المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مقدمة قصائد الأطفال]: - موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌[مَقَالَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني]

- ‌أَصُونُ كَرَامَتي مِنْ قَبْلِ قُوتي

- ‌أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُول

- ‌إِعْصَار كَاتْرِينَا

- ‌إِنْقَاذُ السُّودَان؛ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان

- ‌الإِسْلَامُ هُوَ الحَلّ، وَلَيْسَ الإِرْهَابُ هُوَ الحَلّ

- ‌الْبَهَائِيَّة، وَادعَاءُ الأُلُوهِيَّة

- ‌الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَان:

- ‌الدِّينُ النَّصِيحَة:

- ‌الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ

- ‌الفَنَّانَاتُ التَّائِبَاتُ

- ‌{أَرَاذِلُ الشُّعَرَاء}

- ‌الحُلْمُ الجَمِيل:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتجْوِيدِه:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيّ:

- ‌ فَضْلُ بِنَاءِ المَسَاجِد **

- ‌فُقَرَاء، لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

- ‌قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:

- ‌لُغَتُنَا الجَمِيلَة:

- ‌مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌أَنْقِذُونَا بِالتَّغْيِير؛ فَإِنَّا في الرَّمَقِ الأَخِير:

- ‌إِيرَان؛ بَينَ المِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَان

- ‌الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين

- ‌الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه

- ‌الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان

- ‌الشَّاعِرُ المَغْرُور

- ‌الْفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالرُّوتِينُ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة

- ‌الْقِطَطُ السِّمَان

- ‌الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي

- ‌المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون

- ‌بَعْضَ الَاهْتِمَام؛ يَا هَيْئَةَ النَّقْلِ الْعَامّ

- ‌ثَمَانِ سَنَوَات؛ يَا وَزَارَةَ الاتِّصَالات

- ‌جَمَاعَةُ الإِخْوَانِ المحْظُوظَة

- ‌دُورُ " النَّشْل

- ‌شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ

- ‌شُعَرَاءُ الْفُكَاهَة؛ بَيْنَ الجِدِّيَّةِ وَالتَّفَاهَة

- ‌صَنَادِيقُ شَفَّافَة، وَنُفُوسٌ غَيرُ شَفَّافَة

- ‌ ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق

- ‌فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس

- ‌قَتَلُواْ بِدَاخِلِنَا فَرْحَةَ الْعِيد

- ‌قَصِيدَةً مِنْ نَار؛ لِمَنْ يَتَّهِمُني بِسَرِقَةِ الأَشْعَار

- ‌قَنَاةٌ فَضَائِيَّةٌ تَلْفِتُ الأَنْظَار؛ بِالطَّعْنِ في نَسَبِ النَّبيِّ المخْتَار

- ‌مَتى سَيُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف

- ‌مُوَسْوِسُونَ لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌يَتْرُكُونَ المُشَرِّفِين؛ وَيُقَدِّمُونَ " المُقْرِفِين

- ‌يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ وَيَعْمَلُ بَنَّاءً

- ‌أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء

- ‌مخْتَارَاتٌ مِنْ دِيوَاني:

- ‌الحَمَاسَةُ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌إِهْدَاءُ الحَمَاسَةِ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ الحَمَاسَة:

- ‌بَحْرُ الخَفِيف:

- ‌بَحْرُ الْبَسِيط:

- ‌بَحْرُ الرَّجَز:

- ‌بَحْرُ الرَّمَل:

- ‌بَحْرُ الوَافِر:

- ‌بَحْرُ المُتَدَارَك:

- ‌بَحْرُ المُتَقَارِب:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 2]:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 3]:

- ‌مجْزُوءُ الرَّمَل:

- ‌مجْزُوءُ الرَّجَز:

- ‌مجْزُوءُ الْوَافِر:

- ‌مجْزُوءُ الْكَامِل:

- ‌مُخَلَّعُ الْبَسِيط:

- ‌[مَنهُوكُ الرَّجَز

- ‌كِتَابُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌مُقَدِّمَةُ الرِّضَا بِالقَلِيل

- ‌تَمْهِيدُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌الفَقِيرُ الصَّابِر:

- ‌الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌عَفَافُ النَّفْس:

- ‌كِتَابُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

- ‌أَحْكَامُ الجَنَائِز:

- ‌فَقْدُ الأَحِبَّة:

- ‌وَفَاةُ الحَبِيب:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌مُصِيبَةُ المَرَض:

- ‌مُصِيبَةُ السِّجْنِ وَالحَدِيثُ عَنِ المَظْلُومين:

- ‌هُمُومُ المُسْلِمِين:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ العُلَمَاء

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌[كِتَابُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌أَرْشِيفُ الحَمَدَاني:

- ‌انحِرَافُ الشَّبَاب:

- ‌البَيْتُ السَّعِيد

- ‌أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:

- ‌{الأَدَبُ مَعَ اللهِ وَرَسُولِهِ

- ‌ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجْ:

- ‌الدِّينُ الحَقّ:

- ‌الطِّيبَةُ في الإِسْلَام:

- ‌الْعِلْمُ وَالتَّعْلِيم:

- ‌العَمَلُ وَالكَسْب:

- ‌الكِبْرُ وَالغُرُور

- ‌المَمْلَكَةُ العَادِلَة:

- ‌بِرُّ الوَالِدَين:

- ‌نُزْهَةٌ في لِسَانِ الْعَرَب:

- ‌تَرْجَمَةُ الذَّهَبيّ؛ بِأُسْلُوبٍ أَدَبيّ [

- ‌حَالُ المُسْلِمِين:

- ‌رِجَالٌ أَسْلَمُواْ عَلَى يَدِ الرَّسُول:

- ‌فَوَائِدُ الصَّوْم:

- ‌زُهْدِيَّات:

- ‌(طَوَارِئُ خَطَابِيَّة)

- ‌فَضَائِلُ الصَّحَابَة:

- ‌مَدِينَةُ كُوسُوفُو:

- ‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

- ‌فَهْرَسَةُ سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء

الفصل: ‌[مقدمة قصائد الأطفال]:

[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

===============

تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لَا يَغْفَلُ وَلَا يَنَام، تَبَارَكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمَاً وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يُحْيى وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوت 00

يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءَاً مِنَ الذَّرَّاتِ وَحَتىَّ المجَرَّات 00!!

إِلهِي لَكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ * علَى نِعَمٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لهَا أَهْلَا

إِذَا زِدْتُّ عِصْيَانَاً تَزِيدُ تَفَضُّلاً * كَأَنيَ بِالعِصْيَانِ أَسْتوْجِبُ الفَضْلَا

نُسِيءُ إِلَيْهِ؛ وَيُحْسِنُ إِلَيْنَا، فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ، وَلَا نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا 00!!

ص: 6240

اللَّهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا 00!!

إِلَهِي وَمَوْلَايَ مَا أَعْظَمَكْ * وَمَنْ في الْوَرَى لَا يَرَى أَنعُمَكْ

{يَاسِر الحَمَدَاني}

أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا * في الكَوْنِ كُنْتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ

وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً * حَتىَّ أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني

وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنَاً * وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني

{مِنْ نُونِيَّةِ الْقَحْطَاني بِتَصَرُّف}

إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنْتَ رَغْمَ إِسَاءتي * إِلَيْكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكْرُ

فَمَنْ كَانَ مُعْتَذِرَاً إِلَيْكَ بحُجَّةٍ * فَعُذْرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذْرُ

أَتَيْتُكَ مُفْتَقِرَاً إِلَيْكَ وَلَمْ يَكُنْ * لِيُعْجِبَني لَوْلَا محَبَّتُكَ الفَقْرُ

{الْبَيْتَانِ الأَوَّلَانِ لأَبي نُوَاس، وَالأَخِيرُ لِلْبُحْتُرِيّ 0 بِتَصَرُّف}

ص: 6241

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ اللهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَا، وَدَاعِيَاً إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَا، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا 00

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محَمَّدٍ عَدَدَ أَوْرَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقْتَ مِنَ البَشَر 00

ص: 6242

أَنْتَ الَّذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلِقَاكَا

أَنْتَ الَّذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا

نَادَيْتَ أَشْجَارَاً أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا

وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى لِلَّهِ في يُمْنَاكَا

وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكْتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا

مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يَجْمَعَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مَعْنَاكَا

صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * وَأَدَامَ في أَذْهَانِنَا ذِكْرَاكَا

{شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ صَاحِبُ المُسْتَطْرَف، بِشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّف}

ص: 6243

ثمَّ أَمَّا بَعْد

لَقَدْ قَضَيْتُ أَكْثَرَ مِن عَشْرِ سِنِين؛ عَاكِفَاً عَلَى القِرَاءةِ وَالتَّدْوِين، قَرَأْتُ خِلَالَهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِاْئَةِ أَلْفِ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ العَرَبيِّ الثَّمِين، فَاقْتَرَحْتُ عَلَى النَّاشِرِ اقْتِرَاحَاً خَطَرَ في بَالي: أَلَا وَهُوَ أَن أَجْمَعَ لَهُ مَا يَصْلُحُ مِنهَا لأَنْ يَكُونَ أَنَاشِيدَ لِلأَطْفَالِ؛ فَاسْتَصْوَبَ الْفِكْرَة، وَشَاءَ صَاحِبُ القُدْرَة ـ لِهَذِهِ السُّطُور ـ أَنْ تَخْرُجَ إِلىَ النُّور 0

قَدْ يَنْفَعُ الأَدَبُ الصِّبْيَانَ في صِغَرٍ * وَلَيْسَ يَنْفَعُ بَعْدَ الشَّيْبَةِ الأَدَبُ

إِنَّ الْغُصُونَ إِذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ * وَلَنْ يَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَهُ الخَشَبُ

ص: 6244

وَبُنَاءً عَلَيْه: قَدْ يَلْحَظُ المُتَخَصِّصُ في مجَالِ الشِّعْرِ إِذَا رَجَعَ إِلى أُصُولِ القَصَائِدِ في دَوَاوِينِ أَصْحَابِهَا: بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ الشِّعْرِيَّة، إِمَّا بِالاِخْتِصَارِ أَوْ بِالدَّمْج، أَوْ بِاسْتِبْدَالِ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ الصَّعْبَةِ الَّتي يَنْدُرُ اسْتِعْمَالُهَا بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى أَسْهَلَ مِنهَا، أَوِ اسْتِبْدَالِ بَيْتٍ بِبَيْتٍ آخَرَ أَجْمَلَ مِنهُ 0

ص: 6245

وَتَيْسِيرَاً عَلَى الطِّفْل: قُمْتُ بِتَقْسِيمِهَا بُنَاءً عَلَى أَلْحَانِ بُحُورِهَا: حَيْثُ ضَمَمْتُ كُلَّ الْقَصَائِدِ الَّتي لَهَا نَفْسُ اللَّحْنِ في مجْمُوعَةٍ عَلَى حِدَة، لِتَتَذَوَّقَ أُذُنُ الطِّفْلِ مُبَكِّرَاً مُوسِيقَى الشِّعْرِ الْعَرَبيّ، وَسَوْفَ يُسَهِّلُ عَلَيْهِ هَذَا كُلَّ محْفُوظَاتِهِ مِنَ الشِّعْرِ الْعَرَبيِّ مُسْتَقْبَلاً، وَيجْعَلُ مِنَ الصَّعْبِ عَلَيْهِ جِدَّاً أَنْ تَسْقُطَ مِنهُ كَلِمَةٌ أَوْ تُسْتَبْدَلَ لاِخْتِلَالِ المُوسِيقَى في أُذُنَيْه 0

أَسْأَلُ اللهَ أَن أَكُونَ قَدْ قَدَّمْتُ قِيمَةً مِن خِلَالِهَا، يُسْعِدُ كُلَّ أُمٍّ أَنْ تُقَدِّمَهَا لأَطْفَالِهَا 0 {الفَقِيرُ إِلى عَفْوِ الرَّحْمَنِ / يَاسِر الحَمَدَاني}

[email protected]

ص: 6246

المجْمُوعَةُ الأُولى

[لَحْنُ المُتَقَارِب: فَعُولٌ فَعُولٌ فَعُولٌ فَعُولْ]

لَكَ الحَمْدُ أَنيِّ مِنَ المُسْلِمِين

لَكَ الحَمْدُ أَنيِّ مِنَ المُسْلِمِين * تَسَلَّحْتُ مِنْ صِغَرِي بِالْيَقِين

وَفَتَّحْتُ عَيْني عَلَى خَيْرِ دِين

أَتَيْنَا وَمِنْ قَبْلِنَا النُّورُ جَاءْ * وَأَلْقَتْ إِلَيْنَا هُدَاهَا السَّمَاء

