الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:
=========
تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لَا يَغْفَلُ وَلَا يَنَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمَاً وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يحْيى وَيمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يمُوت، يُسَبِّحُ بحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءً امِنَ الذّرَّاتِ وَحَتىَّ المجَرَّات!!
إِلهِي لَكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ * علَى نِعَمٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لهَا أَهْلَا
إِذَا زِدْتُّ عِصْيَانَاً تَزِدْني تَفَضُّلَا * كَأَنيَ بِالعِصْيَانِ أَسْتوْجِبُ الفَضْلَا
نُسِيءُ إِلَيْهِ وَيحْسِنُ إِلَيْنَا؛ فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ وَلَا نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا 00!!
اللهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا 00!!
أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا * في الكَوْنِ كُنْتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ
وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً * حَتىَّ أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني
وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنَاً * وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني
وَاللهِ لَوْ عَلِمُواْ بمَا كَسَبَتْ يَدِي * لأَبَى السَّلَامَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَاني
يَا رَبِّ سَاعِدْني عَلَى نَفْسِي بمَا * تَرْضَى وَسَاعِدْني عَلَى الشَّيْطَانِ
*
إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنْتَ رَغْمَ إِسَاءَ تي * إِلَيْكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكْرُ
فَمَنْ كانَ مُعْتَذِرَاً إِلَيْكَ بحُجَّةٍ * فَعُذْرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذْرُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ اللهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَا، وَدَاعِيَاً إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَا، اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا 00
أَنْتَ الَّذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلِقَاكَا
أَنْتَ الَّذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا
نَادَيْتَ أَشْجَارَاً أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا
وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى للهِ في يُمْنَاكَا
وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكْتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا
مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يجْمَعَ الكُتَّابُ مِنْ مَعْنَاكَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * مَا اشْتَاقَ مُشْتَاقٌ إِلىَ رُؤْيَاكَا
اللهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محَمَّدٍ عَدَدَ أَورَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقْتَ مِنَ البَشَر 00
ثمَّ أَمَّا بَعْد
وَالشِّعْرُ لَهُ طَرِيقَةٌ يُقْرَأُ وَيُحْفَظُ بِهَا، فَلَا يُقْرَأُ كَمَا تُقْرَأُ الصُّحُف، وَلَا يُوزَنُ بِالطَّرِيقَةِ الْعَقِيمَةِ المُتَّبَعَةِ في الجَامِعَات، وَلِذَا قُمْنَا بِإِعْدَادِ وَإِنْشَادِ هَذِهِ الْبَاقَةِ المُخْتَارَةِ بِعِنَايَةٍ مِن عُيُونِ الشِّعْرِ الْعَرَبيّ؛ لِيَكُونَ عَوْنَاً لمحِبيِّ الشِّعْرِ عَلَى تَذَوِّقِهِ وَحِفْظِه 0
عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6145 / فَتْح]
وَعَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رضي الله عنه قَال: " أَرْدَفَني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ شَيْء " 00؟
قُلْتُ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هِيهْ " 00 أَيْ أَسْمِعْني، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" هِيهْ " 00 ثمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" هِيهْ " 00 حَتىَّ أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْت " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2255 / عَبْد البَاقِي]
مَتى يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّ الفَتى * بِلَا أَدَبٍ صُورَةٌ مِن خَشَبْ
فَمَا هُوَ شِعْرٌ وَنَثْرٌ وَلَكِن * هُوَ الرُّوحُ لِلْجِسْمِ وَهْوَ العَصَبْ
يَقُولُ ابْنُ مَنْظُورٍ في لِسَانِ الْعَرَبِ عَنِ الأَدَب: " الأَدَب: الَّذِي يَتَأَدَّبُ بِهِ الأَدِيب؛ وَسُمِّيَ أَدَبَاً لأَنَّهُ يَأْدِبُ النَّاسَ إِلى المحَامِدِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المَقَابِح، وَالأَدَبُ هُوَ الظَّرْفُ وَحُسْنُ التَّنَاوُل "
[ابْنُ مَنْظُورٍ بِاخْتِصَارٍ في " لِسَانِ العَرَب " ص: 206/ 1]
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَكْرُمَاتِ أَصَابِعٌ * وَأَشْعَارُنَا في المَكْرُمَاتِ خَوَاتِمُ
وَلَوْلَا خِلَالٌ سَنَّهَا الشِّعْرُ مَا دَرَى * بُغَاةُ النَّدَى مِن أَيْنَ تُؤْتَى المَكَارِمُ
وَللهِ دَرُّ محْمُود غُنيم حَيْثُ قَال:
إِذَا لَمْ تَقُمْ لِلشِّعْرِ في الشَّعْبِ دَوْلَةٌ * تَيَقَّنْ بِأَنَّ الشَّعْبَ مَاتَتْ مَشَاعِرُه
وَمَا أَقْبَحَ مَا قَالَهُ الشُّعَرَاءُ فِيمَنْ لَا يَتَذَوَّقُونَ الشِّعْر:
بَهَائِمُ أَلْهَاهَا قَدِيمَاً شَعِيرُهَا * عَنِ الشِّعْرِ تَسْتَوْفي الغِذَاءَ وَتُرْكَبُ
أَلَمْ تَسْتَنْشِقْ نَسْمَةَ الصَّيْفِ البَارِدَةِ سَاعَةَ الفَجْرِ قَطّ 00؟
هِيَ أَنْفُسُ الشُّعَرَاءِ في غَسَقِ الدُّجَى تَتَنَفَّسُ
وَيَكْفِيكَ عَنْ فَضْلِ الشُّعَرَاءِ أَيْضَاً قَوْلُ ابْنِ حَيُّوس:
تَتَزَلْزَلُ الدُّنيَا إِذَا غَضِبُواْ فَإِنْ * بَلَغُواْ الرِّضَا أَمِنَتْ مِنَ الزِّلْزَالِ
*
وَاعْلَمْ بِأَنَّهُمُ إِذَا لَمْ يُنْصَفُواْ * حَكَمُواْ لأَنْفُسِهِمْ عَلَى الحُكَّامِ
وَجِنَايَةُ الجَاني عَلَيْهِمْ تَنْقَضِي * وَهِجَاؤُهُمْ يَبْقَى مَعَ الأَيَّامِ
*
فَلِلشُّعَرَاءِ أَلْسِنَةٌ حِدَادٌ * عَلَى الأَعْرَاضِ وَطْأَتُهَا ثَقِيلَة
وَمَنْ نَالَتْ صَوَاعِقُهُمْ حِمَاهُ * وَإِنْ كَذَبُواْ فَلَيْسَ لَهُنَّ حِيلَة
فَأَحْسِنْ رِفْدَهُمْ وَاكْسَبْ رِضَاهُمْ * وَعَامِلْهُمْ مُعَامَلَةً جَمِيلَة
*
يَقُولُونَ عَمَّن أَخَذْتَ الْقَرِيضَ * وَمِمَّنْ تَعَلَّمْتَ نَظْمَ الدُّرَرْ
وَأَيْنَ وَكَيْفَ دَرَسْتَ الْعَرُوضَا * وَشِعْرُكَ بَينَ البِلَادِ اشْتَهَرْ
وَمَا كُنْتَ يَوْمَاً بِصَاحِبِ شِعْرٍ * فَإِنَّا عَرَفْنَاكَ مُنْذُ الصِّغَرْ
فَقُلْتُ أَخَذْتُ الْقَرِيضَ صَبِيَّاً * مِنَ الطَّيرِ في أُغْنِيَاتِ السَّحَرْ
وَمِن عَبَرَاتِ الحَزَانى الثَّكَالى * فَفِي عَبَرَاتِ الحَزَانى عِبَرْ
فَذَا الْكَوْنُ جَامِعَةُ الجَامِعَاتِ * وَذَا الدَّهْرُ أُسْتَاذُ كُلِّ الْبَشَرْ
فَمَن عَاشَ مِن غَيْرِ أَنْ يَسْتَفِيدَ * فَأَعْمَى الْبَصِيرَةِ أَعْمَى الْبَصَرْ
وَلَقَدْ قُمْنَا بِتَرْتِيبِ هَذَهِ الْقَصَائِدِ الَابْتِهَالِيَّةِ مَا بَينَ تَضَرُّع، وَاسْتِغْفَار، وَاسْتِغَاثَة 000 إِلخ 0
وَهَا هِيَ قَصَائِدُ الَاسْتِغْفَار:
يَا رَبِّ إِن عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثرَةً * فَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ عَفْوَكَ أَعْظَمُ
إِنْ كَانَ لَا يَرْجُوكَ إِلَاّ محْسِنٌ * فَبِمَنْ يَلُوذُ وَيَسْتَجِيرُ المجْرِمُ
يَا رَبِّ عَامِلْني بجُودِكَ لَا بِمَا كَسَبَتْ يَدِيدِ
إِنْ كُنْتُ حِدْتُ عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنَّني لَمْ أَبْعُدِ
أَنَا العَبْدُ الَّذِي كَسَبَ الذُّنُوبَا * وَصَدَّتْهُ الأَمَاني أَنْ يَتُوبَا
أَنَا العَبْدُ الَّذِي أَمْسَى حَزِينَاً * عَلَى زَلَاّتِهِ قَلِقَاً كَئِيبَا
أَنَا العَبْدُ الَّذِي سُطِرَتْ عَلَيْهِ * صَحَائِفُ لَمْ يخَفْ فِيهَا الرَّقِيبَا
أَنَا العَبْدُ المُفَرِّطُ ضَاعَ عُمْرِي * فَلَمْ أَرْعَ الشَّبِيبَةَ وَالمَشِيبَا
أَنَا العَبْدُ الغَرِيقُ بِلُجِّ بحْرٍ * أَصِيحُ لَرُبمَا أَلْقَى مجِيبَا
أَنَا العَبْدُ السَّقِيمُ مِنَ الخَطَايَا * وَقَدْ أَقْبَلْتُ أَلْتَمِسُ الطَّبِيبَا
أَنَا العَبْدُ المُخَلَّفُ عَن أُنَاسٍ * حَوَواْ مِنْ كُلِّ مَعْرُوفٍ نَصِيبَا
أَنَا العَبْدُ الفَقِيرُ إِلَيْكَ رَبي * فَيَسِّرْ مِنْكَ لي فَرَجَاً قَرِيبَا
أَنَا العَبْدُ الشَّرِيدُ ظَلَمْتُ نَفْسِي * وَقَدْ أَقْبَلْتُ يَا رَبيِّ مُنِيبَا
أَنَا الغَدَّارُ كَمْ عَاهَدْتُ عَهْدَاً * وَكُنْتُ عَلَى الوَفَاءِ بِهِ كَذُوبَا
