المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدمة هموم المسلمين: - موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌[مَقَالَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني]

- ‌أَصُونُ كَرَامَتي مِنْ قَبْلِ قُوتي

- ‌أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُول

- ‌إِعْصَار كَاتْرِينَا

- ‌إِنْقَاذُ السُّودَان؛ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان

- ‌الإِسْلَامُ هُوَ الحَلّ، وَلَيْسَ الإِرْهَابُ هُوَ الحَلّ

- ‌الْبَهَائِيَّة، وَادعَاءُ الأُلُوهِيَّة

- ‌الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَان:

- ‌الدِّينُ النَّصِيحَة:

- ‌الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ

- ‌الفَنَّانَاتُ التَّائِبَاتُ

- ‌{أَرَاذِلُ الشُّعَرَاء}

- ‌الحُلْمُ الجَمِيل:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتجْوِيدِه:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيّ:

- ‌ فَضْلُ بِنَاءِ المَسَاجِد **

- ‌فُقَرَاء، لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

- ‌قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:

- ‌لُغَتُنَا الجَمِيلَة:

- ‌مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌أَنْقِذُونَا بِالتَّغْيِير؛ فَإِنَّا في الرَّمَقِ الأَخِير:

- ‌إِيرَان؛ بَينَ المِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَان

- ‌الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين

- ‌الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه

- ‌الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان

- ‌الشَّاعِرُ المَغْرُور

- ‌الْفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالرُّوتِينُ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة

- ‌الْقِطَطُ السِّمَان

- ‌الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي

- ‌المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون

- ‌بَعْضَ الَاهْتِمَام؛ يَا هَيْئَةَ النَّقْلِ الْعَامّ

- ‌ثَمَانِ سَنَوَات؛ يَا وَزَارَةَ الاتِّصَالات

- ‌جَمَاعَةُ الإِخْوَانِ المحْظُوظَة

- ‌دُورُ " النَّشْل

- ‌شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ

- ‌شُعَرَاءُ الْفُكَاهَة؛ بَيْنَ الجِدِّيَّةِ وَالتَّفَاهَة

- ‌صَنَادِيقُ شَفَّافَة، وَنُفُوسٌ غَيرُ شَفَّافَة

- ‌ ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق

- ‌فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس

- ‌قَتَلُواْ بِدَاخِلِنَا فَرْحَةَ الْعِيد

- ‌قَصِيدَةً مِنْ نَار؛ لِمَنْ يَتَّهِمُني بِسَرِقَةِ الأَشْعَار

- ‌قَنَاةٌ فَضَائِيَّةٌ تَلْفِتُ الأَنْظَار؛ بِالطَّعْنِ في نَسَبِ النَّبيِّ المخْتَار

- ‌مَتى سَيُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف

- ‌مُوَسْوِسُونَ لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌يَتْرُكُونَ المُشَرِّفِين؛ وَيُقَدِّمُونَ " المُقْرِفِين

- ‌يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ وَيَعْمَلُ بَنَّاءً

- ‌أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء

- ‌مخْتَارَاتٌ مِنْ دِيوَاني:

- ‌الحَمَاسَةُ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌إِهْدَاءُ الحَمَاسَةِ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ الحَمَاسَة:

- ‌بَحْرُ الخَفِيف:

- ‌بَحْرُ الْبَسِيط:

- ‌بَحْرُ الرَّجَز:

- ‌بَحْرُ الرَّمَل:

- ‌بَحْرُ الوَافِر:

- ‌بَحْرُ المُتَدَارَك:

- ‌بَحْرُ المُتَقَارِب:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 2]:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 3]:

- ‌مجْزُوءُ الرَّمَل:

- ‌مجْزُوءُ الرَّجَز:

- ‌مجْزُوءُ الْوَافِر:

- ‌مجْزُوءُ الْكَامِل:

- ‌مُخَلَّعُ الْبَسِيط:

- ‌[مَنهُوكُ الرَّجَز

- ‌كِتَابُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌مُقَدِّمَةُ الرِّضَا بِالقَلِيل

- ‌تَمْهِيدُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌الفَقِيرُ الصَّابِر:

- ‌الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌عَفَافُ النَّفْس:

- ‌كِتَابُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

- ‌أَحْكَامُ الجَنَائِز:

- ‌فَقْدُ الأَحِبَّة:

- ‌وَفَاةُ الحَبِيب:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌مُصِيبَةُ المَرَض:

- ‌مُصِيبَةُ السِّجْنِ وَالحَدِيثُ عَنِ المَظْلُومين:

- ‌هُمُومُ المُسْلِمِين:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ العُلَمَاء

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌[كِتَابُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌أَرْشِيفُ الحَمَدَاني:

- ‌انحِرَافُ الشَّبَاب:

- ‌البَيْتُ السَّعِيد

- ‌أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:

- ‌{الأَدَبُ مَعَ اللهِ وَرَسُولِهِ

- ‌ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجْ:

- ‌الدِّينُ الحَقّ:

- ‌الطِّيبَةُ في الإِسْلَام:

- ‌الْعِلْمُ وَالتَّعْلِيم:

- ‌العَمَلُ وَالكَسْب:

- ‌الكِبْرُ وَالغُرُور

- ‌المَمْلَكَةُ العَادِلَة:

- ‌بِرُّ الوَالِدَين:

- ‌نُزْهَةٌ في لِسَانِ الْعَرَب:

- ‌تَرْجَمَةُ الذَّهَبيّ؛ بِأُسْلُوبٍ أَدَبيّ [

- ‌حَالُ المُسْلِمِين:

- ‌رِجَالٌ أَسْلَمُواْ عَلَى يَدِ الرَّسُول:

- ‌فَوَائِدُ الصَّوْم:

- ‌زُهْدِيَّات:

- ‌(طَوَارِئُ خَطَابِيَّة)

- ‌فَضَائِلُ الصَّحَابَة:

- ‌مَدِينَةُ كُوسُوفُو:

- ‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

- ‌فَهْرَسَةُ سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء

الفصل: ‌مقدمة هموم المسلمين:

‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

==============

تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لَا يَغْفَلُ وَلَا يَنَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمَاً وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يحْيى وَيمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يمُوت، يُسَبِّحُ بحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءً امِنَ الذَّرَّاتِ وَحَتىَّ المجَرَّات!!

إِلهِي لَكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ * علَى نِعَمٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لهَا أَهْلَا

إِذَا زِدْتُّ عِصْيَانَاً تَزِيدُ تَفَضُّلاً * كَأَنيَ بِالعِصْيَانِ أَسْتوْجِبُ الفَضْلَا

نُسِيءُ إِلَيْهِ؛ وَيحْسِنُ إِلَيْنَا، فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ، وَلَا نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا 00!!

اللهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا 00!!

إِلَهِي وَمَوْلَايَ مَا أَعْظَمَكْ * وَمَنْ في الْوَرَى لَا يَرَى أَنعُمَكْ

{يَاسِر الحَمَدَاني}

أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا * في الكَوْنِ كُنْتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ

وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً * حَتىَّ أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني

وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنَاً * وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني

{مِنْ نُونِيَّةِ الْقَحْطَاني بِتَصَرُّف}

إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنْتَ رَغْمَ إِسَاءتي * إِلَيْكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكْرُ

فَمَنْ كَانَ مُعْتَذِرَاً إِلَيْكَ بحُجَّةٍ * فَعُذْرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذْرُ

أَتَيْتُكَ مُفْتَقِرَاً إِلَيْكَ وَلَمْ يَكُنْ * لِيُعْجِبَني لَوْلَا محَبَّتُكَ الفَقْرُ

{الأَوَّلَانِ لأَبي نُوَاس، وَالأَخِيرُ لِلْبُحْتُرِيّ 0 بِتَصَرُّف}

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ اللهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَا، وَدَاعِيَاً إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَا، اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا 00

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ عَدَدَ أَوْرَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقْتَ مِنَ البَشَر 00

أَنْتَ الَّذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلِقَاكَا

أَنْتَ الَّذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا

نَادَيْتَ أَشْجَارَاً أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا

وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى للهِ في يُمْنَاكَا

وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكْتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا

مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يجْمَعَ الكُتَّابُ مِنْ مَعْنَاكَا

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * وَأَدَامَ في أَذْهَانِنَا ذِكْرَاكَا

{شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ صَاحِبُ المُسْتَطْرَف، بِشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّف}

ثمَّ أَمَّا بَعْد

فَسَوْفَ أَتَعَرَضُ في هَذِهِ الْفُصُول؛ لِقَضِيَّةٍ حَارَتْ فِيهَا الْعُقُول: أَلَا وَهِيَ قَضِيَّةُ القَضَاءِ وَالقَدَر؛ فَكُلُّ النَّاسِ يَرْضَوْنَ بِحُلْوِهِ، أَمَّا مُرُّهُ فَيَسْتَقْبِلُونَهُ بِالتَّبَرُّمِ وَالضَّجَر، وَيَدُورُ هَذَا العَمَلُ السَّمِين؛ عَن هُمُومِ المُسْلِمِين، صَنَّفْتُهُ مِن أَجْلِ المَرِيضِ وَالمُصَابِ وَالثَّاكِلِ وَالحَزِين، وَتَنَاوَلْتُ فِيهِ كُلَّ مَا قَدْ يُكَدِّرُ عَلَيْهِمْ عَيْشَهُمْ مِنَ المَصَائِبِ وَالآفَاتِ وَالضَّرَر، وَكُلَّ مَا قَدْ يُصِيبُهُمْ في الحَيَاة؛ مِنَ الهُمُومِ وَالمُعَانَاة، وَمَا وَرَدَ في ذَلِكَ مِن عِبَارَاتِ المُوَاسَاة، وَتَنَاوَلْتُ فِيهِ مَا لَاقَاهُ المُسْلِمُونَ في كُوسُوفُو وَالْبُوسْنَةِ عَلَى أَيْدِي الصِّرْب، وَمَا لَاقَاهُ أَبْنَاءُ الْعِرَاقِ مِنْ وَيْلَاتِ الحَرْب، وَمَا يُلَاقِيهِ المُسْلِمُونَ في شَتىَّ الْبِقَاعِ مِنْ شُرُورِ وَمَكَائِدِ الْغَرْب، ثمَّ ذَكَرْتُ بَعْضَ الحُلُولِ الجَادَّة، لِعِلَاجِ هَذِهِ الأَزْمَةِ الحَادَّة، وَالْكِتَابُ يَتَنَوَّعُ مَا بَينَ الأَدَبِ السَّاخِرِ الَّذِي يَنْشَقُّ لَهَا الجَمَاد، وَالأَدَبِ الحَزِينِ الَّذِي تحْتَرِقُ لَهَا الأَكْبَاد، كَمَا تَنَاوَلْتُ جَانِبَاً مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى، وَمَا فِيهَا مِنَ المَلَاحِمِ الْكُبْرَى، فَبِالْكِتَابِ مَا يُكْتَفَى: مِنْ رَوَائِعِ التُّرَاثِ وَأَحَادِيثِ المُصْطَفَى، الَّتي رَاعَيْتُ فِيهَا صِحَّةَ الإِسْنَادِ وَحُسْنَ الاِسْتِشْهَاد 00

ظَلَلْتُ أَجْمَعُ في مَادَّتِهِ وَأُنَقِّحُهَا سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَة؛ فَاذْكُرْنَا أَخِي كُلَّمَا قَرَأْتَهُ بِدُعَائِكَ وَلَا تَنْسَنَا 0

هَذَا 00 وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيل، عَلَيْهِ تَوَكَّلنَا وَهُوَ نِعْمَ الوَكِيل 0

{الفَقِيرُ إِلى عَفْوِ رَبِّهِ وَدُعَائِكُمْ / يَاسِر الحَمَدَاني}

°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°

ص: 4882

تَمْهِيدُ الْكِتَاب:

=========

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" خَلَقَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ؛ فَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَمَوْتَهَا، وَمُصِيبَاتِهَا وَرِزْقَهَا "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 8325، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 1152، وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

قَالَ تَعَالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأَدْنى دُونَ العَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون} {السَّجْدَة/21}

عَن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَة:

" مَصَائِبُ الدُّنْيَا، وَالرُّوم، وَالبَطْشَةُ أَوِ الدُّخَان " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2799 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4883

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرَاً يُصِبْ مِنْهُ " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5645 / فَتْح]

عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إِلَاّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا عَنْهُ، حَتىَّ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5640 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2572/عَبْد البَاقِي]

ص: 4884

دَخَلَ شَبَابٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَهِيَ بمِنىً وَهُمْ يَضْحَكُون؛ فَقَالَتْ مَا يُضْحِكُكُمْ 00؟

قَالُواْ فُلَانٌ خَرَّ عَلَى طُنُبِ فُسْطَاطٍ ـ أَيْ عَلَى وَتِدِ خَيْمَة ـ فَكَادَتْ عُنُقُهُ أَوْ عَيْنُهُ أَنْ تَذْهَب، فَقَالَتْ رضي الله عنها: لَا تَضْحَكُواْ؛ فَإِنيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:

" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا؛ إِلَا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَة "

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2572 / عَبْد البَاقِي]

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 4885

" مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَب، وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَن، وَلَا أَذىً وَلَا غَمّ، حَتىَّ الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا؛ إِلَاّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِن خَطَايَاه " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (5642 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2573 / عَبْد البَاقِي]

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " مَا يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ، حَتىَّ الهَمُّ يَهُمُّهُ؛ إِلَاّ كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِه " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2573 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4886

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذىً شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا؛ إِلَاّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا سَيِّئَاتِه، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (5648 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2571 / عَبْد البَاقِي]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" جَعَلَ اللهُ عَذَابَ هَذِهِ الأُمَّةِ في دُنيَاهَا " 0 [قَالَ الإِمَامَانِ الذَّهَبيُّ وَالحَاكِم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْمَيْ: 5407، 3872]

ص: 4887

عَنْ مَسْرُوقٍ الهَمَدَانيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" المَصَائِبُ وَالأَمْرَاضُ وَالأَحْزَانُ في الدُّنيَا جَزَاء " 00 أَيْ كَفَّارَة 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (11663)، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَة]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرَاً: عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ شَرَّاً: أَمْسَكَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ بِذَنْبِهِ حَتىَّ يُوَفىَّ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: (8133)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2396]

ص: 4888

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَا مِن عَامٍ إِلَاّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتىَّ تَلْقَواْ رَبَّكُمْ " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 5731، 1218، وَصَحَّحَهُ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2206]

وَعَنِ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَن، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَر " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد " بِرَقْم: (4263)، وَفي " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: 2517]

لِذَا اللهُ أَنْشَأَ في السَّمَوَاتِ جَنَّةً * وَمِن أَجْلِ هَذَا حَفَّهَا بِالمَكَارِهِ

*********

ص: 4889

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَمَّا خَلَقَ اللهُ الجَنَّةَ قَالَ لجِبْرِيلَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَال: أَيْ رَبّ، وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَاّ دَخَلَهَا، ثُمَّ حَفَّهَا بِالمَكَارِهِ ثُمَّ قَال: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثمَّ جَاءَ فَقَال: أَيْ رَبّ، وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَد، فَلَمَّا خَلَقَ اللهُ النَّارَ قَالَ يَا جِبرِيل، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَال: أَيْ رَبّ، وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا، فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ ثُمَّ قَال: يَا جِبْرِيل، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَال: أَيْ رَبّ، وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَاّ دَخَلَهَا " 0 [حَسَنٌ صَحِيح 0 كَذَا قَالَ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4744]

ص: 4890

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْع؛ لَا تَزَالُ الرِّيحُ تمِيلُه، وَلَا يَزَالُ المُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاء، وَمَثَلُ المُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأَرْز؛ لَا تَهْتَزُّ حَتىَّ تُسْتَحْصَد " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2809 / عَبْد البَاقِي]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ في جَسَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِه: حَتىَّ يَلْقَى اللهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الأَدَبِ المُفْرَدِ بِرَقْم: (494)، كَمَا صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7846]

ص: 4891

وَاعْلَمْ أَنَّهُ كُلَّمَا اشْتَدَّ بَلَاؤُكَ فَفِي هَذَا دِلَالَةٌ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْن: إِمَّا أَنَّكَ فَعَلتَ ذُنُوبَاً عَظِيمَةً مَا كَانَ اللهُ لِيُكَفِّرَهَا عَنْكَ إِلَا بِهَذَا البَلَاء، وَإِمَّا أَنَّ اللهَ يحِبُّكَ حُبَّاً جَمَّاً فَابْتَلَاكَ لِيُبَلِّغَكَ دَرَجَةً في الجَنَّةِ لَا تَبْلُغُهَا إِلَا بِهَذَا البَلَاء، فَالبَلَاءُ قَدْ يَكُونُ غَضَبَاً مِنَ الله؛ وَقَدْ يَكُونُ حُبَّاً مِن الله 0

