المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كفى بالموت واعظا: - موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌[مَقَالَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني]

- ‌أَصُونُ كَرَامَتي مِنْ قَبْلِ قُوتي

- ‌أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُول

- ‌إِعْصَار كَاتْرِينَا

- ‌إِنْقَاذُ السُّودَان؛ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان

- ‌الإِسْلَامُ هُوَ الحَلّ، وَلَيْسَ الإِرْهَابُ هُوَ الحَلّ

- ‌الْبَهَائِيَّة، وَادعَاءُ الأُلُوهِيَّة

- ‌الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَان:

- ‌الدِّينُ النَّصِيحَة:

- ‌الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ

- ‌الفَنَّانَاتُ التَّائِبَاتُ

- ‌{أَرَاذِلُ الشُّعَرَاء}

- ‌الحُلْمُ الجَمِيل:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتجْوِيدِه:

- ‌فَضْلُ حِفْظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيّ:

- ‌ فَضْلُ بِنَاءِ المَسَاجِد **

- ‌فُقَرَاء، لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌فِقْهُ الحَجِّ وَرَوْحَانِيَّاتُه:

- ‌قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:

- ‌لُغَتُنَا الجَمِيلَة:

- ‌مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌أَنْقِذُونَا بِالتَّغْيِير؛ فَإِنَّا في الرَّمَقِ الأَخِير:

- ‌إِيرَان؛ بَينَ المِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَان

- ‌الأَمِينُ غَيرُ الأَمِين

- ‌الإِرْهَابُ وَالأَسْبَابُ المُؤَدِّيَةُ إِلَيْه

- ‌الحَاكِمُ بِأَمْرِ الشَّيْطَان

- ‌الشَّاعِرُ المَغْرُور

- ‌الْفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالرُّوتِينُ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة

- ‌الْقِطَطُ السِّمَان

- ‌الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي

- ‌المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون

- ‌بَعْضَ الَاهْتِمَام؛ يَا هَيْئَةَ النَّقْلِ الْعَامّ

- ‌ثَمَانِ سَنَوَات؛ يَا وَزَارَةَ الاتِّصَالات

- ‌جَمَاعَةُ الإِخْوَانِ المحْظُوظَة

- ‌دُورُ " النَّشْل

- ‌شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ

- ‌شُعَرَاءُ الْفُكَاهَة؛ بَيْنَ الجِدِّيَّةِ وَالتَّفَاهَة

- ‌صَنَادِيقُ شَفَّافَة، وَنُفُوسٌ غَيرُ شَفَّافَة

- ‌ ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق

- ‌فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس

- ‌قَتَلُواْ بِدَاخِلِنَا فَرْحَةَ الْعِيد

- ‌قَصِيدَةً مِنْ نَار؛ لِمَنْ يَتَّهِمُني بِسَرِقَةِ الأَشْعَار

- ‌قَنَاةٌ فَضَائِيَّةٌ تَلْفِتُ الأَنْظَار؛ بِالطَّعْنِ في نَسَبِ النَّبيِّ المخْتَار

- ‌مَتى سَيُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف

- ‌مُوَسْوِسُونَ لَكِنْ ظُرَفَاء

- ‌يَتْرُكُونَ المُشَرِّفِين؛ وَيُقَدِّمُونَ " المُقْرِفِين

- ‌يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ وَيَعْمَلُ بَنَّاءً

- ‌أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:

- ‌فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء

- ‌مخْتَارَاتٌ مِنْ دِيوَاني:

- ‌الحَمَاسَةُ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌إِهْدَاءُ الحَمَاسَةِ الحَمَدَانِيَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ الحَمَاسَة:

- ‌بَحْرُ الخَفِيف:

- ‌بَحْرُ الْبَسِيط:

- ‌بَحْرُ الرَّجَز:

- ‌بَحْرُ الرَّمَل:

- ‌بَحْرُ الوَافِر:

- ‌بَحْرُ المُتَدَارَك:

- ‌بَحْرُ المُتَقَارِب:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 2]:

- ‌[بَحْرُ الكَامِلِ وَالطَّوِيل ـ 3]:

- ‌مجْزُوءُ الرَّمَل:

- ‌مجْزُوءُ الرَّجَز:

- ‌مجْزُوءُ الْوَافِر:

- ‌مجْزُوءُ الْكَامِل:

- ‌مُخَلَّعُ الْبَسِيط:

- ‌[مَنهُوكُ الرَّجَز

- ‌كِتَابُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌مُقَدِّمَةُ الرِّضَا بِالقَلِيل

- ‌تَمْهِيدُ الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌الفَقِيرُ الصَّابِر:

- ‌الرِّضَا بِالقَلِيل:

- ‌عَفَافُ النَّفْس:

- ‌كِتَابُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌مُقَدِّمَةُ فَقْدِ الأَحِبَّة:

- ‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

- ‌أَحْكَامُ الجَنَائِز:

- ‌فَقْدُ الأَحِبَّة:

- ‌وَفَاةُ الحَبِيب:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومِ المُسْلِمِين:

- ‌مُصِيبَةُ المَرَض:

- ‌مُصِيبَةُ السِّجْنِ وَالحَدِيثُ عَنِ المَظْلُومين:

- ‌هُمُومُ المُسْلِمِين:

- ‌كِتَابُ هُمُومِ العُلَمَاء

- ‌مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌هُمُومُ العُلَمَاء:

- ‌[كِتَابُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌[مُقَدِّمَةُ قَصَائِدِ الأَطْفَال]:

- ‌أَرْشِيفُ الحَمَدَاني:

- ‌انحِرَافُ الشَّبَاب:

- ‌البَيْتُ السَّعِيد

- ‌أَدَبُ الحِوَارِ في الإِسْلَام:

- ‌{الأَدَبُ مَعَ اللهِ وَرَسُولِهِ

- ‌ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجْ:

- ‌الدِّينُ الحَقّ:

- ‌الطِّيبَةُ في الإِسْلَام:

- ‌الْعِلْمُ وَالتَّعْلِيم:

- ‌العَمَلُ وَالكَسْب:

- ‌الكِبْرُ وَالغُرُور

- ‌المَمْلَكَةُ العَادِلَة:

- ‌بِرُّ الوَالِدَين:

- ‌نُزْهَةٌ في لِسَانِ الْعَرَب:

- ‌تَرْجَمَةُ الذَّهَبيّ؛ بِأُسْلُوبٍ أَدَبيّ [

- ‌حَالُ المُسْلِمِين:

- ‌رِجَالٌ أَسْلَمُواْ عَلَى يَدِ الرَّسُول:

- ‌فَوَائِدُ الصَّوْم:

- ‌زُهْدِيَّات:

- ‌(طَوَارِئُ خَطَابِيَّة)

- ‌فَضَائِلُ الصَّحَابَة:

- ‌مَدِينَةُ كُوسُوفُو:

- ‌مُعَلَّقَاتُ الأَدَبِ الإِسْلَامِيّ:

- ‌فَهْرَسَةُ سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء

الفصل: ‌كفى بالموت واعظا:

‌كَفَى بِالمَوْتِ وَاعِظَاً:

============

ذِكْرُ المَوْت

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

((اسْتَحْيُواْ مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاء 00؟

فَقُلْنَا: يَا نَبيَّ الله؛ إِنَّا لَنَسْتَحْيِي؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ ذَلِك، وَلَكِنْ مَنِ اسْتَحْيىَ مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاء: فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْيَذْكُرِ المَوْتَ وَالبِلَى، وَمَن أَرَادَ الآخِرَة: تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيى مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاء " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7915]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " إِنَّ هَذِهِ القُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الحَدِيدُ إِذَا أَصَابَهُ المَاء " 0

قِيل: وَمَا جِلَاؤُهَا يَا رَسُولَ اللهِ 00؟

قَال صلى الله عليه وسلم: " كَثْرَةُ ذِكْرِ المَوْتِ وَتِلَاوَةُ القُرْآن " 0

[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في المِشْكَاةِ بِرَقْم: (2168)، وَالحَدِيثُ في الشُّعَب بِرَقْم: (2014)، وَفي الكَنْز بِرَقْم: 42130]

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" أَكْثِرُواْ ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّات " 00 يَعْني المَوْت 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7912، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الأَئِمَّةِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ بِأَرْقَام: َ 2307، 1824، 4258]

ص: 3227

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: " دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُصَلَاّهُ فَرَأَى نَاسَاً كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُون ـ أَيْ يَضْحَكُون ـ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى؛ فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ المَوْت؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ إِلَاّ تَكَلَّمَ فِيهِ فَيَقُول: أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَة، وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْدَة، وَأَنَا بَيْتُ التُّرَاب، وَأَنَا بَيْتُ الدُّود، فَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ المُؤْمِنُ قَالَ لَهُ الْقَبر: مَرْحَبَاً وَأَهْلَا، أَمَا إِنْ كُنْتَ لأَحَبَّ مَنْ يمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِليَّ؛ فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِليَّ فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ؛ فَيَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِه، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلى الجَنَّة، وَإِذَا دُفِنَ العَبْدُ الفَاجِرُ أَوْ الكَافِرُ قَالَ لَهُ الْقَبر: لَا مَرْحَبَاً وَلَا أَهْلاً، أَمَا إِنْ كُنْتَ لأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِليَّ؛ فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِليَّ فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ؛ فَيَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتىَّ يَلْتَقِيَ عَلَيْهِ ـ أَيْ حَتىَّ يَتَلَامَسَ عَلَيْهِ جَانِبَا القَبر ـ وَتخْتَلِفَ أَضْلَاعُه،

ص: 3228

وَأَدْخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا في جَوْفِ بَعْض، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَيُقَيِّضُ اللهُ لَهُ سَبْعِينَ تِنِّينَاً لَوْ أَنْ وَاحِدَاً مِنْهَا نَفَخَ في الأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئَاً مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا، فَيَنْهَشْنَهُ وَيَخْدِشْنَهُ حَتىَّ يُفْضَى بِهِ إِلى الحِسَاب، إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّار " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2460، وَالحَدِيثُ في الشُّعَب بِرَقْم: 828، كَمَا في الكَنْز بِرَقْم: 42132]

ص: 3229

عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ وَالمَوْت

قَالَ الخَلِيفَةُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيز لِبَعْضِ العُلَمَاءِ: " عِظْني " 00؟

فَوَعَظَه، فَقَالَ زِدْني 00؟

فَقَال: لَيْسَ مِن آبَائِكَ أَحَدٌ إِلَاّ وَذَاقَ المَوْت، وَقَدْ جَاءتْ نَوْبَتُك؛ فَبَكَى عُمَر " 0

وَقَفْتُ عَلَى الأَحِبَّةِ حِينَ صُفَّتْ * قُبُورُهُمُ كَأَفْرَاسِ الرِّهَانِ

فَإِذْ بِالعَينِ تَبْكِي حِينَ قُلتُ * لِنَفْسِي أَيْنَ بَيْنَهُمُ مَكَاني

[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ الحَافِظِ العِرَاقِيِّ دَارُ الوَثَائِقِ 0 كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1838]

ص: 3230

وَكَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ يمْسِكُ بِلِحْيَتِهِ صَبَاحَ كُلِّ يَوْمٍ وَيَقُولُ لِنَفسِهِ:

نهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفلَةٌ * وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لَازِمُ

تُسَرُّ بِمَا يَفْنى وَتَفْرَحُ بِالمُنى * كَمَا سُرَّ بِاللَّذَّاتِ في النَّوْمِ حَالِمُ

وَتَسْعَى إِلى مَا سَوْفَ تَكرَهُ غِبَّهُ * كَذَلِكَ في الدُّنيَا تَعِيشُ البَهَائِمُ

ثمَّ يَبْكِي حَتىَّ تخْضَلَّ لحْيَتُهُ بِالدُّمُوع 00!!

