الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحْكَامُ الجَنَائِز:
=========
آدَابُ شُهُودِ المحْتَضَر
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا حَضَرْتُمُ المَرِيضَ أَوِ المَيِّتَ فَقُولُواْ خَيْرَاً؛ فَإِنَّ المَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُون " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ مَا يُقَالُ عِنْدَ المَرِيضِ وَالمَيِّت بِرَقْم: 919]
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَشُهُودُهُ لِلمُحْتَضِرِين
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال:
" لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيِ المَدِينَةَ ـ كُنَّا نُؤْذِنُهُ لِمَنْ حُضِرَ مِنْ مَوْتَانَا؛ فَيَأْتِيهِ قَبْلَ أَنْ يمُوتَ فَيَحْضُرُهُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ وَيَنْتَظِرُ مَوْتَه، فَكَانَ ذَلِكَ رُبَّمَا حَبَسَهُ الحَبْسَ الطَّوِيلَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فَقُلْنَا: أَرْفَقُ بِرَسُولِ اللهِ أَلَاّ نُؤْذِنَهُ بِالمَيِّتِ حَتىَّ يَمُوت؛ فَكُنَّا إِذَا مَاتَ مِنَّا المَيِّتُ آذَنَّاهُ بِه، فَجَاءَ في أَهْلِهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ وَصَلَّى عَلَيْه، ثُمَّ إِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْهَدَهُ انْتَظَرَ شُهُودَه، وَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ انْصَرَف، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ طَبَقَةً أُخْرَى، فَقُلْنَا: أَرْفَقُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَحْمِلَ مَوْتَانَا إِلى بَيْتِهِ وَلَا نُشْخِصَهُ وَلَا نُعَنِّيَه ـ أَيْ وَلَا نخْرِجَهُ وَلَا نُتْعِبَهُ ـ فَفَعَلْنَا ذَلِك " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (45)، وَوَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
إِذَا قُبِضَتِ الرُّوحُ تَبِعَهَا البَصَر
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ ـ أَيْ شَخَصَ ـ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثمَّ قَال: " إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَر " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: إِغْمَاضِ المَيِّتِ وَالدُّعَاءِ لَهُ إِذَا حَضَر بِرَقْم: 920، الكَنْز بِرَقْم: 42172]
الرُّوحُ مُسْتَقَرُّهَا وَمُسْتَوْدَعُهَا بَعْدَ المَوْت
عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " نَسَمَةُ المُؤْمِن [أَيْ رُوحُهُ]: طَائِرٌ يَعْلَقُ في شَجَرِ الجَنَّة، حَتىَّ يَرُدَّهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا إِلىَ جَسَدِهِ يَوْمَ القِيَامَة " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ وَفي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْمَيْ: 4657، 24009/ 44، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 2073]
عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " نَسَمَةُ المُؤْمِنِ إِذَا مَات [أَيْ رُوحُهُ]: طَائِرٌ يَعْلَقُ بِشَجَرِ الجَنَّة، حَتىَّ يُرْجِعَهُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا إِلىَ جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ الله " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 15777، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4271]
أَيْ تُمْسَخُ الرُّوحُ بِأَمْرِ اللهِ طَائِرَاً يَنْتَقِلُ بَينَ أَشْجَارِ الجَنَّةِ حَتىَّ يَأْذَنُ جل جلاله لَهَا في الْعَوْدَةِ إِلىَ ذَلِكَ الجَسَدِ مَرَّةً أُخْرَى؛ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ في الْقُبُور 0
وَفي رِوَايَةٍ لِلإِمَامِ أَحمَدَ رحمه الله عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " حَتىَّ يُرْجِعَهَا اللهُ تبارك وتعالى إِلىَ جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 24009/ 44]
وَهَكَذَا بِتَوْفِيقِ اللهِ وَجَدْتُ مَعْنى كَلِمَةِ " النَّسَمَةِ " في شَرْحِ الأَلبَانيِّ لهَذَا الحَدِيثِ بِالآيَاتِ البَيِّنَات
وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضَاً هَذَا الحَدِيثُ المُفَسِّر:
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" إِنَّ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ طَيْرٌ خُضْرٌ تَعْلَقُ في شَجَرِ الجَنَّة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (1470)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42690]
وَتَعْلَقُ في شَجَرِ الجَنَّة: أَيْ تَتَعَلَّقُ بِهِ؛ مِن عَلِقَ بِالشَّيْءِ عَلَقَاً أَيْ نَشِبَ فِيه 0 {لِسَانُ العَرَب}
عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ في أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعَلَّقُ بِشَجَرِ الجَنَّة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: 912، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 27166]
عَن أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " تَكُونُ النَّسَمُ ـ أَيِ الأَرْوَاح ـ طَيرَاً تَعْلَقُ بِالشَّجَر، حَتىَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَة؛ دَخَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ في جَسَدَهَا "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (2989، 679)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ تَلْتَقِي عَلَى مَسِيرَةِ يَوْم 00 مَا رَأَى أَحَدُهُمْ صَاحِبَهُ قَطّ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6636، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
أَرْوَاحُ المُؤْمِنِين
وَلَكِنْ لِلإِحَاطَةِ يَبْقَى سُؤَالٌ في مُنْتَهَى الأَهمِّيَّة:
مَا دَامَتْ أَرْوَاحُ المُؤْمِنِينَ مُعَلَّقَةً في شَجَرِ الجَنَّة؛ فَكَيْفَ يَسْمَعُونَ قَرْعَ نِعَالِنَا وَيجِيبُونَ عَلَى سُؤَالِ المَلَكَينِ في القُبُور 00؟!
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1374 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2870 / عَبْد البَاقِي]
وَهَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْه: بِأَنَّ المَيِّتَ تُرَدُّ لَهُ رُوحُهُ حِينَ يُدْفَنُ لِيُحَاسَب، ثمَّ يَنَامُ كَالعَرُوسِ حَتىَّ يُبْعَث 0
عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا قُبرَ المَيِّتُ أَتَاهُ مَلَكَان، أَسْوَدَانِ أَزْرَقَان، يُقَالُ لأَحَدِهِمَا المُنْكَر، وَلِلآخَرِ النَّكِير، فَيَقُولَان: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هَذَا الرَّجُل 00؟
فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُول: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، فَيَقُولَان: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا؛ ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ في قَبرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعَاً في سَبْعِين، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيه، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُول: أَرْجِعُ إِلى أَهْلِي فَأُخْبرُهُمْ 00؟
فَيَقُولَانِ نمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَاّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْه، حَتىَّ يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِك، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقَاً قَال: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُ مِثْلَه، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَان: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِك؛ فَيُقَالُ لِلأَرْض: التَئِمِي عَلَيْه، فَتَلْتَئِمَ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفَ فِيهَا أَضْلَاعُه، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبَاً حَتىَّ يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِك " 0
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم، وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: (1071)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42500]
وَيَقُولُ جل جلاله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوَّاً وَعَشِيَّاً، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَاب} {غَافِر/46}
وَأَمَّا حُلُولُ الأَرْوَاحِ المُؤْمِنَةِ مِنهَا في أَجْسَادِ طَيرٍ يَعْلَقُ شَجَرَ الجَنَّة، كَمَا نَصَّتْ بِذَلِكَ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَة؛ فَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{في أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَك} {الَانْفِطَار/8}
وَأَمَّا تَغَيُّرُ مَكَانِهَا فَقَدْ ثَبُتَ لَدَيْنَا بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّهَا تُقْبَضُ وَتُرْسَلُ وَتَصْعَدُ وَغَيرُ ذَلِك:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتي لَمْ تَمُتْ في مَنَامِهَا، فَيُمْسِكُ الَّتي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، إِنَّ في ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} {الزُّمَر: 42}
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلى فِرَاشِه، فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِه؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْه، ثمَّ يَقُول: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبي وَبِكَ أَرْفَعُه، إِن أَمْسَكْتَ نَفْسِي ـ أَيْ رُوحِي ـ فَارْحَمْهَا، وَإِن أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا، بِمَا تحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِين " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6320 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2714 / عَبْد البَاقِي]
وَأَمَّا دُخُولهَا الجَنَّةَ فَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ {27} ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً {28} فَادْخُلِي في عِبَادِي {29} وَادْخُلِي جَنَّتي} {الفَجْر}
وَمِنَ الآثَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتي تُؤَيِّدُ جُلَّ مَا وَرَدَ في هَذَا الحَدِيث:
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الفَتَاوَى الكُبرَى بهَذَا الصَّدَد:
" وَإِنْ كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ تُعَادُ إِلى البَدَن، كَمَا أَنَّهَا تَكُونُ في البَدَنِ وَيُعْرَجُ بهَا إِلى السَّمَاء، كَمَا في حَالِ النَّوْم " 0
[شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ بِبَابِ: العَقِيدَةِ في " الفَتَاوَى الكُبرَى " طَّبْعَةِ مَكْتَبَةِ ابْنِ تَيْمِيَةَ بِالْقَاهِرَة 0 ص: 447/ 5]
وَمِن أَرْوَعِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُغْلِقَ بَابَ الأَسْئِلَةِ في ذَلِكَ المَوْضُوع: هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ المَانِعَة: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أَمْرِ رَبيِّ وَمَا أُوتِيتُمْ مِن العِلْمِ إِلَاّ قَلِيلَا} {الإِسْرَاء/85}
تَسْبِيلُ المَيِّت
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَأَغْمِضُواْ الْبَصَر؛ فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوح، وَقُولُواْ خَيْرَاً؛ فَإِنَّ المَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْبَيْت " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: (1455)، الإِمَامُ أَحْمَدُ في " مُسْنَدِهِ " بِرَقْم: 16686]
عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحَصِيبِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ المُؤْمِنَ يَمُوتُ بِعَرَقِ الجَبِين " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 22964، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 982، 1452]
وَفي رِوَايَةٍ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحَصِيبِ رضي الله عنه أَيْضَاً أَنَّهُ كَانَ بخُرَاسَان، فَعَادَ أَخَاً لَهُ وَهُوَ مَرِيض، فَوَجَدَهُ بِالمَوْت، وَإِذَا هُوَ يَعْرَقُ جَبِينُه؛ فَقَالَ رضي الله عنه: اللهُ أَكْبَر؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَوْتُ المُؤْمِنِ بِعَرَقِ الجَبِين " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 21، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
نَفْسُ المُؤْمِن
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَقِّنُواْ مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله؛ فَإِنَّ نَفْسَ المُؤْمِنِ تَخْرُجُ رَشحَاً، وَنَفْسُ الكَافِرِ تخْرُجُ مِنْ شِدْقِهِ كَمَا تخْرُجُ نَفْسُ الحِمَار " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِع، وَحَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع: 323/ 2، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ، وَهُوَ في الكَنْزِ بِرَقْم: 42165]
وَعَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" ارْقُبُواْ المَيِّتَ عِنْدَ وَفَاتِه: فَإِذَا ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ وَرَشَحَ جَبِينُهُ وَانْتَشَرَ مِنخَرَاه؛ فَهِيَ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالى نَزَلَتْ بِه، وَإِذَا غَطَّ غَطِيطَ البَكْرِ المَخْنُوقِ وَكَمُدَ لَوْنُهُ وَأَزْبَدَ شِدْقَاه؛ فَهْوَ عَذَابٌ مِنَ اللهُ قَدْ نَزَلَ بِه " 0 [الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة: (1855)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42178]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ نَفسَ المُؤْمِنِ تخْرُجُ رَشْحَاً، وَإِنَّ نَفسَ الكَافِرِ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ نَفسُ الحِمَار، فَإِنَّ المُؤمِنَ لَيَعْمَلُ الخَطِيئَةَ فَيُشَدَّدَ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ المَوْتِ لِيُكَفَّرَ بهَا عَنه، وَإِنَّ الكَافِرَ لَيَعْمَلُ الحَسَنَةَ فَيُسَهَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ المَوْتِ لِيُجْزَى بهَا " 0 [ضَعَّفَهُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: (326/ 2)، الطَّبَرَاني في " الكَبِير "، وَفي " الكَنْز " بِرَقْم: 42187]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ الصَّالحِينَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِمْ " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 7901، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 1103]
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنَاً حَسَنَةً: يُعْطَى بهَا في الدُّنْيَا، وَيجْزَى بهَا في الآخِرَة، وَأَمَّا الكَافِر: فَيُطْعَمُ بحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بهَا للهِ في الدُّنْيَا، حَتىَّ إِذَا أَفْضَى إِلى الآخِرَة؛ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يجْزَى بِهَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2808 / عَبْد البَاقِي]
النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ في غَمَرَاتِ المَوْت
وَعَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ رضي الله عنه عَن أَبِيهِ قَال: " إِذَا بَقِيَ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ دَرَجَاتِهِ شَيْءٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ شُدِّدَ عَلَيْهِ المَوْت؛ لِيَبْلُغَ بِسَكَرَاتِ المَوْتِ وَكَرْبِهِ دَرَجَتَهُ في الجَنَّة، وَإِذَا كَانَ لِلكَافِرِ مَعْرُوفٌ لَمْ يُجْزَ بِهِ هُوِّنَ عَلَيْهِ في المَوْت؛ لِيَسْتَكْمِلَ ثَوَابَ مَعْرُوفِهِ فَيَصِيرَ إِلي النَّار "
[صَحَّحَ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ مَعْنىً قَرِيبَاً مِنهُ في الجَامِعِ بِرَقم: (308)، وَفي " سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقم: (2396)، الإِحْيَاء: 1852]
المُؤْمِنُ يحْمَدُ اللهَ حَتىَّ عَلَى قَبْضِ رُوحِه
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ المُؤْمِنَ تخْرُجُ نَفْسُهُ مِنْ بَينِ جَنْبَيْهِ وَهُوَ يحْمَدُ اللهَ تبارك وتعالى " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 3694، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر وَالأُسْتَاذ شُعَيب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2412]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا أَنَّهُ قَالَ في حَدِيثٍ قُدُسِيّ: " إِنَّ عَبْدِيَ المُؤْمِنَ عِنْدِي بمَنزِلَةِ كُلِّ خَير؛ يحْمَدُني وَأَنَا أَنْزِعُ نَفْسَهُ مِنْ بَينِ جَنبَيْه " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الْبُوصِيرِي في زَوَائِدِهِ، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِع، وَقَالَ عَنهُ الأُسْتَاذ شُعَيب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: إِسْنَادُهُ جَيِّد 0 ح / ر: 8473]
عَن أُمِّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا مَهْمُومَةً عَلَى حَمِيمٍ لهَا يُعَالجُ النَّزْعَ فَقَالَ لهَا:
" لَا تَبْتَئِسِي عَلَى حَمِيمِكِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِن حَسَنَاتِه " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (1451)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42215]
وَحَمِيمُ المَرْء: أَيْ كُلُّ عَزِيزٍ عَلَيْه 0
تَلْقِينُ المَيِّت
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَكْثِرُواْ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله؛ قَبْلَ أَنْ يحَالَ بَيْنَكُمْ وَبيْنَهَا، وَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (1212، 467)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَبُو يَعْلَى في مُسْنَدِه]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَقِّنُواْ مَوْتَاكُمْ " لَا إِلَهَ إِلَاّ الله " وَقُولُواْ: الثَّبَاتَ الثَّبَاتَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِالله " 0 [الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط0وَفي كَنْزِ العُمَّالِ بِرَقْم: 42166]
وَعَنِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَقِّنُواْ مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ 0 في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: تَلقِينِ المَوْتَى " لَا إِلَهَ إِلَاّ الله " بِرَقْم: (917)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42167]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَقِّنُواْ مَوْتَاكُمْ " لَا إِلَهَ إِلَاّ الله "؛ فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ " لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ " عِنْدَ المَوْت: دَخَلَ الجَنَّةَ يَوْمَاً مِنَ الدَّهْر، وَإِن أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَه " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 3004، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: 5150]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله: نَفَعَتْهُ يَوْمَاً مِنْ دَهْرِهِ 00 يُصِيبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في التَّرْغِيبِ وَصَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْمَيْ: 1525، 6434، وَقَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيّ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح]
وَقَالَ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه:
" إِذَا احْتَضَرَ المَيِّتُ فَلَقِّنُوهُ " لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ " فَإِنَّهُ مَا مِن عَبْدٍ يخْتَمُ لَهُ بِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَاّ كَانَتْ زَادَهُ إِلى الجَنَّة " 0 [الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي: 1855]
وَعَلَيْكَ بِالرِّفْقِ في التَّلْقِينِ وَعَدَمِ الإِكْثَار 00
حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعِجْلِيُّ عَن أَبِيهِ قَال:
" لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ " لَا إِلَهَ إِلَاَّ الله " فَأَكْثَرَ عَلَيْه، فَقَالَ لَهُ:
لَسْتَ تُحْسِن، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِمَاً بَعْدِي، إِذَا لَقَّنْتَني، فَقُلْتَ " لَا إِلَهَ إِلَاَّ الله " ثُمَّ لَمْ أُحْدِثْ كَلَامَاً بَعْدَهَا؛ فَدَعْني، فَإِذَا أَحْدَثْتُ كَلَامَاً: فَلَقِّنيِّ حَتىَّ تَكُونَ آخِرَ كَلَامِي " 0
[الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 419/ 8]
بَرَكَةُ " لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ " عِنْدَ المَوْت
وَعَن عُثمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّة " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الإِيمَانِ بَابِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ دَخَلَ الجَنَّة بِرَقْم: 26]
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوت، تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلى قَلْبٍ مُوقِنٍ؛ إِلَاّ غَفَرَ اللهُ لَهَا "
[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (10732)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 3796]
عَن أَبي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِن عَبْدٍ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِك؛ إِلَاّ دَخَلَ الجَنَّة " 00 قُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَق 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَق " 00 قُلْتُ وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَق 00؟!
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَق " 00 ثَلَاثَاً ـ أَيِ رَاجَعْتُهُ فِيهَا ثَلَاثَاً ـ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم في الرَّابِعَة: " عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبي ذَرّ " 00 فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُول: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبي ذَرّ " [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 94 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " حَضَرَ مَلَكُ المَوتِ رَجُلاً يَمُوت، فَنَظَرَ في قَلبِهِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئَاً، فَفَكَّ لحيَيهِ فَوَجَدَ طَرفَ لِسَانِهِ لَاصِقَاً بحنَكِهِ يَقُول: " لَا إِلَه إِلَاّ اللهُ " فَغُفِرَ لَهُ بِكَلمَةِ الإِخْلَاص " 0 [قَالَ الحَافِظُ العِرَاقِيّ في الإِحْيَاء: إِسْنَاد جَيِّد 0 طَبْعَةُ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة: (1855)، البَيهَقيُّ وَابْنُ أَبي الدُّنيَا]
عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنيِّ لأَعْلَمُ كَلِمَةً: لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقَّاً مِنْ قَلْبِهِ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِك؛ إِلَاّ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّار: لَا إِلَهَ إِلَاّ الله " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 204، وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 ح / ر: 242]
عَنْ سُعْدَى المُرِّيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ: " مَرَّ عُمَرُ بِطَلْحَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: مَا لَكَ كَئِيبَاً 00 أَسَاءتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّك 00؟
قَالَ لَا، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:" إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا أَحَدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ إِلَاّ كَانَتْ نُورَاً لِصَحِيفَتِه، وَإِنَّ جَسَدَهُ وَرُوحَهُ لَيَجِدَانِ لَهَا رَوْحَاً عِنْدَ المَوْت " 00 فَلَمْ أَسْأَلْهُ حَتىَّ تُوُفِّيَ، قَالَ ـ أَيْ عُمَر: أَنَا أَعْلَمُهَا، هِيَ الَّتي أَرَادَ عَمَّهُ عَلَيْهَا، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ شَيْئَاً أَنجَى لَهُ مِنْهَا لأَمَرَه " [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 205، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 3795]
وَفي رِوَايَةٍ لجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ: مَا لي أَرَاكَ قَدْ شَعِثْتَ وَاغْبَرَرْتَ مُنْذُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لَعَلَّكَ سَاءَكَ يَا طَلْحَةُ إِمَارَةُ ابْنِ عَمِّك 00؟
قَالَ مَعَاذَ الله 00 إِنيِّ لأَجْدَرُكُمْ أَلَاّ أَفْعَلَ ذَلِك، إِنيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:" إِنيِّ لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا أَحَدٌ عِنْدَ حَضْرَةِ المَوْت؛ إِلَاّ وَجَدَ رُوحُهُ لهَا رَوْحَاً ـ أَيْ رَاحَةً ـ حِينَ تخْرُجُ مِنْ جَسَدِه، وَكَانَتْ لَهُ نُورَاً يَوْمَ القِيَامَة " 00
فَلَمْ أَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا وَلَمْ يخْبِرْني بِهَا؛ فَذَلِكَ الَّذِي دَخَلَني [أَيْ فَذَلِكَ الَّذِي أَحْزَنَني]؛ قَالَ عُمَر: فَأَنَا أَعْلَمُهَا، قَالَ [أَيْ طَلحَة]: فَللَّهِ الحَمْدُ فَمَا هِيَ 00؟
قَال: هِيَ الكَلِمَةُ الَّتي قَالهَا لِعَمِّه: " لَا إِلَهَ إِلَاّ الله " 00 قَالَ طَلْحَة: صَدَقْت " 0
[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: 324/ 2، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَأَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 188]
عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ إِلَاّ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1386، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَنْ سَيِّدِنَا مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ " لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ " دَخَلَ الجَنَّة " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: (3116)، وَالمِشكاة: 1621]
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ تَعَالى: أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ الله " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيح، ابْنُ حِبَّانَ وَالبَيْهَقِيُّ وَالطَّبرَانيّ]
آخِرُ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ العَبْدُ قَبْلَ مَوْتِه
عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ قَالَ " لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ " ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا: دَخَلَ الجَنَّة، وَمَنْ صَامَ يَوْمَاً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهِ: دَخَلَ الجَنَّة، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا: دَخَلَ الجَنَّة " 0
[صَحَّحَهُ العَلَامَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَد بِرَقْم: (23217)، وَالإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ بِالمجْمَعِ 0 ص: 215/ 7]
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: " كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يخْدُمُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِض؛ فَأَتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لَهُ: " أَسْلِمْ " 00 فَنَظَرَ إِلى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَم، فَخَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول: " الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ "
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: إِذَا أَسْلَمَ الصَّبيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْه؟ 0 بِرَقْم: 1356]
الرِّفْقُ لَا يَكُونُ في شَيْءٍ إِلَاّ زَانَه
يَقُولُ الإِمَامُ الغَالي / أَبُو حَامِدٍ الغَزَالي:
" وَيَنْبَغِي لِلْمُلَقِّنِ أَلَاّ يُلِحَّ في التَّلقِينِ وَلَكنْ لِيَرْفُقْ بِهِ وَلْيَتَلَطَّفْ، فَرُبمَا لَا يَنْطَلِقُ لِسَانُهُ فَيُلَقِّنَهُ المُلَقِّنُ بِشِدَّة؛ فَيُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلى اسْتِثْقَالِهِ لِكَلِمَةِ التَّوْحِيد، بَلْ وَقَدْ يَسُبُّهُ وَيَسُبُّ دِينَ الله؛ فَيَكُونُ المُلَقِّنُ بِذَلِكَ قَدْ أَسَاءَ مِن حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يحْسِنْ؛ فَتَسَبَّبَ لَهُ في سُوء الخَاتمةِ وَالعِيَاذُ بِالله 0
[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 كِتَابُ المَوْت: 1856]
حُكْمُ تَقْبِيلِ المَيِّت
وَلَا حَرَجَ في تَقْبِيلِ المَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِه 00
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" قَبَّلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّت، فَكَأَنيِّ أَنْظُرُ إِلى دُمُوعِهِ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْه " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1456، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 989]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَيِّتٌ " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الطِّبِّ بَابِ: اللَّدُود بِرَقْم: 5712]
وَعَن أُمِّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِه 00!!
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ المَغَازِي بَابِ: مَرَضِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَفَاتِه بِرَقْم: 4457، الكَنْز: 42974]
فَضْلُ اتِّبَاعِ الجَنَائِز
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْس: رَدُّ السَّلَام، وَعِيَادَةُ المَرِيض، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِز، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَة، وَتَشْمِيتُ العَاطِس " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِز بَابِ: الأَمْرِ بِاتِّبَاعِهَا بِرَقْم: 1240/ فَتْح، وَمُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2162/ عَبْد البَاقِي]
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لِلْمُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ سِتَّةٌ بِالمَعْرُوف: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَه، وَيُجِيبُهُ إِذَا دَعَاه، وَيُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَس، وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِض، وَيَتْبَعُ جِنَازَتَهُ إِذَا مَات، وَيُحِبُّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1433]
عَن أَبي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لِلْمُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ أَرْبَعُ خِلَال: يُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَس، وَيُجِيبُهُ إِذَا دَعَاه، وَيَشْهَدُهُ إِذَا مَات، وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ "
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1434]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " خَمْسٌ مِنْ حَقِّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِم: رَدُّ التَّحِيَّة، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَة، وَشُهُودُ الجِنَازَة، وَعِيَادَةُ المَرِيض، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ إِذَا حَمِدَ الله " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1435]
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ بِسَبْعٍ وَنهَانَا عَنْ سَبْع: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ وَتَشْمِيتِ العَاطِس، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَنَصْرِ المَظْلُومِ وَإِبْرَارِ المُقْسِم، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ وَعَنِ الشُّرْبِ في آنِيَةِ الفِضَّة، وَعَنِ المَيَاثِرِ وَالقَسِّيّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَق " 00 وَالمَيَاثِر: هِيَ السُّرُجُ الوَثِيرَةُ الَّتي تُتَّخَذُ مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالنُّمُورِ، تُوضَعُ عَلَى ظَهْرِ الفَرَس، وَأَمَّا القَسِّيّ: فَهِيَ ثِيَابٌ يَدْخُلُ فِيهَا الحَرِير 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الأَشْرِبَةِ بِرَقْم: (5635، 3848)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ اللِّبَاسِ بِرَقْم: 2066]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانا وَاحْتِسَابَاً وَكَانَ مَعَهُ حَتىَّ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا: فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْن: كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُد، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَن: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاط " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الإِيمَانِ بَابِ: اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (47)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 945]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنْ شَهِدَ الجِنَازَةَ حَتىَّ يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاط، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتىَّ تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَان " 0
قِيل: وَمَا القِيرَاطَان 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْن " 00 أَيْ مِنَ الحَسَنَات 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1325 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 945 / عَبْد البَاقِي، وَهُوَ في الكَنْز بِرَقْم: 42359]
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ قَاعِدَاً عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ المَقْصُورَةِ فَقَال: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَر: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا ثمَّ تَبِعَهَا حَتىَّ تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِن أَجْر، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُد، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُحُد " 0
فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّابَاً إِلى عَائِشَة؛ يَسْأَلهَا عَنْ قَوْلِ أَبي هُرَيْرَةَ ثمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيخْبِرُهُ مَا قَالَتْ، وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ المَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا في يَدِه، حَتىَّ رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَقَال:
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَة، فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالحَصَى الَّذِي كَانَ في يَدِهِ الأَرْضَ ثمَّ قَال: لَقَدْ فَرَّطْنَا في قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ وَاتِّبَاعِهَا بِرَقْم: 945]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاط، فَإِنْ تَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطَان " 00
قِيل: وَمَا القِيرَاطَان 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ وَاتِّبَاعِهَا بِرَقْم: 945]
عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً حَتىَّ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْهَا؛ فَلَهُ قِيرَاطَان، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتىَّ يُصَلَّى عَلَيْهَا؛ فَلَهُ قِيرَاط، وَالَّذِي نَفْسُ محَمَّدٍ بِيَدِه؛ لَهُوَ أَثْقَلُ في مِيزَانِهِ مِن أُحُد " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 11080، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 20696 / إِحْيَاءُ التُّرَاث]
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاط " 0
فَقَالَ رضي الله عنه: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا، فَصَدَّقَتْ ـ أَيْ عَائِشَةُ ـ أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُه؛ فَقَالَ ابْنُ عُمَر: لَقَدْ فَرَّطْنَا في قَرَارِيطَ كَثِيرَة " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1324 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 945 / عَبْد البَاقِي]
بَرَكَةُ اتِّبَاعِ الجَنَائِز
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يجَازَى بِهِ المُؤْمِنُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُغْفَرَ لجَمِيعِ مَنْ تَبِعَ جِنَازَتَه " 0
[ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفي " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (2057)، وَفي " الكَنْز " بِرَقْم: 42310]
اتِّبَاعُ النِّسَاءِ لِلجَنَائِز
لَكِنْ مَا حُكْمُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ لِلجَنَائِز 00؟
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِز بِرَقْم: 1278، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 938]
وَالسَّبَبُ يَكْمُنُ فِيمَا يَقُمْنَ بِهِ مِنَ الدَّعْوَى بِالوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَشَقِّ الثِّيَابِ وَلَطْمِ الخُدُود؛ وَلِذَا صَرَّحَتْ بِذَلِكَ بَعْضُ الأَحَادِيثِ قَائِلَةً:
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُتْبَعَ جِنَازَةٌ مَعَهَا رَانَّةٌ "
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1583]
القِيَامُ لِلجِنَازَة
عَن عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيَاً مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتىَّ يُخَلِّفَهَا أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَع "
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَتى يَقْعُدُ إِذَا قَامَ بِرَقْم: 1308، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 958]
عَن عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا رَأَيْتُمِ الجِنَازَةَ فَقُومُواْ لهَا حَتىَّ تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَع " 00 أَيْ في اللَّحْد 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1308 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (958 / عَبْد البَاقِي)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42343]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
" إِذَا اتَّبَعْتُمْ جِنَازَةً فَلَا تجْلِسُواْ حَتىَّ تُوضَع " 00 أَيْ في اللَّحْد 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 959]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
" إِذَا رَأَيْتُمِ الجِنَازَةَ فَقُومُواْ، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يجْلِسْ حَتىَّ تُوضَع " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 959]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:
" مَرَّتْ جِنَازَةٌ فَقَامَ لهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقُمْنَا مَعَه، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنهَا يَهُودِيَّة 00؟
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ المَوْتَ فَزَع؛ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الجِنَازَةَ فَقُومُواْ " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: القِيَامِ لِلجِنَازَة بِرَقْم: 960]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:
" مَرَّتْ بِنَا جِنَازَة، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقُمْنَا مَعَه، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيَّة؟!
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعَاً؛ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الجِنَازَةَ فَقُومُواْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1922]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " قَامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لجِنَازَةِ يَهُودِيٍّ حَتىَّ تَوَارَتْ " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: القِيَامِ لِلجِنَازَة بِرَقْم: 960]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَمْ يَمْشِ مَعَهَا: فَلْيَقُمْ حَتىَّ تَغِيبَ عَنْه، ُ وَمَنْ مَشَى مَعَهَا: فَلَا يَجْلِسْ حَتىَّ تُوضَع " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7583، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
رُوحُ الإِسْلَام
عَنْ سَهْلِ بْنَ حُنَيفٍ وَقَيْسِ بْنَ سَعْدٍ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا كَانَا بِالقَادِسِيَّة، فَمَرُّواْ عَلَيْهِمَا بجِنَازَةٍ فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهَا مِن أَهْلِ الأَرْض ـ أَيْ مِن أَهْلِ الذِّمَّة ـ فَقَالَا:
إِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَه: إِنهَا جِنَازَةُ يَهُودِيّ 00؟
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَلَيْسَتْ نَفْسَاً " 00؟
انْظُرْ إِلى نَظْرَةِ الإِسْلَامِ لِليَهُودِيِّ حَتىَّ وَهُوَ مَيِّت، وَقَارِنهَا بمَا يَفْعَلُهُ اليَهُودُ اليَوْمَ بِالمُسْلِمِينَ في فِلَسْطِين 00!! [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم:(1313 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 961 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّهُمْ كَانُواْ جُلُوسَاً مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَطَلَعَتْ جِنَازَة؛ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ مَنْ مَعَه، فَلَمْ يَزَالُواْ قِيَامَاً حَتىَّ نَفَذَتْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1920]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ وَأَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا قَالَا:
" مَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَهِدَ جِنَازَةً قَطُّ فَجَلَسَ حَتىَّ تُوضَع " 0
[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1918]
حَدَّثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا رَأَيْتَ جَنَازَةً: فَقُمْ حَتىَّ تُجَاوِزَك " 0
[قَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 ح / ر: 15674]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ الله؛ تَمُرُّ بِنَا جَنَازَةُ الكَافِر؛ أَفَنَقُومُ لَهَا 00؟
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" نَعَمْ: قُومُواْ لَهَا؛ فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَقُومُونَ لَهَا، إِنَّمَا تَقُومُونَ إِعْظَامَاً لِلَّذِي يَقْبِضُ النُّفُوس " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6573، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
مَشْرُوعِيَّةُ القُعُود
وَلَكِنِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ الكَثِيرُونَ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ كَانَتْ في أَوَّلِ الأَمْر، ثُمَّ نُسِخَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بهَذِهِ المجْمُوعَةِ مِنَ الأَحَادِيثِ الصِّحَاح:
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَكَرَّمَ وَجْهَهُ قَال:
" قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَعَد " 0
[لإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: نَسْخِ القِيَامِ لِلجِنَازَة بِرَقْم: 962]
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَال:
" رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَقُمْنَا، وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا "[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: نَسْخِ القِيَامِ لِلجِنَازَة 0بِرَقْم: 962، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42890]
وَفي رِوَايَةٍ عَن أَبي مجْلَزٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" قَامَ لَهَا ثُمَّ قَعَد " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1925]
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَال: " قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْجَنَازَةِ فَقُمْنَا، ثُمَّ جَلَسَ فَجَلَسْنَا " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1094، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِالقِيَامِ في الجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالجُلُوس " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 623، وَحَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في مِشْكَاةِ المَصَابِيحِ بِرَقْم: 1682، رَوَاهُ أَحْمَد]
عَنْ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ جِنَازَةً مَرَّتْ بِالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاس، فَقَامَ الحَسَنُ وَلَمْ يَقُمِ ابْنُ عَبَّاس؛ فَقَالَ الحَسَن: أَلَيْسَ قَدْ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لجِنَازَةِ يَهُودِيّ 00؟
قَالَ ابْنُ عَبَّاس: نَعَمْ ثُمَّ جَلَس " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1924]
عَن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اتَّبَعَ جِنَازَةً لَمْ يَقْعُدْ حَتىَّ تُوضَعَ في اللَّحْد، فَعَرَضَ لَهُ حَبْرٌ فَقَال: هَكَذَا نَصْنَعُ يَا محَمَّد؛ فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال: " خَالِفُوهُمْ " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1545]
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَال: " إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً، فَكَانَ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الكِتَاب، فَلَمَّا نُهِيَ انْتَهَى "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1199، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
المَشْيُ وَالرُّكُوبُ أَمَامَ الجِنَازَةِ لَا شَيْءَ فِيه
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: " رَأَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يمْشُونَ أَمَامَ الجِنَازَة " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: (1007، 1008)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1482]
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَان؛ كَانُواْ يَمْشُونَ أَمَامَ الجَنَازَة " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في (سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ) بِرَقْم: 1010]
وَيُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ جَوَازَ المَشْيِ أَمَامَ الجِنَازَةِ لَا يَنْفِي أَفْضَلِيَّةَ المَشْيِ خَلْفَهَا إِنْ زَالَ الضَّرَر 00
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ فَضْلَ المَشْيِ مِن خَلْفِهَا عَلَى بَيْنِ يَدَيْهَا: كَفَضْلِ صَلَاةِ المَكْتُوبَةِ في جَمَاعَةٍ عَلَى الوَحْدَة؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ رضي الله عنه: فَإِنيِّ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يَمْشِيَانِ أَمَامَ الجِنَازَة؛ قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: إِنَّهُمَا إِنَّمَا كَرِهَا أَنْ يُحْرِجَا النَّاس " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 754، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
أَيْ كَرِهَا رضي الله عنهما التَّضْيِيقَ عَلَى النَّاسِ مَا دَامَ في الأَمْرِ سَعَة 0
أَدَبُ الأَنْبِيَاء
وَعَن ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" أُتيَ رَسُولُ اللهِ بِدَابَّةٍ وَهْوَ مَعَ الجِنَازَةِ فَأَبى أَنْ يَرْكَبَهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَ فَقِيلَ لَهُ في ذَلِكَ فَقَال: " إِنَّ المَلَائِكَةَ كَانَتْ تمْشِي؛ فَلَمْ أَكُنْ لأَرْكَبَ وَهُمْ يمْشُونَ فَلَمَّا ذَهَبُواْ رَكِبْت " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ أَبي دَاوُدَ وَفي أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْمَيْ: (3177، 54)، وَهُوَ كَنْزِ العُمَّالِ بِرَقْم: 42351]
ـ وَيُسْتَحَبُّ تَشْيِيعُهَا عَلَى الأَقدَامِ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ جَائِزَاً
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ في جِنَازَةٍ فَرَأَى نَاسَاً رُكْبَانَاً فَقَال:
" أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللهِ يمْشُونَ عَلَى أَقدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابّ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: (1012)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42327]
وَيُرَاعَى لِلرُّكبَانِ أَلَاّ يَتَقَدَّمُواْ الجِنَازَة، وَلَكِنْ يَسِيرُواْ خَلفَهَا بِنَصِّ هَذَا الحَدِيث:
الطِّفلُ يُصَلَّى عَلَيْه
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" الرَّاكِبُ خَلفَ الجِنَازَة، وَالمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنهَا، وَالطِّفلُ يُصَلَّى عَلَيْه " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 18162، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ بِرَقْمَيْ: 1031، 1916]
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَيَقُول: اللهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطَاً وَسَلَفَاً وَأَجْرَاً " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: قِرَاءةِ فَاتحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجِنَازَة 0 بِرَقْم: 1334]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبيُّ وُرِّثَ وَصُلِّيَ عَلَيْه " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: (8023)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1508]
وَلَكِنْ صِيغَةُ الحَدِيثِ قَرَّرَتِ الجَوَازَ وًَلَمْ تُقَرِّرِ الْوُجُوب؛ بِدَلِيلِ هَذَا الحَدِيث:
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال: " مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرَاً؛ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُدْفَنَ في البَقِيعِ وَقَال:
" إِنَّ لَهُ مُرْضِعَاً تُرْضِعُهُ في الجَنَّة "[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 18550]
حَتىَّ السَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْه
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الجِنَازَةِ وَالمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبَاً مِنْهَا، وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْه، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْه: بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَة " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 18174، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 3180]
جِنَازَةُ العَبْدِ الصَّالح
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالحَةً قَالَتْ: قَدِّمُوني قَدِّمُوني، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بهَا 00؟
يَسْمَعُ صَوْتهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَاّ الإِنْسَان، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصُعِق " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجِنَازَة بِرَقْم: 1380]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَلَى سَرِيرِهِ ـ أَيْ عَلَى نَعْشِهِ ـ قَال: قَدِّمُونِي، وَإِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ السُّوءُ عَلَى سَرِيرِهِ قَال: يَا وَيْلِي أَيْنَ تَذْهَبُون " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: (1907)، وَالصَّحِيحَة: 444]
الإِسْرَاعُ بِالجِنَازَة
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَسْرِعُواْ بِالجِنَازَة؛ فَإِنْ تَكُ صَالحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا ـ أَيْ تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْه ـ وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ "
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1315 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 944 / عَبْد البَاقِي، وَفي الكَنْزِ بِرَقْم: 42332]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَسْرِعُواْ بِالجِنَازَة؛ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَرَّبْتُمُوهَا إِلى الخَيْر، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ شَرَّاً تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الإِسْرَاعُ بِالجِنَازَة بِرَقْم: 944]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَسْرِعُواْ بِجَنَائِزِكُمْ؛ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً عَجَّلْتُمُوهَا إِلى الخَيْر، وَإِنْ كَانَتْ طَالِحَةً اسْتَرَحْتُمْ مِنْهَا وَوَضَعْتُمُوهَا عَنْ رِقَابِكُمْ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7759، وَقَالَ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين]
عَن أَبي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّا لَنَرْمُلُ بِالجِنَازَةِ رَمَلاًَ " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: (3043)، وَفي المُسْنَدِ بِرَقْم: 20388، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 1912]
وَمِنَ المُضْحِكِ المُبْكِي: أَنَّ بَعْضَ العَامَّةِ يَتَذَرَّعُونَ بهَذَا الحَدِيثِ وَيُسْرِعُونَ بمَيِّتِهِم حَتىَّ يُوشِكُواْ أَنْ يُسْقِطُوهُ مِنْ فَوْقِ النَّعْشِ أَرْضَاً 00!!