تَبِعْنَا خُطَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاء

{عِصَام الْغَزَالي بِاسْتِثْنَاءِ المِصْرَاعِ الثَّاني مِنَ الْبَيْتِ الأَوَّل}

ص: 6247

عَلَيْكَ اعْتِمَادِي وَفِيكَ اعْتِقَادِي * وَحُبُّكَ زَادِي لِيَوْمِ اللِّقَاءْ

فَأَنْتَ الْقَرِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ * وَأَنْتَ المجِيبُ سَمِيعُ الدُّعَاءْ

دَعَاكَ خُشُوعِي وَسَالَتْ دُمُوعِي * وَصَعَّدْتُ في اللَّيْلِ مُرَّ الْبُكَاءْ

أَنِرْ لي طَرِيقِي وَكُنْ لي رَفِيقِي * لَدَى كُلِّ ضِيقٍ وَكُلِّ بَلَاءْ

{الْبَيْتُ الأَوَّلُ لِيَاسِرٍ الحَمَدَاني، وَالْبَاقِي لِعِصَامِ الْغَزَالي بِتَصَرُّف}

ص: 6248

أَبْقَاكَ اللهُ يَا وَلَدِي

لَكَمْ في حَيَاتي رَأَيْتُ عِيَالَا * وَلَمْ أَرَ لَابْنيَ قَطُّ مِثَالَا

فَلَا أَعْرِفُ النَّوْمَ مِنْ لَعْبِهِ * وَلَا أَسْتَطِيعُ أَخُطُّ مَقَالَا

وَإِنْ قُلْتُ شَيْئَاً لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ * إِلى خَارِجِ الْبَيْتِ شَدَّ الرِّحَالَا

فَأَمْضِي لأُمْسِكَهُ دُونَ جَدْوَى * كَأَنيِّ أُرِيدُ أَصِيدُ غَزَالَا

وَإِنْ قُلْتُ عَفْوَاً حَبِيبي تَعَالى * تَعَالى عَلَيَّ وَلَمْ يُلْقِ بَالَا

وَيُعْرِضُ عَنيِّ وَيَغْضَبُ مِنيِّ * كَأَنيِّ أَطْلُبُ مِنهُ محَالَا

فَأُوعِدُهُ ثُمَّ لَمْ يَلْقَ مِنيِّ * سِوَى الْقُبُلَاتِ تَكُونُ نَكَالَا

{شِعْر / يَاسِر الحَمَدَاني}

ص: 6249

المجْمُوعَةُ الثَّانيَة

[لَحْنُ المُتَدَارَك: فَعِلٌ فَعِلٌ فَعِلٌ فَعِلٌ]

النِّيلُ هِبَةُ الله

النِّيلُ الْعَذْبُ هُوَ الْكَوْثَرْ * وَالجَنَّةُ شَاطِئُهُ الأَخْضَرْ

رَيَّانُ الصَّفْحَةِ وَالمَنْظَرْ * بِالسَّمَكِ وَبِالخَيْرِ الأَوْفَرْ

الْبَحْرُ الْفَيَّاضُ الْقُدُسُ * السَّاقِي النَّاسَ وَمَا غَرَسُواْ

وَهُوَ المِنوَالُ لِمَا لَبِسُواْ * وَبِهِ نَرْوِي الْقُطْنَ الأَزْهَرْ

*********

جَعَلَ الإِحْسَانَ لَهُ شَرْعَا * لَمْ يُخْلِ الْوَادِي مِنْ مَرْعَى

فَتَرَى زَرْعَاً يَتْلُو زَرْعَاً * فَهُنَا يُجْنى وَهُنَا يُبْذَرْ

ص: 6250

جَارٍ وَيُرَى لَيْسَ بجَارٍ * لأَنَاةٍ فِيهِ وَوَقَارٍ

يَنْصَبُّ كَتَلٍّ مُنهَارٍ * وَيَثُورُ فَتَحْسَبُهُ يَزْأَرْ

حَبَشِيُّ اللَّوْنِ كَجِيرَتِهِ * مِنْ مَنْبَعِهِ وَبُحَيْرَتِهِ

وَكَسَا الشَّطَّينِ بِسُمْرَتِهِ * لَوْنَاً كَالمِسْكِ وَكَالْعَنْبَرْ

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف 0 قَالَهَا في نَهْرِ النِّيل}

أُنْشُودَةُ الطِّفْلِ الْفِلَسْطِينيّ

نَشْكُو لِلَّهِ مَوَاجِعَنَا * الظُّلْمُ أَقَضَّ مَضَاجِعَنَا

قَدْ مَلأَتْ لَيْلاً وَنَهَارَاً * صَرَخَاتُ النَّاسِ مَسَامِعَنَا

في كُلِّ طَرِيقٍ نَسْلُكُهُ * نَتَخَيَّلُ فِيهِ مَصَارِعَنَا

مِنْ زَمَنٍ نَبْكِي لَمْ يَمْسَحْ * أَحَدٌ في النَّاسِ مَدَامِعَنَا

{شِعْر / يَاسِر الحَمَدَاني}

أُنْشُودَةُ الطِّفْلِ الْعِرَاقِي

أَبَدَاً لَنْ تَخْنُقَ آمَالي * لَنْ تَبْقَى في وَطَني الغَالي

سَأُحَطِّمُ يَوْمَاً أَغْلَالي

ص: 6251

فَعِرَاقِي مَا كَانَ صَبِيَّا * لِتَكُونَ عَلَى الأَرْضِ وَصِيَّا

وَتُكَبِّلَ بِالْقَيْدِ يَدَيَّا

فَسَأَمْلأُ صَدْرَكَ بِالضِّيقِ * وَتَرَاني في كُلِّ طَرِيقٍ

أَسْحَقُ مَن حَاوَلَ تَمْزِيقِي

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}

اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّة

كَمْ ذَا في اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة * مِنْ مَقْطُوعَاتٍ أَدَبِيَّة

لَوْ دَخَلَتْ أَيَّ مُسَابَقَةٍ * فَازَتْ بِالْكَأْسِ الذَّهَبِيَّة

أَحْيى اللَّهُ مَن أَحْيَاهَا * وَرَعَى كَوْكَبَةً تَرْعَاهَا

لُغَةُ الحِكْمَةِ وَالأُدَبَاءِ * في كُلِّ مجَالٍ تَلْقَاهَا

مَا الضَّعْفُ بِهَا بَلْ هُوَ فِينَا * حَفِظَتْ سُنَّتَنَا وَالدِّينَا

مَا كَانَتْ يَوْمَاً عَاجِزَةً * حَتىَّ تحْتَاجَ التَّحْسِينَا

قَالُواْ لُغَةٌ تَقْلِيدِيَّة * وَقَوَاعِدُهَا تَعْقِيدِيَّة

وَإِذَا حَقَّقْنَا رَغْبَتَهُمْ * قَالُواْ لُغَةٌ تجْرِيدِيَّة

ص: 6252

قَالُواْ تَفْتَقِدُ الأَسْمَاءَا * لَا بَلْ تَفْتَقِدُ الْعُلَمَاءَا

لُغَةٌ فَائِقَةٌ عَظَمَتُهَا * وَلِذَا تَحْتَاجُ الْعُظَمَاءَا

{شِعْر / يَاسِر الحَمَدَاني}

كَتَائِبُ الأَقْصَى

سَنَخُوضُ المَعْرَكَةُ الْكُبرَى

وَسَتُدْرِكُ أُمَّتُنَا النَّصْرَا

لَنْ نَتْرُكَ مَسْجِدَنَا الأَقْصَى

سَنُحَرِّرُهُ شِبرَاً شِبرَا

مِنْ زَمَنٍ مَرَّ وَأُمَّتُنَا

سَاهِرَةٌ تَنْتَظِرُ الْفَجْرَا

لَنْ يَرْدَعَ أَمْرِيكَا إِلَاّ

مَنْ يَكْسِرُ شَوْكَتَهَا كَسْرَا

لَنْ نُبْقِيَ في خَلَدِ الدُّنيَا

مِنْ سِيرَتِهَا إِلَاّ الذِّكْرَى

وَسَنَجْعَلُ سُودَ أَفَاعِلِهَا

في أُمَّتِنَا حُمَمَاً حُمْرَا

قَرْنٌ قَدْ مَرَّ وَكَوْكَبُنَا

لَمْ يَرَ مِنهَا قَطٌّ خَيرَا

{شِعْر / يَاسِر الحَمَدَاني}

صوتك الاِنتِخَابي أمَانة

" وَاللَّه اليُوم دَا بْنِتْمَنَّاه * مِنْ مُدَّة وِبْنِسْتَنَّاهْ "

ص: 6253

" يَا اهْلِ العِزِّ وْيَا اهْلِ الجَاهْ * يَا مَا كَامْ مَقْلَبْ وِشْرِبْنَاهْ "

" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "

" دِلْوَقْتي بْتِسْأَلُواْ عَن حَالْنَا * وِتْهِمُّكُواْ صِحِّة أَنجَالْنَا "

" لَكِنْ دَا احْنَا خَلَاصْ فَتَّحْنَا * وِاللِّي نْسِينَا رَاحْ نِنْسَاهْ "

" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "

" لَازِمْ يِبْقَى نَايِبْ دَايْرِتْنَا * نِعْرَفْ بِيتُه وْيِعْرَفْ بِيتْنَا "

" وِاللِّي نحِبُّهْ: رَاحْ نِنْتِخْبُه * وِخَلَاصْ بِقْلُوبْنَا اخْتَرْنَاهْ "

" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "

" رَاجِلْ بَابُهْ مِشْ مَقْفُولْ * لِيلْ وِنهَارْ مَفْتُوحْ عَلَى طُولْ "

" هُوَّا حَبِيبْنَا وْمِشْ هَايْسِيبْنَا * أَصْلُهْ عْرِفْنَا وِعْرِفْنَاهْ "

" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "

ص: 6254

" بِنحِبُّه وْبِيْحِبِّنَا جِدَّاً * وِدِي حَاجَة أَبَّاً عَن جِدَّاً "

" يَامَا هَنَّانَا وْيَامَا عَزَّانَا * وْبْنِعْرَفْ نِقْعُدْ وَيَّاهْ "

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

المجْمُوعَةُ الثَالِثَة

[لَحْنُ الْوَافِر: مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ فَعُولٌ]

الطَّاغِي الصَّغِيرُ

فَدَقَّ بِرِجْلِهِ الأَرْضَ احْتِجَاجَاً

وَمَدَّ ذِرَاعَهُ سَهْمَاً يُشِيرُ

وَبَالَغَ في الْبُكَاءِ بِغَيْرِ دَمْعٍ

لِيُرْغِمَ أَهْلَهُ الطَّاغِي الصَّغِيرُ

وَصَاحَ أُرِيدُ مِن هَذَا فَهَاتُواْ

وَإِلَاّ لَن أَسِيرَ وَلَنْ تَسِيرُواْ

وَوَالِدُهُ يَقُولُ لَهُ أَطِعْني

رُكُوبُ الرَّأْسِ شَرٌّ مُسْتَطِيرُ

تَعَقَّلْ يَا بُنيَّ وَسِرْ وَعَيْبٌ

تجَمَّعَ حَوْلَنَا خَلْقٌ كَثِيرُ

{شِعْر / عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}

الرَّضِيعُ الفَظِيع

{رَشَادٌ} قِطْعَةٌ مِنيِّ وَإِنيِّ

ص: 6255

أَبُوهُ وَعُمْرُهُ في الثَّدْيِ عَامُ

وَقَدْ يحْلُو لَهُ التَّسْبِيحُ لَيْلاً

فَيُوقِظُني وَقَدْ نَامَ الأَنَامُ

رُوَيْدَاً أَيُّهَا الرَّجُلُ الصَّغِيرُ

أَمَا أَدَبٌ لَدَيْكَ وَلَا احْتِشَامُ

تُبَخِّرُني بِعِطْرِكَ كُلَّ يَوْمٍ

وَعِطْرُكَ ذَا الصَّلَاةُ بِهِ حَرَامُ

هَدَايَاكَ الثَّمِينَةُ أَحْرَجَتْني

وَضَاعَ بِهَا الْوَقَارُ وَالاِحْتِرَامُ

{شِعْر / عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}

مُتْعَةُ السَّفَرِ بِالْقِطَار [رضي الله عنه]

أُفَضِّلُ أَن أُسَافِرَ بِالْقِطَارِ

يَشُقُّ طَرِيقَهُ بَينَ الصَّحَارِي

أُحِبُّ رُكُوبَهُ مِن غَيْرِ شَرْطٍ

أَبِالْبَنْزِينِ سَارَ أَمِ الْبُخَارِ

مُشَاهَدَةُ الحُقُولِ بِجَانِبَيْهِ

شِفَاءٌ لِلصِّغَارِ وَلِلْكِبَارِ

تَرَاهُ مُسْرِعَاً دَوْمَاً كَلِصٍّ

يَلُوذُ مِنَ الحُكُوَمَةِ بِالْفِرَارِ

وَيَجْرِي فَوْقَ خَطٍّ مُسْتَقِيمٍ

ص: 6256

لِذَلِكَ لَا يَحِيدُ عَنِ المَسَارِ

وَطَوْرَاً تحْتَ وَجْهِ الأَرْضِ يَجْرِي

وَيَجْرِي تَارَةً فَوْقَ الْكَبَارِي

فَيَبْلُغُ بِالمُسَافِرِ مُنْتَهَاهُ

وَحَيْثُ يُرِيدُ لَكِنْ في وَقَارِ

{شِعْر / يَاسِر الحَمَدَاني}

المجْمُوعَةُ الرَّابِعَة

[مجْزُوءُ الْوَافِر: مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ * مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ]