ص: 4892

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدَاً ابْتَلَاهُ لِيَسْمَعَ صَوْتَه " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (295)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: 9788]

وَكَمَا يَقُولُ الدُّكْتُور مُصْطَفَى السِّبَاعِي في كِتَابِ هَكَذَا عَلَّمَتْني الحَيَاة:

" وَكَأَنَّهُ جل جلاله عَلِمَ أَنَّ مَوَدَّتَنَا لَنْ تَصْفُوَ لَهُ؛ فَأَحْوَجَنَا إِلَيْه " 0

[الدُّكتُور مُصْطَفَى السِّبَاعِي في هَكَذَا عَلَّمَتْني الحَيَاة طَبْعَةُ دَارِ السَّلَامِ بِالْقَاهِرَة بِتَصَرُّف: 97]

ص: 4893

الأَجْرُ عَلَى قَدْرِ المَشَقَّة

عَن أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاء، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمَاً ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَط " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقم: 4031، وَفي الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 2111، 146]

عَنْ محْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا إِذَا أَحَبَّ قَوْمَاً ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْر، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الجَزَع " 0

[قَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: إِسْنَادُهُ جَيِّد 0 ح / ر: 23623]

ص: 4894

عَن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ اللهَ لَيُجَرِّبُ أَحَدَكُمْ بِالْبَلَاءِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ: كَمَا يُجَرِّبُ أَحَدُكُمْ ذَهَبَهُ بِالنَّار؛ فَمِنهُمْ مَنْ يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ الإِبْرِيز: فَذَلِكَ الَّذِي نَجَّاهُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا مِنَ السَّيِّئَات، وَمِنهُمْ مَنْ يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ دُونَ ذَلِك: فَذَلِكَ الَّذِي يَشُكُّ بَعْضَ الشَّكّ، وَمِنهُمْ مَنْ يخْرُجُ كَالذَّهَبِ الأَسْوَد: فَذَلِكَ الَّذِي قَدِ افْتُتِن " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7878]

ص: 4895

عَن أَبي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" حُلْوَةُ الدُّنيَا مُرَّةُ الآخِرَة، وَمُرَّةُ الدُّنيَا حُلْوَةُ الآخِرَة " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7861]

عَنْ لجْلَاجٍ العَامِرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ العَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه؛ ابْتَلَاهُ اللهُ في جَسَدِه، أَوْ في مَالِه، أَوْ في وَلَدِه، ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِك؛ حَتىَّ يُبَلِّغَهُ المَنْزِلَةَ الَّتي سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللهِ تَعَالى " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ برَقْم: 3090]

ص: 4896

مُكَفِّرَاتُ الذُّنُوب

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَف:" لَوْلَا مَصَائِبُ الدُّنيَا؛ لَوَرَدنَا الآخِرَةَ مَفَالِيس "

[ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين " بِالبَابِ السَّادِسَ عَشَر]

فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي أَرَادَ لَنَا السَّعَادَةَ وَالهَنَاء؛ فَمَنَّ عَلَيْنَا بِالْبَلَاء 00!!

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءَاً يُجْزَ بِهِ} {النِّسَاء/123}

بَلَغَتْ مِنَ المُسْلِمِينَ مَبْلَغَاً شَدِيدَاً؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قَارِبُواْ وَسَدِّدُواْ، فَفي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ المُسْلِمُ كَفَّارَة، حَتىَّ النَّكْبَةِ يَنْكَبُهَا، أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2574 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4897

عَن أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " قُلْتُ يَا رَسُولَ الله؛ كَيْفَ الصَّلَاحُ بَعْدَ هَذِهِ الآيَة:

{مَنْ يَعْمَلْ سُوءً ايُجْزَ بِهِ} {النِّسَاء/123} 00؟!

فَكُلُّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ جُزِينَا بِه 00؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْر؛ أَلَسْتَ تَمْرَض 00؟ أَلَسْتَ تَحْزَن 00؟

أَلَسْتَ تَنْصَب، أَلَسْتَ تُصِيبُكَ الَّلأْوَاء " 00؟ [أَيِ المَشَقَّةُ وَالْعَنَاء 00؟]

قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ في الدُّنيَا "

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 4450، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: 3430]

ص: 4898

عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ قَال: " قُلْتُ لأُبيِّ بنِ كَعْبٍ رضي الله عنه: قَوْلُ اللهِ تبارك وتعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءً ايُجْزَ بِهِ} {النِّسَاء/123}

واللهِ إِنْ كَانَ كُلُّ مَا عَمِلْنَا جُزِينَا بِهِ هَلَكْنَا 00؟!

قَالَ رضي الله عنه: وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لأَرَاكَ أَفْقَهَ مِمَّا أَرَى، لَا يُصِيبُ رَجُلاً خَدْشٌ وَلَا عَثْرَةٌ إِلَاّ بِذَنْب، وَمَا يَعْفُو اللهُ عَنهُ أَكْثَر، حَتىَّ اللَّدْغَةُ وَالنَّفْحَة " [النَّفْحَة: أَيْ رَفْسَةُ البَعِير 0 رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَة]

ص: 4899

عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا يُصِيبُ عَبْدَاً نَكْبَةٌ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ دُونهَا إِلَاّ بِذَنْب، وَمَا يَعْفُو اللهُ عَنْهُ أَكْثَر " 00 وَقَرَأَ صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} {الشُّورَى/30}

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 13690، رَوَاهُ الإِمَامُ التِّرْمِذِيّ]

ص: 4900

وَلِذَا قَالَ تَعَالىَ مُسْتَنْكِرَاً:

{أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنىَّ هَذَا قُلْ هُوَ مِن عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} {آلِ عِمْرَان/165}

عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في هَذِهِ الآيَة: " مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مَرَضٍ أَوْ عُقُوبَة، أَوْ بَلَاءٍ في الدُّنْيَا؛ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، وَاللهُ تَعَالى أَكْرَمُ مِن أَنْ يُثَنِّيَ عَلَيْكُمُ الْعُقُوبَةَ في الآخِرَة " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 649، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

ص: 4901

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا ابْتَلَى اللهُ عَبْدَاً بِبَلَاءٍ وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةٍ يَكْرَهُهَا؛ إِلَاّ جَعَلَ اللهُ ذَلِكَ الْبَلَاءَ لَهُ كَفَارَةً وَطَهُورَاً " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 2500]

ص: 4902

عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَقَدَ رَجُلاً مِن أَصْحَابِهِ، فَسَأَلَ عَنه، فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله؛ إِنيِّ أَرَدْتُ أَن آتيَ هَذَا الجَبَلَ فَأَخْلُوَ فِيهِ وَأَتَعَبَّد، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَصَبرُ أَحَدِكُمْ سَاعَةً عَلَى مَا يَكْرَهُ في بَعْضِ مَوَاطِنِ الإِسْلَام؛ خَيرٌ مِن عِبَادَتِهِ خَالِيَاً أَرْبَعِينَ سَنَة " 0

[أَخْرَجَهُ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: 9727]

ص: 4903

وَفي هَذَا الحَدِيثِ لَفْتَةٌ عَظِيمَةٌ مِنهُ صلى الله عليه وسلم لأُمَّتِه؛ حَيْثُ لَا يُرِيدُ مِنهَا أَنْ تَقِفَ هَذَا المَوْقِفَ السَّلبيّ؛ إِزَاءَ عُيُوبِ المجْتَمَعِ وَآفَاتِه، وَفي الشَّدَائِدِ وَالأَهْوَال: تَظْهَرُ مَعَادِنُ الرِّجَال 00

إِنَّ الشَّدَائِدَ فِيهَا يُعْرَفُ الرَّجُلُ

ص: 4904

وَأَخْتِمُ التَّمْهِيدَ بِهَذَا الحَدِيثَينِ الْفَرِيدَيْن:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلىَ اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعَاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون} {المَائِدَة/105}