أَنَا المُضْطَرُّ أَرْجُو مِنْكَ عَفْوَاً * وَمَنْ يَرْجُو رِضَاكَ فَلَنْ يخِيبَا
فَيَا أَسَفِي عَلَى عُمُرٍ تَقَضَّى * وَلَمْ أَكْسِبْ بِهِ إِلَاّ الذُّنُوبَا
وَأَحْذَرُ أَنْ يُعَالجَني مَصِيرٌ * يحَيِّرُ هَوْلُ مَصْرَعِهِ اللَّبِيبَا
وَيَا حَزَنَاهُ مِن حَشْرِي وَنَشْرِي * بِيَوْمٍ يجْعَلُ الوُلْدَانَ شِيبَا
تَفَطَّرَتِ السَّمَاءُ بِهِ وَمَارَتْ * وَأَصْبَحَتِ الجِبَالُ بِهِ كَثِيبَا
فَيَا خَجَلَاهُ مِنْ قُبْحِ اكْتِسَابي * إِذَا مَا أَبْدَتِ الصُّحُفُ العُيُوبَا
وَذِلَّةَ مَوْقِفٍ وَحِسَابَ عَدْلٍ * أَكُونُ بِهِ عَلَى نَفْسِي حَسِيبَا
وَيَا وَيْلَاهُ مِنْ نَارٍ تَلَظَّى * إِذَا زَفَرَتْ وَأَقْلَقَتِ القُلُوبَا
تَكَادُ إِذَا بَدَتْ تَنْشَقُّ غَيْظَاً * عَلَى مَنْ كَانَ ظَلَاّمَاً مُرِيبَا
فَيَا مَنْ مَدَّ في كَسْبِ الخَطَايَا * خُطَاهُ أَلَمْ يحِنْ لَكَ أَنْ تَتُوبَا
أَلَا أَقْلِعْ وَتُبْ وَاعْمَلْ فَإِنيِّ * رَأَيْتُ لِكُلِّ مجْتَهِدٍ نَصِيبَا
وَكُنْ لِلصَّالحِينَ أَخَاً وَخِلاً * وَكُنْ في هَذِهِ الدُّنيَا غَرِيبَا
وَكُن عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ جَبَانَاً * وَكُنْ في الخَيرِ مِقْدَامَاً نجِيبَا
وَلَاحِظْ زِينَةَ الدُّنيَا بِبُغْضٍ * تَكُن عَبْدَاً إِلى المَوْلى حَبِيبَا
وَغُضَّ عَنِ المحَارِمِ مِنْكَ طَرْفَاً * لَعُوبَاً يَفْتِنُ القَلْبَ الأَرِيبَا
فَخَائِنَةُ العُيُونِ كَأُسْدِ غَابٍ * إِذَا مَا أُهْمِلَتْ وَثَبَتْ وُثُوبَا
وَمَنْ يَغْضُضْ فُضُولَ الطَّرْفِ عَنهَا * يجِدْ في قَلْبِهِ بَرْدَاً وَطِيبَا
وَلَا يَبرَحْ لِسَانُكَ كُلَّ وَقْتٍ * بِذِكْرِ اللهِ رَيَّانَاً رَطِيبَا
وَكُن حَسَنَ السَّجَايَا ذَا حَيَاءٍ * طَلِيقَ الوَجْهِ لَا شَكِسَاً غَضُوبَا
تجِدْ مَا قَدَّمَتْهُ يَدَاكَ ظِلاًّ * إِذَا مَا شَاهَدَ النَّاسُ الخُطُوبَا
وَهَا هِيَ قَصَائِدُ الَاسْتِغَاثَة:
يَا رَبِّ نُسْبى هَكَذَا وَنُبَادُ * فَإِلى مَتى يَتَطَاوَلُ الأَوْغَادُ
وَإِلى مَتى تُدْمِي الجِرَاحُ قُلُوبَنَا * وَإِلى مَتى تَتَقَرَّحُ الأَكْبَادُ
نَصْحُو عَلَى صَوْتِ الرَّصَاصِ كَأَنَّنَا * بَقَرٌ يُسَاقُ لِذَبحِهِ وَيُقَادُ
يَتَسَامَرُ الأَعْدَاءُ في أَوْطَانِنَا * وَنَصِيبُنَا التَّشْرِيدُ وَالإِبْعَادُ
نُشْرَى كَأَنَّا في المحَافِلِ سِلْعَةٌ * وَنُبَاعُ كَيْ يَتَمَتَّعَ الأَسْيَادُ
*
يَا رَبِّ عِشْنَا في الكِنَانَةِ حِقْبَةً * نَهْبَ الكَوَارِثِ وَالخُطُوبِ النُّزَّلِ
مَرَّتْ بِنَا الأَعْوَامُ فِيهَا كَالدُّجَى * نَنْجُو بهَا مِنْ وَحْلَةٍ لِلأَوْحَلِ
وَاليَوْمَ وَالمَاضِي تَوَلىَّ وَانْقَضَى * بِصِعَابِهِ نَدْعُوكَ لِلْمُسْتَقْبَلِ
وَهَا هِيَ قَصَائِدُ التَّضَرُّعِ في رِحَابِ الْكَعْبَة:
كَيْفَ الوُقُوفُ عَلَى بَابِ الرَّسُولِ وَفي * يَدِي سِجِلَاّتٌ امْتَلأَتْ بِعِصْيَاني
