المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحُلْمُ الجَمِيل: ======== إِنَّهُ بحَقٍّ حُلْمٌ جَمِيل، لَا يَعِيبُهُ إِلَاّ أَنَّهُ مُسْتَحِيل: - موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌[مَقَالَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني]

- ‌أَصُونُ كَرَامَتي مِنْ قَبْلِ قُوتي

- ‌أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُول

- ‌إِعْصَار كَاتْرِينَا

- ‌إِنْقَاذُ السُّودَان؛ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان

- ‌الإِسْلَامُ هُوَ الحَلّ، وَلَيْسَ الإِرْهَابُ هُوَ الحَلّ

- ‌الْبَهَائِيَّة، وَادعَاءُ الأُلُوهِيَّة

- ‌الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَان:

- ‌الدِّينُ النَّصِيحَة:

- ‌الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ

- ‌الفَنَّانَاتُ التَّائِبَاتُ

- ‌{أَرَاذِلُ الشُّعَرَاء}

- ‌الحُلْمُ الجَمِيل:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتجْوِيدِه:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيّ:

- ‌ فَضْلُ بِنَاءِ المَسَاجِد **

- ‌فُقَرَاء، لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

- ‌قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:

- ‌لُغَتُنَا الجَمِيلَة:

- ‌مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌أَنْقِذُونَا بِالتَّغْيِير؛ فَإِنَّا في الرَّمَقِ الأَخِير:

- ‌إِيرَان؛ بَينَ المِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَان

- ‌الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين

- ‌الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه

- ‌الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان

- ‌الشَّاعِرُ المَغْرُور

- ‌الْفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالرُّوتِينُ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة

- ‌الْقِطَطُ السِّمَان

- ‌الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي

- ‌المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون

- ‌بَعْضَ الَاهْتِمَام؛ يَا هَيْئَةَ النَّقْلِ الْعَامّ

- ‌ثَمَانِ سَنَوَات؛ يَا وَزَارَةَ الاتِّصَالات

- ‌جَمَاعَةُ الإِخْوَانِ المحْظُوظَة

- ‌دُورُ " النَّشْل

- ‌شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ

- ‌شُعَرَاءُ الْفُكَاهَة؛ بَيْنَ الجِدِّيَّةِ وَالتَّفَاهَة

- ‌صَنَادِيقُ شَفَّافَة، وَنُفُوسٌ غَيرُ شَفَّافَة

- ‌ ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق

- ‌فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس

- ‌قَتَلُواْ بِدَاخِلِنَا فَرْحَةَ الْعِيد

- ‌قَصِيدَةً مِنْ نَار؛ لِمَنْ يَتَّهِمُني بِسَرِقَةِ الأَشْعَار

- ‌قَنَاةٌ فَضَائِيَّةٌ تَلْفِتُ الأَنْظَار؛ بِالطَّعْنِ في نَسَبِ النَّبيِّ المخْتَار

- ‌مَتى سَيُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف

- ‌مُوَسْوِسُونَ لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌يَتْرُكُونَ المُشَرِّفِين؛ وَيُقَدِّمُونَ " المُقْرِفِين

- ‌يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ وَيَعْمَلُ بَنَّاءً

- ‌أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء

- ‌مخْتَارَاتٌ مِنْ دِيوَاني:

- ‌الحَمَاسَةُ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌إِهْدَاءُ الحَمَاسَةِ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ الحَمَاسَة:

- ‌بَحْرُ الخَفِيف:

- ‌بَحْرُ الْبَسِيط:

- ‌بَحْرُ الرَّجَز:

- ‌بَحْرُ الرَّمَل:

- ‌بَحْرُ الوَافِر:

- ‌بَحْرُ المُتَدَارَك:

- ‌بَحْرُ المُتَقَارِب:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 2]:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 3]:

- ‌مجْزُوءُ الرَّمَل:

- ‌مجْزُوءُ الرَّجَز:

- ‌مجْزُوءُ الْوَافِر:

- ‌مجْزُوءُ الْكَامِل:

- ‌مُخَلَّعُ الْبَسِيط:

- ‌[مَنهُوكُ الرَّجَز

- ‌كِتَابُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌مُقَدِّمَةُ الرِّضَا بِالقَلِيل

- ‌تَمْهِيدُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌الفَقِيرُ الصَّابِر:

- ‌الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌عَفَافُ النَّفْس:

- ‌كِتَابُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

- ‌أَحْكَامُ الجَنَائِز:

- ‌فَقْدُ الأَحِبَّة:

- ‌وَفَاةُ الحَبِيب:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌مُصِيبَةُ المَرَض:

- ‌مُصِيبَةُ السِّجْنِ وَالحَدِيثُ عَنِ المَظْلُومين:

- ‌هُمُومُ المُسْلِمِين:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ العُلَمَاء

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌[كِتَابُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌أَرْشِيفُ الحَمَدَاني:

- ‌انحِرَافُ الشَّبَاب:

- ‌البَيْتُ السَّعِيد

- ‌أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:

- ‌{الأَدَبُ مَعَ اللهِ وَرَسُولِهِ

- ‌ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجْ:

- ‌الدِّينُ الحَقّ:

- ‌الطِّيبَةُ في الإِسْلَام:

- ‌الْعِلْمُ وَالتَّعْلِيم:

- ‌العَمَلُ وَالكَسْب:

- ‌الكِبْرُ وَالغُرُور

- ‌المَمْلَكَةُ العَادِلَة:

- ‌بِرُّ الوَالِدَين:

- ‌نُزْهَةٌ في لِسَانِ الْعَرَب:

- ‌تَرْجَمَةُ الذَّهَبيّ؛ بِأُسْلُوبٍ أَدَبيّ [

- ‌حَالُ المُسْلِمِين:

- ‌رِجَالٌ أَسْلَمُواْ عَلَى يَدِ الرَّسُول:

- ‌فَوَائِدُ الصَّوْم:

- ‌زُهْدِيَّات:

- ‌(طَوَارِئُ خَطَابِيَّة)

- ‌فَضَائِلُ الصَّحَابَة:

- ‌مَدِينَةُ كُوسُوفُو:

- ‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

- ‌فَهْرَسَةُ سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء

الفصل: ‌ ‌الحُلْمُ الجَمِيل: ======== إِنَّهُ بحَقٍّ حُلْمٌ جَمِيل، لَا يَعِيبُهُ إِلَاّ أَنَّهُ مُسْتَحِيل:

‌الحُلْمُ الجَمِيل:

========

إِنَّهُ بحَقٍّ حُلْمٌ جَمِيل، لَا يَعِيبُهُ إِلَاّ أَنَّهُ مُسْتَحِيل: إِنَّهُ البَحْثُ عَنْ شَرِيكَةِ الحَيَاة، الَّذِي أَصْبَحَ أَمْرَاً صَعْبَاً في هَذَا الزَّمَان 00 نَشْرُ مُؤَلَّفَاتي، وَالبَحْثُ عَنْ شَرِيكَةِ حَيَاتي: لَقِيتُ الأَمَرَّيْنِ في هَذَيْنِ الأَمْرَيْن 00 قَدْ يَقُولُ قَائِل: لَا تَبْتَئِسْ وَلَا تحْزَن، إِنَّهَا فَقَطْ مَسْأَلَة وَقْت، أَنْتَ مُؤَلِّفٌ وَأَدِيبٌ كَبِير، وَحَصُلْتَ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْكَثِير؛ مِنَ الإِعْجَابِ وَالتَّقْدِير، وَنُشِرَتْ لَكَ في الصُّحُفِ مَقَالَات، وَطُبِعَتْ لَكَ عِدَّةُ مُؤَلَّفَات، وَأَصْبَحَ لَكَ مُعْجَبُونَ وَمُعْجَبَات، وَسَتَجِدُ بَدَلاً مِنَ الفَتَاةِ عَشْرَ فَتَيَات 00!!

ص: 102

لَيْسَ الأَمْرُ كَمَا تَظُنُّ يَا صَاحِبي؛ فَالمُعْجَبَاتُ قَلِيلَات، وَيَكُنَّ إِمَّا مخْطُوبَات، أَوْ مُتَزَوِّجَات، أَوْ لَا تَنْطَبِقُ عَلَيْهِنَّ المُوَاصَفَات، إِنَّ فَتَاةَ هَذَا الجِيل؛ قَدْ تَغَيرَتْ كَثِيرَاً عَنْ فَتَاةِ الزَّمَنِ الجَمِيل؛ الَّتي كَانَ فَتى أَحْلَامِهَا زَعِيمَاً مُنَاضِلاً، أَوْ أَدِيبَاً فَاضِلاً، أَمَّا فَتَاةُ هَذِهِ الأَيَّام: فَكُلُّ مَا يَهُمُّهَا المُوضَةُ وَمُشَاهَدَةُ الأَفْلَام؛ وَفَتى أَحْلَامِهَا شَابٌّ عَلَى شَاكِلَة [فُلَان] لَاعِبِ الكُرَةِ الشَّهِير، أَوْ [فُلَان] المُغَنيِّ أَوِ المُمَثِّلِ الْكَبِير 00!!

