الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:
===============
تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لَا يَغْفَلُ وَلَا يَنَام، تَبَارَكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمَاً وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يُحْيى وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوت 00
يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءَاً مِنَ الذَّرَّاتِ وَحَتىَّ المجَرَّات 00!!
إِلهِي لَكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ * علَى نِعَمٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لهَا أَهْلَا
إِذَا زِدْتُّ عِصْيَانَاً تَزِيدُ تَفَضُّلاً * كَأَنيَ بِالعِصْيَانِ أَسْتوْجِبُ الفَضْلَا
نُسِيءُ إِلَيْهِ؛ وَيُحْسِنُ إِلَيْنَا، فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ، وَلَا نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا 00!!
اللَّهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا 00!!
إِلَهِي وَمَوْلَايَ مَا أَعْظَمَكْ * وَمَنْ في الْوَرَى لَا يَرَى أَنعُمَكْ
{يَاسِر الحَمَدَاني}
أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا * في الكَوْنِ كُنْتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ
وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً * حَتىَّ أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني
وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنَاً * وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني
{مِنْ نُونِيَّةِ الْقَحْطَاني بِتَصَرُّف}
إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنْتَ رَغْمَ إِسَاءتي * إِلَيْكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكْرُ
فَمَنْ كَانَ مُعْتَذِرَاً إِلَيْكَ بحُجَّةٍ * فَعُذْرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذْرُ
أَتَيْتُكَ مُفْتَقِرَاً إِلَيْكَ وَلَمْ يَكُنْ * لِيُعْجِبَني لَوْلَا محَبَّتُكَ الفَقْرُ
{الْبَيْتَانِ الأَوَّلَانِ لأَبي نُوَاس، وَالأَخِيرُ لِلْبُحْتُرِيّ 0 بِتَصَرُّف}
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ اللهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَا، وَدَاعِيَاً إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَا، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا 00
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محَمَّدٍ عَدَدَ أَوْرَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقْتَ مِنَ البَشَر 00
أَنْتَ الَّذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلِقَاكَا
أَنْتَ الَّذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا
نَادَيْتَ أَشْجَارَاً أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا
وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى لِلَّهِ في يُمْنَاكَا
وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكْتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا
مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يَجْمَعَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مَعْنَاكَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * وَأَدَامَ في أَذْهَانِنَا ذِكْرَاكَا
{شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ صَاحِبُ المُسْتَطْرَف، بِشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّف}
ثمَّ أَمَّا بَعْد
لَقَدْ قَضَيْتُ أَكْثَرَ مِن عَشْرِ سِنِين؛ عَاكِفَاً عَلَى القِرَاءةِ وَالتَّدْوِين، قَرَأْتُ خِلَالَهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِاْئَةِ أَلْفِ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ العَرَبيِّ الثَّمِين، فَاقْتَرَحْتُ عَلَى النَّاشِرِ اقْتِرَاحَاً خَطَرَ في بَالي: أَلَا وَهُوَ أَن أَجْمَعَ لَهُ مَا يَصْلُحُ مِنهَا لأَنْ يَكُونَ أَنَاشِيدَ لِلأَطْفَالِ؛ فَاسْتَصْوَبَ الْفِكْرَة، وَشَاءَ صَاحِبُ القُدْرَة ـ لِهَذِهِ السُّطُور ـ أَنْ تَخْرُجَ إِلىَ النُّور 0
قَدْ يَنْفَعُ الأَدَبُ الصِّبْيَانَ في صِغَرٍ * وَلَيْسَ يَنْفَعُ بَعْدَ الشَّيْبَةِ الأَدَبُ
إِنَّ الْغُصُونَ إِذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ * وَلَنْ يَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَهُ الخَشَبُ
وَبُنَاءً عَلَيْه: قَدْ يَلْحَظُ المُتَخَصِّصُ في مجَالِ الشِّعْرِ إِذَا رَجَعَ إِلى أُصُولِ القَصَائِدِ في دَوَاوِينِ أَصْحَابِهَا: بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ الشِّعْرِيَّة، إِمَّا بِالاِخْتِصَارِ أَوْ بِالدَّمْج، أَوْ بِاسْتِبْدَالِ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ الصَّعْبَةِ الَّتي يَنْدُرُ اسْتِعْمَالُهَا بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى أَسْهَلَ مِنهَا، أَوِ اسْتِبْدَالِ بَيْتٍ بِبَيْتٍ آخَرَ أَجْمَلَ مِنهُ 0
وَتَيْسِيرَاً عَلَى الطِّفْل: قُمْتُ بِتَقْسِيمِهَا بُنَاءً عَلَى أَلْحَانِ بُحُورِهَا: حَيْثُ ضَمَمْتُ كُلَّ الْقَصَائِدِ الَّتي لَهَا نَفْسُ اللَّحْنِ في مجْمُوعَةٍ عَلَى حِدَة، لِتَتَذَوَّقَ أُذُنُ الطِّفْلِ مُبَكِّرَاً مُوسِيقَى الشِّعْرِ الْعَرَبيّ، وَسَوْفَ يُسَهِّلُ عَلَيْهِ هَذَا كُلَّ محْفُوظَاتِهِ مِنَ الشِّعْرِ الْعَرَبيِّ مُسْتَقْبَلاً، وَيجْعَلُ مِنَ الصَّعْبِ عَلَيْهِ جِدَّاً أَنْ تَسْقُطَ مِنهُ كَلِمَةٌ أَوْ تُسْتَبْدَلَ لاِخْتِلَالِ المُوسِيقَى في أُذُنَيْه 0
أَسْأَلُ اللهَ أَن أَكُونَ قَدْ قَدَّمْتُ قِيمَةً مِن خِلَالِهَا، يُسْعِدُ كُلَّ أُمٍّ أَنْ تُقَدِّمَهَا لأَطْفَالِهَا 0 {الفَقِيرُ إِلى عَفْوِ الرَّحْمَنِ / يَاسِر الحَمَدَاني}
المجْمُوعَةُ الأُولى
[لَحْنُ المُتَقَارِب: فَعُولٌ فَعُولٌ فَعُولٌ فَعُولْ]
لَكَ الحَمْدُ أَنيِّ مِنَ المُسْلِمِين
لَكَ الحَمْدُ أَنيِّ مِنَ المُسْلِمِين * تَسَلَّحْتُ مِنْ صِغَرِي بِالْيَقِين
وَفَتَّحْتُ عَيْني عَلَى خَيْرِ دِين
أَتَيْنَا وَمِنْ قَبْلِنَا النُّورُ جَاءْ * وَأَلْقَتْ إِلَيْنَا هُدَاهَا السَّمَاء
تَبِعْنَا خُطَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاء
{عِصَام الْغَزَالي بِاسْتِثْنَاءِ المِصْرَاعِ الثَّاني مِنَ الْبَيْتِ الأَوَّل}
عَلَيْكَ اعْتِمَادِي وَفِيكَ اعْتِقَادِي * وَحُبُّكَ زَادِي لِيَوْمِ اللِّقَاءْ
فَأَنْتَ الْقَرِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ * وَأَنْتَ المجِيبُ سَمِيعُ الدُّعَاءْ
دَعَاكَ خُشُوعِي وَسَالَتْ دُمُوعِي * وَصَعَّدْتُ في اللَّيْلِ مُرَّ الْبُكَاءْ
أَنِرْ لي طَرِيقِي وَكُنْ لي رَفِيقِي * لَدَى كُلِّ ضِيقٍ وَكُلِّ بَلَاءْ
{الْبَيْتُ الأَوَّلُ لِيَاسِرٍ الحَمَدَاني، وَالْبَاقِي لِعِصَامِ الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
أَبْقَاكَ اللهُ يَا وَلَدِي
لَكَمْ في حَيَاتي رَأَيْتُ عِيَالَا * وَلَمْ أَرَ لَابْنيَ قَطُّ مِثَالَا
فَلَا أَعْرِفُ النَّوْمَ مِنْ لَعْبِهِ * وَلَا أَسْتَطِيعُ أَخُطُّ مَقَالَا
وَإِنْ قُلْتُ شَيْئَاً لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ * إِلى خَارِجِ الْبَيْتِ شَدَّ الرِّحَالَا
