الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عرفت أن زيدًا قائم) عرفت القيام في نفسه لا اتصاف زيد به. وبين المعنيين فرق ظاهر (1).
والصحيح أن بينهما فرقا كما قال أكثر النحاة، فإن العلم يتعلق بالصفات، والمعرفة تتعلق بالذوات، فهناك فرق بين قولك (علمت خالدا طالبا)، و (عرفت خالدا طالبا) فإن معنى الأولى علمت اتصاف خالد بصفة الطالبية أما عبارة (عرفت خالدا طالبا) فمعناها عرفت خالدا وهو طالب أي عرفت حين كان طالبا والفرق بينهما ظاهر.
وقد تقول: وهل تأتي (علم) بمعنى (عرف)؟ وهل قوله تعالى (لا تعلمهم) معناه: لا تعرفهم؟
الذي يبدو أن المعنى مختلف. فقولك (لا تعرفهم) معناه لا تعرف ذواتهم، وأعيانهم أما قوله (لا تعلمهم)، فمعناه لا تعلم اتصافهم بهذه الخصلة، وهو قد يعرف ذواتهم وأشخاصهم.
وكذلك قوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت} [البقرة: 65]، فليس معناه (عرفتم) لأنهم لا يعرفونهم، وبينهم القرون المتطاولة، ولكن معناه أنكم علمتم أمرهم وحالهم، وفرق بين المعنيين.
درى:
يستعمل (دري) بمعنى (علم)(2) قال تعالى: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} [الأحقاف: 9]، وأكثر ما يستعمل دري معدي بالباء، نحو (دريت بخالد) فإن دخلت عليه الهمزة تعدي لآخر بنفسه، كما في قوله تعالى:{قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به} [يونس: 16](3).
قال أبو حيان: ولم يعد أصحابنا: (درى) فيما يتعدى إلى مفعولين (4) وقد ورد هذا
(1) حاشية الصبان: 2/ 23
(2)
الرضي على الكافية: 2/ 307، الأشموني 2/ 23
(3)
حاشية الخضري 1/ 149، الأشموني 2/ 23، الهمع 1/ 149، حاشية الصبان 2/ 23، ابن الناظم 78
(4)
حاشية الخضري 1/ 149، وانظر الأشموني 2/ 23
الفعل في القرآن الكريم في اثنى عشر موطنا ولم ينصب مفعولا، وقد ورد في المواطن كلها معلقا كقوله تعالى:{وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} [الأنبياء: 109]، وقوله:{ولم أدر ما حسابيه} [الحاقة: 26]، إلا في موطن واحد يحتمل التعليق وغيره، وذلك قوله تعالى {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} والراجح أنه معلق.
وقد تقول ما الفرق بين علم ودري؟
جاء في (تاج العروس) إنه قيل: " إن الدراية أخص من العلم كما في التوشيح وغيره. وقيل أن (دري) يكون فيما سبقه شك قال أبو علي، أو علمته بضرب من الحيلة ولذا لا يطلق على الله تعالى (1).
والذي أراه أن الدراية تكون بعد الجهل بالشيء ولذا لا تستعمل في حق الله تعالى: (وعلم) أعم من ذلك، فقد يستعمل في ذلك غيره. ومما يدل على اختلافهما أنه لا يجوز وضع أحدهما مكان الآخر، وذلك نحو قوله تعالى:{فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار} [الممتحنة: 10]، فإنه لا يصح أن يقال (فإن دريتموهن مؤمنات)، وقوله:{وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون} [البقرة: 230]، وقوله {واعلموا أن الله مع المتقين} [البقرة: 194]، وقوله {واعلموا أن فيكم رسول الله} [الحجرات: 7]، فأنت ترى أنه لا يحسن إبدال فعل الدراية بفعل العلم في مثل هذه المواطن مما يدل على أن الفعلين مختلفان.
فالدراية كما ذكرنا تكون بعد الجهل، وفي الغالب تكون بإخبار، أو بما هو بمنزلة الأخبار كأن تعلم الأمر بضرب من الحيلة والتوسل، وذلك كأن يفعل شخص أمورا لا تعلمها ثم تحاول الإطلاع عليها بوسيلة ما، فتطلع على ذلك فتقول: قد دريت بما يفعل فلان.
(1) تاج العروس (درى) 10/ 126