الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انحِرَافُ الشَّبَاب:
==========
{التَّبرُّجُ وَالسُّفُور}
{وَأَسْبابُ تَفَشِّي الزِّنَا وَالفُجُور}
الكَاتِبُ الإِسْلَامِيّ
يَاسِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ محْمُودٍ الحَمَدَاني
يَسُرُّني أَن أُهْدِيَ هَذَا الكِتَابَ إِلى كُلِّ دَاعِيَةٍ وَخَطِيبٍ عَاشِق: لِلأَدَبِ وَالرَّقَائِق، وَإِلى كُلِّ قَارِئٍ ذَوَّاقٍ وَأَدِيبٍ حَاذِق 0
وَأُهْدِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلى المَكْتَبَاتِ الآتِيَة، الَّتي فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَة، نَفَعَني اللهُ بِهَا، جَزَى اللهُ كُلَّ مَنْ تَعَهَّدَهَا بِالرِّعَايَةِ مِنَ القُرَّاءِ وَالكُتَّاب، وَكُلَّ مَنْ تَبَرَّعَ لهَا بمُجَلَّدٍ أَوْ كِتَاب، وَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ بغَيرِ حِسَاب، وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَاب:
[1]
ـ مَكْتَبَةُ الحَاجّ حَامِد عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ بِالدِّمِرْدَاش، وَالَّتي يُشْرِفُ عَلَيْهَا أَبْنَاؤُه 0
[2]
ـ مَكْتَبَةُ أَحْمَد بَدَوِي بِشُبْرَا، وَالَّتي يُشْرِفُ عَلَيْهَا الحَاجّ / عَبْدُ الخَالِقِ العَطَّار 0
[3]
ـ المَكْتَبَةُ العُمَرِيَّةُ بِالعَرَب، وَالَّتي يُشْرِفُ عَلَيْهَا الدُّكْتُور / عَبْدُ البَدِيع أَبُو هَاشِم 0
جَزَاهُمُ اللهُ خَيرَ الجَزَاء، وَبَارَكَ لَنَا فِيهِمْ وَفي أَمْوَالِهِمْ وَعِيَالِهِمْ، وَأَكْثَرَ مِن أَمْثَالهِمْ 0
كَمَا أُهْدِيهِ إِلى رُوَّادِ مَسْجِدِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِمِصْرَ الجَدِيدَة، لَا سِيَّمَا كُلَّ مَنْ رَبَطَتْني بِهِ عَلَاقَةٌ وَطِيدَة، أَسْأَلُ اللهَ تبارك وتعالى، أَنْ يُوَفِّقَني وَإِيَّاهُمْ إِلى كُلِّ جَمِيل، وَأَنْ يُعِينَنَا في مِشْوَارِنَا الطَّوِيل، إِنَّهُ هُوَ المُوَفِّقُ وَالهَادِي إِلى سَوَاءِ السَّبِيل 0
وَأَخِيرَاً أُهْدِيهِ إِلى الشَّيْخ عَبْد الغَفَّار / صَاحِب دَارِ الصَّحَابَة، وَإِلى ابْنِهِ الأَخ محَمَّد، وَفَّقَهُمَا اللهُ إِلى كُلِّ خَيرٍ لِلإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِين 0
{يَاسِر الحَمَدَاني}
المُقَدِّمَة:
=====
تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لَا يَغْفَلُ وَلَا يَنَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمَاً وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يحْيى وَيمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يمُوت، يُسَبِّحُ بحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءً امِنَ الذّرَّاتِ وَحَتىَّ المجَرَّات 00!!
إِلهِي لَكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ علَى نِعَمٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لهَا أَهْلَا
إِذَا زِدْتُّ عِصْيَانَاً تَزِيدُ تَفَضُّلَا كَأَنيَ بِالعِصْيَانِ أَسْتوْجِبُ الفَضْلَا
نُسِيءُ إِلَيْهِ وَيحْسِنُ إِلَيْنَا؛ فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ وَلَا نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا 00!!
اللهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا 00!!
أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا في الكَوْنِ كُنْتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ
وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً حَتىَّ أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني
وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنَاً وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني
*********
إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنْتَ رَغْمَ إِسَاءَ تي إِلَيْكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكْرُ
فَمَنْ كانَ مُعْتَذِرَاً إِلَيْكَ بحُجَّةٍ فَعُذْرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذْرُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ اللهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَا، وَدَاعِيَاً إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَا، اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا 00
أَنْتَ الَّذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلِقَاكَا
أَنْتَ الَّذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا
نَادَيْتَ أَشْجَارَاً أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا
وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى للهِ في يُمْنَاكَا
وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكْتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا
مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يجْمَعَ الكُتَّابُ مِنْ مَعْنَاكَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * مَا اشْتَاقَ مُشْتَاقٌ إِلىَ رُؤْيَاكَا
اللهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محَمَّدٍ عَدَدَ أَورَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقْتَ مِنَ البَشَر 00
ثمَّ أَمَّا بَعْد
فَسَوْفَ نَتَعَرَّضُ إِنْ شَاءَ اللهُ في هَذَا الكِتَاب: لأَهَمِّ الأَسْبَاب: الَّتي تُزَيِّنُ الزِّنَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ في عَينِ الشَّبَاب، هَلْ هِيَ غَلَاءُ المُهُورِ أَمْ قِلَّةُ الحِجَاب، أَمْ أَنَّهَا قِلَّةُ العِفَّةِ بَينَ الشَّبَاب، هَذَا هُوَ المَوْضُوعُ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ الكِتَاب 0 فَهَذَا الكِتَابُ يَدُور: عَنِ التّبَرُّجِ وَالسُّفور، وَغَلَاءِ المُهُور، وَأَسْبَاب تَفَشِّي الزّنا والفُجُور، في ضَوْءِ الآيَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ سُورَةِ النُّور 0
هَذَا 00 وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيل، عَلَيْهِ تَوَكَّلنَا وَهُوَ نِعْمَ الوَكِيل 0
{الفَقِيرُ إِلى عَفْوِ رَبِّهِ وَدُعَائِكُمْ / يَاسِر الحَمَدَاني}
إِنْ تَسْلَمْ فَذَلِكَ مَهْرِي
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال:
" خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْم؛ فَقَالَتْ لَه: مَا مِثْلُكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ يُرَدّ، وَلَكِنيَّ امْرَأَةٌ مَسْلَمَةٌ؛ وَأَنْتَ رَجُلٌ كَافِر، وَلَا يَحِلُّ ليَ أَن أَتَزَوَّجَك؛ فَإِنْ تُسْلِمْ فَذَلِكَ مَهْرِي، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَه؛ فَأَسْلَمَ فَكَانَتْ لَه " 0
[قَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم، وَرَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الكَبِير]
عَلَّقَ مَوْلَانَا فَضِيلَةُ الشَّيخ / السَّيِّد سَابِق عَلَى هَذَا المَوْضُوعِ فَقَال:
" دَلَّتْ هَذِهِ الأَحَادِيثُ عَلَى جَوَازِ جَعْلِ المَهْرِ شَيْئَاً قَليلَا، وَأَيْضَاً عَلَى
جَوَازِ الَانْتِفَاعِ بِتَحْفِيظِ وَتَعْلِيمِ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَجَعْلِ ذَلِكَ مَهْرَا "00!!
[فِقهُ السُّنَّةِ الطَّبْعَةُ الأُولى دَار فَتْح لِلإِعْلَامِ العَرَبِي: 102/ 2]
إِذَا أَرَادَ فَلَا تَسْأَلْ عَنِ السَّبَبِ
وَهَذِهِ قِصَّةٌ إِلى كُلِّ شَابٍّ مُقبِلٍ عَلَى الزَّوَاجِ لِيَعْلَمَ أَنَّ الظُّرُوفَ مَهْمَا كَانَتْ مُتَعَسِّرَةً فَتَوْفِيقُ اللهِ بِالمِرْصَاد، فَقَط يحْسِنُ صِلَتَهُ بِالله 00
إِذَا أَرَادَ فَلَا تَسْأَلْ عَنِ السَّبَبِ
وَإِذَا العِنَايَةُ لَاحَظَتكَ عُيُونُهَا نمْ فَالمخَاوِفُ كُلُّهُنَّ أَمَانُ
أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ الأَسْلمِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبيَّ فَقَالَ لي يَوْمَاً: " يَا رَبِيعَةُ أَلَا تَزَوَّج " 00؟!
قُلتُ مَا أُرِيدُ أَن أَتَزَوَّج؛ مَا عِنْدِي يُقَيِّمُ المَرْأَة ـ أَيْ قِيمَةُ مَهْرِهَا ـ وَمَا أُحِبُّ أَنْ يُشْغِلَني عَنْكَ شَيْء، فَأَعْرَضَ عَنيِّ، ثُمَّ قَالَ ليَ الثَّانِيَةَ " يَا رَبِيعَةُ أَلَا تَزَوَّج " 00؟!
فَقُلتُ مَا أُرِيدُ أَن أَتَزَوَّجُ مَا عِنْدِي يُقَيِّمُ المَرْأَة وَمَا أُحِبُّ أَنْ يُشْغِلَني عَنْكَ شَيْء، فَأَعْرَضَ عَنيِّ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلى نَفسِي فَقُلتُ وَاللهِ لَرَسُولُ اللهِ أَعْلَمُ مِنيِّ بمَا يَصْلُحُ لِي في الدُّنيَا وَالآخِرَة، وَاللهِ لَئِنْ قَالَ لِي أَلَا تَتَزَوَّجُ لأَقُولَنَّ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بمَا شِئت، فَقَالَ لي " يَا رَبِيعَةُ أَلَا تَزَوَّج " 00؟!
فَقُلتُ بَلَى مُرْنِي بمَا شِئتَ يَا رَسُولَ الله فَقَالَ انْطَلِقْ إِلى آلِ فُلَان ـ حَيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ ـ فَقُلْ لهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللهِ أَرْسَلَني إِلَيْكُمْ يَأمُرُكُمْ أَنْ تُزَوِّجُونِي فُلَانَة، فَذَهَبْتُ إِلَيْهِمْ فَقُلتُ لهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللهِ أَرْسَلَني إِلَيْكُمْ يَأمُرُكُمْ أَنْ تُزَوِّجُونِي فُلَانَة، فَقَالُواْ مَرْحَبَاً بِرَسُولِ اللهِ وَرَسُولِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاللهِ لَا يَرْجِعُ رَسُولُ رَسُولِ اللهِ إِلَاّ بحَاجَتِهِ، فَزَوَّجُوني وَأَلطَفُوني وَمَا سَأَلُوني البَيِّنَة ـ أَيْ عَامَلُونِي بِلُطفٍ وَأَكْرَمُواْ نُزُلي وَلَمْ يَطلُبُواْ مِنيِّ أَمَارَةً عَلَى مَا قُلت ـ فَرَجَعْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَزِينَاً ـ وَحُزْنُهُ رضي الله عنه كَانَ لِفَرْطِ كَرَمِهِمْ مَعَهُ
كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
أَخْجَلتَني بِنَدَى يَدَيْكَ فَسَوَّدَتْ مَا بَيْنَنَا تِلكَ اليَدُ البَيْضاءُ
يَقُولُ رضي الله عنه: فَرَجَعْتُ حَزِينَاً فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَتَيْتُ قَوْمَاً كِرَامَاً فَزَوَّجُوني وَأَلطَفُوني وَمَا سَأَلُوني بَيِّنَة، وَلَيْسَ عِنْدِي صَدَاق؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَا بُرَيْدَةُ (أَخُو رَبِيعَة) اجْمَعُواْ لَهُ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَب، فَجَمَعُواْ
لَهُ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَب، يَقُولُ رَبِيعَة: فَأَخَذتُ مَا جَمَعُواْ لي فَأَتَيْتُ النَّبيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اذهَبْ بِهَذَا إِلَيْهِمْ فَقُلْ لهُمْ هَذَا صَدَاقُهَا، فَأَتَيْتُهُمْ فَقُلتُ لهُمْ هَذَا صَدَاقُهَا، فَقَبِلُوهُ وَرَضُواْ وَقَالُواْ كَثِيرٌ طَيِّب، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَزِينَاً؛ فَقَالَ يَا رَبِيعَةُ مَا لَكَ حَزِين 00؟!!
قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا رَأَيْتُ قَوْمَاً أَكْرَمَ مِنهُمْ، رَضُواْ بمَا آتَيْتُهُمْ وَأَحْسَنُواْ وَقَالُواْ كَثِيرٌ طَيِّب، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُولِمُ بِه، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِبُرَيْدَةُ اجْمَعُواْ لَهُ شَاةً؛ فَجَمَعُواْ لي كَبْشَاً عَظِيمَاً سَمِينَاً فَأَوْلمْتُ وَدَعَوْتُ رَسُولَ الله "00!!
[صَحَّحَهُ الهَيْثَمِيّ 0 حَيَاةُ الصَّحَابَةِ الطَّبْعَةُ الأُولى: 491/ 2]
وبعدَ هذا تجدُ مَنْ يَقولُ لك: " مَاذا تقول " 00؟!
أفأَكونُ أَنَا وزيراً أو مَسْئولاً كبيراً وَأُزَوِّجُ ابنتي إِنسَانَاً مُعْدِماً فقِيراً 00؟!
ـ وَلِمَ لَا يَا أَخِي؛ أَديسونْ مخْترِعُ الكَهْربَاء والمصْبَاحِ الكَهْرَبِيِّ وَالذِي
اخْترَعَ مَا يَزِيدُ على (1200) اخْترَاع كانَ يَعْمَلُ بائِعَاً لِلصُّحُف 00!!
الفقر ليْسَ عَيْبَاً يَا أَخِي؛ وَالإمامُ أحمدُ بْنُ حَنبَلَ رضي الله عنه كَانَ يَعْمَلُ حَمَّالاً وَمَعَ ذَلِكَ اجْتَهَدَ في العلم حَتىَّ أصبح إمامَاً لأَهْلِ السُّنة 00!!
وَبِيلِيه لَاعِبُ الكُرَة الشَّهِير، الَّذِي وَصَلَتْ شُهْرَتُهُ الآفَاقَ أَيَّامَ السَّبْعِينِيَّاتْ ـ كَمَارَاضُونَا الآن ـ وَالذِي أَصْبَحَ حَالِيَاً وَزِيرَ الشَّبَابِ في البِرَازِيل: مَاذَا كَانَ يَعْمَلُ في بِدَايَةِ أَمْرِهِ وَقَبْلَ اشْتِغَالِهِ بِالكُرَة 00؟ مَاسِحَ أَحْذِيَة 00!!!
وَشُرُويْدَرُ المُسْتَشَارُ الأَلمَانِيُّ أُمُّهُ كَانَتْ تَعْمَلُ فَرَّاشَةً بِإِحْدَى المُؤَسَّسَاتِ 00!!
أَحَدٌ مِن هَؤُلَاءِ لَمْ يَتَوَارَ مِنَ القَوْمِ خَجَلاً مِن أَصْلِهِ، بَلْ عَلَى العَكْسِ تمَامَاً كَانُواْ يَعُدُّونَ هَذَا شَرَفَاً لَهُمْ 00!!!
جِيلٌ عِنْدَمَا تُقَلِّبُ بَصَرَكَ فِيهِ ثُمَّ تَعُودُ فَتُقَلِّبُهُ في جِيلِ اليَوْمِ يَنقَلِبُ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئَاً وَهُوَ حَسِير 00!!
دينُنَا أَيُّهَا الإِخوَةُ والأَخَوَات: دِينُ عَادات، قبْلَ أَنْ يَكونَ دِينَ عِبَادات ـ أَيْ دِينُ أَخْلَاقٍ وَمُعَامَلَات ـ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلطَان، لم تَرِدْ في السُّنَّةِ وَلَا في القُرْآن 00!!
فَمِنَ المُؤسِفِ أَنَّ القُرآنَ اليَوْمَ أَصْبَحَ لَا يُقرَأُ إِلَاّ في المَآتِم 00!!
إِنَّ اللهَ مَا أَهْلَكَ بَني إِسْرَائِيلُ إِلَاّ أَنَّهُمْ كَانُواْ مَا يَتَّفِقُ منْ دِينِهِم مَعَ هَوَاهُمْ يَأْخُذُونَه، وَمَا لَا يَتَّفِقُ مِنْ دِينِهِم مَعَ هَوَاهُمْ يَنبُذُونَه 00!!
يَا مَنْ تَزْعُمُ حُبَّ رَسُولِ الله:
إِنَّ المحِبَّ لمَنْ يحِبُّ مُطِيعُ
أَخِي المُسْلِم: لَا تَكُنْ مِثلَ فُلَان؛ دَاخِلَ المَسْجِدِ يَقرَأُ القُرْآن، وَخَارِجَ المَسْجِدِ شَيْطَان، فالعبرة ليست بِمَنْ يَقرَأُ أَوْ يَسْتَمِع، إنما العبرة بمنْ ينتفعُ بما يَقرَأُ أَو يَسْتَمِع 00!!
وَتحْضرُني في هَذا المَقامِ قِصَّةٌ حَدَثتْ عَلى عَهْدِ بَني أُمَيَّةَ تنبِّؤنا أَنَّ النُّقودَ والنفوذَ لَيْسَا كلَّ شيْءٍ في الحَيَاة، فالدِّينُ خَيْرٌ وَأبْقى 00
حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبي دَاوُدَ قَال:
" كَانَتْ بِنْتُ سَعِيدٍ قَدْ خَطَبَهَا عَبْدُ المَلِكِ لاِبْنِهِ الوَلِيدِ فَأَبَى عَلَيْه؛ فَلَمْ يَزَلْ يحْتَالُ عَبْدُ المَلِكِ عَلَيْهِ حَتىَّ ضَرَبَهُ مِاْئَةَ سَوْطٍ في يَوْمٍ بَارِد، وَصَبَّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ وَأَلْبَسَهُ جُبَّةَ صُوف 00
ثُمَّ قَال: حَدَّثَني أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْب، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ وَهْب، عَن عَطَّافِ بْنِ خَالِد، عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَة، عَنِ ابْنِ أَبي وَدَاعَةَ [اسْمُهُ كَثِيرٌ] قَال: كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ رضي الله عنه، فَفَقَدَني أَيَّامَاً، فَلَمَّا جِئْتُهُ رضي الله عنه قَال: أَيْنَ كُنْت 00؟
قُلْت: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي فَاشْتَغَلْتُ بِهَا؛ فَقَال: أَلَا أَخْبَرْتَنَا فَشَهِدْنَاهَا 00؟
ثُمَّ قَال: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً 00؟
فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله، وَمَنْ يُزَوِّجُني وَمَا أَمْلِكُ إِلَاَّ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة؟
قَالَ رضي الله عنه: أَنَا؛ فَقُلْتُ: وَتَفْعَل 00؟
قَالَ نَعَمْ، ثُمَّ تَحَمَّدَ وَصَلَّى عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَوَّجَني عَلَى دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة؛ فَقُمْتُ وَمَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الفَرَح، فَصِرْتُ إِلىَ مَنْزِلي وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيمَن أَسْتدِين، فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ وَرَجَعْتُ إِلىَ مَنْزِلِي وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِمَاً؛ فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ وَكَانَ خُبْزَاً وَزَيْتَاً، فَإِذَا بَابي يُقْرَع؛ فَقُلْتُ: مَن هَذَا 00؟
فَقَالَ سَعِيد؛ فَأَفْكَرْتُ في كُلِّ مَنِ اسْمُهُ سَعِيدٌ إِلَاَّ ابْنَ المُسَيَّب؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلَاَّ بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِد؛ فَخَرَجْتُ فَإِذَا سَعِيدٌ رضي الله عنه؛ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَه؛ فَقُلْتُ: يَا أَبَا محَمَّد؛ أَلَا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَك 00؟
قَالَ لَا، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى، إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَبَاً فَتَزَوَّجْت؛ فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَك، وَهَذِهِ امْرَأَتُك 00 فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِن خَلْفِهِ في طُولِهِ، ثمَّ أَخَذَ بيَدِهَا فَدَفَعَهَا في البَابِ وَرَدَّ البَاب؛ فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاء؛ فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ ثمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ في ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لَا تَرَاهُ ـ أَيْ وَضَعَ قَصْعَةَ الزَّيْتِ وَالخُبزَ في خَيَالِ قَاعِدَةِ السِّرَاجِ كَيْ لَا تَرَاهُ فَتَجْزَعُ لِشَظَفِ عَيْشِي وَتَوَاضُعِ طَعَامِي ـ ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ فَرَمَيْتُ الجِيرَان، فَجَاؤُوني فَقَالُواْ: مَا شَأْنُك 00؟
فَأَخْبَرْتُهُمْ وَنَزَلُواْ إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي فَجَاءتْ وَقَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَن أُصْلِحَهَا إِلىَ ثَلَاثَةِ أَيَّام [وَفي رِوَايَةٍ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِن أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتىَّ أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْش] فَأَقَمْتُ ثَلَاثَاً ثمَّ دَخَلْتُ بهَا، فَإِذَا هِيَ مِن أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ عز وجل، وَأَعْلَمِهِمْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَعْرَفِهِمْ بِحَقِّ الزَّوْج، فَمَكَثْتُ شَهْرَاً لَا آتي سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّب، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ في حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ وَلَمْ يُكَلِّمْني حَتىَّ تَقَوَّضَ المَجْلِس، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي قَال: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَان 00؟
قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا محَمَّد 00 عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيقُ وَيَكْرَهُ العَدُوّ 0
قَال: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ فَالْعَصَا، فَانْصَرَفْتُ إِلىَ مَنْزِلي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَم " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 234/ 4]
عَسَى رَبُّنَا أَنْ يَرْزُقَنَا خَيْرَاً مِنهَا إِنَّا إِلى رَبِّنَا رَاغِبُون 0
أَلَا فَلْيَتَعَلَّمِ الآبَاءُ كَيْفَ يَتَخَيَّرُونَ لِنُطَفِهِمْ؛ فَرَحِمَ اللهُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبَ لِمَا فَعَلَهُ مَعَ أَبي وَدَاعَة؛ فَمَا أَنْبَلَهُ وَأَكْرَمَ طِبَاعَه، اللَّهُمَّ أَعِدَّ لَهُ مِنَ الْكَرَامَة؛ مَا لَا يَحْلُمُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة 0
لَكَ اللهُ يَا أَبَا وَدَاعَة 00 يَبْدُو أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْعَابِدِين؛ فَأَبىَ اللهُ إِلَاّ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ الجَمَالَ وَالمَالَ وَالحَسَبَ وَالدِّين، إِنَّكَ لَذُو حَظٍّ عَظِيم 00!!
عَسَى رَبُّنَا أَنْ يَرْزُقَنَا خَيْرَاً مِنهَا إِنَّا إِلى رَبِّنَا رَاغِبُون 00
أَلَا فَلْيَتَعَلَّمِ الآبَاءُ كَيْفَ يَتَخَيَّرُونَ لِنُطَفِهِمْ؛ فَرَحِمَ اللهُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبَ لِمَا فَعَلَهُ مَعَ أَبي وَدَاعَة؛ فَمَا أَنْبَلَهُ وَأَكْرَمَ طِبَاعَه، اللَّهُمَّ أَعِدَّ لَهُ مِنَ الْكَرَامَة؛ مَا لَا يَحْلُمُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة 0
اللهُمَّ أَنعِمْ عَلَى عِبَادِكَ الصَّالحِينَ مِنَ الشَّبَابِ العُزَّابِ كَمَا أَنعَمْتَ عَلَى أَبي وَدَاعَة 0 [أ 0 هـ]
الدُّرُوسُ المُسْتَفَادَةُ وَالمُسْتَهْدَفَةُ مِن القِصَّة:
انظُرْ أَخِي (رَحمَكَ اللهُ) كَيْفَ زَوَّجَ هَذَا الرَّجُلُ العَظِيمُ ابْنَتَهُ عَلَى دِرْهَمَيْن، لمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّن عَاصَرَهُ مِن أئِمَّةِ الفِقهِ وَكِبَارِ التَّابِعِين في عَصْرِه، بَلْ عَدُّواْ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِه 00!!
وَيُقَالُ أَنَّ الخَبَرَ لمَّا وَصَلَ إِلى قَصْرِالخِلَافَةِ غَضِبَ ابْنُ أَمِيرِ المُؤمِنين، وغضِبَ
أميرُ المؤمنين لِغَضَبِ ابْنِه؛ فأَمْسَكَ بسَعِيدٍ وألقاهُ في غَيَابَةِ السِّجن، سَمِعَ بِالحَادِثَةِ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزْ ـ وَكَانَ وَقتَئِذٍ وَالِيَاً عَلَى المَدِينَة ـ فرَكِبَ إِلى عَبْدِ المَلِكِ وهَدَّدَهُ بترك ولَايةِ المدينة إنْ لَمْ يخرج سعيداً مِنَ السِّجن، وَلَمْ يَبْرَحِ الأرْضَ حَتىَّ أَخَذّ مِنهُ مَرْسُومَاً بذلِك، وبينما عُمَرُ في طريقه إِلى السِّجْنِ كان سعيدٌ يلفظ أنفاسَهُ الأخيرة، نعَمْ مَاتَ وَلكنَّهُ مَاتَ رَجُلاً، وَلَا عَاشَ مَن عَاشَ كَلبَاً، وَلَا مَاتَ مَنْ مَاتَ أَسَدَاً 00!!
لئِنْ كانَ لَمْ يُعْطَ الخُلودَ فإنهُ بسِيرَتِهِ الغرَّاءِ في النَاسِ خَالِدُ
وَيَقولُ هَذا الغُلَامُ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فوَجَدْتهَا أَعْلَمَ بالفِقهِ مِنْ سَعِيد 00!!
اللَهُمَّ أَنعِمْ عَلَيَّ بِفَتَاةٍ كَهَذِهِ الحَسْنَاء، تمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء، أَجِدُ فِيهَا الأُمَّ الحَنُونَ وَالَابْنَ البَارَّ وَالتِّلمِيذَ المُؤَدَّب، وَقَبْلَ كُلِّ هَذَا وَذَاكَ الزَّوْجَةَ الوَفِيَّة، لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِ هَذِهِ الأَيَّام، كُلُّ مَا يَهُمُّهَا المُوضَةُ وَمُشَاهَدَةُ الأَفلَام
سَارَتْ مُغَرِّبةً وَسِرْتُ مُشَرِّقاً شَتَّانَ بَينَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبِ
إِنَّ الخَطَأَ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ أَكْثَرُ الفَتَيَاتِ عِنْدَ الزَّوَاجِ أَنهُنَّ يَبْحَثْنَ عَنِ السَّعَادَةِ في الزَّوْجِ الغَنيّ، أَوْ صَاحِبِ المَنْصِبِ أَوْ المَشْهُور، وَيَنْسَونَ أَنَّ اللهَ تَعَالى قَسَّمَ المَوَاهِبَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاق: فَالقَلبُ الطَّيِّبُ نِعْمَةٌ حُرِمَ مِنهَا كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ، وَالمُرُوءةُ أَيْضَاً نِعْمَةٌ حُرِمَ مِنهَا كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ 00!!
لَيْتَ الفَتَاةَ المِصْرِيَّةَ كَمَا تُقَدِّرُ المَظَاهِرَ وَالمَادِّيَّاتِ تُقَدِّرُ المَبَادِئَ وَالقِيَمَ النَّبِيلَة،
فَمِنْ سُوءِ الحَظِّ أَنَّ الجَمِيلَةَ لَيْسَتْ أَصِيلَة، وَأَنَّ الأَصِيلَةَ لَيْسَتْ جَمِيلَة 00!!
لَيْتَهَا تَعْرِفُ أَنَّ الحُبَّ يُسْعِدُ من غَيرِ مَال، أَمَّا المالُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْعِدَ من غير حُبّ 00!!
فَلَو كَانَ المَالُ يَنفَع فىكلِّ شَيْءٍ لَنَفَعَت قَارونَ أَمْوالُه، وَلَو كَانَ المَالُ هُوَ كُلُّ شَيءٍ لَقَبلنَا لِبَنَاتِنَا فرعَونَ وَهَامَان، وَرَفَضنَا مُوسَى بنَ عِمْرَان 00!!
كَمْ كُنْتُ أَتمَنى فَتَاةً: عَاقِلَةً وَجَمِيلَةً وَأَصِيلَة، لِدَرَجَةٍ تجْعَلُني أَتَسَاءَلُ:
مَا الَّذِي أَعْجَبَني فِيهَا 00؟!
هَلْ أَصْلُهَا، أَمْ شَكلُهَا، أَمْ عَقلُهَا، أَمْ كُلُّهَا 00؟!!
فَتَاةً: تَقِفُ بجَانبي وَأَنَا لَا أَزَالُ في بِدَايَةِ الطَّرِيق، طَرِيقِ الشَّوْكِ وَالعَذَاب، لَا فَتَاةً: تَأتِيني بَعْدَ وُصُوليَ إِلى المَجْدِ وَتَقُولُ لي إِنِّي مُعْجَبَةٌ بِكَ وَبِأُسْلُوبِكَ الجَذَّاب 00!!
فَتَاةً: أَجِدُ فِيهَا القَلبَ الكَبِير، وَالعَقلَ الكَبِير، وَأَلقَى مِنهَا كُلَّ احْترَامٍ وَتَقدِير 00!!
تِلكَ الَّتي أَنتَظِرُهَا عَلَى أَحَرِّ مِنْ جَمْرِ الغَضَى، وَسَأَجْعَلُ يَوْمَ مجِيئِهَا عِيدَاً 0
فَإِنَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً قَدْ تُسْعِدُ الرَّجُلَ طِيلَةَ حَيَاتِه، وَامْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ قَدْ تُتعِسُهُ طِيلَةَ حَيَاتِه، وَلَقَدْ عِشْتُ حَيَاةً تَعِيسَةً قَبْلَ الزَّوَاجِ وَلَيْسَ مِنَ المَعْقُولِ أَن أَعِيشَهَا مَرَّتَين 00!!
آهٍ ثُمَّ آهٍ ثُمَّ آه؛ تَعَبٌ كُلُّهَا الحَيَاة 00
لَوْ كُلُّ مَا يَتَمَنى المَرْءُ يُدْرِكُهُ مَا كُنْتَ تَلقَى امْرَءَاً في الكَوْنِ مَهْمُومَا
يَبْدُو أَنَّ الغَنيَّ فَقَط هُوَ الَّذِي مِن حَقِّهِ أَنْ يَقطِفَ مَا شَاءَ مِنَ الوُرُود، أَمَّا الفَقِيرُ فَلَوْ شَمَّ وَرْدَةً لَقِيلَ لَهُ قَدْ جَاوَزْتَ الحُدُود 00!!
الحَسْنَاء، تمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء، أَجِدُ فِيهَا الأُمَّ الحَنُونَ وَالَابْنَ البَارَّ وَالتِّلمِيذَ المُؤَدَّب، وَقَبْلَ كُلِّ هَذَا وَذَاكَ الزَّوْجَةَ الوَفِيَّة، لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِ هَذِهِ الأَيَّام، كُلُّ مَا يَهُمُّهَا المُوضَةُ وَمُشَاهَدَةُ الأَفلَام
سَارَتْ مُغَرِّبةً وَسِرْتُ مُشَرِّقاً شَتَّانَ بَينَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبِ
إِنَّ الخَطَأَ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ أَكْثَرُ الفَتَيَاتِ عِنْدَ الزَّوَاجِ أَنهُنَّ يَبْحَثْنَ عَنِ السَّعَادَةِ في الزَّوْجِ الغَنيّ، أَوْ صَاحِبِ المَنْصِبِ أَوْ المَشْهُور، وَيَنْسَونَ أَنَّ اللهَ تَعَالى قَسَّمَ المَوَاهِبَ كَمَا {رَبِّ لَا تَذَرْني فَرْدَاً وَأَنْتَ خَيْرُ الوَارِثِين}
لَا تحرِمنيَ يا رَبِّي مِنِ امرَأَةٍ عَيْني تقَرُّ بِهَا في الخلقِ وَالخلقِ
أَنْسَى بِهَا مُرَّ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ محَنٍ وَيَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ الجدْبِ بالوَرَقِ
إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِير، وَبحَالِ الشَّبَابِ بَصِير، وَأَنتَ نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير 00!!
ثَانِيَاً: التَّبَرُّجُ وَالسُّفُور
{إنَّ كيْدَ الشّيطَانِ كَانَ ضَعِيفاً وَلَكِنَّ كَيدَهنَّ عَظِيم}
مِنَ الجَدِيرِ بِالذِّكرِ أَيُّهَا الأَحِبَّةُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ غَلَاءَ المُهُور: لَيْسَ هُوَ السَّبَبَ الوَحِيدَ في تفشِّي الزِّنَا والفُجُور، فَهُنَاكَ التَّبَرُّجُ والسُّفُور، والذي كَلَامُنَا بِإِذنِ اللهِ حَوْلَهُ سَيَدُور، في ضَوْءِ الجُزْءِ الثَّانِي مِنْ سُورَةِ النّور:
{وَليَسْتَعْفِفِ الذينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحَاً حَتىَّ يُغْنِيَهُمُ الله مِنْ فَضْلِه}
لقدْ حَارَ فِكري في أوّل الأمْرِ: بأيّ الفِئَتَيْنِ أبدأ ـ بالرّجال أم النّساء ـ فكما أنّ الزّنا مُشتركٌ بين الرّجل والمرأةِ فالعفافُ أيضاً مُشتَرَكٌ بين الرّجُلِ والمرأة، ثُمّ قرَّرْتُ أَخِيرَاً ـ بَعدَمَا فَكرت كَثيرَاً ـ أَن أَبدَأَ بِالنّسَاء؛ أَلَا ترَى يَا أَخي أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى عندما أتى على أَحَطِّ وَأَخبَثِ مَخْلُوقَاتِهِ الشّيطانِ الرَّجِيمِ قَالَ:{إنَّ كيْدَ الشّيطَان كَانَ ضَعيفَاً} 00!! [النِّسَاء: 76]
وَلمَّا أَتَى عِندَ النِّسَاءِ قَالَ {إنّ كَيْدَكُنَّ عَظِيم} 00!! [يُوسُف: 14]
ألَا ترى يا أخي أنّ الله سبحانه وتعالى عِنْدَمَا تَكَلَّمَ عَنِ الفِتَنِ ذَكَرَ أَوَّلَ مَا ذَكَرَ فِتنَةَ النِّسَاء، رَغْمَ أَنَّ المَالَ والبَنِينَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنيَا، إِلَاّ أَنَّهُ قَدَّمَهُنَّ عَلَيْهِمَا فَقَالَ سبحانه وتعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ
المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّة} [آلُ عِمْرَان: 14]
ألَا ترى يا أخي أنّ الله سبحانه وتعالى عِنْدَمَا تَكَلَّمَ عَنِ الزّنا قدّم الزّانية على الزّانِي فَقَالَ {وَالزّانيَةُ وَالزَّاني} لَمَّا كانَتِ المَرْأَةُ عَادَةً هِيَ الَّتي تَتَّخِذُ الزِّنَا حِرْفَةً لهَا، وَقَالَ {السَّارِقُ والسَّارِقَة} لمَّا كَانَ الرّجَالُ أَقْوَى وَأَقْدَر عَلَى السّرقةِ مِنَ النِّسَاء 00!!
لِذا سَوْفَ نَبْدَأُ بِالعَفَافِ عِنْدَ النّساء: المُتَمَثِّلِ في الحِجَاب، الَّذِي قَالواْ عَلَيْهِ خِيَامٌ علّقت فوق الرّقاب 00!!
{اسْتَمِعْ عِنْدَمَا تَكُونُ المُتَحَدِّثَةُ عَنِ الحِجَابِ امْرَأَة}
إِنَّ التَّضيِيقَ عَلَى الحِجَاب وَمحارَبَةَ الزِّيِّ الإسلَاميِّ ليْسَا جَدِيدَيْن، فَقَد بَدَءَا مُنْذُ الثّلَاثِينيّاتِ عَلَى يَدِ بَعْضِ الأَوْغَاد، وَإنْ كَانتِ الآنَ قَدْ وَضَعَتِ الحربُ أَوزَارَهَا أَوْ تَكَاد 0
كَانتْ تعِيشُ في هَذِهِ الأثناءِ فَتَاةٌ مفكِّرَةٌ أديبة؛ أَرَادَتْ أَنْ تُدْليَ بِدَلوِهَا في هَذا الأمْرِ فقالت ـ تؤيِّدُ تَعليمَ المرأَة وَتَعَارض مَنْ يَربط بَينَ ذَلكَ وَبَينَ خَلع الحجَاب ـ أَيَّامَ كَانَتِ القَضِيَّةُ عَلَى أَشُدِّهَا وَمَثَارَ جَدَلِ الكَثيرينَ مِنَ المُفَكِّرينَ في كُلِّ مَكَانْ، وَحَتىَّ نَضَعَ أيْدِيَنَا في عُجَالَةٍ عَلَى حَقِيقَةِ الأمْرِ فَفِكرةُ تَعْليمِ المَرْأَةِ في حَدِّ ذاتها لَا شيةَ فيها، إنما المُشكلة تكمُنُ فيمَا يَتَرَتَّبُ عَلى ذلِكَ مِنْ مَفَاسِدَ كَاحتكاكها بالرّجال وَافتتانِهِمْ بها 0000000 إِلخ 0
انْظُرْ ـ سُبْحَانَ الله ـ هُمْ يُرِيدُونَ مِنْ تِلكَ الفَتَاةِ أَنْ تَكشِفَ جَسَدَهَا وهِيَ لَا تُرِيدُ أنْ تَكشِفَه، أمَّا اليَوْمَ ـ وَقَدِ انْقلبتِ الموازينُ ـ هُم يُرِيدُونَهَا أَنْ تغَطِّيَ جَسَدَهَا وهِيَ لَا تُرِيدُ أَنْ تغطِّيَهُ 00!!
