الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكِبْرُ وَالغُرُور
زَرَعْتُ لَكُمْ زَرْعَاً فَأَخْرَجَ شَطْأَهُ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمُ دَقَائِقَ شَطْرَهُ
وانظروا إلى ثمره إذا أثمر ينعه
…
؛ فكل الصيد في جوف الفرا،
وعند جهينة الخبر اليقين 00
أغني الصباح عن المصباح ياولدي **
ياسرالحمداني
بسم الله الرحمن الرحيم
حسبكم عن الكبر يا أحبتي الكرام: إنه الذي اخرج إبليس من الجنة؛ فعندما دعي إلى السّجود لآدم أبى وأخذته العزة بالأثم 00!
وأطلعكم على صورة للكبر في أسطورة بالشعر عن الطاووس الذي أوتي تاج الحسن ولكنه يا خسارة؛ الحلو مابيكملش: فمفيش حلَاوة من غير نار، ولَا ورد من غير شوك؛ فإنه ردئ الصوت 00 ومن المعروف عن الطاووس العجب والخيلَاء ـ ويبدو انهما كانتا صفتي إبليس في الجنّة قبل طرده منها؛ ولذا لقبوه بطاووس الملَائكة، فاستمعوا معي لأمير الشعراء وهو يحكي ويقول؛ لأولي الَالباب والعقول:
سَمِعْتُ بِأَنَّ طَاوُوسَاً * أَتَى يَوْمَاً سُلَيْمَانَا
يَرَى مِنْ كِبْرِهِ النَّاسَا * لَهُ يَا صَاحِ عُبْدَانَا
فَقَالَ لَدَيّ مَسْأَلَةٌ * أَظُنُّ أَوَانَهَا آنَا
وَهَا قَدْ جِئْتُ أَعْرِضُهَا * لأَعْرِفَ رَأْيَ مَوْلَانَا
أَلَمْ أُصْبِحْ بِبَابِكُمُ * لجَمْعِ الطَّيْر سلطانَا
فَكَيْفَ يكُونُ حُسْنِ الصَّوْ * تِ حَظِّي مِنهُ حِرْمَانَا
فَمَا تَيَّمْتُ أَفْئِدَةً * وَلَا أَسْكَرْتُ آذَانَا
وَأُبْصِرُ أَحْقَرَ الطَّيْرِ * يُغَنيِّ الصَّوْتَ أَلحَانَا
فَقَالَ لَه سُلَيْمَانُ * لَقَدْ كَانَ الَّذِي كَانَا
وَقَدْ صَيَّرْتَ يَا مَغْرُو * رُ نُعْمَى اللهِ كُفْرَانَا
فَلَوْ أَصْبَحْتَ ذَا صَوْتٍ * لَمَا كَلَّمْتَ إِنْسَانَا
(1)
بني آدم ما هذا * الكبر الذي آراه
فهل منكم ابن له * ومنكم من تبناه
ألم تروا أنّ الواحد منكم:
"حتة بئة تسهّره * حتة شئة تزوّره * حتّة زئه تكعبره"
وخلق الإنسان ضعيفا ، فليت شعري: مَتى يعلم المتكبر أنه كواقف فوق جبل: يرى الناس صغارا، ويرونه صغيرا 00!!!
ولذلك يظل:
مهما كان جليلَا * عند الناس وضيعا
ويظل المتواضع:
مهما كان ضئيلَا * عند الناس رفيعا
لتعلموا أنّ من تواضع لله رفعه، فإن كنت غنيّا قلت لك دعك من هذه الأبّهة حَتى لَاينشد الناس على قبرك بعد موتك هذين البيتين:
إِذَا مَا مَاتَ أَصْحَابُ القُصُورِ بَنَواْ فَوْقَ المَقَابِرِ بِالصُّخُورِ
أَبَواْ إِلَاّ مُبَاهَاةً وَفَخْرَاً عَلَى الفُقَرَاءِ حَتىَّ في القُبُورِ
وإن كنت فقيرا قلت لك دعه؛ 00 "حَتى عشان ما يقولوش عليك بكرة وبعده اقرع ونزهي" فثلَاثة لَا يكلمهم الله ولَاينظر إليهم يوم القيامة ولَا يزكيهم ولهم عذاب أليم:
" شيخ زانٍ، وملك كذّاب، وعائل مستكبر " 00
والعائل الفقير، ومنه قوله تعالى "ووجدك عائلَا فأغني " 0
…
...
…
(2)
وذلك لأنّ الله تعالى يبغض ثلَاثة، وبغضه لثلَاثة أشدّ:
يبغض الفقير غير العفيف، وبغضه للغني غير العفيف أشدّ، ويبغض الفقير البخيل، وبغضه للغنيّ البخيل أشدّ، ويبغص الغنيّ المتكبر، وبغضه للفقير المتكبر أشدّ 00!!
فما أقبح الكبر بكم على كل حال00
فحَتى مَتى الكبر يا متكبرونا 00!؟
ألم تظنوا يَومَاً أنكم مبعُوثونا 00!؟
خصلة ذميمة 00 فدعوها، دعوها إنها منتنة، جيفة وطلَابها كلَاب، الناس لآدم وآدم من تراب، منه خلقناكم وفيه نعيدكم ومنه نخرجكم تارة أخرى؛ فعلَام الكبر ولقد خلقنا الإنسان من صلصال، من حمأ مسنون: أي من طين لَازب ـ وهو الطّين اللزج المنتن، وهذا بالضبط هو ما نعنيه بسبابنا "يا وحل البرك" وهو ـ لو علمنا ـ أصل لكل بني الإنسان 00!
نسى الطين نفسه * فاستبدّ وعر بدا
وحوى المال كيسه * فاختال وتمرّدا
يا أخي لست فحمة * ولست أنت فرقدا
والطّين ليس يبالي * لك أم لي غرّدا
لَا يكن قلبك غارا * فقلبي صار معبدا
علَام هذا التكبّر يا أحبتنا أَبُوكُمُ آدَمٌ وَالأُمُّ حَوَّاءُ
وإن يكن لكم أصل يشرّفكم
…
...
…
وتفخرون به فالطين والماء
فعلى أيّ شئ الكبر يا أخي
ألم تنظر للنبات *وتتبادل الغازات * في النور والظلمات
أنفاس خير الملَاح * تكون عند الصّباح
كريهة منفّرة
وأنفاس أدنى النبت * تكون في هذا الوقت
طيبة مطهّرة
وهذا هو ما يحدث تماما في عملية البناء الضوئي، فإن لقيت متكبرا "بيرسم نفسه عليك" قل له:
بأكثر من حثو التراب عليكا
علَام أيها البول * تتكبر عليا
فتارةً خرجت منه * فرج أبيك منيا
وفرج أمك أخرى * خرجت منه صبيا
*********
فلتنظر مما خلقت * خلقت من ماء البول
فبدايتك قبل مولدك نطفة قذرة، ونهايتك بعد موتك جيفة مذرة، وطيلة حياتك بينهما كنت تحمل العذرة 00! وحسبك يا ابن آدم أنك تأكل أهنأ وأمرأ مما تأكل البهائم، ومع ذلك فالذي تخرجه البهائم أفضل مما تخرج 00!
هذا هو أصلنا 00
(4)
لو علمناه لم يفخر * سيد على عبده
وبعد
فإن سأل سائل بلسان المتعجب كيف يكون الكبر بعد كل هذا من صفات الله عز وجل وهو كما نعلم العزيز الجبار المتكبر قلت له: الكبر هنا بمعني العزّة والعظمة؛ إذ كيف يكون كتكبّرنا وهو الربّ الودود الحليم، الرّءوف الغفور الرّحيم، الذي يقبل التوب عن عباده ممّن لم يركع له ركعة في حياته وكأن بين جبهته وبين الأرض عدوان، ويبيت ليله جنباً من الزّنا أو سكران، ويجاهر بالفطر في رمضان 00!؟
فلَا تمش في الأرض فرحا فإنك لن تخحرق الأرض ولن تبلغ الجبال في طولها.
فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا ظَالِمَاً مُتَمَرِّدَاً يَرَى النَّجْمَ تِيهَاً تحْتَ ظِلِّ رِكَابِهِ
وَعَمَّا قَلِيلٍ وَهْوَ في غَفَلَاتِهِ وَإِذْ بِالْقَوَاصِمِ قَدْ أَنَاخَتْ بِبَابِهِ
{الإِمَامُ الشَّافِعِيّ}
فلَا تصعر خدك للناس ولَا تمش في الأرض مرحا فالله لَا يحب كل مختال فخور. وإقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، ولَا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولَا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولَا تلمزوا أنفسكم ولَا تنابزوا بلألقاب بئس الأسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولَائك هم الظالمون.
والآن وبعد الحديث عن الكبر آخذ في الحديث عن أخيه الملَاز م له والتوأم ألَا وهو الغرور، وأستهله بغرور المرء مع نفسه، وأقول لصاحبه:
ألم تستطع على فعل شيئ فدعه
ولتجاوزه إلى ما أنت مستطعه
لَوِ اتَّعَظْنَا بِالأَجَلْ لَتَابَ أَهْلُ الْغُرُورِ
وَكَانَ أَزْهَدَ رَجُلْ فِينَا حَفَّارُ الْقُبُورِ
ورحم الله امرءَا عرف قدر نفسه
ثانيا: الغرور مع الناس .. وأقول لصاحبه:
من كان بيته من البلور فمن الحماقة أن يرمي الناس بالحجارة
من علَا رءوس الورى رأوا منه ما لَا يرى
فالناس من بغضها في غرور ترى محاسنه مساوئ، كما أن من حبهم ** على صعيد آخر ** للمتواضع يرون مساوئه محاسن " فخليك زي الفار اللي جالوا ألو تاخد حتة جبنه وتمشى على شنب الجط!؟ جال الجبنه طعمة لكن الطريج واعر!!
ولَا تكن كالثعلب الذي:
رأى في يوم محتالَا ينادي بيا ثعلب
فقال اليوم أصبحت بمكان لَا يطلب
من في الناس مثلي حتى بي المثل يضرب
ماضرَّ لو آريتهم مني فوق ما استغربوا
لعلهم ينصبوا لي محفلَا فيه أخطب
فَيَجِيءُ في الحضور الديك أو الأرنب
فألقي خطيبنا للكلب به يلعب
فلَا تغترن يوما قد ينخدع الثعلب
فَلَا يَغُرَّكَ صَفْوٌ أَنْتَ شَارِبُهُ فَرُبَّمَا كَانَ بِالتَّكْدِيرِ مُمْتَزِجَا
قَدِّرْ لرجلك قبل الخطو موضعها فمن علَا في لقاء من غره زلجا
وحسبك يابني أن الغرور ما امتطاه امرؤ إلَا وقاده إلى الهزيمة " واللي كان من شوية معجب بيه أصبح شمتان فيه! " وألمس هذا في كل مجالَات الحياة ** بدءَا من " مصارعة المحترفين " ** وحتى في " الدراسة والمذاكرة ".
ثالثا: غرور المرء بعبادة ربه:
إن الإنسان بطبعه إن ابتلَاه ربه فأكرمه ونعمه قال ربي أكرمن! .. وإن ابتلَاه فضيق عليه رزقه قال ربي أهانن! .. وكأن الحقير يقول بكل وقاحة لمولَاه إنك لم تعرف لي قدري! وهكذا الإنسان منذ أن كان .. فسبحان من قال في القرآن: " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها فأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولَا "
ألم تنظروا لما قاله الصديق أبو بكر في ذلك " لَا آمن مكر الله ولو كانت احدى قدمي في الجنة والأخرى فوق العتب " .. أبو بكر الذي قال فيه (صلوات ربي وتسلماته عليه) لو وزن إيمان الأمة في كفة وإيمان أبي بكر في كفة لرجحت كفة أبو بكر .. أبو بكر الذي سأل أحد الملَائكة ربه أن يمنحه مائة ألف جناح وقوة مائة ألف ملك حتى يطوف حول العرش إلى أن يبلغ سدرة المنتهى، فطاف وطاف وطاف حتى تعب من الطواف فظل يبكي فسمعته إحدى الحور العين فخرجت له وسألته ما يبكيك أيها الملك الكريم فحكى لها القصة ثم سألها كم تبقى من الطريق؟ فقالت بل قل كم قطعت منه؟ إنك لم تقطع في هذا الزمان جزءَا من مائة ألف جزء من نصيب أبي بكر في الجنة!!
ولَا عمر الذي كان يقول رغم اجتهاده وأبي بكر في عبادة ربهما: لو كتب الله أن كل من عليها سيدخلون الجنة إلَا واحد لظننت أنه أنا .. عمر الذي قال فيه ايضا (صلوات ربي وتسلماته عليه): لو كان نبي من بعدي لكان عمر!
وكليم الله موسى الذي اعتكف ملَاوة انقطع فيها لعبادة ربه فلما ظن أنه قد عبد الله حق عبادته قال له ربه وعزتي وجلَالي ما وفيتني شكر أدنى نعمة من نعمي عليك!! فاستاء لذلك موسى ثم ولى إلى الظل كالذى يتخبطه الشيطان من لمس وقال إني ثقيم فلن أكلم اليوم إنسان ثم دعا ربه وقال فدلني كيف أشكرك يا صاحب السر فلو إنقطعت لعبادتك طيلة العمر لما وفيتك حقك علي من الشكر والعرفان بالجميل وهنا قال له ربه: بخ .. بخ الآن شكرتني يا موسى.
سبحانك ربي سبحانك سبحانك ما أعظم شأنك حتى الملَائكة بعد عبادة إستمرت خمسين ألف سنة ما بين ركع وسجود ترفع رءوسها قائلة ** أول ما تقول: سبحانك ربنا ما عبدناك حق عبادتك!
فمهما الطاعات جلت فقد لَا تقبل منكا
ومهما المعاصي قلتت فستدون عنكا
هذا .. ورب طاعة أورثت صاحبها عجابا واغترارا فأدخلته النار، ورب معصية أورثت صاحبها ذلَا واكسارا فأدخلته الجنة.
أما رابعا وأخيرا الغرور بالعلم:
واعلم أن الجاهل المتواضع أقرب إلي قلوب الناس من العالم المتكبر وحسبك أنه ما ازداد امرء علما إلَا ازداد به جهلَا وذلك لكثرة علَامات الإستفهام.
فرأى شيئا واحدا وغابت عنه أشياء
فَمَا أُوتِيتُمُ إِلَاّ قَلِيلاً عَلَامَا بَعْدَ ذَلِكَ الَاغْتِرَارُ
وَسِرُّ حَيَاتِكُمْ مَا زَالَ لُغْزَاً عَوِيصَاً لَمْ يُزَحْ عَنهُ السِّتَارُ
فَمَا تِلْك الحَيَاةُ وَكَيْفَ جِئْنَا خِيَارٌ ذَا المجِيءُ أَمِ اضْطِرَارُ
أُمُورٌ قَبْلَنَا اختَلَفُواْ عَلَيْهَا وَطَالَ البَحثُ وَاتَّصَلَ الحِوَارُ
سِوَى أَنيِّ أَرَى للكَوْنِ رَبَّاً لَهُ في الكَوْنِ أَسْرَارٌ كِبَارُ
{محْمُود غُنَيْم؟}
قودوا البخار وسوقوا الكهرباء فما زلتم باسرار هذا الكون جهالَا
لكم حياة وموت ظل سرهما من عهد فرعون مستورا ومازالَا
وأعلم أنك مهما بلغت من العبقرية العقلية فلست في غنى عن عقول الآخرين، ففوق كل ذي علم عليم وحسبك عن علماء الصحابة بما قاله الفاروق لسيد القراء "أبي بن كعب رضي الله عنه " عندما رآه يسير على رأس كوكبة من العلماء فعلَاه بالدرة وقال: إنها فتنة للمتبوع ومزلة للتابع وما كان يفتي الواحد منهم إلَا ويقول في نهاية فتواه: هذا مبلغ علمي ** وبالله التوفيق، أو ذلك مبلغنا من العلم، وتبارك من أحاط بكل شيئ علما.
وأختم بهذا المقال الذي رددت به على سفيه تطاول علي وإتهمني بالغرور والعجب والخيلَاء فقلت له: الفرق بين الثقة بالنفس والغرور عندما انعمت فيهما نظري، وأعملت رويتي خصلتان:
الأولى المصداقية والأخرى عدم التعالي والكبر .. أما عن المصداقية فلَا بد أن يكون صادقا مع نفسه واقعيا مع الآخرين .. أما عن صدقه مع نفسه فلئلَا يخدعنها .. وأما عن واقعيته مع الآخرين فلئلَا يتبين كذبه يوما ما فيحقر نفسه في أعينهم .. " فمش هيلَائي إللي يشتري منه سمك في ميه " .. ، وخاصة أن الناس لن تجامله كما جامل نفسه؛ فمن إدعى بين المصرين أي إدعاء ** ما دام حسنا ** يتهمونه رأسا بالكبر والغرور حتى ولو كان صادقا .. ؛ لأن المتواضع في عرفهم من يحقر من نفسه .. !!!
أما عن عدم التعالي والكبر: فإعلم بادئا ذا بدء أن الكبرياء **بمعنى عزة النفس ** والإباء لَا شيئ فيه .. ، إنما العيب كل العيب في الكبر .. " أما إذا أولتلي يا عم البرياء لله .. ": قلت صفة نسبية، يشترك فيها العبد والمعبود .. كقولنا فلَان ودود .. وهو من أسماء الله الحسنى وصفاته، فشتان بين ود وود، وكذا غني، حكيم، حليم، إلخ ..
تماما مثله ذو كبرياء .. فشتان بين كبرياء وكبرياء، أما إني ذكرت لك هذا لتعلم أن الكبرياء لَا شيئ فيه، إنما المذموم الكبر لَا الكبرياء، ولكن أكثر الناس لَا يعلمون.
أما عن كونه معجبا بنفسه فأقول لكل واحد منكم أما يعجبك مني ما أقول؟ فسيرد لو أنصفني بلَا شك .. ، وحينئذ سأقول له بأنك لست أحق بالَاعجاب بشيئ من صاحبه، ومرة أخرى هنا أيضا أقول إن الَاعجاب بالنفس لَا بأس فيه، إنما البأس كل البأس فالعجب بها ثم انك لو اتهمت كل من قال أني وأني بالكبر والغرور لرميت نبي الله يوسف عليه السلام بهما)؛ عندما قال:" إني حفيظ عليم "، وشرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يأته نهي من شرعنا فعندما قالها عليه السلام لم يك متكبرا ولَا مغروا فليس كل من قال أني وأني يتهم باكبر والغرور مادام صادقا " وهو الواحد عشان يبقى متواضع عندكم لَازم تلغوا شخصيه خالص " وأما عن تواضعي وعدم التعالي والكبر فإن الكبر لَا يظهر إلَا على الكبرياء، ولَا التعالي إلَا على علية القوم " ومش أنا إللي إذا أعليت تعاليت، وارجع تاني أقولك الفرق بين الثقة بالنفس والغرور
زي ما شفتم شعرة، وإللي يمشي على الحبل ممكن يقع فاعذروني إذا وقعت من على الشعرة، وبعدين تعالوا بينا على جنب كده هسأل سؤال وتردوا عليه، وتردوا عليه "، ثم إني لَا أقول لكم عندي خزائن الله ولَا أعلم الغيب ولَا أقول لكم إني ملك، وإنما أنا بشر مثلكم آكل مما تأكلو ن منه وأشرب مما تشربون منه إلَا أن الله فضلني على كثير ممن خلق تفضيلَا، وجعل لي لسان صدق عليا، وأخيرا فعلى الله قصد السبيل، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ربنا لَا تؤاخنا إن نسينا أو أخطأنا
فحسبي وإن أسأت حرصي على أن أحسنا
وبعد فما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلَا الإصلَاح ما استطعت وما توفيقي إلَا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد.
هذا وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلَام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين له الحمد في الأولى والأخرة، وله الحكم وهو أحكم الحاكمين،
وإلى اللقاء في عدد آخر إن شاء الله.
أبو الطيب المصري
(ياسر أحمد)
وروى أن رجلَا قال يا رسول الله ذهب مالى وسقم جسمى فقال صلى الله عليه وسلم: " لَا خير فِي عبد لَا يذهب ماله ولَا يسقم جسمه، إن الله إذا أحب عبدا ابتلَاه، وإذا ابتلَاه صبره " 00!!
(أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنيَا 0 الإِحْيَاء طَبْعَة دَارِ الوَثَائِقْ ــ الأُولَى ــ صـ: 1478)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرجل لتكون له الدرجة عند الله تعالى لَا يبلغها بعمل حَتي يبتلى ببلَاء فِي جسمه فِيبلغها بذلك " 00!!
(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلى وَأَبُو دَاوُودَ وَالطَّبَرَانَيُّ 0 الإِحْيَاء طَبْعَة دَارِ الوَثَائِقْ ــ الأُولَى ــ صـ: 1479)
وقال أَحَدُ الصَّالحِينَ: من إجلَال الله ومعرفة حقه أن لَا تشكو وجعك ولَا تذكر مصيبتك " 00!!
المَرَضْ: وعن عطاء بن رَبَاحٍ قالْ: قال لي ابن عباس رضي الله ألَا أريك امرأة من أهل الجنة 00؟
فَقلتُ: بلى، قالَ هذه المرأة السوداء؛ أتت النبيَّ صلى الله فقالتْ إِني أصرع وإني أتكشَّفْ، فادعُ الله تعالى لي، فَقَالَ صلي إِنْ شئت صبرتِ ولك الجنةُ وإن شئت دعوتُ الله تعالى أن يعافيك، قالتْ أَصْبر، فقالتْ إني أتكشفْ، فادع الله أن لَا أتكشَّفْ، فدعا لها " 00!! (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم: 5652 ــ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ تحْتَ رَقم: 2576 ــ عَبْدُ البَاقِي)
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا رأيتم العبد ألم الله به الفقر والمرض فإن الله يريد أن يصافيه " 00!!
(رواه الديلميّ ــ وَهْوَ مَوْجُودٌ بِالكَنْزِ تحْتَ رَقمْ: 16602)
بِالمَرَضْ: وَعَن يحيي بن عبد الحميد الحمامي عَنْ جريرٍ عن أبي البلَادِ قالْ: قلت للعلَاء بن بدرٍ (*)(وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)(*) وقد ذهب بصري وأنا غلَام 00!؟
قالَ فبذنوب والديك: أَيْ عَاقَبَهُمَا اللهُ فِيك، فَكَانَ مَا أَصَابَكَ لَهُمَا عِقَابَاً، وَلَكَ ثَوَابَاً 00!!
