الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا:
وهي في الغالب تكون " ظرفا للمستقبل مضمنة معنى الشرط، وتختص بالدخول على الجملة الفعلية .. قيل وقد تخرج عن كل من الظرفية والاستقبال ومنعى الشرط"(1).
فمن خروجها عن الظرفية ووقوعها مفوعلا به قوله (ص) لعائشة: " أني لأعلم إذا كنت راضية عني وإذا كنت علي غضبى" وذلك أنه يعلم زمن الرضا، والغضب لا أنه يعام شيئا حل في زمن الرضا والغضب والجمهور، على أنها لا تخرج عن الظرفية.
وقد تخرج عن الاستقبال فتستعمل للمضي كقوله تعالى: {يأيها الذين أمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالو لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} [آل عمران: 156].
" لأن قالوا ماض فيستحيل أن يكون زمانه مستقبلا، ومثله قوله تعالى:{حتى إذا أتوا علي واد النمل} [النمل: 18]، {حتى إذا جاءوك يجادلونك} [الأنعام: 25]، {حتى إذا بلغ بين السدين} [الكهف: 93]، {حتى إذا ساوي بين الصدفين} [الكهف: 96]، {حتى إذا جعله نارا} [الكهف: 96]، {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انقضوا إليها} [الجمعة: 11]، لأن الانفضاض واقع في الماضي.
وتجيء للحال كقوله تعالى: {والنجم إذا هوى} [النجم: 1]، {واليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى} [الليل: 1 - 2]، وتستعمل أيضا للاستمرار كقوله:{وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا أمنا} [البقرة: 14]، وقوله {لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض} فهذا فيما مضى لكن دخلت (إذا) لتدل على أن هذا شأنهم أبدا ومستمر فيما سيأتي كما في قوله:
وندمان يزيد الكأس طيبيا
…
سقيت إذا تغورت النجوم (2)
(1) مغني اللبيب 1/ 92 - 93
(2)
البرهان 4/ 190
ومن ذلك قوله تعالى: {وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 155 - 156].
وهذه حالة مستمرة.
وقوله: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل} [البقرة: 205]، وقوله:{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم} [البقرة: 206].
وقوله: {وإذا لقوكم قالوا أمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ} [آل عمران: 119].
وقوله: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما} [يونس: 12]، وهذه حال الإنسان على وجه الاستمرار.
ونحوه: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا} [الإسراء: 83]، وقوله:{وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها} [النور: 36].
وقد ذكر الفراء أنها تجيء للدوام والدأب فقال: " وأما قول الكميت:
ماذاق بوس معيشة ونعيمها
…
فيما مضى أحد إذا لم يعشق
إنما أراد: لم يذقها فيما مضى ولن يذقها فيما يستقبل إذا كان لم يعشق. وتقول (ما هلك امرؤ عرف قدره) فلو ادخلت في هذا (إذا) كانت أجود من إذ لأنك لم تخبر بذلك عن واحد فيمون باذا وإنما جعلته كالدأب فجرى الماضي والمستقبل. ومن ذلك أن يقول الرجل للرجل: (كنت صابرا إذا ضربتك) لأن المعنى: كنت كلما ضربت تصبر، فإذا قلت: كنت صابرا إذا ضربت فإنما أخبرته عن صبره في ضرب واحد" (1).
(1) معاني القرآن 1/ 244، وانظر بحث الشرط بأن وإذا في القرآن الكريم للدكتور على فوده، بمجلة كلية الآداب بجامعة الرياض - المجلد الرابع - السنة السابعة (1395 - 1396 هـ/ 1975 - 1976 م) ص 66، وانظر الرضي على الكافية 1/ 113