فَأَمْضِي لأُمْسِكَهُ دُونَ جَدْوَى * كَأَنيِّ أُرِيدُ أَصِيدُ غَزَالَا
وَإِنْ قُلْتُ عَفْوَاً حَبِيبي تَعَالى * تَعَالى عَلَيَّ وَلَمْ يُلْقِ بَالَا
وَيُعْرِضُ عَنيِّ وَيَغْضَبُ مِنيِّ * كَأَنيِّ أَطْلُبُ مِنهُ محَالَا
فَأُوعِدُهُ ثُمَّ لَمْ يَلْقَ مِنيِّ * سِوَى الْقُبُلَاتِ تَكُونُ نَكَالَا
المجْمُوعَةُ الثَّانيَة
[لَحْنُ المُتَدَارَك: فَعِلٌ فَعِلٌ فَعِلٌ فَعِلٌ]
النِّيلُ هِبَةُ الله
النِّيلُ الْعَذْبُ هُوَ الْكَوْثَرْ * وَالجَنَّةُ شَاطِئُهُ الأَخْضَرْ
رَيَّانُ الصَّفْحَةِ وَالمَنْظَرْ * بِالسَّمَكِ وَبِالخَيْرِ الأَوْفَرْ
الْبَحْرُ الْفَيَّاضُ الْقُدُسُ * السَّاقِي النَّاسَ وَمَا غَرَسُواْ
وَهُوَ المِنوَالُ لِمَا لَبِسُواْ * وَبِهِ نَرْوِي الْقُطْنَ الأَزْهَرْ
*********
جَعَلَ الإِحْسَانَ لَهُ شَرْعَا * لَمْ يُخْلِ الْوَادِي مِنْ مَرْعَى
فَتَرَى زَرْعَاً يَتْلُو زَرْعَاً * فَهُنَا يُجْنى وَهُنَا يُبْذَرْ
جَارٍ وَيُرَى لَيْسَ بجَارٍ * لأَنَاةٍ فِيهِ وَوَقَارٍ
يَنْصَبُّ كَتَلٍّ مُنهَارٍ * وَيَثُورُ فَتَحْسَبُهُ يَزْأَرْ
حَبَشِيُّ اللَّوْنِ كَجِيرَتِهِ * مِنْ مَنْبَعِهِ وَبُحَيْرَتِهِ
وَكَسَا الشَّطَّينِ بِسُمْرَتِهِ * لَوْنَاً كَالمِسْكِ وَكَالْعَنْبَرْ
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف 0 قَالَهَا في نَهْرِ النِّيل}
أُنْشُودَةُ الطِّفْلِ الْفِلَسْطِينيّ
نَشْكُو لِلَّهِ مَوَاجِعَنَا * الظُّلْمُ أَقَضَّ مَضَاجِعَنَا
قَدْ مَلأَتْ لَيْلاً وَنَهَارَاً * صَرَخَاتُ النَّاسِ مَسَامِعَنَا
في كُلِّ طَرِيقٍ نَسْلُكُهُ * نَتَخَيَّلُ فِيهِ مَصَارِعَنَا
مِنْ زَمَنٍ نَبْكِي لَمْ يَمْسَحْ * أَحَدٌ في النَّاسِ مَدَامِعَنَا
أُنْشُودَةُ الطِّفْلِ الْعِرَاقِي
أَبَدَاً لَنْ تَخْنُقَ آمَالي * لَنْ تَبْقَى في وَطَني الغَالي
سَأُحَطِّمُ يَوْمَاً أَغْلَالي
فَعِرَاقِي مَا كَانَ صَبِيَّا * لِتَكُونَ عَلَى الأَرْضِ وَصِيَّا
وَتُكَبِّلَ بِالْقَيْدِ يَدَيَّا
فَسَأَمْلأُ صَدْرَكَ بِالضِّيقِ * وَتَرَاني في كُلِّ طَرِيقٍ
أَسْحَقُ مَن حَاوَلَ تَمْزِيقِي
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّة
كَمْ ذَا في اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة * مِنْ مَقْطُوعَاتٍ أَدَبِيَّة
لَوْ دَخَلَتْ أَيَّ مُسَابَقَةٍ * فَازَتْ بِالْكَأْسِ الذَّهَبِيَّة
أَحْيى اللَّهُ مَن أَحْيَاهَا * وَرَعَى كَوْكَبَةً تَرْعَاهَا
لُغَةُ الحِكْمَةِ وَالأُدَبَاءِ * في كُلِّ مجَالٍ تَلْقَاهَا
مَا الضَّعْفُ بِهَا بَلْ هُوَ فِينَا * حَفِظَتْ سُنَّتَنَا وَالدِّينَا
مَا كَانَتْ يَوْمَاً عَاجِزَةً * حَتىَّ تحْتَاجَ التَّحْسِينَا
قَالُواْ لُغَةٌ تَقْلِيدِيَّة * وَقَوَاعِدُهَا تَعْقِيدِيَّة
وَإِذَا حَقَّقْنَا رَغْبَتَهُمْ * قَالُواْ لُغَةٌ تجْرِيدِيَّة
قَالُواْ تَفْتَقِدُ الأَسْمَاءَا * لَا بَلْ تَفْتَقِدُ الْعُلَمَاءَا
لُغَةٌ فَائِقَةٌ عَظَمَتُهَا * وَلِذَا تَحْتَاجُ الْعُظَمَاءَا
كَتَائِبُ الأَقْصَى
سَنَخُوضُ المَعْرَكَةُ الْكُبرَى
وَسَتُدْرِكُ أُمَّتُنَا النَّصْرَا
لَنْ نَتْرُكَ مَسْجِدَنَا الأَقْصَى
سَنُحَرِّرُهُ شِبرَاً شِبرَا
مِنْ زَمَنٍ مَرَّ وَأُمَّتُنَا
سَاهِرَةٌ تَنْتَظِرُ الْفَجْرَا
لَنْ يَرْدَعَ أَمْرِيكَا إِلَاّ
مَنْ يَكْسِرُ شَوْكَتَهَا كَسْرَا
لَنْ نُبْقِيَ في خَلَدِ الدُّنيَا
مِنْ سِيرَتِهَا إِلَاّ الذِّكْرَى
وَسَنَجْعَلُ سُودَ أَفَاعِلِهَا
في أُمَّتِنَا حُمَمَاً حُمْرَا
قَرْنٌ قَدْ مَرَّ وَكَوْكَبُنَا
لَمْ يَرَ مِنهَا قَطٌّ خَيرَا
صوتك الاِنتِخَابي أمَانة
" وَاللَّه اليُوم دَا بْنِتْمَنَّاه * مِنْ مُدَّة وِبْنِسْتَنَّاهْ "
" يَا اهْلِ العِزِّ وْيَا اهْلِ الجَاهْ * يَا مَا كَامْ مَقْلَبْ وِشْرِبْنَاهْ "
" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "
" دِلْوَقْتي بْتِسْأَلُواْ عَن حَالْنَا * وِتْهِمُّكُواْ صِحِّة أَنجَالْنَا "
" لَكِنْ دَا احْنَا خَلَاصْ فَتَّحْنَا * وِاللِّي نْسِينَا رَاحْ نِنْسَاهْ "
" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "
" لَازِمْ يِبْقَى نَايِبْ دَايْرِتْنَا * نِعْرَفْ بِيتُه وْيِعْرَفْ بِيتْنَا "
" وِاللِّي نحِبُّهْ: رَاحْ نِنْتِخْبُه * وِخَلَاصْ بِقْلُوبْنَا اخْتَرْنَاهْ "
" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "
" رَاجِلْ بَابُهْ مِشْ مَقْفُولْ * لِيلْ وِنهَارْ مَفْتُوحْ عَلَى طُولْ "
" هُوَّا حَبِيبْنَا وْمِشْ هَايْسِيبْنَا * أَصْلُهْ عْرِفْنَا وِعْرِفْنَاهْ "
" سِيبُواْ الدَّايْرَةْ لأَهْلِ الله "
" بِنحِبُّه وْبِيْحِبِّنَا جِدَّاً * وِدِي حَاجَة أَبَّاً عَن جِدَّاً "
" يَامَا هَنَّانَا وْيَامَا عَزَّانَا * وْبْنِعْرَفْ نِقْعُدْ وَيَّاهْ "
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
المجْمُوعَةُ الثَالِثَة
[لَحْنُ الْوَافِر: مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ فَعُولٌ]
الطَّاغِي الصَّغِيرُ
فَدَقَّ بِرِجْلِهِ الأَرْضَ احْتِجَاجَاً
وَمَدَّ ذِرَاعَهُ سَهْمَاً يُشِيرُ
وَبَالَغَ في الْبُكَاءِ بِغَيْرِ دَمْعٍ
لِيُرْغِمَ أَهْلَهُ الطَّاغِي الصَّغِيرُ
وَصَاحَ أُرِيدُ مِن هَذَا فَهَاتُواْ
وَإِلَاّ لَن أَسِيرَ وَلَنْ تَسِيرُواْ
وَوَالِدُهُ يَقُولُ لَهُ أَطِعْني
رُكُوبُ الرَّأْسِ شَرٌّ مُسْتَطِيرُ
تَعَقَّلْ يَا بُنيَّ وَسِرْ وَعَيْبٌ
تجَمَّعَ حَوْلَنَا خَلْقٌ كَثِيرُ
{شِعْر / عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
الرَّضِيعُ الفَظِيع
{رَشَادٌ} قِطْعَةٌ مِنيِّ وَإِنيِّ
أَبُوهُ وَعُمْرُهُ في الثَّدْيِ عَامُ
وَقَدْ يحْلُو لَهُ التَّسْبِيحُ لَيْلاً
فَيُوقِظُني وَقَدْ نَامَ الأَنَامُ
رُوَيْدَاً أَيُّهَا الرَّجُلُ الصَّغِيرُ
أَمَا أَدَبٌ لَدَيْكَ وَلَا احْتِشَامُ
تُبَخِّرُني بِعِطْرِكَ كُلَّ يَوْمٍ
وَعِطْرُكَ ذَا الصَّلَاةُ بِهِ حَرَامُ
هَدَايَاكَ الثَّمِينَةُ أَحْرَجَتْني
وَضَاعَ بِهَا الْوَقَارُ وَالاِحْتِرَامُ
{شِعْر / عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
مُتْعَةُ السَّفَرِ بِالْقِطَار [رضي الله عنه]
أُفَضِّلُ أَن أُسَافِرَ بِالْقِطَارِ
يَشُقُّ طَرِيقَهُ بَينَ الصَّحَارِي
أُحِبُّ رُكُوبَهُ مِن غَيْرِ شَرْطٍ
أَبِالْبَنْزِينِ سَارَ أَمِ الْبُخَارِ
مُشَاهَدَةُ الحُقُولِ بِجَانِبَيْهِ
شِفَاءٌ لِلصِّغَارِ وَلِلْكِبَارِ
تَرَاهُ مُسْرِعَاً دَوْمَاً كَلِصٍّ
يَلُوذُ مِنَ الحُكُوَمَةِ بِالْفِرَارِ
وَيَجْرِي فَوْقَ خَطٍّ مُسْتَقِيمٍ
لِذَلِكَ لَا يَحِيدُ عَنِ المَسَارِ
وَطَوْرَاً تحْتَ وَجْهِ الأَرْضِ يَجْرِي
وَيَجْرِي تَارَةً فَوْقَ الْكَبَارِي
فَيَبْلُغُ بِالمُسَافِرِ مُنْتَهَاهُ
وَحَيْثُ يُرِيدُ لَكِنْ في وَقَارِ
المجْمُوعَةُ الرَّابِعَة
[مجْزُوءُ الْوَافِر: مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ * مَفَاعِيلٌ مَفَاعِيلٌ]
الطَّاوُوسُ المَغْرُور
سَمِعْتُ بِأَنَّ طَاوُوسَاً * أَتَى يَوْمَاً سُلَيْمَانَا
يَرَى لِغُرُورِهِ النَّاسَا * لَهُ قَدْ صِرْنَ عُبْدَانَا
فَقَالَ لَدَيَّ مَسْأَلَةٌ * أَظُنُّ أَوَانَهَا آنَا
وَهَا قَدْ جِئْتُ أَعْرِضُهَا * لأَعْرِفَ رَأْيَ مَوْلَانَا
أَلَسْتُ الْيَوْمَ عِنْدَكُمُ * لجَمْعِ الطَّيْر سُلْطَانَا