يَظُنُّ الجَاهِلُونَ أَنَّ المَيِّتَ هُوَ الَّذِي يجْرِي بهِمْ وَهُمْ في الحَقِيقَةِ الَّذِينَ يجْرُونَ بِهِ 00!!
فَيَنْبَغِي عَدَمُ اللهْوَجَةِ التي قَدْ تُفْضِي إِلى سُقُوطِ النَّعْش 00!!
نَعَمْ وَرَدَ الإِسْرَاعُ وَلَكِنْ لَمْ يَرِدِ الهَوَج 00!!
فَعَلَيْنَا بِالإِسْرَاعِ في رِفْقٍ وَبِالرِّفْقِ في إِسْرَاع، وَالحَذَرَ الحَذَر؛ فَلِلمَيِّتِ حُرْمَةٌ لَا تَقِلُّ عَن حُرْمَةِ الحَيّ 0
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" ثَلَاثَةٌ يَا عَلِيُّ لَا تُؤَخِّرْهُنّ: الصَّلَاةُ إِذَا أَتَتْ، وَالجَنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ، وَالأَيِّمُ إِذَا وَجَدَتْ كُفُؤَاً " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 828، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
حُرْمَةُ المَيِّت
عَن أُمِّ هَانِئ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيَّاً " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ وَفي الجَامِعِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِأَرْقَام: 126، 8607، 1616، وَقَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ وَصَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ رِجَالُ الشَّيْخَين]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ كَسْرَ عَظْمَ المُسْلِمِ مَيْتَاً؛ كَكَسْرِهِ حَيَّاً " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (3906)، رَوَاهُ الإِمَامُ مَالِكٌ في المُوَطَّأ]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
" إِنَّ المَيِّتَ يَعْرِفُ مَنْ يحْمِلُه، وَمَنْ يُغَسِّلُه، وَمَنْ يُدْلِيهِ في قَبرِه " 0 [ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في الضَّعِيفِ وَالضَّعِيفَة، رَوَاهُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 10939، وَفي الكَنْزِ بِرَقْم: 42334]
فَضْلُ تَغْسِيلِ المَوْتَى
عَن أَبي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" زُرِ الْقُبُور؛ تَذْكُرْ بِهَا الآخِرَة، وَاغْسِلِ المَوْتَى؛ فَإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدٍ خَاوٍ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَة، وَصَلِّ عَلَى الجَنَائِز؛ لَعَلَّ ذَلِكَ يُحْزِنُك؛ فَإِنَّ الحَزِينَ في ظِلِّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا يَوْمَ الْقِيَامَة " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7941]
أَرْكَانُ الغُسْلِ
ـ يُبْدَأُ بمَيَامِنِ المَيِّتِ وَبمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنهُ:
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لهُنَّ في غَسْلِ ابْنَتِه:
" ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: يُبْدَأُ بِمَيَامِنِ المَيِّت بِرَقْم: (1255)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 939]
شَعَرُ المَرْأَة
ـ وَيجُوزُ نَقْضُ شَعَرِ المَرْأَةِ وَتَضْفِيرُهُ ثَلَاثَةَ قُرُون 00 أَيْ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ:
عَن حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ قُرُون، نَقَضْنَهُ ـ أَيْ حَلَلنَ ضَفَائِرَهُ ـ ثُمَّ غَسَلْنَهُ، ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: نَقْضِ شَعَرِ المَرْأَة بِرَقْم: 1260]
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: هَلْ يُجْعَلُ شَعَرُ المَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُون بِرَقْم: 1262]
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " مَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُون " 00 أَيْ: ثَلَاثَةَ ضَفَائِر 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: في غُسْلِ المَيِّت بِرَقْم: 939]
ـ وَيُلْقَى شَعَرُ المَرْأَةِ خَلْفَهَا:
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَانَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:
" اغْسِلْنهَا بِالسِّدْرِ وِتْرَاً: ثَلَاثَاً أَوْ خَمْسَاً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِك، وَاجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورَاً أَوْ شَيْئَاً مِنْ كَافُور، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّني " ـ أَيْ أَخْبرْنَني ـ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاه، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ ـ أَيْ إِزَارَهُ ـ فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: يُلْقَى شَعَرُ المَرْأَةِ خَلْفَهَا بِرَقْم: 1263]
ـ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الغُسْلُ وِتْرَاً:
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى جَاءَ فِيهَا: " اغْسِلْنهَا وِتْرَاً " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1254 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 939 / عَبْد البَاقِي]
ـ وَلَكِن هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأَةُ في إِزَارِ الرَّجُل 00؟
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " تُوُفِّيَتْ بِنْتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَنَا:
" اغْسِلْنهَا ثَلَاثَاً أَوْ خَمْسَاً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّني ـ أَيْ فَأَعْلِمْنَني ـ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاه، فَنَزَعَ مِنْ حِقْوِهِ ـ أَيْ مِنْ وَسَطِهِ ـ إِزَارَهُ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: أَشْعِرْنهَا إِيَّاهُ " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1257 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 939 / عَبْد البَاقِي]
أَيْ أَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْفُفْنَهَا فِيه، وَيَكُونُ مُلَاصِقَاً لجِلْدِهَا وَالشَّعَر؛ وَلِذَا سُمِّيَ الإِشْعَارُ بِالإِشْعَار 0
عَنِ ابْنِ سِيرِينَ رضي الله عنه قَال:
" جَاءتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها: امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ الَّلَاتي بَايَعْنَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: قَدِمَتِ البَصْرَةَ تُبَادِرُ ابْنَاً لهَا، فَلَمْ تُدْرِكْهُ، فَحَدَّثَتْنَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَنحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" اغْسِلْنهَا ثَلَاثَاً، أَوْ خَمْسَاً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْر، وَاجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورَاً، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّني " 00 فَلَمَّا فَرَغْنَا أَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَشْعِرْنَهَا إِيَّاه " 00 وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِك، وَلَا أَدْرِي أَيُّ بَنَاتِه " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: كَيْفَ الإِشْعَارُ لِلْمَيِّت بِرَقْم: 1261]
مَعْنى قَوْلِهِ بمَاءٍ وَسِدْر
السِّدْر: نَوْعٌ مِن أَشْجَارِ النَّبْق، كَانَتْ تَسْتَخْدِمُ العَرَبُ أَوْرَاقَهُ في التَّنْظِيفِ كَالصَّابُون، وَالسِّدْرُ عَلَى أَنوَاع: مِنهُ مَا يَنْبُتُ في البَادِيَة، وَمِنهُ مَا لَا يَنْبُتُ إِلَاّ عَلَى المَاء، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَخْدَمُ وَرَقُهُ في الغَسُول 0
تَحْنِيطُ المَيِّتِ وَإِجْمَارُه
التَّحْنِيطُ هُوَ التَّطْيِيب، وَالإِجْمَارُ هُوَ التَّبْخِير
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَال: " اغْسِلْنهَا ثَلَاثَاً، أَوْ خَمْسَاً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْر ـ أَيْ وَوَرَقِ النَّبْق ـ وَاجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورَاً أَوْ شَيْئَاً مِنْ كَافُور، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّني ـ أَيْ أَعْلِمْنَني ـ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاه؛ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ ـ أَيْ إِزَارَهُ ـ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَشْعِرْنَهَا إِيَّاه " 0 [أَيِ اجْعَلْنَهُ لَصِيقَاً بجِلْدِهَا 0 الإِمَامُ البُخَارِيّ بِرَقْم: (1259)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 939]
غُسْلُ المَرْأَةِ تَفْصِيلاً
عَن أُمِّ سُلَيمٍ أُمِّ أَنَسٍ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا تُوِفِّيَتِ المَرْأَةُ فَأَرَادُواْ أَنْ يُغَسِّلُوهَا: فَليَبْدَءواْ بِبَطْنِهَا مَسْحَاً رَفِيقَاً إِنْ لَمْ تَكُن حُبلَى، فَإِنْ كَانَتْ حُبلَى فَلَا تحَرِّكنَهَا، فَإِن أَرَدْت غَسْلَهَا فَابْدَئِي بِسُفْلَتِهَا: فَأَلقِي عَلَى عَورَتهَا ثَوبَاً سَتِيرَاً، ثُمَّ خُذِي كُرْسُفَةً ـ أَيْ قُطْنَةً ـ فَاغْسِلِيهَا فَأَحْسِني غَسْلَهَا، ثمَّ أَدْخِلِي يَدَك مِنْ تحْتِ الثَّوْبِ فَامْسَحِيهَا بِكُرْسُفٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَحْسِني مَسْحَهَا قَبْلَ أَنْ تُوَضِّئِيهَا، ثمَّ وَضِّئِيهَا بمَاءٍ فِيهِ سِدْر، وَلتُفْرِغِ المَاءَامْرَأَةٌ ـ أَيِ امْرَأَةٌ أُخْرَى ـ وَهيَ قَائِمَةٌ لَا تَلِي شَيْئَاً غَيرَه، حَتىَّ تُنْقِي بِالسِّدْرِ وَأَنْتِ
تُغَسِّلين، وَلْيَلِ غُسْلَهَا أَوْلى النَّاسِ بهَا، وَإِلَاّ فَامْرَأَةٌ وَرِعَةٌ مُسْلِمَة، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَمَالاً ـ أَيْ إِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَيَّاً كَانَ الأَمْر ـ فَلْتَلِهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى وَرِعَةٌ مُسْلِمَة، فَإِذَا فَرَغْتِ مِن غَسْلِ سُفْلَتِهَا غَسْلَا نَقِيَّاً بِمَاءٍ وَسِدْرٍ فَلْتُوَضِّئِيهَا وُضُوءَالصَّلَاة 00
فَهَذَا بَيَان وُضُوئِهَا، ثُمَّ اغْسِلِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِمَاءٍ وَسِدْر، فَابدَئِي بِرَأْسِهَا قَبْلَ كُلِّ شَيْء، فَأَنْقِي غَسْلَهُ مِنَ السِّدْر بِالمَاء، وَلَا تُسَرِّحِي رَأْسَهَا بِمُشْط، فَإِن حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ بَعْدَ الغَسْلَاتِ الثَّلَاثِ فَاجْعلِيهَا خَمْسَاً، فَإِن حَدَثَ في الخَامِسَةِ فَاجْعَلِيهَا سَبْعَاً، وَكُلُّ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ وِتْرَاً بمَاءٍ وَسِدْر، فَإِنْ كَانَ في الخَامِسَةِ أَو الثَّالِثَةِ فَاجْعَلِي فِيهِ شَيْئَاً مِنْ كَافُورٍ وَشَيْئَاً مِنْ سِدْر، ثُمَّ اجْعَلِي ذَلِكَ في جَرٍّ جَدِيدٍ ـ أَيْ في جَرَّةٍ جَدِيدَة ـ ثم أَقْعِدِيهَا فَافْرِغِي عَلَيْهَا وَابْدَئِي بِرَأْسِهَا حَتىَّ تَبْلُغِي رِجْلَيهَا، فَإِذَا فَرَغْتِ مِنهَا فَأَلْقِي عَلَيْهَا ثَوْبَاً نَظِيفَاً، ثُمَّ أَدْخِلِي يَدَكِ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ
فَانْزِعِيهِ عَنهَا ثُمَّ احْشِي سُفْلَتِهَا كُرْسُفَاً مَا اسْتَطَعْتِ، وَاحْشِي كُرْسُفَهَا مِنْ طِيبِهَا، ثُمَّ خُذِي سَبْتيَّةً طَوِيلَةً مَغْسُولَة ـ أَيْ نَعْلاً مِنْ جِلدٍ مَغْسُولَةً ـ فَاربِطِيهَا عَلَى عَجُزِهَا، كَمَا تُرْبَطُ ـ أَيْ مَرَّةً أُخْرَى ـ عَلَى النِّطَاق ـ أَيْ: وَتُرْبَطُ أَيْضَاً عَلَى النِّطَاق ـ ثُمَّ اعْقِدِيهَا بَينَ فَخِذَيْهَا وَضمِّي فَخِذَيْهَا، ثُمَّ أَلْقِي طَرَفَ السَّبْتِيَّةِ إِلى قَرِيبٍ مِنْ ركْبَتِهَا،
فَهَذَا شَأْن سُفْلَتِهَا، ثمَّ طَيِّبِيهَا وَكَفِّنِيهَا وَاطْوِي شَعَرَهَا ثَلَاثَةَ أَقْرُن: قُصَّةً وَقَرْنَين، وَلَا تُشَبِّهِيهَا بِالرِّجَال، وَلْيَكُنْ كَفَنُهَا في خَمْسَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا الإِزَارُ تَلُفِّينَ بِهِ فَخِذَيْهَا، وَلَا تَنْقُصِي مِنْ شَعَرِهَا شَيْئَا بِنُوَرَةٍ وَلَا غَيرِهَا ـ أَيْ بِأَدَاةِ حِلَاقَةٍ كَالمُوسَى وَلَا بِغَيرِهَا ـ وَمَا يَسْقُطُ مِنْ شَعَرِهَا فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ اغْرِزِيهِ في شَعَرِ رَأْسِهَا، وَطَيِّبي شَعَرَ رَأْسِهَا فَأَحْسِني تَطْيِيبَه، وَلَا تُغَسِّلِيهَا بِمَاءٍ مُسَخَّن، وَاخْمرِيهَا، وَمَا تُكَفِّنِيهَا بِهِ: بِسَبْعِ نُبْذَات إِنْ شِئْتِ ـ أَيْ بِسَبْعِ قِطْعَات ـ وَاجْعَلِي كُلَّ شَيْءٍ مِنهَا وِتْرَاً، وَإِنْ بَدَا لَكِ أَنْ تُخَمِّرِيهَا في نَعْشِهَا فَاجْعَلِيهِ وِترَاً ـ أَيْ فَأَلْبِسِيهَا ثَلَاثَةَ خِمَارَاتٍ أَوْ خَمْسَاً إِنْ لَزِمَ الأَمْرُ وَهَكَذَا ـ هَذَا شَأْنُ كَفَنِهَا وَرَأْسِهَا،
وَإِنْ كَانَتْ محْدُورَةً أَوْ مخْضُوضَةً ـ أَيْ إِنْ كَانَتْ قَدْ تحَدَّرَتْ مِنْ جَبَلٍ أَوْ كَانَتْ مَطْعُونَةً بخِنْجَرٍ أَوْ مَرْجُومَةً ـ أَوْ أَشْبَاهَ ذَلِكَ فَخُذِي خِرْقَةً وَاحِدَةً وَاغْمِسِيهَا في المَاءِ وَاجْعَلِي تَتَبَّعِي كُلَّ شَيْءٍ مِنهَا وَلَا تُحَرِّكِيهَا؛ أَخْشَى أَنْ يَتَنَفَّسَ مِنهَا شَيْءٌ لَا يُسْتَطَاعُ رَدُّه " 0 [الإِمَامُ الطَّبَرَاني في الكَبِيرِ بِالجُزْءِ الأَخِيرِ بِرَقْم: 304، وَأَقَرَّهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: 22/ 3]
ـ وَيَنْبَغِي الضَّغْطُ عَلَى بَطْنِ المَيِّتِ قَبْلَ الوُضُوءِ وَالغُسْل؛ لِيُسْتَخْرَجَ مَا بهَا مِنْ فَضَلَات 0
الشَّهِيدُ يُكَفَّنُ في دَمِهِ 0
ـ وَمِنْ كَرَامَةِ الشَّهِيدِ عَلَى اللهِ أَنَّهُ يُكَفَّنُ في دِمَائِهِ لَا يُغَسَّل:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُول: " أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذَاً لِلْقُرْآن " 00؟
فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ ـ وَفي رِوَايَةٍ: قَبْلَ صَاحِبِهِ ـ وَقَال: " أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَة " 00 وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ في دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ "
[الإِمَامُ البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيد بِرَقْم: 1343]
وَمَنْ يُدَقِّقُونَ النَّظَرَ فِيمَا يَقْرَأُونَ قَدْ يَتَوَقَّفُونَ عِنْدَ الْعِبَارَةِ الأَخِيرَةِ وَيَتَسَاءَلُونَ كَيْفَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ 00؟! إِنَّ قَضِيَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ مخْتَلَفٌ فِيهَا كَثِيرَاً؛ نَظَرَاً لِهَذَيْنِ الحَدِيثَيْن:
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ في شُهَدَاءِ أُحُد: " أُتِيَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَى عَشَرَةٍ عَشَرَة، وَحَمْزَةُ هُوَ كَمَا هُوَ، يُرْفَعُونَ وَهُوَ كَمَا هُوَ مَوْضُوعٌ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1513]
وَفي حَدِيثٍ آخَرَ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه رَوَاهُ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال:
" صَلَّى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلَاة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 4414، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
وَلِذَا قَالَ كَثِيرٌ مِن أَئِمَّةِ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الشُّهَدَاءِ جَائِزَةٍ وَلَيْسَتْ وَاجِبَة 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِقَتْلَى أُحُد: " زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ ـ أَيْ كَفِّنُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ ـ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ في اللهِ ـ أَيْ لَيْسَ جُرْحٌ يجْرَحُ في سَبِيلِ اللهِ ـ إِلَاّ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ المِسْك " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: (2002)، وَصَحَّحَهُ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: 5886]
وَفي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاء، لُفُّوهُمْ في دِمَائِهِمْ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ جَرِيحٌ يُجْرَحُ في الله؛ إِلَاّ جَاءَ وَجُرْحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّم، وَرِيحُهُ رِيحُ المِسْك " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 32]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاس رضي الله عنه قَال: " أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المطَّلِبِ وَحَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ وَهُمَا جُنُب؛ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " رَأَيْتُ المَلَائِكَة تُغَسِّلُهُمَا " 0 [حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: 23/ 3، الإِمَامُ الطَّبَرَاني في الجَامِعِ الكَبِير]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيرِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في قِصَّةِ أُحُدٍ وَاسْتِشْهَادِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبي عَامِرٍ رضي الله عنه قَال:
" إِنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ المَلَائِكَة؛ فَاسْأَلُواْ صَاحِبَتَه " 00؟
فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ لَمَّا سَمِعَ الهَائِعَة ـ أَيْ نِدَاءَ الجِهَاد ـ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ المَلَائِكَة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 33]
غَسْلُ العَوْرَة
وَعَنْ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رضي الله عنه قَال: " غَسَّلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالك رضي الله عنه، فَلَمَّا بَلَغْتُ عَوْرَتَهُ قُلْتُ لِبَنِيه: أَنْتُمْ أَحَق بِغَسْلِ عَوْرَتِهِ دُونَكُمْ فَاغْسِلُوهَا، فَجَعَلَ الَّذِي يَغْسِلُهَا عَلَى يَدِهِ خِرْقَة وَعَلَيْهَا ثَوْب، ثمَّ غَسَلَ العَوْرَةَ مِنْ تحْتِ الثَّوْب " 0
[حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ 0 ص: (21/ 3)، الإِمَامُ الطَّبَرَاني في الجَامِعِ الكَبِير]
مَن غَسَّلَ مَيِّتَاً فَسَتَرَهُ سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَة
عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَن غَسَّلَ مَيِّتَاً فَسَتَرَهُ سَتَرَهُ اللهُ مِنَ الذُّنُوب، وَمَنْ كَفَّنَ مُسْلِمَاً كَسَاهُ اللهُ مِنَ السُّنْدُس " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (11349)، وَفي الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (2353)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]
عَن عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّبيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن غَسَّلَ مَيِّتَاً وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ وَحَمَلَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يُفشِ عَلَيْهِ مَا رَأَى مِنه: خَرَجَ مِن خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتهُ أُمُّه " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ 0 في " سُنَنِ وَالتِّرْمِذِيُّ " بِرَقْم: (933)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42227]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَن غَسَّلَ مَيِّتَاً فَأَدَّى فِيهِ الأَمَانَةَ وَلَمْ يُفشِ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِك: خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتهُ أُمُّه " 0 [ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب بِرَقْم: 2053، رَوَاهُ أَحْمَدُ في (مُسْنَدِهِ) بِرَقْم: 24735، وَفي (الكَنْزِ) بِرَقْم: 42236]
وَعَن أَبي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن غَسَّلَ مَيِّتَاً فَكَتَمَ عَلَيْه: غَفَرَ اللهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّة، وَمَن حَفَرَ لأَخِيهِ قَبرَاً أَجَنَّهُ فِيه: أَجْرَى اللهُ لَه مِنَ الأَجْرِ كَأَجْرِ مَسْكَنٍ أَسْكَنَهُ إِلى يَوْمِ القِيَامَة " 0 [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم 0 وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في (الترْغِيب وَفي الجَنَائِزِ) بِرَقْمَيْ: (3492، 31)، أَخْرَجَهُ الحَاكِم]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" 000، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَة " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2442 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2580 / عَبْد البَاقِي]
وَالمَيِّتُ أَوْلى بِالسَّتْرِ مِنَ الحَيّ 00!!
ـ وَيجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَ امْرَأَتَهُ، كَمَا يجُوزُ لِلمَرْأَةِ أَنْ تُغَسِّلَ المَرْأَة؛ بِدَلِيلِ هَذَا الحَدِيث:
عَن أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ:
" غَسَّلتُ أَنَا وَعَلِيٌّ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الإِرْوَاءِ بِرَقْم: (701)، رَوَاهُ الإِمَامُ الْبَيْهَقِيّ]
ـ وَلِذَا يَجِبُ مِنْ تَمَامِ سَتْرِ المَيِّتِ أَنْ تَسْتُرَ عَوْرَتَهُ وَفَخِذَيْهِ أَثْنَاءَ الْغُسْل 00
اسْتِحْبَابُ الغُسْلِ لِمَن غَسَّلَ مَيِّتَاً
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَن غَسَّلَ مَيِّتَاً فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد: 3161، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان: 1161]
وَلَكِن هَذَا الأَمْرُ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ ـ أَيْ الَاسْتِحْبَابِ ـ وَلَيْسَ الْوُجُوب؛ بِدَلِيلِ هَذَيْنِ الأَثَرَيْن:
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله في صَحِيحِهِ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ حَنَّطَ ابْنَاً لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه وَحَمَلَهُ، وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: غُسْلِ المَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالمَاءِ وَالسِّدْر بِرَقْم: 1252]
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله أَيْضَاً في صَحِيحِهِ عَن عَبْدِ اللهَِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" المُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيَّاً وَلَا مَيِّتَاً " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: غُسْلِ المَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالمَاءِ وَالسِّدْر بِرَقْم: 1252]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَيْسَ عَلَيْكُمْ في غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوه، فَإِنَّ مَيِّتَكُمْ لَيْسَ بِنَجِس، فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُواْ أَيْدِيَكُمْ " 0 [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ البُخَارِيّ 0 انْظُرِ المُسْتَدْرَك بِرَقْم: 1426، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ وَفي الجَامِع]
عَنْ نَافِعٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" كُنَّا نُغَسِّلُ المَيِّت، فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِل " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 31، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الدَّارُ قُطْنيّ]
قُمَاشُ الكَفَن
عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ المَيِّتَ يُبْعَثُ في ثِيَابِهِ الَّتي يَمُوتُ فِيهَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: (3114)، وَفي الجَامِعِ الصَّحِيحِ بِرَقْم: 3734]
ـ وَيُفَضَّلُ البَيَاضُ في لَوْنِ الْكَفَن؛ بِدَلِيلِ هَذِهِ المجْمُوعَةِ مِنَ الأَحَادِيث 00
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" خَيْرُ ثِيَابِكُمُ البَيَاض؛ فَكَفِّنُواْ فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَالبَسُوهَا " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1472]
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" الْبَسُواْ الثِّيَابَ البِيض؛ فَإِنَّهَا أَطْيَبُ وَأَطْهَر، وَكَفِّنُواْ فِيهَا مَوْتَاكُمْ " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: (20200)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ بِأَرْقَام: 3878، 1896، 1896، 3566]
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " عَلَيْكُمْ بِالبَيَاضِ مِنَ الثِّيَاب؛ فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ)) 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 5323، وَقَالَ فِيهِ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ الْبُخَارِيّ]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُف ـ أَيْ نَقِيَّةِ البَيَاضِ مِنْ قُطْن ـ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيّ كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الثِّيَابِ البِيضِ لِلكَفَن بِرَقْم: (1264)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 941]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ ـ أَيْ مَتِينَةٍ نَقِيَّةِ البَيَاضِ مِنْ القُطْنِ ـ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ "
[الإِمَامُ البُخَارِيّ كِتَابِ الجَنَائِزِ بَاب: الكَفَنُ بِلَا عِمَامَة بِرَقْم: (1273)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 941]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّة مِنْ كُرْسُفٍ ـ أَيْ مَتِينَةٍ نَقِيَّةِ البَيَاضِ مِنْ القُطْنِ ـ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَة، أَمَّا الحُلَّة: فَإِنمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ لِيُكَفَّنَ فِيهَا فَتُرِكَتِ الْحُلَّة، وَكُفِّنَ في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّة، فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي بَكْرٍ فَقَال: لأَحْبِسَنَّهَا حَتىَّ أُكَفِّنَ فِيهَا نَفْسِي، ثمَّ قَال: لَوْ رَضِيَهَا اللهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابٌ في كَفَنِ المَيِّت بِرَقْم: 941]
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ أَيْضَاً عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" أَجْرُ القَبْرِ وَالغُسْلِ ـ أَيْ أُجْرَةُ مَنْ يُسْتَأْجَرُ لِذَلِك ـ هُوَ مِنَ الكَفَن " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيّ كِتَابِ الجَنَائِزِ بَاب: الكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ المَال بِرَقْم: 1273]
وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ ثَوْبَاً مخَطَّطَاً، أَوْ قَطِيفَةً وَنحْوَهَا كَمَا في هَذَيْنِ الحَدِيثَين:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلْيُكَفِّنْ في ثَوْبِ حَبَرَة " 00 كِسَاءٌ يَمَانيٌّ مُخَطَّط 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 14601، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 3150]
عَنْ جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَفَّنَ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه في نَمِرَةٍ في ثَوْبٍ وَاحِد " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 997]
وَالثَّوْبُ الحَبَرَةُ هُوَ ثَوْبٌ مخَطَّطٌ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كِتَّانٍ كَانَ يُصْنَعُ بِاليَمَن 0
ـ وَالكَفَنُ يَكُونُ بِغَيْرِ القَمِيصِ وَلَا العِمَامَة، إِلَاّ مَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّبرُّكِ بِالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا فِيهِ خُصُوصِيَّةُ التَّبرُّكِ بِالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً جَاءتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ ـ أَيْ عَبَاءةٍ ـ قَالَ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ ـ أَيْ نَعَمْ قَبِلتُهَا ـ قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محْتَاجَاً إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنهَا إِزَارُهُ فَحَسَّنهَا فُلَانٌ ـ أَيِ اسْتَحْسَنَهَا ـ فَقَال: اكْسُنِيهَا مَا أَحْسَنهَا 00 قَالَ القَوْم: مَا أَحْسَنْتَ؛ لَبِسَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محْتَاجَاً إِلَيْهَا ثمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدّ 00؟ قَالَ رضي الله عنه: إِني وَاللهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهُ، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَني؛ فَكَانَتْ كَفَنَهُ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيّ كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مِنِ اسْتَعَدَّ الكَفَن بِرَقْم: 1277]
وَالشَّمْلَةُ: أَيِ العَبَاءة 0
وَيُسْتَفَادُ مِنَ الحَدِيثِ أَيْضَاً جَوَازُ أَنْ يَتَّخِذَ المُسْلِمُ كَفَنَهُ في حَيَاتِه 0
إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيحَسِّنْ كَفَنَه
إِنَّ لِلمَيِّتِ حَقَّاً؛ فَمَنْ كَفَّنَ أَخَاهُ فَليَتَّقِ اللهَ فِيه 00
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَاً، فَذَكَرَ رَجُلاً مِن أَصْحَابِهِ قُبِض، فَكُفِّنَ في كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ وَقُبِرَ لَيْلاً؛ فَزَجَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتىَّ يُصَلَّى عَلَيْه، إِلَاّ أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلى ذَلِك، وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَه " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: كَفَنِ المَيِّت بِرَقْم: (943)، وَفي (كَنْزِ العُمَّالِ) بِرَقْم: 42244]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَه؛ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ في أَكْفَانِهِمْ وَيَتَزَاوَرُونَ في أَكْفَانِهِمْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: (847)، رَوَاهُ ابْنُ الخَطِيب]
قِصَرُ الكَفَن
ـ سُؤَال: " مَاذَا نَفْعَلُ في حَالَةِ قِصَرِ الكَفَن " 00؟
ـ وَهَلْ يجُوزُ تَكْفِينُ المَيِّتِ في أَيِّ شَيْءٍ آخَرَ إِنْ تَعَذَّرَ ثمَنُ الثَّوْب 00؟
ـ كَعَادَةِ الإِسْلَامِ في تَيْسِيرِهِ يجُوزُ التَّكْفِينُ بِالعَبَاءَةِ وَنحْوِهَا إِنْ تَعَذَّرَ عَلَى أَوْلِيَاءِ المُتَوَفَّى شِرَاءُ الْكَفَن:
عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه قَال: " هَاجَرْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَلْتَمِسُ وَجْهَ الله؛ فَوَقَعَ ـ أَيْ وَجَبَ ـ أَجْرُنَا عَلَى الله، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِن أَجْرِهِ شَيْئَاً مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْر، وَمِنَّا مَن أَيْنَعَتْ لَهُ ثمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا ـ أَيْ يُهَذِّبهَا ـ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلَاّ بُرْدَةً ـ أَيْ عَبَاءةً ـ إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاه، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُه؛ فَأَمَرَنَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَأَنْ نجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِر " 0 [وَالإِذْخِرُ نَبَاتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَة 0 رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1276 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 940 / عَبْد البَاقِي]
قَالَ المحَقِّق / محَمَّد فُؤَاد عَبْد الْبَاقِي: " قَالَ الْعَلَايْلِيُّ في مُعْجَمِهِ: الإِذْخِر: نَبَاتٌ عُشْبيٌّ مِنْ فَصِيلَةِ النِّجِيلِيَّات، لَهُ رَائِحَةٌ لَيْمُونِيَّةٌ عَطِرَة، تُسْتَعْمَلُ أَزْهَارُهُ مَنْقُوعَاً كَالشَّاي، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضَاً طِيبُ الْعَرَب، وَالإِذْخِرُ المَكِّيُّ مِنَ الْفَصِيلَةِ نَفْسِهَا، جُذُورُهُ مِنَ الأَفَاوِيه " 00 أَيِ التَّوَابِل 0 [ذَكَرَهُ الأُسْتَاذ محَمَّد فُؤَاد عَبْد الْبَاقِي في تَعْلِيقِهِ عَلَى صَحيحِ الإِمَامِ مُسْلِم0ح / ر: 1353]
وَمِمَّا يُسْتَفَادُ مِنَ الحَدِيث: أَنَّ المَيِّتَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ كَفَنٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَاّ مَا يُوَارِي رَأْسَهُ أَوْ قَدَمَيْه؛ غُطِّيَ رَأْسُهُ 00 وَلَكِن:
هَلْ يخَمَّرُ وَجْهُ المَيِّت 00؟
هَلْ يجُوزُ تَكْفِينُ الرَّجُلَينِ وَالثَّلَاثَةِ في الثَّوْبِ الْوَاحِد 00؟
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثمَّ يَقُول: " أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذٍ لِلْقُرْآن " 00؟
فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ وَقَال: " أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَة " 00 وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ في دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُواْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيد بِرَقْم: 1343]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَمْزَةَ يَوْمَ أُحُد، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَرَآهُ قَدْ مُثِّلَ بِهِ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَوْلَا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ في نَفْسِهَا؛ لَتَرَكْتُهُ حَتىَّ تَأْكُلَهُ العَافِيَة ـ أَيْ جَوَارِحُ الطَّير ـ حَتىَّ يُحْشَرَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ بُطُونِهَا "، ثُمَّ دَعَا صلى الله عليه وسلم بِنَمِرَةٍ فَكَفَّنَهُ فِيهَا، فَكَانَتْ إِذَا مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلَاه، وَإِذَا مُدَّتْ عَلَى رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُه، فَكَثُرَ القَتْلَى وَقَلَّتْ الثِّيَاب؛ فَكُفِّنَ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ في الثَّوْبِ الوَاحِد، ثُمَّ يُدْفَنُونَ في قَبْرٍ وَاحِد، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ عَنْهُمْ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ قُرْآنَاً فَيُقَدِّمُهُ إِلى القِبْلَة، قَالَ فَدَفَنَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبي دَاوُدَ بِرَقْمَيْ: 1016، 3136]
أَدَبُ الدَّفن
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَدْخَلَ المَيِّتَ القَبْرَ قَال: " بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ بِأَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 103، وَفي سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1550، وَفي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 1046]
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا وَضَعَ المَيِّتَ في القَبْرِ قَال: " بِسْمِ اللهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ الله " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 5233، وَالأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْمَيْ: 103، 3213]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ في القَبْرِ فَقُولُواْ: بِسْمِ الله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْمَيْ: 4812، 5370، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 834]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ في القُبُورِ فَقُولُواْ: بِسْمِ الله، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6111]
وَيجِبُ دَفْنُ شُهَدَاءِ المَعَارِكِ في أَمَاكِنِ اسْتِشْهَادِهِمْ؛ وَالأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ في ذَلِك، مِنهَا هَذَا الحَدِيثُ الصَّحِيح:
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال:
" خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن المَدِينَةِ إِلى المُشْرِكِينَ لِيُقَاتِلَهُمْ، وَقَالَ لي أَبي عَبْدُ الله: يَا جَابِر؛ لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ في نَظَّارِي أَهْلِ المَدِينَةِ ـ أَيْ حُمَاتِهَا ـ حَتىَّ تَعْلَمَ إِلى مَا يَصِيرُ أَمْرُنَا؛ فَإِنيِّ وَاللهِ لَوْلَا أَنيِّ أَتْرُكُ بَنَاتٍ لي بَعْدِي؛ لأَحْبَبْتُ أَنْ تُقْتَلَ بَينَ يَدَيّ، فَبَيْنَمَا أَنَا في النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءتْ عَمَّتي بِأَبي وَخَالي عَادَلَتْهُمَا عَلَى نَاضِحٍ ـ أَيْ عَلَى بَعِير ـ فَدَخَلَتْ بِهِمَا المَدِينَةَ لِتَدْفِنَهُمَا في مَقَابِرِنَا،
إِذْ لَحِقَ رَجُلٌ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا في مَصَارِعِهَا حَيْثُ قُتِلَتْ؛ فَرَجَعْنَا بِهِمَا فَدَفَنَّاهُمَا حَيْثُ قُتِلَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (91)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
اللَّحْدُ وَالشَّقّ
الشَّقّ: هُوَ حَفْرُ حُفْرَةٍ وَوَضْعُ المَيِّتِ فِيهَا، أَمَّا اللَّحْد: فَهُوَ حَفْرُ حُفْرَةٍ ثمَّ حَفْرُ أَحَدِ جَانِبَيْهَا عَرْضَاً وَوَضْعُ المَيِّتِ فِيه 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيرِنَا " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (95)، وَفي سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ بِرَقْمَيْ: 1555، 1045]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لأَهْلِ الْكِتَاب " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (9622)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 18728 / إِحْيَاءُ التُّرَاث]
وَيُرَاعَى في الْقَبْرِ عَدَمُ تَضْيِيقِهِ عَلَى المَيِّت:
عَن أَحَدِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَنَّهُ قَال: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَأَنَا غُلَامٌ مَعَ أَبي؛ فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حُفَيْرَةِ القَبْر، فَجَعَلَ يُوصِي الحَافِرَ وَيَقُول: " أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ الرَّأْس، وَأَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْن؛ لَرُبَّ عَذْقٍ لَهُ في الجَنَّة "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 94، وَقَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: إِسْنَادُهُ قَوِيّ: 15401]
ـ وَيُبْدَأُ بِإِدْخَالِ رِجْلَيْه 00
أَوْصَى الحَارِثُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيد، فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْر، وَقَالَ رضي الله عنه: هَذَا مِنَ السُّنَّة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (101)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الْبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ بِرَقْم: 6844]
عَنْ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رضي الله عنه قَال: " كُنْتُ مَعَ أَنَسٍ في جِنَازَةٍ؛ فَأَمَرَ بِالمَيِّتِ فَسُلَّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (101)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
مَنْ يُنْزِلُ المَيْتَ إِلى قَبرِه 00؟
يَقُولُ الشَّيْخُ الأَلْبَانيُّ رحمه الله في أَحْكَامِ الجَنَائِز:
" وَأَوْلِيَاءُ المَيِّتِ أَحَقُّ بِإِنْزَالِهِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:
{وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىَ بِبَعْضٍ في كِتَابِ الله}
{الأَحْزَاب/6} [الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 98]
ـ وَيُفَضَّلُ أَنْ يُنْزِلَ المَيْتَ إِلى قَبرِهِ رَجُلٌ لَمْ يجَامِعِ امْرَأَتَهُ تِلكَ اللَّيْلَة 0
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:
" شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللهِ جَالِسٌ عَلَى القَبْر، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ فَقَال صلى الله عليه وسلم: " هَلْ فِيكُمْ مِن أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَة " 00؟
ـ أَيْ لَمْ يجَامِعِ امْرَأَتَه، وَقِيل: لَمْ يَقْتَرِفْ إِثمَاً ـ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه: أَنَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَانْزِلْ في قَبْرِهَا؛ فَنَزَلَ في قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَنْ يَدْخُلُ قَبرَ المَرْأَة 0 بِرَقْم: (1342)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42399]
الَاسْتِغْفَارُ لَهُ بَعْدَ دَفْنِهِ وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالتَّثْبِيت
عَن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَال: " كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَال: " اسْتَغْفِرُواْ لأَخِيكُمْ وَسَلُواْ لَهُ بِالتَّثْبِيت؛ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَل " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: 947، 4760، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 3221]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ أَتَى قَبْرَ المَيِّتِ فَحَثَا عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثَاً " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 104، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1565]
أَمَّا الْوُقُوفُ عَلَى قَبرِ المَيِّتِ ـ بَعْدَ دَفْنِهِ ـ وَتَلْقِينُهُ؛ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ أَثَرٌ صَحِيحٌ يُعْتَدُّ بِه، إِنَّمَا صَحَّ فَقَطْ الَاسْتِغْفَارُ لَهُ وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالتَّثْبِيت، كَمَا في الحَدِيثِ السَّابِق 0
الذَّبْحُ عَلَى القُبُور
وَأَمَّا العَقْرُ وَهْوَ الذَّبْحُ عَلَى المَقَابِرِ فَقَدْ نهَى عَنهُ الإِسْلَام 0
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " لَا عَقْرَ في الإِسْلَام " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 126، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 3222]
أَيْ: لَا ذَبْحَ عَلَى القُبُور؛ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَحَدُ رُوَاةِ الحَدِيثِ وَصَاحِبُ المُصَنَّفَاتِ مُعَلِّقَاً وَشَارِحَاً:
" كَانُواْ يَعْقِرُونَ عِنْدَ القَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاة " 0
تمْيِيزُ القَبرِ بِعَلَامَة
ـ وَلَا بَأْسَ مِنْ تمْيِيزِ القَبرِ بِعَلَامَةٍ مُرْتَفِعَةٍ قَلِيلاً وَنحْوِهَا 0
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَعْلَمَ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِصَخْرَة " 0
[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1561]
عَنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَن أَحَدِ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بجِنَازَتِهِ فَدُفِن، فَأَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَه، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَال:
" أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِن أَهْلي " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " أَحْكَامِ الجَنَائِزِ " بِرَقْم: (105)، في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 3206]
مَشْرُوعِيَّةُ الدَّفْنِ في الضَّرُورَةِ لَيْلاً
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَدْخَلَ رَجُلاً قَبْرَهُ لَيْلاً وَأَسْرَجَ في قَبرِه " 0 [حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1520]
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَدْفِنُواْ مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَاّ أَنْ تُضْطَرُّواْ " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (13224)، صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في (سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ) بِرَقْم: 1521]
تَسْوِيَةُ القُبُورِ بِالأَرْض