عَن أَبي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن هَذِهِ الآية 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" مُرُواْ بِالمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْاْ عَنِ المُنْكَر، فَإِذَا رَأَيْتَ شُحَّاً مُطَاعَاً، وَهَوَىً مُتَّبَعَاً وَدُنيَا مُؤْثَرَة، وَرَأَيْتَ أَمْرَاً لَا بُدَّ لَكَ مِنْ طَلَبِهِ: فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ وَدَعْهُمْ وَعَوَامَّهُمْ؛ فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ أَيَّامَ الصَّبْر: صَبْرٌ فِيهِنَّ كَقَبْضٍ عَلَى الجَمْر، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ أَجْرُ خَمْسِينَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِه " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7912]

ص: 4905

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِصَحَابَتِهِ رضي الله عنهم: " إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانَ صَبر، لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِ أَجْرُ خَمْسِينَ شَهِيدَاً مِنْكُمْ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (3997)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]

{الكَاتِبُ الإِسْلَامِي / يَاسِرُ الحَمَدَاني}

،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،،؛،؛،؛،؛

ص: 4906

فَضْلُ الصَّبرِ عَلَى الْبَلَاء:

==============

مَعْنى كَلِمَةِ الصَّبرِ في اللُّغَة

الصَّبْرُ لُغَةً هُوَ المَنعُ وَالحَبْس؛ أَلَيْسَتْ تَمْنَعُ المَرْأَةُ بِهِ نَفسَهَا عَنْ شَقِّ الجُيُوب، وَلَطْمِ الخُدُود، وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّة 00؟!

وَالعَرَبُ تَقُول: " قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرَاً صَبْرَاً " 00 أَيْ مَنَعَهُ مِنَ الدِّفَاعِ عَنْ نَفسِهِ وَقَتَلَه 0

وَلَوْ نَظَرْتَ إِلى مَادَّةِ الصَّبرِ في اللُّغَةِ تجِدُهَا مَلِيئَةً بِالمَشَاقّ:

ص: 4907

يَقُولُ ابْنُ مَنْظُورٍ في لِسَانِ العَرَب: " صَبَرَهُ عَنِ الشَّيء يَصْبِرُه صَبْراً: حَبَسَه، وَالصَّبْرُ: نَصْبُ الإِنْسانِ لِلقَتْل، فَهُوَ مَصْبُور، وَيُقَالُ قَتَلَهُ صَبْراً، وَالصَّبْرُ: الإِكْرَاه؛ يُقَال: صَبَرَ الحَاكِمُ فُلَانَاً عَلَى كَذَا: أَيْ أَكْرَهَهُ عَلَيْه، وَالصَّبْرُ نَقِيضُ الجَزَع، وَيُقَالُ صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فَهُوَ صابِرٌ وَصَبَّارٌ وَصَبِيرٌ وَصَبُور، وَالأُنْثَى صَبُورٌ أَيضاً بِغَيرِ هَاء، وَجَمْعُهُ صُبُرٌ [كَصَدُوقٍ وَصُدُق] فَالصَّبْرُ هُوَ حَبْسُ النَّفْس، وَمِنهُ قَوْلُهُ تَعَالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيّ} {الكَهْف/28}

ص: 4908

وَالتَّصَبُّر: تَكَلُّفُ الصَّبْرِ وَالمبَالَغَةُ فِيه؛ وَالصَّبُورُ اسْمٌ مِن أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنى: بمَعْنى الحَلِيم، وَالصَّبْرُ الجَرَاءَ ة، وَمِنهُ قَوْلُهُ عز وجل:{فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّار} {البَقَرَة/175}

أَي ما أَجْرَأَهُمْ عَلَى الأَعْمَالِ المُفْضِيَةِ إِلَيْهَا، وَمِنَ الصَّبرِ سُمِّيَ رَمَضَانُ بِشَهْرِ الصَّبْرِ في أَحَادِيثَ صَحِيحَة؛ وسُمِّي الصَّوْمُ صَبْراً؛ لِمَا فِيهِ مِن حَبْسِ النَّفْسِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنِّكاح، وَصَبَرَهُ: أَيْ أَوْثَقَهُ، وَاصْطَبرَ مِنهُ أَيِ اقْتَصَّ، وَأَصْبَرَهُ أَقَصَّه مِنهُ، وَفي الحَدِيثِ أَنَّ النَّبيَّ ضَرَبَ إِنساناً بِقَضِيبٍ يُدَاعِبُهُ، فَقَالَ لَهُ أصْبِرْني: أَيْ أَقِدْني مِنْ نَفْسِك 00؟

ص: 4909

وَصَبِيرُ الخُوان: رُقَاقَةٌ عَرِيضَةٌ تُبْسَطُ تحْتَ مَا يُؤْكَلُ مِنَ الطَّعَام؛ وَكَأَنَّهَا تَصْبِرُ ـ أَيْ تحْبِسُ ـ نَفْسَهَا حَتىَّ يَأْكُلَ الآكِلُونَ عَلَيْهَا، وَالصُّبْرُ: حَافَّةُ الشَّيءِ وَحَرْفُه؛ وَكَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثرَةِ تَعَرُّضِهِ لِلأَشْيَاء، وَإِذا لَقِيَ الرَّجُلُ الشِّدَّةَ مُكْتَمِلَةً قِيلَ لَقِيَهَا بأَصْبارها، وَالصَّبْرَةُ مِنَ الحِجَارَةِ مَا اشْتَدَّ وَغَلُظ، وَالصَّبِيرُ الجَبَل، وَالصَّبَّارة: الأَرْضُ الغَلِيظة المُرْتَفِعَةُ الَّتى لَا نَبَاتَ فِيهَا وَلَا مَاء، أُمُّ صَبُّورٍ فَهِيَ الهَضْبة الَّتي لَيْسَ لهَا مَنْفَذ؛ وَيُقاَلُ وَقَعَ القَوْمُ في أُمُّ صَبُّور: أَيْ في أَمْرٍ مُلْتَبِسٍ شَدِيدٍ لَيْسَ لَهُ مَنْفَذ، وَأَصْبرَ الرَّجُل: أَيْ وَقَعَ في أُمِّ صبُّور، أَيْ في دَاهِيَةِ الدَّوَاهِي، وَالصَّبْر: عُصَارَةُ شَجَرِ الصَّبَّار، وَهِيَ مُرَّةٌ عَلْقَم، وَجَمْعُهُ صُبُور، وَيُقَالُ أَتَيْتُهُ في صَبَارَّةِ الشِّتَاء: أَي في شدَّة البَرْد 0 {ابْنُ مَنْظُورٍ في لِسَانِ العَرَب بِشَيْءٍ مِنَ الشَّرْحِ وَالَاخْتِصَار: 437/ 4}

ص: 4910

مَعْنى الصَّبْرِ في الشَّرِيعَة

هَذَا عَمَّا قَالَهُ اللُّغَوِيُّون، أَمَّا عَمَّا قِيلَ في مَعْنَاهُ مِنَ الأَثَر:

عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الصَّبرُ رِضَاً " 0

[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الضَّعِيفَةِ " بِرَقْم: 3792]

وَسُئِلَ الإِمَامُ الجُنَيْدُ عَنِ الصَّبرِ فَقَال: " تجَرُّعُ المَرَارَةِ مِن غَيرِ تَعَبُّس "

[ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين " بِالبَابِ الثَّاني]

ص: 4911

سَبَبُ الْكِتَابَةِ في الصَّبْر، وَمُفَاضَلَةٌ بَيْنَهُ وَبَينَ الشُّكْر

قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: لِمَ كُلُّ كِتَابَاتِكَ حَتىَّ الآن؛ في الصَّبْرِ وَالسُّلوَان، وَالهُمُومِ وَالأَحْزَان، رَغْمَ كَثْرَةِ شُعَبِ الإِيمَانِ 00؟!

