المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معلقات الأدب الإسلامي: - موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌[مَقَالَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني]

- ‌أَصُونُ كَرَامَتي مِنْ قَبْلِ قُوتي

- ‌أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُول

- ‌إِعْصَار كَاتْرِينَا

- ‌إِنْقَاذُ السُّودَان؛ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان

- ‌الإِسْلَامُ هُوَ الحَلّ، وَلَيْسَ الإِرْهَابُ هُوَ الحَلّ

- ‌الْبَهَائِيَّة، وَادعَاءُ الأُلُوهِيَّة

- ‌الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَان:

- ‌الدِّينُ النَّصِيحَة:

- ‌الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ

- ‌الفَنَّانَاتُ التَّائِبَاتُ

- ‌{أَرَاذِلُ الشُّعَرَاء}

- ‌الحُلْمُ الجَمِيل:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتجْوِيدِه:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيّ:

- ‌ فَضْلُ بِنَاءِ المَسَاجِد **

- ‌فُقَرَاء، لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

- ‌قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:

- ‌لُغَتُنَا الجَمِيلَة:

- ‌مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌أَنْقِذُونَا بِالتَّغْيِير؛ فَإِنَّا في الرَّمَقِ الأَخِير:

- ‌إِيرَان؛ بَينَ المِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَان

- ‌الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين

- ‌الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه

- ‌الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان

- ‌الشَّاعِرُ المَغْرُور

- ‌الْفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالرُّوتِينُ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة

- ‌الْقِطَطُ السِّمَان

- ‌الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي

- ‌المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون

- ‌بَعْضَ الَاهْتِمَام؛ يَا هَيْئَةَ النَّقْلِ الْعَامّ

- ‌ثَمَانِ سَنَوَات؛ يَا وَزَارَةَ الاتِّصَالات

- ‌جَمَاعَةُ الإِخْوَانِ المحْظُوظَة

- ‌دُورُ " النَّشْل

- ‌شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ

- ‌شُعَرَاءُ الْفُكَاهَة؛ بَيْنَ الجِدِّيَّةِ وَالتَّفَاهَة

- ‌صَنَادِيقُ شَفَّافَة، وَنُفُوسٌ غَيرُ شَفَّافَة

- ‌ ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق

- ‌فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس

- ‌قَتَلُواْ بِدَاخِلِنَا فَرْحَةَ الْعِيد

- ‌قَصِيدَةً مِنْ نَار؛ لِمَنْ يَتَّهِمُني بِسَرِقَةِ الأَشْعَار

- ‌قَنَاةٌ فَضَائِيَّةٌ تَلْفِتُ الأَنْظَار؛ بِالطَّعْنِ في نَسَبِ النَّبيِّ المخْتَار

- ‌مَتى سَيُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف

- ‌مُوَسْوِسُونَ لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌يَتْرُكُونَ المُشَرِّفِين؛ وَيُقَدِّمُونَ " المُقْرِفِين

- ‌يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ وَيَعْمَلُ بَنَّاءً

- ‌أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء

- ‌مخْتَارَاتٌ مِنْ دِيوَاني:

- ‌الحَمَاسَةُ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌إِهْدَاءُ الحَمَاسَةِ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ الحَمَاسَة:

- ‌بَحْرُ الخَفِيف:

- ‌بَحْرُ الْبَسِيط:

- ‌بَحْرُ الرَّجَز:

- ‌بَحْرُ الرَّمَل:

- ‌بَحْرُ الوَافِر:

- ‌بَحْرُ المُتَدَارَك:

- ‌بَحْرُ المُتَقَارِب:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 2]:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 3]:

- ‌مجْزُوءُ الرَّمَل:

- ‌مجْزُوءُ الرَّجَز:

- ‌مجْزُوءُ الْوَافِر:

- ‌مجْزُوءُ الْكَامِل:

- ‌مُخَلَّعُ الْبَسِيط:

- ‌[مَنهُوكُ الرَّجَز

- ‌كِتَابُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌مُقَدِّمَةُ الرِّضَا بِالقَلِيل

- ‌تَمْهِيدُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌الفَقِيرُ الصَّابِر:

- ‌الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌عَفَافُ النَّفْس:

- ‌كِتَابُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

- ‌أَحْكَامُ الجَنَائِز:

- ‌فَقْدُ الأَحِبَّة:

- ‌وَفَاةُ الحَبِيب:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌مُصِيبَةُ المَرَض:

- ‌مُصِيبَةُ السِّجْنِ وَالحَدِيثُ عَنِ المَظْلُومين:

- ‌هُمُومُ المُسْلِمِين:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ العُلَمَاء

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌[كِتَابُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌أَرْشِيفُ الحَمَدَاني:

- ‌انحِرَافُ الشَّبَاب:

- ‌البَيْتُ السَّعِيد

- ‌أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:

- ‌{الأَدَبُ مَعَ اللهِ وَرَسُولِهِ

- ‌ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجْ:

- ‌الدِّينُ الحَقّ:

- ‌الطِّيبَةُ في الإِسْلَام:

- ‌الْعِلْمُ وَالتَّعْلِيم:

- ‌العَمَلُ وَالكَسْب:

- ‌الكِبْرُ وَالغُرُور

- ‌المَمْلَكَةُ العَادِلَة:

- ‌بِرُّ الوَالِدَين:

- ‌نُزْهَةٌ في لِسَانِ الْعَرَب:

- ‌تَرْجَمَةُ الذَّهَبيّ؛ بِأُسْلُوبٍ أَدَبيّ [

- ‌حَالُ المُسْلِمِين:

- ‌رِجَالٌ أَسْلَمُواْ عَلَى يَدِ الرَّسُول:

- ‌فَوَائِدُ الصَّوْم:

- ‌زُهْدِيَّات:

- ‌(طَوَارِئُ خَطَابِيَّة)

- ‌فَضَائِلُ الصَّحَابَة:

- ‌مَدِينَةُ كُوسُوفُو:

- ‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

- ‌فَهْرَسَةُ سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء

الفصل: ‌معلقات الأدب الإسلامي:

‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

**** بُشْرَاهُ صلى الله عليه وسلم لِلفُقَرَاء ****

عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن خَلْقِ اللهُ الفُقَراءُ المُهَاجِرُون، الَّذِينَ تُسَدُّ بهِمُ الثغُور، وَتُتَّقَى بهِمُ المكَارِه، وَيمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ في صَدْرِهِ لَا يَسْتَطِيعُ لهَا قَضَاءَاً، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالى لمَلَائِكَتِهِ اِيتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ، فَتَقُولُ المَلَائِكَةُ نحْنُ سُكَّانُ سَمَائِك، وَخِيرَتُكَ مِن خَلقِك؛ أَفَتَأَمُرنَا أَنْ نَأتِيَ هَؤُلَاءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ 00!؟

ص: 8073

ـ أَيْ يَتَعَجَّبُون ـ فَيَقُولُ اللهُ تَعَالى: إِنهُمْ كَانُواْ عِبَادَاً يَعْبُدُونَني لَا يُشْرِكُونَ بي شَيْئَا، وَتُسَدُّ بهمُ الثغُور، وَتُتَّقَى بهمُ المكَارِه، وَيمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ في صَدْرِهِ لَا يَسْتَطِيعُ لهَا قَضَاءَاً؛ فَتَأْتِيهِمُ فَتَأْتِيهِمُ المَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدَّار " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6570، وَالإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَة الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيبِ وَالصَّحِيحَة]

{فَقرُهُ صلى الله عليه وسلم}

ص: 8074

عَن عَمْرِو بنِ الحَارِثِ أَخِي أُمِّ المؤْمِنِينَ جُويرِيَةَ رضي الله عنه قَال:

" مَا تَرَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عِندَ مَوتِهِ دِينَارَاً وَلَا دِرهَمَاً وَلَا عَبدَاً وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيئَاً إِلَاّ بَغلتَهُ البَيضَاءَ التي كَانَ يَركَبُهَا، وَسِلَاحَهُ وَأَرضَاً جَعَلَهَا لَابنِ السَّبيلِ صَدَقَة " 00!!

[أَخْرَجَهُ الإِمَامُ البُخَاريُّ تحْتَ رَقمْ: 4461 ـ فَتح]

يَا أُمَّةَ الإِسْلَامِ هَذَا دِينُكُمْ وَنَبِيُّكُمْ فَتَمَسَّكُواْ وَتَوَحَّدُواْ

{مَاتَ الرَّسُولُ وَلَمْ يُوَرِّثْ دِرْهَمَا}

{مخْتَارَات / يَاسِرُ الحَمَدَاني}

،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،

ص: 8075

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" يَؤُمُّ القَوْمَ أَقرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ تَعَالى " 00!! [صَحَّحَهُ العَلَامَة أَحْمَد شَاكِر في تحْقِيقِهِ وَتَعْلِيقِهِ عَلَى المُسْنَدِ بِرَقم: 17000]

ص: 8076

" عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه قَال:

" كُنْتُ جَالِسَاً مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ في مَسْجِدِ دِمَشْق، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا أَبَا الدَّرْدَاء، إِني جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لحَدِيثٍ بَلَغَني أَنَّكَ تحَدِّثُهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، مَا جِئْتُ لحَاجَةٍ، قَالَ ـ أَيْ أَبُو الدَّرْدَاءِ ـ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:

ص: 8077

" مَنْ سَلَكَ طَرِيقَاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمَاً؛ سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقَاً مِنْ طُرُقِ الجَنَّة، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْم؛ رِضَاً بمَا يَصْنَع، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَمَنْ في الأَرْض، وَالحِيتَانُ في جَوْفِ المَاء، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى العَابِد: كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِب، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاء، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارَاً وَلَا دِرْهَمَاً، إِنمَا وَرَّثُوا العِلْم، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِر " 0

صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقم: (6297)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقم:(3641) 0

ص: 8078

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوء، وَالصَّدَقَةُ خُفْيَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَبّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ في العُمُر، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَة، وَأَهْلُ المَعْرُوفِ في الدُّنيَا هُمْ أَهْلُ المَعْرُوفِ في الآخِرَة، وَأَهْلُ المُنْكَرِ في الدُّنيَا هُمْ أَهْلُ المُنْكَرِ في الآخِرَة " 00!!

[الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ في الأَوْسَط // صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ الجامِعِ]

" الدُّنيَا بَقِتْ غَابَة مَا فِيهَا غِيرْ دِيَابَة "

" الغُلْبِ مَا انْكَتَبْشِ فِيهَا الَاّ عَالغَلَابَة "

حَسْبُكُمْ مَعْشَرَ الفُقَرَاء 00 أَنَّ الفَقرَ مِنْ صِفَاتِ الأَنْبِيَاء 00!!

ص: 8079

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا؛ فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا ـ أَيْ لِفَصَاحَتِهِمَا ـ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5146 / فَتْح]

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6145 / فَتْح]

وَعَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رضي الله عنه قَال: " أَرْدَفَني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

ص: 8080

" هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ شَيْء " 00؟

قُلْتُ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هِيهْ " 00 أَيْ أَسْمِعْني، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" هِيهْ " 00 ثمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" هِيهْ " 00 حَتىَّ أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْت " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2255 / عَبْد البَاقِي]

وَفي رِوَايَةٍ عَنهُ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رضي الله عنه أَيْضَاً أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" كَادَ يُسْلِمُ في شِعْرِه " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2255 / عَبْد البَاقِي]

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

{وَلَا تُفْسِدُواْ في الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} {الأَعْرَاف/56، 85}

ص: 8081

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

وَقَدِيمَاً قَالَ حُكَمَاءُ الْعَرَب: " دَلَّ عَلَى عَاقِلٍ اخْتِيَارُه " 0

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

الدَّهْرُ خَيرُ مُؤَدِّبٍ لِمَنْ لَا مُؤَدِّبَ لَه 00

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

إِذَا ذَلَّ في الدُّنيَا الأَعِزَّةُ وَاكْتَسَتْ أَذِلَّتُهَا عِزَّاً وَسَادَ مَسُودُهَا

هُنَالِكَ لَا جَادَتْ سَمَاءٌ بِصَوْبِهَا وَلَا أَخْصَبَتْ أَرْضٌ وَلَا اخْضَرَّ عُودُهَا

{ابْنُ الرُّومِي}

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

عَنْ مَعْرِضِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ رضي الله عنه قَال:

ص: 8082

" حَجَجْتُ حَجَّةَ الوَدَاع؛ فَدَخَلْتُ مَكَّةَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّ وَجْهَهُ القَمَر، وَسَمِعْتُ مِنهُ عَجَبَاً: جَاءهُ رَجُلٌ مِن أَهْلِ اليَمَامَةِ بِصَبيٍّ قَدْ لُفَّ في خِرْقَةٍ بَيْضَاءَ فَقَالَ: " لَهُ مَن أَنَا "؟

قَالَ أَنْتَ رَسُولُ الله؛ قال: " صَدَقْتَ بَارَكَ اللهُ فِيك " 0

ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمِ الغُلَامُ بَعْدَهَا حَتىَّ شَبَّ؛ قَالَ مَعْرِض: " فَكُنَّا نُسَمِّيهِ مُبَارَكَ الْيَمَامَة " 0

[ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانيُّ في " الإِصَابَة؛ في مَعْرِفَةِ الصَّحَابَة " ص: (180/ 6) 0

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 8083

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَواْ أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ {46} وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِين {47} وَنَادَى أَصْحَابُ الأعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ {48} أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تحْزَنُون}

{الأَعْرَاف}

ص: 8084

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه قَال: " أَصْحَابُ الأَعْرَافِ قَوْمٌ تجَاوَزَتْ بهِمْ حَسَنَاتهُمُ النَّار، وَقَصَّرَتْ بهِمْ سَيِّئَاتهُمْ عَنِ الجَنَّة؛ فَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِين؛ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ جل جلاله قَال: " قُومُواْ ادْخُلُواْ الجَنَّة؛ فَإِنيِّ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " 0

[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 انْظُرِ " المُسْتَدْرَك " بِرَقْم: (3247) 0

ص: 8085

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " الأَعْرَاف: السُّورُ الَّذِي بَينَ الجَنَّةِ وَالنَّار، وَأَصْحَابُ الأَعْرَافِ بِذَلِكَ المَكَان، حَتىَّ إِذَا بَدَا اللهُ أَنْ يُعَافِيَهُمْ؛ انْطَلَقَ بِهِمْ إِلى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الحَيَاة، حَافَّتَاهُ قَصَبُ الذَّهَب ـ أَيْ مِن عِيدَانِ الذَّهَب ـ مُكَلَّلٌ بِاللُّؤْلُؤ، تُرَابُهُ المِسْك؛ فَأُلْقُواْ فِيهِ حَتىَّ تَصْلُحَ أَلْوَانهُمْ، وَتَبْدُو في نحُورِهِمْ شَامَةٌ بَيْضَاءَ يُعْرَفُونَ بِهَا، حَتىَّ إِذَا صَلُحَتْ أَلْوَانهُمْ؛ أَتَى بهِمُ الرَّحْمَنُ تبارك وتعالى فَقَال: " تَمَنَّواْ مَا شِئْتُمْ " 00 فَيَتَمَنَّوْن؛ حَتىَّ إِذَا انْقَطَعَتْ أُمْنِيَتُهُمْ قَالَ لهُمْ: " لَكُمُ الَّذِي تَمَنَّيْتُمْ وَمِثْلُهُ سَبْعُونَ ضِعْفَاً " 00 فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَفي نحُورِهِمْ

ص: 8086

شَامَةٌ بَيْضَاءُ يُعْرَفُونَ بِهَا، يُسَمُّونَ مَسَاكِينَ أَهْلِ الجَنَّة " 0

[ابْنُ كَثِيرٍ في بِدَايَةِ تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَات 0

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

صَدَقَ وَاللهِ بَدِيعُ الزَّمَانِ الهَمَذَانيِّ إِذْ يَقُول:

هَذَا زَمَانٌ مَشُومُ فِيهِ المحِقُّ مَلُومُ

وَالجَهْلُ فِيهِ مَمْدُوحٌ وَالعِلْمُ فِيهِ مَذْمُومُ

وَالمَالُ طَيْفٌ وَلَكِن حَوْلَ اللِّئَامِ يحُومُ

{بَدِيعُ الزَّمَانِ الهَمَذَانيّ}

وَهُوَ القَائِلُ أَيْضَاً:

الذَّنْبُ لِلأَيَّامِ لَا لي فَاعْتِبْ عَلَى صَرْفِ اللَّيَالي

بِالحُمْقِ أَدْرَكْتُ المُنى وَرَفَلْتُ في الحُلَلِ الغَوَالي

{بَدِيعُ الزَّمَانِ الهَمَذَانيّ}

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

كُلُّ رَغِيفٍ مُسْتَدِيرٌ؛ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مُسْتَدِيرٍ رَغِيفَا 0

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 8087

عَن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنَاً حَسَنَةً؛ يُعْطَى بِهَا في الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا في الآخِرَة، وَأَمَّا الكَافِر: فَيُطْعَمُ بحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا للهِ في الدُّنْيَا، حَتى إِذَا أَفْضَى إِلى الآخِرَة؛ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2808 / عَبْد البَاقِي]

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَن أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ الكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً؛ أُطْعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَأَمَّا المُؤْمِن: فَإِنَّ اللهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ في الآخِرَة، وَيُعْقِبُهُ رِزْقَاً في الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِه " 0

ص: 8088

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2808 / عَبْد البَاقِي]

عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِنَّ الْعَبْدَ لَيَلْتَمِسُ مَرْضَاةَ اللهِ عز وجل فَلَا يَزَالُ كَذَلِك؛ فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: يَا جِبْرِيل، إِنَّ عَبْدِي فُلَانَاً يَلْتَمِسُ أَنْ يُرْضِيَني؛ فَرِضَائِي عَلَيْه؛ فَيَقُولُ جِبْرِيل: رَحْمَةُ اللهِ عَلَى فُلَان، وَتَقُولُ حَمَلَةُ العَرْش، وَيَقُولُ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتى يَقُولَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ السَّبْع، ثُمَّ يَهْبِطُ إِلى الأَرْض " 0

ثمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 8089

" وَهِيَ الآيَةُ الَّتي أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ في كِتَابِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدَّاً} {مَرْيم/96}

وَإِنَّ العَبْدَ لَيَلْتَمِسُ سَخَطَ الله؛ فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: يَا جِبرِيل، إِنَّ فُلَانَاً يَسْتَسْخِطُني، أَلَا وَإِنَّ غَضَبي عَلَيْه؛ فَيَقُولُ جِبرِيل: غَضِبَ اللهُ عَلَى فُلَان، وَيَقُولُ حَمَلَةُ العَرْش، وَيَقُولُ مَنْ دُونَهُمْ، حَتى يَقُولَهُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ السَّبْع، ثُمَّ يَهْبِطُ إِلى الأَرْض " 0

[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (272/ 10)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في " الأَوْسَط " 0

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 8090

" إِنَّ مِمَّا يَلحَقُ المُؤْمِنَ مِن عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمَاً عَلَّمَهُ وَنَشَرَه، وَوَلَدَاً صَالحَاً تَرَكَه، وَمُصْحَفَاً وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدَاً بَنَاهُ أَوْ بَيْتَاً لَابْنِ السَّبِيلِ بَنَاه " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (242)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم:(43657) 0

عَن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول:

" ابْغُوني الضُّعَفَاءَ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: (2594)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم:(17107) 0

وَفي رِوَايَةٍ لِلحَدِيث:

ص: 8091

" وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَهْلُ المَعْرُوف " 00!!

[الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ في الأَوْسَط // ضَعَّفَهَا الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ الجامِعِ إِثْرَ الحَدِيث]

أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ طُيُورٌ تَسْبَحُ في رِيَاضِ الجَنَّة

عَنْ مَسْرُوقٍ الهَمَدَانيِّ رضي الله عنه قَال:

" سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ ـ أَيِ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ هَذِهِ الآيَة:

" وَلَا تحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتَاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون " 00!!

{آلِ عِمْرَان/169}

ص: 8092

قَالَ رضي الله عنه: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: أَرْوَاحُهُمْ في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثمَّ تَأْوِي إِلى تِلْكَ القَنَادِيل، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً فَقَالَ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئَاً 00؟

قَالُواْ أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا 00!؟

ص: 8093

فَفَعَلَ ذَلِكَ بهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ أَيْ سَأَلهُمْ ثَلَاثَ مَرَّات ـ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُواْ مِن أَنْ يُسْأَلُواْ قَالُواْ: يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا في أَجْسَادِنَا حَتى نُقْتَلَ في سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى؛ فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُواْ " 00!! [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَخْرٍ بِرَقْم: 3500]

يَهُونُ القَتْلُ في سَبِيلِ اللهِ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ مَصِيرُ الشُّهَدَاء

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:

" لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ ـ أَيْ أَبُوهُ رضي الله عنه يَوْمَ أُحُد: لَقِيَني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا جَابِرُ مَا لي أَرَاكَ مُنْكَسِرَاً 00؟

ص: 8094

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ اسْتُشْهِدَ أَبي وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنَاً؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللهُ بِهِ أَبَاك 00؟

قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ الله 00؟

قَالَ مَا كَلَّمَ اللهُ أَحَدَاً قَطُّ إِلَاّ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحَاً ـ أَيْ وَجْهَاً لِوَجْه ـ فَقَالَ يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِك 00؟

قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِيني فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً؛ فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَه: إِنَّهُ سَبَقَ مِني أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُون، قَالَ يَا رَبّ: فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " 00!! {آلِ عِمْرَان/169}

ص: 8095

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 190 // ابْنُ مَاجَةَ في صَخْرٍ بِرَقْم: 186]

شَرُّ النَّاسِ العُلَمَاءِ إِذَا فَسَدُواْ 00!!

لَا تحْقِرَنَّ صَغِيرَةً إِنَّ الجِبَالَ مِنَ الحَصَى

الجَبَان: لَيْسَ لَهُ مَكَان 00 في هَذَا الزَّمَان 00!!

ظَلَمْتَ أَخَاكَ وَمَا أَنْصَفتَهُ لَوْ نَظَرْتَ إِلى سَوْأَتِهِ الوَحِيدَة، وَعَمِيتَ عَنْ محَاسِنِهِ العَدِيدَة

يَا رَبِّ نُسْبى هَكَذَا وَنُبَادُ فَإِلى مَتى يَتَطَاوَلُ الأَوْغَادُ

وَإِلى مَتى تُدْمِي الجِرَاحُ قُلُوبَنَا وَإِلى مَتى تَتَقَرَّحُ الأَكْبَادُ

نَصْحُو عَلَى صَوْتِ الرَّصَاصِ كَأَنَّنَا بَقَرٌ يُسَاقُ لِذَبحِهِ وَيُقَادُ

يَتَسَامَرُ الأَعْدَاءُ في أَوْطَانِنَا وَنَصِيبُنَا التَّشْرِيدُ وَالإِبْعَادُ

نُشْرَى كَأَنَّا في المحَافِلِ سِلْعَةٌ وَنُبَاعُ كَيْ يَتَمَتَّعَ الأَسْيَادُ

ص: 8096

فَإِنْ يَكُنِ الفِعْلُ الَّذِي سَاءَ وَاحِدَاً فَأَفْعَالُهُ الَّلَائِي سَرَرْنَ أُلُوفُ

نَعَمْ إِنَّكَ يَا هَذَا تَسُرُّنَا بِالزِّيَارَة

وَلَكِنَّكَ لِمَاذَا تَضُرُّنَا بِالسِّيجَارَة

قَدْ يَكُونُ مِن حَقِّكَ أَنْ تُدَخِّن، وَلَكِنْ لَيْسَ مِن حَقِّكَ أَنْ تخْنُقَني 00!!

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

إِذَا رَأَيْتَ ثَنَايَا الذِّئْبِ بَادِيَةً فَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ الذِّئْبَ يَبْتَسِمُ

*********

إِنَّ العَدُوَّ وَإِن أَبْدَى مُسَالَمَةً إِذَا رَأَى مِنْكَ يَوْمَاً غَفْلَةً وَثَبَا

إِذَا وَتَرْتَ امْرَءً افَاحْذَرْ عَدَاوَتَهُ مَنْ يَزْرَعِ الشَّوْكَ لَا يحْصُدْ بِهِ عِنَبَا

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

عَن عِيَاضٍ المجَاشِعِيِّ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ في إِحْدَى الخُطَب:

ص: 8097

" وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلَاثَة: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّق، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ " 0

[000]

رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2865 / عَبْد البَاقِي]

وَفَدَتِ الوُفُودِ مِنْ كُلِّ بَلَد، عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ رضي الله عنه حِينَ تَوَلى مَنْصِبَ الخِلَافَة، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الحِجَاز، فَاشْرَأَبَّ مِنهُمْ غُلَامٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّم؛ فَقَالَ عُمَر: مَهْلاً يَا غُلَام، لِيَتَكَلَّمْ مَن هُوَ أَسَنُّ مِنْك 00

فَقَالَ الغُلَام: إِنَّمَا المَرْءُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين بِأَصْغَرَيْه: قَلْبِهِ وَلِسَانِه، وَلَوْ كَانَ الأَمْرُ بِالسِّن؛ لَكَانَ في هَذِهِ الأُمَّةِ مَن هُوَ أَحَقُّ مِنْكَ بِمَجْلِسِك 00!!

ص: 8098

فَقَالَ عُمَر: صَدَقْت، تَكَلَّمْ لَا فَضَّ اللهُ فَاك 00

فَقَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ نحْنُ وَفْدُ التَّهْنِئَة، لَا وَفْدُ المَرْزَئَة ـ أَيْ جِئْنَا مِن أَجْلِ التَّهْنِئَة، لَا مِن أَجْلِ طَلَبِ المَال ـ قَدِمْنَا إِلَيْكَ مِنْ بَلَدِنَا نحْمَدُ الله الَّذِي مَنَّ بِكَ عَلَيْنَا، لَمْ تخْرِجْنَا إِلَيْكَ رَغْبَةٌ وَلَا رَهْبَة؛ لأَنَّا قَدْ أَمِنَّا في أَيَّامِكَ مَا خِفْنَا، وَأَدْرَكْنَا مَا طَلبْنَا، فَقَالَ لَهُ عُمَر: عِظْنَا يَا غُلَام 00

ص: 8099

فَقَالَ نَعَمْ 00 إِنَّ نَاسَاً غَرَّهُمْ حِلْمُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَطُولُ أَمَلِهِمْ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ؛ فَلَا يَغُرَّنَّكَ حِلْمُ اللهِ عَلَيْك، وَلَا طُولُ أَمَلِكَ وَلَا حُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْك؛ فَتَزِلَّ قَدَمُك، فَنَظَرَ عُمَرُ في سِنِّ الغُلَام؛ فَإِذَا هُوَ ابْنُ اثْنَتيْ عَشْرَةَ سَنَة 00!!

[000]

الأُسْتَاذ أَحْمَد زَكِي صَفْوَت في " جَمْهَرَةِ خُطَبِ العَرَب " طَبْعَةِ المَكْتَبَةِ العِلْمِيَّةِ بِتَصَرُّفٍ وَاخْتِصَار 0 رَقْم: (399)

مَثَلُ المُتَكَبِّرِ كَوَاقِفٍ فَوْقَ جَبَل 00 يَرَى النَّاسَ صِغَارَاً، وَيَرَوْنَهُ صَغِيرَا 00!!

لَنْ تَكُونَ وَرِعَاً حَتىَّ تَدَعَ بَعْضَ الحَلَال؛ مخَافَةَ الوُقُوعِ في الحَرَام 00!!

ص: 8100

كُلٌّ مِنْكُمْ يَطْلُبُ مِنَ ابْنِهِ أَنْ يَكُونَ كَإِسْمَاعِيلَ في بِرِّهِ بِأَبِيهِ وَمَنْ مِنْكُمْ كَإِبْرَاهِيم 00!!؟

ازْرَعْ جَمِيلاً وَلَوْ في غَيرِ مَوْضِعِهِ فَلَا يَضِيعُ جَمِيلٌ أَيْنَمَا زُرِعَا

الكَلبُ الحَيُّ خَيرٌ مِنَ الأَسَدِ المَيِّت 00!!

لَا تُضَيِّعْ وَقتَكَ في البُكَاءِ عَلَى اللَّبَنِ المَسْكُوب؛ فَلَيْسَ كُلُّ مَا انْكَسَرَ يمْكِنُ إِصْلَاحُه 00!!

لَوْ كَانَ المَالُ يَنْفَعُ في كُلِّ شَيْءٍ لَنَفَعَتْ قَارُونَ أَمْوَالُه 00!!

المَرْأَةُ فَرَس، وَالرَّجُلُ فَارِس، وَالحُبُّ عِنَانٌ بَيْنَهُمَا 00!!

مَنِ اتخَذَ الغُرَابَ لَهُ دَلِيلاً سَيُنْزِلُهُ عَلَى جِيَفِ الكِلَابِ

مَنْ بَلَغَ السَّبْعِينَ اشْتَكَى مِن غَيرِ عِلَّة 00!!

دَارِهِمْ مَا دُمْتَ في دَارِهِمْ، وَأَرْضِهِمْ مَا دُمْتَ في أَرْضِهِمْ 00

ص: 8101

وَإِنْ لَمْ تَكُن إِلَاّ الأَسِنَّةُ مَرْكَبَاً فَمَا حِيلَةُ المُضْطَرِّ إِلَاّ رُكُوبهَا

قَصِيدَة:

" كُلُواْ وَاشْرَبُواْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاء وَإِنْ مَلأَ السِّكَكَ الجَائِعُون "

إِنَّ اللهَ قَسَّمَ المَوَاهِبَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاق، وَالذَّكِيُّ حَقَّاً هُوَ مَنْ يَعْرِفُ مَا هِيَ مَوْهِبَتُهُ فَيَعْتَنيَ بهَا 00!!

العَدُوُّ لَا يَصِيرُ حَبِيبَاً حَتىَّ يَصِيرَ الحِمَارُ طَبِيبَاً 00!!

لَا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ

الإِمَامُ البُخَارِيُّ في " فَتْحِ البَارِي " بِرَقْم: (2095، 2363، 2365،)

الإِمَامُ مُسْلِمٌ في " صَحِيحِهِ / عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: (1552، 1553، 1716، 1913، 2613، 2613، 2616، 2617/ 2/1914، 2617/ 2/1914/ 2، 2617/ 2/1914/ 3، 2617/ 2/1914/ 4، 2630، 2638/ 2)

ص: 8102

الإِمَامُ ابْنُ مَاجَةَ في " سُنَنِهِ " بِرَقْم: (237، 240، 252، 2235، 2491 /المَرْفُوعُ فَقَطْ، 2505د، 3373، 3377، 3384، 3790، 3793، 3865، 3934د، 4035، 4035، 4038 /دُونَ قَوْلِهِ فَمُوتُواْ ـ عِنْدَ: إِلى اللهِ أَشْكُو أَنَّ كُلَّ قَبِيلَة مِنَ النَّاسِ أَفْني المَوْتُ خِيرَةَ أَهلِهَا، 4241، 4300) 0

سَمَّيْتُهَا بِالمُعَلَّقَاتِ تَشْبِيهَاً لَهَا بِالمُعَلَّقَاتِ العَشْرِ الَّتي كَانَ العَرَبُ يُعَلِّقُونَهَا عَلَى خِيَامِهِمْ لجَوْدَتِهَا

ص: 8103

الإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ في " سُنَنِهِ " بِرَقْم: (1046، 1297، 1298، 1459، 1584، 1716، 1811، 2380، 2387، 2408، 2483، 2494، 2524، 2527، 2528، 2530، 2535، 2536، 2537، 2598، 2602، 2629، 2675، 4941، 4942، 4943، 5128) 0

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

[المِشْكَاةُ بِرَقم: 4507، 4508، 4511، 4863]

[الإِرْوَاءُ: 140 // 1]

[الإِرْوَاءُ: 279 // 6]

[الإِرْوَاءُ: 150، 150 // 7]

[انْظُرِ الكَنْز: ح 0 ر: 6999، 7000، 7001، 13538، 32031، 43223، 43545]

[انْظُرْ صَحِيحَ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ لِلأَلبَانيِّ طَبْعَةَ الرِّيَاض: 337 // 3]

[انْظُرْ صَحِيحَ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ لِلأَلبَانيِّ طَبْعَةَ الرِّيَاض: 509 ـ 521 // 2]

[انْظُرْ الخُطَبَ المِنْبَرِيَّة 0 كِشْك: 15 // 5]

ص: 8104

[انْظُرْ الخُطَبَ المِنْبَرِيَّة 0 كِشْك: 17 // 10]

[نَفَائِسُ اللَّطَائِف لِلدُّكتُور نَايِف 0 طَبْعَةُ بَيرُوت 0 المَكتَبَةُ العُمَرِيَّة 0 ص: 9 ـ 10]

[نَفَائِسُ اللَّطَائِف لِلدُّكتُور نَايِف 0 طَبْعَةُ بَيرُوت 0 المَكتَبَةُ العُمَرِيَّة 0 ص: 111]

اصْبِرْ عَلَى كَيْدِ الحَسُودِ فَإِنَّ صَبْرَكَ قَاتِلُه

فَالنَّارُ تَأكُلُ بَعْضَهَا إِنْ لَمْ تجِدْ مَا تَأكُلُه

وَأَغيَظُ مَنْ نَادَاكَ مَنْ لَا تجِيبُهُ

شَكَا أَحَدُ أَصْحَابِ المَطَاعِمِ لِفَضِيلَةِ الشّيخ كِشك [رحمه الله] أَنَّ الزَّبَائِنَ يَأكُلُونَ وَلَا يَدْفَعُونَ الحِسَاب، قَالَ الشَّيْخُ وَلِمَ 00!؟

قَالَ لأَنِّي وَضَعْتُ لَافِتَةً مَكتُوبٌ عَلَيْهَا: " إِنمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله " 00!!

ص: 8105

فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ احْمِلْ هَذِهِ اللَافِتَةِ وَضَعْ مَكَانهَا لَافِتَةً مَكتُوبٌ عَلَيْهَا: " ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَن "00!!

بِالمَسْرَحِيَّة:

أَنَا ادِّيتْ لأَهْلِي خَلفِيَّة؛ يَا تَرَى هَتْفَرَّحْهُمْ بِيَّا وَلَا هَتْفَرَّحْهُمْ فِيَّا " 00!؟

لَا تَحْرِمَنِّيَ يَا عَمِّي مِنِ امْرَأَةٍ عَيْني تَقَرُّ بِهَا في الخَلْقِ وَالخُلُقِ

أَنْسَى بِهَا مُرَّ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ محَنٍ وَيَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ الجَدْبِ بِالوَرَقِ

أَبْكِي إِذَا غَضِبَتْ حَتىَّ إِذَا رَضِيَتْ بَكَيْتُ بَعْدَ الرِّضَا خَوْفَاً مِنَ الغَضَبِ

قيل لأَرابيٍّ فِي احْتِضَارِه بمنْ توصي بامْرَأَتِكَ ـ وكانت قد تزوجت أَربعةَ قبله ـ فقال إِلَى الخامس الأَشقى (عَلَيهِ لعنةُ الله) 00!!

وَقيلَ لآخَرَ مَاتَ اليَومَ طبَّالٌ وَزَمَّارٌ ومغنٍّ فقال لَا شك أَنَّ في جهنمَ فرحْ 00!!

ص: 8106

وَكَأَنَّهُ يَقُولُ بِذَلِكَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئسَ المَصِير 00!!

{يَاسِر الحَمَدَاني ـ مِصْر}

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 8107

" لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إِلَاّ ثَلَاثَة: عِيسَى ابْنُ مَرْيم، وَصَاحِبُ جُرَيْج، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدَاً، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ يَا جُرَيْج، فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتي 00؟! فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ يَا جُرَيْج، فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتي 00؟! فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ يَا جُرَيْج، فَقَالَ أَيْ رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتي 00؟!

ص: 8108

فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ فَقَالَت: اللهُمَّ لَا تمِتْهُ حَتى يَنْظُرَ إِلى وُجُوهِ المُومِسَات؛ فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجَاً وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بحُسْنِهَا فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ؛ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيَاً كَانَ يَأْوِي إِلى صَوْمَعَتِهِ ـ أَيْ صَوْمَعَةِ جُرَيْجٍ ـ فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ؛ فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُواْ صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُواْ يَضْرِبُونَهُ؛ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ 00؟!