سَارَتْ مُغَرِّبةً وَسِرْتُ مُشَرِّقَاً * شَتَّانَ بَينَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبِ

ص: 103

دَعْني غَارِقَاً في أَحْلَامِي يَا فَتى؛ فَالأَحْلَامُ وَإِنْ كَانَتْ ضَرْبَاً مِنَ الخَيَال: إِلَاّ أَنهَا أَفْضَلُ مِنَ الوَاقِعِ عَلَى كُلِّ حَال 00 فَدَعْني وَحْدِي:

أَحْيى عَلَى أَمَلِي وَكَمْ مِنْ شَاعِرٍ * يحْيى كَمَا أَحْيى عَلَى الأَوْهَامِ

وَإِذَا الحَقِيقَةُ أَعْجَزَتْكَ فَرُبَّمَا * أَدْرَكْتَ مَا أَعْيَاكَ بِالأَحْلَامِ

{محَمَّدٌ الأَسْمَر أَوْ محْمُود غُنيم}

وَلَا عَيْبَ في الأَحْلَامْ * إِلَاّ أَنَّهَا أَحْلَامْ

فَالحُبُّ الحَقِيقِي لَا * يُوجَدُ إِلَاّ في الأَفلَامْ

{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}

ص: 104

إِنَّ الخَطَأَ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ أَكْثَرُ الفَتَيَاتِ عِنْدَ الزَّوَاج؛ أَنهُنَّ يَبْحَثْنَ عَنِ السَّعَادَةِ في الزَّوْجِ الغَنيّ، أَوْ صَاحِبِ المَنْصِبِ أَوِ المَشْهُور، وَيَنْسَونَ أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قَسَّمَ المَوَاهِبَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاق؛ فَالقَلْبُ الطَّيِّبُ نِعْمَة، حُرِمَ مِنهَا كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ، وَالمُرُوءَ ةُ نِعْمَة، حُرِمَ مِنهَا كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ، وَالدِّينُ أَكْبَرُ النِّعَم: حُرِمَ مِنهُ كَثِيرٌ مِن أَصْحَابِ النُّقُودِ وَالنُّفُوذ!!

ص: 105

لَقَدْ أَصْبَحَتِ المَادَّةُ هِيَ كُلَّ شَيْءٍ في الحَيَاة، لَعِبَتْ بِالرُّءوس؛ وَغَيرَتِ النُّفُوس 00!!

كَلِمَةٌ لِلشَّيْخ كِشْك عَنْ سَيْطَرَةِ المَال

يَرْحَمُ اللهُ فَضِيلَةَ الشَّيْخ عَبْد الحَمِيد كِشْك؛ حَيْثُ كَانَ يَقُول:

" لَقَدْ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلهَا 00 إِنَّني أَقُولهَا بِبَالِغِ الأَسَى: لَقَدْ أَصْبَحَتِ الحَيَاةُ هِيَ المَادَّةُ وَالمَادَّةُ هِيَ الحَيَاة، وَأَصْبَحَ النَّاسُ إِذَا رَأَوُاْ الجُنَيْهَ يَقُولُونَ لَهُ:] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين [

ص: 106

[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " ص: 111/ 5]

ص: 107

تجِدُ الأُمَّ مِن هَؤُلَاءِ إِذَا مَا تَقَدَّمَ لاِبْنَتِهَا شَابٌّ تَسْأَلُ أَوَّلَ مَا تَسْأَل: مَيْسُورُ الحَالِ هُوَ أَمْ مَسْتُورُ الحَال 00؟! فَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الحَالِ تُسَرُّحُهُ سَرَاحَاً جمِيلا، وَرُبمَا تُعْطِيهَا لِرَجُلٍ في سِنِّ أَبِيهَا كَثِيرِ العِيَال؛ لمجَرَّدِ أَنَّهُ رَجُل أَعْمَال، صَاحِبُ نُفُوذٍ أَوْ مَال، وَرُبمَا أَيْضَاً يَكُونُ مُتَزَوِّجَاً عَلَيْهَا، فَتَقُولُ لَا ضَيْرَ فَالشَّرْعُ حَلَّلَ لَهُ أَرْبَعَاً، إِنَّهُ يَلْعَبُ بِالمَلَايِين 00 وَإِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعَى 00!!

ص: 108

المَالُ حَلَّلَ كُلَّ غَيْرِ محَلَّلٍ * حَتىَّ زَوَاجَ الشِّيْبِ بِالأَبْكَارِ

سَحَرَ القُلُوبَ فرُبَّ أُمٍّ قَلْبُهَا * مِنْ سِحْرِهِ حَجَرٌ مِنَ الأَحْجَارِ

دَفَعَتْ بُنَيَّتَهَا لأَشْأَمِ مَضْجَعٍ * وَرَمَتْ بِهَا في وَحْشَةٍ وضِرارِ

وَتَعَلَّلَتْ بِالشَّرْعِ جَاهِلَةً بِهِ * مَا كَانَ شَرْعُ اللَّهِ بالجَزَّارِ

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}

قِصَّةٌ أَغْرَبُ مِنَ الخَيَال

لَقَدْ قَرَأْتُ بإحْدَى الصُّحُفِ حَادثَةً أَغْرَبَ مِنَ الخَيَال، نُشِرَتْ عَنْ فَتَاةٍ رَائِعَةِ الحُسْنِ وَالجَمَال،

ص: 109

كَانَ أَهْلُهَا كُلَّمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهَا شَابٌّ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ رَفَضُوهُ لِرِقَّةِ الحَال، حَتىَّ أَتَاهَا " المَخْفي المُنْتَظَر " بِالسَّيَّارَةِ الشَّبَح، وَشَالِيهٍ في رَفَح، ومَلَايِينَ إنْ تَعُدُّوهَا لَا تحْصُوهَا، وَنحْنُ نَعْرِفُ مَدَى ما لَدَى النِّسَاءِ مِنَ الْوَلَعِ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالأَنعَامِ وَالحَرْث؛ وَلَعَلَّنَا نَذْكُرُ بَلْقِيسَ مَلِكَةَ سَبَأَ الَّتي كَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى المُلُوكِ بمُلْكِهَا؛ مَا أَنْ رَأَتْ قُصُورَ سُلَيْمَانَ وَمُلْكَهُ وَقَالَ لهَا إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ

ص: 110

حَتىَّ قَالَتْ: رَبِّ إِنيِّ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُليْمَانَ للهِ رَبِّ العَالمِين 00!!

فَوَافَقَ أَهْلُ تِلْكَ الفَتَاةِ على الزَّوَاج سَرِيعَاً، هَلْ تُصَدِّقونَ أَنَّ هَذَا الخَبِيثَ كَانَ يَعْرِضُهَا عَلَى رِجَالِ الأَعْمَال؛ لُزُومَ تخْلِيصِ المَسَائِلِ وَتَسْلِيكِ الأُمُور 00!!

وَالمَعْنى وَاضِحٌ طَبْعَاً، مَنْ تَرضَى لِنَفْسِهَا أَنْ تُصْبِحَ هَكَذَا 00؟!

إِنَّ المجْتَمَعَ الَّذِي يجِدُ فِيهِ أَمْثَالُ هَؤُلَاء؛ السَّعَادَةَ وَالهَنَاء؛ لَيْسَ عَجِيبَاً أَنْ يجِدَ فِيهِ أَمْثَاليَ التَّعَاسَةَ وَالشَّقَاء

ص: 111

لَيْتَ الفَتَاةَ المِصْرِيَّةَ كَمَا تُقَدِّرُ المَظَاهِرَ وَالمَادِّيَّات؛ تُقَدِّرُ المَبَادِئَ وَالقِيَمَ النَّبِيلَة 00!!

فَمِنْ سُوءِ الحَظِّ أَنَّ الجَمِيلَةَ لَيْسَتْ أَصِيلَة، وَأَنَّ الأَصِيلَةَ لَيْسَتْ جَمِيلَة 00!!

لَيْتَهَا تَعْرِفُ أَنَّ الحُبَّ يُسْعِدُ بِلَا مَال، أَمَّا المالُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْعِدَ بِلَا حُبّ 00!!

فَلَوْ كَانَ المَالُ يَنْفَعُ في كُلِّ شَيْءٍ لَنَفَعَتْ قَارُونَ أَمْوَالُه، وَلَوْ كَانَ المَالُ هُوَ كُلَّ شَيْءٍ لَقَبِلْنَا لِبَنَاتِنَا فِرْعَوْنَ وَهَامَان، وَرَفَضْنَا مُوسَى بْنَ عِمْرَان 00!!

ص: 112

كَمْ كُنْتُ أَتمَنىَّ فَتَاةً: عَاقِلَةً وَجَمِيلَةً وَأَصِيلَة، لِدَرَجَةٍ تجْعَلُني أَتَسَاءَ ل: مَا الذِي أَعْجَبَني فِيهَا؟!

هَلْ أَصْلُهَا، أَمْ شَكْلُهَا، أَمْ عَقْلُهَا، أَمْ كُلُّهَا 00؟!!

فَتَاةً: تَقِفُ بجَانبي وَأَنَا لَا أَزَالُ في بِدَايَةِ الطَّرِيق، طَرِيقِ الإِصْلَاح، بِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَبِ وَالْكِفَاح، وَالشَّوْكِ وَالعَذَاب، لَا فَتَاةً تَأْتِيني بَعْدَ وُصُوليَ إِلى المجْدِ لِتَقُولَ إِنيِّ مُعْجَبَةٌ بِكَ وَبِأُسْلُوبِكَ الجَذَّاب!!