عَن أَبي الهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ قَال: " قَالَ لي عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِب رضي الله عنه: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَني عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00؟
أَلَاّ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلَاّ طَمَسْتَه، وَلَا قَبْرَاً مُشْرِفَاً إِلَاّ سَوَّيْتَه " 0
وَفي رِوَايَةٍ لِهَذَا الحَدِيث: " وَلَا صُورَةً إِلَاّ طَمَسْتَهَا " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الأَمْرِ بِتَسْوِيَةِ القَبْر بِرَقْم: 969]
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" سَوُّواْ قُبُورَكُمْ بِالأَرْض " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 23959]
وَيجُوزُ كَمَا أَسْلَفْنَا تَعْرِيفُهَا بِعَلَامَة، أَمَّا تَشْرِيفُهَا بِكَرَامَة: فَهَذِهِ بِدْعَةٌ نَسْأَلُ اللهَ مِنهَا السَّلَامَة
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّهُ رَأَى فُسْطَاطَاً عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف؛ فَقَالَ رضي الله عنه لِغُلَامِه: " انْزِعْهُ يَا غُلَام؛ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُه " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الجَرِيدِ عَلَى القَبر بِرَقْم: 1360]
وَسَيَأْتي هَذَا تَفْصِيلاً 0
هَلْ يجُوزُ دَفْنُ الرَّجُلِ وَالرَّجُلَينِ وَالثَّلَاثَةِ في القَبرِ الْوَاحِد 00؟
عَن هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَال:
" اشْتَدَّ الجِرَاحُ يَوْمَ أُحُد؛ فَشُكِيَ ذَلِكَ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: " احْفِرُواْ وَأَوْسِعُواْ وَأَحْسِنُواْ، وَادْفِنُواْ في الْقَبْرِ الَاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَقَدِّمُواْ أَكْثَرَهُمْ قُرْآناً " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في النَّسَائِيِّ بِرَقْم: (2016)، وَفي التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: (1713)، رَوَاهُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 15825]
عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَال: " جَاءتِ الأَنْصَارُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالُوا: أَصَابَنَا قَرْحٌ وَجَهْدٌ فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " احْفِرُوا وَأَوْسِعُواْ ـ وَزَادَ النَّسَائِيّ: وَأَحْسِنُواْ ـ وَاجْعَلُوا الرَّجُلَينِ وَالثَّلَاثَةَ في الْقَبْر " 00 قِيلَ فَأَيُّهُمْ يُقَدَّم 00؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَكْثَرُهُمْ قُرْآنَاً " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: (3215)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 2018]
عَن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَمَّا تُوُفيَ آدَمُ عليه السلام: غَسَّلَتْهُ المَلَائِكَةُ بِالمَاءِ وِتْرَاً، وَأَلحَدُواْ لَهُ وَقَالُواْ: هَذِهِ سُنَّةُ آدَمَ في وَلَدِه " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 4004، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 9338]
مَوَاقِيتُ الكَرَاهَةِ في دَفْنِ المَيِّت
عَن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَني رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتىَّ تَرْتَفِع، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتىَّ تَمِيلَ الشَّمْس، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتىَّ تَغْرُب " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ صَلَاةِ المُسَافِرِينَ وَقِصَرِهَا، بَابِ: الأَوْقَاتِ الَّتي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا بِرَقْم: 831]
بَعْضُ بِدَعِ الجَنَائِزِ وَمُنْكَرَاتِهَا
مِنَ الْبِدَعِ الشَّائِعَةِ في هَذَا الزَّمَان: النَّعْيُ في الصُّحُف، أَوْ بِمُكَبِّرَاتِ الصَّوْتِ كَمَا في الْقُرَى 0
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنهَى عَنِ النَّعْي " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " أَحْكَامِ الجَنَائِزِ " بِرَقْم: (12)، كَمَا حَسَّنَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 986]
وَمِنَ الْبِدَعِ أَيْضَاً إِقَامَةُ سُرَادِقَاتُ الْعَزَاءِ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاخُرِ وَالْوَجَاهَة، وَمِمَّا يحْضُرُني في ذَلِكَ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ النَّقْدِيَّةُ الَّتي جَرَتْ مجْرَى الْفُكَاهَة:
كَانَ ذِئْبٌ يَتَغَدَّى * فَجَرَتْ في الزُّورِ عَظْمَة
أَلْزَمَتْهُ الصَّوْمَ حَتىَّ * أَنحَلَتْ بِالجُوعِ جسْمَه
فَأَتىَ الثَّعْلَبُ يَبْكِي * ويُعَزِّي فِيهِ أُمَّه
قَالَ يَا أُمَّ صَدِيقي * بي لِفَقْدِ الذِّئْبِ غُمَّهْ
فَاصْبرِي صَبْرَاً جَمِيلاً * إِنَّ صَبْرَ الأُمِّ رَحْمَة
فَأَجَابَتْ يَا ابْنَ أُخْتي * كُلُّ مَا قَدْ قُلْتَ حِكْمَة
لَمْ يَفُلَّ الْقَلْبَ إِلَاّ * قَوْلُهُم مَاتَ بِعَظْمَة
لَيْتَهُ مِثْلَ أَخِيهِ * مَاتَ محْسُودَاً بِتُخْمَة
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
وَمِنَ الخَطَأِ قَوْلُنَا " المَغْفُورُ لَهُ فُلَان " أَوِ " المَرْحُومُ فُلَان " 0
عَن خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه: أَنَّ أُمَّ العَلَاءِ بِنْتِ الحَارِثِ رضي الله عنها قَالَتْ: " اقْتَسَمَ المُهَاجِرُونَ قُرْعَةً، فَطَارَ لَنَا ـ أَيْ قُسِمَ لَنَا ـ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُون، فَأَنْزَلْنَاهُ في أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيه، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ في أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِب ـ أَيْ عُثْمَان ـ فَشَهَادَتي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ الله؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
" وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَكْرَمَهُ 00؟
فَقُلْتُ: بِأَبي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ الله 00؟
[أَيْ فَمَنْ سِوَاه؛ يُكْرِمُهُ الله 00؟]
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءهُ اليَقِينُ ـ أَيِ المَوْتُ ـ وَاللهِ إِنيِّ لأَرْجُو لَهُ الخَيْر، وَاللهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللهِ مَا يُفْعَلُ بي " 00!!
وَفي رِوَايَةٍ لِلزُّهْرِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: " مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِه " 00 قَالَتْ رضي الله عنها: وَأَحْزَنَني، فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ عَيْنَاً تَجْرِي، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:" ذَلِكَ عَمَلُه " 0 [البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْت، وَبِكِتَابِ التَّعْبِيرِ بَابِ رُؤْيَا النِّسَاء رَقْم: 1243، 7004]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:
" لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُون؛ قَالَتِ امْرَأَةٌ: هَنِيئَاً لَكَ الجَنَّةُ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُون؛ فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا نَظَرَ غَضْبَانَ فَقَال: " وَمَا يُدْرِيكِ " 0
قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله؛ فَارِسُكَ وَصَاحِبُك؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" وَاللهِ إِنيِّ رَسُولُ اللهِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بي " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2127، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
طِلَاءُ القُبُور، وَتَغْطِيَتُهَا بِأَكَالِيلِ الزُّهُور
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يجَصَّصَ القَبر ـ أَيْ يُطْلَى بِالجِيرِ وَنَحْوِه ـ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْه، وَأَنْ يُبْنى عَلَيْه " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: النَّهْيِ عَنْ تجْصِيصِ القَبْرِ وَالجُلُوسِ عَلَيْه بِرَقْم: 970]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبْنى عَلَى القَبْرِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ يُجَصَّصَ ـ أَيْ يُطْلَى ـ أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 2027، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان]
وَمِنَ الْبِدَعِ أَيْضَاً: وَضْعُ الْوُرُودِ وَالزُّهُور؛ فَوْقَ الْقُبُور 00
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ تَعْلِيقَاً:
" وَلَا يُشْرَعُ وَضْعُ الآسِ وَنحْوَهُ مِنَ الرَّيَاحِينِ وَالْوُرُودِ عَلَى الْقُبُور؛ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ السَّلَف، وَلَوْ كَانَ خَيرَاً لَسَبَقُونَا إِلَيْه " 0 [الشَّيْخُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 125]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة، وَإِنْ رَآهَا النَّاسُ حَسَنَة "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 125]
هَلْ يجُوزُ إِخْرَاجُ المَيِّتِ مِنْ قَبرِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ؛ إِنْ دَعَتْ لِذَلِكَ حَاجَةٌ فِيهَا خَير 00؟
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال: " أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِج، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ـ أَيْ حمَلَهُ كَمَا يحْمَلُ الرَّضِيعُ ـ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَه " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: هَلْ يُخْرَجُ المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّة بِرَقْم: 1350]
تَغْطِيَةُ وَجْهِ المَيِّت
وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " خَمِّرُواْ وُجُوهَ مَوْتَاكُم وَلَا تَشَبَّهُواْ بِاليَهُود " 0
[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: (25/ 3)، الإِمَامُ الطَّبَرَاني في الجَامِعِ الكَبِير]
خُصُوصِيَّةُ الحَاجِّ وَالمُعْتَمِر
ـ وَلَكِنْ هَلْ يجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ في أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، وَكَيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِم 00؟
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ محْرِمٌ فَمَات، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْر، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ ـ أَيْ في إِزَارِهِ وَرِدَائِهِ الأَبْيَضَيْن ـ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُواْ رَأْسَه؛ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيَاً " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الحَجِّ بَابِ: سُنَّةِ المحْرِمِ إِذَا مَات بِرَقْم: (1851)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الحَجِّ بِرَقْم: 1206]
وَفي رِوَايَةٍ لَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَيْضَاً قَال: " كَانَ رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَة، فَوَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ ـ أَيْ دَقَّتْ عُنُقَهُ ـ فَمَات؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْر، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْن، وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُواْ رَأْسَه؛ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيَاً " 0
الحَنُوطُ هُوَ الطِّيبُ لِلمَيِّت 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: كَيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِم؟ بِرَقْم: (1268)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الحَجِّ بِرَقْم: 1206]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اغْسِلُواْ المحْرِمَ في ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِيهِمَا، وَاغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْر، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْه، وَلَا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُواْ رَأْسَه؛ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ محْرِمَاً " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1904]
التَّشْدِيدُ فِيمَن عَلَيْهِ دَيْن
عَنْ محَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " وَالَّذِي نَفْسُ محَمَّدٍ بِيَدِه: لَوْ قُتِلَ رَجُلٌ في سَبِيلِ اللهِ ثمَّ عَاشَ وَعَلَيْهِ دَيْن؛ مَا دَخَلَ الجَنَّةَ حَتىَّ يَقْضِيَ دَيْنَه " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 2212]
عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَوْ أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ في سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ أُحْيِيَ ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْن؛ مَا دَخَلَ الجَنَّةَ حَتىَّ يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُه " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في النَّسَائِيِّ وَفي الصَّحِيحِ بِرَقْمَيْ: 4684، 3600]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " القَتْلُ في سَبِيلِ الله: يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَاّ الدَّيْن "
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1886 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " القَتْلُ في سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ خَطِيئَة؛ فَقَالَ جِبْرِيلُ إِلَاّ الدَّيْن؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ الدَّيْن "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 1640]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَاّ الدَّيْن " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1886)، صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7051]
عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ: الكِبْرِ وَالغُلُولِ وَالدَّيْن؛ دَخَلَ الجَنَّة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: (1572)، وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتىَّ يُقْضَى عَنْهُ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ ابْنِ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ بِرَقْمَيْ: 2413، 1078، وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَم؛ قُضِيَ مِن حَسَنَاتِهِ، لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَم " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 11492، كَمَا صَحَّحَهُ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 2414]
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَال: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في جَنَازَةٍ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَهَاهُنَا مِنْ بَني فُلَانٍ أَحَد " 00؟
قَالَهَا ثَلَاثَاً؛ فَقَامَ رَجُل، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
" مَا مَنَعَكَ في المَرَّتَيْنِ الأُولَيَينِ أَنْ تَكُونَ أَجَبْتَني، أَمَا إِنِّي لَمْ أُنَوِّهْ بِكَ إِلَاّ لِخَيْر: إِنَّ فُلَانَاً ـ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ مَات ـ إِنَّهُ مَأْسُورٌ بِدَيْنِه " 0
قَالَ ـ أَيْ رَاوِي الحَدِيث: لَقَدْ رَأَيْتُ أَهْلَهُ وَمَنْ يَتَحَزَّنُ لَهُ؛ قَضَوْا عَنْه حَتىَّ مَا جَاءَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ بِشَيْء " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 20231، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ أَبي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ بِرَقْمَيْ: 3341، 4685، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 19719]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال:
" جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ فَقَال: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ في سَبِيلِ اللهِ صَابِرَاً محْتَسِبَاً، مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِر؛ أَيُكَفِّرُ اللهُ عَنيِّ سَيِّئَاتي 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ " 00 ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" أَيْنَ السَّائِلُ آنِفَاً " 00؟
فَقَالَ الرَّجُل: هَا أَنَا ذَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا قُلْت " 00؟
قَالَ ـ أَيِ الرَّجُل: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ في سَبِيلِ اللهِ صَابِرَاً محْتَسِبَاً، مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِر؛ أَيُكَفِّرُ اللهُ عَنيِّ سَيِّئَاتي 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ، إِلَاّ الدَّيْن؛ سَارَّني بِهِ جِبْرِيلُ آنِفَاً " 0
[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 3155]
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " كُنَّا جُلُوسَاً عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ أُتيَ بجَنَازَةٍ؛ فَقَالُواْ: صَلِّ عَلَيْهَا؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ عَلَيْهِ دَيْن " 00؟
قَالُواْ لَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَهَلْ تَرَكَ شَيْئاً " 00؟
قَالُواْ لَا؛ فَصَلَّى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أُتِيَ بجَنَازَةٍ أُخْرَى؛ فَقَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ صَلِّ عَلَيْهَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ عَلَيْهِ دَيْن " 00؟
قِيلَ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَهَلْ تَرَكَ شَيْئاً " 00؟
قَالُواْ: ثَلَاثَةَ دَنَانِير؛ فَصَلَّى عَلَيْهَا صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَة؛ فَقَالُواْ: صَلِّ عَلَيْهَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تَرَكَ شَيْئاً " 00؟
قَالُواْ لَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْن " 00؟
قَالُواْ: ثَلَاثَةُ دَنَانِير؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " صَلُّواْ عَلَى صَاحِبِكُمْ " 0
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ وَعَلَيَّ دَيْنُه؛ فَصَلَّى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2289 / فَتْح]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ وَحَنَّطْنَاهُ وَكَفَّنَّاه، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقُلْنَا: تُصَلِّي عَلَيْه 00؟
فَخَطَا صلى الله عليه وسلم خُطًى ثُمَّ قَال: " أَعَلَيْهِ دَيْن " 00؟
قُلْنَا دِينَارَان، فَانْصَرَفَ صلى الله عليه وسلم، فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه: الدِّينَارَانِ عَلَيّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" أُحِقَّ الغَرِيمُ وَبَرِئَ مِنْهُمَا المَيِّت " 00 قَالَ نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْه صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْم:" مَا فَعَلَ الدِّينَارَان " 0
فَقَالَ رضي الله عنه: إِنَّمَا مَاتَ أَمْس، فَعَادَ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ مِنَ الغَد، فَقَالَ رضي الله عنه: لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" الآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُه " 0 [صَحَّحَهُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَحَسَّنَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، وَالأَلْبَانيُّ في الجَامِع، وَفي شَرْحِ الطَّحَاوِيَّةِ بِرَقْم: 514]
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى الفَجْرَ يَوْمَاً فَقَال:
" هَاهُنَا مِنْ بَني فُلَانٍ أَحَد " 00 ثَلَاثَاً 00؟
فَقَالَ رَجُل: أَنَا؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ صَاحِبَكُمْ محْبُوسٌ عَنِ الجَنَّةِ بِدَيْنِه " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 20222، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 3415، رَوَاهُ الإِمَامَانِ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وَالطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
عَنْ سَعْدِ بن الأَطْوَلِ رضي الله عنه قَال:
" مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلَاثَمِاْئَةِ دِينَار، وَتَرَكَ أَوْلَادَاً صِغَار؛ فَأَرَدْتُ أَن أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ؛ فَقَالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَخَاكَ محْبُوسٌ بِدَيْنِهِ؛ فَاقْضِ عَنهُ " 0
فَذَهَبْتُ فَقَضَيْتُ عَنهُ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ قَدْ قَضَيْتُ عَنهُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَاّ امْرَأَةً تَدَّعِي لَهَا دِينَارَيْن، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَة؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَة " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 17227، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: 1550]
وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ يُسِيءُ فَهْمَهُ بَعْضُ البَاحِثِينَ وَالمحَدِّثِينَ حَيْثُ يَقُولُون: وَلَكِنْ كَانَ هَذَا أَوَّلَ الأَمْرِ ثمَّ صَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم 0
وَهَذَا حَقٌّ أُرِيدَ بِهِ بَاطِل؛ فَنَعَمْ صَلَّى عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ لَاحِظْ يَرْحَمُكَ اللهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ إِلَاّ بَعْدَ التَّعَهُّدِ بِسَدَادِ دُيُونهِمْ مِنْ جَيْبِهِ الخَاصِّ صلى الله عليه وسلم، أَمَّا أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ عَلَيْهِمْ دَيْن: فَهَذَا لَمْ يحْدُثْ مُطْلَقَاً 00
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَل: " هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً " 00؟
فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَاّ قَالَ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِين:
" صَلُّواْ عَلَى صَاحِبِكُمْ " 00 فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" أَنَا أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أَنْفُسِهِمْ؛ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنَاً فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِه " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الحُوَالَاتِ بَابَ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنَاً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِع 0 بِرَقْم: 2297]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَل: " هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاء " 00؟
فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْه، وَإِلَاّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" صَلُّواْ عَلَى صَاحِبِكُمْ " 00 فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَنَا أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أَنْفُسِهِمْ؛ فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُه، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِه " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الفَرَائِضِ بَابِ: مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِه بِرَقْم: 1619]
عَن عَامِرِ بْنْ شُرَحْبِيلَ الشَّعْبيِّ رضي الله عنه قَال: " حَدَّثَني جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنَاً، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَات، فَلَمَّا حَضَرَ جِزَازُ النَّخْل ـ أَيْ جَمْعُهُ ـ قَال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي قَدِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ دَيْنَاً كَثِيرَاً؛ وَإِنيِّ أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الغُرَمَاء ـ أَيْ حَتىَّ يَتَلَطَّفُواْ بي ـ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَة " 00
فَفَعَلْتُ، ثمَّ دَعَوْتُهُ؛ فَلَمَّا نَظَرُواْ إِلَيْه؛ كَأَنَّهُمْ أُغْرُواْ بي تِلْكَ السَّاعَة ـ أَيْ فَعَلُواْ عَكْسَ ذَلِكَ وَطَالَبُوني بِشِدَّة ـ فَلَمَّا رَأَى صلى الله عليه وسلم مَا يَصْنَعُون؛ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرَاً ثَلَاثَ مَرَّات، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ ثمَّ قَال:" ادْعُ لي أَصْحَابَكَ " 0
فَمَا زَالَ يَكِيلُ لهُمْ حَتىَّ أَدَّى اللهُ عَنْ وَالِدِي أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّيَ اللهُ أَمَانَةَ وَالِدِي وَلَا أَرْجِعَ إِلى أَخَوَاتي بِتَمْرَة؛ فَسَلَّمَ اللهُ البَيَادِرَ كُلَّهَا، وَحَتىَّ إِنيِّ أَنْظُرُ إِلى البَيْدَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كَأَنهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَة " 00!!
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 4053 / فَتْح]
حَدَّثَ الأَشْجَعِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنِ الحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: " إِنَّ أَزْهَدَ النَّاسِ في الْعَالِمِ جِيرَانُه، وَشَرَّ النَّاسِ لِلْمَيِّتِ أَهْلُه؛ يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَلَا يَقْضُونَ دَيْنَه " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 517/ 8]
قَضَاءُ نَذْرِهِ وَمَا فَاتَهُ مِنَ العِبَادَات
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:
أَتَى رَجُلٌ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَه: إِنَّ أُخْتي قَدْ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَإِنَّهَا مَاتَتْ 00؟
فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
" لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ؛ أَكُنْتَ قَاضِيَه " 00؟
قَالَ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَاقْضِ اللهَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالقَضَاء " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6699 / فَتْح]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:
" اسْتَفْتىَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّه ـ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ ـ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فَاقْضِهِ عَنْهَا " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1638 / عَبْد البَاقِي]
وَعَلَى أَهْلُ المُتَوَفىَّ أَيْضَاً قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنَ العِبَادَات 00
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّه " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1952 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1147 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْر 00 فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْن؛ أَكُنْتِ تَقْضِينَه " 00؟
قَالَتْ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالقَضَاء " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1148 / عَبْد البَاقِي]
وَفي رِوَايَةٍ مُشَابِهَةٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَيْضَاً قَال: " جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْر؛ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا 00؟
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْن؛ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا " 00؟
قَالَ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1148 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " أَتَتِ امَْرَأَةٌ إِلىَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرَيْن؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " صُومِي عَنهَا "؛ فَقَالَتْ: إِنَّ عَلَيْهَا حَجَّةً؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَحُجِّي عَنهَا " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: (8018)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 667]
ضَرُورَةُ الوَصِيَّةِ قَبْلَ المَوْت
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَي فِيه، يَبِيتُ لَيْلَتَين؛ إِلَاّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2738 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1627 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: " هَكَذَا كَانُوا يُوصُونَ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَان: أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ محَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القُبُورِ، وَأَوْصَى ـ أَيْ ثمَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ـ مَنْ تَرَكَ بَعْدَهُ مِن أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَأَنْ يُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِين، وَأَوْصَاهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوب: يَا بَنيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون، وَأَوْصَى إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا أَنَّ حَاجَتَهُ كَذَا وَكَذَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الإِرْوَاء " بِرَقْم: 1647، رَوَاهُ الإِمَامُ الدَّارِمِيُّ وَالطَّبرَانيُّ في الْكَبير]
وَيُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ حَتىَّ يَتِمَّ الإِدْلَاءُ بِهَا عَلَى طَهَارَة 00
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيه: " صُبُّواْ عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنّ؛ لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلى النَّاس " 0
قَالَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَأَجْلَسْنَاهُ في مخْضَبِ لحَفْصَةَ مِنْ نُحَاسٍ وَسَكَبْنَا عَلَيْهِ المَاء؛ فَطَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنّ، ثُمَّ خَرَج " 0 [قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 510]
وَمِن أَرَقِّ وَأَجْمَلِ مَا مَهَّدَ بِهِ الْكُتَّابُ وَالشُّعَرَاءُ لِوَصَايَاهُمْ؛ قَوْلُ سَلِيمٍ الخُورِي:
أَحْبَابَ قَلْبي إِنْ دَعَا دَاعِي المَنُونِ إِلى المَسِيرْ
وَرَوَيْتُمُ الأَزْهَارَ فَوْقَ الْقَبرِ بِالدَّمْعِ الْغَزِيرْ
لي عِنْدَكُمْ أُمْنِيَّةٌ تحْقِيقُهَا أَمْرٌ يَسِيرْ
الإِضْرَارُ في الوَصِيَّة
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَة، فَإِذَا أَوْصَى حَافَ في وَصِيَّتِه؛ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّار، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَة، فَيَعْدِلُ في وَصِيَّتِه؛ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الجَنَّة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7728، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
عَن خَالِدِ بْنِ عُبَيْدٍ السَّلْمِيّ: " إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ؛ زِيَادَةً في أَعْمَالِكُمْ " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (2601)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ عَن أَبِيهِ رضي الله عنه قَال:
" عَادَني النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ ـ أَيْ أَشْرَفْتُ بِهِ ـ عَلَى المَوْتِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ بَلَغَ بي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُني إِلَاّ ابْنَةٌ لي وَاحِدَة؛ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالي 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا " 00 قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِه 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا " 00 قُلْتُ: فَالثُّلُث 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَالثُّلُثُ كَثِير؛ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِن أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاس، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَاّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتىَّ اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا في في امْرَأَتِك " 00 أَيْ في فَمِهَا 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ المَغَازِي بَابِ: حَجَّةِ الوَدَاع بِرَقْم: 4409، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الوَصِيَّةِ بِرَقْم: 1628]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذَا الحَدِيث: " وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ إِلى الرُّبُع؛ لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " الثُّلُثُ كَثِير " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 2711]
فَالإِضْرَارُ في الوَصِيَّةِ مَنهِيٌّ عَنهُ شَرْعَاً، قَالَ سبحانه وتعالى:
{مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّ} {النِّسَاء/12}
يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَة: " مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّ: أَي عَلَى العَدْلِ لَا عَلَى الإِضْرَار وَالجَوْرِ وَالحَيْف: بِأَنْ يحْرِمَ بَعْضَ الوَرَثَةِ أَو يَنْقُصَهُ أَو يَزِيدَهُ عَلَى مَا فَرَضَ اللهُ لَه " 0
[ابْنُ كَثِيرٍ في التَّفْسِير 0 دَارُ الفِكْر 0 بَيرُوت: 462/ 1]
عَن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ؛ فَدَعَا بهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثَاً ثمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلاً شَدِيدَاً " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الأَيمَانِ بَابِ: مَن أَعْتَقَ شِرْكَاً لَهُ في عَبْد بِرَقْم: 1668]
عَن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَال: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْه " ثمَّ دَعَا مَمْلُوكِيهِ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاء، ثمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 1958]
ـ وَمِنَ الإِضْرَارِ في الْوَصِيَّةِ أَيْضَاً: أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَى زَوْجَتِكَ عَدَمَ الزَّوَاجِ مِنْ بَعْدِك 00
عَن أُمِّ مُبَشِّرٍ رضي الله عنها بِنْتِ البَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ رضي الله عنه أَنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ امْرَأَةَ البَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ رضي الله عنها لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رضي الله عنه فَقَالَتْ: " إِنيِّ شَرَطْتُ لِزَوْجِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَه " 00 فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ هَذَا لَا يَصْلُح " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 608، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الكَبِير]
التَّرْتِيبُ بَينَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْن
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَال: " إِنَّكُمْ تَقْرَءونَ هَذِهِ الآيَة:
{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن} {النِّسَاء/12}
وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الوَصِيَّة " 0
[حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْمَيْ: 2094/ 2122]
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله عَن إِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " يُبْدَأُ بِالكَفَنِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بِالوَصِيَّة " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيّ كِتَابِ الجَنَائِزِ بَاب: الكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ المَال بِرَقْم: 1273]
الصَّلَاةُ عَلَى المَيِّت
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" نَعَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّجَاشِيَّ في اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلى المُصَلَّى، فَصَفَّ بهِمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: التَّكْبِيرِ عَلَى الجِنَازَةِ أَرْبَعَاً بِرَقْم: (1333)، وَمُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 951]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ في أَوَّلِ تَكْبِيرَة، وَوَضَعَ اليُمْنى عَلَى اليُسْرَى " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 1077]
عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي لَيْلَى قَال: كَانَ زَيْدٌ رضي الله عنه يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعَاً، وَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسَاً؛ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ رضي الله عنه:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُهَا " 0
[الإِمَامُ مُسْلِم في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصَّلَاةِ عَلَى القَبر بِرَقْم: 957]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ رضي الله عنهم فَكَبَّرَ تِسْعَاً تِسْعَاً، ثُمَّ سَبْعَاً سَبْعَاً ثُمَّ أَرْبَعَاً أَرْبَعَاً حَتىَّ لحِقَ بِاللهِ جَلَّ وَعَلَا " 0
[حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الكَبِير]
فَعَلَيْنَا أَنْ لَا نَتَعَصَّبَ لِرَأْيٍ مُعَيَّنٍ وَيَقْتُلَ بَعْضُنَا بَعْضَاً، حَتىَّ وَلَوْ كَانَ شَاذَّاً، فَمِن حَقِّكَ أَنْ لَا تَأْخُذَ بِه، وَلَكِنْ لَيْسَ مِن حَقِّكَ أَنْ تُنْكِرَ عَلَى الآخَرِينَ الأَخْذَ بِه؛ فَتَعَدُّدُ الآرَاءِ رَحْمَةٌ وَسَعَة؛ لِئَلَاّ يُفَسِّقَ بَعْضُنَا بَعْضَاً؛ فَالكُلُّ عَلَى صَوَابٍ مَا دَامَ لِفِعْلِهِمْ أَصْلٌ في الشَّرِيعَة 0
ـ هَلْ يجُوزُ الجَهْرُ في الْقِرَاءةِ في صَلَاةِ الجَنَازَة 00؟
عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَال: " صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَلَى جَنَازَة، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَة، وَجَهَرَ حَتىَّ أَسْمَعَنَا، فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ؟! فَقَالَ سُنَّةٌ وَحَقّ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (78)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 1987]
وَلَكِن عَامَّةُ قِرَاءَاتِهِ صلى الله عليه وسلم في الجَنَائِزِ كَانَتْ سِرَّاً 00
عَن أَبي أُمَامَةَ بنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيفٍ رضي الله عنه قَال: " السُّنَّةُ في الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَة: أَنْ يَقْرَأَ في التَّكْبِيرَةِ الأُولى بِأُمِّ القُرْآنِ مُخَافَتَةً، ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثَاً، وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الآخِرَة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (78)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 1989]
عَن أَبي أُمَامَةَ بنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيفٍ رضي الله عنه عَنْ رَجُلٍ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ السُّنَّةَ في الصَّلَاةِ عَلًى الجَنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولىَ سِرَّاً في نَفْسِه، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْجِنَازَة، في التَّكْبِيرَات لَا يَقْرَأُ في شَيْءٍ مِنهُنَّ ثُمَّ يُسَلِّمُ سِرَّاً في نَفْسِه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في " أَحْكَامِ الجَنَائِزِ " بِرَقْم: 80 وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ " الْبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ " بِرَقْم: 6750]
وَسُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه كَيْفَ تُصَلِّي عَلَى الجَنَازَة؟
فَقَالَ رضي الله عنه: " أَنَا لَعَمْرُ اللهِ أُخْبِرُك: أَتَّبِعُهَا مِن أَهْلِهَا، فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْتُ وَحَمِدْتُ اللهَ [أَيْ قَرَأْتُ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمِينَ الْفَاتِحَة] وَصَلَّيْتُ عَلَى نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَقُول: اللهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِك، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ وَأَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِه، اللهُمَّ إِنْ كَانَ محْسِنَاً فَزِدْ في إِحْسَانِه، وَإِنْ كَانَ مُسِيئَاً فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِه، اللهُمَّ لَا تحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَه "
[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَقْم: 93، وَالحَدِيثُ في المُوَطَّإِ بِرَقْم: 535/اللَّيْثِيّ]
إِخْلَاصُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّت
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ فَأَخْلِصُواْ لَهُ الدُّعَاء " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ وَأَبي دَاوُدَ وَأَحْكَامِ الجَنَائِزِ، وَقَالَ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان: إِسْنَادُهُ قَوِيّ]
عَنِ الرَّبِيعِ بِنْتِ مِعْوَذٍ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا صَلَّواْ عَلَى جِنَازَةٍ فَأَثْنَواْ خَيرَاً؛ يَقُولُ الرَّبّ: أَجْزَتْ شَهَادَتُهُمْ فِيمَا يَعْلَمُون، وَأَغْفِرُ لُهُ مَا لَا يَعْلَمُون " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: (664)، رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في تَارِيخِهِ]
مِنْ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المَوْتى
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ يَقُول: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَن أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَام، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِيمَان، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَه، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ وَفي السُّنَنِ الأَرْبَعَة، الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 22619]
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رضي الله عنه قَال: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِين، فَأَسْمَعُهُ يَقُول: " اللهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ في ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِك؛ فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ النَّار، وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفَاءِ وَالحَقّ؛ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيم " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1499، وَفي " أَحْكَامِ الجَنَائِزِ " بِرَقْم: 82]
عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى المَيِّتِ كَبَّرَ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَاً ثمَّ قَال: " اللهُمَّ عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِك، احْتَاجَ إِلى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنيٌّ عَن عَذَابِه؛ فَإِنْ كَانَ محْسِنَاً فَزِدْ في إِحْسَانِه، وَإِنْ كَانَ مُسِيئَاً فَتَجَاوَزْ عَنْه " 00 ثُمَّ يَدْعُو صلى الله عليه وسلم بِمَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدْعُوَ 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (82)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الجَنَائِزِ يَقُول: " أَنْتَ خَلَقْتَهَا، وَأَنْتَ رَزَقْتَهَا، وَأَنْتَ هَدَيْتَهَا لِلإِسْلَام، وَأَنْتَ قَبَضْتَ رُوحَهَا؛ تَعْلَمُ سِرَّهَا وَعَلَانِيَتَهَا؛ جِئْنَا شُفَعَاءَ فَاغْفِرْ لَهَا " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7471، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
وَعَنْ سَيِّدِنَا الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَال:
" دَعَاني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:
" يَا عَلِيّ: إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ فَقُل: اللهُمَّ هَذَا عَبْدُك، وَابْنُ عَبْدِك، ابْنُ أَمَتِك، مَاضٍ فِيهِ حُكْمُك، خَلَقتَهُ وَلَمْ يَكُ شَيْئَاً مَذكُورَا، نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيرُ مَنزُولٍ بِه، اللهُمَّ لَقِّنهُ حُجَّتَه، وَأَلحِقهُ بِنَبِيِّهِ محَمَّد، وَثَبِّتهُ بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فَإِنَّهُ افْتَقَرَ إِلَيْكَ وَاسْتَغْنَيْتَ عَنه، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْه، وَلَا تحْرِمْنَا أَجْرَه، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَه " 0
وَزَادَ في رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الآبَادِيُّ في عَوْنِ المَعْبُود:
" يَا عَلِيّ وَإِذَا صَلَّيْتَ عَلَى طِفْلٍ قُلْ: اللهُمَّ اجْعَلْ لأَبَوَيْهِ سَلَفَاً، وَاجْعَلْ لهُمَا نُورَاً وَسِدَادَاً، أَعْقِبْ وَالِدَيْهِ الجَنَّة، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير " 0 [ضَعَّفَهُ الآبَادِيّ في عَوْنِ المَعْبُود، في شَرْحِ سُنَنِ أَبي دَاوُد 0 طَبْعَةِ دَارِ الكُتُبِ العِلمِيَّة: (362/ 8)، وَفي " كَنْزِ الْعُمَّالِ " بِرَقْم: (42864)، أَمَّا الزِّيَادَةُ فَبِعُمْدَةِ القَارِي في شَرْحِ البُخَارِي، وَفي عَوْنِ المَعْبُود، وَفي شَرْحِ سُنَنِ أَبي دَاوُد]
تمَنىَّ أَنْ يَكُونَ هُوَ المَيِّتَ مِن حَلَاوَةِ دُعَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَه
عَن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَال:
" صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَة، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُول: " اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْه، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَه، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَد، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَس، وَأَبْدِلْهُ دَارَاً خَيْرَاً مِنْ دَارِه، وَأَهْلاً خَيْرَاً مِن أَهْلِه، وَزَوْجَاً خَيْرَاً مِنْ زَوْجِه، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْر، أَوْ مِن عَذَابِ النَّار " 00
حَتىَّ تَمَنَّيْتُ أَن أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ المَيِّت " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الدُّعَاءِ لِلمَيِّتِ في الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِرَقْم: (963)، الكَنْزُ بِرَقْم: 42301]
صَلَاةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبي سَلَمَةَ
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَحَّمَ عَلَى أَبي سَلَمَةَ رضي الله عنه فَقَال:
" اللهُمَّ اغْفِرْ لأَبي سَلَمَة، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّين، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِين، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِين، وَأَفْسِحْ لَهُ في قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيه " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: إِغْمَاضِ المَيِّتِ وَالدُّعَاءِ لَهُ إِذَا حَضَر بِرَقْم: (920)، وَفي الكَنْزِ بِرَقْم: 42172]
ـ وَيَجُوزُ في صَلَاةِ الجَنَازَةِ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَة ـ كَالصَّلَاةِ المَكْتُوبَة 0
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعَاً وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَة " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (85)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الدَّارُ قُطْنيُّ في سُنَنِه]
ـ وَهُنَا سُؤَال: هَلْ لَنَا أَنْ نَسْأَلَ عَن أَخْبَارِ المَيِّتِ وَأَحْوَالِهِ مَعَ اللهِ وَهَلْ كَانَ رَجُلاً صَالحَاً أَمْ لَا قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْه 00؟ وَهَلْ هَذَا تَنَطُّعٌ مِنَّا إِنْ فَعَلْنَاه 00؟
إِنْ سَأَلْنَا فَالسُّؤَالُ مَشْرُوع، وَإِنْ لَمْ نَسْأَلْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْنَا، كُلُّنَا مُقَصِّرٌ وَمُذْنِبٌ في حَقِّ الله
عَن أَبي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دُعِيَ لجِنَازَةٍ سَأَلَ عَنْهَا، فَإِن أُثْني عَلَيْهَا خَيْرٌ قَامَ فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَإِن أُثْني عَلَيْهَا غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِهَا: " شَأْنُكُمْ بِهَا، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا " 0
[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 60، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ مُسْنَدِه]
مَشْرُوعِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الجِنَازَةِ في المَسَاجِد
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبي وَقَّاص؛ أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمُرُّوا بِجَنَازَتِهِ في المَسْجِدِ فَيُصَلِّينَ عَلَيْه، فَفَعَلُواْ، فَوُقِفَ بِهِ عَلَى حُجَرِهِنَّ يُصَلِّينَ عَلَيْه ـ أُخْرِجَ بِهِ مِنْ بَابِ الجَنَائِزِ الَّذِي كَانَ إِلى المَقَاعِد ـ فَبَلَغَهُنَّ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا ذَلِكَ وَقَالُواْ: مَا كَانَتِ الجَنَائِزُ يُدْخَلُ بهَا المَسْجِد؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلى أَنْ يَعِيبُواْ مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِه، عَابُوا عَلَيْنَا أَنْ يُمَرَّ بِجَنَازَةٍ في المَسْجِد، وَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ بْنِ
بَيْضَاءَ إِلَاّ في جَوْفِ المَسْجِد " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 973 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَال:
" صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ في المَسْجِد " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الثَّمَرِ المُسْتَطَابِ 0 ص: 765، رَوَاهُ الإِمَامُ مَالِكٌ في المُوَطَّإِ بِرَقْم: 541 / يحْيى اللَّيْثِيّ]
النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الجِنَازَةِ بَينَ المَقَابِر
وَعَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلَّى عَلَى الجَنَائِزِ بَينَ القُبُور " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 12790، وَفي الجَنَائِزِ بِرَقْم: 211، الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط، الْكَنْز: 42286]
حُكْمُ السَّهْوِ في صَلَاةِ الجِنَازَة
ـ وَلَكِنْ بَقِيَ سُؤَال:
" مَا الحُكْمُ إِنْ نَسِيَ الإِمَامُ تَكْبِيرَةً فَكَبَّرَ ثَلَاثَاً " 00؟
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَن حُمَيْدٍ أَنَّهُ قَال: " صَلَّى بِنَا أَنَسٌ رضي الله عنه فَكَبَّرَ ثَلَاثَاً ثمَّ سَلَّم ـ أَيْ نَاسِيَاً ـ فَقِيلَ لَهُ؛ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ ثمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ ثمَّ سَلَّم " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: التَّكْبِيرِ عَلَى الجِنَازَةِ أَرْبَعَاً بِرَقْم: 1333]
إِطَالَةُ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَة
عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الهَجَرِيِّ رضي الله عنه قَال:
" صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى الأَسْلَمِيّ: صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةِ ابْنَةٍ لَه، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعَاً، فَمَكَثَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ شَيْئَاً؛ فَسَمِعْتُ القَوْمَ يُسَبِّحُونَ بِهِ مِنْ نَوَاحِي الصُّفُوف؛ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَال: أَكُنْتُمْ تَرَوْنَ أَني مُكَبِّرٌ خَمْسَاً 00؟
قَالُواْ: تَخَوَّفْنَا ذَلِك، قَالَ رضي الله عنه: لَمْ أَكُنْ لأَفْعَل، وَلَكِنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعَاً ثُمَّ يَمْكُثُ سَاعَةً، فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ يُسَلِّم " 0
[حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1503]
مَوْضِعُ قِيَامِ الإِمَامِ في الصَّلَاةِ عَلَى الرَّجُلِ وَالمَرْأَة
عَن أَبي غَالِبٍ رضي الله عنه قَال: " رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ فَقَامَ حِيَالَ رَأْسِه ـ أَيْ تِلقَاءَ رَأْسِه ـ فَجِيءَ بجِنَازَةٍ أُخْرَى بِامْرَأَة، فَقَالُواْ: يَا أَبَا حَمْزَةَ صَلِّ عَلَيْهَا؛ فَقَامَ حِيَالَ وَسَطِ السَّرِيرِ ـ أَيِ النَّعْش ـ فَقَالَ رَجُل: يَا أَبَا حَمْزَة: هَكَذَا رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ مِنَ الجِنَازَةِ مُقَامَكَ مِنَ الرَّجُل، وَقَامَ مِنَ المَرْأَةِ مُقَامَكَ مِنَ المَرْأَة 00؟ قَالَ نَعَمْ "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1494، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 1034]
وَضْعُ المَرْأَةِ
ـ وَضْعُ المَرْأَةِ المُتَوَفَّاةِ في الصَّلَاة، وَبَيَانُ أَنَّ المَرْأَةَ يُصَلَّى عَلَيْهَا حَتىَّ وَإِنْ كَانَتْ نُفَسَاء:
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه قَال:
" صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ في نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: أَيْنَ يَقُومُ مِنَ المَرْأَةِ وَالرَّجُل بِرَقْم: (1332)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ بِنَفْسِ البَابِ بِرَقْم: 964]
عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَال: " لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامَاً؛ فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يمْنَعُني مِنَ القَوْلِ إِلَاّ أَنَّ هَهُنَا رِجَالاً هُمْ أَسَنُّ مِني، وَقَدْ صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ في نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الصَّلَاةِ وَسَطَهَا " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: أَيْنَ يَقُومُ الإِمَامُ مِنَ المَيِّتِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْه بِرَقْم: 964]
اجْتِمَاعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَأَيُّهُمْ يُقَدَّم 00؟
عَنْ سَيِّدِنَا عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه قَال:
" حَضَرَتْ جِنَازَةُ صَبيٍّ وَامْرَأَة، فَقُدِّمَ الصَّبيُّ مِمَّا يَلي القَوْمَ وَوُضِعَتِ المَرْأَةُ وَرَاءهُ ـ أَيْ وُضِعَ الغُلَامُ أَمَامَ الإِمَامِ مُبَاشَرَةً وَالمَرْأَةُ وَرَاءهُ نَاحِيَةَ القِبْلَة ـ فَصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَفي القَوْمِ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَأَبُو هُرَيْرَة، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُواْ: السُّنَّة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1977]
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ جَمِيعَاً، فَجَعَلَ الرِّجَالَ يَلُونَ الإِمَامَ ـ أَيْ أَمَامَهُ مُبَاشَرَةً ـ وَالنِّسَاءَ يَلِينَ القِبْلَة، فَصَفَّهُنَّ صَفَّاً وَاحِدَاً، وَوُضِعَتْ جِنَازَةُ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ امْرَأَةِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ وَابْنٍ لهَا يُقَالُ لَهُ زَيْد، وُضِعَا جَمِيعَاً وَالإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ العَاص، وَفي النَّاسِ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو قَتَادَة، فَوُضِعَ الغُلَامُ مِمَّا يَلي الإِمَامَ فَقَالَ رَجُلٌ ـ أَيْ عَدَّهُ رَجُلاً ـ فَأَنْكَرْتُ ذَلِك، فَنَظَرْتُ إِلى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبي هُرَيْرَةَ وَأَبي سَعِيدٍ وَأَبي قَتَادَةَ فَقُلْتُ مَا هَذَا 00؟! قَالُواْ: هِيَ السُّنَّة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 69، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 1979]
عَن عُمَيرٍ رضي الله عنه أَحَدِ صَحَابَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنهُمْ ـ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " البَيْتُ الحَرَامُ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتَاً " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الإِرْوَاء " وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبِي دَاوُد " بِرَقْمَيْ: 748، 2499]
كَثْرَةُ المُصَلِّينَ عَلَى المَيِّتِ رَحْمَةٌ لَه
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ: إِلَاّ شُفِّعُواْ فِيه " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِاْئَةٌ 0 بِرَقْم: (947)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42269]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِاْئَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ غُفِرَ لَه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (1488)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42275]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوت، فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئَاً؛ إِلَاّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (948 / عَبْد البَاقِي) 0 وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42272]
عَنْ كُرَيْبٍ خَادِمِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَان ـ مَوْضِعَان ـ فَقَالَ رضي الله عنه: " يَا كُرَيْب: انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاس 00؟
فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُواْ لَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ رضي الله عنه: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُون 00؟
قُلتُ نَعَمْ، قَالَ رضي الله عنه: أَخْرِجُوه؛ فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئَاً إِلَاّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيه " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ شَفَعُواْ فِيه بِرَقْم: 948]
عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " هَلَكَ ابْنٌ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَقَالَ لي: يَا كُرَيْب؛ قُمْ فَانْظُرْ: هَلْ اجْتَمَعَ لَابْني أَحَد 00؟
فَقُلْتُ نَعَمْ؛ فَقَالَ وَيْحَكَ كَمْ تَرَاهُمْ؟ أَرْبَعِين 00؟
قُلْتُ لَا، بَلْ هُمْ أَكْثَر؛ قَالَ رضي الله عنه: فَاخْرُجُوا بِابْني؛ فَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَا مِن أَرْبَعِينَ مِنْ مُؤْمِنٍ يَشْفَعُونَ لِمُؤْمِنٍ إِلَاّ شَفَّعَهُمْ الله "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (5680)، وَصَحَّحَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1489]
أَمَّا كَثرَةُ الصُّفُوفِ وَتجْزِئَةُ المُصَلِّينَ في ثَلَاثَةِ صُفُوف: فَكُلُّ مَا قَدْ وَرَدَ بِهِ ضَعِيفُ السَّنَد 0
مَشْرُوعِيَّةُ صَلَاةِ الغَائِبِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْه
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال:
" صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَاً " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ المَنَاقِبِ بِرَقْم: (3879)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 952، 1248]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال:
" نَعَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّواْ خَلْفَهُ فَكَبَّرَ أَرْبَعَاً " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَة بِرَقْم: 1318]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " نَعَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّجَاشِيَّ في اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيه، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلى المُصَلَّى فَصَفَّ بهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: التَّكْبِيرِ عَلَى الجِنَازَةِ بِرَقْم: (1333)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 951]
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " قَدْ تُوُفِّيَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الحَبَش؛ فَهَلُمَّ فَصَلُّواْ عَلَيْه؛ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ وَنحْنُ مَعَهُ صُفُوف "[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ أَرْبَعَاً بِرَقْم: 1320]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " نَعَى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّجَاشِيَ صَاحِبَ الحَبَشَةِ في اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " اسْتَغْفِرُواْ لأَخِيكُمْ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى بِرَقْم: (1328)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 951]
عَنِ ابْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ عِنْدَمَا بَلَغَهُ مَوْتُ النَّجَاشِيّ: " إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ فَقُومُواْ فَصَلُّواْ عَلَيْه، فَصَفَّنَا صَفَّين " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (1536)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42304]
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" صَلُّواْ عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ " 00 قَالُواْ مَنْ هُوَ 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " النَّجَاشِيّ " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1537]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَاتَ اليَوْمَ عَبْدٌ للهِ صَالِحٌ أَصْحَمَة " 00 فَقَامَ فَأَمَّنَا وَصَلَّى عَلَيْه 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابٍ في التَّكْبِيرِ عَلَى الجِنَازَة بِرَقْم: 952]
عَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ غَائِب
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ عَنْ بَعْضِ الأُمُورِ المُحْدَثَة: " النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم كَانُواْ لَا يَنوُونَ الاِعْتِكَافَ كُلَّمَا دَخَلُواْ مَسْجِدَاً لِلصَّلَاة؛ وَلَمْ يُصَلِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى غَائِبٍ غَيْرَ النَّجَاشِيّ، وَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم دَائِمَاً يَقْنُتُ في الفَجْرِ أَوْ غَيْرِهَا بِقُنُوتٍ مَسْنُونٍ يجْهَرُ بِهِ " 0
[مجْمُوعُ الْفَتَاوَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة]
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله في زَادِ المَعَاد:
" وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ وَسُنّتِهِ صلى الله عليه وسلم الصّلَاةُ عَلَى كُلّ مَيّتٍ غَائِب؛ فَقَدْ مَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ غُيّبٌ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيْهِمْ " 0
[ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله في زَادِ المَعَادِ في الجَنَائِزِ فَصْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِب]
وَقَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ تَعْلِيقَاً: " وَمِمَّا يُؤَيِّدُ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ غَائِب: أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَغَيرُهُمْ؛ لَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ صَلَاةَ الْغَائِب، وَلَوْ فَعَلُواْ لَتَوَاتَرَ النَّقْلُ بِذَلِكَ عَنهُمْ "[الشَّيْخُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 60]
طِيبَةُ قَلْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْرَاً فَقَالُواْ: هَذَا دُفِنَ أَوْ دُفِنَتِ البَارِحَة، فَصَفَّنَا خَلْفَهُ ثمَّ صَلَّى عَلَيْهَا " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِز بِرَقْم: 1326]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلاً، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ صلى الله عليه وسلم فَقَال: " مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُوني " 00؟
قَالُواْ: كَانَ اللَّيْلُ وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ فَكَرِهْنَا أَنْ نَشُقَّ عَلَيْك؛ فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْه " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الإِذْنِ بِالجِنَازَة بِرَقْم: 1247]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " مَاتَ رَجُلٌ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ فَدَفَنُوهُ بِاللَّيْل، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَعْلَمُوه، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُوني " 00؟
قَالُواْ: كَانَ اللَّيْلُ وَكَانَتِ الظُّلْمَةُ فَكَرِهْنَا أَنْ نَشُقَّ عَلَيْك، فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْه " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1530]
عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ أَخِي زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَال:
خَرَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا وَرَدَ البَقِيعَ فَإِذَا هُوَ بِقَبْرٍ جَدِيد؛ فَسَأَلَ عَنْهُ 00؟
قَالُواْ فُلَانَةٌ، فَعَرَفَهَا وَقَال:" أَلَا آذَنْتُمُوني بِهَا " 00؟
قَالُواْ: كُنْتَ قَائِلاً صَائِمَاً ـ أَيْ نائِمَاً صَائِمَاً ـ فَكَرِهْنَا أَنْ نُؤْذِيَك، قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَلَا تَفْعَلُواْ، لَا أَعْرِفَنَّ مَا مَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَاّ آذَنْتُمُوني بِه؛ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ لَهُ رَحْمَة " 00 ثُمَّ أَتَى القَبْرَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَاً " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَة، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد]
عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّهُمْ خَرَجُواْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَرَأَى قَبْرَاً جَدِيدَاً؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا هَذَا " 00؟
قَالُواْ: هَذِهِ فُلَانَةُ مَوْلَاةُ بَني فُلَان ـ أَيْ خَادِمَتُهُمْ ـ فَعَرَفَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَاتَتْ ظُهْرَاً وَأَنْتَ نَائِمٌ قَائِلٌ ـ أَيْ نَائِمٌ نَوْمَةَ القَيْلُولَة ـ فَلَمْ نُحِبَّ أَنْ نُوقِظَكَ بِهَا؛ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعَاً ثُمَّ قَال:
" لَا يَمُوتُ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَاّ آذَنْتُمُوني بِه؛ فَإِنَّ صَلَاتِي لَهُ رَحْمَةٌ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (13747)، وَصَحَّحَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 2022]
عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَال: " اشْتَكَتِ امْرَأَةٌ بِالعَوالي مِسْكِينَة، فَكَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُمْ عَنْهَا، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ مَاتَتْ فَلَا تَدْفِنُوهَا حَتىَّ أُصَلِّيَ عَلَيْهَا " 00 فَتُوُفِّيَتْ، فَجَاءواْ بِهَا إِلى المَدِينَةِ بَعْدَ العَتَمَةِ فَوَجَدُواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَام؛ فَكَرِهُواْ أَنْ يُوقِظُوه، فَصَلَّوْا عَلَيْهَا وَدَفَنُوهَا بِبَقِيعِ الغَرْقَد، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَاءواْ فَسَأَلَهُمْ عَنْهَا 00؟
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1969]
فَقَالُواْ: قَدْ دُفِنَتْ يَا رَسُولَ اللهِ وَقَدْ جِئْنَاكَ فَوَجَدْنَاكَ نَائِمَاً فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَك، قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَانْطَلِقُواْ " 00 فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَشَوْا مَعَهُ حَتىَّ أَرَوْهُ قَبْرَهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفُّواْ وَرَاءهُ فَصَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعَاً " 0
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ في بَعْضِ سِكَكِ المَدينَةِ فَرَأَى رَجُلاً أَسْوَدَ مَيِّتَاً قَدْ رَمَواْ بِهِ في الطَّرِيق؛ فَسَأَلَ بَعْضَ مَنْ ثَمَّ عَنهُ ـ أَيْ فَسَأَلَ بَعْضَ مَن هُنَاكَ عَنهُ ـ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَمْلُوكُ مَن هَذَا " 00؟
قَالُواْ ممْلُوكٌ لآلِ فُلَان، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَكُنْتُم تَرَوْنَهُ يُصَلِّي " 00؟
قَالُواْ كُنَّا نَرَاهُ أَحْيَانَا يُصَلِّي وَأَحْيَانَا لَا يُصَلِّي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" قُومُواْ فَاغْسِلُوهُ وَكَفِّنُوه " فَقَامُوا فَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوه، وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْه، فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" سُبْحَانَ الله، سُبْحَانَ الله " 00 فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَه؛ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ الله، سَمِعْنَاكَ لَمَّا كَبَّرتَ تَقُول:" سُبْحَانَ اللهِ سُبْحَانَ الله " 00 فَلِمَ قُلْتَ " سُبْحَانَ اللهِ سُبْحَانَ الله "؟!
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " كَادَتِ المَلَائِكَةُ أَنْ تحُولَ بَيْني وَبَيْنَهُ؛ مِنْ كَثْرَةِ مَا صَلُّواْ عَلَيْه "
[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع ": إِسْنَادُهُ جَيِّد 0 ص: (266/ 10)، الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ في الأَوْسَطِ]
صَدَقَ خَيرُ القَائِلِينَ عِنْدَمَا قَال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين} {الأَنْبِيَاء/107}
عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ مَرَّ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَه " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَن بِرَقْم: 1336]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً كَانَ في المَسْجِدِ يَقُمُّ المَسْجِدَ ـ أَيْ يُنَظِّفُهُ ـ فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بمَوْتِه، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَال:
" مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَان " 00؟
قَالُواْ: مَاتَ يَا رَسُولَ الله؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَفَلَا آذَنْتُمُوني " 00؟!
فَقَالُواْ: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا 00 قِصَّتَهُ، فَحَقَّرُواْ شَأْنَه، قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَدُلُّوني عَلَى قَبْرِه " 00 فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْه " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَن بِرَقْم: 1337]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ ـ أَيْ تُنَظِّفُهُ مِنَ القِمَامَة ـ فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عَنْهَا 00؟
فَقَالُواْ مَاتَتْ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُوني " 00؟
فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُواْ أَمْرَهَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" دُلُّوني عَلَى قَبْرِهَا " 00
فَدَلُّوه، فَصَلَّى عَلَيْهَا صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَال:" إِنَّ هَذِهِ القُبُورَ مَمْلُوءةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لهُمْ بِصَلَاتي عَلَيْهِمْ " 0
[الإِمَامُ مُسْلِم في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الصَّلَاةِ عَلَى القَبْر بِرَقْم: 956]
عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِت رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِ فُلَانَةٍ فَكَبَّرَ أَرْبَعَاً " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 3083]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ قَدْ دُفِنَتْ " 0 [قَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 ح / ر: 3084]
عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحَصِيبِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى قَبرٍ جَدِيدٍ حَدِيثِ عَهْدٍ بِدَفْن، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" قَبْرُ مَن هَذَا " 00؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يا رسول الله؛ هَذِهِ أُمُّ محْجَن، كَانَتْ مُولَعَةً بِلَقْطِ الْقَذَى مِنَ المَسْجِد؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" أفلَا آذنتموني " 00؟
فَقَالواْ: كُنْتَ نَائِمَاً فَكَرِهْنَا أَنْ نُهَيِّجَكَ ـ أَيْ نُتْعِبُك ـ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَلَا تَفْعَلُواْ؛ فَإِنَّ صَلَاتي عَلَى مَوْتَاكُمْ نُورٌ لَهُمْ في قُبُورِهِمْ "، فَصَفَّ أَصْحَابَهُ فَصَلَّى عَلَيْهَا 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الثَّمَرِ المُسْتَطَابِ تحْتَ رَقْم:(591)، رَوَاهُ الإِمَامُ الْبَيْهَقِيُّ في سُنَنِه]
وَكُلُّ هَذِهِ الأَحَادِيثِ تُعَلِّمُنَا أَيْضَاً: جَوَازَ الصَّلَاةِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَمَا دُفِنَ وَصُلِّيَ عَلَيْه، وَتَكْرَارَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ حِين؛ تَعْظِيمَاً لأَجْرِه 00
عَن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنيِّ رضي الله عنه قَال: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَاني سِنِين، كَالمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَات، ثُمَّ طَلَعَ المِنْبَرَ فَقَال: " إِنيِّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَط ـ أَيْ أَتَقَدُّمُكُمْ ـ وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيد، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْض، وَإِنيِّ لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا، وَإِنيِّ لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُواْ، وَلَكِنيِّ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا " 0
قَالَ عُقْبَة: " فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 4042/فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2296/عَبْد البَاقِي]
فَتْرَةُ الإِحْدَاد
ـ إِحْدَادُ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَعَلَى غَيرِ زَوْجِهَا:
عَنْ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رضي الله عنه قَال:
" تُوُفِّيَ ابْنٌ لأُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّالِثُ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ فَتَمَسَّحَتْ بِهِ وَقَالَتْ: نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ إِلَاّ بِزَوْجٍ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: إِحْدَادِ المَرْأَةِ عَلَى غَيرِ زَوْجِهَا بِرَقْم: 1279]
عَن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا يحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاث، إِلَاّ عَلَى زَوْج، فَإِنَّهَا لَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبَاً مَصْبُوغَاً " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (5343 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 938 / عَبْد البَاقِي]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا؛ فَخَافُواْ عَلَى عَيْنِهَا؛ فَأَتَوُاْ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَأْذَنُوهُ في الْكُحْل؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَكُونُ في شَرِّ أَحْلَاسِهَا في بَيْتِهَا حَوْلاً، فَإِذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ فَخَرَجَتْ: [أَيْ دَاخِلَ بَيْتِهَا؛ تُدَلِّكُ بِهَا جَسَدَهَا ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِك]، أَفَلَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَا " 00؟! [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5706 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ بِرَقْم: 1488 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبي سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ بِهِ ثمَّ قَالَتْ: مَا لي بِالطِّيبِ مِن حَاجَة، غَيْرَ أَني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: " لَا يَحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاث، إِلَاّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَاً " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم:(1282 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1486 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبي سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبي سُفْيَانَ مِنَ الشَّام: دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ ـ أَيِ ابْنَتُهُ رضي الله عنها بِصُفْرَةٍ في اليَوْمِ الثَّالِثِ فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ: إِني كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلَا أَني سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " لَا يحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَاّ عَلَى زَوْج، فَإِنهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَاً " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: إِحْدَادِ المَرْأَةِ بِرَقْم: (1280)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الطَّلَاقِ بِرَقْم: 1486]
وَهَذِهِ الْبَاقَةِ مِنَ الأَحَادِيثِ ـ عَلَى كَثْرَتِهَا ـ قِيلَ فِيهَا كَلَامٌ كَثِير، أَسُوقُ طَرَفَاً مِنهُ لِلأَمَانَة:
عَن أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها قَالَتْ وَكَانَتْ زَوْجَةً لجَعْفَر: " دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اليَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ قَتْلِ جَعْفَرٍ فَقَال: لَا تَحِدِّي بَعْدَ يَوْمِكِ هَذَا " 0
[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ 0 ص: (17/ 3)، رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح، وَقَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: اخْتُلِفَ في وَصْلِهِ وَإِرْسَالِه 0 رَوَاهُ الإِمَامَانِ ابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
وَلَعَلَّ يَكُونُ المُرَادُ بِالثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ فَتْرَةَ الْعَزَاءِ لَا فَتْرَةَ الْعِدَّة 00 بمَعْنى: أَنَّ لِلْمُتَوَفىَّ عَنهَا زَوْجُهَا ـ إِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ شَهِيدَاً ـ أَنْ تَتَقَبَّلَ فِيهِ الْعَزَاءَ وَلَا تَمَسَّ الطِّيبَ وَلَا تَكْتَحِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَلَكِنْ لَا تَتَزَوَّجُ إِلَاّ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّام 0
اذكُرُواْ محَاسِنَ مَوْتَاكُمْ
وَمِنَ الأُمُورِ المُؤْسِفَةِ التي يَقَعُ فِيهَا بَعْضُ المُشَيِّعِينَ في سَيرِهِمْ خَلفَ الجِنَازَة: أَنهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى المَيِّتِ ثمَّ يَتبَعُونَه، وَبَدَلاً مِن أَنْ يَترَحَّمُواْ عَلَيْهِ بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ يَظَلُّونَ يَذُمُّونَهُ طُولَ الطَّرِيق 00!!
لَا أَدْرِي وَاللهِ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ رَأيُهُمْ فِيهِ فَلِمَ جَاءواْ لِتَشْيِيعَهِ إِذَن 00؟
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" اذْكُرُواْ محَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّواْ عَنْ مَسَاوِيهِمْ " 0
[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في المِشْكَاةِ وَالتَّرْغِيب بِرَقْم: (2063)، وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ بِرَقْم: 4900]
لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَهُمْ أَعْمَالُهُمْ
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَسُبُّواْ الأَمْوَات؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلى مَا قَدَّمُواْ " 0
[البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ سَبِّ الأَمْوَات 0 بِرَقْم: 1393]
وَالمَعْنى: أَيْ لَا دَاعِيَ لِسَبِّهِمْ بِأَعْمَالهِمُ القَبِيحَةِ فَإِنهُمُ الآنَ يجْزَوْنَ بهَا 0
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هَالِكٌ ـ أَيْ مَيِّتٌ ـ بِسُوء؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَذْكُرُواْ هَلْكَاكُمْ إِلَاّ بخَيْرٍ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1935]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ وَلَا تَقَعُوا فِيه " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 3018، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4899]
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَامَ يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنى عَلَيْهِ وَقَال: " عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَالوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ حَتىَّ يَأْتِيَكُمْ أَمِير؛ فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآن، ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُواْ لأَمِيرِكُمْ ـ أَيِ اطْلُبُواْ العَفْوَ لَهُ ـ فَإِنَّهُ كَانَ يحِبُّ العَفْوَ ثُمَّ قَالَ رضي الله عنه: أَمَّا بَعْد: فَإِني أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قُلتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلَام، فَشَرَطَ عَلَيَّ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِم، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا؛ وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ إِنيِّ لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَل " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 58، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَسُبُّواْ الأَمْوَاتَ فَتُؤذُواْ الأَحْيَاء " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 18210، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 1982]
كُلُّنَا ذَوُو خَطَأ
وَعَلَيْكَ بحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ حَتىَّ وَإِنْ كَانَ فَاسِقَاً، قُلْ لِنَفْسِك: لَعَلَّهُ قَدْ تَاب، لَعَلَّ اللهَ قَدْ رَأَى مِنهُ خَيرَاً فَغَفَرَ لَه؛ فَإِنَّ الخَاتمَةَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ الله 00!!
فَمَهْمَا كَانَتْ مَسَاوِئُهُ فَإِنَّهُ لَا يخْلُو مِنَ المحَاسِن، وَأَنْتَ مَهْمَا كَانَتْ محَاسِنُكَ فَإِنَّكَ لَا تخْلُو مِنَ المَسَاوِئ؛ فَسَلِ اللهَ المَغْفِرَةَ لَهُ وَلَكَ فَكُلُّنَا ذَوُو خَطَأ 00!!
وَمَنْ مِنَّا بِغَيرِ خَطَايَا
مَاتَ أَحَدُ جِيرَانِ عُمَرَ بنِ ذَرٍّ رضي الله عنه وَكَانَ رَجُلاً مُسْرِفَاً عَلَى نَفْسِهِ بِالذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي؛ فَتَجَافى النَّاسُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْه، فَبَلَغَ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ خَبرُه؛ فَأَوْصَى أَهْلَهُ أَنْ يَتَوَلَّواْ تجْهِيزَهُ وَقَالَ لهُمْ:
إِذَا فَرَغتُم فَآذِنُوني، فَفَعَلُواْ، فَشَهِدَهُ رضي الله عنه وَشَهِدَهُ النَّاس، فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ وَقَفَ عَلَى قَبرِهِ فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللهُ أَبَا فُلَان؛ فَلَقَدْ صَحِبْتَ عُمْرَكَ بِالتَّوحِيد، وَعَفَّرْتَ وَجْهَكَ بِالسُّجُود، وَإِنْ قَالُواْ: مُذْنِبٌ وَذُو خَطَايَا؛ فَمَنْ مِنَّا بِغَيرِ خَطَايَا وَلَا ذُنُوب 00؟!
[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ الحَافِظِ العِرَاقِي 0 دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة: كِتَابُ المَوْت: 1879]
مَكَانَةُ أَهْلِ المَعْرُوفِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَة
وَيُحْكَى أَنَّ رَجُلاً مِنَ المُنهَمِكِينَ في الفَسَادِ مَاتَ في بَعْضِ نَوَاحِي البَصْرَة، فَلَمْ تجِدِ امْرَأَتُهُ مَنْ يُعِينُهَا عَلَى حَمْلِ جِنَازَتِه؛ فَلمْ يُسَاعِدْهَا جِيرَانُهُ لِكَثرَةِ فِسْقِه، فَاسْتَأَجَرَت حَمَّالِينَ وَحمَلَتْهَا إِلى المُصَلَّى، فَمَا صَلَّى عَلَيهِ أَحَد، فَحَمَلَتْهَا إِلى المَقَابِرِ لِدَفنِهَا، وَبَيْنَمَا هُمْ يَمْشُونَ إِذْ مَرُّواْ عَلَى جَبَل، فَإِذَا عَلَيْهِ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ كِبَارِ الزُّهَّاد، فَرَأَتْهُ كَالمُنْتَظِرِ لِلجِنَازَة، ثُمَّ قَصَدَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا، فَانْتَشَرَ الخَبرُ في البَلدَةِ وَقَالَ النَّاس: لَقَدْ صَلَّى عَلَيْهِ العَالِمُ الزَّاهِدُ فُلَان؛ فَخَرَجَ أَهلُهَا فَصَلَّواْ عَلَيْه، ثمَّ سَأَلُوهُ مُتَعَجِّبِينَ عَنْ سِرِّ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ لهُمْ: قِيلَ لي في المَنَام:
انْزِل إِلى المَوْضِعِ الفُلَاني، سَتَرَى فِيهِ جِنَازَةً لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ إِلَاّ امْرَأَةً فَصَلِّ عَلَيْهَا فَإِنَّ صَاحِبَهَا مَغْفُورٌ لَه؛ فَزَادَ عَجَبُ النَّاس 00!!
فَاسْتَدْعَى هَذَا العَالِمُ امْرَأَتَهُ وَسَأَلهَا عَن حَالِه 00؟
فَقَالَتْ: قَدْ كَانَ طُولَ نهَارِهِ في المَاخُور ـ أَيْ في الحَانَة ـ مَشْغُولاً بِشُرْبِ الخَمْر 00!!
فَقَالَ لهَا: انْظُرِي هَلْ تَعْرِفِينَ لَهُ شَيْئَاً مِن أَعْمَالِ الخَير 00؟
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِي دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة: كِتَابُ المَوْت: 1879]
قَالَتْ نَعَمْ، ثَلَاثَةُ أَشْيَاء: كَان يَفِيقُ مِنْ سُكْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَقْتَ الصُّبح، فَيُبَدِّلُ ثِيَابَهُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ في جَمَاعَة ثمَّ يَعُودُ إِلى المَاخُور، فَيَظَلُّ مُشْتَغِلاً بِالفِسْقِ حَتىَّ يُسْكِرَهُ الشَّرَابُ فَيَنَام!!
وَالثَّاني: أَنَّ بَيْتَهُ كَانَ لَا يخْلُو أَبَدَاً مِنْ يَتِيمٍ أَوْ يَتِيمَين، وَكَانَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِمْ أَكْثَرَ مِن إِحْسَانِهِ إِلى أَوْلَادِه
وَالثَّالِث: أَنَّه كَانَ يَفِيقُ في أَثْنَاءِ سُكْرِهِ في ظَلَامِ اللَّيْلِ فَيَبْكِي وَيَقُول: يَا رَبّ: أَيَّةُ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا جَهَنَّمَ تمْلأُهَا بهَذَا الخَبِيث 00 يَقْصِدُ نَفْسَه 00!!!