وَهَكَذَا الفتاة عِنْدَمَا يكونُ لَدَيْهَا دِينٌ يخَافُ الكُلُّ عليها، أمّا عِنْدَمَا لَايكونُ لَدَيْهَا دينٌ يَخَافُ الكُلُّ مِنهَا، وَخَفْ مِمَّنْ لَا يخَافُ اللهَ؛ حَتىَّ أَنَّ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ وَصَلَ بِهِ الأَمْرُ حَدَّ أَنْ قَالَ عَنِ الفَتَاةِ عِنْدَمَا يَكُونُ لَدَيْهَا دِين:
رَبِّ الفَتَاةَ وَأَلْقِهَا بَيْنَ الذّئَاب وَلَا تُبَالِ
اسْمَعْ يَا مُؤمِنْ لِتَرَى وتذوقَ طعْمَ الكلَامِ عن الحجاب، لَا سِيَّمَا عِنْدَمَا تَكُونُ المُتَحَدِّثَةُ عَنهُ امْرَأَةً في رَيْعَانِ الشَّبَابْ، وَمَتي00؟!
أَيَّامَ سَعد زَغلُول، فَاستَمعُوا لما تَقُول 00 يَا أَهلَ العُقُولْ:
أعْمَلْتُ أَقْلَامِي وَحِينَاً مَنْطِقِي في النُّصْحِ والمَأْمُولُ لَمْ يَتَحَقَّقِ
أَيَسُوؤُكُمْ أَنْ تسْمَعُواْ لِبَنَاتِكُمْ صَوْتاً يَهُزُّ صَدَاهُ عِطْفَ المَشْرِقِ
أَيَسُرُّكُمْ أَنْ تَسْتمِرَّ بَنَاتُكُمْ رَهْنَ الإِسَارِ وَرَهْنَ جَهْلٍ مُطْبِقِ
هَلْ تَطْلبُونَ مِنَ الفَتَاةِ سُفُورَهَا حَسَنَاً وَلَكِن أَيْنَ بَيْنَكُمُ التَّقِي
لَا تَتَّقِي الفَتَيَاتُ كَشْفَ وُجُوهِهَا لَكِنْ فَسَادَ الطبْعِ مِنْكُمْ تَتَّقِي
فدَعُواْ النِّسَاءَ وَشَأْنَهُنَّ فَإِنَّمَا يَدْرِي الخَلَاصَ مِنَ الشَّقاوَةِ مَنْ شَقِي
ليْسَ السُّفورُ مَعَ العَفَافِ بضَائِرٍ وَبدُونِهِ فَرْطُ التَّحَجُّبِ لَا يَقِي
فالعفافُ هُوَ الأصل والحِجَابُ هو الصُّورة؛ لِذا فَمِنَ المُؤسِف أَنْ نَخْلَعَ الحِجَابَ لِمُجَرَّدِ أنْ رَأَيْنَا محَجَّبَةً والعياذ بالله (000000) ونقولُ إِنَّ أُوْلَئِكَ المُحَجَّبَاتِ كلُّهُنَّ كَذَا وكَذَا، تمَامَاً كالذينَ يَترُكُونَ الصَّلَاةَ لمُجَرَّدِ أَنْ رَأَواْ إنْسَاناً مُصَلِّيَاً سَرَقَ وَيَقُولُونَ إِنَّ المُصَلِّينَ كُلُّهُمْ لُصُوص 00!!
فيا إخواني (حَفِظَكُمُ اللهُ) الحقُّ لَا يُعْرَفُ بالرِّجَالِ وَإنما الرّجالُ هُمُ الذين يُعْرَفُون بالحَقّ 0 [أ 0 هـ]
يقُولُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:
" صنفان من أهل النّار لم أَرَهُمَا: قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقرِ يضربون بها النّاس ـ زمن البَشَوَاتِ أيَّامَ العبيد والسُّخْرَة ـ ونسَاءٌ كاسياتٌ عاريات ـ يعني أَنَّ الواحدةَ مِنهُنَّ بِرَغمِ أَنَّهَا لَابِسَةٌ تَبْدُو بِغَيْرِ ثِيَاب؛ لِشَفَافِيَةِ ثَوْبِهَا أو لِشِدَّةِ ضِيقِه أَو لِفَرْطِ قِصَرِه ـ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتْ، رُءوسُهُنَّ كأسنمة البخت لَا يَدْخُلنَ الجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " 00!! [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2128 ـ وَالكَنْز: 45013]
وَفي رِوَايَةٍ لِلطَّبرَانيِّ: " وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَات، مَائِلَاتٌ مُمِيلَات، العَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلعُونَاتْ " 00!!
وَعَن أُمِّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنه أَنَّهَا قَالَت: " دَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاق؛ فَأَعْرَضَ عَنهَا صلى الله عليه وسلم وَقَالَ يَا أَسْمَاء: إِنَّ المَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ المَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنهَا إِلَاّ هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلى وَجْهِهِ وَكَفَّيْه " 00!!
[صَحَّحَهُ شَيْخُنَا الأَلبَانِيُّ في سُنَنِ أَبي دَاوُود: 4104 / الشُّعَب: 7796]
وَعَن عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ خَيْرَ شَبَابِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِشُيُوخِكُمْ، وَشَرُّ شُيُوخِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِشَبَابِكُمْ، وَشَرُّ نِسَائِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِرِجَالِكُمْ، وَشَرُّ رِجَالِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِنِسَائِكُمْ " 00!!
[الشُّعَب: 7806]
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَعَنَ اللهُ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاء، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ "00!!
…
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ تحْتَ رَقم: 5885]
أَينَ أَدعِيَاءُ الفِكر وَدُعَاُة تحريرِ المَرأةِ لِتَرَى أَعْينُهُمْ مَا تُعَانِيهِ المرأة الأجنبيّة من الَاغتصابْ؛ بسبب غِيَابِ الحِجَابْ، أين آذانُهُمْ لتسْمَعَ صَرَخَاتِهَا من الذّئاب البشريَّة، إِنَّ المَرأةَ الأجنبيَّةَ الآنَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تخْرجَ منْ بيتها بعدَ التَّاسِعَة مساءً؛ الخَوْفُ من الَاغتصَابِ أَقعَدَهُنَّ في بُيُوتِهِنَّ وَاضطرَّهُنَّ للعمل بقولِهِ سبحانه وتعالى:{وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ} [الأَحْزَاب: 33]
برغم أنّهُم كُفَّارْ، لَا يؤمنون بجنّةٍ ولَا يؤمنون بنار؛ ذلِك لأنّهُ لَا يَصِحُّ إِلَاّ الصَّحِيح، أَيْنَ أنتمْ يَا دُعَاةَ الحُريَّة، وَمَتي كَانتِ المَرْأَةُ مستعبدةً حَتىَّ تُحَرِّرُوهَا يَا مَلَائكةَ الرَّحْمَة 00؟!!
هَلِ اللهُ قَد ظَلَمَهَا وَأَنتم سَوْفَ تُخَلّصُونها من هَذَا الظُّلم00؟!
لَستُم بأَخوَفَ منَ الله عَلَى عبَاده يَا مَرضَى العقول، لَمْ يَزَالواْ بالمَرْأَةِ حَتى
خلّعوها ثِيَابَهَا وَوَدُّواْ لو يخَلِّعُونَهَا دِينَهَا إِنِ استطاعوا؛ ذلك لأنّهمْ يَعلَمُونَ أَنَّ كَأسَاً وَامرَأَةً أَشَدُّ فَتكَاً في الأُمَّةِ المحَمَّدِيَّةِ مِن أَلْفِ مِدْفَع، ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله يَقُولُ الحَقَّ 00!!
اللهُمَّ لَا تُرِنَا في أُمَّةِ الإِسْلَام أَسوَأَ مِمَّا رَأَينَا
تارةً بمِجَلَاتِ العُرْيِ وَتَارَةً بأفلَامِ الجِنْسِ عَبْر بُؤْرَةِ الفَسَادِ ومُسْتَنْقعِ الرَّذيلَةِ التّليفزيون، الَّذِي كَانَ بمَقدُورِهِم أَنْ يمْلَئُوهُ لبناً لَكنّهم مَلَئوهُ خَمْرَاً 00!!
كَيْفَ بالله عَلَيْك ـ يَا مُسْلِمُ يَا مَنْ تُوَحِّدُ الله ـ تَأْمَنُ عَلَى ابْنَتِكَ سَيْلَ الْقُبُلَاتِ السَّاخِنَة، والزِّنَا الصَّرِيحَ الَّذِي تَرَاهُ عَلى شَاشَاتِهِ في الْفِيلِمِ أَوِ المُسَلْسَل 00
وِبِقُبْلَةٍ تُغْوِي المُرَاهِقَ يَنْتَهِي الْفِيلْمُ السَّعِيد
وَالْبِنْتُ كَمَا تَعْرِفُونَ بِسَبْعِ شَهَوَاتْ، ثُمَّ نَقُولُ كَيْفَ تَسَلَّلَ الْفَسَادُ إِلى بُيُوتِنَا 00؟!
إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَاد 00
اللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ نمِيلَ مَيْلاً عَظِيمَا؛ قَاتَلَهُمُ الله 00
صَعَالِيكٌ أَرَادُواْ كَسْبَ مَالٍ مِنَ الجهَّالِ فَاتخَذوهُ سُوقَا
أَفسَدُواْ عَلى النَّاسِ دِينَهُمْ بمَا يُقَدِّمُونَهُ لَهُمْ مِنْ رَقْصٍ شرقيٍّ ورَقْصٍ غربيٍّ وَرَقْصٍ شَمَالِيٍّ ورَقْصٍ جنوبيٍّ، رَقَصَتْ عليهم حيَّةٌ بسبعةِ أذناب، لَا يريدون بأيَّةِ حالٍ من الأحوال أن تقوم للإسْلَام قائِمَة 00!!
والذي عَمَّتْ بِهِ البَلِيَّةُ الدِّشُّ وَمَا ينقله إلينا من سُمُوم الغربِ وآفَاتِهِ تحتَ مُسَمَّيَاتٍ شَتي: كُلَّمَا نَزَغَهُم الشّيطان نزغةً قَصَّرواْ في الثّوب شَيْئَاً وقالواْ
آخر صَيحَة 00 أَحدَث موديل 00 مُوضة (2000) 00!!
{تَعَدَّدَتِ الأَسْمَاءوَالشَّرُّ وَاحِدُ}
{لَيْتَنَا قَلَّدْنَاهُمْ في التُّكْنُولُوجْيَا والطبّ كَمَا}
{قَلَّدْنَاهُمْ في المُوضَة وَالميني جِيبّ}
نَظَرُواْ إِلى الغَرْبِ وَأَخَذُواْ مِنهُم أَسوَأَ مَا عِندَهم، اخْتَارُواْ كُلَّ شيءٍ عَار: واتخذوهُ شِعَار 00!!
فَتَشَبَّهُواْ بِالغَرْبِ حَتىَّ أَوْشَكُواْ أَنْ يَعْبدُوهُ عِبَادَةَ الأَصْنامِ
تَقلِيدَ أَعمَىً قَلدُواْ وَلِذَا فَقَدْ تَبِعُواْ نِظامَهُمُ بِغَيرِ نِظَامِ
كل هذا لِيَكُونُواْ كَالغَرْبِ وَشَتَّانَ بَيْنَ جَرَّةِ المَالِحِ وَجَرَّةِ العَسَلْ00!!
فَلوْ لَبِسَ الحمَارُ ثِيَابَ خزٍّ لقالَ الناسُ يا لَكَ مِن حِمارِ
وَالخَزُّ هُوَ الحَرِيرْ، لَيْتَنَا قَلَّدْنَاهُمْ في الهندسة وَالتُّكْنُولُوجْيَا والطبّ، كَمَا قَلَّدْنَاهُمْ في " الموضة والمِيني جِيبّ " 00!!
حَتىَّ تبرَّجنا تبرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى، والرَّسُولُ عليه الصلاة والسلام مِن أَلفٍ ورُبعِمِاْئَةِ عَام: قَال هَذَا الكَلَام:
عَن عَبدِ الله بنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتي مَا أَتَى عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْل، حَتىَّ إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَن أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً؛ لَكَانَ في أُمَّتي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِك، وَإِنَّ بَني إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّة، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّة، كُلُّهُمْ في النَّارِ إِلَاّ مِلَّةً وَاحِدَة؛ قَالُواْ: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ الله 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 2641]
وعن أبى عبد الله الزبير بن العوام، وَرُوِيَ أَيْضَاً عَن حَكِيمِ بْنِ حِزَام رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأَن يَأخذَ أَحَدكم أَحْبُلَهُ ـ أَيْ حَبَائِلُه ـ ثم يَأتي الجَبَلَ، فَيَأتي بحزمَة من حَطَب عَلَى ظَهرِهِ فَيَبيعَها فَيَكف الله بهَا وَجهَهُ خَير له من أَن يَسأَلَ الناسَ أَعطوه أَو مَنَعوه " 00!!
[أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ بِرَقم: 1471، 2074 / وَمُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقم: 1042 / الكَنز: 16787]
وَتَقدِيرُ الكَلَامِ أَيْ لأَنْ يحتَطِبَ أَحَدُكُمْ خَيرٌ لَهُ مِن أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئَا 00!!
أوَّلاً الضَّبُّ هَذَا حَيَوَانٌ كَالتِّمسَاحِ مِن حَيث الشَّكلِ أَمَّا مِن حَيث الطّولِ فَهوَ نِصفُ مِترٍ تَقرِيبَاً يؤكَلُ لحمُه، إِلَاّ أَنّه حَيَوَانٌ ضَعِيف، لَيْسَ لَهُ فَكٌّ كَفَكِّ التّمساحِ وَلَا مخالِبُ كَمَخَالِبِ النَّمِرِ فَكَيْفَ يُدَافِعُ عَنْ نفسِهِ 00؟!
وَلِذَا يَأوي إِلى جُحْرِهِ الحَيَّاتِ وَالعَقَارِبَ وَالثَّعَابين 00!!
وَمِن هُنَا ضَرَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِهِ المثلَ فَقَالَ حَتىَّ لو دَخَلوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلتُمُوهُ: أَيْ حَتىَّ لَوْ دَخَلُواْ جُحْرَ الحَيَّاتِ وَالعَقَارِبِ وَالثّعابينِ لَدَخَلتُمُوهُ وَذَلِكَ هُوَ التَّقْلِيدُ الأَعْمَى00!!
{يا أُمةً ضَحِكَت مِنْ جَهلِها الأُمَمُ}
حَتىَّ في اللعِبِ لَا نَسْتَطِيعُ تقليدهم فيه 00 " خِيبة بالويبة بِعِيد عَنَّكْ " 00!!
أَلَسْنَا قَدْ أَهَنَاهُ فَهَانا وَقُلنَا كُنْ فِرِنجِيَّاً فَكَانا
**********
رَأَيْنا إِعْجاز الغرب على مسْمَعٍ وَبَصَرْ
حَتىَّ لَم نعُد نستبعد إن نبي فيه ظهرْ
وقصَارى مَا فعلنَا أثنينا عَلى مَا ابتكرْ
{صَحَفِيَّة أَمْرِيكِيَّة تُوَبِّخُ الفَتَاةَ المِصْرِيَّة عَلَى}
{تَقلِيدِهَا لِفَتَيَاتِ أُورُوبَّا وَأَمْرِيكَا}
قَبْلَ كَلَامِ الصَّحَفِيَّة الأَمْرِيكِيَّةِ؛ لأَنَّهُ طَوِيلٌ وَجمِيل: أَنْقِلُ إِلَيْكُمْ مَا كَتَبَتْهُ صَحَفِيَّةٌ بِرِيطَانِيَّةٌ أُخْرَى تحْتَ نَفْسِ العُنوَانِ بجَرِيدَةِ الأَهْرَامِ العَدَدِ الصَّادِرِ بِتَارِيخْ (27/ 3 / 1962) كَتَبَتْ تَقُول:
" إِنَّ اهْتِمَامَ المَرْأَةِ العَرَبِيَّةِ بِالمُوضَاتِ الغَرْبِيَّةِ وَحِرْصَهَا الشَّدِيدَ عَلَى تَقْلِيدِ المَرْأَةِ الغَرْبِيَّةِ في تَصَرُّفَاتِهَا وَطِبَاعِهَا أَمْرٌ لَا تَسْتَسِيغُهُ السَّائِحَاتُ الغَرْبِيَّاتُ عِنْدَ قُدُومِهِنَّ إِلى القَاهِرَة، وَلَا يَرْفَعُ مِنْ سُمْعَتِهَا في الخَارِجِ كَمَا تَظُنّ، لَقَدْ صُدِمْتُ جِدَّاً بمُجَرَّدِ نُزُولي مَطَارَ القَاهِرَة؛ حَيْثُ كُنْتُ أَتَوَقَّعُ أَنَّني سَأُقَابِلُ المَرْأَةَ الشَّرْقِيَّةَ بمَعْني الكَلِمَة، وَلَا أَقصِدُ بِذَلِكَ المَرْأَةَ الَّتي تَرْتَدِي البرْقُعَ وَلَا يَظْهَرُ مِنهَا إِلَاّ عَيْنَاهَا، وَلَكِنِ المَرْأَةَ الشَّرْقِيَّةَ في زِيِّهَا المُتَحَضِّرِ الَّذِي يَتَّسِمُ بِالطَّابَعِ الشَّرْقِيّ، وَتَتَصَرَّفُ بِالطَّرِيقَةِ الشَّرْقِيَّة، لَكِنيِّ لَمْ أَجِدْ هَذَا بِالمَرَّة،
فَالمَرْأَةُ الَّتي تَرَكتُهَا في أُورُوبَّا هُنَاكَ هِيَ نَفسُهَا الَّتي قَابَلتُهَا في مَطَارِ القَاهِرَة؛ الأَزْيَاء: هِيَ نَفسُهَا الأَزْيَاء، حَتىَّ التَّسْرِيحَةِ هِيَ نَفسُهَا،
وَالمَكْيَاجُ نَفسُه، حَتىَّ طَرِيقَةِ الكَلَامِ وَالمِشْيَة نَفسُهَا " 00!!
وَتُذَكِّرُنِي هَذِهِ الفَقرَةُ الأَخِيرَةُ مِنْ كَلَامِ الكَاتِبَةِ بِأُسْطُورَةٍ قَدِيمَةٍ تَقُولُ أَنَّ غُرَابَاً رَأَى حُبَّرَةً تَمْشِي فَأَعْجَبَتهُ مِشْيَتُهَا؛ فَظَلَّ يُعَالجُهَا زَمَانَاً فَلَمْ يَسْطَعْ
تَقلِيدَهَا وَاتخَذَتْهُ الطُّيُورُ سُخْرِيَّا 00!!
فَلمَّا أَن أَرَادَ العَوْدَةَ إِلى مِشْيَتِهِ الأُولَى كَانَ قَدْ نَسِيَهَا 00!!
فَذَلِكَ هُوَ مَثَلُ الفَتَاةِ المُسْلِمَةِ عِنْدَمَا تَبْتَغِي العِزَّةَ في غَيرِ الإِسْلَام 00!!
وَتُوَاصِلُ الكَاتِبَةُ قَوْلَهَا:
" لَقَدْ صَدَمَني مِنَ المَرْأَةِ الشَّرْقِيَّةِ أَنْ تَتَصَوَّرَ أَنَّ التَّمَدُّنَ وَالتَّحَضُّرَ هُوَ تَقلِيدُ المَرْأَةِ الغَرْبِيَّة، وَنَسِيَتْ أَنَّهَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَمَدَّنَ وَأَنْ تَتَحَضَّرَكَيْفَمَا شَاءَتْ مَعَ الَاحْتِفَاظِ بِطَابَعِهَا الشَّرْقِيِّ الجَمِيل "00!!
انتَهَى قَوْلُ الكَاتِبَة البرِيطَانِيَّة، وَهَا هُوَ ذَا قَوْلُ الكَاتِبَةِ الأَمْرِيكِيَّةِ وَالذِي يُكَمِّلُ بِدَوْرِهِ كَلَامَ الكَاتِبَةِ البرِيطَانِيَّةِ وَكَأَنَّهُمَا خَرَجَا مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَة، إِنَّهَا مِشْكَاةُ الحَقّ، وَالحَقُّ مَا أَتَى عَلَى لِسَانِ الأَعْدَاء 00
تَقُولُ هَذِهِ الكَاتِبَة وَاسْمُهَا " هِيلِيسْتِيَانْ سِنْسِبَرِي ":
" امْنَعُواْ فَتَيَاتِكُمُ الَاخْتِلَاط، وَقَيِّدُواْ حُرِّيَّةَ المَرْأَة " 00 هَكَذَا بَدَأَتِ الكَاتِبَةُ قَوْلَهَا في صَحِيفَةِ الجُمْهُورِيَّةِ بِتَارِيخ (9/ 6/1962) وَقَالَتْ الصَّحِيفَةُ في التَّعْرِيفِ بِالكَاتِبَة: غَادَرَتِ الكَاتِبَة الأَمْرِيكِيَّة " هِيلِيسْتِيَانْ سِنْسِبَرِي "
القَاهِرَةَ بَعْدَمَا أَمْضَتْ بِهَا عِدَّةَ أَسَابِيعَ زَارَتْ خِلَالَهَا المَدَارِسَ وَالجَامِعَات، وَالمَلَاجِئَ وَالمُسْتَشْفَيَات، وَمَرَاكِزَ رِعَايَةِ المَرْأَةِ وَالطِّفْل، وَمُؤَسَّسَاتِ الأَحْدَاثِ وَبَعْضَ الأُسَرِ في مختَلَفِ الأَحْيَاءِ لِعَمَلِ بحْثٍ شَامِلٍ حَوْلَ مَشَاكِلِ الشَّبَاب، وَهِيلِيسْتِيَانْ صَحَفِيَّة أَمْرِيكِيَّةٌ مُتَجَوِّلَة، تُرَاسِلُ أَكْثَرَ مِن مِاْئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ صَحِيفَةً وَمِجَلَّةً أَمْرِيكِيَّة، وَلهَا مَقَالٌ يَوْمِيٌّ يَقرَأُهُ المَلَايِين، أَكْثَرُهُمْ شَبَابٌ تَحْتَ العِشْرِين، وَعَمِلَتْ بِالإِذَاعَةِ وَالتِّلِيفِزْيُون أَكْثَرَ مِن عِشْرِينَ عَامَا، ثمَّ كَتَبَتِ الصَّحَفِيَّةُ تَقُول:
" إِنَّ المُجْتَمَعَ العَرَبِيَّ كَامِلٌ وَسَلِيم، وَمِنَ الجَدِيرِ بِهَذَا المُجْتَمَعِ أَن يَتَمَسَّكَ بِتَقَالِيدِهِ وَعَادَاتِهِ الَّتي تُقَيِّدُ حُرِّيَّةَ الشَّابِّ وَالفَتَاة في حُدُودِ المَعْقول: فَعِنْدَكُمْ عَادَاتٌ وَتَقَالِيدُ مَوْرُوثَةٌ تحَتِّمُ تَقيِيدَ المَرْأَةِ وَتحَتِّمُ احْترَامَ الأَبِ وَالأُمّ، وَتمْنَعُ الإِبَاحِيَّةَ الغَرْبِيَّةَ الَّتي تُعَانِي أُورُوبَّا وَأَمَرِيكَا مِنهَا اليَوْم؛ فَإِنَّ القُيُودَ الَّتي تَفرِضُهَا المجْتَمَعَاتُ العَرَبِيَّةُ عَلَى الفَتَاةِ الصَّغِيرَة: وَأَقصِدُ بِالفَتَاةِ الصَّغِيرَةِ الَّتي تَحْتَ سِنِّ العِشْرِين، هَذِهِ القُيُودُ في مَصْلَحَةِ الفَتَاة؛ وَلِذَا أَنصَحُ بِالتَّمَسُّكِ بِهَا، والبُعْدِ عَنْ الَاخْتِلَاطِ وَتَقيِيدِ حُرِّيَّةِ الفَتَاة 00!!
ارْجِعُواْ إِلى عَصْرِ الحِجَاب، فَهَذَا خَيرٌ لَكُمْ مِنَ المُجُونِ وَالتَّهَتُّكِ الَّذِي عَلَيْهِ أُورُوبَّا وَأَمرِيكَا اليَوْم، امْنَعُواْ فَتَيَاتِكُمْ الَاخْتِلَاطَ قَبْلَ سِنِّ العِشْرِين؛
فَقَدْ عَانَيْنَا الأَمَرَّيْنِ مِنهُ في أَمرِيكَا، لَقَدْ أَصْبَحَ المجْتَمَعُ الأَمْرِيكِيُّ اليَوْمَ مُجْتَمَعَاً مُعَقَّدَاً، مَلِيئَاً بِكُلِّ صُوَرِ الخَلَاعَةِ وَالمُجُون، وَأَكثَرُ ضَحَايَاهُ مِنَ المُرَاهِقِينَ تحْتَ سِنِّ العِشْرِينَ يمْلئُونَ السُّجُونَ وَالحَانَاتِ وَالبَارَاتِ وَالشُّقَقَ الخَارِجَةَ عَنِ الآدَاب 00!!
إِنَّ الحُرِّيَّةَ الَّتي أَعْطَيْنَاهَا لأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا أَصْبَحْنَا نُعَانِي مِنهَا اليَوْمَ مُرَّ المُعَانَاة؛ فَقَدْ جَعَلَتْ مِنهُمْ مُنحَرِفِينَ وَعِصَابَاتٍ لِلمُخَدِّرَات، ثُمَّ أَوْدَعَتهُمْ في النِّهَايَةِ السُّجُونَ وَالإِصْلَاحِيَّات 00!!
إِنَّ الَانحِلَالَ وَالَاخْتِلَاطَ عِندَنَا اليَوْمَ في أَمْرِيكَا قَدْ هَدَّدَ الأُسَرَ وَزَلزَلَ القِيَمَ وَأَفسَدَ الأَخْلَاق 00!!
فَالفَتَاةُ الصَّغِيرَةُ عِندَنَا اليَوْمَ تُمَارِسُ الجِنسَ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ شَابّ، وَتَشْرَبُ الخَمْرَ وَالسَّجَائِرَ وَتَتَعَاطَى المُخَدِّرَاتِ بِاسْمِ المَدَنِيَّةِ وَالحُرِّيَّة، وَتَلهُو وَتُعَاشِرُ مَنْ ترِيدُ وَمَنْ تَشَاءُ تحْتِ سَمْعِ وَبَصَرِ عَائِلَتِهَا وَوَالِدَيْهَا وَمُدَرِّسِيهَا 00!!
تَتَزَوَّجُ في دَقَائِقَ وَتُطَلَّقُ بَعْدَ سَاعَات، وَلَا يُكَلِّفُهَا ذَلِكَ أَكْثَرَ مِن تَوْقِيعٍ وَعِشْرِينَ دُولَار " 00!!
[فِقْهُ السُّنَّةِ طَبْعَةُ الفَتحِ لِلإِعْلَامِ العَرَبِي بِتَصَرُّف 0 بَابُ التَّبَرُّجِ: 139/ 2]
لَيتَنَا فَعَلنَا ـ يَا إخوَان ـ كَمَا فَعَلَتِ اليَابَان: أَخَذَت مِنَ الغَرْبِ العِلمَ والتّكنولوجيا وتركت لهم ما هم فيه من الَانحلَالٍ والضّياع 00!!
الَاتحَادُ السُّوفِيتيُّ عِنْدَما انهارَ كُلُّ دُوَلِ العَالَمِ أَخَذَتْ عُلَمَاءَ الذَّرَّة، الَّذِينَ كَانَ الْوَاحِدُ مِنهُمْ يَعِيشُ عِيشَةَ مَلِكٍ في رُوسْيَا 00
وَكَانَ أَقَلُّ مَنْ مَعَهُ لَهُ عِشْرُونَ طَبَّاخَا
إِلَاّ نحنُ ـ مَعْشَرَ العَرَب ـ أَخَذْنَا رَاقِصَاتِ البَالِيه، صَحِيحٌ أَنَّا لَسْنَا الَّذينَ استَورَدنَاهُمْ، لكِنِ الذينَ استَوْرَدُوهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُواْ عَلى يَقِينٍ تَامٍّ بِأَنَّنَا سَنُشَاهِدُهُمْ لَمَا اسْتَوْرَدُوهُمْ 00!!
خَلَاعَةُ الثّيَاب هِيَ الَّتي تُزَيِّنُ الزِّنَا في عَيْنِ الشَّبَاب
إنّ الإِسْلَامَ بَلَغَ مِن حِفَاظِهِ عَلَى المَرأَةِ حَدَّ أَنْ قَالْ دَرْءَاً لِلشُّبُهَات:
{وَإَذا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب} [الأَحْزَاب: 53]
ذَلِكَ لأَنَّ خَلَاعَةَ الثّيَاب: هِيَ الَّتي تُزَيِّنُ الزِّنَا في عَيْنِ الشَّبَاب 00!!
وَلِذَا قَالَ عليه الصلاة والسلام في الزِّنَا الَّذِي تَفَشَّى هَذِهِ الأَيّام:
" مَا تَرَكت فِتنَةً بَعدِي أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النّسَاء "00!!
وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ سَيِّدِنَا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: " لتتّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كانواْ قَبلكُمْ شِبراً بشِبر، وذِراعاً بِذِراعْ، حَتىَّ لو دَخَلوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخلتموه " 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِرَقم: 7320 / وَمُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2669]
وَهَذه العبَارَة الأَخيرَة: بحثت عَنهَا في مَعَاجمَ كَثيرَة؛ لأَعْرِفَ مَا هُوَ السَّيِّئُ في حياة الضّبِّ حَتىَّ يَضْرِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِهِ المثَل 00؟!
حَتىَّ عَثَرت أَخِيرَاً عَلَى السَّبَبِ في كُتُبِ الحَيَوَان 00!!
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ لَقِيَ امْرَأَةً مُتَطَيِّبَةً تُرِيدُ المَسْجِد؛ فَقَالَ رضي الله عنه:
يَا أَمَةَ الجَبَّار؛ أَيْنَ تُرِيدِين 00؟
قَالَتِ المَسْجِد، قَالَ رضي الله عنه: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ 00؟!
قَالَتْ نَعَمْ؛ قَالَ رضي الله عنه: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:
" أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلى المَسْجِد؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتىَّ تَغْتَسِل " 0
[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: (4002)، الكَنْز: 45183]
عَن أُمِّ حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله؛ إِنيِّ أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَك؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعي، وَصَلَاتُكِ في بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ في حُجْرَتِك، وَصَلَاتُكِ في حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ في دَارِك، وَصَلَاتُكِ في دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ في مَسْجِدِ قَوْمِك، وَصَلَاتُكِ في مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ في مَسْجِدِي "؛ فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لهَا مَسْجِدٌ في أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتىَّ لَقِيَتِ اللهَ عز وجل " 0
[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 27090]
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَا صَلَّتِ المَرْأَةُ صَلَاةً أَحَبَّ إِلى اللهِ مِنْ صَلَاتِهَا في أَشَدِّ بَيْتِهَا ظُلمَةً " 00!!
[حَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ في تحْقِيقِهِ وَتَعْلِيقِهِ عَلَى التَّرْغِيب: 345 / الكَنْز: 45190]
وَعَن أَبي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِلنِّسَاءِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ خَارِجٌ مِنَ المَسْجِدِ وَقَدِ اخْتَلَطَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاء: " اسْتَأخِرْنَ، لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تخْفُقنَ الطَّرِيقَ ـ أَيْ تَسْتَحْوِذنَ عَلَيْه ـ عَلَيْكُنَّ حَافَّاتِ الطَّرِيق؛ فَكَانَتِ المَرْأَةُ تَلصَقُ بِالجِدَارِ حَتىَّ إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالشَّيْءِ يَكُونُ في الجِدَارِ مِنْ لُزُومِهَا إِيَّاهْ " 00!!
[صَحَّحَهُ الأَلبَانِيّ 0 الشُّعَب: 7822]
وعَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " ثَلَاثَةٌ لَا يُسْأَلُ عَنهُمْ ـ كِنَايَةً عَنْ سُوءِ مَصِيرِهِمْ ـ رَجُلٌ فَارَقَ الجَمَاعَةَ وَعَصَى إِمَامَهُ فَمَاتَ عَاصِيَاً، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبِقَ مِنْ سَيِّدِهِ فَمَات، وَامْرَأَةٌ غَابَ زَوْجُهَا وَقَدْ كَفَاهَا مُؤنَةَ الدُّنيَا فَتَبَرَّجَتْ بَعْدَهُ " 00!! [الشُّعَب: 7797]
عَن أَبي المَلِيحِ الهُذَلِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّ نِسَاءً مِن أَهْلِ حِمْصٍ دَخَلْنَ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَنَهَتْهُنَّ عَنْ دُخُولِ الحَمَّامَاتِ وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا في غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَاّ هَتَكَتِ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 25408، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2803]
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ أَيْضَاً رضي الله عنه أيضاً أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال:
" والذي نفسي بيدهِ ما من امْرَأةٍ وَضَعَت ثِيَابَهَا في غَيرِ بَيتِ إِحْدَى أمَّهَاتِها إِلَاّ وهِيَ هَاتِكَة كل سِتر بينَهَا وَبَينَ الرحمَن عز وجل " 00!!
[صَحَّحَهُ العَلَامَة أَحْمَد شَاكِر بِالمُسْنَدِ تحتَ رَقم: 25283/الكنز: 45098]
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال:
" المَرْأَةُ عَوْرَة؛ وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَان؛ وَإِنَّهَا أَقرَبُ مَا تَكُونُ إِلى اللهِ وَهْيَ في قَعْرِ بَيْتِهَا " 00!!
…
[الكَنْز: 45158]
وَاسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ أَيِ اجْتَهَدَ في إِظهَارِهَا 0
أَلَا تَرَى كَيْفَ بَالغَ القُرْآنُ في سَترِهِ لِلمَرْأَةِ إِلى دَرَجَةِ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِحْ حَتىَّ بِاسْمِهَا فَدَائِمَاً يَقُول: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا}
[المُجَادَلَة: 1]
{وَرَاوَدَتهُ الَّتي هُوَ في بَيْتِهَا عَنْ نَفسِه} [يُوسُف: 23]
{وَامْرَأَةً مُؤمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفسَهَا لِلنَّبيّ} [الأَحْزَاب: 50]
إِلَاّ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ لِيَقُولَ اللهُ لِلكَافِرِينَ الذِينَ رَمَوْهَا بِالبُهْتَانِ في عِفَّتِهَا كَمَا شَهَّرْتُمْ بهَا في الفَحْشَاء: فَسَوْفَ أَضْرِبُ بِهَا المَثَلَ الطُّهْرِ وَالنَّقَاء 00!!
وَعَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " خَير نِسَائِكُمُ العَفِيفَة الغَلِمَة: عَفِيفَةٌ في فَرجِهَا غَلِمَةٌ عَلَى زَوجَهَا " 00!!
[وَغَلِمَةٌ أَيْ شَدِيدَةُ الشَّهْوَة 0 أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ 0 الكَنز: 45148]
وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " بَيْنَمَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى بَابٍ مِن أَبْوَابِ المَسْجِدِ مَرَّتْ امْرَأَةٌ عَلَى دَابَّةٍ فَلَمَّا حَاذَتْ بِالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَثَرَتْ بِهَا، فَأَعْرَضَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَكَشَّفَتْ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ عَلَيْهَا سَرَاوِيل؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم رَحِمَ اللهُ المُتَسَرْوِلَات " 00!!
[الشُّعَب: 7808 / الكَنز: 41244]
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لعن الله الواصلةَ والمُسْتَوْصِلَة، وَالوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَة، وَفي رِوَايَةٍ لَابْنِ مَسْعُودٍ لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ وَالمُتَنَمَّصَاتْ، المُتَفَلِّجَاتِ لِلحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ لخَلقِ الله " 00!!
