الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما
تقديم الحال
على صاحبها النكرة فليس لتسويغ الحالية، وإنما هو لغرض من أغراض التقديم، وهو الاهتمام، فإنك تقول (جاءني طالب مقصرا) فإن اهتممت بالحال قلت (جاءني مقصرا طالب) كما هو معلوم من أغراض التقديم.
تقديم الحال:
إن التعبير الطبيعي هو أن يتقدم الفعل ثم صاحب الحال ثم الحال، فتقول (حضر محمد ماشيا).
فإن كان السامع يعنيه مشي محمد وذلك كأن يكون محمد مكسور الساق أو حصل له مرض أقعده عن المشي قدمت ما هو أهم، وأنت بشأنه اعني، لأن العرب يقدمون ما هو اهم، لهم وهم ببيانه أعني، كما يقول سيبويه فتقول:(حضر ماشيا محمد) ونحوه أن تقول (أقبل مضروبا خالد) وذلك إذا كان ضرب خالد أهم.
فإن كان السامع يظن أن محمدًا حضر راكبا لا ماشيا، قدمت الحال على فعلها لإزالة الوهم من ذهنه ولإرادة معنى التخصيص، فتقول (ماشيا قدم محمد) أي لم يقدم على الحال غيرها، فهو لم يقدم راكبا مثلا.
وهذا شأن التقديم عموما، فإنك تقدم لغرض من الأغراض، فقد يكون ذلك للتعجب والتفاؤل والتشاؤم والتهويل والتخصيص وغير ذلك من الاغراض التي ذكرناها في أكثر من موضع، جاء في (شرح المختصر للتفتازاني):" ومثل (زيدا عرفت) في إفادة الاختصاص قولك (بزيد مررت) .. أمن اعتقد أنك مررت بإنسان وأنه غير زيد، وكذلك يوم الجمعة سرت، وفي المسجد صليت، وتأديبا ضربته، وماشيا حججت، والتخصيص لازم للتقديم غالبا "(1).
(1) شرح المختصر 76 - 77
الحال الجملة
تقع الحال جملة كما تقع مفردا، تقول (أقبل أخوك يضحك) و (أقبل أخوك وهو يضحك) كما تقول:(أقبل ضاحكا) ويشترط النحاة أن تكون جملة الحال خبرية خالية من دليل استقبال أو تعجب (1)، فلا يصح أن تقع الجملة الإنشائية حالا، فلا تقول:(أقبل محمد وهل هو راكض؟ )، على أنها حال، كما لا يصح عند النحاة أن تكون الجملة المصدرة بدليل استقبال حالا فلا تقول (حضر محمد سيكتب) على أنها حال، وقوله تعالى:{وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} [الصافات: 99]، ليست الجملة (سيهدين) فيه حالا. جاء في (شرح الرضي):" ويشترط في المضارع الواقع حالا خلوه من حروف الاستقبال، كالسين ولن ونحوهما، ولك أن الحال الذي نحن في بابه، والحال الذي يدل عليه المضارع، وإن تباينا حقيقة لأن في قولك مثلا (اضرب زيدا غدا يركب) لفظ (يركب) حال بأحد المعنيين، غير حال بالآخرة، لأنه ليس في زمان المتكلم، لكنهم التزموا تجريد صدر هذه الجملة، أي المصدرة بالمضارع من علم الاستقبال، لتناقض الحال والاستقبال في الظاهر وإن لم يكن التناقض ههنا حقيقيا"(2).
وهذا التعليل غير مقبول، وذلك أنه إذا أقر النحاة أن تكون هناك حال مقدرة، وهي التي يكون وقوعها بعد وقوع عاملها، فلا داعي لهذا الشرط، لأن المصدرة بدليل استقبال، ليست إلا كذلك قال تعالى:{أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدنا وحصورا ونبيا من الصالحين} [آل عمران: 39]، وهذه الأحوال مقدرة لأنها بعد التبشير، ولذا ترى أن كل ما احتمل أن يكون حالا في المعنى مما صدر بدليل استقبال، صح أن يكون كذلك، وذلك نحو (عرفت محمدا إن تستعنه أعانك) فجملة الشرط حال، وهي مصدرة بدليل استقبال، وتقول (مالك لا تذهب)؟ و (لا) عند النحاة تفيد الاستقبال وإن كان لنا فيها رأي آخر قال تعالى:{وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه} [يس: 22]، فجملة (لا أعبد) حالية، والله أعلم.
(1) الهمع 1/ 266، التصريح 389 - 391
(2)
الرضي على الكافية 1/ 230، وانظر الأصول 1/ 261 - 262