنٌ (كُرِهَ) تَوَسُّدُهَا، وَالْوَزْنُ بِهَا وَالِاتِّكَاءُ عَلَيْهَا، وَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا سَرِقَةً، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَسَّدَهَا لِلْحَاجَةِ. (وَرَمَى رَجُلٌ بِكِتَابٍ عِنْدَ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ فَغَضِبَ وَقَالَ: هَكَذَا يُفْعَلُ بِكَلَامِ الْأَبْرَارِ؟ ،) انْتَهَى. فَكَيْفَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مَا هُوَ فِيهِ.
(وَيُكْرَهُ كِتَابَةُ قُرْآنٍ فِي سُتُورٍ وَفِيمَا هُوَ مَظِنَّةُ بَذْلِهِ) ، وَ (لَا) تُكْرَهُ (كِتَابَةُ غَيْرِهِ مِنْ ذِكْرٍ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ فِيمَا لَمْ يُدَسْ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ يُدَاسُ، (كُرِهَ شَدِيدًا، وَيَحْرُمُ دَوْسُهُ) - أَيْ: الذِّكْرِ - فَالْقُرْآنُ أَوْلَى.
قَالَ فِي " الْفُصُولِ " وَغَيْرِهِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ ذِكْرٌ أَوْ غَيْرُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُلْهِي الْمُصَلِّيَ. (وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ شِرَاءَ ثَوْبٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ يُجْلَسُ عَلَيْهِ وَيُدَاسُ) عَلَى الْمَوَاضِعِ الْخَالِيَةِ مِنْ الذِّكْرِ، وَأَمَّا
وَطْؤُهُ مَا فِيهِ ذِكْرٌ فَيَحْرُمُ. (وَكُرِهَ) شَدِيدًا (وَيَتَّجِهُ بِلَا قَصْدِ إهَانَةٍ) أَمَّا مَعَ قَصْدِهَا فَيَحْرُمُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (مَدُّ) : نَائِبُ فَاعِلِ كُرِهَ (رِجْلٍ لِمُصْحَفٍ وَاسْتِدْبَارُهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ - وَكَذَا كُتُبُ عِلْمٍ فِيهَا قُرْآنٌ تَعْظِيمًا لَهَا (وَ) كُرِهَ (تَخَطِّيهِ وَرَمْيُهُ) بِالْأَرْضِ (بِلَا) وَضْعٍ وَلَا (حَاجَةٍ) تَدْعُو إلَيْهِ (بَلْ هُوَ بِمَسْأَلَةِ التَّوَسُّدِ أَشْبَهُ) ، وَإِلَيْهَا أَقْرَبُ.
(وَ) تُكْرَهُ (تَحْلِيَتُهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ (بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) نَصًّا، لِتَضْيِيقِ النَّقْدَيْنِ، (وَتَحْرُمُ فِي كُتُبِ عِلْمٍ) أَنْ تُحَلَّى، (وَ) قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيُّ: يَحْرُمُ (كَتْبُهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ - (بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) ، لِأَنَّهُ مِنْ زَخْرَفَةِ الْمَصَاحِفِ، (وَيُؤْمَرُ بِحَكِّهِ، وَيُزَكَّى) مَا اجْتَمَعَ مِنْهُ (إنْ بَلَغَ نِصَابًا) ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَلَهُ حَكُّهُ وَأَخْذُهُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ:(وَجَعْلُهُ عِنْدَ الْقَبْرِ وَلَوْ لِلْقِرَاءَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) فَلَا يُرْتَكَبُ.
، (وَيُبَاحُ تَطْيِيبُهُ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ - أَوْ بَعْضِهِ، وَاسْتَحَبَّهُ الْآمِدِيُّ " لِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَيَّبَ الْكَعْبَةَ» وَهِيَ دُونَهُ، وَ «أَمَرَ بِتَطْيِيبِ الْمَسَاجِدِ» ، فَالْمُصْحَفُ أَوْلَى. (وَ) يُبَاحُ (تَقْبِيلُهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التِّبْيَانِ ": رَوَيْنَا فِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ " بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ " أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ كَانَ يَضَعُ الْمُصْحَفَ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: كِتَابُ رَبِّي كِتَابُ رَبِّي " وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْوَقْفَ فِيهِ. (وَ) فِي (جَعْلِهِ عَلَى عَيْنَيْهِ) لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِفْعَةٌ وَإِكْرَامٌ، لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْقُرْبُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَدْخَلٌ لَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ عَنْ الْحَجَرِ: " لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْبِلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ " وَ " لَمَّا قَبَّلَ مُعَاوِيَةَ "
الْأَرْكَانَ كُلَّهَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّمَا هِيَ السُّنَّةُ " وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ (أَوْ) أَيْ: وَيُبَاحُ جَعْلُهُ عَلَى (كُرْسِيٍّ) تَعْظِيمًا لَهُ، (وَ) يُبَاحُ (الْقِيَامُ لَهُ) .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذَا اعْتَادَ النَّاسُ قِيَامَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَقِيَامُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أَحَقُّ، وَفِي " الْفُرُوعِ "" وَالْمُبْدِعِ " يُؤْخَذُ مِنْ فِعْلِ أَحْمَدَ الْجَوَازُ وَذَلِكَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَاسْتَوَى جَالِسًا، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُونَ فَنَتَّكِئَ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فَأَخَذْتُ مِنْ هَذَا حُسْنُ الْأَدَبِ فِيمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عِنْدَ ذِكْرِ إمَامِ الْعَصْرِ مِنْ النُّهُوضِ لِسَمَاعِ تَوْقِيعَاتِهِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا أَوْلَى، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ تَرْكَ الْقِيَامِ كَانَ فِي الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمَّا صَارَ تَرْكُ الْقِيَامِ كَالْهَوَانِ بِالشَّخْصِ، اُسْتُحِبَّ لِمَنْ يَصْلُحُ لَهُ الْقِيَامُ.