ص: 113

فَتَاةً حَسْنَاء، تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء، أَجِدُ فِيهَا الأُمَّ الحَنُون، وَالاِبْنَ البَارّ، وَالتِّلمِيذَ المُؤَدَّب، وَقَبْلَ كُلِّ هَذَا وَذَاكَ الزَّوْجَةَ الوَفِيَّة 00!!

فَتَاةً: أَجِدُ فِيهَا القَلْبَ الكَبِير، وَالعَقْلَ الكَبِير، وَأَلْقَى مِنهَا كُلَّ احْترَامٍ وَتَقْدِير 00!!

تِلْكَ هِيَ الَّتي أَنْتَظِرُهَا عَلَى أَحَرِّ مِنْ جَمْرِ الغَضَى، وَسَأَجْعَلُ يَوْمَ مجِيئِهَا عِيدَاً 00!!

فَإِنَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً: قَدْ تُسْعِدُ الرَّجُلَ طِيلَةَ حَيَاتِه، وَامْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ قَدْ تُتعِسُهُ طِيلَةَ حَيَاتِه 00!!

ص: 114

لَسْتُ الرَّجُلَ الَّذِي يَجْعَلُ مَصِيرَهُ مُتَوَقِّفَاً عَلَى مَصِيرِ امْرَأَةٍ قَدْ تُضَيِّعُه، وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ أَنَّ وَرَاءَ كُلِّ رَجُلٍ عَظِيمٍ امْرَأَةً تَدْفَعُه؛ فَالجَمَالُ وَإِنْ لَمْ يَكُ كُلَّ شَيْء: إِلَاّ أَنَّهُ أَهَمُّ شَيْءٍ بَعْدَ الدِّين 00

ذَكَرَهُ اللهُ أَوَّلَ شَيْءٍ مِنْ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنيَا فَقَالَ تَعَالى:] زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنعَامِ وَالحَرْث [{آلِ عِمْرَان}

ص: 115

وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" حُبِّبَ إِليَّ مِنْ دُنيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيب، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْني في الصَّلَاة " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: 3124، رَوَاهُ الإِمَامُ الْبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ بِرَقْم: 13232]

عِنْدَمَا تَبْكِي الشُّمُوعُ بِالدُّمُوع

ص: 116

وَالمُؤْلِمُ أَنيِّ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ تِلْكَ الفَتَاةَ قَدْ تَكُونُ مَوْجُودَةً، بَلْ وَقَرِيبَةً جِدَّاً مِنيِّ، وَلَكِنْ لَيْتَ شِعْرِي؛ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهَا 00؟! أَيْنَ أَنْتِ يَا مُهْجَةَ القَلْبِ وَبَهْجَةَ الرُّوح 00؟

فَبِالْيَأْسِ أَسْلُو عَنْكِ لَا بِالتَّجَلُّدِ

فَمَا صَبْرِي بِاخْتِيَارِي * لَكِن حُكْمُ الانْتِظَارِ

أَمَّا صَبْرِي فَأَحْلَاهُ * أَمَرُّ مِنَ الصَّبَّارِ

{فِكْرَةٌ لأَحَدِ الشُّعَرَاءِ قُمْتُ بِتَطْوِيرِهَا وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا}

ص: 117

وَمَا كَانَ لِلأَحْزَانِ لَوْلَاكِ مَسْلَكٌ * إِلى القَلْبِ لَكِنَّ الهَوَى لِلضَّنى جِسْرُ

{أَبُو فِرَاسٍ الحَمْدَانيّ}

وَللهِ عُرْوَةُ بْنُ حِزَامٍ إِذْ يَقُول:

وَلَمَّا رَأَيْتُ العَيْنَ فَاضَتْ جُفُونُهَا * بِدَمْعٍ عَلَى الخَدَّيْنِ أَحْمَرَ قَانِ

تَبَيَّنْتُ أَنيِّ بِالصَّبَابَةِ هَالِكٌ * وَأَنَّ هَلَاكِي مُرْجَأٌ لأَوَانِ

جَعَلْتُ لِعَرَّافِ اليَمَامَةِ حُكْمَهُ * وَعَرَّافِ نجْدٍ إِن هُمَا شَفَيَاني

فَقَالَا شَفَاكَ اللهُ وَاللهِ مَا لَنَا * بِمَا حُمِّلَتْ مِنْكَ الضُّلُوعُ يَدَانِ

ص: 118

فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقْيَةٍ يَعْلَمَانِهَا * وَلَا سُقْيَةٍ إِلَاّ وَقَدْ سَقَيَاني

وَمَا شَفَيَا الدَّاءَ الَّذِي بيَ كُلَّهُ * وَلَا ادَّخَرَا نُصْحَاً وَلَا أَلَوَاني

كَوَتْ كَبِدِي مِن حُبِّ عَفْراءَ لَوْعَةٌ * فَعَيْنَايَ مِنْ وَجْدِي بِهَا تَكِفَانِ

كَأَنَّ قَطَاةً عُلِّقَتْ بجَنَاحِهَا * عَلَى كَبِدِي مِنْ شِدَّةِ الخَفَقَانِ

فَعَفْرَاءُ أَرْجَى النَّاسِ عِنْدِي مَوَدَّةً * وَعَفْرَاءُ عَنيِّ المُعْرِضُ المُتَوَاني

وَكُنْتُ وَإِيَّاهَا عَلَى رَفْرَفِ المُنى * لَنَا أَمَلٌ نَلْهُو بِهِ وَأَمَانِ

ص: 119

إِلى أَنْ دَهَتْنَا لِلْفِرَاقِ نَوَائِبٌ * فَصِرْتُ أَخَا هَمٍّ وَنَضْوَ هَوَانِ

وَإِنيِّ لأَهْوَى الحَشْرَ إِنْ قِيلَ إِنَّني * وَعَفْرَاءَ يَوْمَ الحَشْرِ مُلْتَقِيَانِ

فَيَا لَيْتَ كُلَّ اثْنَينِ بَيْنَهُمَا هَوَىً * مِنَ النَّاسِ وَالأَنعَامِ يَلْتَقِيَانِ

فَيَقْضِي حَبِيبٌ مِن حَبِيبٍ لُبَانَةً * وَيَرْعَاهُمَا رَبي مِنَ الحَدَثَانِ

{عُرْوَةُ بْنُ حِزَام 0 بِاسْتِثْنَاءِ الأَبْيَات 1، 2، 10، 11: فَهِيَ لهَاشِمٍ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

يَلْتَقِيَانِ بِزَوَاجٍ شَرْعِيٍّ طَبْعَاً، آهٍ ثُمَّ آهٍ ثُمَّ آه؛ تَعَبٌ كُلُّهَا الحَيَاة 00

ص: 120

لَوْ كُلُّ مَا يَتَمَنىَّ المَرْءُ يُدْرِكُهُ * مَا كُنْتَ تَلْقَى امْرَأً في الكَوْنِ مَهْمُومَا

{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}

يَبْدُو أَنَّنَا مَعْشَرَ الأُدَبَاء: خُلِقْنَا لِنُسْعِدَ الآخَرِينَ لَا لِنَسْعَد 00!!

كَمُطْرِبَةٍ تُشْجِي الأَنَامَ بِصَوْتِهَا * وَقَدْ حَمَلَتْ بَينَ الضُّلُوعِ مَآسِيَا

{إِيلِيَّا أَبُو مَاضِي}

وَللهِ دَرُّ القَائِل:

لَا تحْسَبُواْ أَنَّ رَقْصِي بَيْنَكُمْ طَرَبَاً * فَالطَّيْرُ يَرْقُصُ مَذْبُوحَاً مِنَ الأَلَمِ

حَقًّا وَاللهِ: " أَوَّلُ مَا يَضِيعُ العَالِمُ بَينَ أَهْلِه " 00!!

ص: 121

فَأَتْعَسُ الخَلْقِ حَظَّاً صَاحِبُ القَلَمِ * وَذُو المَبَادِئِ وَالأَخْلَاقِ وَالقِيَمِ

لِكُلِّ ذِي مَبْدَإٍ في عَيْشِهِ أَمَلٌ * وَكُلُّ ذِي أَمَلٍ سَيَعِيشُ ذَا أَلَمِ

{إِيلِيَّا أَبُو مَاضِي أَوْ محَمَّدٌ الأَسْمَر}

ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ وَأَنَا أَبحَثُ عَنْ تِلْكَ الفَتَاةِ حَتىَّ تَأَكَّدْتُ في النِّهَايَةِ أَنِّي أَسِيرُ في أَحَدِ طَرِيقَيْن: إِمَّا طَرِيقٍ مَسْدُودٍ أَوْ طَرِيقٍ لَيْسَ لَهُ آخِر00!!

ص: 122

فَلَقَدْ تَأَكَّدَ لي أَنيِّ حَتىَّ أَصِلَ إِلى مَا أُرِيد؛ فَإِنيِّ أَحْتَاجُ إِلى شَيْئَين: إِلى مَالِ قَارُون، وَإِلى عُمْرِ سَيِّدِنَا نُوح 00!!

بَعْدَمَا قَطَعْنَا الأَرْضَا * كُلَّهَا طُولاً وَعَرْضَا

{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}

بحَثْنَا في المُدُنِ وَفي القُرَى؛ حَتىَّ بَلَغْنَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبَا 00!!