قَالُواْ زَنَيْتَ بهَذِهِ البَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ، فَقَالَ أَيْنَ الصَّبيُّ 00؟

ص: 8109

فَجَاءواْ بِهِ، فَقَالَ ـ أَيْ جُرَيْج: دَعُوني حَتى أُصَلِّيَ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبيَّ، فَطَعَنَ في بَطْنِهِ وَقَال: يَا غُلَامُ مَن أَبُوك 00؟

ص: 8110

قَالَ فُلَانٌ الرَّاعِي؛ فَأَقْبَلُواْ عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَقَالُواْ: نَبْني لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَب، قَالَ لَا، أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ فَفَعَلُواْ، وَبَيْنَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ مِن أُمِّه، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ ـ أَيْ هَيْئَةٍ ـ حَسَنَة؛ فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللهُمَّ اجْعَلِ ابْني مِثْلَ هَذَا، فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأَقْبَلَ إِلَيْه، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَال: اللهُمَّ لَا تَجْعَلْني مِثْلَه، ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِع " 00 قَالَ ـ أَيْ أَبُو هُرَيْرَة: فَكَأَني أَنْظُرُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ في فَمِه، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((

ص: 8111

وَمَرُّواْ بجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونهَا وَيَقُولُون: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ، وَهِيَ تَقُول: حَسْبيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ؛ فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْني مِثْلَهَا، فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَال: اللهُمَّ اجْعَلْني مِثْلَهَا، فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الحَدِيثَ ـ أَيِ الأُمُّ وَوَلَدُهَا ـ فَقَالَتْ: حَلْقَى ـ أَيْ أَوْجَعَ اللهُ حَلقَكَ؛ مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ فَقُلْتُ: اللهُمَّ اجْعَلِ ابْني مِثْلَهُ فَقُلْتَ: اللهُمَّ لَا تَجْعَلْني مِثْلَه، وَمَرُّواْ بِهَذِهِ الأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا، وَيَقُولُونَ زَنَيْتِ، سَرَقْتِ؛ فَقُلْتُ: اللهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْني مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللهُمَّ اجْعَلْني مِثْلَهَا 00؟!!

ص: 8112

قَالَ ـ أَيِ الغُلَام: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارَاً فَقُلْتُ: اللهُمَّ لَا تَجْعَلْني مِثْلَهُ، وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا زَنَيْتِ وَلَمْ تَزْنِ، وَسَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ؛ فَقُلْتُ اللهُمَّ اجْعَلْني مِثْلَهَا " 0

البُخَارِيُّ بِنَحْوِهِ في كِتَابِ أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاء بَابِ قَوْلِ اللهِ سبحانه وتعالى: {وَاذْكُرْ في الكِتَابِ مَرْيمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِن أَهْلِهَا مَكَانَاً شَرْقِيَّاً} {مَرْيم/16} حَدِيثٌ رَقْم: (3436)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ بِنَصِّهِ في كِتَابِ البِرِّ وَالصِّلَةِ وَالآدَاب، بَابٍ تَقْدِيمِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ وَغَيرِهَا 0 حَدِيثٌ رَقْم:(2550) 0

وَصِيَّتي

ص: 8113

هِجْرَةُ الرَّسُولِ دُرُوسٌ وَعِبر:

=================

تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لَا يَغْفَلُ وَلَا يَنَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمَاً وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يحْبي وَيمِيتُ وَهْوَ حَيٌّ لَا يمُوت، يُسَبِّحُ بحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءَاً مِنَ الذّرَّاتِ وَحَتى المجَرَّات 00!!

إِلهِي لكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنتَ أَهْلهُ * علَى نِعَمٍ مَا كُنتُ قطُّ لهَا أَهْلَا

إِذَا زِدْتُّ عِصْياناً تزِدْني تَفضُّلَا * كَأَنِّيَ بِالعِصْيَان أَسْتوْجِبُ الفَضْلَا

نُسِيءُ إِلَيْهِ وَيحْسِنُ إِلَيْنَا؛ فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ وَلَا نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا 00!!

اللهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا 00!!

ص: 8114

أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا * في الأَرْضِ كُنتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ

وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً * حَتى أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني

وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنَاً * وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني

وَاللهِ لَوْ عَلِمُواْ بمَا كَسَبَتْ يَدِي * لأَبَى السَّلَامَ عَلَيَّ مَنْ يَلقَاني

يَا رَبِّ سَاعِدْنِي عَلَى نَفسِي بِمَا * تَرْضَى وَسَاعِدْنِي عَلَى الشَّيْطَانِ

**********

إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنتَ رَغْمَ إِسَاءَتي * إلَيكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكرُ

فَمَنْ كانَ مُعْتَذِرَاً إِلَيْكَ بحُجَّةٍ * فَعُذرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذرُ

{{{{{{{

ص: 8115

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَه اللهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَا، وَدَاعِيَاً إِلى اللهُ بِإِذنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَا، اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسلِيمَاً كَثِيرَا 00

أَنْتَ الذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلقَاكَا

أَنْتَ الذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا

نَادَيْتَ أَشْجَارَاً أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا

وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى للهِ فِي يمْنَاكَا

وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا

ص: 8116

مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يجْمَعَ الكُتَّابُ مِنْ مَعْنَاكَا

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * مَا اشْتَاقَ مُشْتَاقٌ إِلىَ رُؤْيَاكَا

اللهمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محَمَّدٍ عَدَدَ أَورَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقتَ مِنَ البَشَر0

ثمَّ أَمَّا بَعْد

فَسَوْفَ أَتَنَاوَلُ في هَذَا البَحْثِ جَانِبَاً مِن حَيَاةِ صَاحِبِ السِّيرَةِ العَطِرَة، أَلَا وَهُوَ حَادِثُ الهِجْرَة، وَمَا يَتَخَلَّلُهَا مِنَ العِظَةِ وَالعِبرَة 0

هَذَا 00 مَعَ مُرَاعَاةِ عَدَمِ التَّطْوِيل، وَعَلَى اللهُ قَصْدُ السَّبِيل، عَلَيْهِ تَوَكَّلنَا وَهُوَ نِعْمَ الوَكِيل 0

{البَاحِث / يَاسِر أَحْمَد محْمُود 0 الشَّهِير بِيَاسِرٍ الحَمَدَاني}

بسم الله الرحمن الرحيم

ــ

الهِجْرَةُ لُغَةً

ص: 8117

يُقَالُ الهِجْرَةُ وَالهُجْرَة: وَهِيَ مُفَارَقَةُ الوَطَن، وَالخُرُوجُ مِن أَرْضٍ لأَرْض، وَالسَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَاب 0

[2779]

ـ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ؛ يمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ؛ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلى أَهْلِهِ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ 0 في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقمَي: 2779، 3554]

ص: 8118

فَهِيَ لَفْظَةٌ مُرْتَبِطَةٌ بِالمَشَقَّةِ فَمِنهَا الهَجْرُ وَالهِجْرَانُ وَمَا فِيهِمَا مِنَ المَشَقَّةِ وَالحَنِين، وَالمَهْجُورُ وَمَا يُلَاقِيهِ وَيُعَانِيهِ مِنَ الأَنِين، وَمِنهَا وَمِنهَا التَّهْجِيرُ أَيِ الخُرُوجُ بِالهَجِير، الهَجِيرُ أَوِ الهَاجِرَة: أَيْ مُنْتَصَفِ النَّهَار، عِنْدَ بَدْءِ تَنَحِّي الظِّلِّ مِنْ تحْتِ الشَّيْء؛ وَمِنهُ قَوْلُ جَابِر:

" كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ بِرَقم: 532]

فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبهِمْ

ص: 8119

وَيحْلُو لي أَن أُرَدِّدَ في مِثْلِ هَذَا المَقَامِ الكَرِيم: أَبْيَاتَاً لِشَاعِرِنَا العَظِيم / هَاشِم الرِّفَاعِي، قَالهَا في مُنَاسَبَةِ الَاحْتِفَالِ بِالعَامِ الهِجْرِيِّ الجَدِيدِ، في فَترَةٍ سَادَ فِيهَا الظُّلْمُ وَالَاسْتِبْدَاد؛ فَأَنْشَدَ وَأَجَادَ الإِنْشَاد:

عِيدٌ عَلَى الوَادِي أَتَى مخْتَالَا * يحْكِي الرَّبِيعَ بَشَاشَةً وَجَمَالَا

إِنَّا لَنَذْكُرُ بِالمُحَرَّمِ فِتيَةً * بِكِفَاحِهِمْ ضَرَبُواْ لَنَا الأَمْثَالَا

خَرَجُواْ لِيَثرِبَ هَارِبِينَ بِدِينِهِمْ * قَدْ فَارَقُواْ أَصْحَابهُمْ وَالآلَا

وَلِنُصْرَةِ الحَقِّ الذِي خَرَجُواْ لَهِ * بَذَلُواْ النُّفُوسَ وَقَدَّمُواْ الأَمْوَالَا

وَمَنِ ابْتَغَى الإِصْلَاحَ في دُنيَا الوَرَى * رَكِبَ الشَّدَائِدَ وَامْتَطَى الأَهْوَلَا

ص: 8120

كَمْ مَرَّ بِالوَادِي حَكِيمٌ ضَائِعٌ * يَبْكِي عُلَاهُ وَيَشْتَكِي الإِذْلَالَا

فَالنِّيلُ عَبْدٌ وَالكِنَانَةُ في أَسَىً * وَالشَّعْبُ يَشْكُو الجُوعَ وَالإِقْلَالَا

مَا أَنْتَ إِلَا عِيدُ كُلِّ مُعَذَّبٍ * في الأَرْضِ قَدْ ذَاقَ الضَّنى أَشْكَالَا

أَمْسَى وَأَصْبِحَ في القُيُودِ مُكَبَّلاً * وَقَدِ ارْتَدَى مِنْ بُؤْسِهِ سِرْبَالَا

أَحْدَاثُ الهِجْرَة

ص: 8121

لَمَّا ازْدَادَ إِيذَاءُ المُؤْمِنِينَ في مَكَّةَ وَرَأَواْ أَنهُمْ قَدْ أُحِيطَ بهِمْ وَضَاقَ بهِمْ ذَرْعَاً بَدَأُواْ في الهِجْرَة، وَكَانَتْ هِجْرَتهُمْ بَادِئَ بَدْءٍ إِلى الحَبَشَة، حَتى بَدَأَتِ المُبَشِّرَاتُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ اللهَ جَاعِلٌ لَهُ مُتَنَفَّسَاً في أَرْضِ يَثرِب؛ فَطَفِقَتْ جُمُوعُ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ في شَدِّ الرِّحَالِ إِلَيْهَا لَمَّا رَأَوْهَا قَدْ حَسُنَتْ مُسْتَقَرَّاً وَمُقَامَا 0

إِنهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدَا

قال ابْنُ إِسْحَاقَ بِاخْتِصَار:

ص: 8122

" لَمَّا رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا ـ يَعْني المَدِينَة ـ وأصابوا منهم منعة؛ فَحَذَروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنهم قد أُجمِعَ لحربهم؛ فاجتمعوا له في دار الندوة، وهي دار قصي بن كلَاب التي كانت قريش لَا تقضي أمرا إلَا فيها، يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه، غدوا في اليوم الذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الرحمة، فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل عليه بتلة ـ أَيْ عَبَاءةٌ مُوَشَّاة ـ فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها قالوا من الشيخ 00؟

ص: 8123

قال شيخ من أهل نجد، سَمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لَا يعدمكم منه رأيا ونصحا، قالوا أجل فادخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريشٍ فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم؛ فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا؛ فأجمعوا فيه رأيا 00؟

فتشاوروا ثم قال قائل منهم: احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة وَمن مَضَى منهم من هَذَا المَوتِ حَتى يصيبَه مَا أَصَابهم، فقال الشيخ النجدي لَا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه كما تقولون ليُخْرِجَنَّ أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينزعوه من أيديكم ثُمَّ يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم 00 ما هذا لكم برأيٍ فانظروا في غيره 00

ص: 8124

فتشاوروا ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلَادنا؛ إِذَن والله ما نبالي أين ذهب ولَا حيث وقع إِذَن، وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وَأُلفَتَنَا كما كانت؛ فقال الشيخ النجدي لَا والله ما هذا لكم برأي؛ أَلَم تَرَوا حسنَ حَديثه وَحَلَاوَةَ مَنطقه وَغَلَبَته عَلَى قلوب الرجَال بمَا يَأتي به؛ وَالله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حيٍّ من العرب فيغلِب عليهِم بِذلِك مِن قولِهِ وحدِيثِهِ حتى يتابعوه عليه ثُمَّ يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلَادكم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد، فقال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد، قالوا وما هو يا أبا الحكم 00؟

ص: 8125

قال أرى أن يُنفَذَ من كل قَبيلَة فَتى شَابا جليدا نسيبا وسيطا فينا ـ أَيْ حَسِيبَاً شَرِيفَاً ـ ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها حصول رجل واحدٍ فيقتُلُوهُ فنستريحُ منهُ؛ فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دَمُهُ في القبائل جميعا فلم يقدر بنُو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقلِ ـ أَيْ بِالدِّيَةِ ـ فَعَقَلنَاهُ لهم 00

فقال الشيخ النَّجدي القول ما قال الرجل، هذا الرأي الذي لَا رأي غيرَه، فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له " 00!! [السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 5 ـ 9/ 3]

وَفَاءُ الأَنْبِيَاء 00 حَتى

مَعَ الأَعْدَاء

ص: 8126

فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لَا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرميِّ الأخضر؛ فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام، وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنهُمْ لَمَّا اجتمعوا له وفيهم أبو جهل بن هشام قال وهم على بابه ـ أَيْ يُعَرِّضُ المَلعُونُ بِرَسُولِ اللهِ قَائِلاً ـ إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم منْ بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجِنان الأردن، وإن لَمْ تفعلوا كان ذبحٌ ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جُعِلَتْ لكم نارٌ تحرقون فيها، وخرج

ص: 8127

عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثُم قال أنا أقول ذلك، أنت أحدهم، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلَا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هؤلَاء الآيات:

" يَسِ، وَالقُرْآنِ الحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ، عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، تَنزِيلَ العَزِيزِ الرَّحِيمِ، لِتُنْذِرَ قَوْمَاً مَّا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ، لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُون، إِنَّا جَعَلْنَا في أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالاً فَهِيَ إِلى الأذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ، وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدَّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدَّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُون " 00!! {يَسِ/1 ـ 9}

ص: 8128

حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلَاء الآيات وَلَمْ يبق منهم رجل إلَا قد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون ها هنا 00؟

قالوا محمدا، قال خيبكم الله؛ قد والله خرج عليكم محمدٌ ثم ما ترك منكم رجلَا إلَا وقد وضع على رأسه تراباً وانطلق لحاجته؛ أفما ترون ما بكم 00!؟

فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليَّا على فِرَاشِهِ مُسَجِّيَاً ـ أَيْ مُغَطَّىً ـ ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائماً عليه برده؛ فلم يبرحوا كذلك ـ أَيْ ظَنُّواْ أَنَّ ذَلِكَ الآتيَ مِنْ شِيعَتِهِ وَيُرِيدُ تَضْلِيلَهُمْ فَكَذَّبُوه ـ حتى أصبحوا فقام عليٌّ رضي الله عنه عنِ الفِرَاشِ فقالُواْ والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا " 00!!

ص: 8129

حَدِيثُ الهِجْرَةِ في البُخَارِي

[000]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

" لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ـ أَيِ الإِسْلَامَ ـ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ؛ إِلَا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُليَ المُسْلِمُون؛ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرَاً نحْوَ أَرْضِ الحَبَشَة، حَتى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَاد ـ مَوْضِعَاً أَسْفَلَ مَكَّةَ في طَرِيقِ الحَبَشَة ـ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ القَارَةِ ـ اسْمُ قَبِيلَةِ ابْنِ الدُّغُنَّة ـ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْر 00؟

ص: 8130

فَقَالَ أَبُو بَكْر: أَخْرَجَني قَوْمِي؛ فَأُرِيدُ أَن أَسِيحَ في الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَة: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَج؛ إِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُوم، وَتَصِلُ الرَّحِم، وَتحْمِلُ الكَلّ ـ أَيِ العِبْءَ الثَّقِيل ـ وَتَقْرِي الضَّيْف، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقّ؛ فَأَنَا لَكَ جَارٌ 00 ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِك، فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَة، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً في أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَج؛ أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ المَعْدُومَ وَيَصِلُ الرَّحِم، وَيحْمِلُ الكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ 00!؟

ص: 8131

فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ وَقَالُواْ لَابْنِ الدَّغِنَة: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دَارِه، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِه؛ فَإِنَّا نخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءنَا وَأَبْنَاءنَا، فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبي بَكْر، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِصَلَاتِهِ وَلَا يَقْرَأُ في غَيْرِ دَارِه، ثُمَّ بَدَا لأَبي بَكْرٍ ـ أَيْ رَأَى غَيرَ ذَلِكَ ـ فَابْتَنى مَسْجِدَاً بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ القُرْآن، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ـ أَيْ يَنْدَفِعُونَ إِلَيْهِ ـ وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْه، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً:

ص: 8132

لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القُرْآن؛ وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِين؛ فَأَرْسَلُواْ إِلى ابْنِ الدَّغِنَة، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُواْ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بجِوَارِك، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِه، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنى مَسْجِدَاً بِفِنَاءِ دَارِه، فَأَعْلَنَ بِالصَّلَاةِ وَالقِرَاءةِ فِيه؛ وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءنَا وَأَبْنَاءنَا فَانْهَهُ، فَإِن أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ فَعَل، وَإِن أَبى إِلَا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَك؛ فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبي بَكْرٍ الَاسْتِعْلَان، فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلى أَبي بَكْرٍ فَقَال: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي

ص: 8133

عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْه؛ فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تُرْجِعَ إِليَّ ذِمَّتي؛ فَإِني لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ العَرَبُ أَني أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ؛ فَقَالَ أَبُو بَكْر: فَإِني أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بجِوَارِ اللهِ عز وجل، وَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بمَكَّة، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِين:" إِني أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نخْلٍ بَينَ لَابَتَينِ: وَهُمَا الحَرَّتَان " 00

ص: 8134

ـ أَيْ بُقْعَتَانِ كَبِيرَتَانِ ذَوَاتَا حِجَارَةٍ سُود ـ فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَة، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلى المَدِينَة، وَتجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" عَلَى رِسْلِكَ؛ فَإِني أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لي " 00

ـ أَيْ أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لي فَأَصْحَبَكَ مَعِي ـ فَقَالَ أَبُو بَكْر: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبي أَنْتَ 00!؟

ص: 8135

قَالَ نَعَمْ، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُر: وَهُوَ الخَبَط ـ أَيْ نَوْعٌ مِنَ الشَّجَر ـ أَرْبَعَةَ أَشْهُر، فَبَيْنَمَا نحْنُ يَوْمَاً جُلُوسٌ في بَيْتِ أَبي بَكْرٍ في نحْرِ الظَّهِيرَةِ ـ أَيْ في وَسْطِهَا ـ قَالَ قَائِلٌ لأَبي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللهِ مُتَقَنِّعَاً ـ أَيْ مُتَلَثِّمَاً ـ في سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْر: فِدَاءٌ لَهُ أَبي وَأُمِّي، وَاللهِ مَا جَاءَ بِهِ في هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَا أَمْر، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَه، فَدَخَلَ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبي بَكْرٍ:" أَخْرِجْ مَن عِنْدَك " 00 فَقَالَ

ص: 8136

أَبُو بَكْر: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَإِني قَدْ أُذِنَ لي في الخُرُوج " 00 فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةَ ـ أَيِ الصُّحْبَةَ ـ بِأَبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله 00؟

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ " 00 قَالَ أَبُو بَكْر: فَخُذْ بِأَبي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَى رَاحِلَتيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" بِالثَّمَن " 00 قَالَتْ عَائِشَة: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجِهَاز ـ أَيْ أَسْرَعَ الجِهَاز ـ وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً ـ أَيْ زَادَ المُسَافِرِ ـ في جِرَاب، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الجِرَاب؛ فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْن 0

ص: 8137

ثمَّ لحِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ في جَبَلِ ثَوْر، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي بَكْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ شَابّ، ثَقِفٌ لَقِن ـ أَيْ ذَكِيٌّ حَاذِق ـ فَيُدْلِجُ مِن عِنْدِهِمَا بِسَحَر، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبَائِتٍ ـ أَيْ بَيْنَهُمْ ـ فَلَا يَسْمَعُ أَمْرَاً يُكْتَادَانِ بِهِ ـ أَيْ يَكِيدَانِهِ ـ إِلَا وَعَاهُ حَتى يَأْتِيَهُمَا بخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يخْتَلِطُ الظَّلَام، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَة، مَوْلى أَبي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ ـ أَيْ غَنَمَاتٍ يَقُومُ بِرَعْيِهَا مَقَابِلَ الَانْتِفَاعِ بِأَلْبَانهَا ـ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاء، فَيَبِيتَانِ ـ أَيْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 8138

وَأَبُو بَكْر ـ في رِسْلٍ: وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَس، يَفْعَلُ ذَلِكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالي الثَّلَاث، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَني الدِّيَل ـ اسْمُ قَبِيلَةٍ ـ وَهُوَ مِنْ بَني عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيَا خِرِّيتَاً، وَالخِرِّيتُ المَاهِرُ بِالهِدَايَة ـ أَيْ بِإِرْشَادِ السَّالِكِين ـ قَدْ غَمَسَ حِلْفَاً في آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيّ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْش، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا،

ص: 8139

وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا ـ أَيْ بمُقَابِلِ رَاحِلَتَيْهِمَا ـ صُبْحَ ثَلَاث، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيل، فَأَخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِل " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3905 / فَتْح]

ص: 8140

عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " جَاءنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْش، يجْعَلُونَ في رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ في مجْلِسٍ مِنْ مجَالِسِ قَوْمِي بَني مُدْلِج؛ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتى قَامَ عَلَيْنَا وَنحْنُ جُلُوس، فَقَالَ يَا سُرَاقَة: إِني قَدْ رَأَيْتُ آنِفَاً أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ أُرَاهَا محَمَّدَاً وَأَصْحَابَه، قَالَ سُرَاقَة: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ لَيْسُواْ بهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانَاً وَفُلَانَاً انْطَلَقُواْ بِأَعْيُنِنَا ـ أَيْ ضَلَّلَهُ ـ ثمَّ لَبِثْتُ في المجْلِسِ سَاعَةً ثُمَّ قُمْت، فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ ـ أَيْ

ص: 8141

تَنْتَظِرَني بهَا ـ وَأَخَذْتُ رُمحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ البَيْت، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ ـ أَيْ يَرْشُقُهُ في الأَرْضِ ثمَّ يَأْخُذُهُ ـ حَتى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا ـ أَيِ أَسْرَعْتُ بهَا ـ تُقَرِّبُ بي حَتى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بي فَرَسِي فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلى كِنَانَتي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلَام ـ أَيْ شَيْئَاً كَالقُرْعَةِ كَانُواْ في الجَاهِلِيَّة يَسْتَخِيرُونَ بِهِ الأَصْنَام ـ فَاسْتَقْسَمْتُ بهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا 00؟

ص: 8142

فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ ـ أَيْ لَا أَضُرُّهُمْ ـ فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بي، حَتى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الَالتِفَات؛ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي في الأَرْض، حَتى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْن، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثمَّ زَجَرْتُهَا فَنهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً؛ إِذَا لأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ في السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَان ـ أَيْ يَنْبَعِثُ مِنْ مَغْرِزِ قَدَمَيْهَا الأَمَامِيَّتَين ـ فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلَامِ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَه ـ أَيْ لَا أَضُرُّهُمْ ـ فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ فَوَقَفُواْ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ في نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ

ص: 8143

الحَبْسِ عَنْهُمْ؛ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُواْ فِيكَ الدِّيَة، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالمَتَاعَ فَلَمْ يَرْزَآني ـ أَيْ لَمْ يُكَلِّفَاني شَيْئَاً ـ وَلَمْ يَسْأَلَاني، إِلَاّ أَنْ قَال:" أَخْفِ عَنَّا " فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لي كِتَابَ أَمْن، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ في رُقْعَةٍ مِن أَدِيم ـ أَيْ مِنْ جِلْد ـ ثمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ الزُّبَيْرَ في رَكْبٍ مِنَ المُسْلِمِين، كَانُواْ تُجَّارَاً قَافِلِينَ مِنَ الشَّام، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى

ص: 8144

اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاض، وَسَمِعَ المُسْلِمُونَ بِالمَدِينَةِ مخْرَجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّة، فَكَانُواْ يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلى الحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَة، فَانْقَلَبُواْ يَوْمَاً بَعْدَ مَا أَطَالُواْ انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلى بُيُوتِهِمْ؛ أَوْفى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ـ أَيْ عَلَى حِصْنٍ مُرْتَفِع ـ فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ ـ أَيْ بِيضَ اللَّوْنِ ـ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَاب، فَلَمْ يمْلِكِ اليَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِه: يَا مَعَاشِرَ العَرَب، هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُون، فَثَارَ المُسْلِمُونَ إِلى

ص: 8145

السِّلَاحِ فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِ الحَرَّة ـ أَرْضٌ عَلَى مَشَارِفِ المَدِينَة ـ فَعَدَلَ بهِمْ ذَاتَ اليَمِين، حَتى نَزَلَ بِهِمْ في بَني عَمْرِو بْنِ عَوْف، وَذَلِكَ يَوْمَ الَاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّل، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ وَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَامِتَاً، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحَيِّي أَبَا بَكْر، حَتى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ؛ فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِك، فَلَبِثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَني عَمْرِو بْنِ

ص: 8146

عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَة، وَأَسِّسَ المَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاس، حَتى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِالمَدِينَة، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِين، وَكَانَ مِرْبَدَاً لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْل: غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ في حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَة، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُه:" هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ المَنْزِل " 00 ثمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الغُلَامَيْن، فَسَاوَمَهُمَا بِالمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدَاً، فَقَالَا لَا، بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ الله،

ص: 8147

فَأَبى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً حَتى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، ثمَّ بَنَاهُ مَسْجِدَاً، وَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ في بُنْيَانِه " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3906 / فَتْح]

مِنَ الدُّرُوسِ المُسْتَفَادَةِ مِن حَادِثِ الهِجْرَةِ الشَّجَاعَةُ وَالبُطُولَةُ وَالتي تجَلَّتْ في مَوْقِفِ عَلِيّ، وَهْوَ شِبْهُ صَبيّ

الصَّدَاقَةُ الصَّادِقَة

وَمِنَ الدُّرُوسِ المُسْتَفَادَةِ مِن حَادِثِ الهِجْرَةِ أَيْضَاً الصَّدَاقَةُ الصَّادِقَةُ وَالإِخَاء، وَالإِخْلَاصُ النَّادِرُ وَالوَفَاء، في جَمِيعِ مَوَاقِفِ أَبي بَكْرٍ التي وَقَفَهَا، وَالمَشَاهِدِ التي شَهِدَهَا 0

ص: 8148

رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنهَا قَالَتْ:

" فوالله ما شعرت فط قبل ذلك اليوم أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ـ أَيْ يَوْمَ بُشِّرَ بِالصُّحْبَة ـ ثم قال يا نبي الله: إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا، فاستأجرا عبد الله بن أرقط: رجلَا من بني الدئل بن بكر وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو، وكان مشركا يدلهما على الطريق، فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهم لميعادهما 0000 إِلخ " 00!!

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 11/ 3]

وَرَوَى ابْنُ هِشَامٍ عَنِ الحسن البصري رضي الله عنه أَنَّهُ قال:

ص: 8149

" انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار ليلَا فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَسَ الغَارَ ليَنظرَ أَفيه سَبع أَو حَيَّة يَقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه " 00!! [السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 12/ 3]

[000]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا في الغَار: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا 00 فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا " 0

[000]

رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3653 / فَتْح) 0

{إِنَّهَا ذَاتُ النِّطَاقَين}

ص: 8150

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنها قَالَتْ: " لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو بَكْر؛ احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مَالَهُ كُلَّهُ مَعَهُ [خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَم]، وَانْطَلَقَ بِهَا مَعَه، فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَقَال: وَاللهِ إِني لأَرَاهُ قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ، قُلْتُ كَلَاّ يَا أَبَتِ؛ إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرَا؛ فَأَخَذْتُ أَحْجَارَاً فَتَرَكْتُهَا فَوَضَعْتُهَا في كُوَّةِ الِبَيْت؛ كَانَ أَبي رضي الله عنه يَضَعُ فِيهَا مَالَه، ثُمَّ وَضَعْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا ثمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقُلْت: يَا أَبَتِ؛

ص: 8151

ضَعْ يَدَكَ عَلَى هَذَا المَال، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَال: لا بَأْس، إِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَن، وَفي هَذَا لَكُمْ بَلَاغ، قَالَتْ أَسْمَاءُ رضي الله عنها وَعَنْ وَالِدَيْهَا: لا وَاللهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئَا، وَلَكِنيِّ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُسْكِنَ الشَّيْخَ بِذَلِك " 0

[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيب الأَرْنَؤُوطُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 27002، وَقَالَ فِيهِ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم]

ص: 8152

عَلَيْهِ فَقَال: لَا بَأْس، إِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ، وَفي هَذَا لَكُمْ بَلَاغ، قَالَتْ أَسْمَاء: لَا وَاللهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئَا، وَلَكِني قَدْ أَرَدْتُ أَن أُسْكِنَ الشَّيْخَ بِذَلِك " 00!!

[000]

صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم 0 انْظُرِ " المُسْتَدْرَك " بِرَقْم: (4267)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ في " مُسْنَدِهِ " بِرَقْم:(26417)

انْظُرْ كَيْفَ كَانَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يخْدُمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00!!

النَّاسُ مَعَادِن

وَمِنَ الدُّرُوسِ المُسْتَفَادَةِ مِن حَادِثِ الهِجْرَةِ أَنَّ المُؤْمِنَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَكِيمَاً وَدَقِيقَاً، عِنْدَمَا يخْتَارُ رَفِيقَاً؛ فَكَمَا قَالَ ** صلى الله عليه وسلم **:" النَّاسُ مَعَادِن " 00!!

ص: 8153

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3131، 4774]

فَبِالمُرُوءةِ يُؤْتمَنُ الكَافِر، وَبِالخِيَانَةِ يحْذَرُ المُسْلِمُ الغَادِر 00!!

وَنَتَعَلَّمُ مِنَ الحَدِيثِ جَوَازَ اسْتِئْجَارِ المُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ في كَفَاءَتهِ مِنَ المُسْلِمِين 0

ص: 8154

[2103]

ـ عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَني الدِّيلِ ثمَّ مِنْ بَني عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيَاً خِرِّيتَاً ـ الخِرِّيتُ المَاهِرُ بِالهِدَايَة ـ قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ في آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْش، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاث، فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ـ أَيْ خَادِمُ أَبي بَكْرٍ ـ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيّ، فَأَخَذَ بهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِل " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2103]

ص: 8155

أَيْ لَمْ يَتَّجِهْ بهِمَا مُبَاشَرَةً جِهَةَ الشَّمَالِ نَاحِيَةَ المَدِينَةِ وَلَكِنِ اتجَهَ بهِمَا جَنُوبَاً بمَيْلٍ جِهَةَ الغَرْبِ نَاحِيَةَ البَحْرِ الأَحْمَر، ثمَّ سَارَ بهِمَا شَمَالاً حَتى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ حَازَ المَدِينَةَ يمَّمَ جِهَتَهَا شَرْقَاً 0

وَنَتَعَلَّمُ بِرَّ أَسْمَاءَ بِوَالِدِهَا أَبي بَكْر، وَتَضْحِيَتُهَا في الدَّعْوَةِ كَمَا سَيَأْتي وَشَقُهَا لِنِطَاقِهَا في سَبِيلِ الله 0

ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ وَمَا أَجْمَلَهُ مِنْ لَقَب

[2757]

ـ عَن أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ:

ص: 8156

" صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَيْتِ أَبي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلى المَدِينَة، فَلَمْ نجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِه؛ فَقُلْتُ لأَبي بَكْرٍ وَاللهِ مَا أَجِدُ شَيْئَاً أَرْبِطُ بِهِ إِلَا نِطَاقِي 00!؟

قَالَ فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِيهِ: بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وَبِالآخَرِ السُّفْرَة، فَفَعَلْتُ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2757]

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عن أسْماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت:

" لَمَّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا أين أبوك يا بنت أبي بكر 00؟

ص: 8157

قلت لَا أدري والله أين أبي؛ فرفع أبو جهل يده ـ وكان فاحشا خبيثا ـ فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي، ثم انصرفوا، فمكثنا ثلَاث ليال وما ندري أين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم " 00!!

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 14/ 3]

وَبَيْنَمَا قُرَيْشٌ تجُوسُ بِكُلِّ دَار؛ بحْثَاً عَنِ النَّبي المخْتَار: إِذْ سَمِعَتْ صَوْتَاً يَقُولُ هَذِهِ الأَشْعَار:

جَزَى الله رَبُّ النَّاسِ خَيرَ جَزَائِهِ * رَفِيقَينِ حَلَاّ خَيْمَتي أُمَّ مَعْبَدِ

همَا نَزَلَا بِالبِرِّ ثُم تَرَوَّحَا * فَأَفْلَحَ مَن أَمْسَى رفِيقَ محمَّدِ

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 14/ 3]

ص: 8158

وَنَتَعَلَّمُ ذَكَاءَ العَرَبيِّ وَقُوَّةَ مُلَاحَظِتِهِ وَكَيْفَ كَانَ لَمَّاحَاً لِكُلِّ مَا يَنْتَابُهُ وَيَعْترِيه؛ انْظُرْ سُرَاقَةَ كَمْ مَرَّةً أَخْرَجَ أَزْلَامَهُ وَاسْتَقْسَمَ بهَا 00 وَإِقْرَارَهُ بِالحَقِّ إِذْ تَبَينَ وَعَدَمَ المُكَابَرَةِ كَمَا سَيَأْتي 00

انْظُرْ: كَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ مُنَقِّبَاً عَنهُمْ، وَصَارَ آخِرَ النَّهَارِ مخَذِّلاً عَنهُمْ 00!!

كَادَتْ تُسْرَقُ رُوحُكَ يَا سُرَاقَة

[3618]

ـ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال:

" لَمَّا أَقْبَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى المَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُم، فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُه، قَالَ ادْعُ اللهَ لي وَلَا أَضُرُّكَ فَدَعَا لَهُ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3618]

ص: 8159

[4177]

ـ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال:

" قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، قَالَ أَبُو بَكْر: مَرَرْنَا بِرَاعٍ وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ في قَدَحٍ فَشَرِبَ حَتى رَضِيت، وَأَتَانَا سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ فَدَعَا عَلَيْه؛ فَطَلَبَ إِلَيْهِ سُرَاقَةُ أَنْ لَا يَدْعُوَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَرْجِعَ فَفَعَل " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 4177]

ص: 8160

إِسْلَامُ سُرَاقَة

رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سُرَاقَةَ قَوْلَه: فكتب لي كتابا في عظم أو في رقعة أو في خِرفةٍ ثم ألقاه إليَّ، فأخذتهُ فجعلته في كنانتي، ثم رجعت فسكت فلم أذكر شيئا مما كان، حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من حُنَينٍ والطائفِ خرجت ومعي الكتاب لألقاهُ فلقيته بالجعرانة، فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار، فجعلوا يَقرَعُونَني بالرماح ويقولون إليك ماذا تريد 00!؟

ص: 8161

فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، والله لكأني أنظر إلى ساقه في غزرة كأنها جُمارة ـ أَيْ بَيْضَاء ـ فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت يا رسول الله هذا كتابك أنا سراقة بن جعشم، فَقَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوم وفاء وبر، ادنُهْ ـ أَيِ ادْنُ مِني ـ فدنوت منه فأسلمت، ثم تذكرت شيئا أَسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره، إلَا أني قلت يا رسول الله: الضالةُ من الإبل تغشى حياضي وقد ملأتها لأبلي: هل لي أجر في أن أسقيَهَا 00؟ قال " نعم؛ في كل ذات كبد حرى أجر " 00!!

ثم رجعت إلى قومي فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي " 00!!

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 17/ 3]

ص: 8162

[2853]

ـ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه قَال:

" ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ الصِّبْيَانِ إِلى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2853]

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلأَمَانَةِ العِلمِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ في مَقْدِمِهِ صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوك

ص: 8163

حَدَّثَ ثَابِتٌ الْبُنَانيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" إِنيِّ لأَسْعَى في الْغِلْمَانِ يَقُولُونَ جَاءَ محَمَّد؛ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئَاً، ثُمَّ يَقُولُون: جَاءَ محَمَّد، فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئَاً، حَتىَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَكَمَنَّا في بَعْضِ حِرَارِ المَدِينَة، ثُمَّ بَعَثَا رَجُلاًَ مِن أَهْلِ البَادِيَةِ لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الأَنْصَار؛ فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءُ خَمْسِمِاْئَةٍ مِنَ الأَنْصَار، حَتىَّ انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا، فَقَالَتِ الأَنْصَار: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْن؛ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبُهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ؛ فَخَرَجَ أَهْلُ المَدِينَة، حَتىَّ إِنَّ العَوَاتِقَ لَفَوْقَ البُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَه [الْعَاتِق: هِيَ الْبِنْتُ إِذَا بَلَغَتْ سِنَّ الزَّوَاج]، يَقُلْنَ: أَيُّهُمْ هُوَ، أَيُّهُمْ هُوَ " 00؟ [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء / طَبْعَةُ الرِّسَالَةِ (3) بَابِ السِّيرَةِ 0 ص: 416/ 1، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

ص: 8164

قال ابْنُ إِسْحَاقَ: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء في بني عمرو بن عوف يَوْمَ الَاثنين وَيَوْمَ الثلَاثاء وَيَوْمَ الأَربعاء وَيَوْمَ الخميس وأسس مسجده " 00!!

