الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال البصريون: لو جاءهم نحوكم غلمانا لك؟ فالمنصوب حالا لا تمييز، والتمييز محذوف أي كم نفسا لك في حال كونهم غلمانا" (1).
وجاء في (الهمع) أن " كم الاستفهامية لا تفسر بالجمع، إنما هو بشرط أن يكون السؤال عن عدد الأشخاص، وأما إن كان السؤال عن الجماعات، فيسوغ تمييزها بالجمع، لأنه إذ ذاك بمنزلة المفرد، وذلك نحو (كم رجالا عندك)، تريدكم جمعا من الرجال إذا اردت أن تسأل عن عدد اصناف القوم الذين عنده، لا عن مبلغ اشخاصهم، ويسوغ باسم الجنس نحو (كم بطا عندك) تريدكم صنفا من البط عندك"(2).
كم الخبرية:
وكم الخبرية تكون بمعنى (كثير)، ويستعملها من يرد الافتخا والتكثير (3).
وسميت خبرية لأنها لا تحتمل الصدق والكذب بخلاف الاستفهامية (4)، وذلك أنك إذا قلت (كم رجل أكرمت) كنت قد أخبرته بأنك أكرمت رجالا كثيرين، وهذا يحتمل الصدق والكذب، وإن قلت (كم رجلا أكرمت) كان السؤال عن عدد الرجال الذين أكرمتهم، وهذا لا يحتمل الصدق والكذب.
قال ابن يعيش: (فإن أردت الخبر خفضت (رجلا) وقلت (بكم رجلٍ مررت) والفرق بينهما انه في الاستفهام يسأل عن عدد من مر بهم من الرجال، وفي الثاني يخبر أنه مر بكثير من الرجال فالمسألة الأولى تقتضي جوابا والثانية لا تقتضي جوابا (5).
(1) الرضي على الكافية 2/ 108
(2)
الهمع 1/ 254
(3)
شرح قطر الندي 336، شرح شذور الذهب 546، التصريح 2/ 279
(4)
انظر الصبان 4/ 79، الأشموني 4/ 84، حاشية الخضري 2/ 140، التصريح 2/ 280
(5)
ابن يعيش 4/ 128
وتمييز (كم) الخبرية يكون مفردا مجرورا أو جمعًا مجرورا تقول (كم رجلٍ أكرمت! ) و (كم رجالٍ أكرمت! ).
قالوا والأفراد أكثر في الاستعمال، وأبلغ في المعنى من الجمع (1)، فقولك (كم رجل أكرمت) أبلغ في المعنى، وأكثر في العدد من (كم رجالٍ أكرمت)، وذلك لأن المفرد المجرور يقع تمييزا للمائة، والألف، فتقول (مائة رجل) و (ألف رجلٍ) أما الجمع المجرور فيقع تمييزا للعدد من الثلاثة إلى العشرة، أي للقلة نحو ثلاثة رجال، وعشرة رجال.
قالوا وقد يراد بالجمع معنى الجماعة كما مر في (كم) الاستفهامية، والعدد، جاء في (الهمع):(وقيل يكون الجمع على معنى الواحد فإذا قلت (كم رجال) كأنك قلت: كم جماعة من الرجال) (2).
فإن فصل بين (كم الخبرية ومميزها بفعل متعد، وجب الاتيان بمن لئلا يلتبس المميز بمفعول ذلك الفعل المتعدي، نحو قوله تعالى: {كم تركوا من جنات وعيون} [الدخان: 25]، و {كم أهلكنا من قرية} (3)، [القصص: 58].
وجاء في (الأصول): (فإن قلت: كم ضريت رجلا؟ لم يدر السامع أردت: كم مرة ضربت رجلا واحدًا أم كم ضربت من رجل؟ فدخول (من) قد أزال الشك) (4).
فإن رفعت بعد (كم) تغير المعنى، فإذا قلت (كم رجلا لك قال الحق) بالنصب كان استفهاما من عدد الرجال الذين قالوا الحق.
وإن جررت كان المعنى أن كثيرا من الرجال قالوا الحق.
(1) التصريح 2/ 280
(2)
الهمع 1/ 254 - 255
(3)
الرضي على الكافية 2/ 108
(4)
الأصول 1/ 273
وإن رفعت كان المعنى (كم قالوا الحق رجلٌ لك) أي كم مرة قال الحق رجلك؟ فالرجل هنا واحد بخلاف النصب والجر، جاء في (المقتضب): " واعلم أن هذا البيت ينشد على ثلاثة أوجه، وهو:
كم عمة لك يا جرير وخالة
…
فدعاء قد حلبت علي عشاري
فإذا قلت: كم عمةٍ، فعلى معنى رب
وإذا قلت: كم عمةً، فعلى الاستفهام
وإذا قلت: كم عمةٌ أوقعت (كم) على الزمان، فقلت: كم يوما عمةٌ، وخالةٌ لك قد حلبت على عشاري، وكم مرة (1)، نحو ذلك.
فإذا قلت: كم عمةٍ فلم تقصد إلى واحدة، وكذلك إذا نصبت، وإن رفعت لم تكن إلا واحدة لأن التمييز يقع واحدة في موضع الجميع، وكذلك ما كان في معنى (رب)، لأنك إذ قلت: رب رجل رأيته لم تعن واحدا، وإذا قلت: كم رجلا عندك فإنما تسأل أعشرون، أم ثلاثون ونحو ذلك.
فإن قلت: كم درهمٌ عندك؟ فإنما تعني: كم دانقا هذا الدرهم الذي أسألك عنه؟ فالدرهم واحد مقصود قصده بعينه، لأنه خبر وليس بتمييز، وكذلك: كم جاءني صاحبك؟ إنما تريد: كم مرة جاءني صاحبك" (2).
وجاء في (شرح ابن يعيش) في هذا البيت: " فالرفع على أنه مبتدأ، وحسن الابتداء به حيث وصف بالجار والمجرور، وهو (لك)، وقوله:(قد حلبت على عشاري) في موضع الخبر، وتكون (كم) واقعة على الحلبات، فتكون مصدرا، والتقدير كم مرة أو حلبة عمة لك قد حلبت على عشاري، ويجوز أن تكون (كم) واقعة على الظرف، فيكون التقدير كم يوما أو شهرا أو نحوهما من الأزمنة (3).
(1) انظر سيبويه 1/ 259
(2)
المقتضب 3/ 58 - 59، وانظر الأصول 1/ 388
(3)
ابن يعيش 4/ 133 - 134، وانظر المقتضب 3/ 64