فَقَدْ طَوَّفْتُ بِالآفَاقِ حَتىَّ * رَضِيتُ مِنَ الغَنِيمَةِ بِالإِيَابِ

{امْرُؤُ القَيْس}

ضَاقَتْ عَلَيَّ بِوُسْعِهَا الآفَاقُ

{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}

ص: 123

خَلِيلَيَ إِن أَجْزَعْ فَقَدْ ظَهَرَ العُذْرُ * وَإِن أَسْتَطِعْ صَبْرَاً فَمِنْ شِيمَتي الصَّبْرُ

فَشَرَّقْتُ حَتىَّ لَمْ أَجِدْ بَعْدُ مَشْرِقَاً * وَغَرَّبْتُ حَتىَّ قِيلَ هَذَا هُوَ الخِضْرُ

{البَيْتُ الأَوَّلُ لاِبْنِ زَيْدُون، وَالأَخِيرُ لأَبي الحَسَنِ التُّهَامِي}

كَرَحَّالَةٍ طَافَ المَدَائِنَ وَالقُرَى كَسَتْهُ يَدُ الأَيَّامِ حُلَّةَ خَائِبِ

يَبْدُو أَنَّ السَّعَادَةَ خُلِقَتْ لِغَيرِنَا وَلَمْ تُخْلَقْ لَنَا 00 بِيئَةٌ وَبِيئَة، وَمَعَادِنُ رَدِيئَة 00!!

لي في الهَوَى قَلْبٌ حَزِين * قَدْ بَاتَ يُدْمِيهِ الأَنِين

ص: 124

كُتِبَ الشَّقَاءُ لَهُ وَكَمْ * سَعِدَتْ قُلُوبُ العَاشِقِين

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}

قَطَعْتُكَ يَا رَبِيعَ العُمْرِ مَهْمُومَاً بِأَتْرَاحِي

وَلَمْ أَمْلأْ كَغَيرِي مِنْ نَعِيمِ العَيْشِ أَقْدَاحِي

نهَارِي كُلُّهُ تَعَبٌ وَلَيْلِي كُلُّهُ صَاحِ

قَطَعْتُكَ يَا رَبِيعَ العُمْرِ لَمْ أَعْرِفْ بِكَ الحُبَّا

فَمَا أَسْعَدْتَ لي رُوحَاً وَلَا أَحْيَيْتَ لي قَلْبَا

مَضَى السُّعَدَاءُ كُلُّهُمُ وَلَمْ أُدْرِكْ لَهُمْ رَكْبَا

وَمَا ذَاقَ المُنى قَلْبي وَغَيرِي عَبَّهُ عَبَّا

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}

ص: 125

كَأَنَّ الغَنيَّ فَقَطْ هُوَ الَّذِي مِن حَقِّهِ أَنْ يَقْطِفَ مَا شَاءَ مِنَ الوُرُود، أَمَّا الفَقِيرُ فَلَوْ شَمَّ وَرْدَةً؛ لَقِيلَ لَهُ قَدْ جَاوَزْتَ الحُدُود 00!!

لَا تحْرِمَنِّيَ يَا رَبيِّ مِنِ امْرَأَةٍ * عَيْني تَقَرُّ بِهَا في الخَلْقِ وَالخُلُقِ

أَنْسَى بِهَا مُرَّ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ محَنٍ * وَيَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ الجَدْبِ بِالوَرَقِ

{يَاسِرٌ الحَمَدَاني 0 بِاسْتِثْنَاءِ المِصْرَاعِ الأَخِيرِ مِنَ الْبَيْتِ الثَّاني فَهُوَ لأَبي محْجَن}

لَعَلَّ يَدَ الأَيَّامِ تجْمَعُ بَيْنَنَا * وَتَرْحَمُ أَكْبَادًا تَكَادُ تَذُوبُ

ص: 126

{محَمَّدٌ الأَسْمَر}

] رَبِّ لَا تَذَرْني فَرْدَاً وَأَنْتَ خَيرُ الوَارِثِين [{الأَنْبِيَاء/89}

تَقَبَّلْ مِنيِّ دَعَوَاتي، وَحَقِّقْ لي أُمْنِيَّاتي، وَخَلِّصْني مِنَ الهُمُومِ الَّتي مَرَّرَتْ عَلَيَّ حَيَاتي 00

اللَّهُمَّ يَا جَامِعَ النَّاسِ إِلى يَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيه؛ اجْمَعْ بَيْني وَبَينَ ضَالَّتي 00

حَيَاةُ العُزَّاب: أَصْبَحَتْ في عَذَاب؛ فَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ زَوْجَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّاب، وَأَنْتَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِير، وَبحَالِ الشَّبَابِ بَصِير، وَأَنْتَ نِعْمَ المَوْلى وَنِعْمَ النَّصِير 0

ص: 127

عَاقِبَةُ الصَّبرِ الجَمِيل

وَلَمْ أَزَلْ عَلَى تِلْكَ الحَالِ حَتىَّ عَثَرْتُ في بَعْضِ قُرَى الفَيُّومِ عَلَى فَتَاةٍ طَيِّبَةٍ مِن أَصْلٍ طَيِّب، بَيْضَاءَ مِن غَيرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى، كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيّ 00!!

قَدْ حَارَ فِكْرِي وَشِعْرِي فِيكِ يَا أَمَلِي * مِن أَيِّ جَوْهَرَةٍ قَدْ صَاغَكِ اللَّهُاهُ

سُبْحَانَ مَنْ نَظَمَ الدُّنيَا وَجَمَّلَهَا * بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ في عَيْنَيْكِ مَعْنَاهُ

{إِيلِيَّا أَبُو مَاضِي أَوْ محَمَّدٌ الأَسْمَر}

ص: 128

وَبَلَغَ مِنْ سَعَادَتي بِهَا أَنْ كَتَبْتُ هَذِهِ الْقِطْعَةَ الزَّجَلِيَّةَ عَلَى لحْن: " يَلَّلَا نْقَضِّي أَجَازَة سَعِيدَة "

وَ " خَلِيلٌ " المَذْكُورَةُ فيهَا: هِيَ اسْمُ البَلْدَةِ الَّتي مِنهَا تِلْكَ الفَتَاة، وَالعَمُّ عَبْد الرّحِيم وَامْرَأَتُهُ المَذْكُورَانِ همَا اللَّذَانِ سَعَيَا لي في هَذِهِ الزِّيجَةِ الَّتي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ تَكُونَ مُبَارَكَة 0

ص: 129

أَمَّا عَطِيَّةُ فَهْوَ فَتىً نَزَلْتُ البَلْدَةَ فَلَمْ أَجِدْ لِلنَّاسِ حَدِيثَاً إِلَاّ عَنهُ وَعَنْ قِصَّةِ زَوَاجِه، فَسَأَلتُهُمْ عَن أَمْرِهِ فَقَالُواْ: لَقَدْ تَبَلَتْ عَقْلَهُ فَتَاةٌ لَطِيفَةٌ بِشَعْرِهَا الطَّوِيل، وَخَصْرِهَا النَّحِيل؛ حَتىَّ تَزَوَّجَهَا، وَكَانَ يحِبُّهَا حُبَّاً جَمَّا؛ لِدَرَجَةِ أَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ تَقُولُ لَهُ أَيْقِظْ زَوْجَتَكَ حَتىَّ تُسَاعِدَني في حَلْبِ البَهَائِمِ وَالاِعْتِنَاءِ بهَا فَيَقُول: " أَنَا امْرَأَتي لَا تَسْتَيْقِظُ قَبْلَ الحَادِيَةَ عَشْرة، أَتُرِيدِينَ لهَذِهِ اليَدِ البَيْضَاءِ

ص: 130

أَنْ تحْمِلَ القَاذُورَات " 00؟!

فَلَمَّا أَن عَوَّدَهَا مِنهُ ذَلِكَ تَمَرَّدَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِك؛ فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ الطَّبِيعِيَّةُ أَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا!!

" عَرُوسِتْنَا قَمَرْ مِلَالي * وِمِترَبِّيَّة عَالغَالي "

" شُوفْتَهَا وِاتْغَيرْ حَالي * وِجَرَالي اللِّي جَرَالي "

" غَاليَة عَلَيَّا غَاليَة عَلَيَّا * وَاغْلَى عَنْدِي مِن عِنَيَّا "

" دَانَا لَفِّيتِ الدُّنيَا دِيَّة * مَا لْقِيتْشِي زَيِّكْ يَا صَبِيَّة "

" جَمِيلَة وْأَمُّورَة وْحِلوَة * وَتِسْتَاهِلْ مِلْيُون غِنوَة "

ص: 131

" زَيِّ اخْوَاتْهَا نجْوَى وْنَشْوَى * وِأَجْمَلْ مِنهُمْ شِوَيَّة "

" جِسْمِ مِتقَسِّمْ تَقسِيمْ * وِالرُّوحْ أَحْلَى مْنِ النَّسِيمْ "

" وِالعُيُونْ زَيِّ البرْسِيمْ * بَايِنْ فِيهَا سَلَامْةِ النِّيَّة "

" طَيِّبَة وْقَنُوعَة جِدَّاً * وَبَاحِبَّهَا جِدَّاً جِدَّاً "

" وِأَصِيلَة أَبَّاً عَنْ جِدَّاً * رَبِّنَا يخَلِّيهَا لِيَّا "

" كُلَّهَا رِقَّة وْإِحْسَاسْ * وِبِتْحِبِّ تْسَاعِدِ النَّاسْ "

