الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا بد أن كل واحد من المتملكين بهذا التعبير أو ذاك، كان يلحظ ملحظًا معينا فأخبر بهذه الصورة أو تلك، والله أعلم.
عدا:
وأما عدا ففعل متعد بمعنى جاوز تقول: عدا الأمر يعدوه وتعداه كلاهما تجاوزه، وعدا طوره، وقدره، جاوزه .. ويقال ما يعدو فلان أمرك أي ما يجاوزه، والتعدي مجاوزة الشيء إلى غير .. يقال تعديت الحق واعتديته وعدوته، أي جاوزته .. وعدي عن الأمر جاوزه إلى غير وتركه وعد عنا حاجتك، أي اطلبها عند غيرنا، فإنا لا نقدر لك عليها (1).
فإن قلت (جاء الرجال عدا سعيدا) كان المعنى أنهم تجاوزوا سعيدا، فلم يأت معهم أو تجاوز مجيئهم سعيدًا. ومثله أن تقول: أنت تعديت سعيدا فجئت إلي، أي تجاوزته فلم تأته. وكذلك قولك (رأيت عدا خالدا)، معناه تجاوزت رؤيتي سعيدًا، أي لم تقع رؤيتي عليه، ثم ضمن معنى الاستثناء.
ولم يحك سيبويه الجر بها، وقد حكاه أبو الحسن الأخفش (2)، وعلى حكاية الأخفش يكون الجر بعدها لغة.
وقد تسبقها (ما) المصدرية، فتقول:(رأيت الناس ما عدا محمدا) أي مجاوزة رؤيتي محمدًا، أي وقت المجاوزة، أو متجاوزا محمدا، فيكون تأويل ذلك كما مر في (خلا).
حاشا
حاشا كلمة تفيد التنزيه في كل معانيها، وأصلها من الحشا والحاشية وهو الناحية والطرف، قال الفارسي:" وهو فاعل من الحشا الذي هو الناحية، أي صار في ناحية، أي بُعد مما رُمي به، وتنحى عنه، فلم يغشه، ولم يلابسه (3) ".
(1) لسان العرب 19/ 259 - 265، تاج العروس 10/ 237، وانظر المقتضب 4/ 426
(2)
انظر الرضي 1/ 249 - 250، ابن يعيش 2/ 77
(3)
البرهان 4/ 271، وانظر ابن يعيش 2/ 85، وانظر لسان العرب 18/ 197 - 198
وقولهم حاشا لله، معناه تنزيها لله من كل سوء، وهي في الاستثناء كذلك، جاء في (شرح الرضي على الكافية): " وإذا استعمل حاشا في الاستثناء، وفي غيره معناه تنزيه الذي بعده من سوء ذكر في غيره، أو فيه، فلا يستثنى به إلا في هذا النوع، وربما أرادوا تنزيه شخص من سوء، فيبتدئون بتنزيه الله سبحانه وتعالى من السوء، ثم يبرئون ذلك الشخص مما يصحبه، فيكون آكد، وأبلغ قال تعالى:{فلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء} (1)[يوسف: 15].
وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى (حاشا لله): " حاشا كلمة تفيد معنى التنزيه في باب الاستثناء، تقول: أساء القوم حاشا زيد .. وهي حرف من حروف الجر، فوضعت موضع التنزيه والبراءة، فمعنى حاشا الله، براءة الله، وتنزيه الله"(2).
وجاء في (ملا جامي) أن معناها " تبرئة المسثنى عما نسب إلى المستثني منه، نحو ضرب القوم عمرا حاشا زيد، أي برأه الله عن ضرب عمرو". (3)
وذا ينبغي استعمالها في مواطن التنزيه، فلا يحسن أن نقول (قام القوم حاشا زيد) لأن القيام ليس من المواطن التي يتنزه منها إلا إذا كان قياما إلى سوء.
جاء في (الكليات) أن (حاشا)" كلمة استعملت للاستثناء فيما ينزه عن المستثنى منه، كقولك (ضربت القوم حاشا زيدا)، ولذلك لم يحسن (صلى الناس حاشا زيدا) لفوات معنى التنزيه"(4).
(1) الرضي على الكافية 1/ 266
(2)
الكشاف 2/ 134
(3)
ملا جامي 175
(4)
الكليات 167، وانظر حاشية الخضري 1/ 211