الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس
===================
إِنَّ مَنْ يَتَتَبَّعُ التَّغْيِير؛ الَّذِي طَرَأَ عَلَى الشَّعْبِ المِصْرِيِّ في الْعِقْدِ الأَخِير؛ يَتَأَكَّدُ أَنَّا سَائِرُونَ في مُنْزَلَقٍ خَطِير، وَأَعْرِضُ عَلَى حَضَرَاتِكُمْ حَادِثَةً وَقَعَتْ مَعَ صَدِيقٍ رَقِيق، وَشَاعِرٍ لِشِعْرِهِ بَرِيقٌ وَرَحِيق، وَهُوَ رَجُلٌ كَبِير، وَجَدِيرٌ بِكُلِّ احْتِرَامٍ وَتَقْدِير، يحْتَرِمُهُ كُلُّ الْعَامِلِينَ مِنَ المُدِيرِ إِلى الْغَفِير، وَنَظَرَاً لأَنَّ الشِّعْرَ لَا يَفْتَحُ بَيْتَاً، وَلَا يَشْتَرِي سَمْنَاً وَلا زَيْتَاً؛ وَلا يَكْسُو وَلَدَاً وَلا بِنْتَاً؛ لِذَا اشْتَرَى حَافِلَةً يَنْقِلُ عَلَيْهَا أَبْنَاءَ المَدَارِس، بَدَأَتِ المُشْكِلَةُ مِنْ شَهْرِ مَارِس،
عِنْدَمَا تجَمَّعَ عَلَيْهِ الأَبَالِس، الَّذِينَ يَنْقِلُونَ التِّلْمِيذَاتِ وَضَغَطُواْ عَلَيْهِ بِشِدَّة؛ لِيَرْفَعَ أُجْرَةَ الاِشْتِرَاكِ عِنْدَه، فَمَا كَانَ مِن أُسْتَاذِنَا الْفَاضِلِ إِلَاّ أَنَّهُ رَفَضَ الضَّغْط، وَلَمْ يَسْتَجِبْ لِرَغَبَاتِ أُوْلَئِكَ الرَّهْط؛ فَلَجَأُواْ إِلى الأُسْلُوبِ المُغْرِي [وَانْظُرْ إِلى الاِنحِدَارِ الَّذِي وَصَلَ إِلَيْهِ المجْتَمَعُ المِصْرِي] هَدَاهُمْ طَبْعُهُمُ الخَسِيس، وَزَيَّنَ لَهُمْ إِبْلِيس؛
فِكْرَةً غَايَةً في الْقَذَارَة، أَنْ يَشْتَرُواْ جِهَازَ فِيدْيُو لِعَرْضِ أَفْلَامِ الإِثَارَة، بَلْ وَلَمْ يَكْتَفُواْ بهَذِهِ الحُلُول؛ حَتىَّ لجَأَ مِنهُمْ شَخْصٌ غَيرُ مَسْئُول، إِلى عَرْضِ مَنَاظِرَ أَقْذَرَ مِنهَا عَلَى المحْمُول، وَالمَمْنُوعُ مَرْغُوبٌ وَيَسْرِقُ الْعُقُول، لَا سِيَّمَا عُقُولَ بَنَاتٍ في سِنِّ المُرَاهَقَة، وَلِيُظْهِرُواْ لَهُ المَزِيدَ مِن عَدَمِ المُوَافَقَة؛ بَدَأُواْ يَتَسَبَّبُونَ لَهُ في بَعْضِ المُضَايَقَة، إِلى أَن وَصَلَ الأَمْرُ بِهَؤُلَاءِ الذِّئَاب؛ إِلى التَّطَاوُلِ بِالضَّرْبِ عَلَى الأُسْتَاذ محَمَّد عَبْد الْوَهَاب، أَيْنَ أَجْهِزَةُ الرَّقَابَةِ وَشُرْطَةُ الآدَاب، أَيْنَ هُمْ مِن أُوْلَئِكَ الأَوْغَاد، الَّذِينَ يَعِيثُونَ في الأَرْضِ الْفَسَاد،
أَيْنَ شُرْطَةُ الجَوَازَاتِ لِيُرَحِّلُواْ مَنِ انْتَهَتْ إِقَامَتُهُ في الْبِلَاد، وَيَسْتَعْرِضُ عَلَى ابْنِ الْبَلَدِ الْفُتُوَّة، وَتَمْتَدُّ يَدُهُ عَلَى رَجُلٍ كَبِيرٍ لَا حَوْلَ لَهُ وَلَا قُوَّة 00؟!