فَكَيْفَ يكُونُ حُسْنُ الصَّوْ * تِ حَظِّي مِنهُ حِرْمَانَا
فَمَا تَيَّمْتُ أَفْئِدَةً * وَلَا أَسْكَرْتُ آذَانَا
وَبَعْضُ الطَّيْرِ أُبْصِرُهُ * يُغَنيِّ الصَّوْتَ أَلحَانَا
فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ * لَقَدْ كَانَ الَّذِي كَانَا
لَقَدْ صَيَّرْتَ يَا مَغْـ * ـرُورُ نُعْمَى اللَّهِ كُفْرَانَا
فَلَوْ أَصْبَحْتَ ذَا صَوْتٍ * لَمَا كَلَّمْتَ إِنْسَانَا
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي في أَسَاطِيرِه بِتَصَرُّف}
المجْمُوعَةُ الخَامِسَة
[لَحْنُ البَسِيط: مُسْتَفْعِلٌ فَاعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ فَعِلٌ]
سُوءُ مَصِير: مَنْ بَاعَ الضَّمِير [1]
الكَبْشُ شَقَّ العَصَا يَوْمَاً عَلَى الرَّاعِي
وَقَالَ لِلشَّاءِ أَنْتُمْ بَعْضُ أَتْبَاعِي
حَتىَّ أَحَسَّ عَصَا الرَّاعِي تُؤَدِّبُهُ
كَمَا يُؤَدَّبُ عَبْدٌ غَيرُ مِطْوَاعِ
فَلَاذَ بِالذِّئْبِ يَدْعُوهُ لِنَجْدَتِهِ
وَمَنْ سِوَاهُ يُلَبيِّ دَعْوَةَ الدَّاعِي
تَنَاوَلَ الذِّئْبُ قَرْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ
أَقْبِلْ عَلَى الرَّحْبِ يَا رِيمٌ عَلَى القَاعِ
وَسَخَّرَ الكَبْشَ في صَيْدِ الشِّيَاهِ لَهُ
فَجَدَّ في السَّعْيِ خَابَ السَّعْيُ وَالسَّاعِي
وَظَلَّ يَرْتَعُ حِينَاً تحْتَ رَايَتِهِ
وَيَأْكُلُ الحَبَّ بِالْقِنْطَارِ لَا الصَّاعِ
حَتىَّ إِذَا الصَّيْدُ أَعْيىَ الكَبْشَ مَزَّقَهُ
بِمِخْلَبٍ مِثْلِ حَدِّ السَّيْفِ قَطَّاعِ
فَلَا القَطِيعُ بَكَاهُ يَوْمَ مَصْرَعِهِ
وَلَا الذِّئَابُ نَعَاهُ مِنهُمُ نَاعِ
وَهَكَذَا كَانَ ذُو القَرْنَينِ مَوْعِظَةً
لِكُلِّ صَاحِبِ عَقْلٍ سَامِعٍ وَاعِ
سُوءُ مَصِير: مَنْ بَاعَ الضَّمِير [2]
الكَبْشُ قَامَ خَطِيبَاً فَوْقَ رَابِيَةٍ
يَنعَى وَيَنهَى عَدَاءَ الذِّئبِ لِلْغَنَمِ
فَتَمْتَمَ الذِّئبُ في أُذْنَيْهِ أَنْتَ عَلَى
رَأْسِ القَطِيعِ أَمِيرٌ نَافِذُ الْكَلِمِ
فَقَبَّلَ الكَبْشُ رَأْسَ الذِّئبِ مُعْتَذِرَاً
عَمَّا رَمَاهُ بِهِ مِنْ سَالِفِ التُّهَمِ
وَقَالَ لِلشَّاءِ خُوضُواْ وَارْتَعُواْ مَعَهُ
منْ لَاذَ بِالذِّئْبِ مِنْكُمْ لَاذَ بِالحَرَمِ
وَإِنْ تُصِبْ أَحَدَاً مِنْكُمْ مخَالِبُهُ
فَإِنَّهَا بَلْسَمٌ يَشْفِي مِنَ السَّقَمِ
قَلْبُ الأُمّ
اسْمَعْ نَفَائِسَ مَا يَأْتِيكَ مِنْ حِكَمِي
وَافْهَمْهُ فَهْمَ لَبِيبٍ نَاقِدٍ وَاعِ
كَانَتْ عَلَى زَعْمِهِمْ فِيمَا مَضَى غَنَمٌ
بِأَرْضِ بَغْدَادَ يَرْعَى جَمْعَها رَاعِ
قَدْ نَامَ عَنهَا فَنَامَتْ غَيرَ وَاحِدَةٍ
لَمْ يَدْعُهَا في الدُّجَي نَحْوَ الْكَرَى دَاعِ
فَبَيْنَمَا هِيَ وَسْطَ اللَّيْلِ سَاهِرَةٌ
تُحْيِيهِ مَا بَينَ آهَاتٍ وَأَوْجَاعِ
بَدَا لهَا الذِّئْبُ يَسْعَى في الظَّلَامِ عَلَى
بُعْدٍ فَصَاحَتْ أَلَا قُومُواْ إِلى السَّاعِي
فَقَامَ رَاعِي الحِمَى غَضْبَانَ في فَزَعٍ
يَقُولُ أَيْنَ كِلَابي أَيْنَ مِقْلَاعِي
فَلَاذَ مِنهُ فِرَارَاً خَوْفَ مَصْرَعِهِ
وَقَالَ أَنْجُو بِنَفْسِي قَبْلَ إِيقَاعِي
فَقَالَتِ الأُمُّ إِن عَينُ الرُّعَاةِ غَفَتْ
سَهِرْتُ مِن حُبِّ أَطْفَالي عَلَى الرَّاعِي
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
مُعَلِّمُ السُّوء
أُنْبِئْتُ أَنَّ سُلَيْمَانَ الحَكِيمَ وَمَن
مَمَالِكُ الطَّيْرِ نَاجَتْهُ وَنَاجَاهَا
أَعْطَى بَلَابِلَهُ يَوْمَاً لخَادِمِهِ
وَقَالَ خُذْهَا لِرَاعِي الْبُومِ يَرْعَاهَا
فَاشْتَاقَ سَيِّدُنَا يَوْمَاً لِرُؤْيَتِهَا
فَأَقْبَلَتْ وَهْيَ أَعْصَى الطَّيْرِ أَفْوَاهَا
أَصَابَهَا الْعِيُّ حَتىَّ لَا اقْتِدَارَ لَهَا
بِأَنْ تَبُثَّ نَبيَّ اللَّهِ شَكْوَاهَا
فَثَارَ سَيِّدُنَا مِمَّا رَآهُ بِهَا
وَوَدَّ لَوْ أَنَّهُ بِالذَّبْحِ دَاوَاهَا
فَجَاءهُ الهُدْهُدُ المَعْهُودُ مُعْتَذِرَاً
عَنهَا يَقُولُ لِمَوْلَاهُ وَمَوْلَاهَا
بَلَابِلُ اللهِ لَمْ تَخْرَسْ وَلَا وُلِدَتْ
خُرْسَاً وَلَكِنَّ بُومَ الشُّومِ رَبَّاهَا
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}
المجْمُوعَةُ السَّادِسَة
[لَحْنُ الرَّمَل: فَاعِلَاتٌ فَاعِلَاتٌ فَاعِلٌ]
نَشِيدُ مِصْرَ وَالسُّودَان
أَيُّهَا الأَشْبَالُ في النِّيلِ السَّعِيدْ
جَدِّدُواْ الآمَالَ لِلشَّعْبِ الشَّرِيدْ
وَاعْمَلُواْ بِالحَزْمِ وَالعَزْمِ الحَدِيدْ
مِصْرُ نَادَتْ فَاسْتَجِيبُواْ لِلنِّدَاءْ
سَارِعُواْ لِلْمَجْدِ يَا كَنْزَ الأَمَلْ
بِاتحَادٍ وَنِظَامٍ وَعَمَلْ
كُلُّ مَنْ سَارَ عَلَى الدَّرْبِ وَصَلْ
انهَضُواْ وَاللَّهُ يَرْعَى الأَوْفِيَاءْ
جَاءَ عَهْدُ النِّيلِ وَانْجَابَ الظَّلَامْ
وَتَعَالى ذِكْرُنَا بَينَ الأَنَامْ
وَمِنَ اليَوْمِ سَنَمْضِي لِلأَمَامْ
في حِمَى الرَّحْمَنِ في ظِلِّ اللِّوَاءْ
مِصْرُ وَالسُّودَانُ مِن عَهْدٍ بَعِيدْ
إِخْوَةٌ في الدِّينِ وَالنِّيلِ المجِيدْ
لَهُمَا مجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ تَلِيدْ
خَالِدُ العِزَّةِ مَوْفُورُ الإِبَاءْ
سَنَخُوضُ الهَوْلَ بحْرَاً مِنْ دِمَاءْ
فَحَيَاةُ الذُّلِّ وَالمَوْتُ سَوَاءْ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
الثَّوْرُ الطَّيِّبُ وَالثَّعْلَبُ المَاكِر
نَظَرَ اللَّيْثُ إِلى ثَوْرٍ سَمِينْ
كَانَ بِالْقُرْبِ عَلَى حَقْلٍ أَمِينْ
فَاشْتَهَتْ مِنْ لحْمِهِ نَفْسُ الرَّئِيسْ
وَكَذَا الأَنْفُسُ يُصْبِيهَا النَّفِيسْ
قَالَ لِلثَّعْلَبِ يَا ذَا الاِحْتِيَالْ
رَأْسُكَ المحْتَالُ أَوْ ذَاكَ الْغَزَالْ
فَدَعَا لِلَّيْثِ بِالْعُمْرِ الطَّوِيلْ
وَمَضَى في الحَالِ لِلأَمْرِ الجَلِيلْ
وَأَتَى الحَقْلَ وَقَدْ جَنَّ الظَّلَامْ
فَرَأَى الْعِجْلَ فَأَهْدَاهُ السَّلَامْ
قَائِلاً يَا أَيُّهَا المَوْلى الْوَزِيرْ
أَنْتَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَالْعَقْلِ الْكَبِير
حَمَلَ الذِّئْبَ عَلَى قَتْلِي الحَسَدْ
فَوَشَى بي عِنْدَ مَوْلَانَا الأَسَدْ
فَقَصَدْتُ صَاحِبَ الجَاهِ الرَّفِيعْ
وَهْوَ فِينَا لَمْ يَزَلْ نِعْمَ الشَّفِيعْ
فَبَكَى الثَّوْرُ لأَقْوَالِ الخَبِيثْ
وَدَنَا يَسْأَلُ عَنْ شَرْحِ الحَدِيثْ
قَالَ هَلْ تَجْهَلُ يَا حُلْوَ الصِّفَاتْ
أَنَّ مَوْلَانَا أَبَا الأَفْيَالِ مَاتْ
فَرَأَى السُّلْطَانُ في الرَّأْسِ الْكَبِيرْ
مَوْطِنَ الحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ الْغَزِيرْ
وَرَآكُمْ خَيْرَ مَنْ يُسْتَوْزَرُ
وَلأَمْرِ المُلْكِ رُكْنَاً يُذْخَرُ
وَلَقَدْ عَدُّواْ لَكُمْ بَينَ الجُدُودْ
عِجْلَ آبِيسَ وَمَعْبُودَ الْيَهُودْ
فَأَقَامُواْ لِمَعَالِيكُمْ سَرِيرْ
عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مُزْدَانٍ كَبِيرْ
وَاسْتَعَدَّ الطَّيْرُ وَالْوَحْشُ لِذَاكْ
في انْتِظَارِ السَّيِّدِ الْعَالي هُنَاكْ
فَإِذَا قُمْتُمْ بِأَعْبَاءِ الأُمُورْ
وَانْتَهَى الأُنْسُ إِلَيْكُمْ وَالسُّرُورْ
بَرِّئُوني عِنْدَ سُلْطَانِ الزَّمَان
وَاطْلُبُواْ لي العَفْوَ مِنهُ وَالأَمَان
وَأَنَا عَبْدٌ شَكُورٌ وَمُطِيعْ
أَخْدُمُ المُنعِمَ جُهْدَ المُسْتَطِيعْ
فَأَحَدَّ الثَّوْرُ قَرْنَيْهِ وَقَالْ
أَنْتَ مُنْذُ الْيَومِ جَارِي لَا تُنَالْ
فَامْضِ وَاكْشِفْ لي إِلى اللَّيْثِ الطَّرِيقْ
إِنَّني لَمْ يَشْقَ بي قَطُّ الصَّدِيقْ
فمَضى الخِلَاّنِ تَوَّاً لِلْفَلَاة