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 22/ 3]

وَنَتَعَلَّمُ إِكْرَامَ الصَّالحِينَ وَالأَوْلِيَاء، وَأَدَبُ الكِرَامِ مَعَ الأَنْبِيَاء: يَتَجَلَّى هَذَا وَاضِحَاً في شَمَائِلِ الأَنْصَار، وَمَا تحَلَّواْ بِهِ مِنَ الكَرَمِ وَالإِيثَار 0

ص: 8165

كَرَمُ الأَنْصَار مَعَ النَّبي المُخْتَار

رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ مخْتَصَرَاً أَنَّ رَسُولَ اللهِ مَرَّ بِنَاقَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عتبانَ بن مالك وعباس ابن عُبَادَةَ في رجال من بني سالِم بن عوف فقالوا يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة 00؟

قالَ خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها فانطلقت، حتى إذا وازنت دار بني بياضة تلقاه زياد بن الوليد وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة 00؟

ص: 8166

قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني ساعدة اعترضه سعد بن عبادة والمنذر بن عمروٍ في رجال من بني ساعدة فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة 00؟

قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها فانطلقت حتى وازنت دار بني الحارث بن الخزرج، اعترضه سعد ابن الربيع وخارجة بن زيد وعبدُ الله بن رواحة في رجال من بني الحارث بن الخزرج فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة 00؟

قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها فانطلقت، حتى إذا مرت بدار بني عدي بن النجار وهُمْ أخوالُهُ؛ أُمُّ عبد المطلب سلمى بنت عمرو: إحدى نسائهم، اعترضه سليط بن قيس وأبو سليط في رجال من بني عدي بن النجار فقالوا يا رسول الله هلم إلى أخوالك إلى العدد والعدة والمنعة 00؟

ص: 8167

قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها فانطلقت، حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده ** صلى الله عليه وسلم **: وهو يومئذ مربد لغلَامين يتيمين من بني النجار، ثم من بني مالك بن النجارِ وهما في حجر معاذ بن عفراء، فلما بركت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عليها لَمْ ينزل وثبت فَسَارَتْ غَيرَ بعيدٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع لها زمامها لَا يُثْنِيهَا، ثم التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرةٍ فَبَرَكَت فيه ثُم تحلحلت وَأَرْزَمَت ـ أَيِ اسْتَقَرَّتْ ـ وَأَلقَتْ بجرانها ـ أَيْ بِرَقَبَتِهَا عَلَى الأَرْض ـ فَنَزَلَ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتمل أبو أيوب خالد بن زيد رحله فوضعه في بيته، ونزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل عن المِرْبَدِ لمن هو 00؟

ص: 8168

فقال له معاذ بن عفراءهو يا رسول الله لِسَهْل وسهَيْلٍ ابني عمرو: وهما يتيمان لي وسأرضيهما منه؛ فاتخذه مسجدا " 00!! [السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 23/ 3]

وَنَتَعَلَّمُ كَرَمُ الضِّيَافَةِ مِن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ وَمَا تحَلَّى بِهِ مِنَ الإِيثَار، وَحِرْصُهِ الشَّدِيدُ عَلَى رَاحَةِ النَّبي المُخْتَار، فَمَا أَكْرَمَ المَزُورِ وَأَكْرَمَ المُزَار 0

أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيّ

[3828]

ـ عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال:

" نَزَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في السُّفْلِ وَأَبُو أَيُّوبَ في العِلْو، فَانْتَبهَ أَبُو أَيُّوبَ لَيْلَةً فَقَالَ نَمْشِي فَوْقَ رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00!؟

ص: 8169

فَتَنَحَّوْا فَبَاتُواْ في جَانِبٍ، ثمَّ قَالَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم 00!؟

فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم السُّفْلُ أَرْفَق، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ لَا أَعْلُو سَقِيفَةً أَنْتَ تَحْتَهَا، فَتَحَوَّلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في العُلُوِّ وَأَبُو أَيُّوبَ في السُّفْل، فَكَانَ يَصْنَعُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامَاً، فَإِذَا جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامَاً فِيهِ ثُوم، فَلَمَّا رُدَّ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لَهُ لَمْ يَأْكُلْ؛ فَفَزِعَ وَصَعِدَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَحَرَامٌ هُوَ 00؟

ص: 8170

فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لَا وَلَكِني أَكْرَهُه، قَالَ فَإِني أَكْرَهُ مَا تَكْرَه، أَوْ مَا كَرِهْت " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3828]

[22467]

ـ عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال:

ص: 8171

" نَزَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في بَيْتِنَا الأَسْفَل، وَكُنْتُ في الْغُرْفَةِ ـ أَيْ أَعْلَى ـ فَأُهْرِيقَ مَاءٌ في الغُرْفَة؛ فَقُمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ لَنَا نَتْبَعُ المَاءَ شَفَقَةَ يخْلُصُ المَاءُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُشْفِقٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ نَكُونَ فَوْقَك، انْتَقِلْ إِلى الْغُرْفَة، فَأَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بمَتَاعِهِ فَنُقِلَ وَمَتَاعُهُ قَلِيل، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتَ تُرْسِلُ إِليَّ بِالطَّعَامِ فَأَنْظُرُ فَإِذَا رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِكَ وَضَعْتُ يَدِي فِيه، حَتى إِذَا كَانَ هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي أَرْسَلْتَ بِهِ إِليَّ فَنَظَرْتُ

ص: 8172

فِيهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ أَثَرَ أَصَابِعِك 00!؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجَلْ إِنَّ فِيهِ بَصَلاً؛ فَكَرِهْتُ أَنْ آكُلَهُ مِن أَجْلِ المَلَكِ الَّذِي يَأْتِيني وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكُلُوهُ " 00!!

[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم 0 المُسْتَدْرَكُ بِرَقم: 5939/الطَّبرَانيُّ وَأَحْمَد في صَخْرٍ بِرَقم: 22467]

وَنَتَعَلَّمُ أَيْضَاً أَهَمِّيَّةَ بِنَاءِ المَسْجِدِ قَبْلَ بِنَاءِ الدَّوْلَةِ الإِسْلَامِيَّة، وَلِذَا اهْتَمَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ بَادِئَ بَدْءٍ 0

بِنَاءُ المَسْجِد

[000]

عَن أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:

ص: 8173

" لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ نَزَلَ في عُلْوِ المَدِينَةِ في حَيٍّ يُقَالُ لهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْف، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثمَّ أَرْسَلَ إِلى مَلإِ بَني النَّجَّارِ فَجَاءواْ مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ قَالَ أَنَس: وَكَأَني أَنْظُرُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلأُ بَني النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتى أَلْقَى ـ أَيْ نَزَلَ ـ بِفِنَاءِ أَبي أَيُّوبَ، فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاة، وَيُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَم، ثمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ فَأَرْسَلَ إِلى مَلإِ بَني النَّجَّارِ فَجَاءواْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" يَا بَني النَّجَّارِ ثَامِنُوني حَائِطَكُمْ هَذَا " 00؟

ص: 8174

* ـ أَيِ اعْرِضُواْ عَلَيَّ لَهُ ثَمَنَاً ـ فَقَالُواْ: لَا وَاللهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَا إِلى الله 00 فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ المُشْرِكِين، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَب، وَكَانَ فِيهِ نخْل، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِع، فَصَفُّواْ النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُواْ عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً " 0

عِضَادَتَيْهِ أَيْ عَمُودَيْ بَوَّابَتِهِ 0

الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ المَنَاقِبِ بَابِ مَقْدِمِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم المَدِينَة 0 حَدِيثٌ رَقْم: (3932)، الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ المَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ مِنهَا، بَابِ ابْتِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم 0 حَدِيثٌ رَقْم:(524) 0

ص: 8175

[428]

ـ عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ في بِنَاءِ المَسْجِدِ:

" كُنَّا نحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْن، فَرَآهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ وَيْحَ عَمَّار؛ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلى الجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلى النَّار، قَالَ عَمَّار: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 428]

وَنَتَعَلَّمُ أَيْضَاً رَفْضَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأُمُورِ الجَاهِلِيَّةِ وَالسُّخْرِيَّةِ بِالضُّعَفَاءِ وَالفُقَرَاءِ 0

ص: 8176

مَا لَكُمْ وَلِعَمَّار

يَقُولُ ابْنُ إِسْحَاقَ في سِيرَةِ ابْنِ هِشَام:

" فدخل عمار بن ياسر وقد أثقلوه باللبن؛ فقال يا رسول الله قتلوني: يحملون عليَّ ما لَا يحملون، قالت أم سلمة زوج النبي ** صلى الله عليه وسلم **:

" فرأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم ينفُضُ وفرتهُ بيده ـ أَيْ يَنْفُضُ مَا بَيْنَ أُذُنِهِ وَمَنْكِبِه ـ وكان رجلَا جعدا، وهو يقول ويح ابن سمية، ليسوا بالذين يقتلونك، إنما تقتلك الفئة الباغية " 00!!

ص: 8177

قال ابْنُ إِسْحَاقَ:

وَكَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يَنْقِلُ اللَّبنَ وَهُوَ يَتَمَثَّلُ بهَذَا البَيْت:

لَا يَسْتَوِي مَنْ يَعْمُرُ المَسَاجِدَا * يَدْأَبُ فِيهَا قَائِمَاً وَقَاعِدَا

فأخذها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها " 00!!

ص: 8178

قَالَ ابْنُ هِشَام:

" فلما أكثر ظن رجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إنما يعرض به؛ فقال قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا ابن سمية؛ والله إني لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك ـ أَيْ سَأُوسِعُكَ بهَا ضَرْبَاً وَإِذْلَالاً ـ وفي يده عصاً؛ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " ما لهم ولعمار 00!؟

يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار 00!!

إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي؛ فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق ـ فاجتنبوه " 00!!

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 25/ 3]

ص: 8179

انْتِقَامُ قُرَيْش

وَنَتَعَلَّمُ أَيْضَاً الصَّبرَ وَالَاحْتِسَابَ لأَنَّ اكْتِسَابَ الدِّينِ غَالِبَاً يَكُونُ عَلَى حِسَابِ الدُّنيَا، وَاكْتِسَابُ الدُّنيَا يَكُونُ غَالِبَاً عَلَى حِسَابِ الدِّين 0

" لَمَّا خرج بنو جحش بن رئاب من دارهم عدا عليها أبو سفيان بن حرب فباعها من عمرو بن علقمة أخي بني عامرِ بن لؤي، فلما بلغ بني جحشٍ ما صنع أبو سفيان بدارهم ذكر ذلك عبدُ الله بن جحش لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألَا ترضى يا عبد الله أن يعطيك بها الله دارا خيرا منها في الجنة " 00!!؟

قال بلى، قال فذلك لك " 00!!

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 28/ 3]

ص: 8180

يَقُولُ ابْنُ إِسْحَاقَ في سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ بِاخْتِصَار: " واستجمع إسلَام هذا الحيِّ من الأنصار فلم يبق دار من دور الأنصار إلَا أسلم أهلها إِلَا بِضْعَةُ دُورٍ بَقِيَتْ عَلَى الشِّرْك " 00!!

[السِّيرَةُ لَابْنِ هِشَام 0 الطَّبْعَةُ الأُولى لِدَارِ الجَبَل 0 بَيرُوت: 29/ 3]

هِجْرَةُ خَلِيلِ اللهِ إِبْرَاهِيمَ

وَمَا أَجْمَلَ مجِيءَ حَادِثِ الهِجْرَةِ بَعْدَ مَوْسِمِ الحَجِّ وَتَذْكَارِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهِجْرَتِهُ بِسَارَّة، وَكَأَنَّ اللهَ تَعَالى يُرِيدُ أَنْ يُذَكِّرَنَا أَنَّهُ كَمَا أَكْرَمَ بِالهِجْرَةِ إِبْرَاهِيمَ أَبَا الأَنْبِيَاء، في هَاجَرَ بِالصَّحْرَاء: وَفَجَّرَ لهَا يُنْبُوعِ المَاء: كَذَلِكَ بِالهِجْرَةِ أَكْرَمَ محَمَّدَاً في المَدِينَةِ بِسِنيِّ الرَّخَاء، بَعْدَ سِنيِّ البَلَاءِ وَالعَنَاءِ وَالشَّقَاء 0

ص: 8181

فَقَبْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِبْرَاهِيمُ عليه السلام أَبُو الأَنْبِيَاءِ هَاجَر بِسَارَّة:

[2065]

ـ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِسَارَةَ فَدَخَلَ بهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ المُلُوك، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَة، فَقِيلَ دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ هِيَ مِن أَحْسَنِ النِّسَاء؛ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتي مَعَك 00؟

ص: 8182

قَالَ أُخْتي، ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ لَا تُكَذِّبي حَدِيثِي: فَإِني أَخْبَرْتهُمْ أَنَّكِ أُخْتي، وَاللهِ إِن عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُك، فَأَرْسَلَ بهَا إِلَيْه، فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتِ اللهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِك، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَا عَلَى زَوْجِي؛ فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ؛ فَغُطَّ ـ أَيْ غَاصَتْ قَدَمَاه ـ حَتى رَكَضَ بِرِجْلِهِ، قَالَتِ اللهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ؛ فَأُرْسِلَ ثمَّ قَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّي وَتَقُولُ اللهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَا عَلَى زَوْجِي؛ فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ هَذَا الكَافِرَ؛ فَغُطَّ حَتى رَكَضَ بِرِجْلِهِ، فَقَالَتِ اللهُمَّ إِنْ يمُتْ

ص: 8183

فَيُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ؛ فَأُرْسِلَ في الثَّانِيَةِ أَوْ في الثَّالِثَةِ فَقَالَ وَاللهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِليَّ إِلَا شَيْطَانَاً؛ ارْجِعُوهَا إِلى إِبْرَاهِيمَ وَأَعْطُوهَا آجَرَ ـ أَيْ هَاجَرَ ـ فَرَجَعَتْ إِلى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَقَالَتْ أَشَعَرْتَ ـ أَيْ أَرَأَيْتَ ـ أَنَّ اللهَ كَبَتَ الكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً " 00!!

[الوَلِيدَةُ أَيِ الخَادِمَة 0 الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2134]

[3108]

ـ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 8184

" لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَا ثَلَاثَاً وَفي رِوَايَةٍ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِلَا ثَلَاثَ كَذَبَات: ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ في ذَاتِ اللهِ عز وجل: قَوْلُهُ " إِني سَقِيمٌ " وَقَوْلُهُ " بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا " وَقَالَ عليه السلام بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَة، فَقِيلَ لَهُ إِنَّ هَا هُنَا رَجُلاً مَعَهُ امْرَأَةٌ مِن أَحْسَنِ النَّاس، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ مَنْ هَذِهِ 00؟

ص: 8185

قَالَ عليه السلام أُخْتي، فَأَتَى سَارَةَ قَالَ يَا سَارَة: لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَني فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتي فَلَا تُكَذِّبِيني فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ، فَقَالَ ادْعِي اللهَ لي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللهَ فَأُطْلِقَ، ثمَّ تَنَاوَلهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقَالَ ادْعِي اللهَ لي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوني بِإِنْسَان، إِنمَا أَتَيْتُمُوني بِشَيْطَان، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ مَهْيَا 00؟ قَالَتْ رَدَّ اللهُ كَيْدَ الكَافِرِ أَوِ الفَاجِرِ في نحْرِه، وَأَخْدَمَ هَاجَر،

ص: 8186

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَني مَاءِ السَّمَاءِ " 00!!

[أَيْ يَا مَعْشَرَ العَرَب، مَهْيَا أَيْ مَا الخَبر 00؟ / الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ بِرَقم: 3108]

هِجْرَةُ العُلَمَاء

وَمِنَ الدُّرُوسِ المُسْتَفَادَةِ مِن حَادِثِ الهِجْرَةِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ لَا حَرَجَ في سَفَرِ الدُّعَاةِ وَالعُلَمَاءِ عِنْدَمَا يُضْطَهَدُواْ في بِلَادِهِمْ بِغَيرِ ذَنْب، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُواْ فَقَدْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ بِنَصِّ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَة:

" إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنْتُمْ 00!؟ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ في الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُن أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا 00!؟ فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرَاً "{النِّسَاء/97}

ص: 8187

بُسْتَانُ الأُدَبَاء:

=========

[انْظُرْ مُعْجَمَ " الأَلفَاظِ المُؤْتَلِفَة "]

[وَانْظُرْ أَيْضَاً كِتَاب " اتِّفَاقُ المَبَاني وَاخْتِلَافُ المَعَاني "]

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

الطَّبْعَةُ المُعْتَمَدَةُ لِلِسَانِ الْعَرَبِ في هَذِهِ الرِّسَالَة:

[هِيَ طَبْعَةُ دَارِ صَادِر 0 بَيرُوت]

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 8188

أَوْ يُضْطَرُّواْ إِلى بَيْعِ ضَمَائِرِهِمْ لِلمُؤَسَّسَاتِ العِلمَانِيَّةِ وَالصَّهَايِنَةِ مِن أَجْلِ لُقْمَةِ العَيْش، وَإِذَا مَا مَاتَ ضَمِيرُ العَالِمِ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُهُ العَالَم 00!!

أَهَذَا خَيرٌ أَمْ خُرُوجُهُمْ عَلَى القَانُون؛ وَقَضَاؤُهُمْ زَهْرَةَ شَبَابهِمْ في السُّجُون، وَلَكَ أَنْ تَتَخَيَّلَ هَوَانَ العَالِمِ بَينَ المَسَاجِين، أَوْ يُفضِي بِهِ الأَمْرُ في النِّهَايَةِ إِلى المَصَحَّاتِ النَّفسِيَّةِ مَعَ المجَانِين 00!!

ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض 00 فَالمُهِمُّ هُوَ نجَاحُ البَاحِثُ لَا يهُمُّ في أَيِّ بَلَد 00!!

كَرَامَةُ اللهِ لِلمُهَاجِرِينَ

ص: 8189

وَلِكَوْنِ الهِجْرَةِ بَالِغَةَ الشُّقَّة، وَالأَجْرُ عَلَى قَدْرِ المَشَقَّة: لِذَا شَكَرَ اللهُ تبارك وتعالى صَنِيعَ المهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَتَضْحِيَاتهِمْ فجَاءَ في صَحِيحِ الأَثَر:

فَعَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن خَلقِ اللهُ الفقراءُ المُهَاجِرُون، الذِينَ تُسَدُّ بهِمُ الثغُورُ وَتُتَّقَى بهمُ المكَارِه، وَيموتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ في صَدْرِهِ لَا يَستَطِيعُ لهَا قَضَاءَاً، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالى لمَلَائِكَتِهِ اِيتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ، فَتَقُولُ المَلَائِكَةُ نحْنُ سُكَّانُ سَمَائِك، وَخِيرَتُكَ مِن خَلقِك؛ أَفَتَأَمُرنَا أَنْ نَأتِيَ هَؤلَاءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ 00!؟

ص: 8190

ـ سُؤَالُ تَعَجُّبٍ طَبْعَاً وَلَيْسَ اسْتِكْبَار ـ فَيَقُولُ اللهُ إِنهُمْ تَعَالى كَانُواْ عِبَادَاً يَعْبُدُونَني لَا يُشْرِكُونَ بي شَيْئَا، وَتُسَدُّ بهمُ الثغُور، وَتُتَّقَى بهمُ المكَارِه، وَيَموتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَته في صَدْرِهِ لَا يَستَطِيعُ لهَا قَضَاءَاً؛ فَتَأتِيهِمُ المَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيهِم مِنْ كل بَابٍ سَلَامٌ عَلَيكم بما صَبرتم فَنِعمَ عقبي الدَّار " 00!!

[صَحَّحَهُ العَلَامَة أَحْمَدْ شَاكِرْ بِالمُسْنَدْ: 6570 / الكَنْز: 16636]

[1078]

ـ عَن أَبي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

ص: 8191

" يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، فَإِنْ كَانُواْ في القِرَاءةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّة، فَإِنْ كَانُواْ في السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَة، فَإِنْ كَانُواْ في الهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنَّاً، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِه، وَلَا يَقْعُدْ في بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَا بِإِذْنِهِ " 00!!

[التَّكْرِمَةُ هِيَ مَوْضِعُ جُلُوسِ رَبِّ البَيْت 0 الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1078]

[1197]

ـ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه قَال:

ص: 8192

" هَاجَرْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَلْتَمِسُ وَجْهَ الله؛ فَوَقَعَ ـ أَيْ وَجَبَ ـ أَجْرُنَا عَلَى الله، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِن أَجْرِهِ شَيْئَاً مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْر، وَمِنَّا مَن أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلَا بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاه، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُه؛ فَأَمَرَنَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَأَنْ نجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ " 00!!

[يَهْدِبهَا أَيْ يُهَذِّبهَا 0 الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِم 0 في صَخْرٍ بِرَقمَيْ: 1197، 1562]

[498]

ـ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ رضي الله عنه قَال:

ص: 8193

" خَرَجَ رَسُولُ اللهِ في أَصْحَابِهِ إِلى بَقِيعِ الغَرقَد ـ أَيْ مَقَابِرِ الصَّحَابَة ـ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُور، لَو تَعْلَمُونَ مَا نجَّاكُمُ اللهُ مِنهُ مِمَّا هُوَ كَائِن بَعْدَكُمْ 00!!

ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ هَؤلَاءِ خَير لي مِنْكُم؛ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ إِخوَانُنَا أَسلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا، وَهَاجَرْنَا كَمَا هَاجَرُواْ، وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُواْ، وَأَتَواْ عَلَى آجَالهِمْ فَمَضَواْ فِيهَا وَبَقِينَا في آجَالِنَا؛ فَمَا بجْعَلُهُمْ خَيرَا مِنَّا 00!؟

ص: 8194

قَالَ إِنَّ هَؤلَاءِ خَرَجُواْ مِنَ الدُّنيَا وَلَمْ يَأْكُلُواْ مِن أُجُورِهِمْ شَيْئَاً، وَخَرَجُواْ وَأَنَا الشَّهِيدُ عَلَيْهِمْ ـ أَيْ شَهِيدٌ عَلَى حُسْنِ خَاتمَتِهِمْ ـ وَإِنَّكُمْ قَدْ أَكَلتُمْ مِن أُجُورِكُمْ وَلَا أَدْرِي مَا تحْدِثُونَ بَعْدِي 00!!

فَلَمَّا سَمِعَهَا القَوْمُ وَاللهِ عَقَلُوهَا وَانْتَفَعُواْ بهَا، قَالواْ وَإِنَا لمحَاسَبُونَ بمَا أَصَبْنَا مِنَ الدُّنيَا، وَإِنَهُ لَيُنْقَصُ بِهِ مِن أُجُورِنَا 00!؟

فَأَكَلُواْ وَاللهِ طَيِّبَا وَأَنْفَقُواْ قَصْدَا وَقَدَّمُواْ فَضْلَا " 00!!

[ابْنُ القَيِّمِ في عُدَّةِ الصَّابِرِينَ بِالبَابِ رَقم: 23 // الزُّهْدُ لَابْنِ المُبَارَكِ بِرَقم: 498]

المُؤَاخَاةُ بَينَ المهَاجِرِينَ وَالأَنْصَار

ص: 8195

وَتَأَمَّلْ مَوقفَ المهَاجرينَ وَالأَنصَار ـ وَمَا أَروَعَ المَوقِفَين ـ كَيفَ كَانَ الأَنصَارِيُّ يَأتي بمالِهِ وَيُقَسِّمُهُ إِلى شَطرَين وَيَقُولُ لأَخِيهِ المهَاجِر خُذ أَحَبَّهُمَا إِلَيْك، وَيخيرُهُ بَين زَوجَاتِهِ وَيَقُولُ لَه انظُر خَيرَهُن أُطلقُهَا لَكَ فَتَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتهَا، فَمَا يَكُونُ مِنَ المهاجر إِلَا أَنْ يجِيبَهُ ـ وَالعِفةُ تَتَجَلى في أَسْمَى مَعَانِيهَا ـ بَارَكَ اللهُ لَكَ يَا أَخِي في مَالكَ وَفي أَهْلِكَ وَلَكِنْ دُلَّني عَلَى السُّوق 00!!

[3496]

ـ عَن عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَال:

ص: 8196

" لَمَّا قَدِمُواْ المَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيع، قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ إِني أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً؛ فَأَقْسِمُ مَالي نِصْفَيْن، وَليَ امْرَأَتَان؛ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لي أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا، قَالَ بَارَكَ اللهُ لَكَ في أَهْلِكَ وَمَالِكَ أَيْنَ سُوقُكُمْ 00؟

فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَني قَيْنُقَاع، فَمَا انْقَلَبَ إِلَا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِن أَقِطٍ وَسَمْن، ثُمَّ تَابَعَ الغُدُوّ 00!!

ثُمَّ جَاءَ يَوْمَاً وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَة ـ أَيْ صِبْغٌ كَالحِنَّاء ـ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَهْيمْ 00؟

ص: 8197

قَالَ تَزَوَّجْتُ، قَالَ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا 00؟ قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَب، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3496]

[3644]

ـ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيّ؛ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحمَن: بَارَكَ اللهُ لَكَ في أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّني عَلَى السُّوق، فَرَبحَ شَيْئَاً مِن أَقِطٍ وَسَمْن، فَرَآهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ ـ أَيْ خِضَابٌ أَصْفَرُ كَالحِنَّاء ـ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

ص: 8198

" مَهْيمْ ـ أَيْ مَا الخَبرُ ـ يَا عَبْدَ الرَّحمَن 00!؟

قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَار، قَالَ فَمَا سُقْتَ فِيهَا 00؟

فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَب، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3644]

طِيبَةُ الأَنْصَار

[2203]

ـ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:

" أَرَادَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ مِنَ البَحْرَيْنِ ـ أَيْ أَرَادَ تَقْسِيمَهَا ـ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ حَتى تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا قَالَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُواْ حَتى تَلْقَوْني " 00!!

ص: 8199

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2203]

[2128]

ـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:

" كَانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُواْ المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرُ الأَنْصَارِيَّ دُونَ ـ أَيْ يَتَقَدَّمُ بِذَلِكَ ـ ذَوِي رَحِمِهِ؛ لِلأُخُوَّةِ الَّتي آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2128]

كَرَامَةُ اللهِ لِلأَنْصَار

وَمِنْ كَرَمِ اللهِ تَعَلى لِلأَنْصَارِ قَوْلَهُ في فَضْلِ المُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ:

ص: 8200

" لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، وَالَّذِينَ تَبَوَّءواْ الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ في صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ " 00!! {الحَشْر/9}

[3492]

ـ عَن غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ قَال:

" قُلْتُ لأَنَسٍ أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ أَمْ سَمَّاكُمُ الله 00؟

قَالَ بَلْ سَمَّانَا اللهُ عز وجل " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3492]

{أَعَدَّهُ وَكَتَبَهُ: الفَقِيرُ إِلى عَفْوِ اللهِ وَدُعَائِكُم / يَاسِرٌ بِيَاسِرٍ الحَمَدَاني}

ص: 8201

لَوْ كَانُواْ محْتَرَمِين؛ لَمَا تَطَاوَلُواْ عَلَى الصَّادِقِ الأَمِين

=============================

لَوْ عَرَفُوهُ لأَحَبُّوه، وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ عَدُوُّ مَا يَجْهَل 00!!

رَدَّاً مِنيِّ عَلَى ذَلِكَ اللَّعِين؛ الَّذِي تَطَاوَلَ عَلَى الصَّادِقِ الأَمِين؛ أَقُولُ لَهُ وَلأَمْثَالِهِ مِنَ الشَّيَاطِين:

أَيَا غَبِيَّاً عَلَى جَهْلٍ يُطَاوِلُنَا وَرَّطْتَ نَفْسَكَ فَانْظُرْ كَيْفَ عُقْبَاهَا

مَن أَنْتَ هَلْ أَنْتَ ذُو قَدْرٍ فَنَخْفِضَهُ أَوْ حُرْمَةٍ تَتَأَذَّى إِن هَتَكْنَاهَا

أَلَمْ تَعْرِفْ حُرْمَةَ الأَدْيَانِ وَقُبْحَ التَّطَاوُلِ عَلَى النَّبيّ: أَيُّهَا القِرْدُ الخَصِيّ 00؟

ص: 8205

وَلَكِن أَعُودُ فَأَقُول: إِنَّ هَذَا هُوَ دَيْدَنُ اللِّئَام؛ في عَدَاوَتِهِمْ الإِسْلَام 00

وَكُلُّ إِنَاءٍ بِالَّذِي فِيهِ يَنْضَحُ

فَمِنْ تِلْكَ العَصَا هَذِهِ العُصَيَّة، وَهَلْ تَلِدُ الحَيَّةُ إِلَاّ الحَيَّة 00؟!

وَلَكِنْ مِنَ المُؤَكَّدِ أَنَّ لِلْيَهُودِ فِيهِ أَصَابِعُ خَفِيَّة؛ فَمِنْ يَوْمِهِمُ اليَهُودُ وَهُمْ ـ رَغْمَ أَنَّهُمْ جُبَنَاء ـ أَجْرَأُ شُعُوبِ اللهِ عَلَى الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاء، حَطَّمُواْ الأَرْقَامَ القِيَاسِيَّةَ في السَّفَالَةِ وَالنَّذَالَة، وَالتَّطَاوُلِ عَلَى الله وَأَصْحَابِ الرِّسَالَة 00!!

ص: 8206

وَلي أَن أَسْأَلَ سُؤَالاً أُوَجِّهُهُ لِلْغَرْب: مَا بَالُنَا لَمْ نَرَ مُسْلِمَاً في ظِلِّ فَظَائِعِ الصِّرْب؛ وَهَجْمَتِهِمْ عَلَى المُسْلِمِينَ وَمحَارَبَتِهِمْ بِدُونِ مُبَرِّرٍ لِلْحَرْب؛ رَسَمَ خِنْزِيرَاً وَكَتَبَ تحْتَهُ في انْتِهَاكٍ صَرِيح: هَذَا يَسُوعُ المَسِيح 00؟!

أَوْ في ظِلِّ فَظَائِعِ إِسْرَائِيلَ وَهَجْمَتِهِمْ عَلَى المُسْلِمِين ـ فَوْقَ أَرْضِ فِلَسْطِين ـ رَسَمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ سَكْرَان، وَكَتَبَ تحْتَهُ هَذَا هُوَ مُوسَى بْنُ عِمْرَان 00؟!

هَذَا إِنْ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّمَا يُبَرْهِنُ لِلْعَالَمِين؛ عَلَى أَدَبِ المُسْلِمِين، وَأَنَّا وَرَغْمَ عُيُوبِنَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِه، لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِه، وَلأَنَّا نَعْرِفُ حُرْمَةَ الأَدْيَانِ، وَلَا نَسِيرُ وِفْقَ هَوَى الشَّيْطَان؛ وَرَدَّاً مِنيِّ عَلَى هَذِهِ الحَمْلَةِ الشَّدِيدَة؛ كَتَبْتُ هَذِهِ الْقَصِيدَة:

ص: 8207

لِمَ ذَلِكَ الحِقْدُ الْغَزِيرْ أَفَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ضَمِيرْ

لَمْ يَحْتَقِرْ شَخْصَ النَّبيِّ محَمَّدٍ إِلَاّ حَقِيرْ

وَأَشَدُّ شُؤْمَاً في الْوَرَى مِنْ مُنْكَرٍ أَوْ مِنْ نَكِيرْ

أَتُرِيدُ يَا خِنْزِيرُ شَتْمَ نَبِيِّنَا في الْكَارْكَتِيرْ

مَاذَا جَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ لِيَحْصُدُواْ الحِقْدَ المَرِيرْ

مَاذَا جَنى يَا هَؤُلَاءِ المُصْطَفَى الهَادِي الْبَشِيرْ

وَهُوَ الَّذِي مَنْ لَيْسَ يُبْصِرُ فَضْلَهُ شَخْصٌ ضَرِيرْ

أَثْنى عَلَى أَخْلَاقِهِ مِنْ بَيْنِكُمْ خَلْقٌ كَثِيرْ

وَبِعَفْوِهِ في فَتْحِ مَكَّةَ يُضْرَبُ المَثَلُ الْكَبِيرْ

مَاذَا جَنَاهُ زَاهِدٌ وَرِعٌ يَنَامُ عَلَى الحَصِيرْ

حَتىَّ يُلَاقِيَ مِثْلُهُ مِنْ مِثْلِكُمْ هَذَا المَصِيرْ

يَرْحَمُ اللهُ فَضِيلَةَ الشّيخ عَبْد الحَمِيد كِشْك؛ حَيْثُ كَانَ يَقُول:

" إِنَّهُمْ يَسُبُّونَ مَن 00؟

يَسُبُّونَ الرَّجُلَ الَّذِي إِنْ تحَدَّثَ عَنهُ التَّارِيخُ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْه، وَإِنْ تَكَلَّمَتْ عَنهُ الدُّنيَا تمَرَّغَتْ تحْتَ قَدَمَيْه 00!!

ص: 8208

يَسُبُّونَ الرَّجُلَ الأُمِّيَّ الَّذِي عَلَّمَ المُتَعَلِّمِين، يَسُبُّونَ الرَّجُلَ الْفَقِيرَ الَّذِي بَعَثَ الأَمَلَ في قُلُوبِ الْبَائِسِين، يَسُبُّونَ الرَّجُلَ الَّذِي قَادَ سَفِينَةَ الْعَالَمِ الحَائِرِ إِلى مَعْرِفَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِين " 0

[الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ بِتَصَرُّف 0 كِشْك: 69/ 2]

" لَمْ يَكُنْ لَهُ حَرَسٌ خَاصّ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ سَيَّارَةٌ ضِدُّ الرَّصَاص " 0

[الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ بِتَصَرُّف 0 كِشْك: 14/ 3]

سَيِّدِي يَا رَسُولَ الله: أَنَا لَا أَدْرِي مَاذَا أَقُولُ فِيكَ أَفْضَلَ ممَّا قِيل، فَلَوْلَا أَنَّ الكَلَامَ يُعَادُ لَنَفَد، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكَ يَا رَسُولَ الله كَمَثَلِ الأَعْرَابِيِّ وَالقَمَر، أَتَدْرُونَ مَا حِكَايَةُ الأَعْرَابِيِّ وَالقَمَر 00؟

ص: 8209

كَانَ هَذَا الأَعْرَابِيُّ يَسِيرُ بِالصَّحْرَاءِ في لَيْلَةٍ مُقمِرَة، فَنَظَرَ إِلى القَمَرِ وَحُسْنِهِ فَقَال: أَنَا لَا أَدْرِي مَاذَا أَقُولُ أَيُّهَا القَمَر، أَأَقُولُ رَفَعَكَ الله 00؟

لَقَدْ رَفَعَك، أَأَقُولُ جَمَّلَكَ اللهُ 00؟

لَقَدْ جَمَّلَك، أَأَقُولُ شَرَّفَكَ الله 00؟

لَقَدْ شَرَّفَك 00!!