إِنِّي رَأَيْتُ وَفي الأَيَّامِ تجْرِبَةٌ * لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً محْمُودَةَ الأَثَرِ

{محَمَّدُ بْنُ يَسِير أَوْ عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِب}

أَلَا تَرَى يَا أَخِي: أَنَّ اللهَ تَعَالى عِندَمَا كَانَ يُقْرِنُ بَيْنَهُمَا كَانَ دَائِمَاً يُقَدِّمُ الصَّبْرَ فَيَقُول: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور} {الشُّورَى/33}

ص: 4912

وَلَمْ أَكُنْ لأُؤَخِّرَ شَيْئَاً قَدَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُه 0

وَمِمَّا دَفَعَني أَيْضَاً لِلكِتَابَةِ في الصَّبرِ وَالسُّلوَان؛ حَيَاتُنَا المُعَاصِرَةُ المَلِيئَةُ بِالظُّلْمِ وَالطُّغْيَان 00

لِذَا أَكْثَرْتُ الكِتَابَةَ في الصَّبْرِ وَالسُّلوَان، رَغْمَ كَثْرَةِ شُعَبِ الإِيمَان؛ لأَنَّ الصَّبْرَ مِلَاكُ الأَمْرِ كُلِّه، يَكْفِي أَنَّهُ نِصْفُ الإِيمَان 00

ص: 4913

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال:

" الصَّبرُ نِصْفُ الإِيمَان، وَاليَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّه " 0

[قَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح: 57/ 1، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب بِرَقْم: 3397، وَهُوَ في الكَبِيرِ]

ص: 4914

قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: فَلِمَ لَمْ تَبْدَأْ بِالنِّصْفِ الآخَر، أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

عَنْ صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" عَجَبَاً لأَمْرِ المُؤْمِن؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَير، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلَاّ لِلْمُؤْمِن؛ إِن أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَه، وَإِن أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَه " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2999 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4915

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِن؛ إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا لَمْ يَقْضِ قَضَاءً إِلَاّ كَانَ خَيْرَاً لَه "

[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ وَفي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان، صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة]

ص: 4916

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَا يحِبُّ قَال:

" الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَات " 0

وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَال: " الحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَال " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (8858/ 4727)، رَوَاهُ الإِمَامُ ابْنُ مَاجَة]

ص: 4917

أَمَّا عَنْ تَرْكِيَ الْكِتَابَةَ في الشُّكْر: فَإِنَّ الشُّكْرَ لَا يُطْلَبُ إِلَاّ مِن غَنيٍّ كَثِيرِ المَال، أَوْ سَعِيدٍ نَاعِمِ البَال، أَمَّا مَوَاطِنُ الصَّبرِ فَهِيَ لَدَى فَقِيرٍ أَوْ سَقِيمٍ أَوْ مَظْلُومٍ يُعَاني الْقَهْرَ وَالإِذْلَال، 00

نَعَمْ يَا أَخِي، كِلَاهُمَا نِصْفُ الإِيمَانِ كَمَا نَصَّتْ عَلَى ذَلِكَ الأَحَادِيثُ في مَوَاطِنَ كَثِيرَة، لَكِنْ نَاهِيكَ في ذَلِكَ أَنَّ كَلِمَةَ الصَّبْرِ ذَكَرَهَا القُرْآنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرَّة، أَمَّا كَلِمَةُ الشُّكْر: فَلَمْ تَرِدْ في القُرْآنِ الكَرِيمِ إِلَاّ مَرَّةً وَاحِدَة، وَجَاءتْ نَكِرَة 00!!

ص: 4918

عَن أَبي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَان، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَان، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لله: تَمْلآَنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض، وَالصَّلَاةُ نُور، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَان، وَالصَّبْرُ ضِيَاء، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْك، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 223 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4919

كَلَامٌ لِلإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ في الصَّبْر

عَن أَبي سَعِيدٍ الخدْرِيّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:" مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً، خَيرَاً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْر "

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1469 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1053 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4920

عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَال:

" الصَّبرُ مِنَ الإِيمَانِ بمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَد " 0

ثُمَّ قَالَ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: " وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَبرَ لَه " 0

[ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ: (3535)، وَهُوَ في مُصَنَّفِ ابْنِ أَبي شَيْبَة: 30439، وَفي الشُّعَب: 9718، وَفي الكَنْز: 6778]

وَيَكْفِي أَنَّ اللهَ جل جلاله مَدَحَ الصَّابِرِينَ في مَوَاطِنِ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب} {الزُّمَرٍ/10}

ص: 4921

كَلَامٌ كَالمَاس؛ لاِبْنِ عَبَّاس

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ في قَولِهِ جل جلاله:

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين} {البَقَرَة/155}

قَال رضي الله عنه: " أَخْبَرَ جل جلاله المُؤْمِنينَ أَنَّ الدُّنيَا دَارُ بَلاء، وَأَنَّهُ مُبْتَلِيهِمْ فِيهَا، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّبر، وَبَشَّرَهُمْ فَقَالَ جل جلاله:

{وَبَشِّرِ الصَّابِرِين} {البَقَرَة/155}

ص: 4922

ثمَّ أَخْبرَهمْ أَنَّهُ هَكَذَا فَعَلَ بِأَنْبِيَائِهِ وَصَفْوَتهِ؛ يُطَيِّبُ نُفُوسَهُمْ، فَقَالَ تبارك وتعالى:{مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلواْ} {البَقَرَة/214}

أَمَّا البَأْسَاءُ فَالفَقْر، وَأَمَّا الضَّرَّاءُ فالسَّقَم، وَزُلْزِلْواْ بِالفِتنِ وَأَذَى النَّاسِ إِيَّاهُمْ " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم:(9687)، وَالإِمَامُ الطَّبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ 0 طَبْعَةُ دَارِ الفِكْر 0 ص: 61/ 26]

ص: 4923

قَالَ نَبيُّ اللهِ عِيسَى عليه السلام يَقُول:

" لَا تُكْثِرُواْ الكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ؛ فَإِنَّ القَلْبَ القَاسِيَ بَعِيدٌ مِنْ اللهِ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُون، وَلَا تَنْظُرُواْ في ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَاب، وَانْظُرُواْ في ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيد؛ فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى وَمُعَافًى؛ فَارْحَمُوا أَهْلَ البَلَاءِ وَاحْمَدُواْ اللهَ عَلَى العَافِيَة " 0

[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (1719)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ مَالِكٌ في " المُوَطَّإِ " بِرَقْم: 1564]

ص: 4924

إِنَّ الصَّبرُ يحَقِّقُ لِصَاحِبِهِ شَرَفَ الدُّنيَا وَالآخِرَة

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ أَيْضَاً في كِتَابِهِ القَيِّمِ " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين ": " وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الإِمَامَةَ في الدِّين: مَنُوطَةً بِالصَّبرِ وَاليَقِين؛ فَقَالَ سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} {السَّجْدَة/24}

ص: 4925

كَلَامٌ قَيِّم؛ لِلإِمَامِ اِبْنِ الْقَيّم

وَحَسْبُكَ عَنْ فَضْلِ الصَّبرِ أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأُوْلي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فَقَالَ سبحانه وتعالى:

{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} {الأَحْقَاف/35}

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ مُعَلِّقَاً عَن هَذِهِ الآيَة: " أَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَصْبرَ صَبرَهُمْ فَقَال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُل} وَأُوْلُو العَزْمِ هُمُ المَذْكُورُونَ في قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحَاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَن أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ} {الشُّورَى/13}

ص: 4926

وفي قولهِ جل جلاله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقَاً غَلِيظَاً {7} لٍيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَاً أَلِيمَاً} {الأَحْزَاب}

هَؤُلَاءِ الخَمْسَةُ بِمَا فِيهِمْ محَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً ـ هُمْ أُوْلُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل 00

ص: 4927

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيرُهُ مِنَ السَّلَف، نَهَاهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِصَاحِبِ الحُوتِ حَيْثُ لَمْ يَصْبرْ صَبرَ أُوْلي العَزْمِ فَقَال سبحانه وتعالى:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ {48} لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ {49} فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} {القَلَم}

أَيْ في ضَعْفِ صَبرِهِ، ثُمَّ يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ بَعْدَهَا مَا مخْتَصَرُه:

" وَانْظُرْ إِلى رِفْقِهِ سبحانه وتعالى بِنَبِيِّهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: " إِذْ صَبرَ وَهُوَ مَكْظُومٌ سبحانه وتعالى " 00 وَإِنَّمَا قَال:

ص: 4928

" إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ " 00 فَلَمْ يَشَأْ تبارك وتعالى أَنْ يُخْجِلَهُ بِصَبرِهِ غَيْرِ الجَمِيلِ بِالأَنْبِيَاء، وَالَّذِي عَاقَبَهُ مِن أَجْلِه، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِدُعَائِهِ الَّذِي رَحِمَهُ مِن أَجْلِهِ " 0 [ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين " بِشَيْءٍ مِنَ الشَّرْح 0 البَابُ التَّاسِع]