ذَا إِلى المَوْتِ وَهَذَا لِلنَّجَاة
وَهُنَاكَ افْتَرَسَ اللَّيْثُ الْوَزِيرْ
وَحَبَا الثَّعْلَبَ مِنهُ بِالْيَسِيرْ
فَانْثَنىَ يَضْحَكُ مِنْ طَيْشِ الْعُجُولْ
وَجَرى في حَلْبَةِ الفَخْرِ يَقُولْ
سَلِمَ الثَّعْلَبُ بِالرَّأْسِ الصَّغِيرْ
فَفَدَاهُ كُلُّ ذِي رَأْسٍ كَبِيرْ
المجْمُوعَةُ السَّابِعَة
[الرَّمَلُ القَصِير: فَاعِلَاتٌ فَاعِلَاتٌ * فَاعِلَاتٌ فَاعِلَاتٌ]
خُطْبَةُ الثَّعْلَبُ
أَقْبَلَ الثَّعْلَبُ يَوْمَاً * في ثِيَابِ الْوَاعِظِينَا
وَمَشَى في الأَرْضِ يَهْدِي * وَيَسُبُّ المَاكِرِينَا
وَيَقُولُ الحَمْدُ للَّهِ إِلَهِ الْعَالَمِينَا
يَا عِبَادَ اللهِ تُوبُواْ فَهْوَ حِصْنُ التَّائِبِينَا
وَازْهَدُواْ في الطَّيْرِ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الزَّاهِدِينَا
وَاطْلُبُواْ الدِّيكَ يُؤَذِّنْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فِينَا
فَأَتى الدِّيكَ رَسُولٌ مِن إِمَامِ الزَّاهِدِينَا
فَأَجَابَ الدِّيكُ عُذْرَاً يَا أَضَلَّ المُهْتَدِينَا
بَلِّغْ الثَّعْلَبَ عَنيِّ عَنْ جُدُودِي الصَّالحِينَا
أَنَّهُمْ قَالُواْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ قَوْلُ الْعَارِفِينَا
مخْطِئٌ مَنْ ظَنَّ يَوْمَاً أَنَّ لِلثَّعْلَبِ دِينَا
عَارٌ عَلَى اللُّصُّوصِ أَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمْ شَرِيفَاً
كَانَ ذِئْبٌ يَتَغَدَّى * فَجَرَتْ في الزَّوْرِ عَظْمَة
أَلْزَمَتْهُ الصَّوْمَ حَتىَّ * أَنحَلَتْ بِالجُوعِ جسْمَه
فَأَتىَ الثَّعْلَبُ يَبْكِي * ويُعَزِّي فِيهِ أُمَّه
قَالَ يَا أُمَّ صَدِيقي * بي لِفَقْدِ الذِّئْبِ غُمَّهْ
فَاصْبرِي صَبْرَاً جَمِيلاً * إِنَّ صَبْرَ الأُمِّ رَحْمَة
فَأَجَابَتْ يَا ابْنَ أُخْتي * كُلُّ مَا قَدْ قُلْتَ حِكْمَة
لَمْ يَفُلَّ الْقَلْبَ إِلَاّ * قَوْلُهُم مَاتَ بِعَظْمَة
لَيْتَهُ مِثْلَ أَخِيهِ * مَاتَ محْسُودَاً بِتُخْمَة
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
المجْمُوعَةُ الثَّامِنَة
[الْكَامِلُ القَصِير: مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ * مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ]
لَكِ اللهُ يَا بَغْدَاد
بَغْدَادُ يَا بَلَدَ الرَّشِيدْ * وَمَنَارَةَ المجْدِ التَّلِيدْ
يَا بَسْمَةً لَمَّا تَزَلْ زَهْرَاءَ في ثَغْرِ الخُلُودْ
يَا مَوْطِنَ الحُبِّ القَدِيمِ وَمَضْرِبَ المَثَلِ الشَّرُودْ
يَا سَطْرَ مجْدٍ لِلْعُرُوبَةِ خُطَّ في لَوْحِ الوُجُودْ
إِلى الأَمَامِ عَلَى الدَّوَامْ
سِرُّ النَّجَاحِ إِلى الأَمَامْ * فَإِلى الأَمَامِ عَلَى الدَّوَامْ
وَإِلى الأَمَام أَكَانَ عَصْرُكَ عَصْرَ حَرْبٍ أَوْ سَلَامْ
نِعْمَ الشِّعَارُ لِمَن أَرَادَ لِنَفْسِهِ عَيْشَ الكِرَامْ
زَاحِمْ وَسِرْ نحْوَ الأَمَامِ فَإِنَّمَا الدُّنيَا زِحَامْ
هِيَ مَوْكِبٌ مَنْ نَامَ فِيهِ فَلَنْ يَكُونَ لَهُ قِيَامْ
{شِعْر / محَمَّد الأَسْمَر 0 بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
حَيِّ الشَّبَابَ المُصْلِحِين
حَيِّ الشَّبَابَ المُصْلِحِين * خَيرَ الكَتَائِبِ أَجْمَعِين
مَنْ شَيَّدُواْ صَرْحَ الرَّشَادِ لِيرْفَعُواْ للهِ دِين
مَنْ قَدْ أَبَواْ إِلَاّ الجِهَادَ فَدَيْتُهُمْ مِنْ مخْلِصِين
لَا يَعْمَلُونَ لِغَايَةٍ إِلَاّ فَلَاحَ المُسْلِمِين
فَيُجِيبُونَ هُمْ:
نحْنُ الجُنُودُ إِذَا دَعَا الدَّاعِي نَهَضْنَا لِلْوَطَن
مِنْ كُلِّ فَجٍّ كَالسُّهُولِ أَوِ الحُقُولِ أَوِ المُدُن
لِنَذُودَ عَن أَوْطَانِنَا إِنْ لَمْ نَذُدْ عَنهُ فَمَن
{أَشْعَار / هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
عَزْمُ الشَّبَاب
عَزْمُ الشَّبَابِ هُوَ القَضَاءُ وَمُبْتَغَاهُ هُوَ القَدَرْ
فَارْفَعْ جَبِينَكَ لِلحَيَاةِ وَلَا تَذِلَّ لِمُقْتَدِرْ
الكَوْنُ مِلْكُكَ وَالحَيَاةُ بِعَزْمِ أَمْرِكَ تَأْتَمرْ
مَا شِئْتَ مِن حَقٍّ فَلَا تَنهَضْ إِلَيْهِ عَلَى حَذَرْ
تَسْعَى الذِّئَابُ لِصَيْدِهَا وَسْطَ الظَّلَامِ المُنْتَشِرْ
أَمَّا الأُسُودُ فَلَا تخَافُ المَوْتَ أَو تخْشَى الخَطَرْ
كُنْ كَالصُّقُورِ مُقَامُهَا فَوْقَ السَّحَابِ مَعَ القَمَرْ
لَا كَالغُرَابِ يُطَارِدُ الجِيَفَ الحَقِيرَةَ في الحُفَرْ
مَنْ ذَلَّ تَدْهَكُهُ السَّنَابِكُ في مَتَاهَاتِ العُمُرْ
وَتَلِينُ غَّطْرَسَةُ الزَّمَانِ إِلى الأَبيِّ مِنَ البَشَرْ
{مُصْطَفَى عِكْرِمَة}
أَنَا بِنْتُ مِصْر
أَنَاْ خَيْرُ لحْنٍ في الشِّفَاه * وَأَبي مِنَ العَرَبِ الأُبَاة
أَنَاْ بِنْتُ مِصْرَ تَلِيدَةِ الأَمْجَادِ مَقْبَرَةِ الغُزَاة
أَنَاْ زَهْرَةٌ لَيْسَتْ تَفُوحُ شَذَىً عَلَى أَيْدِي الجُنَاة
وَحَمَامَةٌ تَرْجُو السَّلَامَ أَثَارَهَا ظُلْمُ الطُّغَاة
أَحْمِي البِلَادَ وَأَسْتَمِدُّ العَوْنَ مِنْ نُورِ الإِلَه
* * * * * * * * *
هَذَا أَخِي حَمَلَ السِّلَاحْ * لَمَّا دَعَا دَاعِي الكِفَاحْ
وَوَرَاءَهُ في الصَّفِّ أُخْتي لَا تُبَالي بِالرِّمَاحْ
تَأْسُو الجِرَاحَ إِذَا هَوَى في الحَرْبِ مخْضُوبُ الجِرَاحْ
وَالأُمُّ تَشْحَذُ عَزْمَنَا بِدُعَائِهَا لَا بِالنُّوَاحْ
لَا بُدَّ لِلَّيْلِ الَّذِي عَمَّ العُرُوبَةَ مِنْ صَبَاحْ
* * * * * * * * *
إِنيِّ لأَعْمَلُ لِلسَّلَامْ * وَلِغَرْسِ أَزْهَارِ الْوِئَامْ
اللهُ يَشْهَدُ مَا بَذَرْتُ بُذُورَ شَرٍّ في الظَّلَامْ
لَكِنَّني آبى لأَرْضِيَ أَنْ تَذِلَّ وَأَنْ تُضَامْ
هَذِي يَدِي فِيهَا الإِخَاءُ وَفي يَدِي الأُخْرَى سِهَامْ
فَالْوُدُّ مِنيِّ لِلصَّدِيقِ وَلِلْعِدَى المَوْتُ الزُّؤَامْ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
جَمَالُ الحُقُول
كَمْ بِالْقُرَى مِن غَادَةٍ حَسْنَاءَ كَالرَّشَأِ الْغَرِيرْ
الحَافِظَاتِ لِكُلِّ مَا قَدْ يَقتَضِي حَقُّ الْعَشِيرْ
الحَامِلَاتِ جِرَارَهُنَّ وَقَدْ سَعَينَ إِلى الْغَدِيرْ
النَّائِمَاتِ مِنَ الْعَشِيِّ الْقَائِمَاتِ مِنَ الْبُكُورْ
يَبْدُو لَنَا مَعَ فَقْرِهِنَّ حَيَاءُ رَبَّاتِ الخُدُورْ
سُقْيَاً لِعَهْدٍ قَدْ تَوَلىَّ كُلُّهُ بِشْرٌ وَنُورْ
أَيَّامَ أَلْهُو في الرُّبَى خَلْفَ الْفَرَاشِ لِكَيْ يَطِيرْ
لَا الطِّفْلُ طِفْلٌ في الحُقُولِ وَلَا الصَّغِيرُ بهَا صَغِيرْ
وَعَلَى ضِفَافِ النَّهْرِ سَاقِيَةٌ لَهَا صَوْتٌ تَدُورْ
يَمْشِي بهَا ثَوْرٌ تَغَشَّاهُ الْوَقَارُ فَلَا يخُورْ
وَهُنَاكَ فَوْقَ الأَرْضِ قَوْمٌ يَعْمَلُونَ بِلَا فُتُورْ
وَعَلَى الْفُؤُوسِ قَدِ انحَنَتْ مِنهُمْ وَقُوِّسَتِ الظُّهُورْ
الْكَادِحُونَ وَمَا اشْتَكَواْ حَرَّ الظَّهِيرَةِ وَالهَجِيرْ
وَالشَّارِبُونَ لَدَى انْبِلَاجِ الْفَجْرِ كَأْسَ الزَّمْهَرِيرْ
يَا رِيفُ يَا مَهْدَ الجَمَالِ وَمَصْدَرَ الخَيرِ الْوَفِيرْ
حُيِّيتَ يَا حِصْنَ الْفَضِيلَةِ يَا حِمَى الشَّرَفِ الْغَيُورْ
مَنْ لَمْ تُدَنِّسْ أَرْضَهُ مَدَنِيَّةٌ كَذِبٌ وَزُورْ
كَمْ أَهْمَلُواْ الإِصْلَاحَ فِيكَ وَأَنْتَ عَانٍ لَا تَثُورْ
كَمْ أَخْلَفَ الْوَعْدَ الَّذِي أَعْطَاكَهُ مِنهُمْ وَزِيرْ
فَاخْلَعْ رِدَاءَ الجَهْلِ إِنَّ الْعِلْمَ بَيْنَ النَّاسِ نُورْ
وَالْبِسْ رِدَاءَ الْعِلْمِ أَنْتَ بِثَوْبِهِ أَبَدَاً جَدِيرْ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
الأُمُّ الحَمْقَاء
ثُلُثَاهُ مِنْقَارٌ وَرَأْسٌ وَالأَظَافِرُ مَا بَقِي