هَذَا هُوَ البَدْر، الَّذِي ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ في الشِّعْر، لَوْ رَآكَ لَانْطَفَأَ نُورُهُ خَجَلاً مِنْكَ يَا رَسُولَ الله

سَعِدَتْ بِطَلْعَتِكَ السَّمَاوَاتُ الْعُلَا وَالأَرْضُ صَارَتْ جَنَّةً خَضْرَاءَ

ص: 8210

تُدْرِكُ مَدَى عَظَمَةِ هَذَا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: عِنْدَمَا تَنْظُرُ كَيْفَ دَعَا كُلُّ نَبيٍّ عَلَى قَوْمِهِ عِنْدَمَا كَذَّبُوه، إِلَاّ محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم: دَعَا لهُمْ وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِمْ؛ فَقَالَ نُوحٌ عليه السلام:

{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّارَاً} {أَيْ أَحَدَاً، نُوح/26}

أَمَّا محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَقَال: رَبِّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُون؛ صَدَقَ الَّذِي قَال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِن أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتِّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} {التَّوْبَة/128}

وَقَالَ مُوسَى عليه السلام: {رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْرِي} {طَهَ/25}

ص: 8211

أَمَّا محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ رَبُّه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك} {الشَّرْح/1}

وَكُلُّ الأَنْبِيَاءِ نَادَاهُمُ اللهُ بِأَسْمَائِهِمْ 00

فَآدَمُ عليه السلام نَادَاهُ بِاسْمِهِ فَقَال: {يَا آدَمُ اسْكُن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدَاً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} {البَقَرَة/35}

وَنُوحٌ عليه السلام نَادَاهُ بِاسْمِهِ فَقَال: {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} {هُود/48}

وَإِبْرَاهِيمُ عليه السلام نَادَاهُ بِاسْمِهِ فَقَال: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ {104} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}

ص: 8212

وَإِبْرَاهِيمُ عليه السلام نَادَاهُ بِاسْمِهِ فَقَال: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ {104} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}

{الصَّافَّات}

وَمُوسَى عليه السلام نَادَاهُ بِاسْمِهِ فَقَال: {يَا مُوسَى إِنيِّ اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِنَ الشَّاكِرِينَ} {الأَعْرَاف/144}

وَعِيسَى عليه السلام نَادَاهُ بِاسْمِهِ فَقَال: {يَا عِيسَى إِنيِّ مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} {آلِ عِمْرَان/55}

أَمَّا محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم؛ فَلَمْ يُنَادِهِ جل جلاله إِلَاّ بِالنُّبُوَّةِ أَوْ بِالرِّسَالَةِ تَشْرِبفَاً وَتَكْرِيمَاً، فَقَالَ سبحانه وتعالى:

ص: 8213

{يَا أَيُّهَا النَّبيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً {45} وَدَاعِيَاً إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَاً} {الأَحْزَاب}

وَقَالَ سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الكَافِرِين} {المَائِدَة/67}

وُلِدَ الهُدَى فَالكَائِنَاتُ ضِيَاءوَفَمُ الزَّمَانِ تَبَسُّمٌ وَثَنَاءُ

اللهُ قَدْ أَثْنى عَلَيْكَ فَهَلْ لِمَن أَثْنى عَلَيْهِ إِلَهُهُ إِطْرَاءُ

دَاوَيْتَ مُتَّئِدَاً وَدَاوَواْ طَفْرَةً وَأَخَفُّ مِنْ بَعْضِ الدَّوَاءِ الدَّاءُ

أَنْصَفْتَ أَهْلَ الْفَقْرِ مِن أَهْلِ الْغِنى فَالْكُلُّ في حَقِّ الحَيَاةِ سَوَاءُ

ص: 8214

لَيْسَ الغَنيُّ عَلَى الفَقِيرِ بِسَيِّدٍ الَاثْنَانِ في سَاحِ القَضَاءِ سَوَاءُ

وَالمُسْلِمُونَ جَمِيعُهُمْ جَسَدٌ إِذَا عُضْوٌ شَكَا سَهِرَتْ لَهُ الأَعْضَاءُ

لَوْ أَنَّ إِنْسَانَاً تَخَيَّرَ مِلَّةً مَا اخْتَارَ إِلَاّ دِينَكَ الْفُقَرَاءُ

اللهُ لِلأَمْرِ الجَلِيلِ أَعَدَّهُ إِنَّ العَظَائِمَ كُفْؤُهَا العُظَمَاءُ

مَا بَالُهُ لَمْ يَعْرِفِ اللهْوَ الَّذِي يَلْهُو بِهِ مِن حَوْلِهِ القُرَنَاءُ

ظَنُّواْ بِهِ كُلَّ الظُّنُّونِ وَإِنَّهُ مِنْ كَلِّ مَا ظَنُّوهُ فِيهِ بَرَاءُ

إِنْ كَانَ حَقَّاً مَا أَتَوْهُ فَكَيْفَ لَمْ تَنْطِقْ بِمِثْلِ حَدِيثِهِ الشُّعَرَاءُ

سَلْ مَن عَلَى بَابِ الرَّسُولِ تَرَبَّصُواْ وَالكُلُّ يحْرِصُ أَنْ تُرَاقَ دِمَاءُ

نَثَرَ التُّرَابَ عَلَى الوُجُوهِ فَأَصْبَحُواْ حَتىَّ كَأَنَّ عُيُونهُمْ عَمْيَاءُ

ص: 8215

وَمَشَى إِلى الصِّدِّيقِ يَصْحَبُهُ إِلى بَلَدٍ كَرِيمٍ أَهْلُهُ كُرَمَاءُ

مَا دَارَ في خَلَدِ اللِّئَامِ وُجُودُهُ في الغَارِ لَمَّا بَاضَتِ الوَرْقَاءُ

مَا مِنْ طَعَامٍ يُرْزَقَانِ سِوَى الَّذِي لِلْغَارِ قَدْ جَاءتْ بِهِ أَسْمَاءُ

{الأَبْيَاتُ [1]، [3]، [4]، [7] لأَمِيرِ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي، وَالبَاقِي لهَاشِمٍ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

يَاسِر الحَمَدَاني

نحْنُ لَا نحْيِي ذِكْرَاه، وَلَكِنَّا نحْيَى بِذِكْرَاه 00!!

الكَلِيمُ يَعْمَلُ عَلَى رِضَى الله، وَالحَبِيبُ يَعْمَلُ مَوْلَاهُ عَلَى رِضَاه 00!!

الكَلِيمُ يحِبُّ الله، وَالحَبِيبُ يحِبُّهُ الله 00!!

ص: 8216

عن الحسن كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في خلَافة عثمان رضي الله عنه فأتناول سقفها بيدي " 00!!

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

يَا زَائِرَاً قَبْرَ الحَبِيبِ الهَادِي أَبْلِغْ رَسُولَ اللهِ شَوْقَ فُؤَادِي

إِنيِّ بِحُبِّكَ يَا رَسُولُ مُتَيَّمٌ وَزِيَارَتي إِيَّاكَ كُلُّ مُرَادِي

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

رُوحِي بِحُبِّكَ يَا رَسُولُ تَهِيمُ وَالشَّوْقُ في قَلْبي إِلَيْكَ عَظِيمُ

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

سَعِدَتْ بِطَلْعَتِكَ السَّمَاوَاتُ الْعُلَا وَالأَرْضُ صَارَتْ جَنَّةً خَضْرَاءَا

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

لَقَدْ وَلَدَتْهُ آمِنَةٌ ضِيَاءً كَمَا تَلِدُ السَّمَاوَاتِ الشِّهَابَا

فَكَانَ عَلَى سَمَاءِ الْبَيْتِ نُورَاً يُضِيءُ جِبَالَ مَكَّةَ وَالهِضَابَا

ص: 8217

وَمَا عَرَفَ الْبَلَاغَةَ ذُو بَيَانٍ إِذَا لَمْ يَتَّخِذْكَ لَهُ كِتَابَا

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

وُلِدَ الهُدَى فَالكَائِنَاتُ ضِيَاءوَفَمُ الزَّمَانِ تَبَسُّمٌ وَثَنَاءُ

اللهُ قَدْ أَثْنى عَلَيْكَ فَهَلْ لِمَن أَثْنى عَلَيْهِ إِلَهُهُ إِطْرَاءُ

دَاوَيْتَ مُتَّئِدَاً وَدَاوَواْ طَفْرَةً وَأَخَفُّ مِنْ بَعْضِ الدَّوَاءِ الدَّاءُ

أَنْصَفْتَ أَهْلَ الْفَقْرِ مِن أَهْلِ الْغِنى فَالْكُلُّ في حَقِّ الحَيَاةِ سَوَاءُ

لَيْسَ الغَنيُّ عَلَى الفَقِيرِ بِسَيِّدٍ الَاثْنَانِ في سَاحِ القَضَاءِ سَوَاءُ

وَالمُسْلِمُونَ جَمِيعُهُمْ جَسَدٌ إِذَا عُضْوٌ شَكَا سَهِرَتْ لَهُ الأَعْضَاءُ

لَوْ أَنَّ إِنْسَانَاً تَخَيَّرَ مِلَّةً مَا اخْتَارَ إِلَاّ دِينَكَ الْفُقَرَاءُ

اللهُ لِلأَمْرِ الجَلِيلِ أَعَدَّهُ إِنَّ العَظَائِمَ كُفْؤُهَا العُظَمَاءُ

ص: 8218

مَا بَالُهُ لَمْ يَعْرِفِ اللهْوَ الَّذِي يَلْهُو بِهِ مِن حَوْلِهِ القُرَنَاءُ

ظَنُّواْ بِهِ كُلَّ الظُّنُّونِ وَإِنَّهُ مِنْ كَلِّ مَا ظَنُّوهُ فِيهِ بَرَاءُ

قَدْ صَوَّرُوهُ بِأَنَّهُ مُتَطَرِّفٌ يَا إِفْكَ مَا نَادَى بِهِ السُّفَهَاءُ

سَلْ مَن عَلَى بَابِ الرَّسُولِ تَرَبَّصُواْ وَالكُلُّ يحْرِصُ أَنْ تُرَاقَ دِمَاءُ

نَثَرَ التُّرَابَ عَلَى الوُجُوهِ فَأَصْبَحُواْ حَتىَّ كَأَنَّ عُيُونهُمْ عَمْيَاءُ

وَمَشَى إِلى الصِّدِّيقِ يَصْحَبُهُ إِلى بَلَدٍ كَرِيمٍ أَهْلُهُ كُرَمَاءُ

مَا دَارَ في خَلَدِ اللِّئَامِ وُجُودُهُ في الغَارِ لَمَّا بَاضَتِ الوَرْقَاءُ

مَا مِنْ طَعَامٍ يُرْزَقَانِ سِوَى الَّذِي لِلْغَارِ قَدْ جَاءتْ بِهِ أَسْمَاءُ

{الأَبْيَاتُ [1]، [3]، [4]، [7] لأَمِيرِ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي، وَالبَاقِي لهَاشِمٍ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

ص: 8219

يُكَذِّبُهُ الكُفَّارُ إِذْ قَامَ دَاعِيَاً وَقَدْ كَانَ ذَا صِدْقٍ لَدَيْهِمْ مُجَرَّبَا

وَقَالُواْ عَلَيْهِ يَنْشُدُ المُلكَ وَالْغِنى وَقَدْ عَلِمُواْ مَا رَامَ بِالدِّينِ مَنْصِبَا

وَكَمْ حَاوَلُواْ في الأَرْضِ إِطْفَاءَ نُورِهِ فَلَا شَمْسُهُ غَابَتْ وَلَا ضَوْءُ هُ خَبَا

%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%

يَا قَائِمَ اللَّيْلِ مَا لِلدَّمْعِ يَنْسَكِبُ مِمَّا تَسَاقَطَ هَذَا اللُّؤْلُؤُ الرَّطِبُ

تَقْضِي الدُّجَى في خُشُوعٍ خَائِفَاً قَلِقَاً وَقَلبُكَ الغَضُّ في جَنْبَيْكَ يَضْطَرِبُ

سُهْدٌ وَدَمْعٌ وَأَفكَارٌ مُبَعْثرَةٌ وَأَنجُمٌ نحْوَهَا تَرْنُو وَتَقترِبُ

وَكَمْ أَخَا النَّجْمِ في الأَنحَاءِ أَفئِدَةً إِذَا أَتى ذِكْرُ طَهَ هَزَّهَا الطَّرَبُ

أَتَى لِقَوْمٍ بِدِينِ اللهِ قَدْ كَفَرُواْ وَبَعْضُهُمْ لِحُقُوقِ البَعْضِ يَغْتَصِبُ

ص: 8220

كَانُواْ حَيَارَى بِلَيْلٍ كُلُّهُ ظُلَمٌ فَأَشْرَقَتْ شَمْسُ طَهَ وَاهْتَدَى العَرَبُ

وَسَلْ خَدِيجَةَ لَمَّا رَاحَ يخْطُبُهَا قَوْمٌ بِمَكَّةَ فِيهَا كُلُّهُمْ رَغِبُواْ

رَدَّتْهُمُ أَجْمَعِينَ وَمَا ارْتَضَتْ رَجُلاً غَيرَ الأَمِينِ لهَا زَوْجَاً فَمَا عَجِبُواْ

وَيَنْظُرُ الصَّادِقُ الأَحْجَارَ آلِهَةً وَالقَوْمَ في مَرْكَبِ الخُسْرَانِ قَدْ رَكِبُواْ

أَيَصْنَعُ المَرْءُ أَصْنَامَاً وَيَعْبُدُهَا هَذَا هُوَ الزُّورُ وَالبُهْتَانُ وَالكَذِبُ

فَقَامَ يَدْعُو إِلى الرَّحْمَنِ أَفئِدَةً يحُولُ بَينَ الهُدَى وَدُخُولهَا حُجُبُ

فَمَا اسْتَجَابَ لَهُ مِنهُمْ سِوَى نَفَرٍ في اللهِ مَا عُذِّبُواْ في اللهِ مَا ضُرِبُواْ

بَاتُواْ وَبَاتَ الرَّدَى مِنهُمْ بِمَقْرُبَةٍ وَمِنْ كُؤُوسِ العَذَابِ المُرِّ قَدْ شَرِبُواْ

%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%

ص: 8221

أَمَّا العُيُونُ فَطُولُ الهَجْرِ يُبْكِيهَا وَالدَّمْعُ يَلْمَعُ دُرَّاً في مَآقِيهَا

هَوِّن عَلَيْكَ فَمَا تُجْدِي الدُّمُوعُ وَلَا تَقضِي لُبَانَةَ مَن قَدْ بَاتَ يُذْرِيهَا

لَيْلُ المُحِبِّينَ آهَاتٌ يُرَدِّدُهَا نَايُ الهَوَى وَلهِيبُ الشَّوْقِ يُذْكِيهَا

يَا رَاكِبَ البِيدِ في اللَّيْلِ البَهِيمِ أَمَا طَالَ السُّرَى يَا غَرِيبَاً في نَوَاحِيهَا

مَا أَنْتَ أَوَّلَ عَانٍ في الغَرَامِ مَضَى يَطْوِي البِلَادَ وَيمْشِي في فَيَافِيهَا

تَمْشِي تَحُثُّ الخُطَى وَالوَجْدُ مُسْتَعِرٌ وَالنَّفسُ فِيهَا مِنَ الآلَامِ مَا فِيهَا

لَقَدْ ذَكَرْتُ بِكَ الأَحْبَابَ فَانْبَعَثَتْ ذِكْرَى الرَّسُولِ فَقُمْتُ اليَوْمَ أُحْيِيهَا

هَذَا هُوَ الكَوْنُ في دَيْجُورِ ظُلمَتِهِ يَحْكِي ذِئَابَاً وَشَاةً نَامَ رَاعِيهَا

ص: 8222

فَذُو العَشِيرَةِ وَالأَنْصَارِ تَرْهَبُهُ كُلُّ البَرِيَّةِ قَاصِيهَا وَدَانِيهَا

يَسْطُو عَلَى الخَلْقِ لَا قَانُونَ يَمْنَعُهُ وَلَا شَرِيعَةَ يَخْشَى بَأْسَ قَاضِيهَا

أَمَّا الضَّعِيفُ فَمَغْبُونٌ وَلَيْسَ لَهُ في الأَرْضِ عَوْنٌ يَقِيهِ شَرَّ بَاغِيهَا

كَانَتْ مَآثِمُهُمْ في عُرْفِهِمْ مَرَحَاً وَالقَتْلُ في شَرْعِهِمْ لَهْوَاً وَتَرْفِيهَا

هَذِي مَبَادِئُهُمْ أَيَّامَ دَوْلَتِهِمْ الزُّورُ يَنْشُرُهَا وَالإِثْمُ يُطْوِيهَا

حَتىَّ أَضَاءتْ بِمَوْلُودٍ لآمِنَةٍ أَرْجَاءُ مَكَّةَ وَانجَابَتْ دَيَاجِيهَا

وَمَنْ تَتَبَّعَ نَهْجَ الأَنْبِيَاءِ رَأَى فِيهِ الجَلَالَةَ في أَسْمَى مَعَانِيهَا

مَا بَالُ قَوْمٍ بِدَارِ النَّدْوَةِ اجْتَمَعُواْ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا نَامَ سَارِيهَا

يَقُولُ قَائِلُهُمْ وَالغَيْظُ قَاتِلُهُمْ قَدْ جَاءَ يَا قَوْمِ لِلأَصْنَامِ مخْزِيهَا

ص: 8223

يَسُبُّ آبَاءنَا جَهْرَاً وَيَلعَنُهُمْ وَيُوسِعُ الَّلَاتَ تَقْبِيحَاً وَتَسْفِيهَا

وَلِلشَّرِيعَةِ كَادُواْ كَيْدَهُمْ وَنَسُواْ أَنَّ الإِلَهَ مِنَ الآفَاتِ حَامِيهَا

حَتىَّ أَصَرُّواْ فَقَالَ السَّيْفُ قَوْلَتَهُ وَقَلْعَةُ الكُفْرِ قَدْ دُكَّتْ صَيَاصِيهَا

%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%

مَاتَ يُوصِي فِينَا وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَنَا:

إِنيِّ تَرَكْتُ لَكُمْ كِتَابَاً جَامِعَاً هُوَ خَيرُ دُسْتُورٍ لخَيرِ قُضَاةِ

قَسَمَاً بِرَبيِّ لَنْ تَضِلُّواْ طَالَمَا هُوَ بَيْنَكُمْ بمَثَابَةِ المِشْكَاةِ

أَعِدْ لي حَدِيثَاً في فَمِ الدَّهْرِ عَاطِرٍ أَضَاءَ لَهُ وَجْهُ الزَّمَانِ تَبَسُّمَا

أَضَاءَ طَرِيقَ النَّاسِ بالنُّورِ وَالهُدَى وَفَاضَ عَلَى البَيْدَاءِ كَالغَيْثِ إِذ همَى

نَدِمْنَا عَلَى مَا ضَاعَ لَوْ كَانَ مُجْدِيَاً لِطَالِبِ مجْدٍ ضَاعَ أَنْ يَتَنَدَّمَا

ص: 8224

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بمَا يُطِيقُونَ قَالُواْ إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الله قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر ـ أَيْ يُرِيدُونَ المَزِيد ـ فَيَغْضَبُ صلى الله عليه وسلم حَتىَّ يُعْرَفَ الغَضَبُ في وَجْهِهِ ثمَّ يَقُول:

" إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِالله أَنَا " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 19]

عَن عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضي الله عنه وَكَانَ شَهِدَ بَدْرَاً وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِن أَصْحَابِه:

ص: 8225

" بَايِعُوني عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُواْ بِالله شَيْئَاً وَلَا تَسْرِقُواْ وَلَا تَزْنُواْ وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُواْ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلَا تَعْصُواْ في مَعْرُوف، فَمَنْ وَفى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَن أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئَاً فَعُوقِبَ في الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه، وَمَن أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئَاً ثمَّ سَتَرَهُ الله فَهُوَ إِلى الله إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ؛ فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 17، 3223]

حُقَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ غَيرَ مُبَالِغٍ وَلَا مُدِلّ:

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

ص: 8226

" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتىَّ أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 14، 63]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَان: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يحِبَّ المَرْءَ لَا يحِبُّهُ إِلَاّ لله، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 15، 60]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

ص: 8227

" أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالحَةُ في النَّوْم: فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَاّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ـ أَيْ تحَقَّقَتْ بحَذَافِيرِهَا ـ ثمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلَاء، وَكَانَ يخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيه: وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَاليَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ ـ أَيْ يَرْجِعَ ـ إِلى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِك، ثمَّ يَرْجِعُ إِلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتىَّ جَاءهُ الحَقُّ ـ أَيِ الوَحْيُ ـ وَهُوَ في غَارِ حِرَاء: فَجَاءهُ المَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ 00 قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئ ـ أَيْ لَسْتُ بمَنْ يَعْرِفُ القِرَاءة ـ قَالَ فَأَخَذَني فَغَطَّني ـ أَيْ غَطَّسَ رَأسِي إِلى أَسْفَل ـ حَتىَّ بَلَغَ مِنيِّ الجَهْدَ ـ أَيْ حَتىَّ شَقَّ

ص: 8228

عَلَيَّ ـ ثمَّ أَرْسَلَني فَقَالَ اقْرَأْ 00 قُلتُ مَا أَنَا بِقَارِئ، فَأَخَذَني فَغَطَّني الثَّانِيَةَ حَتىَّ بَلَغَ مِنيِّ الجَهْد، ثمَّ أَرْسَلَني فَقَالَ اقْرَأْ 00 فَقُلتُ مَا أَنَا بِقَارِئ، فَأَخَذَني فَغَطَّني الثَّالِثَةَ ثمَّ أَرْسَلَني فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن عَلَق، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم، فَرَجَعَ بهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرْجُفُ ـ أَيْ يَرْتَعِدُ ـ فُؤَادُه، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها فَقَالَ زَمِّلُوني زَمِّلُوني فَزَمَّلُوهُ ـ أَيْ غَطُّوني وَأَدْفِئُوني ـ حَتىَّ ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ ـ أَيِ الفَزَع ـ فَقَالَ لخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَا وَالله مَا يُخْزِيكَ الله

ص: 8229

أَبَدَاً؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِم، وَتَحْمِلُ الكَلّ

، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْف، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقّ ـ أَيْ مجَالِسُ الحُقُوق ـ فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتىَّ أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى، ابْنَ عَمِّ خَدِيجَة، وَكَانَ امْرَاً قَدْ تَنَصَّرَ في الجَاهِلِيَّة، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانيّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنجِيلِ بِالعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ الله أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخَاً كَبِيرَاً قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيك 00 فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى 00؟

ص: 8230

فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَبَرَ مَا رَأَى؛ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ الله عَلَى مُوسَى؛ يَا لَيْتَني فِيهَا جَذَعَاً ـ أَيْ صَغِيرَ السِّنّ ـ لَيْتَني أَكُونُ حَيَّاً إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُك، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَوَمخْرِجِيَّ هُمْ 00!؟

قَالَ نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَاّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْني يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرَاً مُؤَزَّرَا، ثمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفي وَفَتَرَ الوَحْي " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 3، 231]

عَنْ جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 8231

" بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَاً مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءني بحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض؛ فَرُعِبْتُ مِنْهُ فَرَجَعْتُ فَقُلتُ زَمِّلُوني زَمِّلُوني؛ فَأَنْزَلَ الله تَعَالى يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر: قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ 00 فَحَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 3، 233]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ الحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ الله: كَيْفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ 00؟

ص: 8232

فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَحْيَانَاً يَأْتِيني مِثْلَ صَلصَلَةِ الجَرَس، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصَمُ ـ أَيْ فَيُخَلَّى ـ عَنيِّ وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَال، وَأَحْيَانَاً يَتَمَثَّلُ لي المَلَكُ رَجُلاً فَيُكَلِّمُني فَأَعِي مَا يَقُول، قَالَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ في اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقَاً " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 2، 4304]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ تَعَالى " لَا تحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ " قَالَ باخْتِصَار:

ص: 8233

" كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً؛ فَأَنْزَلَ الله تَعَالى لَا تحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِه، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَه: قَالَ جَمْعُهُ لَكَ في صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ: قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ، ثمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه: ثمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَرَأَهُ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 4، 679]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:

ص: 8234

" كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاس، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلقَاهُ جِبْرِيل، وَكَانَ يَلقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآن، فَلَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 5، 4268]

[12153]

ـ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:

ص: 8235

" كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ لهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ ـ أَيْ يَسْقُونَ ـ عَلَيْهِ وَإِنَّ الجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ، وَإِنَّ الأَنْصَارَ جَاءوا إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نُسْني ـ أَيْ نَسْقِي ـ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ اسْتَصْعَبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ؛ وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْل 00!؟

ص: 8236

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ قُومُوا فَقَامُوا، فَدَخَلَ الحَائِطَ وَالجَمَلُ في نَاحِيَة، فَمَشَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نحْوَهُ، فَقَالَتْ الأَنْصَارُ يَا نَبيَّ اللهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الكَلْبِ الكَلِبِ ـ أَيِ العَقُورِ ـ وَإِنَّا نخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ ـ أَيْ ثَوْرَتَهُ ـ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْس، فَلَمَّا نَظَرَ الجَمَلُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ نحْوَهُ حَتىَّ خَرَّ سَاجِدَاً بَيْنَ يَدَيْه، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتىَّ أَدْخَلَهُ في العَمَل؛ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ بهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ وَنحْنُ نَعْقِلُ فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ

ص: 8237

نَسْجُدَ لَك 00!!

فَقَالَ لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَر، وَلَوْ صَلُحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِن عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه: لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةٌ تَنْبَجِسُ بِالقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ " 00!!

[صَحَّحَهُ الَالبَانيُّ بِالجَامِعِ مخْتَصَرَاً 0 التَّرْغِيب 0 الإِمَامُ أَحمَدُ في صَخْرٍ بِرَقم: 12153]

ص: 8238

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ وَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَة، فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ ـ أَيْ تَبَسَّمَ ـ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْه، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثمَّ تَطَلَّقْتَ في وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْه 00!؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَا عَائِشَة: مَتى عَهِدْتِني فَحَّاشَاً 00!؟

إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ " 00!!

ص: 8239

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 5572، 4693]

عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها هَلْ تَأْكُلُ المَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا وَهِيَ طَامِث 00؟

ص: 8240

قَالَتْ نَعَمْ؛ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوني فَآكُلُ مَعَهُ وَأَنَا عَارِكٌ ـ أَيْ حَائِضٌ ـ وَكَانَ يَأْخُذُ العَرْقَ ـ أَيِ العَظْمَ بِهِ بَعْضُ اللَّحْم ـ فَيُقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ فَأَعْتَرِقُ مِنْهُ ـ أَيْ أَتَتَبَّعُ اللَّحْمَ فِيهَا بِأَسْنَاني ـ ثُمَّ أَضَعُهُ فَيَأْخُذُهُ فَيَعْتَرِقُ مِنْهُ وَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنْ العَرْقِ، وَيَدْعُو بِالشَّرَابِ فَيُقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ ـ أَيْ يحْلِفُ أَن أَشْرَبَ ـ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ، فَآخُذُهُ فَأَشْرَبُ مِنْهُ ثُمَّ أَضَعُه، فَيَأْخُذُهُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ وَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنْ القَدَحِ " 00!!

[الإِمَامُ النَّسَائِيُّ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 277]

حُقَّ لَهُ وَاللهِ أَنْ يَقُول:

ص: 8241

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَا مِن أَحَد يَسْمَعُ بي مِن هَذِهِ الأُمَّةِ وَلَا زُفَر ـ أَيْ يَهُودِيٌّ ـ وَلَا نَصْرَانيٌّ وَلَا يُؤْمِنُ بي إِلَاّ دَخَلَ النَّار؛ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَينَ تَصْدِيقُهَا في كِتَابِ الله 00؟

حَتىَّ وَجَدْتُ هَذِهِ الآيَة:

" وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُه " 00!! {هُود/17}

قَالَ الأَحْزَابُ المِلَلُ كُلُّهَا " 00!!

[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا 0 المُسْتَدْرَكُ بِرَقْم: 3309/ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ كَثِير: هُود/17]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَرَّ بِتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ فَقَال: " لَوْلَا أَني أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا " 00!!

ص: 8242

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2252، 1782]

وَهِيَ لَيْسَتْ حَرَامَاً عَلَى المُسْلِمِين، وَلَكِنَّهَا حَرَامٌ عَلَى الأَنْبِيَاء: أَيِ الصَّدَقَة 0

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: ذَبحْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاة، فَقَالَ نَاوِلْني الذِّرَاعَ فَنَاوَلْتُه، ثُمَّ قَالَ نَاوِلْني الذِّرَاعَ فَنَاوَلْتُه، ثمَّ قَالَ نَاوِلْني الذِّرَاع، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنمَا لِلشَّاةِ ذِرَاعَان، قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوِ ابْتَغَيْتَهُ لَوَجَدْتَه " 00!!

[ابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِرَقم: 6484 / الهَيْثَمِيُّ في مَوَارِدِ الظَّمْآنِ بِرَقم: 2153]

[25940]

ـ عَن أَبي رَافِعٍ رضي الله عنه خَادِمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:

ص: 8243

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَواْ أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ {46} وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِين {47} وَنَادَى أَصْحَابُ الأعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ {48} أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تحْزَنُون}

{الأَعْرَاف}

ص: 8244

فَقَالَ شَاةٌ أُهْدِيَتْ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَطَبَخْتُهَا في القِدْر، فَقَالَ نَاوِلْني الذِّرَاعَ يَا أَبَا رَافِع، فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاع، ثُمَّ قَالَ نَاوِلْني الذِّرَاعَ الآخَر، فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ الآخَر، ثُمَّ قَالَ نَاوِلْني الذِّرَاعَ الآخَر؛ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنمَا لِلشَّاةِ ذِرَاعَان 00 فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَني ذِرَاعَاً فَذِرَاعَاً مَا سَكَتَّ، ثمَّ دَعَا بمَاءٍ فَمَضْمَضَ فَاهُ وَغَسَلَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ ثمَّ قَامَ فَصَلَّى، ثمَّ عَادَ إِلَيْهِمْ فَوَجَدَ عِنْدَهُمْ لحْمَاً بَارِدَاً فَأَكَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يمَسَّ مَاءً " 00!!

[الإِمَامُ أَحْمَد في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 25940]

ص: 8245

عَن عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ في رَكْبٍ مِنْ قُرَيْش، وَكَانُواْ تُجَّارَاً بِالشَّأْمِ في المُدَّةِ الَّتي كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْش، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ في مجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّوم، ثمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَال: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبَاً بهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبيّ 00؟

ص: 8246

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبَاً، فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنيِّ وَقَرِّبُواْ أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثمَّ قَالَ لِتَرْجمَانِهِ قُل لهُمْ إِني سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَني فَكَذِّبُوه، فَوَالله لَوْلَا الحَيَاءُ مِن أَنْ يَأْثِرُواْ عَلَيَّ كَذِبَاً لَكَذَبْتُ عَنْهُ، ثمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَني عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ 00؟

قُلتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَب، قَالَ فَهَل قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَه 00؟

قُلتُ لَا، قَالَ فَهَل كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِك 00؟

قُلتُ لَا، قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ 00؟

فَقُلتُ بَل ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُون 00؟

ص: 8247

قُلتُ بَل يَزِيدُون، قَالَ فَهَل يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيه 00؟

قُلتُ لَا، قَالَ فَهَل كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال 00؟

قُلتُ لَا، قَالَ فَهَل يَغْدِر 00؟

قُلتُ لَا، وَنحْنُ مِنْهُ في مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، وَلَمْ تُمْكِني كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئَاً غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَة، قَالَ فَهَل قَاتَلتُمُوه 00؟

قُلتُ نَعَمْ، قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاه 00؟

قُلتُ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَال، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْه، قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ 00؟

ص: 8248

قُلتُ يَقُولُ اعْبُدُواْ الله وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئَاً، وَاتْرُكُواْ مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَة، فَقَالَ لِلتَّرْجُمَان: قُل لَهُ سَأَلتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ في نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلتُكَ هَل قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا؛ فَقُلتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَه، وَسَأَلتُكَ هَل كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا؛ قُلتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلكَ أَبِيه، وَسَأَلتُكَ هَل كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا؛

ص: 8249

فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى الله 00!!

وَسَأَلتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءهُمُ اتَّبَعُوه، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُل، وَسَأَلتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُون، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَان حَتىَّ يَتِمّ، وَسَأَلتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سُخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الإِيمَان حِينَ تخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوب 00!!

ص: 8250

وَسَأَلتُكَ هَل يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِر، وَسَأَلتُكَ بمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُواْ الله وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئَاً، وَيَنْهَاكُمْ عَن عِبَادَةِ الأَوْثَان، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَاف؛ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقَّاً فَسَيمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْن، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِج، لَمْ أَكُن أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَني أَعْلَمُ أَني أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلتُ عَنْ قَدَمِهِ 00!!

ثمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةَ إِلى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيه:

ص: 8251

بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ 00 مِنْ محَمَّدٍ عَبْدِ الله وَرَسُولِهِ إِلى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّوم،

سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْد:

ص: 8252

فَإِني أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ؛ يُؤْتِكَ الله أَجْرَكَ مَرَّتَيْن، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّين، وَيَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ: أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَاّ الله وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئَاً، وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضَاً أَرْبَابَاً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون، قَالَ أَبُو سُفْيَان: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءةِ الكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا؛ فَقُلتُ لأَصْحَابي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبي كَبْشَة ـ أَيْ عَظُمَ ـ إِنَّهُ يخَافُهُ مَلِكُ بَني الأَصْفَر، فَمَا زِلتُ مُوقِنَاً أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتىَّ أَدْخَلَ الله عَلَيَّ

ص: 8253

الإِسْلَامَ 0

وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ ـ صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ ـ سُقُفَّاً عَلَى نَصَارَى الشَّأْم، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمَاً خَبِيثَ النَّفْس، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ 00!؟

وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ في النُّجُوم؛ فَقَالَ لهُمْ حِينَ سَأَلُوه: إِني رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ في النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَر؛ فَمَنْ يخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّة 00؟

ص: 8254

قَالُواْ لَيْسَ يخْتَتِنُ إِلَاّ اليَهُودُ فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلى مَدَايِنِ ـ أَيْ مَدَائِنِ ـ مُلكِكَ فَيَقْتُلُواْ مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُود، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّان، يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ اذْهَبُواْ فَانْظُرُواْ أَمخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا 00؟

ص: 8255

فَنَظَرُواْ إِلَيْهِ فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مخْتَتِن، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ فَقَالَ هُمْ يخْتَتِنُونَ؛ فَقَالَ هِرَقْلُ هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَر، ثمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَّةَ وَكَانَ نَظِيرَهُ في العِلم، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلى حِمْصَ فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتىَّ أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ نَبيّ فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ ـ أَيْ قَاعَةٍ ـ لَهُ بحِمْص، ثمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابهَا فَغُلِّقَتْ، ثمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّوم: هَل لَكُمْ في الفَلَاحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلكُكُمْ فَتُبَايِعُواْ هَذَا النَّبيّ 00؟

ص: 8256

فَحَاصُواْ حَيْصَةَ ـ أَيْ صَاحُواْ صَيْحَةَ ـ حُمُرِ الوَحْشِ إِلى الأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَان قَالَ رُدُّوهُمْ عَلَيَّ وَقَال: إِني قُلتُ مَقَالَّتي آنِفَاً أَخْتَبِرُ بهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْت، فَسَجَدُواْ لَهُ وَرَضُواْ عَنْه، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 6، 3322]

ضَيْفٌ عَلَى مَائِدَةِ الرَّسُول

ص: 8257

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: كُنْتُ جَالِسَاً في دَارِي فَمَرَّ بي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَشَارَ إِليَّ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَانْطَلَقْنَا حَتىَّ أَتَى بَعْضَ حُجَرِ نِسَائِهِ فَدَخَلَ، ثمَّ أَذِنَ لي فَدَخَلْتُ الحِجَابَ عَلَيْهَا فَقَالَ " هَلْ مِنْ غَدَاء " 00؟

فَقَالُواْ نَعَمْ، فَأُتيَ بِثَلَاثَةِ أَقْرِصَةٍ فَوُضِعْنَ عَلَى نَبيٍّ ـ أَيْ عَلَى صَحْنٍ ـ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُرْصَاً فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْه، وَأَخَذَ قُرْصَاً آخَرَ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيَّ، ثمَّ أَخَذَ الثَّالِثَ فَكَسَرَهُ بِاثْنَيْنِ فَجَعَلَ نِصْفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنِصْفَهُ بَيْنَ يَدَيَّ ثمَّ قَالَ هَلْ مِن أُدُم00؟

ص: 8258

قَالُواْ لَا، إِلَاّ شَيْءٌ مِنْ خَلّ، قَالَ هَاتُوه، فَنِعْمَ الأُدُمُ هُوَ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3826]

ص: 8259

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: سَافَرْتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَلَمَّا أَن أَقْبَلْنَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَن أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلى أَهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ، قَالَ جَابِر: فَأَقْبَلْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ لي أَرْمَكَ ـ أَيْ يخَالِطُ لَوْنَهُ اسْوِدَاد ـ لَيْسَ فِيهِ شِيَة ـ أَيْ عَلَامَةٌ تمَيزُه ـ وَالنَّاسُ خَلْفي، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ قَامَ عَلَيَّ ـ أَيْ ثَبُتَ مَكَانَهُ ـ فَقَالَ لي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَا جَابِرُ اسْتَمْسِكْ، فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً فَوَثَبَ البَعِيرُ مَكَانَهُ، فَقَالَ أَتَبِيعُ الجَمَل 00؟

ص: 8260

قُلْتُ نَعَمْ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ وَدَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ في طَوَائِفِ أَصْحَابِه: فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَعَقَلْتُ الجَمَلَ في نَاحِيَةِ البَلَاطِ ـ أَيْ رَبَطَهُ جِهَةَ الوَادِي ـ فَقُلْتُ لَهُ هَذَا جَمَلُك، فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالجَمَلِ وَيَقُول: الجَمَلُ جَمَلُنَا، فَبَعَثَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَوَاقِيَ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَعْطُوهَا جَابِرَاً، ثمَّ قَالَ اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ 00؟

قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ الثَّمَنُ وَالجَمَلُ لَكَ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 2649]

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:

ص: 8261

" كُنْتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ فَأَبْطَأَ بي جَمَلي وَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَيَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ جَابِر 00 فَقُلْتُ نَعَمْ، قَالَ مَا شَأْنُكَ 00!؟

قُلْتُ أَبْطَأَ عَلَيَّ جَمَلي وَأَعْيَا فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ يحْجُنُهُ بمِحْجَنِهِ ـ أَيْ يَنغُزُهُ بِعَصَاهُ ـ ثمَّ قَالَ ارْكَبْ، فَرَكِبْتُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ سَابَقَ بِهِ رَسُولَ الله ـ قَالَ تَزَوَّجْتَ 00؟

قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ بِكْرَاً أَمْ ثَيِّبَاً 00؟

قُلْتُ بَلْ ثَيِّبَاً، قَالَ أَفَلَا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك 00!؟

ص: 8262

قُلْتُ إِنَّ لي أَخَوَات؛ فَأَحْبَبْتُ أَن أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تجْمَعُهُنَّ وَتمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ أَمَا إِنَّكَ قَادِمٌ فَإِذَا قَدِمْتَ فَالكَيْسَ الكَيْسَ ـ أَيِ احْرِصْ عَلَى إِنجَابِ الوَلَدِ وَلَا تَسْتَكْثرِ البَنَات؛ كَمَا في بَعْضِ الرِّوَايَات ـ ثمَّ قَالَ أَتَبِيعُ جَمَلَكَ 00؟

قُلْتُ نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ مِنيِّ بِأُوقِيَّةٍ، ثمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلي وَقَدِمْتُ بِالغَدَاةِ ـ أَيْ فَجْرَاً ـ فَجِئْنَا إِلى المَسْجِدِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ المَسْجِد، قَالَ آلآنَ قَدِمْتَ 00!؟

ص: 8263

قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ فَدَعْ جَمَلَكَ فَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْن، فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْت، فَأَمَرَ بِلَالاً أَنْ يَزِنَ لَهُ أُوقِيَّةً فَوَزَنَ لي بِلَالٌ فَأَرْجَحَ لي في المِيزَان، فَانْطَلَقْتُ حَتىَّ وَلَّيْت، فَقَالَ ادْعُ لي جَابِرَاً، قُلْتُ الآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الجَمَلَ ـ أَيْ لَمْ يُعْجِبْهُ ـ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِليَّ مِنْهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 1955]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ فَقَالَ يَا نَبيَّ اللهِ لَوْ اتخَذْتَ فِرَاشَاً أَوْثَرَ مِنْ هَذَا 00؟ فَقَالَ " مَا لي وَلِلدُّنْيَا 00!؟

ص: 8264

مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَاّ كَرَاكِبٍ سَارَ في يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا " 00!!