[غِبُّهُ: أَيْ آخِرَتُهُ 0 عُيُونُ الأَخْبَارِ لَابْنِ قُتَيْبَة 0 طَبْعَةُ بَيرُوت ص: 333/ 2]

ص: 3231

خُطبَةٌ لِلإِمَامِ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ المَوْت:

وَخَطَبَ الإِمَامُ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ المَوْتِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثنى عَلَيْهِ ثمَّ قَال:

" عِبَادَ اللهِ: وَاللهِ المَوْت: لَيْسَ مِنهُ فَوْت، إِن أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ فَرَرْتُمْ مِنهُ أَدْرَكَكُمْ؛ فَالنَجَاةَ النَّجَاة " 0 ثُمَّ قَال: وَرَاءَكُمْ طَالِبٌ حَثِيثٌ: القَبْر؛ فَاحْذَرُواْ ضَغْطَتَهُ وَظُلمَتَهُ وَوَحْشَتَه، أَلَاّ وَإِنَّ القَبْرَ حُفرَةٌ مِن حُفَرِ النَّارِ أَوْ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّة، أَلَاّ وَإِنَّهُ يَتَكَلَّمُ في كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَقُول: أَنَا بَيْتُ الظُّلمَة، أَنَا بَيْتُ الدُّود، أَنَا بَيْتُ الوَحْشَة، أَلَاّ وَإِنَّ وَرَاءَ ذَلِكَ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنهُ: نَارٌ حَرُّهَا شَدِيد، وَقَعْرُهَا بَعِيد، وَحُلِيُّهَا حَدِيد " 0

[ابْنُ عَسَاكِر 0 وَهُوَ في " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42802]

ص: 3232

خُطبَةٌ لِلشَّيْخ كِشْك رحمه الله عَنِ المَوْت:

وَيَرْحَمُ اللهُ الْعَلَاّمَةُ الجَلِيل عَبْد الحَمِيد كِشْك إِذْ يَقُولُ حَوْلَ هَذَا المَوْقِف:

" انْظُرُواْ إِلى ابْنِ آدَمَ كَيْفَ يُكشَفُ عِنْدَ غُسْلِهِ عَنْ سَوْأَتِهِ فَمَا يَنْبِسُ بِبِنْتِ شَفَة 00!!

انْظُرْ كَيْفَ تحْشَى مَنَافِذُهُ قُطْنَاً، وَكَيْفَ يُلَفُّ في كَفَنٍ يَظَلُّ يُلَازِمُهُ حَتىَّ يُبْعَثَ مِنْ قَبرِه 00!!

وَهْوَ الَّذِي كَانَ يُغَيرُ في اليَوْمِ الوَاحِدِ ثَلَاثَةَ أَثوَاب؛ فَسُبْحَانَ الَّذِي نَفَخَ الرُّوحَ في الترَابِ فَصَارَ إِنْسَانَاً، وَسُبْحَانَ الّذِي يَسْلُبُ الرُّوحَ مِنَ الإِنْسَانِ فَيَصِيرُ تُرَابَا " 0

[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " بِتَصَرُّف 0 ص: 67/ 6]

ص: 3233

عَجَبَاً لمَن أَيْقَنَ بِالمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَح 00؟!

عَن إِبْرَاهِيمَ المَخْزُومِيِّ أَنَّ الكَنْزَ الَّذِي قَالَ فِيهِ:

{وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَينِ يَتِيمَينِ في المَدِينَةِ وَكَانَ تحْتَهُ كَنزٌ لهُمَا} {الكَهْف: 82}

كَانَ مَكتُوبَاً فِيه: " عَجَبَاً لمَن أَيْقَنَ بِالمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَح، عَجَبَاً لمَن أَيْقَنَ بِالحِسَابِ كَيْفَ يَضْحَك، عَجَبَاً لمَن أَيْقَنَ بِالقَدَرِ كَيْفَ يحْزَن، عَجَبَاً لمَنْ يَرَى الدُّنيَا وَزَوَالهَا كَيْفَ يَطمَئِنُّ إِلَيْهَا " 00!! [البَيْهَقِيُّ في " الشُّعَب " بِرَقْم: (212)، وَابْنُ جَرِيرٍ الطَبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ 0 طَبْعَةِ دَارِ دَارِ الفِكْر 0 بَيرُوت 0 ص: 6/ 16]

ص: 3234

وَصَفَ الإِمَامُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ الدُّنيَا فَقَال: " دَارٌ مَنْ صَحَّ فِيهَا هَرِم، وَمَنْ سَقِمَ فِيهَا نَدِم، وَمَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِن، وَمَنِ اسْتَغْنى فِيهَا فُتن، في حَلَالهَا حِسَاب، وَفي حَرَامِهَا عَذَاب " فَمَا يُدْرِيكَ أَنَّكَ سَتُحَاسَبُ حِسَابَاً يَسِيرَا، أَطَّلَعْتَ الغَيْبَ أَمِ اتَّخَذْتَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدَاً 00؟

[ابْنُ القَيِّمِ في " عُدَّةِ الصَّابِرِينَ وَذَخِيرَةِ الشَّاكِرِينَ " بِالبَابِ الثَّالِثِ وَالعِشْرِين]

ص: 3235

عَن أَبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتىَّ يُسْأَلَ عَن عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاه، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاه، وَعَن عِلْمِهِ فِيمَا فَعَل، وَعَنْ مَالِهِ مِن أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَه، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلَاه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2416، وَالأُسْتَاذ حُسين سليم أَسَد في سُنَنِ الإِمَامِ الدَّارِمِيِّ بِرَقْم: 554]

ص: 3236

إِذَا بَلَغَتِ الحُلقُوم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الحُلقُوم {83} وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُون {84} وَنحْنُ أَقرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُون {85} فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِين {86} تَرْجِعُونهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين {87} فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُقَرَّبِين {88} فَرَوْحٌ وَرَيحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيم {89} وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِن أَصْحَابِ اليَمِين {90} فَسَلَامٌ لَكَ مِن أَصْحَابِ اليَمِين {91} وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَّالِّين {92} فَنُزُلٌ مِن حَمِيم {93} وَتَصْلِيَةُ جَحِيم {94} إِنَّ هَذَا لهُوَ حَقُّ اليَقِين {95} فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيم} {الوَاقِعَة}

ص: 3237

آيَاتُ الله، في الخَلْقِ وَالمَوْتِ وَالحَيَاة

للهِ آيَاتٌ لَعَلَّ أَقَلَّهَا * هُوَ أَنَّهُ لِلمَكْرُمَاتِ هَدَاكَا

فَالكَوْنُ مَمْلُوءٌ بِآيَاتٍ إِذَا * حَاوَلْتَ تَفْسِيرَاً لهَا أَعْيَاكَا

قُلْ لِلطَّبِيبِ تخَطَّفَتْهُ يَدُ الرَّدَى * يَا شَافيَ الأَمْرَاضِ مَن أَرْدَاكَا

قُلْ لِلصَّحِيحِ يَمُوتُ لَا مِن عِلَّةٍ * مَنْ بِالمَنَايَا يَا صَحِيحُ دَهَاكَا

قُلْ لِلْمَرِيضِ نجَا وَعُوفيَ بَعْدَمَا * عَجَزَتْ فُنُونُ الطِّبِّ مَن عَافَاكا

بَلْ وَاسْأَلِ الأَعْمَى خَطَا بَينَ الزِّحَا*مِ بِلَا اصْطِدَامٍ مَنْ يَقُودُ خُطَاكَا

ص: 3238

وَانْظُرْ إِلى الثُّعْبَانِ يَنْفُثُ سُمَّهُ * فَاسْأَلهُ مَنْ ذَا بِالسُّمُومِ حَشَاكَا

وَاسْأَلهُ كَيْفَ تَعِيشُ يَا ثُعْبَانُ أَوْ * تحْيى وَهَذَا السُّمُّ يمْلأُ فَاكَا

وَاسْأَلْ بُطُونَ النَّحْلِ كَيْفَ تَقَاطَرَتْ * شَهْدَاً وَقُلْ لِلشَّهْدِ مَن حَلَاّكَا

بَلْ وَاسْأَلِ اللَّبَنَ المُصَفَّى كَانَ بَيـ * ـنَ دَمٍ وَفَرْثٍ مَنْ تُرَى صَفَّاكَا

وَإِذَا رَأَيْتَ النَّخْلَ مَشْقُوقَ النَّوَى * فَاسْأَلهُ مَنْ يَا نخْلُ شَقَّ نَوَاكَا

ص: 3239

مَاذَا يَكُونُ عَبْدُ اللهِ في خَلقِ الله 00؟!

فَمَا أُوتِيتُمُ إِلَاّ قَلِيلاً * عَلَامَا بَعْدَ ذَلِكَ الَاغْتِرَارُ

وَسِرُّ حَيَاتِكُمْ مَا زَالَ لُغْزَاً * عَوِيصَاً لَمْ يُزَحْ عَنهُ السِّتَارُ

فَمَا تِلْك الحَيَاةُ وَكَيْفَ جِئْنَا * خِيَارٌ ذَا المجِيءُ أَمِ اضْطِرَارُ

أُمُورٌ قَبْلَنَا اختَلَفُواْ عَلَيْهَا * وَطَالَ البَحثُ وَاتَّصَلَ الحِوَارُ

سِوَى أَنيِّ أَرَى للكَوْنِ رَبَّاً * لَهُ في الكَوْنِ أَسْرَارٌ كِبَارُ

ص: 3240

في الذَّاهِبِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ القُرُونِ لَنَا بَصَائِر

في الذَّاهِبِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ القُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ

لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدَاً لِلْمَوْتِ لَيْسَ لهَا مَصَادِرْ

أَيْقَنْتُ أَنيِّ لَا محَالَةَ حَيْثُ صَارَ القَوْمُ صَائِرْ

هَذِي الحَيَاةُ فَهَلْ بَدَا لِشَقَائِهَا يَا صَاحِ آخِرْ

تَمْضِي بِنَا وَالأُمَّهَاتُ يَلِدْنَ سُكَّانَ المَقَابِرْ

ص: 3241

عَرَفَ الأَوَائِلُ مُرَّهَا وَلَسَوْفَ يَعْرِفُهُ الأَوَاخِرْ

فَالمَرْءُ فَانٍ لَيْسَ يَبْقَى خَالِدَاً إِلَاّ المَآثِرْ

فَاعْمَلْ عَلَى كَسْبِ الثَّوَابِ فَإِنَّهُ زَادُ المُسَافِرْ

وَالكُلُّ حَوْلَكَ سَائِرُونَ وَلِلْمَنِيَّةِ أَنْتَ سَائِرْ

فِيمَ البُكَاءُ وَإِنْ مَضَواْ بِالأَمْسِ تَمْضِي أَنْتَ بَاكِرْ

*********

كَمْ منْ مُلُوكٍ مَضَى رَيبُ المَنُون بهِمْ * قَدْ أَصبَحُواْ عِبَرَاً فِينَا وَأَمْثَالَا

ص: 3242

أَيْنَ المُلُوكُ الَّتي عَن حَظِّهَا غَفَلَتْ * حَتىَّ سَقَاهَا بِكَأْسِ المَوْتِ سَاقِيهَا

لَا دَارَ لِلمَرْءِ بَعْدَ المَوْتِ يَسْكُنُهَا * إِلَاّ الَّتي كَانَ قَبْلَ المَوْتِ يَبْنِيهَا

فَإِنْ بَنَاهَا بخَيرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ * وَإِنْ بَنَاهَا بِشَرٍّ خَابَ بَانِيهَا

مِن عَهْدِ نُوح؛ وَهَذا يُغَنيِّ وَهَذَا يَنُوح!!