أَلَا تَكْفِي كُلُّ هَذِهِ الأَسْبَابِ يَا إِخْوَان؛ لِتَكُونَ مُبرِّرَاً كَافِيَاً لِلْكِتَابَةِ في الصَّبرِ وَالسُّلوَان 00؟

قَالَ سبحانه وتعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحُسْنى عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبرُواْ} {الأعراف/137}

ص: 4929

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ عَن هَذِهِ الآيَةِ مُعَلِّقَاً: " إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَعَدَ المُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ مَعَ الصَّبر، وَهِيَ كَلِمَتُهُ الحُسْنى الَّتي سَبَقَتْ لهُمْ وَلِبَني إِسْرَائِيل، وَأَخْبرَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَنَالَهُمْ ذَلِكَ بِالصَّبر " 0 [ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين " بِالبَابِ الخَامِسَ عَشَر]

ص: 4930

[ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين " بِالمُقَدِّمَة]

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ أَيْضَاً في كِتَابِهِ القَيِّم / عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين:

" وَأَخْبَرَ عَنْ نَبِيِّهِ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ في آخِرِ قِصَّتِهِ أَنَّ صَبرَهُ وَتَقْوَاهُ وَصَّلَاهُ إِلى محِلِّ العِزِّ وَالتَّمْكِين؛ فَقَالَ سبحانه وتعالى: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِين} {يُوسُف/90}

[ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين " بِالبَابِ الأَوَّل]

ص: 4931

كَلَامٌ سَمِين؛ لِعَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِين

{فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَاً {5} إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَاً} {الشَّرْح}

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ في هَذِهِ الآيَة: " أَيْ مَعَ ذَلِكَ العُسْرِ يُسْرَاً آخَر؛ وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ التَّفْسِيرِ في سُورَةِ الشَّرْح تحْتَ رَقْم: 4951 / فَتْح]

{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} {التَّغَابُن: 11}

ص: 4932

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ في هَذِهِ الآيَة:

" هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أنَّهَا مِنَ اللهِ " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ التَّفْسِيرِ في سُورَةِ التَّغَابُنِ بِرَقْم: 4907 / فَتْح]

عَنْ مَكْحُولٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِب " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (347)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَاني، وَهُوَ في " الكَنْزِ " برَقْم: 6644]

ص: 4933

إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى

ثمَّ إِنَّ مَنْ لَمْ يرْضَ بحُكْمِ مُوسَى رَضِيَ بحُكمِ فِرعَون ـ أَيْ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِالبَلَاءِ بِاعْتِبَارِهِ قَدَرَ الله، وَالمُسْلِمُ مُطَالَبٌ بِالرِّضَا بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّه، حُلوِهِ وِمُرِّه: رَضِيَ بِهِ لأَنَّهُ لَيْسَ بمَقْدُورِهِ دَفْعُ المَقْدُور!!

فَالصَّبرُ مَا لَمْ يُصَاحِبْهُ الرِّضَا نَدَمٌ * وَالعَفْوُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَةٍ خَوَرُ

قَالَ أَحَدُ الصَّالحِين:

" لَيْسَ العَجَبُ مِمَّنِ ابْتُلِيَ فَصَبر، وَإِنَّمَا العَجَبُ مِمَّنِ ابْتُلِيَ فَرَضِيَ " 0

ص: 4934

أَيْ رَضِيَ البَلَاءَ وَتَقَبَّلَهُ بِقَبُولٍ حَسَن، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ سَيُوَفيِّ الصَّابِرِينَ أَجْرَهُمْ بِغَيرِ حِسَاب، وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَاب 00

أَتَصْبرُ لِلبَلْوَى احْتِسَابَاً وَحِكْمَةً * فَتُؤْجَرَ أَمْ تَسْلُو سُلُوَّ البَهَائِمِ

{أَبُو تَمَّام 0 بِتَصَرُّفٍ يَسِير}

فَاصْبِرْ عَلَى مَا قَدْ بُلِيتَ فَهَكَذَا شَاءَ القَدَرْ

{زَكِي قُنْصُل 0 بِتَصَرُّف}

وَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ في الصَّبر، حَتىَّ يَكُونَ لَنَا فِيهِ الثَّوَابُ وَالأَجْر 00

يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ في كِتَابِهِ القَيِّم / عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين مُعَلِّقَاً عَن هَذِهِ الآيَة:

ص: 4935

{وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرَّاً وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} {الرَّعْد/22}

لَمْ يَكْتَفِ مِنهُمْ بِمُجَرَّدِ الصَّبرِ حَتىَّ يَكُونَ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ سبحانه وتعالى " 0

[ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِين " بِالبَابِ التَّاسِع]

يَمْضِي البَلَاءُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ * وَكُلُّ أَمْرٍ إِذَا مَا ضَاقَ يَتَّسِعُ

{محَمَّدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ عَمْرٍو البَاهِلِيّ 0 بِتَصَرُّف}

وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَصِلَ إِلى حَقِيقَةِ الإِيمَانِ حَتىَّ تحِبَّ مَا تَكْرَه؛ لأَنَّهُ أَتَى مِنَ الله، وَإِنْ وَصَلْتَ فَأَعْجَبَتْكَ نَفْسُك؛ فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَا وَصَلْتَ إِلى شَيْء 00

ص: 4936

حَتىَّ مَتى أَنْتَ في حِلٍّ وَتَرْحَالِ * وَطُولِ سَعْيٍ وَإِدْبَارٍ وَإِقبَالِ

وَلَوْ قَنِعْتَ أَرَحْتَ الْبَالَ يَا وَلَدِي * إِنَّ السَّعَادَةَ لَيْسَتْ كَثْرَةَ المَالِ

فَدَعْ أُمُورَكَ تجْرِي في أَعِنَّتِهَا * وَلَا تَبِيتَنَّ إِلَاّ خَاليَ البَالِ

مَا بَينَ غَمْضَةِ عَينٍ وَانْتِبَاهَتِهَا * يُبَدِّلُ اللهُ مِن حَالٍ إِلى حَالِ

{أَبُو الْعَتَاهِيَةِ 0 بِتَصَرُّف، بِاسْتِثْنَاءِ الْبَيْتِ الأَخِيرِ فَهُوَ لآخَر}

اصْبرْ لِدَهْرِكَ يَا بُنيَّ فَهَكَذَا مَضَتِ الدُّهُورْ

فَرَحٌ وَحُزْنٌ يَنْقَضِي لَا الحُزْنُ دَامَ وَلَا السُّرُورْ

{أَبُو العَتَاهِيَة}

ص: 4937

هَذَا 00 وَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِن أَحْزَان، مِثْلَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ أَوْ يَزِيد، وَبِالصَّبْرِ ذَلَّلَ اللهُ لَنَا الصِّعَابَ وَأَلَانَ لَنَا الحَدِيد، وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَبْتَلِي الْعَبْدَ لِيرَى صِدْقَه، وَالأَجْرُ عَلَى قَدْرِ المَشَقَّة 00!!

عَن أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاء " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقم: 4031، وَفي الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 2111، 146]

ص: 4938

بَلَوْنَا مَا تَجِيءُ بِهِ اللَّيَالي * فَلَا صُبْحٌ يَدُومُ وَلَا مَسَاءُ

وَأَتْعَبْنَا المَطَايَا في المَسَاعِي * فَمَا بَقِيَ النَّعِيمُ وَلَا الشَّقَاءُ

{الشَّرِيفُ الرَّضِيّ 0 بِاسْتِثْنَاءِ الشَّطْرَةِ الأُولى مِنَ الْبَيْتِ الثَّاني فَهْيَ لي}

حُكْمُ الشَّكْوَى وَالتَّوَجُّع

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ بِمَالِهِ أَوْ في نَفْسِهِ، فَكَتَمَهَا وَلَمْ يَشْكُهَا إِلى النَّاس؛ كَانَ حَقَّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَه " 0 [وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: 256/ 10، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَطِ بِرَقْم: 6570]

ص: 4939

أَوْحَى اللهُ سبحانه وتعالى إِلى نَبيِّ اللهِ عُزَيْرٍ عليه السلام: " إِذَا نَزَلَتْ بِكَ بَلِيَّةٌ فَلَا تَشْكُني إِلى خَلْقِي وَاشْكُ إِليّ، كَمَا لَا أَشْكُوكَ إِلى مَلَائِكَتي إِذَا صَعَدَتْ إِليَّ مَسَاوِيك " 0 [الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ في " كِتَابُ الصَّبرِ وَالشُّكْر " 0 ص: 1482]