[أَخْرَجَهُ الإِمَامُ البُخَارِيّ: 5940، 5943/ وَمُسْلِم: 2124، 2125]
وَالوَاشِمَة هِيَ الَّتي تَدقُّ الوَشْم، أَمَّا وَالمُسْتَوْشِمَةُ فَهْيَ الَّتي يُدَقُّ لهَا الوَشْم وَالنَّامِصَةُ الَّتي تُرَقِّقُ الحَوَاجِب، أَمَّا المُتَنَمِّصَة فَهْيَ الَّتي يُفعَلُ بِهَا ذَلِك 0
أَيْنَ اللَائي يَتَكَسَّبْنَ مِنْ وَرَاءِ محِلَاتِ الكُوَافِير، وَيُغَيِّرنَ خَلقَ اللهِ ليَسْمَعُواْ مَا قَالَهُ فِيهِمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ليَعْلمُواْ أنَّ مَكْسَبَهُمْ حَرَام، وَمَطعَمَهُمْ حَرَام، وَمَشْرَبَهم حَرَامْ، وَمَلبَسَهُمْ حَرَام 00؟!!
وَمِنَ الجَدِيرِ بِالذِّكْرِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ {فَلَيُغَيِّرْنَ خَلْقَ الله} الوَارِدَة في الآيَةِ
الكَرِيمَة نَزَلَتْ فِيمَنْ يُغَيِّرُونَ خَلقَ البهائم ـ لَمْ يَقومُواْ بِعَمَلِيَّةِ اسْتِنْسَاخ لِلنَّعْجَة دُوللِّي، إِنمَا فَقَطْ كَانُواْ يُبَتِّكُونَ آذَانَ الأَنعَامِ: أَيْ يُشَقِّقُونَهَا آذَانَ الأَنعَامِ فَتَوَعَّدَهُمُ اللهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَسَمَّاهُمْ مُغَيِّرِينَ لخَلْقِ اللهِ فَكَيْفَ بمَنْ يُغَيِّرُ خَلْقَ الإِنْسَان 00؟!!
يُعَلِّقُ فَضِيلَةُ الشِّيخْ عَبْدُ الحَمِيدْ كِشْك عَلَى هَذَا المَوْضُوعِ فَيَقُول:
" لَقَدْ حَضَرْتُ مُشْكِلَةً زَوْجِيَّةً لإِحْدَى بَنَاتِ الذَّوَات ـ ذَوَاتِ الحَسَبِ وَالنَّسَبِ طَبْعَاً ـ قُمْتُ بَعْدَهَا وَالعَرَقُ يَتَصَبَّبُ مِنيِّ وَالحِكَايَةُ تَدُور: خَلْفَ جُدْرَانِ القُصُور (القُصُورِ مِنَ الدِّينِ وَالأَخْلَاقِ) حَضَرْتُ هَذِهِ المُشْكِلَةَ الَّتي أَصَرَّتِ الزَّوْجَةُ فِيهَا عَلَى الطَّلَاق، وَلَمْ يَكُ في الأَمْرِ غَرَابَةٌ فَهَذِهِ هِيَ عَادَةُ النِّسَاءِ إِلَاّ مَا رَحِمَ رَبِّي، كَمَا قَالَ الحَبِيبُ صلى الله عليه وسلم: " يُكثرْنَ اللِّعَانَ وَيَكْفُرْنَ العَشِير؛ لَو أَحْسَنْتَ إِلى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئَاً قَالَتْ لَمْ أَرَ مِنْكَ خَيرَاً قَط " 00!!
[وَالعَشِيرُ هُوَ الزَّوْج 0 صَحَّحَهُ العَلَامَة أَحْمَدْ شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقم: 3569]
أَغْرَبُ مَا في الأَمْرِ الأَسْبَابُ الَّتي اسْتَنَدَتْ إِلَيْهَا المَرْأَةُ لِتُبرِّرَ مَطْلَبَهَا، وَكَانَ الزَّوْجُ قَدْ هَدَاهُ اللهُ جل جلاله فَغَضِبَتْ صَاحِبَةُ الجَلَالَةِ لِلأَسْبَابِ التَّالِيَة:
1 ـ أَنَّهُ لمْ يَسْمَحْ لهَا بِالذَّهَابِ إِلى الكُوَافِير مَتي شَاءتْ وَكَيْفَمَا شَاءتْ
2 ـ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَحْ لهَا بِالذَّهَابِ إِلى السِّينِمَا مَتي شَاءتْ وَكَيْفَمَا شَاءتْ
3 ـ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَحْ لَهَا بِالذَّهَابِ إِلى البِلَاجِ مَتي شَاءتْ وَكَيْفَمَا شَاءتْ
هَكَذَا بِأَدَوَاتِ الشَّرْطِ الجَازِمَةِ الحَازِمَة 00!!
جَلَسَ الزَّوْجُ مُنهَارَاً أَمَامَ هَذِهِ المَطالِبِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّلَاق: نَفَقَةٌ بَاهِظَةٌ وَمُؤَخَّرُ صَدَاق، وَأَخِيرَاً انفَضَّ المَجْلِسُ عَلَى لَا شَيْء؛ لأَنَّ صَاحِبَةَ الجَلَالَةِ تُقَدِّسُ هَذِهِ الأُمُورَ الثَّلَاثَة: السِّينِمَا، وَالبِلَاج، وَالكُوَافِير 00!!
وَيرْحَمُ اللهُ زَمَانَاً كَانَتِ المَرْأَةُ لَا تخْرُجُ إِلَاّ ثَلَاثَ مَرَّات: مَرَّةً مِنْ رَحِمِ أُمِّهَا وَمَرَّةً مِنْ بَيْتِ أَبِيهَا إِلى بَيْتِ زَوْجِهَا، وَالمَرَّةُ الأَخِيرَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا محْمُولَةً عَلَى الأَعْنَاقِ إِلى مَثوَاهَا الأَخِيرِ وَمُسْتَقَرِّهَا وَمُسْتَوْدَعِهَا: إِلى قَبرِهَا حَلَاقٌ يحْلِقُ لهَا دِينَهَا، وَسِينمَا تَهْدِمُ أَخْلَاقَهَا، وَشَاطِئٌ يُعَرِّي جَسَدَهَا 00!!
أَزِفَتِ الآزِفَة، لَيْسَ لهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَة، يَا أُمَّةَ الإِسْلَامِ اصْطَلِحُواْ مَعَ الله، اعْقِدُواْ مُعَاهَدَةَ صُلحٍ مَعَ الله، وَاللهِ لَوْ رَبَّيْنَا النُّفُوسَ عَلَى الإِسْلَامِ لأَمْكَنَنَا أَنْ نَغْزُوَ الدُّنيَا بَرَّاً وَبحْرَاً وَجَوَّا " 00!! [الخُطَبُ المِنْبَرِيَّة 0 لِلشِّيخْ عَبْدِ الحَمِيدْ كِشك بِتَصَرُف: 92/ 3]
{الفَتَاةُ الَّتي اغْتُصِبَتْ في مَيْدَانٍ عَامّ}
تذكُرُونَ يا أحِبَّتي الكِرَام، مِنْ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَعْوَام: الفَتَاةَ الَّتي اغتُصِبَتْ في مَيْدَانٍ عَام، لَعَلَّ بَعْضَكُمْ رَأَى صُورَتَهَا عَلَى صَفَحَاتِ الصُّحُفِ وَالمَجَلَات، وَرَأَى كَيفَ كَانَ تَبَرُّجُهَا 00!!
هَذِهِ لَوْ رَعَتِ الله وَحَفظَته لَرَعَاهَا الله وَحَفظَهَا؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى يَقول:
{إنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ} [محَمَّد: 7]
أَسُوقُ إِليكُمْ هَذا الكَلَامَ يَا أحِبَّتي الكِرَامَ (وَاللهُمَّ لَا شَمَاتَة) لأَنَّ السَّعيدَ مَن وُعِظَ بِغَيره، ولتَعلَمُواْ أَنَّ خَلَاعَةَ الثّيَاب، وقِلّةَ الحِجَاب: هِيَ أَوَّلُ مَا يُزَيِّنُ الزِّنَا في عُيُونِ الشَّبَاب 00!!
{المَرْأَةُ الَّتي تمشِي وَيَسبِقُهَا عِطرُهَا}
وَوَاللهِ الَّتي تَضَعُ هَذِهِ الأَشيَاءَ شَرٌّ مِنَ الزَّاني وَالقَاتِلْ، قَد يَقُولُ قَائِل:
ـ شَرٌّ مِنَ الزَّاني وَقَدْ عَلِمْنَا؛ لأَنَّهَا تُزَيِّنُ الزِّنَا في عُيُونِ الشَّبَاب، أَمَّا شَرٌّ مِنَ القَاتِل "
فَهَذِهِ فِيهَا نَظَرْ، إِنَّكَ تبالِغ في الأَمْر 00
ـ كَلَا وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَه إِلَاّ هُوَ لَا أُبَالِغ يَا أَخِي: " شَرٌّ مِنَ الزَّاني وشَرٌ مِنَ القَاتِل " 00؛ أَلَسْنَ يَتَفَنَنَ في فِتنَةِ الرِجَال 00؟! 00؟!
ـ بَلَى 00
ـ وَالفِتنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتل، الفِتنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتل00!!
الوَاحِدُ مِنَّ يَخرُجُ مِن المَسْجِدِ يَسْتَغفرُ الله وَيَجِدُ هؤلَاءِ في وَجْهِهِ كَالشّياطِين، تَارَةً يَأتُونَهُ عَنِ الشِّمَالِ وَأُخْرَى عَنِ اليَمِين 00!!
حَتىَّ أَصبَحَ العُزَّابْ: حَيَاتُهُم في عَذَاب 00!!
وَيَرْحَمُ اللهُ الشِّيخْ السَّيِّدْ سَابِق عِنْدَمَا نَوَّهَ إِلى هَذِهِ النُّقطَةِ فَقَال:
" إِنَّ الفَتَاةَ اليَوْمَ تخْرُجُ إِلى الجَامِعَةِ وَيَسبِقُهَا عِطرُهَا 00!!
وَرُبمَا تَنْسَى أَجِنْدَةَ محَاضَرَاتِهَا لَكِنَّهَا لَا تَنْسَى أَبَدَاً صَابِعَ الرُّوج وَالبروشّ وَالإِسْوِرَة 00!!
لَا تُفَرِّقُ في ذَلِكَ بَينَ الذَّهَابِ إِلى الجَامِعَةِ وَالذَّهَابِ إِلى حَفْلَةٍ مِن حَفَلَاتِ أَضْوَاءِ المَدِينَة " 00!!
…
[فِقهُ السُّنَّة بِتَصَرُّف 0 بَابُ التَّبَرُّجِ: 139/ 2]
لَيْت وَزَارَةَ التَّعْلِيم ـ في بَلَدِنَا الكَرِيم ـ تَتَوَلَّى بِنَفْسِهَا الإِشْرَافَ عَلَى زِيِّ الفَتَاةِ الجَامِعِيِّ، وَالفَتَاةُ المُتَمَجِّنَةُ في زِيِّهَا لَا يُسْمَحُ بِالدُخُولهَا، بِالله عَلَيكَ لَوكلُّ البَنَاتِ محتَشِمةٌ هَلْ كُنتَ سَتَلقَي شَابَّاً واحِدَاً يفَكِّرُ في الزِّنَا 00؟!
{البِيئةُ الوبِيئة: هِيَ الَّتي تُشَجِّعُ}
إِنَّ البِيئةَ الوبِيئةَ هِيَ الَّتي تُشَجِّعُ الشَّاب عَلَى الخَطِيئَة، فَصَبرٌ جَمِيل؛ إِنَّمَا يُعَدُّ لَهُمْ عَدَّا 00!!
تخرُجُ الواحِدةُ مِنهُنَّ مِن مِحَلِّ الكُوافِير: كَعرُوسَةِ المَولِدِ مخطّطةً مِنْ كُلِّ صِنفٍ وَلَون، وَرُءوسُهُنَّ عَلَى حَدِّ قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كأسنِمَة البُخت، صَحِيحٌ أَنَّهَا تَكُونُ حُلوَةً، لَكِنْ تَذَكَّرُواْ يَا إخوَانِي أَنّهُ جَمَالٌ صِنَاعِيّ ـ لَا جَمَالٌ رَبَّانِيّ ـ تجِدُ صَاحِبَتَه:
كَالوَردَةِ الصناعِية مَهْمَا أَحسَنُواْ شَكلها
فَصَارَتْ كَالطَّبِيعِية وَرْدَةٌ لَا رِيحَ لهَا
وَالَّتي تَضَعُ هَذِهِ الأَشيَاءَ وَاحِدةٌ مِنَ اثنَتَيْن ـ لِنَرَى فَقَطْ تَفَسُّخَهَا ـ إِمَّا قَبِيحَةٌ تَقُولُ لَو وَضَعْتُهُ:
لسَجَدَ مَن أَسْجُدُ قُدَّامهُ قُدَّامِيَه
[وَالسُّجُودُ طَبْعَاً هُنَا بمَعْنَاهُ المَجَازيّ؛ حَيثُ السُّجُودُ لَا يَكُونُ إِلَاّ لله]
إِذَا كَانَت قَبِيحَةً تَقُولُ لَو وَضَعْتُهُ:
لَسَجَدَ مَن أَسْجُدُ قُدَّامَهُ قُدَّامِيَه
فَزَمَانُنَا جَائِرٌ وَأَحْكَامُهُ قَاسِيَة
لَا يَغْفِرُ لِلْقَبِيحَة وَيَغْفِرُ لِلزَّانِية
لَئِن أَخْطَأَ الخَزَّافُ أَيُّ ذَنْبٍ لِلآنِيَة
وَهَذِهِ قُلْ لهَا استغفري رَبَّكِ ثُمَّ تُوبِي إِلَيْهِ، عُذرٌ أقبَحُ مِنْ ذَنب 00
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَمْ نَسْمَع بمَعشُوقٍ غَزَا القُلُوبَ بِحُسْنٍ فِيهِ مَسْرُوقٍ
أُخْتَ المَسَاحِيقِ إِنَّ الحُسْنَ مَوْهِبَةٌ لَا يُشْتَرَى الحُسْنُ يَوْمَاً مَا مِنَ السُّوقِ
أُخْتَ المَسَاحِيقِ أَعْيى القُبْحُ مُخْفِيَهُ وَإِنْ تَأَنَّقَ فِيهِ كُلَّ تَأْنِيقٍ
كَبَاطِلِ القَوْلِ لَا يَرْضَاهُ سامِعُهُ حَتىَّ وَلوْ نَمَّقُوهُ كُلَّ تَنمِيقٍ
تَقَبَّلِي يَا أُخَيَّتَنَا نَصِيحَتَنَا فَمَا وَضَعْنَا لَهَا بَعْضَ المَسَاحِيقِ
كَلَامٌ لَيْسَ مَغشُوشَاً وَلَا مُزَخْرَفَاً كَكَلَامِ الإِعْلَانَاتْ 00
هَذَا عَنِ القَبِيحَة، أَمَّا الجَمِيلَةُ: فَلو سَأَلتَهَا لمَ هَذَا التَّفَسُّخُ يَا مَدَام 00؟!
تَقُولُ لَك: أَنَا نَعَمْ أَلبِسُ مَلَابِسَ قَصِيرَة، ونَعَمْ أَضَعُ الأَحْمَرَ وَالأَخْضَرَ ونَعَمْ أَمشِي مَعَ فُلَانٍ وَفُلَان، وَنَعَمْ أَشْيَاء أُخْرَى لَمْ تَكُنْ في الحُسْبَان، لَكِن قُلُوبُنَا عَامِرَةٌ بالإيمَان 00!!
وَهذِهِ نَقُولُ لَهَا لَقَد وَهَبَكِ الله حُسنَ الخَلقِ فَتَمِّمِيهِ بِحُسنِ الخُلُق 00
وَيَكفي يا ابْنَتي أنّ الخِمَارا عَلى الحَسْنَاءِ أَحْسَنُ مَا يَكونُ
كَانَتِ السَّيِّدَةُ أُمُّ سَلَمَةَ هِيَ وَالسَّيِّدَةُ عَائِشَةُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَطَرَقَ عَلَيْهِمَا البَابَ عَبْدُ الله ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الصَّحَابِيُّ الأَعْمَى؛ فَقَالَ لهُمَا النَّبيُّ ** صلى الله عليه وسلم **
احْتَجِبَا؛ فَقَالَتَا إِنَّهُ أَعْمَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَوَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا " 00؟! [رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ بِرَقم:4112 وَالتِّرْمِذِيُّ بِرَقم:2778 وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيح]
انظُرْ: كَانَ صلى الله عليه وسلم يحْجُبُ نِسَاءهُ وَهُنَّ أُمَّهَاتُ المُؤمِنِينَ عَنِ العُمْيَان؛ فَكَيْفَ بِالمُبْصِرِينَ وَنِسَاؤُنَا لَسْنَ كَأُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ في الإِيمَان 00؟!!
فَوَالله يَا أُختي مَهمَا تَفَنّنتِ في إغوَائِنَا فَإِنَّا ـ حَتىَّ الفَسَقَةِ مِنَّا ـ عِندَمَا نُفَكِّرُ في الزَّوَاجِ نَأخُذُ ذَاتَ الخِمَارِ وَلَيسَتْ ذَاتَ الأَحْمَرِ والأَخضَر الَّتي تَتَسَكَّعُ بِالطُّرُقَات؛ مِمَّا يجْعَلُهَا مَطمَعَاً لأَصْحَابِ الشَّهَوَات 00!!
إِنَّ الفَتَاةَ حَدِيقَةٌ وَحَيَاؤُهَا كَالمَاءِ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بَقَاؤُهَا
لَا خَيرَ في حُسْنِ الفَتَاةِ وَعِلْمِهَا إِنْ كانَ مِن غَيْرِ الحَيَاءِ رِدَاؤُهَا
المَرْأَةُ الَّتي اسْتَحْيَتْ مِنْ رَجُلٍ مَيِّت
وَتَعَاليْ بنَا لِنَرَى السَّيَّدَةَ عَائشَةَ رضي الله عنه مَاذَا قَالَتْ عنْدَمَا دُفنَ الفَارُوقُ عُمَرُ وَكَانَ قَدِ استَأذَنَهَا في حَيَاته أَنْ يُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَالصِّدِّيق، وَقَالَ لَابنِهِ استَأذنهَا يَا بُنيَّ مَرَّةً أخرَى بَعْدَ ممَاتِي؛ فَعَلّهَا تَكُونُ قَدِ استَحيَت مِنيِّ في حَيَاتي، فَاسْتَأذَنَهَا فَأَذِنَتْ لَه، اسْمَع مَاذَا تَقُولْ زوجَةُ الرَّسُول:
عَن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَير رضي الله عنه عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتيَ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبي؛ فَأَضَعُ ثَوْبي وَأَقُول: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبي؛ فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ؛ فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُ إِلَاّ وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابي؛ حَيَاءً مِن عُمَر " 0 [قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 ح / ر: 25660]
انظُرْ: كَانَتْ تَرتَدي خِمَارَهَا حَيَاءً منْ رَجُلٍ مَيّتْ؛ فَكَيفَ بِمَنْ لَا
يَسْتَحْيُونَ مِن أَمْوَاتٍ وَلَا أحْيَاء، وَالوَاحِدُ مِنهُمْ مَهْمَا كَانَتْ عفّتُهُ فَلَنْ
يَكُونَ أَعَفَّ من أَمير المُؤمنين عُمَرْ 00!!
يَقُولُ سبحانه وتعالى بِسُورَةِ الأَحزَاب: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتكَ وَنسَاء المُؤمنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ، ذَلِكَ أَدنَى أَنْ يُعرَفنَ فَلَا يُؤذَين، وَكَانَ الله غَفُورَاً رَحِيمَا}
…
[سُورَةِ الأَحْزَاب آيَة: 59]
{حَتىَّ العَجُوزِ الطَّاعِنَةِ في السِّنِّ}
{أَمَرَهَا الإِسْلَامُ بِالحِجَاب}
حَتىَّ العَجُوزِ الطَّاعِنَةِ في السِّنِّ ـ الَّتي لَيْسَ لِلرِّجَالِ حَاجَةٌ فِيهَا ـ أَمَرَهَا الله سبحانه وتعالى أَنْ لَا تَظهَرَ عَلَيْهِم؛ فَبَعدَ أَنْ قَال سبحانه وتعالى:
قَالَ: {وَأَنْ يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُنَّ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمْ} [النُّور: 60]
{أَوَّلُ فِتْنَةِ بَني إسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاء}
إِنَّ الله سبحانه وتعالى نَهِيَ عَن كلِّ مَا يثِيرُ الفِتنَةَ حَتىَّ عَن إِلَانَةِ الصَّوتِ وَالكَلَامِ النَّاعِمِ فَقَال سبحانه وتعالى: {فَلَا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي في قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَوْلاً مَعْرُوفَا} [الأَحْزَاب: 32]
وَيَقول هَذَا الكَلَامَ لِمَن 00؟!
لخَيرِ النسَاءِ زَوْجَاتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَكيف بزَوْجَاتِنَا 00؟!
وَلمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ النِّسَاءِ هِيَ شَرَّ الفِتَنِ حَتىَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ في خُطْبَةِ الوَدَاعِ الَّتي كَانَتْ بِمَثَابَةِ وَصِيَّةِ مُوَدِّعٍ لأُمَّتِه: " إنَّ الدنيَا حُلوَة خَضرَة وإن الله مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فِيَنظرَكَيفَ تَعمَلون فَاتَّقُواْ الدُّنيَا وَاتَّقُواْ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَني إسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاء " 00!!
[أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ 0 الشعب: 5412، 5413]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النّسَاءِ وَلَوْ مِن حُلِيِّكُنّ؛ فَإِنَّكُنَّ أَكثَرُ أَهْلِ النَّار " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (7981)، وَأَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقم: (3569/ 3559)، الكَنْز: 45081]
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَثَلُ المَرْأَةِ الصَّالحَةِ في النِّسَاءِ كَمَثَلِ الغُرَابِ الأَعْصَمِ الَّذِي إِحْدَى رِجْلَيْهِ بَيْضَاء " 00!!
…
...
…
[الكَنْز: 45145، 45086]
إِخوَانِي وَأَخَوَاتِي: هُنَاكَ أُنَاسٌ أَعْطَاهُمُ الله سبحانه وتعالى عُقُولاً وَلَكِنَّهُ لمْ يُعْطِهِمْ قُلُوبَاً، أَوْ بمَعنيً أَوْضَحْ: وَهَبَهم ذَكَاءً لَكنَّهُمْ استَغَلُّوهُ في الشَّرّ بَدَلاً مِنَ اسْتِغْلَالِهِ في الخَيرِ ـ وتِلكَ هِيَ مُشكِلتنَا ـ تجِدُ العَاقِلَ غَيْرَ مُتَدَيِّنٍ وَالمُتَدَيِّنَ غَيْرَ عَاقِلٍ إِلَاّ مَا رَحِمَ رَبِّي، إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيم 00!!
قَالَ وَاحِدٌ مِن هَؤلَاء، وَبَعضُ النّاس قَوْلُهُ وَبَوْلُهُ سَوَاء:
لَا تُشيدُوا بالمَصون وَتَذُمُّواْ في المَكشوفْ
فَالحُسنُ بِلَا عُيُون كالشذَا بِلَا أنوفْ
وَكَمَا قَيَّضَ الله قُرَنَاءَ يَدعُونَ إِلى النَّارِ قَيَّضَ قُرَنَاءَ يَدعُونَ إِلى الجَنَّةِ فَانبَرَى لَه سَرِيعَاً مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ فَقَال:
الشذا مِلكُ الكلِّ وَالمرْأَةُ مِلكُ الزَّوْجْ
سَمِعَهُ أَحَدُ الزَّجَّالِينَ وَكَانَ جَالِسَاً فَقَالْ:
"ومَا يِرْضَاشِ تْكُونِ اللِّي مَا يِشترِي يِتفرَّجْ "
يَا لَيْتَ شِعْريَ ما تُبْدِي الفَتَاةُ غَدَاً بَعْدَ الَّذِي قَدْ بَدَا مِنْ جِسْمِهَا الآنَا
لَسْنا نَعُودُ إِلى المَاضِي بِغَادَتِنَا وَلَا نُرِيدُ لَهَا سِجْنَاً وَسَجَّانَا
لَكِنَّ لِلذَّوْقِ حَدَّاً لَا يجَاوِزُهُ وَلِلشَّرِيعَةِ والأَخْلَاقِ مِيزَانَا
قَدْ كُنْتُ أَحْلُمُ بِالحَسْنَاءِ لَائِذَةً بخِدْرِهَا فَبِمَاذَا أَحْلُمُ الآنَا
{كَمْ سَلَبَ الهوَى عَقلاً وَدِينَا}
أَفَوْقَ الرُّكْبَتَينِ تُشَمِّرِينَا بِرَبِّكِ أَيُّ نَهْرٍ تَعْبُرِينَا
مَضَى الخَلْخَالُ حِينَ السَّاقُ أَمْسَتْ تُطَوِّقها عُيُونُ النَّاظِرِينَا
تَظُنِّينَ الرِّجَالَ بِلَا شُعُورٍ لأَنَّكِ رُبَّمَا لَا تَشْعُرِينَا
كأَنَّ الثَّوْبَ في النُّقْصَانِ ظِلٌّ يَزِيدُ تَقَلُّصَاً حِينَاً فَحِينَا
وَلَيْسَ بِعَاصِمٍ عَقْلٌ وَدِينٌ فَكَمْ سَلَبَ الهَوَى عَقْلاً وَدِينَا
حِكمَتَان عَلّمُوهُمَا لِبَنَاتِكُمْ: الوَاحِدُ مِنَّا لَوْ رَأَى قِطْعَةً مِنَ الزجَاجِ مُغَلَّفَةً بِفاتْرِينَا لَظَنَّهَا جَوْهَرَةً 00!!
وَلَوْ رَأَى قِطْعَةً مِنَ الجَوْهَرِ مُلقَاةً بِالشَّارِعِ لَكَذَّبَ عَيْنَيْهِ وَظَنَّهَا قِطْعَةً مِنَ الزُّجَاجِ وَأَمَاطَهَا عَنِ طرِيقِ النَّاسِ لِئَلَا تُؤْذِيهِمْ 00!!
وَعَلِّمُوهُنَّ أَنَّ مَثَلَ الفَتَاةِ ذَاتِ الخِمَارِ وَالَّتي تخْرُجُ بِشَعْرِهَا كَمَثَلِ التُّفَّاحِ المَكْسِيِّ بِالوَرَقِ السُّلُوفَانِ وَالتُّفَّاحِ المُتَكَاثِرِ عَلَيْهِ الذُّبَاب، وَحَبِّبُواْ إِلَيْهِنَّ الحِجَاب، حَتىَّ يخْفِيَهُنَّ مِن أَعْيُنِ الذِّئَاب 00!!
وَمَنْ رَعَى غَنَمَاً في أَرْضِ مَسْبَعَةٍ وَنَامَ عَنهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الذِّيبُ
اللهُمَّ اهدِ الجَمِيلَاتِ الكَاسِيَاتِ العَارِيَاتِ إِنّهُنَّ أَضْلَلنَ كَثِيرَاً مِنَ النّاس 0
وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَنَّهُ مِنْ تمَامِ الفَائِدَةِ أَن أُلحِقَ بِهَذَا البَابِ بَعْضَ القَصَصِ الوَاقِعِيَّةِ للفَتَيَاتِ التَّائِبَاتِ لَا سِيَّمَا المَشْهُورَاتِ مِنهُنَّ عَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَ بهَا 00
{تَوبَة الممَثلَة هَالَة فُؤَاد}
" أَرَى أَنني ارتَكبت مَعصيَة وَخَطَئَاً كَبيرَاً في حَق رَبي وَديني، وَعَلَى هَذَا الأَسَاس أَتمني أَن يَغفرَ الله لي وَأَنْ يُسَامحني " 00!!
هَذَا مَا قَالَته الممَثلَة (سَابقَا) هَالَة فؤَاد بَعدَ تَوبَتهَا وَاعتزَالها الفَنَّ وَارتدَائهَا الحجَاب، وَإِعلَانها التَّفَرغَ التَّامَّ لرعَايَة زَوجهَا وَأَولَادهَا وَبَيتهَا، تَروي قصَّتَهَا فَتَقول:
"منذ صغَري وَأَنَا بدَاخلي شعورٌ قَويٌّ يَدفَعني إِلى تَعَاليمِ الدينِ وَالتمَسك بالقيَم وَالأَخلَاق الحَميدَة، وَبالتحديد عندَمَا كنت في المَرحَلَة الإعدَادية
كنت لَا أحب حَيَاةَ الأَضوَاء وَالظهور في المجتَمَعَات، وَكَانَت سَعَادَتي الكبرَى أَن أَظَل دَاخلَ مَنزلي، وَلَكن النفسَ الأَمَّارَةَ بالسوءِ وَالنظرَ إِلى الآخَرينَ وَتلكَ التبريرَاتِ الشيطَانيةَ كَانَت وَرَاءَاتجَاهي لهَذَا الطريق، وَشَاءَ الله سبحانه وتعالى أَن يَبتَليَني بمصيبةٍ أَعَادَتني إِلى فطرَتي وَتَبَينَ لي من خلَالهَا الضلَال منَ الهدَى، في لحظةٍ كنت فِيهَا قَابَ قَوسَين أَو أَدنى منَ المَوت، وَذَلكَ أَثنَاءَ عَمَلية الولَادَة الأَخيرَة حَيث سَدت المشيمَة عنقَ الرحمِ وَكَانَ الأَطباء يَستَخدمونَ مَعي الطلقَ الصنَاعي قَبلَ الولَادَة بثَلَاثَة أَيام، وَحَدَثَ لِي نَزيف حَادٌّ هَددَ حَيَاتي بِخَطَرٍ كَبيرٍ فَأجريَت لِي عَمَلية قَيصَرية، وَبَعدَ العَمَلية ظَلَلت أعَاني منَ الآلَام، وَفِي اليَوم السابعِ الَّذِي كَانَ منَ المفترَضِ أَن
أغَادرَ فِيه المستَشفَي فوجئت بأَلَمٍ شَديد في رجليَ اليمني: فَأَصَابَهَا وَرَم ضَخمٌ وَتَغَيرَ لَونها؛ فَقالَ ليَ الأَطباءُ إِنَّكِ أصبت بجَلطَة 00!!
شَعَرت وَأَنَا في هَذه الظروفِ بإحسَاس دَاخلي يَقول لي: إنَّ اللهَ لَنْ يَرضَى عَنك وَيَشفِيَك إِلَاّ إذَا اعتَزَلت التمثيلَ خَاصَّةً وَأَنك في دَاخلك مقتَنعَةٌ أَنَّ التمثيلَ حَرَام، وَلَكِنَّكَ تُزَيِّنِينَهُ لِنَفْسِك، وَالنفس أَمارَة بالسوء 00!!
أَزعَجَني هَذَا الشعورُ جِدَّاً لأَنني أحب التمثيلَ كَثِيرَاً وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنيَ لَا أَسْتَطِيع الحَيَاةَ بدونه، وَفي نَفْسِ الْوَقْتِ خِفْتُ أَن أَتخِذَ خُطْوَةَ الَاعْتِزَالِ ثُمَّ أَتَرَاجَعُ عَنهَا فَيَكون عَذَابي عِنْدَ اللهِ شَدِيد 00!!
المهمُّ عُدتُ إِلى بَيتي وَبَدَأتُ أَتَمَاثَل للشفَاءِ وَالحمْدُ لله، وَرجْلي اليُمْني بَدَأَ يَطرَأ عَلَيهَا تَحسُّنٌ كَبير، ثم فَجأَةً وَبدون إِنذَار انتَقَلَت الآلَامُ إلَى سَاقِيَ اليسرَى، وَكُنْتُ قَدْ شَعَرت قَبلَ ذَلكَ بآلَام في ظَهري، نَصَحَني الأَطباءُ بعَمَل علَاج طَبيعيٍّ لأَن عَضَلَاتي أَصَابها ارتخَاءٌ نَتيجَةً لرقَادي في السريرِ مُدَّةً طَوِيلَة، وَكَانَت دَهشَتي أَن تَنتَقلَ الجَلطَة إِلى السَّاقِ اليسرَى بصورَة مُفَاجِئَةٍ أَشَد وَأَقوَى منَ السَّاقِ اليُمْني 00!!
كَتَبَ لي الطبيبُ دَوَاءً قَويَّا جدَّاً، شَعَرت مَعَهُ بآلَام شَديدَة في جسمي، استَخدَمَ مَعي أَيضَا حقَنَا أخرَى شَديدَةً لعلَاج هَذه الجَلطَة في الشرَايين، وَلَم أَشعر بتَحَسنٍ وَازدَادَت حَالَّتي سوءَاً، هنَا بَدَأتُ أَشعُرُ بهبوط حَادٍّ وَضَاعَت أَنفَاسي، وَشَاهَدت كل مَن حَولي في صورَة بَاهتَة، وَفَجأَةً:
سَمعت مَنْ يَقول لي قولي لَا إلَه إِلَاّ الله، فَقلتُ لَا إلَهَ إِلَاّ اللهُ محمدٌ رَسول الله، نَطَقت بِالشهَادَةِ وَفي هَذه اللحظَةِ تحَدثت مَعَ نَفسي وَقلت لها سَوفَ تَنزلينَ القَبرَ وَتَرحَلينَ إِلى الله وَالدار الآخرَة، فَكَيفَ سَتقَابلينَ اللهَ وَأَنت لَم تمتَثلي لأَوَامره، وَقَضَيت حَيَاتَك بالتبرجِ وَالوقوف في مَوَاقف الفِتنَةِ من خلَال عَمَلِكِ بالتمثيل 00؟! مَاذَا سَتَقولينَ عندَ الحسَاب 00؟!
هَل سَتَقولينَ إن الشيطَانَ قَد هَزَمَني 00؟!
لَقَد رَأَيت الموتَ حَقَّاً، وَلَكن للأَسَفْ: فَكلنا نَتَنَاسَى هَذِهِ اللحظة، وَلَو تَذَكَّرَ كل إِنسَان تلكَ اللحظَة فَسَوفَ يَعمَل لَهَا أَلفَ حسَاب، يجب أَن
نتثقف دينيا حَتىَّ لَا نكون مسلمين بالوراثة، ويجب أنْ نتعمَّق في دراسة القرآن والسنة والفقه؛ فإننا نعاني من أمية دينية ولَا بد من تكاتف كل الجهات لتثقيفِنَا دِينِيَّا، ولنْ يتم ذلك من خلَال برنامج أو برنامجين 00!!
وباختصارٍ قمت بمحاكمة سريعة لنفسي في تلك اللحظاتِ فَشعرتُ فجأة بأنني استردُّ أنفاسي، وبدأت أرى كل من يقف حولي بوضوح تامّ، فَإِذ بِزَوْجِي قَد أصبحَ وَجْهُهُ شديد الَاحْمرارِ وَيَبْكي بشدة، وَإِذ بِوالدي في حالٍ يُرثى لها، أما والدتي فقد قامت في ركن من الحجرة تصلي وتدعو الله، سألت الطبيبَ ماذا حدث 00؟!!
فَقالَ احمدي اللهَ لَقَد كُتب لك عُمر جديدْ 00!!
بدأت أفكر في هذه الحادثة الَّتي حدثت لي وأذهلت الأطباءَ وَكُلِّ من حولي وَفكرت في الحياة كمْ هي قصيرةٌ ولَا تستحق منا كل هذا الَاهتمام، فقررت في نَفسِي أن أرتدي الحجابَ وأكون في خدمة بيتي وأولَادي، وَأَن أَتفرغ لِتَنشِئَتِهِمُ التَّنشِئَة الصحيحة، وهذه أعظم رِسَالَة 0
وَهَكَذَا عَادَتْ هَالَةُ إِلى رَبِّهَا، وَأَعْلَنَتْ قَرَارَهَا الأَخِيرَ بِاعْتِزَالِ التَّمْثِيل، تِلْكَ المِهْنَةِ المَهِينَة، الَّتي تَجْعَلُ مِنَ المَرْأَةِ دُمْيَةً رَخِيصَةً يَتَلَاعُبُ بِهَا أَصْحَابُ الشَّهَوَات، إِلَاّ أَنَّ هَذَا القَرَارَ لَمْ يَرُقْ لِكَثِيرٍ مِنَ تُجَّارِ أَصْحَابِ القَنَوَات، الَّذِينَ يُرَوِّجُونَ بِضَاعَتَهُمْ بِالجِنْسِ وَإِثَارَةِ الغَرَائِز ـ فَمِنهُمْ مَنْ رَمَاهَا بِالجُنُون، وَمِنهُمْ مَنِ ادَّعَى أَنَّهَا تَرَكَتِ التَّمْثِيلَ بِسَبَبِ مَرَضِهَا وَعَجْزِهَا عَنِ المُوَاصَلَة،
وَتَرُدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَقُول: إِنَّ هُنَاكَ مِن أَعْلَامِ الفَنّ، مِمَّن هُمْ أَكْثَرُ مِني نجُومِيَّةً وَشُهْرَةً؛ قَدْ تَعَرَّضُواْ لِتَجَارِبَ أَقْسَى بِكَثِيرٍ مِمَّا تَعَرَّضْتُ لَهُ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَّعِظُواْ 00!!