ضَخْمُ الدِّمَاغِ عَلَى الخُلُوِّ مِنَ الحِجَى وَالمَنْطِقِ
مِن أُمِّهِ لَقِيَ الصَّغِيرُ مِنَ الْبَلِيَّةِ مَا لَقِي
فُتِنَتْ بِهِ فَتَوَهَّمَتْ فِيهِ قُوَىً لَمْ تُخْلَقِ
قَالَتْ كَبِرْتَ فَثِبْ كَمَا وَثَبَ الْكِبَارُ وَحَلِّقِ
وَرَمَتْ بِهِ في الجَوِّ لَمْ تَحْذَرْ وَلَمْ تَسْتَوْثِقِ
فَهَوَى فَمُزِّقَ كُلُّ عُضْوٍ فِيهِ شَرَّ مُمَزِّقِ
فَرَأَيْتُ غِرْبَانَاً تُحَلِّقُ في السَّمَاءِ وَتَلْتَقِي
وَعَرَفْتُ رَنَّةَ أُمِّهِ في النَّائِحَاتِ النُّعَّقِ
فَأَشَرْتُ فَالْتَفَتَتْ فَقُلْتُ لَهَا مَقَالَةَ مُشْفِقِ
أَطْلَقْتِهِ وَلَوِ اخْتَبَرْتِ جَنَاحَهُ لَمْ تُطْلِقِي
وَكَمَا تَرَفَّقَ وَالِدَاكِ عَلَيْكِ لَمْ تَتَرَفَّقِي
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف 0 قَالَهَا في غُرَابٍ صَغِير}
أُمُّ الشَّهِيد
ذَهَبَتْ تُسَائِلُ عَنْ فَتَاهَا * لَهْفَى يُسَابِقُهَا أَسَاهَا
السُّهْدُ أَضْنَاهَا وَنَارُ الشَّوْقِ يَحْرِقُهَا لَظَاهَا
وَتَكَادُ لَوْلَا الصَّبْرُ وَالإِيمَانُ تَهْمِي مُقْلَتَاهَا
*********
بِالأَمْسِ وَدَّعَهَا وَهَبَّ يَحُثُّ لِلسَّاحِ المَسِيرْ
وَعَلَى الأَعَادِي قَالَ سَوْفَ أُحَقِّقُ النَّصْرَ الكَبِيرْ
أَتُرَاهُ وَفَّى نَذْرَهُ أَمْ أَنَّهُ فِيهِمْ أَسِيرْ
*********
قَالَتْ سَأَسْأَلُ مَن أَرَاهُ لِيَطْمَئِنَّ الآنَ قَلْبي
قَالُواْ أَتَعْنِينَ الفَتى المِغْوَارَ قَالَتْ إِي وَرَبيِّ
قَالُواْ رَأَيْنَاهُ بِوَجْهِكِ إِنَّ وَجْهَكِ عَنهُ يُنْبي
رَأَتِ الجِرَاحَ بِصَدْرِهِ فَاسْتَبْشَرَتْ تخْتَالُ كِبْرَا
كَانَتْ جِرَاحُ الصَّدْرِ تَهْتِفُ إِنَّني وَفَّيْتُ نَذْرَا
إِنىِّ وَرَبِّكِ لَمْ أُدِرْ يَا أُمِّ لِلأَعْدَاءِ ظَهْرَا
*********
فَدَنَتْ تُقَبِّلُهُ فَقَالُواْ مُلْتَقَاكُمْ في الخُلُودْ
قَالَتْ وَدَمْعُ الفَرْحَةِ الكُبْرَى تَلأْلأَ في الخُدُودْ
حَسْبي إِذَا ذُكِرَ الشَّهِيدُ بِأَنَّني أُمُّ الشَّهِيدْ
أُنْشُودَةُ الرَّضيع
وَهَذِهِ أُنْشُودَةٌ لِلشَّاعِر / هَاشِمٍ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف، عَلَى لِسَانِ أُمٍّ قُتِلَ زَوْجُهَا؛ فَقَالَتْ تُوصِي وَلِيدَهَا وَهِيَ تُرْضِعُهُ وَتُهَدْهِدُهُ كَيْ يَنَام:
أَشْدُو بِأُغْنِيَتي الحَزِينَةِ ثُمَّ يَغْلِبُني الْبُكَاءْ
وَأَمُدُّ كَفِّي لِلسَّمَاءِ لأَسْتَحِثَّ خُطَى السَّمَاءْ
نَمْ يَا بُنيَّ وَلَا تُشَارِكْني المَرَارَةَ وَالمحَن
نَمْ يَا بُنيَّ فَسَوْفَ أُرْضِعُكَ الجِرَاحَ مَعَ اللَّبن
*********
نَمْ كَيْ أَنَالَ عَلَى يَدَيْكَ مُنىً وَهَبْتُ لَهَا الحَيَاة
يَا مَنْ رَأَى الدُّنيَا وَلَكِنْ مَا رَأَى فِيهَا أَبَاه
*********
سَتَمُرُّ أَعْوَامٌ طِوَالٌ في الأَنِينِ وَفي العَذَابْ
وَأَرَاكَ يَا وَلَدِي قَوِيَّ الجِسْمِ مَوْفُورَ الشَّبَابْ
وَهُنَاكَ تَسْأَلُني كَثِيرَاً عَن أَبِيكَ وَكَيْفَ غَابْ
هَذَا سُؤَالٌ يَا صَغِيرِي لَمْ أُعِدَّ لَهُ جَوَابْ
فَإِذَا عَرَفْتَ جَرِيمَةَ الجَانِي وَمَا اقْتَرَفَتْ يَدَاهْ
فَانْثُرْ عَلَى قَبْرِي وَقَبْرِ أَبِيكَ بَعْضَاً مِنْ دِمَاهْ
*********
لَا تَرْحَمِ الجَاني إِذَا ظَفِرَتْ بِهِ يَوْمَاً يَدَاكْ
فَهْوَ الَّذِي جَلَبَ الشَّقَاءَ لَنَا وَلَمْ يَرْحَمْ أَبَاكْ
*********
لَا تُصْغِ يَا وَلَدِي إِلى مَا لَفَّقُوهُ وَزَوَّرُوهْ
مِن أَنَّهُمْ جَاءُ واْ إِلى الوَطَنِ الذَّلِيلِ فَحَرَّرُوهْ
*********
كَذَبُواْ وَقَالُواْ يَا بُنيَّ عَلَى بُطُولَتِهِ خِيَانَة
وَأَمَامَنَا التَّقْرِيرُ هَا هُوَ عَنهُ يَنْطِقُ بِالإِدَانَة
*********
وَهُمُ الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ الفَرْدَ مِنْ دُونِ الإِلَهْ
وَيُسَبِّحُونَ بِحَمْدِهِ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ الصَّلَاةْ
فَإِلى مَتى وَالظَّالِمُونَ نِعَالُهُمْ فَوْقَ الجِبَاهْ
كَشِيَاهِ جَزَّارٍ وَهَلْ تَسْتَنْكِرُ الذَّبْحَ الشِّيَاهْ
مَاتَ الشَّهِيدُ بِنَا فَلَمْ نَسْمَعْ بِصَوْتٍ قَدْ بَكَاهْ
وَسَعَواْ إِلى الشَّاكِي الحَزِينِ فَأَلجَمُواْ بِالرُّعْبِ فَاهْ
*********
حَكَمُواْ بِمَا شَاءواْ وَسِيقَ أَبُوكَ في أَصْفَادِهِ
قَدْ كَانَ يَرْجُو رَحْمَةً بِبَنِيهِ مِنْ جَلَاّدِهِ
مَا كَانَ يَا وَلَدِي أَبُوكَ يَخُونُ حُبَّ بِلَادِهِ
لَكِنَّهُ حُكْمُ المُدِلِّ بِجُنْدِهِ وَعَتَادِهِ
*********
هَذَا الَّذِي قَالُوهُ في الإِعْلَامِ مَسْمُومُ المَذَاقْ
لَمْ يَبْقَ مَسْمُوعَاً سِوَى صَوْتِ التَّمَلُّقِ وَالنِّفَاقْ
ثمَّ تُوَجِّهُ الحَدِيثَ إِلى كُلِّ مُسْلِمٍ وَعَرَبيٍّ قَائِلاً:
سَأَظَلُّ أَذْكُرُ صَرْخَةَ المَسْجُونِ وَالمُسْتَنْجِدِ
وَهُنَاكَ في فَصْلِ الشِّتَاءِ وَحَوْلَ دِفْءِ المَوْقِدِ
أَرْوِي لأَوْلَادِي الصِّغَارِ حَدِيثَ حُكْمٍ أَسْوَدِ
مَلأَتْ مَرَارَتُهُ فَمِي وَطَوَتْ سَلَاسِلُهُ يَدِي
أَنَاْ يَا أَخِي في مِصْرَ أَزْحُفُ في السَّلَاسِلِ وَالقُيُودْ
قَدْ ضِقْتُ ذَرْعَاً يَا أَخِي بِالمجْدِ وَالعَهْدِ الجَدِيدْ
بِالنَّارِ يحْكُمُنَا الطُّغَاةُ وَبِالمَشَانِقِ وَالحَدِيدْ
نَصَبُواْ لَنَا أَغْلَالَهُمْ فَمَضَتْ تُطَوِّقُ كُلَّ جِيدْ
لَا نَرْتَضِي هَذَا الهَوَانَ وَلَا مُعَامَلَةَ العَبِيدْ
*********
ثمَّ قَالَتْ تُنَدِّدُ بِهَؤُلَاءِ الطُّغَاةِ الَّذِينَ حَكَمُواْ مِصْرَ في هَذِهِ الأَثْنَاء:
إِنيِّ كَفَرْتُ بِمِصْرَ بِالأَهْرَامِ بِالنِّيلِ الحَبِيبْ
في أَرْضِ آبَائِي أَعِيشُ كَأَنَّني فِيهَا غَرِيبْ
*********
أَأَظَلُّ أَمْضِي في الحَيَاةِ بِلَا لِسَانٍ أَوْ فَمِ
أَبْكِي عَلَى حُرِّيَّتي بِالدَّمْعِ أَقْطُرُ وَالدَّمِ
وَأَعِيشُ عَيْشَ الذُّلِّ عَيْشَ العَبْدِ عَيْشَ الأَبْكَمِ
أَلقَى الهَوَانَ وَأَنحَني لِلْمُسْتَبِدِّ المجْرِمِ
وَأَرَى البِلَادَ ذَلِيلَةً وَأَقُولُ يَا مِصْرُ اسْلَمِي
المجْمُوعَةُ التَّاسِعَة
[لَحْنُ الْكَامِلِ التَّامّ: مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ مُسْتَفْعِلٌ]
عَاشَتْ بِلَادِي
إِنيِّ مَرَرْتُ عَلَى الرِّيَاضِ النَّادِيَة * وَسَمِعْتُ تَغْرِيدَ الطُّيُورِ الشَّادِيَة
فَطَرِبْتُ لَكِنْ مَا أَحَبَّ فُؤَادِيَه * كَطُيُورِ أَرْضِي أَوْ زُهُورِ بِلَادِي
وَشَرِبْتُ مَاءَ النِّيلِ شَيْخِ الأَنهُرِ * فَكَأَنَّني قَدْ ذُقْتُ مَاءَ الكَوْثَرِ
نَهْرٌ كَسَا الشَّطَّينِ أَرْوَعَ مَنْظَرِ * عَذْبٌ وَلَكِنْ لَا كَمَاءِ بِلَادِي
وَقَرَأْتُ في كُتُبِ المُرُوءةِ وَالسِّيَرْ * فَظَنَنْتُهَا شَيْئَاً تَلَاشَى وَانْدَثَرْ
أَوْ أَنَّهَا وَهْمٌ كَبِيرٌ في البَشَرْ * فَإِذَا المُرُوءةُ في رِجَالِ بِلَادِي
وَرَسَمْتُ يَوْمَاً صُورَةً في خَاطِرِي * لِلْحُسْنِ إِنَّ الحُسْنَ رَبُّ الشَّاعِرِ
وَمَضَيْتُ أَطْلُبُهَا فَلَمْ يَرَ نَاظِرِي * حُسْنَاً كَمَا هُوَ في بَنَاتِ بِلَادِي
قَالُواْ أَلَيْسَ الحُسْنُ في كُلِّ الدُّنى * فَعَلَامَ لَمْ تَعْشَقْ سِوَاهَا مَوْطِنَا
فَأَجَبْتُهُمْ إِنيِّ أُحِبُّ الأَحْسَنَا * دَوْمَاً وَأَحْسَنُ مَا رَأَيْتُ بِلَادِي
قَالُواْ تَأَمَّلْ أَيَّ حَالٍ حَالَهَا * هَدَمَ الدَّمَارُ سُهُولَهَا وَجِبَالَهَا
سَتَمُوتُ إِنَّ الدَّهْرَ شَاءَ زَوَالَهَا * كَلَاّ وَرَبيِّ لَنْ تَمُوتَ بِلَادِي