وَلِذَا قَالَ وكيعٌ ــ أُسْتَاذُ الشَّافِعِيِّ ــ عند عبد العزيز بن أبي داوود عن الضحاك قال ما نعلم أحداً حفظ القرآن ثم نسيه إلَا بذنبٍ ثم قرأ الضحاك (*)(وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)(*) 00!!
بِالمَرَضْ:
ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا بالوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما.
918** عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله، أصبت حدا فأقمه على، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها، فقال:(أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني بها) ففعل فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها.
(رواهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ تحْتَ رَقم / 1696 ــ عَبْدُ البَاقِي)
بِالمَرَضْ:
وَعَنِ القَاسِمِ بْنِ محَمَّدٍ قَالْ:
قَالَتْ أُمُّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ رَضي وَارَأسَاه؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلي بَلْ أَنَا وَارَأسَاه " 00 كَأَنَّهُ صلي يَتَأَلَّمُ لأَلَمِهَا 00!!
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5666 ــ فَتح)
919** عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فمسسته، فقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا، فقال:(أجل إني أوعك كما يوعحك رجلَان منكم)
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5667 ــ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ تحْتَ رَقم / 2571 ــ عَبْدُ البَاقِي)
وَالمرض: إنا وجدناه صابرا نعم الصبر إنه أواب ــ مدْحٌ مِنَ الله لِـ
…
... 44ك ص
وَالمرض: جاء فى بعض الأحاديث "إن المنافق إذا مرض وعوفى مثله فى ذلك كمثل البعير لَا يدرى فيما عقلوه ولَا فيما أرسلوه" وفى الأثر الإلهى "كم أعصيك ولَا تعاقبني؟ قال الله تعالى ياعبدى كم أعاقبك وأنت لَاتدرى؟ وقوله تعالى (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) أى اصبر على أذاهم ولَا تبالهم فإنك بمرأى منا وتحت كلَاءتنا والله يعصمك من الناس
المَرَضْ: وعن أنس رضي الله عنه قالْ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولْ: "إن الله عز وجل قالْ: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فَصَبَرَ عَوَّضته منهمَا الجَنَّة " 00!! وَحَبِيبَتَاهُ أَيْ عَيْنَاه 0 (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم: 5653 ــ فَتح)
39** وعن ابن مسعود رضي الله قالْ: دخلت على النبي صلى الله وهو يوعك فقلتُ: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا قالَ أجل إني أوعك كما يوعك رجلَان منكم، قلتُ: ذلك ان لك أجرين؟ قال: (أجل ذلك كذلك ما من مسلم يصيبه أذى، شوكة فما فوقها إلَا كفر الله بها سيئاته، وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها " 00!!
وَالوَعْكُ هُوَ التَّوَجُّعُ مِنَ الحُمَّى 0 (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم: 5648 ــ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ تحْتَ رَقم: 2571)
والوعك: مغث الحمى، وقيل: الحمى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالْ: " من يرد الله به خيرا يصب منه " 00!!
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5645 ــ فَتح)
المَرَضْ: 907** وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يَمْسَحُ بيده اليمني ويقول: (اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لَا شفاء إلَا شفاؤك، شفاء لَا يغادر سقما " 00!!
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5743 ــ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ تحْتَ رَقم / 2191)
908** وعن أنس رضي الله عنه أنه قال لثابت رحمه الله: ألَا ارقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى. قال: اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لَا شافي إلَا أنت، شفاء لَا يغادر سقما " 00!!
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5742)
909 ــ وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قالْ: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالَ " اللهم اشفِ سعداً، اللهم اشفِ سعداً، اللهم اشف سعداً " 00!! (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5659 ــ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ تحْتَ رَقم / 1628)
910 ــ وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص، رضي الله عنه انه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ضع يدك على الذي تالم مِنهُ جسدك وقل: بسم الله ثالَاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذرْ " 00!! (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ تحْتَ رَقم / 2202)
وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالْ:" من عاد مريضا لم يحضره أجله، فقال عنده سَبعَ مراتٍ أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك: إلَا عافاه الله من ذلك المرضْ " 00!!
(صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ تحْتَ رَقم / 6388)
وعن ابن عباسٍ أَيْضَاً أَنَّهُ صلي الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعودهن وكان إذا دخل على مَنْ يعوده قالْ: " لَا باس، طهورٌ إن شاء الله " 00 يَعْني صلي طَهُورٌ مِنْ ذُنُوبِكَ لأَنَّ المَرَضَ يَضَعُ الذُّنُوبَ عَنِ العَبْدِ كَمَا تَضَعُ الشَّجَرَةُ أَوْرَاقَهَ فِي فَصْلِ الخَرِيفْ كُمَا نَصَّتْ بِذَلِكَ أَحَادِيثُ أُخَرْ 00 (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5656)
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: (نعم) قال: بسم الله أرقيك، من كل شئ يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك) رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ري الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال: (لَا إله إلَا الله وحده لَا شريك له). صدقه ربه، فقالَ لَا إله إلَا أنا وأنا أكبرُ وإذا قالَ لَا إله إلَا الله وحده لَا شريك لهُ قالَ يقولُ لَا إله إلَا أنا وحدي لَا شريك لي، وإذا قالَ لَا إله إلَا الله له الملك وله الحمدُ قالَ لَا إله إلَا أنا ليَ الملك وليَ الحمدْ، وإذا قالَ لَا إله إلَا الله ولَا حول ولَا قوة إلَا بالله قالَ لَا إله إلَا أنا ولَا حول ولَا قوة إلَا بي، وكان يقولْ: من قالها في مرضه ثم ماتَ لم تطعمه النارْ " 00!! (أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ تحْتَ رَقم / 3430)
البَترُ بِالمَرَضْ:
وهذه قصة فى منتهى الروعة تعلمنا الرضا والقضاء والقدر حلوه ومره، خيره وشره، تقول أن ملكاً من الملوك كان له وزير صالح لَايصيبه شئ من قدو الله ـ خيراً كان أو شراً ـ إلَا قال الحمد لله، فخرجا يوماً فى رحلة صيد مع حاشيته فعنت للملك عنه بعد طبيه فأخرج سهماً من جعبته ووضعها فى قوسه ليرميها فنشب السهم فى اصبعه وأحدث الجرح تسمماً فأمر الأطباء بقطعة وإلَا انتقل التسمم والفساد إلى سائر اليد فقطع إصبع الملك، فقال الوزير الحمد لله، فاغتاظ الملك وظنها شماته من الوزير فأودعه السجن وتركه حيناً من الدهر فحمد الله، وكان يوم آخر انطلق فيه الملك فى رحلة صيد فأوغل فى الغيافى حتى يعد عن أنظار حاشيته والحرس، فأسلمته قدماه، إلى قبيلة مشركة بالله على بوابتها صنم وكان أفراد هذه القبيلة قد أصيبت بقحط مات فيه الكثير؛ فنذرت لهذا الصنم ـ إن أمطرهم بزعمهم ـ أن يذبحوا له أول إنسان يقدم عليهم من
جهة المشرق ـ ولَاية هذا الملك ـ فقدم عليهم الملك، حاول الفرار فلم يستطع، فأحاطوا به وهموا بذبحه، إلَا أنها كانت المفاجأة عندما نظروا إلى اصبع ذلك الملك فوجدوها مقطوعة، ولقد كان القوم فى غاية الكرمِ مع هذا الصنمِ إذ لَابد في تلك الذبيحة التي سيذبحونها أن تكون لَاشيةَ فيها، فخلوا سبيله00
فقال الحمد لله 00
قَدْ يُنعِمُ اللهُ بِالبَلوَى وَإِن عَظُمَتْ (*) وَيَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ القَوْمِ بِالنِّعَمِ
هنا تذكر الملكُ وزيره فأزمع على إخراجه من السجن والعفو عن وأن يقص عليه الحكاية التى حدثت معه، وبالفعل أخرجه وقال أما قطع اصبعى فما أخرجتك إلَا بعد علمى أنه حقاً خير يستحق حمد الله، لكن دخولك السجن فعلى أى شئ حمدت الله فيه؟؟
فقال له ـ وكان رجلاً أريباً لبيباً ـ ألم تر أنى لو كنت معك يومئذ أيها الملك لأمروا بذبحى؟
فما تصيبك يا أخى من مصيبة فى دنياك إلَا وينبغى عليك أن تحمد الله (أهـ)
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
هُهُمُومْ:
الهُمُومُ وَالحُزن: كتاب الرحم والحزن للحافظ بن أبى الدنيا فِي الرُّكنِ اليماني بمَكتَبَةِ أَحْمَد بَدَوِي
جَوَانِبُ مِنْ مُعَانَاتِهِ صلى فِي سَبِيلِ الدَّعْوَة:
أخرج الطبراني هَذَا الدُّعَاءَ عَن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قالْ: " فأتي ظل شجرة فصلي ركعتين ثم قال " اللهم اني اشكو إِلَيْكَ ضعف قوتي، وهواني عَلَى الناس، أرحم الراحمين، أنت أرحم الراحمين، إِلَى من تكلني؟ إِلَى عدو يتجهمني، أم إِلَى قريب ملكته أمري؟ ان لم تكن غضبان عَلَى فلَاا أبإِلَى، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عَلَيْهِ أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك، أو يحل بن سخطك لك العتبي حتي ترضي ولَا قوة الَا بالله " قال الهيثمي (6/ 35) وفيه: ابن اسحاق وهو مدلس ثقة وبقية رجاله ثقات 0 انتهي وسيأتي الحديث من طريق الزهري وغيره مطولَا في تحمل الشدائد والإِذَايا في الدعوة إِلَى الله (94/ 1 / حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ:)
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 94/ 1) 0
وأخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال: لما مر أبو طالب دخل عَلَيْهِ رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: ان ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل، ويقول ويقول، فلو بعثت إِلَيْهِ فنهيته، فبعث إِلَيْهِ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدهل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل، فخشي أبو جهل – لعنه الله – ان جلس إِلَى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عيه، فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه فجلس عنج الباب، فقال له أبو طالب: أي البن أخي، ما بال قومك يكونك ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول 00؟
قال: وأكثروا عَلَيْهِ من القول 0
وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ياعم، اني أريدهم عَلَى كلمي واحدة يقولونها، تدين لهم بها العرب، وتؤدي إِلَى هم بها العجم الجزية "
ففزعوا لكلمته ولقوله، فقال القوم: كلمَةٌ واحدة 00!؟
نعَمْ وأبيك عشراً، وما هيَ 00!؟ وقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا بن أخي00!؟
قال صلى الله عليه وسلم " لَا اله إِلَاّ الله " فقاموا فزعين ينفُضُون ثبابهم وهم يقولون: (أَجعل الآلهة إلها واحدا ان هذا لشيء عجاب)(ص: 5) 00!!
وَفِي هذا الموضع نزلَ قوله تعالى: مِن 5 / سورة: ص وَحَتي (بل لما يذوقوا عذاب)(ص: 8) –
هكذا رواه الإِمَام أحمد والنسائي وابن أبي جريرٍ كلهم فِي تفاسيرهم 0 ورواه الترمذي والحاكم (2/ 432) بمعناه وقال: حديث صَحيح الَاسناد، وقال الذهبي حديث صحيح (أ 0 هـ)
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَى لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 47/ 1)
وعند ابن اسحاق عن ابن عباس رضي الله عنه كما فِي البداية (3/ 123) – قال: لما مشوا إِلَى أبي طالب وكلموه، وهم أشراف قومه: عتبة وأبو جهل وأمية بن خلف، وأبو سُفيان بن حرب، وَرجال من أشرافهم فقالواْ يا أبا طالب، إِنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما تري، وتخوفنا عَلَيْك، وقد علمت الذي بيننا وبَيْن ابن أخيك، فادعه فخذ لنا منه وخذ له منا ليكف عنه، وليدعنا وديننا ولندعه ودينه 0
فبعث إِلَيْهِ أبو طالب فجاءهُ فقالَ يا بن أخي: هؤلَاءِ أشراف قومك قد اجتمعُوا إِلَيْكَ ليعطوك وليأخذوا منك 0
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهم، كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم " قال أبو جهل: نهم وأبيك، وعشر كلمات، قال:" تقولون: لَا اله الَا الله، وتخلعون ماتعبدون من دونه فصفقوا بأيديهم، ثم قالوا: يا محمد، أتريدُ أنْ تجعل الآلهة الها واحداً؟! ان أمرك لعجب!! قال: ثم قال بعضهم لبعض: انه – والله – ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا عَلَى دين آبائكم حتي يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرقوا فقال أبو طالب: والله يابن أخي، ما رأيتك سألتهم شططاً، فطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فجعل يقول له: " أي عم، فأنت فقلها أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة " فلما رأي حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بن أخي، والله لولَا مخافة السبة عَلَيْك وعَلَى بني أبيك من بعدي
، وأن تظن قريش أني إِنمَا قلتها جزعاً من الموت لَقُلتُهَا لَا أقولها إِلَاّ لأسرك بها 00!! (حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَى لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 48/ 1)
وعند البخاري عن ابن المسيب عن أبيه أن أبا طالب لما حَضَرته الوفَاة دخل عَلَيْهِ النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل فقال: " أي عم، قل: لَا اله الَا الله، كلمة أحاج بها عند الله " فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: ياأبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلمْ يزالَا بكلماته حتي قال آخر ما كلمهم به: عَلَى ملة عبد المطلب؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأَسْتَغفرن لك ما لم أنه عنكَ فنزلَ قَوْلُهُ تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغْفِروا للمشركين ولو كانوا اولي قربي من بعد ماتَبَين لهم أنهم أصحاب الجحيم)(التوبة: 113) ونزلت (انك لَا تهدي من أَحببت) 0
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَى لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 49/ 1)
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: اجتمع قريش يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانه والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا، فليكلمه، ولينظر مإِذَا يرد عَلَيْهِ، فالوا: مانهلم احداً غير عتبة بن ربيعة؛ قالوا: ائته ياأبا الوليد، فأتاه عتبة فقال: يامحمد، أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت سول الله صلى الله عليه وسلم قال: فان كنت تزعم أن هؤلَاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وان كنت تزعم انك خير منهم تكلم حتي نسمع قولك!! انا – والله – مارأينا سخلة قط أشأم عَلَى قومه منك، فرقـ جماعتنا، وشتـ أمرنا، وعبـ ديننا، وحتنا ي العرب، حتي لقد طار فيهم أن ي قريش ساحرا وأن ي قريش كاهنا والله ماننتظر الَا مثل صيحة الحبلي أن يقوم بهضنا إِلَى بع
بالسيوف حتي نتفاني!! أيها الرجل، ان كان إِنمَا بك الحاجة جمعنا لك حتي تكون أغني قريش رجلَا، وان كان إِنمَا بك الباه، باختر أي نساء قريش شَيْءٍت فلنزوجك عشرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فرغت؟ " قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم: (حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون) إِلَى أن بلغ (فان أعرضوا فقل أنذتكم صاعقة** مثل صاعقة عاد وثمود) فقال عتبة: حسبك!! ماعندك غير هذا؟ قال: " لَا " فرجع إِلَى قريش فقالوا: ماوراءك؟ قال: ماتركت شيئا أري أنكم تكلمونه الَا كلمته، قالوا: فهل أجابك؟ فقال: نهم، ثم قال: لَا والذي نصبها بنية مافهمت شيئا مما قال غير أنه انذركم صاعقة عاد وثمود!! قالوا: ويلك، يكلمك الرجل بالعربية لَاتدري ماقال
؟! قال: لَا والله مافهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة 0 وفي رواية للبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما تلَا قوله تَعَالَى: (فان أعروا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) أمسك عتبة عَلَى فيه وناشده الرحم أن يكف عنه ولم يخرج إِلَى أهله واحتبس عنهم، فقال أبو جهل: والله يا معشر قريش ما نري عتبة إِلَاّ صبأ إِلَى محمد وأعجبه طعامه، ومإِذَاك الَا من حاجة أصابته، انطلقوا بنا إِلَيْهِ، فأتوه، فقال أبو جهل: والله ياعتبة ماجئنا الَا أنك صبوت إِلَى محمد وأعجبك أمره، فان كان بك حاجة جمعنا لك من أموالنا مايغنيك عن طعام محمد، فغضب وأقسم بالله لَايكلم محمداً أبداً، وقال: لقد علمتم أني من أكثر قريش مالَا ولكني أتيته – وقص عَلَيْهِم القصة – فأجابني بشيء والله، ماهو بسحر ولَا بشعر ولَا كهانة، قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم (حم * تنزيل من الرحمن
الرحيم) حتي بلغ (فان أعروا فقل انذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسكت بفيه وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم ان محمداً إِذَا قال شيئا لم يكذب!! فخفت أن ينزل عَلَيْكم العذاب 0
(كذا في البداية 3/ 62 ــ حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَى لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 50/ 1)
وأخرج أبو نعيم ي دلَائل النبوة (س76) عن ابن عمر رضي الله عنه أن قريشاً اجتمعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله ** صلى الله عليه وسلم **
جالس في المسجد، فقال عتبة بن ريعة لهم: دعوني حتي أقوم إِلَيْهِ أكلمه فاني عسي أن أكون أرفق به منكم، فقام عتبة حتي جلس إِلَيْهِ فقال: يابن أخي، أراك أوسطنا بيتا، وأفلنا مكاناً، وقد أدخلت عَلَى قومك مالم يدخل رجل عَلَى قومه مثله!! فان كنت تكلب بهذا الحديث مالاً فذلك لك عَلَى قومك أن يجمع لك حتي تكون أكثرنا مالاً، وان كنت تطلب شراً نحن نشرك حتي لَايكون أحد من قومك أشر منك ولَا نقطع أمراً دونك، وان كان هذا عن ملم يصيبك فلَا تقدر عَلَى النزوع منه بذلنا لك خزائننا حتي نعذر في طلب الطب لذلك منك، والن كنت تيد ملكا ملكناك 0 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفرغتَ يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فقرأ عَلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حم السجدة، حتي مر بالسجدة، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعتبة ملق يده خل
ظهره حتي فرغ من قراءتها، ثم قام عتبة مايدري مايرجع به إِلَى نادي قومه، لما رأوه مقبلاً قالوا: لقد رجع إِلَى كم بوجه غير ماقام من عندكم، فجلس إِلَى هم فقال: يامعشَر قريش، قد كلمته بالذي أمرتموني به حتي إِذَا فرغت كلمني بكلَام، لَا والله ماسمعت أذناي مثله قط ومادربت ماأقول له!! يامعشر قريش، فأطيعوني اليَوْم واعصوني فيما بعده واتركوا الرجل واعتزلوه، فوالله ما هو بتارك ما هو عَلَيْهِ، وخلوا بينه وبين سائر العرب، فان يظهر عَلَى كم يكن شرفه شرفكم وعزه عزكم، وان يظهروا عَلَيْهِ تكونوا قد كفيتموه بغيركم، قالوا: صبأت ياأبا الوليد 0وهكذا ذكره ابن اسحاق بطوله كما ذكر في البداية (3/ 63) وأخرجه البيهقي أيضا من حديث عمر مختصراً
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَى لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 51/ 1) هموم العلماء الجزء الأَوَّل: وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مجاهدٍ عَن عَائشَةَ رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلَاه الله تعالي بالحزن ليكفرها " 00!!
وأخرج الطبراني عن طارق بن عبد الله قال: اني بسوق ذي المجاز اذ مر رجل شاب عَلَيْهِ حلة من يرد أحمر وهو يقول: " يأيها الناس، قولوا: لَا اله الَا اله تفلحوا " ورجل خلفه قد أدمي عرقوبيه وساقيه يقول: يأيها الناس، انه كذاب فلَا تطيعوه، فقلت: من هذا؟ قال: غلَام بني هاشم الذي يزعم انه " رسول الله " وهذا عمه عبد العزي، فذكر الحديث، قال الهيثمي (6/ 23) وقد وثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح (90) 0
وأخرج أحمد عن رجل من بني مالك بن كنانة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز يتخللها يقول: " يأيها الناس، قولوا: لَا اله الَا الله تفلحوا " قال: وأبو جهل يحثي عَلَيْهِ التراب ويقول: لَا يغوينكم هذا عن دينكم، إِنمَا يرد لتتركوا آلهتكم وتتركوا اللآت والعزي؛ ومايلتفت إِلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: انعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين بردين أحمرين، مربوع كثير اللحم، حسن الوجه، شديد سواد الشعر، أبيض شديد البياض سابغ الشعر، قال الهيثمي (6/ 21) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 0 انتهي وأخرجه البيهقي أيضا بمعناه الَا أنه لم يذكر نعته صلى الله عليه وسلم كما في البداية (3/ 139)
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 88/ 1)
عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة عَلَى بكر
وأخرج الحافظ أبو نعيم عن العباس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولَا أري لي عندك ولَا عند أخيك منعه، فهل أنت مخرجي إِلَى السوق غداً حتي نقر في منازل قبائل الناس " وكانت مجمع العرب فقلت هذه كندة ولفها وهي أفضل من بحج البيت من إِلَى من، وهذه منازل بكر بن وائل وهذه منازل بني عامر بن صعصهه، فاختر لنفسك؟ قال فبدأ بكندة فأتاهم فقال:" ممن القوم؟ " قالوا: من أهل إِلَى من قال: " من أي إِلَى من؟ " قالوا: من كندة، قال:" من أي كندة؟ " قالوا: من بني عمرو بن معاوية، قال:" فهل لكم إِلَى خير؟ " قالوا: وماهو؟ قال: " تشهدون أن لَا اله الَا الله وتقيمون الصلَاة وتؤمنون بما جاء من عند الله " قال عبد الله بن الَاجلح: وحدثني أبي عن أشياخ قومه أن كندة قالت له: ان ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان الملك لله يجعله حيث يشاء " فقالوا: لَاحاجة لنا فيما جئتنا به، وقال الكلبي: فقالوا: أجئتنا لتصدنا عن آلهتنا وننابذ العرب، الحق بقومك فلَا حاجة لنا بك 00!!
