الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحذير والإغراء
التحذير تنبيه المخاطب على أمر مكره ليجتنبه (1) وهو على ضربين:
1 - ذكر المحذر مع المحذر منه
، نحو (إياك والغيبة) و (يدك والنار) فالمحذر في الأولى (إياك) وفي الثانية (يدك)، والمحذر منه (الغيبة)، و (النار) في المثالين.
2 - ذكر المحذر منه مكررا أو غير مكرر نحو، النار النار، الأسد
(2).
1 -
ذكر المحذر مع المحذر منه:
المحذر إما أن يكون بـ (إيا) للمخاطب، وإما يكون بالأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب نحو: يدك ونفسك، ورجلك، وعينك، ثم يؤتى بالمحذر منه تاليا للواو، أو (من) نحو (إياكم والكذب)، و (إياكم من الكذب)، و (رأسك والحجر، أو من الحجر)، ولا يجوز عند سيبويه والجمهور حذف الواو (من) فلا يصح عندهم أن يقال (إياك خالدا) ولا (رأسك الجدار)، وأجازه قسم من النحاة (3).
وأما نحو (إياك أن تفعل) فجاز لصلاحية تقدير (من)(4)، قال سيبويه " واعلم أنه لا يجوز ان تقول: إياك زيدا، كما إنه لا يجوز أن تقول رأسك الجدار، حتى تقول: من الجدار، أو الجدار، وكذلك أن تفعل، إذا أردت إياك والفعل، فإذا قلت (إياك أن تفعل) تريد إياك اعظ مخافة أن تفعل، أو من أجل أن تفعل، جاز، لأنك لا تريد أن تضمه إلى الاسم الأول، كأنك قلت: إياك نح لمكان كذا وكذا.
(1) التصريح 2/ 192، الأشموني 3/ 188
(2)
الرضي على الكافية 1/ 195
(3)
سيبويه 1/ 140 - 141، المقتضب 3/ 23، الأشموني 3/ 193، التصريح 2/ 192، حاشية يس على التصريح 2/ 193
(4)
الأشموني 3/ 189، التصريح 2/ 193
ولو قلت (إياك الأسد) تريد من الأسد لم يجز، كما جاز في (أن) إلا أنهم زعموا أن ابن أبي إسحاق هذا البيت في شعر:
إياك إياك المراء فإنه
…
إلى الشر دعاء وللشر جالب
كأنه قال (إياك)، ثم اضمر بعد إياك فعلا آخر، فقال: إتق المراء (1).
وعلى هذا فأساليب التحذير من هذا القسم، هي ما يأتي:
1 -
إياك والكذب.
2 -
إياك من الكذب.
3 -
إياك أن تكذب
4 -
رأسك والحجر
5 -
رأسك من الحجر
وهذه متفق على صحتها 6 - أياك الكذب
7 -
رأسك الحجر
عند قسم من النحاة.
فاللفظة الأولى من هذه الجملة محذر، والثانية محذر منه فـ (إياك) و (رأسك) محذر، و (الكذب) و (الحجر) محذر منه. وتسميه نحو (رأسك) و (يدك) محذرا تجوز، والحقيقة إنه محذر لأجله، وإنما المحذر المخاطب.
(1) سيبويه 1/ 140 - 141
وعند النحاة أن التحذير لا يكون للمتكلم، ولا الغائب، مع ورود نصوص قليلة بذلك نحو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(لتذك لكم الأسل والرماح والسهام وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب)، وقول زياد:(إياي ودعوة الجاهلية) وقوله أيضا: (إياي ودلج الليل) وقولهم: (إذ بلغ الرجل الستين فإياه وايا الشواب)(1).
جاء في كتاب سيبويه: "ومن ذلك أيضا قولك (إياك والأسد)، و (إياي والشر)، كأنه قال (إياك فاتقين والأسد) وكأنه قال:
(إياي لاتقين والشر) فإياك متقي، والأسد والشر، متقيان، فكلاهما مفعول ومفعول منه، ومثله (إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب)، ومثله (إياك وإياه) و (إياي وإياه) كأنه قال: إياك باعد، وإياه أونح.
ورغم أن بعضهم يقال له (إياك) فيقول: إياي، كأنه قال: إياي أحفظ وأحذر، وحذفوا الفعل في (إياك) لكثرة استعمالهم إياه في الكلام، فصار بدلا من الفعل .. فكأنه قال: إحذر الأسد، ولكن لابد من الواوـ، لأنه اسم مضموم إلى آخر" (2).
فذكر سيبويه إنه ورد تحذير الإنسان لنفسه لأتق، لأحذر، وتحذير المتكلم لنفسه على ضربين:
إما أن يكون المقصود به المخاطب، مع وروده بأسلوب تحذير النفس، وهو نحو قول عمر رضي الله عنه (وإياك وأن يحذف أحدكم الأرنب) أي احذروني في أن يحذف أحدكم الأرنب، وهو إن كان أخرجه مخرج التحذير للنفس فإن المقصود به المخاطب وهو نظير قولك (لا ارينك هنا بعد اليوم) فهو وإن كان بإسلوب النهي للمتكلم إلا أن المقصود به المخاطب، ومنه قول زياد الذي ذكرته آنفا، وفي الحديث (إياي والتشادق) وهو من هذا الباب.
(1) التصريح 2/ 193 - 194، الرضي على الكافية 1/ 196، الهمع 1/ 169 - 170
(2)
سيبويه 1/ 138