[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ بِالمُسْتَدْرَكِ رَقْم: 7858/وَوَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ بِالمجْمَع: 326/ 10]

يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ في كِتَابِهِ القَيِّم / عُدَّةُ الصَّابِرِينَ تَعْلِيقَاً عَلَى هَذَا الحَدِيث:

" تَأَمَّلْ حُسْنَ هَذَا المثَالِ وَمُطَابَقَتَهُ لِلوَاقِعِ سَوَاءً؛ فَإِنهَا في خُضْرَتهَا كَالشَّجَرَة، وَفي سُرْعَةِ انْقِضَائِهَا وَقَبْضِهَا شَيْئَاً فَشَيْئَاً كَالظِّل، وَالعَبْدُ مُسَافِرٌ إِلى رَبِّهِ وَالمُسَافِرُ إِذَا رَأَى شَجَرَةً في يَوْمٍ صَائِفٍ لَا يحْسُنُ بِهِ أَنْ يَبْنيَ تحْتَهَا دَارَاً، وَلَا يَتَّخِذَهَا قَرَارَاً، بَلْ يَسْتَظِلُّ بهَا قَدْرَ الحَاجَة " 00!!

ص: 8265

[ابْنُ القَيِّمِ في عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِينَ بِالبَابِ الثَّالِثِ وَالعِشْرِين]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ ابْنِ أُخْتِهَا أَسْمَاءَابْنَ أُخْتي: إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلى الهِلَالِ ثمَّ الهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ في شَهْرَيْن، وَمَا أُوقِدَتْ في أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَار، فَقُلْتُ يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ 00!؟

قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاء، إِلَاّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لهُمْ مَنَائِحُ ـ أَيْ نِيَاقٌ ـ وَكَانُواْ يمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ البَانِهِمْ فَيَسْقِينَا " 00!!

ص: 8266

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ بِرَقمَيْ: 2379، 5282]

عَنْ قَتَادَةَ عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال:

" مَا عَلِمْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ عَلَى سُكْرُّجَةٍ ـ أَيْ طَبَقٌ صَغِيرٍ كَطَبَقِ المخَلَّل ـ قَطُّ وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ ـ أَيِ الرُّقَاق ـ قَطُّ وَلَا أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ ـ أَيْ عَلَى مَائِدَةٍ ـ قَطُّ " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 4967]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:

نَاوَلَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِير، فَقَالَ مَا هَذِهِ 00؟ فَقَالَتْ قُرْصٌ خَبَزْتُهُ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتىَّ أَتَيْتكَ بهَذِهِ الكِسْرَةِ فَقَال:

ص: 8267

" هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " 00!!

[الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الجَامِعِ الكَبِير 0 وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ 0 ص: 312/ 10]

عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيْه، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا: أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ 00!؟

ص: 8268

فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَخِّرْ عَنيِّ يَا عُمَر، فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ " إِني خُيِّرْتُ فَاخْتَرْت، لَوْ أَعْلَمُ أَني إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا " 00

فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثمَّ انْصَرَف، فَلَمْ يمْكُثْ إِلَاّ يَسِيرَاً حَتىَّ نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءة:

" وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدَاً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ " 00!! {التَّوْبَة/84}

ص: 8269

قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتي عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 1277]

عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رضي الله عنه عَن أَبِيهِ قَال:

" لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبي أُمَيَّة، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَبي طَالِبٍ يَا عَمّ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بهَا عِنْدَ الله، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِب 00!؟

ص: 8270

فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ حَتىَّ قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِب، وَأَبى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " أَمَا وَاللهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبيِّ الآيَةَ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 1272]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:

ص: 8271

" كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يخْدُمُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِض؛ فَأَتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ؛ فَنَظَرَ إِلى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ 00!؟

فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَم، فَخَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 1268]

كَرَمُهُ صلى الله عليه وسلم:

ص: 8272

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبي حَازِمٍ عَن أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ قَالُواْ الشَّمْلَةُ ـ أَيِ العَبَاءة ـ قَالَ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ، قَالَتْ نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محْتَاجَاً إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنهَا إِزَارُهُ فَحَسَّنهَا فُلَانٌ ـ أَيِ اسْتَحْسَنَهَا ـ فَقَالَ اكْسُنِيهَا مَا أَحْسَنهَا 00!؟

قَالَ القَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ؛ لَبِسَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محْتَاجَاً إِلَيْهَا ثمَّ سَالتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ 00!!؟

ص: 8273

قَالَ إِني وَاللهِ مَا سَالتُهُ لَالبَسَهُ، إِنَّمَا سَالتُهُ لِتَكُونَ كَفَني فَكَانَتْ كَفَنَهُ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 1198]

رَحْمَتُهُ صلى الله عليه وسلم:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولٍ لَمَّا تُوُفي جَاءَابْنُهُ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ الله: أَعْطِني قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ 00؟

فَأَعْطَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ فَقَالَ آذِني أُصَلِّي عَلَيْهِ فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَلَيْسَ اللهُ نهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى المُنَافِقِين 00!؟

ص: 8274

فَقَالَ أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: قَالَ " اسْتَغْفِرْ لهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لهُمْ " 00 فَصَلَّى عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدَاً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالمِيَّةُ بِرَقم: 1190]

ص: 8275

بْنُ يُونُسَ الحَنَفي حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ سِمَاكٍ أَبي زُمَيْلٍ حَدَّثَني عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَني عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ قَالَ لمَّا اعْتَزَلَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءهُ قَالَ دَخَلْتُ المَسْجِدَ فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالحَصَى وَيَقُولُونَ طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالحِجَابِ فَقَالَ عُمَرُ فَقُلْتُ لأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ اليَوْمَ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا بِنْتَ أَبي بَكْرٍ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ مَا لي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَقُلْتُ لهَا يَا حَفْصَةُ أَقَدْ

ص: 8276

بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يحِبُّكِ وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبَكَتْ أَشَدَّ البُكَاءِ فَقُلْتُ لهَا أَيْنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ هُوَ في خِزَانَتِهِ في المَشْرُبَةِ فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدَاً عَلَى أُسْكُفَّةِ المَشْرُبَةِ مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَنْحَدِرُ فَنَادَيْتُ يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلى

ص: 8277

الغُرْفَةِ ثمَّ نَظَرَ إِليَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئَاً ثمَّ قُلْتُ يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ** صلى الله عليه وسلم **

ص: 8278

فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلى الغُرْفَةِ ثمَّ نَظَرَ إِليَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئَاً ثمَّ رَفَعْتُ صَوْتي فَقُلْتُ يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِني أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَنَّ أَني جِئْتُ مِن أَجْلِ حَفْصَةَ وَاللهِ لَئِن أَمَرَني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِضَرْبِ عُنُقِهَا لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهَا وَرَفَعْتُ صَوْتي فَأَوْمَأَ إِليَّ أَنِ ارْقَهْ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ فَأَدْنى عَلَيْهِ إِزَارَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي في خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ

ص: 8279

شَعِيرٍ نحْوِ الصَّاعِ وَمِثْلِهَا قَرَظَاً في نَاحِيَةِ الغُرْفَةِ وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ قَالَ فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ قَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ قُلْتُ يَا نَبيَّ اللهِ وَمَا لي لَا أَبْكِي وَهَذَا الحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَاّ مَا أَرَى وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى في الثِّمَارِ وَالأَنْهَارِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ فَقَالَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا قُلْتُ بَلَى قَالَ وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلْتُ وَأَنَا أَرَى في وَجْهِهِ الغَضَبَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مَعَكَ وَمَلَائِكَتَهُ

ص: 8280

وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَالمُؤْمِنُونَ مَعَكَ وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ وَأَحمَدُ اللهَ

ص: 8281

بِكَلَامٍ إِلَاّ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ اللهُ يُصَدِّقُ قَوْلي الَّذِي أَقُولُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ آيَةُ التَّخْيِيرِ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجَاً خَيْرَاً مِنْكُنَّ وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَهُنَّ قَالَ لَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِني دَخَلْتُ المَسْجِدَ وَالمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالحَصَى يَقُولُونَ طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءهُ أَفَأَنْزِلُ فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ فَلَمْ أَزَلْ

ص: 8282

أُحَدِّثُهُ حَتىَّ تَحَسَّرَ الغَضَبُ عَنْ وَجْهِهِ وَحَتىَّ كَشَرَ فَضَحِكَ وَكَانَ مِن أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرَاً ثمَّ نَزَلَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَزَلْتُ فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بِالجِذْعِ وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنمَا يمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنمَا كُنْتَ في الغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ قَالَ إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَاً وَعِشْرِينَ فَقُمْتُ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتي لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ

ص: 8283

يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الأَمْرَ وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل آيَةَ

التَّخْيِيرِ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2704]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " قَتَلَ المُسْلِمُونَ يَوْمَ الخَنْدَقِ رَجُلاً مِنْ المُشْرِكِينَ فَأَعْطَوْا بجِيفَتِهِ مَالاً فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ جِيفَتَهُمْ فَإِنَّهُ خَبِيثُ الجِيفَةِ خَبِيثُ الدِّيَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ شَيْئَاً " 00!!

[الإِمَامُ أَحْمَد 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 2119]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال:

ص: 8284

" جَاءَ الأَسْلَمِيُّ ـ أَيْ مَاعِزٌ ـ نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً حَرَامَاً أَرْبَعَ مَرَّات، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ في الخَامِسَةِ فَقَالَ أَنِكْتَهَا 00؟

قَالَ نَعَمْ، قَالَ حَتىَّ غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ في ذَلِكَ مِنْهَا 00؟

قَالَ نَعَمْ، قَالَ كَمَا يَغِيبُ المِرْوَدُ في المُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ في البِئْر 00؟

قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا 00؟

ص: 8285

قَالَ نَعَمْ أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامَاً مَا يَأْتي الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ حَلَالاً، قَالَ فَمَا تُرِيدُ بهَذَا القَوْل 00؟ قَالَ أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَني؛ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَسَمِعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ مِن أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ انْظُرْ إِلى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتىَّ رُجِمَ رَجْمَ الكَلْب، فَسَكَتَ عَنْهُمَا ثمَّ سَارَ سَاعَةً حَتىَّ مَرَّ بجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ ـ أَيْ مَرْفُوعَةٍ رِجْلَهُ مِنَ الَانْتِفَاخ ـ فَقَالَ أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَان 00؟

فَقَالَا نحْنُ ذَانِ ـ أَيْ هَا نحْنُ ـ يَا رَسُولَ الله، قَالَ انْزِلَا فَكُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الحِمَار، فَقَالَا يَا نَبيَّ اللهِ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا 00!؟

ص: 8286

قَالَ فَمَا نِلْتُمَا مِن عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفَاً أَشَدُّ مِن أَكْلٍ مِنْهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ الآنَ لَفي أَنهَارِ الجَنَّةِ يَنْقَمِسُ فِيهَا " 00!!

[السُّنَنُ لأَبي دَاوُود 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 3843]

ص: 8287

[23049]

ـ عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَان، فَأَغْلَظَ لَهُمَا وَسَبَّهُمَا؛ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ لَمَن أَصَابَ مِنْكَ خَيْرَاً مَا أَصَابَ هَذَانِ مِنْكَ خَيْرَاً ـ أَيْ لَا أَحَدَ انْتَقَصَ مِن أَجْرِكَ مِثْلَهُمَا ـ فَقَالَ أَوَمَا عَلِمْتِ مَا عَاهَدْتُ عَلَيْهِ رَبي عز وجل 00؟ قُلتُ اللهُمَّ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ مَغْفِرَةً وَعَافِيَةً وَكَذَا وَكَذَا " 00!!

[الإِمَامُ أَحْمَد 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 23049]

ص: 8288

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَة، فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ وَالعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" مَا يَنْقِمُ ابْنُ جمِيلٍ إِلَاّ أَنَّهُ كَانَ فَقِيرَاً فَأَغْنَاهُ الله، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدَاً؛ قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ في سَبِيلِ الله، وَأَمَّا العَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا، ثمَّ قَالَ يَا عُمَر: أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1634]

ص: 8289

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" اسْتَأْذَنْتُ رَبي أَن أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَن أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لي "00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1621]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " زَارَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَال: " اسْتَأْذَنْتُ رَبي في أَن أَسْتَغْفِرَ لهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَن أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لي؛ فَزُورُواْ القُبُورَ فَإِنهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1622]

ص: 8290

وَالكَافِرُ شَقِيٌّ لَا حَظَّ لَهُ، وَشَقَاؤُهُ لَيْسَ في عَذَابِهِ فَحَسْب، وَلَكِنْ في حِرْمَانِهِ حَتىَّ مِنْ دُعَاءِ وَشَفَاعَةِ الصَّالحِينَ وَاسْتِغْفَارِهِمْ، حَتىَّ لَوْ كَانَ ابْنَ نَبيٍّ أَوْ أَبَاه 00!!

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:

" قَامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ حَتىَّ تَوَارَتْ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1595]

عَنْ قَيْسِ بْنَ سَعْدٍ وَسَهْلِ بْنَ حُنَيْفٍ رضي الله عنهما أَنهُمَا كَانَا بِالقَادِسِيَّة، فَمَرَّتْ بهِمَا جَنَازَةٌ فَقَامَا؛ فَقِيلَ لَهُمَا إِنهَا مِن أَهْلِ الأَرْض ـ أَي مِن أَهْلِ الذِّمَّة 00!؟

ص: 8291

فَقَالَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَام، فَقِيلَ إِنَّهُ يَهُودِيٌّ 00!؟

فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسَاً " 00!! [الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1596]

رَغْمَ مَا يَفْعَلُهُ اليَهُودُ في المُسْلِمِينَ بِفِلَسْطِين 00!!

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ ـ أَيْ تُنَظِّفُهُ مِنَ القِمَامَة ـ فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عَنْهَا 00؟

فَقَالُواْ مَاتَتْ، قَالَ " أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُوني " 00!؟

ص: 8292

فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُواْ أَمْرَهَا، فَقَالَ دُلُّوني عَلَى قَبْرِهَا فَدَلُّوه، فَصَلَّى عَلَيْهَا ثمَّ قَال:" إِنَّ هَذِهِ القُبُورَ مَمْلُوءةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لهُمْ بِصَلَاتي عَلَيْهِمْ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1588]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ في وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَر، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِك؛ قَالَتْ عَائِشَة: فَسَالتُهُ فَقَال:

" إِني خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابَاً سُلِّطَ عَلَى أُمَّتي " 00!!

وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى المَطَر: " رَحمَةٌ " 00!!

ص: 8293

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1495]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَال: " اللهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِه، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِه " 00!!

وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ ـ أَيْ غَيَّمَتْ ـ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَر، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ فَعَرَفْتُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ فَسَالتُهُ فَقَال:" لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضَاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا " 00!!

ص: 8294

[العَارِضُ هُوَ السَّحابُ الذي يَعْتَرِضُ أُفُقَ السَّمَاء، وَالمَعْنى أَنهُمْ ظَنُّوهُ مَطَرَاً وَرَحْمَة، فَكَانَ عَذَابَا 0 الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بمَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 1496]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتجْمِعَاً ضَاحِكَاً حَتىَّ أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِه ـ أَيْ جَوَانِبَ فَمِه ـ إِنمَا كَانَ يَتَبَسَّم، وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمَاً أَوْ رِيحَاً عُرِفَ ذَلِكَ في وَجْهِه؛ فَقُلتُ يَا رَسُولَ الله: أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الغَيْمَ فَرِحُواْ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ المَطَر، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ في وَجْهِكَ الكَرَاهِيَةَ 00!؟

ص: 8295

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم " يَا عَائِشَة: مَا يُؤَمِّنُني أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَاب 00!؟

قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ فَقَالُواْ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1497]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نحْوَ دَارِ القَضَاء، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يخْطُب، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمَاً ثمَّ قَال: يَا رَسُولَ الله: هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُل؛ فَادْعُ اللهَ يُغِثْنَا؛ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثمَّ قَال:

ص: 8296

" اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا " 00 قَالَ أَنَس: وَلَا وَاللهِ مَا نَرَى في السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ ـ أَيْ وَلَا غَمَامَةٍ رَقِيقَة ـ وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ ـ أَيْ لَا يُوجَدُ بَيْنَنَا وَبَينَ السَّمَاءِ ما يحْجُبُ الرُّؤْيَةَ ـ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَار، فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْس، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَانْتَشَرَتْ ثمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتَاً ـ أَيْ يَوْمَ السَّبْت ـ ثمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ البَابِ في الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمَاً فَقَالَ يَا رَسُولَ الله: هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُل؛ فَادْعُ اللهَ يمْسِكْهَا عَنَّا؛ فَرَفَعَ

ص: 8297

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثمَّ قَال:

" اللهُمَّ حَوْلَنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ ـ أَيْ عَلَى التِّلَالِ وَالجِبَالِ ـ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَر " 00 فَانْقَلَعَتْ وَخَرَجْنَا نمْشِي في الشَّمْس " 00!!

رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (897 / عَبْد البَاقِي)، وَسَلع: اسْمُ جَبَل 0

ص: 8298

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا ـ أَيْ فَبَيْنَمَا ـ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يخْطُبُ النَّاسَ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ قَامَ أَعْرَابيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله: هَلَكَ المَالُ وَجَاعَ العِيَالُ وَسَاقَ الحَدِيثَ بمَعْنَاه، وَفِيهِ قَال: " اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا " 00 فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلى نَاحِيَةٍ إِلَاّ تَفَرَّجَتْ، حَتىَّ رَأَيْتُ المَدِينَةَ في مِثْلِ الجَوْبَةِ ـ أَيِ يحِيطُ بهَا السَّحَابُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَلَيْسَ فَوْقَهَا سَحَاب ـ وَسَالَ وَادِي قَنَاةٍ شَهْرَاً ـ أَيْ وَادٍ بِالمَدِينَةِ ـ وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَاّ أَخْبَرَ بجَوْدٍ " 00!!

ص: 8299

[الجَوْدُ هُوَ المَطَرُ الشَّدِيد 0 الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1493]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا ـ أَيْ فَبَيْنَمَا ـ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يخْطُبُ النَّاسَ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ قَامَ أَعْرَابيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله:

ص: 8300

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَة، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَصَاحُواْ وَقَالُواْ يَا نَبيَّ الله: قَحَطَ المَطَر، وَاحمَرَّ الشَّجَر، وَهَلَكَتِ البَهَائِمُ وَسَاقَ الحَدِيثَ وَفِيهِ لَمَّا دَعَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا: فَتَقَشَّعَتْ عَنِ المَدِينَةِ فَجَعَلَتْ تمْطِرُ حَوَالَيْهَا وَمَا تمْطِرُ بِالمَدِينَةِ قَطْرَة، فَنَظَرْتُ إِلى المَدِينَةِ وَإِنهَا لَفي مِثْلِ الإِكْلِيل " 00!!

[الإِكْلِيلُ أَيِ الطَّوْق 0 الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1493]

ص: 8301

عَن أَنَسٍ رضي الله عنه: " أَصَابَنَا وَنحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَطَر، فَحَسَرَ ـ أَيْ كَشَفَ ـ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ حَتىَّ أَصَابَهُ مِنَ المَطَر؛ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا 00!؟

قَالَ لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالى " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1494]

سَمَاحَتُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ السَّيِّدَةِ عَائِشَة:

ص: 8302

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ في أَيَّامِ مِنىً: تُغَنِّيَانِ وَتَضْرِبَان ـ أَيْ عَلَى الدُّفِّ ـ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسَجّىً ـ أَيْ مُغَطَّىً ـ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْر؛ فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ وَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْر؛ فَإِنهَا أَيَّامُ عِيد، وَقَالَتْ ـ أَيِ السَّيِّدَةُ عَائِشَة ـ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُني بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلى الحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَأَنَا جَارِيَةٌ ـ أَيْ صَغِيرَة ـ فَاقْدِرُواْ قَدْرَ الجَارِيَةِ العَرِبَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ " 00!!

ص: 8303

[العَرِبَةُ هِيَ المحْبُوبَةُ اللَّعُوبَة 0 الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالمِيَّةُ بِرَقم: 1480]

وَمِمَّا يُثِيرُ حَفَائِظَهُمْ وَحَفِيظَةَ الغَوْغَاءِ مِنَ الجُهَلَاءِ أَنْ لَوْ دَخَلَ المَسْجِدَ غَرِيبٌ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ فَنَزَلَ الخَطِيبُ لِيُجِيبَهُ لَقَامَتْ قِيَامَتُهُمْ بِرَغْمِ أَنَّ هَذَا هُوَ هَدْيُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم 00!!

عَن أَبي رِفَاعَةَ رضي الله عنه قَال:

" انْتَهَيْتُ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يخْطُبُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ 00؟

ص: 8304

فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتىَّ انْتَهَى إِليَّ، فَأُتيَ بِكُرْسِيٍّ حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدَاً فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ يُعَلِّمُني ممَّا عَلَّمَهُ الله، ثمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1450]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

ص: 8305

"وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتي وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بحِرَابهِمْ في مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَسْتُرُني بِرِدَائِهِ لِكَيْ أَنْظُرَ إِلى لَعِبِهِمْ، ثمَّ يَقُومُ مِن أَجْلي حَتىَّ أَكُونَ أَنَا الَّتي أَنْصَرِف؛ فَاقْدِرُواْ قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ حَرِيصَةً عَلَى اللهْوِ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1481]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

ص: 8306

" دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاث ـ أَيْ يَوْمٍ مِن أَيَّامِ العَرَبِ المَشْهُودَة ـ فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَني وَقَالَ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00!؟

فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ دَعْهُمَا، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَاب، فَإِمَّا ـ أَيْ فَمَا أَنْ ـ سَالتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا ـ أَيْ حَتىَّ ـ قَالَ تَشْتَهِينَ تَنْظُرِين 00؟

ص: 8307

فَقُلْتُ نَعَمْ، فَأَقَامَني وَرَاءهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ دُونَكُمْ يَا بَني أَرْفِدَةَ حَتىَّ إِذَا مَلِلْتُ قَالَ حَسْبُكِ ـ أَيْ هَلِ اكْتَفَيْتِ 00؟ ـ قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ فَاذْهَبي " 00!!

[وَبَنُو أَرْفِدَةَ كُنيَةُ الأَحْبَاش 0 الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1482]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: " جَاءَ حَبَشٌ يَزْفِنُونَ ـ أَيْ يَلهُونَ ـ في يَوْمِ عِيدٍ في المَسْجِد، فَدَعَاني النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَنْكِبِهِ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلى لَعِبِهِمْ حَتىَّ كُنْتُ أَنَا الَّتي أَنْصَرِفُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1483]

ص: 8308

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

" لِلَعَّابِينَ ـ أَيْ لِلَاعِبِينَ مَهَرَةٍ ـ وَدِدْتُ أَني أَرَاهُمْ؛ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقُمْتُ عَلَى البَابِ أَنْظُرُ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ في المَسْجِدِ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1484]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " بَيْنَمَا الحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بحِرَابهِمْ إِذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب، فَأَهْوَى إِلى الحَصْبَاءِ يحْصِبُهُمْ ـ أَيْ يَرْمِيهِمْ ـ بهَا؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعْهُمْ يَا عُمَرُ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1485]

ص: 8309

بَابُ رِفْقُهُ بِالمُسْلِمِينَ صلى الله عليه وسلم:

عَن أَبي سَلَمَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" يَا أَيُّهَا النَّاس: عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللهَ لَا يمَلُّ حَتىَّ تمَلُّواْ، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1302]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلى الله 00؟

قَالَ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ " 00!! [الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1303]

عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال:

ص: 8310

" دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ وَحَبْلٌ ممْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْن؛ فَقَالَ مَا هَذَا 00!؟ قَالُواْ لِزَيْنَبَ تُصَلِّي فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ فَقَالَ حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ قَعَدَ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1306]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

" دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي امْرَأَةٌ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ 00؟

فَقُلْتُ امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ تُصَلِّي، قَالَ عَلَيْكُمْ مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاللهِ لَا يمَلُّ اللهُ حَتىَّ تمَلُّواْ، وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ " 00!!

ص: 8311

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1308]

ص: 8312

عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " قَالَ كُنْتُ في المَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَرَأَ قِرَاءةً أَنْكَرْتهَا عَلَيْهِ ثمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءةً سِوَى قَرَاءةِ صَاحِبِهِ فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ دَخَلْنَا جمِيعَاً عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءةِ صَاحِبِهِ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأا، فَحَسَّنَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم شَأْنهُمَا؛ فَسَقَطَ في نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ وَلَا إِذْ كُنْتُ في الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ غَشِيَني ضَرَبَ في

ص: 8313

صَدْرِي، فَفِضْتُ عَرَقَاً وَكَأَنمَا أَنْظُرُ إِلى اللهِ عز وجل فَرَقَاً، فَقَالَ لي يَا أُبيُّ أُرْسِلَ إِليَّ أَنِ اقْرَأِ القُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّن عَلَى أُمَّتي؛ فَرَدَّ إِليَّ الثَّانِيَةَ اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْن، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّن عَلَى أُمَّتي؛ فَرَدَّ إِليَّ الثَّالِثَةَ اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُف، فَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا ـ أَيْ لَكَ بِكُلِّ رَدٍّ ـ مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا؛ فَقُلْتُ اللهُمَّ اغْفِرْ لأُمَّتي، اللهُمَّ اغْفِرْ لأُمَّتي، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِليَّ الخَلْقُ كُلُّهُمْ حَتىَّ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1356]

ص: 8314

بَابُ اجْتِهَادِهِ في العِبَادَةِ صلى الله عليه وسلم:

عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

ص: 8315

" صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ المِائَة، ثمَّ مَضَى، فَقُلْتُ يُصَلِّي بهَا في رَكْعَة، فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بهَا، ثمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا 00 يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً: إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّح، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَل، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذ، ثمَّ رَكَع، فَجَعَلَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبيَ العَظِيمِ فَكَانَ رُكُوعُهُ نحْوَاً مِنْ قِيَامِه، ثمَّ قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه، ثمَّ قَامَ طَوِيلاً قَرِيبَاً ممَّا رَكَع، ثمَّ سَجَدَ فَقَالَ سُبْحَانَ رَبيَ الأَعْلَى، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبَاً مِنْ قِيَامِه " 00!!

ص: 8316

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1291]

عَنْ جَرِيرٍ عَن أَبي وَائِلٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَطَالَ حَتىَّ هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ، قِيلَ وَمَا هَمَمْتَ بِهِ 00؟ قَالَ هَمَمْتُ أَن أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1292]

انْظُرْ: صَبرَ رضي الله عنه رَغْمَ الإِعَاقَةِ الَّتي كَانَتْ في رِجْلَيه 00!!

ص: 8317

وَعَن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه أَنَّ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى في المَسْجِدِ فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ فَكَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عَن أَهْلِهِ فَلَمْ يخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَطَفِقَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يخْرُجْ

ص: 8318

إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتىَّ خَرَجَ لِصَلَاةِ الفَجْرِ فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ثمَّ تَشَهَّدَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمُ اللَّيْلَةَ وَلَكِنيِّ خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُواْ عَنْهَا " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1271]

عَن أَبي سَلَمَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" يَا أَيُّهَا النَّاس: عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللهَ لَا يمَلُّ حَتىَّ تمَلُّواْ، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1302]

ص: 8319

عَن أَبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في رَمَضَانَ 00؟

قَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ في رَمَضَانَ وَلَا في غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعَاً فَلَا تَسْال عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثمَّ يُصَلِّي أَرْبَعَاً فَلَا تَسْال عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثمَّ يُصَلِّي ثَلَاثَاً فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبي " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1219]

ص: 8320

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ في بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ المَرْءِ في بَيْتِهِ إِلَاّ الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ " 00!!

وَفي رِوَيَةٍ أُخْرَى نحْوَ هَذِهِ: " وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِه " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1301]

ص: 8321

عَن أَبي مُرَّةَ مَوْلى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبي طَالِبٍ عَن أُمِّ هَانِئٍ أَنهَا قَالَتْ: تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قُلْتُ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبي طَالِبٍ قَالَ مَرْحَبَاً بِأُمِّ هَانِئٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَاني رَكَعَاتٍ مُلْتحِفَاً في ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي ـ أَيْ أَخُوهَا ـ عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً أَجَرْتُهُ فُلَانُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَجَرْنَا مَن أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَلِكَ ضُحىً " 00!!

ص: 8322

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1179]

رِفْقُهُ صلى الله عليه وسلم بِأُمَّتِه:

عَن عَائِشَةَ أنهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِني لأُسَبِّحُهَا وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ العَمَلَ وَهُوَ يحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1174]

كَرَمُهُ صلى الله عليه وسلم:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ كَانَ لي عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ فَقَضَاني وَزَادَني وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ المَسْجِدَ فَقَالَ لي صَلِّ رَكْعَتَيْنِ " 00!!

ص: 8323

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1168]

سَمَاحَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَوَاضُعُه:

حَدَّثَنَا أَحمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سِمَاكٌ ح وَحَدَّثَنَا يحْيى بْنُ يحْيى وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ قُلْتُ لجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَعَمْ كَثِيرَاً كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الغَدَاةَ حَتىَّ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ وَكَانُواْ يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ في أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1074]

ص: 8324

سَمَاحَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَوَاضُعُه:

حَدَّثَني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ عَن أَنَسٍ قَالَ دَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَمَا هُوَ إِلَاّ أَنَا وَأُمِّي وَأُمُّ حَرَامٍ خَالَّتي فَقَالَ قُومُواْ فَلأُصَلِّيَ بِكُمْ في غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَصَلَّى بِنَا فَقَالَ رَجُلٌ لِثَابِتٍ أَيْنَ جَعَلَ أَنَسَاً مِنْهُ قَالَ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ ثمَّ دَعَا لَنَا أَهْلَ البَيْتِ بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَقَالَتْ أُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ خُوَيْدِمُكَ ادْعُ اللهَ لَهُ قَالَ فَدَعَا لي بِكُلِّ خَيْرٍ وَكَانَ في آخِرِ مَا دَعَا لي بِهِ أَنْ قَالَ اللهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ " 00!!

ص: 8325

وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ وَأَبُو الرَّبِيعِ كِلَاهُمَا عَن عَبْدِ الوَارِثِ قَالَ شَيْبَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ عَن أَبي التَّيَّاحِ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقَاً فَرُبَّمَا تحْضُرُ الصَّلَاةُ وَهُوَ في بَيْتِنَا فَيَأْمُرُ بِالبِسَاطِ الَّذِي تحْتَهُ فَيُكْنَسُ ثمَّ يُنْضَحُ ثمَّ يَؤُمُّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا وَكَانَ بِسَاطُهُمْ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1054]

ص: 8326

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ، ثمَّ قَالَ قُومُواْ فَلأُصَلِّ لَكُمْ، قَالَ أَنَس: فَقُمْتُ إِلى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ ـ أَيْ مِنْ طُولِ مَا جُلِسَ عَلَيْهِ ـ فَنَضَحْتُهُ بمَاء، فَقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءهُ وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرَفَ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 367، 1053]

ص: 8327

حَدَّثَني حَرْمَلَةُ بْنُ يحْيى التُّجِيبيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبرَني يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ محْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرَاً مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِني قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي ـ أَيْ لَمْ يَعُدْ كَمَا كَانَ مِنْ ذِي قَبْل ـ وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي وَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الوَادِي الَّذِي بَيْني وَبَيْنَهُمْ وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ لهُمْ وَدِدْتُ أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَأْتي فَتُصَلِّي في مُصَلًّى فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَفْعَلُ

ص: 8328

إِنْ شَاءَ اللهُ قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يجْلِسْ حَتىَّ دَخَلَ البَيْتَ ثمَّ قَالَ أَيْنَ تحِبُّ أَن أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ قَالَ فَأَشَرْتُ إِلى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرَ فَقُمْنَا وَرَاءهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سَلَّمَ قَالَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ ـ أَيْ طَعَامٍ ـ صَنَعْنَاهُ لَهُ قَالَ فَثَابَ رِجَالٌ مِن أَهْلِ الدَّارِ حَوْلَنَا حَتىَّ اجْتَمَعَ في البَيْتِ رِجَالٌ ذَوُو عَدَدٍ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَالَ

ص: 8329

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا تَقُلْ لَهُ ذَلِكَ أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ

اللهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ قَالُواْ اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ـ أَيْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي رَمَاهُ بِالنِّفَاقِ ـ فَإِنمَا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ لِلْمُنَافِقِينَ 00!؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ " 00!!

[الإِمَامُ مُسْلِم 0 مَوْسُوعَةُ صَخْرٍ العَالَمِيَّةُ بِرَقم: 1052]

رِفْقُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَتىَّ بِالعُصَاةِ وَالمُذْنِبِين:

ص: 8330

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " أُتيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ اضْرِبُوهُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ القَوْمِ أَخْزَاكَ الله، قَالَ صلى الله عليه وسلم لَا تَقُولُوا هَكَذَا لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ " 00!!

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في مَوْسُوعَةِ صَخْرٍ العَالَمِيَّةِ بِرَقم: 6279]

هل رأيت صورة الرسول؟

الكاتب: أبو الهيثم

بسم الله نبدأ ، وعلى هدي نبيه نسير ..

قفز إليَّ أخي بخبر عجيب: "إحدى المواقع تنشر صورة للنبي صلى الله عليه وسلم نشرتها دولة كفرية "

ص: 8331

في الحقيقة في البداية أخذني حب الإستطلَاع ، وأنا أعلم يقيناً أن هذا من الكذب على النبي بل وقضية التصوير بالرسم نفسها حكمها واضح من الشرع ، فبقي البحث عن المرجعيات الَّتي جاءوا من خلَالها بتلك الصورة ، ودون النظر إِلى مرجعياتهم، فدواوين السنة أفضل مرجع لنقل صورة الرسول إِلى الأذهان ، بنقل العدول من الصحابة عليهم الرضوان ، فبقي أن نغلق في وجوه هؤلَاء الكذبة الأعين والآذان ، وأن نستعرض نحن صفات نبينا لتكون عالقة في القلوب والأذهان ، وحَتىَّ لَا تفارقنا في كل وقت وآن ، بطريقة النقل الصحيح من كل مرجع للسنة أو ديوان.

وهذه صورة النبي أسردها بترتيب ما ورد من صفاته الجسدية الشريفة مبتدءَاً من شعره ووجهه ثم بتتابع ما ورد في صفة جسده الشريف ، ففيما ورد لنا من السنة الكفاية الكافية عن كذب الكاذبين ، وإغراض المغرضين. وبالله التوفيق ..