ثُمَّ تُضِيفُ تِلْكَ الفَنَّانَةُ الفَاضِلَةُ وَتَقُول: وَالغَرِيبُ أَنَّ هَذَا الوَسَطَ قَدِ انْقَسَمَ إِزَاءَ قَرَارِيَ هَذَا إِلى قِسْمَين: فَبَعْضُهُمْ جَاءوْني يُهَنِّئُون، وَبَعْضُهُمْ اتَّهَمَني بِالجُنُون، وَهَؤُلَاءِ أَقُولُ لَهُمْ: إِذَا كَانَ الَامْتِثَالُ لأَوَامِرِ اللهِ جُنُونَاً، فَإِنّيَ لَا أَمْلِكُ إِلَا أَن أَدْعُوَ لَكُمْ بِالجُنُون " 0
[000]
الشِّيخ / محمَّد عَبدِ العَزيزِ المسْنَد في " العَائِدُون إِلى الله " بِالجُزْءِ الثَّالِث 0
{تَوبَةُ المُذِيعَة الشَّهِيرَة سُوزِي مَظهَر}
سوزي مظهر لَها أكثر من عشرين عاماً في مجال الدعوة إِلى الله، ارتبط اسمهما بِاسْمِ الفنانات التائبات، تَرْوِي قِصَّةَ تَوْبَتِهَا فَتَقُول:
تخرجت من مدارس المارديدية في قسم الصحافة بِكلية الآداب، كُنْتُ أَعِيشُ مع جدتي والدة الفنان أحمد مظهر عمي كنت أجوب طرقات حي الزمالك وأرتاد النوادي وَكأني أستعرض جَمالي أمام العيون الحيوانية بلَا حرمة تحت مسمياتٍ شَتي: كَالتحرر والتمدن وَ 0000000000 إِلخْ 0
وَكَانَت جَدتي العجوز لَا تَقوَى عَليَّ حَتىَّ أَبي وَأمي؛ فَأَولَادُ الذوَات هَكَذَا يَعيشون كَالأَنعَام بَل هُمْ أَضَل سَبيلَا، إِلَاّ مَا رَحمَ رَبِّي 00!!
حقيقةً كنت في غيبوبة عن الإسلَام إِلَاّ عنْ بعض حروفه، لكن برغم المال والجاه كنت أخافُ من شيء ما: كَمصادِرِ الغازِ والكهرباءِ وأظن أن الله سيحرقني بِهِمَا جزاءَ ما أنا فيه من معصيَتِه 0
وكنت أقول في نفسي إذا كانت جدتي تصَلي وهيَ مريضة: فكيف أنجو أَنَا من عذاب الله غدا 00؟!!
فأهرب بسرعة من تأنيب ضميري بالَاستغراق في النوم أو بِالذهاب إلَى النادي، وعندما تزوجت ذهبت مع زوجي إِلى أوروبا لقضاء ما يُسمى بشهر العسل، وكان مِمَّا لفت نظري هناك أنني عندما ذهبت إِلى الفاتيكان
في روما وأردت دخول المتحف البَابَوي أجبروني على ارتداء البَالطو الجلد الأسود على الباب 00!!
هكذا يحْتَرِمُونَ دِيَانَاتهِمُ المحَرَّفَة، وهنا قُلتُ في نَفسِي بصَوت خافتٍ لَيْتَنَا نحْتَرِمُ دِيَانَتَنَا الصَّحِيحَةَ كَمَا يحْتَرِمُونَ دِيَانَاتهِمُ المحَرَّفَة 00؟!!
وفي أوج سعادتي الدنيوية المزيفة قلت لزوجي، أريد أن أصلي شكرا لله على نعمته 00؟
…
فأجابني افعلي ما تريدين فهذه حرية شخصية، فَأحضرت معي ذاتَ يَوْمَ ملَابس طويلة وغطاءَاً للرأسِ ودخلت المسْجد الكبيرَ في باريس وأديت الصلَاة، وعلى باب المسْجدِ وَأَنَا خَارِجَةٌ أزحت غطاءَ الرَّأسِ وخلعت الملَابس الطويلة لأضعها في الحقيبةِ وهنا كانت المفاجأة: حَيْثُ اقتربت مني فتاة فرنسية بِعُيُونٍ زرقاءَ ـ لَم أَكُنْ لأَنساها طوال عُمري ـ كَانَت ترتدي حِجَابَاً، أمسكت بِيدي في رفق وربتت على كتفيَّ وقالت بصوت منخفضٍ لِماذا تَخلعين الحجابَ ألَا تعلمين أَنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَ بِه 00؟!!
كنت أستمع لها في ذهول، التمست مني أن أدخل معها المسجد لِبضعِ دقائق، حاولت أن أفلت منها لكن أدبها الجمُّ وحوارُهَا اللطيفُ أجبرني على الدخول، سألتني أتشهدين أن لَا إله إِلَاّ الله 00؟
قُلتُ نَعَمْ، قَالَتْ أتفهمين معناها 00؟
إنها ليست كلمَةً تقال باللسان، بل هِيَ عَمَلٌ بِالجَوَارِحِ وَتصْدِيقٌ بِالفُؤَاد،
لقد علمتني هذه الفتاة أقسى درس في الحياة، اهتزَّ لهُ قلبي وَمشاعري،
ثم صافحتني قائلة: انصري يا أختي هذا الدين 00!!
لَم أعد أختلط بالرجال من الأقارب وغيرهم، ولَم أعد أصافح الذكور، كان امتحانا من الله تَعَالى، لكن أولى خطوات الإيمان هي الَاستسلَامُ لله، وأن يكون الله ورسوله أحب إليَ مما سواهما، حدثت مشاكل كادت أَنْ تفرق بيني وبين زوجي، لكن بحَمْدِ الله فرض الإسلَامُ وجوده على بيتنا الصغير، وهدى الله زوجي وأصبح الآن خيراً مني، أَحسبه كذلكَ ولَا
أُزكيه على الله، وبرغم المرضِ والَابتلَاءَات والحوادث الَّتي تعرضنا لها فنحن سعداء ما دامت مصيبتنا في دنيانا وليست في ديننا 00!!
[نَقلَا عَن رسَالَة تَوبَة فَتَيَات بِتَصَرُّف 0 دَار الصَّفَا]
{تَوبَة طَالِبَةٍ في رَوضَةِ القرآن}
وَتقول هذه الطَّالِبَةُ التائبةُ أنا في المرحلة الثانويةِ أعيش في دولة الإمارات العربية، وَالَّتي لها معزة خاصة عندي ففي هذا البلد وفقني الله إِلى طريق الهداية: منذ قدومي إلَى هذا البلد الشقيق وأنا أُقِيمُ حِلفا قَوِيَّاً مع حضرة الأستاذ الموقر/ التليفزيون، كنت لَا أفارقه لحظةً فَلَا أترك مسلسلَا ولَا بَرنَامَجَ أطفال ولَا أغنية ولَا تمثيلية إِلَاّ وأشاهدها 00!!
فإذا جاء برنامجٌ ديني أو ثقافي فسرعان ما أغلق الجهاز فتسألني أختي لِمَ فعلتِ ذلك 00؟!
…
فَأُجِيبُها بخبث محتجَّة بكثرة الواجبات المدرسية والمنزليةِ فتقول لي: آلآن تذكرتي الواجباتْ 00؟!!
…
... أين كنت وَأَنتِ تُشَاهِدِينَ تلك المسلسلَاتِ والأغاني وَالبرامج التافهة 00؟!
وقد كانت أختي هذه على عكسي تماما، منذ أن علمتها أمي الصلَاة لَمْ تتركها إِلَاّ لعذر، أما أنا فلَا أواظب عليها بل لَا أكاد أصليها في الأسبوع إِلَاّ مرة أو مرتينِ، كَمَا كانت تتجنب التلفاز بقدر الإمكان، وقد أحاطت نفسها بصديقات صالحات يساعدنها عَلَى فعل الخير، كانت دائما تذكرني بالله وتعظني فما أزداد إِلَاّ استكبارا وعنادا، بل كانت ساعات جلوسي أمام التلفاز تزداد يوما بعد يوم، والتلفاز يتفنن في عرض المسلسلَات التافهةِ والأفلَام الهابطةِ وَالأغاني الماجنة، الَّتي لم أدرك خطورتها إِلَاّ بعد أن هداني الله جل جلاله فله الحمد وَالمِنَّة، كنت أفعل ذلك كله وأنا في قرارة نفسي على يقين تام من أن ذلك حرام، وأن طريق الهداية واضح لمن أراد أن يسلكه، كانت نفسي كثيراً ما تلومني، وضميري كثيراً يعذبني بشدة في فترَاتِ الضلَالِ هَذهِ، خَاصَّةً وَأَن الأمر لَم يكن
مقتصراً على ارتكاب المعاصي، بل تعداه إلَى ترك الفرائض؛ وَلذا كنت دائما أتجنب الجلوس بمفردي حَتىَّ عندما أخلد إِلى النومِ والراحة: كُنتُ أحاول أن أشغل نفسي بكتاب أو مجلةٍ حَتىَّ لَا أدع مجَالَا لتوبيخ النفس أو تأنيب الضمير، وظللت على هذا الحال خمس سنوات، حَتىَّ جاء اليوم الَّذِي وفقني الله سبحانه وتعالى فيه إِلى الهداية، كنا في إجازة نصف العام وأرادت أختي أنْ تلتحق بدورة لتحفيظ القرآن الكريم في إحدى الجمعيات الإسلَاميةِ؛ فعرضتْ عليَّ أن أذهب معها فوافقت أمِّي ولَكِنيِّ رفضتُ بل وَبشدةٍ وأقمت الدنيا وأقعدتها وقلت بأعلى صوتي: لَا أريد وكنت عازمة في قرارة نفسي على العكوف على هذا الجهاز ـ تَعْني التِّلفَاز ـ الَّذِي أصبح جزءَا لَا يتجزأ من حياتي، فمالي وَلحلقات تحفيظ القرآن 00؟!
وحضر أبي فشكوت له ما حدثَ فقال لَهمْ دعوها ولَا تجبروها على شَيْء، اتركوها على راحتها ـ وكانت لِي عند أبي معزة خاصَّة ـ لأني ابنته الوسطى؛ فليس لي سوى أختي الكبرى وَأَخٌ يصغرني بكثير، صحيحٌ لم أكن أكذب عليه حين يسألني أصليتِ فأقولُ نعمْ: فقدكنت أقوم وأصلي أمامه عندما يكون موجودا فإذا ذهب إِلى عمله تركت الصلَاة 00!!
وكان أبِي يمكث في عمله من ثلَاثةِ أيامٍ إلَى أربعة، وذات يومٍ طلب أبِي مني أن أرافق أختي ولو لِمرَّة واحدةٍ فإن أعجبني الحال وإلَا كَانَتِ المَرَّةَ الأولى والأخيرةَ، فوافقت لأنِّي لَا أَرُدُّ لأبِي طلبا، وانطلقت إلَى روضة القرآن، هناك رأيت وجوها وَضِيئَةً مِن آثَارِ الوُضُوءِ مشْرِقةً بنور الإيمان، وأعينَاً باكيةً لَمْ تدمن النظر إِلى الحرام مثلِي، فتمالَكِنيِّ شعورٌ فياض لَا أستطيع وصفَه، شعور بالسعادةِ والرهبةِ يخالطه إحساسٌ بالندم والتوبة،
وأحسست بأنني قريبةٌ جِدَّاً من الله جل جلاله فرقَّ لِذَلِكَ قلبي وانهمرت دموعي ندما على تِلكَ الأوقات الَّتي ضيعتها في غير مرضاة الله جل جلاله أمام شاشة التلفاز، أو في مجالس اللهْو مع رفيقات السوء اللَائِي لَا هم لهن إِلَاّ القيلَ والقال 00!!
كمْ كنت غافلة عن تلك المجالس النورانية الَّتي تحفها الملَائكةُ وتغشاها الرَّحْمَة، والَّتي ذقت فيها من نعم الله ما لَم أذقهُ في حياتي، عشت في جناب القرآن هادئة البال مطمئنة النفس مرتاحة الضمير، وانتهيت إِلى يقين جازمٍ حاسمٍ أنه لَا صلَاحَ لِهَذه الأمةِ وَلَا رَاحةَ وَلَا طمَأنينةَ وَلَا رفعَةَ إِلَاّ بالرجوع إِلى الله 00!!
إن الحياة في ظلِّ القرآن نعمَةٌ أيُّ نعمة، نعمة لَا يعرفها إِلَاّ من ذاقها، لقد هداني الله (** عز وجل **) وقدكنت أبارزه بالمَعَاصِي، وأقدم ما يرضي نفسي على ما يرضيه سبحانه وتعالى وَأَوَامِرَ الشيطانِ على أَوَامِرِهِ جل جلاله 00!!
وَباختصارٍ لَقَدْ كنت غافلة فأيقظني القرآن وَسُبْحَانَ القَائِل:
{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} 0000000000000000000 [الإسراء: 9]
وَأَصْبَحْتُ اليوم أسأَلُ نَفسِي كيف كنت سألقى ربي لو لم يهدِني 00؟!!
فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَن هَدَانَا الله 00!!
إنني خجلة من نفسي، وقبل هَذَا خجلة مِنَ اللهِ وصدق القائل:
فَيَا عَجَبَاً كَيْفَ يُعْصَى الإِلَ هُ أَمْ كَيْفَ يجْحَدُهُ الجَاحِدُ
وَفي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْوَاحِدُ
أختي الحبيبة: حلقات القرآن في انتظارك، فلَا تتردَّدِي في الَالتحاق بها والله يحفظك ويرعَاك؛ فهيا سارعي بالتوبة يا أخْتَاهُ قبل يوم لنْ ينفعَ فِيهِ مَالٌ وَلَا بَنُون 00!! [بِتَصَرُّفٍ نَقلَا عَن رسَالَة تَوبَة فَتَيَات 0 دَار الصَّفَا]
{تَوبَة طَالبَة عَلَى يَدَ معَلمَتهَا}
تقولُ هَذِهِ الطَّالِبَةُ لَا أدرى بأيَّةِ لُغَةٍ أَكتُبُ قِصَّتي أَم بأيَّةِ عبارةٍ أُدَوِّنُ تِلكَ الذكرى الماضيةَ الَّتي أتمني أنها لَمْ تكُ مِنْ قَبْلُ شَيْئَا 00!!
لَقد كان إقبالي على سَماع الغناء كبيرا حَتىَّ أنَّني كُنْتُ لَا أنامُ ولَا أستيقظ إِلَاّ علىأصوات المُغَنِّيَاتِ وَالمُغَنِّين، أما المسلسلَات والأفلَامُ فلَا تسل عنها؛ ففي أيام العطل لَا أفرغ منْ مشاهدتها إِلَاّ قُبَيْلَ الفجر، في الساعات الَّتي يَتَنزل فيها الرب " سبحانه وتعالى " إِلى السماء الدنيا فيقولُ " هل من مستغفر فأغفر له 00؟! هل من سائل فأعطيَه " 00!!
…
[متفق عليه]
كُلُّ هَذَا وأنا ساهرة على أفلَام الضياع، أما زينتي وهيئتي فَكهيئَةِ الغافلَات أمثالي في هذه السن، قَصَّة غربية، ملَابسُ قصيرة، أظافرُ طويلة، تهاونٌ بالحجاب 00000 إِلخ 0
وفي الصف الثانِي الثانوي دخلت علينا معلمةٌ لِلكيمياء، وكانت معَلمَة فاضلة شدنِي إليها حسنُ خلقها وإكثارُها مِنْ ذكر النَّصَائِحِ المُفِيدَة،
وربطُها مادةَ الكيمياء بالدين 0
حَمَلتني أقدامي إليها مرة لَا أدري ما الَّذِي ساقني غَيْرَ أَنَّهَا كانت البداية،
ثم جلست إليها مرة ومرتين فلما رأت مني استجابةً نصحتني بالَابتعاد عن سَمَاعِ الأُغْنِيَاتِ ومشاهدة المسلسلَات 0
قلت لها لَا أستطيع، قالتْ من أجلي 00؟
قلتُ حسنا من أجلكِ، وَصَمَتُّ قليلَا ثُم قلت لَها لَا بل من أجلِ الله،
وَقالتْ لي لَمَّا علمت مني رُوحَ التحدي ليكن تحديا بينك وبين الشيطان، فلننظر لمن ستكون الغلبة 00؟!
وَكانت الحلقةَ الأَخِيرَةَ في ذلك اليومِ فَلَا تَسَلْ عَن حالي وأنا أسْمَعُ أصوات الممثلينَ أأتقدم وأشاهدُهَا وَيغلبني شيطانِي، أَمْ أَثبُتُ عَلَى إِيمَانِي 00؟!
وَمُنْذُ تلك اللحظة تركت سماع الغناء وَالمسلسلَات، ولكن لَمْ يمْضِ شهر حَتىَّ عدت إِلى سَماع الغناء، واستطاع الشيطان على الرغم من ضعف كيده كما أخبرنا القُرْآنُ أن يغلبني لضعف إيماني 0
وفي السنة الثالثة وهي الأخيرة دخلت علينا معلمة أخرى كنت لَا أطيق حصتها وعباراتها الفصيحة ـ إنها معلمة اللغة العربية ـ وفي أول امتحان لمادة النحو فوجئت بِحُصُولِي على درجة ضعيفة جداً، وَوَجَدْتُ المعلمة قد كتبت لِي في ذيل الورقة عباراتٍ عن إخلَاص النية في طلب العلم،
وضرورة مضاعفةِ الجهد، فضاقت بي الأرض بِما رحبت؛ فما اعتدت الحصول على مثل هذه الدَّرَجَاتِ، ولكن عسى أنْ تكرهواْ شيئا وهو خير لكم، وَرُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَة، فَذهبت أحثو الخطى إليها لأَسْأَلهَا بأي حق توجه إلي هذه العباراتِ الَّتي لَمْ أَعْتَدْ عَلَى سَمَاعِهَا 00؟
فأخذت تحدِّثني عن إخلَاص النية في طلب العلم و 00000 و 00000 إِلخ وفِي اليوم التالي أخبرتني إحدى الأخوات أن المعلمة تريدني فلمِ ألقِ لذلك بالاً، ولكن شاء الله أن أقابلها في الخروجِ وهي تحمل في يدها مصحفا صغيراً، فَصافحتني ووضعت المصحف في يدي وقبضت عليْهِ يدي وقالتْ لي لَا أقول لك هدية، ولكنَّهُ أمانة، فإن استطعت حَملها وإلَا فأعيديها، فوقع حديثها في نفسي، ولَكِنيِّ لم أستشعر ثقل هَذِهِ الأمانة إِلَاّ بعد مقابلة إحدى الأخوات الصالحاتِ حَيْثُ سألتني: ماذا كَانَتْ تريد منكِ المُعَلمَةُ
فقلت لهَا إنها أعطتني هَذَا المصحفَ وقالت لي هُوَ أمانة؛ فتغير وجه هذه الأخت الصالحةُ وقالتْ: أتعلمين ما معني أمانة 00؟!
أَتعلمين ما مسئولية هذا الكتاب 00؟!
أَتعلمين كلَامُ من هذا وأوامر من هذه 00؟!
عندها استشعرت بِثِقَلِ الأمانة، وكان هَذَا المُصْحَفُ أعظم هدية أهديت إليَّ؛ فانهمكت عَلَى القراءةِ فيهِ وهجرتُ ـ وبِكل قوة وإصرار ـ الغناءَ والمسلسلَاتْ، إِلَاّ أن هيئتي لَمْ تتغير: قصة غربيةٌ، وملَابس ضيقة،
أما تلك المعلمة فقد تغيرت مكانتها في نفسي، وأصبحت أكن لها كل حب واحترامٍ وتقدير، هذا مع حرصها على مَا عَوَّدَتنا في حصتها مِنْ نصَائِحَ غَالِيَة، وربطِهَا بَيْنَ الدرسِ وَالدِّين، وَتحذيرِهَا إِيَانَا مِمَّا يريده بِنا الغرب من التَّفَسُّخِ والإباحية ونبذِ كتاب اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِنَا، وفِي كل أسبوع كانت تكتب لنا في إحدى زوايا السبورةِ آيةً من كتاب الله وتطلب منا تطبيق ما في هذه الآية من أحكامٍ عَلَى أَنْفُسِنَا 00!!
وهكذا ظلت توالي نصائحها، بالإضافة إِلى نصائح بعض الأخواتِ حَتىَّ تركت قصة الشعر الغريبَةَ عن اقتناعٍ بِأنها لَا تليق بالفتاة المسلمة، وأنها ليست من صفات زَوْجَاتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين 0
فتحسَّن حالي وَالحمدُ لله، والتزمت الحجاب الكامل من تغطيةٍ لِلوَجْهِ وَالكفين، بعدما كنت أنا وإحدى الصديقات نحتقر لبس الجوارب حَتىَّ أننا كنا نلبسه فوق الحذاء استهزاءً بِلَابِسِيهَا ونضحك مِنهُنَّ 00!!
ثُمَّ أنهيت المَرْحَلَةَ الثانويةَ والتحقت بجامعةِ الإمام محمد بن سعود الإسلَامية، وفي يوم من الأيام ذهبت مع إحدى الأخوات إِلى مغسلة الأموات؛ فإذا المُغَسِّلةُ تغسل شابة تقارب الثالثة والعشرين من عمرها، ولَا أستطيع وَصف ما رأيتْ، تُقلب يمينا وشمالَا لتُغسّل وتُكفن وهي باردةٌ كالثلجِ وَحَوْلهَا أُمُّهَا وَأَخَوَاتها وأقاربها، أتراها تقوم وَتُلقِي عَلَيْهِمْ نظرةَ الوَدَاعِ وتعانقهم 00؟!
كلَا إِنهَا لَا حراك بِهَا، وإذ بأمها تقبلها على خديها وجبينها وهي تبكي وتقولُ اللهم وسع مُدخلها، اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وتقول لها قد سامحتك يا ابنتي، ثم يُسْدل الكَفَنُ على وجهها وَتحْمَلُ إِلى المَدَافِن 00!!
ما أصعبه من منظر، وما أبلغها من موعظة، لَحَظَات وَتوضَع في اللحدِ
ويهال عليها الترابُ وَتُسْأَلُ عن كل صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَة، فوالله مهما كتبت من العباراتِ فلن أستطيع أن أحيط بذلك المشهد، لقد غير ذَلِكَ المشهدُ مجْرَى حياتي؛ وَزَهَّدَنِي في الدنيا وَمَا عَلَيْهَا 00!!
وَأَخِيرَاً أتوجه إِلى كل معلمةٍ داعيةٍ بل إِلى كل مسلمةٍ أَيَّاً كان مركزها أَلَا تتهاونَ في إسداء النصحِ لَنَا، حَتىَّ لو أُقفِلَتْ جَميعُ الأبوابِ في وجهها، حسبها أن باب الله مفتوح 00!! [نقلَا عن رسالة توبة فتياتْ بِتَصَرُّف]
إِن الَاهتمام بالحجاب والمحافظة عليه هُمَا الخطوة الأولى في طريق الَالتزام والَاستقامة بالنسبة للمرأة، ولست أعني بالحجاب حجاب العادة والتقليد الَّذِي تلبسه المرأة فتزداد به فتنة في أعين ذئاب البشر، وإنَّما أعني الحجاب الشرعيَّ الكامل الَّذِي يكسب المرأة احتراماً وتقديراً، كما قال سبحانه وتعالى عن نساء المؤمنين في آية الحجاب:
{ذَلكَ أَدنَى أَن يعرَفنَ فَلَا يُؤذَين} [الأَحْزَاب: 59]
فإذا مَا رأى الناس المرأة المتحجبة الحجاب الشرعي الكاملِ عرفوا أنها من النساء العفيفاتِ فلَا يجرُءون على إيذائها وَالتَّعَرُّضِ لهَا، وَبِلَادُنَا ولله الحمد قد تميزت نساؤها بارتداء الحجاب الكامل الَّذِي يشمل الوجه بالدرجة الأولى، وإن كانت هناك محاولَات مستمرة من قبل بعض أدعياءِ الفِكْرِ
لإقناع المرأة بنزع غطاء الوجه كخطوةٍ أولى في طريق طويل لنزع الحجابِ بأكملهِ، ليصل الأمر في النِّهَايَةِ إِلى العُري الكامل والَاختلَاط في الأماكن العامة وعلى شواطئ البحار وغيرها كما هو الحال في كثير من البُلدَانِ العَرَبِيَّةِ الَّتي نَجح فيها أولئك المفسدون وَوصَلواْ إِلى مآربهم، وَمِنْ وَرَائِهَا مَآرِبُ أُخْرَى، ولكنَّ هذه البلَاد وَللهِ الْحَمْدُ كَثِيرَاً تختلف عن غيرها، ونساؤها ولله الحمد على وعي تام بما يُرَادُ بِهَا وَمَا يدبره أعداؤهَا ـ وإن لبسوا في ذَلِكَ لِبَاسَ الدينِ وظهروا بمظهر المُصْلِحِين 00!! والقصة الَّتي سأرويها لكم هي مثال رائع لفتيات هذا البلد المسلم، تقول صاحبة القصة: تعودت في بلَادي أن أخرج بلَا حجاب، أرتدي الأزياء المتعارف عليها وأحرص على أَحْدَثِ خطوط الموضة، شاء اللهُ جل جلاله أن أحضرَ إلَى الْمملكة بعقد عمل مع إحدى
الجهات، وفِي بداية عملي كان لَا بد من الَالتزامِ بعادات البلد وتقاليدها؛ فلبست العباءة والغطاءَ
وظللت على هذه الحالِ حَتىَّ جاء موعد سفري لبلدي، وفِي المطار خلعت
العباءة والحجاب؛ فَإِذ بي أُفَاجَأ بإحدى طالباتي مسافرة معي في الطَّائِرَةِ لقضاء العطلةِ الصَّيْفِيَّةِ في بَلدِي، سعدت جداً برؤيتي لهَا، وما أَنْ سلمت عليَّ حَتىَّ فاجأتني بقولها: " لَم أَكُن أتوقع يا معلمتي أنك أَنتِ الَّتي كُنتِ تُدَرِّسِينَ لنَا عَامَاً كَامِلَا تحَدِّثِينَنَا عَنِ القِيَمِ وَالمَبَادِئِ وَالأَخْلَاقِ عِنْدَمَا رَأَيْتُكِ بغَيرِ حِجَاب، سألتها: لماذا تقولين هذا إنني حريصة على أداء الواجباتِ الدينيةِكالصلَاة والصيام وعدم فعلِ أيِّ منكرْ، فأجابتْني إن ما أنت عليه
الآن هو عين المنكر، شعرت في تلك اللحظة بالحرج منْ طالبتي الَّتي لَم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها وَمَعَ ذَلِكَ تُوَجِّهُ إِليَّ النصيحَة وَتَأخُذُ بِيَدِي إِلى طريق الصواب، حقيقةً شعرت بضآلة مَوْقِفِي وَتَمنيت لَوِ الأرض ابتلعتني من شدة الخَجَلِ من اللهِ سبحانه وتعالى ومن ذلك اليوم قررت ارتداء الحجاب طاعة لله سبحانه وتعالى وامتثالاً لأَوَامره جل جلاله وحفظاً لكرامتي ونفسي من عيون الأجانب، فللهِ درُّ تِلكَ الطالبةِ النجيبةِ بنت الستةَ عَشَرَ رَبيعَاً، ما أروع ما صنعت، إن المسلم ليفتخر بوجود أمثالهَا في المجتمَع، ويضرع إِلى المولى القديرِ أن يحفظ نساء المسلمين وبناتهم منْ كل دخيل، وَمن كل مفسد عميل، إنهُ هُوَ نِعْمَ المَولى وَنِعْمَ الوَكِيل 0 [العَائِدُون إِلى اللهِ بِتَصَرُّف]
تَوْبَةُ امرَأَةٍ أَضَلَّهَا الشَّيْطَان؛ عَلَى يَدِ الشَّيخ أَحْمَد القَطَّان
يَقُولُ الشَّيْخُ ـ وَمَا أَظرَفَ أَلفَاظِهِ وَعِبَارَاتِه ـ الطائرة تتجه إلَى نيويورك وفتاة بلَا محرم تجلس وحدها علىكرسيٍّ في الطائرة، ولَا يظهر من جسدها شيء، كان مظهرها يدل على أنها قد صانت نفسها بالحجاب الشرعي الَّذِي أمر به الله جل جلاله 00
أحِب قراءة الأشعار ـ لَا سِيَّمَا في الأسفارِ ـ وَبِالأَخَصِّ شعر الَانتفاضة الفِلَسْطِينِيَّة، يقول د 0 الشاعر/محمد صيام عن المسلمات المجاهدات:
مَا عُدْنَ يَرْهَبنَ الرَّصَاصَ وَلَا النِّضَالَ وَلَا الأَسِنَّة
أبَدَاً وَلَا عَادَتْ حَيَاةُ الغَانِيَاتِ تَهُمُّهُنَّه
وَرَأَيْتُهُنَّ وَلَا أُصَدِّقُ مَا عَلَيْهِ رَأَيْتُهُنَّه
يَهْجِمْنَ في وَضَحِ النَّهَارِ عَلَى الجُنُودِ وَفي الدُّجُنَّة
يَصْفَعْنَهُمْ يَرْجُمْنَهُمْ يَضْرِبْنَهُمْ بِنِعَالِهِنَّه
وَإِذَا الشَّهِيدُ رَأَيْنَهُ يَهْوِي صَرِيعَاً بَيْنَهُنَّه
يُطْلِقْنَ مَا يُزْكِي حَمَاسَ الشَّعْبِ مِن أَلحَانِهِنَّه
أَمَّا الزَّغَارِيدُ الَّتي تَنْسَابُ مِن أَفْوَاهِهِنَّه
فَتَرِنُّ إِنْ نَالَ الشَّهَادَةَ وَاحِدٌ مِن أَهْلِهِنَّه
فَلَقَدْ نَشَأْنَ عَلَى العَفَافِ يَرَيْنَهُ فَرْضَاً وَسُنَّة
وَسِلَاحُهُنَّ عَفَافُهُنَّ وَدِينُهُنَّ وَعِرْضُهُنَّه
وَلَكَمْ صَبَرْنَ عَلَى الرَّصَاصِ يَئِزُّ فَوْقَ رُؤُوسِهِنَّه
وَعَلَى مُجَابَهَةِ الشَّدَائِدِ لَاعْتِقَالِ رِجَالِهِنَّه
وَعَلَى سُقُوطِ قَوافِلِ الشُّهَدَاءِ مِن أَبْنَائِهِنَّه
وَلَكَمْ شَهِدْنَ مِنَ المَوَاقِفِ مَا تَشِيبُ لَهُ الأَجِنَّة
فَلَهُنَّ أَلْفُ تَحِيَّةٍ وَتَحِيَّةٍ لِجِهَادِهِنَّه
لفت نظري اهتمامُ المضيف الزائد بالفتاةِ وَنظراتُهُ الماجنة الَّتي أسقطتِ الكلفةَ وأخضعتِ القولَ ونزعتِ الحياء عَلَى غَيرِ مَا عرفنَا المتَحَجَّبَات وَسلوكَهُنَّ مع الرجال، وبعد وجبة الطعام طلبتِ الفتاة من المضيف رفع الأطباقْ، فرفعَهَا وهو يبتسم ابتسامة العشاق 00!!
وما أَن ذهب بالأطباق حَتىَّ تناولت الفتاة حقيبتها ولَا أدري كم غابت؛ فلقد كنت أقرأ عن بلَاد الأندلس وَطَبِيعَتِهَا الخَلَابَةِ الَّتي انعكست عَلَى أَهْلِهَا في رِقَّةِ أَشْعَارِهِمْ ونسيت المضيف والفتاة، ولَم يذكرني بما حولي إِلَاّ رائحة عطر نفاذة طَارَتْ عَبرَأَجْوَاءِ الطائرةِ وفتاة في العشرين مِن عُمْرِهَا غاية التبرجِ تلقي بنفسها على مكان الأخت المسلمة، وبيني وبينها كرسي فارغ؛ شعرت حِينَهَا بالإحراجِ وطلبت مِنَ المُضِيفِ تَفسِيرَاً لمَا أَرَاهُ فطلب منها بطاقة المقعد، فقالت بدلَالٍ أنا صاحبة المكانِ أَلَا تعرفني 00؟!
قال متعجبا أنتِ 00؟!!
…
والله ما عرفتكِ هيك أحسن 00!!
ذُهِلتُ مما أرَاهُ وحاولت أن لَا أصدقَ ولكنها الحقيقة الصارخة الَّتي تصدم الإنسان أحياناً وهو لَا يريد أن يعترف بها لفظاعتها وبشاعتها وبعدِها عن كل خلق ودين، لقد تألمت كثيراً لِهذا المشهدِ وحزنت على الحجاب الَّذِي لم تصنه صاحبته ولم تعرف قدره ولَا فائدته بالنسبة لها، وقلت في نفسي ما الَّذِي دفعها إِلى هذا 00؟! وما السر الَّذِي يكمن داخل نفسها 00؟!!
لَا شك أنه أمر خطير، ولم يطل كثيراً بِيَ التَّفكِير: فَلَقَدْ جاءني الجواب وعلى لسانها هي بالذات، فقد انهالت منها للمضيفِ الَاعترافات وَبِدُونِ مُقَدِّمَات: قالتْ إِنَّ زوجي يحب أن يراني في أمريكا سبور، هو منفتحٌ وأنا من عائلة متدينة ومتشددة، والدي يضربنا على الحجابِ ولَا يتحدث
معنا إِلَاّ القليل، ولَا نراه إِلَاّ في المناسبات، وَالغُطوَةُ والعباءة في عائلتنا عادة أكثر منها عبادة، تصور أن زوجي يسمح لِي أن أكشف جسدي للطبيب في بلدي ولَا يسمح أن أكشف وجهي لأنه عَيبٌ ويثيرُ كلَامَ الناس علينا، لقدكانت لحظات ثقيلة على قلبي وأنا أستمع مِنهَا إِلى هذه المأساة، فكرت كثيرا كيف أعيدها إلَى دينها وإيمانها، قلبت الأمر على جَميع الوجوه، لقد كان مِنَ الواضحِ أنها تعيش مأساةَ التناقض بين أوامر والدها الصارمة القائمة على العُنفِ والَّتي لَمْ يصحبها نصح ولَا توجيه، وبين رغبات زَوْجِهَا الَّذِي لَا تُقيم وزنا إِلَاّ لتقاليد الناسِ وَالعُرْف، وليس لَدَيْهِ
من رصيدٌ مِن إِيمَانٍ يَجعله يضع الأمور في نِصَابِهَا الصحيح، خَاصَّةً إِذا ما أضفنا إِلى هذين العاملينِ عامل الواقع المأساوي الَّذِي يعيشه مجتمعنا، وكيف خُطط له أن يسير في طريق الَانسلَاخِ من دينه وقيمه وأخلَاقه، إذا أدركنا كُلَّ هذهِ المُلَابَسَاتْ: أدركنا أن الفتاة قد وقعت ضحيةً لهذه التناقضاتِ فلمْ تقو على مقاومتها، وَلمَّا كَانَتْ كل فَتَاةٍ لديها من رصيد مِنَ الفطرة يجعلها قادرة على تخطي مثل هذه المصاعب، ولكنها بحاجة إِلى يد حانية تزيل ما علق بفطرتها من صدأ؛ ألهمني الله سبحانه وتعالى أن أرسل لها بواسطة المضيف البطاقة التالية:
" هذه بِطَاقَةٌ من الشيخ القطان: أختي في الله: ما تقولين لو جاءك الآن رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأمامه جبريلُ وعن يمينه أبو بكرٍ وعنْ شِماله عمرُ ومعهم أمهات المؤمنينَ فَناداكِ ودعاكِ ووعدك شربة من نهر الكوثر بيده الشريفةِ
وهو يبتسم، وطلب منك لبسَ الحجاب أسوة بأمهات المؤمنين ومرضاةً لربِّ العالمينَ الَّذِي يمسك هَذِهِ الطائرة أنْ تقع على الأرضِ هل ستطيعينه أم تعصينَه 00؟!
فإن كان الجوابُ نعمْ أطيعهُ فطاعته ميتاً كطاعته حيا؛ فالرب واحدٌ والشرعُ واحدٌ والحسابُ آتٍ في يومٍ تشخص فيه الأبصار، في يَوْمٍ لَا يغني والد عن ولدهِ شَيْئَا، ولَا مولود هو جاز عن والده شيئا 00!!
قرأت الأخت البطاقةَ وتوجهت أنا إلَى الله بالدُّعَاءْ: أنْ يمن عليها بالهدايةِ وينقذها مما هي فيه من البَلَاء، البَلَاءُ الَّذِي تفشى في أمتنا 00!!
قرأت الأخت البطاقة، وشعرت بحركة إِلى جواري فإذا بِالمقعد خالٍ: لقد ذهبت ولَا أدري إلَى أينَ ولَا لأي شيء ذهبتْ ولكنها عادت بكاملِ هَيْئَتِهَا الإِسْلَامِيَّة، كدْتُ أنكرها لكنها هي هي ذات الحجابِ الأَوَل، جلست على كرسيها وفتحت حقيبتها الخاصةَ والتقطت بأطرافِ أصابعها عُلبَة المَكيَاجِ وألقتها في سلة المهملَاتِ وقَعَدَت عَلَى استحيَاء 00!!