" وِشَايْلَاني فُوقِ الرَّاسْ * رَبِّنَا يُسْترْ عَلَيَّا "

" يَا أَبْيَضْ يَا أَبْيَضَاني * كُلِّ أَوْصَافَكْ عَجْبَاني "

ص: 132

" نَسِّيتْني هُمُومِي وْأَحْزَاني * وِالمَتَاعِبْ وِالأَسِيَّة "

" دَا انَا مْشِيتْ مِشْوَارْ طَوِيلْ * أَدَوَّرْ عَلَى بِيتْ أَصِيلْ "

" جِيتْ وَحَطِّيتْ في خَلِيلْ * مَرَاكْبي وِمَرَاسِيَّا "

" وِانْسِي شْوَيَّة يَا جَمِيلَة * إِنِّي عَرِيسِكِ اللِّيلَة "

" وِاعْتبرِيني وَاحِدْ مِالعِيلَة * هَيْقُولْ لِكِ الْكِلمَة الجَايَّة "

" جُوزِكِ ان قَدِّمْلِكْ لُقْمَة * كُلِيهَا وِارْضِي بِالقِسْمَة "

" مِشْ لَازِمْ كُلِّ يُومْ لحْمَة * مَالُه الفُولْ مَالْهَا الطَّعَمِيَّة "

ص: 133

" وِعَشَانْ رَبِّنَا يْبَارِكْ * صُوني أَسْرَارُه وْأَسْرَارِكْ "

" لَا تِشْكِي لجَارْتِكْ وَلَا جَارِكْ * أَحْوَالْكُمُ العَائِلِيَّة "

" عَلَى قَدِّ مَا تِقْدَرِي حِبِّيهْ * وِاوْعِي فْيُومْ تِزَعَّلِيهْ "

" أَوْ تِتْنَمْرَدِي عَلِيهْ * لَاحْسَن يِعْمِلْ زَيِّ عَطِيَّة "

" وِآخِرْ حَاجَة هَاقُولْهَالِكْ * خَلِّيهَا دَايْمَاً في بَالِكْ "

" أَوِّلْ مَا اللَّهْ يْعَدِّلْهَالِكْ * صَلِّي وْصُومِي يَا صَبِيَّة "

" أَنَا مِشْ غَاوِي غَنَاوِي * وَلَا بَاقْعُدْ عَالقَهَاوِي "

" دَا أَنَا شَاعِرْ وِهَاوِي * وِالكِتَابَة عَنْدِي غِيَّة "

ص: 134

" بَادْعُوكْ يَا رَبِّ الأَرْبَابْ * تُرْزُقْ زَيِّي كِدَة الشَّبَابْ "

" دَه حَيَاةِ العُزَّابْ عَذَابْ * وِجَرَّبْنَا العُزُوبِيَّة "

" وِشُكْرَاً لِلْمَعَازِيمْ * وِلعَمِّ عَبْدِ الرِّحِيمْ "

" الرَّجِلِ الشَّهْمِ الكَرِيمْ * وِامْرَاتُه السِّتِّ بَدْرِيَّة "

وَهَكَذَا أَرَادَ اللهُ إِسْعَادَنَا، بَعْدَمَا أَحْرَقَ الحُزْنُ أَكْبَادَنَا 00!!

فَقَرَّتْ عُيُونٌ كَانَ أَسْخَنَهَا البُكَا * وَسُرَّتْ قُلُوبٌ كَانَ أَضْنى بِهَا الحُزْنُ

{ابْنُ زَيْدُون بِتَصَرُّف}

إِلى رَبْوَةِ البِشْرِ يَا يَاسِرُ * فَقَدْ ضَاقَ بِالوِحْدَةِ الشَّاعِرُ

ص: 135

دَعِ الشِّعْرَ يَذْكُرُ فَضْلَ الزَّوَاجِ * وَيَكْشِفُ عَنْ سِرِّهِ الخَاطِرُ

فَتَغْبِطُنَا في السَّمَاءِ النُّجُومُ * وَيحْسُدُنَا القَمَرُ السَّاهِرُ

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

يَا حَبَّذَا الأَمْسُ في ظِلَالِ الكُرُومْ وَنَشْوَةِ السَّمَرْ

إِذْ نَامَتِ الشَّمْسُ وَقَامَتِ النُّجُومْ تُغَازِلُ القَمَرْ

لَا زِلْتُ أَبحَثُ في المَدَائِنِ وَالقُرَى * حَتىَّ رَمَتْني الغَادَةُ الحَسْنَاءُ

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

وَفَاضَتْ عَلَى ثَغْرِ الحَزِينِ ابْتِسَامَةٌ * تَقُولُ بِأَنَّ الحُزْنَ لَيْسَ بِدَائِمِ

ص: 136

وَأُطْلِقَتِ البَسَمَاتُ بَعْدَ احْتِبَاسِهَا * فَأَسْمَعَتِ الأَكْوَانَ سَجْعَ الحَمَائِمِ

فَلَمْ يَبْقَ فِينَا بَاسِمٌ غَيرَ دَامِعٍ * وَلَمْ يَبْقَ فِينَا دَامِعٌ غَيرَ بَاسِمِ

الآنَ أَلْفَتِ الخَيْلُ فُرْسَانَهَا 00

قَدْ عِشْتُ في الدُّنيَا بِقَلْبٍ يَابِسٍ * حَتىَّ لَقِيتُ أَحِبَّتي فَاخْضَوْضَرَا

{إِيلِيَّا أَبُو مَاضِي}

اليَوْمَ تَمَّ لَنَا الَّذِي لَوْ لَمْ يَكُنْ * قَدْ تَمَّ مَا ذَاعَتْ لَنَا أَشْعَارُ

أَنَا لَا أَقُولُ لَقَدْ ظَفِرْتُ بِدُرَّةٍ * إِنَّ الجَوَاهِرَ كُلَّهَا أَحْجَارُ

ص: 137

{الْبَيْتُ الأَوَّلُ لِلشَّاعِر / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي، وَأَمَّا الآخَر: فَأَظُنُّهُ لِشَوْقِي}

عِنْدَئِذٍ فَقَطْ:

أَحْسَسْتُ بِالرَّاحَةِ الكُبرَى كَأَنِّيَ قَدْ * أَلْقَيْتُ في الْبَحْرِ عَنيِّ كُلَّ آثَامِي

{الشَّاعِرُ القَرَوِي / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}

فَلكَمْ سَهِرْتُ لَيَالِيًا وَلَيَالِيًا * حَتىَّ رَأَيْتُكِ يَا هِلَالَ زَمَاني

وَلَوْلَا رَحْمَةُ الْغَفَّار، وَلُطْفُ مُقَدِّرِ الأَقْدَار؛ لَمَا صَارَ لهَذَا الصُّعْلُوكِ زَوْجَةٌ وَلَا دَار 00!!

ص: 138

فَالحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين؛ الَّذِي وَبِرَغْمِ سُنَنِهِ في ابْتِلَاءِ الدُّعَاةِ وَالمُصْلِحِين؛ فَإِنَّهُ يَغْمُرُنَا بجُودِهِ بَينَ الحِينِ وَالحِين 0

اللَّهُمَّ كَمَا قَرَّتْ بهَا عَيْني فَأَقِرَّ بي عَيْنَهَا، وَكَمَا أَسْعَدَتْني فَأَعِنيِّ عَلَى إِسْعَادِهَا 00!!

بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 139

فُرَاتٌ وَمَاءٌ سَلْسَبِيل؛ أَمْ رُفَاتٌ وَدِمَاءٌ تَسِيل 00؟!

=============================

لَقَدْ تحَوَّل الفُرَات؛ إِلى مَقْبَرَةٍ لِلرُّفَات، وَصَارَ مَاؤُهُ السَّلْسَبِيل؛ دِمَاءً تَسِيل 00

كُلُّنَا يَعْرِفُ أَنَّ أَمْرِيكَا هِيَ الَّتي ضَلَّلَتِ العِرَاقَ وَشَجَّعَتْهَا عَلَى غَزْوِ الكُوَيْت، وَغَرَّرَتْ بِالعِرَاقِيِّينَ وَأَخَذَتْ تُمْلِي لَهُمْ: فَاسْتَغَلَّتِ الحِرْبَاءُ النِّزَاعَ الدَّائِرَ بَينَ الكُوَيْتِ وَالعِرَاق، عَلَى حَقْلٍ مِن حُقُولِ البِتْرُول، وَقَامَتْ بِدَوْرِ دِمْنَةَ ذِي الوَجْهَينِ بَينَ الثَّوْرِ وَالأَسَد؛ فَذَهَبَتْ لِلْكُوَيْتِ وَقَالَتْ لَهَا:

ص: 140

إِنَّ هَذَا الحَقْلَ مِن حَقِّكَ وَلَيْسَ لِلعِرَاقِ فِيهِ مِنْ قِطْمِير، وَذَهَبَتْ لِلْعِرَاقِ وَقَالَتْ لهَا: إِنَّ الكُوَيْت، تَقُولُ عَنْكِ كَيْتْ وَكَيْت، أَنْتِ الَّتي دَفَعْتِ عَنهَا خَطَرَ الإِيرَانِيِّين، في حَرْبٍ ذُقْتِ وَيْلَاتهَا بِضْعَ سِنِين، وَقَاسَمَتْهُمَا بِاللهِ أَنَّهَا لَهُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين، وَغَمَزَتِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَتْ لهُمْ: إِنَّا مَعَكُمْ، وَهِيَ أَكْذَبُ مِنْ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّاب، وَأَغْدَرُ مِن عُرْقُوب ـ وَقَالَتْ لِصَدَّام: سَنُهَدِّدُكَ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْنَا، سَنَتَوَعَّدُكَ فَلَا تخَفْ مِنَّا، فَصَدَّقَهَا صَدَّام، جَاهِلاً بمَا أَزْمَعَ عَلَيْهِ اللِّئَام، وَمَا تخْفِيهِ لَهُ الأَيَّام، وَلِلأَسَف: فَسَلَامَةُ الضَّمِير، بَلَاءٌ كَبِير، في زَمَنِ الشَّيَاطِينِ وَالخَنَازِير،