فانصرف من عنهم فأتي بكر بن وائل فقال: " ممن القوم؟ " قالوا: من بكر بن وائل قال: " من أي بكر بن وائل " قالوا: من بني قيس بن ثعلبة، قال:" كيف العدد؟ " قالوا: كثير مثل الثري قال: " فكيف المنعه؟ " قالوا: لَامنعة جاورنا فارس فنحن لَانمتنع منهم ولَا نجير عَلَيْهِم قال: " فتجعلون لله عَلَى كم ان هو اأبقاكم حتي تنزلوا منازلهم، وتستنكحوا نساءهم، وتستعبدوا أبناءهم أن تسبحوا لله ثلَاثا وثلَاثين، وتحمدوه ثلَاثا وثلَاثين، وتكبروه أربعا وثلَاثين " قالوا: ومن أنت؟ قال: " أنا سول اله " ثم انطلق فلما ولي عنهم قال الكلبي: وكان عمه أبو لهب يتبعه فيقول للناس: لَاتقبلوا قوله، ثم مر أبو لهب فقالوا: هل تعرف هذا الرجل؟ قال: نعم، هذا في الذروي منا، فعن أي شأنه تسألون؟ فأخبروه بما دعاهم إِلَيْهِ وقالوا: زعم أنه " رسول الله " قال: الَا لَاترفعوا برأسه قولَا،
فانه مجنون يهذي من أم رأسه، فقالوا: قد رأينا ذلك حين ذكر من أمر فارس " 00!!
والمعني: قال لهم أبو لهب انه مجنون فلَا تصدقوه فقالوا عرفنا جنونه صلى الله عليه وسلم عندما ظل يعدنا بكنوز فارس 00!!
كذا فِي البداية (3/ 140)
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 82/ 1)
وَانظرْ حَدِيثَيْنِ بِالفَقرِ بَكَى فِيهِمَا الرَّسُولْ
هُمُومٌ فِي حَيَاةِ الرَّسُولْ
عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة عَلَى بني كعب
وأخرج أبو نعيم في دلَائل النوة (ص 100) عن عبد الرحمن العامري عن أشياخ من قومه قالوا: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بسوق عكاظ فقال: " ممن القوم؟ قلنا: من بني عامر بن صعصعة، قال: " من أي بني عامر؟ " قلنا: بنو كعب بن ربيعة، قال: " كيف المنعة فيكم؟ " قلنا: لَايرام ماقبلنا، ولَا يصلي بنارنا فقال لهم: " اتي رسول الله فان اتيتكم تمنعوني حتي أبلغ رسإِلَى ربي؟ ولم أكره أحدا منكم عَلَى شيء " قالوا: ومن أي قريش أنت؟ قال: " من بني عبد المطلب " قالوا: فأين أنت من بني عبد مناف؟ قال: " هم أول من كذبني وطردني " قالوا: ولكنا لَانطردك ولَا نؤمن بك، ونمنعك حتي تبلغ رسالة ربك قال: فنزل إِلَى هم والقوم يتسوقون اذ أتاهم بجرة بن قيس القشيري فقال: من هذا الذي أراه عندكم؟ أنكره قالوا: محمد بن عبد الله القرشي قال: مالكم وله؟ قالوا: زعم
لنا انه رسول الله يطلب إِلَى نا ان نمنعه حتي يبلغ رسالة ربه قال: فمإِذَا رددتم عَلَيْهِ؟ قالوا: قنا: في الرحب والسعه نخرجك إِلَى بلَادنا ونمنعك مما نمنع به أنفسنا، قال بجرة: ماأعلم أحدا من أهل هذه السوق يرجع بشيء أشر من سيء ترجعون به بدأتم لتنابذ الناس وترميكم العرب عن قوس واحدة قومه أعلم به لو آنسوا منه فآنس من جانب الطور نارا خيرا لكانوا أسعد الناس به تعمدون إِلَى رهيق رَجُلٌ قد طرده قومه وكذبوه فتؤونه وتنصرونه فبئس الرأي رأيتم ثم أقبل عَلَى رسول الله ** صلى الله عليه وسلم **
فقال: قم فالحق بقومك فوالله لولَا انك عند قومي لربت عنقك قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى ناقته فركبها فغمز الخبيث بجرة شاكلتها فقمصت برسول الله صلى الله عليه وسلم فألقته وعند بني عامر يومئذ ضباعة بنت عامر بن قرط ـكانت من النسوي اللَاتي أسلمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكه ـجاءت زائرة إِلَى بني عمها فقالت: ياآل عامر ـولَا عامر لي ـأيصنع هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم، لَا يمنعه أحد منكم؟ فقام ثلَاثة نفر من بني عمها إِلَى بجرة واثنين أعاناه، فأخذ كل رجل رجلَا فجلد به الأض، ثم جلس عَلَى صدره ثم علو وجوههم لطما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم بارك عَلَى هؤلَاء، والعن هؤلَاء " فأسلم الثلَاثة الذين نصروه فقتلوا شهداء وهلك الآخرون لعنا واسم الَاثنين
اللذين نصرا بجرة بن فراس: حزن بن عبد الله ومعاوية بن عبادة وأما الثلَاثة الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغطريف وعطفان ابنا سهل، وعروة بن عبد الله وأخرجه الحافظ سعيد ابن يحيي بن سعيد الأموي في مغازيه ع، أبيه به، كما في البداية (3/ 141) (حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 80/ 1)
وأخرج أحمد عن ابن عباس ضي الله عنه قال: لما أنزل الله (وانذر عشيرتك الَاقربين) اتي النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عَلَيْهِ ثم نادي: " ياصباحاه " فاجتمع الناس إِلَيْهِ ين رجل يجيء إِلَيْهِ وين رجل يبعث رسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يابني عبد المطلب يابني فهر يابني كعب أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلَا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عَلَى كم صدقتموني؟ قالوا: نعم قال: " فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد "
فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليَوْم أما دعوتنا الَا لهذا؟ وأنزل الله عز وجل: (تبت يدا أبي لهب وتب) وأخرجه الشيخان بنحوه كما في البداية (3/ 38) 77
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 77/ 1)
عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة في مواسم الحج
وعَلَى قبائل العرب
عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة عَلَى بني عامر وبني محارب
أخرج أبو نعيم في دلَائل النبوة (ص 101) عن عبد الله بن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلَاث سنين من نبوته مستخفيا ثم اعلن في الرابعة، فدعا عش سنين يوافي الموسم يتبع الحاج في منازلهم: بعكاظ ومجنة وذي المجاز يدعوهم إِلَى أن يمنعوه حتي يبلغ رسالة ربه عز وجل ولهم الجنة، فلَا يجد أحدا ينصره، حتي انه يسأل عن القابئل ومنازلهم قبيلة قبيلة، حتي انتهي إِلَى بني عامر بن صعصعة فلم يلق من أحد من الأذي قط مالقي منهم حتي خرج من عندهم وانهم ليرمونه من ورائه حتي انتهي إِلَى بني محارب بن خصفه فوجد فيهم شيخا ابن مائة سنة وعشرين سنة فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاه إِلَى الإِسْلَام زم يمنعه حتي يبلغ رسالة ربه قال الشيخ: أيها الرجل قومك أعلم بنبئك والله لَايئوب بك رجل إِلَى أهله الَا آب بشر مايئوب به أهل الموسم
فأغن عنا نفسك وان ابا لهب لقائم يسمع كلَام المحاربي ثم وقف أبو لهب عَلَى المحاربي فقال: لو كان أهل الموسم كلهم مثلك لترك هذا الدين الذي هو عَلَيْهِ انه صابيء كذاب قال المحاربي: أنت ـوالله ـأعرف به هو ابن أخيك ولحمتك ــ أي من لحمك ودمك ــ ثم قال المحاربي: لعل ياأبا عتبة ـلما؟ فان معنا رجلَا من الحي يهتدي لعلَاجه فلم يرجع أبو لهب بشيء غير إِذَا رآه وقف عَلَى حي من أحياء العرب صاح به أبو لهب: انه صابيء
كذاب (حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 77/ 1)
عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة عَلَى الجماعة
مبالغة رؤساء قريش في اظهار العناد والتحدي
أخرج ابن جرير عن ابن عباس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبا سفيان بن حرب، ورجلاً من بني عبد الدار، وأبا البختري، وأبا البختري، أخا بني الأسد بن عبد المصلب بن أسد، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية بن خل والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابن الحجاج السهميين اجتمعوا ـأو من اجتمع منهم ـبعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إِلَى محمد فكلموه وخاصموه حتي تعذروا فيه فبعثوا إِلَيْهِ أن اشراف قومك قد اجتمهوا لك ليكلموك، فجاءهم رسول الله هـ صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أنه قد بدأ في أمره بداء ـوكان عَلَيْهِم عريصا يحب رشدهم ويعز عَلَيْهِ عنتهم ــ حتي جلس إِلَى هم فقالوا: يامحمد، انا قد بعثنا إِلَيْكَ لنعذر فيك، وانا ـوالله ـمانهلم رجلَا من العرب أدخل عَلَى قومه ماأدخلت عَلَى قومك!! لقد
شتمت الآباء، وعبت الدين وسفهت الأحلَام، وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة، فما بقي من قبيح الَا وقد جئته فيما بيننا وبينك، فان كنت إِنمَا جئت بهذا الحديث تطلب به مالَا جمعنا لك م، أموالنا حتي تكون أكثرنا مالَا، وان كنت إِنمَا تطلب الشرف فينا سودناك عَلَى نا، وان كنت تريد ملكا ملكناك عَلَى نا وان كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عَلَيْك ــ وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي ــ فربما كان ذلك، بذلنا أموالنا في طلب الطب حتي نبرئك منه أو نعذر فيك 0
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مايي ماتقولون ماجئتكم يما جئتكم به أطلب أموالكم ولَا الشرف فيكم، ولَا الملك عَلَى كم ولكن الله بعثني إِلَى كم رسولَا وانزل عَلَى كتابا وامرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالَات ربي ونصحت لكم فان تقبلوا مني ماجئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة وان تردوه عَلَى أصبر لأمر الله حتي يحكم الله بيني وبينكم"
فقالوا: يامحمد فان كنت غير قابل منا ماعرضنا عَلَيْك فقد علمت أنه ليس أحد من الناس اضيق بلَاداً ولَا أقل مالاً، ولَا أشد عيشا منا فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت عَلَى نا وليبسط لنا بلَادنا وليفجر فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا من مضي من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلَاب فانه كان شيخا صدوقا نسألهم عما تقول أحق هو أم باطل؟ فان صنعت ماسألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وانه بعثك رسولَا كما تقول فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما بهذا بعثت إِنمَا جئتكم من عند الله بما بعثني به، فقد بلغتكم ماأرسلت به إِلَى كم فان تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وان تردوه عَلَى أصبر لأمر الله حتي يحكم الله بيني وبينكم "
قالوا: فان لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك، فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك، وتسأله فيجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما نراك تبتغي ـفانك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه ـحتي نعرف فضل منزلتك من ربك، ان كنت رسولَا كما تزعم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ماأنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا ومابعثت إِلَيْكَ بهذا، ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً فان تقبلوا ماجئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وان تردوه عَلَى أصبر لأمر الله حتي يحكم اله بيني وبينكم "
قالوا: فأسقط السماء كما زعمت أن ربك ان شاء فعل ذلك فانا لن نؤمن لك الَا ان تفعل فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " وذلك إِلَى الله ان شاء فعل بكم ذلك " فقالوا: يامحمد، اما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك مانطلب؟ فيقدم إِلَيْكَ ويعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ماهو صانع في ذلك بنا إِذَا لم نقبل منك ماجئتنا به فقد بلغنا انه إِنمَا يعلمك هذا رجل بإِلَى مامة يقال ÷ " الرحمن " وانا ـوالله ـلَانؤمن بالرحمن ابداً فقد أعذرنا إِلَيْكَ يامحمد أما والله لَانتركك ومافعلت بنا حتي تهلكك أو تهلكنا، وقال قائلهم: نحن نعبد الملَائكة وهي بنات الله، وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتي تأتي بالله والملَائكةِ قبيلَا ــ أي معا نعاينهم كما نراك رأي العين ــ فلما قالوا ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقام معه عبد الله بن أبي
أميه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ـوهو ابن عمته عاتكة ابنة عبد المطلب ـفقال: يامحمد عض عَلَيْك قومك ماعرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك ثم سألوك أن تعجل لهم ماتخوفهم به من العذاب فوالله لَا أومن بك ابدا حتي تتخذ إِلَى السماء سلما ثم ترقي به وأنا انظر حتي تأتيها وتأتي مشعك بصحيفة منشورة ومعك أربعة من الملَائكة يشهدون لك أنك كما تقول وايم الله لو فعلت ذلك لظننت اني لَاأصدقك ثم انصرف عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أهله حزينا آسفا لما فانه مما كان طمع فيه من قومه حين دعوه ولما رأي من مباعتهم اياه (رواه زياد بن عبد الله البكائي عن ابن اسحاق عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعكرمه عن ابن عباس رضي الله عنه ـفذكر مثله سوغاء كذا في التفسير
لَابن كثقير (3/ 62) والبداية (3/ 50)
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 73/ 1)
وظل صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه عَلَى قبائل العرب وأَحيائِهم فَيكذبون ويسخرون منه حتي كان لقاؤه مع أهلِ يثرب فوجد في قلوبهم رقةً فعرض عَلَيْهِم دعوته وأسمعهم شيئا من القرآن فآمنوا به وصدقوه ووعدوه بالنصرة 0
فمر العباس بن عبد المطلب وهو يكلمهم ويكلمونه، فهر صوت النبي {فقال: ابن أخي، من هؤلَاء الذين عندك؟ قال: ياعم سكان يثرب: الأوس والخزرج، قد دعوتهم إِلَى مادعوت إِلَيْهِ من قبلهم من الأحياء فأجابوني وصدقوني، وذكروا أنهم يخرجونني إِلَى بلَادهم فنزل العباس بن عبد المطلب وعقل راحلته ثم قال لهم: يامعشر الأوس والخزرج، هذا ابن أخي ـوهو أحب الناس إِلَى ـفان كنتم صدقتموه وآمنتم به وأردتم اخراجه معكم فاني أريد أن آخذ عَلَى كم موثقا تطمئن به نفسي ولَا تخذلوه ولَا تغروه ان جيرانكم إِلَى هود وإِلَى هود له عدو ولَا آمن مكرهم عَلَيْهِ، فقال أسعد بن زراره ـوشق عَلَيْهِ قول العباس حين اتهم عَلَيْهِ سعدا وأصحابه ـقال: يارسول الله ائذن لنا لنجبه غير مخشنين بصدرك ولَا متعرين لشيء مما تكره الَا تصديقا لَاجابتنا اياك، وايمانا بك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " أجيبوه غير متهمين " فقال أسعد بن زرارة ـوأقبل عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه ـفقال: يارسول الله ان لكل دعوة سبيلَا ان لين وان شدة، وقد دعوت اليَوْم إِلَى دعوة متجهمة للناس متوعرة عَلَيْهِم دعوتنا إِلَى ترك ديننا واتباعك عَلَى دينك وتلك رتبة صعبة فأجبناك إِلَى ذلك ودعوتنا إِلَى قطع مابيننا وبين
الناس من الجوار والأرحام، القريب والبعيد، وتلك رتبة صعبة فأجبناك إِلَى ذلك ودعوتنا ونحن جماعة في دار عز ومنعه لَا يطمع فيها أحد أن يرأس عَلَى نا رجل من غيرنا قد أقرده قومه وأسلمه أعمامه وتلك رتبة صعبة فأجبناك إِلَى ذلك، وكل هؤلَاا الرتب مكروهه عند الناس الَا من عزم الله عَلَى رشده والتمس الخير في عواقبها وقد أجبناك إِلَى ذلك بألتنا وصدورنا وأيدينا، ايمانا بما جئت به، وتصديقا بمعرفة ثبتت في قلوبنا، نبايعك عَلَى ذلك ونبايع ربنا وربك، يد الله فوق ايدينا ودماؤنا دون دمك، وأيدينا دون يدك، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ونساءنا فان نفي بذلك فلله نفي، وان نغدر فبالله نغدر ونحن به أشقياء، هذا الصدق منا يارسول الله، والله المستعان 0
ثم أقبل عَلَى العباس بن عبد المطلب بوجهه فقال: وأما أنت أيها المعترض لنا بالقول دون النبي صلى الله عليه وسلم ــ والله أعلم ماأردت بذلك ـذكرت أنه ابن اخيك وأحب الناس إِلَيْكَ، فنحن قد قطعنا القريب إِلَى نا والبعيد وذا الرحم ونشهد أنه رسول الله، الله أرسله من عنده، ليس بكذاب وان ماجاء به لَايشبه كلَام البشر، وأما ماذكرت أنك لَاتطمئن إِلَى نا في أمره حتي تأخذ مواثيقنا فهذه خصلة لَانردها عَلَى أحد أرادها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ ماشَيْءٍت، ثم التت إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله، خذ لنفسك ماشَيْءٍت، واشترط لربك ماشَيْءٍت (ابو نعيم في الدلَائل 105 ـحَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ:(87 ــ89) 0
(حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الآولَي لِلمَكْتَبِ الثَّقَافِي وَدَارِ الحَدِيثْ: 88/ 1)
هُمُومُ العُلَمَاءْ:
1111111
590** عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا، فلعله يزداد، وإما مسيا فلعله يستعتبْ " (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5673 ــ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ تحْتَ رَقم / 2682 ــ عبْدُ)
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإنه إذا مات إنقطع عمله، وإنه لَا يزيد المؤمن عمرة إلَا خيرا).
591** وعن أنس رضي الله عنه قال: قالك رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه فإن كان لَابد فاعلَا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " 00!!
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم / 5671 ــ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ تحْتَ رَقم / 2680 ــ عَبْدُ البَاقِي)
بالحُزن:
هل تحسدوني على فقري فيا نكدي (*) حَتي على الفقر لَا أنجو من الحسد
أرى قوماً وجوههم حسانٌ (*) إذا كانت حوائجهم إلينا
(*)(*)(*)(*)(*)
وعن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَايتمنين أحدكم الموت لضر أصابه فإن كان لَابد فاعلاً، فليقل: اللهم احينى ما كانت الحياة خيراً لى، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيراً لى" متفق عليه. (البخارى: 1756، مسلم: 2680).
بِالحُزن: حتي انقلب علينا (*) أقرب الناس إلينا
راى بنيّ صغار الحي قد غنمواْ (*) في ليلة العيد أشياءً وما غنما
فجاء يسأل مالَا لست أملكه (*) ولو أتى طالبا روحى لما حرما
فرحت في كل ما يرجو أؤمّله (*) فكان قولى له أملَا ولي ألما
لمّا رأت أمّه حالى وحالته (*) مالت لناحية تبكي الدموع دما
حتي انقلب علينا (*) أقرب الناس إلينا
راى بنيّ صغار الحي قد غنمواْ (*) في ليلة العيد أشياءً وما غنما
فجاء يسأل مالَا لست أملكه (*) ولو أتى طالبا روحى لما حرما
فرحت في كل ما يرجو أؤمّله (*) فكان قولى له أملَا ولي ألما
لمّا رأت أمّه حالى وحالته (*) مالت لناحية تبكي الدموع دما
فكم قد حُرِمْنَا وَكَمْ قَدْ ظلِمْنَا (*) إِلي أنْ نسِينَا مذاق السعادة
هُمُومُ العُلَمَاءْ:
وعن أبي عبد الله خَبَّابِ بن الأرتّ رضي الله عنه قالْ: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بُرْدَةً له في ظل الكعبةِ فقلنا ألَا تستنصرُ لنا، ألَا تدعو لنا 00!؟
فقالَ صلي قد كان مَنْ قَبلَكم يؤخَذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فِيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمهِ ما يصده ذلك عن دينه، والله لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمر حَتي يسير الرَّاكِبُ مِنْ صَنعَاءَ إلى حَضرَمَوتِ لَا يخاف إلَا اللهَ والذئبَ على غنمه، ولكنلكم تستعجلون " 00!!
وَقَوْلُهُ " حَتي يَسِيرَ الرَّاكِبُ 000 إِلخ " كِنَايَةٌ عَن عِزَّةِ المُسْلِمِينَ وَمَنَعَتِهِمْ وَقِلَّةِ اللُّصُوصِ يَوْمَئِذٍ 0
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقمَي / 3852، 6943 ــ فَتح)
أَعَجَزْتَ أَنْ تَكُونَ مِثلَ هَذَا الغُلَامْ 00!؟
وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلى غلَاما أعلمه السحر، فبعث إليه غلَاما يعلمه، وكان في طريقه وقعد إليه، فإذا اتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر.
فبينما هو على ذلك غذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم اعلم السحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره. فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلَا تدل على، وكان الغلَام يبرئ الأكمة والَابرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء. فسمع جليس للملك كان قد عمى، فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما ههنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقالك إني لَا اشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك، فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: ولك رب غيرى؟، قال: ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلَام فجئ
بالغلَام، فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما بترئ الَاكمة والأبرص وتفعل وتفعل فقال: إني لَا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى د\ل على الرلَااهب، فجئ بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشقه حتى وقع سقاه، ثم جئ بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك فأَبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه، قم جئ بالغلَام فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته فَمُرُوهُ أَنْ يَرجع عن دينه وإلَا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللهم اكفينيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فدفعه إلى نفر من الصحابه فقال: اذهبوا به فقال: البلهم اكفنيهم بما
شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك. فقال له
الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خُذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهعم في كبد القوس ثم ق: بسم الله رب الغلَام ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم الله رب الغلَام، ثم رماه فوقع السهم في صدرِه فماتْ؛ فقال الناسْ: آمنا برب الغلَامْ، فأتى الملك فقيل له: أَرأيت ما كنت تحذرْ00؟ قد آمن الناسْ 00!!
فأمر بالأُخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران وقالَ مَنْ لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، ففعلوا حتي جاءت امرأة ومعها صبي لها؛ فتقاعست أن تقع فيها فَأَنْطَقَهُ اللهُ الذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ فقالَ لها " يا أماهُ اصبري فإنك على الحق) (رواه مسلم ــ 3005 ــ عَبْدُ البَاقِي)
هموم العلماء الجزء الثاني: إنه من يتق ويصبر فإن الله لَا يضيع أجر المحسنين 90ك يوسف
هموم العلماء الجزء الثاني: واصبر وما صبرك إلَا بالله ولَا تحزن عليهم
…
127م النحل
هموم العلماء الجزء الثاني: واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
…
17ك لقمان
هموم العلماء الجزء الثاني: واصبر وما صبرك إلَا بالله 127م النحل
هموم العلماء الجزء الثاني:
وعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: " إن أَطْوَلَكم حزْناً فِي الدنيَا أَطوَلُكمْ فَرَحَاً فِي الآخِرَة، وَإِن أَكثرَكمْ شِبْعَاً فِي الدنيَا أَكثَرُكمْ جُوعَاً فِي الآخِرَة " 00!!