يا له من موقف تَنَزَّلت فيه الرَّحْمة وَالهدايةُ على قلب هذه الفَتَاةِ المؤمنةِ الَّتي عانت من إهمال البيتِ واستهتار الزوجِ وانحرافِ المجتمعْ 00!!
[نقلاً عَنْ كِتَاب: سِري جِدَّاً لِلنِّسَاء فَقَطْ بِتَصَرُّف 0 لِلشِّيخ / أَحْمَد القطان]
فابيان عارضة أزياء فرنسية، في الثامنة والعشرين من عمرها، جاءتها لحظة الهداية وهيَ في قِمَّةِ الشهرةِ والإغراءِ والأَضْواء، انسحبت في صمتٍ وَتركت هذا كُلَّهُ وذهبت إِلى أفغانسْتانَ لتعمل هُنَاكَ في تمريض جرحى المجاهدين الأَفغَانِ وَسْطَ الظروفِ القاسيةِ وَالمَعَامِعِ وَالحُرُوب، وَلولَا فضل الله ورحْمته لضاعت حياتُهَا في عالمٍ لَا ينحدرُ فيه الإنسانُ مِنْ سَيِّئٍ إِلَاّ إِلى أَسْوَأ، ليصبح في النِّهَايَةِ مجرَّدَ حيوان كل همه إشباع رغباته وغرائزه بلَا قيمٍ ولَا مبادئ، اسْتَمِعْ إِلَيْهَا وَهْيَ تروى قصتها فتقول:
" منذ طفولتي وَأَنَا أحلم بأن أكون مُمرضةً متطوعةً في العملِ على تخفيف آلَامِ المرضى وَالأطفال، ومع الأيام كبرتُ ولفتُّ الأنظار بجمالي ورشاقتي فَحرضني الجميع بما فيهم أهلي على التخلي عن حلم طفولتي واستغلَال جمالي في عمل يُدِرُّ علي الربح الوَفِير، وَالدَّخْلَ الكبيرْ، هَذَا بِالإِضَافَةِ إِلى الشهرة والأضواءِ وكل ما يُمكن أن تحلم به أيةُ فَتاةٍ مراهقة، بَلْ وتفعل المستحيل من أجلِهِ، وكان الطريق أمامي سهلاً ممَهَّدَاً، أو هكذا بدا لي، فسرعان ما عرفت طعمَ الشهرةِ وغمرتني الهدايا الثمينة الَّتي لم أكن أحلم باقتنائها، ولكن كان الثمن غالياً: فَكَانَ يجِبُ عَلَيَّ أَن أتجردَ من إنسانيتي وأتخلىعن حيائيَ الَّذِي تربيت عليه، كَما كَانَ يجِبُ عَلَيَّ أَن أفقدَ ذكائي
وَأَلَا أحاولَ فهم أيَّ شَيْءٍ غير حركات جسدِي، كما كان عليَّ أن أُحْرَمَ نَفسِي من جميع المأكولَات الشَّهِيَّةِ وَأَن أعيشَ على الفيتامينات الكيميائية والمقويات، وقبل كل هَذَا كَانَ عَلَيَّ أن أفقدَ مشاعري تِجاهَ البشرِ فَلَا أكره وَلَا أحبُّ وَلَا أرفضُ أَيَّ شَيْء 00!!
إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم متحرك مهمته العبث بالقلوب؛ فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورةً فارغةً من الداخل 00
كَأَنِّي إِطَارٌ دَائِرٌ حَوْلَ نَفسِهِ يَطُولُ بِهِ المَسْعَى وَلَا يَتَقدَّمُ
أَوْ جماداً يتحرك ويبتسمُ ولكنه لَا يشعر، ولم أكن وحدي المطالبة بذلك،
بل أَيَّةُ عَارِضَةٍ كلما تألقت في تجردها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم الباردْ، وَإذا مَا فَكَّرَتْ في مخَالَفَةِ أَيٍّ من هَذِهِ التعاليم عَرَّضَتْ نفسها لألوان العقوبات الَّتي يدخل فيها الأذى النفسيُّ والجسميّ 00!! عشت أتجول في العالم كَعارضةٍ لأحدث خطوط الموضةِ بكل ما فيها منْ تبرجٍ وَسُفُور، وَفِتنَةٍ وغرور، وَاسْتِجَابَةٍ لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل أو حياء، وتواصلُ فابيانُ حديثها فتقولُ لَم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي، بَلْ كنت أشعر بِمهانة النظرات واحتقارهَا لي شخصياً واحترامهَا لما أرتديه، كما كنت أسير وأتحركُ وفي كل إِيقاعاتي كانت تصاحبني كلمة " لو " 00 وقد علمت بعد إسلَامي أن " لو " تفتح
عمل الشيطان، ولقد كان هَذَا صحيحاً: فقَدْ كنا نحيا في عالَمِ الرذيلةِ بكل أبعادها، والويل لمن تعترض أَو تحاول الَاكتفاء بعملها فقطْ، أَمَّا عنْ تحولها المفاجئ من حياة لَاهيةٍ إِلى أخرى جادةٍ فَتقول:
كان ذلك أثناء رحلةٍ لي في بيروتَ المحطمةِ حيث رأيت كيف تبني الفَنَادِقُ تحت قسوة المدافعْ، وشاهدت بعيني انهيار مستشفىً للأطفالِ في بيروتْ ولَم أكن وحدي، بل كان معي زميلَاتي من أصنام البشرِ اللَائِي اكتفين كعادتهنَّ بِالمُشَاهَدَةِ بلَا مبالَاة، لم أَسْتَطِعْ مجاراتَهنَّ في ذلكْ؛ فقد انقشعَ عن عيني في تلك اللحظة بَرِيقُ الشهرة والمجد والحياة الزائفةِ الَّتي كنت أعيشها، واندفعت نحو الأَشلَاءِ وَالدِّمَاءِ وَالضَّحَايَا مِنَ الأطفالِ في محاولة
لإِنقاذِ مَنْ يُمْكِنُني إِنقَاذُه، ولَمْ أعد إِلى رفاقي في الفندقِ حيث كَانَتْ تنتظرني الأضواء، بَلْ بدأت رحلتي نحو الإنسانيةِ حَتىَّ وصلت إِلى طريق النورِ وهو الإسلَام، وتركت بيروتَ وذهبت إِلى باكستانَ وَعَلَى الحدودِ الأفغانية عشت الحياة الحقيقِيَّةَ وتعلمت كيف تَكُونُ الإنسانِيَّة، لَقد مضى على وجودي هنا ثمانيةُ أشهرٍ قمت فيها بالمعاونة في رعاية الأسر الَّتي تعاني من دمار الحروب، وأحببت الحياة معهمْ، فأحسنوا معاملتي وزاد مِنَ اقتناعي بالإسلَام ديناً ودستوراً للحياة معايشتي لهُ وحياتي مع الأسرالأفغانية والباكستانيةِ المُسْلِمَةِ وأسلوبهم الملتزمِ في حياتهم اليومية، ثُم بدأت شَيْئَاً فَشَيْئَاً في تعلم اللغة العربيةِ فهيَ لغة القرآن، وقد أحرزت في ذلك تقدماً ملموساً، وبعدَمَا كنت أستمدّ نظام حياتِي من صانعي الموضة في العالَم
أصبحتُ أَسْتَمِدُّ نِظَامَ حياتي مِنَ المبادئِ وَالتَّعَالِيمِ الإسلَامِيَّة 00!!
وتصل فابيانُ في النِّهَايَةِ إلَى بيوت الأزياءِ العالمية بعد هدايتها فَتؤكد أنها تتعرض لضُغُوطٍ مكثفة: فقد أرسلوا لهَا عروضاً بمضاعفةِ دخلها الشهريِّ إِلى ثلَاثةِ أضعافٍ فرفضتْ بإصرارْ؛ فما كان منهم إِلَاّ أن أرسلوا إليها بِالهدايا الثمينةِ لعلها تعود عن موقفها وترتدُّ عن الإسلَام، وَتُوَاصِلُ فَابِيَانُ قَوْلهَا: ثم توقفوا عن إغرائي بالرجوعِ وَلجأوا إلَى طَرِيقَةٍ دَنِيئَةٍ لتشويهِ صورتي أمام الأسر الأفغانيةِ فقاموا بنشر أغلفةِ المجلَات الَّتي كانت تتصدرها
صُوَرِي السَّابقَةِ أَثنَاءَ عَمَلي كَعَارِضَة أَزيَاء وَعَلَّقُوهَا في الطرُقاتِ وَكَأَنهم يَنتَقمُونَ مِنْ تَوبَتي، حَاوَلُوا بذَلكَ الوَقيعَةَ بَيني وَبَينَ أَهليَ الجُدُدْ، وَلَكن خَابَ وَالحمدُ للهِ ظَنهمْ، وَتَنظُرُ فَايبَانُ إِلى يَدَيهَا وَتَقُولُ لَم أَكُن أَتَوَقَّعُ أَبَدَاً أَنَّ يَدِيَ المُرَفهةَ الَّتي كُنتُ أَقضي وَقتَا طَويلَا في المحافظَة عَلَى نُعُومَتهَا يمْكِنُهَا القِيَامُ بمِثلِ هَذه الأَعمَالِ الشاقَّة، لَم أَكن أَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ المشقةَ سَوْفَ تَزِيدُ مِن نَصَاعَةِ يَدِي وَطَهَارَتِهَا، وَسَيَكُونُ لَها حُسنُ الجَزَاءِ عِندَ اللهِ سبحانه وتعالى إِن شَاءَ الله 00!!!
[رِسَالَة العَائِدُون إِلى اللهِ الجُزْءُ الثَّالِث بِتَصَرُّف لِلشِّيخ: عَبدِ العَزيزِ المسْنَد]
أَخِي الكَرِيم: إِنَّ الدُّنيَا سَاعَة؛ فَاجْعَلهَا طَاعَة، وَالنَّفسُ طَمَّاعَة؛ فَعَلِّمْهَا القَنَاعَة، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ تمَنَّعَ في الدُّنيَا تمَتَّعَ في الآخِرَة، وَشِبْعٌ بَعْدَ جُوع:
خَيْرٌ مِنْ جُوعٍ بَعْدَ شِبْع، وَاتَّقُواْ يَوْمَ يَنظُرُ الإنسَانُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَني كُنْتُ تُرَابَا 00!!
وَأَخِيرَاً أَيُّهَا الأَحْبَاب: أَخْتِمُ هَذَا الْكِتَاب: بِهَذِهِ الْبُشْرَى مِنْ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلى الشَّبَاب:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُ: الغَازِي في سَبِيلِ الله، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاء، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ التَّعَفُّف " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاِّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الأَئِمَّةِ ابْنِ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيّ، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]
فَاسْتَوصُوا بالشَّبَابِ خَيرَاً مَعشَرَ الآبَاء، وَلَا تُحَمُّلوهُم مَا لَا طَاقَةَ لَهُم بِهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَرحَمُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاء 0
اللهُمَّ أَعِنْ شَبَابَ المُسْلِمِينَ غَيْرَ القَادِرِينَ عَلَى الزَّوَاجِ يَا رَبَّ العَالَمِين 0
هَذَا 00 وَمَا تَوْفِيقِي إِلَاّ بِالله، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِين 0
{الفَقِيرُ إِلى عَفوِ رَبِّهِ وَدُعَائِكُمْ / يَاسِرُ الحَمَدَاني}
لِلمُؤَلِّف
{تُطلَبُ كُتُبُنَا مِن/دَار هَاشِم لِلتُّرَاث}
[بِسُوقِ الأَزْبَكِيَة لِلكِتَاب بجُوَار مُرُورِ العَتَبَة]
ـ مَنْ كَانَتْ لَدَيْهِ مَلحُوظةٌ قَدْ تَنْفَعُ المُسْلِمِينَ أَوْ أَيَّةُ إِضَافَةٍ أَوكَانَتْ في حَيَاتِهِ قِصَّةٌ تَتَعَلَّقُ بمَوْضُوعِ الكِتَابِ فَسَوْفَ أَكُونُ في غَايَةِ السُّرُورِ لَوْ تَفَضَّلَ عَلَيَّ بِهَا 0
تم بحمد الله
{صَدَرَ لِلمُؤَلِّف}
(2)
ـ الجُزْءُ الأَوَّل سِلسِلَةُ الرِّضَا بِالقَضَاءِ وَالقَدَر 0 وَتَقرَأُ فِيه:
مَنْزِلَةُ الفَقِيرِ عِنْدَ النَّاس، مَنْزِلَةُ الفَقِيرِعِنْدَ الله، كَيْفَ يَدْخُلُ الفُقَرَاءُ الجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بخَمْسِمِائةِ عَامٍ حَتىَّ يَقُولَ الغَنيُّ لَيْتَني كُنْتُ فَقِيرَا، غَنيٌّ وَفَقِيرٌ عَلَى بَابِ الجَنَّة، أَيُّهُمَا أَفضَل: الغَنيُّ الشَّاكِرُ أَمِ الفَقِيرُ الصَّابِر، بُشْرَاهُ صلى الله عليه وسلم لِلفُقَرَاء، فَقرُهُ صلى الله عليه وسلم هُوَ وَصَحَابَتُهُ الكِرَام، كَيْفَ كَانَ صلى الله عليه وسلم أَحْيَانَاً يُصَلِّي جَالِسَاً مِنْ شِدَّةِ الجُوع، الحِرْمَانُ الَّذِي رَآهُ أَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِين، لوْ كَانَ المَالُ يَنفَعُ فىكُلِّ شَيْءٍ لنَفَعَتْ قَارُونَ أَمْوَالُه، وَأَخِيرَاً عِلَاجُ الفَقرِ مِنَ القُرْآنِ وَالسُّنَّة 0
(3)
ـ الجُزْءُ الثَّانِي مِنْ سِلسِلَةُ الرِّضَا بِالقَضَاءِ وَالقَدَر 0 وَتَقرَأُ فِيه:
الرِزْقُ أَشَدُّ طَلَبَاً لِلعَبْدِ مِنَ الأَجَل، وَلَكِنَّهُ خُلِقَ الإِنْسَانُ مِن عَجَل، مَنْ رَضِيَ بِالقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِيَ اللهُ مِنهُ القَلِيلَ مِنَ العَمَل، فِتنَةُ المَال، الطَّمَعُ وَمَتي يحْمَد، مَصَارِعُ الرِّجَالِ تحْتَ بُرُوقِ الطَّمَع، إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطغَى، الحَسَدُ وَمَتي يحْمَد، الذِينَ يُسَافِرُونَ بحُجَّةِ لُقمَةِ العَيْشِ وَيَترُكُونَ أَوْلَادَهُمْ عُرْضَةً لِلَانحِرَاف، قِصَّة لِلشَّيخِ الشَّعْرَاوِي [رحمه الله] عَنِ الرِّزْقِ وَضِيقِ الرِّزْق، قِصَّة لِلشَّيخِ كِشْك [رحمه الله] عَنْ نَفسِ المَوْضُوع، وَأَخِيرَاً اقرَأ في هَذَا الكِتَاب: الثِّقَةُ فِيمَا عِنْدَ الله 0 إِلخ 0
(4)
ـ الجُزْءُ الثَّالِثُ مِنْ سِلسِلَةُ الرِّضَا بِالقَضَاءِ وَالقَدَر 0 وَتَقرَأُ فِيه:
عِزَّةُ نَفسِ المُؤمِن، المُؤمِنُ يَشْكُو إِلى الله، وَالكَافِرُ يَشْكُو مِنَ الله، مَاذَا تَفعَلُ إِذَا قُدِّمَتْ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَنْتَ غَيرُ محْتَاجٍ إِلَيْهَا، عِفَّةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عِفَّةُ الصَّحَابَةِ الكِرَام، عِفَّةُ سَيِّدِنَا أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه الإِسْلَامُ وَظَاهِرَةُ التَّسَوُّل، إِحْسَاسُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِفُقَرَاءِ المُسْلِمِين، كَرَمُهُ صلى الله عليه وسلم وَعَظَمَةُ أَخْلَاقِه، الفَارُوقُ عُمَر وَظَاهِرَةُ التَّسَوُّل، سَيِّدُنَا عَلِيٌّ وَظَاهِرَةُ التَّسَوُّل، الفَقِيرُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَة، دَوْرُ الأَغْنِيَاءِ في رِعَايَةِ العُلَمَاء، همُومٌ وَأَحْزَانٌ في حَيَاةِ العُلَمَاء 00000 إِلخ 0
{تُطلَبُ كُتُبُنَا مِن/دَار هَاشِم لِلتُّرَاث}
[بِسُوقِ الأَزْبَكِيَة لِلكِتَاب بجُوَار مُرُورِ العَتَبَة 0]
**
{قَرِيبَاً لِلمُؤَلِّف}
(1)
ــ سِلسِلَةُ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُور وَأَسْبَاب تَفَشِّي الزِّنَا وَالفُجُور 0
الجُزْءُ الثَّانِي 0 تَقرَأُ فِيهِ المَوَاضِيعَ الآتِيَة:
كُلُّ المَصَائِبِ مَبْدَأُهَا مِنَ النَّظَرِ، قِصَّةُ الرَّجُلُ الذَي صَافَحَتهُ المَلَائِكَة، قِصَّةُ الرَّجُلُ الَّذِي خَسِرَ دِينَهُ وَدُنيَاهُ مِن أَجْلِ امْرَأَة، الشَّهْوَةُ الَّتي كَادَتْ أَنْ تَقتُلَ صَاحِبَهَا وَمِنَ الحُبِّ مَا قَتَلْ، قِصَّةُ الرَّجُلُ الَّذِي تحَدَّاهُ إِبْلِيسْ، لَوْ أَقلَعْتَ أنتَ عَنِ الزِّنَا، وَأَقلَعْتُ عَنهُ أَنَا: هَلْ سَتَجِدُ السَّاقِطَاتُ مَكَانَاً بَيْنَنَا 00؟! تَوْبَةُ المُمَثِّلِ المَغْرِبيِّ الشَّهِيرْ سَعِيد الزَّيَّاني، بُشْرَى مِنْ رَسُولِ اللهِ إِلى الشَّبَاب 0
(2)
ــ سِلسِلَةُ إِنَّ الدِّينَ المُعَامَلَة 0
(3)
ــ بَاقِي سِلسِلَةُ الرِّضَا بِالقَضَاءِ وَالقَدَر 0
{تُطلَبُ كُتُبُنَا مِن/دَار هَاشِم لِلتُّرَاث}
[بِسُوقِ الأَزْبَكِيَة لِلكِتَاب بجُوَار مُرُورِ العَتَبَة]
قِلَّةُ العِفَّةِ بَيْنَ الشَّبَابْ
إِنَّ قِلَّةَ العِفَّةَ مِن أَهَمِّ الأَسْبَابْ: الَّتي تُزَيِّنُ الزِّنَا في عُيُونِ الشَّبَابْ؛ فَالنَّظرَةَ بَرِيدُ الزِّنَا؛ لِذَا حَارَبَهَا القُرْآنُ فَقَالَ سبحانه وتعالى:
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الحَاكِمُ في مُسْتَدْرَكِه:
" النَّظرَةُ سَهمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ فَمَنْ تَرَكَهَا مَخَافَة مِنَ اللهِ أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِيمَانَاً يَجِدُ حَلَاوَتَهُ في قَلبِه " 00!!
فَإِنْ دَعَتكَ عَيْنُكَ لِذَلِكَ يَوْمَاً فَانهَهَا وَقَلْ لهَا:
أَعَيْنيَ مَاذَا قَدْ أَخَذْتِ بِنَظْرَةٍ فَأَوْرَدْتُ قَلْبي مِنْكِ شَرَّ مَوَارِدِ
أَعَيْنيَ كُفِّي عَنْ فُؤَادِي فَإِنَّهُ مِنَ البَغْيِ سَعْيُ اثنَيْنِ في قَتْلِ وَاحِدِ
وَلِذَا وَرَدَ عَن أَبِى الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالْ: " نِعْمَ صَوْمَعَةَ الرَّجُلِ المُسْلِمِ بَيْتُه؛ يَكُفُّ فِيهِ نَفسَهُ وَبَصَرَهُ وَفَرْجَه، وَإِيَّاكُمْ وَالمجَالِسَ في السُّوقْ " 00!!
(رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرْ 0 الكَنْز: 8718)
{نَظرَةٌ فَابْتِسَامَةٌ فَمَوْعِدٌ فَزَوَاجُ}
حَقَّاً وَاللهِ:
نَظَرُ العُيُونِ إِلى العُيُونِ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الهَلَاكَ إِلى القُلُوبِ سَبيلَا
وَإِذَا تَمَلَّكَتِ الصَّبَابَةُ في امْرِئٍ لَمْ يُجْدِ عَذْلُ العَاذِلِينَ فَتِيلَا
{{{{{{{{
أَعَيْنيَ مَاذَا قَدْ أَخَذتِ بِنَظرَةٍ فَأَوْرَدْتِ قَلْبي مِنْكِ شَرَّ مَوَارِدِ
أَعَيْنيَ كُفِّي عَنْ فُؤَادِي فَإِنَّهُ مِنَ البَغْيِ سَعْيُ اثنَيْنِ في قَتْلِ وَاحِدِ
وَلَكِنَّ العَينَ لَا تَفْعَلُ هَذَا مِنْ تِلقَاءِ نَفْسِهَا، وَلَكِنْ بِأَمْرٍ مِنَ الفَتى أَطَاعَ فِيهِ الأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ نَفْسَهُ؛ وَاسْمَعْ مَعِي لِقَوْلِ القَائِل:
لَعَمْرِيَ مَا أَدْرِي أَنَفسِي أَلُومُهَا عَلَى العِشْقِ أَمْ عَيْني المَشُومَةَ أَمْ قَلبي
فَإِنْ لمْتُ قَلبي قَالَ لي العَيْنُ أَبْصَرَتْ وَإِنْ لمْتُ عَيْني قَالَتِ العِشْقُ في القَلبِ
نَظَرُ العُيُونِ إِلى العُيُونِ هوَ الَّذِي جَعَل الهَلَاكَ إِلى القلوبِ سَبيلَا
فَسُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِىالصُّدُورْ، وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، تَنْظُرُ إِلى بَنَاتِ المُسلِمِينَ وَإِذَا ذَكَّرُوكَ بِاللهِ احْتَجَجْتَ بِمِلْء فِيكَ بِالحَدِيثِ الَّذِي في رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ في سُنَنِه وَالتِّرْمِذِيُّ:
" لَكَ الأُولَى وَعَلَيْكَا والثَّانِيَةُ " 00!!
لَيْسَ مَعْني أَنَّ النَّظرَةَ الأُولَى لَكَ وَأَنَّ الثَّانِيَةَ عَلَيْكَا: أَنْ تُقَلِّبَ في بَنَاتِ المُسلِمِينَ عَيْنَيْكَا 00!!
وآخَرُ يَقُولُ لَكَ إِنِّي أَنْظُرُ نَعَمْ وَلَكِنْ بِنِيَّةِ الزَّوَاجْ 00
{نَظرَةٌ فَابْتِسَامَةٌ فَمَوْعِدٌ فَزَوَاجُ} 00!!
وَهَذَا يَصْدُقُ فِيهِ قَوْلُ الشَّاعِرْ:
فَهَلْ كُلُّ مَنْ تَقَعُ عَيْنُكَ عَلَيْهَا: تَسْتَطِيعُ التَّقَدُّمَ إِلَيْهَا00؟!
كُلُّ المَصَائِبِ مَبْدَأُهَا مِنَ النَّظرِ وَمُعْظمُ النَّارِ مِنْ مُسْتصْغرِ الشرَرِ
والمَرْءُ ما دَامَ ذَا عَينٍ يُقَلِّبُهَا في أَوْجُهِ الغِيدِ مَوْقُوفٌ عَلَى خَطَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَعَلَتْ في قَلْبِ صَاحِبِهَا فِعْلَ السِّهامِ بلَا قَوْسٍ وَلَا وَتَرِ
وَمِن أَطْرَفِ مَا يُحْكَى في ذَلِكَ مَا حَدَثَ مَعَ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه بَيْنَمَا هُوَ في طَرِيقِهِ إِلى شَيْخِهِ الَّذِي كَانَ يَحْفَظُ عَلَيْهِ القُرْآنَ وَكَانَ اسْمُهُ وَكِيعْ فَوَقَعَتْ عَيْنَهُ عَلَىكَعْبِ امْرَأَة، فَلَمَّا أَنْ جَلَسَ بَيْن يَدَيْهِ لِيَقرَأَ عَلَيْهِ مَا حَفِظَ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدْ؛ فَشَكَا ذَلِكَ إِلى شَيْخِهِ فَقَالَ لَا بُدَّ وَأَنَّكَ فَعَلتَ مَعْصِيَةً يَا شَافِعِيّ؛ فَخَرَجَ مِن عِنْدِهِ وَهْوَ يَقُولْ:
شَكَوْتُ إلَى وَكيعٍ سُوءَ حِفظِي فَأَرْشدَنِي إِلى ترْكِ المَعاصِي
وَأَخبرَنِي بِأَنَّ العِلمَ نورٌ وَنورُ اللهِ لَا يُهدَى لِعَاصِي
فَإِيَّاكَ إِيَّاكَ وَالنَّظَرَ إِلى النِّسَاءِ 00
مَرَّتْ أَعْرَابِيَّةٌ بِرَهْطٍ مِنْ بَني نمَيرٍ فَحَدَّقُواْ النَّظَرَ إِلَيْهَا فَالتَفَتَتْ إِلَيْهِمْ وَقَالَتْ وَيْلَكُمْ يَا بَني نمَير؛ أَلَمْ يَكفِكُمْ قَوْلُهُ فَقَالَ سبحانه وتعالى:
وَلَا قَوْلُ جَرِيرٍ:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نمَيرٍ ** فَلَا كَعْبَاً بَلَغتَ وَلَا كِلَابَا
فَاسْتَحْبى القَوْمُ وَطَأطَأُواْ رُءوسَهُمْ 00!!
[عُيُونُ الأَخْبَارِ لَابْنِ قُتَيْبَة 0 طَبْعَةُ بَيرُوت: 85 // 4]
{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بمَا كَانُواْ يَكْسِبُون}
تَقُولُ أَنتَ أَيْ رَبِّ: وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى، فَيَقُولُ لِسَانُكَ كَذَبت: أَنَا عَاكَسْت، وَتَقُولُ يَدُكَ كَذَبت: أَنَا بَطَشْت، وَتَقُولُ رِجْلُكَ كَذَبت: أَنَا مَشَيْت، وَيَقُولُ فَرْجُكَ وَأَنَا عَلَىكُلِّ هَذَا صَدَّقْت، وَيَقُولُ اللهُ سبحانه وتعالى وَأَنَا اطَّلَعْتُ وَسَتَرْت، يَا مَلَائِكَتي خُذُوهُ فَغُلُّوهْ، ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهْ 00!!
وَعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأعجبته فأتى زينبَ فقضى منها حاجته ثم قالْ: " إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان؛ فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن ذاك يرد ما في نفسه " 00!!
…
(أَخْرَجَهُ مُسٍلِمٌ في الصحيح 0 الشعب: 5435)
(وسبحان من ضيق على حبيبه في الدنيا ليوسع عليه في الآخرة، قَالَ سبحانه وتعالى:
{لَا يحل لك النساءُ من بعد ولَا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن}
(الأَحْزَابْ: 52)
وعن ابن عباس رضي الله عنه قالْ: " كانت تصلى خلفَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم امرأة حسناء من أحسن الناس ـ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثلَهَا قَط ـ وكان بعض القوم يستقدم في الصف الأولِ كيْ لَا يراها، ويستأخر بعضهم حَتىَّ يكون في الصف المؤخرِ فإذا ركع قال هَكَذَا ـ أَيْ فَعَلَ هَكَذَا ـ ونظر في تحت إِبطه وجافَى يده ـ أَيْ أَبْعَدَهَا ـ فأنزل الله في ذَلِكْ:
{ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} 00!!
(تَفسِيرُ ابْنُ كَثِيرْ: 24 / الحِجْر 0كَمَا بِالشُّعَبْ: 5442)
وَهُنَا يجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَمْرٍ هَامٍّ أَلَا وَهْوَ أَنَّهُ لَا غَرَابَة: أَنْ يَقَعَ هذا في زمن الصحابة، فَلَا يقدح هَذَا في إيمانهم رضي الله عنهم فمنهم المؤمنون ومنهم دُونَ ذَلِكْ، بمعني: أن الَّذِي يصنع هذا الصنيع ليس أبو بكر طبعا ولَا عمَرْ،
ولَا عثمان ولى علي، وإنما أمثال عبد الله بن أبي سلولٍ ومن على شاكِلتِهِ مِنْ مَرْضَى القُلُوبِ وَضُعَفَاءِ العَقِيدَةِ وَالإِيمَان 00!!
قَال صلى الله عليه وسلم: " العَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرْ، والأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الَاسْتِمَاعْ، واللِّسَانُ زِنَاهُ الكَلَامْ، واليَدُ زِنَاهَا البَطْشْ، والرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، وَالقَلبُ يَهْوَى وَيَتَمَني، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُه " 00!!
(صَحِيحُ الإِمَامِ مُسْلِم ـ 2657 ـ عَبْدُ البَاقِي)
{الذِينَ يَسْتَغِلونَ زِحَامَ الأُتُوبِيسَاتْ}
وَهَذَا حَدِيثٌ شَرِيفٌ أُهْدِيهِ إِلى بَعْضِ المُتَسَكِّعِينَ الذِينَ يَتَعَمَّدُونَ الرُّكُوبْ في الأُتُوبِيسَاتِ المُزْدَحِمَةِ بِالفَتَيَاتِ بحُجَّةِ أَنَّهَا سَتُوَصِّلُهُمْ إِلى مَآرِبِهِمْ وَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّ لهُمْ مَآرِبَ أُخْرَى، يخَادِعُونَ اللهَ وَيحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىشَيْء 00!!
يَسْتحْيُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُواْ، أَيْنَ هُمْ مِن هَذَا الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مَعقِلُ بنِ يَسَارٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالْ:" لأَنْ يُطعَنَ في رَأس أَحدكم بمخيَطٍ من حَديدٍ خَير له من أَن يمَسَّ امرَأَة لَا تحل له " 00!!
(وَالمِخْيَطُ الإِبْرَة 0 أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانَيُّ 0 الكنز 13065 / وَالشُّعَبْ: 5455)
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اللهَ افتَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودَاً فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَن أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَسْأَلُواْ عَنهَا " 00!!
{ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ}
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عن أبى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال:
" ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ولَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمْ: شَيْخٌ زَانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابْ، وعَائِلٌ مُسْتَكْبِرْ " 00!!
(والعَائِلُ الفَقِيرُ وَمِنهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغني 0 الشُّعَبْ: 5405)
وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالْ: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أكثر ما يلج به الناس الجنة قال: تقوى الله وحسن الخلق " 00!!
وسئل صلى الله عليه وسلم: " ما أكثر ما يلج به الناس النار قالَ الأجوفان: الفمُ والفرج " 00!!
…
...
…
(شُعَبُ الإِيمَانِ برَقمْ: 5756)
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " اضْمَنُواْ لِي سِتَّاً أَضْمَنُ لَكُمُ الجَنَّة: الصَّلَاة، وَالزَّكَاة، وَالأَمَانة، وَالبَطنُ، وَالفَرْج، وَاللِّسَان " 00!!
وَعَن أَبي هرَيرَةَ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن حَفِظَ مَا بَينَ لحيَيْهِ ـ أَيْ لِسَانَهُ ـ وَمَا بَينَ رِجْلَيْهِ ـ أَيْ فَرْجَهُ ـ دَخَلَ الجَنَّة " 00!!
[رواه البخاري بِاخْتِلَافٍ يَسِير 0 الشُّعَب: 5406 // الكَنْز: 43203]
أيْ أنَّ دُخُولَ الجنةِ مَرْهُونٌ بحفظِ الفَرْجِ وَاللسَان 0
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا البُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن تَوَكَّلَ لي مَا بَينَ لحيَيْهِ ـ أَيْ لِسَانَهُ ـ وَمَا بَينَ رِجْلَيْهِ ـ أَيْ فَرْجَهُ ـ تَوَكَّلتُ لَهُ الجَنَّة " 00!!
[الإِمَامُ البُخَارِيّ 0 الشُّعَب: 5407 // الكَنْز: 43203]
وَفي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَيْضَاً صَحَّحَهَا الأَلبَانِيّ:
" مَن تَكَفَّلَ لي مَا بَينَ لحيَيْهِ ـ أَيْ لِسَانَهُ ـ وَمَا بَينَ رِجْلَيْهِ ـ أَيْ فَرْجَهُ ـ أَتَكَفَّلْ لَهُ الجَنَّة " 00!!
[صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ في التِّرْمِذِيِّ: 2408 // الشُّعَب: 5407 // الكَنْز: 43179]
{بَشِّرِ الزَّانِي بِالفَقرِ وَلَوْ بَعْدَ حِين}
وَفِي الأَثَرْ: " بَشِّرِ الزَّانِي بِالفَقرِ وَلَوْ بَعْدَ حِين " 00!!
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابن عمر رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " الزِّنَا يُورِثُ الفَقر " 00!!
…
... (أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ 0 الكنز: 12989)
وَلِذَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لِلصَّحَابِيِّ الَّذِي جَاءَ يَسْأَلُهُ قَوْلاً في الإِسْلَامِ لَايَسْأَلُ عَنهُ أَحَدَاً بَعْدَهُ: " قُلْ آمَنتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ " 00!!
{تَرْكُ الذَّنبِ أَهْوَنُ مِنْ مُعَالَجَةِ التَّوْبَة}
وَلَا تَسْتَهِن بِالأَمْرَ يَا أَخِي وَتَقُولَ أَفعَلُ وَأَتُوبْ؛ فَتَرْكُ الذَّنبِ أَهْوَنُ بِكَثِيرٍ مِنْ مُعَالَجَةِ التَّوْبَة، فَبَادِرْ بِالتَّوْبَةِ يَا أَخِي وَاسْتَغفِرِاللهَ تجِدِ اللهَ غَفُورَاً رَحِيمَا، وَلَا تَنسَ أَنَّ لَذَّةً عَابِرَة: قَدْ تُفقِدُكَ الدُّنيَا وَالآخِرَةَ وَتُورِثُكَ النَّدَامَة، في الدُّنيَا وَيَوْمَ القِيَامَة، وَهَكَذَا الزِّنَا: أَوَّلُهُ شَهدٌ وَآخِرُهُ عَلقَمْ، كَيْفَ بِكَ لَوِ اطَّلَعَ زَيْدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَا تَفعَلُهُ مِنْ مُنْكَرَاتْ 00؟!!
كَيْفَ بِكَ لَوْ شَاعَتْ بَيْنَ النَّاسْ 00؟!
…
أَمَا تخْشَى الفَضِيحَةَ 00؟!!
رَوَى جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " يَا مَعْشَرَ الذِينَ أَسْلَمُواْ بِأَلسِنَتِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ في قُلُوبِهِمْ: لَا تُؤْذُواْ المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُواْ عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللهُ عَثْرَتَه ـ وَفي رِوَايَاتٍ أُخْرَى تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ـ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَثْرَتَهُ يَفضَحْهُ وَلَوْ في قَعْرِ بَيْتِه، قِيلَ وَهَلْ عَلَى المُؤْمِنِينَ مِنْ سِتر 00؟!!
قَالَ صلى الله عليه وسلم سُتُورُ اللهِ عَلَى المُؤمِنِينَ أَكثَرُ مِن أَنْ تحْصَى: إِنَّ المُؤْمِنَ لَيَعْمَلُ بِالذُّنُوبِ فَتَهْتِكَ عَنهُ سِتْرَاً سِتْرَاً حَتىَّ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ مِنهُ شَيْءٌ ـ أَيْ حَتىَّ إِذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى المُؤْمِنِ مِنْ سُتُورِهِ شَيْءٌ ـ فَيَقُولُ لِلمَلَائِكَةِ اسْتُرُواْ عَلَى
عَبْدِي مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَ وَلَا يُغَيِّرُون، فَتَحُفُّ عَلَيْهِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا يَسْتُرُونَهُ مِنَ النَّاسْ، فَإِنْ تَابَ قَبِلَ اللهُ مِنهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ سُتُورَهُ وَمَعَ كُلِّ سِترٍ تِسْعَةُ أَسْتَارْ، فَإِنْ تَتَابَعَ في الذُنُوبِ قَالَتِ المَلَائِكَةُ يَا رَبَّنَا إِنَّهُ قَدْ غَلَبَنَا وَأَقذَرَنَا؛ فَيَقُولُ سبحانه وتعالى لِلمَلَائِكَةِ تخَلَّواْ عَنهُ، فَلَوْ عَمِلَ عَمِلَ ذَنْبَاً في بَيْتٍ
مُظلِمٍ في لَيْلَةٍ مُظلِمَةٍ في جُحْرٍ أَبْدَى اللهُ عَنه " 00!!
