الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - أفعال الرجحان
ظن:
الظن "التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم .. وقال الراغب: الظن اسم لما يحصل من أمارة، ومتى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضعفت لم تجاوز حد الوهم. ومتى قوي أو تصور بصورة القوي، استعمل معه أن المشددة او المخففة، ومتى ضعف استعمل معه أن المختصة بالمعدومين من القول والفعل (1) ".
وجاء في (لسان العرب) إنه جاء في المحكم أن الظن " شك ويقين، إلا إنه ليس بيقين عيان، إنما هو يقين تدبر. فأما يقين العيان فلا يقالا فيه إلا علم (2) ".
وجاء ف (الاقتضاب) لابن السيد البطليوسي: "قال السيرافي: لا يستعمل الظن بمعنى العلم إلا في الأشياء الغائبة عن مشاهدة الحواس لها، لا يقال ظننت الحائط مبنيا وأنت تشاهدة (3) ".
وجاء في (الهمع): " ما استعمل في الأمرين، الظن واليقين وهو أربعة أفعال، أحدهما (ظن) فمن استعمالها بمعنى الظن {إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين} [الجاثية: 32]، وبمعنى اليقين:{الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} [البقرة: 46].
وزعم أبو بكر محمد بن عبد الله بن ميمون العبدري، أن استعمالها بمعنى العلم غير مشهور في كلام العرب، وأبقى الآية ونحوها على باب الظن، لأن المؤمنين، حتى الصديقين، مازالوا وجلين خائفين النفاق على أنفسهم، وزعم الفراء أن الظن يكون شكا ويقينا وكذبا أيضا، وأكثر البصريين ينكرون الثالث" (4).
(1) تاج العروس / ظن، 9/ 217، وانظر البرهان 4/ 157
(2)
لسان العرب: - ظن، 17/ 142
(3)
الاقتضاب في شرح أدب الكاتب 109
(4)
همع الهوامع 1/ 149
وجاء في (البرهان): "إن كل ظن يتصل بعد (أنْ) الخفيفة فهو شك كقوله {إن ظنا أن يقيما حدود الله} [البقرة: 230]، وقوله:{بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول} [الفتح: 12]، وكل ظن يتصل بعد (أنّ) المشددة فالمراد به اليقين كقوله:{إني ظننت أني ملاق حسابيه} [الحاقة: 20]، {ظن أنه الفراق} [القيامة: 28].
والمعنى فيه: إن المشددة للتأكيد فدخلت على اليقين، وإن الخفيفة بخلافها فدخلت في الشك، مثال الأول، قوله سبحانه وتعالى:{وعلم أن فيكم ضعفا} [الأنفال: 66]، ذكره بـ (أنّ) وقوله:{فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد: 19].
ومثال الثاني: {وحسبوا أن لا تكون فتنة} [التوبة: 71]، والحسبان الشك فإن قيل: يرد على هذا الضابط قوله: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [التوبة: 118]، قيل لأنها اتصلت بالفعل (1) ".
وعند النحاة أنها للظن في الظاهر مع احتمال اليقين في بعض المواضع (2)، وجاء في (شرح المفصل) لابن يعيش: "وقد يقوي الراجح في نظر المتكلم فيذهب بها مذهب اليقين، فتجري مجرى علمت، فتقتضي مفعولين أيضا من ذلك قوله تعالى:{ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها} [الكهف: 53]، فالظن ههنا يقين، لأن ذلك الحين ليس حين شك، ومنه قول الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج
…
سراتهم في الفارسي المسرد
والمراد اعملوا ذلك وتيقنوه لأنه إخراجه مخرج الوعيد ولا يحصل ذلك إلا مع اليقين (3) ".
(1) البرهان 4/ 156 - 157، وفي الاتقان 1/ 164، وأجيب بأنها هنا اتصلت بالاسم وهو ملجأ، وفي الأمثلة السابقة اتصلت بالفعل، ذكره في البرهان، وهو أصح من نص البرهان المذكور.
(2)
الرضي 1/ 248، أسرار العربية 156
(3)
ابن يعيش 7/ 81
يتبين مما ذكرنا أن خلاصة آراء أهل اللغة في الظن ما يأتي:
1 -
أنه للشك وهو الأصل فيه، وقد يستعمل لليقين قليلا.
2 -
أنه ليس يقين عيان، وإنما هو يقين تدبر، كما جاء في المحكم.
3 -
أنه لا يستعمل بمعنى العلم، كما ذكر أبو بكر العبدري.
4 -
أنه يكون شكا، ويقينا، وكذبا.
5 -
أن كل ظن استعمل، بعده أن المشددة، أو المخففة منها، فالمراد به اليقين.
6 -
ان كل ظن استعمل بعده أن المخففة فهو شك.
7 -
أن كل ظن استعمل معه (أن) المختصة بالمعدومين من القول والفعل وهي الناصبة للأفعال، يفيد الشك.
والحقيقة أن في كثير مما ذكر نظرا، فما ذكره ابن السيد في المحكم إنه ليس بيقين عيان إنما هو يقين تدبر يرده قوله تعالى:{ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها} [الكهف: 53]، وهذا يقين عيان.
وما ذهب إليه بعضهم من أن كل ظن ورد بعده أن المشددة أو المخففة منها فالمراد به اليقين فهذا غالب لا مطرد ومن غير الغالب قوله تعالى: {وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك} [يوسف: 42]، وقوله:{وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم} [الأعراف: 171]، وقوله:{وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه} [الأنبياء: 87]
وما ذهب إليه بعضهم من أن كل ظن استعمل معه (أن) الخفيفة فهو شك، مردود بقوله تعالى:{وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [التوبة: 118]، وقوله:{وأنا ظننا أن لن تعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا} [الجن: 12].