ص: 8332

أولاً: صفاته الخَلقية: وبعد ذكر الصفات سألحق المصادر الحديثية وكتب السيرة

أولاً: **الوجه والشعر:

تصف أم معبد لزوجها الرسول لما مر بخيمتها في حادثة الهجرة قائلة:" ظاهر الوضائة ، أبلج الوجه "(أي مستنير الوجه أبيضه) ويقول على وهو ينعت الرسول:" وكان في الوجه تدوير وكان ابيضاً " وقال أبو الطفيل: " كان أبيض ، مليح الوجه " وقال أنس بن مالك:" كان أزهر اللون "، وقال البراء:" كان أحسن الناس وجهاً " وسئل البراء: أكان وجه النبي مثل السيف؟ قال: لَا بل كان مثل القمر ، وفي رواية بل كان وجهه مستديراً، وقال أبو هريرة:" ما رأيت شيئاً احسن من رسول الله كأن الشمس تجري في وجهه " وقال جابر بن سمرة: رأيته في ليلة أضحيان ، فجعلت أنظر إِلى رسول الله وأنظر إِلى القمر – وعليه حلة حمراء – فإذا هو أحسن

ص: 8333

عندي من القمر ، وقال كعب بن مالك " كان إذا سر استنار وجهه ،كأنه قطعة قمر " ، وعرق مرة وهو عند عائشة فجعلت تبرك أسارير وجهه ، فتمثلت له بقول أبي كبير الهَذَليّ:

وَإِذَا نَظَرْتَ إِلى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ بَرَقَتْ كَبَرْقِ العَارِضِ المُتَهَلِّلِ

ثم يقول كذلك كان رسول الله.

أما تفاصيل وجهه فورد فيها ما يلي:

تقول أم معبد " في عينيه دعج (سواد العين) ، وفي أشفاره وطف (في شعر أجفانه طول) وفي صوته صحل (بحة وخشونة) ، وفي عنقه سطع (طول) ، أحور أكحل ، أزج (الحاجب الرقيق في الطول) " وقال ابن عباس:" كان أفلج الثنيتين (بعيد ما بين الأسنان) ، إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه.

ص: 8334

وقال جابر بن سمرة: " كان ضليع الفم (عظيم الفم ، والعرب تمدح هذه الصفة " ، أشكل العين (طويل شق العين)" وجاء في خلَاصة السير أنه "أقنى العرنين (ارتفع أعلى أنفه واحدودب وسطه وضاق منخراه ، وهي غاية الجمال لمنظر الأنف ، والعرنين أي الأنف وما صلب منه)، وفي لحيته كثاثة وقال أبو جحيفة: رأيت بياضاً تحت شفته السفلى: العنفقة " ، وقال عبد الله بن بسر:" كان في عنفقته شعرات بيض " ، وجاء في مشكاة المصابيح " وكان إذا غضب احمر وجهه ، حَتىَّ كأنه فقئ في وجنته حب الرمان

ص: 8335

وأما شعره: قالت أم معبد: " شديد سواد الشعر " وقال علي رضي الله عنه " لم يكن بالجعد القطط (الملتوي الشعر شديد الجعودة) ولَا بالسبط (المسترسل شديد النعومة) "قال البراء:" له شعر يبلغ شحمة أذنيه " ، " وكان يسدل شعره أولاً لحبه متابعة أهل الكتاب ، ثم فرق رأسه بعد "، وقال أنس:" قبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء "

ثانياً: باقي جسده الشريف:

تقول أم معبد " لَا تقحمه عين من قصر ولَا تشنؤه من طول "

وقال علي:" لم يكن بالطويل الممغط ، ولَا القصير المتردد ، وكان ربعة من القوم " وقال أيضاً: " جليل المشاش والكتد (المشاش أي عظيم رؤوس

ص: 8336

العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين أما الكتد فهو مجتمع الكتفين وهو الكاهل) ، دقيق المسربة (الشعر الدقيق كأنه قضيب من الصدر إِلى السرة " ، أجرد (ليس في البدن شعر) ، شثن الكفين والقدمين (الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين)، وقال البراء:" كان مربوعاً ما بين القدمين " ، وجاء في خلَاصة السير " من لبته إِلى سرته شعر يجري كالقضيب ، ليس في بطنه ولَا صدره شعر غيره ، أشعر الذراعين والمنكبين ، سواء الصدر والبطن ، مسيح الصدر عريضه ، طويل الزند ، رحب الراحة ، سبط القصب (يريد ساعديه وساقيه بلَا تعقد ولَا نتوء) "

وقال أنس:" ما مسست حريراً ولَا ديباجاً ألين من كف النبي ، ولَا شممت ريحاً قط أو عرفاً قط ، وفي رواية: ما شممت عنبراً قط ولَا مسكاً ولَا شيئاً أطيب من ريح أو عرف رسول الله "

ص: 8337

وقال أبو جحيفة: "أخذت بيده ، فوضعتها على وجهي ، فإذا هي أبرد من الثلج ، وأطيب رائحة من المسك " وقال جابر بن سمرة –وكان صبياً **: مسح خدي فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جونة عطار (الَّتي يعد فيها الطيب).

وقال انس: كأن عرقه اللؤلؤ. وقالت أم سليم: هو من أطيب الطيب.

وفي مسلم " كان بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة ، يشبه جسده ، وكان عند ناغص كتفه اليسرى ، جمعاً عليه خيلَان كأمثال الثآليل (الثآليل: الحبة الَّتي تظهر في الجلد).

ص: 8338

(خ د س) أبو سعيد بن المعلى رضي الله عنه: قال: " كنتُ أُصَلِّي في المسجد فدعاني رسولُ الله **صلى الله عليه وسلم**، فلم أُجِبْه، ثم أتيتُه، فقلتُ: يا رسول الله، إِني كنتُ أُصلي، فقال: ألم يَقُل الله: {اسْتَجِيبُوا للهِ ولِلرَّسولِ إِذا دَعَاكُم} [الأنفال: 25]؟ ثم قال لي: أَلَا أُعلِّمُكَ سورة هي أعظمُ السُّوَرِ في القرآن قبل أن تخرُجَ من المسجد؟ ثم أخذ بيدي، فلما أرادَ أن يخرجَ قلتُ: ألم تَقُلْ: لأُعَلِّمنَّكَ سورة هي أعظمُ سورة في القرآن؟ قال: الحمدُ للهِ رب العَالمين قال: هي السَّبْعُ المَثَاني، والقرآنُ العَظيمُ الذي أوتِيتُه ".

أخرجه الإِمَامُ البخاريُّ، وقال: قال معاذ: وذكر الإِسناد، وقال:" هي: الحمدُ للهِ رب العَالمين السبع المثاني ". وأخرجه أبو داود، والنسائي.

وفي حديث أبي داود قال: " ما منعك أن تُجِيبَني؟ ".

ص: 8339

(ت) أبو هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ الله **صلى الله عليه وسلم** " خرج على أُبيِّ بنِ كعب وهو يُصلي، فقال له رسولُ الله **صلى الله عليه وسلم**: يا أُبيُّ، فالتفت أُبيِ فلم يُجبْه، وصلى وخفّف، ثم انصرف فقال: السلَام عليك يا رسولَ الله، قال: وعليك السلَام، ما منعك أن تُجِيبَني إِذ دعوتُك؟ قال: كنتُ في صلَاة، قال: أَفلم تَجِدْ فيما أُوحِيَ إِليَّ أن: اسْتَجِيبُوا للهِ ولِلرَّسولِ إِذا دَعَاكُم لِما يُحْييِكم؟ قال: لَا أَعود إِن شاء الله، قال: تُحِبُّ أن أُعلّمكَ سورة لم ينزل في التوراة، ولَا في الإِنجيل، ولَا في الزَّبور، ولَا في الفرقان مثلُها؟ قال: نعم، قال: كيف تَقْرَأْ في الصلَاة؟ قال: فقرأ أمَّ القرآن، فقال رسولُ الله **صلى الله عليه وسلم**: والذي نفسي بيده، ما أُنْزِلَ في التوراة ولَا في الإِنجيل ولَا في الزبور ولَا في الفرقان

ص: 8340

مثلُها، وإِنها سبع من المثاني، والقرآنُ العظِيمُ الذي أُعْطِيتُه ". أخرجه الترمذي.

2 ** وأخرجه الترمذي (3125). والنسائي (2/ 139) قال الترمذي: حدثنا، وقال النسائي: أخبرنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى 0

ص: 8341

فَهْرَسَةُ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى:

==============

مَنَاقِب مُعَاوِيَة، وَحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الرَّاعِي:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

[000]

دخل أبو مسلم الخولَانى على معاوية بن أبى سفيان فقال السلَام عليك أيها الأجير فقالوا قل السلَام عليك أيها الأمير فقال السلَام عليك أيها الأجير فقالوا قل السلَام عليك

ايها الأمير فقال السلَام عليك أيها الأجير فقالوا قل السلَام عليك أيها الأمير

فقال السلَام عليك ايها الأجير فقال معاوية دعو أبا مسلم فانه اعلم بما

يقول فقال إنما أنت اجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها فان انت هنأت

جرباها وداويت مرضاها وحبست اولَاها على أخراها وفاك سيدها أجرك

وإن أنت لم تهنأ جرباها ولم تداو مرضاها ولم تحبس أولَاها على أخراها

عاقبك سيدها وهذا ظاهر فى الَاعتبار فان الخلق عباد الله والولَاة نواب

ص: 8342

الله على عباده وهم وكلَاء العباد على نفوسهم بمنزلة احد الشريكين

مع فتاوى ابن تيمية ج28/ص251 " 0

تَكْفِيرُ المُسْلِمِ وَسَفْكُ دَمِه:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

قال شيخ الإسلَام تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله بسم الله الرحمن

الرحيم قال الله تعالى وتقدس

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولَا تموتن إلَا وأنتم مسلمون واعتصموا

بحبل الله جميعا ولَا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءَا

فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من

النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم أمة

يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون

ولَا تكونا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك

لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال ابن عباس وغيره

ص: 8343

تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتوسد وجوه أهل البدعة والفرقة

فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم

تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون فتاوى ابن تيمية ج3/ص278 " 0

وَحَتى ص: (288)، وَحَتى ص:(288)، وَحَتى ص:(288)، وَحَتى ص:(288)

تَكْفِيرُ المُسْلِمِ وَسَفْكُ دَمِه:

أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأى وقياس ولَا بذوق ووجد ومكاشفة

ولَا قال قط قد تعارض فى هذا العقل والنقل فضلَا عن أن يقول فيجب

تقديم العقل والنقل يعنى القرآن والحديث وأقوال الصحابة والتابعين

اما أن يفوض واما أن يؤول ولَا فيهم من يقول ان له ذوقا أو وجدا

أو مخاطبة أو مكاشفة تخالف القرآن والحديث فضلَا عن أن يدعى أحدهم

أنه يأخذ من حيث يأخذ الملك الذى يأتى الرسول وأنه يأخذ من ذلك

ص: 8344

المعدن علم التوحيد والَانبياء كلهم يأخذون عن مشكاته أو يقول الولى

أفضل من النبى ونحو ذلك من مقالَات أهل الَالحاد فإن هذه الأقوال لم

تكن حدثت بعد فى المسلمين وانما يعرف مثل هذه أما عن ملَاحدة اليهود

والنصارى فإن فيهم من يجوز أن غير النبى أفضل من النبى كما قد

يقوله فى الحواريين فإنهم عندهم رسل وهم يقولون أفضل من داود وسليمان

بل ومن ابراهيم وموسى وان سموهم أنبياء الى أمثال هذه الأمور

ولم يكن السلف يقبلون معارضة الآية الَا بآية أخرى تفسرها وتنسخها

او بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم تفسرها فإن سنة رسول الله

صلى الله عليه وسلم تبين القرآن وتدل عليه وتعبر عنه وكانوا يسمون

ما عارض الآية ناسخا لها فالنسخ عندهم اسم عام لكل ما يرفع دلَالة

الآية على معنى باطل وان كان ذلك المعنى لم فتاوى ابن تيمية ج13/ص29

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

ص: 8345

وَحَتى ص: (34/ 13)، وَحَتى ص:(34/ 13)، وَحَتى ص:(34/ 13) 0

باب حكم المرتد

سئل شيخ الَاسلَام رضى الله عنه عن رجلين تكلما فى مسألة التأبير فقال

احدهما من نقص الرسول صلى الله عليه وسلم او تكلم بما يدل على نقص

الرسول كفر لكن تكفير المطلق لَا يستلزم تكفير المعين فان بعض العلماء

قد يتكلم فى مسألة بإجتهاده فيخطىء فيها فلَا يكفر وان كان قد يكفر

من قال ذلك القول اذا قامت عليه الحجة المكفرة ولو كفرنا كل عالم بمثل

ذلك لزمنا ان نكفر فلَانا وسمى بعض العلماء المشهورين الذين لَا يستحقون

التكفير وهو الغزالى فانه ذكر فى بعض كتبه تخطئة الرسول فى

مسألة تأبير النخل فهل يكون هذا تنقيصا بالرسول بوجه من الوجوه وهل

عليه فى تنزيه العلماء من الكفر اذا قالوا مثل ذلك تعزير ام لَا واذا نقل

ذلك وتعذر عليه فى الحال نفس الكتاب الذى نقله منه وهو معروف بالصدق

ص: 8346

فهل عليه فى ذلك تعزير ام لَا وسواء أصاب فى النقل عن العالم أم

أخطأ وهل يكون فى ذلك تنقيص بالرسول صلى الله عليه وسلم ومن اعتدى

على مثل هذا او نسبه الى تنقيص بالرسول او العلماء وطلب عقوبته

على ذلك فما يجب عليه أفتونا مأجورين فتاوى ابن تيمية ج35/ص99 " 0

وَحَتى ص: (105)، وَحَتى ص:(105)، وَحَتى ص:(105)، وَحَتى ص:(105)

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

[000]

وفى رواية مثقال دينار من خير ثم يخرج من النار من كان فى قلبه مثقال

حبة من خردل من إيمان وفى رواية من خير ويخرج من النار من كان

فى قلبه مثقال ذرة من إيمان أو خير وهذا وأمثاله من النصوص المستفيضة

عن النبى صلى الله عليه وسلم يدل انه لَا يخلد فى النار من معه

ص: 8347

شىء من الَايمان والخير وان كان قليلَا وان الَايمان مما يتبعض ويتجزأ

ومعلوم قطعا ان كثيرا من هؤلَاء المخطئين معهم مقدار ما من الَايمان

بالله ورسوله اذ الكلَام فيمن يكون كذلك وأيضا فان السلف اخطأ كثير

منهم فى كثير من هذه المسائل واتفقوا على عدم التكفير بذلك مثل ما

أنكر بعض الصحابة أن يكون الميت يسمع نداء الحى وأنكر بعضهم ان

يكون المعراج يقظة وأنكر بعضهم رؤية محمد ربه ولبعضهم فى الخلَافة

والتفضيل كلَام معروف وكذلك لبعضهم فى قتال بعض ولعن بعض واطلَاق

تكفير بعض أقوال معروفة وكان القاضى شريح ينكر قراءة من قرأ

بل عجبت ويقول إن الله لَا يعجب فبلغ ذلك إبراهيم النخعى فقال إنما شريح

شاعر يعجبه علمه كان عبدالله أفقه منه فكان يقول بل عجبت فهذا قد

أنكر قراءة ثابتة وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة واتفقت الأمة على

ص: 8348

انه إمام من الأئمة وكذلك بعض السلف أنكر فتاوى ابن تيمية ج12/ص492 " 0

وَحَتى ص: (501)، وَحَتى ص:(501)، وَحَتى ص:(501)، وَحَتى ص:(501)

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

وقال شيخ الإسلَام رحمه الله

فصل في الإكتفاء بالرسالة والإستغناء بالنبى صلى الله عليه وسلم عن إتباع

ما سواه إتباعا عاما وأقام الله الحجة على خلقه برسله فقال تعالى انا

أوحينا إليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده الى قوله لئلَا يكون للناس

على الله حجة بعد الرسل فدلت هذه الآية على أنه لَا حجة لهم بعد الرسل

بحال وأنه قد يكون لهم حجة قبل الرسل ف الأول يبطل قول من أحوج

الخلق الى غير الرسل حاجة عامة كالأئمة والثانى يبطل قول من أقام

ص: 8349

الحجة عليهم قبل الرسل من المتفلسفة والمتكلمة فتاوى ابن تيمية ج19/ص66 " 0

وَحَتى ص: (75)، وَحَتى ص:(75)، وَحَتى ص:(75)، وَحَتى ص:(75)

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

وسئل رحمه الله ورضى

عنه عن أجناد يمتنعون عن قتال التتار ويقولون أن فيهم من يخرج مكرها

معهم واذا هرب أحدهم هل يتبع أم لَا فأجاب الحمد لله رب العالم قتال

التتار الذين قدموا الى بلَاد الشام واجب بالكتاب والسنة فان الله يقول

فى القرآن وقاتلوهم حتى لَا تكون فتنة ويكون الدين كله لله والدين هو

الطاعة فاذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون

الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا

ص: 8350

ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله

ورسوله وهذه الآية نزلت فى اهل الطائف لما دخلوا في الَاسلَام والتزموا

الصلَاة والصيام لكن امتنعوا من ترك الربا فبين الله انهم محاربون

له ولرسوله اذا لم ينتهوا عن الربا والربا هو آخر ما حرمه الله

وهومال يؤخذ برضا صاحبه فاذا كان هؤلَاء محاربين لله ورسوله يجب

جهادهم فكيف بمن يترك كثيرا من شرائع الَاسلَام او اكثرها كالتتار فتاوى ابن تيمية ج28/ص544 " 0

وَحَتى ص: (552)، وَحَتى ص:(552)، وَحَتى ص:(552)، وَحَتى ص:(552)

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

بِالصُّوفِيَّةِ وَبِدَعِهِمْ وَبِالحَدِيثِ عَنِ السَّحَرَةِ وَبِتَكْفِيرِ المُسْلِمِينَ أَيْضَاً:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

ص: 8351

[000]

فصل أول التفرق والَابتداع فى الَاسلَام بعد مقتل عثمان وافتراق المسلمين

فلما اتفق علي ومعاوية على التحكيم أنكرت الخوارج وقالوا لَا حكم

إلَا لله وفارقوا جماعة المسلمين فارسل اليهم ابن عباس فناظرهم فرجع

نصفهم والآخرون أغاروا على ماشية الناس واستحلوا دماءهم فقتلوا

ابن خباب وقالوا كلنا قتله فقاتلهم علي وأصل مذهبهم تعظيم القرآن

وطلب اتباعه لكن خرجوا عن السنة والجماعة فهم لَا يرون اتباع السنة

التى يظنون أنها تخالف القرآن كالرجم ونصاب السرقة وغير ذلك فضلوا

فان الرسول أعلم بما أنزل الله عليه والله قد أنزل عليه الكتاب والحكمة

وجوزوا على النبى أن يكون ظالما فلم ينفذوا لحكم النبى ولَا لحكم

الأئمة بعده بل قالوا ان عثمان وعليا ومن والَاها قد حكموا بغير ما أنزل

الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فكفروا المسلمين

ص: 8352

بهذا وبغيره وتكفيرهم وتكفير سائر أهل البدع مبنى على مقدمتين

باطلتين احداهما أن هذا يخالف القرآن فتاوى ابن تيمية ج13/ص208 " 0

وَحَتى ص: (230)، وَحَتى ص:(230)، وَحَتى ص:(230)، وَحَتى ص:(230)

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،

بِالصَّوْم:

[000]

وسئل عما إذا قبل زوجته أو ضمها فأمذى هل يفسد ذلك صومه ام لَا فأجاب

يفسد الصوم بذلك عند اكثر العلماء وسئل عمن أفطر فى رمضان الخ

فأجاب إذا افطر فى رمضان مستحلَا لذلك وهو عالم بتحريمه استحلَالَا

له وجب قتله وان كان فاسقا عوقب عن فطره فى رمضان بحسب

ما يراه الَامام واخذ منه حد الزنا وان كان جاهلَا عرف بذلك واخذ منه

حد الزنا ويرجع فى ذلك الى إجتهاد الَامام والله أعلم فتاوى ابن تيمية ج25/ص265 " 0

ص: 8353

وَحَتى ص: (000)، وَحَتى ص:(000)، وَحَتى ص:(000)، وَحَتى ص:(000)

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°ــ

الجَهْرُ بِالبَسْمَلَة، بِالتَّعَصُّبِ وَالصَّلَاة:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

[000]

سئل شيخ الإسلَام احمد بن تيمية رحمه الله عما يشتبه على الطالب للعبادة

من جهة الأفضلية مما إختلف فيه الأئمة من المسائل التى أذكرها وهى

أيما أفضل فى صلَاة الجهر ترك الجهر بالبسملة أو الجهر بها وأيما أفضل

المداومة على القنوت فى صلَاة الفجر أم تركه ام فعله أحيانا بحسب

المصلحة وكذلك فى الوتر وأيما أفضل طول الصلَاة ومناسبة أبعاضها

فى الكمية والكيفية أو تخفيفها بحسب ما إعتادوه فى هذه الأزمنة

ص: 8354

وايما أفضل مع قصر الصلَاة فى السفر مداومة الجمع أم فعله أحيانا

بحسب الحاجة وهل قيام الليل كله بدعة أم سنة أم قيام بعضه أفضل

من قيامه كله كذلك سرد الصوم أفضل أم صوم بعض الأيام وإفطار بعضها

وفى المواصلة أيضا وهل لبس الخشن وأكله دائما أفضل أم لَا وأيما

أفضل فعل السنن الرواتب فى السفر أم تركها أم فعل البعض دون البعض

وكذلك التطوع بالنوافل فى السفر وأيما افضل الصوم فى السفر أم الفطر

وإذا لم يجد ماء أو تعذر عليه إستعماله لمرض أو يخاف منه الضرر

من شدة البرد وأمثال ذلك فتاوى ابن تيمية ج22/ص264 " 0

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

[000]

فهل يتيمم أم لَا وهل يقوم التيمم مقام الوضوء فيما ذكر ام لَا وايما أفضل

ص: 8355

فى إغماء هلَال رمضان الصوم أم الفطر أم بخير بينهما أم يستحب فعل

احدهما وهل ما واظب عليه النبى صلى الله عليه وسلم فى جميع أفعاله

وأحواله وأقواله وحركاته وسكناته وفى شأنه كله من العبادات والعادات

هل المواظبة على ذلك كله سنة فى حق كل واحد من الأمة أم يختلف

بحسب إختلَاف المراتب والرتبين أفتونا مأجورين فأجاب الحمد لله هذه

المسائل التى يقع فيها النزاع مما يتعلق بصفات العبادات أربعة أقسام

منها ما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه سن كل واحد من الأمرين

وإتفقت الأمة على أن من فعل أحدهما لم يأثم بذلك لكن قد يتنازعون

فى الأفضل وهو بمنزلة القراءَات الثابتة عن النبى صلى الله عليه

وسلم التى إتفق الناس على جواز القراءة بأى قراءة شاء منها كالقراءة

المشهورة بين المسلمين فهذه يقرأ المسلم بما شاء منها وإن إختار

بعضها لسبب من الأسباب ومن هذا الباب الإستفتاحات المنقولة عن

ص: 8356

النبى صلى الله عليه وسلم فتاوى ابن تيمية ج22/ص265 " 0

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

[000]

إنه كان يقولها فى قيام الليل وأنواع الأدعية التى كان يدعو بها فى صلَاته

فى آخر التشهد فهذه الأنواع الثايتة عن النبى صلى الله عليه وسلم

كلها سائغة بإتفاق المسلمين لكن ما أمر به من ذلك أفضل لنا مما فعله

ولم يأمر به وقد ثبت فى الصحيح أنه قال إذا قعد أحدكم فى التشهد فليستعذ

بالله من أربع يقول اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب

القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال فالدعاء بهذا

أفضل من الدعاء بقوله اللهم إغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت

وما أعلنت وما أنت أعلم به منى أنت المقدم وانت المؤخر لَا إله إلَا

ص: 8357

أنت وهذا أيضا قد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله فى

أخر صلَاته لكن الأول أمر به وما تنازع العلماء فى وجوبه فهو اوكد مما

لم يأمر به ولم يتنازع العلماء فى وجوبه وكذلك الدعاء الذى كان يكرره

كثيرا كقوله ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب

النار اوكد مما ليس كذلك فتاوى ابن تيمية ج22/ص266 " 0

القسم الثانى ما إتفق عليه العلماء على أنه إذا فعل كلَا من الأمرين كانت عبادته

صحيحة ولَا إثم عليه لكن يتنازعون فى الأفضل وفيما كان النبى صلى

الله عليه وسلم يفعله ومسألة القنوت فى الفجر والوتر والجهر بالبسملة

وصفة الإستعاذة ونحوها من هذا الباب فإنهم متفقون على أن من

جهر بالبسملة صحت صلَاته ومن خافت صحت صلَاته وعلى أن من قنت

فى الفجر صحت صلَاته ومن لم يقنت فيها صحت صلَاته وكذلك القنوت

فى الوتر وإنما تنازعوا فى وجوب قراءة البسملة وجمهورهم على

ص: 8358

أن قراءتها لَا تجب وتنازعوا أيضا فى إستحباب قراءتها وجمهورهم على

أن قراءتها مستحبة وتنازعوا فيما إذا ترك الإمام ما يعتقد المأموم وجوبه

مثل ان يترك قراءة البسملة والمأمور يعتقد وجوبها أو يمس ذكره

ولَا يتوضأ والمأموم يرى وجوب الوضوء من ذلك أو يصلى فى جلود

الميتة المدبوغة والمأموم يرى ان الدباغ لَا يطهر أو يحتجم ولَا يتوضأ

والمأموم يرى الوضوء من الحجامة والصحيح المقطوع به أن صلَاة

المأموم صحيحة خلف إمامه وإن كان إمامه مخطئا فى نفس الأمر لما

ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسم أنه قال يصلون لكم فإن

اصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم وكذلك إذا إقتدى المأموم بمن

يقنت فى الفجر أو الوتر قنت معه سواء فتاوى ابن تيمية ج22/ص267

قنت قبل الركوع أو بعده وإن كان لَا يقنت لم يقنت معه ولو كان الإمام يرى

إستحباب شىء والمأمومون لَا يستحبونه فتركه لأجل الإتفاق والإئتلَاف

ص: 8359

كان قد أحسن مثال ذلك الوتر فإن للعلماء فيه ثلَاثة أقوال أحدها

أنه لَا يكون إلَا بثلَاث متصلة كالمغرب كقول من قاله من أهل العراق

والثانى أنه لَا يكون إلَا ركعة مفصولة عما قبلها كقول من قال ذلك

من اهل الحجاز والثالث أن الأمرين جائزان كما هو ظاهر مذهب الشافعى

وأحمد وغيرهما وهو الصحيح وإن كان هؤلَاء يختارون فصله عما

قبله فلو كان الإمام يرى الفصل فإختار المأمومون أن يصلى الوتر كالمغرب

فوافقهم على ذلك تأليفا لقلوبهم كان قد أحسن كما قال النبى صلى

الله عليه وسلم لعائشة لولَا أن قومك حديثوا عهد بجاهلية لنقضت الكعبة

ولألصقتها بالأرض ولجعلت لها بابين بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون

منه فترك الأفضل عنده لئلَا ينفر الناس فتاوى ابن تيمية ج22/ص268

وكذلك لو كان رجل يرى الجهر بالبسملة فأم بقوم لَا يستحبونه أو بالعكس

ووافقهم كان قد أحسن وإنما تنازعوا فى الأفضل فهو بحسب ما إعتقدوه

ص: 8360

من السنة وطائفة من أهل العراق إعتقدت أن النبى صلى الله عليه

وسلم لم يقنت إلَا شهرا ثم تركه على وجه النسخ له فإعتقدوا أن القنوت

فى المكتوبات منسوخ وطائفة من اهل الحجاز إعتقدوا أن النبى صلى

الله عليه وسلم ما زال يقنت حتى فارق الدنيا ثم منهم من إعتقد أنه

كان يقنت قبل الركوع ومنهم من كان يعتقد أنه كان يقنت بعد الركوع والصواب

هو القول الثالث الذى عليه جمهور أهل الحديث وكثير من أئمة

أهل الحجاز وهو الذى ثبت فى الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه

وسلم قنت شهرا يدعو على رعل وذكوان وعصية ثم ترك هذا القنوت

ثم أنه بعد ذلك بمدة بعد خيبر وبعد إسلَام أبى هريرة قنت وكان يقول

فى قنوته اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام والمستضعفين من

المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر وإجعلها عليهم سنين كسنى يوسف

فلو كان قد نسخ القنوت لم يقنت هذه المرة الثانية وقد ثبت عنه فى

ص: 8361

الصحيح أنه قنت فى المغرب وفى العشاء الآخرة وفى السنن أنه كان يقنت

فى الصلوات الخمس وأكثر قنوته فتاوى ابن تيمية ج22/ص269

كان فى الفجر ولم يكن يداوم على القنوت لَا فى الفجر ولَا غيرها بل قد ثبت

فى الصحيحين عن أنس أنه قال لم يقنت بعد الركوع إلَا شهرا فالحديث

الذى رواه الحاكم وغيره من حديث الربيع بن أنس عن أنس انه قال

ما زال يقنت حتى فارق الدنيا إنما قاله فى سياقه القنوت قبل الركوع وهذا

الحديث لو عارض الحديث الصحيح لم يلتفت إليه فإن الربيع بن أنس

ليس من رجال الصحيح فكيف وهو لم يعارضه وإنما معناه أنه كان يطيل

القيام فى الفجر دائما قبل الركوع وأما انه كان يدعو فى الفجر دائما

قبل الركوع أو بعده بدعاء يسمع منه أو لَا يسمع فهذا باطل قطعا وكل

من تأمل ألأحاديث الصحيحة علم هذا بالضرورة وعلم أن هذا لو كان واقعا

لنقله الصحابة والتابعون ولما أهملوا قنوته الراتب المشروع لنا مع

ص: 8362

أنهم نقلوا قنوته الذى لَا يشرع بعينه وإنما يشرع نظيره فإن دعاءه لأولئك

المعينين وعلى أولئك المعينين ليس بمشروع بإتفاق المسلمين بل إنما

يشرع نظيره فيشرع أن يقنت عند النوازل يدعو للمؤمنين ويدعو على

الكفار فى الفجر وفى غيرها من الصلوات وهكذا كان عمر يقنت لما حارب

النصارى بدعائه الذى فيه اللهم إلعن كفرة أهل الكتاب إلى آخره فتاوى ابن تيمية ج22/ص270

وكذلك على رضى الله عنه لما حارب قوما قنت يدعو عليهم وينبغى للقانت

أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة وإذا سمى من

يدعو لهم من المؤمنين ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك

حسنا وأما قنوت الوتر فللعلماء فيه ثلَاثة اقوال قيل لَا يستحب بحال لأنه

لم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قنت فى الوتر وقيل بل يستحب

فى جميع السنة كما ينقل عن إبن مسعود وغيره ولأن فى السنن أن

ص: 8363

النبى صلى الله عليه وسلم علم الحسن بن على رضى الله عنهما دعاء

يدعو به فى قنوت الوتر وقيل بل يقنت فى النصف الأخير من رمضان

كما كان أبى بن كعب يفعل وحقيقة الأمر أن قنوت الوتر من جنس

الدعاء السائغ فى الصلَاة من شاء فعله ومن شاء تركه كما يخير الرجل

أن يوتر بثلَاث أو خمس أو سبع وكما يخير إذا أوتر بثلَاث إن شاء

فصل وإن شاء وصل وكذلك يخير فى دعاء القنوت إن شاء فعله وإن

شاء تركه وإذا صلى بهم قيام رمضان فإن قنت فى جميع الشهر فقد أحسن

وإن قنت فى النصف الأخير فقد أحسن وإن لم يقنت بحال فقد أحسن

فتاوى ابن تيمية ج22/ص271

وأما البسملة فلَا ريب أنه كان فى الصحابة من يجهر بها وفيهم من كان لَا

يجهر بها بل يقرؤها سرا أو لَا يقرؤها والذين كانوا يجهرون بها أكثرهم

كان يجهر بها تارة ويخافت بها أخرى وهذا لأن الذكر قد تكون السنة

المخافتة به ويجهر به لمصلحة راجحة مثل تعليم المأمومين فإنه قد

ص: 8364

ثبت فى الصحيح أن إبن عباس قد جهر بالفاتحة على الجنازة ليعلمهم أنها

سنة وتنازع العلماء فى القراءة على الجنازة على ثلَاثة أقوال قيل لَا تستحب

بحال كما هو مذهب أبى حنيفة ومالك وقيل بل يجب فيها القراءة بالفاتحة

كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعى وأحمد وقيل بل قراءة الفاتحة

فيها سنة وإن لم يقرأ بل دعا بلَا قراءة جاز وهذا هو الصواب وثبت

فى الصحيح أن عمر بن الخطاب كان يقول الله أكبر سبحانك اللهم وبحمدك

وتبارك إسمك وتعالى جدك ولَا إله غيرك يجهر بذلك مرات كثيرة وإتفق

العلماء على أن الجهر بذلك ليس بسنة راتبة لكن جهر به للتعليم ولذلك

نقل عن بعض الصحابة أنه كان فتاوى ابن تيمية ج22/ص274

يجهر أحيانا بالتعوذ فإذا كان من الصحابة من جهر بالإستفتاح والإستعاذة

مع إقرار الصحابة له على ذلك فالجهر بالبسملة أولى أن يكون

كذلك وأن يشرع الجهر بها أحيانا لمصلحة راجحة لكن لَا لَا نزاع بين

ص: 8365

أهل العلم بالحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يجهر بالإستفتاح

ولَا بالإستعاذة بل قد ثبت فى الصحيح أن أبا هريرة قال له يا رسول

الله ارأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول قال أقول اللهم بعد

بينى وبين خطاياى كما بعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقنى من خطاياى

كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم إغسلنى من خطاياى بالثلج

والماء والبرد وفى السنن عنه أنه كان يستعيذ فى الصلَاة قبل القراءة

والجهر بالبسملة أقوى من الجهر بالإستعاذة لأنها آية من كتاب الله

تعالى وقد تنازع العلماء فى وجوبها وإن كانوا قد تنازعوا فى وجوب الإستفتاح

والإستعاذة وفى ذلك قولَان فى مذهب أحمد وغيره لكن النزاع فى

ذلك أضعف من النزاع فى وجوب البسملة والقائلون بوجوبها من العلماء

أفضل وأكثر لكن لم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يجهر

بها وليس فى الصحاح ولَا السنن حديث صحيح صريح بالجهر والأحاديث

ص: 8366

الصريحة بالجهر كلها فتاوى ابن تيمية ج22/ص275

ضعيفة بل موضوعة ولهذا لما صنف الدارقطنى مصنفا فى ذلك قيل له هل

في ذلك شىء صحيح فقال أما عن النبى صلى الله عليه وسلم فلَا وأما

عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف ولو كان النبى صلى الله عليه

وسلم يجهر بها دائما لكان الصحابة ينقلون ذلك ولكان الخلفاء يعلمون

ذلك ولما كان الناس يحتاجون أن يسألوا أنس بن مالك بعد إنقضاء

عصر الخلفاء ولما كان الخلفاء الراشدون ثم خلفاء بنى أمية وبنى

العباس كلهم متفقين على ترك الجهر ولما كان أهل المدينة وهم أعلم

أهل المدائن بسنته ينكرون قراءتها بالكلية سرا وجهرا والأحاديث الصحيحة

تدل على أنها آية من كتاب الله وليست من الفاتحة ولَا غيرها وقد

تنازع العلماء هل هى آية أو بعض آية من كل سورة أو ليست من القرآن

إلَا فى سورة النمل أو هى آية من كتاب الله حيث كتبت فى المصاحف

ص: 8367

وليست من السور على ثلَاثة أقوال والقول الثالث هو أوسط الأقوال

وبه تجتمع الأدلة فإن كتابة الصحابة لها فى المصاحف دليل على أنها

من كتاب الله وكونهم فصلوها عن السورة التى بعدها دليل على أنها ليست

منها وقد ثبت فى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال نزلت

على آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر إلى

آخرها فتاوى ابن تيمية ج22/ص276

وثبت فى الصحيح أنه أول ما جاء الملك بالوحى قال إقرأ بإسم ربك الذى خلق

خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم علم الإنسان

ما لم يعلم فهذا اول ما نزل ولم ينزل قبل ذلك بسم الله الرحمن الرحيم

وثبت عنه فى السنن أنه قال سورة من القرآن ثلَاثون آية شفعت لرجل

حتى غفر له وهى تبارك الذى بيده الملك وهى ثلَاثون آية بدون البسملة

وثبت عنه فى الصحيح أنه قال يقول الله تعالى قسمت الصلَاة بينى

ص: 8368

وبين عبدى نصفين نصفها لي ونصفها ولعبدى ما سأل فإذا قال العبد

الحمد لله رب العالمين قال الله حمدنى عبدى فإذا قال الرحمن الرحيم

قال الله أثنى على عبدى فإذا قال مالك يوم الدين قال الله مجدنى عبدى

فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال هذه الآية بينى وبين عبدى نصفين

وللعبدى ما سأل فإذا قال العبد إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين

أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولَا الضالين قال الله هؤلَاء لعبدى