الطَّاوُوسُ المَغْرُور

سَمِعْتُ بِأَنَّ طَاوُوسَاً * أَتَى يَوْمَاً سُلَيْمَانَا

يَرَى لِغُرُورِهِ النَّاسَا * لَهُ قَدْ صِرْنَ عُبْدَانَا

فَقَالَ لَدَيَّ مَسْأَلَةٌ * أَظُنُّ أَوَانَهَا آنَا

وَهَا قَدْ جِئْتُ أَعْرِضُهَا * لأَعْرِفَ رَأْيَ مَوْلَانَا

أَلَسْتُ الْيَوْمَ عِنْدَكُمُ * لجَمْعِ الطَّيْر سُلْطَانَا

فَكَيْفَ يكُونُ حُسْنُ الصَّوْ * تِ حَظِّي مِنهُ حِرْمَانَا

فَمَا تَيَّمْتُ أَفْئِدَةً * وَلَا أَسْكَرْتُ آذَانَا

ص: 6257

وَبَعْضُ الطَّيْرِ أُبْصِرُهُ * يُغَنيِّ الصَّوْتَ أَلحَانَا

فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ * لَقَدْ كَانَ الَّذِي كَانَا

لَقَدْ صَيَّرْتَ يَا مَغْـ * ـرُورُ نُعْمَى اللَّهِ كُفْرَانَا

فَلَوْ أَصْبَحْتَ ذَا صَوْتٍ * لَمَا كَلَّمْتَ إِنْسَانَا

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي في أَسَاطِيرِه بِتَصَرُّف}

المجْمُوعَةُ الخَامِسَة

[لَحْنُ البَسِيط: مُسْتَفْعِلٌ فَاعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ فَعِلٌ]

سُوءُ مَصِير: مَنْ بَاعَ الضَّمِير [1]

الكَبْشُ شَقَّ العَصَا يَوْمَاً عَلَى الرَّاعِي

وَقَالَ لِلشَّاءِ أَنْتُمْ بَعْضُ أَتْبَاعِي

حَتىَّ أَحَسَّ عَصَا الرَّاعِي تُؤَدِّبُهُ

كَمَا يُؤَدَّبُ عَبْدٌ غَيرُ مِطْوَاعِ

فَلَاذَ بِالذِّئْبِ يَدْعُوهُ لِنَجْدَتِهِ

وَمَنْ سِوَاهُ يُلَبيِّ دَعْوَةَ الدَّاعِي

تَنَاوَلَ الذِّئْبُ قَرْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ

ص: 6258

أَقْبِلْ عَلَى الرَّحْبِ يَا رِيمٌ عَلَى القَاعِ

وَسَخَّرَ الكَبْشَ في صَيْدِ الشِّيَاهِ لَهُ

فَجَدَّ في السَّعْيِ خَابَ السَّعْيُ وَالسَّاعِي

وَظَلَّ يَرْتَعُ حِينَاً تحْتَ رَايَتِهِ

وَيَأْكُلُ الحَبَّ بِالْقِنْطَارِ لَا الصَّاعِ

حَتىَّ إِذَا الصَّيْدُ أَعْيىَ الكَبْشَ مَزَّقَهُ

بِمِخْلَبٍ مِثْلِ حَدِّ السَّيْفِ قَطَّاعِ

فَلَا القَطِيعُ بَكَاهُ يَوْمَ مَصْرَعِهِ

وَلَا الذِّئَابُ نَعَاهُ مِنهُمُ نَاعِ

وَهَكَذَا كَانَ ذُو القَرْنَينِ مَوْعِظَةً

لِكُلِّ صَاحِبِ عَقْلٍ سَامِعٍ وَاعِ

{شِعْر / محْمُود غُنَيْم}

سُوءُ مَصِير: مَنْ بَاعَ الضَّمِير [2]

الكَبْشُ قَامَ خَطِيبَاً فَوْقَ رَابِيَةٍ

يَنعَى وَيَنهَى عَدَاءَ الذِّئبِ لِلْغَنَمِ

فَتَمْتَمَ الذِّئبُ في أُذْنَيْهِ أَنْتَ عَلَى

رَأْسِ القَطِيعِ أَمِيرٌ نَافِذُ الْكَلِمِ

فَقَبَّلَ الكَبْشُ رَأْسَ الذِّئبِ مُعْتَذِرَاً

ص: 6259

عَمَّا رَمَاهُ بِهِ مِنْ سَالِفِ التُّهَمِ

وَقَالَ لِلشَّاءِ خُوضُواْ وَارْتَعُواْ مَعَهُ

منْ لَاذَ بِالذِّئْبِ مِنْكُمْ لَاذَ بِالحَرَمِ

وَإِنْ تُصِبْ أَحَدَاً مِنْكُمْ مخَالِبُهُ

فَإِنَّهَا بَلْسَمٌ يَشْفِي مِنَ السَّقَمِ

{شِعْر / محْمُود غُنَيْم}

قَلْبُ الأُمّ

اسْمَعْ نَفَائِسَ مَا يَأْتِيكَ مِنْ حِكَمِي

وَافْهَمْهُ فَهْمَ لَبِيبٍ نَاقِدٍ وَاعِ

كَانَتْ عَلَى زَعْمِهِمْ فِيمَا مَضَى غَنَمٌ

بِأَرْضِ بَغْدَادَ يَرْعَى جَمْعَها رَاعِ

قَدْ نَامَ عَنهَا فَنَامَتْ غَيرَ وَاحِدَةٍ

لَمْ يَدْعُهَا في الدُّجَي نَحْوَ الْكَرَى دَاعِ

فَبَيْنَمَا هِيَ وَسْطَ اللَّيْلِ سَاهِرَةٌ

تُحْيِيهِ مَا بَينَ آهَاتٍ وَأَوْجَاعِ

بَدَا لهَا الذِّئْبُ يَسْعَى في الظَّلَامِ عَلَى

بُعْدٍ فَصَاحَتْ أَلَا قُومُواْ إِلى السَّاعِي

فَقَامَ رَاعِي الحِمَى غَضْبَانَ في فَزَعٍ

ص: 6260

يَقُولُ أَيْنَ كِلَابي أَيْنَ مِقْلَاعِي

فَلَاذَ مِنهُ فِرَارَاً خَوْفَ مَصْرَعِهِ

وَقَالَ أَنْجُو بِنَفْسِي قَبْلَ إِيقَاعِي

فَقَالَتِ الأُمُّ إِن عَينُ الرُّعَاةِ غَفَتْ

سَهِرْتُ مِن حُبِّ أَطْفَالي عَلَى الرَّاعِي

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

مُعَلِّمُ السُّوء

أُنْبِئْتُ أَنَّ سُلَيْمَانَ الحَكِيمَ وَمَن

مَمَالِكُ الطَّيْرِ نَاجَتْهُ وَنَاجَاهَا

أَعْطَى بَلَابِلَهُ يَوْمَاً لخَادِمِهِ

وَقَالَ خُذْهَا لِرَاعِي الْبُومِ يَرْعَاهَا

فَاشْتَاقَ سَيِّدُنَا يَوْمَاً لِرُؤْيَتِهَا

فَأَقْبَلَتْ وَهْيَ أَعْصَى الطَّيْرِ أَفْوَاهَا

أَصَابَهَا الْعِيُّ حَتىَّ لَا اقْتِدَارَ لَهَا

بِأَنْ تَبُثَّ نَبيَّ اللَّهِ شَكْوَاهَا

فَثَارَ سَيِّدُنَا مِمَّا رَآهُ بِهَا

وَوَدَّ لَوْ أَنَّهُ بِالذَّبْحِ دَاوَاهَا

فَجَاءهُ الهُدْهُدُ المَعْهُودُ مُعْتَذِرَاً

ص: 6261

عَنهَا يَقُولُ لِمَوْلَاهُ وَمَوْلَاهَا

بَلَابِلُ اللهِ لَمْ تَخْرَسْ وَلَا وُلِدَتْ

خُرْسَاً وَلَكِنَّ بُومَ الشُّومِ رَبَّاهَا

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}

المجْمُوعَةُ السَّادِسَة

[لَحْنُ الرَّمَل: فَاعِلَاتٌ فَاعِلَاتٌ فَاعِلٌ]

