الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفعول له
المفعول له أو المفعول لأجله مصطلح بصري، وهو عندهم ما أفاد تعليلا من المصادر بشروط، معينه نحو قوله {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت} [البقرة: 19]، جاء في (الكتاب): " هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه عذر) لوقوع الأمر فانتصب لأنه مرفوع لهن ولأنه تفسير لما قبله لم كان، وليس بصفة لما قبله ولا منه .. وذلك قولك: فعلت ذاك حذار الشر، وفعلت ذاك مخافة فلان، وادخار فلان، وقال الشاعر وهو حاتم بن عبد الله الطائي:
واعفر عوراء الكريم ادخاره
…
وأصفح عن شتم اللئيم تكرما
وفعلت ذلك أجل كذا وكذا، فهذا كله ينتصب لأنه مفعول له، كأنه قيل: لم فعلت كذا وكذا؟ فقال لكذا وكذا ولكنه لما طرح اللام عمل فيه ما قبله (1). وعند الكوفيين والزجاج هو مفعول مطلق الفعل، ، محذوف عند الزجاج، وللفعل المذكور عند الكوفيين (2). فنحو (جئتك إكراما لك) تقديره عند الزجاج: جئتك اكرام اكراما لك، وعند الكوفيين أن معنى جئتك هنا أكرمتك.
ويقول الجرمي: "أن ما يسمى مفعولا له منتصب نصب المصادر، التي تكون حالا فيلزم تنكيره ويقدر، نحو قوله تعالى (حذر الموت) متحاذرين"(3).
والذي يبدو أن رأي البصريين ارجح، وأقرب إلى طبيعة اللغة، وإن كان المعنى في قسم من التعبيرات يحتمل رأي الكوفيين وغيرهم، وذلك من وجوه عدة منها:
(1) سيبويه 1/ 184 - 186
(2)
انظر الرضي على الكافية 1/ 207 - 208، الهمع 194 - 195، التصريح 1/ 337، حاشية الصبان 2/ 122، حاشية الخضري 1/ 194
(3)
الرضي 1/ 208
1 -
أنه يصح بلا خلاف أن أقول (فعلت ذلك ابتغاء مرضاة الله) جوابا عن سؤال لما فعلت ذاك؟ فهنا أفدت التعليل والسبب قال تعالى: {وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم} [الأعراف: 164]، فهنا بين علة الوعظ وسببه. في حين أن المفعول المطلق والحال ليسا لبيان العلة فالمفعول المطلق يكون لبيان التوكيد ولبيان النوع والعدد عند النحاة وهذا ليس واحدا منها، والحال مبنية للهيئة ومؤكدة وهذا عذر وسبب. فالمفعول له يؤدي غرضا مغايرا لغرض الحال والمفعول المطلق.
أنه قد يصح تقديره بالحال أو بالمفعول المطلق لكن لمعنى سيختلف وذلك نحو قولك (جئت طمعا في رضاك) فإن قدرته (طامعا) كان حالا وإن قدرته (أطمع طمعا) كان مفعولا مطلق وإن أردت العلة والسبب كان مفعولا له ولكل معنى.
2 -
العطف على العلة الصحيحة وذلك نحو قوله تعالى {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [النحل: 64]، فهنا ذكر علة إنزال الكتاب باللام فقال:{لتبين لهم الذي اختلفوا فيه} وهذه علة لا حال ولا مفعولية مطلقة ثم عطف عليها بقوله (وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) فهو إذن علة مثله وسبب لا حال ولا مفعول مطلق لأنه لا يصح عطف الحال على ما ليس حالا ولا عطف المفعول الملطق على ما ليس مفعولا مطلقا.
ومثله قوله تعالى: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا وهدى وبشرى للمسلمين} [النحل: 102] فهي مثل الأولى.
3 -
إن القول برأي الكوفيين يفضي إلى أخراج الأفعال من معانيها إلى معان أخرى قد تكون بعيدة عنها من دون موجب وذلك نحو قولنا (قلت ذاك خوفا منه) فيكون القول عندهم بمعنى الخوف في حين أن القول حسي والخوف قلبي. ونحو قوله: {وما اختلف فيه إلا الذي أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم} [البقرة: 213]، فيكون الاختلاف بمنى البغي. ونحو قوله:{كالذي ينفق ماله رئاء الناس} [البقرة: 264].