…
(أَخْرَجَهُ وَابْنُ عَسَاكِرْ 0 كَمَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُ الكَنْزِ تحْتَ رَقمْ: 16578)
هموم العلماء الجزء الثاني: عن كعب بن عجرة قال: لقيت النبى صلى الله عليه وسلم يوماً فرأيته متغيراً قلت بأبى أنت مالي أراك متغيراً؟ قال: ما دخل جوفى ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلَاث، فذهبت فإذا يهودى يسقى إبلاً له فسقيت له على كل دلو بتمرة فجمعت تمراً فأتيت به النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: من أين لك يا كعب؟ فأخبرته، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أتحبنى يا كعب؟ قلت بأبى أنت نعم، قال: إن الفقر إلى من يحبني أسرع من السيل إلى معادنه وإنه سيصيبك بلَاء فأعد له تجفافاً أى فأعد له عدته ففقده النبى صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل كعب؟ قالوا مريض، فخرج يمش حتى دخل عليه فقال له: أبشر يا كعب (رواه ابن عساكر)
عن غيلَان بن سلمة الثقفي قال: قال رسول الله ** صلى الله عليه وسلم **: اللهم من آمن بي وصدقني وعلم أن ما جئت به الحق من عندك فأقلل ماله وولده وحبب إليه لقاءك، وم لم يؤمن بى ولم يصدقني ولم يعلم أن ما جئت به إلحق من عندك فأكثر ماله وولده وأطل عمره (رواه ابن عساكر)
هموم العلماء الجزء الثاني:
قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ لَكِنَّ الفِتَنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ لمْ تَكُنْ كَعَهْدِنَا، ثُمَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَأَواْ رَسُولَ اللهِ وَنحْنُ لمْ نَرَه 00!؟
وَهَذَا أَقُولُ لَهُ أَمَّا عَنِ الأَمْرِ الأَوَّلِ فَلَيْسَ كَمَا تَرَاءَى لَك 00
1 ــ اسْتِضْعَافُ المُسْلِمِينَ وَإِيذَاءُ الرَّسُولِ وَإِيذَائِهِمْ 00!!
2 ــ صَحِيفَةُ المُقَاطَعَةِ وَتجْوِيعِهِمْ بِرَغْمِ فَقرِهِمْ وَشِدَّةِ جُوعِهِمْ 00!!
3 ــ حُرُوبُهُ صلي مَعَ المُشْرِكِين، وَالحَرْبُ هِيَ الحَرْبُ قَتلٌ وَأَسْرٌ وَسَفكٌ لِلدِّمَاء 00!!
4 ــ حُرُوبُ الرِّدَّةِ وَافتِتَانِ النَّاسِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ الله صلي 00!!
5 ــ وَقعَةُ الجَمَلِ وَصِفينَ وَاخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ حَوْلَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رضي 00!!
أَمَّا عَنْ قَوْلِكَ أَنَّهُمْ رَأَوْ رَسُولَ اللهِ صلي وَلَمْ نَرَهُ فَتُقَابِلُهَا:
1 ــ آيَاتٌ بَاهِرَاتٌ تَأَكَّدَ بِهَ صِدْقُ الإِسْلَامِ أَذكُرُ مِنهَا عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ لَا الحَصْرِ الإِعْجَازُ العِلمِيُّ فِي القُرْآن 00!!
2 ــ يُسْرُ اعْتِنَاقِ الإِسْلَامِ وَيُسْرُ أَنْ تَأمَنَ عَلَى مَالِكَ وَدَمِك 00!!
(*)(إِنَّ اللهَ لَا يَظلِمُ مِثقَالَ ذَرَّة)(*) 0 (*)(وَلَا يَظلِمُ رَبُّكَ أَحَدَا)(*)
هموم العلماء الجزء الثاني:
وعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: " إن أَطْوَلَكم حزْناً فِي الدنيَا أَطوَلُكمْ فَرَحَاً فِي الآخِرَة، وَإِن أَكثرَكمْ شِبْعَاً فِي الدنيَا أَكثَرُكمْ جُوعَاً فِي الآخِرَة " 00!!
(أَخْرَجَهُ وَابْنُ عَسَاكِرْ 0 كَمَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُ الكَنْزِ تحْتَ رَقمْ: 16578)
هموم العلماء الجزء الثاني:
وعن خباب بن الأرت رضي قالْ: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردائه فِي ظل الكعبة فشكونا إليه فقلنا: يا رسول الله، ألَا تدعو الله تستنصره لنا 00!؟
فجلس محمراً لونه ثم قالْ: " إن من كان قبلكم ليؤتى بالرجل فِيحفر له فِي الأرض حفِيرة ويجاء بالمنشار فِيوضع على رأسه فِيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه " 00!!
هُمُوم ــ 2:
وقال داود: عليه السلام: يا رب ما جزاء الحزين الذي يصبر على المصائب ابتغاء مرضاتك 00؟
قالَ جزاؤه أن ألبسه لباس الإيمان فلَا أنزعه عنه أبدا " 00!! (الإحياء الطَّبْعة الآولَى لِدَارِ الوَثَائِقِ: 1415)
هموم العلماء الجزء الثاني:
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَن أُمَّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ رضي عَنِ النَّبيِّ صلى أَنَّهُ قَالْ: " إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ العَبْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُكَفِّرُهَا ابْتَلَاهُ اللهُ بِالحُزْنِ لِيُكَفِّرَهَا عَنه " 00!! (ابْن كَثِير: 123 ــ النِّسَاء)
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ
ممُصِيبْ:
مَصَائِبُ أُخْرَى: الزلَازل والرياح (23553 ــ 23560) جـ (8)
مَصَائِبُ أُخْرَى:
وعن عَلى رضي قالْ: " أَيما رجل حبسه السلطان ظلما فمات فهو شهيدْ، وإن ضربه فمات فهو شهيدْ " 00!!
(الإِحْيَاء طَبْعَة دَارِ الوَثَائِقْ ــ الأُولَى ــ صـ: 1479)
وقال أَحَدُ الصَّالحِينَ: من إجلَال الله ومعرفة حقه أن لَا تشكو وجعك ولَا تذكر مصيبتك " 00!!
مَصَائِبُ أُخْرَى:
وعن الحسن البصري رحمه الله أن رجلَا من الصحابة رضي الله عنهم رأى امرأة كان يعرفها فِي الجاهليةِ فكلمها ثم تركها، فجعل يلتفت إليها وهو يمشى فصدمه حائطٌ فأثر فِي وجهه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهُ فقالْ:" إذا أراد الله بعبد خيرا عجل له عقوبة ذنبه فِي الدنيا " 00!! (أَخْرَجَهُ َابْنُ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانَيُّ 0 الإحياء طَبْعة دَارِ الوَثَائِقِ الآولَى: بَابُ الرُّكنِ الثَّالِثُ مِنَ الصَّبرِ وَالشُّكر: 1480)
مَصَائِبُ أُخْرَى:
لَا تَغْتَمّ وَلَا تَهْتَمّ (*) وَلَا تَنْدَمْ عَلَى مَا تَمّ
مَصَائِبُ أُخْرَى:
وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي قالْ: قَالَ رسول صلى: "من يرد الله به خيرا يصب منه " 00!! (رواه البخارى)
قال صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: " إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة فِي بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا " 00!!
(الإِحْيَاء طَبْعَة دَارِ الوَثَائِقْ ــ الأُولَى ــ صـ: 1478)
وروى أن رجلَا قال يا رسول الله ذهب مالى وسقم جسمى فقال صلى الله عليه وسلم: " لَا خير فِي عبد لَا يذهب ماله ولَا يسقم جسمه، إن الله إذا أحب عبدا ابتلَاه، وإذا ابتلَاه صبره " 00!!
(أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنيَا 0 الإِحْيَاء طَبْعَة دَارِ الوَثَائِقْ ــ الأُولَى ــ صـ: 1478)
مصائب أخرى ــ السرقة:
ويروى عن بعض الصالحين أنه خرج يوما وفِي كمه صرة فافتقدها فإذا هي قد أُخِذَتْ من كمه فقالَ بارك الله له فِيها لعله أحوج إليها مني 00!!
لَا في العتمة
والماس لَا يوجد * دوما إ لَا في الطين
وَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَضِيعُ العَالِمُ بَينَ أَهْلِه؛ فَلَا تُفْرِطْ فِي لَوْمِ النَّاسِ إِذَا مَا ضيّعوا دما ضيّعه أهله 00؟
وَلِذَا قَالَ سَيِّدُنَا لُقْمَانُ لَابْنِهِ وَهْوَ يَعِظُهُ وَأمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصْبرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ لمِن عَزْمِ الأُمُورْ؛ لأَنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الدَّعْوَةِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُبْتَلَى " قِصَّة الغُلَامْ 00 سُورَةُ البُرُوجْ "، وَلِذَا أَيْضَاً (*)(وَتَوَاصَواْ بِالصَّبْرِ)(*) بَعْدَمَا قَالَ (*)(وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ)(*)
لَا تَسأَلَن مِنِ ابِنِ آدَمَ حَاجَةً (*) وَسَلِ الذِي أَبْوَابُهُ لَا تحْجَبُ
فَاللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ (*) أَمَّا ابْنُ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
ومن طريف ما رَوَتْهُ بَعْضُ كُتُبِ الأَدَبِ في ذلك أن امرأةً يقال لها أم جعفرَ كانت تحسن إلى الفقراء، فاجتمع عَلَيْهِا ذَاتَ يَوْمٍ سائلَانِ كَانَ يقولُ أحدهما أسأل الله من فضل أم جعفر، ويقول الآخر أسأل اللهَ من فضلِه، فكانت تعطى كل واحد منهما دجاجة ودرهمين، لكنها كانت تضعُ عشرة دراهمَ داخل الدجاجةِ التي كَانَتْ تُعْطِيهَا لِلَّذِي يسأل الله من فضلها، فكان هذا الغبيُّ يَبِيعُ الدَّجَاجَةَ للَّذِي يسأل الله من فضلهِ بِدِرْهَمٍ فَيَذهَبُ بِدِرْهَمَيْنِ وَيَذهَبُ مَنْ يَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ بِدَجَاجَتَيْنِ وَعَشْرَة دَرَاهِم 00!!
فَإِذا سَأَلتَ فَاسأَلِ الله وَدَعْكَ مِن أم جَعْفَر، وَكُنْ كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
وَلَا تَسأَلِ النَّاسَ مِنْ فَضْلِهِمْ (*) وَلَكِن سَلِ اللهَ مِن فَضلِهِ
مَلِكُ المُلُوكِ أَحَقُّ بِالسُّؤَالِ مِنَ المُلُوك
أحسن أحد الملوك إلى لبيدٍ الشاعرِ فَأَمَرَ ابنَتَه أَنْ تجيبَهُ فأجابته بقصيدة عصماءَ ختمتها بهذا البيتْ:
فَعُدْ إِنَّ الكريمَ له مَعَادٌ (*) وظني بابن أروى أن يعودا
فقال لها أحسنت، غير أنك استزدتيه ـ أَيِ اسْتَقْبَحَ مَسْأَلَتَهَا ـ فقالت لَهُ يا أبتِ إِنَّ الملوكَ لَا يُسْتَحْيَى مِنْ سؤالهم؛ فقالَ لها أنتِ والله فِي هَذِهِ أشعر 00!!
فَتَدَبَّرْ يَا أَخِي: إذا كَانَ هَذَا هُوَ الحَالُ فِي سُؤَالِ المُلُوكِ فَكَيْفَ بمَلك الملوك 00!!؟
وَأَن تَسفَّ الترَابْ (*) خَير منْ ذلِّ الأَبوَابْ
فَإن قَنِعَ الهزَبْر بقوت كَلبٍ (*) فَليْسَ الفَضل إلَا في الأَسَامي
فلَا طابَ لنا عَيش (*) إذَا بالذل رَضينا
إن تطْعمواْ الليثَ شَهْدَا (*) تجرعه غسْلينا
فدَعوه سيَجوع (*) حينا وَيَشبع حينا
فَنَفَسكَ أَكرمْهَا فَإنكَ إنْ تَهُن (*) عَليك فلنْ تلقى لها قط مُكْرِمَا
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " عز المؤمن استغناؤه عن الناس " 00!!
(رواه الطبرانيّ)
وعن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألتهُ فأعطاني ثُمَّ قَالْ:
يا حكيم: إن هذا المال خضر حلو؛ فمن أخذه بسخاوة نفس ـ أَيْ بِنَفسٍ غَنِيَّةٍ قَنُوعَةٍ ـ بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس ـ أَيْ بِطَمَعٍ وَتَهَافُتٍ ـ لم يبارك له فيه، وكان كالذِي يأكل ولَا يشبعْ، وَاليَدُ العليا خير من اليَدِ السُّفلى، فقلتُ والذِي بعثك بالحقِّ لَا أَرزَأ أَحَدَاً بعدك شيئاً حَتي أفارق الدنيا ـ أَيْ لَا أَسْأَلُ أَحَدَاً بعدك شيئاً حَتي أفارق الدنيا ـ فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيماً ليعطيه العطاءَ فيأبى أن يقبلَ منه شيئا، ثم إن عمر رضي الله عنه دعاهُ ليعطيهُ فأبى أن يقبله؛ فقالَ ـ وَالقَائِلُ عُمَرْ ـ يا معشر المسلمينَ أشهدكم على حكيمٍ أني أعرضُ عليه حقه الذِي قَسَمَهُ اللهُ لهُ فِي هذا الفيْءِ فيأبى أن يأخذه " 00!!
(أَخْرَجَهُ البخاريُّ بِرَقم: 1472 / فَتح 0 وَمُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ: 1035)
حَقَّاً رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللهَ عَلَيْه 00!!
وعن عَمْرِو بنِ تَغْلِبَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بمالٍ أو سبيٍ فقَسَّمَهُ فأعطى رجالاً وترك رجالاً، فبلغه أن الذِين تَرَكَ عَتَبُواْ؛ فَحَمِدَ اللهَ ثم أثني عليهِ ثم قالَ: أَمَّا بعد: فَوَاللهِ إني لأعطي الرجلَ وَأَدَعُ الرجلَ والذِي أدع أَحَبُّ إِلَى مِنَ الذِي أعطي، ولكني إنما أعطي أقواماً لما أرى فِي قلوبهم من الجَزَعِ وَالهَلَعْ، وأكل أقواماً إلى ما جعل الله فِي قلوبهم من الغني والخيرِ مِنهُمْ عَمْرُو بنُ تَغْلِبْ " 00!!
يَقُولُ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ فواللهِ ما أحبُّ أَنَّ لي بكلمةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُمْرَ النَّعَمْ 00!!
(أَخْرَجَهُ الإِمَامُ البخاريُّ تحْتَ رَقمْ: 923 ـ فَتح 0 وَالهَلَعُ هُوَ الجَزَعْ)
عن سعيد بن عبد الرحمن قال: " كنت مع موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بمكة وقد نفدت نفقتي فقال لي بعض ولد الحسن ابن علي: من تؤمل لما نزل بك 00؟ فقلت موسى بن عبد الله فقالَ إذَنْ لَا تقضى حاجتك ولَا تنجح طلبتك فقلت وما علمت قال: لأني وجدت فى كتب آبائي يقول الله جل جلاله: ومجدي وارتفاعي في أعلى مكاني لأقطعن أمل كل مؤمل غير بالإياس، ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس، ولأنحِّيَنَّهُ من قربي ولأبعدنه من فضلي أيؤمل في الشدائد غيري وأنا الحي 00؟ ويرجى غيري وبيدى مفاتيح الأبواب وهى مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني ألم يعلموا أن من قرعته نائبه منن مخلوق لم يملك كشفها غيري فما لي أراه يأمله معرضاً غني؟ ومإِلَى أراه لَاهياً عني أعطيته بجودى وكرمي ما لم يسألني ويسأل غيري، ابدأ بالعطية قبل المسألة ثم أسأل أفلَا أجود، أبخيل أنا فيبخِّلني عبدي؟ أو ليس الجود والكرم لي؟ أو ليس الفضل والرحمة
والخير فى الدنيا والآخرة بيدي؟ فمن يقطعها دوني أفلَا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيرى؟ فلو أن أهل سماواتي وأهل أرضى أملوا جميعاً ثم أعطيت واحداً منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو بعوضة وكيف ينتقص ملك أنا قيمة، فيا بؤساً لمن عصاني ولم يراقبني، فقلت: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمْلِ عليَّ هذا الحديث فلَا سألت أحداً بعد هذا حاجة " 00!! (ابن النجار 0 الكَنز: 17145)
وعن سفيان صخر بن حربٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالْ: " لَا تلحفوا فِي المسألة، فواللهِ لَا يسألني أحد منكم شيئاً فتُخْرِجَ لهُ مَسْألتُهُ مِني شيئاً وأنا له كارهٌ فيباركَ له فيما أعطيته " 00!! (مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ بِرَقمْ: 1038)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالْ: " لَا تزال المسألة بأحدكم حَتي يلقى الله سبحانه وتعالى وليس فِي وجهه مُزْعَةُ لحم " 00!!
(أَخْرَجَهُ البخاريُّ بِرَقمْ: 1474 ـ فَتح 0 وَمُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ: 1040)
وَعَنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وهو على المنبرِ، وذكر الصَّدَقَةَ وَالتعَففَ عَنِ المسْألَة:" اليَدُ العُليا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفلى: وَاليَدُ العُليَا هِيَ المنفقة، والسُّفلى هيَ السائلة " 00!!
(أَخْرَجَهُ البخاريُّ بِرَقمْ: 1429 / فَتح 0 وَمُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ بِرَقمْ: 1033 / عَبْدِ البَاقِي)
وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَعْمَلُ حَطاباً، يَكُدُّ وَيَتعَبُ وَيَعْرَقُ وَيَأتي بالقُوتِ آخرَ اليَوْمِ إلى أولَاده وَقَدْ هَدَّهُ التعب، فَمَكَثَ أَيَّامَاً لَا يخرجُ إلى عمله حتى جاع أولَاده وَبَدَتْ عَلَيْهِمْ أَمَارَاتُ الفَاقَةِ وَالجُوعِ؛ فشكا أَقْرِبَاؤُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ إِلى رجل حَكِيمٍ كَانَ يَتَرَدَّدُ عَلَيْهِ فأتاهُ وقالَ له ما الذي أقعدك في البيتِ يَا فُلَان 00!!؟
قال كنت أحتطبُ ذاتَ يومٍ كعادتي يا سيدي فَرَأَيْتُ غراباً مكسور الجناحين، مُقَطَّعَ السَّيقَان، عاجزاً عن الطيران، يَبْدُو كَالمَيِّتِ وَمَا هُوَ بمَيِّت، لَكِني كُنتُ عَلَى يَقِينٍ مِن أَنَّهُ سَيَمُوتُ إِن عَاجِلاً أَوْ آجِلاً، فَمضى بِي مِنَ الأيامِ ما مضى وَأُتيتُ إلى ذلك المكانِ فَقلتُ أَنظُرُ ماذَا فعل الغراب، فوجدته كما هو عَلَى قيد الحياةِ لم يمتْ؛ فقلتُ في نفسي إِنَّ لهذا الغرابِ لَشَأناً؛ فَقَعَدْتُ مِنهُ غيرَ بعيدٍ سَائِرَ اليَوْمِ وَقُلتُ أَنظُرُ حَالَهُ، فَبينما شمسُ المغربِ قَدْ آذنتْ بالمغيبِ إذ بَعَثَ اللهُ غراباً يبحثُ في الأرضِ فَأَعْطَى هَذَا الغُرَابَ العَاجِزَ كِسْرَةً مِنَ الخُبْزِ كَانَ يَقضم عَليهَا بفَمه، فَقلتُ فِي نَفسِي وَاللهِ إِنَّ الذي رَزَقَ هَذَا الغرَابَ العَاجزَ لَقَادِرٌ عَلَى أَنْ يَرْزُقَني، فَرَجَعْتُ إِلَى بَيتي
وَقَعَدْتُ فِيهِ بِلَا عَمَل 00!!!
هنا قال له الحكيم ـ وقد استوعب تمَامَاً ما سمِعَ ـ وَلمَ اخْتَرْتَ لنفسِك أَنْ تكونَ الغرابَ العَاجِزَ وَلمَ تخْتَرْ أَنْ تَكُونَ الغرابَ القَوِيّ 00!!؟
وَعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: " من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثرْ " 00!!
(أَخْرَجَهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ بِرَقمْ: 1041 ـ عَبْدِ البَاقِي)
وَعَنِ ابنِ مَسْعُود رضي الله عنه أَنَّ قَال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: " من أَصَابَتْهُ فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها باللهِ يوشك الله له برزق عاجلٍ أو آجلْ " 00!!
[صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ في بِالمِشْكَاةِ بِرَقم: 1852 / وَفي صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقمْ: 6041]
وَيُوشِكُ هُنَا لَيْسَ مَعْنَاهَا " يحْتَمَلْ " كَمَا يَظُنُّ الكَثِيرُونَ وَإِنمَا هِيَ هُنَا بمَعْني يُسْرِع؛ ومنه قَالُواْ وشيكاً أَيْ سريعاً 00!!
وَعَن أَبِي بِشْرٍ قُبَيصَةَ بن المخَارِقِ رضي الله عنه قال: " تحَمَّلتُ حَمَالةً ـ أَيْ تحَمَّلَ غُرْمَاً خِلَالَ فَضِّهِ لِنزَاعٍ بَينَ اثنَين ـ فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقالَ أقم حَتي تأتينا الصدقةُ فنأمر لك بها، ثم قالَ يا قُبَيصَة: إن المسألة لَا تحل إلَا لأحد ثلَاثة: رَجل تحَمَّل حَمَالةً فحلت له المسألة حَتي يُصِيبَهَا ثُمَّ يمْسِك، وَرَجُلٌ أصابته جائحة ـ أَيْ مُصِيبَةٌ ـ اجْتَاحَتْ مالهُ فحلت له المسألة حَتي يُصِيبَ قِوَامَاً مِن عَيْشٍ أَوْ قالَ سِدَادَاً مِن عَيْش ـ أَيْ مَا يَسُدُّ بِهِ حَاجَتَه ـ ورجل أصابته فاقةٌ ـ أَيْ فَقرٌ شَدِيدٌ ـ حَتي يقول ثلَاثة من ذوى الحجى من قومه ـ أَيْ من عقلَائِهِمْ ـ لقد أصابتْ فلَاناً فاقة: فحلت له المسألة حَتي يُصِيبَ قِوَامَاً مِن عَيْشٍ أَوْ قالَ سِدَادَاً مِن عَيْش،
فما سواهن من المسألة يا قُبَيصَةُ سُحْتٌ يأكلها صَاحِبُهَا سُحْتَاً " 00!!
(أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ بِرَقمْ: 1041 ـ عَبْدِ البَاقِي 0 كَمَا صَحَحَهُ الأَلبَانِيُّ بمُشْكِلَةِ الفَقرِ تحْتَ رَقمْ: 82)
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يتساءل الرجل في الجائحة أو الفتق ليصلح بِهِ بين قومهِ فإذا بلغ أو كرب استعف " 00!!
(حم طب ق عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده 0 الكَنز: 16788)
أَيْ يحِقُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَنْ يُعْطُوهُ مَالاً لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ بَيْنَهُمَا دِيَاتٌ أَوْ غَرَامَات كَجمْعَ التَّبَرُّعَات، وَهُوَ مَا قَصَدَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِه: " أَوْ
وَعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: " ليس المسكين الذِي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكنَّ المسكينَ الذِي لَا يجد غنيً يغنيه، ولَا يفطن له فيتصدق عليه ولَا يقومُ فيسأل الناس " 00!!
(أَخْرَجَهُ الإِمَامُ البخاريُّ بِرَقمْ: 1479 / فَتح 0 وَمُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ: 1039)
وَعَنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عن أبيه أَنَّهُ قال: " كان رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاءَ فأقولُ أعطه من هو أفقرُ إِلَيْهِ مِني فقالَ خذهُ، إذا جاءك من هذا المال شَيْءٌ وأنت غيرُ مُشْرِفٍ ـ أَيْ طَامِعٍ ـ وَلَا سَائِلٍ خذه فتمولهُ فَإِنْ شِئتَ كله، وإن شِئتَ تصدقْ بِهِ، وَمَا لَا ـ أَيْمَا لَمْ يَأتِكَ هَكَذَا ـ فلَا تتبعه نفسَك " 00!!
(أَخْرَجَهُ الإِمَامُ البخاريُّ بِرَقمْ: 7136 / فَتح 0 وَمُسْلِمٌ بِكِتَابِ الزَّكَاةِ: 1045 / عَبْدِ البَاقِي)
وَعَنهُ قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ذهباً إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله أعطني فأعطاه ثم قال: زدني فزاده مراراً ثم ولى مدبراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليأتني فيسألني فأعطيه، ثمَّ يسألني فأعطيه ثم يولي مدبراً وقد أخذ بيده ناراً ووضع في ثوبه ناراً وانقلب إلى أهله بنار " 00!! (ابن جرير الطبري 0 الكَنْز: 17122)
عن رجل من أهل الرَّبْذَةُ يقال له عبد الرحمن أو أبو عبد الرحمن قال: " أتى رجل أبا ذر يسأله فأعطاه شيئاً، فقيل له إنه غنيٌّ فَقالَ وما أحفل أن يجِيءَ يوم القيامة يخمش وجهه " 00!!
وَمَا كَانَ أَبُو ذّرٍّ لِيَقُولَ هَذَا مِنْ تِلقَائِ نَفسِهِ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ 0
[ابن جرير الطبري 0 الكَنْز: 17127 / وَالرَّبْذَةُ اسْمُ مَوْضِعٍ]
المَسْأَلَةُ وَمَتي تجُوز
وَعَنْ سَيِّدِنَا عليٍّ [كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ] أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها فإِنما هيَ رَضَفَةٌ مِنْ رَضَفِ جَهَنَّم، قالواْ يا رسول الله وما ظهر غني 00!؟
قالَ صلى الله عليه وسلم عشاء ليلة " 00!! (رواه الدارقطني 0 الكَنز: 17144)
أَدَبُ المَسْأَلَة
عن أصبغ بن نباتةَ قال: " جاء رجل إلى عليٍّ [كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ] فقالَ يا أمير المؤمنين إن لي إِلَيْكَ حاجة قد رفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إِلَيْكَ فان أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك، وإن أَنْتَ لم تقضها حمدت الله وعذرتك، فقال عليٌّ اكتبْ على الأرض فإِني أكره أن أرى ذُلَّ السؤال في وجهك، فكتب إني محتاج، فقالَ عليَّ بحلة فأتي بها فأخذها الرجل فلبسها ثم أنشأ يقول:
كَسَوتَني حلة تَبلَى محَاسنهَا (*) فَسَوفَ أَكسُوكَ مِن حُسْنِ الثنَا حُلَلَا
إن نلت حسنَ ثَنَائِي نِلتَ مَكرُمَةً (*) وَلَستَ أَبْغِي لمَا قَدْ قُلتُهُ بَدَلَا
إِنَّ الثنَاءَ لَيُحْيى ذِكرَ صَاحِبِهِ (*) كَالغَيث يحبي نَدَاه السَّهْلَ وَالجَبَلَا
فقال عليٌّ عليَّ بالدنانير، فأتي بمائة دِينَارٍ فدفعها إِلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ حلةٌ ومائةُ دينارِ يا أمير المؤمنين 00!؟
فَقَالَ [كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ] نعم؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أنزلواْ الناس منازلهمْ، وهذه منزلة هذا الرجل عندِي " 00!!
(رواه ابن عساكر وأبو موسى المُدَينيّ: شَيْخُ البُخَارِيّ 0 الكَنْز: 17146) مَاَ تَفعَلُ إِذَا قُدِّمَتْ إِلَيْكَ صَدَقَةٌ وَأَنْتَ غَيرُ محْتَاجٍ إِلَيْهَا
وَعَن سالم بن عَبْد الله بن عمرَ عَن أبيه عَبْد الله بن عمر عن عُمَرَ بِنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قال: " كان رَسول الله صلى الله عليه وسلم يعطينى العَطاءَ فأقولُ أَعْطِهِ مَن هوَ أَفقَر إِلَيْهِ مني، فَيَقُولُ خُذهُ، إذَا جَاءَكَ من هَذَا المال شَيْءٌ وَأَنت غَير مشرف ـ أَيْ مُتَطَلِعٍ ـ ولَا سائلٍ فخذه فتموله ـ أَيْ فَخُذهُ ـ فَإن شئتَ كلهُ وَإن شئتَ تَصَدق به، وما لَا ـ أَيْ مَا لَم يجئكَ ـ فَلَا تتبعه نفسَك
قال سالِم: فكان عَبْدُ اللهِ ـ أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَر: أَبُوهُ ـ لَا يسأل أحداً شيئاً، ولَا يرد شيئاً أعطيه " 00!! [البُخَارِيُّ: 7163 / مسلم: 1045]
وَعن سَيِّدِنَا عُمَرُ رضي الله عنه قال: " أرسل إِلَيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال فرددته، فلما جئتهُ قالَ ما حملك على أن ترد ما أرسلت به إِلَيْكَ " 00!؟
قلتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَلَيْسَ قَد قلتَ لي أَن لَا تَأخُذَ مِن الناسِ شَيئَاً 00؟
قالَ إنما ذاك أن لَا تسْأَلَ، وَأَما مَا جَاءَكَ من غَير مَسأَلَة فَإِنما هوَ رزق رَزَقَكَهُ الله "00!!
[رَوَاهُ البَيهَقِيُّ وَأَبُو يَعْلى وَابنُ عَبدِ البر 0 الكَنز: 17150]
عن عبد الله بن زياد أن عمر بن الخطاب أعطى سعيد بن عامر ألف دينار، فقالَ لَا حاجة لي فيها، أعط من هو أحوج إِلَيْهِا مني، فقال عمرُ على رسلك حتى أحدثك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن شِئتَ فاقبل وإن شِئتَ فدعْ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَال: " من أعطِيَ شيئاً على غير سؤال ولَا استشراف نفسٍ فإنه رزق من الله فليقبله ولَا يردُّه؛ فقال سعيدٌ أنت سمعتَه من رسول الله 00؟
قال نعم، فقبله 00!! (ابن عساكر 0 الكَنز: 17155)
عن ابن السعديِّ رضي الله عنه قال استعملني عمر على الصدقة، فلما أَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ أعطاني عَمَالَتي ـ أَيْ أُجْرَتي ـ فقلت إنما عملت وأجرتي على الله، قالَ خذ ما أَعطيتك فإِني عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني فقلت مثل قولك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا أَعطيتك شيئاً من غير أن تسألني فكل وتصدق " 00!! (ابن جرير0 الكَنز: 17156)
عن نافع أن المختار بن أبى عبيد كان يرسل إلى عَبْد الله ابن عمر بالمال فيقبله ويقول:
" لَا أسأل أحداً شيئاً ولَا أرد ما رزقني الله " 00!! [جرير0 الكَنز: 17158]
وَلَا غَرَابَةَ فَمَنْ تَأَمَّلَ فِقهَ عُمَر: لَا يَتَعَجَّبُ مِنْ فِقهِ ابْنِ عُمَر 00
وَيَنْشأُ وَاحِدُ الفِتيانِ مِنَّا (*) عَلَى مَا كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
وَعَن عَائِذِ بْنِ عَمْروٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالْ: " لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي المَسْأَلَةِ مَا مَشَى أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ يَسْأَلُهُ شَيْئَا " 00!! (النَّسَائِيُّ 0 الكنز: 17721)
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ:
" مَلعُونٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ الله، وَمَلعُونٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ " 00!!
(الكنز: 17725)
اطلبوا الحوائج إلى ذوى الرحمة من أمتى ترزقوا وتنجحوا فإن الله سبحانه وتعالى يقول: رحمتي فى ذوي الرحمة من عبادي ولَا تطلبوا الحوائج عند القاسية قلوبهم فلَا ترزقوا ولَا تنجحوا فإن الله يقول: إن سخطي فيهم (عق طس عن أبى سعيد 0 الكَنز: 16801)
وَقالَ سَيِّدُنَا دَاودُ عليه السلام: " إدخالك يدك في فم التنين إلى أن تبلغ المرفق فيقضمها خير لك من أن تسأل من لم يكن له شَيْء ثم كان " 00!!
[ابن عساكر عن أبى هريرة 0 الكَنز: 16804]
وَيقصد بهذا الكلَام عليه السلام أنك إن كنت لَا محالة سائلاً فلتسأل ذوى ذوي المروءة من الناس أو ذوى الدِّين أو ذوى سلطان، أو ذوي أَيِّ شَيْء ترجِّح به نجح طلبك عندهم 0
" اطلبوا المعروف من رحماء أمتى تعيشوا فى أكنافهم فإن فيهم رحمتي ولَا تطلبوه من القاسية قلوبهم فإن اللعنة تنزل عليهمْ، يا عليّ: إن الله خلق المعروف وخلق له أهلاً فحببه إِلَيْهِمْ وحبب إِلَيْهِمْ فعاله، ووجه إِلَيْهِمْ طلَابه كما وجه الماء في الأرضِ الجدبة لتحيى به ويحيى بِهِ أهلها، يا عَليّ: إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة " 00!!
[رواه الحاكم في المستدرك عن سيدنا على بن أبى طالب 4/ 321 ـ الكَنز: 16807]
" اسْتَعِينُواْ عَلَى قَضَاءِ الحوائج بِالكِتمَان؛ فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ محْسُود " 00!!
[صَحَّحَهُ شَيْخُنَا الأَلبَانِيُّ في الصَّحِيحَةِ بِرَقم: 1453 / الكنز: 16809]
اطلبوا حوائجكم عند حسان الوجوه فإن قضى حاجتك قضاها بوجه طليق وإن ردك ردك بوجه طليق فرب حسن الوجه دميمه عند طلب الحاجة ورب دميم الوجه حسنه عند طلب الحاجة " 00!!
[ابن أبي الدنيا فى قضاء الحوائج عن عمرو بن دنيار، مرسلاً / الكنز:16810]
وَابْدَأ بِالأَقرِبَاءِ فَإِنَّهُمْ أولى بأن تطلب مِنهُم حاجتكَ وَتُطلِعُهُمْ عَلَى أَسْرَارِك؛ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تصلح المسألة لغَنيٍّ إلَا من ذي رحم أو سلطان " 00!!
[رواه الطبرانى عن سمره 0 الكنز / 16813]
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لأَنَسٍ: " ألَا أعلمك ما علمني جبريل إذا كانت لك حاجة إلى بخيل شحيح أو سلطان جائر أو غريم فاحش تخاف فحشه فقل: اللهم إنك أنت العزيز الكبير وأنا عبدك الضعيف الذليل الَذِي لَا حول له ولَا قوة إلَا بك، اللهم سخر لى فلَاناً كما سخرت فرعون لموسى ولين لي قلبه كما لينت الحديد لدواد فإنه لَا ينطق إلَا بإذنك، ناصيته فى قبضتك وقلبه فى يدك جل ثناء وجهك يا أرحم الراحمين " 00!!
(الديلميُّ عن أنس 0 الكنز/16815)
وأخرج البيهقيّ عن عمر أن رسولَا الله صلى الله عليه وسلم قال إذا آتاك ما لم تسأله ولم تشره إِلَيْهِ نفسك فاقبله فانما هو رزق ساقه الله إِلَيْكَ (الكنز ـ 16817)
إذا جاءك من هذا المال شَيْء وأنت غير مشرف ولَا سائل فخذه ومالَا، فلَا تتبعه نفسك (أخرجه البُخَارِيُّ عن عمر)
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: " يا عائشة: من أعطاك عطاءً من غير مسألة فاقبليه؛ فَإِنما هو رزق عرضه الله عليك " 00!!
…
[متفق عليه]
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: " إذا أُعْطِيتَ شَيئَاً من غَير أَن تَسأَلَ فَكل وَتَصَدق " 00!!
[رواه مسلم وأبو داود والنسائى]
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن المسألة كَدٌّ يَكُدُّ بها الرجلُ وجههُ ـ أَيْ يخْدِشُهُ ـ إلَا أن يسأل الرجُلُ سلطاناً أو في أمر لَابد منه " 00!!
[صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ بِصَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقم: 1947 / وَالتِّرْمِذِيُّ بِرَقم: 681، 687 / الكَنْز: 16699]
وَرَوَى أَبُو دَاوُودَ وَالنَّسَائِيُّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ:
" إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ سَائِلاً فَاسْأَلِ الصَّالِحِين " 00!!
كَمَا رَوَى أَبُو دَاوُودَ أَيْضَاً عَن جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول:
" لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللهِ إِلَاّ الجنَّة " 00!!
[رواه أَبُو دَاوُودَ في سُنَنِهِ أَيْضَاً تحت رقم: 1655 بِكِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ ذَمِّ السُّؤَالْ ـ الكَنْز: 16731]
وَعَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيَّ رضي الله عنه عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن سَأَلَ الناسَ مَسأَلَة وَهوَ عَنهَا غَني كَانَت شَيئَاً في وَجهِهِ يَومَ القِيَامَة " 00!!
[رواه أحمد 0 الكَنْز: 16733]
وَعَنْ ثوبانَ أَيْضَاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالْ: " منْ تكفل لي أنْ لَا يسألَ النَّاسَ شيئا وَأتكفلُ لهُ بالجنة 00؟
فقَالَ ثَوْبَانُ أنا يا رسول الله، فَكَانَ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئَاً، حَتي أَنَّ السَّيِّدَةَ عَائشة كانت تقولُ تعاهدوا ثوبان فَإِنهُ لَا يسأل أحدا شيئاً، وكان يسقط منه العصا والسواكُ فلَا يسألُ أحداً أنْ يناوله إياهُ حتي ينزل فيأخذه " 00!!
[صَحَّحَهُ الألبانيُّ بِصَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقم: 6604 / وَفي التَّرْغِيبِ بِرَقم: 857 / أَمَّا زِيَادَةُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ فَذَكَرَهَا البيهقيُّ في الشعبِ وَأبو داودَ في سُنَنِهِ بِرَقْم / 1643]
2222222
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن سَأَلَ الناسَ مِن غَيرِ فَاقَةٍ نَزَلَت بِهِ أَو عِيَال لَا يطِيقهم جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ بِوَجهِهِ لَيسَ عَلَيهِ لحم، وَمَن فَتَحَ عَلَى نَفسِهِ بَابَ مَسأَلَة مِن غَيرِ فَاقة نَزَلَت بِهِ فَتَحَ الله عَلَيهِ بَابَ فَاقَة مِن حَيث لَا يحتَسِب " 00!! [رواه ابن جرير والبيهقيّ عن ابن عباس 0 الكَنز: 16743]
" مَن يستغن يغنه الله ومن يستعف يعفه الله وَاليَدُ العليا خير من اليَدِ السفلى، ولَا يفتح أحد باب مسألة إلَا فتح الله عليه باب فقر " 00!!
[ابن مسعد عن أبى سعيد 0 الكنز: 16780]
وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " مَنْ فَتَحَ بَابَ مَسأَلَة فَتَحَ الله لَهُ بَابَ فَقر في الدنيَا وَالآخرة، وَمَنْ فَتَحَ بَابَ عَطِيَّةٍ ابتغاءً لوَجْهِ اللهِ أَعْطَاهُ اللهُ خَيرَ الدنيَا وَالآخِرَة " 00!!
[رواه ابن جرير في التهذيب عن أبى هريرة 0 الكَنز: 16745]
" لَا يفتح عبْد باب مسألة إلَا فتح الله عليه باب فقر، لأن يأخذ أحدكم أحبُلهُ فَيَأتيَ الجَبَلَ فَيَحتَطبَ عَلَى ظَهره فَيبيعَه فَيَأكلَه خَيرٌ لَه من أَن يَسأَلَ الناسَ معطَى أَو ممنوعَاً " 00!!
[ابن جرير في تهذيبه عن أبى هريرة 0 الكَنز: 16747]
سمِعَ عُمَرُ رضي الله عنه سَائلاً يَسأَل بَعدَ المغرب فَقَالَ لوَاحدٍ مِن قَومه عَش الرَّجُل، فَعَشَّاه ثم سمِعَه يَسأَلُ ثَانيَاً فَقَالَ أَلَم أَقل لَكَ عَشِّ الرَّجُل 00!؟
قالَ قد عَشَّيتهُ يَا أًَمِيرَ المُؤمِنِين، فنظر عُمرُ فإذا تحت يده مخلَاةٌ مملوءةٌ خُبْزَاً فقالَ لَهُ: لستَ سَائلَا وَلكنكَ تَاجر، وَأَخَذَ المخلَاةَ وَنَثَرَهَا بَينَ يَدَي إِبِلِ الصَّدَقَة وَضَرَبَه بالدِّرَّةِ ـ أَيْ بِالسَّوْطِ ـ وقالَ لَا تَعُدْ " 00!! [الإِحْيَاء ـ بَابْ تحْرِيمِ السُّؤَالِ مِت غَيرِ ضَرُورَة: 1569]
ولولَا أن سؤاله كان حراماً لما ضربه وَأَخَذَ مخلَاته 00!!
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِن قوماً يجيئوني فأعطيهم ما يتأبطون إلَا النار، قيل: لم تعطيهم؟ قال: إنهم يخيزوني بين أن أعطيهم أو أبخل وإنى لست ببخيل وإن الله لم يرض لى البخل (الخرائطى فى مكارم الأخلَاق عن جابر)(الكنز: 16756)
وروي البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" والذي نفسي بيده لَان يأخذ أحدكم حبله فيحتطب علي ظهره خير من أن يأتي رجلَا قد أعطاه الله من فضله فيسأله أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَه " 00!!
وَرُوي عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قالَ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول أعطه من هو أفقر مني فَيَقُولُ لِي خذهُ، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرفٍ ولَا سائلِهِ فخذه وإلَا فلَا تتبعه نفسك " 00
(أخرجه البخاريُّ وَمسلم)
وقال أحد الصالحين لأَحَدِ السَّائِلِينَ لَا تكلمني في حَاجَتِكَ ولكن اكتبها (في رقعة) ثم ارفعها إِلَى فإِني أكرهُ أن أري ذل السؤالِ في وجهك 00!!
مَن عَفَّ خَفَّ عَلَى الصَّديق لِقَاءُهُ (*) وَأَخُو الحوَائِجِ وَجْهُهُ مَمْلُولُ
وَعن أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عوفِ بن مالكٍ الأشجَعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قالْ: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعةً أو ثمانيةً أَوْ سَبْعَةً فقالَ أَلَا تبايعون رسول الله 00!؟
وَكُنَّا حَدِيثي عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، فقلنا قد بايعناكَ يا رسول الله، ثُمَّ قَالَ أَلَا تبايعون رسول الله 00!؟
فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلنَا قد بايعناكَ يا رسول اللهِ فَعَلَامَ نُبَابِعُك 00؟
قالَ عَلَى أنْ تعبدوا اللهَ ولَا تشركواْ بِهِ شيئا، والصلواتِ الخمسِ وَتُطِيعُواْ، وَأَسَرَّ كلمة خفيةً " ولَا تسألواْ الناس شَيئَاً " يَقُولُ عَوْف:" فَلَقَد رَأَيت بَعضَ أولَئكَ النفَرَ يسقط سَوطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يسألُ أحداً يناولُهُ إِيَّاه " 00!!
(أخرجه مسلمٌ تحْتَ رَقْم: 1043)
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " اليَدُ العليا خير من اليَدِ السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله " 00!! [البُخَارِيُّ: 1427، مسلم: 1034]
وعن سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا تلحفواْ في المسألة، فَوَالله لَا يَسْأَلُني أَحَدٌ منكم شيئاً فتخرجَ له مسألته منى شيئاً وأنا له كارهٌ فيبارك له فيما أعطيته " 00!! [رواه مسلم: 1038]
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " لَا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله سبحانه وتعالى وليس في وجهه مُزْعَةُ لحم " 00!! [البُخَارِيُّ: 1474 / مسلم: 1040 ـ وَالمُزْعَةُ هِيَ القِطعَة]
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبرِ وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة:
" اليَدُ العليا خير من اليَدِ السفلى، وَاليَدُ العليا هِيَ المنفقة، والسُّفلى هيَ السائلة " 00!!