قَالَ الأَصْمَعِيّ: " نَظرَ الْفُضَيْلُ إِلىَ رَجُلٍ يَشْكُو إِلىَ رَجُلٍ فَقَالَ لِلشَّاكِي: يَا هَذَا؛ تَشْكُو مَنْ يَرْحَمُكَ إِلىَ مَنْ لَا يَرْحَمُك " 00؟ [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 440/ 8]

ص: 4940

جَوَازُ التَّوَجُّعِ وَالشَّكْوَى، وَكَرَاهِيَةُ الضَّجَرِ وَالسَّخَطِ وَعَدِمِ قَوْلِ " الحَمْدُ للهِ " لِمَنْ سَأَل،

وَقَدْ ثَبُتَ في الصَّحِيحِ تَوَجُّعُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةِ رضي الله عنها وَقَوْلُهَا

" وَارَأْسَاه " وَرَدُّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ:

" بَلْ أَنَا وَارَأْسَاه " 00 كَمَا سَيَأْتي في بَابِ المَرَض 0

فَالصَّبرُ الجَمِيلُ لَا يُفْسِدُهُ التَّوَجُّعُ وَالأَنِين؛ أَلَمْ تَسْمَعْ نبيَّ اللهِ يَعْقُوبَ عليه السلام عِنْدَمَا شَفَّهُ الوَجْدُ 00؟

{وَقَالَ يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُف} {يُوسُف/84} 00؟!

ص: 4941

فَالتَّوَجُّعُ لَا يُنَافي الصَّبرَ الجَمِيل؛ وَهَذِهِ المجْمُوعَةُ مِنَ الأَحَادِيثِ عَلَى مَا أَقُولُ دَلِيل:

وَالخُلَاصَةُ: التَّوَجُّعُ في حَدِّ ذَاتِهِ لَا شِيَةَ فِيه، إِنمَا الحَرَجُ وَالإِثمُ في الضَّجَرِ وَالسَّخَطِ وَعَدِمِ قَوْلِك:

" الحَمْدُ لله " لِمَنْ سَأَلَكَ عَن حَالِك 00

ص: 4942

يُنَزِّلُ اللهُ الصَّبْرَ عَلَى قَدْرِ الْبَلَاء

عَن أَبى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنّ اللهَ سبحانه وتعالى يُنَزِّلُ المَعُونَةَ عَلَى قَدْرِ المَؤُونَة، وَيُنَزِّلُ الصَّبرَ عَلَى قَدْرِ البَلَاء " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 1919، 1664، رَوَاهُ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في الشُّعَب]

ص: 4943

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ وَهُوَ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنيِّ أَسْأَلُكَ الصَّبْر "؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ سَأَلْتَ البَلَاء؛ فَسَلِ اللهَ العَافِيَة " 0 وَمَرَّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ يَقُول: " يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَام " 00

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ " 0

[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 22017]

ص: 4944

الشَّكْوَى مِنَ الله، وَالشَّكْوَى إِلى الله

لَا تَشْكُوَنَّ إِلى العِبَادِ فَإِنمَا * تَشْكُو الرَّحِيمَ إِلى الَّذِي لَا يَرْحَمُ

{وَرَدَ بِنَحْوِهِ في شِعْرِ الشَّرِيفِ الرَّضِيّ}

قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ بَعْدَ هَذَا: فَكَيْفَ اشْتَكَى نَبيُّ اللهِ يَعْقُوبُ عليه السلام؛ أَليْسَ يَقُول: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْني إِلى اللهِ} {يُوسُف/86} 00؟!

ص: 4945

إِنَّ الشَّكْوَى نَوْعَان: شَكْوَى إِلى الله، وَشَكْوَى مِنَ الله، وَسَيِّدُنَا يَعْقُوبُ عليه السلام قَالَ إِلى الله، وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الله 00

فَالشَّكْوَى إِلى اللهِ مُبَاحَة، أَمَّا الشَّكْوَى مِنَ اللهِ؛ فَسُوءُ أَدَبٍ وَوَقَاحَة 0 " أَ 0 هـ "

ص: 4946

وَيُؤْسِفُني وَاللهِ أَن أَسْمَعَ أَحَدَهُمْ وَهُوَ يجْأَرُ إِلى اللهِ وَيَقُول:

" وَاللهِ لَئِنْ لَمْ يخَلِّصْني اللهُ ممَّا أَنَا فِيه؛ لأَتْرُكَنَّ الصَّلَاة، أَفَأُصَلِّي وَيَصْنَعُ مَعِي كَذَا وَكَذَا 00؟!

يخَاطِبُ اللهَ جل جلاله وَكَأَنَّهُ يخَاطِبُ عَامِلاً في مَصْنَعِه، بَلْ وَحَتىَّ العَامِلُ يَأْبى أَنْ يخَاطَبَ هَكَذَا 00!!

ص: 4947

فَلَا تَقُولَنَّ إِنَّ رَبيِّ يُعَذِّبُني بِهَذِهِ البَلَايَا، وَلَكِنْ قُلْ: إِنَّ رَبي يُطَهِّرُني بِهَا مِنَ الذُّنُوبِ وَالخَطَايَا، وَاعْلَمْ أَنَّ جَزَعَكَ لَا يَرُدُّ قَضَاءً وَلَا يَرْفَعُ بَلَاءً، فَإِنْ لَمْ تَفعَلْ؛ كَانَتْ مُصِيبَتُكَ في دِينِكَ أَعْظَمَ مِنْ مُصِيبَتِكَ في دُنيَاك 0

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامَينِ ابْنِ مَاجَةَ وَأَبي دَاوُدَ بِرَقْمَيْ: 77، 4700]

ص: 4948

النِّسَاءُ الَّتي حَذَّرَ مِنهَا النَّبيُّ ** صلى الله عليه وسلم **

المَرْأَةُ الْعَاقِر:

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَال، وَإِنَّهَا لَا تَلِد؛ أَفَأَتَزَوَّجُهَا 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا " 00 ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُود؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَم " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: (2685)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 2050]

ص: 4949

وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ المَصَائِب؛ في الصَّبْرِ دَوَاؤُهَا، أَمَّا قِلَّةُ الصَّبْر؛ فَلَا دَوَاءَ لهَا0

وَلِذَا مَدَحَ القُرْآنُ نَبيَّ اللهِ أَيُّوبَ عليه السلام، وَأَثْنى الثَّنَاءَ الجَمِيلَ عَلَى صَبْرِه؛ فَقَالَ سبحانه وتعالى:

{نِعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّاب} {ص/44}

أَجْرُ العَبْدِ عَلَى حُزْنِه

لَمْ يخْلُقِ اللهُ إِنْسَانَاً تُسَائِلُهُ * مَا بَالُ قَلْبِكَ إِلَاّ قَالَ مَهْمُومُ

{الرِّيَاشِيُّ بِتَصَرُّف}

ص: 4950

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعَبْد، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُكَفِّرُهَا مِنَ العَمَل؛ ابْتَلَاهُ اللهُ عز وجل بِالحُزْنِ لِيُكَفِّرَهَا عَنْهُ " 0 [حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (192/ 10)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 24708]

ص: 4951

وَرُوِيَ أَنَّ نَبيَّ اللهِ دَاوُدَ عليه السلام قَالَ لِرَبِّهِ تبارك وتعالى:

" يَا رَبّ، مَا جَزَاءُ الحَزِينِ الَّذِي يَصْبرُ عَلَى المَصَائِبِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِك 00؟

قَالَ جل جلاله: " جَزَاؤُهُ أَن أُلْبِسَهُ لِبَاسَ الإِيمَانِ فَلَا أَنْزِعُهُ عَنهُ أَبَدَاً " 0

[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ 0 " كِتَابُ الصَّبرِ وَالشُّكْر " 0 ص: 1415]

ص: 4952

أَهَمِّيَّةُ الدُّعَاء؛ في كَشْفِ الْبَلَاء

عَن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه قَال:

" كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 1319]

عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " لَا يَزِيدُ في العُمْرِ إِلَاّ البرّ، وَلَا يَرُدُّ القَدَرَ إِلَاّ الدُّعَاء، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُه " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4022، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]