(تَهْذِيبُ التَّهْذِيبْ 64/ 2 ـ الكَنْز: 7427)
هَذَا عَن عَارِ الدُّنيَا ـ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيى ـ أَمَّا عَارُ الآخِرَةِ فَيَقُولُ فِيهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ العَارَ لَيَلزَمُ العَبْدَ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتىَّ يَقُولَ يَا رَبّ لإِرْسَالُكَ بِي إِلى النَّارِ أَيْسَرُ عَلَيَّ ممَّا أَلقَى وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ مَا فِيهَا مِنْ شِدَّةِ العَذَابْ " 00!!
(أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ عَنْ جَابِرْ 0 الكَنْز: 7666)
وَهَذِهِ بَعْضُ الأَسْبَابِ المُقَوِّيَةِ لِلوَازِعِ الدِّيني عِنْدَ العَبْدِ الَّتي ذَكَرَهَا ابْنُ القَيِّمِ في كِتَابِهِ القَيِّمْ: " عُدَّةُ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةُ الشَّاكِرِين ":
" أَوَّلاً: إِجْلَالُ اللهِ جل جلاله أَنْ يُعْصَى وَهُوَ يَسْمَعُ وَيَرَى، فَمَنِ اسْتَحْضَرَ بِقَلبِهِ عَظَمَةَ اللهِ جل جلاله لمْ يُطَاوِعْهُ في المَعْصِيَةِ إِنْ كَانَ بِالقَلبِ إِسْلَامٌ00!!
ثَانِيَاً: مَشْهَدُ النِّعْمَةِ وَالإِحْسَان؛ فَإِنَّ الكَرِيمَ لَا يُقَابِلُ بِالإِسَاءةِ الإِحْسَان؛ حَيَاءً مِنَ اللهِ جل جلاله أَنْ يَكُونَ فَضْلُ اللهِ نَازِلاً، وَجَرَائِرُهُ إِلَيْهِ صَاعِدَةً 00!!
(ذَكَرَهَا ابْنُ القَيِّمِ ثَالِثَاً)
ثَالِثَاً: أَنْ لَا يَسْتَوْحِشَ العَبْدُ مِنْ ظَاهِرِ الحَالْ؛ فَإِنَّ اللهَ جل جلاله مَا حَرَمَهُ إِلَاّ لِيُعْطِيَه، وَلَا أَسْقَمَهُ إِلَاّ لِيَشْفِيَه، وَلَا أَفقَرَهُ إِلَاّ لِيُغْنِيَه، وَلَا أَمَاتَهُ إِلَاّ لِيُحْيِيَه، وَلَا أَخْرَجَ أَبَوَيْهِ مِنَ الجَنَّةِ إِلَاّ لِيُعِيدَهُمَا فِيهَا كَمَا أَخْبرَ القُرْآنُ يَا آدَمُ لَا تجْزَعْ مِنْ قَوْلي لَكَ اخْرُجْ مِنهَا فَلَكَ خَلَقتُهَا وَسَأُعِيدُكَ إِلَيْهَا 00!!
(ذَكَرَهَا ابْنُ القَيِّمِ في السَّبَبِ السَّادِسَ عَشَرْ)
رَابِعَاً: أَنْ يَعْلَمَ العَبْدُ أَنَّ اللهَ خَلَقَهُ لِبَقَاءٍ لَا فَنَاءَ لَه، وَلِعِزٍّ لَا ذُلَّ مَعَه، وَلأَمْنٍ لَا خَوْفَ فِيه، وَلَذَّةٍ لَا يُصَاحِبُهَا أَلمْ، وَكَمَالٍ يَعْترِيهِ نَقص؛ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفتَتِنَ بِزَهْرَةِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، فَالعَبْدُ الَّذِي يمْلِكُ شَهْوَتَهُ هُوَ المَلِكُ حَقَّاً، وَالمَلِكُ المُنْقَادُ لِشَهْوَتِهِ مَثَلُهُ في ذَلِكَ مَثَلُ العَبْد، بَلْ كَالبَعِيرِ الَّذِي تَقُودُهُ شَهَوَاتُهُ حَيْثُ شَاءَتْ 00!! (ذَكَرَهَا ابْنُ القَيِّمِ في السَّبَبِ التَّاسِعَ عَشَرْ)
رَابِعَاً: وَيُسْتَعَانُ عَلَى العَوَائِدِ ـ كَالعَادَةِ المَلعُونَةِ ـ بِالهَرَبِ مِنْ مَظَانِّ الفِتنَةِ وَالبُعْدِ عَنهَا مَا أَمْكَنَه، فَمَا اسْتُعِينَ عَلَى الشَّرِّ بمِثلِ البُعْدِ عَنه " 00 وَيُؤَيِّدُ هَذِهِ العِبَارَةَ لَابْنِ القَيِّمِ المَثَلُ العَرَبِيُّ القَائلْ:" دَعِ الشَّرَّ يَدَعْكَ " وَ " الشَّرُّ للشَّرِّ خُلِقْ " 00 وَيُوَاصِلُ ابْنُ القَيِّمِ قَوْلَهُ: " وَهَا هُنَا لَطِيفَةٌ لِلشَّيْطَانِ لَا يَتَخَلَّصُ مِنهَا إِلَاّ كُلُّ حَاذِقْ: أَلَا وَهِيَ أَنْ يَظهَرَ لَهُ في بَعْضِ مَظَانِّ الشَّرِّ شَيْءٌ مِنَ الخَيرْ، فَإِذَا اقترَبَ مِنهُ أَلقَاهُ في الشَّبَكَة " 00!!
(ذَكَرَهَا ابْنُ القَيِّمِ في السَّبَبِ العِشْرِين 0 طَبْعَةُ دَارِ المَنَارْ: آخِرُ البَابِ الثَّانِي عَشَرْ)
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ يَنتَهِكْ أَعْرَاضَ النَّاسِ تَنْتَهِكِ النَّاسُ أَعْرَاضَه، فَمَهْمَا دَارَ الزَّمَان؛ كَمَا تَدِينُ تُدَان 0
عِفُّواْ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ في المحْرَمِ وَتَجَنَّبُواْ مَا لَا يَلِيقُ بِمُسْلِمِ
مَنْ يَزْنِ في بَيْتٍ بدِرْهَمَ وَاحِدٍ في بَيْتِهِ يُزْنَى بِدُونِ دَرَاهِمِ
مَنْ يَزْنِ يُزْنَ بِهِ وَلَوْ بجِدَارِهِ إِنْ كُنْتَ يَا هَذَا لَبِيبَاً فَافْهَمِ
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ إِنِ اسْتَقْرَضْتهُ كَانَ الوَفَا مِن أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ
**********
قَالَ صلى الله عليه وسلم في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الحَاكِمُ في مُسْتَدْرَكِه: عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " عِفُّواْ عَنْ نساء الناس تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكمْ، ومن أتاه أخوه متنصلاً ـ أَيْ معتذراً ـ فليقبل ذلك منه محقاً كان أو مبطلاً؛ فإن لم يفعل لم يرد على الحوضْ " 00!!
(أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ 0 الكَنْز: 13011، 13012)
فَالزَّانِي دَائِمَاً لَا يَنْكِحُ إِلَاّ زَانِيَةً، والزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَاّ زَانٍ، وَصَدَقَ اللهُ إِذ يَقُولْ:{الخَبِيثَاتُ لِلخَبِيثِينَ والخَبِيثُونَ لِلخَبِيثَاتِ والطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ والطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتْ} 0000000000000000000000 (النُّورْ: 26)
وَعَنْ سُمرة بن جندب الفزاريُّ في إِسْرَائِهِ صلى الله عليه وسلم قَالْ: " قال صلى الله عليه وسلم قالَا لي انطلقْ فانطلقنا فأتينا على مثل بناء التنور ـ أَيِ الكُورْ: وَهُوَ الفُرْن ـ
فإذا لغط وأصواتْ؛ فاطلعنا فإذا فِيه رجال ونساء وإذا هم يأتيهم اللهبُ من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك ضَوْضَوْاْ ـ أَيْ صَوَّتُواْ وَأَحْدَثُواْ جَلَبَةً وَصِيَاحَا ـ قلتُ من هؤلَاءِ قال ليَ انطَلِقِ انطَلِقْ 000 إِلخْ 0
فذكر الحديثَ ثم قال في التفسيرْ: أما الرجال والنساءُ العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني " 00!!
(أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في الصحيح من حديث عوف، وَسَمَّاهَا رُؤيَا لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:
وَهِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومْ 0 الإِسْرَاء: 60)
وَعَنْ سليم بن عامر عن أبي أمامة رضي الله عنه أن فتي شابا أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالَ يا رسول اللهِ: أتأذن لي في الزنا 00؟!
فصاح القوم به وقالواْ مه مه ـ أَيِ اكْفُفْ ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقروه وادنه ـ أَيِ اتبَعُوهُ وَائتُونِي بِه ـ فدنا حَتىَّ كان قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لَهُ أتحبه لأمِّك 00؟!
قالَ لَا يا رسول اللهِ جعلني الله فداك؛ فَقال صلى الله عليه وسلم ولَا الناس يحبونه لأمهاتهمْ، ثمَّ سَأَلَهُ أَتحِبُّهُ لَابْنَتِكْ 00؟!
قَالَ لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ الله جعلني الله فداك؛ فَقال صلى الله عليه وسلم ولَا الناس يحبونه لبناتهمْ، ثمَّ سَأَلَهُ أَتحِبُّهُ لأختك 00؟!
قال لَا والله يا رسول الله جعلني الله فداك؛ فَقال صلى الله عليه وسلم ولَا الناس يحبونه لأخواتهمْ، ثم ذكرَ العَمَّةَ وَالخَالَةَ كذلكَ فَقالَ لَهُ الفَتي يا رسول الله ادع الله لي، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليه ثم قالَ اللهم اغفر ذنبَهُ وطهر قلبَهُ وَحَصِّن فَرْجَه؛ فكان لَا يلتفت إِلى شَيْءٍ بعد " 00!!
(أَيْ أَصَابَتهُ دَعْوَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم 0 الشُّعَبْ: 5415)
وَعن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حفظ ما بين لحييه وبين رجليه دخل الجنة " 00!!
(أيْ أنَّ دُخُولَ الجنةِ مَرْهُونٌ بحفظِ الفَرْجِ وَاللسَان 0 أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ بلفظ مختلف 0 الشُّعَبْ: 5406، 5407)
وَعن الهيثم بن مالك الطائيّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " ما ذنبٌ بعد الشرك أعظم من نطفة وضعها رجل في رَحِمٍ لَا يحل له " 0
(أَخْرَجَهُ ابن أَبي الدنيا 0 الكنز: 12994)
{المُقِيمُ عَلَى الزِّنَا كَعَابِدِ وَثَن}
وَعَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالْ: " المقيم على الزنا كعابد وثن " 00!!
(والمقيم على الزنا أَيِ المصرُّ عليه الَّذِي صَارَ مُدْمِنَاًَ لَه 0 أَخْرَجَهُ الخرائطي في مساوي الأخلَاق وابن عساكر 0 الكنز: 12996)
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " حُرْمَةُ نِسَاءِ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ القَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ المُجَاهِدِينَ في أَهْلِهِ إِلَاّ وَقَفَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَأخُذُ مِن حَسَنَاتِهِ مَا شَاءَ حَتىَّ يَرْضَى " 00!!
(أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ تَحْتَ رَقم: 1897 ـ عَبْدِ البَاقِي)
وَعَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " الزاني بحليلة جَاره لَا ينظر الله إليه يوم القيامة ولَا يزكيه ويقول له ادخل النار مع الداخلين " 00!!
(أَخْرَجَهُ الخرائطي في مساوي الأخلَاق عن ابن عمر 0 الكنز: 12990)
وَقَالَ سبحانه وتعالى: {وَالذينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون، إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُون} 000000000000000000000000000 (المَعَارِجْ: 30)
{نَقرَةٌ بِنَقرَة}
وَمِن أَطْرَفِ مَا يُحْكَى في ذَلِكَ أَنَّ جُواهِرْجِيَّاً صَالِحَاً دَعَاهُ أَحَدُ الأُمَرَاءِ لِيَشْتَرِىَ مِنهُ بَعْضَ الأَحْجَارِالكَرِيمَة، فَوَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَكَانَتْ حَسْنَاءْ، فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ بِالفَحْشَاءْ، ثُمَّ أَفَاقَ مِنْ سَكْرَتِهِ فَاسْتَغفَرَ رَبَّهُ وَغَضَّ بَصَرَهُ، فَلَمَّا أَن عَادَ إِلى البَيْتِ وَجَدَ امْرَأَتَهُ في انْتِظَارِهِ وَكَأَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَقُولَ شَيْئَاً؛ فَاسْتَنطَقَهَا فَقَالَتْ قُلْ أَنتَ أَوَّلاً00 فَقَالَ حَدَثَ اليَوْمَ مَعِي شَيْءٌ لَمْ أَعْتَدْهُ مِنْ قَبْل، قَالَتْ لَهُ مَاذَا حَدَثْ 00؟!
قَالَ حَدَثَ مَعِي كَذَا وَكَذَا، فَأَطْرَقَتْ مَلِيَّاً، ثُمَّ قَالَتْ: حَدَثَ مَعِي نَفسُ الشَّيْءِ بَعْدَمَا انصَرَفتَ، قَالَ كَيْفْ00؟!
قَالَتْ جَاءَ السَّقَّا كَالمُعْتَادِ فَفَتَحْتُ لَهُ البَابَ فَرَأَيْتُهُ يُحَمْلِقُ فيَّ كَغَيْرِ العَادَةِ فَطَرَدْتُهُ وَأَغلَقتُ البَابَ في وَجْهِه فَلَمَّا أَن حَكَيْتَ مَا حَكَيتْ: لمْ أَتَعَجَّبْ مِمَّا رَأَيتْ 00!!
فَقَالَ قَوْلَةَ حَقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً وَأَصْبَحَ الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ يَرْوِيهَا:
" نَقرَةٌ بِنَقرَة، وَلَوْ زِدْتُ لَزَادَ السَّقَّا " 00!!!
**********
وَتَذَكَّرْ قِصَّةَ الثَّلَاثَةَ الذِينَ آوَاهُمُ المَبِيتُ إلَى غَارْ: عِنْدَمَا سَقَطَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ مِن أَعْلَى الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ بَابَ الغَارِ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَشَاوَرُون، ثُمَّ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَخَلَصُواْ نَجِيَّاً عَلَى أَنْ يَتَضَرَّعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمْ إلَى اللهِ بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلَهُ، فَقَالَ الأَوَّلُ مَا قَالَ وَقَالَ الثَّانِي مَا قَالَ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الدَّوْرُ عَلَى الثَّالِثِ قَالْ:
اللهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتْ ليَ ابْنَةُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِليّ وَفي رِوَايَةٍ: كُنتُ أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاء، فَأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنيِّ حَتىَّ أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءَتني فَأَعْطَيْتُهَا مِاْئَةً وَعِشْرِينَ دِينَارَاً عَلَى أَنْ تخَلِّيَ بَيني وَبَيْنَ نَفسِهَا فَفَعَلَتْ، حَتىَّ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قَالَتِ اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَاّ بحَقِّهِ، فَانْصَرَفتُ عَنهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيّ، وَتَرَكتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجْهِكَ الكَرِيمِ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيه، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ " 00!!
(البُخَارِيّ 0 فَتح 0 بِرَقمْ: 2215 ـ وَمُسْلِمٌ 0عَبْدُ البَاقِي 0 بِرَقمْ: 2743)
عَن أُمِّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ:
" مَن عَشِقَ فَعَفَّ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدَاً " 00!!
(رَوَاهُ ابْنُ الخَطِيبْ 0 الكَنْز: 6999)
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسْ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ:
" مَن عَشِقَ فَكَتَمَ وَعَفَّ فَمَاتَ فَهْوَ شَهِيدْ " 00!!
(رَوَاهُ ابْنُ الخَطِيبْ 0 الكَنْز: 7000)
وَممَّا يُرُوِيَ في ذَلِكَ أَنَّ قَصَّابَاً كَانَ يُحِبُّ جَارِيَةً ممْلُوكَةً وَيَوَدُّ لَوْ أَنَّهَا لَهُ وَتَذهَبُ الدُّنيَا وَمَا عَلَيْهَا، فَمَرَّتْ بِهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهِيَ في طَرِيقِهَا لِتَقضِيَ إِحْدَى حَاجِيَاتِ أَهْلِهَا، فَتَبِعَهَا حَتىَّ لَحِقَ بِهَا وَبَثَّهَا مَا يجِدُ وَرَاوَدَهَا عَنْ نَفسِهَا فَأَبَتْ وَبَكَتْ وَقَالَتْ اللهُ يَشْهَدُ أَنِّي أُكِنُّ لَكَ مِثلَهُ وَلَكِنيِّ أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِين ، وَتَرَكَتْهُ وَانْصَرَفَتْ؛ فَاسْتَحْيَى مِنْ نَفسِهِ وَنَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ وَقَالَ أَتَخَافُ هِيَ اللهَ وَلَا أَخَافُهُ وَهُوَ رَبِّي وَرَبُّهَا 00؟!!
وَكَرَّ رَاجِعَاً وَنَدِمَ عَلَى مَا فَعَل، وَبَيْنَمَا هُوَ في طَرِيقِهِ إِذِ اشْتَدَّ بِهِ العَطَشْ،
فَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكَاً في هَيْئَةِ رَجُلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَاسْتَسْقَاهُ فَقَالَ لَه: إِنَّ مَا بِي مِثلُ مَا بِكَ فَهَلُمَّ بِنَا نَسْتَسْقِي اللهَ عَسَى اللهُ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَقَالَ القَصَّابُ مَا لِي عَمَلٌ صَالِحٌ أَدْعُو اللهَ بِهِ فَادْعُ أَنتَ وَأُؤَمِّنُ أَنَا، فَمَا أَنْ دَعَوَا اللهَ حَتىَّ أظَلَّتْهُمَا سَحَابَةٌ فَتَبِعَتْهُمَا حَتىَّ مُفتَرَقِ الطَّرِيقْ، فَلَمَّا أَنْ تَفَرَّقَا سَارَتِ السَّحَابَةُ سَيْرَاً بَيِّنَاً في طَرِيقِ القَصَّابْ؛ فَعَجِبَ المَلَكُ لِصَنِيعِهَا وَقَالَ لَهُ مُتَعَجِّبَاً أَتَزعُمُ أَنْ لَيْسَ لَكَ عَمَلٌ صَالِح؛ فَمَا بَالُ هَذِهِ السَّحَابَة 00؟!!
فَقَصَّ عَلَيْهِ الخَبَرَ، فَقَالَ المَلَكْ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلتَّائِبِ مَكَانَاً عِنْدَ اللهِ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدْ 00؟!!
…
(الإِحْيَاء: بَابْ مخَالفَة شَهْوَةِ الفَرْجْ)
وَكَانَ في بَني إِسْرَائِيلَ امْرَأَةٌ لهَا أَيْتَامٌ مَاتَ أَبُوهُمْ ـ وَكَانَ رَجُلاً صَالحَاً ـ فَأَلمَّتْ بِهَا سَنَةٌ ـ أَيْ فَقر ـ فَخَرَجَتْ تَلتَمِسُ فَدَخَلَتْ عَلَى تَاجِرٍ وَقَصَّتْ عَلَيْهِ الأَمْرَ فَاشْتَرَطَ عَلَيْهَا لِيَقضِيَ لهَا حَاجَتَهَا أَنْ تمَكِّنَهُ مِنْ نَفسِهَا فَأَبَتْ، ثمَّ عَادَتْ إِلى البَيْتِ فَنَظَرَتْ إِلى الأَطفَالِ وَهُمْ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ سَنَمُوتُ مِنَ الجُوعِ يَا أُمَّاهُ وَنُرِيدُ مَا نَأكُلُهُ؛ فَذَهَبَتْ إِلى الرَّجُلِ وَأَجَابَتهُ مُكرَهَةً إِلى مَا طَلَب، فَلَمَّا أَن خَلَا بِهَا وَقَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ أَخَذَتهَا رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ فَقَالَ لهَا الرَّجُلُ مَا خَطبُكِ 00؟!!
فَقَالَتْ أَخَافُ اللهَ، فَقَالَ لهَا الرَّجُلُ أَتخَافِينَ أَنتِ اللهَ عَلَى مَا بِكِ مِنَ الفَاقَةِ وَالجُوعِ وَلَا أَخَافُهُ أَنَا عَلَى مَا أَعْطَانِي مِنَ المَالِ وَالنَّعِيمْ 00؟!!
فَقَضَى حَاجَتَهَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهَا وَأَكْرَمَهَا حَتىَّ عَادَتْ إِلى أَوْلَادِهَا بخَيْرٍ كَثِيرٍ فَأَكَلُواْ وَشَرِبُواْ وَلَعِبُواْ وَنَامُواْ سُعَدَاءْ 00!!
فَأَوْحَى اللهُ إِلى مُوسَى عليه السلام وَقَالَ لَهُ قُلْ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ـ ذَلِكَ الرَّجُلِ ـ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ ذُنُوبَهُ، فَأَتَاهُ مُوسَى عليه السلام وَبَشَّرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ لَهُ لعَلَّكَ قَدْ فَعَلتَ خَيْرَاً كَثِيرَاً، فَبَكَى الرَّجُلُ بُكَاءً شَدِيدَاً لعَظِيمِ فَضْلِ اللهِ عَلَيْهِ رَغْمَ الَّذِي فَعَلْ؛ فَسَأَلَهُ كَلِيمُ اللهِ مَا يُبْكِيكْ 00؟!!
فَحَكَى لَهُ، فَقَالَ إِنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ عَنْكَ وَرَحِمَكَ بِرَحْمَتِكَ إِيَّاهَا 00!!
(بِالبَابِ الثَّانِي مِنْ مُكَاشَفَةُ القُلُوبْ لأَبِي حَامِدٍ الغَزَالِيّ: 10)
وَاسْتِمْرَارَاً لِدَرْء الشُّبُهَاتِ وَقَتْلِ الشَّهَوَاتِ نَهَى الإِسْلَامُ أَنْ يَخْلُوَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ حَتىَّ وَلَوكَانَ يُحَفِّظُهَا القُرْآنَ فَعَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالْ: " لَا يخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا " 00!!
(أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْن، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَن سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ 0 الكَنْز: 13042، وَشُعَبُ الإِيمَان: 5454)
وَبحَدِيثٍ آخَرَ قَالَ الصَّحَابَةُ وَلَوْ كَانَتِ المَرْأَةُ صَالحَةً يَا رَسُولَ الله 00؟!
قَالَ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَتْ المَرْأَةُ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَان " 00!! (خم: 112/ 1)
وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالْ: " إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصارِ يا رسول الله أفرأيتَ الحمو 00؟!
قالَ الحمو الموت " 00!!
(والحمو هوَ قريب الزوج يدخل على المَرْأَةِ في غِيَابِ زَوْجِهَا كأخيه أو أبيه أو عمه، وَوَاللهِ لَقَدْ رَأَيْنَا العَجَبَ العُجَابَ مِن هَذِهِ الأُمُورْ، الَّتي حَذَّرَ مِنهَا الرّسُولْ 0 أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ: 9/ 330 / فَتح 0 كَمَا أَخْرَجَهُ مُسٍلِمٌ 4/ 1711، الشُّعَبْ: 5437)
وَسُبْحَانَ اللهِ إِنْ كَان هَذَا هُوَ الحَالُ مَعَ القَرِيبِ فَكَيْفَ بِالغَريبْ 00؟!
وعن أبي معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنه قالْ: " سَمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقولْ: لَا يخلون رجل بامرأة ولَا تسافرِ امرأة إِلَاّ ومعها ذو محرمْ " 00!! (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسٍلِمٌ من حديث ابن عيينة 0 الشعب: 5438)
وَفِي رِوَايَةٍ: " فقال رجلٌ يا رسول اللهِ إِنيِّ أريد أن أخرج في جيشِ كذا وكذا وامرأتي تريد الحجّ 00؟!
…
قَالَ صلى الله عليه وسلم فاخرج معها " 00!!
(الشعب: 5440)
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالْ: " إياكم ومحادثة النساء؛ فإنه لَا يخلو رجل بامرأة ليس لها محرم إِلَاّ وهم بها " 00!!
(الكنز: 13061)
وَعَن عَمْرِو بْنِ عَنْ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ أَنَّ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه مَرَّ برَجُلٍ يُكَلِّمُ امْرَأَةً عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّهَا امْرَأَتِي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين، فَقَالَ عُمَرُ فَهَلَا حَيْثُ لَا يرَاكُمَا النَّاسْ " 00!!
(أَخْرَجَهُ الخَرَائِطِيُّ في مَكَارِمِ الأَخْلَاقْ 0 الكنز: 13621)
وَعَنِ الحَسَنِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مَرَّ عَلَى رَجُلٍ يُكَلِّمُ امْرَأَةً فَرَأَى مَا لَمْ يمْلِكْ نَفسَهُ فَجَاءَ بِعَصَاً فَضَرَبَهُ حَتىَّ سَالَتْ مِنهُ الدِّمَاء، فَشَكَا الرَّجُلُ مَا لَقِيَ إِلى أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عُمَرْ؛ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلى الرَّجُلِ فَسَأَلَهُ فَقَالْ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يُكَلِّمُ امْرَأَةً فَرَأَيْتُ مِنهُ مَا لَمْ أَمْلِكْ نَفسِي عَلَيْهِ ـ رُبمَا رَآهُ يَضُمُّهَا إِلَيْهِ أَوْ مَا شَابَهَ ذَلِكَ فَعَدَّهُ مُنْكَرَاً وَإِنْ كَانَ اليَوْمَ مَعْرُوفَا ـ فَتَكَلَّمَ عُمَرُ ثُمَّ قَالْ: وَأَيُّنَا كَانَ يَفعَلُ هَذَا، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ اذهَبْ، عَينٌ مِن عُيُونِ اللهِ أَصَابَتْك " 00!!
(أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرْ 0 الكنز: 13620)
وَلِذَا رُوِيَ عَن عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولْ: " إِيَّاكُمْ وَالمُغَيَّبَاتْ؛ فَوَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ وَلأَنْ يخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلى الأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِن أَنْ يَزْنِيَ فَمَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ يخْطُبُ أَحَدَهُمَا عَلَى الآخَرِ حَتىَّ يجْمَعَ بَيْنَهُمَا " 00!!
…
... (أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبرِي 0 الكنز: 13622)
وَعَن عَرْجَفَةَ قَالْ: " قَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه لأُمِّ ابْنَةِ أَبي بُرْدَةَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ رَجُلٌ لَيْسَ بِذِي محْرَمٍ فَادْعِي إِنْسَانَاً مِن أَهْلِكِ فَليَكُن عِنْدَكِ فَإِنَّ الرَّجُلَ وَالمَرْأَةَ إِذَا خَلَوَا جَرَى الشَّيْطَانُ بَيْنَهُمَا " 00!!
(الكنز: 13622)
وَهَذِهِ حِكَايَةٌ طَرِيفَةٌ حَدَثَتْ عَلَى عَهْدِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابْ:
عَنِ القَاسِمِ بْنِ محَمَّدٍ عَن أَبي السَّيَّارَةِ أَنَّهُ أُولِعَ بِامْرَأَةِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو جُنْدُبْ، فَجَعَلَ يُرَاوِدُهَا عَنْ نَفسِهَا، فَقَالَتْ لَهُ لَا تَفعَلْ فَإِنَّ أَبَا جُنْدُبٍ إِنْ يَعْلَمْ بِهَذَا يَقتُلكَ فَأَبَى أَنْ يَنْزِع، فَأَخْبَرَتْ بِذَلِكَ أَبَا جُنْدُبٍ فَقَالْ:
إِنِّي مخْبرٌ القَوْمَ أَنِّي ذَاهِبٌ إِلى الإِبِلْ، فَإِذَا أَظلمَتْ جِئتُ فَدَخَلتُ البَيْتَ فَإِنْ جَاءَ فَأَدْخِلِيهِ عَلَيّ، فَوَدَّعَ أَبُو جُنْدُبٍ القَوْمَ وَأَخْبرَهُمْ أَنَّهُ ذَاهِبٌ إِلى
الإِبِلْ، فَلَمَّا أَظلَمَ اللَّيْلُ جَاءَ وَكَمُنَ في البَيْتْ، وَجَاءَ أَبُو السَّيَّارَةِ وَهْيَ تَطحَنُ في بَيْتِهَا فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفسِهَا فَقَالَتْ لَهُ وَيحَكَ أَرَأَيْتَ هَذَا الأَمْرَالذِي تَدْعُوني إِلَيْهِ هَلْ دَعَوْتُكَ إِلى شَيْءٍ مِنهُ قَطّ 00؟
قَالَ لَا وَلكِنْ لَا صَبرَ لِي عَنْكِ، فَقَالَتِ ادْخُلِ البَيْتَ حَتىَّ أَتَهَيَّأَ لَكْ، فَلمَّا أَنْ دَخَلَ البَيْتَ أَغْلَقَ أَبُو جُنْدُبٍ البَابَ ثمَّ أَخَذَهُ فَدَقَّ عُنُقَه، فَذَهَبَتِ المَرْأَةُ إِلى أَخِي أَبِىجُنْدُبٍ فَقَالَتْ أَدْرِكِ الرَّجُلَ فَإِنَّ أَبَا جُنْدُبٍ قَاتِلُه، فَجَعَلَ أَخُوهُ يُنَاشِدُهُ اللهَ فَتَرَكَه، وَحَمَلَهُ أَبُو جُنْدُبٍ إِلى مَدْرَجَةِ الإِبِلِ ـ أَيْ مَنَاخِهَا ـ فَأَلقَاه، فَكَانَ كُلمَا مَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ قَالَ لَهُ مَا شَانُك 00؟!!
فَيَقُولُ وَقَعْتُ عَنْ بَكْر ـ أَيْ جَمَلٍ ـ فَحَطَّمَني، فَأَمْسَى محْدَوْدِبَاً، ثمَّ أَتَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَشَكَا لَه، فَبَعَثَ عُمَرُ إِلى أَبي جُنْدُبْ، فَأَخْبرَهُ بِالأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَرْسَلَ إِلى أَهْلِ المَاءِ ـ أَيْ إِلى أَهْلِ القَبِيلَةِ ـ فَصَدَّقُوه، فَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا السَّيَّارَةِ مِاْئَةَ جَلدَةٍ وَأَبْطَلَ دِيَتَه " 00 أَيْ دِيَةَ مَا تَلِفَ مِن أَعْضَائِه 00!!
…
... (أَخْرَجَهُ الخَرَائِطِيّ 0 الكَنْز: 13591)
{الرَّجُلُ الَّذِي خَسِرَ دِينَهُ وَدُنيَاهُ مِن أَجْلِ امْرْأَة}
وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ يَذكُرُ بُرَيْصِيصَة ـ رَاهِبُ بَني إسْرَائِيلَ الَّذِي سَارَتْ بخَبرِهِ الرُّكْبَانُ وَصَارَ مَضْرِبَ الأَمْثَالْ ـ لَمَّا أَعْيَتِ الشَّيْطَانَ غِوَايَتُهُ فَتَذَاكَرُواْ ذَلِكَ يَوْمَاً عِندَ كَبِيرِهِمْ إِبْلِيسَ فَجَعَلَ جُعْلاً لمَنْ يُضِلُّه، فَقَالَ لَهُ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ الأَبْيَضُ أَنَا بِهِ زَعِيمْ، فَقَالَ لَكَ ذَلِكْ، فَظَهَرَ لَهُ عَلَى هَيْئَةِ رَجُلٍ صَالِحٍ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضْ، وَأَظهَرَ لَهُ مِن حُسْنِ العِبَادَةِ مَا جَعَلَ بُرَيْصِيصَةَ
يُعْجَبُ بِهِ فَاسْتَضَافَهُ في صَوْمَعَتِهِ، فَقَبِلَ الدَّعْوَةَ (عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ) وَتَنَافَسَا في العِبَادَةِ زَمَانَاً حَتىَّ بَدَا تَفَوُّقُهُ عَلَى بُرَيْصِيصَة، فَلَمَّا أَن هَمَّ بِالرَّحِيلِ أَخَذَ بُرَيْصِيصَةَ بِتَلَابِيبِهِ وَقَالَ لَهُ وَاللهِ لَنْ تَبْرَحَ الأَرْضَ حَتىَّ تُعَلِّمَني مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدَا، فَعَلَّمَهُ طَلسَمَاً شِرْكِيَّاً يَرْقِي بِه، وَقَالَ لَهُ إِذَا أَتَاكَ المَصْرُوعُ فَاقرَأهُ عَلَيْهِ وَسَيَبْرَأُ بِإِذنِ الله، ثُمَّ انْصَرَفْ، وَلمْ تمْضِ سِوَى أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ وَكَانَ الحَاجُّ إِبْلِيسُ في زِيَارَةٍ لمَلِكِ المَدِينَة؛ فَأَصَابَ ابْنَتَهُ بِشَيْءٍ مِنَ المَسّ؛ فَذَهَبُواْ بِهَا إِلَىكُلِّ الأَطِبَّاءِ فَفَشِلُواْ جَمِيعَاً في عِلَاجِهَا، حَتىَّ تَمَثَّلَ لَهُمْ (عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ) في صُورَةِ
رَجُلٍ صَالِحٍ دَلَّهُمْ عَلَى بُرَيْصِيصَةَ فَذَهَبُواْ إِلَيْهِ فَرَقَاهَا فَبَرِئَتْ بِإِذنِ الله؛ فَشَكَرُواْ لَهُ ذَلِكْ وَأَخَذُواْ أُختَهُم وَانْصَرَفُواْ، وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَاوَدَهَا المَرَضْ؛ فَرَجَعُواْ إِلَيْهِ فَرَقَاهَا فَبَرِئَتْ بِإِذنِ الله، وَظَلُّواْ عَلَى هَذَا الحَالِ عِدَّةَ أَشْهُرْ؛ حَتىَّ أَهَلَّ مَوْسِمُ الحَجِّ فَأَرَادُواْ السَّفَرْ، وَخَافُواْ إِنْ تَرَكُوهَا وَحْدَهَا أَنْ يُصِيبَهَا مَا أَصَابَهَا وَلَا تَجِدُ مَنْ يُطَبِّبُهَا، ثُمَّ خَلَصُواْ نَجِيَّاً أَنْ يَترُكُوهَا عِنْدَ ذَلِكَ الرَّاهِبْ، فَكَانَ يُطَبِّبُهَا كُلَّمَا نَفَثَهَا الشَّيْطَانُ
ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنِ انظُرْ إِلَيْهَا لَعَلَّهَا تَكُونُ في حَاجَةٍ إِلى شَيْءٍ أَوْ بِهَا سُوء ـ وَهَكَذَا الطَّرِيقُ إِلى جَهَنَّمَ مَفرُوشٌ بِالنَّوَايَا الحَسَنَة ـ وَشَيْئَاً فَشَيْئَاً صَارَ يَجْلِسُ مَعَهَا وَيُحَادِثُهَا وَكَانَتْ مِن أَجْمَلِ جَمِيلَاتِ عَصْرِهَا، وَكُلُّنَا يَعْرِفُ أَدَبَ وَثَقَافَةَ أَبْنَاءِ المُلُوكْ، وَبمُرُورِ الأَيَّامِ وَقَعَ في الحَرَامِ فَحَمَلَتْ مِنه،
فَلَمَّا أَثقَلَتْ وَأَوْشَكَ إِخْوَتُهَا عَلَى المَجِيءِ وَخَشِيَ الفَضِيحَةَ قَتَلَهَا وَدَفَنَهَا، فَلَمَّا أَن عَادَ إِخْوَتُهَا وَسَأَلُوهُ عَنهَا قَالَ لَهُمُ انتَابَتهَا الحَالَةُ وَكَانَتْ شَدِيدَةً فَمَاتَتْ فَاصْبِرُواْ وَاحْتَسِبُواْ فَصَدَّقُوهُ 00!!
لمْ يَكْتَفِ إِبْلِيسُ (عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ) بِهَذَا، لَكِنَّهُ خَطَّطَ لمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكْ: فَأَتَى أَكْبَرَ الإِخْوَةِ في مَنَامِهِ وَتَمَثَّلَ لَهُ في صُورَةِ رَجُلٍ صَالِحٍ وَقَالَ لَهُ لَقَدْ فَعَلَ الرَّاهِبُ بِأُخْتِكَ كَذَا وَكَذَا وَحَمَلَتْ مِنهُ فَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا في مَكَانِ كَذَا فَلَمْ يُصَدِّقْ وَاسْتَعَاذَ بِاللهِ مِن الشَّيْطَانِ الرَّجِيمْ، فَأَتَاهُ في اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ وَقَالَ لَهُ مِثلَ مَقَالَتَهُ تِلكَ فَاسْتَعَاذَ بِاللهِ وَلَمْ يُصَدِّقْ، ثُمَّ أَتَاهُ في اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَقَالَ لَهُ مِثلَ مَقَالَتَهُ تِلكَ فَحَدَّثَ بِهَا إِخْوَتَه، فَإِذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمْ رَأَى مِثلَ أَخِيهِ؛ فَقَرَّرُواْ أَنْ يَذهَبُواْ إِلى المَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ في قَرَارَةِ أَنفُسِهِمْ "
سَنَنظُرُ أَصَدَقتَ أَمْ أَنتَ مِنَ الكَاذِبِين" فَإِذا الأَمْرُ كَمَا قَال؛ فَأَتَواْ بِالرَّاهِبِ وَرَبَطُوهُ في جِذعِ شَجَرَةٍ وَاسْتَجْوَبُوهُ فَأَقَرَّ بمَا قَدْ جَنَاهُ وَاعْتَرَفْ؛ فَقَرَّرُواْ صَلبَهُ حَتىَّ يَكُونَ عِبْرَةً لمَنْ يَعْتَبِرْ، فَأَتَاهُ إِبْلِيسُ وَقَالَ لَهُ أَتُرِيدُ أَن أُخَلِّصُكَ ممَّا أَنتَ فِيه 00؟!