الْكَوْكَبُ الْوَضَّاءُ يَبْقَى كَوْكَبَا * وَلَئِنْ تَسَتَّرَ بِالدُّجَى وَتحَجَّبَا
لَيْسَ الضَّبَابُ بِسَالِبٍ حُسْنَ الرُّبى * وَالْحَرْبُ لَا تَمْحُو جَمَالَ بِلَادِي
كَمْ أَمَّلَتْ عَيْني لِفَرْطِ جَمَالِهَا * لَوْ أَنَّهَا اكْتَحَلَتْ وَلَوْ بِرِمَالِهَا
سَأَظَلُّ أَفْخَرُ دَائِمَاً بِنِضَالِهَا * وَأَقُولُ عَاشَتْ لِلْفِدَاءِ بِلَادِي
{شِعْر / إِيلِيَّا أَبي مَاضِي 0 بِتَصَرُّف}
أَطَالَ اللهُ في عُمْرِكَ يَا أَبي
وَثَلَاثَةٍ لَمَّا ضَمَمْتُهُمُ إِلى
صَدْرِي شَفَيْتُ مِنَ الفُؤَادِ غَلِيلَا
يَتَسَابَقُونَ إِليَّ حِينَ أَعُودُ مِنْ
سَفَرٍ قَصِيرٍ قَدْ رَأَوْهُ طَوِيلَا
مَا بَالُ قَلْبي كُلَّمَا أَعْطيْتُهُمُ
أَضْعَافَ مَا طَلَبُواْ يَرَاهُ قَلِيلَا
وَعْدِي لَهُمْ أَمَلٌ فَإِنْ قَصُرَتْ يَدِي
عَنْ مَطْلَبٍ فَرِحُواْ بِهِ تَعْلِيلَا
لَوْلَاهُمُ مَا كَانَ ضَعْفِي قُوَّةً
وَالْعُسْرُ يُسْرَاً وَالبَقَاءُ جَمِيلَا
{الشَّاعِرُ القَرَوِي / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
الْبَاشِقُ وَالْعُصْفُور
هَذَا نَمُوذَجٌ مِنَ الشِّعْرِ المَسْرَحِيّ، الَّذِي يَحْكِي حِوَارَاً بَينَ الْبَاشِقِ وَالْعُصْفُورِ، قَالَهَا الشَّاعِرُ الْعَبْقَرِيُّ سَلِيمٌ الخُورِي؛ يُصَوِّرُ فِيهِ الْعَلَاقَةَ بَينَ بَينَ الْقَوِيِّ المُسْتَبِدِّ وَالضَّعِيفِ المَقْهُورِ:
قَالَ العُصْفُور؛ وَقَدْ وَقَعَ بَينَ مخَالِبِ الْبَاشِقِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ جَوَارِحِ الطُّيُور:
يَا بَاشِقُ ارْحَمْني وَرِقَّ لحَالَتي
دَعْني لأَفْرَاخِي الصِّغَارِ أَطِيرُ
فَتُصَفِّقُ الأَوْرَاقُ عِنْدَ سَمَاعِهَا
صَوْتي وَيَهْتِفُ بِالخَرِيرِ غَدِيرُ
مَاذَا جَنَيْتُ وَإِنَّني يَا سَيِّدِي
طَيرٌ ضَعِيفٌ جُنحُهُ مَكْسُورُ
مَا في حَيَاتي لِلرُّبى ضَرَرٌ وَلَا
جَوْرٌ وَيَكْفِي أَنَّني عُصْفُورُ
مُتَنَقِّلٌ بَينَ الغُصُونِ كَأَنَّني
ظِلٌّ أَظَلُّ مَدَى النَّهَارِ أَدُورُ
إِنيِّ خَطِيبٌ وَالْغُصُونُ مَنَابِرِي
وَالسَّامِعُونَ جَدَاوِلٌ وَزُهُورُ
فَرَدَّ الْبَاشِقُ عَلَيْهِ قَائِلاً:
خَلِّ الْبُكَاءَ فَلَيْسَ دَمْعُكَ مُشْبِعَاً
جَوْفي وَنَارُ الجُوعِ فِيهِ سَعِيرُ
أَنَا إِنْ رَثِيتُ لأَنَّةٍ أَوْ زَفْرَةٍ
أَيَسُدُّ جُوعِيَ أَنَّةٌ وَزَفِيرُ
أَنْتَ الْكَبِيرُ عَلَى الْبَعُوضِ تَصِيدُهُ
وَأَنَا عَلَى هَذَا الْكَبِيرِ كَبِيرُ
فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا
أَوَلَسْتَ أَنْتَ عَلَى الضَّعِيفِ تجُورُ
وَاصْبرْ عَلَى حُكْمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا
كَأْسُ الْقَضَاءِ عَلَى الجَمِيعِ تَدُورُ
أُنْشُودَةُ اللَاّجِئِ الْفِلَسْطِينيّ
الطِّفْلُ مُلْقَىً تَحْتَ أَرْجُلِ مُجْرِمِه * وَالرَّمْلُ يحْسِرُ مَا تَدَفَّقَ مِنْ دَمِه
قَتَلُواْ أَنَاشِيدَ الرَّجَاءِ عَلَى فَمِه * وَخَبَا عَلَى الرَّمْضَاءِ نُورُ تَبَسُّمِه
*******
وَقَدِ انحَنَتْ أُمُّ الشَّهِيدِ عَلَى الجِرَاحْ * تَبْكِي شَبَابَاً ضَاعَ في حَمْلِ السِّلَاحْ
هَذِي القِلَاعُ القَائِمَاتُ عَلَى الجَبَلْ * وَرَصَاصُهَا المَجْنُونُ في صَدْرِ البَطَلْ
لَنْ يُغْلِقَ الأَبْوَابَ في وَجْهِ الأَمَلْ * فَحَمَاسُ تَزْحَفُ نحْوَهُمْ زَحْفَ الأَجَلْ
*******
اليَوْمَ كُنْتُ مَعَ الرِّفَاقِ أَسِيرُ في المُسْتَعْمَرَة * شَاكِي السِّلَاحِ وَكُلُّ شِبرٍ تحْتَ رِجْلِيَ مَقْبرَة
فَتَفَجَّرُواْ مِنْ جَوْفِ أَكْوَاخٍ هُنَاكَ مُبَعْثَرَة * طَلَعُواْ عَلَيْنَا في بَنَادِقِهِمْ فَكَانَتْ مجْزَرَة
*******
فَإِذَا نَفَضْتَ غُبَارَ قَبرِي عَنْ يَدِكْ * وَمَضَيْتَ تَلْتَمِسُ الطَّرِيقَ إِلى غَدِكْ
فَاذْكُرْ وَصِيَّةَ لَاجِئٍ تَحْتَ التُّرَابْ * سَلَبُوهُ آمَالَ الكُهُولَةِ في الشَّبَابْ
هُمْ أَخْرَجُوكَ فَعُدْ إِلى مَن أَخْرَجُوكْ * فَهُنَاكَ أَرْضٌ كَانَ يَزْرَعُهَا أَبُوكْ
*******
مَأْسَاتُنَا مَأْسَاةُ قَوْمٍ أَبْرِيَاءْ * حَمَلَتْ إِلى الآفَاقِ رَائِحَةَ الدِّمَاءْ
وَجَرِيمَتي كَانَتْ مُحَاوَلَةَ البَقَاءْ * أَنَاْ مَا اعْتَدَيْتُ وَلَمْ أُفَكِّرْ في اعْتِدَاءْ
*******
كَانَتْ لَنَا دَارٌ وَكَانَ لَنَا وَطَن * أَلْقَتْ بِهِ أَيْدِي الخِيَانَةِ في المحَن
وَبَذَلْتُ في إِنْقَاذِهِ أَغْلَى ثَمَن * بِيَدِي دَفَنْتُ بَنيَّ فِيهِ بِلَا كَفَن
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
المجْمُوعَةُ الْعَاشِرَة
[لَحْنُ مَنهُوكِ الرَّجَز: مُفَاعِلٌ مُفَاعِلٌ * مُفَاعِلٌ مُفَاعِلٌ]
[لحْنُ مُونُولُوج: أُهُو أَنَا أُهُو أَنَا 000]
اسْتِضَافَةُ قِطَّة
لَمْ أَنْسَ قَطُّ لَيْلَةً * مِنْ رَمَضَانَ مَرَّتِ
إِذِ انْفَلَتُّ مِنْ سُحُورِي فَدَخَلْتُ حُجْرَتي
فَلَمْ يَرُعْني غَيْرُ صَوْتٍ كَمُوَاءِ الهِرَّةِ
فَقُمْتُ أُلْقِي السَّمْعَ في السُّتُورِ وَالأَسِرَّةِ
حَتىَّ ظَفِرْتُ بِالَّتي عَلَيَّ قَدْ تجَرَّتِ
فَمُذْ بَدَتْ لي وَالْتَقَتْ نَظْرَتُهَا بِنَظْرَتي
بَدَا بَرِيقُ لحْظِهَا مِثْلَ بَصِيصِ الجَمْرَةِ
ثُمَّ ارْتَقَتْ عَنِ المُوَاءِ فَعَوَتْ وَهَرَّتِ
وَرَدَّدَتْ فَحِيحَهَا كَحَيَّةٍ بِقَفْرَةِ
بَلْ وَاكْتَسَتْ لي مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ جِلْدَ النِّمْرَةِ
كَرَّتْ وَلَكِنْ كَالجَبَانِ قَاعِدَاً وَفَرَّتِ
وَانْتَفَضَتْ شَوَارِبَاً عَنْ مِثْلِ بَيْتِ الإِبْرَةِ
لَمْ أَجْزِهَا بِسَوْءةٍ لأَجْلِ تِلْكَ الثَّوْرَةِ
وَلَا غَبِيتُ ضَعْفَهَا وَلَا نَسِيتُ قُدْرَتي
وَلَا رَأَيْتُ غَيْرَ أُمٍّ بِالصِّغَارِ بَرَّةِ
فَيَا لَجِدِّ الأُمَّهَاتِ في بِنَاءِ الأُسْرَةِ
وَلَمْ أَزَلْ حَتىَّ اطْمَأَنَّ جَأْشُهَا وَقَرَّتِ
فَجِئْتُهَا بِشَرْبَةٍ مِنْ لَبَنٍ وَكِسْرَةِ
وَلَوْ وَجَدْتُ مِصْيَدَاً لَجِئْتُهَا بِفَأْرَةِ
فَاضْطَجَعَتْ تحْتَ ظِلَالِ الأَمْنِ وَاسْتَقَرَّتِ
وَقَرَأَتْ أَوْرَادَهَا وَمَا دَرَتْ مَا قَرَتِ
وَعَسْعَسَ الصِّغَارُ في ثُدِيِّهَا فَدَرَّتِ
فَاخْتَلَطُواْ وَعَيَّثُواْ كَالْعُمْيِ حَوْلَ السُّفْرَةِ
تحْسَبُهُمْ ضَفَادِعَاً قَدْ خَرَجَتْ مِنْ جَرَّةِ
فَقُلْتُ لَا بَأْسَ عَلَى طِفْلِكِ يَا جُوَيْرَتي
تمَخَّضِي عَن خَمْسَةٍ إِنْ شِئْتِ أَوْ عَن عَشْرَةِ
أَنْتِ وَأَوْلَادُكِ حَتىَّ يَكْبَرُواْ في جِيرَتي
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
أَبْقَاكِ اللهُ لي يَا جَدَّتي
لي جَدَّةٌ تَرْأَفُ بي * أَحْنى عَلَيَّ مِن أَبي
وَكُلُّ شَيْءٍ سَرَّني * تَذْهَبُ فِيهِ مَذْهَبي
إِن غَضِبَ الأَهْلُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ لَمْ تَغْضَبِ
مَشَى أَبي يَوْمَاً إِليَّ مِشْيَةَ المُؤَدِّبِ
غَضْبَانَ قَدْ هَدَّدَ بِالضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبِ
فَلَمْ أَجِدْ لي مِنه غَيْرَ جَدَّتي مِنْ مَهْرَبِ
فَأَوْقَفَتْني خَلْفَهَا أَنْجُو بِهَا وَأَخْتَبي
وَهْيَ تَقُولُ لأَبي بِلَهْجَةِ المُؤَنِّبِ
وَيْحٌ لَهُ وَيْحٌ لَهُ ذَا الْوَلَدِ المُعَذَّبِ
أَلَمْ تَكُنْ تَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ إِذْ أَنْتَ صَبي
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
المجْمُوعَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَة
الأَرَاجِيزُ القَصِيرَة
[مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولٌ * مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولٌ]
نَشيدُ اليَهُود
يَا يَهُودْ يَا يَهُودْ * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ
سَيَأْتي الْيَوْمُ المَوْعُودْ * وَسَتَلْتَقِي الجنُودْ
بِالدَّمِ سَوْفَ نَجُودْ * وَسَتَسُودُ الأُسُودْ
وَنُعِيدُ لِلْيَهُودْ * مَا قَدْ مَضَى مِن عُهُودْ
*******
يَا يَهُودْ يَا يَهُود * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ
مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ قُوَّة * فَإِنَّ اللَّهَ مَوْجُودْ
*******
يَا أَحْفَادَ الخَنَازِير * وَيَا أَحْفَادَ الْقُرُودْ
غَدَرْتُمْ بِالمُسْلِمِينْ * كَمَا غَدَرَ الجُدُودْ
فَلَمْ تُحْسِنُواْ الجِوَارْ * وَلَمْ تَفُواْ بِالْوُعُودْ
رَغْمَ الضَّعْفِ رَغْمَ الخَوْفِ * لَمْ تَزَلْ فِينَا أُسُودْ
سَنُوَحِّدُ الصُّفُوفْ * وَسَنَحْشُدُ الحُشُودْ
سَنُعِيدُ لِلُبْنَانَ * وَالْقُدْسِ الحُلْمَ المَنْشُودْ
إِنَّ المُسْلِمِينَ قَوْمٌ * لَا يَعْرِفُونَ الْقُعُودْ
بَلْ يَعْرِفُونَ الجِهَادَ * وَيَعْرِفُونَ الصُّمُودْ
سَنُشْعِلُهَا نِيرَانَاً * أَنْتُمُ لَهَا وَقُودْ
زَرَعْتُمْ في الأَرْضِ الشَّوْكَا * وَسَنَزْرَعُ الْوُرُودْ
وَسَتَحْصُدُونَ مَا * قَدْ زَرَعْتُمْ في عُقُودْ
{أَشْعَار / يَاسِر الحَمَدَاني}
المجْمُوعَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَة
الأَرَاجِيزُ الطَّوِيلَة
[مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولَاتٌ مَفْعُولَاتٌ]
الأَرْنَبُ المَغْرُور
مِن أَعْجَبِ الأَخْبَارِ أَنَّ الأَرْنَبَا
لَمَّا رَأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثَّعْلَبَا
وَهْوَ عَلَى الجِدَارِ في أَمَانِ
يَغْلِبُ بِالمَكَانِ لَا الإِمْكَانِ
دَاخَلَهُ الظَّنُّ بِأَنَّ المَاكِرَا
أَمْسَى مِنَ الضَّعْفِ يُطِيقُ السَّاخِرَا
فَجَاءهُ يَلْعَنُ مِثْلَ الأَوَّلِ
عِدَادَ مَا في الأَرْضِ مِنْ مُغَفَّلِ
فَعَصَفَ الثَّعْلَبُ بِالضَّعِيفِ
عَصْفَ أَخِيهِ الذِّيبِ بِالخَرُوفِ
وَقَالَ لي في دَمِكَ المَسْفُوكِ
تَسْلِيَةٌ عَن خَيْبَتي في الدِّيكِ
فَالْتَفَتَ الدِّيكُ إِلى الذَّبِيحِ
وَقَالَ قَوْلَ الْعَارِفِ الْفَصِيحِ
مَا كُلُّنَا يَنْفَعُهُ لِسَانُهْ
في النَّاسِ مَنْ يُنْطِقُهُ مَكَانُهْ
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
الأَحْمَقُ عِنْدَمَا يُصْبِحُ حَكَمَاً
تَنَازَعَ الْغَزَالُ وَالخَرُوفُ
وَقَالَ كُلٌّ إِنَّهُ ظَرِيفُ
فَأَبْصَرَا التَّيْسَ فَظَنَّا أَنَّهُ
أَعْطَاهُ عَقْلاً مَن أَطَالَ ذِقْنَهُ
فَكَلَّفَاهُ أَنْ يَبْحَثَ في الْفَلَا
عَن حَكَمٍ لَهُ اعْتِبَارٌ في المَلَا
يَنْظُرُ في دَعْوَاهُمَا بِالدِّقَّة
عَسَاهُ يُعْطِي الحَقَّ مُسْتَحِقَّه
فَسَارَ لِلْبَحْثِ بِلَا تَوَاني
مُفْتَخِرَاً بِثِقَةِ الإِخْوَانِ
يَقُولُ عِنْدِي فِكْرَةٌ مُثِيرَة
تَرْفَعُ شَأْنَ التَّيْسِ في الْعَشِيرَة
وَذَاكَ أَنَّ أَفْضَلَ الثَّنَاءِ
مَا جَاءَ عَلَى أَلْسُنِ الأَعْدَاءِ
لِذَا فَإِنيِّ إِنْ دَعَوْتُ الذِّيبَا
لَا يَسْتَطِيعَانِ لَهُ تَكْذِيبَا
فَجَاءَ لِلذِّئْبِ وَقَالَ غَايَتي
أَنْتَ فَسِرْ مَعِي وَخُذْ بِلِحْيَتي
وَقَادَهُ لِلْمَوْضِعِ المَعْرُوفِ
فَقَامَ بَيْنَ الظَّبيَ وَالخَرُوفِ
وَقَالَ أَنَا لَا أَقْضِي بِالظَّاهِرِ
فَمَزَّقَ الخَصْمَينِ بِالأَظَافِرِ
وَقَالَ لِلتَّيْسِ انْطَلِقْ لِشَأْنِكَا
مَا قَتَلَ الخَصْمَيْن غَيْرُ ذِقْنِكَا
قَاضِي القُضَاةِ المَخْلُوع
تَعَرَّضَ اللَّيْثُ لِبَعْضِ الشِّدَّة
فَأَظْهَرَ الذِّئْبُ لَهُ المَوَدَّة
فَقَالَ يَا مَنْ صَانَ لي محِلِّي
في حَالَتَيْ وِلَايَتي وَعَزْلي
إِنْ عُدْتُ لِلأَرْضِ بِإِذْنِ اللَّهِ
وَعَادَ لي فِيهَا قَدِيمُ الجَاهِ
أُعْطِيكَ عِجْليْنِ وَأَلْفَ شَاةِ
ثُمَّ تَكُونُ قَاضِي القُضَاةِ
وَصَاحِبَ اللِّوَاءِ في الذِّئابِ
وَقَاضِيَ الْوُحُوشِ في غِيَابي
حَتىَّ إِذَا مَا تَمَّتِ الْكَرَامَةْ
وَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى السَّلَامَة
سَعَى إِلَيْهِ الذِّئْبُ بَعْدَ شَهْرِ
وَهْوَ مُطَاعُ الرَّأْيِ مَاضِي الأَمْرِ
فَقَالَ يَا مَنْ لَا تُدَاسُ أَرْضُه
وَمَنْ لَهُ طُولُ الْفَضَا وَعَرْضُه
قَدْ نِلْتَ مَا نِلْتَ مِنَ التَّكْرِيمِ
وَحَانَ وَقْتُ الْوَعْدِ وَالتَّسْلِيمِ
قَالَ تجَرَّأْتَ وَسَاءَ زَعْمُكَا
فَمَنْ تَكُونُ يَا فَتى وَمَا اسْمُكَا
أَجَابَهُ إِنْ كَانَ ظَنيِّ صَادِقَا
فَإِنَّني قَاضِي القُضَاةِ سَابِقَا
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
خُذْ بِيَدِي اليَوْم؛ آخُذُ بِرِجْلِكَ غَدَاً
حِكَايَةُ الكَلْبِ مَعَ الحَمَامَة
تَشْهَدُ لِلْجِنْسَيْنِ بِالكَرَامَة
يُقَالُ كَانَ الكَلبُ ذَاتَ يَوْمِ
بَيْنَ الرِّيَاضِ غَارِقَاً في النَّوْمِ
فَجَاءَ مِنْ وَرَائِهِ الثُّعْبَانُ
مُنْتَفِخَاً كَأَنَّهُ الشَّيْطَانُ
وَهَمَّ أَنْ يَغْدِرَ بِالأَمِينِ
فَرَقَّتِ الوَرْقَاءُ لِلْمِسْكِينِ
فَنَزَلَتْ حَتىَّ تُغِيثَ الكَلْبَا
فَنَقَرَتْهُ نَقْرَةً فَهَبَّا
فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى السَّلَامَة
وَحَفِظَ الجَمِيلَ لِلْحَمَامَة
فَمَرَّ مَا مَرَّ مِنَ الزَّمَانِ
وَجَاءَ صَيادُونَ لِلْمَكَانِ
وَصَوَّبُواْ نحْوَ الحَمَامَةِ السِّلَاحْ
فَنَبَّهَ الكَلْبُ الوَرْقَاءَ بِالنُّبَاحْ
فَأَسْرَعَتْ في الحَالِ بِالخَلَاصِ
وَسَلِمَتْ مِنْ طَائِشِ الرَّصَاصِ
هَذَا هُوَ المَعْرُوفُ يَا أَهْلَ الفِطَن
النَّاسُ بِالنَّاسِ وَمَنْ يُعِن يُعَن
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
مَنْ تَأَنىَّ نَالَ مَا تَمَنىَّ
رَأَيْتُ في بَعْضِ الرِّيَاضِ قُبَّرَة * تُطَيِّرُ ابْنَهَا بِأَعْلَى الشَّجَرَة
وهْيَ تَقُولُ يَا عَرُوسَ العُشِّ * لَا تَعْتَمِدْ عَلَى الجَنَاح الهَشِّ
وَقِفْ عَلَى عُودٍ بِجَنْبِ عُودِ * وَافْعَلْ كَمَا أَفْعَلُ في الصُّعُودِ
فَانْتَقَلَتْ مِنْ فَنَنٍ إِلى فَنَنْ * وَجَعَلَتْ لِكُلِّ نَقْلَةٍ زَمَنْ
كَيْ يَسْتَرِيحَ الْفَرْخُ في الأَثْنَاءِ * فَلَا يَمَلُّ ثِقَلَ الهَوَاءِ
لَكِنَّهُ قَدْ خَالَفَ الإِشَارَة * لِكَيْ تَرَى الطُّيُورُ ذَا المَهَارَة
وَطَارَ في الفَضَاءِ حَتىَّ ارْتَفَعَا * فَخَانَهُ جَنَاحُهُ فَوَقَعَا
فَانْكَسَرَتْ في الحَالِ رُكْبَتَاهُ * وَلَمْ يَنَلْ صَغِيرُنَا مُنَاهُ
وَلَوْ تَأَنىَّ نَالَ مَا تَمَنىَّ * وَعَاشَ طُولَ عُمْرِهِ مُهَنَّا
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}
نَدِيمُ السُّلْطَانِ المُنَافِق
كَانَ لِلسُّلْطَانِ نَدِيمٌ إِمَّعَة
مَا قَالَ رَأْيَاً إِلَاّ قَالَهُ مَعَه
وَقَدْ يُفِيضُ في ذِكْرِ المَنَاقِبْ
إِذَا كَانَتْ لَهُ بَعْضُ المَطَالِب
وَكَانَ مَوْلَاهُ يَرَى وَيُبْصِرُ
هَذَا النِّفَاقَ مِنهُ لَكِنْ يَصْبِرُ
فَجَلَسَا يَوْمَاً عَلَى الخِوَانِ
وَجِيءَ في الأَكْلِ بِبَاذِنجَانِ
فَأَكَلَ السُّلْطَانُ مِنهُ مَا أَكَلْ
وَقَالَ بَاذِنجَانٌ هَذَا أَمْ عَسَلْ
قَالَ النَّدِيمُ صَدَقَ السُّلْطَانُ
سِيَّانِ الْعَسَلُ وَالْبَاذِنجَانُ
هَذَا الَّذِي غَنىَّ بِهِ الرَّئِيسُ
وَقَالَ فِيهِ الشِّعْرَ جَالِينُوسُ
فِيهِ تِرْيَاقٌ يُعَالجُ السُّمَّا
وَيُسْتَخْدَمُ في عِلَاجِ الحُمَّى