ولعبدى ما سأل فهذا الحديث صحيح صريح فى أنها ليست من الفاتحة

ولم يعارضه فتاوى ابن تيمية ج22/ص277

حديث صحيح صريح وأجود ما يرى فى هذا الباب من الحديث إنما يدل على

أنه يقرأ بها في أول الفاتحة لَا يدل على أنها منها ولهذا كان القراء منهم

من يقرأ بها فى أول السورة ومنهم من لَا يقرأ بها فدل على أن كلَا الأمرين

سائغ لكن من قرأ بها كان قد أتى بالأفضل وكذلك من كرر قراءتها

ص: 8369

فى أول كل سورة كان أحسن ممن ترك قراءتها لأنه قرأ ما كتبته الصحابه

فى المصاحف فلو قدر أنهم كتبوها على وجه التبرك لكان ينبغى أن

تقرأ على وجه التبرك وإلَا فكيف يكتبون فى المصحف مالَا يشرع قراءته

وهم قد جردوا المصحف عما ليس من القرآن حتى أنهم لم يكتبوا التأمين

ولَا أسماء السور ولَا التخميس والتعشير ولَا غير ذلك مع أن السنة

للمصلى أن يقول عقب الفاتحة آمين فكيف يكتبون مالَا يشرع أن يقوله

وهم لم يكتبوا ما يشرع أن يقوله المصلى من غير القرآن فإذا جمع

بين الأدلة الشرعية دلت على أنها من كتاب الله وليست من السورة والحديث

الصحيح عن أنس ليس فيه نفى قراءة النبى صلى الله عليه وسلم

وأبى بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن

الرحيم أو فلم يكونوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ورواية من

روى فلم يكونوا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في فتاوى ابن تيمية ج22/ص278

ص: 8370

أول قراءة ولَا آخرها إنما تدل على نفى الجهر لأن أنسا لم ينف إلَا ما علم

وهو لَا يعلم ما كان يقوله النبى صلى الله عليه وسلم سر ولَا يمكن أن

يقال إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يسكت بل يصل التكبير بالقراءة

فإنه قد ثبت فى الصحيحين أن أبا هريرة قال له أرأيت سكوتك بين

التكبير والقراءة ماذا تقول ومن تأول حديث أنس على نفى قراءتها سرا

فهو مقابل لقول من قال مراد أنس أنهم كانوا يفتتحون بفاتحة الكتاب

قبل غيرها من السور وهذا أيضا ضعيف فإن هذا من العلم العام الذى

ما زال الناس يفعلونه وقد كان الحجاج بن يوسف وغيره من الأمراء

الذين صلى خلفهم أنس يقرأون الفاتحة قبل السورة ولم ينازع فى

ذلك أحد ولَا سئل عن ذلك أحد لَا أنس ولَا غيره ولَا يحتاج أن يروى أنس

هذا عن النبى صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ومن روى عن أنس أنه

شك هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ البسملة أو لَا يقرأها فروايته

ص: 8371

توافق الروايات الصحيحة لأن أنسا لم يكن يعلم هل قرأها سرا أم

لَا وإنما نفى الجهر ومن هذا الباب الذى إتفق العلماء على أنه يجوز فيه

الأمران فعل الرواتب فى السفر فإنه من شاء فعلها ومن شاء تركها بإتفاق

الأئمة والصلَاة التى يجوز فعلها وتركها قد يكون فعلها أحيانا أفضل

فتاوى ابن تيمية ج22/ص279

لحاجة الإنسان إليها وقد يكون تركها أفضل إذا كان مشتغلَا عن النافلة بما

هو أفضل منها لكن النبى صلى الله عليه وسلم فى السفر لم يكن يصلى

من الرواتب إلَا ركعتى الفجر والوتر ولما نام عن الفجر صلى السنة

والفريضة بعد ما طلعت الشمس وكان يصلى على راحلته قبل أى وجه

توجهت به ويوتر عليها غير أنه لَا يصلى عليها المكتوبة وهذا كله ثابت

فى الصحيح فأما الصلَاة قبل الظهر وبعدها وبعد المغرب فلم ينقل أحد

عنه أنه فعل ذلك فى السفر وقد تنازع العلماء فى السنن الرواتب مع الفريضة

ص: 8372

فمنهم من لم يوقت فى ذلك شيئا ومنهم من وقت أشياء بأحاديث ضعيفة

بل أحاديث يعلم أهل العلم بالحديث أنها موضوعة كمن يوقت ستا قبل

الظهر وأربعا بعدها وأربعا قبل العصر وأربعا قبل العشاء وأربعا بعدها

ونحو ذلك والصواب فى هذا الباب القول بما ثبت فى الأحاديث الصحيحة

دون ما عارضها وقد ثبت فى الصحيح ثلَاثة أحاديث حديث إبن عمر

قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين

بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء فتاوى ابن تيمية ج22/ص280

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

تَابِعْ دُعَاءَ الَاسْتِفْتَاحِ وَالجَهْرَ بِالبَسْمَلَة:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

[000]

وهذا هو المنصوص عن أحمد وأنه لَا يستحب إلَا سكتتان والثانية عند الفراغ

ص: 8373

من القراءة للإستراحة والفصل بينها وبين الركوع وأما السكوت عقيب

الفاتحة فلَا يستحبه أحمد كما لَا يستحبه مالك وابوحنيفة والجمهور

لَا يستحبون أن يسكت الإمام ليقرأ المأموم وذلك أن قراءة المأموم

عندهم إذا جهر الإمام ليست بواجبة ولَا مستحبة بل هى منهى عنها

وهل تبطل الصلَاة إذا قرأ مع الإمام فيه وجهان فى مذهب أحمد فهو إذا

كان يسمع قراءة الإمام فإستماعه أفضل من قراءته كإستماعه لما زاد على

الفاتحة فيحصل له مقصود القراءة والإستماع يدل على قراءته فجمعه

بين الإستماع والقراءة جمع يدل بين البدل والمبدل ولهذا لم يستحب

أحمد وجمهور أصحابه قراءته فى سكتات الإمام إلَا أن يسكت سكوتا

بليغا يتسع للإستفتاح والقراءة وأما إن ضاق عنهما فقوله وقول أكثر

أصحابه إن الإستفتاح أولى من القراءة بل هو فى إحدى الروايتين يأمر

ص: 8374

بالإستفتاح مع جهر الإمام فإذا كان الإمام ممن يسكت عقيب الفاتحة سكوتا يتسع للقراءة فالقراءة فيه أفضل من عدم القراءة لكن هل يقال القراءة فيه بالفاتحة أفضل للإختلَاف فى وجوبها أو بغيرها من القرآن لكونه قد إستمعها هذا فيه نزاع ومقتضى نصوص أحمد وأكثر اصحابه أن

فتاوى ابن تيمية ج22/ص339

القراءة بغيرها أفضل فإنه لَا يستحب أن يقرأ بها مع إستماعه قراءتها وعامة

السلف الذين كرهوا القراءة خلف الإمام هو فيما إذا جهر ولم يكن أكثر

الأئمة يسكت عقب الفاتحة سكوتا طويلَا وكان الذى يقرأ حال الجهر قليلَا

وهذا منهى عنه بالكتاب والسنة وعلى النهى عنه جمهور السلف والخلف

وفى بطلَان الصلَاة وبذلك نزاع ومن العلماء من يقول يقرأ حال جهره

بالفاتحة وإن لم يقرأ بها ففى بطلَان صلَاته أيضا نزاع فالنزاع من الطرفين

لكن الذين ينهون عن القراءة مع الإمام هم جمهور السلف والخلف

ص: 8375

ومعهم الكتاب والسنة الصحيحة والذين أوجبوها على المأموم فى

حال الجهر هكذا فحديثهم قد ضعفه الأئمة ورواه أبوداود وقوله فى حديث

أبى موسى وذا قرأ فانصتوا صححه أحمد وإسحاق ومسلم بن الحجاج

وغيرهم وعلله البخارى بأنه إختلف فيه وليس ذلك بقادح فى صحته

بخلَاف ذلك الحديث فإنه لم يخرج فى الصحيح وضعفه ثابت من وجوه

وإنما هو قول عبادة بن الصامت بل يفعل فى سكوته ما يشرع من الإستفتاح

والإستعاذة ولو لم يسكت الإمام سكوتا يتسع لذلك أو لم يدرك سكوته

فهل يستفتح ويستعيذ مع جهر الإمام فيه ثلَاث روايات إحداها يستفتح

ويستعيذ مع جهر الَامام وإن لم يقرأ لأن فتاوى ابن تيمية ج22/ص340

مقصود القراءة حصل بالإستماع وهو لَا يسمع إستفتاحه وإستعاذته إذ كان

الإمام يفعل ذلك سرا والثانية يستفتح ولَا يستعيذ لأن الإستعاذة تراد للقراءة

وهو لَا يقرأ وأما الإستفتاح فهو تابع لتكبيرة الإفتتاح والثالثة لَا يستفتح

ص: 8376

ولَا يستعيذ وهو أصح وهو قول أكثر العلماء كمالك والشافعى وكذا

أبوحنيفة فيما أظن لأنه مأمور بالإنصات والإستماع فلَا يتكلم بغير ذلك

ولأنه ممنوع من القراءة فكذا يمنع من ذلك وكثير من العلماء من أصحاب

أحمد وغيرهم يقول منعه أولى لأن القراءة واجبة وقد سقطت بالإستماع

لكن مذهب أحمد ليس منعه القراءة أوكد فإن القراءة عنده لَا تجب

على المأموم لَا سرا ولَا جهرا وإن إختلف فى وجوبها على المأموم فقد

إختلف فى وجوب الإستفتاح والإستعاذة وفى مذهبه فى ذلك قولَان مشهوران

ومن حجة من يأمر بهما عند الجهر أنهما واجبان لم يجعل عنهما

بدل بخلَاف القراءة فإنه جعل منها بدل وهو الإستماع لكن الصحيح

أن ذلك ليس بواجب والإستعاذة إنما أمر بها من يقرأ والأمر بإستماع

قراءة الإمام والإنصات له مذكور فى القرآن وفى السنة الصحيحة

وهو فتاوى ابن تيمية ج22/ص341

ص: 8377

إجماع الأمة فيما زاد على الفتحة وهو قول جماهير السلف من الصحابة وغيرهم

فى الفاتحة وغيرها وهو أحد قولى الشافعى وإختاره طائفة من حذاق

أصحابه كالرازى وأبى محمد بن عبدالسلَام فإن القراءة مع جهر الإمام

منكر مخالف للكتاب والسنة وما كان عليه عامة الصحابة ولكن طائفة

من أصحاب أحمد إستحبوا للمأموم القراءة فى سكتات الإمام ومنهم

من إستحب أن يقرأ بالفاتحة وإن جهر وهو إختيار جدى كما إستحب

ذلك طائفة منهم الأوزاعى وغيره وإستحب بعضهم للإمام أن يسكت

عقب الفاتحة ليقرأ من خلفه وأحمد لم يستحب هذا السكوت فإنه لَا

يستحب القراءة إذا جهر الإمام وبسط هذا له موضع آخر والمقصود هنا

أن سكوت الإستفتاح ثبت بهذا الحديث الصحيح ومع هذا فعامة العلماء

من الصحابة ومن بعدهم يستحبون الإستفتاح بغيره كما يستحب جمهورهم

الإستفتاح بقوله سبحانك اللهم وقد بينا سبب ذلك فى غير هذا الموضع

ص: 8378

وهو أن فضل بعض الذكر على بعض هو لأجل ما إختص به الفاضل

لَا لأجل إسناده والذكر ثلَاثة أنواع أفضله ما كان ثناء على الله ثم ما

كان إنشاء من العبد أو إعترافا بما يجب لله عليه ثم ما كان دعاء من العبد

فتاوى ابن تيمية ج22/ص342

فالأول مثل النصف الأول من الفاتحة ومثل سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك إسمك

وتعالى جدك ولَا إله غيرك ومثل التسبيح فى الركوع والسجود والثانى

مثل قوله وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض ومثل قوله فى

الركوع والسجود اللهم لك ركعت ولك سجدت وكما فى حديث على الذى

رواه مسلم والثالث مثل قوله اللهم بعد بينى وبين خطاياى ومثل دعائه

فى الركوع والسجود ولهذا أوجب طائفة من اصحاب أحمد ما كان ثناء

كما أوجبوا الإستفتاح وحكى فى ذلك عن أحمد روايتان وإختار إبن بطة

وغيره وجوب ذلك وهذا لبسطه موضع آخر والمقصود هنا أن النوع المفضول

ص: 8379

مثل الإستفتاح الذى رواه أبوهريرة ومثل الإستفتاح بوجهت أو سبحانك

اللهم عند من يفضل الآخر فعله أحيانا أفضل من المداومة على نوع

وهجر نوع وذلك أن أفضل الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم كما

ثبت فى الصحيح أنه كان يقول فى خطبة الجمعة خير الكلَام كلَام الله وخير

الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن يداوم على إستفتاح

واحد قطعا فإن حديث أبى هريرة يدل على أنه كان يستفتح بهذا فتاوى ابن تيمية ج22/ص343

فإن قيل كان يداوم عليه فكانت المداومة عليه أفضل قلنا لم يقل هذا أحد من

العلماء فيما علمناه فعلم أنه لم يكن يداوم عليه وأيضا فقد كان عمر يجهر

بسبحانك اللهم وبحمدك يعلمها الناس ولولَا أن النبى صلى الله عليه

وسلم كان يقولها فى الفريضة ما فعل ذلك عمر وأقره المسلمون وكما

كان بعضهم يجهر بالإستعاذة وكذلك قيل فى جهر جماعة منهم بالبسملة

ص: 8380

أنه كان لتعليم الناس قراءتها كما جهر من جهر منهم بالإستعاذة

والإستفتاح وكما جهر إبن عباس بقراءة الفاتحة فى صلَاة الجنازة

ولهذا كان الصواب هو المنصوص عن أحمد أنه يستحب الجهر أحيانا

بذلك فيستحب الجهر بالبسملة أحيانا ونص قوم على أنه كان يجهر

بها إذا صلى بالمدينة فظن القاضى أن ذلك لأن أهل المدينة شيعة يجهرون

بها وينكرون على من لم يجهر بها لأن القاضى لما حج كان قد ظهر

بها التشيع وإستولى عليها وعلى أهل مكة العبيديون المصريون وقطعوا

الحج من العراق مدة وإنما حج القاضى من الشام والصواب أن أحمد

لم يأمر بالجهر لذلك بل لأن أهل المدينة على عهده كانوا لَا يقرأون سرا

ولَا جهرا كما هو مذهب مالك فأراد أن يجهر بها كما جهر بها من جهر

من الصحابة تعليما للسنة وأنه يستحب قراءتها فى الجملة وقد إستحب

أحمد أيضا لمن صلى بقوم لَا يقتنون فتاوى ابن تيمية ج22/ص344

ص: 8381

بالوتر وأرادوا من الإمام أن لَا يقنت لتأليفهم فقد إستحب ترك الأفضل لتأليفهم

وهذا يوافق تعليل القاضى فيستحب الجهر بها إذا كان المأمومون

يختارون الجهر لتأليفهم ويستحب أيضا إذا كان فيه إظهار السنة

وهم يتعلمون السنة منه ولَا ينكرونه عليه وهذا كله يرجع إلى أصل

جامع وهو ان المفضول قد يصير فاضلَا لمصلحة راجحة وإذا كان المحرم

كأكل الميتة قد يصير واجبا للمصلحة الراجحة ودفع الضرر فلأن يصير

المفضول فاضلَا لمصلحة راجحة أولى وكذلك يقال فى أجناس العبادات

كالصلَاة جنسها أفضل من جنس القراءة والذكر ثم أنها منهى عنها

فى أوقات النهى فالقراءة والذكر والدعاء فى ذلك الوقت أفضل من الصلَاة

وكذلك الدعاء فى مشاعر الحج بعرفة ومزدلفة ومنى والصفا والمروة

أفضل من القراءة أيضا بالنص والإجماع فإن النبى صلى الله عليه

وسلم قال إنى نهيت ان أقرأ القرآن راكعا وساجدا وهذا هو الصحيح

ص: 8382

من حديث إبن عباس ومن حديث على ايضا أنه نهاه عن ذلك ولو

قرأ هل تبطل صلَاته فيه وجهان فى مذهب أحمد فالنهى عن الصلَاة والقراءة

فى المشاعر الفضيلة فتاوى ابن تيمية ج22/ص345

فإن الطهارة شرط فى الصلَاة ولَا يشترط له الطهارة ولكل مكان عبادة تشرع

وكذلك ترك الصلَاة وقت النهى مشروع فى كل زمان وأما الطواف فهل

تكره فيه القراءة فيه قولَان مشهوران للعلماء وهما روايتان عن أحمد

والرخصة مذهب الشافعى بل هو مستحب فيه القراءة ولَا يستحب الجهر

بها وللأخرى مصنف وإذا كان هذا من أجناس العبادات التى ثبت فضل

بعضها على بعض بالنص والإجماع فكيف فى أنواع الذكر لَا سيما فيما

فيه نزاع فالأصل بلَا ريب هدى النبى صلى الله عليه وسلم وقد ثبت أنه

كان يستفتح بهذا الإستفتاح الذى فى حديث أبى هريرة فالأفضل أن يستفتح

به أحيانا ويستفتح بغيره احيانا وأيضا فلكل إستفتاح حاجة ليست

ص: 8383

لغيره فيأخذ المؤمن بحظه من كل ذكر وأيضا فقد يحتاج الإنسان إلى

المفضول ولَا يكفيه الفاضل كما فى قل هو الله أحد فإنها تعدل ثلث القرآن

أى يحصل لصاحبها من الأجر ما يعدل ثواب ثلث القرآن القدر لَا فى

الصفة فإن ما فى القرآن من الأمر والنهى والقصص والوعد والوعيد لَا

يغنى عنه فتاوى ابن تيمية ج22/ص346

ما تنازع فيه شذوذ الناس وكذلك الجهر بالبسملة والمخافتة كلَاهما جائز لَا

يبطل الصلَاة وإن كان من العلماء من يستحب أحدهما أو يكره الآخر أو

يختار أن لَا يقرأ بها فالمنازعة بينهم فى المستحب وإلَا فالصلَاة بأحدهما

جائزة عند عوام العلماء فإنهم وإن تنازعوا بالجهر والمخافتة فى

موضعهما هل هما واجبان أم لَا وفيه نزاع معروف فى مذهب مالك وأحمد

وغيرهما فهذا فى الجهر الطويل بالقدر الكثير مثل المخافتة بقرآن الفجر

والجهر بقراءة صلَاة الظهر فأما الجهر بالشىء اليسير أو المخافتة به

ص: 8384

فمما لَا ينبغ لأحد أن يبطل الصلَاة بذلك وما أعلم أحدا قال به فقد ثبت فى

الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان فى صلَاة المخافتة يسمعهم

الآية أحيانا وفى صحيح البخارى عن رفاعة بن رافع الزرقى قال كنا

نصلى ورواء النبى صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال

سمع الله لمن حمده قال رجل ورواءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا

مباركا فيه فلما إنصرف قال من المتكلم قال أنا قال رأيت بضعة وثلَاثين

ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول ومعلوم أنه لولَا جهره بها لما سمعه

النبى صلى الله عليه وسلم ولَا فتاوى ابن تيمية ج22/ص369

الرواى ومعلوم أن المستحب للمأموم المخافتة بمثل ذلك وكذلك ثبت فى الصحيح

عن عمر أنه كان يجهر بدعاء الإستفتاح سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك

إسمك وتعالى جدك ولَا إله غيرك وهذا فعله بين المهاجرين والأنصار

ص: 8385

والسنة الراتبة فيه المخافتة وكذلك كان من الصحابة من يجهر بالإستعاذة

وفى الصحيح عن إبن عباس أنه جهر بقراءة الفاتحة على الجنازة

وقال لتعلموا أنها السنة ولهذا نظائر وأيضا فلَا نزاع أنه كان من الصحابة

من يجهر بالبسملة كإبن الزبير ونحوه ومنهم من لم يكن يجهر بها

كإبن مسعود وغيره وتكلم الصحابة فى ذلك ولم يبطل أحد منهم صلَاة أحد

فى ذلك وهذا مما لم أعلم فيه نزاعا وإن تنازعوا فى وجوب قراءتها فتلك

مسألة أخرى وكذلك القنوت فى الفجر إنما النزاع بينهم فى إستحبابه

أو كراهيته وسجود السهو لتركه أو فعله وإلَا فعامتهم متفقون على

صحة صلَاة من ترك القنوت وأنه ليس بواجب وكذلك من فعله إذ هو

تطويل يسير للإعتدال ودعاء الله فى هذا الأذان فإذا كان كل واحد من مؤذنى

رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمره النبى صلى الله عليه وسلم

فتاوى ابن تيمية ج22/ص370

ص: 8386

بأحد النوعين صار ذلك مثل تعليمه القرآن لعمر بحرف ولهشام بن حكيم بحرف

آخر وكلَاهما قرآن أذن الله أن يقرأ به وكذلك الترجيع فى الأذان هو

ثابت فى اذان أبى محذورة وهو محذوف من أذان بلَال الذى رووه فى السنن

وكذلك الجهر بالبسملة والمخافتة بها صح الجهر بها عن طائفة من

الصحابة وصحت المخافتة بها عن أكثرهم وعن بعضهم الأمران جميعا

وأما المأثور عن النبى صلى الله عليه وسلم فالذى فى الصحاح والسنن

يقتضى أنه لم يكن يجهر بها كما عليه عمل أكثر الصحابة وأمته ففى

الصحيح حديث أنس وعائشة وأبى هريرة يدل على ذلك دلَالة بينة لَا شبهة

فيها وفى السنن أحاديث أخر مثل حديث إبن مغفل وغيره وليس فى

الصحاح والسنن حديث فيه ذكر جهره بها والأحاديث المصرحة بالجهر

عنه كلها ضعيفة عند أهل العلم بالحديث ولهذا لم يخرجوا فى أمهات

الدواوين منها شيئا ولكن فى الصحاح والسنن أحاديث محتملة وقد روى

ص: 8387

الطبرانى بإسناد حسن عن إبن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم

كان يجهر بها إذا كان بمكة وأنه لما هاجر إلى المدينة ترك الجهر بها

حتى مات ورواه أبوداود فى الناسخ والمنسوخ وهذا فتاوى ابن تيمية ج22/ص371

يناسب الوقع فإن الغالب على أهل مكة كان الجهر بها وأما أهل المدينة والشام

والكوفة فلم يكونوا يجهرون بها وكذلك أكثر البصريين وبعضهم كان

يجهر بها ولهذا سألوا أنسا عن ذلك ولعل النبى صلى الله عليه وسلم كان

يجهر بها بعض الأحيان أو جهرا خفيفا إذا كان ذلك محفوظا وإذا كان

فى نفس كتب الحديث أنه فعل هذا مرة وهذا مرة زالت الشبهة وأما القنوت

فأمره بين لَا شبهة فيه عند التأمل التام فإنه قد ثبت فى الصحاح عن

النبى صلى الله عليه وسلم أنه قنت فى الفجر مرة يدعو على رعل وذكوان

وعصية ثم تركه ولم يكن تركه نسخا له لأنه ثبت عنه فى الصحاح

ص: 8388

أنه قنت بعد ذلك يدعو للمسلمين مثل الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام

والمستضعفين من المؤمنين ويدعو على مضر وثبت عنه انه قنت أيضا

فى المغرب والعشاء وسائر الصلوات قنوت إستنصار فهذا فى الجملة

منقول ثابت عنه لكن إعتقد بعض العلماء من الكوفيين أنه تركه ترك

نسخ فإعتقد أن القنوت منسوخ وإعتقد بعضهم من المكيين أنه ما زال

يقنت فى الفجر القنوت المتنازع فيه حتى فارق الدنيا والذى عليه أهل

المعرفة بالحديث أنه قنت لسبب وتركه لزوال السبب فتاوى ابن تيمية ج22/ص372

وسئل عن حديث نعيم المجمر قال كنت وراء ابى هريرة فقرأ بسم الله الرحمن

الرحيم ثم قرأ بأم الكتاب حتى بلغ ولَا الضالن قال آمين وقال الناس

آمين ويقول كلما سجد الله اكبر فلما سلم قال والذى نفسى بيده انى

لَاشبهكم صلَاةبرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المعتمر بن سليمان

يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها ويقول ما

ص: 8389

آلوا ان اقتدى بصلَاة أبى وقال أبى ما آلوا ان اقتدى بصلَاة أنس وقال أنس

ما الوا ان اقتدى بصلَاة النبى صلى الله عليه وسلم فهذا حديث ثابت

فى الجهر بها ذكر الحاكم ابو عبدالله ان رواة هذا الحديث عن اخرهم

ثقات فهل يحمل ما قاله أنس وهو صليت خلف رسول الله صلى الله

عليه وسلم وابى بكر وعمر وعثمان فلم اسمع احدا منهم يذكر بسم الله

الرحمن الرحيم على عدم السماع وما التحقيق فى هذه المسألة والصواب

فأجاب الحمد لله رب العالمين اما حديث انس فى نفى الجهر فهو

فتاوى ابن تيمية ج22/ص410

صريح لَايحتمل هذا التأويل فانه قد رواه مسلم فى صحيحه فقال فيه صليت

خلف النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون

بالحمد لله رب العالمين لَا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فى أول

قراءة ولَا فى آخرها وهذا النفى لَا يجوز الَا مع العلم بذلك لَا يجوز بمجرد

ص: 8390

كونه لم يسمع مع امكان الجهر بلَا سماع واللفظ الآخر الذى فى صحيح

مسلم صليت خلف النبى صلى الله عليه وسلم وابى بكر وعمر وعثمان

فلم اسمع احدا منهم يجهر او قال يصلى ببسم الله الرحمن الرحيم

فهذا نفى فيه السماع ولو لم يرو الَا هذا اللفظ لم يجز تأويله بأن النبى

صلى الله عليه وسلم كان يقرأ جهرا ولَا يسمع انس لوجوه أحدها ان

انسا انما روى هذا ليبين لهم ما كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعله

اذ لَا غرض للناس فى معرفة كون أنس سمع او لم يسمع الَا ليستدلوا

بعدم سماعه على عدم المسموع فلو لم يكن ما ذكره دليلَا على نفى

ذلك لم يكن انس ليروى شيئا لَا فائدة لهم فيه ولَا كانوا يروون مثل هذا

الذى لَا يفيدهم الثانى ان مثل هذا اللفظ صار دالَا فى العرف على عدم

ما لم فتاوى ابن تيمية ج22/ص411

يدرك فاذا قال ما سمعنا اوما راينا لما شانه ان يسمعه ويراه كان مقصوده

ص: 8391

بذلك نفى وجوده وذكر نفى الَادراك دليل على ذلك ومعلوم انه دليل

فيما جرت العادة بادراكه وهذا يظهر بالوجه الثالث وهو ان انسا كان

يخدم النبى صلى الله عليه وسلم من حين قدم النبى صلى الله عليه وسلم

المدينة الى ان مات وكان يدخل على نسائه قبل احجاب ويصحبه حضرا

وسفرا وكان حين حج النبى صلى الله عليه وسلم تحت ناقته يسيل

عليه لعابها افيمكن مع هذا القرب الخاص والصحبة الطويلة ان لَا يسمع

النبى صلى الله عليه وسلم يجهر بها مع كونه يجهر بها هذا مما يعلم

بالضرورة بطلَانه فى العادة ثم انه صحب ابا بكر وعمر وعثمان وتولى

لَابى بكر وعمر ولَايات ولَاكان يمكن مع طول مدتهم انهم كانوا يجهرون

وهو لَا يسمع ذلك فتبين ان هذا تحريف لَا تاويل لو لم يرو الَا هذا

اللفظ فكيف والآخر صريح فى نفى الذكر بها وهو يفضل هذه الرواية الَاخرى

وكلَا الروايتين ينفي تأويل من تأول قوله يفتتحون الصلَاة بالحمد لله

ص: 8392

رب العالمين انه اراد السورة فان قوله يفتتحون بالحمد لله رب العالمين

لَا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فى اول قراءة ولَا فى فى آخرها

صريح انه فى قصد الَافتتاح بالَاية لَا بسورة الفاتحة التى فتاوى ابن تيمية ج22/ص412

أولها بسم الله الرحمن الرحيم اذ لو كان مقصوده ذلك لتناقض حديثاه وأيضا

فإن إفتتاح الصلَاة بالفاتحة قبل السورة هو من العلم الظاهر العام الذى

يعرفه الخاص والعام كما يعلمون إن الركوع قبل السجود وجميع الأئمة

غير النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان يفعلون هذا

ليس فى نقل مثل هذا فائدة ولَا هذا مما يحتاج فيه إلى نقل أنس وهم قد

سالوه عن ذلك وليس هذا مما يسأل عنه وجميع الأئمة من أمراء الأمصار

والجيوش وخلفاء بنى أمية وبنى الزبير وغيرهم ممن أدركه أنس

كانوا يفتتحون بالفاتحة ولم يشتبه هذا على أحد ولَا شك فكيف يظن أن

ص: 8393

أنسا قصد تعريفهم بهذا وأنهم سألوه عنه وإنما مثل ذلك مثل أن يقال فكانوا

يصلون الظهر أربعا والعصر أربعا والمغرب ثلَاثا أو يقول فكانوا يجهرون

فى العشاءين والفجر ويخافتون فى صلَاتى الظهرين أو يقول فكانوا

يجهرون فى الأوليين دون الأخيرتين ومثل حديث أنس حديث عائشة

الذى فى الصحيح أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلَاة

بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين إلى آخره وقد روى يفتح

القراءة بالحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وهذا

صريح فى إرادة فتاوى ابن تيمية ج22/ص413

الآية لكن مع هذا ليس فى حديث أنس نفى لقراءتها سرا لأنه روى فكانوا

لَا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وهذا إنما نفى هنا الجهر وأما

اللفظ الآخر لَا يذكرون فهو إنما ينفى ما يمكنه العلم بإنتفائه وذلك موجود

فى الجهر فإنه إذا لم يسمع مع القرب علم أنهم لم يجهروا وأما كون

ص: 8394

الإمام لم يقرأها فهذا لَا يمكن إدراكه إلَا إذا لم يكن له بين التكبير والقراءة

سكتة يمكن فيها القراءة سرا ولهذا إستدل بحديث أنس على عدم

القراءة من لم ير هناك سكوتا كمالك وغيره لكن قد ثبت فى الصحيحين

من حديث أبى هريرة أنه قال يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير

والقراءة ماذا تقول قال أقول كذا وكذا إلى آخره وفى السنن من حديث

عمران وأبى وغيرهما أنه كان يسكت قبل القراءة وفيها أنه كان يستعيذ

وإذا كان له سكوت لم يمكن أنسا أن ينفى قراءتها فى ذلك السكوت

فيكون نفيه للذكر وإخباره بإفتتاح القراءة بها إنما هو فى الجهر وكما

أن الإمساك عن الجهر مع الذكر سرا يسمى سكوتا كما فى حديث أبى

هريرة فيصلح أن يقال لم يقرأها ولم يذكرها أى جهرا فإن لفظ السكوت

ولفظ نفى الذكر والقراءة مدلولها هنا واحد فتاوى ابن تيمية ج22/ص414

ويؤيد هذا حديث عبدالله بن مغفل الذى فى السنن أنه سمع إبنه يجهر بها

ص: 8395

فأنكر عليه وقال يا بنى إياك والحدث وذكر أنه صلى خلف النبى صلى

الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان فلم يكونوا يجهرون بها فهذا

مطابق لحديث أنس وحديث عائشة اللذين فى الصحيح وأيضا فمن المعلوم

أن الجهر بها مما تتوافر الهمم والدواعى على نقله فلو كان النبى

صلى الله عليه وسلم يجهر بها كالجهر بسائر الفاتحة لم يكن فى العادة

ولَا فى الشرع ترك نقل ذلك بل لو إنفرد بنقل مثل هذا الواحد والإثنان

لقطع بكذبهما إذ التواطؤ فيما تمنع العادة والشرع كتمانه كالتواطؤ

على الكذب فيه ويمثل هذا بكذب دعوى الرافضة فى النص على علي

فى الخلَافة وأمثال ذلك وقد إتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ليس

فى الجهر بها حديث صريح ولم يرو أهل السنن المشهورة كأبى داود

والترمذى والنسائى شيئا من ذلك وإنما يوجد الجهر بها صريحا فى احاديث

موضوعة يرويها الثعلبى والماوردى وأمثالهما فى التفسير أو فى بعض

ص: 8396

كتب الفقهاء الذين لَا يميزون بين الموضوع وغيره بل يحتجون بمثل

حديث الحميرا فتاوى ابن تيمية ج22/ص415

وأعجب من ذلك أن من أفاضل الفقهاء من لم يعز فى كتابه حديث إلى البخارى

إلَا حديثا فى البسملة وذلك الحديث ليس فى البخارى ومن هذا مبلغ

علمه فى الحديث كيف يكون حالهم فى هذا الباب أو يرويها من جمع

هذا الباب كالدارقطنى والخطيب وغيرهما فإنهم جمعوا ما روى وإذا سئلوا

عن صحتها قالوا بموجب علمهم كما قال الدارقطنى لما دخل مصر وسئل

أن يجمع أحاديث الجهر بها فجمعها فقيل له هل فيها شىء صحيح فقال

أما عن النبى صلى الله عليه وسلم فلَا وأما عن الصحابة فمنه صحيح

ومنه ضعيف وسئل أبوبكر الخطيب عن مثل ذلك فذكر حديثين حديث

معاوية لما صلى بالمدينة وقد رواه الشافعى رضى الله عنه وقال حدثنا

عبدالمجيد عن إبن جريج قال أخبرنى عبدالله بن عثمان بن خثيم أن

ص: 8397

أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك قال صلى معاوية بالمدينة

فجهر فيها بأم القرآن فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم

يقرأ بها للسورة التى بعدها ولم يكبر حين يهوى حتى قضى تلك الصلَاة

فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية

أسرقت الصلَاة أم نسيت فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم

للسورة التى بعد أم القرآن وكبر حين يهوى ساجدا فتاوى ابن تيمية ج22/ص416

وقال الشافعى أنبأنا إبراهيم بن محمد قال حدثنى إبن خثيم عن إسماعيل بن

عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ بسم

الله الرحمن الرحيم ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه المهاجرون حين

سلم والأنصار أى معاوية سرقت الصلَاة وذكره وقال الشافعى أنبأنا يحيى

بن سليم عن عبدالله إبن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة

ص: 8398

عن أبيه عن جده عن معاوية والمهاجرين والأنصار بمثله أو مثل معناه

لَا يخالفه وأحسب هذا الإسناد أحفظ من الإسناد الأول وهو فى كتاب

إسماعيل إبن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده عن معاوية وذكر الخطيب

أنه أقوى ما يحتج به وليس بحجة كما يأتى بيانه فإذا كان أهل المعرفة

بالحديث متفقين على أنه ليس فى الجهر حديث صحيح ولَا صريح

فضلَا أن يكون فيها اخبار مستفيضة أو متواترة إمتنع أن النبى صلى

الله عليه وسلم كان يجهر بها كما يمتنع أن يكون كان يجهر بالإستفتاح

والتعوذ ثم لَا ينقل فإن قيل هذا معارض بترك الجهر بها فإنه مما

تتوافر الهمم والدواعى على نقله ثم هو مع ذلك ليس منقولَا بالتواتر بل

قد تنازع فيه العلماء كما أن ترك الجهر بتقدير ثبوته كان يداوم عليه ثم

لم ينقل نقلَا قاطعا بل وقع فيه النزاع فتاوى ابن تيمية ج22/ص417

وَتَابِعْ حَتى ص: (437/ 22) 0

ص: 8399

ومنهم من يرى القراءة فيها سنة كقول الشافعى وأحمد لحديث ابن عباس

هذا وغيره ثم من هؤلَاء من يقول القراءة فيها واجبة كالصلَاة ومنهم

من يقول بل هي سنة مستحبة ليست واجبة وهذا اعدل الأقوال الثلَاثة

فإن السلف فعلوا هذا وهذا وكان كلَا الفعلين مشهورا بينهم كانوا يصلون

على الجنازة بقراءة وغير قراءة كما كانوا يصلون تارة بالجهر بالبسملة

وتارة بغير جهر بها وتارة باستفتاح وتارة بغير استفتاح وتارة برفع

اليدين فى المواطن الثلَاثة وتارة بغير رفع اليدين وتارة يسلمون تسليمتين

وتارة تسليمة واحدة وتارة يقرأون خلف الإمام بالسر وتارة لَا يقرأون

وتارة يكبرون على الجنازة أربعا وتارة خمسا وتارة سبعا كان فيهم

من يفعل هذا وفيهم من يفعل هذا كل هذا ثابت عن الصحابة كما ثبت

عنهم أن منهم من كان يرجع فى الأذان ومنهم من لم يرجع فيه ومنهم

من كان يوتر الَاقامة ومنهم من كان يشفعها وكلَاهما ثابت عن النبى

ص: 8400

صلى الله عليه وسلم فتاوى ابن تيمية ج24/ص197

وَتَابِعْ حَتى ص: (203/ 24) 0

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

العُلُومِ النَّافِعَة / التَّفْسِير، وَبِالأَمَانَةِ في العِلم:

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

[000]

" يقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من اهل البدع والغلو فى الفضائل مثل حديث يوم عاشوراء وأمثاله مما فيه أن من صلى ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبيا وفى التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة مثل الحديث الذى يرويه الثعلبى والواحدى والزمخشرى فى فضائل سور القرآن سورة سورة فانه موضوع باتفاق أهل

