الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى الحدوث أصلا لعدم صريح الفعل، وعدم المفعول المطلق الدال عليه، ولمثل هذا المعنى أعني زيادة المبالغة في الدوام رفعوا بعض المصادر المنصوبة .. تبيينا لمعنى الدوام قال:
عجبت لتلك قضية وإقامتي
…
فيكم على تلك القضية أعجب (1)
3 - المصدر التشبيهي:
ذهب النحاة إلى أن المصدر التشبيهي مما يجب فيه حذف فعله، نحو (له صراخ صرخ الثكلي) بتقدير يصرخ، وذلك إذا كان المصدر التشبيهي من الأفعال الظاهرة واقعا بعد جملة فيها الفاعل في المعنى، وفيها معنى المصدر، وليس فيها ما يصحل للعمل (2).
أما العمل فلسنا بصدده، ولكن إذا جارينا النحاة في ذلك، فإن المصدر الأول يصلح للعمل في الثاني في هذا الموطن.
إن النحاة يقولون أن المصدر الأول لا يصلح أن يعمل في الثاني لأنه لا يصح أن يحل محله فعل مع حرف مصدري، ولا هو نائب عن الفعل، وإن المصدر لا يعمل إلا إذا كان نائبا عن فعله، أو مقدرا بالحرف المصدري، وهذا ليس منه (3).
ومن المعلوم أن اشتراط ذلك في عمل المصدر غالب لا لازم، فإنه يصح أن يقال (ضربي العبد مسيئا) ويصح أن يقال (إن أكرامك خالدًا حسنٌ وإهانتك سعيدًا قبيح)، فقد عمل المصدر فيما بعده وهو ليس واحدًا من الضربين، وعلى ذلك يجوز النصب بالمصدر الذي قبله (4).
(1) الرضي 1/ 128 - 129
(2)
انظر ابن عقيل 1/ 193، حاشية الخضري 1/ 193، الأشموني 2/ 120، التصريح 1/ 333، حاشية يس 1/ 333 - 334
(3)
التصريح 1/ 333، حاشية الخضري 1/ 193
(4)
انظر حاشية الخضري 1/ 193، الرضي على الكافية 1/ 130، ابن يعيش 1/ 115
ويجوز مع توفر الشروط رفع الثاني بدلا مما قبله، أو صفة له، أو على أنه خبر المبتدأ محذوف فتقول:(له صراخ صراخ الثكلي) واختلف في الراجح منهما فقيل: إن الرفع مرجوح لأن الثاني ليس هو الأول، والنصب السالم من هذا المجاز، وذهب ابن عصفور إلى أنها متكافئان لأن في النصب التقدير، والأصل عدمه (1).".
وفي هذا الترجيح نظر لأن معنى الرفع غير معنى النصب، وأنت تعبر بحسب المعنى الذي تريد فلا تكافؤ ولا ترجيح.
إن معنى النصب في نحو قولك (له بكاء بكاءَ الثكلي) أنك مررت به وهو يبكي، وكذلك (له قفز قفز الأرنب) معناه أنك مررت به وهو يقفز، أي يقوم بالعمل بخلاف الرفع، فإنه ليس معناه ذلك، وإنما أردت التشبيه، لا أنه يقوم به في اثناء مرورك، فكانك قلت (قفزه قفز الأرنب)، أي أردت أن تخبر عن قفزه.
أنك إذا قلت (له بكاء بكاءُ الثكلى) بالرفع، إذا كان المعنى أنك وصفت بكاءه، بذلك، وهو أمر قد علمته قبل أن تخبر عنه بهذا الخبر، وليس المعنى أنه كان يبكي في اثناء مرورك به، جاء في (كتاب سيبويه): " هذا باب ما ينتصب فيه المصدر المشبه به على إضمار الفعل المتروك إظهاره، وذلك قولك: مررت فإذا له صوت صوت حمار، ومررت به فإذا صراخ صراخَ الثكلى .. فإنما انتصب هذا لانك مررت به في حال تصويت، ولم ترد أن تجعل الآخر صفة للأول وبدلا منه، ولكن لما قلت: له صوت، علم أنه قد كان، ثم عمل فصار قولك (له صوت) بمنزلة قولك فإذا هو يصوت، فحملت الثاني على المعنى (2)
وجاء فيه أيضا: " هذا باب من يختار فيه الرفع: وذلك قولك، له علم علم الفقهاء وله رأيٌ رأيُ الأصلاء، وإنما كان الرفع في هذا الوجه، لأن هذه خصال تذكرها في الرجل كالحلم، والعقل، والفضل ولم ترد أن تخبر بأنك مررت برجل في حال تعلم،
(1) التصريح 1/ 334، حاشية الخضري 1/ 193
(2)
سيبويه 1/ 177