قَالَ نَعَمْ أَكْرَمَكَ الله، قَالَ اسْجُدْ لي وَأَنَا أُخَلِّصُكَ ممَّا أَنتَ فِيهِ فَسَجَدَ لَه، فَلَمَّا سَجَدَ لَهُ تَرَكَهُ وَقَالَ لَهُ سَاخِرَاً إِنِّي بَرِيءٌ مِنكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِين00!! (تَفسِيرُ ابْنِ كَثِيرْ 0 الحَشْر: 17كَمَا في الشُّعَبْ بِرَقم: 5449)
وَاقْرَأُواْ إِنْ شِئتُمْ قَوْلَهُ سبحانه وتعالى:
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيئٌ مِنكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِين فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا في النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِين} 000000000000 (16 ـ 17: الحَشْر)
{الرَّجُلُ الَّذِي تحَدَّاهُ إِبْلِيسْ}
وَحَتىَّ نَعْلَمَ أَنَّ الأَرْضَ فِيهَا الصَّالِحُونَ وَفِيهَا دُونَ ذَلِكَ أَحْكِي لَكُمْ قِصَّةَ أَحَدِ مَنْ وَاتَتهُ الفُرْصَةُ فَامْتَنَعَ وَعَفّ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الصَّالِحِينَ رَأَى إِبْلِيسَ في المَنَامِ ـ وَرُؤيَا الصَّالحِينَ حَقّ ـ وَفي يَدِهِ حَبَائِلُ كَثِيرَة، مِنهَا الغَلِيظُ وَمِنهَا النَّحِيلُ وَمِنهَا مَا هُوَ عَوَانٌ بَينَ ذَلِك، فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا يَا عَدُوَّ الله 00؟!
قَالَ أَمَّا النَّحِيلُ مِنهَا فَلِضَعِيفِ الإِيمَان، وَأَمَّا الوَسَطُ فَلِلوَسَطْ، وَأَمَّا الغَلِيظُ مِنهَا فَلأَمْثَالِكَ مِنَ المُتعِبِين، ثُمَّ تَرَكَهُ وَانصَرَفْ، وَمَضَتِ الأَيَّامُ حَتىَّ أَتَاهُ عَمَلٌ عِندَ امْرَأَةٍ مِن عِليَةِ القَوْمِ ذَاتِ حَسَبٍ وَنَسَبٍ وَجَمَالْ، فَلَمَّا دَخَلَ شَقَّتَهَا ـ وَكَانَ نَجَّارَاً ـ غَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَرَاوَدَتْهُ عَنْ نَفسِهِ قَالَ مَعَاذَ الله، فَهَدَّدَتهُ وَتَوَعَّدَتهُ وَقَالَتْ لَهُ لَئِنْ لَمْ تَفعَلْ لأَسْجُنَنَّكَ وَأَجْعَلُ زَوْجِي الَّذِي يَعْمَلُ في مَنْصِبِ (كَذَا وَكَذَا) يَفعَلُ مَعَكَ كَيْتْ وكَيْتْ؛ فَلَمَّا رَأَى
الرَّجُلُ أَنَّهُ قَدْ أُحِيطَ بِهِ أَظهَرَ المُوَافَقَةَ وَقَالَ لَهَا لَكِنَّ هَذِهِ المُهِمَّةَ تحْتَاجُ مِنيِّ إِلى تَغذِيَةٍ جَيِّدَة، فَفَرِحَتِ المَرْأَةُ وَقَالَتْ دُونَكَ المَطْبَخَ فَكُلْ مِنهُ مَا شِئت،
وَذَهَبَتْ هِيَ إلَى غُرْفَةِ النَّوْمِ وَازَّيَّنَتْ وَدَخَلَ صَاحِبُنَا المَطبَخَ فَسَكَبَ عَلَى ثِيَابِهِ كُلَّ مَا وَجَدَهُ مِن حُلَلِ الطَّعَامْ، ثُمَّ خَرَجَ لَهَا بِعُبَالِه، فَلَمَّا أَنْ بَصُرَتْ بِهِ وَالحِسَاءُ يَتَسَاقَطُ مِنهُ عَلَى الأَرْضِ وَالسَّجَّادِ صَاحَتْ في وَجْهِهِ أَنِ اخْرُجْ فَوْرَاً، فَخَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ وَحمِدَ اللهَ عَلَى السَّلَامَةِ وَاسْتَظَلَّ بِظِلِّ شَجَرَةٍ لِيَسْتَرِيحَ مِن هَذَا العَنَاء، فَغَلَبَتهُ عَيْنَاهُ فَنَامْ، فَأَتَاهُ (عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ) في المَنَامِ فَقَالَ لَهُ مَاذَا فَعَلتَ يَا عَدُوَّ اللهِ بحِبَالِكْ 00؟! قَالَ لَهُ قَطَّعْتَهَا بمِحَالِكْ 00!!
(وَالمِحَالُ هُوَ الحِيلَة 0 وَمَصْدَرُ القِصَّةِ أَحَدُ الأَشْرِطَة)
وَسُبْحَانَ الله، أَحْكِي لَكُمْ حَادِثَةً وَقَعَتْ مَعَ امْرَأَةٍ عَجُوزٍ وَكَلبٍ لَهَا مَعَ فَارِقِ التَّشْبِيهِ طَبْعَاً {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَني آدَمْ} وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ تُثني عَلَى كَلبٍ لَهَا خَيْرَاً؛ فَسَأَلنَاهَا مَا أَعْجَبُ مَا كَانَ مِن أَمْرِهِ مَعَكِ جَعَلَكِ تُثنِينَ عَلَيْهِ كُلَّ هَذَا الثَّنَاء 00؟!
قَالَتْ أَعْجَبُ مَا كَانَ مِن أَمْرِهِ مَعِي أَنِّي تَرَكْتُهُ بِالدَّارِ يَوْمَاً وَخَرَجْتُ لِبَعْضِ شَأنِي وَنَسِيتُ أَنَّ في الحُجْرَةِ قِدْرَ لحْمٍ مَلئَانَ عَن آخِرِه، فَمَا أَنْ تَذَكَّرْتُ ذَلِكَ حَتىَّ عُدْتُ مُسْرِعَةً إِلى البَيْتِ فَوَجَدْتُهُ بَاسِطَاً ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدْ، وَقِدْرُ اللَّحْمِ كَمَا هُوَ غَيْرُ مَنقُوصْ 00 مِنْ يَوْمِهَا أَصْبَحَتْ لَهُ عِنْدِي مَكَانَه؛ لِمَا رَأَيْتُ فِيهِ مِنَ الصِّدْقِ وَالأَمَانَة 00!!
وَأَنَا أَعْرِفُ لَهُ مَكَانَتَه 00!!
بِاللهِ عَلَيْكَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ هِيَ مَكَانَةُ كَلبٍ عَفَّ عَمَّا لَيْسَ مِن حَقِّهِ؛ فَمَا بَالُكَ بمَكَانَةِ الإِنسَانِ عِنْدَ مَوْلَاهُ وَخَالِقِه إِذَا عَفَّ عَمَّا لَيْسَ مِن حَقِّهِ 00؟!
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ غَفَرَ اللهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الجَنَّة " 00!!
…
(الكَنْز: 7002)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنهُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لم يُرَ لِلمُتَحَابَّيْنِ مِثلَ الزَّوَاج "00!!
[صَحَّحَهُ شَيْخُنَا الأَلبَانِيُّ في سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقم: 1847]
وَقِصَّةُ عُرْوَةَ بْنِ حِزَامْ مَعَ عَفرَاءَ خَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى هَذَا، القِصَّةُ الَّتي لم يمُرَّ عَلَيهَا قَارِئٌ للأَدَبِ العَرَبِيِّ إِلَاّ وَتَأَثَّرَ بِهَا، وَتحْكِىالقِصَّةُ وَتَقُولْ: لَقَدْ كَانَ عُرْوَةُ بْنِ حِزَامٍ هَذَا فَتيً غَضَّاً يَقرِضُ الشِّعْرَ، أَحَبَّ فَتَاةً يُقَالُ لهَا عَفرَاء، أَحَبَّهَا حُبَّاً جمَّاً وَلهَجَ بِذَلِكَ شِعْرَاً، وَكَعادة العربِ زوجها أَبوها مِن غيره؛ فَهَامَ في البِلَادِ عَلَى وَجْهِهِ كَالمَجْنُونِ وَبَلَغَ مِنهُ وَجْدُهَا ـ أَيْ هُيَامِهِ بِهَا ـ كُلَّ مَبْلَغْ، وَالشَّاهِدُ مِنَ القِصَّةِ أَنهُمْ لمَّا رَأَواْ مَا قَدْ أَلَمَّ بِهِ في حُبِّهِ لِعَفرَاءَ لَوْ خَلَوْتِ بِهِ وَقَدَّمْتِ لَهُ شَيْئَاً مِنَ الطَّعَامْ، وَرَاوَدْتِهِ عَنْ نَفسِكِ وَلَوْ بِالكَلَامْ، عَسَى أَنْ يُذهِبَ ذَلِكَ مَا في نَفسِهِ
فَفَعَلَتْ، فَأَبَى بِشِدَّةٍ وَقَالَ لَوكُنْتُ أَرِيدُ ذَلِكَ لَكَانَ لي فِيمَا مَضَى مُتَّسَعٌ ثُمَّ تَرَكَهَا وَغَادَرَ المَكَان 00!!
ثُمَّ اسْتَبَدَّ السَّقَمُ بِالمسكين حَتىَّ مات وَجْدَاً بها، فلمَّا عَلِمَت عَفرَاءُ بمَوْتِهِ حزنت لذلك حُزْنَاً شَدِيدَاً واستاذنت زوجها في زيارَة قبرهِ فَأَذنَ لها، فطفقت تبكيهِ وتندبهُ حَتىَّ فاضت رُوحُها هيَ الأُخْرَى على قبرهِ، ولما سَمع بخبرهِمَا سَيِّدُنا معاويةُ قال لو أَدْرَكتُهُمَا لجمَّعْتُ بينَهمَا 00!!
ومن شعرِهِ فيهَا قوله:
عَلَىكَبِدِي مِن حُبِّ عفراءَ قُرْحَةٌ فعينايَ مِنْ وَجْدِي بِهَا تَكِفَانِ
كأَنَّ قَطاةً عُلِّقَتْ بجَناحِهَا عَلَى كَبِدِي مِنْ شِدَّةِ الخَفَقَانِ
فَعَفراءُ أَرْجَى الناس عِندِي مَوَدَّةً وَعَفرَاءُ عَنيِّ المُعْرِضُ المُتوَانِي
فَيَا لَيْتَ كُلَّ اثنَيْنِ بَيْنَهُمَا هوَىً مِنَ الناسِ وَالأَنعَامِ يَلتَقِيَانِ
فَيَقضِي حَبِيبٌ مِن حَبِيبٍ لُبانَةً وَيَرْعَاهُمَا رَبِّي فلَا يُرَيانِ
جَعَلتُ لِعَرَّافِ اليَمَامَةِ جُعلَهُ وَعَرَّافِ نجدٍ إِن هُمَا شَفَيَانِي
فَمَا تَرَكا مِنْ رُقيةٍ يَعْلَمَانِهَا وَلَا سُقيَةٍ إِلَاّ وَقدْ سَقَيَانِي
فَقَالَا شَفاكَ اللهِ وَاللهِ مَا لَنا بمَا اشْتَمَلَتْ مِنْكَ الضُّلوعُ يدَانِ
وَقِيلَ أَنَّ ذَا النُّونِ المِصْرِيَ رضي الله عنه دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرَامَ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذ بِشَابٍّ عُرْيَانٍ مَطرُوحٍ في حَالَةٍ صِحِّيَّةٍ سَيِّئَةٍ لَهُ أَنِين، وَكَمَا يَقُولُونَ في الأَمْثَالِ وَجه زِين وَقَلب حَزِين، فَدَنَا مِنهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عليه السلام، وَهْوَ لَا يَكَادُ يَقدِرُ عَلى الكَلَامْ، فَقَالَ لَهُ مَن أَنْتَ يَا غُلَامْ 00؟!
فَقَالَ غَرِيبٌ عَاشِقٌ ـ فَفَهِمَ ذُو النُّون: فَهِمَ أَنَّهُ مُتَيَّمٌ بَلَغَ بِهِ الهُيَامُ حَدَّ الجُنُون؛ فَقَالَ لَهُ وَأَنَا عَاشِقٌ مِثلُكَ ـ يَعْني عَاشِقٌ للهِ وَالرَسُولْ ـ فَلَمَّا أَنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ صَاحَ صَيْحَةً عَظِيمَةً خَرَجَتْ فِيهَا نَفسُهُ، يَقُولُ ذُو النُّون:
فَطَرَحْتُ عَلَيْهِ ثَوْبِي وَخَرَجْتُ لأَشْتَريَ لَهُ كَفنَاً، ثمَّ عُدْتُ وَقَدِ اشْتَرَيْتُ الكَفَنَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلتُ مُتَعَجِّبَاً سُبْحَانَ الله، فَسَمِعْتُ هَاتِفَاً يَقُولُ يَا ذَا النُّون: إِنَّ هَذَا الغَرِيبَ طَلَبَهُ الشَّيْطَانُ فَلَمْ يجِدهُ، وَطَلَبَهُ مَالِكٌ فَلَمْ يجِدهُ،
وَطَلَبَهُ رَضْوَانُ فَلَمْ يجِدهُ، قُلتُ فَأَيْنَ هُوَ 00؟!!
فَسَمِعْتُ هَاتِفَاً يَقُولْ: {في مَقعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقتَدِرْ} (القَمَر: 55)
(بِالبَابِ العَاشِرْ مِنْ مُكَاشَفَةُ القُلُوبْ لأَبِي حَامِدٍ الغَزَالِيّ: 29)
إن الشيطان يقول للمرأةِ أنت نصف جندي وأنت سهمي الَّذِي أرمي به فلَا أخطئ، وأنت موضع سري، وأنت رسولي في حاجتي " 00!!
(الإِحْيَاء بَابُ شَهْوَةِ الفَرْج)
وَمِن هُنَا قال صلى الله عليه وسلم: " النِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَان، ولولَا هذه الشهوة لما كان للنساء سلطة على الرجال " 00!!
(رواه الأصفهانى في الترغيب والترهيب)
فَإِذَا حَدَّثَتكَ نَفسُكَ في خَلوَتِكَ بِمَعْصِيَةِ الله فَعِظهَا وَقُلْ يَا نَفسُ للهِ أَعْيُنٌ: رَقِيبٌ وَعَتِيدْ 00 وَقُلْ لِنَفسِكَ يَا وَيْلَتَا مَاذَا أَصْنَع:
إِذَا مَا قَالَ لي رَبِّي أَمَا اسْتَحْيَيْتَ تعْصِيني
وَتُخْفِي الذَّنبَ مِن خَلْقِي وَبالعِصْيانِ تَأْتِيني
أَفَتَسْتَحْيُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا تَسْتَحْيُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ 00؟!
عَن عَدِيِّ بْنِ حَاتمٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يُؤتَى بِنَاسٍ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُؤمَرُ بِهِمْ إِلى الجَنَّة، حَتىَّ إِذَا دَخَلُوهَا وَنَظَرُواْ إِلى نَعِيمِهَا وَمَا أَعَدَّ اللهُ فِيهَا نُودِيَ أَنِ اخْرُجُواْ مِنهَا فَلَا حَقَّ لكُمْ فِيهَا 00!!
فَيَقُولُونَ رَبَّنَا: لَوْ أَدْخَلتَنَا النَّارَ قَبْلَ أَن تُرِيَنَا الجَنَّةَ وَمَا أَعْدَدْتَ فِيهَا كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْنَا، فَيَقُولُ اللهُ جل جلاله ذَاكَ أَرَدْتُ بِكُمْ؛ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ إِذَا خَلَوْتُمْ بَارَزْتُمُونِي بِالعَظَائِمْ، وَإِذَا لَقِيتُمُ النَّاس لَقِيتُمُوهُمْ مخْبِتِين، تُرَاءونَ بخِلَافِ
مَا تُعْطُون، هِبْتُمُ النَّاسَ وَلَمْ تَهَابُونِي، أَجْلَلتُمُ النَّاسَ وَلَمْ تجِلُّونِي، عَرَفتُمْ لِلنَّاسِ وَلَمْ تَعْرِفُواْ لِي، اليَوْمَ أُذِقُكُمْ مِن أَلِيمِ العَذَابِ مَعَ مَا حُرِمْتُمْ مِنَ الثَّوَابْ " 00!!
…
... (أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرْ 0 الكَنْز: 8838)
{أَفَكُلمَا يَسَّرْتَ لِي سُبُلَ الهِدَايَةِ كَيْ أَتوبْ}
{لَطَّخْتُ نَفسِي بِالخَطَا يَا وَالمَعَاصِي وَالذُّنوبْ}
وَشَرُّ الفِتَنِ النِّسَاء؛ أَلَا تَرَى يَا أَخِي أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى عِنْدَمَا أَتَى عَلَى القَتْلِ ـ رَغْمَ شَنَاعَتِهِ ـ قَالَ:
{وَلَا تَقتُلُواْ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلَاّ بِالحَقّ} 000000 (الأَنعَامْ: 151)
وَعِنْدَمَا أَتَى عَلَى الشِّرْكِ ـ رَغْمَ أَنَّهُ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ ـ قَال:
{وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئَا} 0000000000000 (النِّسَاء: 36)
وَعِنْدَمَا أَتَى عَلَى الإِسْرَافِ رَغْمَ قُبْحِهِ قَالَ:
{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُواْ؛ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِين} (الأَعْرَافْ: 31)
إِلَاّ الزِّنَا عِنْدَمَا أَتَى عَلَيْهِ قَالْ:
{وَلَا تَقرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلَا} 00000 (الإِسْرَاء: 32)
لأَنَّ الخُطُورَةَ تَبْدَأُ بمُجَرَّدِ الَاقتِرَابِ مِنه 00!!
وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَنَا فِيمَا حَدَثَ بِالعِرَاقِ وَلُبْنَانَ مُعْتَبَرٌ ـ وَاللهُمَّ لَا شَمَاتَة
ـ كَيْفَ لمَّا اسْتَشْرَى بِأَرْضِهِمَا الزِّنَا حَلَّ بِهَا سَخَطُ الله؛ ذَلِكَ لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاس:
" إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلواْ بأنفسهم عذاب الله " 00!!
(أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانَيُّ 0 الكنز: 13000)
وَرَوَى الحَاكِمُ في مُسْتَدْرَكِهِ وَابْنُ مَاجَةَ في سُنَنِه عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَه: " لمْ تَظهَرِ الفَاحِشَةُ في قَوْمٍ قَطُّ حَتىَّ يجَاهِرُواْ بِهَا ـ أَيْ يَأتُونَهَا جِهَارَاً نَهَارَاً ـ إِلَاّ ظَهَرَتْ فِيهِمُ الطَّوَاعِينُ وَالأَوْجَاعُ الَّتي لمْ تَكُنْ في أَسْلَافِهِمْ الذِينَ مَضَواْ " 00!!
وَتَاللهِ لَوْ لمْ يَكُ في الزِّنَا غَيرُ الأَمْرَاضِ الخَبِيثَةِ الَّتي يُوَرِّثُهَا الزُّنَاةُ لأَوْلَادِهِمْ لَكَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ شَرَّاً مُسْتَطِيرَا 00!!
وَتَذَكَّرْ يَا أَخِي الحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " سَبْعَةً يُظِلُّهُمُ اللهُ بِظِلِّه يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَاّ ظِلَّه: إِمَامٌ عَادِلْ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ الله، وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسْجِدِ إشذَا خَرَجَ مِنهُ حَتىَّ يَعُودَ إِلَيْه، وَرَجُلَانِ تحَابَّا في اللهِ فَاجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَافْتَرَقَا عَلَيْه، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيَاً فَفَاضَتْ عَيْنَاه، وَرَجُلٌ دَعَتهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِين، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتىَّ لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنفِقُ يَمِينُه " 00!!
[أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ في اللُّؤْلُؤِ وَالمَرْجَانِ بِرَقم: 610 // الكَنْز: 43561]
يَزْعُمُ المُسْتَشْرِقُونَ أَنَّ اللهَ يُذِلُّ بِهَذَا التَّحْرِيمِ المُسْلِمِينَا 00!!
وَلُعِنُواْ بمَا قَالُواْ؛ فَاللهُ لَا يُذِلُّ فِينَا، وَلَكِنَّهُ يَبْتَلِينَا؛ لِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ، وَيَعْلَمَ الكَاذِبِينَا 00!!
(بسم الله الرحمن الرحيم): {أَلَم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُترَكُواْ أَنْ يَقُولُواْ آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفتَنُون وَلَقَدْ فَتَنَّا الذِينَ مِنْ قبْلِهِمْ، فَليَعْلَمَنَّ اللهُ الذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِين} 0000000000000000 (الآيَاتْ مِن 1/ 3 سُورَةُ العَنْكَبُوت)
{لَوْ أَقلَعْتَ أنتَ عَنِ الزِّنَا وَأَقلَعْتُ عَنهُ أَنَا:}
جَهَنَّمُ يَا أَخِي فِيهَا وَادٍ لِلزُّنَاةِ بِهِ حَيَّاتٌ بِطُولِ النَّخل، وَعَقَارِبُ كَالبِغَالْ، بِكُلِّ قُلَامَةِ ظُفرٍ مِن أَجْسَادِهَا إِبْرَةُ سُمٍّ يَضْرِبُ الزُّناةُ بِهَا ضَرْبَةً يجِدُونَ مَرَارَةَ سُمِّهَا أَلفَ سَنَة؛ حَتىَّ يَتَهَرَّى لَحْمُهُمْ وَيَسِيلُ القَيْحُ وَالدَّمُ وَالصَّدِيدُ مِنْ فُرُوجِهِمْ (يَا رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ) فَمَاذَا أنتَ صَانِع في كُلِّ هَذَا 00؟!
لَوْ أَقلَعْتَ أنتَ عَنِ الزِّنَا وَأَقلَعْتُ عَنهُ أَنَا: هَلْ كَانَتْ سَتَجِدُ السَّاقِطَاتُ مَكَانَاً بَيْنَنَا 00؟!!
لِتَعْلَمُواْ أَنَّ مَا أَصَابَنَا إِنَّمَا هُوَ مِن عِنْدِ أَنفُسِنَا، وَلِتَعْلَمُواْ أَنَّهُ لَا يَهْلِكُ عَلَى اللهِ إِلَاّ هَالِكْ، وَأَنَّ الشَّرَّ لِلشَّرِّ خُلِقْ؛ فَدَعُواْ الشَّرَّ يَدَعْكُمْ: أَيِ ابْتَعِدُواْ عَنهُ يَبْتَعِدْ عَنْكُمْ 00!!
وَلتَذكُرْ دَائِمَاً يَا أَخِي أَنَّ هُنَاكَ جَنَّةً ـ كَمَا أَنَّ هُنَاكَ نَارَاً ـ وَأَنَّ الجَنَّةَ فِيهَا مِنَ الحُورِ العِينِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرْ، صِبْغَةَ اللهِ وَمَن أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَة 00؟!
لَوْ أَنَّ إِحْدَاهُنَّ بَصَقَتْ في بحْرٍ لَصَارَ عَذبَاً زُلَالاً سَائِغَاً لِلشَّارِبِين00!!
وَحُورْ: جَمْعُ حَوْرَاء ـ كَمَا أَنَّ " سُودْ " جَمْعُ سَوْدَاء ـ وَهِىَ شَدِيدَةُ بَيَاضِ العَيْنِ مَعَ شِدَّةِ اسْوِدَادِهَا في نَفْسِ الوَقت، أَمَّا عِين: فَجَمْعُ عَيْنَاء ـ كَمَا أَنَّ " بِيض" جَمْعُ بَيْضَاء ـ وَهِىَ وَاسِعَةُ العَيْنَين 0
(بسم الله الرحمن الرحيم){مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِآسِنٍ وَأَنهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنهَارٌ مِن خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنهَارٌ مِن عَسَلٍ مُصَفَّى} 000000000000000000000000000000000 (محَمَّدْ: 15)
وَلِمِثلِ هَذَا فَليَعْمَلِ العَامِلُون 0000000000 {اللهُمَّ اجْعَلنَا مِن أَهْلِهَا}
**********
وَيُسْعِدُنِي أَن أَخْتِمَ هَذَا الفَصْلَ بهَذِهِ الطُّرْفَة:
كَانَ الفَرَزْدَقُ الشَّاعِرُ يُنشِدُ قَصِيدَةً في مجْلِسِ الخَلِيفَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ فَقَالَ ضِمْنَ أَبْيَاتِ القَصِيدَة:
فَبِتنَ كَأَنهُنَّ مُصَرَّعَاتٍ ** وَبِتُّ أَفُضُّ أَغلَاقَ الخِتَامِ
وَالخِتَامُ هُنَا بمَعْنى غِشَاءُ البَكَارَةِ لَدَى الفَتَاة 00!!
فَقَالَ لَهُ الخَلِيفَةُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ الحَدّ، وَاسْتَعَدَّ الجَلَادُ لِلجَلد، فَلَمَّا أَن أَيْقَنَ الفَرَزْدَقُ أَنَّ الأَمْرَ مِنهُ هُوَ الجِدّ: قَالَ لَهُ عَلَى رِسْلِكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين؛ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ سبحانه وتعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُون (224) أَلَمْ تَرَ أَنهُمْ في كُلِّ وَادٍ يهِيمُون (225) وَأَنهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفعَلُون} [الشُّعَرَاء]
فَضَحِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ حَتىَّ اسْتَلقَى عَلَى قَفَاه، وَخَرَجَ الفَرَزْدَقُ وَهْوَ يحْمَدُ الله 00!!
[عُيُونُ الأَخْبَارِ لَابْنِ قُتَيْبَة 0 طَبْعَةُ بَيرُوت: 105 // 4]
وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَنَّهُ مِنْ تمَامِ الفَائِدَةِ أَن أُلحِقَ بِهَذَا البَابِ بَعْضَ القَصَصِ الوَاقِعِيَّةِ لِلشُّبَّانِ التَّائِبِينَ لَا سِيَّمَا المَشَاهِيرِ مِنهُمْ عَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَ بهَا 00
{توبة شابين في المطار على يد أَحَدِ الدُّعَاة}
" 0000 على حضرات الركاب المسافرين على الرحلة رقم (00000) والمتوجهة إِلى (00000) سُرْعَةَ التوجه إِلى صالة المغادرة " 00 دَوَّى هذا الصوت في جنبات المطار، وَكان أَحد الدعاة هناك جالسا في الصالةِ وقد حزم حقائبهُ وعزم على السفر إِلى بلَاد الله الواسعة مِن أَجْلِ الدعوة إِلى الله (** عز وجل **) سَمِعَ هذا النداء فأحس بامتعاض في قلبه، لَا سِيَّمَا وَأَنه يعلم لماذا يسافر أَكثر شَبَابِ المُسْلِمِينَ إِلى هَذِهِ البلَادْ 00!!
وفجأةً لمح هذا الشيخ شابين في العشرين من عمرهما أو يزيد قليلَا، وقد بدا من ظاهرهما ما يدل علىأنهما لَا يريدان إِلَاّ المتعة الحرام من وَرَاءِ هَذَا السَّفَرْ 00 " لَا بد من إنقاذهما قبل فوات الأوان " 00!!
قالها الشيخ في نفسهِ وَقَدْ عزم على الذهاب إليهما وَنُصْحِهِمَا مَهْمَا كَلَّفَهُ ذَلِكْ؛ فوقف الشيطان لَهُ بِالمِرْصَادِ وقال لَهُ مالك ولهما 00؟!! دعهما يمضيان في طريقهما وَغَدَاً سَيَتُوبَا إنهما لن يستجيبا لَكْ 00!!
ولكنَّ الشيخ كان قويَّ العزيمةِ شَدِيدَ الحُزْنِ وَالأَسَى عَلَيْهِمَا؛ فبصق في وجه الشيطانِ ومضى في طريقه لَا يلوى على شيْء، وعند بوابةِ الخروج
استوقف الشابين بعد أن ألقى عليهما التحيةَ وَقَالَ لهُمَا في أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغَا، وكان مما قاله لهما ما ظنكما لو حدث خَللٌ بِالطائرةِ ولقيتما ـ لَا قدر الله ـ حتفَيْكما وأنتما على هذه النيَّةِ وَالأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمْ 00؟!!
بِأَيِّ وَجْهٍ سَتُقَابِلَانِ رَبَّكُمَا يَوْمَ القِيَامَة 00؟!
فَفَاضَتْ عينا هذين الشابينِ مِنَ الدَّمْعِ ورق قلبُهما لموعظة الشيخ، وَمَزَّقَا تذاكر السفرِ وقالَا يا شيخُ لقد كذبنا على أهلينا، وقلنا لهم إننا ذاهبان إِلى مَكَّةَ فكيفَ الخلَاصْ 00؟! وماذا نقول لهمْ 00؟!
وكان مع الشيخ أحد طلَابِهِ يُوَدِّعُهُ فقالَ لهُمَا اذهبا مع أخيكما هذا وسوف يتولى إصلَاحَ شأنَيْكُمَا، وَوَدَّعَهُمَا الشَّيْخُ وَانْطَلَقَ مَسْرُورَاً رِضَىً بمَا صَنَعْ، ومضى الشابان مع هَذَا الأَخِ وقد عزما على أن يبيتا عنده أسبوعاكاملاً يَتَعَلمَا فِيهِ أُمُورَ الدِّينِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يعودا إِلى أَهْلَيْهِمَا، وفي تلك الليلةِ وَهُمَا في بَيْت ذلك الأَخِ ألقى أحد الدعاة كلمة مؤثرة زادت من حماسهما فَعزم هَذَانِ الشابان على الذهاب إِلى مكةَ لأداء العمرة حَتىَّ يَغْسِلَا ذُنُوبَهُمَا، وهكذا أرادَ الشَّيْطَانُ بِهِمَا شيئاً وأراد الله بِهِمَا شيئاً آخرَ فكان ما أراده اللهُ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِه 00!!
وفي الصباحِ وبعدَمَا أدَّى الجميعُ صلَاة الفجرِ في جَمَاعَة: انطلق الثلَاثةُ صوبَ مكَّةَ البَلَدِ الحَرَامِ بعد أن أحرموا من الميقاتْ، وَفي الطريق كانت النهاية، وفي الطريق كانت الخاتمة: وقع لهم حادث مروعٌ ذهبوا ضَحِيَّتَهُ جميعا، فاختلطت دماؤهم الزكيَّةُ بحطام الزجاج المتناثرِ ولفظوا أنفاسهم وهم يرددونَ " لبيك اللهم لبيك، لبيك لَا شريك لك لبيك " 00!!
كم كان بين موتهما وبين تمزيق تذاكرِ السَّفَرِ لتلك البلَاد المشبوهة 00؟ إنها أيامٌ قَلَائِلْ، ولكنَّ الله أراد لهما حُسْنَ الخَاتمَة، ولله الحكمة البالغة 0
وَإِذَا خَلَوْتَ بِرِيبَةٍ في ظُلْمَةٍ وَالنَّفْسُ دَاعِيَةٌ إِلى العِصْيَان
فَاسْتَحْيِ مِنْ نَظَرِ الإِلَهِ وَقلْ لهَا إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الظَّلَامَ يَرَانيانِ
واليوم ما أكثر المغترين بهذه الدنيا الفانية، والغافلين عن هَذَا اليوم الرهيب الَّذِي يفر المرء فيه من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، يوم لَا ينفع مال ولَا بنون، إِلَاّ من أتى الله بقلب سليم، فهل من عودة إِلى الله قبل فَوَاتِ الأَوَان 00؟!!
(العَائِدُونَ إِلى الله الجُزْءُ الثَّالِثْ بِتَصَرُّفْ لِلشِّيخْ / محمَّد عَبْد العَزِيزْ المُسْنَد)
{توبة شاب غافل بعد بِرُؤيَتِهِ مَصْرَعَ أخته المؤمنة}
يقول صاحب القصةِ كنت شابا غافلَا عن الله، بعيدا عنه، غارقا في ظُلَمٍ مِنَ المعاصي بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض، فلما أَن أراد الله لي الهدايةَ قَدَّر لي حادثا أعادني إِلى رشدي وردَّني إِلى صوابي، وإليكم القصة:
في يوم من الأيامِ وبعدَمَا قضينا أياما جميلة في نزهة عائلية إِلىمدينة الدمامْ، انطلقتُ بسيارتي عبر الطريقِ السريعِ بين الدمامِ والرياضِ ومعي أخواتي الثلَاث، وبدلَا مِن أن أدعوَ اللهَ بدعاء السفر المأثورِ استفزني الشيطان بخيلِهِ وَرَجِلِه، وزين لي سماعَ لهو الحديث المحرم لأظل غافلَا عن الله، لم أكن حينذاك أحرص علىسماع إذاعة القرآن الكريم أوالأشرطة الإسلَامية النافعة للمشايخ والعلماء، لأن الحق والباطل لَا يجتمعان في قلب وَاحِدٍ أَبَدَا 00!!
إحدى أخواتي كانت صالحةً مؤمنة ذاكرة للهِ حافظةً لحدوده، طلبت مني أن أسكت صوت الباطل، وأستمع إِلى صوت الحقّ، ولكن أَنَّى لي أن أستجيبَ وقد استحوذ عليَّ الشيطانُ وملك جوارحي وفؤادِي 00؟! فأخذتني العزة بالإثم ورفضت طلبها وَشاركَتْني في ذلك أختاي الأخريان، وكررت أختي المؤمنة طلبها فازددت عنادا وإصراراً وأخذنا نسخر منها ونحتقرها، بل إِنيِّ قلت لها ساخرا: إِنْ لَمْ تَصْمُتي سَأنزلكِ على قارعة الطريق 00!!
فصمتتْ على مضضٍ وقد كرهتْ هذا العملَ بقلبها وأدت ما عليها، والله سبحانه وتعالى لَا يكلف نفسا إِلَاّ وسعها 0
وفجأةً وبقدرٍ من الله مُسْبَقٍ انفجرت إحدى إِطَارَاتِ السيارة ونحن نسير بسرعة شديدةٍ فانحرفت السيارة عن الطريقِ وهوت في منحدر جانبيٍّ فانقلبت عدة مراتٍ حَتىَّ أصبحت رأسا على عقبْ، وأصبحنا في حالٍ لَا يعلمها إِلَاّ الله، فاجتمع الناس حول السَّيَّارةِ المنكوبة وقام أهل المَعْرُوفِ بإخراجنا من بين الحطام والزجاج المتناثرِ لكن أَيْنَ أُخْتُنَا المُؤمِنَة 00؟!!