العلم والثعلبى هو فى نفسه كان فيه خير ودين وكان حاطب ليل ينقل

ما وجد فى كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع والواحدى صاحبه

كان أبصر منه بالعربية لكن هو أبعد عن السلَامة واتباع السلف والبغوى

ص: 8401

تفسيره مختصر من الثعلبى لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة

والآراء المبتدعة والموضوعات فى كتب التفسير كثيرة مثل الأحاديث

الكثيرة الصريحة فى الجهر بالبسملة وحديث على الطويل فى تصدقه

بخاتمه فى الصلَاة فانه موضوع باتفاق أهل العلم ومثل ما روى فى

قوله ولكل قوم هاد أنه على وتيعها اذن واعية اذنك يا على فتاوى ابن تيمية ج13/ص354

بالصوفيّة:

صَدَقَ إِذْ كَانَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رحمه الله يُسَمِّيهِمْ:

((قَالَ أَنهُمْ يَتشبهُون بأولياء الله من ذوي الزهادات والعبادات والمقامات وليس هو من أولياء الله

المتقين بل من الجاهلين الظالمين المعتدين أو المنافقين أو الكافرين، وهذا

كثير ملأ العالم تجد كل قوم يدعون من الَاختصاص بالأسرار والحقائق

ما لَا يدعى المرسلون، وأن ذلك عند خواصهم، وأن ذلك لَا ينبغي أن

ص: 8402

يقابل إلَا بالتسليم، ويحتجون لذلك بأحاديث موضوعه وتفسيرات باطلة مثل

قولهم عن عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث هو وأبو بكر

بحديث وكنت كالزنجي بينهما فيجعلون عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم

وصديقه كالزنجي وهو حاضر يسمع الكلَام ثم يدعي أحدهم أنه علم ذلك

بما قذف في قلبه ويدعى كل منهم أن ذلك هو ما يقوله من الزور والباطل

ولو ذكرت ما في هذا الباب من أصناف الدعاوي الباطلة لطال فمنهم

من يجعل للشيخ قصائد يسميها جنيب القرآن ويكون وجده بها وفرحه

بمضمونها أعظم من القرآن ويكون فيها من الكذب والضلَال أمور فتاوى ابن تيمية ج4/ص76

ومنهم من يجعل له قصائد في الَاتحاد وأنه خالق جميع الخلق وأنه خلق السموات

والأرض وأنه يسجد له ويعبد ومنهم من يصف ربه في قصائده بما

نقل في الموضوعات من أصناف التمثيل والتكييف والتجسيم التي هي كذب

ص: 8403

مفترى وكفر صريح مثل مواكلته ومشاربته ومماشاته ومعانقته ونزوله

إلى الأرض وقعوده في بعض رياض الأرض ونحو ذلك، ويجعل كل منهم

ذلك من الأسرار المخزونة والعلوم المصونة التي تكون لخواص اولياء

الله المتقين، ومن أمثلة ذلك أنك تجد عند الرافضة والمتشيعة جملة اعتراضيَّة: ومن أخذ

عنهم من دعوى علوم الأسرار والحقائق التي يدعون أخذها عن أهل البيت

إما من العلوم الدينية وإما من علم الحوادث الكائنة ما هو عندهم من

أجل الأمور التي يجب التواصي بكتمانها والإيمان بما لَا يعلم حقيقته من

ذلك، وجميعها كذب مختلق وإفك مفترى فإن هذه الطائفة الرافضة من أكثر

الطوائف كذبا وادعاء للعلم المكتوم ولهذا انتسبت إليهم الباطنية والقرامطة

وهؤلَاء خرج أولهم في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي

الله عنه وصاروا يدعون أنه خص بأسرار من العلوم والوصية حتى

ص: 8404

كان يسأله عن ذلك خواص أصحابه فيخبرهم بانتفاء ذلك ولما بلغه أن

ذلك قد قيل كان يخطب الناس وينفي ذلك عن نفسه فتاوى ابن تيمية ج4/ص77

انْظُرِ البُخَارِي:

وقد خرج أصحاب الصحيح كلَامَ عليّ هذا من غير وجه مثل ما في الصحيح

عن أبي جحيفة قال سألت عليا هل عندكم شيء ليس في القرآن فقال

لَا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلَا ما في القرآن إلَا فهما يعطيه

الله الرجل في كتابه وما في هذه الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال

العقل وفكاك الأسير وأن لَا يقتل مسلم بكافر ولفظ البخاري هل عندكم شيء

من الوحي غير ما في كتاب الله قال لَا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة

ما أعلمه إلَا فهما يعطيه الله رجلَا في القرآن وفي الصحيحين عن إبراهيم

التيمي عن أبيه وهذا من أصح إسناد على وجه الأرض عن علي قال

ما عندنا شيء إلَا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 8405

المدينة حرام ما بين عير إلى ثور وفي رواية لمسلم خطبنا علي بن

أبي طالب فقال من زعم أن عندنا كتابا نقرؤه إلَا كتاب الله وما في هذه

الصحيفة قال وصحيفته معلقة في قراب سيفه فقد كذب فيها أسنان الإبل

وأشياء من الجراحات وفيها قال النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حرام

الحديث وأما الكذب والأسرار التي يدعونها عن جعفر الصادق فمن أكبر

الأشياء كذبا حتى يقال ما كذب على أحد ما كذب على جعفر رضي الله

عنه ومن هذه الأمور المضافة كتاب الجفر الذي يدعون أنه كتب فيه فتاوى ابن تيمية ج4/ص78

الحوادث والجفر ولد الماعز يزعمون أنه كتب ذلك في جلده وكذلك كتاب البطاقة

الذي يدعيه ابن الحلي ونحوه من المغاربة ومثل كتاب الجدول في

الهلَال والهفت عن جعفر وكثير من تفسير القرآن وغيره ومثل كتاب رسأل

إخوان الصفا الذي صنفه جماعة في دولة بني بويه ببغداد وكانوا من

ص: 8406

الصابئة المتفلسفة المتحنفة جمعوا بزعمهم بين دين الصابئة المبدلين

وبين الحنيفية وأتوا بكلَام المتفلسفة وبأشياء من الشريعة وفيه من

الكفر والجهل شيء كثير ومع هذا فإن طائفة من الناس من بعض أكابر

قضاة النواحي يزعم أنه من كلَام جعفر الصادق وهذا قول زنديق وتشنيع

جاهل ومثل ما يذكره بعض العامة من ملَاحم ابن غنضب ويزعمون

أنه كان معلما للحسن والحسين وهذا شيء لم يكن في الوجود باتفاق

أهل العلم وملَاحم ابن غنضب إنما صنفها بعض الجهال في دولة نور

الدين ونحوها وهو شعر فاسد يدل على أن ناظمه جاهل وكذلك عامة هذه

الملَاحم المروية بالنظم ونحوه عامتها من الأكاذيب وقد أحدث في زماننا

من القضاة والمشائخ غير واحدة منها وقد قررت بعض هؤلَاء على

ذلك بعد أن ادعى قدمها وقلت له بل أنت صنفتها ولبستها فتاوى ابن تيمية ج4/ص79

على بعض ملوك المسلمين لما كان المسلمون محاصري عكة وكذلك غيره

ص: 8407

من القضاة وغيرهم لبسوا على غير هذا الملك وباب الكذب في الحوادث

الكونية أكثر منه في الأمور الدينية لأن تشوف الذين يغلبون الدنيا

على الدين إلى ذلك أكثر وإن كان لأهل الدين إلى ذلك تشوف لكن تشوفهم

إلى الدين أقوى وأولئك ليس لهم من الفرقان بين الحق والباطل من

النور ما لأهل الدين فلهذا كثر الكذابون في ذلك ونفق منه شيء كثير وأكلت

به أموال عظيمة بالباطل وقتلت به نفوس كثيرة من المتشوفة إلى الملك

ونحوها ولهذا ينوعون طرق الكذب في ذلك ويتعمدون الكذب فيه تارة

بالإحالة على الحركات والأشكال الجسمانية الإلهية من حركات الأفلَاك

والكواكب والشهب والرعود والبروق والرياح وغير ذلك وتارة بما يحدثونه

هم من الحركات والأشكال كالضرب بالرمل والحصا والشعير والقرعة

باليد ونحو ذلك مما هو من جنس الَاستقسام بالأزلَام فإنهم يطلبون

علم الحوادث بما يفعلونه من هذا الَاستقسام بها سواء كانت قداحا

ص: 8408

أو حصا أو غير ذلك مما ذكره أهل العلم بالتفسير فكل ما يحدثه الإنسان

بحركة من تغيير شيء من الأجسام ليستخرج به علم ما يستقبله فهو

من هذا الجنس بخلَاف الفأل الشرعي وهو الذي كان فتاوى ابن تيمية ج4/ص80

يعجب النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن يخرج متوكلَا على الله فيسمع الكلمة

الطيبة وكان يعجبه الفأل ويكره الطيرة لأن الفأل تقوية لما فعله بإذن

الله والتوكل عليه والطيرة معارضة لذلك فيكره للإنسان أن يتطير وإنما

تضر الطيرة من تطير لأنه أضر نفسه فأما المتوكل على الله فلَا وليس

المقصود ذكر هذه الأمور وسبب إصابتها تارة وخطئها تارات وإنما

الغرض أنهم يتعمدون فيها كذبا كثيرا من غير أن تكون قد دلت على

ذلك دلَالة كما يتعمد خلق كثير الكذب في الرؤيا التي منها الرؤيا الصالحة

وهي جزء من ستة وأربعين جزءَا من النبوة وكما كانت الجن تخلط

ص: 8409

بالكلمة تسمعها من السماء مائة كذبة ثم تلقيها إلى الكهان ولهذا ثبت

في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال قلت يا رسول الله

إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلَام وإن منا رجالَا يأتون الكهان

قال فلَا تأتهم قال قلت ومنا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في

صدورهم فلَا يصدهم قال قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبي من الأنبياء

يخط فمن وافق خطه فذاك فإذا كان ما هو من أجزاء النبوة ومن أخبار

الملَائكة ما قد يتعمد فيه الكذب الكثير فكيف بما هو في نفسه مضطرب

لَا يستقر على أصل فلهذا تجد عامة من في دينه فساد يدخل في الأكاذيب

الكونية مثل أهل الَاتحاد فإن ابن عربي في كتاب عنقاء مغرب وغيره

أخبر بمستقبلَات كثيرة فتاوى ابن تيمية ج4/ص81

عامتها كذب وكذلك ابن سبعين وكذلك الذين استخرجوا مدة بقاء هذه الأمة

من حساب الجمل من حروف المعجم الذي ورثوه من اليهود ومن حركات

ص: 8410

الكواكب الذي ورثوه من الصابئة كما فعل أبو نصر الكندي وغيره

من الفلَاسفة وكما فعل بعض من تكلم في تفسير القرآن من أصحاب

الرازي ومن تكلم في تأويل وقائع النساك من المائلين إلى التشيع

وقد رأيت من أتباع هؤلَاء طوائف يدعون أن هذه الأمور من الأسرار

المخزونة والعلوم المصونة وخاطبت في ذلك طوائف منهم وكنت أحلف

لهم أن هذا كذب مفترى وأنه لَا يجري من هذه الأمور شيء وطلبت

مباهلة بعضهم لأن ذلك كان متعلقا بأصول الدين وكانوا من الَاتحادية

الذين يطول وصف دعاويهم فإن شيخهم الذي هو عارف وقته وزاهده

عندهم كانوا يزعمون أنه هو المسيح الذي ينزل وأن معنى ذلك نزول

روحانية عيسى عليه السلام وأن أمه اسمها مريم وأنه يقوم بجمع الملل

الثلَاث وأنه يظهر مظهرا أكمل من مظهر محمد وغيره من المرسلين

ولهم مقالَات من أعظم المنكرات يطول ذكرها ووصفها ثم إن من

ص: 8411

عجيب الأمر أن هؤلَاء المتكلمين المدعين لحقائق الأمور العلمية والدينية

المخالفين للسنة والجماعة يحتج كل منهم بما يقع له من حديث فتاوى ابن تيمية ج4/ص82

موضوع أو مجمل لَا يفهم معناه وكلما وجد أثرا فيه إجمال نزله على رأيه

فيحتج بعضهم بالمكذوب مثل المكذوب المنسوب إلى عمر كنت كالزنجي

ومثل ما يروونه من سر المعراج وما يروونه من أهل الصفة سمعوا

المناجاة من حيث لَا يشعر الرسول فلما نزل الرسول أخبروه فقال من

أين سمعتم فقالوا كنا نسمع الخطاب حتى إني لما بينت لطائفة تمشيخوا

وصاروا قدوة للناس أن هذا كذب ما خلقه الله قط قلت ويبين لك ذلك

أن المعراج كان بمكة بنص القرآن وبإجماع المسلمين والصفة إنما كانت

بالمدينة فمن أين كان بمكة أهل صفة وكذلك احتجاجهم بأن أهل الصفة

قاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع المشركين لما انتصروا

ص: 8412

وزعموا أنهم مع الله ليحتجوا بذلك على متابعة الواقع سواء كان

طاعة لله أو معصية وليجعلوا حكم دينه هو ما كان كما قال الذين أشركوا

لو شاء الله ما أشركنا ولَا آباؤنا وأمثال هذه الموضوعات كثيرة وأما

المجملَات فمثل احتجاجهم بنهي بعض الصحابة عن ذكر بعض خفي العلم

كقول علي رضي الله عنه حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون

أتحبون أن يكذب الله ورسوله وقول عبدالله بن مسعود فتاوى ابن تيمية ج4/ص83

ما من رجل يحدث قوما بحديث لَا تبلغه عقولهم إلَا كان فتنة لبعضهم وقول

عبدالله بن عباس في تفسير الآيات ما يؤمنك أني لو أخبرتك بتفسيرها

كفرت وكفرك بها تكذيبك بها وهذه الآثار حق لكن ينزل كل منهم

ذاك الذي لم يحدث به على ما يدعيه هو من الأسرار والحقائق التي

إذا كشفت وجدت من الباطل والكفر والنفاق حتى إن أبا حامد الغزالي

في منهاج القاصدين وغيره هو وأمثاله تمثل بما يروى عن علي بن

ص: 8413

الحسين أنه قال يا رب جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

ولَا ستحل رجال مسلمون دمى يرون أقبح ما يأتونه حسنا فإذا كانت

هذه طرق هؤلَاء الذين يدعون من التحقيق وعلوم الأسرار ما خرجوا

به عن السنة والجماعة وزعموا أن تلك العلوم الدينية أو الكونية مختصة

بهم فآمنوا بمجملها ومتشابهها وأنهم منحوا من حقائق العبادات وخالص

الديانات ما لم يمنح الصدر الأول حفاظ الإسلَام وبدور الملة ولم يتجرؤوا

عليها برد وتكذيب مع ظهور الباطل فيها تارة وخفائه أخرى فمن

المعلوم أن العقل والدين يقتضيان أن جانب النبوة والرسالة أحق بكل

تحقيق وعلم ومعرفة وإحاطة بأسرار الأمور وبواطنها هذا لَا ينازع فيه

مؤمن ونحن الآن في مخاطبة من في قلبه إيمان فتاوى ابن تيمية ج4/ص84

الإِخْلَاص، وَالعِشْق:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

ص: 8414

[000]

ونظيره فى الدنيا من نزل به بلَاء عظيم أو فاقة شديدة أو خوف مقلق فجعل يدعو الله ويتضرع اليه حتى فتح له من لذة مناجاته ما كان أحب إليه من تلك الحاجة التى قصدها

أولَا، ولكنه لم يكن يعرف ذلك أولَا حتى يطلبه ويشتاق اليه 00000000 إِن تعلق العبد بما سوى الله مضرة عليه اذا أخذ منه القدر الزائد على حاجته فى عبادة الله؛ فانه ان

نال من الطعام والشراب فوق حاجته ضره وأهلكه 0000000

وان أحب شيئا حبا تاما بحيث يخالله؟؟؟ فلَابد أن يسأمه أو يفارقه؛

واعلم أن كل من أحب شيئا لغير الله فلَا بد ان يضره محبوبه ويكون ذلك سببا لعذابه ولهذا كان الذين يكنزون الذهب والفضة ولَا ينفقونها فى سبيل الله يمثل لأحدهم كنزه يوم القيامة

شجاع أقرع يأخذ بلهزمته يقول انا كنزك انا مالك وكذلك نظائر هذا،

فى الحديث يقول الله يوم القيامة يا ابن آدم أليس عدلَا منى أن أولى كل

ص: 8415

رجل منكم ما كان يتولَاه فى الدنيا وأصل التولى

فتاوى ابن تيمية ج1/ص28

الحب، فكل من أحب شيئا دون الله ولَاه الله يوم القيامة ما تولَاه، وأصلَاه جهنم

وساءت مصيرا، فمن أحب شيئا لغير الله فالضرر حاصل له، إِن وجد أو

فقد فإن فقد عذب بالفراق وتألم وان وجد فإنه يحصل له من الألم أكثر مما

يحصل له من اللذة، وهذا أمر معلوم بالَاعتبار والَاستقراء وكل من احب

شيئا دون الله لغير الله فلإن مضرته أكثر من منفعته فصارت المخلوقات

بالَا عليه الَا ما كان لله وفى الله

معلوم بالإعتبار والإستقراء ما علق العبد رجاءه وتوكله بغير الله الَا خاب من تلك الجهة ولَا إستنصر بغير الله إلَا خذل وقد قال الله تعالى واتحذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلَا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا

إن الله سبحانه

غنى حميد كريم واجد رحيم فهو سبحانه محسن الى عبده مع غناه

ص: 8416

عنه يريد به الخير ويكشف عنه الضر لَا لجلب منفعة اليه من العبد ولَا

لدفع مضرة بل رحمة وإحسانا والعباد لَا يتصور أن يعملوا إلَا لحظوظهم

فأكثر ما عندهم للعبد أن يحبوه ويعظموه ويجلبوا فتاوى ابن تيمية ج1/ص29

له منفعة ويدفعوا عنه مضرة ما وإن كان ذلك أيضا من تيسير الله تعالى فإنهم

لَا يفعلون ذلك الَا لحظوظهم من العبد اذا لم يكن العمل لله فإنهم إذا أحبوه

طلبوا أن ينالوا غرضهم من محبته 0000000000 فهو يجب أن ينال حظه من تلك المحبة ولولَا التلذذ 0000 بها لما أحبه وإن جلبوا له منفعة كخدمة أو مال أو دفعوا عنه مضرة

كمرض وعدو ولو بالدعاء أو الثناء فهم يطلبون العوض إذا لم يكن العمل لله

فتاوى ابن تيمية ج1/ص30

حُبُّ الخَير 0 بِالإِخْلَاصِ وَبِالطِّيبَةِ وَالمَعْرُوف:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

ص: 8417

" كالحزين على مصيبة فى دينه وعلى مصائب المسلمين عموما فهذا

يثاب على ما فى قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك ج10/ص17 " 0

رُؤْيَةُ الله:

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

" وروى أن يوم الجمعة يوم المزيد وهو يوم الجمعة من أيام الآخرة وفى الأحاديث

والآثار ما يصدق هذا قال الله تعالى فى حق الكفار كلَا إنهم عن ربهم

يؤمئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم فعذاب الحجاب أعظم أنواع

العذاب ولذة النظر الى وجهه أعلى اللذات ولَا تقوم حظوظهم من سائر

المخلوقات مقام حظهم منه تعالى فتاوى ابن تيمية ج1/ص27 " 0

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

سُبُلُ السَّلَامِ لِلصَّنعَانيّ:

ص: 8418

[000]

لإطلَاق فالحق لأهل الإيمان إذا عارضهم غيرهم من أهل الملل كما أشير إليه في إلجائهم إلى مضايق الطرق ولَا يزال دين الحق يعلو ويزداد علوا والداخلون فيه أكثر في كل عصر من الأعصار وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لَا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلَام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه رواه مسلم فيه دليل على تحريم ابتداء المسلم لليهودي والنصراني بالسلَام لأن ذلك أصل النهي وحمله على الكراهة خلَاف أصله وعليه حمله الأقل وإلى التحريم ذهب الجمهور من السلف والخلف ذهب طائفة منهم ابن عباس إلى جواز الَابتداء لهم بالسلَام وهو وجه لبعض الشافعية إلَا أنه قال المازري إنه يقال السلَام عليك بالإفراد ولَا يقال السلَام عليكم واحتج لهم بعموم قوله تعالى وقولوا للناس حسنا وأحاديث الأمر بإفشاء السلَام والجواب أن هذه العمومات مخصوصة بحديث الباب وهذا إذا كان

ص: 8419

الذمي منفردا وأما إذا كان معه مسلم جاز الَابتداء بالسلَام ينوي به المسلم لأنه قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم على مجلس فيه أخلَاط من المشركين والمسلمين ومفهوم قوله لَا تبدءوا أنه لَا ينهى عن الجواب عليهم إن سلموا ويدل له عموم قوله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها وأحاديث إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم وفي رواية إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم السام عليكم فقولوا وعليك واتفق العلماء على أنه يرد على أهل الكتاب ولكنه يقتصر على قوله وعليكم وهو هكذا بالواو ثم مسلم في روايات قال الخطابي عامة المحدثين يروون هذا الحرف بالواو قالوا وكان ابن عيينة يرويه بغير الواو وقال الخطابي هذا هو الصواب لأنه إذا حذف صار كلَامه بعينه مردودا عليهم خاصة وإذا أثبت المشاركة معهم فيما قالوه قال النووي إثبات الواو وحذفها جائزان صحت به الروايات فإن الواو وإن اقتضت

ص: 8420

المشاركة

فالموت هو علينا وعليهم ولَا امتناع وفي الحديث دليل على إلجائهم إلى مضايق الطرق إذا اشتركوا هم والمسلمون في الطريق فيكون واسعه للمسلمين فإن خلت الطريق عن المسلمين فلَا حرج عليهم وأما ما يفعله اليهود في هذه الأزمنة من تعمد جعل المسلم على يسارهم إذ لَاقاهم في الطريق فشيء ابتدعوه لم يرو فيه شيء وكأنهم يريدون التفاؤل بأنهم من أصحاب اليمين فينبغي منعهم مما يتعمدونه من ذلك لشدة محافظتهم المسلم وعن المسور بن مخرمة ومروان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية فذكر الحديث بطوله وفيه هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض أخرجه أبو داود وأصله في البخاري وعن المسور بن مخرمة ومروان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية " 0

ص: 8421

سُبُلُ السَّلَامِ لِلصَّنعَانيّ 0 ص: 68/ 4

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

" ولهذا كان طائفة من المشائخ يعزمون على الرضا قبل وقوع البلَاء

فاذا وقع انفسخت عزائمهم كما يقع نحو ذلك فى الصبر وغيره كما قال

تعالى ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه فقد رايتموه وانتم تنظرون

فتاوى ابن تيمية ج10/ص37 " 0

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

" عَن أبو جعفر محمد بن يعقوب الصفار قال كنا عند أحمد بن حنبل فقلنا إدع الله لنا فقال اللهم إنك تعلم أنا نعلم انك لنا على أكثر ما نحب فاجعلنا نحن لك على ما تحب

قال ثم جلست ساعة فقيل له يا أبا عبد الله زدنا فقال اللهم إنا نسألك

بالقدرة التى قلت للسموات والأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا

ص: 8422

طائعين اللهم وفقنا لمرضاتك اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلَا إليك ونعوذ

بك من الذل إلَا لك اللهم لَا تكثر فنطغى ولَا تقل علينا فننسى فتاوى ابن تيمية ج8/ص384 " 0

التَّصَوُّف: آخِر الصَّفْحَة: (27/ 11)

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

" طريق الله لَا تتم إلَا بعلم وعمل يكون كلَاهما موافقا الشريعة فالسالك طريق الفقر والتصوف والزهد والعبادة ان لم يسلك بعلم يوافق الشريعة والَا كان ضالَا عن الطريق

وكان ما يفسده اكثر مما يصلحه والسالك من الفقه والعلم والنظر والكلَام ان لم يتابع الشريعة ويعمل بعلمه والَا كان فاجرا ضالَا عن الطريق فهذا هو فتاوى ابن تيمية ج11/ص27 " 0

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

((

وسئل رحمه الله تعالى

عن قوله تعالى وأن ليس للَانسان إلَا ما سعى وقوله صلى الله عليه وسلم

ص: 8423

إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلَا من ثلَاث صدقة جارية أو علم ينتفع

به أو ولد صالح يدعو له فهل يقتضى ذلك إذا مات لَا يصل إليه شىء

من أفعال البر فأجاب الحمد لله رب العالمين ليس فى الآية ولَا فى الحديث

أن الميت لَا ينتفع بدعاء الخلق له وبما يعمل عنه من البر بل أئمة

الإسلَام متفقون على انتفاع الميت بذلك وهذا مما يعلم بالَاضطرار من

دين الإسلَام وقد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع فمن خالف ذلك كان

من أهل البدع قال الله تعالى الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون

بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شىء

رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا

وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم

إنك أنت العزيز الحكيم وقهم فتاوى ابن تيمية ج24/ص306

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

ص: 8424

السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته فقد أخبر سبحانه أن الملَائكة

يدعون للمؤمنين بالمغفرة ووقاية العذاب ودخول الجنة ودعاء الملَائكة

ليس عملَا للعبد وقال تعالى واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات

وقال الخليل عليه السلام رب اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم

يقوم الحساب وقال نوح عليه السلام رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل

بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات فقد ذكر استغفار الرسل للمؤمنين أمرا

بذلك وإخبارا عنهم بذلك ومن السنن المتواترة التى من جحدها كفر صلَاة

المسلمين على الميت ودعاؤهم له فى الصلَاة وكذلك شفاعة النبى صلى

الله عليه وسلم يوم القيامة فإن السنن فيها متواترة بل لم ينكر شفاعته

لأهل الكبائر إلَا أهل البدع بل قد ثبت أنه يشفع لأهل الكبائر وشفاعته

دعاؤه وسؤاله الله تبارك وتعالى فهذا وأمثاله من القرآن والسنن

المتواترة وجاهد مثل ذلك كافر بعد قيام الحجة عليه والأحاديث الصحيحة

ص: 8425

فى هذا الباب كثيرة مثل ما فى الصحاح عن إبن عباس رضي الله

عنهما أن رجلَا قال للنبى صلى الله عليه وسلم إن أمي توفيت أفينفعها

أن أتصدق عنها قال نعم فتاوى ابن تيمية ج24/ص307

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

قال ان لي مخرفا أى بستانا أشهدكم أنى تصدقت به عنها وفى الصحيحين

عن عائشة رضي الله عنها أن رجلَا قال للنبى صلى الله عليه وسلم

أن أمى افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر

إن تصدقت عنها قال نعم وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله

عنه أن رجلَا قال للنبى صلى الله عليه وسلم إن أبى مات ولم يوص أينفعه

إن تصدقت عنه قال نعم وعن عبدالله بن عمرو بن العاص أن العاص

بن وائل نذر فى الجاهلية أن يذبح مائة بدنة وأن هشام بن العاص

نحر حصته خمسين وان عمرا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن

ص: 8426

ذلك فقال أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت عنه أو تصدقت عنه نفعه ذلك

وفى سنن الدارقطنى أن رجلَا سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا

رسول الله إن لي أبوان وكنت أبرهما حال حياتهما فكيف بالبر بعد موتهما

فقال النبى صلى الله عليه وسلم ان من بعد البر أن تصلي لهما مع

صلَاتك وأن تصوم لهما مع صيامك وأن تصدق لهما مع صدقتك وقد ذكر

مسلم فى أول كتابه عن أبى إسحق الطالقانى قال فتاوى ابن تيمية ج24/ص308

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

قلت لعبد الله بن المبارك يا أبا عبد الرحمن الحديث الذى جاء إن البر بعد

البر أن تصلي لأبويك مع صلَاتك وتصوم لهما مع صيامك قال عبد الله

يا أبا إسحاق عمن هذا قلت له هذا من حديث شهاب بن حراس قال ثقة

قلت عمن قال عن الحجاج بن دينار فقال ثقة عمن قلت عن رسول الله

ص: 8427

صلى الله عليه وسلم قال يا أبا إسحق إن بين الحجاج وبين رسول الله

صلى الله عليه وسلم مفاوز تقطع فيها أعناق المطي ولكن ليس فى الصدقة

اختلَاف والأمر كما ذكره عبد الله بن المبارك فإن هذا الحديث مرسل

والأئمة اتفقوا على أن الصدقة تصل إلى الميت وكذلك العبادات المالية

كالعتق وإنما تنازعوا فى العبادات البدنية كالصلَاة والصيام والقراءة

ومع هذا ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبى صلى

الله عليه وسلم قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه وفى الصحيحين

عن إبن عباس رضى الله عنه أن امرأة قالت يا رسول الله إن أمى

ماتت وعليها صيام نذر قال أرأيت إن كان على أمك دين فقضيتيه أكان

يؤدي ذلك عنها قالت نعم قال فصومي عن أمك فتاوى ابن تيمية ج24/ص309

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

وفى الصحيح عنه أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت

ص: 8428

إن أختى ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين قال أرأيت لو كان على

أختك دين أكنت تقضيه قالت نعم قال فحق الله أحق وفى صحيح مسلم

عن عبد الله بن بريدة بن حصيب عن أبيه أن امرأة أتت رسول الله صلى

الله عليه وسلم فقالت إن أمى ماتت وعليها صوم شهر أفيجزى عنها

أن أصوم عنها قال نعم فهذه الأحاديث الصحيحة صريحة فى أنه يصام

عن الميت ما نذر وأنه شبه ذلك بقضاء الدين والأئمة تنازعوا فى ذلك

ولم يخالف هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة من بلغته وإنما خالفها من

لم تبلغه وقد تقدم حديث عمرو بأنهم إذا صاموا عن المسلم نفعه وأما

الحج فيجزى عند عامتهم ليس فيه إلَا اختلَاف شاذ وفى الصحيحين عن

ابن عباس رضى الله عنهما إن امرأة من جهينة جاءت إلى النبى صلى

الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج

عنها فقال حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته عنها

ص: 8429

اقضو الله فالله أحق فتاوى ابن تيمية ج24/ص310

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

بالوفاء وفى رواية البخارى إن أختى نذرت أن تحج وفى صحيح مسلم عن

بريدة أن امرأة قالت يا رسول الله إن أمي ماتت ولم تحج افيجزى أو يقضى

أن أحج عنها قال نعم ففى هذه الأحاديث الصحيحة أنه أمر بحج الفرض

عن الميت وبحج النذر كما أمر بالصيام وان المأمور تارة يكون ولدا

وتارة يكون أخا وشبه النبى صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين يكون على

الميت والدين يصح قضاؤه من كل أحد فدل على أنه يجوز أن يفعل ذلك

من كل أحد لَا يختص ذلك بالولد كما جاء مصرحا به فى الأخ فهذا الذي

ثبت بالكتاب والسنة والإجماع علم مفصل مبين فعلم أن ذلك لَا ينافى

قوله وأن ليس للَانسان إلَا ما سعى إذا مات إبن آدم انقطع عمله إلَا

من ثلَاث بل هذا حق وهذا حق أما الحديث فإنه قال انقطع عمله إلَا من

ص: 8430

ثلَاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له فذكر الولد ودعاؤه

له خاصين لأن الولد من كسبه كما قال ما أغنى عنه ماله وما كسب

قالوا إنه ولده وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم ان فتاوى ابن تيمية ج24/ص311

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه فلما كان هو الساعي فى

وجود الولد كان عمله من كسبه بخلَاف الأخ والعم والأب ونحوهم فإنه

ينتفع أيضا بدعائهم بل بدعاء الأجانب لكن ليس ذلك من عمله والنبى

صلى الله عليه وسلم قال انقطع عمله إلَا من ثلَاث لم يقل إنه لم ينتفع

بعمل غيره فإذا دعا له ولده كان هذا من عمله الذى لم ينقطع وإذا دعا

له غيره لم يكن من عمله لكنه ينتفع به وأما الآية فللناس عنها أجوبة

متعددة كما قيل إنها تختص بشرع من قبلنا وقيل إنها مخصوصة وقيل

ص: 8431

إنها منسوخة وقيل إنها تنال السعى مباشرة وسببا ولإيمان من سعيه

الذى تسبب فيه ولَا يحتاج إلى شىء من ذلك بل ظاهر الآية حق لَا يخالف

بقية النصوص فإنه قال ليس للَانسان إلَا ما سعى وهذا حق فإنه إنما

يستحق سعيه فهو الذى يملكه ويستحقه كما أنه إنما يملك من المكاسب

ما اكتسبه هو وأما سعى غيره فهو حق وملك لذلك الغير لَاله لكن

هذا لَا يمنع أن ينتفع بسعى غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره فمن صلى

على جنازة فله قيراط فيثاب المصلى على سعيه الذى هو صلَاته والميت

أيضا يرحم بصلَاة الحى عليه كما قال ما من فتاوى ابن تيمية ج24/ص312

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

مسلم يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة ويروى

أربعين ويروى ثلَاثة صفوف ويشفعون فيه إلَا شفعوا فيه أو قال الَا

ص: 8432

غفر له فالله تعالى يثيب هذا الساعى على سعيه الذى هو له ويرحم ذلك

الميت بسعي هذا الحى لدعائه له وصدقته عنه وصيامه عنه وحجه عنه

وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من رجل

يدعو لأخيه دعوة إلَا وكل الله به ملكا كلما دعا لأخيه دعوة قال الملك

الموكل به آمين ولك بمثله فهذا من السعى الذى ينفع به المؤمن أخاه

يثيب الله هذا ويرحم هذا وان ليس للَانسان إلَا ما سعى وليس كل ما

ينتفع به الميت أو الحى أو يرحم به يكون من سعيه بل أطفال المؤمنين

يدخلون الجنة مع آبائهم بلَا سعي فالذى لم يجز الَا به أخص من

كل انتفاع لئلَا يطلب الَانسان الثواب على غير عمله وهو كالدين يوفيه

الإنسان عن غيره فتبرأ ذمته لكن ليس له ما وفى به الدين وينبغى له

أن يكون هو الموفي له والله أعلم فتاوى ابن تيمية ج24/ص313

الفَتَاوَى الكُبرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة: (000/ 000) 0

ص: 8433

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى:

" مسألة كلَام الله ونحو ذلك من صفاته هل هي قديمة لَازمة لذاته لَايتعلق شيء منها بفعله وبمشيئته ولَا

قدرته أو يقال أنه يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء وأنها مع ذلك صفات

فعلية وهذا فيه قولَان لأصحابنا وغيرهم من أهل السنة قلت وهذا

اللدعاء الذي دعا به الشيخ أبو زكريا مأثور عن الإمام أحمد ومن هناك

حفظه الشيخ والله أعلم فإنه كان كثير المحبة لأحمد وآثاره والنظر

فى مناقبه وأخباره وقد ذكروه في مناقبه ورواه الحافظ البيهقي فى

مناقب أحمد وهي رواية الشيخ أبى زكريا عن الحافظ عبد القادر الرهاوي

أجازة وقد سمعوها عليه عنه إجازة قال البيهقي وفيما أنبأنى أبو

عبد الله الحافظ اجازة حدثنى أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس حدثنى

أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوى حدثنا أبو جعفر محمد

ص: 8434

بن يعقوب الصفار قال كنا عند أحمد بن حنبل فقلنا إدع الله لنا فقال اللهم

إنك تعلم أنا نعلم انك لنا على أكثر ما نحب فاجعلنا نحن لك على ما تحب

قال ثم جلست ساعة فقيل له يا أبا عبد الله زدنا فقال اللهم إنا نسألك

بالقدرة التى قلت للسموات والأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا

طائعين اللهم وفقنا لمرضاتك اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلَا إليك ونعوذ

بك من الذل إلَا لك اللهم لَا تكثر فنطغى ولَا تقل علينا فننسى فتاوى ابن تيمية ج8/ص384 " 0

حُكْمُ تَنْظِيمُ الأُسْرَة:

وأما العزل فقد حرمه طائفة من العلماء

لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز بإذن المرأة والله أعلم فتاوى ابن تيمية ج32/ص108

قضي لى بولد وجد والَا لم يوجد ولَا حاجة الى وطء كان احمق بخلَاف ما اذا

وطيء وعزل الماء فان عزل الماء لَا يمنع انعقاد الولد اذا شاء الله اذ قد

ص: 8435

يسبق الماء بغير اختياره ومن هذا ما ثبت فى الصحيحين عن ابى سعيد

الخدري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة بنى

المصطلق فاصبنا سبيا من العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة

واحببنا العزل فسألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما

عليكم الَا تفعلوا فان الله قد كتب ما هو خالق الى يوم القيامة

وفى صحيح

مسلم عن جابر ان رجلَا أتى النبى صلى الله عليه سلم فقال ان لي

جارية هي خادمتنا وسانيتنا في النخل وانا اطوف عليها واكره ان تحمل

فقال اعزل عنها ان شئت فانه سيأتيها ما قدر لها وهذا مع ان الله سبحانه

قادر على ما قد فعله من خلق الَانسان من غير ابوين كما خلق آدم

ومن خلقه من اب فقط كما خلق حواء من ضلع آدم القصير ومن خلقه

من ام فقط كما خلق المسيح بن مريم عليه السلام فتاوى ابن تيمية ج10/ص27

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 8436