ص: 141

وَالمَكْرُ وَالخَدِيعَةُ هُمَا سَبِيلُ المجْدِ وَالرِّيَاسَة، في عَالَمِ السِّيَاسَة 00

وَهَكَذَا: خَدَعُوهُ الأَوْغَاد؛ لِيَفْتِكُواْ بِبَغْدَاد، حَتىَّ إِذَا مَا أَزِفَتِ الآزِفَة، الَّتي لَيْسَ لهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَة؛ قَالَتْ لَهُ:

" أُمُّكَ في العُشِّ أَمْ طَارَتْ " 00؟

أَيْ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مَا تُوعَدُون؛ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْن، وَرَكِبَتْ خَيْلَهَا وَخُيَلَاءهَا وَجَاسَتْ خِلَالَ الدِّيَار 00!!

ص: 142

هَذِهِ هِيَ أَمِرِيكَا الَّتي كَانَتْ تُرِيدُ إِنْقَاذَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ ظُلْمِ صَدَّام؛ سُرْعَانَ مَا تَكَشَّفَ الأَمْرُ وَانجَابَ الظَّلَام، وَعَرَفَ الجَمِيعُ أَنَّ جَنَّةَ أَمْرِيكَا أَهْوَنُ مِنهَا نَارُ صَدَّام، لِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّ الأَمْرِيكَان، هُمْ تَتَارُ آخِرِ الزَّمَان 00

وَيُذَكِّرُني اسْتِنْجَادُ الكُوَيْتِ بِأَمْرِيكَا ـ وَالَّذِي كَانَ مِسْمَارَ جُحَا؛ لِدُخُولِ قُوَّاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ في أَرَاضِينَا الْعَرَبِيَّة ـ ذَكَّرَني اسْتِنْجَادُهَا بِهَذَا الْغُول؛ بِأُسْطُورَةٍ تَقُول:

ص: 143

الكَبْشُ شَقَّ العَصَا يَوْمَاً عَلَى الرَّاعِي * وَقَالَ لِلشَّاءِ أَنْتُمْ بَعْضُ أَتْبَاعِي

حَتىَّ أَحَسَّ عَصَا الرَّاعِي تُؤَدِّبُهُ * كَمَا يُؤَدَّبُ عَبْدٌ غَيرُ مِطْوَاعِ

فَلَاذَ بِالذِّئْبِ يَدْعُوهُ لِنَجْدَتِهِ * وَمَنْ سِوَاهُ يُلَبيِّ دَعْوَةَ الدَّاعِي

تَنَاوَلَ الذِّئْبُ قَرْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ * أَقْبِلْ عَلَى الرَّحْبِ يَا رِيمَاً عَلَى القَاعِ

ص: 144

وَسَخَّرَ الكَبْشَ في صَيْدِ الشِّيَاهِ لَهُ * فَجَدَّ في السَّعْيِ خَابَ السَّعْيُ وَالسَّاعِي

وَظَلَّ يَرْتَعُ حِينَاً تحْتَ رَايَتِهِ * وَيَأْكُلُ الحَبَّ بِالقِنْطَارِ لَا الصَّاعِ

حَتىَّ إِذَا الصَّيْدُ أَعْيى الكَبْشَ مَزَّقَهُ * بِمِخْلَبٍ مِثْلِ حَدِّ السَّيْفِ قَطَّاعِ

فَلَا القَطِيعُ بَكَاهُ يَوْمَ مَصْرَعِهِ * وَلَا الذِّئَابُ نَعَاهُ مِنهُمُ نَاعِ

وَهَكَذَا رَاحَ ذُو القَرْنَينِ مَوْعِظَةً * لِكُلِّ صَاحِبِ عَقْلٍ سَامِعٍ وَاعِ

ص: 145

وَلِذَا أَقُولُ لِكُلِّ مَنِ اسْتَنْجَدَ بِالأَمْرِيكَانِ عَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ المُسْلِمِين:

قُلْ لي بِرَبِّكَ هَلْ أَخَذْتَ مِنَ الْغَرِيبِ سِوَى المحَن

وَفَرَاغِ جَيْبِكَ وَالْيَدَيْنِ وَقَتْلِ رُوحِكَ وَالْبَدَن

كَانَتْ تُدِرُّ الشَّهْدَ أَرْضُكَ وَالسُّلَافَةَ وَاللَّبَن

فَغَدَا الْوُقُوفُ عَلَى بِلَادِكَ كَالْوُقُوفِ عَلَى الدِّمَن

وَالسُّلَافَةَ هِيَ خُلَاصَةُ الْعُصَارَةِ وَالرَّحِيق، وَقِيلَ هِيَ أَوَّلُ مَا يَكُونُ مِنهُ 0 {لِسَانُ الْعَرَب}

ص: 146

هَذَا 00 فَضْلاً عَلَى أَنَّ الَاسْتِعَانَةَ عَلَى المُشْرِكِينَ بِالمُشْرِكِينَ في القِتَالِ لَا يجُوز، مَهْمَا كَانَتِ المُلَابَسَاتُ وَقُوَّةُ المُعْتَدِي؛ فَكَيْفَ بِمَنِ اسْتَعَانَ بِالمُشْرِكِينَ عَلَى ضَرْبِ المُسْلِمِين 00؟!

ص: 147

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ بَدْر، فَلَمَّا كَانَ بحَرَّةِ الوَبَرَةِ ـ أَيْ مَوْضِعٍ أَقْصَى المَدِينَة ـ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنجْدَة؛ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَك 00؟

قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِه " 00؟

ص: 148

قَالَ لَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَارْجِعْ، فَلَن أَسْتَعِينَ بمُشْرِك " 00 ثمَّ مَضَى، حَتىَّ إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُل، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّة، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّة:

" فَارْجِعْ، فَلَن أَسْتَعِينَ بمُشْرِك " 00 ثمَّ رَجَع، فَأَدْرَكَهُ بِالبَيْدَاء، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّة:" تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِه " 00؟

قَالَ نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" فَانْطَلِقْ " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1817 / عَبْد البَاقِي]

ص: 149

وَبَعْد

مِمَّا لَا شَكَّ فِيِهِ أَنَّ العِرَاقَ أَخْطَأَ حِينَ هَاجَمَ الكُوَيْت، وَغَرَّرَ بِشَعْبِهِ وَأَوْرَدَهُمُ المَهَالِك؛ وَذَلِكَ بِوُقُوعِهِ في ذَلِكَ الشَّرَكِ الَّذِي نُصِبَ لَه، وَلَكِنَّهُ في نَفْسِ الوَقْتِ مجْنيٌّ عَلَيْه، فَلَوْ كَانَ صَدَّامٌ يَدْرِي بِمَا سَتَجْرِي بِهِ الأَحْدَاث؛ لَمَا أَقْدَمَ عَلَى غَزْوِ الكُوَيْت، وَلَكِنَّ الأُمُورَ تجْرِي بِمَقَادِير، وَالإِنْسَانُ عَلَى خُطَاهَا يَسِير، وَحَتىَّ إِنْ كَانَ قَدْ أَخْطَأَ بِعَدَمِ التَّرَوِّي؛ فَإِنَّ الخَطَأَ لَا يُعَالجُ بِالخَطَأ: فَهَذَا لَا يُعْطِينَا الحَقَّ في أَنْ نَقِفَ مَكْتُوفي الأَيْدِي،

ص: 150

وَنحْنُ نَرَاهُ غَارِقَاً في دِمَائِه، وَالأُخُوَّةُ تَقْتَضِي مِنَّا الوُقُوفَ بجَانِبِهِ وَمُسَاعَدَتَهُ حَتىَّ يَتَمَاثَلَ لِلشِّفَاء 00

أَمَّا أَطْفَالُ الْعِرَاق: فَلَا قِبَلَ لَهُمْ بهَذَا الهُجُومِ الشَّرِس، مِنَ الْفَكِّ المُفْتَرِس 00

ضَاعَتِ الفُلْكُ وَهْيَ لَمْ تَجْنِ ذَنْبَاً * في اشْتِبَاكِ الرِّيَاحِ بِالأَمْوَاجِ

*********

كَمْ شَرَّدَتْ سَنَوَاتُ الحَرْبِ أَطْفَالَا * وَكَمْ طَوَتْ قَبْلَ هَذَا الجِيلِ أَجْيَالَا