مَاذَا أَقُولُ أَقُولُ اللهُ قَدَّرَ لي * إِنْ شَاءَ أَسْعَدَني أَوْ شَاءَ أَشْقَاني
أَمْ أَدَّعِي أَنْ نَفْسِي زَيَّنَتْ عَمَلِي * أَمْ هَلْ أَقُولُ لَهُ الشَّيْطَانُ أَغْوَاني
أَسْتَغْفِرُ اللهَ ذَنْبي لَسْتُ أَجْحَدُهُ * لَكِن عَلَى الغَيرِ يُلْقِي التُّهْمَةَ الجَاني
عِصْيَانُ رَبِّيَ ذَنْبٌ وَاحِدٌ فَإِذَا * يَئِسْتُ مِن عَفْوِهِ فَالذَّنْبُ ذَنْبَانِ
يَا أَرْضَ يَثْرِبَ ذَنْبي مِنْكِ أَبْعَدَني * وَحُسْنُ ظَنيِّ بِرَبيِّ مِنْكِ أَدْنَاني
لَبَّيْكَ يَا رَبِّ لَا آلُوكَ تَلْبِيَةً * حَتىَّ تَمُنَّ عَلَى ذَنْبي بِغُفْرَانِ
حَاشَاكَ رَبِّيَ في أُخْرَايَ تَحْرِمُني * أَمَا كَفَانيَ في دُنيَايَ حِرْمَاني
أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ قَوْلٍ أَسَأْتُ بِهِ * بَلْ فَوْقَ مَا أَسْتَحِقُّ اللهُ أَعْطَاني
أَلَمْ يجِدْني أَخَا غَيٍّ فَأَرْشَدَني * وَدُونَ مَأْوَى فَأَكْرَمَني وَآوَاني
لَبَّيْكَ يَا رَبِّ في حِلِّي وَفي حَرَمِي * لَبَّيْكَ يَا رَبِّ مِنْ قَلْبي وَوِجْدَاني
وَإِلى اللِّقَاءِ في عَمَلٍ آخَرَ إِنْ شَاءَ الله 0
بَدِيعُ الزَّمَانِ الحَمَدَاني
حِكَايَةُ الْعُصْفُور، مَعَ الْفِيلِ المَغْرُور:
كَانَ بِإِحْدَى الغَابَاتِ فِيلٌ مَغْرُور، تَشْتَكِي مِنهُ الأَرَانِبُ وَالطُّيُور، الأَرَانِبُ قَتَلَ بَعْضَهَا، وَالطُّيُورُ كَسَرَ بَيْضَهَا: وَكَانَ لأَحَدِ العَصَافِير؛ عُشٌّ هَشٌّ صَغِير، بِمَقْرُبَةٍ مِن غَدِير، وَهُوَ بُحَيْرَةٌ صَغِيرَةٌ فِيهَا مَاءٌ كَثِير، وَكَانَ يَمُرُّ مِن هَذَا الطَّرِيقِ فِيلٌ كَبِير، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ المَكَانُ المَلِيءُ بِالأَشْجَارِ وَالْعُشْب؛ فَأَكَلَ مِنهَا وَشَرِبَ مِمَّا فِيهِ مِنَ المَاءِ الْعَذْب، فَانهَدَمَ عُشُّ هَذَا الْعُصْفُورِ المِسْكِينِ وَتَحَطَّم، وَسَقَطَ بَيْضُهُ عَلَى الأَرْضِ وَتَهَشَّم، فَذَهَبَ شَاكِيَاً بَاكِيَاً إِلى جَمَاعَةِ الطُّيُور؛ وَحَكَى مَا جَرَى مِنْ ذَلِكَ الْفِيلِ المَغْرُور؛ فَالْتَفُّواْ حَوْلَهُ يُوَاسُونَهُ وَيُنْسُونَه، ثُمَّ ذَهَبُواْ إِلى ذَلِكَ الْفِيلِ المَغْرُورِ يُعَاتِبُونَه؛ فَسَخِرَ مِنهُمْ وَخَاطَبَهُمْ بِاسْتَهْزَاء، وَلَمْ يُقَدِّمْ لِلْعُصْفُورِ أَيَّ اعْتِذَارٍ أَوْ عَزَاء؛ فَقَرَّرَتِ الطُّيُورُ أَنْ تَنْتَقِمَ لِهَذَا الْعُصْفُور؛ فَاجْتَمَعَتِ الْغِرْبَانُ وَالنُّسُورُ وَالصُّقُور، وَانْقَضُّواْ يَنْقُرُونَ عَينَ ذَلِكَ الْفِيلِ المَغْرُور؛ حَتىَّ صَارَ أَعْمَى لَا يَرَى، يَأْكُلُ الثَّرَى، وَيَنْدَمُ لِمَا جَرَى، وَأَقْبَلَتِ الأَرَانِبُ في ابْتِهَاجٍ وَسُرُور [وَكَانَ الْفِيلُ قَدْ هَدَمَ لَهَا بَعْضَ الجُحُور، وَقَتَلَ مِنهَا أَعْدَادَاً كَثِيرَة] فَحَفَرَتْ في طَرِيقِهِ حُفْرَةً كَبِيرَة؛ حَتىَّ سَقَطَ فِيهَا أَعْمَى الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَة 00!!
