الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفعولية والظرفية، نحو قولك (قد أنسى يوم السفر) فهذا يحتمل أنك تنسى اليوم نفسه فيكون مفعولا به، ويحتمل أن يحصل النسيان عندك في يوم السفر، فيكون ظرفا له، فإن أردت التنصيص على الظرفية قلت (قد أنسى في يوم السفر).
ما ينصب على الظرفية:
اسم المكان
لا يقبل النصب على الظرفية من أسماء المكان إلا ثلاثة أقسام هي:
1 -
المبهم: كالجهات، نحو فوق، وتحت ويمين وشمال والمراد بالمبهم هنا ما ليس له حدود محصورة، فعندما تقول:(هو فوقك) ليس للفوق حدود، فهو يمتد من رأسك إلى أعلى، فالسقف فوقنا، والسماء فوقنا، قال تعالى:{أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنينها} [ق: 6]، وقال:{أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن} [الملك: 19]، ثم هذه الجهات نسبية، فما يكون فوقا لك، قد يكون تحتا لشيء آخر، وما يكون يمينا لك قد يكون شمالا لشيء آخر، وما يكون أماما لك قد يكون وراء لشيء آخر، تختلف باختلاف الكائن (1).
جاء في (التصريح): " قال أبو البقاء في شرح لمع ابن جني: الابهام يحصل في المكان من وجهين:
أحدهما أن لا يلزم مسماه، ألا ترى أن خلفك قدام لغيرك وقد تتحول عن تلك الجهة فيصير ما كان خلفك جهة أخرى لك، لأن الجهات تختلف باختلاف الكائن في المكان فهي جهات له وليس كل واحدة منهما حقيقة منفردة.
والوجه الثاني أن هذه الجهات لا أمد لها معلوم، فخلفك اسم لما وراء ظهرك إلى آخر الدنيا" (2).
(1) انظر حاشية الخضري 1/ 198، الأشموني 2/ 129، ابن يعيش 2/ 43
(2)
التصريح 1/ 341
فنحو فوق محمد، ويمين سعيد، وإمام خالد، مبهمة ولا تكون مختصة بسبب الإضافة بل هي مع إضافتها مبهمة لما ذكرنا.
أما المختص أو المحدود، فهو ماله حدود محصورة ونهايات مضبوطة كالدار والسوق فلا تكون ظروفا، فلا يصح أن تقول: نمت البيت، وبعت السوق، بل لابد أن تأتي بفي، ومن المختص جوف الدار، وداخل المسجد، وخارج البيت، فهذه مختصة، لأن لها حدودا ونهايات، فلا تقع ظروفا، فلا تقول هو داخل المسجد، ولا خارج البيت، بل يلزم أن تقول: هو في داخل المسجد، وفي جوف البيت (1).
2 -
المقادير: نحو ميل وفرسخ، فهي عند الجمهور مبهمة، وعند بعضهم ليست مبهمة لأنها معلومة المقدار (2).
والصواب أنها شبه مبهمة، فهي معلومة المقدار، غير أنها تشبه المبهم في عدم التعيين وذلك إن الميل مثلا، يختلف مكان بدئه ونهايته وجهته (3).
فهو ليس كالدار، والمدرسة، والمسجد، فإن لها حدودا معلومة، ونهايات محصورة، ولا كالجهات، لأنها لا تنتهي فأنت تبدأ بالمقدار، من أي مكان، وإلى أية جهة، فقد تبدأ به من هنا، أو هناك، وإلى جهة اليمين، أو اليسار أو الأعلى، غير أن مسافته مضبوطة محدودة، ولذا فهو شبه مبهم.
3 -
أسماء المكان بشرط أن يكون الواقع فيها من لفظها، نحو جلست مجلس خالد وقعدت مقعد سعيد، فلو كان الواقع فيها من غير لفظها تعين جرها بفي، نحو نمت في مجلس خالد، وبعت في مقعد سعيد (4).
(1) سيبويه 1/ 204، المقتضب 3/ 348 - 349
(2)
انظر ابن عقيل 1/ 198
(3)
انظر حاشية الخضري 1/ 198، حاشية الصبان 2/ 129
(4)
ابن عقيل 1/ 198، التصريح 1/ 341، الأشموني 2/ 128، حاشية الخضري 1/ 197
وهذه الأماكن مختصة معلومة، لأنها معلومة محدودة غير أن العرب أجرتها مجرى غير المختص، وشذ هو منى منزلة الشغاف، ومناط الثريا ومقعد الأزار، وتعبيرات أخرى قليلة (1).
اسم الزمان:
اما إسم الزمان فإنه يقبل النصب على الظرفية، مبهما كان أو غير مبهم، فالزمان المبهم ما دل على زمان غير مقدر، ولا حد له يحصره، نحو حين، وزمن، ومدة، ووقت، وانتصابه على أنه ظرف مؤكد للزمن الذي تضمنه الفعل، نحو (سرت حينا) ومدة فالسير لا يكون إلا في مدة، ونحو قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} [الإسراء: 1]، وقوله {فأسر بعبادي ليلا} [الدخان: 23]، لأن الإسراء لا يكون إلا في الليل (2).
وقد ذكرنا في باب المفعول المطلق، أن المفعول المطلق المؤكد، إنما هو مؤكد لمصدر الفاعل، وإن من الظرف ما يكون مؤكدا للزمن الذي تضمنه الفعل.
أما المختص من الزمان فماله نهاية تحصره، بأن يكون معلوم الوقت، أو المقدار، سواء كان معرفة، أم نكرة نحو يوم وليلة وشهر ويوم وجمعة والصيف والشتاء، نحو سرت يوما أو يومين، وصمت يوم الخميس، وقمت ليلة القدر.
وقد يكون مقدرا غير معلوم، نحو سرت زمنا طويلا، وزمنا قليلا (3) وقد يكون اللفظ الواحد مرة مختصا، ومرة مبهما، بحسب القصد فمثلا (يوم) إذا أريد به المدة المعلومة، كان مختصا نحو صمت يوما، وسرت يوما، وقد يكون مبهما وذلك إذا لم يرد به المدة المعلومة، نحو خرجت يوما إلى البصرة، ونحو ليلة وساعة ولحظة،
(1) انظر سيبويه 1/ 205 - 206، التصريح 1/ 134 - 342، ابن عقيل 1/ 198
(2)
انظر سيبويه 1/ 195 حاشية الخضري 1/ 197، الصبان 2/ 128
(3)
انظر الهمع 1/ 496، حاشية الخضري 1/ 197، الرضي على الكافية 1/ 99