ص: 151

بَغْدَادُ يَا بَلَدَ الرَّشِيدْ * وَمَنَارَةَ المجْدِ التَّلِيدْ

يَا بَسْمَةً لَمَّا تَزَلْ * زَهْرَاءَ في ثَغْرِ الخُلُودْ

يَا مَوْطِنَ الحُبِّ القَدِ * يمِ وَمَضْرِبَ المَثَلِ الشَّرُودْ

يَا سَطْرَ مجْدٍ لِلعُرُو * بَةِ خُطَّ في لَوْحِ الوُجُودْ

لَيْتَ شِعْرِي؛ أَيْنَ ذَلِكَ الشَّاعِرُ الفَصِيحُ الَّذِي قَالَ في محْنَةِ الخَلِيج:

وَعَلَى الخَلِيجِ تَمَزَّقَتْ أَوْصَالُنَا * عَادَ التَّتَارُ تَقُودُهُمْ بَغْدَادُ

بَغْدَادُ تَفْتِكُ بِالكُوَيْتِ فَخُورَةً * صَدَّامُ يَفْخَرُ أَنَّهُ الجَلَاّدُ

وَالنَّارُ تَأْكُلُ خَيرَهُمْ وَخِيَارَهُمْ * ضُرِبَ الشُّيُوخُ وَيُتِّمَ الأَوْلَادُ

ص: 152

أَيْنَ هُوَ الآنَ لِيرَى بَغْدَادَ وَأَبْنَاءهَا الَّذِينَ يُعَانُونَ مِنْ نَقْصِ الأَغْذِيَةِ وَالأَدْوِيَة، وَالطَّوَاعِينُ وَالأَمْرَاضُ تَقِفُ لَهُمْ بِالمِرْصَاد، أَلَا رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكِ يَا بَغْدَاد 00

وَغَزْوُ بَلَدٍ مُسْلِمٍ مِنْ بَلَدٍ مُسْلِم؛ مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتي أَخْبرَ عَنهَا الصَّادِقُ المَصْدُوقُ صلى الله عليه وسلم:

ص: 153

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثَاً، فَأَعْطَاني ثِنْتَينِ وَمَنَعَني وَاحِدَة: سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتي بِالغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2890 / عَبْد البَاقِي]

ص: 154

عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِنَّ اللهَ زَوَى لي الأَرْض؛ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبهَا، وَإِنَّ أُمَّتي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَض، وَإِنيِّ سَأَلْتُ رَبيِّ لأُمَّتي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّة، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ؛ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَال: يَا محَمَّد، إِني إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدّ، وَإِنيِّ أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّة، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ؛ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا، أَوْ مَنْ بَينَ أَقْطَارِهَا، حَتىَّ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضَاً، وَيَسْبي بَعْضُهُمْ بَعْضَاً " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2889 / عَبْد البَاقِي]

ص: 155

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ مَرْحُومَة؛ عَذَابُهَا بِأَيْدِيهَا " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في (سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ) بِرَقْم: 4292]

أَيْنَ صَدَّامٌ الَّذِي كَانَ يَقُولُ سَأَفْعَلُ بِأَمْرِيكَا وَأَفْعَل 00؟!

مُلُوكٌ ظَنَنَّاهُمْ صُقُورَاً وَعِنْدَمَا * غُزِينَا وَجَدْنَا صَاحِبَ التَّاجِ هُدْهُدَا

*********

حَسِبْنَاهُمْ إِذَا اعْتَرَكُواْ أُسُودَا * فَكَانُواْ في اعْتِرَكِهِمُ دُيُوكَا

ص: 156

إِنَّ العِرَاقَ بَغَى عَلَى الكُوَيْت، وَأَمْرِيكَا بَغَتْ عَلَى العِرَاق، وَهَكَذَا يُسَلِّطُ اللهُ الظَّالمِينَ عَلَى الظَّالمِين، وَلِذَا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يخْرُجِ العِرَاقُ مِنَ الكُوَيْتِ إِلَاّ بِالقُوَّة؛ فَلَنْ تخْرُجَ أَمْرِيكَا مِنَ الْعِرَاقِ إِلَاّ بِالقُوَّة 0

حَقَّاً: الضَّعِيفُ لَيْسَ لَهُ مَكَان، في هَذَا الزَّمَان؛ مَا دَامَتْ أَمْرِيكَا كَالحُوتِ الظَّمْآن 0

ص: 157

غُولٌ تَصُولُ تُرِيدُ مَنْ تَغْتَالُهُ

فَلَيْسَ وَرَاءهَا غَيرُ التَّجَنيِّ * وَلَيْسَ أَمَامَنَا غَيرُ الدُّعَاءِ

وَانْفِجَارُ سَفَارَتيْ أَمْرِيكَا بِكِينيَا وَتَنزَانيَا، وَبِعَدَدٍ مِنَ الدُّوَل؛ يُؤَكِّدُ كَرَاهِيَةَ العَرَبِ وَغَيرِ العَرَبِ لأَمْرِيكَا 00

كُلُّ الصُّدُورِ تَغْلِي * عَلَيْهِمْ غَلَيَانَا

عَلَواْ فَتَعَالَواْ، وَكَبرُواْ فَتَكَبَّرُواْ، وَعَزُّواْ فَأَذَلُّواْ، لَا يُرِيدُونَ بِأَيَّةِ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ أَنْ تَقُومَ لِلعَرَبِ قَائِمَة؛ فَبَعْدَمَا يَصْنَعُونَ هُمُ السِّلَاحَ النَّوَوِيّ؛ يَطْلُبُونَ مِنَّا نحْنُ التَّوْقِيعَ عَلَى مُعَاهَدَةِ حَظْرِ الأَسْلِحَة، وَهُمْ أَوَائِلُ دُوَلِ العَالَمِ في سِبَاقِ التَّسَلُّح 00!!

ص: 158

وَكُلُّنَا يَعْرِفُ كَيْفَ اغْتَالَ أُوْلَئِكَ الجُبَنَاءُ يحْيى المَشَدّ، وَسَمِيرَة مُوسَى، وَمُصْطَفَى مُشَرَّفَة، وَغَيرَهُمْ وَغَيرَهُمْ؛ وَمِن هُنَا بَادَرَتْ كُلٌّ مِنَ الهِنْدِ وَبَاكِسْتَانَ بِتَجَارِبهِمَا النَّوَوِيَّة، قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُمَا الغَرَقُ فَيَقُولَا: أَلَا لَيْتَنَا أُكِلْنَا يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَض 00

هَذَا هُوَ الغَرْب، وَهَكَذَا فَكَّرَ وَقَدَّر 00!!

ص: 159

إِذَا رَأَيْتَ ثَنَايَا الذِّئْبِ بَادِيَةً * فَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ الذِّئْبَ يَبْتَسِمُ

فَمِلَّةُ الكُفْرِ وَاحِدَة، إِنْ كَانَتْ أُورُوبَّا أَوْ أَمْرِيكَا 00

ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْض، وَكَأَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُواْ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَة؛ وَلِذَا يُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِمْ بَينَ الحِينِ وَالحِين؛ أَعَاصِيرَ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا 0

{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم} {الذَّارِيَات/42}

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبَاً مِنْ دَارِهِمْ} {الرَّعْد/31}

طَغَواْ وَبَغَواْ، وَقَالُواْ مَن أَشَدُّ مِنَّا قُوَّة 00!!

ص: 160

لَا تَغْتَرِّي يَا أَمْرِيكَا * بِعُلَاكِ لَا تَغْتَرِّي

فَالْقِمَامَةُ دائِمَاً * تَطْفُو فَوْقَ سَطْحِ البَحْرِ

*********

رَبَّ رِزْقٍ يُصِيبُهُ الجُرَذُ الْيَقْ * ْظَانُ مِنْ شِدْقِ ضَيْغَمٍ مُتَثَائِبْ

*********

أَتُسَيْطِرُونَ عَلَى شُعُوبٍ حُرَّةٍ * وَعَلَيْكُمُ شَعْبُ اليَهُودِ تَسَيْطَرَا

لَيْسَتْ لإِبْرَاهِيمَ نِسْبَتُهُمْ وَلَا * لِبَنِيهِ لَكِنْ يُنْسَبُونَ لآزَرَا

لَوْ تَسْأَلُونَ أَبَا البَرَايَا آدَماً * هَلْ مِنْ سُلَالَتِكَ اليَهُودُ لأَنْكَرَا

ص: 161

أَجْرَواْ مَرَاكِبَهُمْ مَشْحُونَةً قَذَرَاً * وَأَفْرَغُوهَا يَهُودَاً في فِلَسْطِينَا

صَبرٌ جَمِيل؛ فَهَذِهِ سُنَّةُ اللهِ في الكَوْن: فَلَيْسَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الحَجَرِ إِلَاّ السُّقُوط، وَلَيْسَ بَعْدَ الإِقْلَاعِ إِلَاّ الهُبُوط، وَلَيْسَ بَعْدَ اكْتِمَالِ البَدْرِ إِلَاّ الهِلَال؛ وَلِذَا فَطِنَ إِلى هَذِهِ الفِكْرَةِ هَذَا الشَّاعِرُ فَقَال:

وَإِذَا غَلَا شَيْءٌ عَلَيَّ تَرَكْتُهُ * فَيَكُونُ أَرْخَصَ مَا يَكُونُ إِذَا غَلَا

وَفي الذِّكْرِ الحَكِيم: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفَاً وَشَيْبَةً يخْلُقُ مَا يَشَاءوَهُوَ العَلِيمُ القَدِير} {الرُّوم/54}

ص: 162

أَتحْمِينَ الضِّعَافَ وَكُنْتِ قِدْمَاً * بِأَضْعَفِ أُمَّةٍ تَسْتَنْجِدِينَا

وَالعَجِيبُ أَنْ تُلَقَّبَ بِرَاعِيَةِ السَّلَام:

وَرَاعِي الشَّاةَ يحْمِي الذِّئْبَ عَنهَا * فَكَيْفَ لَوِ الذِّئَابُ هُمْ الرُّعَاةُ

ص: 163

أَلَمْ يَأْنِ لَكَ الفِرَاق؛ يَا بُوشُ عَنِ العِرَاق؟! أَلَمْ يَكْفِكُمْ مَا سَفَكْتُمْ مِنَ الدِّمَاءِ يَا هَؤُلَاء 00؟!