جَرَتْ سُنَّةُ اللهِ مِن عَهْدِ نُوحْ * شُعُوبٌ تجِيءوَأُخْرَى تَرُوحْ

وَدُنيَا تَضِجُّ بِسُكَّانِهَا * فَهَذَا يُغَنيِّ وَهَذَا يَنُوحْ

ص: 3243

وَللهِ دَرُّ القَائِل:

مَا النَّاسُ إِلَاّ عَامِلَانِ فَعَامِلٌ * قَدْ مَاتَ مِن عَطَشٍ وَآخَرُ يَغْرَقُ

*********

فَمَتى بَنى بَانٍ حَقِيقَةَ أَمْرِنَا * جَعَلَ المَآتِمَ حَائِطَ الأَفْرَاحِ

وَمَا أَجْمَلَ هَذَا البَيْتَ الَّذِي كَانَ كَثِيرَاً مَا يُرَدِّدُهُ مَالِكُ بْنُ دِينَار:

فَبَاتَ يُرَوِّي أُصُولَ الفَسِيلِ * فَعَاشَ الفَسِيلُ وَمَاتَ الرَّجُلْ

وَالفَسِيل: جَمْعُ فَسِيلَة، وَهِيَ النَّخْلَةُ الصَّغِيرَة 0

ص: 3244

كَذَلِكُمُ الدُّنيَا اجْتِمَاعٌ وَفُرْقَةٌ * وَمَوْتٌ وَمِيلَادٌ وَفَرْحٌ وَأَحْزَانُ

*********

ذَهَابٌ إيَابٌ حَيَاةُ الوَرَى * وَدَمْعٌ يجِفُّ وَدَمْعٌ يَسِيل

*********

مَا لِلطَّبِيبِ سِوَى عِلْمٍ يَقُولُ بِهِ * إِنْ كَانَ لِلْمَرْءِ في الأَيَّامِ تَأْخِيرُ

حَتىَّ إِذَا مَا انتَهَتْ في الأَرْضِ مُدَّتُهُ * حَارَ الطَّبِيبُ وَخَانَتْهُ العَقَاقِيرُ

*********

ص: 3245

فَعَاشَ المَرِيضُ وَمَاتَ الطَّبِيبُ

وَمِنْ قَبْلُ دَاوَى الطَّبِيبُ المَرِيضَا * فَعَاشَ المَرِيضُ وَمَاتَ الطَّبِيبُ

احْتَاجَ مَرِيضٌ إِلى الطَّبِيب، فَذَهَبُواْ إِلى الطَّبِيبِ فَوَجَدُوهُ يحْتَضِر؛ فَقَالَ المَرِيض:

هَيْهَاتَ لَا يَدْفَعُ عَن غَيرِهِ * مَن كَانَ لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفسِهِ

*********

فَكَمْ مِنْ طَبِيبٍ مَاتَ في زَهْرَةِ العُمْرِ * وَكَمْ مِنْ مَرِيضٍ عَاشَ حِينَاً مِنَ الدَّهْرِ

*********

ص: 3246

مَا لِلطَّبِيبِ يمُوتُ بِالدَّاءِ الَّذِي * قَدْ كَانَ يُبرِئ مِثْلَهُ بَيْنَ الوَرَى

هَلَكَ المُدَاوِي وَالمُدَاوَى وَالَّذِي * جَلَبَ الدَّوَاءَ وَبَاعَهُ وَمَنِ اشْتَرَى

عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

((إِنَّ اللهَ تَعَالى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَاّ أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَه، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَه، إِلَاّ السَّام)) 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة]

وَمَعْنى السَّام: أَيِ المَوْت 0

ص: 3247

سُبْحَانَ مَنْ يَرِثُ الطَّبِيبَ وَطِبَّهُ * وَيُرِي المَرِيضَ مَصَارِعَ الآسِينَا

وَمَعْنى الآسِينَ: أَيِ الأَطِبَّاء 0

وَمِن أَعَاجِيبِ القَدَر: أَنَّنَا حِينَ نَأْتي إِلى الدُّنيَا يَسْتَقبِلُنَا أَهْلُونَا في لُفَافَةٍ بَيْضَاء، وَحِينَ نُغَادِرُهَا أَيْضَاً يَضَعُونَنَا في لُفَافَةٍ بَيْضَاء 00!!

وَلَدَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ آدَمَ بَاكِيَاً * وَالنَّاسُ حَوْلَكَ يَضحَكُونَ سُرُورَا

فَاعْمَلْ بخَيرٍ كَيْ تَكُونَ إِذَا بَكَواْ * في يَوْمِ مَوْتِكَ ضَاحِكَاً مَسْرُورَا

*********

لَيْسَتْ مَشِيئَتي وَلَا مَشِيئَتُكَ وَلَكِنَّهَا مَشِيئَةُ القَدَر

ص: 3248

وَمِن أَعَاجِيبِ القَدَرِ التي نَعْرِفُهَا أَن أَحَدَنَا قَدْ يُدْعَى بِإِلحَاحٍ إِلى طَرِيقٍ فَيرْفُضُ وَبِشِدَّةٍ أَنْ يَسِيرَ فِيهِ خَشْيَةَ الهَلَكَة وَيُؤثِرُ طَرِيقَاً آخَرَ وَيَكُونُ فِيهِ هَلَاكُه، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر:

فَإِذَا خَشِيتَ مِنَ الأُمُورِ مُقَدَّرَاً * فَفَرَرْتَ مِنهُ فَنَحْوَهُ تَنْقَادُ

أَوْ يَكُونَ أَهْلُ البَيْتِ في خَطَرٍ فَيَأْتِيهِمْ مَنْ يُوقِظُهُمْ قَبْلَ نُزُولِهِ وَلأَنهُمْ لَمْ يَطَّلِعُواْ عَلَى الغَيْبِ يَعْتَذِرُونَ لَهُ وَيَنَامُون؛ فَتَكُونُ النَّوْمَةَ الأَخِيرَة، وَيَكُونُونَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِر:

اسْتَيْقَظُواْ وَأَرَادَ اللهُ غَفلَتَهُمْ * لِيَنزِلَ القَدَرُ المحْتُومُ بِالأَجَلِ

المَوْتُ لَا يُرِيدُهُمْ وَلَكِنْ يُرِيدُكَ أَنْت 00

ص: 3249

وَحَكَى أَبُو بَكْرٍ الطَّرْطُوشِيُّ في كِتَابِهِ " سِرَاجِ المُلُوك " قَال: حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو مَرْوَانَ الدَّارَانيُّ بِطَرْطوشَة قَال: " نَزَلَتْ قَافِلَةٌ بِدَارٍ خَربَة فَأَوَواْ إِلَيْهَا مِنَ الرِّيَاحِ وَالمَطَرِ وَاسْتَوْقَدُواْ نَارَهُمْ وَسَوَّواْ مَعِيشَتَهُمْ، وَكَانَ في تِلْكَ الدَّارِ الخَرِبَة جِدَارٌ يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنهُمْ: يَا هَؤُلَاءِ لَا تَقْعُدُواْ تحْتَ هَذَا الجِدَارِ وَلَا يَدْخُلَنَّ أَحَدٌ في هَذِهِ البُقْعَة، فَأَبَواْ إِلَاّ أَنْ يَدْخُلُوهَا فَاعْتَزَلهُمْ وَبَاتَ في فِنَاءِ الدَّارِ تحْتَ الأَمْطَارِ وَلَمْ يَقْرَب تِلْكَ البُقْعَة، فَأَصْبَحُواْ في عَافِيَةٍ وَحَمَلُواْ عَلَى دَوَابهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَمَّا رَأَى سَلَامَتَهُمْ إِلى تِلْكَ البُقْعَةِ

ص: 3250

لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ فَخَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكُ الجِدَارُ فَمَاتَ لِوَقْتِه " 0

[شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ في " المُسْتَطْرَفِ في كُلِّ فَنٍّ مُسْتَظْرَف " بِالبَابِ السَّابِعِ وَالخَمْسِين]

ثمَّ إِنَّا إِنْ نجَوْنَا مَرَّةً فَلَنْ نَنْجُوَ أُخْرَى؛ فَلَنْ يَسْلَمَ العَبْدُ مِنَ الحِمَامِ عَلَى الدَّوَامِ 00!!

يَا هَارِبَاً مِنْ جُنُودِ المَوْتِ مُنهَزِمَاً * عَنهَا تَوَقَّفْ إِلى أَيْنَ المَفَرُّ لَكَا

هَبْ عِشْتَ أَكْثَرَ منْ نُوحٍ فَحِينَ نجَا * بِقُدْرَةِ اللهِ منْ طُوفَانِهِ هَلَكَا

*********

إِذَا المَوْتُ أَمْسَى مُنْتَهَى طُولِ عَيْشِنَا * فَإِنَّ سَوَاءً طَالَ أَوْ قَصُرَ العُمْرُ

لَنَا في سِوَانَا عِبْرَةٌ غَيْرَ أَنَّنَا * نُغَرُّ بِأَطْمَاعِ الأَمَاني فَنَغْتَرُّ

*********

العَقَّادُ وَفَلسَفَةُ المَوْت:

ص: 3251

وَطَيَّبَ اللهُ ثَرَى العَقَّادِ إِذْ يَقُول:

أُسَائِلُ أُمَّنَا الأَرْضَا * سُؤَالَ الطِّفلِ لِلأُمِّ

فَتُخْبِرُني بِمَا أَفْضَى * إِلى إِدْرَاكِهِ عِلْمِي

جَزَاهَا اللهُ مِن أُمٍّ * إِذَا مَا أَنجَبَتْ تَئِدُ

تُغَذِّي الجِسْمَ بِالجِسْمِ * وَتَأْكُلُ لحْمَ مَا تَلِدُ

كُلُّ نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوت

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {وَمَا جَعَلنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الخَالِدُون {34} كُلُّ نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوْت، وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون} {الأَنْبِيَاء}

لَا شَيْءَ مِمَّا تَرَى تَبْقَى نَضَارَتُهُ * يَبْقَى الإِلَهُ وَيَفنى المَالُ وَالوَلَدُ

لَمْ تُغْنِ عَن هُرْمُزٍ يَوْمَاً خَزَائِنُهُ * وَالخلدَ قَدْ حَاوَلَتْ عَادٌ فَمَا خَلَدُواْ

*********

ص: 3252

مَنَعَ البَقَاءَ تقلُّبُ الشمْسِ * وَطُلُوعُهَا مِن حَيْثُ لَا تُمْسِي

وَطُلُوعُها بَيْضَاءَ صَافِيَةً * وَغُرُوبهَا صَفْرَاءَ كَالوَرْسِ

تجْرِي عَلَى كَبِدِ السَّمَاءِ كَمَا * يجرِي الحِمَامُ المَوتَ في النَّفسِ

الَيَومَ تَعْلَمُ مَا يجِيءُ بِهِ * وَمَضَى بِفَصْلِ قَضَائِهِ أَمْسِ

*********

نَمُوتُ وَأَيَّامُنَا تَذْهَبُ * وَنَلْعَبُ وَالمَوْتُ لَا يَلْعَبُ

*********

تَعَالى اللهُ مَا أَحَدٌ ببَاقِ * وَلَا مِمَّا أَرَادَ اللهُ وَاقِ

سَتدْرِكُنَا المَنُونُ وَلَو رَكِبْنَا * جَنَاحَ البَرْق أَوْ مَتنَ البرَاقِ

أَثَارَتْ بَيْنَنَا حَرْبَا عَوَانَا * أَقَامَتْهَا عَلَى قَدَمٍ وَسَاقِ

فَلَا مَاشٍ عَلَى قَدَمٍ بنَاجٍ * وَلَا مَاضٍ عَلَى الخَيل العتَاقِ

وَمَا الدُّنيَا بِبَاقِيَةٍ لحَيٍّ * وَلَا حَيٌّ عَلَى الدُّنيَا بِبَاقِ

ص: 3253

تَعَالى اللهُ يَفْنى كُلُّ حَيٍّ * وَيَبْقَى خَالِقُ السَّبْعِ الطِّبَاقِ

فَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ لَنَا * وَيَوْمٌ نُسَاءوَيَوْمٌ نُسَرْ

كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَه

أَلَا إِلى اللهِ تَصِير الأُمُور 00

كَمَا أَنَّ بَدْأَ الفَتى كَانَ كَانَ * كَذَاكَ إِلى كَانَ أَيضَاً يَعُودُ

هَذَا هُوَ حَالُ الدُّنيَا رَضينَا أَمْ لَم نَرْضَ 00

فَكُلُّ نَاعٍ سَيُنعَى * وَكُلُّ بَاكٍ سَيُبْكَى

لَيْسَ غَيرُ اللهِ يَبْقَى * مَن عَلَا فَاللهُ أَعْلَى

كل شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَه 00

إِنَّمَا النَّاسُ سُطُورٌ * كُتِبَتْ لَكِنْ بِمَاءٍ

إِنَّ المَنَايَا لَا تَطِيشُ سِهَامُهَا

كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ * يَوْمَا عَلَى الآلَةِ الحَدْبَاءِ محْمُولُ

ص: 3254

فَالحَيَاةُ إِلى فَنَاء، وَلَو خُلِّدَ أَحَدٌ لخُلدَ الأَنْبِيَاء، أَو خَيرُ البريَّةِ جَمْعَاء، الذي قِيلَ لَهُ:

{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} [الزُّمَر: 30]

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَال: جَاءَ جِبرِيلُ عليه السلام إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: " يَا مُحَمَّد؛ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّت، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُه، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مجْزِيٌّ بِه، ثُمَّ قَالَ عليه السلام:

يَا محَمَّد؛ شَرَفُ المُؤْمِن: صَلَاتُهُ بِاللَّيْل، وَعِزُّهُ: اسْتِغْناؤُهِ عَنِ النَّاس " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 7929، وَحَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في مجْمَعِ الزَّوَائِد ص: 219/ 10، رَوَاهُ الحَاكِم]