لقد خرجنا جميعا سالمين ـ اللهُمَّ إِلَاّ مِنْ بعض الإصابات البسيطة ـ إِلَاّ أختي المؤمنةِ الصابرة، أختي الطيبة، أَخْرَجُوهَا مَيْتَةً في مَنْظَرٍ يُقَطِّعُ الأَكْبَادَ وَيمَزِّقُ الفُؤادْ، نعم لقد مَاتَتْ، مَاتَتِ الَّتي كنا نستهزئ بها، اختارها الله مِنْ بَيْنِنَا، وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِينَا خَيْرَاً لَاخْتَارَ لَنَا أَنْ نمُوتَ عَلَى مَا مَاتَتْ عَلَيْه، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَنَا لِنَتَّعِظَ وَنَعْمَلَ لهَذَا اليَوْمِ وَلمِثلِ هَذَا فَليَعْمَلِ العَامِلُون، وإني لأرجو أن تكون في عداد الشهداء الأبرار، وأسأل الله جل جلاله أن يعليَ مكانتها في جنات النعيم 0
أما أنا فقد بكيْتُ على نفسي قبل أن أبكيَ على أختي مُرَّ البُكَاءِ وانكشف عن عَيْنيَّ الغطاءُ فأبصرت حقيقة نفسي وما كنت فيه من الغفلة والضياع، وَعلمت أن الله سبحانه وتعالى قد أراد بيَ خيراً إِذ كتب لي عمرا جديداً لأَبْدَأَ
حياةً جديدة ملؤها الإيمانُ والعملُ الصالح 0
أما أختي الحبيبة فَكُنْتُ كلما تذكرتها أذرف دموع الحزن والندم وأتساءل في نفسي: هل سيغفر الله لي 00؟!! فأجد الجواب في كتاب الله (** عز وجل **) في قوله تعالى سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رحمة الله؛ إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}
(الزُّمَرْ: 53)
(العَائِدُونَ إِلى الله الجُزْءُ الثَّالِثْ بِتَصَرُّفْ لِلشِّيخْ / محمَّد عَبْد العَزِيزْ المُسْنَد)
في مكةَ أم القرى ـ شرفها اللهُ ـ وَفي جوار بيت الله الحرام، وفي العشر الأخيرة من رمضان، حدثنا الممثل سابقا وَالداعية حالياً الأخ / سعيد الزياني عن قصة رجوعه إِلى الله وهدايتهِ فقالْ: " نشأت في بيت مسلم، ولما بلغت سن المراهقة كنت أحلم ـ كما يحلم كل الشباب المراهقِ في مِثلِ سِني ـ بتحقيق شيئين: الشهرة، والمال؛ وَذَلِكَ أَنيِّ كنت أبحث عن السعادة وأسعى إِلى الحصول عليها بأية طريقة كانت 0
التحقت في بداية الأمربالإذاعة المغربيَّةِ وشاركتُ في تقديم بعض الفقرات الَّتي تربط بين البرامج، ثم تقدمت فأصبحت أقدم البرامج ثمَّ اكتسبت خبرة في هذا المجال فَاتجهت إِلى التلفزيون وتدرجت فِيه حَتىَّ أصبحت مقدِّما من الدرجة الأولى ـ وهى أعلى درجة يحصل عليها مذيع أو مقدم
ـ كَمَا أصبحت أقدم نشرات الأخبارِ والكثيرَ من برامج السهرةِ والمنوعاتْ، وبرامج الشباب، واشتهرت شهرة كبيرة لَم يسبقني إليها أحد، وأصبح اسْمي علىكل لسانٍ وصوتي في كل بيت، وعلى الرغم من هذه الشهرةِ إِلَاّ أنى كنت غير سعيد بهذا، كنت أشعر بضيق شديد في صدري؛ فقلت في نفسي لعلي أجد السعادة في الغناءِ وبالفعلْ: ساعدتني شهرتي في الإذاعة والتلفزيون أن أقدم من خلَال أحد البرامج التلفزيونية أغنيةً قصيرة كانت هي البداية لدخولِي عالم الغناء 0
ودخلت عالَم الغناءِ مِن أَوْسَعِ أَبْوَابِهِ وحققت فِيهِ شهرةً وَاسِعَة، ونزل إِلى الأسواق الآلَاف من الأشرطة الغنائية الَّتي عَلَيْهَا اسْمِي 0
وعلىالرغم من ذلك كله كنت أشعر بالتعاسة والشقاءِ وأحسُّ بالملل وضيق الصدرِ، وصدق الله جل جلاله إذ يقول:{فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلَام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجاًكأنما يصعَّد في السماء} 00!! (الأَنعَامْ: 125)
فقلت بنفسي إن السعداء هم الممثلون والممثلَاتْ؛ فأردت مُشاركَتَهم
في تلك السعادة؛ فاتجهت إِلى التمثيلِ وأصبحت ممثلَا من الدرجة الأولى،
فكنت لَا أمثل ألَا أدوار البطولة في جميع الأعمال الَّتي أقدمها، والحقيقة وبِدون مبالغة أصبحت شخصا متميزا في بلدي: فلَا أركب إِلَاّ أغلى السياراتِ وأفخمها، ولَا ألبس إِلَاّ الملَابس الثمينة، وَمكانتي الَاجتماعية أصبحت راقيةً جِدَّاً فأصدقائي هُمْ كبارالشخصيات من الأمراء وغيرهم، كنت أتنقل بين قصورِ الأُمَرَاءِ من قصر إِلى قصرٍ وتفتح لي الأبواب وكأني صاحب تلك القصورْ 00!!
ولكن على الرغم من ذلك كلهِ كنت أشعر بأني لم أصل بَعْدُ إِلى السعادةِ الَّتي أبحث عنها 0
وفِي يوم من الأيامِ أجرى معي أحد الصحفِيين لقاء صحفِياً طويلاً وَأَنَا في أَوْجِ شُهْرَتي، وكان من بين الأسئلة الَّتي وجهها إليّ هذا السؤال:
" الفنان سعيد الزياني: من المصادفات أن اسمك ينطبق على حياتك فاسمك سعيدٌ وأنت بحَقٍّ سَعِيدْ، ما تقول في ذلك " 00؟
وكان الجوابْ: " في الحقيقة أن ما تعتقده ويعتقده كثير من الناس غير صحيح، فأنا لست سعيدا في حياتي، واسْمي في الحقيقةِ لَا يزال ناقصا، فهو من ثلَاثةِ حُرُوفٍ فَقَطْ، وهي:(س، ع، ي: سعي) فَأنا ما زلت أسعى بحثَاً عن الحرف الأخيرْ ـ حرف الدالْ ـ ليكتمل اسْمي وتكتمل سعادتي، وإلى الآن لم أجدهُ وحين أجده سوف أخبركْ 00!!
وَأُكَرِّرُ وَأَقُولْ لَقد أُجْرِىَ هذا اللقاءُ معي وأنا في أَوْجِ شهرتي وثرائي 00!!
ومرت الأيام والشهورُ بَلْ والأعوامُ وَأَنَا عَلَى هَذَا الحَالْ، كان لي شقيق أَكْبَرُ هاجر إِلى بلجيكا وَكان إنسانا عاديا إِلَاّ أنه كان أكثر مني استقامةً وَالتزاماً، وهناك التقى ببعض الدعاة فتأثر بهِ وعاد إِلى اللهِ على يَدَيْه 0
فكرت في القيام برحلة سياحية إِلى بلجيكا أزور فِيها أخي وَأواصل رحلتي بَعْدَ ذَلِكَ إِلى مختلفِ بلَادِ العالَمْ 0
سافرت إِلى بلجيكا والتقيت هناكَ بأخي، ولَكِنيِّ فوجئت بهيئته متغيرةً وحياته مختلفةً، والأهم من ذلكَ السعادة الَّتي كانت تشع في بيته وحياته، فَتأثرت بما رأيتْ كثيراً، إِضافة إِلى العلَاقات الوثيقة الَّتي تربط بينَهُ وبَيْنَ الشباب المسلم في تلك المدينة، قابلوني بالأحضانِ ورحبوا بي وَكَأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَني مِنْ سَنَوَاتْ، ووجهوا ليَ الدعوة لحضورمجالسهم واجتماعاتهم والتعرف عليهم بصورة قوية 0
أجبت الدعوةَ وكنت أشعر وأنا أجلس معهم بشعور غريبْ: كنت أشعر بسعادةٍ عظيمة تغمرني لم أشعر بها من قبل، ومع مرور الأيامِ قمت بمَدِّ إجازتي لكي تستمر هذه السعادة الَّتي طالما بحثت عنها 0
كنت أشعر بالسعادة مع هؤلَاء الأَتقِيَاءِ تزداد يوما بعد يوم، والضيق والهم والشقاءُ الَّذِي كَانَ يُلَازِمُني يتناقصُ يوما بعد يوم؛ حَتىَّ امتلأ صدري
بنور الإيمانِ وعرفت الطريق إِلى الله الَّذِي كنت بَعِيدَاً عنه مع ما كنت أملكه من الشهرةِ وَالمالْ، وأدركت من تلك اللحظة أن السعادة الحَقِيقِيَّةَ ليست في ذلك المتاع الزائلْ، إنما هي في طاعة الله جل جلاله لأَنَّهُ سبحانه وتعالى يَقُولْ:
…
{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانواْ يعملون} 000 (النَّحْل: 97)
وَلِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:
…
{ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} 00000000000000000 (طه: 124)
امتدَّت إِجازتي عِنْدَ أخي أكثر من سنتين، وَأَرسَلت خِطَابَاً إِلى ذَلِكَ الصحفِيِّ الَّذِي سألني عَنِ السَّعَادَةِ وَقُلتُ لَه:
الأخ (00000) رئيس تحرير صحيفة (000000) السلَام عليكم ورحْمة الله وبركاته، أَوَدُّ أَوَّلاً أن أذكِّرَكَ بالسؤال الَّذِي كُنْتَ قَدْ سألتني فِيه عن السعادة، وذلك في يوم (0000000) المُوَافِقْ:(000/ 000/000) وَأَجَبتكَ قَائِلاً: (0000000) ووعدتك أن أخبرك متي ما وجدت حرف " الدال " والآن يسعدني ويشرفني أن أخبرك بأني قد عَثَرْتُ أَخِيرَاً عَلَى حرف الدال المتممِ لَاسمي، وَذَلِكَ في الدين وَالدعوةِ إِلى الله، وَأَصْبَحْت الآن سَعِيدَاً بحقّ، شاع الخبرُ بين الناسْ، وبدأ أعداء الدينِ والمنافقون يطلقون عليَّ الإشاعاتِ ويرمونني بالتهمْ: فمنهم من قالَ إن سعيداً قَدِ اختلَّ عقلهُ وصار مجنوناً، ومنهم من قالَ إنه أصبح عميلاً لأمريكا 00!!
إِلى غير ذلك من الإشاعات المغرضة، كنت أستمع إلَى هذه الإشاعاتِ فأتذكر دائما ما قوبل به الأنبياء والرسل في بَدْءِ الدَّعْوَةِ عَلَى مرِّ العصور والدهورِ وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعينَ فأزدادَ ثباتاً وإيماناً ويقيناً وأدعو الله دائماً بِهَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَة:
{ربنا لَا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحْمة إنك أنت الوهاب} 000000000000000000000000000 (آلِ عِمْرَان: 8)
ثَبَّتَكَ اللهُ بِالقَوْلِ الثَّابِتِ يَا أَخِي، وَلَوْ كَانَ طَرِيقُ الجَنَّةِ مَفرُوشَاً بِالوُرُودِ لَسَلكَهُ النَّاسُ جَمِيعَاً، وَلكِنْ كُلُّهُ أَهْوَالٌ وَمُعَانَاةٌ وَدُمُوعْ، وَالفَائِزُ حَقّاً هُوَ مَنْ يَضْحَكُ في النِّهَايَة 00!!
وَلَكِنيِّ أَهِيبُ بِكَ وَبِأَمْثَالِكَ مِنَ المَوْهُوبِينَ وَالمُبْدِعِينَ الذِينَ حَقَّقُواْ شُهْرَةً وَاسِعَةً في مجَالِ الفِسْقِ وَالفُجُورِ خُمُولهُمْ وَخُمُودُهُمْ بَعْدَ التَّوْبَة: لِمَ لَا تَكُونُ عَظِيمَاً في الدِّينِ كَمَا كُنْتَ عَظِيمَاً في الدُّنيَا، لِمَ لَا تَكُونُ دَاعِيَةً مَشْهُورَاً كَالشِّيخْ / محَمَّدْ حَسَّان مَثَلاً، أَوِ الشِّيخْ / كِشْك، أَوْ عَالمَاً مَشْهُورَاً مِن عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ كَالدُّكتُورْ / زَغْلُولِ النَّجَّارِ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ فَقَطْ مِنْ جُنُودِ الأَمْرِيكَانِ المُعَسْكَرَةِ بِالسُّعُودِيَّةِ عَشْرَةُ آلَافِ جُنْدِيّ، أَجْلَاهُمُ اللهُ كَمَا أَجْلَى قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ عَنِ الحُصُون 0
يا شباب الإسلَام: لن تجدوا السعادة في التفحيط ـ وَهُوَ كَمَا أَظُنُّهُ المَيْسِرُ أَوِ التَّدْخِين أَوْ مُعَاكَسَةُ الفَتَيَاتِ بِالسَّيَّارَاتْ ـ ولَا في السفر والمخدراتْ، لن تجدوها إِلَاّ في الَاستقامةِ على دين الله " 00!!
هذا ما قاله المفحط المشهور سابقا/أبو خالد، بعد أنْ منّ الله عليه بالهدايةِ بعد رحلة طويلة مؤلمةٍ مليئة بالعجائب والمغامرات، يحدثنا عنها فِيقولْ: " أنا شاب نشأت في بيتٍ محافظ نوعاً ما، كنت متفوقا في دراستي، وفي بداية المرحلة الثانوية حاول مجموعة من الشباب الصالحِ ضمِّي إليهم أنا وصديقٍ لي خوفا علينا من رفقاء السوء، لَكِنْ نظرا لصغر سني وجهلي بما ينفعني رفضت الَانضمام إليهمْ، وكنت أحاول التهرب منهم، ومن الطبيعي أن يتلقفني رفقاء السوءِ وما أكثرهم في هذا الزمان وفي كل زمان، ومما زاد الأمر خطورة أن والدي (عفا الله عنه) اشترى لي سيارة، وإنني بهذه المناسبة أذكّر الآباء وأولياء الأمور بأن يتقوا الله في أولَادهم ولَا يهيئوا لهم أسباب الفساد والَانحراف وَعَلَى رَأسِهَا السيارة، لَا سيما من كانوا في سن المراهقة، هذه نصيحة مجرب، المهمُّ تطورتِ الأمورُ واشترى لي
أبي سيارةً جديدة، وازداد عدد الشلة " شلة المصالح " ورسبت سنتين متتاليتينِ في السنة الأولى من المرحلة الثانويةِ بسبب الهروب المستمر من المدرسة، وفي تلك السنة كانت ظاهرة التفحيط قد بلغت أوج قوتها
وانتشارها فتعلمتُهَا على أيدي رفقاء السوء، وأنا حين أذكر التفحيط أذكر ما يجر إليه من مشكلَات ومصائبَ كَالمخدراتِ وَالسَّرِقَةِ وَفواحش أُخْرَى، فكما أن الخمر أم الخبائثِ فالتفحيطُ أبوها 00!!
ولكن بحمد الله وفضله ثمَّ بفضل أبي وإِخواني الذين أَفاقواْ من سباتهم وانتبهوا لي حيث سارع أحد إخواني بنقلي إِلى مدرسةٍ أخرى فبدأتُ في اهْتِمَامِي بالدراسةِ وابتعدت كثيراً عَن الخبائث الَّتي تصاحب التفحيط كالمخدرات وغيرها، وإن كنت مُقِيمَاً على التفحيط ومعاصٍ أخرى أسأل اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ مِنهَا، فَوَاصلت مسيرتي في التفحيط حَتىَّ أصبحت رمزا من رموزه المشهورين الذين يشار إليها بالبنان، وكثرحولي الأصدقاء والمحبون والمعجبون، حَتىَّ الأموال والسيارات كنت أستطيع أن أحصل عليها بكل يسر وسهولة عن طريق المعجبين 00!!
ولَكِنيِّ مع هذا كله لم أجد السعادة الَّتي كنت أبحث عنها، أبتسم وأضحك في نهاري وفِي الليل أبكي على حَالِي مَعَ اللهِ مُرَّ البُكَاء، كنت أشعرأن بداخلي مناديا يناديني وَيَقولُ هذه ليست رسالتك في الحياة، أَنْتَ لمْ تخْلَقْ لهَذَا، فإذا خرجت من المنزلِ أجد التشجيع والتبجيل والتعظيم فضلَا عن تضليل الشيطان وكيده فأتجاهل ذلك المنادي الصارم، وإني اليوم أوجه هذا السؤال لكل شاب ملتزم: أين أنتم عنا وعن أمثالنا مِنَ الضَّائِعِين، لماذا تركتمونا نتخبط في هَذَا الزَّمَنِ العصيبْ 00؟!
ألَا تزكون عَلَى هِدَايَتِكُمْ بِالنَّصِيحَةِ لَنَا00؟!!
ألَا تشكرون نعمة الله عليكم فتهدون غيركم 00؟!!
أين أنتم من الشباب الضائعْ 00؟!!
والله لَا أذكر أن أحداً من الصالحين جاء لمناصحتي وإنقاذي من الضلَال والضياع الَّذِي كُنتُ فِيهِ إِلَاّ الرَّفِيقُ السَّابِقُ الَّذِي منّ الله عليه بالهداية، فحاول نصحي وهدايتي 00!!
المهم أَنيِّ واصلت دراستي باجتهادٍ وتخرجت من الثانوية بتقديرْ "جيد" مع إصراري على التفحيطِ حَتىَّ أن رجال المرور لما جاءوا يبحثون عني في المدرسة فُوجِئُواْ بِتعجُّبِ المديرِ وَقَوْلِهِ لهُمْ " إن هذا الطالب من أحسن الطلَاب خلقا وحضورا " ثمَّ انتقلت لِلمرحلة الجامعيةِ والتحقت بالجامعة، وكان قريب لي يدرس في أمريكا يضغط علي لإكمال دراستي هناك عنده فكنت أرفض بشدة، فما زال منادي الخير يناديني ويذكرني بالله ولكن موعد الهداية لم يحن بعد 0
اتسعت شهرتي كمفحطٍ حَتىَّ أَنَّ بعض الصحفِيين جاءني ليجري معي مقابلة صحفِية فرفضْت؛ لأني كنت أشعر في قرارة نفسي أَنيِّ أسير في طريقٍ خاطئ؛ لِم يجري معي مقابلة صحفِية 00؟!
هَلْ أَنَا مِنَ العُلَمَاء 00؟!
…
هل أنا من الدعاة الذين نذروا أنفسهم للهِ وجعلواْ دَعْوَتَهُمْ وقفاً له سبحانه 00؟!
هل أنا من المجاهدين في سبيله 00؟!
…
ماذا قدمت لديني وأمتي00؟!
ولكن هذا هُوَ حال الكثير من كتّابِنَا للأسف الشديدْ: إنهم يَترُكُونَ العُلَمَاءَ وَالعُظمَاءَ وَيجْرُونَ وَرَاءَ أَخْبَارِ السَّاقِطِينَ وَالسَّاقِطَاتِ وَيُرَوِّجُونَ بضاعتهم على حساب أوقات الناس وعقولهم 00!!
وتطور الأمرُ وأصبحت أملك سيارة خاصة للتفحيط، حصلت عليْهَا من أَحَدِ المعجبين وعَن طريق الحرامْ، ولَا عَجَبَ فالتفحيط يجر إِلى أكبر من ذلك، وفي تلك الفترة الَّتي بلغتُ فِيها قمة الشهرةِ قدّرَ الله سبحانه وتعالى وتوفيَ صديق لي من كبار المفحطينَ بحادث سَيَّارَةٍ مُرَوِّعٍ فتبتُ إِلى اللهِ واستقمت أياما ثم عَادَت بَعْدَ ذَلِكَ رِيمَة إِلى عَادَتِهَا القَدِيمَة وكأن شيئا لم يكن 00!!
ثم إِنيِّ وجدت بَعْدَ ذَلِكَ " شلة " متطورة ومتحضرة: " شلة بانكوك ومانيلَا " كما يّدعون، ثمَّ بدأت أسافر إِلى الخارجِ أطلب السعادة في أحضان المومساتِ وشرب المسكراتْ، ولكن القضية هيَ هيَ لَمْ تَتَغَيَّرْ: سكر وضحك بِالنهارْ، وهم وغم وحزن بِالليل، قال جل جلاله: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى (**)
قَالَ رَبِّي لمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرَا (**) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنْسَى (**) وَكَذَلِكَ نجْزِي مَن أَسْرَفَ وَلمْ يُؤمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} 00000000000 (طه: 124: 127)
وقد كنت في أيام الدراسة الجامعية تعرفت على شاب أصغر مني سنا، فكانت علَاقتنا تزداد يَوْمَاً بَعْدَ يَوْم، حَتىَّ أَنَّا أَصْبَحْنَا لَا نستطيع أَنْ نَفترِقَ أكثر من أسبوعْ، ولم تكن وَلِلأَسَفِ تلك الصداقة للهِ وإنما كَانَتْ للتعاون على الإثم والعدوان، وَاتِّبَاعِ طَرِيقِ الشَّيْطَان، وَمع ذَلِكَ فَلَمْ تَكُ تخلو من بعض الخير 00!!
وفِي السنة الثالثة بدأ منادي الخير يقوى بِدَاخِلِي وتَذكرني بعض أصدقائي الذين منّ اللهُ عليهم بالهدايةِ فبدءوا يتعهدونني بالزيارة، ومن جهةٍ أخرى أشرق نورُ الإِيمَانِ في بيتنا فَهَذِهِ أختي بدأت طريقَهَا في الَالتزامِ فبدأَتْ تنصحني وترغبني في الهداية، وَوَالله يا أحبة لقد كان المنادي يقوى بِدَاخِلِي وَأَخَذَتِ الظروفُ في التحسنِ وَلكنَّ موعد الهداية لم يحن بعد 00!!
وفي ذلك العام ذهبت بالأهل إِلى مكة في العشرِالأواخرِ مِنْ شهر رمضانَ ـ وَكُلّنَا يَعْرِفُ مَكَّةَ في مِثلِ هَذَا الوَقتِ مِنَ العَامْ ـ عشت حياة جديدة أقلعت فِيها عن كثير من المعاصي واستبدلت بالدخَّان السواكَ وبالأغاني القرآنَ وحافظت على صلَاة الفَجْرِ والقيامِ وَعَلَى الرفقة الطيبة، هذه هي السعادة الحقيقيةُ الَّتي كُنْتُ أبحث عنها طوالَ عمري: حياة نقية، طاهرة زكية، ما أحلَاها من لذةٍ عندما تشعرأنك تنتصرعلى نفسك الأمارة بالسوءِ وتدحض الشيطانَ وترضى الرحمن 00!!
قد تظنونها النهاية، لَا واللهِ فما زال وَقتُ الهداية لم يحن بعد 0
عدت إِلى الرياض وأنا عازمٌ على السير في هَذَا الطريق، وكنت اللهَ في المسجد الحرامِ وأسأله أحد أمرين: إما أن يفتح على قلب صاحبي فِيصحبَني في هذا الطريقِ أو أنْ يفرق بيننا، وَبِالفِعْلِ كَأَنَّهُ (** عز وجل **) استجاب لِدعائي: فبعد يوم واحدٍ من لقائي بصاحبي حدث بيننا خلَافٌ وَافتَرقنَا، ولكن ويا للأسف: لَم أجدِ البديل من الرفقاء الصالحين 00!!
وأقبلتِ الإِمتحاناتُ وَبدأتُ المذاكرةَ وكنت محافظا على الصلَاة مقلعاً عن الكبائرِ مقيما على الصغائرِ فدعاني قريبي الَّذِي يدرس في أمريكا مرة ثانية للذهاب إليه في الصَّيفِ وتعلّم الإنجليزية هناك لصعوبتها عليّ في الجامعةِ فقلت في نفسي هذه فرصة سانحة لأبتعد عن الجو الَّذِي أعيش فِيهِ ثم أعود بعد ذَلِكَ وأسلكُ الطريقَ المسْتقيمْ، ولكن أبى الله (** عز وجل **) إِلَاّ أن يتم أمره ومشيئته ـ وَمَا ظَلَمَنَا اللهُ وَلكِنَّا نحْنُ الظَّالمُون ـ ففِي يوم من أيام الَاختباراتِ دخلتُ قاعةَ الَامتحان وقد نسيت في جيبي وَرَقَةً تتعلق بمادة الَاختبارْ، وبعد ساعة من الزمن لمحَ المراقب تلك الورقةَ فأدخل يده في جيبي وأخرجها وَسجّل عليّ محضرا بالغش ومن ثم حرماني من دخول الَامتحان في الموادِّ المتبقية، عندها شعرت بالظلمِ وأظلمت الدنيا في عينيَّ وظننت أن ذلك شرٌّ لي ولكنَّ الله لَا يقضي
إِلَاّ خيراً وإن كان بالنسبة لنا قد يكون شرا، فالشر المحضُ لَا ينسب إِلى الله أبدا 0
خرجت من قاعة الَامتحان غاضبا مهموماً وانطلقت أبحث عما يزيل عني ذلك الهمَّ فانهمكت في سماع الغناء ومشاهدة الأفلَامِ والمبارياتِ وشربِ الدُّخَانِ فلم أزدد إِلَاّ هما على هم 00!!
كانت تلك الحادثةُ يومَ السَّبت، ورحلتي إِلى أمريكا يوم الأربعاء، وفي مساء يَوْمِ السبت جاء الفَرَجُ من اللهِ بَعْدَ طُولِ انْتِظَارْ، وتنزلت رحمتهُ عَلَى غَيرِ موعدٍ وَكَانَ اللِّقَاءْ: مع الطهر والنقاء، والَاستجابة الحقيقية لداعي الخَير: فبينما أنا أتناول طعام العشاء في أحد المطاعمِ إذ بداعي الخير يناديني مرة أخرى ولكن في هذه الليلةِ كَانَ يُنَادِيني بقوَّةٍ وَإِلحاحٍ وَيقول لي:
" أتذهب إِلى بلَاد الكفار تجالس المومساتِ وتتعاطى المسكراتْ 00؟!!
كيف لو أتاكَ وأنتَ هُنَاكَ هادم اللذاتِ ومفرق الجماعاتْ 00؟!
أما آن لك أن تعودَ إِلى طريق الَاستقامة أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَعْمَلَ شَيْئَاً لِيَوْمِ القِيَامَة 00؟!
فخرجت من المطعم كالتائه الَّذِي يبحث عن أهله، وكَالأم الَّتي تبحث عن ولِيدها، وَكَالمريض الَّذِي يبحث عن الدَّوَاء، فَانطلقت بِسيارتي أهيم على وجهي من شارعٍ إِلى شارعٍ، وَفَتَحْتُ درج سيارتي فوجدت شريطا للشيخ محمد المحيسني كانَ قَدْ أَهْدَاهُ لي من قبلُ أحد الأصدقاءِ ـ جزاه الله عني خيرَاً ـ فاستمعت إِلى قراءةِ الشيخ وكان يقرأ بخشوعٍ ويبكى والناسُ وراءهُ يبكونَ فلم أتمالك نفسي من البكاءِ وَنزلت هذه الآيات على قلبي وكأني
أسمعها لأول مرة 00!!
بكيت بكاء مراً، ثم أوقفت السَيَّارَةَ على جانب الطريقِ وأخرجت عُلبَةَ السجائرِ وأشرطةَ اللهو والباطلِ وأعدمتهَا بدون محاكمة، وعزمت على التوبة النصوحِ والَاستقامةِ على دين اللهِ، وأَن أكونَ داعيةَ خيرٍ بعد أن كنت داعيةَ شرٍّ وفسادْ 0
عدت إِلى البيتِ فاستقبلني أبي وَقَدْ لَاحظ في وجهي نُورَاً وَتغيراً وخشوعاً فاحتضنني وضمَّني إِلى صدرِهِ بِشِدَّةٍ فبكيت بين يديهِ واعتذرت له عمَّا سببته له هو ووالدتي وإِخْوَتِي من مَتَاعِبَ ومشكلَاتْ؛ ففرحوا بتوبتي فرحا شديداً، وبعد التوبةِ كان من الطبيعيِّ أن يضاعفَ الشيطان جهودَه ويكلف أولياءه وَجُنودَهُ بالعمل من أجل إِضلَالي وإِعادتي إِلى حَظِيرَتِه، ولكن الله سبحانه وتعالى ثبتني فواجهت تعنيف الشيطان من داخلي وهو يقول لِي لِم لَمْ تذهبْ يا غبيُّ إِلى الخارج حيث الحريةُ والَانطلَاقُ 00؟!
ولَكِنيِّ كنت قد قطعت على نفسي خُطُوط الرجعة، فأول مكان ذهبت
إليه بعد توبتي هو محل الحلَاقة حيث أزلت شعر رأسي بالكليةِ، حَتىَّ صديقي المُقَرَّبِ جاءني يذكرني بالأيام الماضية من حياتي ويرغبني فِيها فَلم أستجب لهُ وصبرت على الغَمِّ وَالهَمِّ الَّذِي أصابني في بداية الأمر حَتىَّ استحال ذلك وانقلبَ سُرُورَاً وطمأنينة وراحة بالْ، وصدق الإمام ابن القيمِ رحمه الله حين قالَ إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائدِ من
تركها لغير الله، أما من تركها مخلصا من قلبهِ لله فإنه لَا يجد في تركها مشقةً إِلَاّ في أول وهلة، ليُمْتَحَنَ أصادق هو في تركها أم كاذبْ، فإنْ صبر على المشقةِ قليلَا استحالت لذةً، وتعرفت على مجموعة من الشباب الأخيارِ، وتفضل الله عليَّ بمنَّةٍ أخرى لَمْ تخْطُرْ لِي عَلَى بَالْ: ألَا وهي هداية صديقي العزيز على يدي 00!!
وازدَادَ إيماني ويقيني بالله سبحانه وتعالى وفي ختام حديثي أوجهها نصيحةً صادقة إِلى جميع الشبابِ فأقولُ يا شباب الإسلَامْ: لن تجدوا السعادة في السفر، ولَا في المخدراتِ والتخبط، لن تجدوها أو تشموا رائحتها إِلَاّ في الَالتزام بِتَعَالِيمِ الإِسْلَامِ وَخدمة دين اللهِ بِالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرْ 0
شَبَابَ الجِيلِ لِلإِسْلَامِ عُودُواْ فَأَنْتُمْ رُوحُهُ وَبِكُمْ يَسُودُ
وَأَنْتُمْ سِرُّ نَهْضَتِهِ قَدِيمَاً وَأَنْتُمْ فَجْرُهُ الزَّاهِي الجَدِيدُ
أسأل اللهَ لي ولكم الثباتَ وصلى الله على نبينا محَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ بِإِحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّين 00000000000000000000000 (أبو خالد)
(العَائِدُونَ إِلى الله الجُزْءُ الثَّالِثْ بِتَصَرُّفْ لِلشِّيخْ / محمَّد عَبْد العَزِيزْ المُسْنَد)
أَخِي الكَرِيمْ: إِنَّ الدُّنيَا سَاعَة؛ فَاجْعَلهَا طَاعَة، وَالنَّفسُ طَمَّاعَة؛ فَعَلِّمْهَا القَنَاعَة، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ تمَنَّعَ في الدُّنيَا تمَتَّعَ في الآخِرَة، وَشِبْعٌ بَعْدَ جُوعْ:
خَيْرٌ مِنْ جُوعٍ بَعْدَ شِبْع، وَاتَّقُواْ يَوْمَ يَنظُرُ الإنسَانُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَني كُنتُ تُرَابَا 00!!
وَأَخِيرَاً أَيُّهَا الأَحْبَابْ: أَخْتِمُ هَذَا الكِتَاب: بِبُشْرَى مِنْ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلى الشَّبَابْ، يَقولُ صلى الله عليه وسلم:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُ: الغَازِي في سَبِيلِ الله، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاء، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ التَّعَفُّف " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاِّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الأَئِمَّةِ ابْنِ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيّ، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]
وَأَختِمُ رِسَالَّتي بِهَذِهِ القِصَّةِ العَظِيمَة؛ عَسَى اللهُ أَنْ يَنفَعَ بِهَا شَبَابَ وَبَنَاتِ المُسْلِمِين: خَرَجَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ رضي الله عنه وَكَانَ مِن أَجْمَلِ النَّاسِ وَجْهَاً في رِحْلَةِ حَجّ، وَكَانَ مَعَهُ أَخٌ لَهُ في الله، فَضَرَبَ لِسُلَيْمَانَ خَيْمَةً وَأَجْلَسَهُ فِيهَا وَذَهَبَ إِلى المَدِينَةِ لِيَنْظُرَ أَيُّهَا أَزكَى طَعَامَاً فَيَأتِيَهُ بِرِزْقٍ مِنه، فَبَصُرَتْ بِسُلَيْمَانَ بَيْنَمَا هُوَ في الخَيْمَةِ أَعْرَابِيَّةٌ ـ تُعَدُّ لجَمَالهَا وَسْطَ النِّسَاء: كَالقَمَرِ في السَّمَاء ـ فَأَعْجَبَهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ الخَيْمَةَ وَأَسْفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا، فَظَنَّهَا ضَيْفَةً تُرِيدُ القِرَى فَقَالَتْ لَهُ لَا أُرِيدُ القِرَى وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا أُرِيدْ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَقَدْ أَدْرَكَ مَا تُرِيدُ فَبَكَى
بُكَاءً شَدِيدَاً حَتىَّ كَادَ يُغْشَى عَلَيْه، فَلَمَّا يَئِسَتْ مِنهُ تَرَكَتهُ وَانْصَرَفَتْ، فَلمَّا أَن عَادَ صَاحِبُهُ وَرَآهُ بِهَذِهِ الحَالَةِ أَخَذَتهُ اللهْفَةُ عَلَى صَاحِبِهِ فَسَأَلَهُ مُتَلَهِّفَاً مَا يُبْكِيكَ يَا سُلَيْمَان 00؟!
فَأَصَرَّ عَلَى الكِتمَانِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتىَّ أَخْبَرَهُ بخَبَرِ الأَعْرَابِيَّة، فَأَطْرَقَ صَدِيقُهُ مَلِيَّاً ثُمَّ بَكَى بُكَاءً مُرَّاً، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ مَا يُبْكِيكْ 00؟!
قَالَ أَبْكِي لأَنِّي لَوْ كُنتُ مَكَانَكَ لمَا صَبَرْتُ عَلَى مَا صَبَرْتَ عَلَيْه، فَظَلَا يَبْكِيَان حَتىَّ بَلَغَا البَلَدَ الحَرَامَ فَطَافَا بِالبَيْتِ ثُمَّ نَامَا في زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاه، فَبَيْنمَا سُلَيْمَانُ مُسْتَغْرِقَاً في نَوْمِهِ إِذ بِرَجُلٍ يَأتِيهِ في المَنَامِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ كَأَنَّهُ آوتِيَ شَطرَ الحُسْنِ فَقَالَ لَهُ أَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُف، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ إِنَّ عِفَّتَكَ مَعَ امْرَأَةِ العَزِيزِ لأَمْرٌ عُجَابْ، قَالَ لَهُ يُوسُفُ وَأَعْجَبُ مِنهَا عِفَّتَكَ مَعَ الأَعْرَابِيَّةِ يَا سُلَيْمَانُ 00!!! (الإِحْيَاء 0 بَاب شَهْوَةِ الفَرْج)
وَلَاحِظ يَا أَخِي يَرْحَمُكَ اللهُ أَنَّ القرْآنَ كَمَا ضَرَبَ المَثَلَ في العِفَّةِ لِلرِّجَالِ بِيُوسُفَ ضَرَبَ اللهُ المَثَلَ في العِفَّةِ لِلنِّسَاءِ بمَرْيَم 00!!
فاستوصوا بالشّباب خيراً معشر الآباءْ، ولَا تحمّلوهم ما لَا طاقة لهم به وَاعْلَمُواْ أَنّ الله يرحم من عباده الرّحماءْ 0
اللهُمَّ أَعِنْ شَبَابَ المُسْلِمِينَ غَيْرَ القَادِرِينَ عَلَى الزَّوَاجِ يَا رَبَّ العَالَمِين 0
هَذَا 00 وَمَا تَوْفِيقِي إِلَاّ بِالله، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِين 0
{الفَقِيرُ إِلى عَفوِ رَبِّهِ وَدُعَائِكُمْ / يَاسِرُ الحَمَدَاني}
*******************
***********
*********
**
[رِسَالَة العَائِدُون إِلى اللهِ الجُزْءُ الثَّالِث بِتَصَرُّف لِلشِّيخ: عَبدِ العَزيزِ المسْنَد]
أَخِي الكَرِيم: إِنَّ الدُّنيَا سَاعَة؛ فَاجْعَلهَا طَاعَة، وَالنَّفسُ طَمَّاعَة؛ فَعَلِّمْهَا القَنَاعَة، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ تمَنَّعَ في الدُّنيَا تمَتَّعَ في الآخِرَة، وَشِبْعٌ بَعْدَ جُوع:
خَيْرٌ مِنْ جُوعٍ بَعْدَ شِبْع، وَاتَّقُواْ يَوْمَ يَنظُرُ الإنسَانُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَني كُنتُ تُرَابَا 00!!
وَأَخِيرَاً أَيُّهَا الأَحْبَاب: أَخْتِمُ هَذَا الكِتَاب: بِبُشْرَى مِنْ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلى الشَّبَابْ، يَقولُ صلى الله عليه وسلم:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُ: الغَازِي في سَبِيلِ الله، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاء، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ التَّعَفُّف " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاِّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الأَئِمَّةِ ابْنِ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيّ، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]
فَاستَوصُوا بالشَّبَابِ خَيرَاً مَعشَرَ الآبَاء، وَلَا تُحَمُّلوهُم مَا لَا طَاقَةَ لَهُم بِهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَرحَمُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاء 0
اللهُمَّ أَعِنْ شَبَابَ المُسْلِمِينَ غَيْرَ القَادِرِينَ عَلَى الزَّوَاجِ يَا رَبَّ العَالَمِين 0
هَذَا 00 وَمَا تَوْفِيقِي إِلَاّ بِالله، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِين
{الفَقِيرُ إِلى عَفوِ رَبِّهِ وَدُعَائِكُمْ / يَاسِرُ الحَمَدَاني}