[بِتَصَرُّفٍ وَاخْتِصَارٍ مِنْ كِتَاب كَلِيلَة ودِمْنَة]
يَاسِر الحَمَدَاني
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
الدَّجَاجَةُ النَّشِيطَة
كَانَتْ هَذِهِ الدَّجَاجَةُ تَسِيرُ ذَاتَ يَوْمٍ في الحَظِيرَة، فَأَبْصَرَتْ حَبَّةَ قَمْحٍ صَغِيرَة، فَدَارَتْ هَذِهِ الْفِكْرَةُ بِرَأْسِهَا، وَقَالَتْ لِنَفْسِهَا: إِذَا أَنَا أَكَلْتُهَا سَوْفَ أَجُوعُ بَعْدَ وَقْتٍ يَسِير، وَلَكِن إِذَا أَنَا زَرَعْتُهَا سَوْفَ يَكُونُ لَدَيَّ محْصُولٌ كَبِير؛ فَعَرَضَتْ هَذِهِ الخُطَّة؛ عَلَى الإِوَزَّةِ وَالبَطَّة، وَطَلَبَتْ مِنهُمَا أَنْ يُسَاعِدَاهَا في هَذَا الْعَمَل؛ فَقَالَتَا لَهَا إِنَّكِ طَوِيلَةُ الأَمَل، وَإِنَّ الْكَسَلَ أَحْلَى مِنَ العَسَل، فَقَامَتِ الدَّجَاجَةُ فَزَرَعَتْهَا، وَسَقَتْهَا وَرَعَتْهَا، حَتىَّ كَبِرَ المحْصُولُ وَتَرَعْرَع، وَأَصْبَحَ لَا يَحْتَاجُ إِلَاّ أَنْ يُجْمَع؛ فَقَالَتْ لِلإِوَزَّةِ وَالبَطَّة: سَاعِدَاني في جَمْعِ الحِنْطَة؛ فَقَالَتَا لَهَا: دَعِينَا دَعِينَا؛ نَضْحَكُ مِمَّا تَصْنَعِينَا؛ فَجَمَعَتِ الْقَمْحَ وَحْدَهَا، وَهُمَا وَاقِفَتَانِ يَتَأَمَّلَانِ نَشَاطَهَا وَجِدَّهَا، حَتىَّ جَمَعَتِ المحْصُول، فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمَا تَقُول: سَاعِدَاني في طَحْنِهِ، وَفي كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ؛ فَقَالَتَا لَهَا: لَنْ نُسَاعِدَكِ في وَزْنِهِ وَلَا في كَيْلِهِ، وَلَكِنْ سَنُسَاعِدُكِ في أَكْلِهِ؛ فَطَحَنَتِ الْبَعْضَ وَخَزَنَتِ الْبَعْض، لَمَّا رَأَتْ إِصْرَارَهُمَا عَلَى الرَّفْض، ثُمَّ قَعَدَتْ تَأْكُل، وَهُمَا يَنْظُرَانِ إِلى مَا تَفْعَل؛ فَاقْتَرَبَتَا مِنهَا في خَوْفٍ وَوَجَل، وَقَالَتَا: أَلَا تُرِيدِينَ المُسَاعَدَةَ في هَذَا الْعَمَل 00؟
فَقَالَتْ لَهُمَا: مَنْ لَا يَعْمَل؛ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَأْكُل 00
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
يَاسِر الحَمَدَاني
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°