نَشِيدُ مِصْرَ وَالسُّودَان

أَيُّهَا الأَشْبَالُ في النِّيلِ السَّعِيدْ

جَدِّدُواْ الآمَالَ لِلشَّعْبِ الشَّرِيدْ

وَاعْمَلُواْ بِالحَزْمِ وَالعَزْمِ الحَدِيدْ

مِصْرُ نَادَتْ فَاسْتَجِيبُواْ لِلنِّدَاءْ

سَارِعُواْ لِلْمَجْدِ يَا كَنْزَ الأَمَلْ

بِاتحَادٍ وَنِظَامٍ وَعَمَلْ

كُلُّ مَنْ سَارَ عَلَى الدَّرْبِ وَصَلْ

انهَضُواْ وَاللَّهُ يَرْعَى الأَوْفِيَاءْ

جَاءَ عَهْدُ النِّيلِ وَانْجَابَ الظَّلَامْ

وَتَعَالى ذِكْرُنَا بَينَ الأَنَامْ

وَمِنَ اليَوْمِ سَنَمْضِي لِلأَمَامْ

في حِمَى الرَّحْمَنِ في ظِلِّ اللِّوَاءْ

ص: 6262

مِصْرُ وَالسُّودَانُ مِن عَهْدٍ بَعِيدْ

إِخْوَةٌ في الدِّينِ وَالنِّيلِ المجِيدْ

لَهُمَا مجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ تَلِيدْ

خَالِدُ العِزَّةِ مَوْفُورُ الإِبَاءْ

سَنَخُوضُ الهَوْلَ بحْرَاً مِنْ دِمَاءْ

فَحَيَاةُ الذُّلِّ وَالمَوْتُ سَوَاءْ

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

الثَّوْرُ الطَّيِّبُ وَالثَّعْلَبُ المَاكِر

نَظَرَ اللَّيْثُ إِلى ثَوْرٍ سَمِينْ

كَانَ بِالْقُرْبِ عَلَى حَقْلٍ أَمِينْ

فَاشْتَهَتْ مِنْ لحْمِهِ نَفْسُ الرَّئِيسْ

وَكَذَا الأَنْفُسُ يُصْبِيهَا النَّفِيسْ

قَالَ لِلثَّعْلَبِ يَا ذَا الاِحْتِيَالْ

رَأْسُكَ المحْتَالُ أَوْ ذَاكَ الْغَزَالْ

فَدَعَا لِلَّيْثِ بِالْعُمْرِ الطَّوِيلْ

وَمَضَى في الحَالِ لِلأَمْرِ الجَلِيلْ

وَأَتَى الحَقْلَ وَقَدْ جَنَّ الظَّلَامْ

فَرَأَى الْعِجْلَ فَأَهْدَاهُ السَّلَامْ

قَائِلاً يَا أَيُّهَا المَوْلى الْوَزِيرْ

ص: 6263

أَنْتَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَالْعَقْلِ الْكَبِير

حَمَلَ الذِّئْبَ عَلَى قَتْلِي الحَسَدْ

فَوَشَى بي عِنْدَ مَوْلَانَا الأَسَدْ

فَقَصَدْتُ صَاحِبَ الجَاهِ الرَّفِيعْ

وَهْوَ فِينَا لَمْ يَزَلْ نِعْمَ الشَّفِيعْ

فَبَكَى الثَّوْرُ لأَقْوَالِ الخَبِيثْ

وَدَنَا يَسْأَلُ عَنْ شَرْحِ الحَدِيثْ

قَالَ هَلْ تَجْهَلُ يَا حُلْوَ الصِّفَاتْ

أَنَّ مَوْلَانَا أَبَا الأَفْيَالِ مَاتْ

فَرَأَى السُّلْطَانُ في الرَّأْسِ الْكَبِيرْ

مَوْطِنَ الحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ الْغَزِيرْ

وَرَآكُمْ خَيْرَ مَنْ يُسْتَوْزَرُ

وَلأَمْرِ المُلْكِ رُكْنَاً يُذْخَرُ

وَلَقَدْ عَدُّواْ لَكُمْ بَينَ الجُدُودْ

عِجْلَ آبِيسَ وَمَعْبُودَ الْيَهُودْ

فَأَقَامُواْ لِمَعَالِيكُمْ سَرِيرْ

عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مُزْدَانٍ كَبِيرْ

وَاسْتَعَدَّ الطَّيْرُ وَالْوَحْشُ لِذَاكْ

في انْتِظَارِ السَّيِّدِ الْعَالي هُنَاكْ

ص: 6264

فَإِذَا قُمْتُمْ بِأَعْبَاءِ الأُمُورْ

وَانْتَهَى الأُنْسُ إِلَيْكُمْ وَالسُّرُورْ

بَرِّئُوني عِنْدَ سُلْطَانِ الزَّمَان

وَاطْلُبُواْ لي العَفْوَ مِنهُ وَالأَمَان

وَأَنَا عَبْدٌ شَكُورٌ وَمُطِيعْ

أَخْدُمُ المُنعِمَ جُهْدَ المُسْتَطِيعْ

فَأَحَدَّ الثَّوْرُ قَرْنَيْهِ وَقَالْ

أَنْتَ مُنْذُ الْيَومِ جَارِي لَا تُنَالْ

فَامْضِ وَاكْشِفْ لي إِلى اللَّيْثِ الطَّرِيقْ

إِنَّني لَمْ يَشْقَ بي قَطُّ الصَّدِيقْ

فمَضى الخِلَاّنِ تَوَّاً لِلْفَلَاة

ذَا إِلى المَوْتِ وَهَذَا لِلنَّجَاة

وَهُنَاكَ افْتَرَسَ اللَّيْثُ الْوَزِيرْ

وَحَبَا الثَّعْلَبَ مِنهُ بِالْيَسِيرْ

فَانْثَنىَ يَضْحَكُ مِنْ طَيْشِ الْعُجُولْ

وَجَرى في حَلْبَةِ الفَخْرِ يَقُولْ

سَلِمَ الثَّعْلَبُ بِالرَّأْسِ الصَّغِيرْ

فَفَدَاهُ كُلُّ ذِي رَأْسٍ كَبِيرْ

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

ص: 6265

المجْمُوعَةُ السَّابِعَة

[الرَّمَلُ القَصِير: فَاعِلَاتٌ فَاعِلَاتٌ * فَاعِلَاتٌ فَاعِلَاتٌ]

خُطْبَةُ الثَّعْلَبُ

أَقْبَلَ الثَّعْلَبُ يَوْمَاً * في ثِيَابِ الْوَاعِظِينَا

وَمَشَى في الأَرْضِ يَهْدِي * وَيَسُبُّ المَاكِرِينَا

وَيَقُولُ الحَمْدُ للَّهِ إِلَهِ الْعَالَمِينَا

يَا عِبَادَ اللهِ تُوبُواْ فَهْوَ حِصْنُ التَّائِبِينَا

وَازْهَدُواْ في الطَّيْرِ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الزَّاهِدِينَا

وَاطْلُبُواْ الدِّيكَ يُؤَذِّنْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فِينَا

فَأَتى الدِّيكَ رَسُولٌ مِن إِمَامِ الزَّاهِدِينَا

فَأَجَابَ الدِّيكُ عُذْرَاً يَا أَضَلَّ المُهْتَدِينَا

بَلِّغْ الثَّعْلَبَ عَنيِّ عَنْ جُدُودِي الصَّالحِينَا

أَنَّهُمْ قَالُواْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ قَوْلُ الْعَارِفِينَا

مخْطِئٌ مَنْ ظَنَّ يَوْمَاً أَنَّ لِلثَّعْلَبِ دِينَا

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}

ص: 6266

عَارٌ عَلَى اللُّصُّوصِ أَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمْ شَرِيفَاً

كَانَ ذِئْبٌ يَتَغَدَّى * فَجَرَتْ في الزَّوْرِ عَظْمَة

أَلْزَمَتْهُ الصَّوْمَ حَتىَّ * أَنحَلَتْ بِالجُوعِ جسْمَه

فَأَتىَ الثَّعْلَبُ يَبْكِي * ويُعَزِّي فِيهِ أُمَّه

قَالَ يَا أُمَّ صَدِيقي * بي لِفَقْدِ الذِّئْبِ غُمَّهْ

فَاصْبرِي صَبْرَاً جَمِيلاً * إِنَّ صَبْرَ الأُمِّ رَحْمَة

فَأَجَابَتْ يَا ابْنَ أُخْتي * كُلُّ مَا قَدْ قُلْتَ حِكْمَة

لَمْ يَفُلَّ الْقَلْبَ إِلَاّ * قَوْلُهُم مَاتَ بِعَظْمَة

لَيْتَهُ مِثْلَ أَخِيهِ * مَاتَ محْسُودَاً بِتُخْمَة

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

المجْمُوعَةُ الثَّامِنَة

[الْكَامِلُ القَصِير: مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ * مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ]

لَكِ اللهُ يَا بَغْدَاد

بَغْدَادُ يَا بَلَدَ الرَّشِيدْ * وَمَنَارَةَ المجْدِ التَّلِيدْ

ص: 6267

يَا بَسْمَةً لَمَّا تَزَلْ زَهْرَاءَ في ثَغْرِ الخُلُودْ

يَا مَوْطِنَ الحُبِّ القَدِيمِ وَمَضْرِبَ المَثَلِ الشَّرُودْ

يَا سَطْرَ مجْدٍ لِلْعُرُوبَةِ خُطَّ في لَوْحِ الوُجُودْ

إِلى الأَمَامِ عَلَى الدَّوَامْ

سِرُّ النَّجَاحِ إِلى الأَمَامْ * فَإِلى الأَمَامِ عَلَى الدَّوَامْ

وَإِلى الأَمَام أَكَانَ عَصْرُكَ عَصْرَ حَرْبٍ أَوْ سَلَامْ

نِعْمَ الشِّعَارُ لِمَن أَرَادَ لِنَفْسِهِ عَيْشَ الكِرَامْ

زَاحِمْ وَسِرْ نحْوَ الأَمَامِ فَإِنَّمَا الدُّنيَا زِحَامْ

هِيَ مَوْكِبٌ مَنْ نَامَ فِيهِ فَلَنْ يَكُونَ لَهُ قِيَامْ

{شِعْر / محَمَّد الأَسْمَر 0 بِتَصَرُّفٍ يَسِير}

حَيِّ الشَّبَابَ المُصْلِحِين

حَيِّ الشَّبَابَ المُصْلِحِين * خَيرَ الكَتَائِبِ أَجْمَعِين

مَنْ شَيَّدُواْ صَرْحَ الرَّشَادِ لِيرْفَعُواْ للهِ دِين

مَنْ قَدْ أَبَواْ إِلَاّ الجِهَادَ فَدَيْتُهُمْ مِنْ مخْلِصِين

ص: 6268

لَا يَعْمَلُونَ لِغَايَةٍ إِلَاّ فَلَاحَ المُسْلِمِين

فَيُجِيبُونَ هُمْ:

نحْنُ الجُنُودُ إِذَا دَعَا الدَّاعِي نَهَضْنَا لِلْوَطَن

مِنْ كُلِّ فَجٍّ كَالسُّهُولِ أَوِ الحُقُولِ أَوِ المُدُن

لِنَذُودَ عَن أَوْطَانِنَا إِنْ لَمْ نَذُدْ عَنهُ فَمَن

{أَشْعَار / هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}

عَزْمُ الشَّبَاب

عَزْمُ الشَّبَابِ هُوَ القَضَاءُ وَمُبْتَغَاهُ هُوَ القَدَرْ

فَارْفَعْ جَبِينَكَ لِلحَيَاةِ وَلَا تَذِلَّ لِمُقْتَدِرْ

الكَوْنُ مِلْكُكَ وَالحَيَاةُ بِعَزْمِ أَمْرِكَ تَأْتَمرْ

مَا شِئْتَ مِن حَقٍّ فَلَا تَنهَضْ إِلَيْهِ عَلَى حَذَرْ

تَسْعَى الذِّئَابُ لِصَيْدِهَا وَسْطَ الظَّلَامِ المُنْتَشِرْ

أَمَّا الأُسُودُ فَلَا تخَافُ المَوْتَ أَو تخْشَى الخَطَرْ

كُنْ كَالصُّقُورِ مُقَامُهَا فَوْقَ السَّحَابِ مَعَ القَمَرْ

لَا كَالغُرَابِ يُطَارِدُ الجِيَفَ الحَقِيرَةَ في الحُفَرْ

ص: 6269

مَنْ ذَلَّ تَدْهَكُهُ السَّنَابِكُ في مَتَاهَاتِ العُمُرْ

وَتَلِينُ غَّطْرَسَةُ الزَّمَانِ إِلى الأَبيِّ مِنَ البَشَرْ

{مُصْطَفَى عِكْرِمَة}

أَنَا بِنْتُ مِصْر

أَنَاْ خَيْرُ لحْنٍ في الشِّفَاه * وَأَبي مِنَ العَرَبِ الأُبَاة

أَنَاْ بِنْتُ مِصْرَ تَلِيدَةِ الأَمْجَادِ مَقْبَرَةِ الغُزَاة

أَنَاْ زَهْرَةٌ لَيْسَتْ تَفُوحُ شَذَىً عَلَى أَيْدِي الجُنَاة

وَحَمَامَةٌ تَرْجُو السَّلَامَ أَثَارَهَا ظُلْمُ الطُّغَاة

أَحْمِي البِلَادَ وَأَسْتَمِدُّ العَوْنَ مِنْ نُورِ الإِلَه

* * * * * * * * *

هَذَا أَخِي حَمَلَ السِّلَاحْ * لَمَّا دَعَا دَاعِي الكِفَاحْ

وَوَرَاءَهُ في الصَّفِّ أُخْتي لَا تُبَالي بِالرِّمَاحْ

تَأْسُو الجِرَاحَ إِذَا هَوَى في الحَرْبِ مخْضُوبُ الجِرَاحْ

وَالأُمُّ تَشْحَذُ عَزْمَنَا بِدُعَائِهَا لَا بِالنُّوَاحْ

ص: 6270

لَا بُدَّ لِلَّيْلِ الَّذِي عَمَّ العُرُوبَةَ مِنْ صَبَاحْ

* * * * * * * * *

إِنيِّ لأَعْمَلُ لِلسَّلَامْ * وَلِغَرْسِ أَزْهَارِ الْوِئَامْ

اللهُ يَشْهَدُ مَا بَذَرْتُ بُذُورَ شَرٍّ في الظَّلَامْ

لَكِنَّني آبى لأَرْضِيَ أَنْ تَذِلَّ وَأَنْ تُضَامْ

هَذِي يَدِي فِيهَا الإِخَاءُ وَفي يَدِي الأُخْرَى سِهَامْ

فَالْوُدُّ مِنيِّ لِلصَّدِيقِ وَلِلْعِدَى المَوْتُ الزُّؤَامْ

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

جَمَالُ الحُقُول

كَمْ بِالْقُرَى مِن غَادَةٍ حَسْنَاءَ كَالرَّشَأِ الْغَرِيرْ

الحَافِظَاتِ لِكُلِّ مَا قَدْ يَقتَضِي حَقُّ الْعَشِيرْ

الحَامِلَاتِ جِرَارَهُنَّ وَقَدْ سَعَينَ إِلى الْغَدِيرْ

النَّائِمَاتِ مِنَ الْعَشِيِّ الْقَائِمَاتِ مِنَ الْبُكُورْ

يَبْدُو لَنَا مَعَ فَقْرِهِنَّ حَيَاءُ رَبَّاتِ الخُدُورْ

سُقْيَاً لِعَهْدٍ قَدْ تَوَلىَّ كُلُّهُ بِشْرٌ وَنُورْ

ص: 6271

أَيَّامَ أَلْهُو في الرُّبَى خَلْفَ الْفَرَاشِ لِكَيْ يَطِيرْ

لَا الطِّفْلُ طِفْلٌ في الحُقُولِ وَلَا الصَّغِيرُ بهَا صَغِيرْ

وَعَلَى ضِفَافِ النَّهْرِ سَاقِيَةٌ لَهَا صَوْتٌ تَدُورْ

يَمْشِي بهَا ثَوْرٌ تَغَشَّاهُ الْوَقَارُ فَلَا يخُورْ

وَهُنَاكَ فَوْقَ الأَرْضِ قَوْمٌ يَعْمَلُونَ بِلَا فُتُورْ

وَعَلَى الْفُؤُوسِ قَدِ انحَنَتْ مِنهُمْ وَقُوِّسَتِ الظُّهُورْ

الْكَادِحُونَ وَمَا اشْتَكَواْ حَرَّ الظَّهِيرَةِ وَالهَجِيرْ

وَالشَّارِبُونَ لَدَى انْبِلَاجِ الْفَجْرِ كَأْسَ الزَّمْهَرِيرْ

يَا رِيفُ يَا مَهْدَ الجَمَالِ وَمَصْدَرَ الخَيرِ الْوَفِيرْ

حُيِّيتَ يَا حِصْنَ الْفَضِيلَةِ يَا حِمَى الشَّرَفِ الْغَيُورْ

مَنْ لَمْ تُدَنِّسْ أَرْضَهُ مَدَنِيَّةٌ كَذِبٌ وَزُورْ

كَمْ أَهْمَلُواْ الإِصْلَاحَ فِيكَ وَأَنْتَ عَانٍ لَا تَثُورْ

ص: 6272

كَمْ أَخْلَفَ الْوَعْدَ الَّذِي أَعْطَاكَهُ مِنهُمْ وَزِيرْ

فَاخْلَعْ رِدَاءَ الجَهْلِ إِنَّ الْعِلْمَ بَيْنَ النَّاسِ نُورْ

وَالْبِسْ رِدَاءَ الْعِلْمِ أَنْتَ بِثَوْبِهِ أَبَدَاً جَدِيرْ

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

الأُمُّ الحَمْقَاء

ثُلُثَاهُ مِنْقَارٌ وَرَأْسٌ وَالأَظَافِرُ مَا بَقِي

ضَخْمُ الدِّمَاغِ عَلَى الخُلُوِّ مِنَ الحِجَى وَالمَنْطِقِ

مِن أُمِّهِ لَقِيَ الصَّغِيرُ مِنَ الْبَلِيَّةِ مَا لَقِي

فُتِنَتْ بِهِ فَتَوَهَّمَتْ فِيهِ قُوَىً لَمْ تُخْلَقِ

قَالَتْ كَبِرْتَ فَثِبْ كَمَا وَثَبَ الْكِبَارُ وَحَلِّقِ

وَرَمَتْ بِهِ في الجَوِّ لَمْ تَحْذَرْ وَلَمْ تَسْتَوْثِقِ

فَهَوَى فَمُزِّقَ كُلُّ عُضْوٍ فِيهِ شَرَّ مُمَزِّقِ

فَرَأَيْتُ غِرْبَانَاً تُحَلِّقُ في السَّمَاءِ وَتَلْتَقِي

وَعَرَفْتُ رَنَّةَ أُمِّهِ في النَّائِحَاتِ النُّعَّقِ

ص: 6273

فَأَشَرْتُ فَالْتَفَتَتْ فَقُلْتُ لَهَا مَقَالَةَ مُشْفِقِ

أَطْلَقْتِهِ وَلَوِ اخْتَبَرْتِ جَنَاحَهُ لَمْ تُطْلِقِي

وَكَمَا تَرَفَّقَ وَالِدَاكِ عَلَيْكِ لَمْ تَتَرَفَّقِي

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف 0 قَالَهَا في غُرَابٍ صَغِير}

أُمُّ الشَّهِيد

ذَهَبَتْ تُسَائِلُ عَنْ فَتَاهَا * لَهْفَى يُسَابِقُهَا أَسَاهَا

السُّهْدُ أَضْنَاهَا وَنَارُ الشَّوْقِ يَحْرِقُهَا لَظَاهَا

وَتَكَادُ لَوْلَا الصَّبْرُ وَالإِيمَانُ تَهْمِي مُقْلَتَاهَا

*********

بِالأَمْسِ وَدَّعَهَا وَهَبَّ يَحُثُّ لِلسَّاحِ المَسِيرْ

وَعَلَى الأَعَادِي قَالَ سَوْفَ أُحَقِّقُ النَّصْرَ الكَبِيرْ

أَتُرَاهُ وَفَّى نَذْرَهُ أَمْ أَنَّهُ فِيهِمْ أَسِيرْ

*********

قَالَتْ سَأَسْأَلُ مَن أَرَاهُ لِيَطْمَئِنَّ الآنَ قَلْبي

قَالُواْ أَتَعْنِينَ الفَتى المِغْوَارَ قَالَتْ إِي وَرَبيِّ

ص: 6274

قَالُواْ رَأَيْنَاهُ بِوَجْهِكِ إِنَّ وَجْهَكِ عَنهُ يُنْبي

رَأَتِ الجِرَاحَ بِصَدْرِهِ فَاسْتَبْشَرَتْ تخْتَالُ كِبْرَا

كَانَتْ جِرَاحُ الصَّدْرِ تَهْتِفُ إِنَّني وَفَّيْتُ نَذْرَا

إِنىِّ وَرَبِّكِ لَمْ أُدِرْ يَا أُمِّ لِلأَعْدَاءِ ظَهْرَا

*********

فَدَنَتْ تُقَبِّلُهُ فَقَالُواْ مُلْتَقَاكُمْ في الخُلُودْ

قَالَتْ وَدَمْعُ الفَرْحَةِ الكُبْرَى تَلأْلأَ في الخُدُودْ

حَسْبي إِذَا ذُكِرَ الشَّهِيدُ بِأَنَّني أُمُّ الشَّهِيدْ

{شِعْر / عِيسَى النَّاعُورِي}

أُنْشُودَةُ الرَّضيع

وَهَذِهِ أُنْشُودَةٌ لِلشَّاعِر / هَاشِمٍ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف، عَلَى لِسَانِ أُمٍّ قُتِلَ زَوْجُهَا؛ فَقَالَتْ تُوصِي وَلِيدَهَا وَهِيَ تُرْضِعُهُ وَتُهَدْهِدُهُ كَيْ يَنَام:

أَشْدُو بِأُغْنِيَتي الحَزِينَةِ ثُمَّ يَغْلِبُني الْبُكَاءْ

ص: 6275

وَأَمُدُّ كَفِّي لِلسَّمَاءِ لأَسْتَحِثَّ خُطَى السَّمَاءْ

نَمْ يَا بُنيَّ وَلَا تُشَارِكْني المَرَارَةَ وَالمحَن

نَمْ يَا بُنيَّ فَسَوْفَ أُرْضِعُكَ الجِرَاحَ مَعَ اللَّبن

*********

نَمْ كَيْ أَنَالَ عَلَى يَدَيْكَ مُنىً وَهَبْتُ لَهَا الحَيَاة

يَا مَنْ رَأَى الدُّنيَا وَلَكِنْ مَا رَأَى فِيهَا أَبَاه

*********

سَتَمُرُّ أَعْوَامٌ طِوَالٌ في الأَنِينِ وَفي العَذَابْ

وَأَرَاكَ يَا وَلَدِي قَوِيَّ الجِسْمِ مَوْفُورَ الشَّبَابْ

وَهُنَاكَ تَسْأَلُني كَثِيرَاً عَن أَبِيكَ وَكَيْفَ غَابْ

هَذَا سُؤَالٌ يَا صَغِيرِي لَمْ أُعِدَّ لَهُ جَوَابْ

فَإِذَا عَرَفْتَ جَرِيمَةَ الجَانِي وَمَا اقْتَرَفَتْ يَدَاهْ

فَانْثُرْ عَلَى قَبْرِي وَقَبْرِ أَبِيكَ بَعْضَاً مِنْ دِمَاهْ

*********

لَا تَرْحَمِ الجَاني إِذَا ظَفِرَتْ بِهِ يَوْمَاً يَدَاكْ

ص: 6276

فَهْوَ الَّذِي جَلَبَ الشَّقَاءَ لَنَا وَلَمْ يَرْحَمْ أَبَاكْ

*********

لَا تُصْغِ يَا وَلَدِي إِلى مَا لَفَّقُوهُ وَزَوَّرُوهْ

مِن أَنَّهُمْ جَاءُ واْ إِلى الوَطَنِ الذَّلِيلِ فَحَرَّرُوهْ

*********

كَذَبُواْ وَقَالُواْ يَا بُنيَّ عَلَى بُطُولَتِهِ خِيَانَة

وَأَمَامَنَا التَّقْرِيرُ هَا هُوَ عَنهُ يَنْطِقُ بِالإِدَانَة

*********

وَهُمُ الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ الفَرْدَ مِنْ دُونِ الإِلَهْ

وَيُسَبِّحُونَ بِحَمْدِهِ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ الصَّلَاةْ

فَإِلى مَتى وَالظَّالِمُونَ نِعَالُهُمْ فَوْقَ الجِبَاهْ

كَشِيَاهِ جَزَّارٍ وَهَلْ تَسْتَنْكِرُ الذَّبْحَ الشِّيَاهْ

مَاتَ الشَّهِيدُ بِنَا فَلَمْ نَسْمَعْ بِصَوْتٍ قَدْ بَكَاهْ

وَسَعَواْ إِلى الشَّاكِي الحَزِينِ فَأَلجَمُواْ بِالرُّعْبِ فَاهْ

*********

حَكَمُواْ بِمَا شَاءواْ وَسِيقَ أَبُوكَ في أَصْفَادِهِ

ص: 6277

قَدْ كَانَ يَرْجُو رَحْمَةً بِبَنِيهِ مِنْ جَلَاّدِهِ

مَا كَانَ يَا وَلَدِي أَبُوكَ يَخُونُ حُبَّ بِلَادِهِ

لَكِنَّهُ حُكْمُ المُدِلِّ بِجُنْدِهِ وَعَتَادِهِ

*********

هَذَا الَّذِي قَالُوهُ في الإِعْلَامِ مَسْمُومُ المَذَاقْ

لَمْ يَبْقَ مَسْمُوعَاً سِوَى صَوْتِ التَّمَلُّقِ وَالنِّفَاقْ

ثمَّ تُوَجِّهُ الحَدِيثَ إِلى كُلِّ مُسْلِمٍ وَعَرَبيٍّ قَائِلاً:

سَأَظَلُّ أَذْكُرُ صَرْخَةَ المَسْجُونِ وَالمُسْتَنْجِدِ

وَهُنَاكَ في فَصْلِ الشِّتَاءِ وَحَوْلَ دِفْءِ المَوْقِدِ

أَرْوِي لأَوْلَادِي الصِّغَارِ حَدِيثَ حُكْمٍ أَسْوَدِ

مَلأَتْ مَرَارَتُهُ فَمِي وَطَوَتْ سَلَاسِلُهُ يَدِي

أَنَاْ يَا أَخِي في مِصْرَ أَزْحُفُ في السَّلَاسِلِ وَالقُيُودْ

قَدْ ضِقْتُ ذَرْعَاً يَا أَخِي بِالمجْدِ وَالعَهْدِ الجَدِيدْ

بِالنَّارِ يحْكُمُنَا الطُّغَاةُ وَبِالمَشَانِقِ وَالحَدِيدْ

ص: 6278

نَصَبُواْ لَنَا أَغْلَالَهُمْ فَمَضَتْ تُطَوِّقُ كُلَّ جِيدْ

لَا نَرْتَضِي هَذَا الهَوَانَ وَلَا مُعَامَلَةَ العَبِيدْ

*********

ثمَّ قَالَتْ تُنَدِّدُ بِهَؤُلَاءِ الطُّغَاةِ الَّذِينَ حَكَمُواْ مِصْرَ في هَذِهِ الأَثْنَاء:

إِنيِّ كَفَرْتُ بِمِصْرَ بِالأَهْرَامِ بِالنِّيلِ الحَبِيبْ

في أَرْضِ آبَائِي أَعِيشُ كَأَنَّني فِيهَا غَرِيبْ

*********

أَأَظَلُّ أَمْضِي في الحَيَاةِ بِلَا لِسَانٍ أَوْ فَمِ

أَبْكِي عَلَى حُرِّيَّتي بِالدَّمْعِ أَقْطُرُ وَالدَّمِ

وَأَعِيشُ عَيْشَ الذُّلِّ عَيْشَ العَبْدِ عَيْشَ الأَبْكَمِ

أَلقَى الهَوَانَ وَأَنحَني لِلْمُسْتَبِدِّ المجْرِمِ

وَأَرَى البِلَادَ ذَلِيلَةً وَأَقُولُ يَا مِصْرُ اسْلَمِي

المجْمُوعَةُ التَّاسِعَة

[لَحْنُ الْكَامِلِ التَّامّ: مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ]

عَاشَتْ بِلَادِي

ص: 6279

إِنيِّ مَرَرْتُ عَلَى الرِّيَاضِ النَّادِيَة * وَسَمِعْتُ تَغْرِيدَ الطُّيُورِ الشَّادِيَة

فَطَرِبْتُ لَكِنْ مَا أَحَبَّ فُؤَادِيَه * كَطُيُورِ أَرْضِي أَوْ زُهُورِ بِلَادِي

وَشَرِبْتُ مَاءَ النِّيلِ شَيْخِ الأَنهُرِ * فَكَأَنَّني قَدْ ذُقْتُ مَاءَ الكَوْثَرِ

نَهْرٌ كَسَا الشَّطَّينِ أَرْوَعَ مَنْظَرِ * عَذْبٌ وَلَكِنْ لَا كَمَاءِ بِلَادِي

وَقَرَأْتُ في كُتُبِ المُرُوءةِ وَالسِّيَرْ * فَظَنَنْتُهَا شَيْئَاً تَلَاشَى وَانْدَثَرْ

أَوْ أَنَّهَا وَهْمٌ كَبِيرٌ في البَشَرْ * فَإِذَا المُرُوءةُ في رِجَالِ بِلَادِي

وَرَسَمْتُ يَوْمَاً صُورَةً في خَاطِرِي * لِلْحُسْنِ إِنَّ الحُسْنَ رَبُّ الشَّاعِرِ