نَظَرَ إِبْرَاهِيمُ الزَّيَّاتُ إِلى أُنَاس يَتَرَحَّمُونَ عَلَى مَيِّتٍ فَقَال: لَوْ ترَحَّمْتُمْ عَلَى أَنفُسِكُمْ لَكَانَ خَيرَاً لَكُمْ، إِنَّهُ نجَا مِن أَهْوَالٍ ثَلَاثَة: وَجْهِ مَلَكِ المَوْت وَقَدْ رَأَى، وَمَرَارَةِ المَوْتِ وَقَدْ ذَاق، وَالخَوْفِ مِنَ الخَاتمَة وَقَدْ أَمِن " 0
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِي دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة: كِتَابُ المَوْت: 1879]
أَنَا العَبْدُ الَّذِي كَسَبَ الذُّنُوبَا * وَصَدَّتْهُ الأَمَاني أَنْ يَتُوبَا
أَنَا العَبْدُ الَّذِي أَمْسَى حَزِينَاً * عَلَى زَلَاّتِهِ قَلِقَاً كَئِيبَا
أَنَا العَبْدُ الَّذِي سُطِرَتْ عَلَيْهِ * صَحَائِفُ لَمْ يخَفْ فِيهَا الرَّقِيبَا
أَنَا العَبْدُ المُفَرِّطُ ضَاعَ عُمْرِي * فَلَمْ أَرْعَ الشَّبِيبَةَ وَالمَشِيبَا
أَنَا العَبْدُ الغَرِيقُ بِلُجِّ بحْرٍ * أَصِيحُ لَرُبَّمَا أَلْقَى مجِيبَا
أَنَا العَبْدُ السَّقِيمُ مِنَ الخَطَايَا * وَقَدْ أَقْبَلْتُ أَلْتَمِسُ الطَّبِيبَا
أَنَا العَبْدُ المُخَلَّفُ عَن أُنَاسٍ * حَوَواْ مِنْ كُلِّ مَعْرُوفٍ نَصِيبَا
أَنَا العَبْدُ الفَقِيرُ إِلَيْكَ رَبي * فَيَسِّرْ مِنْكَ لي فَرَجَاً قَرِيبَا
أَنَا العَبْدُ الشَّرِيدُ ظَلَمْتُ نَفْسِي * وَقَدْ أَقْبَلْتُ يَا رَبيِّ مُنِيبَا
أَنَا الْغَدَّارُ كَمْ عَاهَدْتُ عَهْدَاً * وَكُنْتُ عَلَى الوَفَاءِ بِهِ كَذُوبَا
أَنَا المُضْطَرُّ أَرْجُو مِنْكَ عَفْوَاً * وَمَنْ يَرْجُو رِضَاكَ فَلَنْ يخِيبَا
فَيَا أَسَفِي عَلَى عُمُرٍ تَقَضَّى * وَلَمْ أَكْسِبْ بِهِ إِلَاّ الذُّنُوبَا
وَأَحْذَرُ أَنْ يُعَالجَني مَصِيرٌ * يحَيِّرُ هَوْلُ مَصْرَعِهِ اللَّبِيبَا
وَيَا حَزَنَاهُ مِن حَشْرِي وَنَشْرِي * بِيَوْمٍ يجْعَلُ الوُلْدَانَ شِيبَا
تَفَطَّرَتِ السَّمَاءُ بِهِ وَمَارَتْ * وَأَصْبَحَتِ الجِبَالُ بِهِ كَثِيبَا
فَيَا خَجَلَاهُ مِنْ قُبْحِ اكْتِسَابي * إِذَا مَا أَبْدَتِ الصُّحُفُ العُيُوبَا
وَذِلَّةَ مَوْقِفٍ وَحِسَابَ عَدْلٍ * أَكُونُ بِهِ عَلَى نَفْسِي حَسِيبَا
وَيَا وَيْلَاهُ مِنْ نَارٍ تَلَظَّى * إِذَا زَفَرَتْ وَأَقْلَقَتِ القُلُوبَا
تَكَادُ إِذَا بَدَتْ تَنْشَقُّ غَيْظَاً * عَلَى مَنْ كَانَ ظَلَاّمَاً مُرِيبَا
فَيَا مَنْ مَدَّ في كَسْبِ الخَطَايَا * خُطَاهُ أَلَمْ يحِنْ لَكَ أَنْ تَتُوبَا
أَلَا أَقْلِعْ وَتُبْ وَاعْمَلْ فَإِنيِّ * رَأَيْتُ لِكُلِّ مجْتَهِدٍ نَصِيبَا
وَكُنْ لِلصَّالحِينَ أَخَاً وَخِلاً * وَكُنْ في هَذِهِ الدُّنيَا غَرِيبَا
وَكُن عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ جَبَانَاً * وَكُنْ في الخَيرِ مِقْدَامَاً نجِيبَا
وَلَاحِظْ زِينَةَ الدُّنيَا بِبُغْضٍ * تَكُن عَبْدَاً إِلى المَوْلى حَبِيبَا
وَغُضَّ عَنِ المحَارِمِ مِنْكَ طَرْفَاً * لَعُوبَاً يَفْتِنُ القَلْبَ الأَرِيبَا
فَخَائِنَةُ الْعُيُونِ كَأُسْدِ غَابٍ * إِذَا مَا أُهْمِلَتْ وَثَبَتْ وُثُوبَا
وَمَنْ يَغْضُضْ فُضُولَ الطَّرْفِ عَنهَا * يَجِدْ في قَلْبِهِ بَرْدَاً وَطِيبَا
وَلَا يَبرَحْ لِسَانُكَ كُلَّ وَقْتٍ * بِذِكْرِ اللهِ رَيَّانَاً رَطِيبَا
وَكُن حَسَنَ السَّجَايَا ذَا حَيَاءٍ * طَلِيقَ الْوَجْهِ لَا شَكِسَاً غَضُوبَا
تجِدْ مَا قَدَّمَتْهُ يَدَاكَ ظِلاًّ * إِذَا مَا شَاهَدَ النَّاسُ الخُطُوبَا
*********
عَذَابُ القَبرِ وَنَعِيمُه:
============
فَضْلُ زِيَارَةِ القُبُورِ وَآدَابُهَا
إِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْنَا بِزِيَارَةِ القُبُورِ إِلَاّ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّذْكِرَة: بِأَحْوَالِ المَوْتَى وَأُمُورِ الآخِرَة 00
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" زُورُواْ القُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1569، وَصَحَّحَهُ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: 3577]
عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحَصِيبِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (977 / عَبْد البَاقِي)، وَهُوَ في الشُّعَب بِرَقْم: (9287)، وَفي الكَنْزِ بِرَقْم: 42565]
عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحَصِيبِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَلَا تَقُولُواْ هُجْرَا " 00 أَيْ فُحْشَاً وَحَرَامَا 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 23052]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّ لَكُمْ فِيهَا عِبْرَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيح بِرَقْم: (6789)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا؛ فَإِنهَا تُذَكِّرُكُمُ المَوْت " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيح بِرَقْم: (6790)، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 5908]
أَمَّا النَّهْيُ الَّذِي وَرَدَ في بَعْضِ الأَحَادِيثِ فَهُوَ مَنْسُوخ، ثمَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُ لِذَاتِه، إِنمَا كَانَ لِمَا يَصْحَبُهُ مِنَ الدَّعْوَى بِالوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَشَقِّ الثِّيَابِ وَلَطْمِ الخُدُود؛ وَلِذَا صَرَّحَ بَعْضُهَا قَائِلاً:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَعَنَ اللهُ زُوَّارَاتِ القُبُور "[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 9240، وَأَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 8430، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَبُو يَعْلَى مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَن 0 ح / ر: 5908]
" زَوَّارَات " عَلَى وَزْنِ " فَعَّالَات " وَهِيَ صُورَةُ مُبَالَغَة: أَيِ الَّلَائِي يُكْثِرْنَ الزِّيَارَةَ حَتىَّ يَتَّخِذْنهَا عَادَة لَا عِبَادَة 0
وَلَا بَأْسَ في زِيَارَةِ المَقَابِرِ يَوْمَ العِيد؛ فَقَدْ ثَبُتَ عَنِ النَّبيِّ فِعْلُهُ 00
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال: " خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أَضْحىً إِلى البَقِيع، فَصَلَّى رَكْعَتَيْن " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 976 / فَتْح]
السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ القُبُورِ عِنْدَ زِيَارَتهِمْ
عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُواْ إِلى المَقَابِرِ أَنْ يَقُولُواْ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِين، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُون، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَة " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 975]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ جِبرِيلَ عليه السلام أَتَاهُ قَال: " إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتيَ أَهْلَ البَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لهُمْ " 0
فَسَأَلَتْهُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها: كَيْفَ أَقُولُ لهُمْ ـ أَيْ كَيْفَ أَسْتَغْفِرُ لهُمْ ـ يَا رَسُولَ الله 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " قُولي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِين، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِين، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُون " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 974 / عَبْد البَاقِي]
وَطْءُ القُبُورِ وَالتَّغَوُّطُ بَيْنَهَا
عَن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لأَن أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِن أَن أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَمَا أُبَالِي وَسَطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتي أَمْ وَسَطَ السُّوقِ "
[قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في السِّيَر: إِسْنَادُهُ صَالح 0 صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 126، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ بْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 1567]
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لأَنْ يَطَأَ الرَّجِلُ عَلَى جَمْرَةٍ؛ خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَطَأَ عَلَى قَبر " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 9175/ 5044، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَة]
الجُلُوسُ عَلَيْهَا، وَالصَّلَاةُ إِلَيْهَا أَوْ عَلَيْهَا
عَن عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال: " رَآني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسَاً عَلَى قَبْرٍ فَقَال: " انْزِلْ مِنَ القَبْر، لَا تُؤْذِي صَاحِبَ القَبْر " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 24009/ 38]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لأَنْ يجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتخْلُصَ إِلى جِلْدِه: خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْر " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 971 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تجْلِسُواْ عَلَى القُبُورِ وَلَا تُصَلُّواْ إِلَيْهَا " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: النَّهْيِ عَنِ الجُلُوسِ عَلَى القَبْر بِرَقْم: (972)، وَفي الكَنْزِ بِرَقْم: 42574]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تُصَلُّواْ إِلى قَبر، وَلَا تُصَلُّواْ عَلَى قَبر " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (13304)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]
عَن عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَقْعُدُوا عَلَى الْقُبُور " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 7400، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: 27914 / إِحْيَاءُ التُّرَاث]
وَلِلأَمَانَةِ الْعِلْمِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ يُوجَدُ مَنْ تَكَلَّمَ في الجُلُوسِ عَلَى الْقَبر:
رُوِيَ عَن عُثْمَانَ بْنَ حَكِيمٍ أَنَّهُ قَال: أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَجْلَسَني عَلَى قَبْر، وَأَخْبرَني عَن عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:" إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَن أَحْدَثَ عَلَيْه " 0 [عُثْمَانُ وَخَارِجَةُ مِنَ التَّابِعِين، وَيَزِيدُ صَحَابيٌّ شَهِدَ بَدْرَاً 0 وَالنَّصُّ رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 1360]
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَال: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يجْلِسُ عَلَى القُبُور " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الجَرِيدِ عَلَى القَبر بِرَقْم: 1360]
مَوْقِفٌ بَكَى فِيهِ الفَارُوق
قَالَ فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدُ الحَمِيد كِشْك مُعَلِّقَاً في إِحْدَى خُطَبِهِ عَنْ مَوْتِ إِبْرَاهِيم:
وَلوْ نجَا أَحَدٌ مِنْ سُؤَالِ المَلَكَينِ لنجَا مِنهُ إِبْرَاهِيم ـ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ طِفْلاً صَغِيرَاً آنَذَاك ـ فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُلَقِّنُهُ وَيَقُولُ لَهُ وَهْوَ يحْمِلُهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ لِيَضَعَهُ في مَثْوَاهُ الأَخِير:
" يَا إِبرَاهِيم: إِذَا أَتَاكَ المَلَكَانِ وَسَأَلَاكَ مَا دِينُكَ وَمَنْ رَبُّكَ وَمَنِ الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكَ فَقُلْ لهُمْ: دِيني الإِسْلَام، وَاللهُ رَبِّي، وَالرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيَّ أَبِي " 0
فَبَكَى عُمَر رضي الله عنه وَكَانَ جَالِسَاً ـ فَقَالَ لَهُ الحَبِيبُ صلى الله عليه وسلم: " مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَر " 00؟
فَقَالَ رضي الله عنه: أَبْكِي يَا رَسُولَ اللهِ لأَنَّكَ تُلَقِّنُ ابْنَكَ وَهْوَ لَمْ يَبْلُغْ بَعْدُ الحُلُم، وَلَا جَرَى عَلَيْهِ القَلَم؛ فَمَنْ يُلَقِّنُ ابْنَ الخَطَّابِ وَقَدْ بَلَغَ الحُلُمَ وَجَرَى عَلَيْهِ القَلَم، وَلَنْ يجِدَ مُلَقِّنَاً مِثْلَكَ يَا رَسُولَ الله؟! [فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " بِتَصَرُّف
السَّعِيدُ مَنْ نجَا
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً لَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيَاً مِنْهَا نجَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ "
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة، وََقَالَ فِيهِ الإِمَامُ الذّهَبيّ: إِسْنَادُهُ قَوِيّ]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَوْ نجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبرِ لَنَجَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذ، وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ رُوخِيَ عَنه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (9437)، وَوَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: 46/ 3، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى عَلَى صَبيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ فَقَال: " لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا هَذَا الصَّبيّ " 0
[صَحَّحَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ في زَوَائِدِهِ بِرَقْم: 4532، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: 5307، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى في الضِّيَاء]
سَلِّمْ يَا رَبِّ سَلِّمْ
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" هَذَا الَّذِي تحَرَّكَ لَهُ العَرْش، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاء، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفَاً مِنَ المَلَائِكَة؛ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 2055، وَفي الجَامِعِ الصَّحِيح، وَمِشْكَاةِ المَصَابِيح بِرَقْمَيْ: 6987، 136]
عَن أَبِي الهَيْثَمِ بْنِ مَالِكٍ قَال: " كُنَّا نَتَحَدَّثُ عِنْدَ أَبْتَعَ بْنِ عَبْدٍ وَعِنْدَهُ أَبُو عَطِيَّةَ المَذْبُوحُ فَتَذَاكَرُواْ النَّعِيمَ فَقَالُواْ: مَن أَنعَمُ النَّاس 00؟
قَالُواْ فُلَان، فَقَالَ أَبُو عَطِيَّةَ: أَنَا أُخْبرُكُمْ بمَن هُوَ أَنعَمُ مِنه: جَسَدٌ في لحْدٍ قَدْ أَمِنَ مِنَ العَذَاب " 0
[ابْنُ عَسَاكِر، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42970]
وَصَدَقَ الشَّاعِرُ حَيْثُ قَال:
لَقَدْ عَلِمْتُ وَخَيرُ العِلْمِ أَنْفَعُهُ * أَنَّ السَّعِيدَ الَّذِي يَنْجُو مِنَ النَّارِ
عَن أُمُّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" تُوُفِّيَتِ امْرَأَةٌ كَانَ أَصْحَابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُونَ مِنهَا وَيُمَازِحُونَهاَ؛ فَقُلْتُ: اسْترَاحَتْ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنمَا يَسْترِيحُ مَن غُفِرَ لَه " 0 [وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: 330/ 2، وَرَوَاهُ الإِمَامُ البَزَّارُ وَالحَدِيثُ في كَنْزِ العُمَّالِ بِرَقْم: 42972]
وَغَضَبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لِقَوْلِ أُمُّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: " وَاسْترَاحَتْ " 0
فَمَا أَدْرَاهَا أَنهَا اسْترَاحَتْ 00؟ أَطَّلَعَتِ الغَيْبَ أَمِ اتخَذَتْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدَا 00؟
حَتىَّ هَذَا الصَّبيُّ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ ضَمَّةِ القَبر
عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ صَبيَّاً دُفِنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" لَوْ أَفْلَتَ أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ القَبرِ لأَفْلَتَ هَذَا الصَّبيّ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 9438، وَوَافَقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: 47/ 3، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]
حَتىَّ هَذِهِ الصَّبِيَّةُ لَمْ تَسْلَمْ مِنْ ضَمَّةِ القَبر
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَرَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهِمَّاً ـ أَيْ مَهْمُومَاً ـ شَدِيدَ الحُزْن، فَجَعَلنَا لَا نُكَلِّمُ حَتىَّ انْتَهَيْنَا إِلى القَبر، فَإِذَا هُوَ لَمْ يُفْرَغْ مِنْ لحْدِه، فَقَعَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَعَدْنَا حَوْلَه، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ هُنَيْهَةً وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلى السَّمَاء، ثُمَّ فُرِغَ مِنَ القَبرِ فَنزَلَ صلى الله عليه وسلم فِيه، فَرَأَيْتُهُ يَزْدَادُ حُزْنَاً، ثُمَّ إِنَّهُ فَرَغَ ـ أَيْ فَرَغَ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَغْيِيبِهَا في القَبر ـ فَخَرَجَ فَرَأَيْتُهُ سُرِّيَ عَنهُ وَتَبَسَّم؛ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْنَاكَ مُهِمَّاً حَزِينَاً لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُكَلِّمَكَ ثمَّ رَأَيْنَاكَ سُرِّيَ عَنْكَ فَلِمَ ذَلِك 00؟!
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " كُنْتُ أَذْكُرُ ضِيقَ القَبرِ وَغَمَّهُ، وَضَعْفَ زَيْنَبَ مَكَانَ ذَلِكَ فَشَقَّ عَلَيَّ فَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يخَفِّفَ عَنهَا فَفَعَل، وَلَقَدْ ضَغَطَهَا ضَغْطَةً سَمِعَهَا مَنْ بَينَ الخَافِقَينِ إِلَاّ الجِنُّ وَالإِنْس " 0 [ضَعَّفَهُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " 0 ص: (47/ 3)، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ في الكَبِير وَالأَوْسَط، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42940]
الَّذِينَ يُنْكِرُونَ عَذَابَ القَبر
طَالَعَتنَا الصُّحُفُ المِصْرِيَّةُ كَعَادَتهَا بَينَ الحِينِ وَالحِين: في فَتحِ ذِرَاعَيْهَا لِلْعِلْمَانِيِّين، وَلِكُلِّ مَنْ يَطعَنُ في الدِّين: فَظَهَرَ مُؤَخَّرَاً مَنْ يُنْكِرُ عَذَابَ القَبرِ وَيُشَكِّكُ فِيه، ثُمَّ ظَهَرَتْ بَعْدَ هَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ يُنْكِرُونَ السُّنَّةَ بِرُمَّتِهَا 00!!
وَلَوْ وَجَدُواْ مَنْ يحَاسِبُهُمْ في أَوَّلِ مَرَّة، لَمَا أَعَادُواْ الكَرَّة، لَعَنَةُ اللهِ عَلَى مَنْ شَجَّعَهُمْ، يَتَّهِمُونَنَا بِالتَّطَرُّفِ وَالإِرْهَاب، وَيُغْلِقُونَ في وُجُوهِنَا الأَبْوَاب، وَقَبْلَ أَنْ نُؤَلِّفَ كِتَابَاً يُصَادَرُ الكِتَاب، وَالعِلمَانِيُّونَ يَطْعَنُونَ في الدِّينِ بِغَيرِ حِسَاب 00!!
تَعَوَّدُواْ أَنْ يَتَجَرَّءواْ عَلَى دِينِ الله، وَلَوْ تجَرَّءواْ عَلَى أَشْيَاءَ أُخْرَى لَكَانَ خَيرَاً لهُمْ وَأَحْسَن، وَلَكِنْ مَا أَكثَرَ الشُّجْعَان: عَلَى السُّنَّةِ وَالقُرْآن!!
يُنْكِرُونَ السُّنَّةَ وَيَطْعَنُونَ في الدِّين، وَيُسَمُّونَ أَنفُسَهُمْ بِالقُرْآنِيِّين، وَالقُرْآنُ مِنهُمْ بَرِيءٌ بَرَاءةَ المَلَائِكَةِ مِنَ الشَّيَاطِين، صَدَقَتْ نُبُوءةُ الصَّادِقِ الأَمِين:
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَفي رِوَايَةٍ: خَطَبَنَا ـ فَحَمِدَ اللهَ تَعَالى وَأَثْنى عَلَيْه، فَذَكَرَ الرَّجْمَ فَقَال: لَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالى، أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَه، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَائِلُون: زَادَ عُمَرُ في كِتَابِ اللهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ: لَكَتَبْتُهُ في نَاحِيَةٍ مِنْ المُصْحَف: شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَفُلَانٌ وَفُلَان: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِه، أَلَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّال، وَبِالشَّفَاعَةِ وَبِعَذَابِ القَبْر، وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امْتَحَشُواْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 156، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى بَعَثَ محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم بِالحَقّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَاب، وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْم، فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَه؛ فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِل: لَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ في كِتَابِ اللهِ عز وجل؛ فَيَضِلُّواْ بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ قَدْ أَنْزَلَهَا اللهُ عز وجل " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 391، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
قُلْ لي بِاللهِ عَلَيْك: مَاذَا يَفْعَلُونَ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالى:
{وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاة} 00؟ {النِّسَاء/77}
سَلْهُمْ أَيْنَ الآيَةُ الَّتي بَيَّنَتْ مَوَاقِيتَ الصَّلَاة، أَوْ عَدَدَ رَكَعَاتِ صَلَاةِ العَصْرِ أَوْ صَلَاةِ المَغْرِبِ أَوْ صَلَاةِ الغَدَاة 00؟ أَيْنَ الآيَةُ الَّتي بَيَّنَتْ أَنْصِبَةَ الزَّكَاة 00؟
فَالسُّنَّةُ مُكَمِّلَةٌ لِلقُرْآنِ وَالقُرْآنُ مُكَمِّلٌ لِلسُّنَّة 00
عَنِ المِقدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَلَا إِنيِّ أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَه؛ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُول: عَلَيْكُمْ بهَذَا القُرْآنِ فَمَا وَجَدْتمْ فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوه، وَمَا وَجَدْتمْ فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوه " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ أَبي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَةَ برَقْمَيْ: 4604، 12]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ المِقدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الحَدِيثُ عَنيِّ وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُول: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ الله، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالاً اسْتَحْلَلنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامَاً حَرَّمْنَاه؛ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ كَمَا حَرَّمَ الله " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ وَفي الجَامِعِ برَقْمَيْ: 2664، 4422، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 17194]
وَفي حَدِيثٍ آخَرَ لأَبي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا أَلفَيَنَّ ـ أَيْ لَا أَلقَينَّ ـ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئَاً عَلَى أَرِيكَتِه، يَأَتِيهِ الأَمْرُ مِن أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنهُ فَيَقُول: لَا أَدْرِي 00 مَا وَجَدْنَاهُ في كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاه " 0 [قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَني أَبي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَةَ برَقْمَيْ: 4605، 13]
عَن أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر: إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الحَضَرِ وَصَلَاةَ الخَوْفِ في الْقُرْآن، وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ في الْقُرْآن؛ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: يَا ابْنَ أَخِي؛ إِنَّ اللهَ عز وجل بَعَثَ إِلَيْنَا محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم وَلَا نَعْلَمُ شَيْئَاً، وَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَا محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم يَفْعَل " 0
[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُننيِ الإِمَامَينِ النَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 1434، 1066]
ثمَّ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ الَّذِي يُؤْمِنُونَ بِهِ إِنْ كَانُواْ صَادِقِينَ سَلْهُمْ مَنِ الَّذِي أَتَانَا بِه 00؟
سَيَقُولُونَ: أَتَانَا بِهِ رَسُولُ الله؛ فَأَنَّى يُؤْفَكُون 00؟!
وَكَيْفَ نُكِسُواْ عَلَى رُءوسِهِمْ وَقَالُواْ مَا قَدْ قَالُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون 00؟!
ثمَّ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ الَّذِي يُؤمِنُونَ بِهِ عَلَى حَدِّ زَعْمِهِمْ يَقُول:
{فَليَحْذَرِ الَّذِينَ يخَالِفُونَ عَن أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [النُّور: 63]
وَيَقُولُ أَيْضَاً: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنهُ فَانْتَهُواْ، وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَاب} {الحَشْر: 7}
انظُرْ: مجَرَّدُ المُخَالَفَةِ لِسُنَّتِهِ صلى الله عليه وسلم تُوجِبُ العَذَابَ الأَلِيمَ فَكَيْفَ بمَنْ يُنْكِرُهَا 00؟
سَيُنغِضُونَ إِلَيْكَ رُءوسَهُمْ وَيَقُولُون: نحْنُ لَا نُنْكِرُهَا وَلَكِنَّا فَقَط 0000 إِلخ 00!!
وَلَكِن أُبَشِّرُهُمْ بِالْفَشَلِ الذَّرِيع؛ في هَذَا المُخَطَّطِ الشَّنِيع:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " خَلَّفْتُ فِيكُمْ شَيْئَينِ لَنْ تَضِلُّواْ بَعْدَهمَا: كِتَابُ اللهِ وَسُنَّتي، وَلنْ يَتَفَرَّقَا حَتىَّ يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْض " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " صَحِيحِ الجَامِعِ " بِرَقْم: 3232]
صَحَافَةٌ أُصِيبَتْ بِالإِفْلَاسِ الفِكْرِيّ
يَرْحَمُ اللهُ فَضِيلَةَ الشَّيْخ عَبْدِ الحَمِيد كِشْك عِنْدَمَا قَالَ في حَادِثَةٍ مُشَابهَةٍ نُشِرَتْ بِالصُّحُف:
" 000 صُحُفُ مِصْرَ التي أُصِيبَتْ بِالإِفْلَاسِ الفِكْرِيّ؛ فَلَا تَنْشُرُ إِلَاّ مَا يُصَادِمُ العَقِيدَة، لَوْ كَانَ الصَّحَفِيُّونَ عِنْدَنَا يَعْرِفُونَ العَقِيدَةَ مَا نَشَرُواْ عَلَى النَّاسِ هَذِهِ السُّمُوم " 0
[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " بِتَصَرُّف: 140/ 9]
وَلَكِن أَعُودُ فَأَقُول:
كَمْ زَخْرَفَ الْقَوْلَ زِنْدِيقٌ وَلَبَّسَهُ * عَلَى الْعُقُولِ وَلَكِنْ قَلَّ مَا لَبِثَا
{ابْنُ الرُّومِي}
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة رَدَّاً عَلَى هَؤُلَاء: «وَالنَّائِمُ يَحْصُلُ لَهُ في مَنَامِهِ اللَّذَّةُ وَالأَلَم، وَذَلِكَ يَحْصُلُ لِلرُّوحِ وَالبَدَن، حَتىَّ إِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ في مَنَامِهِ مَنْ يَضْرِبُهُ؛ فَيُصْبِحُ وَالوَجَعُ في بَدَنِهِ، وَيَرَى في مَنَامِهِ أَنَّهُ أُطْعِمَ شَيْئَاً طَيِّبَاً؛
فَيُصْبِحُ وَطَعْمُهُ في فَمِهِ، وَهَذَا مَوْجُود؛ فَإِذَا كَانَ النَّائِمُ يَحْصُلُ لِرُوحِهِ وَبَدَنِهِ مِنَ النَّعِيمِ وَالعَذَابِ مَا يُحِسُّ بِهِ، وَالَّذِي إِلىَ جَنْبِهِ لَا يُحِسُّ بِهِ، حَتىَّ قَدْ يَصِيحُ النَّائِمُ مِن شِدَّةِ الأَلَمِ أَوْ الفَزَعِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ، وَيَسْمَعُ اليَقْظَانُ صِيَاحَهُ، وَلَوْ خُوطِبَ لَمْ يَسْمَعْ؛ فَكَيْفَ يُنْكَرُ حَالُ المَقْبُورِ الَّذِي أَخْبَرَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّواْ» 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3976 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ بِرَقْم: 2873 / عَبْد البَاقِي]
رُؤْيَةُ بَعْضِ النَّاسِ في كُلِّ عَصْر: لِعَذَابِ الْقَبْر
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة عَنْ رُؤْيَةِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ سَمَاعِهِمْ لِتَعْذِيبِ بَعْضِ أَهْلِ الْقُبُور:
اللهُمَّ إِنْ كَانُواْ ضَالِّينَ فَاهْدِهِمْ، أَمَّا إِنْ كَانُواْ يُضِلُّونَ النَّاسَ عَلَى عِلمٍ فَلَا تمِتهُمْ حَتىَّ تُرِيَنَا فِيهِمْ آيَةً أَوْ تُصِيبَهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم، وَاصْرِفِ اللهُمَّ كَيْدَهُمْ عَن عَامَّةِ المُسْلِمِين، اللهُمَّ آمِين 0
الأَدِلَّةُ الصَّحِيحَةُ مِنَ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى ثُبُوتِ عَذَابِ القَبر
ذَكَرَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في بَابِ مَا جَاءَ في عَذَابِ الْقَبْرِ هَذِهِ الشَّوَاهِدَ مِنَ القُرْآنِ عَلَيْه:
قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالمُونَ في غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنْفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} {الأَنعَام/93}
وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ:
{سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذَابٍ عَظِيمٍ} {التَّوْبَة/101}
وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذَاب: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوَّاً وَعَشِيَّاً، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَاب} {غَافِر/46} [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَا جَاءَ في عَذَابِ القَبرِ بِرَقْم: 1368]
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا أُقْعِدَ المُؤْمِنُ في قَبرِهِ؛ أُتيَ ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنَّ محَمَّدَاً رَسُولُ الله، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:
{يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالقَوْلِ الثَّابِتِ} {إِبْرَاهِيم: 27} 00 نَزَلَتْ في عَذَابِ القَبْرِ "
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَا جَاءَ في عَذَابِ القَبرِ بِرَقْم: (1369)، وَهُوَ في " الكَنْزِ " بِنَحْوِهِ بِرَقْم: 42498]
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَة} {إِبْرَاهِيم: 27}
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " نَزَلَتْ في عَذَابِ القَبر؛ فَيُقَالُ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللهُ، وَنَبِبيِّ محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَة} {إِبْرَاهِيم: 27} " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2871 / عَبْد البَاقِي]
{وَمَن أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً} {طَهَ /124}
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في مَعْنىَ المَعِيشَةِ الضَّنْك: " عَذَابُ الْقَبر " 0 [حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: (3119)، قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم]
وَأَكْتَفِي مِنَ السُّنَّةِ بهَذِهِ البَاقَةِ مِنَ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَة:
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" العَبْدُ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتىَّ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ: أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَه: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هَذَا الرَّجُلِ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم 00؟
فَيَقُول: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه؛ فَيُقَال: انْظُرْ إِلى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّار، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدَاً مِنَ الجَنَّة، فَيَرَاهُمَا جَمِيعَاً، وَأَمَّا الكَافِرُ أَوِ المُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي 00 كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاس؛ فَيُقَال: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْت، ثمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَاّ الثَّقَلَيْن " 00 وَالثَّقَلَان: همَا الجِنُّ وَالإِنْس 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (1338 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ مخْتَصَرَاً بِرَقْم: 2870 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ المَيِّتَ يَصِيرُ إِلى القَبْر، فَيَجْلِسُ الرَّجُلُ الصَّالحُ في قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْعُوف، ثُمَّ يُقَالُ لَه: فِيمَ كُنْت 00؟
فَيَقُول: كُنْتُ في الإِسْلَام، فَيُقَالُ لَه: مَا هَذَا الرَّجُل 00؟
فَيَقُول: محَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، جَاءنَا بِالبَيِّنَاتِ مِن عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاه، فَيُقَالُ لَه: هَلْ رَأَيْتَ الله 00؟
فَيَقُول: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَرَى الله، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضَاً، فَيُقَالُ لَه: انْظُرْ إِلى مَا وَقَاكَ الله 00 ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَه: هَذَا مَقْعَدُك، وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْت، وَعَلَيْهِ مُتّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ الله، وَيجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ في قَبْرِهِ فَزِعَاً مَشْعُوفَاً، فَيُقَالُ لَه: فِيمَ كُنْت 00؟
فَيَقُولُ لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَه: مَا هَذَا الرَّجُل 00؟
فَيَقُول: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُه، فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَه: انْظُرْ إِلى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْك 00 ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضَاً، فَيُقَالُ لَه: هَذَا مَقْعَدُك؛ عَلَى الشَّكِّ كُنْت، وَعَلَيْهِ مُتّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 4268]
عَذَابُ القَبْرِ حَقّ
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ فَقَالَتْ لهَا: أَعَاذَكِ اللهُ مِن عَذَابِ القَبْر؛ فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن عَذَابِ القَبْر 00؟
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ حَقّ " 00 تَقَولُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رضي الله عنها: " فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَاّ تَعَوَّذَ مِن عَذَابِ القَبْر "
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَا جَاءَ في عَذَابِ القَبرِ بِرَقْم: 1372]
عَن أُمِّ خَالِدٍ حَفِيدَةِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" اسْتَجِيرُواْ بِاللهِ مِن عَذَابِ القَبْر؛ فَإِنَّ عَذَابُ القَبْرِ حَقٌّ " 0
[الإِمَامُ الطَّبرَاني، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيح]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ المَوْتَى لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ، حَتىَّ إِنَّ الْبَهَائِمَ لَتَسْمَعُ أَصْوَاتَهُمْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيحِ بِرَقْم: (3728)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَنيّ]
كَيْفَ كَانَ يَسْتَعِيذُ صلى الله عليه وسلم مِنهُ في كُلِّ صَلَاة
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو في الصَّلَاة: " اللهُمَّ إِنيِّ أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ القَبْر، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المحْيَا وَفِتْنَةِ المَمَات، اللهُمَّ إِنيِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَم " 0
فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَم 00؟!
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَب، وَوَعَدَ فَأَخْلَف " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (833 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (589 / عَبْد البَاقِي)، وَالنَّسَائِيُّ بِرَقْم: 5454]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِن أَرْبَع: مِن عَذَابِ جَهَنَّم، وَمِن عَذَابِ القَبْر، وَمِنْ فِتْنَةِ المحْيَا وَالمَمَات، وَمِنْ شَرِّ المَسِيحِ الدَّجَّال " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ المَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاة، بَابِ: مَا يُسْتَعَاذُ مِنهُ في الصَّلَاة بِرَقْم: 588]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ صَلَاتِهِ فَليَدْعُ بِأَرْبَعٍ ثمَّ ليَدْعُ بَعْدُ بمَا شَاء: اللهُمَّ إِنيِّ أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ القَبْر، وَمِن عَذَابِ النَّار، وَمِنْ فِتْنَةِ المحْيَا وَالمَمَات، وَمِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيح، الإِمَامُ البَيْهَقِيّ]
حَالُ اليَهُودِ في قُبُورِهِمْ
عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال: " خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ ـ أَيْ غَرَبَتْ كَمَا في رِوَايَةِ مُسْلِم ـ فَسَمِعَ صَوْتَاً فَقَال:
" يَهُودُ تُعَذَّبُ في قُبُورِهَا " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: التَّعَوُّذِ مِن عَذَابِ القَبر بِرَقْم: (1375)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَّةِ بِرَقْم: 2869]
عَنِ البرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ:
" يَا أَبَا أَيُّوبَ أَتَسْمَعُ مَا أَسْمَع: أَسْمَعُ أَصْوَاتَ اليَهُودِ يُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ " 0 [الشَّيْخَانِ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42543]
اليَهُودُ يُؤْمِنُونَ بِعَذَابِ القَبرِ وَفي المُسْلِمِينَ مَنْ يُشَكِّكُ فِيه!!
وَلِيَعْلَمَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تجَرَّءواْ وَأَنْكَرُواْ عَذَابَ القَبرِ أَنهُمْ شَرٌّ مِن أُوْلَئِكَ اليَهُودِ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ: مَاذَا لَوْ عَلِمُواْ أَنَّ أُوْلَئِكَ اليَهُودَ يُؤْمِنُونَ بِعَذَابِ القَبر 00؟
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِن عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ فَقَالَتَا لي: إِنَّ أَهْلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ فَكَذَّبْتُهُمَا وَلَمْ أُنْعِمْ أَن أُصَدِّقَهُمَا ـ أَيْ فَكَذَّبْتُهُمَا بِدُونِ تَفْكِير ـ فَخَرَجَتَا وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَه: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ عَجُوزَيْنِ 000 وَذَكَرَتْ لَه 00؟
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَتَا؛ إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابَاً تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا " 0
فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ في صَلَاةٍ إِلَاّ تَعَوَّذَ مِن عَذَابِ القَبْر " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الدَّعَوَاتِ بَابِ: التَّعَوُّذِ مِن عَذَابِ القَبر بِرَقْم: (6366)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ المَسَاجِدِ بِرَقْم: 589]
عَن عَمْرَةَ رضي الله عنها أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَسْالُهَا فَقَالَتْ ـ أَيِ اليَهُودِيَّةُ في كَلَامِهَا ـ أَعَاذَكِ اللهُ مِن عَذَابِ القَبر، قَالَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ يُعَذَّبُ النَّاسُ في القُبُور 00؟
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " عَائِذَاً ـ أَيْ أَعُوذُ ـ بِالله " 0
ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ ـ أَيْ رَكِبَ ذَا صَبَاحٍ ـ مَرْكَبَاً، فَخَسَفَتِ الشَّمْس، فَخَرَجْتُ في نِسْوَةٍ بَيْنَ ظَهْرَيِ الحُجَرِ في المَسْجِد ـ أَيْ حُجَرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبْيَاتِهِ حَيْثُ جُنَّ بجُوَارِ المَسْجِد ـ فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَرْكَبِهِ حَتىَّ انْتَهَى إِلى مُصَلَاّهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيه،
فَقَامَ وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءهُ فَقَامَ قِيَامَاً طَوِيلاً، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعَ رُكُوعَاً طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامَاً طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّل، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعَ رُكُوعَاً طَوِيلاً وَهُوَ دُونَ ذَلِكَ الرُّكُوع، ثُمَّ رَفَعَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَقَال:" إِني قَدْ رَأَيْتُكُمْ تُفْتَنُونَ في القُبُورِ كَفِتْنَةِ الدَّجَّال " قَالَتْ عَمْرَةُ رَاوِيَةُ الحَدِيث: فَسَمِعْتُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُول:
" فَكُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ يَتَعَوَّذُ مِن عَذَابِ النَّارِ وَعَذَابِ القَبْر " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الكُسُوفِ، بَابِ: ذِكْرِ عَذَابِ القَبْر في صَلَاةِ الكُسُوف بِرَقْم: 903]
عَذَابَاً تَسْمَعُهُ البَهَائِم
وَعَن أُمِّ مُبَشِّرٍ زَوْجَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا في حَائِطٍ ـ أَيْ بُسْتَانٍ ـ مِنْ حَوَائِطِ بَني النَّجَّار، فِيهِ قُبُورٌ مِنْهُمْ، قَدْ مَاتُوا في الجَاهِلِيَّة، فَسَمِعَهُمْ وَهُمْ يُعَذَّبُون، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُول:
" اسْتَعِيذُواْ بِاللهِ مِن عَذَابِ القَبْر " 00 قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، وَإِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ: عَذَابَاً تَسْمَعُهُ البَهَائِم " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِع "، الإِمَامُ الطَّبَرَاني وَالإِمَامُ أَحْمَدُ في " مُسْنَدِهِ " بِرَقْم: 26504]
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: " دَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خَرِبَاً لِبَني النَّجَّارِ وَكَانَ يَقْضِي فِيهَا حَاجَةً، فَخَرَجَ إِلَيْنَا مَذْعُورَاً أَوْ فَزِعَاً، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَوْلَا أَلَاّ تَدَافَنُواْ؛ لَسَأَلْتُ اللهَ تبارك وتعالى أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِن عَذَابِ أَهْلِ الْقُبُورِ مَا أَسْمَعَني " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (158)، وَرَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ تحْتَ رَقْمَيْ: 2867، 2868 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَال: بَيْنَمَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في حَائِطٍ لِبَني النَّجَّار، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنحْنُ مَعَه؛ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيه، وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَة؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُر " 00؟
فَقَالَ رَجُل: أَنَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَمَتى مَاتَ هَؤُلَاء "؟
قَال: مَاتُواْ في الإِشْرَاك ـ أَيْ أَيَّامَ الجَاهِلِيَّةِ وَالإِشْرَاكِ بِالله ـ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلى في قُبُورِهَا؛ فَلَوْلَا أَلَاّ تَدَافَنُواْ؛ لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِن عَذَابِ القَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْه " 00 ثمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " تَعَوَّذُواْ بِاللهِ مِن عَذَابِ النَّار " 00 قَالُواْ: نَعُوذُ بِاللهِ مِن عَذَابِ النَّار، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" تَعَوَّذُواْ بِاللهِ مِن عَذَابِ القَبْر " 00 قَالُواْ: نَعُوذُ بِاللهِ مِن عَذَابِ القَبْر " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2867 / عَبْد البَاقِي)، وَالحَدِيثُ في كَنْزِ العُمَّالِ بِرَقْم: 42513]
لَوْ سَمِعْتُمْ عَذَابَ القَبرِ لَمَا تَدَافَنْتُمْ
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَاً مِنْ قَبرٍ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَتى مَاتَ هَذَا " 00؟
قَالُواْ: مَاتَ في الجَاهِلِيَّة؛ فَسُرَّ بِذَلِكَ صلى الله عليه وسلم وَقَال:
" لَوْلَا أَلَاّ تَدَافَنُواْ؛ لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ القَبْر " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 2058]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ يمْشِي بِبَغْلَتِهِ عَلَى قَبرٍ يُعَذَّب، فَصَاحَتِ البَغْلَة؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" وَاللهِ لَوْلَا أَني أَخْشَى أَنْ لَا تَدَافَنُواْ: لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِن عَذَابَ القَبر " 0
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم، وَالأَلبَانيُّ في " الصَّحِيحَةِ " بِرَقْم: 158]
عَن أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: " أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلت: مَا شَأْنُ النَّاس؟
فَأَشَارَتْ إِلى السَّمَاء، فَإِذَا النَّاسُ قِيَام، فَقَالَتْ:" سُبْحَانَ الله " قُلتُ: آيَةٌ 00؟
فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتىَّ تَجَلَاني الغَشْيُ ـ أَيْ مِنْ طُولِ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي المَاء، فَحَمِدَ الله عز وجل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَثْنى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال:
" مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُن أُرِيتُهُ إِلَاّ رَأَيْتُهُ في مَقَامِي، حَتىَّ الجَنَّةُ وَالنَّار، فَأُوحِيَ إِليَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال، يُقَالُ: مَا عِلمُكَ بهَذَا الرَّجُل 00؟
فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ فَيَقُول: هُوَ محَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ جَاءنَا بِالبَيِّنَاتِ وَالهُدَى فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ محَمَّدٌ ثَلَاثَاً، فَيُقَال: نَمْ صَالِحَاً قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنَاً بِهِ، وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئَاً فَقُلتُه " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ العِلْمِ بَابِ: مَن أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَة بِرَقْم: 86]
عَن أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: " خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ 00؟!
فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلى السَّمَاء، فَقُلْتُ آيَة 00؟
قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَطَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم القِيَامَ جِدَّاً حَتىَّ تجَلَاني الغَشْيُ ـ أَيْ تَغَشَّانيَ النُّعَاس ـ فَأَخَذْتُ قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ إِلى جَنْبي، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي أَوْ عَلَى وَجْهِي مِنَ المَاء، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْس، فَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَمَّا بَعْد 00 مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ إِلَاّ قَدْ رَأَيْتُهُ في مَقَامِي هَذَا، حَتىَّ الجَنَّةَ وَالنَّار، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِليَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في القُبُور، مِثْلَ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال، فَيُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَال: مَا عِلْمُكَ بهَذَا الرَّجُل 00؟
فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ فَيَقُول: هُوَ محَمَّدٌ هُوَ رَسُولُ اللهِ جَاءنَا بِالبَيِّنَاتِ وَالهُدَى فَأَجَبْنَا وَأَطَعْنَا ثَلَاثَ مِرَار ـ أَيْ ثَلَاثَ مَرَّات ـ فَيُقَالُ لَه: نمْ، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنَّكَ لَتُؤْمِنُ بِهِ فَنمْ صَالحَاً، وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئَاً فَقُلْت " [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِنَحْوِهِ في كِتَابِ الكُسُوفِ بِرَقْم: 184/فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ بِنَصِّهِ بِرَقْم: 905 / عَبْد البَاقِي]
وَغَرَائِبُ أَخْبَارِ المَوْتى الَّتي نَسْمَعُهَا في بَعْضِ الأَحْيَان؛ وَتَعْرِفُهَا كُلُّ الْبُلْدَان؛ خَيرُ شَاهِدٍ وَأَعْظَمُ بُرْهَان، فَكَمْ قَدْ سَمِعْنَا بمَنْ رَأَى تَعْذِيبَهُمْ بِعَيْنَيْه، وَهُوَ يَدْفِنُ صَدِيقَاً أَوْ قَرِيبَاً لَدَيْه؛ فَسَقَطَ مَغْشِيَّاً عَلَيْه، أَوْ بمَنْ رَأَى مِنَ النَّعِيمِ وَالسُّرُور؛ مَا جَعَلَهُ يَتَمَنىَّ أَنْ يَكُونَ مِن أَصْحَابِ الْقُبُور 0
قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ رَدَّاً عَلَى المُشَكِّكِينَ في عَذَابِ الْقَبْر:
" إِذَا عُرِفَ أَنَّ النَّائِمَ يَكُونُ نَائِمَاً وَتَقْعُدُ رُوحُهُ وَتَقُومُ وَتَمْشِي وَتَذْهَبُ وَتَتَكَلَّمُ وَتَفْعَلُ أَفْعَالاً وَأُمُورَاً بِبَاطِنِ بَدَنِهِ مَعَ رُوحِهِ، وَيَحْصُلُ لِبَدَنِهِ وَرُوحِهِ بِهَا نَعِيمٌ وَعَذَاب، مَعَ أَنَّ جَسَدَهُ مُضْطَجَعٌ وَعَيْنَيْهِ مُغْمَضَتَانِ وَفَمَهُ مُطْبَقٌ وَأَعْضَاءَهُ سَاكِنَة، وَقَدْ يَتَحَرَّكُ بَدَنُهُ لِقُوَّةِ الحَرَكَةِ الدَّاخِلَة، وَقَدْ يَقُومُ وَيَمْشِي وَيَتَكَلَّمُ وَيَصِيح؛ لِقُوَّةِ الأَمْرِ في بَاطِنِهِ: كَانَ هَذَا مِمَّا يُعْتَبَرُ بِهِ أَمْرُ المَيِّتِ في قَبْرِهِ؛ فَإِنَّ رُوحَهُ تَقْعُدُ وَتَجْلِسُ وَتُسْأَلُ وَتُنَعَّمُ وَتُعَذَّبُ وَتَصِيح، وَذَلِكَ مُتَّصِلٌ بِبَدَنِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُضْطَجِعَاً في قَبْرِهِ، وَقَدْ يَقْوَى الأَمْرُ حَتىَّ يَظْهَرَ ذَلِكَ في بَدَنِهِ، وَقَدْ يُرَى خَارِجَاً مِنْ قَبْرِهِ وَالعَذَابُ عَلَيْه، وَمَلَائِكَةُ العَذَابِ مُوَكَّلَةٌ بِهِ؛ فَيَتَحَرَّكُ بَدَنُهُ وَيَمْشِي وَيَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ،
وَقَدْ سَمِعَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَصْوَاتَ المُعَذَّبِينَ في قُبُورِهِمْ، وَقَدْ شُوهِدَ مَنْ يخْرُجُ مِن قَبْرِهِ وَهُوَ مُعَذَّب؛ إِذَا قَوِيَ الأَمْر، لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ لَازِمَاً في حَقِّ كُلِّ مَيِّت 00
وَقَدْ سَمِعَ غَيرُ وَاحِدٍ أَصْوَاتَ المُعَذَّبِينَ في قُبُورِهِمْ، وَقَدْ شُوهِدَ مَنْ يخْرُجُ مِنْ قَبرِهِ وَهُوَ مُعَذَّب "
النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ وَالنَّفْسُ الخَبِيثَة
وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" المَيِّتُ تحْضُرُهُ المَلَائِكَة، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحَاً قَالُواْ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ في الجَسَدِ الطَّيِّب، اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيحَان، وَرَبٍّ غَيرِ غَضْبَان 00!!
فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لهَا حَتىَّ تخْرُج، ثمَّ يُعْرَجُ بهَا إِلى السَّمَاءِ فَيُفتَحُ لهَا فَيُقَال: مَن هَذَا 00؟
فَيَقُولُونَ فُلَان؛ فَيُقَال: مَرْحَبَاً بِالنَّفسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ في الجَسَدِ الطَّيِّب، ادْخُلِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَان، وَرَبٍّ غَيرِ غَضْبَان 00!!
فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لهَا حَتىَّ يُنْتَهَى بهَا إِلى السَّمَاءِ الّتي فِيهَا اللهُ جل جلاله!!
وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالُواْ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفسُ الخَبِيثَةُ كَانَتْ في الجَسَدِ الخَبِيث، اخْرُجِي ذَمِيمَةً وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاق، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاج 00!!
فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لهَا حَتىَّ تَخْرُج، ثُمَّ يُعْرَجُ بهَا إِلى السَّمَاءِ فَلَا يُفتَحُ لَهَا؛ فَيُقَال: مَن هَذَا 00؟
فَيُقَالُ فُلَان؛ فَيُقَال: لَا مَرْحَبَاً بِالنَّفسِ الخَبِيثَةِ كَانَتْ في الجَسَدِ الخَبِيث، ارْجِعِي ذَمِيمَةً فَإِنَّهُ لَا تُفتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاء؛ فَيُرْسَلُ بِهَا مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ تَصِيرُ إِلى القَبر " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم:(4262)، وَفي الجَامِعِ الصَّحِيحِ بِرَقْم:(3731)، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 8754]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ المُؤْمِن؛ تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانهَا " 0
فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا وَذَكَرَ المِسْكَ قَال:
" وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاء: رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْض؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ وَعَلى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلى رَبِّهِ عز وجل، ثمَّ يَقُول: " انْطَلِقُواْ بِهِ إِلى آخِرِ الأَجَل " 00
وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ ـ وَذَكَرَ مِنْ نَتْنِهَا وَذَكَرَ لَعْنَاً ـ وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاء:
" رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْض؛ فَيُقَالُ انْطَلِقُواْ بِهِ إِلى آخِرِ الأَجَل؛ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَيْطَةً ـ أَيْ مُلَاءةً ـ كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ هَكَذَا " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2872 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا حُضِرَ المُؤْمِنُ ـ أَيِ احْتَضَرَ ـ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُون: اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيَّاً عَنْكِ، إِلى رَوْحِ اللهِ وَرَيحَان، وَرَبٍّ غَيرِ غَضْبَان؛ فَتَخْرُجَ كَأَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ حَتىَّ أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ ـ أَيْ لَيُنَاوِلُونَهُ ـ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً، حَتىَّ يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ فَيَقُولُون: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الّتي جَاءتْكُمْ مِنَ الأَرْض، فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِين، فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحَاً بِهِ مِن أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقدُمُ عَلَيْه 00!!
فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلَان 00؟ مَاذَا فَعَلَ فُلَان 00؟
فَيَقُولُونَ ـ أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ في غَمِّ الدُّنيَا 00
فَإِذَا قَالَ ـ أَيِ العَبْدُ ـ أَمَا أَتَاكُمْ 00؟
قَالُواْ: ذُهِبَ بِهِ إِلى أُمِّهِ الهَاوِيَة 00!!
وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا احْتُضَرَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ العَذَابِ بَمِسْحٍ ـ أَيْ كِسَاءٍ مِنْ شَعَرٍ يَتَلَقَّوْنَهَا فِيه ـ فَيَقُولُون: اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطَاً عَلَيْكِ إِلى عَذَابِ اللهِ عز وجل؛ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ حَتىَّ يَأْتُونَ بِهِ أَهْلَ الأَرْضِ فَيَقُولُونَ: مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيح 00!!
حَتىَّ يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الكُفَّار " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: (491)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 1833]
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال: " خَرَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَار، فَانْتَهَيْنَا إِلى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءوسِنَا الطَّيْر ـ أَيْ صَامِتِين ـ وَفي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ في الأَرْض، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَال:
" اسْتَعِيذُواْ بِاللهِ مِن عَذَابِ الْقَبر " 00 مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَاً، ثُمَّ قَال:
" إِنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَة ـ أَيْ إِذَا كَانَ في المَوْت ـ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الوُجُوه، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْس، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِن أَكْفَانِ الجَنَّة، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الجَنَّة ـ أَيْ طِيبٌ مِنْ طِيبِ الجَنَّة ـ حَتىَّ يَجْلِسُواْ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَر، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ حَتىَّ يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُول: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَة: اخْرُجِي إِلى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَان؛ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فيِ السِّقَاء، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَين، حَتىَّ يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا في ذَلِكَ الْكَفَن، وَفي ذَلِكَ الحَنُوط، وَيخْرُجُ مِنْهَا
كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْض، فَيَصْعَدُونَ بهَا، فَلَا يمُرُّونَ عَلَى مَلإٍ مِنَ المَلَائِكَةِ إِلَاّ قَالُواْ: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّب 00؟
فَيَقُولُون: فُلَانُ بْنُ فُلَان 00 بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا في الدُّنْيَا، حَتىَّ يَنْتَهُواْ بِهَا إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لهُمْ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلى السَّمَاءِ الَّتي تَلِيهَا، حَتىَّ يُنْتَهَى بِهِ إِلى السَّمَاءِ السَّابِعَة، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُواْ كِتَابَ عَبْدِي في عِلِّيِّين، وَأَعِيدُوهُ إِلى الأَرْض؛ فَإِنيِّ مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى؛ فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِه، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَه: مَنْ رَبُّك 00؟
فَيَقُولُ رَبِّيَ الله، فَيَقُولَانِ لَه: مَا دِينُك 00؟
فَيَقُولُ دِينيَ الإِسْلَام، فَيَقُولَانِ لَه: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ 00؟
فَيَقُول: هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُك 00؟
فَيَقُول: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْت؛ فَيُنَادِي مُنَادٍ في السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الجَنَّةِ وَأَلبِسُوهُ مِنَ الجَنَّة، وَافْتَحُوا لَهُ بَابَاً إِلى الجَنَّة، فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِه، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُول: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّك: هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَد، فَيَقُولُ لَه: مَن أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الوَجْهُ يجِيءُ بِالخَيْر 00؟
فَيَقُول: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالحُ فَيَقُول: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتىَّ أَرْجِعَ إِلى أَهْلِي وَمَالي 00!!
وَإِنَّ العَبْدَ الكَافِرَ إِذَا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَة ـ أَيْ إِذَا كَانَ في المَوْت ـ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الوُجُوه، مَعَهُمُ المُسُوحُ ـ أَيْ إِهَابٌ كَالنِّطْعِ أَسْوَدُ مِنْ شَعَر ـ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ البَصَر، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ حَتىَّ يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُول: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الخَبِيثَة: اخْرُجِي إِلىَ سَخَطٍ مِنَ اللهِ وَغَضَب؛ فَتُفَرَّقُ في جَسَدِه، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ المَبْلُول 00 وَفي رِوَايَة:[فَيَنْتَزِعُهَا تَتَقَطَّعُ مَعَهَا العُرُوقُ وَالعَصَب]
فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْن، حَتىَّ يَجْعَلُوهَا في تِلْكَ المُسُوح، وَيخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ
وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْض، فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنَ المَلَائِكَةِ إِلَاّ قَالُواْ: مَا هَذَا الرُّوحُ الخَبِيث 00؟
فَيَقُولُون: فُلَانُ بْنُ فُلَان، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتي كَانَ يُسَمَّى بهَا في الدُّنْيَا، حَتىَّ يُنْتَهَى بِهِ إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَه، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتىَّ يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِيَاط} {الأَعْرَاف/40}
فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُواْ كِتَابَهُ في سِجِّين، في الأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحَاً، ثُمَّ قَرَأَ صلى الله عليه وسلم:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيق} {الحَج/31}
فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِه، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَه: مَنْ رَبُّك 00؟
فَيَقُول: هَاهْ هَاهْ 00 لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَه: مَا دِينُك 00؟
فَيَقُول: هَاهْ هَاهْ 00 لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَه: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ 00؟
فَيَقُول: هَاهْ هَاهْ 00 لَا أَدْرِي؛ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَب؛ فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّار، وَافْتَحُوا لَهُ بَابَاً إِلى النَّار، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتىَّ تخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُه، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيح، فَيَقُول: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءك،
هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَد؛ فَيَقُول: مَن أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الوَجْهُ يجِيءُ بِالشَّرّ 00؟
فَيَقُول: أَنَا عَمَلُكَ الخَبِيث؛ فَيَقُول: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَة " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيبِ وَفي الجَنَائِزِ بِرَقْمَيْ: 3558، 106، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 18534]
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال:
" خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلى جِنَازَة، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى القَبْرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءوسِنَا الطَّيْر ـ أَيْ صَامِتِين ـ وَهُوَ يُلْحَدُ لَهُ ـ أَيْ يحْفَرُ لَه ـ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" أَعُوذُ بِاللهِ مِن عَذَابِ القَبْر 00 ثَلَاثَ مِرَارٍ ثمَّ قَال:
إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ في إِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا ـ أَيْ إِذَا كَانَ في المَوْت ـ تَنَزَّلَتْ إِلَيْهِ المَلَائِكَةُ كَأَنَّ عَلَى وُجُوهِهِمُ الشَّمْس، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ كَفَنٌ وَحَنُوط، فَجَلَسُواْ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَر، حَتىَّ إِذَا خَرَجَ رُوحُهُ صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض، وَكُلُّ مَلَكٍ في السَّمَاء، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاء، لَيْسَ مِن أَهْلِ بَابٍ إِلَاّ وَهُمْ يَدْعُونَ اللهَ أَنْ يُعْرَجَ بِرُوحِهِ مِنْ قِبَلِهِمْ، فَإِذَا عُرِجَ بِرُوحِهِ قَالُواْ: رَبِّ عَبْدُكَ فُلَانٌ 00؟
فَيَقُولُ جل جلاله: أَرْجِعُوهُ فَإِني عَهِدْتُ إِلَيْهِمْ أَني مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِ أَصْحَابِهِ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ، فَيَأْتِيهِ آتٍ فَيَقُول: مَنْ رَبُّك 00؟
مَا دِينُك 00؟ مَنْ نَبِيُّك 00؟
فَيَقُول: رَبِّيَ الله، وَدِيني الإِسْلَام، وَنَبِيِّي محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْتَهِرُهُ فَيَقُول: مَنْ رَبُّكَ مَا دِينُكَ مَنْ نَبِيُّك 00؟
وَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ عَلَى المُؤْمِن، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللهُ عز وجل:
{يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَة} {إِبْرَاهِيم: 27}
فَيَقُول: رَبِّيَ اللهُ وَدِيني الإِسْلَامُ وَنَبِيِّيَ محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم؛ فَيَقُولُ لَهُ: صَدَقْت، ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ حَسَنُ الوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ حَسَنُ الثِّيَابِ فَيَقُول: أَبْشِرْ بِكَرَامَةٍ مِنَ اللهِ وَنَعِيمٍ مُقِيم، فَيَقُول: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللهُ بخَيْرٍ مَن أَنْت 00؟
فَيَقُول: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِح، كُنْتَ وَاللهِ سَرِيعَاً في طَاعَةِ اللهِ بَطِيئَاً عَنْ مَعْصِيَةِ الله، فَجَزَاكَ اللهُ خَيْرَاً، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الجَنَّةِ وَبَابٌ مِنَ النَّار، فَيُقَال: هَذَا كَانَ مَنْزِلَكَ لَوْ عَصَيْتَ الله، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ هَذَا، فَإِذَا رَأَى مَا في الجَنَّةِ قَال: رَبِّ عَجِّلْ قِيَامَ السَّاعَةِ كَيْمَا أَرْجِعَ إِلى أَهْلِي وَمَالي، فَيُقَالُ لَه: اسْكُنْ 00!!
وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ ـ أَيْ إِذَا كَانَ في المَوْت ـ نَزَلَتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ فَانْتَزَعُوا رُوحَهُ كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ الْكَثِيرُ الشِّعْبِ مِنَ الصُّوفِ المُبْتَلّ، وَتُنْزَعُ نَفْسُهُ مَعَ الْعُرُوق، فَيَلْعَنُهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض، وَكُلُّ مَلَكٍ في السَّمَاء، وَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاء، لَيْسَ مِن أَهْلِ بَابٍ إِلَاّ وَهُمْ يَدْعُونَ اللهَ أَنْ لَا تَعْرُجَ رُوحُهُ مِنْ قِبَلِهِمْ، فَإِذَا عُرِجَ بِرُوحِهِ قَالُواْ: رَبِّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَبْدُك 00؟
قَالَ جل جلاله: أَرْجِعُوهُ فَإِنيِّ عَهِدْتُ إِلَيْهِمْ أَني مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِ أَصْحَابِهِ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ، فَيَأْتِيهِ آتٍ فَيَقُول: مَنْ رَبُّك 00؟
مَا دِينُك 00؟ مَنْ نَبِيُّك 00؟
فَيَقُولُ لَا أَدْرِي؛ فَيَقُول: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَوْت، وَيَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُول: أَبْشِرْ بِهَوَانٍ مِنَ اللهِ وَعَذَابٍ مُقِيم، فَيَقُول: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللهُ بِالشَّرّ، مَن أَنْت 00؟
فَيَقُول:
أَنَا عَمَلُكَ الخَبِيث: كُنْتَ بَطِيئَاً عَنْ طَاعَةِ اللهِ سَرِيعَاً في مَعْصِيَةِ اللهِ فَجَزَاكَ اللهُ شَرَّاً، ثمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَىً أَصَمُّ أَبْكَمُ في يَدِهِ مِرْزَبَةٌ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ كَانَ تُرَابا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً حَتىَّ يَصِيرَ تُرَابا، ثمَّ يُعِيدُهُ اللهُ كَمَا كَانَ فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَاّ الثَّقَلَيْن قَالَ الْبَرَاء: ثمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ وَيُمَهَّدُ مِنْ فُرُشِ النَّار " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيبِ رَقم: (3558)، وَفي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: (4753)، رَوَاهُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 18140]
وَنُزُولُ المَلَائِكَةِ عَلَى الْعَبْدِ المُؤْمِنِ وَتَبْشِيرُهُمْ إِيَّاهُ في قَبرِهِ ثَابِتٌ في القُرْآنِ مخْتَصَرَاً؛ قَلَ تَعَالى:
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَاّ تَخَافُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالجَنَّةِ الَّتي كُنْتُمْ تُوعَدُون {30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُون {31} نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَّحِيم} {فُصِّلَت}
لَيْتَنَا نحْترِمُ دِينَنَا حَتىَّ نُعْطِيَ فُرْصَةً لِلآخَرِينَ أَنْ يحْترِمُونَا
ثُمَّ كَيْفَ نُنْكِرُ عَذَابَ القَبرِ وَالوَاحِدُ مِنَّا يَنَامُ فَيرَى أَنَّهُ قَدْ صَعَدَ إِلى السَّمَاء، ثمَّ طَارَ في الهَوَاء، فَمَا يُكَذِّبُهُ أَحَدٌ وَلَا يَقُولُ لَهُ هَذَا هُرَاء؟!!
يحَدِّثُنَا أَنَّهُ أَبْصَرَ كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَتْ هُنَاكَ حَرَكَات، وَيحَدِّثُنَا أَنَّهُ سَمِعَ كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَتْ هُنَاكَ أَصْوَات، وَيحَدِّثُنَا أَنَّهُ التَقَى بِفُلَان، وَفُلَانٌ هَذَا قَدْ مَات، وَمَعَ ذَلِكَ نُصَدِّقُهُ في كُلِّ مَا قَالَ وَلَا نَقُولُ لَهُ هَذِهِ تُرَّهَات 00!!
هَلْ هُنَاكَ بَينَ نَوْمَةِ القَبرِ وَالنَّوْمَةِ العَادِيَّةِ فَرْقٌ إِلَاّ في الزَّمَن 00؟
فَلَيْسَ مَعْنى أَنَّنَا لَا نَرَى ذَلِكَ العَذَابَ أَنَّهُ غَيرُ مَوْجُود، وَإِلَاّ كَفَرْنَا بهَذَا المَنْطِقِ بِاللهِ العَظِيم: فَاللهُ لَا نَرَاهُ وَنُؤْمِنُ بِه ضِمْنَ الإِيمَانِ بِالغَيْبِيَّاتِ الَّتي جَاءتْنَا بِهَا الرُّسُلُ وَصَدَّقْنَاهُمْ وَقُلنَا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا 00 {وَإِنهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَاّ عَلَى الخَاشِعِين} {البَقَرَة/45}
أَسْأَلُ اللهَ لي وَلَهُمْ وَلِلمُسْلِمِينَ وَغَيرِ المُسْلِمِينَ الهِدَايَةَ وَالرَّشَاد 00!!
أَمَّا أَجْهِزَةُ الإِعْلَام: الَّتي تَفْتَحُ ذِرَاعَيْهَا لهَذِهِ الأَقْلَام، وَتَسْتَهِينُ بمَشَاعِرِ المُسْلِمِينَ وَبِالإِسْلَام؛ فَهِيَ تَعْكِسُ قِلَّةَ اكْترَاثٍ مِنَ الأَجْهِزَةِ الرَّقَابِيَّة، وَالمَسْئُولِينَ الَّذِينَ تَرَكُواْ مِثْلَ هَؤُلَاء، وَذَهَبُواْ يَتَعَقَّبُونَ رِجَالَ الدِّينِ الطَّيِّبِينَ البرَآء، فَإِلى اللهِ المُشْتَكَى وَعَلَيْهِ المُعْتَمَدُ وَإِلَيْهِ الدُّعَاء 0
لَيْتَنَا نُوقِفُ هَذِهِ المَهَازِلَ وَنحْترِمُ دِينَنَا؛ حَتىَّ نُعْطِيَ فُرْصَةً لِلآخَرِينَ أَنْ يحْترِمُونَا، فَإِلى مَتى:
نُرَقِّعُ دُنيَانَا بِإِفْسَادِ دِينِنَا * فَلَا الدِّينَ أَصْلَحْنَا وَلَا مَا نُرَقِّعُ
الآنَ وَقَد عَصَيْتَ تَقُولُ رَبِّ ارْجِعُون؟!
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا دَخَلَ المَيِّتُ القَبْرَ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا؛ فَيَجْلِسُ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُول: دَعُوني أُصَلِّي " 0
[حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4272، وَفي ظِلَالِ الجَنَّةِ وَقَالَ إِسْنَادُهُ جَيِّد 0 ح/ر: 867، الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]
وَتَمْثِيلُ الشَّمْسِ لَهُ وَقْتَ الغُرُوبِ يُقَالُ لَهُ بِه: قَامَتْ قِيَامَتُكَ يَا ابْنَ آدَمَ وَانْتَهَتْ دُنيَاك، مَضَى وَقتُ العَمَلِ وَجَاءَ وَقتُ الحِسَاب 00!!