فَالذِّئْبُ يَتْرُكُ شَيْئَاً مِنْ فَرِيسَتِهِ * لِلْجَائِعِينَ وَأَهْلِ الأَرْضِ إِنْ شَبِعَا

يَا بُوشُ أَقْصِرْ سَوْفَ تَلْبِسُ تَاجَ قَيْصَرَ في الظَّلَامْ

وَلىَّ زَمَانُ القَيْصَرِيَّةِ وَالأَكَاسِرَةِ العِظَامْ

رُحْمَاكَ هَلْ شَكَتِ العِرَاقُ إِلَيْك مِنْ فَرْطِ الزِّحَامْ

سَفَهَاً تحَدَّيْتَ الأَنَامَ فَكُنْتَ سُخْرِيَةَ الأَنَامْ

عَجَبي عَلَى بَاغٍ يَقُولُ لِمَنْ بَغَى هَذَا حَرَامْ

ص: 164

قُلْ لِلأُلى بَدَأُواْ بِدَايَةَ هِتْلَرَا * سَتُجَرَّعُونَ غَداً نِهَايَةَ هِتْلَرَا

إِنَّا تَرَكْنَا الخَصْمَ يَضْحَكُ أَوَّلاً * حَتىَّ نَرَاهُ وَهُوَ يَبْكِي آخِرَا

*********

الحَقُّ مِنْكَ وَمِنْ جُنُودِكَ أَكْبَرُ * فَاحْسِبْ حِسَابَكَ أَيُّهَا المُتَجَبِّرُ

فَلَقَدْ نَفُوزُ وَنحْنُ أَضْعَفُ أُمَّةٍ * وَتَئُوبُ مَغْلُوبَاً وَأَنْتَ الأَقْدَرُ

فَلَكَمْ نجَا مُتَوَاضِعٌ بِسُكُوتِهِ * وَكَبَا بِفَضْلِ رِدَائِهِ المُتَكَبِّرُ

ص: 165

يُذَكِّرُني وَاللهِ تَوَسُّلُ الْعَرَبِ وَالمُسْلِمِين؛ إِلى هَؤُلَاءِ الظَّالِمِين؛ بِقَصِيدَةِ البَاشِقِ وَالعُصْفُورِ، الَّتي قَالَهَا الشَّاعِرُ الْعَبْقَرِيُّ سَلِيمٌ الخُورِي؛ في صُورَةِ حِوَارٍ بَينَ الْقَوِيِّ المُسْتَبِدِّ وَالضَّعِيفِ المَقْهُورِ:

العُصْفُورُ وَقَدْ وَقَعَ بَينَ مخَالِبِ الْبَاشِق ـ أَيِ الصَّقْر:

يَا بَاشِقُ ارْحَمْني وَرِقَّ لحَالَتي * دَعْني لأَفْرَاخِي الصِّغَارِ أَطِيرُ

فَتُصَفِّقُ الأَوْرَاقُ عِنْدَ سَمَاعِهَا * صَوْتي وَيَهْتِفُ بِالخَرِيرِ غَدِيرُ

مَاذَا جَنَيْتُ وَإِنَّني يَا سَيِّدِي * طَيرٌ ضَعِيفٌ جُنحُهُ مَكْسُورُ

مَا في حَيَاتي لِلرُّبى ضَرَرٌ وَلَا * جَوْرٌ وَيَكْفِي أَنَّني عُصْفُورُ

مُتَنَقِّلٌ بَينَ الغُصُونِ كَأَنَّني * ظِلٌّ أَظَلُّ مَدَى النَّهَارِ أَدُورُ

ص: 166

إِنيِّ خَطِيبٌ وَالْغُصُونُ مَنَابِرِي * وَالسَّامِعُونَ جَدَاوِلٌ وَزُهُورُ

رَدَّ الْبَاشِقُ عَلَيْهِ قَائِلاً:

خَلِّ الْبُكَاءَ فَلَيْسَ دَمْعُكَ مُشْبِعَاً * جَوْفي وَنَارُ الجُوعِ فِيهِ سَعِيرُ

أَنَا إِنْ رَثِيتُ لأَنَّةٍ أَوْ زَفْرَةٍ * أَيَسُدُّ جُوعِيَ أَنَّةٌ وَزَفِيرُ

أَنْتَ الْكَبِيرُ عَلَى الْبَعُوضِ تَصِيدُهُ * وَأَنَا عَلَى هَذَا الْكَبِيرِ كَبِيرُ

فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا * أَوَلَسْتَ أَنْتَ عَلَى الضَّعِيفِ تجُورُ

وَاصْبرْ عَلَى حُكْمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا * كَأْسُ الْقَضَاءِ عَلَى الجَمِيعِ تَدُورُ

{فَصَبْرٌ جَمِيل} {يُوسُف/18}

ص: 167

كَمْ منْ مُلُوكٍ مَضَى رَيبُ المَنُون بهِمْ * قَدْ أَصبَحُواْ عِبَرَاً فِينَا وَأَمْثَالَا

أَمَّا جُنُودُ التَّحَالُف، فَحَسْبي أَنَّهُمْ جَعَلُواْ مِن أَنْفُسِهِمْ مِنْجَلاً، يحْصُدُ شَعْبَاً أَعْزَلاً:

لَا يُبْغِضُونَ عَدُوَّهُمْ أَوْ يَعْرِفُونَ عَلَامَ عُودِي

أَمَّا الشَّعْبُ العِرَاقِيُّ فَأَقَلُّ مَا نُقَدِّمُهُ لَهُ التَّبرُّعَات، واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا دَامَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيه، حَسْبُكَ أَنَّهُمْ:

ص: 168

يخَالُونَ الرَّغِيفَ كَقُرْصِ بَدْرٍ * وَأَمَّا اللَّحْمُ قَدْ أَمْسَى حَرَامَا

فَإِنْ وَجَدُواْ الرَّغِيفَ بِلَا هَوَانٍ * تُرَى هَلْ مِثْلُهُمْ يجِدُواْ الإِدَامَا

شِرَاءُ القُوتِ كَالْيَاقُوتِ يَغْلُو * لِذَا قَدْ أَصْبَحُواْ دَوْمَاً صِيَامَا

*********

يَا قَوْمِ إِنْ لَمْ تُسْعِفُواْ فُقَرَاءَكُمْ * فَلِمَ ادِّخَارُكُمُ إِذَنْ لِلْمَالِ

أَوَلَسْتُمُ أَبْنَاءَ مَنْ سَارَتْ بِهِمْ * في المَكْرُمَاتِ رَوَائِعُ الأَمْثَالِ

أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي فَتَحَ لِلْمِصْرِيِّينَ بِلَادَهُ، أَمْ أَنَّا لَيْسَ لَنَا صَاحِب، وَدَائِمَاً مَعَ الغَالِب 00!!

ص: 169

وَاللهِ مَا تجَرَّأَتْ أَمْرِيكَا عَلَى العِرَاقِ إِلَاّ وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّ الكُلَّ إِمَّا ضُعَفَاء، أَوْ جُبَنَاء، أَوْ عُمَلَاء 00!!

عَلَى أَيِّ شَيْءٍ نجَامِلُ أَمْرِيكَا عَلَى حِسَابِ العِرَاق، أَمْ أَنَّا تَعَوَّدْنَا أَنْ نُنَافِقَ حَتىَّ وَإِنْ لَمْ تَكُ لَنَا مَصْلَحَةٌ في النِّفَاق 00؟!

صَدَقَ فَضِيلَةُ الشَّيْخ / محَمَّد حَسَّان؛ عِنْدَمَا قَالَهَا كَلِمَةَ حَقٍّ مُدَوِّيَّة:

" المُشْكِلَةُ هِيَ أَنَّنَا أَصْبَحْنَا نَثِقُ في قُوَّةِ أَمْرِيكَا أَكْثَرَ مِمَّا نَثِقُ في قُوَّةِ الله "!!

{وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون} {يُوسُف/21}

ص: 170

وَسَيَظَلُّ شَعْبُ العِرَاقِ يَقُولُ لِلأَمْرِيكَان:

أَبَدَاً لَنْ تَخْنُقَ آمَالي * لَنْ تَبْقَى في وَطَني الغَالي

سَأُحَطِّمُ يَوْمَاً أَغْلَالي

فَعِرَاقِي مَا كَانَ صَبِيَّا * لِتَكُونَ عَلَى الأَرْضِ وَصِيَّا

وَتُكَبِّلُ بِالقَيْدِ يَدَيَّا

فَسَأَمْلأُ صَدْرَكَ بِالضِّيقِ * سَتَرَاني في كُلِّ طَرِيقِ

أَسْحَقُ مَن حَاوَلَ تَمْزِيقِي

بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني

،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،

،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،؛،

ص: 171