ص: 4953

وَبَشِّرِ الصَّابِرِين

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَوْمَ القِيَامَة، حِينَ يُعْطَى أَهْلُ البَلَاءِ الثَّوَاب؛ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ في الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (8177/ 14137)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2402]

ص: 4954

عَنْ صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " عَجَبَاً لأَمْرِ المُؤْمِن؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَير، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلَاّ لِلْمُؤْمِن؛ إِن أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَه، وَإِن أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَه " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2999 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4955

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِن؛ إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا لَمْ يَقْضِ قَضَاءً إِلَاّ كَانَ خَيْرَاً لَه " 0

[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ وَفي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان، صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة]

ص: 4956

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّ العِزَّةِ جل جلاله أَنَّهُ قَال: " مَا مِن عَبْدٍ قَضَيْتُ عَلَيْهِ قَضِيَّةً رَضِيَهَا أَوْ سَخِطَهَا؛ إِلَاّ كَانَ خَيرَاً لَه " 0

[قَالَ ابْنُ حَجَرَ العَسْقَلَانيّ: لَهُ شَوَاهِد، وَقَالَ ابْنُ شَاهِين: لَيْسَ في الدُّنيَا إِسْنَادٌ أَحْسَنَ مِنه 0 الكَنز: 5963]

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً 00؟

ص: 4957

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " الأَنْبِيَاء، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَل، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صُلْبَ الدِّينِ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى قَدْرِ دِينِه: فَمَنْ ثَخُنَ دِينُهُ ثَخُنَ بَلَاؤُه، وَمَنْ ضَعُفَ دِينُهُ ضَعُفَ بَلَاؤُه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب بِرَقْم: 3402، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1555، رَوَاهُ الحَاكِم]

ص: 4958

عَنْ سَيِّدِنَا سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الأَنْبِيَاء، ثُمَّ الأَمْثَل، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِه: فَإِنْ كَانَ في دِينِهِ صُلبَاً؛ اشْتَدَّ بَلَاؤُه، وَإِنْ كَانَ في دِينِهِ رِقَّة؛ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ دِينِه، فَمَا يَبرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْد؛ حَتىَّ يَترُكَهُ يمْشِي عَلَى الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 2398، 4023، وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1606]

ص: 4959

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَن أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " الأَنْبِيَاء، ثُمَّ الصَّالِحُون، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنَ النَّاس، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِه، فَإِنْ كَانَ في دِينِهِ صَلَابَةٌ؛ زِيدَ في بَلَائِه، وَإِنْ كَانَ في دِينِهِ رِقَّةٌ؛ خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتىَّ يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَة "

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1481، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

ص: 4960

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْيَمَانِ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ بَلَاءً: الأَنْبِيَاء، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيحِ بِرَقْم: (2442)، رَوَاهُ أَحْمَدُ بِنَحْوِهِ في مُسْنَدِه بِرَقْم: 26539 / دَارُ إِحْيَاءِ التُّرَاث]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ الصَّالحِينَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِمْ " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 7901، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 1103]

ص: 4961

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: " دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَك؛ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْه، فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَينَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَاف، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ مَا أَشَدَّهَا عَلَيْك 00!!

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّا كَذَلِك ـ أَيْ مَعْشَرَ الأَنْبِيَاء ـ يُضَعَّفُ لَنَا البَلَاء، وَيُضَعَّفُ لَنَا الأَجْر " قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " الأَنْبِيَاء " 00 قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ ثُمَّ مَن 00؟

ص: 4962

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " ثمَّ الصَّالحُون؛ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالفَقْر؛ حَتىَّ مَا يجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَاّ العَبَاءةَ يحْوِيهَا ـ أَيْ يَمْلِكُهَا ـ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالبَلَاءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاء " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 4024، وَفي " الصَّحِيحَةِ " بِرَقْم: 144]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ الْبَلَايَا أَسْرَعُ إِلى مَنْ يحِبُّني؛ مِنَ السَّيْلِ إِلى مُنْتَهَاه " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: 2472، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2922]

ص: 4963

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" يَأْتي عَلَى النَّاسِ زَمَان؛ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْر " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 2260]

فَضْلُ كَلِمَة: " إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون "

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُواْ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} {البَقَرَة/156}

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ في هَذِهِ الآيَة:

" نِعْمَ العِدْلَانِ وَنِعْمَ العِلَاوَة " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1302 / فَتْح]

ص: 4964

عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللهُ لِمَلَائِكَتِه: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي 00؟

فَيَقُولُونَ نَعَمْ، فَيَقُول: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِه 00؟

فَيَقُولُونَ نَعَمْ، فَيَقُول: مَاذَا قَالَ عَبْدِي 00؟

فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَع؛ فَيَقُولُ الله سبحانه وتعالى: ابْنُواْ لِعَبْدِي بَيْتَاً في الجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْد " 0 [حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في " التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: (1021)، وَهُوَ في " الشُّعَب " بِرَقْم: (9700)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 6552]

ص: 4965

عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّ العِزَّةِ جل جلاله أَنَّهُ قَال:

" ابْنَ آدَم: إِنْ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى لَمْ أَرْضَ لَكَ ثَوَابَاً دُونَ الجَنَّة " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1597]

{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُواْ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} {البَقَرَة/156}

ص: 4966

عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ في فَضْلِ كَلِمَة " إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ":

" مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مَا أُعطِيَتْ هَذِهِ الأُمَّة، وَلَو أُعْطِيَهَا أَحَد؛ لأُعْطِيَهَا يَعقُوبُ عليه السلام؛ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلى قَوْلِه:{يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُف}

[الإِمَامُ الطَبرِيُّ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَة: [يُوسُف / 84] طَبْعَةِ دَارِ الفِكْر 0 بَيرُوت: 43/ 2]

وَعَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَن أُصِيبَ بمُصِيبَةٍ فَذَكَرَ مُصِيبَتَهُ فَأَحْدَثَ اسْترْجَاعَاً ـ أَيْ قَالَ إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ـ وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهَا؛ كَتَبَ اللهُ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثلَ يَوْمِ أُصِيب " 0

[ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1600، وَهُوَ في شُعَبِ الإِيمَانِ بِرَقْم: 9695]

ص: 4967

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " مَنِ اسْتَرْجَعَ عِنْدَ المُصِيبَة؛ جَبرَ اللهُ مُصِيبَتَهُ وَأَحْسَنَ عُقبَاه، وَجَعَلَ لَهُ خَلَفَاً صَالحَاً يَرْضَاه " 0

[ضَعَّفَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ 0 ص: (331/ 6)، رَوَاهُ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ بِرَقْم: 9689]

ص: 4968

عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَا مِن عَبْدٍ تُصِيبهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُول: إِنَّا للهِ وَإِنا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللهُمَّ أْجُرْني في مُصِيبَتي وَاخْلُفْ لي خَيرَاً مِنهَا؛ إِلَاّ أَجَرَهُ اللهُ في مُصِيبَتَه وَأَخْلَفَ لَهُ خَيرَاً منهَا " 0

تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: فَلَمَّا تُوُفيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: مَن خَيرٌ مِن أَبي سَلَمَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟

ثُمَّ عَزَمَ اللهُ لي فَقُلْتُهَا ـ أَيْ قَدَّرَ اللهُ لي فَقُلْتُهَا ـ فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 918 / عَبْد البَاقِي]

ص: 4969

عَن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهَا أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول:

" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بمُصِيبَةٍ فَيَفْزَعُ إِلى مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتي فَأْجُرْني فِيهَا وَعَوِّضْني مِنْهَا؛ إِلَاّ أَجَرَهُ اللهُ عَلَيْهَا وَعَاضَهُ خَيرَاً مِنْهَا " 00 تَقُولُ أُمُّ سَلَمَة:

فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة؛ ذَكَرْتُ الَّذِي حَدَّثَني عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ:

ص: 4970

إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتي هَذِهِ فَأْجُرْني عَلَيْهَا، فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُول: وَعِضْني خَيْرَاً مِنْهَا قُلْتُ في نَفْسِي: أُعَاضُ خَيْرَاً مِنْ أَبي سَلَمَة 00؟!

ثُمَّ قُلْتُهَا؛ فَعَاضَني اللهُ سبحانه وتعالى محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم وَآجَرَني في مُصِيبَتي " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1598، رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ في الشُّعَب: 9697، الكَنْز بِرَقْم: 6633]

ص: 4971