وَقَوْلُهُ " دَعُوني أُصَلِّي " كِنَايَةٌ عَنِ النَّدَمِ عَلَى التَّفرِيط، وَهِيَ كَقَوْلِه:
{رَبِّ ارْجِعُون؛ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحَاً فِيمَا تَرَكْت} {المُؤْمِنُون/99}
أَلَيْسُواْ يَقُولُونَ في الأَمْثَال: " جَاءَكَ المَوْتُ يَا تَارِكَ الصَّلَاة " 0
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
" يُسَلَّطُ عَلَى الكَافِرِ في قَبْرِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينَاً تَلدَغُهُ حَتىَّ تَقُومَ السَّاعَة، وَلَوْ أَنَّ تِنِّينَاً مِنهَا نَفَخَ في الأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ خَضْرَاء " 0 [صَحَّحَهُ العَلَامَة أَحْمَد شَاكِر وَوَافَقَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ 0 في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: (11273)، وهُوَ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42550]
البَاقِيَاتُ الصَّالحَات
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " يَتبَعُ المَيِّتَ ثَلَاثَة، فَيرْجِعُ اثنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِد: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُه، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (68 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (905 / عَبْد البَاقِي)، وَهُوَ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42761]
الأَصْدِقَاءُ الثَّلَاثَة
عَنْ سَمْرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَثَلُ الرَّجُلِ وَمَثَلُ المَوْتِ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَاء، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: هَذَا مَالي فَخُذْ مِنهُ مَا شِئْتَ وَأَعْطِ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْت، وَقَالَ الآخَر: أَنَا مَعَكَ أَخْدُمُكَ فَإِذَا مُتَّ تَرَكْتُك، وَقَالَ الآخَر: أَنَا مَعَكَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَأَخْرُجُ مَعَكَ إِنْ مُتَّ وَإِن حَيِيت،
فَأَمَّا الَّذِي قَالَ هَذَا مَالي فَخُذْ منهُ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَهُوَ مَالُه، والآخَرُ عَشِيرَتُه، وَالآخَرُ عَمَلُه: يَدْخُلُ مَعَهُ وَيخْرُجُ مَعَهُ حَيْثُ كَان " 0
[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقْم: (3231)، وَرَوَاهُ الطَّبرَاني، وَهُوَ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42759]
أَهْلُ القُبُورِ وَالْتِفَافُهُمْ حَوْلَ مَنْ يَقْدُمُ عَلَيْهِمْ
عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا قُبِضَتْ نَفْسُ العَبْدِ يَلقَاهُ أَهْلُ الرَّحْمَةِ ـ أَيْ مَنْ غَفَرَ اللهُ لهُمْ وَرَحِمَهُمْ ـ مِن عِبَادِ اللهِ كَمَا يَلقَوْنَ البَشِيرَ في الدُّنيَا، فَيُقبِلُونَ عَلَيْهِ لِيَسْأَلُوهُ مَا فَعَلَ فُلَان 00؟
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْض: أَنْظِرُواْ أَخَاكُمْ حَتىَّ يَسْترِيحَ فَإِنَّهُ كَانَ في كَرْب، فَيُقبِلُونَ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ: مَا فَعَلَ فُلَان 00؟ مَا فَعَلَتْ فُلَانَة 00؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ 00؟
فَإِذَا سَأَلُوهُ عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ قَالَ لهُمْ: قَدْ هَلَك؛ فَيَقُولُون: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، ذُهِبَ بِهِ إِلى أُمِّهِ الهَاوِيَة، فَبِئْسَتِ الأُمُّ وَبِئْسَتِ المُرَبِّيَة، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَكُمْ، فَإِذَا رَأَواْ حَسَنَا فَرِحُواْ وَاسْتَبْشَرُواْ وَقَالُواْ: هَذِهِ نِعْمَتُكَ عَلَى عَبْدِكَ فَأَتمَّهَا، وَإِنْ رَأَواْ سُوءً اقَالُواْ: اللهُمَّ رَاجِعْ بِعَبْدِك " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (2758)، ابْنُ المُبَارَك في الزُّهْد، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42738]
وَعَن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " إِنَّ أَهْلَ القُبُورِ يَتَوَكَّفُونَ ـ أَي يَنْتَظِرُونَ في شَوْقٍ ـ الأَخْبَار؛ إِذَا أَتَاهُمُ المَيِّتُ سَأَلُوهُ مَا فَعَلَ فُلَان 00؟
فَيَقُول: صَالح، فَيَقُولُون: مَا فَعَلَ فُلَان ـ أَيْ آخَر ـ 00؟ فَيَقُول: أَلَمْ يَأْتِكُمْ 00؟
فَيَقُولُونَ لَا، إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون؛ سُلِكَ بِهِ غَيرُ طَرِيقِنَا " 0
[ابْنُ أَبي شَيْبَةَ في مُصَنَّفِهِ بِرَقْم: (34993)، وَالبَيْهَقِيُّ في " الشُّعَب " بِرَقْم: (9316)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42973]
فَرَحُ أَهْلِ القُبُورِ بِذَوِيهِمْ مِنَ الأَحْيَاءِ إِذَا عَمِلُواْ عَمَلاً صَالحَاً
وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنَ الأَمْوَات، فَإِنْ كَانَ خَيرَاً اسْتَبْشَرُواْ بِه، وَإِنْ كَانَ غَيرَ ذَلِكَ قَالُواْ: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ حَتىَّ تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا " 0
[صَحَّحَهُ العَلَامَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: (12619)، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 43029]
وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَال:
" إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقرِبَائِكُمْ مِنْ مَوْتَاكُمْ، فَإِنْ رَأَواْ خَيرَاً فَرِحُواْ بِهِ، وَإِنْ رَأَواْ شَرَّاً كَرِهُوه، وَإِنهُمْ يَسْتَخْبرُونَ المَيِّتَ إِذَا أَتَاهُمْ حَتىَّ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَسْأَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَتَزَوَّجَتْ أَمْ لَا " 0 [ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبرِي، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42979]
حَدَّثَ أَبُو التَّيَّاحِ قَال: " كَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَبْدُو [أَيْ يَزُورُ الْبَادِيَة] فَإِذَا كَانَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ أَدْلَجَ عَلَى فَرَسِه، فَرُبَّمَا نَوَّرَ لَهُ سَوْطُه، فَأَدْلَجَ لَيْلَةً؛ حَتىَّ إِذَا كَانَ عِنْدَ القُبُورِ هَوَّمَ عَلَى فَرَسِه [أَيْ غَشِيَهُ النُّعَاس] قَال: فَرَأَيْتُ أَهْلَ القُبُور 00 صَاحِبَ كُلِّ قَبْرٍ جَالِسَاً عَلَى قَبْرِه، فَلَمَّا رَأَوْني قَالُواْ: هَذَا مُطَرِّفٌ يَأْتي الجُمُعَة؛ قُلْتُ: أَتُعَلِّمُونَ عِنْدَكُمْ يَوْمَ الجُمُعَة 00؟
قَالُواْ: نَعَمْ، نَعْلَمُ مِمَّا تَقُولُ الطَّيْرُ فِيه؛ قُلْتُ: وَمَا تَقُولُ الطَّيْر؟
قَالُواْ: تَقُول: سَلَامٌ سَلَامٌ مِنْ يَوْمٍ صَالح " 00 أَيْ كَفَانَا اللهُ شَرَّكَ مِنْ يَوْمٍ صَالح؛ فَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَة
[ذَكَرَهَا الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ وَقَال: إِسْنَادُهَا صَحِيح 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 194/ 4]
الأَعْمَالُ الصَّالحَةُ وَكَيْفَ تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا في قَبرِه
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقُ نِعَالهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنهُ، فَإِذَا كَانَ مُؤْمِنَاً كَانَتْ الصَّلَاةُ ثَمَّ رَأْسِه، وَالزَّكَاةُ عَنْ يَمِينِه، وَالصَّوْمُ عَنْ شِمَالِه، وَفِعْلُ الخَيرَاتِ وَالمَعْرُوفُ وَالإِحْسَانُ إِلى النَّاسِ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْه، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِه؛ فَتَقُولُ الصَّلَاة: لَيْسَ قِبَلِي مَدْخَل، فَيُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ؛ فَتَقُولُ الزَّكَاة: لَيْسَ مِنْ قِبَلِي مَدْخَل،
ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ شِمَالِه؛ فَيَقُولُ الصَّوْم: لَيْسَ مِنْ قِبَلِي مَدْخَل، ثمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْه؛ فَيَقُولُ فِعْلُ الخَيرَاتِ إِلى النَّاس: لَيْسَ مِنْ قِبَلِي مَدْخَل، فَيُقَالُ لَهُ اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ وَقَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ لِلغُرُوب، فَيُقَالُ لَه: مَا تَقُولُ في هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ قِبَلَكُم ـ يَعْني النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَيَقُول: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ الله، جَاءنَا بِالبَيِّنَاتِ مِنْ ثَمَّ رَبِّنَا فَصَدَّقْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاه، فَيُقَالُ لَهُ صَدَقْت،
وَعَلَى هَذَا حَيِيتَ وَعَلَى هَذَا مُتّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ الله، وَيُفْسَحُ لَهُ قَبرُهُ مَدَّ بَصَرِه، فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل:
{يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَة} [إِبْرَاهِيم: 27]
وَيُقَال: افْتَحُواْ لَهُ بَابَاً إِلى النَّار، فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلى النَّار، فَيُقَال: هَذَا كَانَ مَنزِلَكَ لَوْ عَصَيْتَ اللهَ عز وجل؛ فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورَا، وَيُقَال: افْتَحُواْ لَهُ بَابَاً إِلى الجَنَّة،
فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيُقَال: هَذَا مَنزِلُكَ وَمَا أَعَدَّهُ اللهُ لَك؛ فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورَا، فَيُعَادُ الجِلْدُ إِلى مَا بُدِئَ منه ـ أَيْ يَصِيرُ تُرَابَاً ـ وَيُجْعَلُ رُوحُهُ في نَسِيمِ ـ أَيْ في جِسْمِ ـ طَيرٍ يَعْلَقُ في شَجَرِ الجَنَّة، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِه، فَلَا يُوجَدُ شَيْء، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْء، فَيَجْلِسُ خَائِفَاً مَرْعُوبَا، فَيُقَالُ لَه: مَا تَقُولُ في هَذَا الرَّجُلُ وَمَا تَشْهَدُ بِه 00؟
فَلَا يَهْتَدِي لَاسْمِهِ فَيُقَالُ محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أَيْ فَلَا يَذْكُرُ اسْمَهُ فَيَقُولُ محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَيَقُول: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئَاً فَقُلْتُ كَمَا قَالُواْ، فَيُقَالُ لَهُ: صَدَقْت، عَلَى هَذَا حَيِيت، وَعَلَيْهِ مُتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ الله، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبرُهُ حَتىَّ تخْتَلِفَ أَضْلَاعُه، فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل:{وَمَن أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى} {طَهَ/124}
فَيُقَال: افْتَحُواْ لَهُ بَابَاً إِلى الجَنَّة؛ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلى الجَنَّة، فَيُقَالُ لَه: هَذَا كَانَ مَنزِلَكَ وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ لَوْ أَطَعْتَه؛ فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورَا، ثُمَّ يُقَال: افْتَحُواْ لَهُ بَابَاً إِلى النَّار؛ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَيْهَا، فَيُقَالُ لَه: هَذَا مَنزِلُكَ وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَك؛ فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورَا "
[حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " 0 ص: (51/ 3)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " التَّرْغِيب " بِرَقم: (3561)، الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط]
عَن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا دَخَلَ الإِنْسَانُ قَبْرَهُ؛ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنَاً أَحَفَّ بِهِ عَمَلُه: الصَّلَاةُ وَالصِّيَام، فَيَأْتِيهِ المَلَكُ مِنْ نحْوِ الصَّلَاةِ فَتَرُدُّه، وَمِنْ نَحْوِ الصِّيَامِ فَيَرُدُّه، فَيُنَادِيهِ اجْلِسْ فَيَجْلِسُ فَيَقُولُ لَهُ مَاذَا تَقُولُ في هَذَا الرَّجُلِ 00؟ قَالَ مَن 00؟ قَالَ محَمَّد 00؟
قَالَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ الله، يَقُولُ وَمَا يُدْرِيكَ؟ أَدْرَكْتَهُ 00؟
قَال: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ الله، يَقُولُ ـ أَيْ يَقُولُ لَهُ المَلَك: عَلَى ذَلِكَ عِشْت، وَعَلَيْهِ مِتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَث، وَإِنْ كَانَ فَاجِرَاً أَوْ كَافِرَاً؛ جَاءَ المَلَكُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ يَرُدُّه، فَأَجْلَسَهُ يَقُول ـ أَيْ يَقُولُ لَهُ المَلَك: اجْلِسْ، مَاذَا تَقُولُ في هَذَا الرَّجُل 00؟
قَالَ أَيُّ رَجُل 00؟
قَالَ محَمَّد، يَقُول ـ أَيْ ذَلِكَ العَبْدُ الفَاجِرُ لِلمَلَك ـ وَاللهِ مَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئَاً فَقُلْتُه، فَيَقُولُ لَهُ المَلَك: عَلَى ذَلِكَ عِشْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَث، وَتُسَلَّطُ عَلَيْهِ دَابَّةٌ في قَبْرِه، مَعَهَا سَوْطٌ تَمْرَتُهُ جَمْرَة، مِثْلُ غَرْبِ الْبَعِيرِ ـ أَيْ تَضْرِبُهُ بِسَوْطٍ في طَرْفِهِ جَمْرَة وَتِلْكَ الدَّابَّة في حِدَّتِهَا كَالْبَعِير ـ تَضْرِبُهُ مَا شَاءَ اللهُ صَمَّاءُ لَا تَسْمَعُ صَوْتَهُ فَتَرْحَمَهُ " 0
[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع 0 ص: (51/ 3)، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 26436]
قَالَ كَعْبُ الأَحْبَار: " إِذَا وُضِعَ العَبْدُ الصَّالحُ في قَبرِهِ احْتَوَشَتهُ أَعْمَالُهُ الصَّالحَة ـ أَيْ أَحَاطَتْ بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِب ـ فَتَجِيءُ مَلَائِكَةُ العَذَابِ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَتَقُولُ الصَّلَاة: إِلَيْكُمْ عَنهُ؛ فَيَأْتُونَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَيَقُولُ الصِّيَام: لَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَيْه؛ فَقَدْ أَطَالَ ظَمَأَهُ للهِ جل جلاله في دَارِ الدُّنيَا؛ فَيَأْتُونَ مِنْ قِبَلِ جِسْمِهِ فَيَقُولُ الحَجُّ وَالجِهَاد: إِلَيْكُمْ عَنه؛ فَقَدْ أَنْصَبَ نَفسَهُ وَأَتعَبَ بَدَنَهُ وَحَجَّ وَجَاهَدَ للهِ جل جلاله لَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَيْه؛ فَيَأْتُونَ مِنْ قِبَلِ يَدَيْهِ فَتَقُولُ الصَّدَقَة: كُفُّواْ عَنْ صَاحِبي؛ فَكَمْ مِنْ صَدَقَةٍ خَرَجَتْ مِن هَاتَينِ اليَدَيْن " 0 [الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " كِتَابِ ذِكْرِ المَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ، بَابِ: بَيَانِ كَلَامِ الْقَبرِ لِلْمَيِّت: 1894]
إِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقْوَى
عَنِ الْبرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال:
" كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْر، فَبَكَى حَتىَّ بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَا إِخْوَاني؛ لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّواْ " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (13802)، وَصَحَّحَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 4195]
وَعَن أَحَدِ التَّابِعِينَ رضي الله عنهم قَال:
" دَخَلتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ الجَبَّانَ ـ أَيِ المَدَافِنَ ـ فَسَمِعْتُهُ يَقُول: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا نَدَامَى، أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ، وَأَمَّا الأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِّمَتْ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَقَدْ نُكِحَتْ، هَذَا خَبرُ مَا عِنْدَنَا؛ فَهَاتُواْ خَبرَ مَا عِنْدَكُمْ 00؟
ثُمَّ التَفَتَ فَقَال: لَوْ أُذِنَ لهُمْ في الكَلَامِ لَقَالُواْ: تَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى " 0 [أَبُو الحَسَنِ بْنِ محَمَّدٍ الخَلَال بِكِتَابِ النَّادِمِين، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42983]
وَعَنْ محَمَّدِ بْنِ حِمْيرَ قَال: " مَرَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه بِبَقِيعِ الغَرْقَدِ فَقَال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أًَهْلَ القُبُور، أَخْبَارُ مَا عِنْدَنَا أَنَّ نِسَاءَكُمْ قَدْ تَزَوَّجَتْ، وَدُورَكُمْ قَدْ سُكِنَتْ، وَأَمْوَالَكُمْ قَدْ فُرِّقَتْ، فَأَجَابَهُ هَاتِفٌ: أَخْبَارُ مَا عِنْدَنَا أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ وَجَدْنَاه، وَمَا أَنْفَقنَاهُ رَبِحْنَاه، وَمَا خَلَّفنَاهُ خَسِرْنَاه " 0
[ابْنُ أَبِي الدُّنيَا، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42977]
أَبْقَيْتَ مَالَكَ مِيرَاثَاً لِوَارِثِهِ * فَلَيْتَ شِعْرِيَ مَا أَبْقَى لَكَ المَالُ
وَصَارَ أَهْلُكَ في حَالٍ تَسُرُّهُمُ * فَكَيْفَ بَعْدَهُمُ صَارَتْ بِكَ الحَالُ
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَلْبَسْ ثِيَابَاً مِنَ التُّقَى * تجَرَّدَ عُرْيَانَاً وَإِنْ كَانَ كَاسِيَا
وَخَيرُ لِبَاسِ المَرْءِ طَاعَةُ رَبِّهِ * وَلَا خَيرَ فِيمَنْ كَانَ للهِ عَاصِيَا
{الْبَيْتُ الأَوَّلُ لأَبي الْعَتَاهِيَة، وَالآخَرُ لَابْنِ الْفَارِض}
مُنْكَرٌ وَنَكِير
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:
" اسْمُ المَلَكَينِ اللَّذَيْنِ يَأْتِيَانِ في القَبر: مُنْكَرٌ وَنَكِير " 0 [حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: (54/ 3)، الإِمَامُ الطَّبَرَاني في الأَوْسَط]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ فُتَّانَ القُبُور؛ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَتُرَدُّ عَلَيْنَا عُقُولُنَا يَا رَسُولَ الله 00؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ، كَهَيْئَتِكُمُ اليَوْم " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6603، وَحَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في التَّرْغِيب ح 0 ر: 3553]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ في قَبرِهِ وَتَوَلى عَنهُ أَصْحَابُهُ حَتىَّ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ: أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هَذَا الرَّجُلِ لمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم 00؟
فَأَمَّا المُؤْمِنُ فَيَقُول: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه؛ فَيُقَالُ لَه: انْظُرْ إِلى مَقعَدِكَ مِنَ النَّار، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ مَقْعَدَاً مِنَ الجَنَّةِ فَيَرَاهمَا جَمِيعَاً، وَيُفسَحُ لَهُ في قَبرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعَاً، وَيُمْلأُ عَلَيْهِ خَضِرَاً إِلى يَوْمِ يُبْعَثُون، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُ فَيُقَالُ لَه: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هَذَا الرَّجُل 00؟
فَيَقُول: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاس؛ فَيُقَالُ لَه: لَا دَرِيتَ وَلَا تَلِيتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بمِطرَاقٍ مِن حَدِيدٍ ضَرْبَةً مِنْ بَينِ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيرَ الثَّقَلَين، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبرُهُ حَتىَّ تخْتَلِفَ أَضْلَاعُه " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم:(1675)، وَهُوَ في " مُسْنَدِهِ " بِرَقْم:(11862)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42503]
العَذَابُ النَّفْسِيّ 00 بِالغَدَاةِ وَالعَشِيّ
إِنَّ جَزَاءَ اللهِ في القَبرِ مِنهُ النَّفْسِيُّ وَالجَسَدِيّ، وَهَذَا مِنْ جَزَائِهِ النَّفْسِيِّ لِلبرِّ وَالفَاجِر:
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيّ، إِنْ كَانَ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِن أَهْلِ الجَنَّة، وَإِنْ كَانَ مِن أَهْلِ النَّارِ فَمِن أَهْلِ النَّار، فَيُقَال: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتىَّ يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ القِيَامَة " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1379 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2866 / عَبْد البَاقِي]
وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ لَهُ مَقْعَدَان؛ مَقْعَدٌ في الجَنَّةِ، وَمَقْعَدٌ في النَّار، فَإِذَا كَانَ مِن أَهْلِ الجَنَّة؛ جِيءَ بِكَافِرٍ فَأُدْخِلَ مَقْعَدَهُ بِالنَّار، وَإِذَا كَانَ مِن أَهْلِ النَّار؛ جِيءَ بِكَافِرٍ فَأُدْخِلَ مَقْعَدَهُ بِالجَنَّة 0
عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِم؛ إِلَاّ أَدْخَلَ اللهُ مَكَانَهُ النَّارَ يَهُودِيَّاً أَوْ نَصْرَانِيَّاً " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2767 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَة؛ دَفَعَ اللهُ عز وجل إِلى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيَّاً أَوْ نَصْرَانِيَّاً فَيَقُول: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّار " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2767 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ إِلَاّ أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شُكْرَاً، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَاّ أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الرِّقَاقِ بَابِ: صِفَةِ الجَنَّةِ وَالنَّار بِرَقْم: (6569)، الإِمَامُ أَحْمَدُ في " مُسْنَدِهِ " بِرَقْم: 10597]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الجَنَّةِ فَيَقُول: لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَاني فَيَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَة، وَكُلُّ أَهْلِ الجَنَّةِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ فَيَقُول: لَوْلَا أَنَّ اللهَ هَدَاني فَيَكُونُ لَهُ شُكْرَاً " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَفي الصَّحِيحِ وَفي الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (2034)، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 10274]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الجَنَّةِ فَيَقُول: لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَاني فَتَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَة، وَكُلُّ أَهْلِ الجَنَّةِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ فَيَقُول: لَوْلَا أَنَّ اللهَ هَدَاني فَيَكُونُ لَهُ شُكْر، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْبِ الله} {الزُّمَرٍ/56}
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين0حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في " الصَّحِيحَة " بِرَقْم: (2034)، وَالحَدِيثُ في " المُسْتَدْرَك " بِرَقْم: 3629]
نَوْمَةُ العَرُوس
عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا قُبرَ المَيِّتُ أَتَاهُ مَلَكَان، أَسْوَدَانِ أَزْرَقَان، يُقَالُ لأَحَدِهِمَا: المُنْكَر، وَلِلآخَر: النَّكِير، فَيَقُولَان: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هَذَا الرَّجُل 00؟
فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُول: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، فَيَقُولَان: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا؛ ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ في قَبرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعَاً في سَبْعِين، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيه، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُول: أَرْجِعُ إِلى أَهْلِي فَأُخْبرُهُمْ 00؟
فَيَقُولَان: نمْ كَنَوْمَةَ العَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَاّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْه، حَتىَّ يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِك، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقَاً قَال: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُ مِثْلَه، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَان: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِك؛ فَيُقَالُ لِلأَرْض: الْتَئِمِي عَلَيْه، فَتَلْتَئِمَ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفَ فِيهَا أَضْلَاعُه، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبَاً حَتىَّ يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِك " 0
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم، وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: (1071)، وَالحَدِيثُ في " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42500]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ المُؤْمِنَ في قَبرِهِ لَفِي رَوْضَةٍ خَضْرَاء، وَيُرْحَبُ لَهُ قَبرُهُ:[أَيْ يُوَسَّعُ لَهُ] سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْر، أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَة:
{وَمَن أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى} {طَهَ/124}
" أَتَدْرُونَ مَا المَعِيشَةُ الضَّنْكَة " 00؟
قَالُواْ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" عَذَابُ الْكَافِرِ في قَبْرِه، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه: إِنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينَاً؛ أَتَدْرُونَ مَا التِّنِّين: سَبْعُونَ حَيَّةً، لِكُلِّ حَيَّةٍ سَبْعُ رُءُوس، يَلْسَعُونَهُ وَيَخْدِشُونَهُ إِلىَ يَوْمِ الْقِيَامَة " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيب ح 0 ر: 3552، وَالأُسْتَاذ شُعَيْبُ الأَرْنَؤُوطُ في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في مَعْنىَ المَعِيشَةِ الضَّنْك: " عَذَابُ الْقَبر " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3439]
المُؤْمِنُونَ وَرُؤْيَتُهُمْ لِبُيُوتهِمْ في الجَنَّة
عَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا وُضِعَ في قَبرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَقُولُ لَه: مَا كُنْتَ تَعْبُد؟
فَإِنِ اللهُ هَدَاهُ قَال: كُنْتُ أَعْبُدُ الله، فَيُقَالُ لَه: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هَذَا الرَّجُل 00؟
فَيَقُول: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه، فَمَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ غَيرَهَا؛ فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلى بَيْتٍ كَانَ لَهُ في النَّار، فَيُقَالُ لَه: هَذَا بَيْتُكَ كَانَ في النَّارِ وَلَكِنَّ اللهَ عَصَمَكَ وَرَحِمَكَ فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتَاً في الجَنَّة؛ فَيَقُول: دَعُوني أَذْهَبُ فَأُبَشِّرَ أَهْلِي؛ فَيُقَالُ لَه: اسْكُن 0
وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا وُضِعَ في قَبرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَنْتَهِرُهُ فَيُقَالُ لَه:
مَا كُنْتَ تَعْبُد 00؟
فَيَقُول: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَه: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْت، فَيُقَال: فَمَا كُنْتَ تَقُولُ في هَذَا الرَّجُل؟
فَيَقُول: كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاس؛ فَيَضْرِبُهُ بِمِطرَاقٍ مِن حَدِيدٍ بَينَ أُذُنَيه؛ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا الخَلقُ غَيرَ الثَّقَلَين " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: (4751)، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42494]
لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ العَامِلُون
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا قُتِلَ العَبْدُ في سَبِيلِ اللهِ فَأَوَّلُ قَطْرَة تَقْطُرُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِهِ يُكَفِّرُ اللهُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا، ثُمَّ يُرْسِلُ لَهُ اللهُ برَيْطَة ـ أَيْ بِقُمَاشَةٍ بَيْضَاءَ ـ مِنَ الجَنَّةِ فتُقْبَضُ فِيهَا نَفْسُهُ، وَبِجَسَد مِنَ الجَنَّة حَتىَّ تُرَكَّبُ فِيهِ رُوحُه، ثُمَّ يَعْرُجُ مَعَ المَلَائِكَةِ كَأنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ مُنْذُ خَلَقَهُ الله، حَتىَّ يُؤْتَى بِهِ الرَّحْمَنُ عز وجل، وَيَسْجُدُ قَبْلَ المَلَائِكَةِ ثُمَّ تَسْجُدُ المَلَائِكَةُ بَعْدَهُ ثمَّ يُغْفَرُ لَهُ ويُطَهَّرُ، ثمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلى الشُّهَدَاءِ فَيَجِدُهُمْ في رِيَاضٍ خُضْرٍ وَثيَابٍ مِن حَرِير، عِنْدَهُمْ نُون ـ أَيْ حُوتٌ ـ وَثَوْرٌ
يَلْعَبَانِ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ بِشَيْءٍ لَمْ يَلْعَبَاهُ بِالأَمْس: يَظَلُّ الحُوتُ في أَنْهَارِ الجَنَّةِ فَيَأْكُلُ مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ مِن أَنْهَارِ الجَنَّة، فَإِذَا أَمْسَى وَكَزَهُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ فَذَكَّاهُ فَأَكَلُواْ مِنْ لحْمِهِ، فَوَجَدُواْ في طَعْمِ لحْمِهِ كُلَّ رَائحَةٍ مِن أَنهَارِ الجَنَّة، وَيَلبَثُ الثَّوْرُ نَافِشَا ـ أَيْ رَاعِيَاً ـ في الجَنَّةِ يَأْكُلُ مِنْ ثمَرِ الجَنَّة، فَإِذَا أَصْبَحَ عَدَا عَلَيْهِ الحُوتُ فَذَكَّاهُ بِذَنَبِهِ فَأَكَلُواْ مِنْ لحْمِهِ، فَوَجَدُواْ في طَعْمِ لحْمِهِ كُلَّ ثمرَةٍ في الجَنَّة، يَنْظُرُونَ إِلى مَنَازلهِمْ يَدْعُونَ اللهَ بِقِيَامِ السَّاعَة، فَإِذَا تَوَفى اللهُ العَبْدَ المُؤْمِنَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلَكَينِ بِخِرْقَةٍ مِنَ الجَنَّة، وَرَيحَانٍ مِنْ
رَيحَانِ الجَنَّةِ فَقَال: أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّة: اخْرُجِي إِلى رَوْحٍ وَرَيحَان، وَرَبٍّ رَاضٍ غَيرِ غَضْبَان، اخْرُجِي فَنِعْمَ مَا قَدَّمْتِ؛ فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رَائحَةِ مِسْكٍ وَجَدَهَا أَحَدُكُمْ بِأَنْفِهِ، وَعَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ مَلَائِكَة يَقُولُون: سُبْحَانَ الله؛ لَقَدْ جَاءَ مِنَ الأَرْضِ اليَوْمَ رُوحٌ طَيِّبَة؛ فَلَا يمُرُّ ـ أَيْ فَلَا يمُرُّ هَذَا العَبْدُ المُؤْمِنُ ـ بِبَابٍ إِلَاّ فُتِحَ لَه، وَلَا مَلَكٍ إِلَاّ صَلَّى عَلَيْهِ وَيَشْفَع، حَتىَّ يُؤْتَى بِهِ إِلى اللهِ عز وجل فَتَسْجُدُ المَلَائِكَةُ قَبْلَهُ ثُمَّ يَقُولُون: رَبَّنَا هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ تَوَفَّيْنَاهُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ فَيَقُول: مُرُوهُ بِالسُّجُودِ فَيَسْجُدُ النَّسَمَة ـ أَيْ فَتَسْجُدُ هَذِهِ النَّفْسُ المُؤْمِنَةُ ـ ثمَّ
يُدْعَى مِيكَائِيلُ فَيُقَال: اجْعَلْ هَذِهِ النَّسَمَةَ مَعَ أَنْفُسِ المُؤْمِنِينَ حَتىَّ أَسْأَلَكَ عَنهَا يَوْمَ القِيَامَة؛ فَيُؤْمَرُ بِقَبْرِهِ فَيُوَسَّعُ لَهُ طُولُهُ سَبْعِينَ وَعَرْضُهُ سَبْعِين، وَيُنْبَتُ فِيهِ الرَّيْحْان، وَيُبْسَطُ لَهُ الحَرِيرُ فِيه، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ منَ القُرْآنِ نَوَّرَهُ وَإِلَاّ جُعِلَ لَهُ نُورٌ مِثْلُ نُورِ الشَّمْس، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلى الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلى مَقْعَدِهِ في الجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيَّا، وَإِذَا تَوَفى اللهُ العَبْدَ الكَافِرَ أَرْسَلَ إِلَيه مَلَكَين، وَأَرْسَلَ إِلَيهِ بقِطْعَةِ بِجَاد ـ أَيْ بِقُمَاشَةٍ غَلِيظَةٍ ـ أَنْتَنَ مِنْ كُلِّ نَتِن، وَأَخْشَنَ مِنْ كُلِّ خَشِنٍ فَقَال: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الخَبِيثَة، اخْرُجِي إِلى جَهنَّمَ وَعَذَابٍ أَلِيم، وَرَبٍّ عَلَيْكِ
سَاخِط، اخْرُجِي فَسَاءَ مَا قَدَّمْتِ، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وَجَدَهَا أَحَدُكُمْ بِأَنْفِهِ قَطّ، وَعَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ يَقُولُون: سُبْحَانَ الله؛ لَقَدْ جَاءَ مِنَ الأَرْضِ جِيفَةٌ وَنَسَمَةٌ خَبِيثَة، لَا يُفْتَحُ لَهُ بَابُ السَّمَاء؛ فَيُؤْمَرُ بجَسَدِهِ فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ في القَبر، وَيُمْلأُ حَيَّاتٍ مِثْلَ أَعْنَاقِ البُخْت ـ أَيِ مِثْلَ أَعْنَاقِ الجِمَالِ غِلَظَاً ـ تَأْكُلُ لحْمَهُ فَلَا يَدَعْنَ مِن عِظَامِهِ شَيْئَا،
ثُمَّ يُرْسَلُ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ صُمٌّ عُمْيٌ مَعَهُمْ فَطَاطِيسُ ـ أَيْ مَطَارِقُ عَظِيمَةٌ ـ مِن حَدِيد، لَا يُبْصِرُونَه فَيرْحَمُونَه، وَلَا يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ فَيَرْحَمُونَه، فَيَضْرِبُونَه وَيَخْبِطُونَه، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ نَارٍ فَيَنْظُرُ إِلى مَقْعَدِهِ مِنَ النَّارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّة؛ يَسأَلُ اللهَ أَنْ يُدِيمَ ذَلِكَ عَلَيْه ـ أَيْ عَذَابَهُ في قَبرِهِ ـ فَلَا يَصِلُ إِلى مَا وَرَاءهُ مِنَ النَّار " 0
[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: (328/ 2)، عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ هَنَّادٍ في الزُّهْدُ مخْتَصَرَاً بِرَقْم: 168]
وَلَعَلَّ أَهْلَ الشَّهِيدِ يَحُزُّ في نُفُوسِهِمْ مَصْرَعُ ابْنِهِمْ، وَتُؤْلِمُهُمُ الطَّرِيقَةُ الَّتي مَاتَ بِهَا؛ وَتخْفِيفَاً عَلَيْهِمْ؛ أَسُوقُ إِلَيْهِمْ تِلْكَ الْبُشْرَى الَّتي قَالَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلشُّهَدَاءِ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْل؛ إِلَاّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسَّ القَرْصَة "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7940، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَفي الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة]
قَالَ أَبُو نَافِعٍ سِبْطُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه [أَيْ حَفِيدُهُ]:
" كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعِنْدَهُ رَجُلَان، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: رَأَيْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ في المَنَام، فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِك 00؟
قَال:
غَفَر لي وَشَفَّعَني، وَعَاتَبَني وَقَال: أَتُحَدِّثُ عَن حَرِيزِ بْنِ عُثْمَان 00؟!
فَقُلْتُ: يَا رَبّ، مَا عَلِمْتُ إِلَاَّ خَيرَاً؛ قَالَ جَلَّ وَعَلَا: إِنَّهُ يُبْغِضُ عَلِيَّاً كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه، وَقَالَ الرَّجُلُ الآخَر: رَأَيْتُهُ في المَنَامِ فَقُلْتُ لَه:
هَلْ أَتَاكَ مُنْكَرٌ وَنَكِير 00؟
قَال: إِي وَاللهِ، وَسَأَلَاني: مَنْ رَبُّكَ 00؟ وَمَا دِينُكَ 00؟
فَقُلْتُ: أَلِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا، وَأَنَا كُنْتُ أُعَلِّمُ النَّاسَ بِهَذَا في دَارِ الدُّنْيَا 00؟
فَقَالَا لي: صَدَقْت " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 366/ 9]
بِنَاءُ الأَضْرِحَةِ وَالمَسَاجِدِ فَوْقَ القُبُور
وَمِنَ الأَخْطَاءِ الشَّدِيدَة، الَّتي تَتَعَلَّقُ بِالعَقِيدَة: بِنَاءُ القِبَابِ عَلَى القُبُورِ وَاتخَاذُهَا مَسَاجِد، مِمَّا يُعَدُّ مَدْخَلاً لِلشَّيْطَانِ يُفْسِدُ بِهِ عَقَائِدَ المُسْلِمِين؛ حَيْثُ يَتَّجِهُونَ تَدْرِيجِيَّاً بِالتَّضَرُّعِ لِلقَبرِ تَبرُّكَاً بمَنْ فِيه 00
أَحْيَاؤُنَا لَا يُرْزَقُونَ بِدِرْهَمٍ * وَبِأَلْفِ أَلْفٍ يُرْزَقُ الأَمْوَاتُ
مَنْ لي بحَظِّ النَّائِمِينَ بحُفْرَةٍ * حَطَّتْ عَلَى أَعْتَابهَا البرَكَاتُ
{حَافِظ إِبْرَاهِيم}
نَكْسُو لِلْمَوْتَى أَضْرِحَةً بِثِيَابِ الحَيِّ الْعُرْيَانِ
{عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
الضَّرِيحُ لَا يُفِيدُ المَيِّتَ وَلَا الحَيّ
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ رضي الله عنه في صَحِيحِه؛ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الحَسَنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ القُبَّةَ عَلَى قَبرِهِ سَنَةً ثمَّ رُفِعَتْ؛ فَسَمِعُواْ صَائِحَاً يَقُول: أَلَا هَلْ وَجَدُواْ مَا فَقَدُواْ 00؟
فَأَجَابَهُ الآخَرُ: " بَلْ يَئِسُواْ فَانْقَلَبُواْ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: (1330)، وَالحَدِيثُ في " المِشْكَاة " بِرَقْم: 1749]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيه:
" لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتخَذُواْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدَاً؛ وَلَوْلَا ذَلِكَ لأَبْرَزُواْ قَبْرَهُ، غَيْرَ أَنيِّ أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدَاً " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: مَا يُكْرَهُ مِنَ اتخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُور بِرَقْم: 1330، 4441]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قَالَا: " لَمَّا نَزَلَ ـ أَيِ المَوْتُ ـ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِه، فَإِذَا اغْتَمَّ بهَا ـ أَيْ ضَاقَ بِهَا ـ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِه وَهُوَ كَذَلِكَ يَقُول:
" لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ اتخَذُواْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ 00 يحَذِّرُ مَا صَنَعُواْ " 0
انْظُرْ مَعِي يَرْحَمُكَ اللهُ إِلى قَوْلِ النَّبيِّ زَاجِرَاً وَمحَذِّرَاً:
" لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتخَذُواْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِد "
أَيْنَ الَّذِينَ اتخَذوا قَبرَ الحُسَينِ مَسْجِدَاً، وَقَبرَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ وَالسَّيِّدَةِ نَفِيسَة، وَالسَّيِّدَةِ زَيْنَبَ 00؟
أَهُمْ أَفْقَهُ أَمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيق 00؟!
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالَا {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُمْ يحْسَبُونَ أَنهُمْ يحْسِنُونَ صُنعَا} {الكَهْف} " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (4444 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 531 / عَبْد البَاقِي]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكْهُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاء، وَمَنْ يَتَّخِذُ القُبُورَ مَسَاجِد " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 3888، وَحَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الجَنَائِزِ بِرَقْم: 126، وَالإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع]
انْظُرْ كَيْفَ جَعَلُواْ بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ شِرَارَ النَّاسِ عِنْدَ الله 00؟!
هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللهِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر 00؟!
افْترَاءُ الصُّوفِيَّة، وَمخَالَفَةُ الوَصِيَّة
وَعَن عَلِيِّ بْنِ الحُسَينِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يجِيءُ إِلى فُرْجَة كَانَتْ ثَمَّ قَبرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ عِنْدَهُ ـ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيَدْعُو؛ فَنَهَاهُ فَقَال: " أَلَا أُحَدِّثكُمْ حَدِيثَاً سَمِعْتُهُ مِن أَبي عَن جَدِّي عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قُبُورَاً، وَلَا تجْعَلُواْ قَبْرِي عِيدَاً، وَصَلُّواْ عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُني حَيْثُ كُنْتُمْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ وَفي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْمَيْ: 126، 2042، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ في كِتَابِهِ الرَّيَّانِ " إِغَاثَةِ اللهْفَانِ " بِاخْتِصَارٍ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذَا الحَدِيث:
" وَقَدْ حَرَّفَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ بَعْضُ مَنْ جَمَعَ بَينَ شِرْكِ النَّصَارَى وَتحْرِيفِ اليَهُود فَقَال: هَذَا أَمْر مِنهُ صلى الله عليه وسلم بِزِيَارَةِ قَبرِهِ كُلَّ سَاعَة وَمُلَازمَتِهِ وَالعُكُوفِ عِنْدَه، وَنهْيٌ أَنْ يجْعَلَ كَالعِيدِ الَّذِي إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الحَوْلِ إِلى الحَوْل، وَلَوْ أَرَادَ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الضُّلَالُ لَمْ يَنْهَ عَنِ اتخَاذِ قُبُورِ الأَنْبيَاءِ مَسَاجِدَ يُعْبَدُ اللهُ فِيهَا وَلَمْ يَلْعَنْ فَاعِلَ ذَلِكَ مِثْلَمَا تَقَدَّم؛ فَكَيْفَ يَأْمُرُ بمُلَازَمَتِهَا وَالعُكُوفِ عَلَيْهَا؟!
ثُمَّ كَيْفَ لَمْ يَفْهَمْ صَحَابَتُهُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا فَهِمَهُ هَؤُلَاءِ الضُّلَالُ الَّذِينَ جَمَعُواْ بَينَ الشِّرْكِ وَالتَّحْرِيف " 0 [ابْنُ القَيِّمِ في " إِغَاثَةِ اللهْفَانِ " بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت: 192/ 1]
عَن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اللهُمَّ لَا تجْعَلْ قَبْرِي وَثَنَاً يُعْبَد؛ اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِد " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَنَائِزِ وَالمِشْكَاةِ بِرَقْمَيْ: 126، 750، أَخْرَجَهُ الإِمَامَانِ مَالِكٌ في المُوَطَّأ، وَأَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنَاً؛ لَعَنَ اللهُ قَوْمَاً اتَّخَذُواْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِد " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7352، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
تَعْلِيقٌ لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة رضي الله عنه:
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الله: " وَوَجْهُ الدِّلَالةِ أَنَّ قَبرَ رَسُولِ اللهِ أَفْضَلُ قَبرٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْض، وَقَدْ نَهَى عَنِ اتخَاذِهِ عِيدَا؛ فَقَبرُ غَيرِهِ أَوْلى بِالنَّهْيِ كَائِنَاً مَنْ كَان " 0 [ابْنُ القَيِّمِ في " إِغَاثَةِ اللهْفَانِ " بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت 0 ص: 192/ 1]
كَلَامٌ قَيِّم لَابْنِ القَيِّم رضي الله عنه:
يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ بِتَصَرُّفٍ وَاخْتِصَارٍ في كِتَابِهِ الرَّيَّانِ " إِغَاثَةِ اللهْفَانِ مِنْ مَصَائِدِ الشَّيْطَانِ " عَنِ الصُّوفِيَّةِ وَعُبَّادِ القُبُورِ وَالأَضْرِحَةِ وَتَقْدِيسِهِمْ لهَا:
" وَمِنْ بِدَعِهِمْ: تَفْضِيلُهَا ـ أَيْ تَفْضِيلُ الأَضْرِحَةِ ـ عَلَى خَيرِ البِقَاعِ وَأَحَبِّهَا إِلى الله: فَإِنَّ عُبَّادَ القُبُورِ يُعْطُونهَا مِنَ التَّعظِيمِ وَالَاحْتِرَامِ وَالخُشُوعِ وَرِقَّةِ القَلبِ وَالعُكُوفِ عَلَيْهَا مَا لَا يُعْطُونَهُ لِلمَسَاجِدِ وَلَا يحصُلُ لهُم فِيهَا نَظِيرُهُ وَلَا قَرِيبٌ مِنهُ 00!!