ص: 3255

يَقُولُ الإِمَامُ الغَزَاليُّ رحمه الله مُعَلِّقَاً عَلَى هَذَا الحَدِيث: " هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ فِرَاقَ المحْبُوبِ شَدِيد؛ فَيَنْبَغِي أَنْ تحِبَّ مَنْ لَا يُفَارِقُك: وَهُوَ الله، وَلَا تحِبَّ مَنْ يُفَارِقُك: وَهُوَ الدُّنيَا؛ فَإِنَّكَ إِذَا أَحْبَبْتَ الدُّنيَا كَرِهْتَ لِقَاءَ الله؛ فَيَكُونُ قُدُومُكَ بِالمَوْتِ عَلَى مَا تَكْرَه، وَفِرَاقُكَ لِمَا تحِبّ، وَكُلُّ مَنْ فَارَقَ محْبُوبَاً؛ فَيَكُونُ أَذَاهُ في فِرَاقِهِ بِقَدْرِ حُبِّه " 0 [ذَكَرَ هَذَا القَوْلَ المَنَاوِيُّ رحمه الله في " فَيْضِ القَدِيرِ " طَبْعَةِ المَكْتَبَةِ التِّجَارِيَّةِ 0 مِصْر 0 ص: 500/ 4]

ص: 3256

الأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِك 00

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه قَال: " مَرَّ عَلَيْنَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَنحْنُ نُعَالجُ خُصَّاً لَنَا ـ أَيْ نُرَمِّمُ جِدَارَاً لَنَا وَنُصْلِحُه ـ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا أَرَى الأَمْرَ إِلَاّ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِك " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الأَئِمَّةِ ابْنِ مَاجَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبي دَاوُدَ بِأَرْقَام: 4160، 2335، 5236، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَد، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان بِرَقْم: 2997]

عَن أُمِّ الوَلِيدِ ابْنَةِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَمَا تَسْتَحْيُون: تجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُون، وَتَبْنُونَ مَا لَا تَعْمُرُون، وَتَأْمُلُونَ مَا لَا تُدْرِكُون " 0 [الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ، كَمَا في " الكَنْز " بِرَقْم: 43409]

ص: 3257

لِدُواْ لِلتُّرَابِ وَابْنُواْ لِلخَرَاب

عَنِ الزُّبَيرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُهُ العِبَادُ إِلَاّ وَصَارِخٌ يَصْرُخُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ لِدُواْ لِلتُّرَاب، وَاجْمَعُواْ لِلفَنَاء، وَابْنُواْ لِلخَرَاب " 0 [ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِع، رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَان]

نَظَمَ هَذَا المَعْنى أَبُو العَتَاهِيَةِ كَعَادَتِهِ فَقَال:

لِدُواْ لِلْمَوتِ وَابنُواْ لِلْخَرَابِ * فَكُلُّكُمُ يَصِيرُ إِلى ذَهَابِ

أَلَا يَا مَوتُ لَمْ أَرَ مِنْكَ مَنْجَى * أَتَيْتَ وَمَا تخَافُ وَلَا تحَابي

أَرَاكَ وَقَدْ هَجَمْتَ عَلَى مَشِيبي * كَمَا هَجَمَ المَشِيبُ عَلَى شَبَابي

ص: 3258

أَلَا إِنَّنَا كلَّنَا بَائِدُ * وَأَيُّ بَني آدَمَ الخَالِدُ

فَيَفْنى السَّقِيمُ وَيَفْنى السَّلِيمُ * وَكُلٌّ إِلى رَبِّهِ عَائِدُ

فَيَا عَجَبَاً كَيْفَ يُعْصَى الإِلَ * هُ أَمْ كَيْفَ يجْحَدُهُ الجَاحِدُ

وَفي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ * تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْوَاحِدُ

المَوتُ كَأْسٌ وَكُلُّ النَّاسِ شَارِبُهُ

المَوْتُ كَأْسٌ وَكُلُّ النَّاسِ شَارِبُهُ * وَالقَبرُ بَابٌ وَكُلُّ النَّاسِ دَاخِلُهُ

ص: 3259

إِنَّ الحَيَاةَ قَصِيدَةٌ أَبْيَاتُهَا * أَعْمَارُنَا وَالمَوْتُ فِيهَا القَافِيَة

أَيْنَ القُصُورُ الشَّامِخَاتُ وَأَهْلُهَا * بَادَ الجَمِيعُ فَهَلْ لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة

لَوْ أَنَّ حَيَّاً خَالِدٌ بَينَ الوَرَى * مَا مَاتَ هَارُونٌ وَمَاتَ مُعَاوِيَة

اجْتَاحَتِ الأَيَّامُ أَكْرَمَ أَهْلِهَا * فَكَأَنهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة

ص: 3260

لَوْ بَقِيَ أَحَدٌ لأَحَدٍ لَبَقِيَ ابْنُ المُقْعَدَينِ لِلمُقْعَدَين

كَانَ في المَدِينَةِ شَابٌّ قَوِيُّ البُنيَان، لَهُ أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَان، وَكَانَا قَدْ بَلَغَا مِنَ الكِبرِ عِتِيَّا؛ فَكَانَ هَذَا الشَّابُّ يحْمِلُهُمَا في كُلِّ صَلَاةٍ؛ لِيُصَلِّيَا خَلفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَاتَ يَوْمٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَلفَهُ فَلَمْ يجِدْهمَا 00

فَقَالَ قَوْلَةَ حَقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً * وَأَصْبَحَ الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ يَرْوِيهَا

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ بَقِيَ أَحَدٌ لأَحَدٍ لَبَقِيَ ابْنُ المُقْعَدَينِ لِلْمُقْعَدَين " 0

[ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَالهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ "، وَرَوَاهُ ابْنُ عُمَر، ذَكَرَهُ كِشْك في خُطَبِهِ المِنْبَرِيَّةِ بِتَصَرُّف: 100/ 9]

ص: 3261

رَحْمَةُ اللهِ لِلمُؤْمِنِينَ وَرَأْفَتُهُ بهِمْ، عِنْدَ قَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اللهَ قَال: مَن عَادَى لي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْب، وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِليَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْه، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حَتىَّ أُحِبَّه؛ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِه، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِه، وَيَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بهَا، وَرِجْلَهُ الَّتي يمْشِي بهَا، وَإِنْ سَأَلَني لأُعْطِيَنَّه، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَني لأُعِيذَنَّه، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِن؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءتَه " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الرِّقَاق 0 حَدِيثٌ رَقْم: 6502]

ص: 3262

شِدَّةُ المَوْتِ وَسَكَرَاتُه

عَنْ سَيِّدِنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَمْ يَلْقَ ابْنُ آدَمَ شَيْئَاً قَطُّ مُنْذُ خَلَقَهُ الله: أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْت، ثمَّ إِنَّ المَوْتَ لأَهْوَنُ مَا بَعْدَه " 0 [حَسَّنَهُ أَحْمَد شَاكِرٌ في المُسْنَد بِرَقْم: 12504، وَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: 319/ 2، الكَنْز رَقْم: 42209]

ص: 3263

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَوْ تَعْلَمُ البَهَائِمُ مِنَ المَوْتِ مَا يَعْلَمُ بَنُو آدَمَ مَا أَكَلْتُمْ مِنهَا سَمِينَاً " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِع، كَمَا في " الكَنْز " بِرَقْم: 42211]

أَيْ: مِنْ شِدَّةِ رُعْبِهَا 0

ص: 3264

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا المَوْتُ فِيمَا بَعْدَهُ إِلَاّ كَنَطْحَةِ عَنْز " 0 [الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط، وَكَمَا في " الكَنْز " بِرَقْم: 42214]

هُوَ المَوْتُ لَا مَنْجَى مِنَ المَوْتِ وَالَّذِي * نُلَاقِيهِ بَعْدَ المَوْتِ أَنْكَى وَأَعْظَمُ

مَلَكُ المَوْتِ وَلِقَاؤُهُ بِالأَنْبِيَاء

ص: 3265

سَيِّدُنَا آدَمُ عليه السلام وَالمَوْت:

كَرَاهِيَةُ المَوْتِ وَحُبُّ الحَيَاةِ غَرِيزَةٌ في آدَمَ وَأَبْنَاءِ آدَم 00

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَال: الحَمْدُ لله، فَحَمِدَ اللهَ بِإِذْنِهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ يَا آدَم، اذْهَبْ إِلىَ أُوْلَئِكَ المَلائِكَةِ إِلىَ مَلإٍ مِنهُمْ جُلُوسٍ فَقُلِ " السَّلامُ عَلَيْكُمْ " قَالُواْ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله، ثُمَّ رَجَعَ إِلىَ رَبِّهِ فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: إِنَّ هَذِهِ تحِيَّتُكَ وَتحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ اللهُ لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَان:

ص: 3266

اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْت؛ قَال: اخْتَرْتُ يمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يمِينٌ مُبَارَكَة، ثمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُه، فَقَال:

أَيْ رَبِّ مَا هَؤُلاء 00؟

فَقَال: هَؤُلاءِ ذُرِّيَّتُك: فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْه، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ أَوْ مِن أَضْوَئِهِمْ؛ قَال: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟

قَال: هَذَا ابْنُكَ دَاوُد، قَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعِينَ سَنَة؛ قَال: يَا رَبِّ زِدْ في عُمُرِه، قَال: ذَاكَ الَّذِي كَتَبْتُ لَه؛ قَال: أَيْ رَبّ؛ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِن عُمُرِي سِتِّينَ سَنَة؛ قَالَ جل جلاله: أَنْتَ

ص: 3267

وَذَاك [أَيْ أَنْتَ حُرّ]، ثُمَّ أُسْكِنَ الجَنَّةَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أُهْبِطَ مِنهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ [أَيْ يَحْسِبُ السِّنِين]، فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْت؛ فَقَالَ لَهُ آدَمُ عليه السلام: قَدْ عَجَّلْت؛ قَدْ كُتِبَ لي أَلْفُ سَنَة؛ قَالَ بَلَى، وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لاِبْنِكِ دَاوُدَ عليه السلام سِتِّينَ سَنَة، فَجَحَدَ [أَيْ فَأَنْكَرَ]؛ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُه، وَنَسِيَ؛ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 3368، وَقَالَ فِيهِ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم]

ص: 3268

سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَالمَوْت:

قَالَ اللهُ سبحانه وتعالى لإِبْرَاهيمَ عليه السلام لَمَّا حَضَرَهُ المَوْت:

" كَيْفَ وَجَدْتَ المَوْتَ يَا خَليلي " 00؟

قَال: كَسُفُّودٍ جُعِلَ في صُوفٍ رَطْبٍ ثُمَّ جُذِب، فَقَالَ سبحانه وتعالى: أَمَا إِنَّا قَدْ هَوَّنَّا عَلَيْك " 0

[الإِمَامُ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاءِ " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 كِتَابُ المَوْت: 1852]

ص: 3269

سَيِّدُنَا مُوسَى عليه السلام وَالمَوْت:

وَرُوِيَ أَنَّ كَلِيمَ اللهِ مُوسَى عليه السلام لَمَّا صَارَتْ رُوحُهُ إِلى بَارِئِهَا قَالَ اللهُ لَهُ: " يَا مُوسَى: كَيْفَ وَجَدْتَ المَوْت " 00؟ قَالَ عليه السلام: وَجَدْتُ نَفْسِي كَالعُصْفُورِ حِينَ يُقْلَى عَلَى المِقْلَى؛ لَا يمُوتُ فَيَسْتَرِيح، وَلَا يَنْجُو فَيَطِير " 0

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1852]

ص: 3270

وَقَالَ أَيْضَاً عليه السلام:

" وَجَدْتُ نَفْسِي كَشَاةٍ حَيَّةٍ تُسْلَخُ بِيدِ القَصَّاب " 0

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1852]

أَلَا رَحِمَ اللهُ ضَابِئَ بْنَ الحَارِثِ حَيْثُ قِيلَ لَهُ في نَزْعِهِ: كَيْفَ وَجَدْتَ المَوْتَ 00؟

فَقَال:

لِكُلِّ جَدِيدٍ لَذَّةٌ غَيرَ أَنَّني *وَجَدْتُ جَدِيدَ المَوْتِ غَيرَ لَذِيذِ

ص: 3271

وَهَذِهِ بُشْرَى لِلصَّالحِينَ مِن عِبَادِ الله:

عَنْ فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اللهُمَّ مَن آمَنَ بِكَ وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُك؛ فَحبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَك، وَأَقْلِلْ لهُ مِنَ الدُّنيَا، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ وَيَشْهَدْ أَني رَسُولُك؛ فَلَا تحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَك، وَلَا تُسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَك، وَكَثِّرْ لَهُ مِنَ الدُّنيَا " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " الصَّحِيحِ "، وَفي " التَّرْغِيب "، وَوَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع "، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ وَابْنُ أَبي الدُّنيَا وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِه]

ص: 3272

سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَمَلَكُ المَوْت:

وَرُويَ أَنَّ خَلِيلَ اللهِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام قَالَ لمَلَكِ المَوْتِ يَوْمَاً: " هَلْ تَسْتَطيعُ أَنْ تُريَني صُورَتَكَ التي تَقْبِضُ عَلَيْهَا رُوحَ الفَاجر 00؟

ص: 3273

قَال: لَا تُطيق ذَلك، قَالَ إِبْرَاهِيم: بَلَى، فَأَعْرَضَ عَنهُ مَلَكُ المَوْتِ ثمَّ التَفَتَ إِلَيْهِ فَإذَا هُوَ برَجُلٍ أَسْوَدَ قَاتمِ الشَّعْر، مُنْتنِ الرِّيح، أَسْوَدَ الثِّيَاب، يخْرُجُ مِنْ فِيهِ وَمَنَاخِيرِهِ لهِيبُ النَّارِ وَالدُّخَان؛ فَغُشِيَ عَلَى خَلِيلِ اللهِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام ثُمَّ أَفَاقَ وَقَدْ عَادَ مَلَكُ الموْتِ إِلى سِيرَتِهِ الأُولى؛ فَقَال: يَا مَلَكَ المَوْت؛ لَوْ لَمْ يَلْقَ الفَاجِرُ عِنْدَ المَوْتِ إِلَاّ صُورَةَ وَجْهِكَ لَكَانَ حَسْبُه " 0

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1853]

سَيِّدُنَا مُوسَى عليه السلام وَمَلَكُ المَوْت:

ص: 3274

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إِلىَ مُوسَى عليه السلام، فَلَمَّا جَاءَ هُ صَكَّهُ؛ فَرَجَعَ إِلىَ رَبِّهِ فَقَال: أَرْسَلْتَني إِلى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ المَوْت؛ قَالَ جَلَّ وَعَلَا: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: يَضَعْ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْر [أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ]، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ سَنَة؛ قَالَ عليه السلام: أَيْ رَبِّ ثمَّ مَاذَا 00؟

قَالَ جل جلاله: ثُمَّ المَوْت، قَالَ عليه السلام: فَالآن؛ فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَر، قَالَ صلى الله عليه وسلم: لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلىَ جَانِبِ الطَّرِيقِ تحْتَ الكَثِيبِ الأَحْمَر " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3155 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2372 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3275

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " جَاءَ مَلَكُ المَوْتِ إِلى مُوسَى عليه السلام فَقَالَ لَهُ أَجِبْ رَبَّك 00 فَلَطَمَ مُوسَى عليه السلام عَيْنَ مَلَكِ المَوْتِ فَفَقَأَهَا؛ فَرَجَعَ المَلَكُ إِلى اللهِ سبحانه وتعالى فَقَال: إِنَّكَ أَرْسَلْتَني إِلى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ المَوْتَ وَقَدْ فَقَأَ عَيْني، فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَال: ارْجِعْ إِلى عَبْدِي فَقُلْ: الحَيَاةَ تُرِيد 00؟

ص: 3276

فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ ـ أَيْ ظَهْرِهِ ـ فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بهَا سَنَة، قَالَ ثمَّ مَهْ ـ أَيْ ثمَّ مَاذَا 00؟ ـ قَالَ ثمَّ تَمُوت؛ قَالَ فَالآنَ، مِنْ قَرِيبٍ رَبِّ أَمِتْني مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَر، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَاللهِ لَوْ أَنيِّ عِنْدَهُ؛ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الكَثِيبِ الأَحْمَر " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الفَضَائِلِ بَاب: فَضَائِلِ الأَنْبِيَاءِ بِرَقْم: 2372 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3277

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" قَدْ كَانَ مَلَكُ المَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ عِيَانَاً، فَأَتَى مُوسَى فَلَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَه، فَأَتَى رَبَّهُ عز وجل فَقَال: يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوسَى فَقَأَ عَيْني، وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَشَقَقْتُ عَلَيْه " 00 وَفي رِوَايَةٍ: لَعَنُفْتُ بِه ـ فَقَالَ لَه: اذْهَبْ إِلى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ: فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى جِلْدِ أَوْ مَسْكِ ثَوْر، فَلَهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ وَارَتْ يَدُهُ سَنَة، فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: مَا بَعْدَ هَذَا 00؟

قَالَ المَوْت، قَالَ فَالآن؛ فَشَمَّهُ شَمَّةً فَقَبَضَ رُوحَه، فَرَدَّ اللهُ عز وجل عَيْنَهُ وَكَانَ يَأْتِي النَّاسَ خُفْيَةً " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في مخْتَصَرِ الْعُلُوِّ وَفي ظِلالِ الجَنَّةِ بِرَقْم: 600]

ص: 3278

سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ عليه السلام وَمَلَكُ المَوْت:

عَنِ الأَعْمَشِ عَن خَيْثَمَةَ قال: " كَانَ مَلَكُ المَوْتِ في زِيَارَةِ نَبيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ عليه السلام، فَنَظَرَ إِلى رَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ وَحَدَّقَ إِلَيْهِ النَّظَر، فَلَمَّا خَرَجَ مَلَكُ المَوْتِ سَأَلَهُ الرَّجُلُ مَن هَذَا الَّذِي خَرَجَ مِن عِنْدِك؛ إِنَّهُ كَانَ يحَدِّقُ النَّظَرَ إِليّ 00؟!

فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا سُلَيْمَان: مَلَكُ المَوْت؛ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ الرَّجُلِ وَطَلَبَ مِنْ سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ أَنْ يَأْمُرَ الرِّيحَ فَتَحْمِلَهُ إِلى جُزُرِ الهِنْد، فَأَمَرَ سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ عليه السلام فَحَمَلَتهُ إِلى جُزُرِ الهِنْد،

ص: 3279

وَعِنْدَمَا عَادَ مَلَكُ المَوْتِ سَأَلَهُ سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ عليه السلام: لِمَ كُنْتَ تحَدِّقُ النَّظَرَ إِلى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ عِنْدِي 00؟

قَالَ لَه: لَقَدْ كُنْتُ أَتَعَجَّبُ لِوُجُودِهِ عِنْدَكَ في بَيْتِ المَقْدِس؛ وَقَدْ أُمِرْتُ بِقَبْضِ رُوحِهِ في نَفْسِ اللَّحْظَةِ في جُزُرِ الهِنْد 00!!

[الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " كِتَابِ ذِكرِ المَوْتِ: (1858)، وَالأَبْشِيهِيُّ في " المُسْتَطْرَفِ " بِالبَاب: (81) في ذِكْرِ المَوْت]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجُمُعَة: 8]

وَإِذَا خَشِيتَ مِنَ الأُمُورِ مُقَدَّرَاً * فَفَرَرْتَ مِنهُ فَنَحْوَهُ تَنْقَادُ

ص: 3280

وَكَمْ مِنْ كَادِحٍ يَهْفُو لأَمْرٍ * وَفِيهِ حَتْفُهُ لَوْ كَانَ يَدْرِي

{قُلْ لَوْ كُنْتُمْ في بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إِلى مَضَاجِعِهِمْ} [آلُ عِمْرَان: 154]

إِذَا قَدَرُ الإِنْسَانِ كَانَ بِبَلدَةٍ * دَعَتْهُ إِلَيْهَا حَاجَةٌ فَيَطِيرُ

******

لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَسْتضِيءُ بِهِ * في ظُلْمَةِ الشَّكِّ لَمْ تَعْلَقْ بِهِ الْغِيَرُ

وَلَوْ تَبَيَّنَ مَا في الْغَيْبِ مِنْ قَدَرٍ * لَكَانَ يَعْلَمُ مَا يَأْتي وَمَا يَذَرُ

ص: 3281

عَن أَبي عَزَّةَ يَسَارِ بْنِ عَبدِ اللهِ الهَذَليِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَرَادَ اللهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ؛ جَعَلَ لَهُ فِيهَا حَاجَة "[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ وَفي الأَدَبِ المُفْرَد، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَفي المُسْنَد]

ص: 3282

وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا كَانَ أَجَلُ أَحَدِكُمْ بِأَرْض؛ أَوْثَبَتْهُ إِلَيْهَا الحَاجَة، فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ؛ قَبَضَهُ اللهُ سُبْحَانَه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 4263]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَاّ بإِذْنِ اللهِ كِتَابَاً مُؤَجَّلَا}

[آلُ عِمْرَان: 145]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الفِرَارُ إِنْ فَرَرْتمْ مِنَ المَوْتِ أَوِ القَتْلِ وَإِذَاً لَا تمَتَّعُونَ إِلَاّ قَلِيلَا} [الأَحْزَاب: 16]

ص: 3283

سَيِّدُنَا دَاوُدُ عليه السلام وَمَلَكُ المَوْت:

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ رَجُلاً غَيُورَاً، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ أَغْلَقَ الأَبْوَاب، فَأَغْلَقَهَا ذَاتَ يَوم وَخَرَجَ فَأَبْصَرَتِ امرَأَتُهُ رَجُلاً في الدَّارِ فَقَالَتْ: مَن أَدْخَلَ هَذَا الرَّجُلَ هُنَا 00؟

لَئنْ جَاءَ دَاوُدُ لَيَلقَينَّ هَذَا الرَّجُلُ عَنَاءً، فَجَاءَ دَاوُدُ فَرَآهُ فَقَال: مَن أَنْت 00؟

فَقَال: أَنَا الَّذِي لَا أَهَابُ المُلُوكَ وَلَا يمْنَعُني الحِجِاب، قَالَ دَاوُد: فَأَنْتَ إِذَنْ مَلَكُ المَوْت، وَكَفَّنَ دَاوُدُ عليه السلام نَفْسَهُ وَقُبِضَتْ رُوحُه " 0 [الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0كِتَابُ ذِكْرِ المَوْتِ: 1853]

ص: 3284

سَيِّدُنَا يَعْقُوبُ عليه السلام وَمَلَكُ المَوْت:

وَكَانَتْ بَينَ مَلَكِ المَوْتِ وَنبيِّ اللهِ يَعْقُوبَ عليه السلام مُؤَاخَاة، فَكَانَ إِذَا زَارَهُ يَقُولُ لَهُ نبيُّ اللهِ يَعْقُوبُ عليه السلام: " جِئْتَ زَائِرَاً أَمْ قَابِضَاً 00؟

فَكَانَ مَلَكُ المَوْتِ يَقُولُ لَهُ: بَلْ زَائِرَاً، فَقَالَ لَهُ نبيُّ اللهِ يَعْقُوبُ عليه السلام ذَاتَ يَوْم: لي إِلَيْكَ حَاجَة، فَقَالَ لَهُ مَلَكُ المَوْت: مَا حَاجَتُك 00؟

ص: 3285

قَالَ يَعْقُوب: أَنْ تُرْسِلَ لي قَبْلَ مَوْتِي رَسُولاً أَوْ رَسُولَين، قَالَ أَفْعَل، وَمَرَّتِ السِّنُون، وَحَانَ وَقتُ المَنُون؛ فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ قَابِضَاً فَقَالَ لَهُ نبيُّ اللهِ يَعْقُوبُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ أَرْسِلْ لي قَبْلَ مَوْتي رَسُولاً أَوْ رَسُولَينِ فَأَجَبْتَني 00؟!

فَقَالَ لَهُ مَلَكُ المَوْت: أَرْسَلتُ لَكَ ثَلَاثَة، قَالَ نَبيُّ اللهِ يَعْقُوبُ عليه السلام: مَتى 00؟

فَقَالَ مَلَكُ المَوْت: بَيَاضَ شَعْرِكَ بَعْدَ سَوَادِه، وَضَعْفَ بَدَنِكَ بَعْدَ قُوَّتِه، وَانحِنَاءَ ظَهْرِكَ بَعْدَ اسْتِقَامَتِه " 0 [البَابُ السَّادِس مِنْ مُكَاشَفَةِ القُلُوبِ لأَبِي حَامِدٍ الغَزَاليّ 0 ص: 19]

ص: 3286

لَوْ يَعْلَمُ الأَحْيَاءُ حَقِيقَةَ المَوْتِ مَا هَنَؤُواْ بِالحَيَاة

وَقَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْس: " هُوَ أَشَدُّ مِنْ نَشْرٍ بِالمَنَاشِير؛ وَقَرْضٍ بِالمَقَارِيض، وَغَليٍ في القُدُور، وَلَوْ أَنَّ المَيِّتَ نُشِرَ فَأَخْبَرَ أَهْلَ الدُّنيَا بِالمَوْت؛ مَا انْتَفَعُواْ بِعَيْشٍ وَلَا لَذُّواْ بِنَوْم 00!!