لأنها تكون أسفل وتلك الأعلى [البخَارِيُّ: 1429 / مسلم: 1033]
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر " 00!! [رواهُ 000000: 1041]
عن سيدنا عَبْد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " الأَيْدِي ثلَاثة: فَيَدُ الله جل جلاله العُليَا، وَيَد المعْطِي التي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائلِ هِيَ السُّفلى إِلى يَومِ القِيَامَة، فَاستَعِفَّ عَنِ السؤَالِ مَا استَطَعْتَ " 00!! [رواه أحمد والبيهقى والحاكم وأبو نعيم الكنز: 17667]
وَرَوَى سَيِّدُنَا أَنَسٌ رضي الله عنه عَنهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " من كان له قوت ثلَاثة أيام لم يحل له أن يسأل الناس شيئاَ " 00!! [الكنز: 16774]
وَعَنْ زِيَادِ بْنِ الحَارِثِ رضي الله عنه عَنهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " من سأل الناس عن ظهر غنى فصداعٌ في الرأس وداءٌ في البطن " 00!!
[أَيْ يَدْعُو عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِصُدَاعٍ في الرَّأسِ وَبِدَاءٍ في البَطن 0 الكَنز: 16784]
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " من يبايعني على أن لَا تسألواْ الناس شيئاً ولكم الجنة " 00!!
(طب عن أبى أمامة 0 الكَنز: 16785)
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِنَفَرٍ سَأَلُوهُ: " لَا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع " 00!! [أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ عن سَيِّدِنَا علي0 الكَنز: 16786]
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " والَذِي نفس محمد بيده لو تعلمون ما أعلم في المسألة ما سأل رجل رجلاً وهو يجد ليلة تُبَيِّتُهُ " 00!!
[أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ عن عائد بن عمرو بن هلَال المزني 0 الكَنز: 16790]
وَلِذَا رُوِيَ عَنهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " إذا رددت على السائل ثلَاثاً فلم يرجع فلَا عليك أن تَزْبُرَهُ " 00!!
[رواهُ الطبرانيُّ وابنُ النَّجَّارِ عن أبى هريرة 0 وَتَزْبُرُهُ أَيْ تَنهَرُهُ وَتُغلِظُ لهُ في القَول 0 الكَنز: 16791]
وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس المسكين الَذِي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الَذِي لَا يجد غنى يغنيه ولَا يفطن لهُ فيتصدق عليه، ولَا يقوم فيسأل الناس " 00!! [البُخَارِيُّ: 1479 / مسلم: 1039]
قال الله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا قُضيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا في الأَرضِ وَابتَغُوا مِن فَضلِ الله}
[الجمعة:10]
وعن أبى عبد الله الزبير بن العوام، وَرُوِيَ أَيْضَاً عَن حَكِيمِ بْنِ حِزَام رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأَن يَأخذَ أَحَدكم أَحْبُلَهُ ـ أَيْ حَبَائِلُه ـ ثم يَأتي الجَبَلَ، فَيَأتي بحزمَة من حَطَب عَلَى ظَهرِهِ فَيَبيعَها فَيَكف الله بهَا وَجهَهُ خَير له من أَن يَسأَلَ الناسَ أَعطوه أَو مَنَعوه " 00!! [أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ بِرَقم: 1471، 2074 / وَمُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقم: 1042 / الكَنز: 16787]
وَتَقدِيرُ الكَلَامِ أَيْ لأَنْ يحتَطِبَ أَحَدُكُمْ خَيرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئَا 00!!
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: " ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيَّ الله دَاوُودَ عليه السلام كان يأكل من عمل يده " 00!!
[أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ: 2072]
وانظر إلى نساء الصحابة رضي الله عنه كيف كانت تأخذ الواحدة منهن بتلَابيب زوجها قبل الخروج إلى طَلَبِ المَعِيشَةِ وتقول له اتق الله فينا ولَا تطعمنا إلَا من حلَال؛ فَإِنَّا نصبر على الجوع ولَا نصبر على حر جهنم 00!!
وَتَأَمَّلْ مَوقفَ المهَاجرينَ وَالأَنصَار ـ وَمَا أَروَعَ المَوقفَين ـ كَيفَ كَانَ الأَنصَارِيُّ يَأتي بمالِهِ وَيُقَسِّمُهُ إلى شطرين، ويقول لأخيه المهاجر خذ أحبهما إِلَيْك، ويخيره بين زوجاته ويقول له انظر خيرهن أطلقها لك فتتزوجها فما يكون من المهاجر إلَا كل خير، حيث تتجلى أسمى صور العفة في قوله لأخيه بارك الله لك يا أخي في مالك وفي أهلك ولكن دُلَّني على السُّوق 00!!
ومن هنا كان الحديث العظيمُ لِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذلك والَذِي توجَّه به إلى المهاجرين:
" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته لدُنيَا يصِيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إِلَيْهِ " 00!!
وَرَحِمَ اللهُ الشَّاعِرَ القَائِل:
أَمَا والَذِي لَا يَعلَمُ الغَيبَ غَيره (*) وَيحيى رفَاتَ العَظمِ وَهْوَ رَمِيمُ
لَكَم منْ لَيَال بت فيهن طَاويَاً (*) مخَافَةَ يَومَاً أَنْ يُقَالَ لَئِيمُ
وَطَاويَاً أَيْ جَائعَاً، منَ الطوَى وَهوَ الجوع؛ ومنه قول عنترةَ الَذِي أعجب به رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
يخبركِ مَن شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّني (*) أَغشَى الوَغَى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ
فَأَرَى مَغَانمَ لَو أَشَاءُ غَنِمْتُهَا (*) فَيَصُدُّني عَنهَا الحَيَا وَتَكَرُّمِي
وَلَقَدْ أَبِيت عَلَى الطوَى مُسْتَعْفِفَاً (*) حَتى أَنَالَ به كَريمَ المَطعَمِ
لَا تغْضَبَنَّ عَلَى امْرِئ (*) مَنَعَ الَذِي مَلَكَت يَدَيْه
وَاغضَب عَلَى الطمَع الَذِي (*) أغرَى بِعَيْنِكَ مَا لَدَيْه
دَوْرُ الأغْنِيَاء في رِعَايَةِ العُلَمَاء
جَاءَتْ إلى فتحٍ الموصليِّ صرةٌ فيها خمسونَ درهماً فَرَدَّهَا؛ فَقِيلَ لَهُ يَقُولُ النبي صلى الله عليه وسلم: " من أتاه رزق من غير مسألة فإنما يرده على الله " فَفَتَحَ فَتْحٌ الصرةَ وَأخذ منها درهما ورد سائرها 00!!
وكان الحسن يروي هذا الحديث أيضا ولكن حمل إِلَيْهِ رجل كيسا ورزمة من رقيق ثياب خراسانَ فرد ذلكَ كُلَّهُ وقال: " من جلس فِي مَقَامِي هَذَا وقبل من الناس مثل هذا لقي الله جل جلاله يوم القيامة وليس له خلَاق " 00!!
وهذا يدل على أَنَّ أمر العالم والواعظ أشد في قبول العطاء 0 (أَ 0 هـ)
وكان إِبراهيم التَّمِيميُّ يسأل من أصحابه الدرهم والدرهمين، ويعرض عليه غيرهم المِائَةَ المئتين فَلَا يقْبَلُها 00!!
وجاء خراساني إِلَى الجنيد رحمه الله بمال وسأله أن يأكلَ مِنهُ فقامَ لِيُفرِّقهُ علي الفقراء؛ فقالَ الخُرَسَانِيُّ ما أريد هذا، فَقالَ لَهُ الإِمَامُ الجُنَيْدُ ومتي أعيش حتي آكلَ كُلَّ هذا 00!!؟ قالَ: ما أريد أن تنفقه في أَكْلِ الزَّيْتِ الخلِّ والبقل بل في الحلَاوات والطيبات، فقبلَ منهُ؛ فَسُرَّ بِذَلِكَ الخراسانيُّ وَقَال:" وَاللهِ ما أجد في بغداد أَحَقَّ بِهِ منك " 00!! فقال الجنيد: " ولَا ينبغي أن يُقبَلَ إلَا مِنْ مِثلك " 00!!
انظُرْ ـ يَرْحَمُكَ الله ـ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ العُلَمَاء، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الأَغْنِيَاء قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما المعطي من سعة بأعظم أجراً من الآخذ إذا كان محتاجاً" رواه الطبراني 0
وقد كان سري السقطي يصل أحمد بن حنبل رحمه الله عليهما شيئاً فرده مرةً؛ فقال له السريُّ يا أحمد: " احذر آفة الردِّ فإنها أشد من آفةِ الأخذ " 00!!
…
فقال له أحمدُ أعد علي ما قلتَ فأعاده؛ فقال أحمدُ ما رددت عليك إلَا لأن عندي قوت شهرٍ فاحبسه لي عندكَ فإذا كان بعد شهرٍ فأنفذه إِلَى 00!!
…
... وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: " ما الَذِي يعطى من سعة بِأَعْظمَ أَجْرَاً مِنَ الذِي يَقبَلُ إذا كان محتاجاً " 00!!
(أخرجه الطبرانى عن أنسٍ رضي الله عنه 0 الكَنْز: 16659)
ومتي رأيت بلداً العلماء فيها هم أتعس الناس حظاً فاعلم أنها بلد سوء
{أُسْرَةُ الشَّاعِر حَافِظ إِبْرَاهِيم وَذُلهَا مِنْ بَعْدِه}
وَلذَا كنت كَثيرَا مَا أَتمثل بأَبيَات شَاعرنَا الكَبير/محمُود غُنيم التي يُصَوّر فيهَا أسرَة حَافظ التي تَشَردَت من بَعده وَذَاقَت الأَمرَّينِ وَألبَسَهَا الفَقر لبَاسَ الجوع ـ وَإن كَانَت في الحَقيقَة عَاريَةَ الجَسَد ـ وَلَا يَدري مَا البؤس إلَا البؤَسَاء الذينَ ذَاقُوه، وَإن كَانَ غَيري ذَاقَ الأَمَرَّينِ فَلَقَد أَكَلتُهُمَا
وَاليَوْمَ أَطلبهُمَا فَلَا أَجِدُهُمَا وَأَسْلو عَنهمَا بِإِنشَادِ هَذِهِ القَصِيدَة 00!!
لَن يَبْلُغَ المجْدَ شَعب مَاتَ شَاعُرُهُ (*) فَبَاتَ يَشكو بَنُوهُ رِقَّة الحَال
لَو كَانَ أَنصَفَني دَهرِي وَأَنصَفَهُ (*) لَم يَشْكُ أَمثَالُهُ بُؤسَا وَأَمثَالي
يَا شِعرُ وَيحَك لَا إِن عِشتُ تَنفَعُني (*) وَلَا تَقُوتُ إِذَا مَا متُّ أَطفَالي
إن رُمتُ قُوتَا فَإِنّ الشِّعر مِن خَزَف (*) أَو رُمتُ رِيَّا فَإِنّ الشِّعرَ مِن آلِ
مَن يَشتَرِي برَغِيف وَاحِدٍ أَدَبي (*) مَن يَشتَرِي الشِّعرَ دِيوَانَا بمِثقَال
وَالآلُ هُوَ السَّرَابُ الذِي يحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتي إِذَا جَاءهُ لم يجِدْهُ شَيْئَا 0
وَرُبَّ أُمور يخْجِلُ الحُرَّ ذِكرُهَا (*) يَضِيقُ بهَا الصَّدْرُ الفَسِيحُ وَأَكتُمُ
لَا عَيْبَ لي غَيْرَ أَنِّي مِنْ دِيَارِهِمُ (*) وَزَامِرُ الحَيِّ لَا تُشْجِي مَزَامِرُهُ
وَللهِ دَرُّ الشَّاعِرِ القَائِل:
رَأَى بَنيَّ صِغَارَ الحَي قَدْ غَنمُواْ (*) في لَيْلَةِ العِيدِ أَشيَاءً وَمَا غَنِمَا
فَجَاءَ يَسأَلُ مَالاً لَسْتُ أَملكُهُ (*) وَلَو أَتَى طَالبَاً رُوحي لَمَا حُرِمَا
فَرُحْتُ في كُل مَا يَرجُو أؤمِّلُهُ (*) فَكَانَ قَوْلي لَه أَمَلاً وَلي أَلَمَا
لَمَّا رَأَت أمُّهُ حَالي وَحَالَتَهُ (*) مَالَت لنَاحيَة تَبكِي الدُّمُوعَ دَمَا
سَامحَهَا اللهُ مِن أَيَّام؛ هَانَ فِيهَا الكِرَام، وَأُكْرِمَ فِيهَا اللِّئَام 00!!
زَمَنٌ صَارَتْ فِيهِ العَرَبَةُ قُدَّامَ الحِصَان 00!!
وَلمَّا كَانَ بِدَاخِلِ كُلٍّ مِنَّا شَيْطَان، يُزَيِّنُ لَهُ الإِثمَ وَالعُدْوَان، وَتَقوى وَإِيمَان، رَمَزْتُ لهُمَا بمَلَاكٍ يحُثُّنَا عَلَى الصَّبْرِ وَالسُّلوَان، كَانَ يَدُورُ بَيْنَهُمَا الحُوَارُ التَّالِي:
الشَّيْطَان: أَنْتَ الذِي جَلَبْتَ عَلَى نَفسِكَ المَتَاعِب، هَلْ رَأَيْتُ عَاقِلاً يَكُونُ مَعَهُ القَلَمْ، وَيَكتُبُ نَفسَهُ مِنَ الأَشْقِيَاء 00!!؟
أَنَّى لَكَ بِإِصْلَاحِ الكَوْن، وَمَنْ قَالَ لَكَ أَصْلاً أَنَّهُ يحْتَاجُ إِلى إِصْلَاحْ 00!؟
أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الشَّاعِرْ:
وَأَصْمُتُ عَنْ بَعْضِ الأُمُورِ وَإِنْ يَكُنْ (*) بِقَلبيَ مِنهَا ثوْرَةٌ وَزَمَازِمُ
وَنَدِيمَكَ أَبَا العَلَاءِ وَهْوَ يَقُولْ:
وَلما رَأَيت الجَهْلَ في النَّاس فَاشيَا (*) تجَاهَلت حَتى قِيلَ عَني جَاهِلُ
فَوَاعَجبَا كَم يَدَّعي الفَضْلَ نَاقص (*) وَوَاأَسَفَا كمْ يُظهِر النقْصَ عَاقِلُ
إذَا وَصَفَ الطائيُّ بالبخل مَادر (*) وَعَيَّرَ قسَّا بالفَهَاهَة باقِلُ
وَقَال الدجَى للشَّمْس مَا لَك قيمَة (*) وَفَاخَرَت الشهْب الحَصَى والجَنَادِلُ
فَهُبي رِيَاحَ المَوْتِ هَيَّا وَأَطفِئي (*) سِرَاجَ حَيَاةٍ هَانَ فِيهَا الأَفَاضِلُ
بِلَاد ظلمُهَا أمسى (*) على أبنائها فرضا
فلو عرض الزمَان على (*) رجال بلَادنا عرضا
وقال منحتكم يَا قَو (*) م طول الأرض والعرضا
بشَرط واحد أن لَا (*) ينازع بعضكم بعضا
لكَان جوابهم في صو (*) ت رجُل واحد رفضا
نظرت فلم أجدفي النا (*) س إلَا الحقد والبغضا
فداء عدائِنا استعصى (*) وبيت إِخائنا انقضا
وَشَر بلَائِنا حسد (*) يمض نفُوسنا مضا
يصافحني الأسى ضما (*) ويلثمني الضَّنى عضا
عجيب أنَّني ميت (*) وعيني لَم تَذق غمضا
أأمطرت السَّمَا سما (*) فأمسى روضنا رمضا
مسكت يد الأخاء فما (*) وجَدت بقلبه نبضا
هُمُومٌ في نواحى الصد (*) ر يزحم بعضها بعضا
فقلبي صار مستشفى (*) وكل جوارحي مرضى
لَئِن كنتُ محْتَاجَا إلى العِلمِ إنَّني (*) إلَى الجَهلِ في بَعضِ المجالسِ أَحوَجُ
وماكُنت أَرضَىالعَيشَ بالجَهلِ صَاحبَا (*) وَلكنني أَرْضَى بِه حِين أحرَجُ
فَلي فرَس للعِلمِ في البَيتِ مُلجَم (*) وَلى فَرَسٌ في الناسِ بالجَهلِ مُسْرَجُ
فَمَن شاءَ تَقويمي فَإني مُقَومُ (*) وَمَنْ شاءَ تَعْويجِي فَإنِّي مُعَوَّجُ
**
فَكُنْ رَجُلاً كَالضِّرْسِ يَرْسُو مَكَانَهُ (*) لِيَمْضُغَ لَا يَعْنِيهِ حُلوٌ وَلَا مُرُّ
**
هَذَا زَمانٌ لِلأَوَائِلِ شَمْسُهُ (*) عَرَفُواْ القَصِيدَ بحورَهُ وَقَوَافِية
أَيَّامَ كَانَ لِكُلِّ حُسْنٍ شاعِرٌ (*) كَلِفٌ بهِ وَلِكلِّ شِعرٍ رَاوِية
الملَاكْ: إِنَّ الهُمُومَ وَالأَحْزَانَ مَثَلُهَا مَثَلُ الحَجَرِ الذِي يُرْمَى لأَعْلَى: لَهُ نِهَايَةٌ يَنْتَهِي إِلَيْهَا في ارْتِفَاعِهِ لَيْسَ بَعْدَهَا إِلَاّ الَانخِفَاضْ، وَمَثَلُهَا أَيْضَاً مَثَلُ البَدْرِ الذِي يَبْدَأُ هِلَالاً وَيَظَلُ يَكبُرُ حَتي إِذَا مَا تمَّ وَاكتَمَلَ بَدَأَ في النُّقصَان، وَحَوْلَ هَذَا المَعْني قَالَ الشَّاعِرْ:
وَإِذَا غَلَا شَيْءٌ عَلَيَّ تَرَكتُهُ (*) فَيَكُونُ أَرْخَصَ مَا يَكُونُ إِذَا غَلَا
فَيَا صَاحِبي هَوِّن عَلي نَفْسِكَ الأَسَى (*) فَفِي الليْلَةِ الظلمَاءِ يَنْبَلِجُ الفَجْرُ
الشَّيْطَان: بَلْ قُلْ وَفِي الليْلَةِ الظلمَاءِ يَنْبَلِجُ الفَقْرُ 00
فَالنَّحْسُ أَمرٌ مُؤَكدْ (*) وَالسَّعْدُ إِحدَى الأَمَانِي
لَا ذُو الصلَاحِ مخَلدْ (*) وَلَا أَخو الشرِّ فانِي
كُلَّمَا طَيرُ السَّعَادَة (*) بِالقرْبِ مِني اسْتقرَّا
وَأَرَدْتُ أَن أَصْطادَه (*) نفرَ مِني وَفرَّا
نحْسٌ مُسْتَمِرّ، حَتي إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّني لَوِ اتجَرْتُ في الأَكفَانِ لمَا مَاتَ أَحَدْ، وَلَوْ عَمِلتُ مِسَحَّرَاتي لمَا طَلَعَ هِلَالُ العِيد 00!!
حَتي أَني لَم أَعد أفَكِّر في الفَرَجِ خَشيَةَ أَن يَهرَبَ مِني لمجَرَّدِ عِلمِهِ أَني أفَكِّر فِيه00!!
الملَاكْ: اتَّقِ اللهَ وَاصْبِر إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المحْسِنِين
فَالدَّاعِيَةُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْصَهِرَ أَمَامَ الهُمُومِ وَالأَحْزَان، مَثَلُهُ في ذَلِكَ مَثَلُ المَاءِ مَهْمَا أُوقِدَتْ عَلَيْهِ النِّيرَانُ، وَبَلَغَ المَبْلَغَ في الغَلَيَان، لَا يمْنَعُهُ ذَلِكَ مِن إِطْفَائِهَا إِذَا صُبَّ عَلَيْهَا 00!!
وَهُوَ بِذَلِكَ مِثلُ الكُوبِ مِنَ الذَّهَبِ بَطِيءُ الَانْكِسَار، وَإِذَا مَا انْكَسَرَ فَإِصْلَاحُهُ أَمْرٌ يَسِير 00!!
لَا كَكُوبِ الفَخَّار، سَرِيعُ الَانْكِسَار، وَإِذَا مَا انْكَسَرَ فَإِصْلَاحُهُ أَمْرٌ عَسِير 00!!
وَلَا تَغْضَبْ مِنْ مُزَاحَمَةِ أَنْصَافِ المَوْهُوبِين؛ فَالبرْمِيلُ الفَارِغُ دَائِمَاً هُوَ الذِي يحْدِثُ رَنِينَاً، وَالبَيْضَةُ لَا تَكسِرُ الحَجَر، وَللهِ دَرُّ الشَّاعِرِ القَائِل:
فَيَا ضَاربَا حَجَرَاً بِالعَصَا (*) ضَرَبْتَ العَصَا مَا ضَرَبْتَ الحَجَر
وَتَذَكَّرْ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَاعِرٌ وَلَا أَدِيبٌ وَلَا كَاتِبٌ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَبْدَعَ وَبَرَّزَ في التِّرَاجِيدْيَا وَالكِتَابَةِ المَأسَاوِيَّةِ وَمحَارَبَةِ السَّلبِيَّاتِ مِن غَيرِ أَنْ يُعَانِيَ مُرَّ المُعَانَاة؛ وَيَرَى المَوْتَ وَهْوَ عَلَى قَيْدِ الحَيَاة 00!!
فَلَئِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ فَاصْبِرْ لهَا (*) عَظُمَتْ مُصِيبَةُ مُبْتَلٍ لَا يَصْبِرُ
عَسَى أَنْ تَكْرَهُواْ شَيْئَاً وَيجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيرَاً كَثِيرَا، وَرُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَة
قَدْ يُنعِمُ اللهُ بِالبَلوَى وَإِن عَظُمَتْ (*) وَيَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ القَوْمِ بِالنِّعَمِ
صَبْرَاً فَمَنْ تَكُنِ العَليَاءُ هِمَّةَ نَفسِهِ (*) هَانَتْ عَلَيْهِ المَتَاعِبُ وَالعَرَاقِيلُ
مِنْ وَاجِبِ النَّاسِ أَنْ يَتُوبُواْ (*) لَكِنَّ تَرْكَ الذُّنُوبِ أَوْجَبْ
وَالدَّهْرُ فِي صَرْفِهِ عَجِيبٌ (*) وَغَفلَةُ النَّاسِ عَنهُ أَعْجَبْ
وَالصَّبْرُ في النَّائِبَاتِ صَعْبٌ (*) لَكِنْ فَوَاتُ الثَّوَابِ أَصْعَبْ
وَكُلُّ مَا تَرْتجِي قَرِيبٌ (*) وَالمَوْتُ مِنْ دُونِ ذَاكَ أَقرَبْ
المجْدُ لَا يَبْنِيهِ بانِيهِ بِأَسْمَنْتٍ وَماءْ
يُبْني بِأَشلَاءِ الضحَأيا ثُمَّ يُطلَى بِالدماءْ
فَمَهْرُ المجْدِ غالٍ (*) وَبَعْضُ المَهرِ موْتُ
أُعِدَّتِ الرَّاحَةُ الكُبْرَى لمَنْ تَعِبا (*) وَفَازَ بِالمجدِ مَنْ لَمْ يألهُ طَلَبَا
وَهَكَذَا الرَّاحَةُ دَائِمَاً لَا تَأتي إِلَاّ بَعْدَ طُلُوعِ الرُّوحْ 00!!
وَالآمَالُ لَا تُنَالُ (*) إِلَاّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ
وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُرَوِّضُ نَفسَهُ (*) عَلَى غَائِلَاتِ الدَّهْرِ حِينَ تَغُولُ
فَإِنْ تَأَزَّمَ أَمْرٌ فَانْتَظِرْ فَرَجَاً (*) فَأَضيَقُ الأَمْرِ أَدْنَاهُ مِنَ الفَرَجِ
وَإِنَّ امْرَأً قَدْ سَارَ عِشْرِينَ حَجَّةً (*) إِلَى مَنهَلٍ مِنْ وِرْدِهِ لَقَرِيبُ
أَلَمْ تَرَ أَنِّي مُنذُ عِشْرِينَ حَجَّةً (*) أَرُوحُ وَأغْدُو دَائِمَ الحَسَرَاتِ
وَقَدِيمَاً سَمِعْنَا حَكِيمَاً قَالَ لَابْنِهِ وَهْوَ يَعِظُهُ يَا بُنيَّ:
إِنْ كُنْتَ سِنْدَانَاً فَاصْبِرْ، وَإِنْ كُنْتَ مِطْرَقَةً فَأَوْجِعْ 00!!
ـ وَاللهِ مَا الصَّبْرُ إِلَاّ قَسْوَة
ـ دَعْكَ مِنِ اصْبِرْ 00 تجَلَّدْ 00
ـ مَا فَتَّ في عَضُدِ الحَزِينِ وَهَدَّهُ (*) شَيْءٌ كَقَوْلِكَ لِلحَزِينِ تجَلدِ
ـ مَا دُمْتَ في الدُّنيَا فَلَا تَكُ بَائِسَاً (*) إِنَّ البَئِيسَ كَمَيِّتٍ لَمْ يُلحدِ
لَا تَيْأَسَنَّ مِنَ النَّجَاحِ لِعَثْرَةٍ (*) مَا لَا يُنَالُ اليَوْمَ يُدْرَكُ في الغدِ
اتَّقِ اللهَ إِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْر، وَإِنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْب، قَالَ تَعَالَى:
" فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَا، إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَا " 00000 (الشَّرْح:)
كَرَّرَهَا القُرْآنُ مَرَتَيْن؛ فَكَيْفَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْن 00!؟
أَيُّهَا الأَدِيبُ صَبْرَاً (*) إِنَّ بَعْدَ العُسْرِ يُسْرَاً
أَلَا تَعْرِفُ حِكَايَةَ أَبِي أَيُّوبَ الكَاتِبْ 00؟
ـ وَمَا حِكَايَةَ أَبِي أَيُّوبَ الكَاتِبْ 00!؟
كَانَ قَدْ سُجِنَ وَطَالَ بِهِ المُكثُ في السِّجْنِ فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ الحَسَنِ بْنِ وَهْبٍ يَشْكُو لَهُ ظُلمَةَ السِّجْنِ فَكَتَبَ لَه:
اصْبِرْ أَبَا أَيُّوبَ صَبْرَاً طَيِبَاً (*) فَإِذَا جَزِعْتَ عَنِ الهُمُومِ فَمَنْ لهَا
أَرَى الضِّيقَ مِن خَيْرِ البَشَائِرِ بِالفَرَجْ (*) وَيُوسُفُ لَوْ لَمْ يَدْخُلِ السِّجْنَ مَا خَرَجْ
فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو أَيُّوبْ:
صَبَّرْتَني وَوَعَظتَني وَأَنَا لهَا (*) وَسَتَنْجَلِي بَلْ لَا أَقُولُ لَعَلَّهَا
فَلَمْ يمْضِ سِوَى أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ حَتي أَظهَرَ اللهُ بَرَاءَتَهُ فَأُفرِجَ عَنهُ وَخَرَجَ في مَوْكِبٍ عَظِيمٍ شَهِدَهُ كُلُّ العُلَمَاءِ وَالفُقَهَاءِ وَالأُدَبَاءِ وَكَانَ يَوْمَاً مَشْهُودَا 00
فَإِنْ تَأَزَّمَ أَمْرٌ فَانْتَظِرْ فَرَجَاً (*) فَأَضيَقُ الأَمْرِ أَدْنَاهُ مِنَ الفَرَجِ
وَإِنَّ امْرَأً قَدْ سَارَ عِشْرِينَ حَجَّةً (*) إِلَى مَنهَلٍ مِنْ وِرْدِهِ لَقَرِيبُ
لَقَدْ أَتَيْتُكَ بِبَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ وَأَنَا أَعْرِفُ حُبَّكَ لَهُ لَكِنْ مَا دُمْتَ مُصِرَّاً عَلَى هَذَا المَوْقِفِ السَّلبيِّ فَلَا حَاجَةَ لَكَ بِه، بِإِذنِكَ يَا أَخِي 00
ـ إِلَى أَينَ وَهَلْ تَظُنُّ أَنِي سَأَدَعُكَ دُونَ أَنْ تخْبِرَني بِه 00!؟
ـ وَإِنَّ النَّفسَ تَهْدَأُ بَعْدَ حِينٍ (*) إِذَا لَمْ تَلقَ بِالجَزَعِ انْتِفَاعَا
ـ لَيْسَ هَكَذَا بَلْ قُلْ:
وَإِنَّ النَّفسَ تجْزَعُ بَعْدَ حِينٍ (*) إِذَا لَمْ تَلقَ بِالصَّبْرِ انْتِفَاعَا
وَأَحْيَانَاً كُنْتُ أَتخَيَّلُ هَذَا المَلَاكَ في صُورَةِ صَدِيقٍ لي شَاعِرٍ ممْتَازٍ طَالمَا شَجَّعَني هُوَ وَأَخُوهُ مُصْطَفَى جَزَاهُمَا اللهُ خَيرَاً وَوَفَّقَهُمَا لِمَا يحِبُّهُ وَيَرْضَاه، وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مَا يَتَمَنَّاه، وَلَمْ أَكُنْ لأَنْسَى مَوْقِفَاً لِعَمْروٍ مِنَ المَوَاقِفِ التي لَا تُنْسَى: أَتَانِي في إِحْدَى اللَّيَالي، وَدَارَ بَيْنَنَا الحُوَارُ التَّالي ـ وَكنتُ أَحكِي وَأَشكِي وَأَبكِي مِنْ ظُرُوفٍ صَعْبَةٍ مَرَرْتُ بهَا ـ فَقاَلَ واحِد ممَّنْ ضَمَّهُمُ المجْلِسُ رِفقا بنفسِكَ يَا يَاسِرُ أما مللت مِن الشّكوى 00!؟
فَقَالَ عَمروٌ وَقَد رَقَّ لما سَمِعَ وَاغرَورَقَت عَينَاهُ مِنَ الدَّمعِ حَزَنَا عَلَى صَاحِبِهِ:
لَكَ اللهُ لَا تَشكُو وَلَا تَتَبَرَّمُ (*) وَصَدرك فَيَّاض وَفَمُّكَ مُلجَمُ
يَفيضُ لِسَانُ المَرءِ إِن ضَاقَ صَدرُهُ (*) وَيَطفَح مَا بِالقِدْرِ وَالقِدر مُفعَمُ
فَلَم أَرَ مِثلَك بَين لحيَيهِ جَنَّة (*) وَبينَ حَشاه وَالتَّرَاقِي جَهَنمُ
لَعَمرِي بقَلبي مثلُ مَا أَنتَ وَاجِد (*) فنَم عَلنَا في النَّوم بِالمَجْدِ نحلُمُ
**
فَقلتُ لحَاك اللهُ يَا عَمرُو مِن أَخٍ (*) فَذَلكَ لَا يُغْني فَليتك درهَمُ
فَمَا أَنَا مِمَّن تخطئُ العَين مِثلَه (*) وَلكن تَعَامَى القَومُ عَنيَ أَو عَمُوا
سَلوتُ عَنِ العَليَاءِ رَغمَ الذِي مَضَى (*) فَمَا ليَ بَعْدَ سُلوِّهَا لَسْتُ أَنعَمُ
وَعدْتُ لرُشْدِي وَاتهمْتُ فَضَائِلِي (*) عَلى أَنهَا شَمْس تضِيءوَأَنجُمُ
وَطَلقتُ آمَالي وَقلتُ لهَا انهَضِي (*) فَإن سَبِيلَ اليَأسِ أَهْدَى وَأَقوَمُ
لعَمرُكَ مَا أَدْرِي بأَيةِ مَنْطِق (*) بمِصْرَ حُظوظُ النابغِينَ تُقسَّمُ
لَقَدْ كَانَ فِي شَكوَى مَآسِيَّ رَاحَةٌ (*) وَلَكِنَّني أَشكُو لمَنْ لَيْسَ يَرْحَمُ
فكَمْ رَصَدَ الأَفلَاك في مِصْرَ أكْمَه (*) وَزلزَلَ أَعوَادَ المنابِرِ أَبكَمُ
دَفَنْتُ بهَا أَحْلَى سِنينيَ سَاكِنَا (*) كَمَا سَكَنَتْ أَهرَامُهَا وَالمقَطمُ
تَعَللتُ دَهْرَا بالمني فإِذَا بِهَا (*) قَوَارِيرُ مِن مَسِّ الصِّبَا تَتَحَطَّمُ
شُهُورَاً وَأيَّامَاً مَشَيْتُ وَأَخمُصِي (*) عَلَى الشَّوك مِن طُولِ السُّرَى تَتَورَّمُ
وَرُبَّ أُمور يخْجِلُ الحُرَّ ذِكرُهَا (*) يَضِيقُ بهَا الصَّدْرُ الفَسِيحُ وَأَكتُمُ
فُصُولَا بَدَأَنَاهَا وَسَوْفَ نُعِيدُهَا (*) دَوَاليْكَ وَاللحْنُ المكَرَّرُ يُسْأَمُ
وَمَنْ يَكُ ذَا قُرْبَى وَصِهْر فَإِنَّني (*) بمصْرَ غَرِيب لَا قَرِيب وَلَا حَمُو
أَيُذوَى شَبَابِي بَينَ جُدْرَانِ حُجْرَة (*) إِذَا قُورِنَتْ فَغَيَابةُ الجبِّ أَرحَمُ
أَكَادُ مِنَ الصَّمْتِ المخيِّمِ فَوْقَهَا (*) إذَا حُسِبَ الأَحْيَاءُ لَمْ أَكُ منهُمُ
أَصَاحِبُ مَنْ لَا يُصْحَبُونَ وَإنَّني (*) بَعِيد بإِحْسَاسِي ورُوحِيَ عَنهُمُ
وَمَا صَدَّعَ القَلبَ العَظِيمُ وَإِنمَا (*) تَصَدَّع قَلبي بالذِي هُوَ أعْظَمُ
حَمَلنَا عَلَى الأَقدَارِ وَهْيَ بَريئَة (*) وَقُلنَا هِيَ الأَقدَارُ تُعْطِي وَتحْرِمُ
وَرُبَّ أُمُور يخْجِلُ الحُرَّ ذِكرُهَا (*) يَضِيقُ بهَا الصَّدْرُ الفَسِيحُ وَأَكتُمُ
فَيَا لَيْتَني أَغْضَيتُ جَفْني عَلى القَذَى (*) وَعَلَّمْتُ نَفسِي بَعضَ مَا ليْسَ تَعْلَمُ
**
أَشْقَى البَرِ يَّة عَيْشَا صَاحِبُ القَلَمِ (*) وَأَتعَسُ الخَلقِ حَظا صَاحِبُ الهمَمِ
لكل ذي همَّةٍ في عَيشه أَمل (*) وَكل ذِي أَمَل سَيَعِيشُ ذَا أَلمِ
فَيَا لهُ عَاشِقَا طابَتْ مَنِيَّتهُ (*) لَهُ وَذُو العشْق مجْنُون فَلَا تلُمِ
عَاف الزَّمَانُ بَني الدُّنيَا وَقَيَّدَهُ (*) وَالطَّيْرُ يحْبَسُ مِنهُ جَيِّد النَّغَم
وَلي أَن أَسْأَل كُل شَاعِر بَلْ وَكُل شُوَيْعِر:
برَبِّكَ هَلْ جُزِيتَ عَنِ القوافي (*) بغَيرِ أَجَدْتَ أَو لَا فُضَّ فوكَا
جَزَاؤُكَ مِنْ كرِيم أو بخِيل (*) رَقِيقَا كَانَ شِعْرُكَ أَم رَكِيكَا
كَلَام لَيْسَ يُغني عَنْكَ شَيْئَا (*) إِذَا لَمْ يَقْتلِ الآمَال فِيكَا
وَلِذَا أَغْلَبُ الكُتَّابِ المُبْدِعِينَ وَالشُّعَرَاءِ يُفَضِّلُونَ الكِتَابَةَ لِلسِّينِمَا وَالتِّلِفِزْيُون، وَنَاهِيكَ عَنْ كَثْرَةِ التَّنَازُلَاتِ التي يُقَدِّمُونَهَا في سَبِيلِ ذَلِك، وَتَذهَبُ المَبَادِئُ وَتَذهَبُ القِيَمُ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْمٍ عَاصِف، لَقَدْ رَأَيْتُ أَكثَرَ مِنْ مُؤَلِّفٍ يَبِيعُ كُتُبَهُ عَلَى الأَرْصِفَةِ أَوِ المُوَاصَلَاتِ العَامَّة، إِمَّا بِنَفسِهِ أَوْ بمُسَاعَدَةِ أَقرِبَائِهِ وَذَوِيه، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون 00!!
فَأَفقَرُ خَلقِ اللهِ الكَاتِبُ الإِسْلَامِيّ، حَتى إِذَا اشْتَهَرَ إِذَا مَا قُورِنَ بِالكُتَّابِ الآخَرِين 00!!
ثمَّ أَنَّ شَعْبَنَا (وَالحَمْدُ لله، الذِي لَا يحْمَدُ عَلَى مَكرُوهٍ سِوَاه) لَا يَقرَأُ إِلَاّ لِلمَشَاهِير، تَسْأَلُ عَنِ الشُّهْرَةِ فَيَقُولُونَ أَنَّ سَبَبَهَا أَجْهِزَةُ الإِعْلَام، تَسْأَلُ أَجْهِزَةَ الإِعْلَامِ عَن هَذَا الكَلَام 00!؟
فَيَقُولُونَ إِنَّ الشَّعْبَ لَا يَقرَأُ إِلَاّ لأَعْلَامِ الأَقلَام، وَهَكَذَا يحَمِّلُ كُلٌّ مِنهُمَا المَسْئُولِيَّةَ لِلآخَر، وَالضَّحِيَّةُ هَذِهِ العُقُولُ الغَضَّةُ النَّضِرَة 00!!
يَبْدُو أَنَّنَا خُلِقنَا لِنُسْعِدَ الآخَرِينَ لَا لِنَسْعَد 00!!
وَللهِ دَرُّ القَائِل:
لَا تحْسَبُواْ أَنَّ رَقصِي بَينَكُمْ طَرَبَا (*) فَالطَّيْرُ يَرْقُصُ مَذبُوحَا مِنَ الأَلَمِ
كَمطربَة تشْجِي الأَنَامَ بصَوتهَا (*) وَقَدْ حَمَلَتْ بَينَ الضُّلوعِ مَآسِيَا
وَيُذَكِّرُنِي هَذَا بِقَصِيدَةٍ رَائعَةٍ بَعَثَ بهَا أَحَدُ شعَرَاءِ مِصْرَ إلَى أدبَاء روسيَا عندَما هَدَّوواْ حكومَتَهم بالَانتحَار إذَا لَم تَلتَفت إلَيهم فَقَال:
شَكَت قَبْلَكم في شِعْرِهَا الشُّعَرَاء (*) فَصَبرَا جَمِيلَا أَيهَا الأُدَباءُ
روَيدَكُمُ لَا تترُكُونَا فَإِنَّكُمْ (*) حَقِيقَتنَا وَالكُلُّ بَعد هَباءُ
وَعيشواْ كَمَا عِشنَا بمِصْرَ فإِنَّنَا (*) وَنحنُ بَنوهَا فَوْقهَا غرَباءُ
وَإِنَّا لَنَنْسَى مَا بِنَا مِنْ تَعَاسَة (*) إِذَا كَانَ خَلفَ سِتارِهَا سُعَدَاءُ
وَمَا ضَرَّنَا أَنْ يُنْكِرَ النَّاسُ فَضْلَنَا (*) إِذَا كَانَ فَضْلَا لَيْسَ فِيه خَفاءُ
لَقَد كَانَ ظَني أَنَّكُمْ أَسْعَدُ الوَرَى (*) وَمَا بأَدِيب بَينَكُمْ بَأساءُ
وَلمْ أَدْرِ أَنَّ الشَّرْقَ وَالغَرْبَ وَاحِد (*) وَأَنَّا عَلَى كُل البِقاع سوَاءُ
**
وَطَنٌ بَعَثنَاهُ عَلى طَلَب العُلَا (*) فَأَبَى سِوَى أَن يَسْتَكِينَ إِلى الشقَا
أَفَكلمَا جَاءَ الزمَان بمصْلِح (*) لأمُورِهِمْ قَالواْ عَلَيهِ تَزَندَقَا
فَكَأَنمَا لَمْ يَكفِهِمْ مَا قَدْ جَنَواْ (*) وَكَأَنمَا لَمْ يَكفِهِ أَن أَخفَقَا
**
لَيْتَنا كُنَّا طُيُورَا (*) نَرْعَى نَهْرَاً أَوْ غَدِيرَا
نَرْشفُ المَاءَ النَّمِيرَا (*) نَلقطُ الحَبَّ النَّثيرَا
تَعَبٌ كلهَا الحَيَاة 00
فَطمُوحِي كَبيرٌ (*) لكنْ بَاعي قصِيرٌ
لَعِبَ البِلَا بمَعَالمِي وَرُسُومِي (*) وَقُبِرْتُ حَيَّاً تحْتَ رَدْمِ هُمُومِي
وَمَنْ تَعْلَقْ بِهِ حُمَةُ الأَفَاعي (*) يَعِشْ إِن عَاشَ مُعْتَلَا سقيمَا
فَيَا لَكَ دُنيَا حُسنُهَا بَعضُ قُبحهَا (*) وَيَا لَكَ كَونَا قَد حَوَى بَعضُهُ الكُلَا
عَلَى مَنْ تَقرَأُ مَزَامِيرَكَ يَا دَاوُودْ 00!؟
غَزَلت لهمْ غَزْلَا رَقِيقَا فَلَمْ أَجِدْ (*) لغزلِيَ نسَّاجَا فَكَسَّرت مغزَلِي
(*)(*)(*)(*)(*)
لَا عَيْبَ لي غَيْرَ أَنِّي مِنْ دِيَارِهِمُ (*) وَزَامِرُ الحَيِّ لَا تُشْجِي مَزَامِرُهُ
فَكَمْ زَرَعْنَا وَرْدَاً (*) وَجَنَيْنَا الأَشْوَاكَا
مَا أَيْسَرَ أَنْ يَقُولَ المُفَكِّرُ لَا نُرِيدُ للعُمْيَانِ أَنْ يُبْصِرُوا 00 وَلَكِنَّ الرَّغبَةَ في مَرْضَاةِ الله: هِيَ التي تجْعَلُ الوَاحِدَ مِنَّا يَتَحَمَّلُ المَأسَاة 00!!
اليَأسُ وَالإِحْبَاطُ مِنْ نَاحِيَة، وَالفَقرُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، بِكُلٍّ ابْتُلِينَا وَكُوِينَا، وَتَدَاوَيْنَا فَمَا شُفِينَا 00
وَاليَأسُ مَوْتٌ غَيرَ أَنَّ صَرِيعَهُ (*) يَفني وَأَمَّا نَفسُهُ فَتَزُولُ
**
لم يَبْقَ شَيْءٌ مِنَ الدنيَا بأَيدينَا (*) إلَا بَقيَّة دَمْع في مَآقينَا
كانَت مَنَازلنَا بالعِز شَامخَة (*) لَا تُشرقُ الشمسُ إلَا في مَغَانينَا
فَلمْ نَزَل وَصُرُوفُ الدَّهْرِ تقَلبُنا (*) ظَهرَاً لبَطن هُنا بَدَأَت مَآسينَا
حَتي غَدَونَا لمنْ نُعطيهِ نَسْألُهُ (*) ولَا قَرِيبٌ وَلَا خِلٌّ يُوَاسِينَا
فَقَالَ لي عَمْرو:
مَنْ يَصْحَبِ الدَّهْرَ يَأَكُلْ (*) فِيهِ ثمِينَاً وَغَثا
فَالبِسْهُ يَوْماً جَدِيدَاً (*) وَيَوْمَاً آخرَ رَثا
فَقُلتُ لَهُ وَأَيْنَ هُوَ هَذَا الجَدِيدُ يَا عَمْرُو وَثَوْبِي:
تتغني إِحْدَى نَواحِيهِ صوْتَا (*) فتشقُّ الأُخرَى عَلَيهِ الجيوبا
فإذا مَا لمته قالَ مَهلَا (*) لَا يَكونَ الكَرِيمُ إِلَاّ طرُوبا
عَمْرو:
طالتْ شِكَاتكَ أَيهَا الغرِّيدُ (*) فَانعَبْ إِذَا لَم يَنفعِ التَّغرِيدُ
عِشرُونَ عَامَا في الكِنَانَة صبْحُنَا (*) فيهَا الأَنينُ وَليلنَا التَّسْهيدُ
سُبْحَانَكَ اللهُمَّ كَمْ مِن حِكمَةٍ (*) لَكَ ضَلَّ فِيها الرَّأيُ وَهْوَ سَدِيدُ
ـ سَبْعَةُ أَعْوَامٍ وَأَنَا أَبحَثُ عَن صَحِيفَةٍ أَوْ مجَلَّةٍ أَكتُبُ فِيهَا حَتي تَأَكَّدْتُ في النِّهَايَةِ أَنِّي أَسِيرُ في أَحَدِ طَرِيقَيْن: إِمَّا طَرِيقٍ مَسْدُودْ، أَوْ طَرِيقٍ لَيْسَ لَهُ آخِرْ 00!!