قَالَ لَكِنْ تَعِيبُهُ مَرَارَة
وَمَا حَمِدْتُ مَرَّةً آثَارَه
قَالَ نَعَمْ مُرٌّ وَهَذَا عَيْبُهُ
مُذْ كُنْتُ يَا مَوْلَايَ لَا أُحِبُّهُ
هَذَا الَّذِي مَاتَ بِهِ بُقْرَاطُ
وَحَذَّرَ أَيْضَاً مِنهُ سُقْرَاطُ
فَالْتَفَتَ السُّلْطَانُ لِمَن حَوْلَهُ
وَقَالَ كَيْفَ تجِدُونَ قَوْلَهُ
قَالَ الْوَزِيرُ يَا سَيِّدَ النَّاسِ
دَعْ كَذِبي وَخُذْ مِنيِّ إِينَاسِي
جُعِلْتُ كَيْ أُنَادِمَ السُّلْطَانَا
لَا لِكَيْ أُنَادِمَ الْبَاذِنجَانَا
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
الشَّيْطَانُ في ثَوْبِ الزَّاهِدِين
حِكَايَةُ الصَّيَّادِ وَالْعُصْفُورَة
صَارَتْ لِبَعْضِ الزَّاهِدِينَ صُورَة
مَا هَزِءتُ فِيهَا بِمُسْتَحِقِّ
وَلَا أَرَدْتُ أَوْلِيَاءَ الحَقِّ
مَا كُلُّ أَهْلِ الزُّهْدِ صَادِقِينَا
كَمْ بَينَ أَهْلِ الزُّهْدِ فَاسِقِينَا
جَعَلْتُهَا شِعْرَاً لِتَلْفِتَ الْفِطَنْ
وَالشِّعْرُ لِلْحِكْمَةِ مُذْ كَانَ وَطَنْ
وَخَيْرُ مَا يُنْظَمُ لِلأَدِيبِ
مَا رَدَّدَتْهُ أَلْسُنُ التَّجْرِيبِ
أَلْقَى غُلَامٌ شَرَكَاً يَصْطَادُ
وَكُلُّ مَنْ فَوْقَ الأَرْضِ صَيَّادُ
فَانحَدَرَتْ عُصْفُورَةٌ مِنَ الشَّجَرْ
لَمْ يَنهَهَا النَّهْيُ وَلَا الحَزْمُ زَجَرْ
قَالَتْ سَلَامٌ أَيُّهَا الْغُلَامُ
قَالَ عَلَى الْعُصْفُورَةِ السَّلَامُ
قَالَتْ صَبيٌّ مُنحَني الْقَنَاةِ
قَالَ حَنَتْهَا كَثْرَةُ الصَّلَاةِ
قَالَتْ أَرَاكَ بَادِيَ الْعِظَامِ
قَالَ بَرَتْهَا كَثْرَةُ الصِّيَامِ
قَالَتْ فَمَا يَكُونُ هَذَا الصُّوفُ
قَالَ لِبَاسُ الزَّاهِدِ المَوْصُوفُ
سَلِي إِذَا جَهِلْتِ عَارِفِيهِ
فَابْنُ أَدْهَمَ وَالْفُضَيْلُ فِيهِ
قَالَتْ لِمَ الْعَصَا أَخَا الإِسْلَامِ
قَالَ بِهَا أَمْشِي وَسْطَ الظَّلَامِ
أُخِيفُ الذِّئْبَ وَعَلَيْهَا أَتَّكِي
وَلَا أَرُدُّ النَّاسَ عَنْ تَبَرُّكِي
قَالَتْ أَرَى فَوْقَ التُّرَابِ حَبَّا
مِمَّا اشْتَهَى الطَّيْرُ وَمَا أَحَبَّا
قَالَ تَشَبَّهْتُ بِأَهْلِ الخَيرِ
فَأَقْرِي مِنهُ بَائِسَاتِ الطَّيرِ
فَإِن هَدَى اللَّهُ إِلَيْهِ جَائِعَا
لَمْ يَكُ قُرْبَاني الْقَلِيلُ ضَائِعَا
قَالَتْ فَجُدْ لي يَا أَخَا التَّنَسُّكِ
قَالَ الْقُطِيهِ بَارَكَ اللَّهُ لَكِ
فَصَلِيَتْ في الْفَخِّ نَارَ الْقَارِي
وَمَصْرَعُ الْعُصْفُورِ في المِنْقَارِ
فَهَتَفَتْ تَقُولُ لِلأَغْرَارِ
مَقَالَةَ الْعَارِفِ بِالأَسْرَارِ
إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِالزُّهَّادِ
كَمْ تحْتَ ثَوْبِ الزُّهْدِ مِنْ صَيَّادِ
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
الْفَوَازِيرُ الشِّعْرِيَّة
مَا هوَ؟
أَنْتَ في التَّدْبِيرِ ثَعْلَبْ * أَنْتَ في الإِفْلَاتِ أَرْنَبْ
في ظَلَامِ اللَّيْلِ تَسْعَى * أَسْفَلَ الجُدْرَانِ تَنْقُبْ
وَإِذَا أَحْسَسْتَ صَوْتَاً * فَإِلى جُحْرِكَ تَهْرَبْ
أَيُّهَا الصُّعْلُوكُ أَبْشِرْ * غَابَتِ الْقِطَّةُ فَالْعَبْ
مَا هُوَ؟
وَمَا شَيْءٌ إِذَا فَسَدَا * تحَوَّلَ غَيُّهُ رَشَدَا
وَإِن هُوَ ظَلَّ في دَعَةٍ * أَثَارَ الشَّرَّ حَيْثُ بَدَا
ذَكِيُّ العِرْقِ وَالِدُهُ * وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدَا
*********
مَا هِيَ؟
تُنَادِي طِفْلَكَ اجْعَلْني * كَأُمٍّ لَا تَمِلْ عَنيِّ
وَلَا تَفْزَعْ كَمَأْخُوذٍ * مِنَ البَيْتِ إِلى السِّجْنِ
كَأَنِّي وَجْهُ صَيَّادٍ * وَأَنْتَ الطَّيرُ في الغُصْنِ
وَلَا بُدَّ لَكَ اليَوْمَ * وَإِلَاّ فَغَدَاً مِنيِّ
أَوِ اسْتَغْنِ عَنِ العَقْلِ * إِذَن عَنيِّ سَتَسْتَغْني
أَنَا المِصْبَاحُ لِلْفِكْرِ * أَنَاْ المِفْتَاحُ لِلذِّهْنِ
أَنَا البَابُ إِلى المجْدِ * تَعَالَ ادْخُلْ عَلَى اليُمْنِ
غَدَاً سَتَجُولُ في حَوْشِي * وَتَقْضِي الْيَوْمَ في حُضْني
وَتَلْقَى فيَّ إِخْوَانَاً * كَمِثْلِكَ أَنْتَ في السِّنِّ
وَآبَاءً أَحَبُّوكَ * وَمَا أَنْتَ لَهُمْ بِابْنِ
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي في قَصَائِدِهِ لِلأَطْفَالِ بِالشَّوْقِيّات 0 بِتَصَرُّف}
مَا هُوَ؟
مَا طَائِرٌ كَانَ يَوْمَاً خَصْمَ إِبْلِيسِ
لَا زَالَ صَاحِبَ تَنْقِيبٍ وَتَدْسِيسِ
يُصْبي بِمَنْظَرِهِ يُعْبي بِمَخْبَرِهِ
يَحْتَالُ في أَمْرِهِ شَأْنَ الجَوَاسِيسِ
قَدْ هَمَّ يَوْمَاً نَبيٌّ ذَبْحَهُ غَضَبَاً
لَوْلَا سِعَايَةُ صَاحِبِنَا بِبَلْقِيسِ
مَا هُوَ؟
وَمَا شَيْءٌ يُرَى في السُّو * قِ مَعْدُودَاً وَمَوْزُونَا
إِذَا مَا زِدْتَهُ وَاوَاً * وَنُونَاً صَارَ مَوْزُونَا
*********
مَا هُوَ؟
وَذِي أُذُنٍ بِلَا سَمْعٍ * وَلَا بَصَرٍ وَلَا وَعْيِ
وَمَنْ يُبْصِرْهُ عَنْ ظَمَأٍ * يَنَلْ مَا شَاءَ مِنْ رِيِّ
مَا هِيَ؟
أَلْفَيْتُهَا عُرْيَانَةً * لَمْ تَسْتَتِرْ بِحُلَّةِ
قَبَّلْتُهَا فَقَهْقَهَتْ * تَضْحَكُ لي مِنْ قُبْلَتي
وَلَمْ أَزَلْ مُقَبِّلاً * حَتىَّ رَوَيْتُ غُلَّتي
حَبِيبَتي تِلْكَ وَمَا * قَصَدْتُ غَيرَ {000}
{محَمَّدٌ الأَسْمَر}
*********
مَا هِيَ؟
فَاتِنَةٌ مُهَذَّبَة * مِنْ نَشْوَةٍ مُرَكَّبَة
تَوَسَّدَتْ أَنَامِلِي * وَاسْتَسْلَمَتْ مُلْتَهِبَة
وَعَرْبَدَتْ عَلَى فَمِي * أَنْفَاسُهَا المُضْطَرِبَة
تَظَلُّ وَهْيَ في يَدِي * مُبْعَدَةً مُقَرَّبَة
وَكُلَّمَا أَدْنَيْتُهَا * لِلَّحْظَةِ المُسْتَعْذَبَة
تحْمَرُّ مِن حَيَائِهَا * وَجْنَتُهَا المُخَضَّبَة
وَهَبْتُهَا لِصَاحِبي * فَلَمْ يَرُدَّ لي الهِبَة
تجِيئُني فِضِّيَّةً * وَتَارَةً مُذَهَّبَة
كَمْ شُغِلَتْ بِقُبْلَتي * عَنْ رُوحِهَا المُغْتَصَبَة
في كُلِّ حِينٍ أَصْبَحَتْ * خَفِيفَةً مُصْطَحَبَة
أَرْشُفُهَا حَتىَّ إِذَا * قَضَى الْفُؤَادُ أَرَبَه
أَدُوسُهَا بِقَدَمِي * ذَلِيلَةً مُكْتَئِبَة
فَهَلْ عَرَفْتَ يَا أَخِي * مَن هَذِهِ المُعَذَّبَة
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
مَا هُوَ؟
مَاذَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي * أَوْسَعُ مَا فِيهِ فَمُهْ
وَطِفْلُهُ في بَطْنِهِ * يَرْفُسُهُ وَيَلْكُمُهْ
دَوْمَاً تَرَاهُ صَارِخَاً * وَلَمْ يجِدْ مَنْ يَرْحَمُهْ
مَا هِيَ؟
لاحَ في الآفَاقِ عِمْلَاقُ السَّمَاءْ
كَانَ كَالمُخْتَالِ يَحْتَلُّ الفَضَاءْ
لَوْ تَرَاهُ قُلْتَ حُوتٌ طَائِرٌ
هَذِهِ الدُّنيَا لَهُ لجَّةُ مَاءْ
أَبْيَضُ البَشْرَةِ فِضِّيٌّ إِذَا
لاحَ ظَنَّتْهُ العُيُونُ ابْنَ ذُكَاءْ
تَسْأَلُ الطَّيْرُ سِبَاعَ الجَوِّ عَنْ
ذَا الَّذِي يَسْبَحُ في جَوِّ السَّمَاءْ
أَيُّهَا السَّائِلُ عَمَّا قَدْ رَأَى
لَكَ في مَمْلَكَةِ الجَوِّ العَزَاءْ
آيَةٌ لَوْ أَنَّهَا فِيمَا مَضَى
قِيلَ إِحْدَى مُعْجِزَاتِ الأَنْبِيَاءْ
أَبُسَاطٌ أَمْ بُرَاقٌ آخَرٌ
أَمْ خَيَالٌ مِن خَيَالِ الشُّعَرَاءْ
مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مَعْنىً لَمْ يَكُن
في المَعَاني غَيْرَ مَعْنىَ الْكِبْرِيَاءْ
مُعْجِزَاتُ الرُّسْلِ وَلىَّ عَصْرُهَا
وَتَجَلَّتْ مُعْجِزَاتُ العُلَمَاءْ
{ذُكَاء: أَيِ الشَّمْس 0 وَالْقَصِيدَةُ لمحَمَّدٍ الأَسْمَر بِتَصَرُّف}
حُلُولُ الفَوَازِيرِ عَلَى التَّرْتِيب
الفَأْر، الخَمْر؛ حَيْثُ يَتَحَوَّلُ إِذَا تَخَمَّرَ مَرَّةً أُخْرَى إِلى خَلّ، المَدْرَسَة، الهُدْهُد، المَوْز، الكُوز، قُلَّتي، السِّيجَارَة، الهُون، سَفِينَةُ الفَضَاء، أَوِ الطَّائِرَة 0
يَاسِر الحَمَدَاني 0