وَمَضَيْتُ أَطْلُبُهَا فَلَمْ يَرَ نَاظِرِي * حُسْنَاً كَمَا هُوَ في بَنَاتِ بِلَادِي

قَالُواْ أَلَيْسَ الحُسْنُ في كُلِّ الدُّنى * فَعَلَامَ لَمْ تَعْشَقْ سِوَاهَا مَوْطِنَا

ص: 6280

فَأَجَبْتُهُمْ إِنيِّ أُحِبُّ الأَحْسَنَا * دَوْمَاً وَأَحْسَنُ مَا رَأَيْتُ بِلَادِي

قَالُواْ تَأَمَّلْ أَيَّ حَالٍ حَالَهَا * هَدَمَ الدَّمَارُ سُهُولَهَا وَجِبَالَهَا

سَتَمُوتُ إِنَّ الدَّهْرَ شَاءَ زَوَالَهَا * كَلَاّ وَرَبيِّ لَنْ تَمُوتَ بِلَادِي

الْكَوْكَبُ الْوَضَّاءُ يَبْقَى كَوْكَبَا * وَلَئِنْ تَسَتَّرَ بِالدُّجَى وَتحَجَّبَا

لَيْسَ الضَّبَابُ بِسَالِبٍ حُسْنَ الرُّبى * وَالْحَرْبُ لَا تَمْحُو جَمَالَ بِلَادِي

كَمْ أَمَّلَتْ عَيْني لِفَرْطِ جَمَالِهَا * لَوْ أَنَّهَا اكْتَحَلَتْ وَلَوْ بِرِمَالِهَا

سَأَظَلُّ أَفْخَرُ دَائِمَاً بِنِضَالِهَا * وَأَقُولُ عَاشَتْ لِلْفِدَاءِ بِلَادِي

{شِعْر / إِيلِيَّا أَبي مَاضِي 0 بِتَصَرُّف}

أَطَالَ اللهُ في عُمْرِكَ يَا أَبي

وَثَلَاثَةٍ لَمَّا ضَمَمْتُهُمُ إِلى

صَدْرِي شَفَيْتُ مِنَ الفُؤَادِ غَلِيلَا

ص: 6281

يَتَسَابَقُونَ إِليَّ حِينَ أَعُودُ مِنْ

سَفَرٍ قَصِيرٍ قَدْ رَأَوْهُ طَوِيلَا

مَا بَالُ قَلْبي كُلَّمَا أَعْطيْتُهُمُ

أَضْعَافَ مَا طَلَبُواْ يَرَاهُ قَلِيلَا

وَعْدِي لَهُمْ أَمَلٌ فَإِنْ قَصُرَتْ يَدِي

عَنْ مَطْلَبٍ فَرِحُواْ بِهِ تَعْلِيلَا

لَوْلَاهُمُ مَا كَانَ ضَعْفِي قُوَّةً

وَالْعُسْرُ يُسْرَاً وَالبَقَاءُ جَمِيلَا

{الشَّاعِرُ القَرَوِي / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}

الْبَاشِقُ وَالْعُصْفُور

هَذَا نَمُوذَجٌ مِنَ الشِّعْرِ المَسْرَحِيّ، الَّذِي يَحْكِي حِوَارَاً بَينَ الْبَاشِقِ وَالْعُصْفُورِ، قَالَهَا الشَّاعِرُ الْعَبْقَرِيُّ سَلِيمٌ الخُورِي؛ يُصَوِّرُ فِيهِ الْعَلَاقَةَ بَينَ بَينَ الْقَوِيِّ المُسْتَبِدِّ وَالضَّعِيفِ المَقْهُورِ:

قَالَ العُصْفُور؛ وَقَدْ وَقَعَ بَينَ مخَالِبِ الْبَاشِقِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ جَوَارِحِ الطُّيُور:

ص: 6282

يَا بَاشِقُ ارْحَمْني وَرِقَّ لحَالَتي

دَعْني لأَفْرَاخِي الصِّغَارِ أَطِيرُ

فَتُصَفِّقُ الأَوْرَاقُ عِنْدَ سَمَاعِهَا

صَوْتي وَيَهْتِفُ بِالخَرِيرِ غَدِيرُ

مَاذَا جَنَيْتُ وَإِنَّني يَا سَيِّدِي

طَيرٌ ضَعِيفٌ جُنحُهُ مَكْسُورُ

مَا في حَيَاتي لِلرُّبى ضَرَرٌ وَلَا

جَوْرٌ وَيَكْفِي أَنَّني عُصْفُورُ

مُتَنَقِّلٌ بَينَ الغُصُونِ كَأَنَّني

ظِلٌّ أَظَلُّ مَدَى النَّهَارِ أَدُورُ

إِنيِّ خَطِيبٌ وَالْغُصُونُ مَنَابِرِي

وَالسَّامِعُونَ جَدَاوِلٌ وَزُهُورُ

فَرَدَّ الْبَاشِقُ عَلَيْهِ قَائِلاً:

خَلِّ الْبُكَاءَ فَلَيْسَ دَمْعُكَ مُشْبِعَاً

جَوْفي وَنَارُ الجُوعِ فِيهِ سَعِيرُ

أَنَا إِنْ رَثِيتُ لأَنَّةٍ أَوْ زَفْرَةٍ

أَيَسُدُّ جُوعِيَ أَنَّةٌ وَزَفِيرُ

أَنْتَ الْكَبِيرُ عَلَى الْبَعُوضِ تَصِيدُهُ

وَأَنَا عَلَى هَذَا الْكَبِيرِ كَبِيرُ

ص: 6283

فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا

أَوَلَسْتَ أَنْتَ عَلَى الضَّعِيفِ تجُورُ

وَاصْبرْ عَلَى حُكْمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا

كَأْسُ الْقَضَاءِ عَلَى الجَمِيعِ تَدُورُ

أُنْشُودَةُ اللَاّجِئِ الْفِلَسْطِينيّ

الطِّفْلُ مُلْقَىً تَحْتَ أَرْجُلِ مُجْرِمِه * وَالرَّمْلُ يحْسِرُ مَا تَدَفَّقَ مِنْ دَمِه

قَتَلُواْ أَنَاشِيدَ الرَّجَاءِ عَلَى فَمِه * وَخَبَا عَلَى الرَّمْضَاءِ نُورُ تَبَسُّمِه

*******

وَقَدِ انحَنَتْ أُمُّ الشَّهِيدِ عَلَى الجِرَاحْ * تَبْكِي شَبَابَاً ضَاعَ في حَمْلِ السِّلَاحْ

هَذِي القِلَاعُ القَائِمَاتُ عَلَى الجَبَلْ * وَرَصَاصُهَا المَجْنُونُ في صَدْرِ البَطَلْ

لَنْ يُغْلِقَ الأَبْوَابَ في وَجْهِ الأَمَلْ * فَحَمَاسُ تَزْحَفُ نحْوَهُمْ زَحْفَ الأَجَلْ

*******

ص: 6284

اليَوْمَ كُنْتُ مَعَ الرِّفَاقِ أَسِيرُ في المُسْتَعْمَرَة * شَاكِي السِّلَاحِ وَكُلُّ شِبرٍ تحْتَ رِجْلِيَ مَقْبرَة

فَتَفَجَّرُواْ مِنْ جَوْفِ أَكْوَاخٍ هُنَاكَ مُبَعْثَرَة * طَلَعُواْ عَلَيْنَا في بَنَادِقِهِمْ فَكَانَتْ مجْزَرَة

*******

فَإِذَا نَفَضْتَ غُبَارَ قَبرِي عَنْ يَدِكْ * وَمَضَيْتَ تَلْتَمِسُ الطَّرِيقَ إِلى غَدِكْ

فَاذْكُرْ وَصِيَّةَ لَاجِئٍ تَحْتَ التُّرَابْ * سَلَبُوهُ آمَالَ الكُهُولَةِ في الشَّبَابْ

هُمْ أَخْرَجُوكَ فَعُدْ إِلى مَن أَخْرَجُوكْ * فَهُنَاكَ أَرْضٌ كَانَ يَزْرَعُهَا أَبُوكْ

*******

مَأْسَاتُنَا مَأْسَاةُ قَوْمٍ أَبْرِيَاءْ * حَمَلَتْ إِلى الآفَاقِ رَائِحَةَ الدِّمَاءْ

وَجَرِيمَتي كَانَتْ مُحَاوَلَةَ البَقَاءْ * أَنَاْ مَا اعْتَدَيْتُ وَلَمْ أُفَكِّرْ في اعْتِدَاءْ

*******

ص: 6285

كَانَتْ لَنَا دَارٌ وَكَانَ لَنَا وَطَن * أَلْقَتْ بِهِ أَيْدِي الخِيَانَةِ في المحَن

وَبَذَلْتُ في إِنْقَاذِهِ أَغْلَى ثَمَن * بِيَدِي دَفَنْتُ بَنيَّ فِيهِ بِلَا كَفَن

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}

المجْمُوعَةُ الْعَاشِرَة

[لَحْنُ مَنهُوكِ الرَّجَز: مُفَاعِلٌ مُفَاعِلٌ * مُفَاعِلٌ مُفَاعِلٌ]

[لحْنُ مُونُولُوج: أُهُو أَنَا أُهُو أَنَا 000]

اسْتِضَافَةُ قِطَّة

لَمْ أَنْسَ قَطُّ لَيْلَةً * مِنْ رَمَضَانَ مَرَّتِ

إِذِ انْفَلَتُّ مِنْ سُحُورِي فَدَخَلْتُ حُجْرَتي

فَلَمْ يَرُعْني غَيْرُ صَوْتٍ كَمُوَاءِ الهِرَّةِ

فَقُمْتُ أُلْقِي السَّمْعَ في السُّتُورِ وَالأَسِرَّةِ

حَتىَّ ظَفِرْتُ بِالَّتي عَلَيَّ قَدْ تجَرَّتِ

فَمُذْ بَدَتْ لي وَالْتَقَتْ نَظْرَتُهَا بِنَظْرَتي

بَدَا بَرِيقُ لحْظِهَا مِثْلَ بَصِيصِ الجَمْرَةِ

ص: 6286

ثُمَّ ارْتَقَتْ عَنِ المُوَاءِ فَعَوَتْ وَهَرَّتِ

وَرَدَّدَتْ فَحِيحَهَا كَحَيَّةٍ بِقَفْرَةِ

بَلْ وَاكْتَسَتْ لي مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ جِلْدَ النِّمْرَةِ

كَرَّتْ وَلَكِنْ كَالجَبَانِ قَاعِدَاً وَفَرَّتِ

وَانْتَفَضَتْ شَوَارِبَاً عَنْ مِثْلِ بَيْتِ الإِبْرَةِ

لَمْ أَجْزِهَا بِسَوْءةٍ لأَجْلِ تِلْكَ الثَّوْرَةِ

وَلَا غَبِيتُ ضَعْفَهَا وَلَا نَسِيتُ قُدْرَتي

وَلَا رَأَيْتُ غَيْرَ أُمٍّ بِالصِّغَارِ بَرَّةِ

فَيَا لَجِدِّ الأُمَّهَاتِ في بِنَاءِ الأُسْرَةِ

وَلَمْ أَزَلْ حَتىَّ اطْمَأَنَّ جَأْشُهَا وَقَرَّتِ

فَجِئْتُهَا بِشَرْبَةٍ مِنْ لَبَنٍ وَكِسْرَةِ

وَلَوْ وَجَدْتُ مِصْيَدَاً لَجِئْتُهَا بِفَأْرَةِ

فَاضْطَجَعَتْ تحْتَ ظِلَالِ الأَمْنِ وَاسْتَقَرَّتِ

وَقَرَأَتْ أَوْرَادَهَا وَمَا دَرَتْ مَا قَرَتِ

وَعَسْعَسَ الصِّغَارُ في ثُدِيِّهَا فَدَرَّتِ

ص: 6287

فَاخْتَلَطُواْ وَعَيَّثُواْ كَالْعُمْيِ حَوْلَ السُّفْرَةِ

تحْسَبُهُمْ ضَفَادِعَاً قَدْ خَرَجَتْ مِنْ جَرَّةِ

فَقُلْتُ لَا بَأْسَ عَلَى طِفْلِكِ يَا جُوَيْرَتي

تمَخَّضِي عَن خَمْسَةٍ إِنْ شِئْتِ أَوْ عَن عَشْرَةِ

أَنْتِ وَأَوْلَادُكِ حَتىَّ يَكْبَرُواْ في جِيرَتي

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

أَبْقَاكِ اللهُ لي يَا جَدَّتي

لي جَدَّةٌ تَرْأَفُ بي * أَحْنى عَلَيَّ مِن أَبي

وَكُلُّ شَيْءٍ سَرَّني * تَذْهَبُ فِيهِ مَذْهَبي

إِن غَضِبَ الأَهْلُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ لَمْ تَغْضَبِ

مَشَى أَبي يَوْمَاً إِليَّ مِشْيَةَ المُؤَدِّبِ

غَضْبَانَ قَدْ هَدَّدَ بِالضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبِ

فَلَمْ أَجِدْ لي مِنه غَيْرَ جَدَّتي مِنْ مَهْرَبِ

فَأَوْقَفَتْني خَلْفَهَا أَنْجُو بِهَا وَأَخْتَبي

وَهْيَ تَقُولُ لأَبي بِلَهْجَةِ المُؤَنِّبِ

ص: 6288

وَيْحٌ لَهُ وَيْحٌ لَهُ ذَا الْوَلَدِ المُعَذَّبِ

أَلَمْ تَكُنْ تَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ إِذْ أَنْتَ صَبي

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

المجْمُوعَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَة

الأَرَاجِيزُ القَصِيرَة

[مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولٌ * مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولٌ]

نَشيدُ اليَهُود

يَا يَهُودْ يَا يَهُودْ * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ

سَيَأْتي الْيَوْمُ المَوْعُودْ * وَسَتَلْتَقِي الجنُودْ

بِالدَّمِ سَوْفَ نَجُودْ * وَسَتَسُودُ الأُسُودْ

وَنُعِيدُ لِلْيَهُودْ * مَا قَدْ مَضَى مِن عُهُودْ

*******

يَا يَهُودْ يَا يَهُود * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ

مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ قُوَّة * فَإِنَّ اللَّهَ مَوْجُودْ

*******

يَا أَحْفَادَ الخَنَازِير * وَيَا أَحْفَادَ الْقُرُودْ

غَدَرْتُمْ بِالمُسْلِمِينْ * كَمَا غَدَرَ الجُدُودْ

ص: 6289

فَلَمْ تُحْسِنُواْ الجِوَارْ * وَلَمْ تَفُواْ بِالْوُعُودْ

رَغْمَ الضَّعْفِ رَغْمَ الخَوْفِ * لَمْ تَزَلْ فِينَا أُسُودْ

سَنُوَحِّدُ الصُّفُوفْ * وَسَنَحْشُدُ الحُشُودْ

سَنُعِيدُ لِلُبْنَانَ * وَالْقُدْسِ الحُلْمَ المَنْشُودْ

إِنَّ المُسْلِمِينَ قَوْمٌ * لَا يَعْرِفُونَ الْقُعُودْ

بَلْ يَعْرِفُونَ الجِهَادَ * وَيَعْرِفُونَ الصُّمُودْ

سَنُشْعِلُهَا نِيرَانَاً * أَنْتُمُ لَهَا وَقُودْ

زَرَعْتُمْ في الأَرْضِ الشَّوْكَا * وَسَنَزْرَعُ الْوُرُودْ

وَسَتَحْصُدُونَ مَا * قَدْ زَرَعْتُمْ في عُقُودْ

{أَشْعَار / يَاسِر الحَمَدَاني}

المجْمُوعَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَة

الأَرَاجِيزُ الطَّوِيلَة

[مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولَاتٌ]