شُرِعَتْ زِيَارَةُ القُبُورِ لِتَذَكُّرِ الآخِرَةِ وَالإِحْسَانِ إِلى المَزُورِ بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْه؛ فَيَكُونُ الزَّائِرُ محْسِنَا إِلى نَفْسِهِ وَإِلى المَيِّت، فَقَلَبَ هَؤُلَاءِ المُشْرِكُونَ الأَمْرَ وَجَعَلُواْ المَقصُودَ بِالزِّيَارَةِ الشِّركَ بِالمَيِّتِ وَدُعَاءهُ وَسُؤَالَهُ حَوَائِجَهُمْ؛ فَصَارُواْ مُسِيئِينَ إِلى نُفُوسِهِمْ وَإِلى المَيِّت!! [ابْنُ القَيِّمِ في إِغَاثَةِ اللهْفَانِ بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت ص: 198،194/ 1]
وَيُوَاصِلُ ابْنُ القَيِّمِ كَلَامَهُ قَائِلاً:
" فَلَوْ رَأَيتَهُمْ إِذَا رَأَوْهَا منْ مَكَان بَعيد؛ فَوَضَعُواْ لهَا الجبَاهَ وَتَضَرَّعُواْ بمَن لَا يُبْدِئُ ولَا يُعِيد، فَتَرَاهُمْ حَوْلَ القَبرِ رُكَّعَا سُجَّدَا يَبْتَغُونَ فَضْلَا مِنَ المَيْتِ وَرِضوَانَا، فَلغَيرِ اللهِ بَلْ للشَّيْطَانِ مَا يُرَاقُ هُنَاكَ مِنَ العَبرَات، وَيَرْتَفِعُ مِنَ الأَصْوَات، وَيُطْلَبُ مِنَ الحَاجَاتِ وَيُسْأَلُ مِنْ تَفْرِيجِ الكُرُبَات، ثمَّ انْثَنَواْ بَعْدَ ذَلِكَ حَوْلَ القَبرِ طَائِفِينَ تَشْبِيهَا لَهُ بِالبَيْتِ الحَرَام، ثُمَّ أَخَذُواْ في التَّقْبِيلِ والَاسْتِلَام،
ثُمَّ عَفَّرُواْ في أَعْتَابِهِ الجِبَاهَ وَالخُدُود، الَّتي يَعْلَمُ اللهُ أَنَّهَا لَا تُعَفَّرُ كَذَلِكَ في السُّجُود، ثُمَّ تَرَاهُمْ قَرَّبواْ لِذَلِكَ الوَثَنِ القَرَابِين، كَأَنَّهُمْ لَيْسُواْ بِمُسْلِمِين، وَلَا يَعْبُدُونَ رَبَّ العَالَمِين، وَلَمْ يَسْمَعُواْ قَبْلَ ذَلِكَ عَن عُبَّادِ الأَصْنَامِ مِنَ الكَفَرَةِ وَالمُشْرِكِين "
وَبِنَاءُ الأَضْرِحَةِ في المَسَاجِدِ وَتَعْظِيمُهَا يُشْبِهُ مَا يَفْعَلُهُ النَّصَارَى في كَنَائِسِهِمْ أَيْضَاً مِنْ بَابِ التَّعْظِيم 0
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَنِيسَةً رَأَتهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ يُقَالُ لهَا مَارِيَة، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِح، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِح؛ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدَاً وَصَوَّرُواْ فِيهِ تِلكَ الصُّوَر، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلقِ عِنْدَ الله " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (434 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 528 / عَبْد البَاقِي]
الطَّرِيقُ إِلى النَّارِ مَفْرُوشٌ بِالنَّوَايَا الحَسَنَة
وَجَدِيرٌ بِالذِّكْرِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ بِدَايَةَ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ كَانَتْ بِالتَّعْظِيمِ المُبَالَغِ فِيهِ لأَوْلِيَاءِ اللهِ وَالصَّالحِين 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَقَدْ ذَكَرَ وَدَّاً وَسُوَاعَاً وَيَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا فَقَالَ عَنهُمْ:
" أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوح، فَلَمَّا هَلَكُواْ أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُواْ إِلى مجَالِسِهِمُ الَّتي كَانُواْ يجْلِسُونَ أَنْصَابَاً وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُواْ فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتىَّ إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ ـ أَيْ وَتَلَاشَى ـ عُبِدَتْ " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ التَّفْسِيرِ بَابِ: وَدَّاً وَلَا سُوَاعَاً بِرَقْم: 4920]
عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ كَانُواْ يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِد؛ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُواْ القُبُورَ مَسَاجِد؛ إِنيِّ أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِك " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 532 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ عَنْ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرَا:
" كَانَتْ هَذِهِ الآلهَةُ يَعْبُدُهَا قَوْمُ نُوحٍ ثمَّ اتخَذَهَا العَرَبُ بَعْدَ ذَلِك " 0 [ابْنُ جَرِيرٍ الطَبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ 0 طَبْعَةُ دَارِ الفِكْر 0 بَيرُوت: 99/ 29]
تَلبِيسُ إِبْلِيسَ عَلَيْهِ لَعْنَةُ الله
عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ مُوسَى عَنْ محَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَال: " إِنَّ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرَا كَانُوا قَوْمَا صَالحِينَ مِنْ بَني آدَم، وَكَانَ لهمْ أَتْبَاع يَقْتَدُونَ بهِمْ، فَلَمَّا مَاتُواْ قَالَ أَصْحَابهُم الَّذِينَ كَانُواْ يَقْتَدُونَ بهِمْ: لَوْ صَوَّرنَاهُمْ كَانَ أَشْوَقَ لَنَا إِلى العِبَادَة إِذَا ذَكَرْنَاهُمْ بِالهَيْثَم ـ أَيْ بِالكَثِيب ـ فَلَمَّا مَاتُواْ وَجَاءَ آخَرُونَ دَبَّ إلَيْهِمْ إِبْلِيسُ فَقَال: إِنمَا كَانُواْ يَعْبدُونَهُمْ وَبِهِمْ يُسْقَوْنَ المَطَرَ فَعَبَدُوهُمْ " 0 [ابْنُ جَرِيرٍ الطَبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ 0 طَبْعَةُ دَارِ الفِكْر 0 بَيرُوت: 99/ 29]
عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رضي الله عنه عَن أَبِيهِ عَن عِكْرِمَةَ رضي الله عنه قَال:
" كَانَ بَينَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشْرةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلَام " 0
[ابْنُ جَرِيرٍ الطَبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ 0 طَبْعَةُ دَارِ الفِكْر 0 بَيرُوت 0 ص: 99/ 29]
عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه قَال: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَة؛ فَأَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِني نَذَرْتُ أَن أَنحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَة 00؟
فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
" هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِن أَوْثَانِ الجَاهِلِيَّةِ يُعْبَد " 00؟
قَالُواْ لَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِن أَعْيَادِهِمْ " 00؟
قَالُواْ لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" أَوْفِ بِنَذْرِك؛ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ في مَعْصِيَةِ اللهِ وَلَا فِيمَا لَا يمْلِكُ ابْنُ آدَم " 0
[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في (الجَامِعِ) وَفي (سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ) بِكِتَابِ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ بَابِ: الوَفَاءِ بِالنَّذْر بِرَقْم: 3313]
الأَمْرُ جِدُّ خَطِير؛ لِدَرَجَةِ نَبْشِ القُبُور
وَرَاعَى صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عِنْدَ وَضْعِهِ لحَجَرِ أَسَاسِ الدَّوْلَةِ الإِسْلَامِيَّةِ بِالمَدِينَة؛ فَلَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ أَنْ تُقَامَ في مَقْبرَة؛ وَلِذَا أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِنَبْشِ القُبُورِ الَّتي كَانَتْ بِسَاحَةِ المَسْجِدِ قَبْلَ بِنَائِه 00
عَن أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ نَزَلَ في عُلْوِ المَدِينَةِ في حَيٍّ يُقَالُ لهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْف، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثمَّ أَرْسَلَ إِلى مَلإِ بَني النَّجَّارِ فَجَاءواْ مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ قَالَ أَنَس:
وَكَأَنيِّ أَنْظُرُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلأُ بَني النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتىَّ أَلْقَى ـ أَيْ نَزَلَ ـ بِفِنَاءِ أَبي أَيُّوبَ، فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاة، وَيُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَم، ثمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ فَأَرْسَلَ إِلى مَلإِ بَني النَّجَّارِ فَجَاءواْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" يَا بَني النَّجَّارِ ثَامِنُوني حَائِطَكُمْ هَذَا " 00؟
ـ أَيِ اعْرِضُواْ عَلَيَّ لَهُ ثَمَنَاً ـ فَقَالُواْ: لَا وَاللهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَاّ إِلى الله 00 فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ المُشْرِكِين، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَب، وَكَانَ فِيهِ نخْل، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِع، فَصَفُّواْ النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُواْ عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ المَنَاقِبِ بَابِ: مَقْدِمِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَقْم: (3932)، الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ المَسَاجِدِ بِرَقْم: 524]
عِضَادَتَيْهِ أَيْ: عَمُودَيْ بَوَّابَتِهِ 0
النَّهْيُ عَنْ تَشْرِيفِ الأَضْرِحَةِ سَدَّاً لِلذَّرَائِع
وَلِذَا نهَى أَيْضَاً عَنْ طِلَاءِ القَبرِ أَوِ البِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ حَتىَّ الكِتَابَةِ عَلَيْهِ سَدَّاً لِلذَّرَائِع:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:
" نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يجَصَّصَ القَبر ـ أَيْ يُطْلَى بمَا يُشْبِهُ الجِبْس ـ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْه، وَأَنْ يُبْنى عَلَيْه " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: النَّهْيِ عَنْ تجْصِيصِ القَبْرِ وَالجُلُوسِ عَلَيْه بِرَقْم: 970]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نهَى أَنْ يُبْنى عَلَى القَبْر " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1564]
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال:
" نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُكْتَبَ عَلَى القَبْرِ شَيْء "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: 12799، كَمَا صَحَّحَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 1563]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:
" نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبْنى عَلَى القَبْرِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ يُجَصَّصَ ـ أَيْ يُطْلَى ـ أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْه " 0
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم 0 انْظُرِ المُسْتَدْرَكَ بِرَقْم: 1369، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 2027]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ القُبُور، وَالمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا المَسَاجِدَ وَالسُّرُج " 0
[صَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2030، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
كَلَامٌ آخَرُ لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ في ذَلِك:
يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَة: " وَلِذَا نهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ في المَقْبرَةِ مُطْلَقَاً وإِنْ لَمْ يَقْصِدِ المُصَلِّي بَرَكَةَ البُقْعَةِ بِصَلَاتِهِ كَمَا يَقْصِدُ بِصَلَاتِهِ بَرَكَةَ المَسَاجِد، كَمَا نهَى عَنِ الصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبهَا؛ لأَنهَا أَوْقَاتٌ يَقصِدُ المشْرِكُونَ الصَّلَاةَ فِيهَا لِلشَّمْس؛ فَنَهَى أُمَّتَه عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذ وَإِن لَمْ يَقْصِدِ المُصَلي مَا قَصَدَهُ المُشْرِكُونَ سَدَّاً لِلذَّرِيعَة " 0 [ابْنُ القَيِّمِ في " إِغَاثَةِ اللهْفَانِ " بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت 0 ص: 185/ 1]
النَّهْيُ عَنِ الدَّفْنِ في الْبُيُوت
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اجْعَلُواْ مِنْ صَلَاتِكُمْ في بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَجْعَلُوهَا عَلَيْكُمْ قُبُورَاً كَمَا اتَّخَذَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى في بُيُوتِهِمْ قُبُورَاً " 0
[قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في السِّيَر: " هَذَا حَدِيثٌ نَظِيفُ الإِسْنَادِ حَسَنُ المَتْن " 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 30/ 8]
الصَّلَاةُ إِلى القَبر
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَينَ الْقُبُور " 0 [قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح، وَلَهُ طُرُق 0 انْظُرْ هُنَالِكَ الحَدِيثَ رَقْم: 126]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
" الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِد؛ إِلَاّ المَقْبَرَةَ وَالحَمَّام " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 126، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 745]
عَن أَبي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تُصَلُّواْ إِلى القُبُورِ وَلَا تجْلِسُواْ عَلَيْهَا " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الجُلُوسِ عَلَى القَبْر بِرَقْم: 972، وَالحَدِيثُ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42574]
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَال رضي الله عنه: القَبْرَ القَبْرَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَة " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الصَّلَاةِ بَابِ: هَل تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الجَاهِلِيَّةِ وَيُتَّخَذُ مَكَانهَا مَسَاجِدَ بِرَقْم: 427]
يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ في كِتَابِهِ الرَّيَّانِ " إِغَاثَةِ اللهْفَانِ " مُعَلِّقَاً عَلَى هَذَا الحَدِيث: " وَفِعْلُ أَنَس رضي الله عنه لَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِقَادِهِ جَوَازَهُ؛ فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَرَهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَم أَنَّهُ قَبر، أَو ذَهِلَ عَنهُ فَلَمَّا نَبَّهَهُ عُمَرُ رضي الله عنه تَنَبَّه " 0
[ابْنُ القَيِّمِ في " إِغَاثَةِ اللهْفَانِ " بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت 0 ص: 186/ 1]
وَعَدَمُ أَمْرِهِ بِالإِعَادَةِ لَا يَعْني التَّهَاوُنَ بِشَأْنِ المَسْأَلَة، وَإِنمَا لأَنَّهُ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الخَطَأ 00
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَن أُمَّتيَ الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 2045]
وَشَأْنُهُ أَيْضَاً شَأْنُ مَنْ صَلَّى في ثَوْبٍ نجِسٍ وَلَمْ يَنْتَبِهْ إِلَاّ بَعْدَ الصَّلَاة:
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى في ثَوْبِهِ دَمَاً وَهُوَ يُصَلِّي وَضَعَهُ وَمَضَى في صَلَاتِه، وَقَالَ ابْنُ المُسَيَّبِ وَالشَّعْبيّ:
إِذَا صَلَّى وَفي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ، أَوْ لِغَيْرِ القِبْلَةِ أَوْ تَيَمَّمَ فَصَلَّى ثمَّ أَدْرَكَ المَاءَ في وَقْتِهِ لَا يُعِيد " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الوُضُوءِ بَابِ: إِذَا أُلقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلَاتُه بِرَقْم: 240]
سُبُلُ الوِقَايَةِ مِن عَذَابِ القَبر
1 ـ ترْكُ النَّمِيمَةِ وَالَاسْتِتَارُ في البَوْل 00
=======================
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:
" مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ فَقَال: " إِنهُمَا لَيُعَذَّبَان، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِير؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ ـ أَيْ يَحْتَرِزُ ـ مِنَ البَوْل، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَة " 00 ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْن، فَغَرَزَ في كُلِّ قَبرٍ وَاحِدَة؛ قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ فَعَلتَ هَذَا 00؟!
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا " 0
[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الوُضُوءِ بِرَقْم: (218)، الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ بِرَقْم: 292]
عَن أَنَسٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " تَنَزَّهُواْ مِنَ الْبَوْل؛ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنه "
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَفي الإِرْوَاءِ، بِرَقْمَيْ: 5313، 280، رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَالْبَزَّار]
2 ـ حِفْظُ سُورَةِ تَبَارَكَ وَقِرَاءتُهَا كُلَّ لَيْلَة:
=========================
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا مَا هِيَ إِلَاّ ثَلَاثُونَ آيَةً: شَفَعَتْ لِرَجُلٍ فَأَخْرَجَتْهُ مِنَ النَّارِ وَأَدْخَلَتْهُ الجَنَّة " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3838]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ سُورَةً في القُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً؛ شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتىَّ غُفِرَ لَه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: (3786)، وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 1400]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " سُورَةٌ مِنَ القُرْآنِ مَا هِيَ إِلَاّ ثَلَاثُونَ آيَةً؛ خَاصَمَتْ عَنْ صَاحِبِهَا حَتىَّ أَدْخَلَتْهُ الجَنَّة وَهِيَ {تَبَارَك} " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (5957/ 3644)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ في الأَوْسَط]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " سُورَةُ تَبَارَكَ هِيَ المَانِعَةُ مِن عَذَابِ القَبر " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (3643، 1140)، رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْه]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: " يُؤْتَى الرَّجُلُ في قَبْرِهِ، فَتُؤْتَى رِجْلَاهُ فَتَقُولُ رِجْلَاه: لَيْسَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي سَبِيل؛ كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ بي سُورَةَ المُلْك، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ صَدْرِهِ ـ أَوْ بَطْنِهِ ـ فَيَقُول: لَيْسَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي سَبِيل؛ كَانَ يَقْرَأُ بي سُورَةَ المُلْك، ثُمَّ يُؤْتَى رَأْسُهُ فَيَقُول: لَيْسَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي سَبِيل؛ كَانَ يَقْرَأُ بي سُورَةَ المُلْك، فَهِيَ المَانِعَة، تَمْنَعُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، وَهِي في التَّوْرَاةِ سُورَةُ المُلْك، مَنْ قَرَأَهَا في لَيْلَةٍ فَقَدْ أَكْثَرَ وَأَطْيَب " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الإِمَامُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3839]
3 ـ أَدَاءُ الزَّكَاة، وَكَثْرَةُ الصَّدَقَات:
======================
عَن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ عَن أَهْلِهَا حَرَّ الْقُبُور، وَإِنَّمَا يَسْتَظِلُّ المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَةِ في ظِلِّ صَدَقَتِه " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (3484)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
4 ـ المَوْتُ يَوْمَ الجُمُعَة:
=============
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَة؛ إِلَاّ وَقَاهُ اللهُ فِتنَةَ القَبر " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6646، وَحَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْمَيْ: 5773، 1074]
5 ـ المَوْتُ شَهَادَةً في سَبِيلِ الله:
=================
قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ الله:
" مَا بَالُ المُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ في قُبُورِهِمْ إِلَاّ الشَّهِيد 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: 2053]
6 ـ المَوْتُ رِبَاطَاً في سَبِيلِ الله:
=================
عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنْ مَاتَ مُرَابِطَاً في سَبِيلِ اللهِ أَمَّنَهُ اللهُ مِنْ فِتْنَةِ القَبر " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيح "، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَاني]
الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَزِيَارَتُهُ لِقَبرِ أُمِّه
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اسْتَأْذَنْتُ رَبي أَن أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَن أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لي " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: اسْتِئْذَانِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ عز وجل في زِيَارَةِ قَبرِ أُمِّه بِرَقْم: 976]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: زَارَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَال: " اسْتَأْذَنْتُ رَبيِّ في أَن أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَن أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لي؛ فَزُورُواْ القُبُورَ فَإِنهَا تُذَكِّرُ المَوْت " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (976)، وَالغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " بِكِتَابِ ذِكرِ المَوْتِ: (1880)، الكَنْزِ بِرَقْم: 42586]
وَبِنَصِّ الحَدِيث: فَزِيَارَةُ قَبرِ الكَافِرِ لَا حَرَجَ فِيهَا، إِنمَا الحَرَجُ كُلُّ الحَرَجِ في الَاسْتِغْفَارِ لَه 00
وَعَدَمُ الإِذْنِ في الَاسْتِغْفَارِ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَنْ يَسْتَغْفِرُواْ لِلمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُمْ أَنهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيم} [التَّوْبَة: 113]
فَالكَافِرُ شَقِيٌّ لَا حَظَّ لَهُ، وَشَقَاؤُهُ لَيْسَ في عَذَابِهِ فَحَسْب، وَلَكِنْ في حِرْمَانِهِ حَتىَّ مِنْ دُعَاءِ وَشَفَاعَةِ الصَّالحِينَ وَاسْتِغْفَارِهِمْ، حَتىَّ وَلَوْ كَانَ ابْنَ نَبيٍّ أَوْ أَبَاه 00!!
اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" رَحِمَكَ اللهُ وَغَفَرَ لَكَ يَا عَمّ، وَلَا أَزَالُ أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتىَّ يَنهَاني الله " 00 فَأَخَذَ المُسْلِمُونَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوْتَاهُمُ الَّذِينَ مَاتُواْ وَهُمْ مُشْرِكُون؛ فَأَنْزَلَ اللهُ جل جلاله:
{التَّوْبَة/113}
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3290]
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَال:
" سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْتَغْفِرُ لأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَان؛ فَقُلْت: لَا تَسْتَغْفِرْ لأَبَوَيْكَ وَهُمَا مُشْرِكَان 00؟!
فَقَال: أَوَلَيْسَ قَدِ اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِك 00؟!
فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَنَزَلَتْ:
{مَا كَانَ لِلنَّبيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَنْ يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُمْ أَنهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيم {113} وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلَاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيم} {التَّوْبَة} [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3289]
حَدَّثَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ رضي الله عنه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذِهِ الآيَة: " لَقَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في صُنعِ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ مَعَهُ إِلَاّ في اسْتِغْفَارِهِ لأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِك " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3803]
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ أَيْضَاً في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ مُعَلِّقَاً عَلَى نَفْسِ الآيَة: " قَدْ أَمَرَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا المُؤْمِنِينَ أَن يَتَأَسَّوْا بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَمَنِ اتَّبَعَهُ، إلَاَّ في قَوْلِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام لأَبِيهِ] لأَسْتَغْفِرَنَّ لَك [؛ فَإِنَّ اللهَ جل جلاله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ " 0
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَتَفَكُّرُهُ في القُبُور
عَن هَانِئٍ مَوْلىَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَال: " رَأَيْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَاقِفَاً عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي، حَتىَّ بَلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِن هَذَا 00؟
قَالَ رضي الله عنه: إِنيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَة؛ فَإِنْ نَجَا مِنهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنهُ " 0
وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَا رَأَيْتُ مَنْظَرَاً إِلَاّ وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنهُ " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 454، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7942]
وَصَدَقَ الشَّاعِرُ إِذ يَقُول:
القَبرُ بَابٌ وَكُلُّ النَّاسِ دَاخِلُهُ * يَا لَيْتَ شِعْرِيَ بَعْدَ المَوْتِ مَا الدَّارُ
{أَبُو الْعَتَاهِيَة}
عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ وَتَفَكُّرُهُ في القُبُور
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ لِبَعضِ جُلَسَائِهِ يَوْمَاً: " يَا فُلَان: لَقَدْ أَرِقْتُ اللَّيلَةَ أَتَفَكر في القَبرِ وَسَاكِنِه، وَإِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ الميِّتَ بَعْدَ ثَلَاثٍ في قَبرِهِ لَاسْتَوحَشْتَ مِنْ قُربِهِ، وَلَرَأَيْتَ بَيْتَاً تجُولُ فِيهِ الهَوَامُّ بَينَ الأَكفَان، وَيجْرِي فِيهِ الصَّدِيدُ وَالديدَان، ثمَّ شَهِقَ شَهْقَةً فَخَرَّ مَغْشِيَّاً عَلَيه " 0 [الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِق: 1880]
وَقَالَ في ذَلِكَ رضي الله عنه أَيْضَاً:
" أَلَا تَرَى أَنَّ المَرْءَ إِذَا مَاتَ تَوَسَّدَ التُّرَاب، وَتَرَكَهُ الأَحْبَاب، وَتَقَطَّعَتْ بِهِ الأَسْبَاب " 00؟
[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ الحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 كِتَابُ ذِكْرِ المَوْتِ بِتَصَرُّف: 1835]
وَكَأَني بِالمَيِّتِ لَوْ نَطَقَ حَالَئِذٍ لَقَال:
مَشَيْنَاهَا خُطَىً كُتِبَتْ عَلَيْنَا * وَمَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ خُطَىً مَشَاهَا
وَمَنْ كَانَتْ مَنِيَّتُهُ بِأَرْضٍ * فَلَيْسَ بِمَيِّتٍ فِيمَا سِوَاهَا
وَقَالَ مَيْمُونُ بنُ مَهْرَان:
" خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ إِلى المَقبرَةِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلى القُبورِ بَكَى، ثم أَقبَلَ عَلَيَّ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا مَيْمُون: هَذِهِ قُبُور آبَائِي بَني أمَيَّة، كَأَنَّهُمْ لَمْ يُشَارِكُواْ أَهْلَ الدنيَا في لَذَّاتهِمْ وَعَيْشِهِمْ؛ أَمَا تَرَاهُمْ صَرْعَى قَدْ حَلَّتْ بهِمُ المَثُلَات، وَاسْتَحْكَمَ فِيهِمُ البِلَى، وَأَصَابَتْ الهَوامُّ مَقِيلاً في أَبْدَانهمْ؟ ثمَّ بَكَى حَتىَّ اخْضَلَّتْ لحْيَتُه " 0
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِيّ دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ أَقَاوِيلُهُمْ عِنْدَ القُبُور: 1881]
كَلِمَةٌ عَنِ المَوْتِ وَالقَبرِ لِلإِمَامِ أَبي حَامِدٍ الغَزَاليّ
كَتَبَ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ رضي الله عنه كِتَابَاً عَنِ المَوْتِ قَالَ في مُقَدِّمَتِه: " الحَمْدُ للهِ الَّذِي قَصَمَ بِالمَوْتِ رِقَابَ الجَبَابِرَة، وَكَسَرَ بِهِ ظُهُورَ الأَكَاسِرَة، وَقَصَّرَ بِهِ آمَالَ القَيَاصِرَة، الَّذِينَ كَانُواْ يُكَذِّبُونَ بِالآخِرَة، فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَة؛ فَنُقِلُواْ مِنَ القُصُورِ إِلى القُبُور، وَمِنْ مُعَاقَرَةِ الشَّرَاب: إِلى النَّوْمِ عَلَى التُّرَاب، وَمِنَ الفُرُشِ الوَثِيرَة، وَالغُرَفِ المُنِيرَة: إِلى غُرَفٍ مُظلِمَة، وَنَوْمَةٍ مُؤلِمَة، الدُّودُ أَنِيسُهُمْ، وَمُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ جَلِيسُهُمْ " 0
[الإِحْيَاء 0 دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة 0 كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ بِتَصَرُّف: 1839]
الرَّبِيعُ بْنُ الخُثَيِّمِ وَتَفَكُّرُهُ في القُبُور
حَفَرَ الرَّبِيعُ بْنُ الخُثَيِّمِ رضي الله عنه قَبْرَاً في بَيْتِهِ كَانَ يَنْزِلُهُ كُلَّمَا وَجدَ في قَلبِهِ قَسَاوَة، وَيَنَامُ نَوْمَةَ المَيِّتِ ثمَّ يَصْرُخُ وَيَقُول:
{رَبِّ ارْجِعُون {99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالحَاً فِيمَا تَرَكت} {المُؤْمِنُون}
ثمَّ يَنهَضُ وَيَقُولُ لِنَفْسِه: هَا أَنْتِ ذَا قَدْ عُدْتِ فَاعْمَلِي صَالحَاً 00!!
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0
كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1881]
عَن أَبي الحَجَّاجِ الثُّمَاليِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يَقُولُ القَبرُ لِلمَيِّتِ حِينَ يُوضَعُ فِيه: وَيحَكَ يَا ابْنَ آدَم: مَا غَرَّكَ بي؛ أَلَمْ تَعْلَمْ أَني بَيْتُ الفِتنَة، وَبَيْتُ الظُّلمَة، وَبَيْتُ الوِحْدَة، وَبَيْتُ الدُّود " 00؟!
[ضَعَّفَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: (46/ 3)، ابْنُ أَبي الدُّنيَا وَالطَّبرَانيُّ، وَالغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " ص: 1894]
سَيِّدُنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه وَتَفَكُّرُهُ في القُبُور
وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه يَقْعُدُ إِلى القُبُور؛ فَقِيلَ لَهُ في ذَلِكَ فَقَال:
" أَجْلِسُ إِلى قَوْمٍ يُذَكِّرُوني مَعَادِي وَإِذَا قُمْتُ لَمْ يَغْتَابُوني " 0
[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّة: 1880]
سُبْحَانَ اللهِ يَا أَبَا الدَّرْدَاء، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَا يُؤْمَنُ شَرُّهُمْ إِلَاّ إِذَا مَاتُواْ 00!!
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَرْب: " تَتَعَجَّبُ الأَرضُ مِنْ رَجُل يمَهِّدُ مَضْجَعَهُ ويُسَوِّي فِرَاشَهُ لِلنَّوْمِ فَتَقُول: يَا ابْنَ آدَمَ لِمَ لَا تَذْكُرُ طُولَ بِلَاكَ وَمَا بَيْني وَبَيْنَكَ شَيْء " 00؟
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِيّ دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ أَقَاوِيلُهُمْ عِنْدَ القُبُور: 1881]
بِأَيِّ خَدَّيْكَ بَدَأَ الدُّودُ يَا أَبَتِ
وَمَرَّ دَاوُدُ الطائي عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِى عَلَى قَبرٍ وَهْيَ تَقُول:
عَدِمْتُ الحَيَاةَ وَلَا نِلْتُهَا * إِذَا كُنْتَ في القَبْرِ قَدْ أَلحَدُوكَا
وَكَيْفَ يَطِيبُ لجَفْنيَ نَوْمٌ * وَأَنْتَ بِيُمْنَاكَ قَدْ وَسَّدُوكَا
ثمَّ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ بِأَيِّ خَدَّيكَ بَدَأَ الدُّود 00؟ فَصَعِقَ دَاوُد 00!!
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِيّ دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ أَقَاوِيلُهُمْ عِنْدَ القُبُور: 1882]
أَيْنَ محَاسِنُ تِلكَ الصُّوَر، وَأَيْنَ المعَظَّمُ وَالمحْتَقَر
وَقَالَ مَالِكُ بنُ دِينَار رضي الله عنه: " مَرَرْتُ بالمَقبرَة فَرَدَّدْتُ قَوْلَ الشَّاعِر:
أَتَيْتُ القُبُورَ فَنَادَيْتُهَا * فَأَيْنَ المعَظَّمُ وَالمحْتَقَرْ
وَأَيْنَ المُدِلُّ بِسُلطَانِهِ * وَأَيْنَ المُمَجَّدُ بَينَ البَشَرْ
وَأَيْنَ قُصُورُهُمُ الشَّامخَاتُ * وَأَيْنَ محَاسِنُ تِلْكَ الصُّوَرْ
فَنُودِيتُ مِنْ بَيْنِهَا أَسْمَعُ صَوْتَاً وَلَا أَرَى شَخْصَاً:
تَفَانَواْ جَمِيعَاً فَمَا مُخْبرٌ * وَمَاتُواْ جمِيعَاً وَمَاتَ الخَبرْ
فَيَا سَائِلي عَن أُنَاسٍ مَضَواْ * أَمَا لَكَ فِيمَا تَرَى مُعْتَبرْ
فَرَجَعْتُ وَأَنَا بَاكٍ " 0
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِيّ دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ أَقَاوِيلُهُمْ عِنْدَ القُبُور: 1882]
وَزَارَ ابْنُ الرُّومِيِّ قَبرَ صَدِيقٍ لَهُ، فَوَجَدَ عَلَى قَبرِهِ يَمَامَةً قَدْ عَشَّشَتْ؛ فَأَنْشَدَ يَقُول:
قَالَتْ يَمَامَةُ قَبرِهِ * وَلَرُبَّ أَخْرَسَ نَاطِقُ
فَارَقتَهُ وَلَزِمْتُهُ * فَأَنَا الصَّدِيقُ الصَّادِقُ
[شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ في البَابِ (72) مِنْ كِتَابِ " المُسْتَطْرَف " بِتَصَرُّف 0 طَبْعَةُ دَارِ الكُتُبِ العِلمِيَّة 0 ص: 422/ 2]
حَقَّاً وَاللهِ: صَدِيقُكَ الوَفيُّ لَيْسَ مَنْ يَزُورُكَ في حَيَاتِك، وَلَكِنْ مَنْ يَزُورُكَ بَعْدَ وَفَاتِك 0
يَمُرُّ أَقَارِبي وَلَقَدْ نَسُوني
وَقَالَ أَحَدُ الصَّالحِين: مَرَرْتُ عَلَى المقَابرِ فَإِذَا بِقَبرٍ مَكتُوبٍ عَلَيْه:
يَمُرُّ أَقَارِبي وَلَقَدْ نَسُوني * كَأَنَّ أَقَارِبي لَمْ يَعْرِفُوني
ذَوُو المِيرَاثِ يَقْتَسِمُونَ مَالي * عَلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَقْضُواْ دُيُوني
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِيّ دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ أَقَاوِيلُهُمْ عِنْدَ القُبُور: 1882]
تَبَّاً لهَا مِنْ دُنيَا 00!!
وَوُجِدَ عَلَى قَبرٍ آخَرَ مَكتُوبَاً:
وَقَفْتُ عَلَى الأَحِبَّةِ حِين صُفَّتْ * قُبُورُهُمُ كَأَفْرَاسِ الرِّهَانِ
فَمَاتَ القَلْبُ غَمَّاً عِنْدَمَا قَدْ * رَأَتْ عَيْنَايَ بَيْنَهُمُ مَكَاني
[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةُ الحَافِظِ العِرَاقِيّ دَارُ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ أَقَاوِيلُهُمْ عِنْدَ القُبُور: 1883]
حَتىَّ في القُبُورِ يَا أَصْحَابَ القُصُورِ يَرْكَبُكُمُ الغُرُور
دَخَلَ أَحَدُ الشُّعَرَاءِ المَقَابِرَ فَوَجَدَ قُبُورَ الأَغْنِيَاءِ مَبْنِيَّةً بِالرُّخَامِ فَأَنْشَأَ يَقُول:
إِذَا مَا مَاتَ أَصْحَابُ القُصُورِ * بَنَواْ فَوْقَ المَقَابِرِ بِالصُّخُورِ
أَبَواْ إِلَاّ مُبَاهَاةً وَفَخْرَاً * عَلَى الفُقَرَاءِ حَتىَّ في القُبُورِ
[التِّلمِسَانيُّ في " نَفْحِ الطِّيبِ مِن غُصْنِ الأَنْدَلُسِ الرَّطِيب " بِتَصَرُّف 0 دَار صَادِر 0 بَيرُوت 0 ص: 256/ 2]
فَضِيلَةُ الشّيخ كِشْك وَتَفَكُّرُهُ في القُبُور
وَللهِ فَضِيلَةُ الشّيخ كِشْك رحمه الله حَيْثُ يَقُول: " إِنَّ الدُّودَ الَّذِي يَأْكُلُ المَوْتَى لَا يُفَرِّقُ بَينَ فَقِيرٍ وَغَنيّ؛ يَأْكُلُ هَذَا وَيَأْكُلُ ذَاك، وَمَصْلَحَةُ الجَمَارِكِ هُنَاكَ مَكْتُوبٌ عَلَى بَابهَا:
[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " بِتَصَرُّف: (158/ 10)، وَالآيَةُ مِنْ سُورَةِ الأَنعَام: 94]
الغُرْبَةُ الحَقِيقِيَّة
وَأَخْتِمُ كَلَامِي هَذَا عَنِ القَبرِ بهَذِهِ القَصِيدَةِ الخَالِدَةِ العَصْمَاء:
لَيْسَ الغَرِيبُ غَرِيبَ الشَّامِ وَاليَمَنِ * إِنَّ الغَرِيبَ غَرِيبُ اللَّحْدِ وَالكَفَنِ
إِنَّ الغَرِيبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ * عَلَى المُقِيمِينَ في الأَوْطَانِ وَالسَّكَنِ
لَا تَنهَرَنَّ غَرِيبَاً حَالَ غُرْبَتِهِ * فَالدَّهْرُ يَنهَرُهُ بِالذُّلِّ وَالمحَنِ
سَفْرِي بَعِيدٌ وَزَادِي لَنْ يُبَلِّغَني * وَقُوَّتي ضَعُفَتْ وَالمَوْتُ يَطلُبُني
وَلي بَقَايَا ذُنُوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُهَا * اللهُ يَعْلَمُهَا في السِّرِّ وَالعَلَنِ
مَا أَحْلَمَ اللهَ عَنيِّ حَيْثُ أَمْهَلَني * وَقَدْ تمَادَيْتُ في ذَنْبي وَيَسْتُرُني
تمُرُّ سَاعَاتُ أَيَّامِي بِلَا نَدَمٍ * وَلَا بُكَاءٍ وَلَا خَوْفٍ وَلَا حَزَنِ
أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوَابَ مجْتَهِدَاً * عَلَى المَعَاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني
دَعْني أَنُوحُ عَلَى نَفْسِي وَأَنْدُبهَا * وَفي البُكَاءِ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ زَمَني
دَعْني أَسُحُّ دُمُوعَاً لَا انْقِطَاعَ لهَا * لَعَلَّ رَبِّي بِدَمْعِ الْعَينِ يَرْحَمُني
كَأَنَّني بَينَ تِلْكَ الأَهْلِ مُنْطَرِحَاً * عَلَى الْفِرَاشِ وَأَيْدِيهِمْ تُقَلِّبُني
وَقَدْ تجَمَّعَ حَوْلي مَنْ يَنُوحُ وَمَنْ * يَبْكِي عَلَيَّ وَيَنعَاني وَيَنْدُبُني
وَقَدْ أَتَواْ بِطَبِيبٍ كَيْ يُعَالجَني * وَلَا طَبِيبَ أَرَاهُ اليَوْمَ يَنْفَعُني
وَاشْتَدَّ نَزْعِي وَصَارَ المَوْتُ يَجْذِبُهَا * مِنْ كُلِّ عِرْقٍ بِلَا رِفْقٍ وَلَا وَهَنِ
وَجَاءَ ني رَجُلٌ مِنهُمْ فَجَرَّدَني * مِنَ الثِّيَابِ وَأَعْرَاني وَأَفرَدَني
وَفَوْقَ مِغْسَلَةِ الأَمْوَاتِ غَسَّلَني * وَصَبَّ فَوْقِيَ مَاءً كَيْ يُنَظِّفَني
وَأَخْرَجُوني مِنَ الدُنيَا فَوَاأَسَفَا * عَلَى رَحِيلٍ بِلَا زَادٍ يُبَلِّغُني
وَحَمَّلُوني عَلَى الأَكتَافِ أَرْبَعَةٌ * مِنَ الرِّجَالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
صَلُّواْ عَلَيَّ صَلَاةً لَا رُكُوعَ لهَا * وَلَا سُجُودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلُوني إِلى قَبرِي عَلَى مَهَلٍ * وَقَدَّمُواْ وَاحِدَاً مِنهُمْ يُلَحِّدُني
وَجَاءَ ني رَجُلٌ مِنهُمْ لِيَنْظُرَني * فَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِن عَيْنَيْهِ أَغْرَقَني
وَقَالَ هُلُّواْ التُّرَابَ عَلَيْهِ وَاغْتَنِمُواْ * حُسْنَ الثَّوَابِ مِنَ الرَّحمَنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القَبرِ لَا أُمٌّ هُنَاكَ وَلَا * أَبٌ شَفِيقٌ وَلَا خِلٌّ لِيُؤْنِسَني
ذَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ مَا وَرَاءهُمَا * قَدْ هَالَني أَمْرُهُمْ جِدَّاً وَأَفْزَعَني
وَأَقعَدَاني وَجَدَّا في مُسَاء لَتي * مَا لي سِوَاكَ إِلَهِي مَنْ يخَلِّصُني
وَقَسَّمَ الأَهْلُ مَالي بَعْدَمَا انْصَرَفُواْ * وَصَارَ وِزْرِي عَلَى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
وَاسْتَبْدَلَتْ زَوْجَتي بَعْلاً لهَا بَدَلي * وَحَكَّمَتْهُ عَلَى الأَمْوَالِ وَالسَّكَنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدِي عَبْدَاً لِيَخْدُمَهُ * وَصَارَ مَالي لَهُمْ حِلاًّ بِلَا ثمَنِ
فَلَا تَغُرَّنَّكَ الدُّنيَا وَبهْجَتُهَا * وَانْظُرْ إِلى فِعْلِهَا في الأَهْلِ وَالوَطَنِ
وَانْظُر لِمَنْ مَلَكَ الدُّنيَا بِأَجْمَعِهَا * هَلْ رَاحَ منهَا بغَيرِ القُطْنِ وَالكَفَنِ