بَعْدَمَا قَطَعْتُ الأَرْضَا (*) كُلَّهَا طُولاً وَعَرْضَا
فَقَدْ طَوَّفتُ بِالآفاقِ حَتي (*) رَضِيتُ مِنَ الغَنِيمَةِ بِالإِيَابِ
فَشَرَّقتُ حَتي اجْتَزْتُ سَبْعِينَ وِجْهَةً (*) وَغَرَّبْتُ حَتي قِيلَ هَذَا هُوَ الخِضرُ
كَرَحَّالَةٍ جَابَ المَدَائِنَ وَالقرَى (*) كَسَتهُ يدُ الأَيامُ حلَّة خَائِبِ
وَيَا طُولَ مَا طَرَقْتُ بَابَ المَشَاهِيرِ وَأَنَا كُلَّمَا طَرَقتُ بَابَ وَاحِدٍ مِنهُمْ قُلتُ لَهُ:
وَتَعْلَمُ نَفسِي أَنَّهُ مِثلُ غَيرِهِ (*) وَلَكِنَّني أَسْتَدْفِعُ اليَأسَ رَاجِيَا
يَتَحَدَّثُونَ عَنِ المَبَادِئِ وَالقِيَمْ (*) وَهُمُ بِلَا عَهْدٍ وَلَيْسَ لهُمْ ذِمَمْ
وَلِذَا لَمْ أَجِدْ إِلَاّ الأَحْلَامَ أُخْلِدُ إِلَيْهَا، فَقَضَيْتُ بِضْعَ سِنِينَ بَعْدَ هَذِهِ الأَعْوَامِ السَّبْعَةِ:
أَحْيى عَلَى أَمَلِي وَكَمْ مِنْ شَاعِرٍ (*) يحْيى كَمَا أَحْيى عَلَى الأَوْهَامِ
وَإِذَا الحَقِيقَةُ أَعْجَزَتْكَ فَرُبمَا (*) أَدْرَكْتَ مَا أَعْيَاكَ بِالأَحْلَامِ
وَلَا عيب في الأحلَامْ (*) إلَا أَنهَا أحْلَامْ
فالمُروءة شَيْءٌ لَا (*) يوجد إلَا في الأفلَامْ
لَكَ اللهُ يَا حَافِظ؛ كَأَنَّكَ تُعَبِّرُ عَمَّ يجِيشُ في نَفسِي وَأَنتَ تَقُولْ:
أَفَتِلكَ عَاقِبتي وَذَاكَ مآلِي (*) خُطُّواْ المَضَاجِعَ وَادْفِنُواْ آمالِي
لَا تخْدَعُونِي بِالمني وَحَدِيثِهَا (*) قَدْ كَانَ ذَلِكَ في الزَّمَانِ الخالِي
فَلَقَدْ بَرِمْتُ بمِصْرَ حِينَ وَجَدْتُّهَا (*) قَبْرَ النُّبُوغِ وَمَسْرَحَ الجُهَّالِ
بَلدٌ تَسَرْبَلَ بِالحَرِيرِ جَهُولُهُ (*) وَمَشَى الأَدِيبُ بِهِ بِلَا سِرْبالِ
إِنْ شِئْتَ أَنْ تحْيَا بمِصْرَ فَلَا تَكُن (*) حَيَّ الضَّمِيرِ تَعِشْ خَلِيَّ البالِ
وَاظفَرْ بِذِي جَاهٍ فَعِشْ في ظِلِّهِ (*) أَوْ عِشْ بِلَا جَاهٍ وَلَا أَموَالِ
اللهُ يَشهَدُ لَوْ أَرَدْتُّ بَلَغْتُهُ (*) لَكِنَّ مَاءَ الوَجْهِ عِنْدِي غالِي
يَا رَبِّ ضَاقَتْ بِنَا الأَرْضُ بمَا رَحُبَت، وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنَ الحُلقُومِ وَالحُلقُومُ خَرَج؛ فَعَجِّلِ اللهُمَّ بِالفَرَجْ 00!!
وَليسَ الموت فيها مستحيلَا (*) ولكن البقاء المستحيل
***********
وسأل نبى الله داوود عليه السلام رَبَّهُ فقال: " أَيْ ربّ: أَيُّ عِبادِك أحب إِلَيْكَ 00؟
قال يا داوود، أحب العباد إليَّ تقيُّ القلب، نَقيُّ اليَد، من لَم يسِئ إلى جارِهِ ولَم يظلم، وأحبني وأحب من يحبني وَحَبَّبَني إلى خلقِي " 00!!
حُوَارٌ بَيْنَ غَنيٍّ وَغَبيّ
اختصم غَنيٌّ وَغَبيٌّ فَدَارَ بَيْنَهُمَا الحُوَارُ الآتي:
الغبيّ: لم تبخلُ بما آتاك الله على عباد الله 00!؟
الغنيّ: أيرزقني الله وحدي أم يرزقك كما يرزقني 00!؟
الغبيّ: يرزقني كما يرزقك 00
الغنيّ: فلم تطمع في رزق غيرك وعندك رزقك 00!!؟
وفى الأثر: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس 00؟
فالفقير نطالبه بِالحَيَاء، والغنيُّ نطالبه بِالسَّخَاء 00
مر سائل بخيمة أحد الأعراب فاستطعمه فقال ليس عندي إلَا ما يكفيني، فَوَلَّى وَهْوَ يَقُول: أين الذين كانواْ " يؤثرون على أنفسهم " فقال ذهبوا مع الذين " لَا يسألون الناس إلحافاً " 00!!
وَقَدْ قِيل: " العَفَافُ زِينَةُ الفَقر " 00!!
وفى الحَدِيثِ الصحيح المشْهُورِ الذِي رَوَاهُ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ بْنِ عباس رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ لَهُ يَا غُلَام: أني معلمك كلماتْ:
" احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألتَ فأسألِ الله، وإذا استعنت فاستعنْ بالله، واعلم أَنَّ الأمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشَيْءٍ فلنْ ينفعوك إلَا بشَيْءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت ليضروك بشَيْءٍ فلنْ يَضُرُّوكَ إِلَاّ بشَيْءٍ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفْ " 00!! (صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ في المِشْكَاةِ بِرَقم: 5302)
وَفي الأَثَر: " إن الله يحِبُّ ثلَاثة، وَحُبُّهُ لثلَاثة أشدّ، وَيحِبُّ الغنيَّ السَّخِيَّ وحبه للفقير السخيِّ أشدّ، وَيحِبُّ الفقير المتواضعَ وَحبه للغنيِّ المتواضعِ أشدّ، وَيحِبُّ الغَنيَّ العفيفَ وحبه للفقير العفيف أشدّ " 00!!
حتى أن أحد الشعراء أخزاه الله أراد هجاء غريمٍ له من أبناء الطائفة فقال ضمن ما قال ينتقضه:
يَظَل بَأَبوَاب الأَشِحَّا مدَفعَاً (*) يحِب سُؤَالهم اشتِيَاقاً إِلى المَنعِ
وأسال الله من فضلهِ وسبحان القائل: {وَإن من شئ إلَا عندنا خزائنه وما ننزله إلَا بقدر معلوم} [الحجر: 2]
وإن هنا نافية بمعنى ما: أيْ ما من شَيْء إلَا عندنا خزائنه 000 الآية 0
وعن العفاف أيضاً والتورع عن الأكل من مال الغير ما رُوِيَ عن أبي الدراء رضي الله عنه من أنه كان ينصرف كل يوم عقب صلَاة الصبح في جنح الظلَام ولَا يمكث للحج والعمرة التامةِ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوبه ذات يوم وقال له ما خطبك يا أبا الدراء 00!؟
قال أَنطلق إلى بيتي يا رسول اللهِ فلي جار يهودي في بيته نخله مُطِلة على بيتنا تُسَاقِطُ الرُّطَبَ علينا فأذهبُ لأُلقيَهُ في بيت إِلَيْهِوديِّ خشية أن يستيقظ أطفالي الصغار فيأكلوهُ وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به 00!!
فسر رسول الله بموقف أَبى الدراءِ وقرر شراء هَذِهِ النخْلَةِ من اليَهِودِيِّ وأن يهبها لأبى الدرداء، فذهب إلى اليَهُودِيِّ وعرض عليه أن يبيعه النخلة بعشر نخلَاتٍ في الجنة ـ وهو النبيُّ الصادق الأمين ـ فرفض اليَهُودِيُّ وقال لَا أشترى حاضراً بغائب؛ فاشتراها منه صلى الله عليه وسلم بالثمن الَذِي أرادَ ووهبها لأبى الدَّرْداء ببركة عَفَافِه 00!!
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر كثيراً بالتعفف عن السؤال ويقول: " من سألنا أعطيناهُ، ومن استغني أغناه الله، ومن لم يسألنا فهو أحب إِلَيْنَا "00!!
رواه ابن أبي الدنيا
أُهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمن وأقط وَكبش ـ وَالأَقِطُ شَيْءٌ كَالكِشْكِ فِي بِلَادِنَا ـ فقبل السمنَ والأقطَ وردَّ الكبش، وكان يقبل من بعض الناس ويرد على بعض 00!!
" ثُمَّ أنَّ السُّؤَالَ فيه إذلَالُ السائل نَفسَهُ لغير الله سبحانه وتعالى وليس للمؤمن أن يذل نَفسَهُ لغير الله، بل عليه أن يذل نَفسَهُ لمولَاه فإن في ذَلِكَ العِزَّ كُلَّه، فأما سائر الخلق فإنهم عباد أمثالُهُ؛ فلَا ينبغي أن يذل نَفسَهُ لهم إلَا لضرورة 0
ثُمَّ أنَّهُ أَيْضَاً إِيذَاءٌ لِلمَسئولِ لأنه ربما لَا تسمح نفسه بالبذل عن طيب قلب منه، فإن بَذَلَ بَذَلَ مِنْ قَبِيلِ الحياء، وَإِن أَعْطَى أَعْطَى مِنْ بَابِ الرِّيَاء، وإن مَنَعَ فَقَدْ أَلحَقَ نَفسَهُ بِالبُخَلَاء، ففي البذل نقصان مالهِ وفي المنع نقصان جاههِ والسائل هو السبب في كُلِّ هَذَا الإيذاء، والإيذاءُ حَرَامٌ باتِّفَاقِ الآرَاء " 00!! [الإِحْيَاءْ: بَابْ أَحْوَالُ السَّائِلِين: 1568]
وروي البخاري عن عائشة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما خالطت صدقة مالَا إلَا أهلكته " 00!!
قال عبد الله: تفسيره أنَّ الرجلَ يأخذ الصدقة وإنما هي للفقراءِ وهو موسرٌ 0
قال شقيق البلخيُّ لإبراهيم بن أدهم حين قدم عليه من خراسان: كيف تركت الفقراء من أصحابك 00؟
قال تركتهم إن أُعطُواْ شكرواْ، وإن مُنعُواْ صبرواْ، وظن أنه لما وصفهم بترك السؤال قد أثني عليهم غاية الثناء، فقال شقيقٌ هكذا تركت كلَاب بَلخ ـ بَلَدُه ـ فقال لهُ إِبراهيمُ فكيف قَال فَإِذا سَأَلتَ فَاسأَلِ الله وَدَعْكَ مِن أم جَعْفَر 00!!
الفقراء عندنَا إِن منِعواْ شكرواْ، وإِن أعطواْ آثرواْ ـ أَيْ قَبِلُواْ مَا أُعْطُوهُ وَتَصَدَّقُواْ ـ فَقَبَّلَ إِبْرَاهِيمُ رأسه وقالَ صدقت يا أستاذي 00!! (الإِحْيَاءْ ـ بَابْ أَحْوَالُ السَّائِلِين: 1573)
إِنَّ خزائن الأرض حملت إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإِلَى أبي بكر وعمر فأخذوها ووضعوها في مواضعها، وَهذا معروفٌ كَانَتِ الدُّنيَا فِي أَيْدِيهِمْ لَا فِي قُلُوبِهِمْ وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ سَيِّدِنَا أنسٍ رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ مالٌ من البحرين وكان أكثر مال أُتِيَ به، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الصلَاة ولم يلتفت إِلَيْهِ، فلما قضي الصلَاة جاء فجلس إِلَيْهِ، فقلما كان يري أحداً إلَا أعطاه 00!! [البُخَارِيُّ بِرَقم: ــ]
وقال بعض المجاورين بمكة: كانت عندي دراهم أعددتها للإنفاق في سبيل الله، فسمعت فقيراً قد فرغ من طوافه وهو يقول بصوت خفيّ: أنا جائع كما ترى، عريان كما ترى، فما تري فيما ترى يا من يسمع ويرى فنظرت فإذا عليه خلقان لَا تكاد تواريه، فقلت في نفسي: لَا أجد لدراهمي موضعاً أحسن من هذا، فحملتها إِلَيْهِ، فنظر إِلَيْهِا ثم أخذ منها خمسة دراهم وقال: أربعة ثمن مئزرين، ودرهم أنفقه ثلَاثة فلَا حاجة بي إِلَى الباقي00!!
وَمَا أَجْمَلَ قَوْلَ الفَقِيرِ الشَّاعِرْ:
إني وَإِن كنتُ ذَا عِيَالٍ (*) قَلِيلَ مَال كَثير دَين
لأَحمَدُ اللهَ حَيث صَارَتْ (*) حَوَائِجِي بَينَه وَبَيني
وقال صلى الله عليه وسلم: " من سأل عن غني فإنما يستكثر من جمر جهنم " 00!! رواه ابو داوود وابن حيان
وعن ابن عباسْ ـ حَبرُ الأُمَّةِ وَخَيرُ النَّاسْ ـ رضي الله عنه أَنَّهُ قال: " ما نقصت صدقة من مال، ولَا مدَّ عبدٌ يَدَهُ بصدقة إلَا وقعت في يَدِ الله قبل أن تقع في أن يد السائل، ولَا فتح عبدٌ علي نفسه بابَ مسألة إلَا فتح الله عليه بابَاً مِن أَبْوَابِ الفقر " 00!!
" من سأل الناس في غير فاقة نزلت به أو عيال لَا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجهٍ ليس عليه لحم " 00!!
وَرَوَى سفيانُ بنُ عيينةَ عن (أيوب بن موسي) أَنَّهُ قَال: " المسألة للمضْطَرِّ؛ ألَا تري إِلَى نَبيِّ اللهِ موسى عليه السلام وصاحبه كَيْفَ استطعما أَهْلَ القَرْيَة 00!!؟
روي البخاري عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سألوا فأعطاهم حتي نَفِدَ ما عندهُ فَقالْ: " ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومنْ يستعفْ يعفه الله، ومن يستغن يغنهِ الله، ومن يتصبر بصبره الله، وما أعطيَ أحدٌ عطاءً هُوَ خيرٌ وأوسعُ من الصبر " 00!!
مُتَّفَقٌ عَلَيْه (1469 ـ 1053)
وَفِي سُنَنِ البيهقيِّ عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أنه قال " أصابني جُوعٌ علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي شددت علي بطني حجراً؛ فقالت ليَ امرأتي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقد أتاه فلَانٌ فسأَله فأعطاهُ وأتاهُ فلَانٌ فسأله فأعطاه 00!؟
فقلت لَا أسأله حتي لَا أجد شيئا، فالتمست فلم أجد شيئا فانطلقت إِلَيْهِ فوافقته يخطب فأدركت منْ قوله وَمَنْ يستعفِفْ يعفه الله، ومنْ يستغنِ يغنِهِ الله، وَمَنْ سألنا فإما أن نبذل له، وَإِما أنْ نواسيه، ومن استغني عنا أحب إِلَيْنَا ممن سألنا، فرجعت فما سألت أحدا بعده شيئا، وها نحن اليَوْمَ قد أقبَلت علينا الدنيَا فما في الأنصار بيتٌ أكثرَ منا أموالَا " 00!!!
فإنْ ما رزئت فَلَا تَرْكَن إِلى أَحَدِ (*) وَإنْ رزقت فَلَا تفخر على أَحَد
فَلَا ترق ماء وجهك عند من لَا ماءَ في وجهه، يَقُولُ صلى الله عليه وسلم:" ازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ اللهِ يُحِبُّكَ الله، وَازهد فيما عند الناس يحبُّك الناسْ " 00!! (صَحِيحِ الأَلبَانِيّ ـ 944)
وكما تعلمت الثقة فيما عند الله، تعلم اليَأسَ مما عند الناس، وهكذا
لَا تضرعن لمخلوق على طمع
وسل الذي يستجيب دعاك في الحين
لَا يملك العبد منحك نصف خردلةٍ
إِلَاّ بأمر الذي سواك من طين
وارغب إِلى الله مما في خزائنه
فإنما هو بين الكاف والنون
أما ترى كل من ترجو وتسأله
من الخلَائق مسكين وابن مسكين
فاستغن بالله عن دنيا الملوك
تتغنى الملوك بدنيا لهم عن الدين
حَتامَ تشكو الضِّيقَ يَا هَذَا وَرِزْقُكَ وَاسعُ
كَالتيْسِ يَثغُو وَهُوَ في (*) ظِلِّ الخَمَائِلِ رَاتعُ
يحب ثلَاثة وحبه لثلَاثة اشدّ:
يحب الغني السخي، وحبه للفقير السخي أشد، ويحب الفقير المتواضع، وحبه للغني المتواضع اشد
ويحب الغني العفيف، وحبه للفقير أشد.
وصدق الذي قال: زينة الفقر العفاف بأبي أنت وامي يارسوال الله
(عش ماعشت فانك ميت، واحيت من شئت فإنك مفارق، واعلم ان شرف المؤمن في قيامه الليل، وعزه في استغنائه عن الناس، ومن هنا قلت في من الذقون كان بيديني وكانوا بيتصدق علينا،
ويرحم الله الإمام الفقيه الشاعر إذ يقول:
بَلَوتُ لَعَمري النَّاسَ لم أَرَينهم (*) سوى من غدا والبُخلُ ملءُ إهابِة
فَلَا ذَا يَرَاني قاعداً في طريقه (*) ولَا ذا يراني وَاقفاً عندَ بَابِه
غَنيٌّ بِلَا مَال عَنِ النَّاسِ كُلهِم (*) وَلَيسَ الغِنى إِلَاّ عَنِ الشَّيْءِ لَا بِهِ
فَاطلُبْ مِنَ اللهِ لَا (*) تَطلُبْ مِنَ الإِنسَانِ
فَالسَّخَاءُ عِندَهُ (*) تَمَامَا كَالإِحْسَان
إِذا ما أهان امرؤ نفسه
فلَا أكرم الله من يكرمه
فلَا تحسد الكلب أكل العظام
فعند تغوّطه ترحمه
تراه وشيكا شكا إِسْتَهُ
وما باسْتِه قد جناه فمه
وتذكِّرُني هذه الأَبيات بالناسك المعدم الذي رق له صاحبه فعرض عليه الذهاب للأمير فلَان، يشكو إِلَيْهِ ضيق حاله عساه أن يسد رمقه بأي شئ 00؟
فغضب منه غضباً شديدا وقال له أما إني لأَستحبي أن أسأل الدنيا ممن يملكها؛
فكيف بمن لَا يملكها من 00!؟
ألَا رحم الله من قال:
وما أقنعني بالكفاف وحييني في العفاف كهذين البيتين الذين اعجبا رسول الله نفسه قبل ان يعجباني:
ولقد أبيت على الطوى متعففاً (*) حتي أنال به مطاب المطعم
فأرى مغانم لو أشاء بلغتها (*) فيصدني عنها التقى وتكرمي
(*)(يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ)(*)
لَوْ أَنَّمَا أَسَدٌ قَبِلَ الهَوَانَ لَهُ (*) تَنْسَى الكِلَابُ وَيَنْسَى أَنَّهُ أَسَدُ
ألَا صدق والله أوفى من دبّ ودرج فوق صعيد الأرض وتحت أديم السّماء:
إذا أنت لم تحمل على النفس ضيمها
فليس إلى حسن الثناء سبيل
فلعنة الله على يوم اتخذت فيه المضلين عضدا00
فَاسْتغْنِ بالله عما في خزائنهم (*) إن الغني من استغني عن الناسِ
وقال يزيد بن المهلب: ما رأيت أشرف عفةً مِنَ الفرزدق؛ هجاني ملكاً وَمَدَحني سُوقة 00!!
السؤال لغير الله مذلة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لأن يأخذ أحدكم أحبله فيحتطب بها علي ظهره أهون عليه من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه " 00!!
وَوَرَدَ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " مَنْ فتح علي نفسه باباً من السؤالْ: فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر " 00!!
ورأي علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) رجلاً يسأل بعرفات فقنعه بالسوطِ وقالَ لَهُ ويلك؛ أَفي مثلِ هذا اليوم تسأل غيرَ الله 00!!؟
اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
(أَ 0 هـ)
{وَإن من شئ إلَا عندنا خزائنه وما ننزله إلَا بقدر معلوم}
وشاعر كان يشكو رق الحال، وقلة المال، وكثرة العيال
ـ حَالُ المُسْلِمِين وَالحَلّ:
متي يَبْلُغُ البنيان البُنيانُ يوْماً تَمامَهُ
إِذَا كُنْتَ تَبْنِيهِ وَآخرُ يهدِمُ
الي الله أشكو أنني كل ليلة (*) اذا نمت لم أعدم طوارق أوهامي
فإن كان شراً فهو لَابد واقع (*) وإن كان خيراً فهو أضغاث أحلَام
احْترَقَ الوَجْهُ وَالقَفَا، وَالعَدُوُّ بَعْدُ مَا اشتَفَى 00
وَحَسبكَ من نَكبَة بامرئ (*) تَرَى حَاسِدِيهِ لَه رَاحمينَا وَهَكَذَا 00