وَتَعْقِيبَاً مِنيِّ عَلَى تِلْكَ الحَادِثَةِ المُؤَثِّرَة؛ كَتَبْتُ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ المُعَبِّرَة:
قَدْ كَانَ يَمْدَحُ أَهْلَ مِصْرَ الْعَالَمُ * وَيَقُولُ شَعْبٌ طَيِّبٌ وَمُسَالِمُ
قَدْ كَانَ بَيْنَهُمُ إِخَاءٌ صَادِقٌ * وَكَأَنَّمَا أَبْنَاءُ مِصْرَ تَوَائِمُ
كَانَتْ حُقُوقُ ذَوِي الحُقُوقِ مَصُونَةً * وَتُصَانُ لِلرَّجُلِ الْكَبِيرِ محَارِمُ
وَالْيَوْمَ صَارَ أَخُو الْفَضِيلَةِ وَالتُّقَى * إِن عَاشَ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَتَلَاءمُ
وَيُهَانُ بَيْنَهُمُ وَيُشْتَمُ عِرْضُهُ * وَبِدُونِ أَسْبَابِ الهُجُومِ يُهَاجَمُ
لَوْ يَتْرُكُونَ الْعُنْفَ كَيْ يَتَفَاهَمُواْ * إِنَّ الْبَهَائِمَ يَا أَخِي تَتَفَاهَمُ
فَتَرَاهُمُ حَوْلَ الضَّعِيفِ تَفَرْعَنُواْ * وَلِنَهْشِهِ مِثْلَ الذِّئَابِ تَزَاحَمُواْ
أَمَعَ الْقَوِيِّ نَعَامَةٌ أَوْ أَرْنَبٌ * وَمَعَ الضَّعِيفِ ثَعَالِبٌ وَضَرَاغِمُ
الظُّلْمُ أَصْبَحَ سَائِدَاً حَتىَّ لَقَدْ * ضَاقَتْ بِظُلْمِ الظَّالمِينَ محَاكِمُ
مِن عُصْبَةٍ لِلشَّرِّ تَفْتِكُ بِالْوَرَى * يَقْتَادُهَا فَظٌّ وَضِيعٌ ظَالِمُ
رَكِبُواْ سَفِينَتَةَ بِكُلِّ حَمَاقَةٍ * حَتىَّ لَقَدْ غَرِقَتْ وَمَعْهَا الطَّاقَمُ
مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْعَفْوَ يُصْلِحُ مِنهُمُ * قُولُواْ لَهُ يَا صَاحِ إِنَّكَ وَاهِمُ
لَا بُدَّ مِنْ رَدٍّ وَرَدْعٍ صَارِمٍ * وَلمِثْلِهِمْ يجِبُ الْعِقَابُ الصَّارِمُ
جُرْحُ الجُلُودِ لَهُ مَرَاهِمُ جَمَّةٌ * وَالْقَلْبُ مَا لِلْجُرْحِ فِيهِ مَرَاهِمُ
المَدْرَسَةُ الَّتي شَهِدَتْ تِلْكَ الحَادِثَة: هِيَ مَدْرَسَة مِصْر الجَدِيدَة الثَّانَوِيَّة لِلْبَنَات بِنَفَقِ الْعُرُوبَة 0 يَاسِر الحَمَدَاني