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ الحَافِظِ العِرَاقِيّ 0 كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1852]

ص: 3287

عَن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَوْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا أَنْتُمْ لَاقُونَ بَعْدَ المَوْتِ: مَا أَكَلتُمْ طَعَامَاً عَلَى شَهْوَةٍ أَبَدَا، وَلَا شَرِبْتُمْ شَرَابَاً عَلَى شَهْوَةٍ أَبَدَا، وَلَا دَخَلتُمْ بَيْتَاً تَسْتَظِلُّونَ بِهِ، وَلَمَرَرْتمْ إِلى الصُّعُدَاتِ تَلْدُِمُونَ صُدُورَكُمْ، وَتَبْكُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ " 0

وَلَدْمُ الصَّدْر: أَيْ ضَرْبُهُ عِنْدَ المُصِيبَة، كَلَطْمِ الوَجْه 0

[ابْنُ عَسَاكِر، وَكَمَا في " الكَنْز " بِرَقْم: 42525]

ص: 3288

قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِكَعْبِ الأَحْبَار:

يَا كَعْبُ حَدِّثنَا عَنِ المَوْت، فَقَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ المؤْمِنِين:

" إِنَّ المَوْتَ كَغُصْنٍ كَثِيرِ الشَّوْكِ أُدْخِلَ في جَوْفِ رَجُلٍ وَأَخَذَتْ كُلُّ شَوْكَةٍ بِعِرْقٍ ثمَّ جَذَبَهُ رَجُلٌ شَدِيدُ الجَذْبِ فَأَخَذَ مَا أَخَذَ وَأَبْقَى مَا أَبْقَى " 0 [الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ الحَافِظِ العِرَاقِيّ 0كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1852]

ص: 3289

كُلُّ هَذَا يمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَنِ المَوْت، وَمَعَ ذَلِكَ إِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْه:

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْل؛ إِلَاّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسَّ القَرْصَة " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7940، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَفي الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة]

ص: 3290

الحَذَرُ لَا يُغْني مِنَ القَدَر

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا حِيلَةَ في الرِّزْقِ وَلَا شَفَاعَةَ في المَوْت 00!!

وَمِن أَطْرَفِ مَا يحْكَى مِنَ الحِكَايَاتِ عَنِ الأَجَلِ: أَنَّ أَبَاً كَانَ يَعِيشُ بِابْنِهِ الوَحِيدِ في أَرْضٍ كَثِيرَةِ الهَوَام، رَأَى في المَنَام: أَنَّ ابْنَهُ يمُوتُ بِعَقْرَبٍ سَامّ، وَاسْتَمَرَّتْ هَذِهِ الرُّؤيَا عِدَّةَ أَيَّام؛ فَاسْتَشَارَ الأَبُ مَنْ يُفَسِّرُونَ الرُّؤَى وَالأَحْلَام، فَقَالُواْ لَهُ: إِنَّ ابْنَكَ سَيَمُوتُ بِالعَقْرَبِ هَذَا العَام؛

فَاشْتَدَّ وَجَلُ الأَبِ عَلَى ابْنِه وَشَفَّهُ الإِيلَام؛ فَبَنى لَهُ بَيْتَاً مِنَ الزُّجَاجِ وَقَامَ عَلَيْهِ يحْرُسُهُ لَا يَنَام 00

وَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ مَا هُوَ وَاقِعُ * لَمَا نَامَ سُمَّارٌ وَلَا قَامَ هَاجِعُ

ص: 3291

حَتىَّ حَدَثَ أَنْ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَيْهِ بِالطَّعَام، وَكَانَ مَلْفُوفَاً بِوَرَقَةٍ مَرْسُومةٍ عَلَيْهَا صُورَةُ العَقْرَب؛ فَمَا أَنْ رَآهَا الوَلَدُ حَتىَّ سَقَطَ مَيِّتَاً مِنَ الخَوْفِ وَالفَزَع 00!!

وَقَدْ يَتَبَادَرُ إِلى أَذْهَانِ البَعْضِ لأَوَّلِ وَهْلَةٍ؛ أَنَّ هَذَا يَتَعَارَضُ مَعَ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:

{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدَا، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تمُوت} {لُقمَان: 34}

وَيَتَعَارَضُ مَعَ اسْتِئثَارِهِ جل جلاله بِعِلْمِ الغَيْب 00؟

وَلَيْسَ ثمَّةَ تَعَارُضٌ بَيْنَهُمَا لأَسْبَابٍ أَرْبَعَة:

1 ـ أَنَّ الرُّؤيَا لَيْسَتْ تَنَبُّؤَاً بِالأَجَل، إِنمَا هِيَ مجَرَّدُ ظَنّ 00

{وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْني مِنَ الحَقِّ شَيْئَا} {النَّجْم: 28}

ص: 3292

أَمَّا إِنْ كَانَ الأَبُ قَدِ اتخَذَ مِنْ وَسَائِلِ الحَيْطَةِ مَا رَآهُ مُنَاسِبَاً فَهَذَا طَبِيعِيٌّ؛ بِدَلِيل: أَنَّ الأَبَ لَوْ كَانَ لَدَيْهِ يَقِينٌ بِصِدْقِ هَذِهِ الرُّؤْيَا لَمَا اتخَذَ هَذِهِ التَّدَابِير؛ لأَنَّ الحَذَر: لَا يُغْني مِنَ القَدَر 00

2 ـ أَنَّ الرُّؤَى وَالأَحْلَامَ كَثِيرَاً مَا يَكُونُ تَأْوِيلُهَا مَوْتَاً أَوْ زَوَاجَاً أَوْ وِلَادَةً وَرَاجِعْ تَفْسِيرَ الأَحْلَامِ لَابْنِ سِيرِينَ تجِدْ مَعْنى الزَّوَاجِ مَوْتَاً، وَرَاجِعْ رُؤْيَا أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها في المَوْتِ وَتَأْوِيلَ أَبي بَكْرٍ لِرُؤْيَاهَا هَنَا بِالحَدِيثِ رَقْم:[731]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 3293

" رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءً امِن أَجْزَاءِ النُّبُوَّة " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6988 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2263 / عَبْد البَاقِي]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِح؛ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءً امِنَ النُّبُوَّة " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2263 / عَبْد البَاقِي]

وَفي رِوَايَةٍ لأَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" الرُّؤْيَا الصَّالحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءً امِن أَجْزَاءِ النُّبُوَّة " 0

ص: 3294

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6989 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2263 / عَبْد البَاقِي]

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" الرُّؤْيَا الصَّالحَةُ جُزْءٌ مِن خَمْسَةٍ وَعِشرِينَ جُزْءً امِن أَجْزَاءِ النُّبُوَّة " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعُ الصَّحِيحُ بِرَقْم: 3528]

وَتِلْكَ القِصَّةُ يُؤَيِّدُهَا قَوْلُهُ تَعَالى:

{أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَة} [النِّسَاء: 78]

لَعَمْرُكَ مَا يَدْرِي الفَتى كَيْفَ يَتَّقِي * إِذَا هُوَ لَمْ يجْعَلْ لَهُ اللهَ وَاقِيَا

*********

رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ * تمِتْهُ وَمَنْ تُخْطِئ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ

ص: 3295

وَمَن هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلنَهُ * وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ

*********

وَإِذَا المَنيَّةُ أَنشَبَتْ أَظْفَارَهَا * أَلفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لَا تَنْفَعُ

ص: 3296

وكُنْتُ في لِقَاءٍ مَعَ بَعْضِ الشَّخْصِيَّات؛ فَحَكَى لَنَا قِصَّةً عَجِيبَةً أَقْسَمَ عَلَى صِحَّتِهَا، قَال: لَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَمجْمُوعَةٌ مِن أَصْدِقَائِي في زِيَارَةِ صَدِيقٍ لَنَا مَرِيض، وَبَيْنَا نحْنُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَقَدْ فَارَقْنَا مَنْزِلَه؛ إِذْ أَبْصَرْنَا طِفْلاً وَهُوَ يَسْقُطُ مِنَ الطَّابِقِ الرَّابِع، فَانْطَلَقَ أَحَدُنَا ـ وَكَانَ حَامِلَ أَثْقَال ـ فَنَجَحَ بحَمْدِ اللهِ تَعَالى في لَقْفِ الصَّبيّ؛ فَكَبَّرَ الجَمِيعُ وَصَفَّقُواْ وَهَلَّلُواْ، وَعَلِمَ أَهْلُ الصَّغِيرِ وَانْطَلَقَتِ الزَّغَارِيد، حَتىَّ إِذَا مَا اسْتَقَلُّواْ سَيَّارَتَهُمْ وَبَدَأُواْ يُدِيرُونَهَا لِيَنْطَلِقُواْ؛ إِذْ سَمِعُواْ صُرَاخَاً مِن خَلْفِهِمْ؛ فَنَظَرُواْ فَإِذَا الصَّبيُّ الَّذِي أَنْقَذُوهُ تحْتَ عَجَلِ السَّيَّارَة؛ فَاسْتَحَالَتِ

ص: 3297

الزَّغَارِيدُ صُرَاخَاً وَعَوِيلَا 00!!

وَالعَجِيبُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَنْقَذَهُ؛ كَانَ هُوَ قَائِدَ السَّيَّارَة، هُوَ الَّذِي أَنْقَذَهُ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَه 00!!

عَجِيبٌ أَمْرُ هَذَا المَوْت، كَأَنَّهُ يَقُولُ لأَهْلِ ذَلِكَ الصَّبيّ: إِنَّهُ مَيِّتٌ مَيِّتٌ في هَذَا الْيَوْم، شِئْتُمْ أَمْ أَبَيْتُمْ، مُقَدَّرٌ لَهُ أَنْ يُنْقَذ، وَمُقَدَّرٌ لَهُ أَنْ يَمُوت، وَكُلُّ شَيْءٍ بِقَدَر، وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاب 00!!

آلآنَ وَقَدْ عَصَيْت 00؟!

ص: 3298

وَقَالَ أَبُو بَكر بنُ عَبدِ اللهُ المُزَني: " جَمَعَ رَجُلٌ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ مَالاً، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى المَوْتِ قَالَ لِبَنيه: أَرُوني أَصْنَافَ أَمْوَالي، فَأُتيَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ مِنَ الخَيلِ وَالإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَغَيرِه، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيهِ بَكَى تحَسُّرَاً عَلَيه، فَرَآهُ مَلَكُ المَوتِ وَهْوَ يَبْكِي؛ فَقَالَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ 00؟

فَوَالَّذِي خَلَقَكَ مَا أَنَا بخَارِجٍ مِنْ مَنزِلِكَ حَتىَّ أُفَرِّقَ بَينَ رُوحِكَ وَبَدَنِك 00!!

فَقَال: أَمْهِلْني حَتىَّ أُفَرِّقَهُ ـ أَيْ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِين ـ قَال: هَيْهَاتَ هَيْهَات، انْقَطَعَتْ عَنْكَ المهْلَة، فَهَلَاّ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِك 00؟!