(وَ) يُبَاحُ (نَقْطُهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ (وَشَكْلُهُ)، بَلْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُسْتَحَبُّ نَقْطُهُ وَشَكْلُهُ صِيَانَةً مِنْ اللَّحْنِ فِيهِ وَالتَّصْحِيفِ، وَأَمَّا كَرَاهَةُ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ النَّقْطَ، فَلِلْخَوْفِ مِنْ التَّغْيِيرِ فِيهِ، وَقَدْ أُمِنَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ مُحْدَثًا، فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحْدَثَاتِ الْحَسَنَةِ، كَنَظَائِرِهِ، مِثْلُ تَصْنِيفِ الْعِلْمِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي التِّبْيَانِ ". (وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُمَا) - أَيْ: النَّقْطُ وَالشَّكْلُ - (مَعَ تَحَقُّقِ لَحْنٍ) ، كَفِي زَمَانِنَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) تُبَاحُ (كِتَابَةُ أَعْشَارٍ) فِي الْمُصْحَفِ (وَأَسْمَاءِ سُوَرٍ وَعَدَدِ آيَاتٍ وَأَحْزَابٍ) ، لِعَدَمِ النَّهْيِ عَنْهُ (وَتَحْرُمُ
مُخَالَفَةُ خَطِّ عُثْمَانَ) بْنِ عَفَّانَ (رضي الله عنه فِي) رَسْمِ (وَاوٍ وَيَاءٍ وَأَلِفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ) . كَرَبْطِ تَاءٍ وَمَدِّهَا (نَصًّا) ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ بَعْدِي» . . . الْحَدِيثَ، وَلِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ - مَا خَالَفَ الْقِيَاسَ - تَوْقِيفٌ.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: سُورَةُ كَذَا) ، كَسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ النِّسَاءِ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ الْكَهْفِ " وَغَيْرُهُمَا مِمَّا لَا يُحْصَى، وَكَذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ.
قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي التِّبْيَانِ ". وَفِي السُّورَةِ لُغَتَانِ: الْهَمْزُ وَتَرْكُهُ، وَالتَّرْكُ أَفْصَحُ، (وَ) أَنْ يَقُولَ:(السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا) ، لِوُرُودِهِ فِي الْأَخْبَارِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَرَأَ السُّورَةَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(وَاسْتِفْتَاحُ الْفَأْلِ فِيهِ) - أَيْ: الْمُصْحَفِ (فَعَلَهُ) أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ (ابْنُ بَطَّةَ) - بِفَتْحِ الْبَاءِ - (وَلَمْ يَرَهُ) الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَا (غَيْرُهُ) مِنْ أَئِمَّتِنَا. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَحَكَاهُ الْقَرَافِيُّ عَنْ الطَّرَسُوسِيِّ الْمَالِكِيِّ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْكَرَاهَةُ.
. (وَلَوْ بَلِيَ مُصْحَفٌ أَوْ انْدَرَسَ دُفِنَ) ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ بَلِيَ لَهُ مُصْحَفٌ، فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدٍ فَدَفَنَهُ، (وَمَا تَنَجَّسَ أَوْ كُتِبَ) مِنْ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ كِتَابٍ فِيهِ ذَلِكَ (بِنَجَسٍ يَلْزَمُ غَسْلُهُ أَوْ حَرْقُهُ،)(فَإِنَّ الصَّحَابَةَ) رضي الله عنهم (حَرَّقُوهُ لَمَّا جَمَعُوهُ) .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ (لِتَعْظِيمِهِ وَصِيَانَتِهِ) . انْتَهَى. (وَكَانَ طَاوُسٌ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تُحَرَّقَ الْكُتُبُ صِيَانَةً) لَهَا عَنْ الِامْتِهَانِ، (وَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ وَالنَّارَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَّجِهُ: الْمُرَادُ) بِغَسْلِ الْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ بِالْمَاءِ وَحَرْقِهِمَا بِالنَّارِ (إذَا كَانَا) - أَيْ: الْمَاءُ وَالنَّارُ - (طَاهِرَيْنِ) أَمَّا إذَا كَانَا نَجِسَيْنِ فَلَا يَجُوزُ غَسْلٌ وَلَا تَحْرِيقٌ بِهِمَا صَوْنًا لَهُمَا عَنْ النَّجَاسَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَعْدِلُ إلَى دَفْنِهِمَا فِي مَوْضِعٍ لَا تَطَؤُهُ