الأَرْنَبُ المَغْرُور

مِن أَعْجَبِ الأَخْبَارِ أَنَّ الأَرْنَبَا

لَمَّا رَأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثَّعْلَبَا

وَهْوَ عَلَى الجِدَارِ في أَمَانِ

ص: 6290

يَغْلِبُ بِالمَكَانِ لَا الإِمْكَانِ

دَاخَلَهُ الظَّنُّ بِأَنَّ المَاكِرَا

أَمْسَى مِنَ الضَّعْفِ يُطِيقُ السَّاخِرَا

فَجَاءهُ يَلْعَنُ مِثْلَ الأَوَّلِ

عِدَادَ مَا في الأَرْضِ مِنْ مُغَفَّلِ

فَعَصَفَ الثَّعْلَبُ بِالضَّعِيفِ

عَصْفَ أَخِيهِ الذِّيبِ بِالخَرُوفِ

وَقَالَ لي في دَمِكَ المَسْفُوكِ

تَسْلِيَةٌ عَن خَيْبَتي في الدِّيكِ

فَالْتَفَتَ الدِّيكُ إِلى الذَّبِيحِ

وَقَالَ قَوْلَ الْعَارِفِ الْفَصِيحِ

مَا كُلُّنَا يَنْفَعُهُ لِسَانُهْ

في النَّاسِ مَنْ يُنْطِقُهُ مَكَانُهْ

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

الأَحْمَقُ عِنْدَمَا يُصْبِحُ حَكَمَاً

تَنَازَعَ الْغَزَالُ وَالخَرُوفُ

وَقَالَ كُلٌّ إِنَّهُ ظَرِيفُ

فَأَبْصَرَا التَّيْسَ فَظَنَّا أَنَّهُ

أَعْطَاهُ عَقْلاً مَن أَطَالَ ذِقْنَهُ

فَكَلَّفَاهُ أَنْ يَبْحَثَ في الْفَلَا

ص: 6291

عَن حَكَمٍ لَهُ اعْتِبَارٌ في المَلَا

يَنْظُرُ في دَعْوَاهُمَا بِالدِّقَّة

عَسَاهُ يُعْطِي الحَقَّ مُسْتَحِقَّه

فَسَارَ لِلْبَحْثِ بِلَا تَوَاني

مُفْتَخِرَاً بِثِقَةِ الإِخْوَانِ

يَقُولُ عِنْدِي فِكْرَةٌ مُثِيرَة

تَرْفَعُ شَأْنَ التَّيْسِ في الْعَشِيرَة

وَذَاكَ أَنَّ أَفْضَلَ الثَّنَاءِ

مَا جَاءَ عَلَى أَلْسُنِ الأَعْدَاءِ

لِذَا فَإِنيِّ إِنْ دَعَوْتُ الذِّيبَا

لَا يَسْتَطِيعَانِ لَهُ تَكْذِيبَا

فَجَاءَ لِلذِّئْبِ وَقَالَ غَايَتي

أَنْتَ فَسِرْ مَعِي وَخُذْ بِلِحْيَتي

وَقَادَهُ لِلْمَوْضِعِ المَعْرُوفِ

فَقَامَ بَيْنَ الظَّبيَ وَالخَرُوفِ

وَقَالَ أَنَا لَا أَقْضِي بِالظَّاهِرِ

فَمَزَّقَ الخَصْمَينِ بِالأَظَافِرِ

وَقَالَ لِلتَّيْسِ انْطَلِقْ لِشَأْنِكَا

مَا قَتَلَ الخَصْمَيْن غَيْرُ ذِقْنِكَا

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

ص: 6292

قَاضِي القُضَاةِ المَخْلُوع

تَعَرَّضَ اللَّيْثُ لِبَعْضِ الشِّدَّة

فَأَظْهَرَ الذِّئْبُ لَهُ المَوَدَّة

فَقَالَ يَا مَنْ صَانَ لي محِلِّي

في حَالَتَيْ وِلَايَتي وَعَزْلي

إِنْ عُدْتُ لِلأَرْضِ بِإِذْنِ اللَّهِ

وَعَادَ لي فِيهَا قَدِيمُ الجَاهِ

أُعْطِيكَ عِجْليْنِ وَأَلْفَ شَاةِ

ثُمَّ تَكُونُ قَاضِي القُضَاةِ

وَصَاحِبَ اللِّوَاءِ في الذِّئابِ

وَقَاضِيَ الْوُحُوشِ في غِيَابي

حَتىَّ إِذَا مَا تَمَّتِ الْكَرَامَةْ

وَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى السَّلَامَة

سَعَى إِلَيْهِ الذِّئْبُ بَعْدَ شَهْرِ

وَهْوَ مُطَاعُ الرَّأْيِ مَاضِي الأَمْرِ

فَقَالَ يَا مَنْ لَا تُدَاسُ أَرْضُه

وَمَنْ لَهُ طُولُ الْفَضَا وَعَرْضُه

قَدْ نِلْتَ مَا نِلْتَ مِنَ التَّكْرِيمِ

وَحَانَ وَقْتُ الْوَعْدِ وَالتَّسْلِيمِ

قَالَ تجَرَّأْتَ وَسَاءَ زَعْمُكَا

فَمَنْ تَكُونُ يَا فَتى وَمَا اسْمُكَا

ص: 6293

أَجَابَهُ إِنْ كَانَ ظَنيِّ صَادِقَا

فَإِنَّني قَاضِي القُضَاةِ سَابِقَا

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

خُذْ بِيَدِي اليَوْم؛ آخُذُ بِرِجْلِكَ غَدَاً

حِكَايَةُ الكَلْبِ مَعَ الحَمَامَة

تَشْهَدُ لِلْجِنْسَيْنِ بِالكَرَامَة

يُقَالُ كَانَ الكَلبُ ذَاتَ يَوْمِ

بَيْنَ الرِّيَاضِ غَارِقَاً في النَّوْمِ

فَجَاءَ مِنْ وَرَائِهِ الثُّعْبَانُ

مُنْتَفِخَاً كَأَنَّهُ الشَّيْطَانُ

وَهَمَّ أَنْ يَغْدِرَ بِالأَمِينِ

فَرَقَّتِ الوَرْقَاءُ لِلْمِسْكِينِ

فَنَزَلَتْ حَتىَّ تُغِيثَ الكَلْبَا

فَنَقَرَتْهُ نَقْرَةً فَهَبَّا

فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى السَّلَامَة

وَحَفِظَ الجَمِيلَ لِلْحَمَامَة

فَمَرَّ مَا مَرَّ مِنَ الزَّمَانِ

وَجَاءَ صَيادُونَ لِلْمَكَانِ

وَصَوَّبُواْ نحْوَ الحَمَامَةِ السِّلَاحْ

فَنَبَّهَ الكَلْبُ الوَرْقَاءَ بِالنُّبَاحْ

ص: 6294

فَأَسْرَعَتْ في الحَالِ بِالخَلَاصِ

وَسَلِمَتْ مِنْ طَائِشِ الرَّصَاصِ

هَذَا هُوَ المَعْرُوفُ يَا أَهْلَ الفِطَن

النَّاسُ بِالنَّاسِ وَمَنْ يُعِن يُعَن

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

مَنْ تَأَنىَّ نَالَ مَا تَمَنىَّ

رَأَيْتُ في بَعْضِ الرِّيَاضِ قُبَّرَة * تُطَيِّرُ ابْنَهَا بِأَعْلَى الشَّجَرَة

وهْيَ تَقُولُ يَا عَرُوسَ العُشِّ * لَا تَعْتَمِدْ عَلَى الجَنَاح الهَشِّ

وَقِفْ عَلَى عُودٍ بِجَنْبِ عُودِ * وَافْعَلْ كَمَا أَفْعَلُ في الصُّعُودِ

فَانْتَقَلَتْ مِنْ فَنَنٍ إِلى فَنَنْ * وَجَعَلَتْ لِكُلِّ نَقْلَةٍ زَمَنْ

كَيْ يَسْتَرِيحَ الْفَرْخُ في الأَثْنَاءِ * فَلَا يَمَلُّ ثِقَلَ الهَوَاءِ

لَكِنَّهُ قَدْ خَالَفَ الإِشَارَة * لِكَيْ تَرَى الطُّيُورُ ذَا المَهَارَة

وَطَارَ في الفَضَاءِ حَتىَّ ارْتَفَعَا * فَخَانَهُ جَنَاحُهُ فَوَقَعَا

ص: 6295

فَانْكَسَرَتْ في الحَالِ رُكْبَتَاهُ * وَلَمْ يَنَلْ صَغِيرُنَا مُنَاهُ

وَلَوْ تَأَنىَّ نَالَ مَا تَمَنىَّ * وَعَاشَ طُولَ عُمْرِهِ مُهَنَّا

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}

نَدِيمُ السُّلْطَانِ المُنَافِق

كَانَ لِلسُّلْطَانِ نَدِيمٌ إِمَّعَة

مَا قَالَ رَأْيَاً إِلَاّ قَالَهُ مَعَه

وَقَدْ يُفِيضُ في ذِكْرِ المَنَاقِبْ

إِذَا كَانَتْ لَهُ بَعْضُ المَطَالِب

وَكَانَ مَوْلَاهُ يَرَى وَيُبْصِرُ

هَذَا النِّفَاقَ مِنهُ لَكِنْ يَصْبِرُ

فَجَلَسَا يَوْمَاً عَلَى الخِوَانِ

وَجِيءَ في الأَكْلِ بِبَاذِنجَانِ

فَأَكَلَ السُّلْطَانُ مِنهُ مَا أَكَلْ

وَقَالَ بَاذِنجَانٌ هَذَا أَمْ عَسَلْ

قَالَ النَّدِيمُ صَدَقَ السُّلْطَانُ

سِيَّانِ الْعَسَلُ وَالْبَاذِنجَانُ

هَذَا الَّذِي غَنىَّ بِهِ الرَّئِيسُ

وَقَالَ فِيهِ الشِّعْرَ جَالِينُوسُ

فِيهِ تِرْيَاقٌ يُعَالجُ السُّمَّا

ص: 6296

وَيُسْتَخْدَمُ في عِلَاجِ الحُمَّى

قَالَ لَكِنْ تَعِيبُهُ مَرَارَة

وَمَا حَمِدْتُ مَرَّةً آثَارَه

قَالَ نَعَمْ مُرٌّ وَهَذَا عَيْبُهُ

مُذْ كُنْتُ يَا مَوْلَايَ لَا أُحِبُّهُ

هَذَا الَّذِي مَاتَ بِهِ بُقْرَاطُ

وَحَذَّرَ أَيْضَاً مِنهُ سُقْرَاطُ

فَالْتَفَتَ السُّلْطَانُ لِمَن حَوْلَهُ

وَقَالَ كَيْفَ تجِدُونَ قَوْلَهُ

قَالَ الْوَزِيرُ يَا سَيِّدَ النَّاسِ

دَعْ كَذِبي وَخُذْ مِنيِّ إِينَاسِي

جُعِلْتُ كَيْ أُنَادِمَ السُّلْطَانَا

لَا لِكَيْ أُنَادِمَ الْبَاذِنجَانَا

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

الشَّيْطَانُ في ثَوْبِ الزَّاهِدِين

حِكَايَةُ الصَّيَّادِ وَالْعُصْفُورَة

صَارَتْ لِبَعْضِ الزَّاهِدِينَ صُورَة

مَا هَزِءتُ فِيهَا بِمُسْتَحِقِّ

وَلَا أَرَدْتُ أَوْلِيَاءَ الحَقِّ

مَا كُلُّ أَهْلِ الزُّهْدِ صَادِقِينَا

كَمْ بَينَ أَهْلِ الزُّهْدِ فَاسِقِينَا

ص: 6297

جَعَلْتُهَا شِعْرَاً لِتَلْفِتَ الْفِطَنْ

وَالشِّعْرُ لِلْحِكْمَةِ مُذْ كَانَ وَطَنْ

وَخَيْرُ مَا يُنْظَمُ لِلأَدِيبِ

مَا رَدَّدَتْهُ أَلْسُنُ التَّجْرِيبِ

أَلْقَى غُلَامٌ شَرَكَاً يَصْطَادُ

وَكُلُّ مَنْ فَوْقَ الأَرْضِ صَيَّادُ

فَانحَدَرَتْ عُصْفُورَةٌ مِنَ الشَّجَرْ

لَمْ يَنهَهَا النَّهْيُ وَلَا الحَزْمُ زَجَرْ

قَالَتْ سَلَامٌ أَيُّهَا الْغُلَامُ

قَالَ عَلَى الْعُصْفُورَةِ السَّلَامُ

قَالَتْ صَبيٌّ مُنحَني الْقَنَاةِ

قَالَ حَنَتْهَا كَثْرَةُ الصَّلَاةِ

قَالَتْ أَرَاكَ بَادِيَ الْعِظَامِ

قَالَ بَرَتْهَا كَثْرَةُ الصِّيَامِ

قَالَتْ فَمَا يَكُونُ هَذَا الصُّوفُ

قَالَ لِبَاسُ الزَّاهِدِ المَوْصُوفُ

سَلِي إِذَا جَهِلْتِ عَارِفِيهِ

فَابْنُ أَدْهَمَ وَالْفُضَيْلُ فِيهِ

قَالَتْ لِمَ الْعَصَا أَخَا الإِسْلَامِ

قَالَ بِهَا أَمْشِي وَسْطَ الظَّلَامِ

ص: 6298

أُخِيفُ الذِّئْبَ وَعَلَيْهَا أَتَّكِي

وَلَا أَرُدُّ النَّاسَ عَنْ تَبَرُّكِي

قَالَتْ أَرَى فَوْقَ التُّرَابِ حَبَّا

مِمَّا اشْتَهَى الطَّيْرُ وَمَا أَحَبَّا

قَالَ تَشَبَّهْتُ بِأَهْلِ الخَيرِ

فَأَقْرِي مِنهُ بَائِسَاتِ الطَّيرِ

فَإِن هَدَى اللَّهُ إِلَيْهِ جَائِعَا

لَمْ يَكُ قُرْبَاني الْقَلِيلُ ضَائِعَا

قَالَتْ فَجُدْ لي يَا أَخَا التَّنَسُّكِ

قَالَ الْقُطِيهِ بَارَكَ اللَّهُ لَكِ

فَصَلِيَتْ في الْفَخِّ نَارَ الْقَارِي

وَمَصْرَعُ الْعُصْفُورِ في المِنْقَارِ

فَهَتَفَتْ تَقُولُ لِلأَغْرَارِ

مَقَالَةَ الْعَارِفِ بِالأَسْرَارِ

إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِالزُّهَّادِ

كَمْ تحْتَ ثَوْبِ الزُّهْدِ مِنْ صَيَّادِ

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}

الْفَوَازِيرُ الشِّعْرِيَّة

مَا هوَ؟

أَنْتَ في التَّدْبِيرِ ثَعْلَبْ * أَنْتَ في الإِفْلَاتِ أَرْنَبْ

ص: 6299

في ظَلَامِ اللَّيْلِ تَسْعَى * أَسْفَلَ الجُدْرَانِ تَنْقُبْ

وَإِذَا أَحْسَسْتَ صَوْتَاً * فَإِلى جُحْرِكَ تَهْرَبْ

أَيُّهَا الصُّعْلُوكُ أَبْشِرْ * غَابَتِ الْقِطَّةُ فَالْعَبْ

مَا هُوَ؟

وَمَا شَيْءٌ إِذَا فَسَدَا * تحَوَّلَ غَيُّهُ رَشَدَا

وَإِن هُوَ ظَلَّ في دَعَةٍ * أَثَارَ الشَّرَّ حَيْثُ بَدَا

ذَكِيُّ العِرْقِ وَالِدُهُ * وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدَا

*********

مَا هِيَ؟

تُنَادِي طِفْلَكَ اجْعَلْني * كَأُمٍّ لَا تَمِلْ عَنيِّ

وَلَا تَفْزَعْ كَمَأْخُوذٍ * مِنَ البَيْتِ إِلى السِّجْنِ

كَأَنِّي وَجْهُ صَيَّادٍ * وَأَنْتَ الطَّيرُ في الغُصْنِ

وَلَا بُدَّ لَكَ اليَوْمَ * وَإِلَاّ فَغَدَاً مِنيِّ

أَوِ اسْتَغْنِ عَنِ العَقْلِ * إِذَن عَنيِّ سَتَسْتَغْني

أَنَا المِصْبَاحُ لِلْفِكْرِ * أَنَاْ المِفْتَاحُ لِلذِّهْنِ

ص: 6300

أَنَا البَابُ إِلى المجْدِ * تَعَالَ ادْخُلْ عَلَى اليُمْنِ

غَدَاً سَتَجُولُ في حَوْشِي * وَتَقْضِي الْيَوْمَ في حُضْني

وَتَلْقَى فيَّ إِخْوَانَاً * كَمِثْلِكَ أَنْتَ في السِّنِّ

وَآبَاءً أَحَبُّوكَ * وَمَا أَنْتَ لَهُمْ بِابْنِ

{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي في قَصَائِدِهِ لِلأَطْفَالِ بِالشَّوْقِيّات 0 بِتَصَرُّف}

مَا هُوَ؟

مَا طَائِرٌ كَانَ يَوْمَاً خَصْمَ إِبْلِيسِ

لَا زَالَ صَاحِبَ تَنْقِيبٍ وَتَدْسِيسِ

يُصْبي بِمَنْظَرِهِ يُعْبي بِمَخْبَرِهِ

يَحْتَالُ في أَمْرِهِ شَأْنَ الجَوَاسِيسِ

قَدْ هَمَّ يَوْمَاً نَبيٌّ ذَبْحَهُ غَضَبَاً

لَوْلَا سِعَايَةُ صَاحِبِنَا بِبَلْقِيسِ

مَا هُوَ؟

وَمَا شَيْءٌ يُرَى في السُّو * قِ مَعْدُودَاً وَمَوْزُونَا

إِذَا مَا زِدْتَهُ وَاوَاً * وَنُونَاً صَارَ مَوْزُونَا

*********

مَا هُوَ؟

ص: 6301

وَذِي أُذُنٍ بِلَا سَمْعٍ * وَلَا بَصَرٍ وَلَا وَعْيِ

وَمَنْ يُبْصِرْهُ عَنْ ظَمَأٍ * يَنَلْ مَا شَاءَ مِنْ رِيِّ

مَا هِيَ؟

أَلْفَيْتُهَا عُرْيَانَةً * لَمْ تَسْتَتِرْ بِحُلَّةِ

قَبَّلْتُهَا فَقَهْقَهَتْ * تَضْحَكُ لي مِنْ قُبْلَتي

وَلَمْ أَزَلْ مُقَبِّلاً * حَتىَّ رَوَيْتُ غُلَّتي

حَبِيبَتي تِلْكَ وَمَا * قَصَدْتُ غَيرَ {000}

{محَمَّدٌ الأَسْمَر}

*********

مَا هِيَ؟

فَاتِنَةٌ مُهَذَّبَة * مِنْ نَشْوَةٍ مُرَكَّبَة

تَوَسَّدَتْ أَنَامِلِي * وَاسْتَسْلَمَتْ مُلْتَهِبَة

وَعَرْبَدَتْ عَلَى فَمِي * أَنْفَاسُهَا المُضْطَرِبَة

تَظَلُّ وَهْيَ في يَدِي * مُبْعَدَةً مُقَرَّبَة

وَكُلَّمَا أَدْنَيْتُهَا * لِلَّحْظَةِ المُسْتَعْذَبَة

تحْمَرُّ مِن حَيَائِهَا * وَجْنَتُهَا المُخَضَّبَة

وَهَبْتُهَا لِصَاحِبي * فَلَمْ يَرُدَّ لي الهِبَة

تجِيئُني فِضِّيَّةً * وَتَارَةً مُذَهَّبَة

ص: 6302

كَمْ شُغِلَتْ بِقُبْلَتي * عَنْ رُوحِهَا المُغْتَصَبَة

في كُلِّ حِينٍ أَصْبَحَتْ * خَفِيفَةً مُصْطَحَبَة

أَرْشُفُهَا حَتىَّ إِذَا * قَضَى الْفُؤَادُ أَرَبَه

أَدُوسُهَا بِقَدَمِي * ذَلِيلَةً مُكْتَئِبَة

فَهَلْ عَرَفْتَ يَا أَخِي * مَن هَذِهِ المُعَذَّبَة

{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}

مَا هُوَ؟

مَاذَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي * أَوْسَعُ مَا فِيهِ فَمُهْ

وَطِفْلُهُ في بَطْنِهِ * يَرْفُسُهُ وَيَلْكُمُهْ

دَوْمَاً تَرَاهُ صَارِخَاً * وَلَمْ يجِدْ مَنْ يَرْحَمُهْ

مَا هِيَ؟

لاحَ في الآفَاقِ عِمْلَاقُ السَّمَاءْ

كَانَ كَالمُخْتَالِ يَحْتَلُّ الفَضَاءْ

لَوْ تَرَاهُ قُلْتَ حُوتٌ طَائِرٌ

هَذِهِ الدُّنيَا لَهُ لجَّةُ مَاءْ

أَبْيَضُ البَشْرَةِ فِضِّيٌّ إِذَا

لاحَ ظَنَّتْهُ العُيُونُ ابْنَ ذُكَاءْ

تَسْأَلُ الطَّيْرُ سِبَاعَ الجَوِّ عَنْ

ذَا الَّذِي يَسْبَحُ في جَوِّ السَّمَاءْ

ص: 6303

أَيُّهَا السَّائِلُ عَمَّا قَدْ رَأَى

لَكَ في مَمْلَكَةِ الجَوِّ العَزَاءْ

آيَةٌ لَوْ أَنَّهَا فِيمَا مَضَى

قِيلَ إِحْدَى مُعْجِزَاتِ الأَنْبِيَاءْ

أَبُسَاطٌ أَمْ بُرَاقٌ آخَرٌ

أَمْ خَيَالٌ مِن خَيَالِ الشُّعَرَاءْ

مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مَعْنىً لَمْ يَكُن

في المَعَاني غَيْرَ مَعْنىَ الْكِبْرِيَاءْ

مُعْجِزَاتُ الرُّسْلِ وَلىَّ عَصْرُهَا

وَتَجَلَّتْ مُعْجِزَاتُ العُلَمَاءْ

{ذُكَاء: أَيِ الشَّمْس 0 وَالْقَصِيدَةُ لمحَمَّدٍ الأَسْمَر بِتَصَرُّف}

حُلُولُ الفَوَازِيرِ عَلَى التَّرْتِيب

الفَأْر، الخَمْر؛ حَيْثُ يَتَحَوَّلُ إِذَا تَخَمَّرَ مَرَّةً أُخْرَى إِلى خَلّ، المَدْرَسَة، الهُدْهُد، المَوْز، الكُوز، قُلَّتي، السِّيجَارَة، الهُون، سَفِينَةُ الفَضَاء، أَوِ الطَّائِرَة 0

يَاسِر الحَمَدَاني 0

[email protected]

ص: 6304