فَقَبَضَ رُوحَه " 0

ص: 3299

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 كِتَابُ المَوْت: 1857]

فَإِن حَانَ الْقَضَاء؛ ضَاقَ الْفَضَاء 00

لَا يمْنَعُ المَوْتَ بَوَّابٌ وَلَا حَرَسُ

ص: 3300

وَرُويَ أَنَّ رَجُلاً جَمَعَ فَأَوْعَى 00 لَمْ يَدَعْ صِنْفَاً مِنَ المالِ إِلَاّ اتخَذَه، وَبَنى قَصْرَاً جَعَلَ عَلَيْه بَابَين وَثِيقَين، وَأَوْقَفَ عَلَيْهِ حَرَسَاً مِن غِلمَانِه، ثُمَّ جَمَعَ أَهلَهُ وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامَاً، وَقَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ وَرَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيهِ عَلَى الأُخْرَى وَهُمْ يَأْكُلُون، فَلَمَّا فَرَغُواْ قَال: يَا نَفْسُ انعَمِي؛ فَقَدْ جَمَعْتُ لَكِ مَا يَكْفِيك، فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ كَلَامِهِ حَتىَّ أَقْبَلَ عَلَيْه مَلَكُ المَوْت في هَيْئَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ خُلْقَان مِنَ الثِّيَاب، وَفي عُنُقِهِ مخلَاةٌ يَتَشَبَّهُ بِالمَسَاكِين، فَقَرَعَ البَابَ بِشِدَّة، فَوَثَبَ إِلَيْه الغِلْمَانُ وَقَالواْ لَهُ مَا شَأْنُك 00؟

ص: 3301

قَال: ادْعُواْ إِليَّ مَوْلَاكمْ، فَقَالُواْ: إِلى مِثْلكَ لَا يَخْرُجُ مَوْلَانَا، قَالَ نَعَمْ، فَأَخْبرُواْ مَوْلَاهُمْ بِذَلِكَ فَقَال: هَلَا فَعَلتُمْ بِهِ وَفَعَلتُمْ؟ ـ أَيْ هَلَا نَكَّلتُمْ بِهِ؟ ـ فَقَرَعَ البَابَ قَرْعَة أَشَدَّ مِنَ الأُولى، فَوَثَبَ إِلَيْه الحَرَسُ فَقَال: أَخْبرُوهُ أَني مَلَكُ المَوْت، فَلَمَّا سَمِعُوهُ أُلقِيَ عَليْهِمْ الرُّعْب، وَوَقَعَ عَلَى مَوْلَاهُمُ الذُّلُّ وَالَانْكِسَارُ فَقَال: قُولُواْ لَهُ قَوْلاً لَيِّنَاً، وَسَلُوهُ هَلْ تَأْخُذُ أَحَدَاً مَكَانَه 00؟

ص: 3302

فَدَخَلَ مَلَكُ المَوْتِ عَلَيْه، فَأَمَرَ الرَّجُلُ بمَالِهِ حَتىَّ وُضِعَ بَينَ يَدَيْه، فَقَالَ حِينَ رَآه: لَعَنَكَ اللهُ؛ أَنْتَ شَغَلتَني عَن عِبَادَة رَبِّي، وَمَنَعْتَني أَن أَتخَلى لِرَبِّي، فَأَنْطَقَ اللهُ المَالَ فَقَال: لَا تَسُبَّني؛ فَلَقَدْ كُنْتَ تَدْخُلُ بي عَلَى السَّلَاطين ـ أَيْ بِبَذْلِهِ في سَبِيلِ ذَلِكَ وَإِنْفَاقِهِ عَلَى المَظْهَرِ الحَسَن ـ وَيُرَدُّ المتَّقِي عَنْ بَابهمْ، وَكُنْتَ تَنْكحُ بيَ المُنعَّمَات، وَتجلِسُ بِي مجَالِسَ المُلُوك، وَتُنْفِقُني في سَبِيلِ الشَّر فَلَا أَمْتَنِعُ مِنْك، وَلَوْ أَنْفَقْتَني في الخَيرِ نَفَعْتُك، ثُمَّ قَبَضَهُ مَلَكُ المَوْت 00!!

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 كِتَابُ المَوْت: 1857]

ص: 3303

إِنَّ الحَبِيبَ مِنَ الإِخْوَانِ مخْتَلَسُ * لَا يمْنَعُ المَوْتَ بَوَّابٌ وَلَا حَرَسُ

فَكَيْفَ تَفْرَحُ بِالدُّنيَا وَلَذَّتِهَا * يَا مَنْ يُعَدُّ عَلَيْهِ العُمْرُ وَالنَّفَسُ

لَا يَرْحَمُ المَوْتُ ذَا جَهْل لِغِرَّتِهِ * وَلَا الَّذِي كَانَ مِنهُ العِلْمُ يُقْتَبَسُ

كَمْ أَخْرَسَ المَوْتُ في قَبرٍ وَقَفْتُ بِهِ * عَنِ الجَوَابِ لِسَانَاً مَا بِهِ خَرَسُ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُون} {الأَعْرَاف/34}

ص: 3304

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها: " اللَّهُمَّ مَتِّعْني بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِأَبي أَبي سُفْيَان، وَبِأَخِي مُعَاوِيَة؛ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكِ سَأَلْتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَة [أَيْ قُضِيَتْ]، وَآثَارٍ مَبْلُوغَة، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَة، لَا يُعَجِّلُ شَيْئَاً مِنهَا قَبْلَ حِلِّه، وَلَا يُؤَخِّرُ مِنهَا شَيْئَاً بَعْدَ حِلِّه، وَلَوْ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِن عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ لَكَانَ خَيْرَاً لَكِ " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2663 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3305

إِنَّ العَبْدَ عِنْدَمَا يمُوتُ يَشْتَدُّ بِهِ العَطَش؛ فَيَقُولُ لَهُ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِالأَرْزَاق: يَا ابْنَ آدَم؛ جُبْتُ لَكَ المَشَارِقَ وَالمغَارِبَ فَلَمْ أَجدْ لَكَ شَرْبةَ مَاء، يَا ابْنَ آدَم؛ جُبْتُ لَكَ المَشَارِقَ وَالمغَارِبَ فَلَمْ أَجِدْ لَكَ لُقْمَةً وَاحِدَة، لَقَدِ اسْتَنْفَذْتَ كُلَّ رِزْقِكَ عِنْدِي 00!!

فَلَا حِيلةَ في الرِّزق، وَلَا شَفَاعَةَ في المَوْت 00!!

ص: 3306

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمَاً، ثمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِك، ثمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِك، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكَاً فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَات، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيد، ثمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوح " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3208 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2643 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3307

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " وَكَّلَ اللهُ بِالرَّحِمِ مَلَكَاً فَيَقُول: أَيْ رَبّ؛ نُطْفَة ـ أَيَ يَا رَبّ؛ صَارَتْ نُطْفَة ـ أَيْ رَبّ؛ عَلَقَة، أَيْ رَبّ؛ مُضْغَة، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهَا؛ قَالَ أَيْ رَبّ؛ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى 00؟

أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ 00؟ فَمَا الرِّزْقُ 00؟ فَمَا الأَجَلُ 00؟

فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ في بَطْنِ أُمِّه " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6595 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2646 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3308

عَن حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَدْخُلُ المَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ في الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَيَقُول: يَا رَبّ؛ أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيد 00؟

فَيُكْتَبَان، فَيَقُول: أَيْ رَبّ؛ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى 00؟

فَيُكْتَبَان، وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُه، ثمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَص " 0

[وَأَثَرُهُ: أَي خُطُوَاتُهُ في الدُّنيَا، أَوْ أَثَرُهُ فِيمَن حَوْلَهُ بِالسَّلْبِ أَوْ بِالإِيجَاب 0 رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2644 / عَبْد البَاقِي]

مَلَكُ المَوْتِ وَأَحَدُ الجَبَابِرَة

ص: 3309

وَقَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيّ: " بَيْنَمَا جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ مِنْ بَنى إِسْرَائِيلَ جَالِسٌ في مَنزِلِهِ قَدْ خَلَا بِبَعْضِ أَهْلِه: إِذْ نَظَرَ إلى شَخْصٍ قَدْ دَخَلَ مِنْ بَاب بَيْتِه؛ فَثَارَ إِلَيهِ فَزِعَاً مغْضَبَاً فَقَالَ لَهُ: مَن أَنْتَ وَمَن أَدْخَلَكَ عَلَى دَارِي 00؟

فَقَال: أَمَّا الَّذِي أَدْخَلَني الدَّارَ فَرَبهَا، وَأَمَّا أَنَا: فَالَّذِي لَا يُمْنَعُ مِنَ الحُجَّاب، وَلَا أَسْتَأْذِنُ عَلَى بَاب، وَلَا أَخَافُ صَوْلَةَ السُّلطَان، وَلَا يمْتَنِعُ مِني كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيد، وَلَا شَيْطَان مَرِيد 00!!

فَسُقِطَ في يَدِ الجَبَّارِ وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ حَتىَّ كُبَّ عَلَى وَجْهِهِ، ثمَّ رَفَعَ رَأْسَه إِلَيْهِ مُتَذَللاً وَقَال: أَنْتَ إِذَنْ مَلَكُ المَوْت 00؟

ص: 3310

قَال: أَنَا هُوَ، قَال: فَهَلْ أَنْتَ مُمْهِلِي حَتىَّ أُحْدِثَ عَهْدَاً 00؟

قَال: هَيْهَاتَ هَيْهَات؛ انْقَطَعَتْ مُدَّتكَ وَانْقَضَتْ أَنْفَاسُكَ وَنَفِدَتْ سَاعَاتُك، فَلَيْسَ إِلى تَأْخِيرِكَ سَبِيل، قَال: فَإِلى أَيْنَ تَذْهَب بي 00؟

قَال: إِلى عَمَلِكَ الَّذِي قَدَّمْتَه، وَإِلى بَيْتِكَ الَّذِي مَهَّدْتَه، قَال: فَإِنيِّ لَمْ أُقَدِّمْ عَمَلاً صَالحَاً، وَلَمْ أُمَهِّدْ بَيْتَاً حَسَنَاً، قَال: فَإِلى لَظَى، نَزَّاعَةً لِلشَّوَى، ثُمَّ قَبَضَ رُوحَهُ فَسَقَطَ مَيِّتَاً " 0

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 " كِتَابُ المَوْت: 1858]

حُوَارٌ بَينَ رَسُولِ اللهِ وَمَلَكِ المَوْت

ص: 3311

عَنِ الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَن أَبِيهِ قَال: " نَظَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى مَلَكِ المَوْتِ ثَمَّ ـ أَيْ عِنْدَ ـ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" يَا مَلَكَ المَوْت، ارْفُقْ بِصَاحِبي؛ فَإِنَّهُ مُؤْمِن " 00 فَقَالَ مَلَكُ المَوْت: طِبْ نَفسَاً وَقَرَّ عَيْنَاً، وَاعْلَمْ أَنيِّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِيق، وَاعْلَمْ يَا محَمَّدُ أَنيِّ لأَقبِضُ رُوحَ ابْنِ آدَم، فَإِذَا صَرَخَ صَارِخٌ مِن أَهْلِهِ قُمْتُ في الدَّارِ وَمَعِي رُوحُهُ فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّارِخ 00؟

ص: 3312

وَاللهِ مَا ظَلَمْنَاهُ وَلَا سَبَقْنَا أَجَلَهُ وَلَا اسْتَعْجَلْنَا قَدَرَه، وَمَا لَنَا في قَبْضِهِ مِنْ ذَنْب، فَإِنْ تَرْضَواْ بمَا صَنَعَ اللهُ تُؤجَرُواْ، وَإِنْ تحْزَنُواْ وَتَسْخَطُواْ تَأثمُواْ وَتُؤزَرُواْ، مَا لَكُمْ عِنْدَنَا مِن عُتْبى، وَلَكِنْ لَنَا عِنْدَكُمْ بَعْدُ عَوْدَةٌ وَعَوْدَة؛ فَالحَذَرَ الحَذَر، وَمَا مِن أَهْلِ بَيْتٍ يَا محَمَّدُ شَعَرٍ وَلَا مَدَر، بَرٍّ وَلَا فَاجِر، سَهْلٍ وَلَا جَبَل: إِلَاّ أَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَتىَّ لأَنَا أَعْرَفُ بِصَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ مِنهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَاللهِ يَا محَمَّدُ لَو أَرَدْتُ أَن أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَة مَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ حَتىَّ يَكُونَ اللهُ هُوَ أَذِنَ بِقَبْضِهَا " 0 [ابْنُ أَبي الدُّنيَا وَالطَّبَرَاني 0 كَمَا في " الكَنْز " بِرَقْم: (

ص: 3313

42810)، الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: 325/ 2]

خُطْبَةُ مَلَكِ المَوْت:

ص: 3314

وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رضي الله عنه: " مَا مِنْ يَوْم إِلَاّ وَمَلَكُ المَوْتِ يَتَصَفَّحُ كُلَّ بَيْتٍ ثَلَاثَ مَرَّات، فَمَنْ وَجَدَهُ مِنهُمْ قَدْ اسْتَوفى رِزْقَهُ وَانْقَضَى أَجَلُهُ قَبَضَ رُوحَه، فَإِذَا قَبَضَ رُوحَهُ أَقْبَلَ أَهْلُهُ بِرَنَّةٍ وَبُكَاء ـ وَالرَّنَّةُ هِيَ صَرْخَةُ العَوِيلِ الَّتي يُطلِقُهَا أَهْلُ البَيْتِ إِذَا مَاتَ مَيِّتُهُمْ ـ فَيَأْخُذُ مَلَكُ المَوْتِ بِعَضُدَتَيِ البَابِ فَيَقُول: وَاللهِ مَا أَكَلتُ لَهُ رِزْقَاً، وَلَا انْتَقَصْتُ لَهُ أَجَلاً، وَإِنَّ لي فِيكُمْ لَعَوْدَةً بَعْدَ عَوْدَة؛ حَتىَّ لَا أُبْقِيَ مِنْكُمْ أَحَدَا، فَوَاللهِ لَوْ يَرَوْنَ مَقَامَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ لَذَهِلُواْ عَنْ مَيِّتهِمْ وَلَبَكَواْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ " 0

ص: 3315

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 كِتَابُ المَوْت: 1858]

رَقِيبٌ وَعَتِيدٌ بَعْدَ المَوْت

قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: " بَلَغَنَا أَنَّهُ مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ إِلَاّ وَيَتَرَاءَ ى لَه مَلَكَاهُ الكَاتبَانِ عَمَلَه، فَإِذَا كَانَ مُطِيعَاً قَالَا لَهُ: جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيرَاً، فَرُبَّ مجْلِسِ صِدْقٍ أَجْلَسْتَنَا، وَعَمَلٍ صَالحٍ أَحْضَرْتَنَا، وَإِنْ كَان فَاجِرَاً قَالَا لَهُ: لَا جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيرَاً فَرُبَّ مجْلِسِ سُوءٍ أَجْلَسْتَنَا، وَعَمَلٍ غَيرِ صَالحٍ أَحْضَرْتَنَا، وَكَلَامٍ قَبِيحٍ أَسْمَعْتَنَا، فَلَا جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيرَاً، فَذَلكَ شُخُوصُ بَصَرِ الميِّتِ إِلَيْهِمَا "

ص: 3316

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 كِتَابُ المَوْت: 1854]

الحَسَنُ البَصْرِيُّ وَذِكْرُهُ لِلمَوْت

دَخَلَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رضي الله عنه عَلَى رَجُلٍ يجُودُ بنَفْسِه 00

فَقَالَ قَوْلَةَ حَقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً * وَأَصْبَحَ الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ يَرْوِيهَا

فَقَال: " إِنَّ أَمْرَاً هَذَا أَوَّلُهُ ـ يَقْصِدُ المَوْت ـ لجِدِيرٌ أَنْ يُتَّقَى آخِرُه، وَإِنَّ أَمْرَاً هَذَا آخِرُهُ ـ يَقْصِدُ الدُّنيَا ـ لجَدِيرٌ أَنْ يُزْهَدَ في أَوَّلِه " 0

[البَيْهَقِيُّ في " الزُّهْدِ " بِرَقْم: (549)، وَالمَنَاوِيُّ في " فَيْضِ القَدِيرِ " ص: (177/ 2)، وَالغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء ": 1876]

الفَرَزْدَقُ الشَّاعِرُ وَالمَوْت

ص: 3317

قَالَ أَبُو مُوسَى التَّمِيمِي: " تُوُفِّيَتِ امْرَأَةُ الفَرَزْدَقِ فَخَرَجَ في جِنَازَتِهَا وُجُوهُ البَصْرَة، وَفيهِمُ الحَسَنُ البَصْرِيّ، فَقَالَ الحَسَنُ لِلفَرَزْدَق: مَاذَا أَعدَدْتَ لِهَذَا اليَوْمِ يَا أَبَا فِرَاس 00؟

قَال الفَرَزْدَق: شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَة 00!!

فَلَما دُفِنَتْ قَامَ الفَرَزْدَقُ عَلَى قَبرِهَا فَقَال:

أَخَافُ وَرَاءَ القَبرِ إِنْ لَمْ تُعَافِني * أَشَدَّ مِنَ القَبرِ التِهَابَاً وَأَضْيَقَا

إِذَا جَاءَ ني يَومَ القِيَامَة قَائِدٌ * عَنِيفٌ وَسَوَّاقٌ يَسُوقُ الفَرَزْدَقَا

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 أَقَاوِيلُهُمْ عِنْدَ القُبُور: 1881]

ص: 3318

وَلَيْسَتْ هَذِهِ دَعْوَةٌ إِلى الَاتِّكَالِ عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ عَلَى عِظَمِ فَضْلِهَا 00

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {إِنمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بجَهَالَةٍ ثمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ اللهُ عَلِيمَاً حَكِيمَا {17} وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتىَّ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنيِّ تُبْتُ الآن} {النِّسَاء}

جَرِيرٌ الشَّاعِرُ وَالمَوْت

وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ العَلَاء: " جَلَسْتُ إِلى جَرِيرٍ الشَّاعِرِ وَهُوَ يُمْلِي عَلَى كَاتِبِهِ شِعْرَاً، فَطَلَعَتْ جِنَازَةٌ، فَأَمْسَكَ وَقَال: شَيَّبَتْني وَاللهِ هَذِهِ الجَنَائِز، وَأَنْشَأَ يَقُول:

ص: 3319

تُرَوِّعُنَا الجَنَائِزُ مُقْبِلَاتٍ * وَنَلْهُو حِينَ تَذْهَبُ مُدْبِرَاتٍ

كَذِئْبٍ أَوْسَعَ الأَغْنَامَ رُعْبَاً * فَلمَّا غَابَ عَادَتْ رَاتِعَاتٍ

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 وَفَاةُ الخُلَفَاء: 1876]

مِنْ رَحْمَةِ اللهِ أَنْ سَتَرَ المَوْتَ عَنِ عِبَادِه

قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: " لَوْ عَلِمْتُ مَتى أَجَلِي: لخَشِيتُ عَلَى ذَهَابِ عَقْلِي، وَلَكِنَّ اللهَ سبحانه وتعالى مَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِإِخْفَاءِ المَوْت، وَلَوْلَا إِخْفَاؤُهُ؛ لَمَا هَنِئُواْ بِعَيْشٍ وَلَا قَامَتْ بَيْنَهُمْ أَسْوَاق "

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِي 0 كِتَابُ المَوْت: 1842]

ص: 3320

مَوْتُ الفَجْأَة

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " مِنَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ أَنْ يُرَى الهِلَالُ قَبَلاً فَيُقَالُ لِلَيْلَتَين ـ أَيْ يُرَى أَوَّلَ لَيْلَةٍ في الشَّهْرِ فَيَظُنُّهُ النَّاسُ لِلَيْلَتَينِ خَلَتَا ـ وَأَنْ تُتَّخَذَ المسَاجِدُ طُرُقَاً، وَأَنْ يَظْهَرَ مَوْتُ الفَجْأَة " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيحِ بِرَقْم: (5899)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَاني في الأَوْسَط]

صَبْرَاً عَلَى حُلْوِ الْقَضَاءِ وَمُرِّهِ * مَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ

وَقَالَ رَجُلٌ لِلحَسَنِ البَصْرِيِّ رضي الله عنه: " مَاتَ فُلَانٌ فَجْأَة " 00!!

فَقَال رضي الله عنه: " لَوْ لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً لَمَرِضَ فَجْأَةً ثُمَّ مَات " 0

ص: 3321

[ابْنُ عَبْدِ رَبُّه في " العِقدُ الفَرِيد " طَبْعَةِ دَارِ الكُتُبِ العِلمِيَّة 0 بَيرُوت 0 ص: 136/ 3]

وَالمَعْنى أَنَّ المُفَاجَأَةَ شَيْءٌ أَسَاسِيٌّ في المَوْت، فَلَوْ لَمْ تمُتْ فَجْأَةً لمَرِضْتَ فَجْأَةً ثمَّ مُتَّ بَعْدَهَا 00!!

لَمْ يَأْتِهِ المَوْتُ إِلَاّ لَيْلَةَ مُنَاقَشَةِ الدُّكتُورَاة

وَهَذَا شَابٌّ لَمْ يَأْتِهِ المَوْتُ إِلَاّ يَوْمَ مُنَاقَشَةِ رِسَالَةِ الدُّكْتُورَاه؛ فَاسْتَمِعْ مَعِي إِلى الشَّيْخ كِشْك رحمه الله مَاذَا يَقُولُ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذِهِ الحَادِثَة 00؟

" 000 نَامَ نَوْمَةً لَا يَقْظَةَ بَعْدَهَا إِلَاّ {يَوْمَ يُنَادِ المُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيب} [ق: 41]

تُرَى أَيْنَ سَيُنَاقِشُ الدُّكتُورَاة 00؟ في جَامِعَة عِينْ شَمْس، أَمْ في جَامِعَةِ القَاهِرَة 00؟

ص: 3322

لَا في جَامِعَة عِينْ شَمْس، وَلَا في جَامِعَةِ القَاهِرَة 00!!

إِذَنْ فَأَيْنَ سَيُنَاقِشُهَا 00؟

سَيُنَاقِشُهَا في القَبر، مَنِ الدُّكْتُورُ الَّذِي سَيُنَاقِشُهُ فِيهَا 00؟

إِنهُمَا الأُسْتَاذَانِ القَدِيرَان: مُنْكَرٌ وَنَكِير، مَا مَوْضُوعُهَا 00؟

ثَلَاثَةُ أَسْئِلَة: مَنْ رَبُّك 00؟ وَمَا دِينُك 00؟ وَمَنْ نَبِيُّك 00؟

[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " بِتَصَرُّف 0 ص: 101/ 9]

بِالأَمْسِ أَتَى المَوْتُ إِلى أَخِيك، وَغَدَاً سَيَأتِيك

ص: 3323

عَنْ مجَاهِدٍ قَال: خَطَبَ عُثمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه فَقَال: " ابْنَ آدَم: اعْلَمْ أَنَّ مَلَكَ المَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكَ لَمْ يَزَلْ يخْلُفُكَ وَيَتَخَطَّى إِلى غَيْرِكَ مُنْذُ أَنْتَ في الدُّنيَا، وَكَأَنَّهُ ـ أَيْ وَكَأَنَّ المَوْتَ ـ قَدْ تخَطَّى غَيْرَكَ إِلَيْكَ وَقَصَدَك؛ فَخُذْ حِذْرَكَ وَاسْتَعِدَّ لَهُ وَلَا تَغْفَلْ؛ فَإِنَّهُ لَا يَغْفَلُ عَنْك "

[هَذَا الأَثَرُ مَوْجُودٌ في " الكَنْز " بِرَقْم: 42790]

النَّاسُ في غَفَلَاتهِمْ * وَرَحَى المَنِيَّةِ تَطْحَنُ

لَيْتَ شِعْرِي؛ هَلْ نَنْتظرُ مِنَ المَوْت قَبْلَ نُزُولِه: أَنْ يَدُقَّ لَنَا عَلَى طُبُولِه 00؟

ذَهَبَ الشَّبَابُ وَشَرُّه، وَأَتَى الكِبرُ وَخَيرُه

ص: 3324

دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ دِمَشْقَ فَرَأَى شَيْخَاً كَبِيرَاً يَرْجُفُ مِنَ الكِبَر، وَكَانَ هَذَا الشَّيْخُ قَدْ أَسْرَفَ عَلَى نَفسِهِ في شَبَابِهِ فَقَالَ لَه:

" أَيَسُرُّكَ أَنْ تمُوتَ أَيُّهَا الشَّيْخ " 00؟

قَالَ لَا 00 فَقَالَ سُلَيْمَان: " لِمَ وَقَدْ بَلَغْتَ مِنَ الكِبرِ عِتِيَّا " 00؟

قَالَ الشَّيْخ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين: ذَهَبَ الشَّبَابُ وَشَرُّه، وَأَتَى الكِبرُ وَخَيرُه؛ فَإِن أَنَا قَعَدْتُ ذَكَرْتُ الله، وَإِن أَنَا قُمْتُ حَمِدْتُ الله، وَإِني أُحِبُّ أَنْ تَدُومَ لي هَاتَانِ الخَلَّتَان 00!!

[الدُّكْتُور نَايِف في نَفَائِسِ اللَّطَائِفِ طَبْعَةُ بَيرُوت 0 ص: (115)، وَالعِقدُ الفَرِيد 0 ص: 147/ 3]

كَرَاهِيَةُ المَوْت

أَنَا لَا أَدْرِي لِمَ كُلُّ هَذَا التَّشَبُّثِ بالحَيَاةِ وَالخَوْفِ مِنَ المَوْت 00!!

ص: 3325

رَغْمَ أَنَّ الإِنسَانَ يحيَا ليَمُوتَ وَيمُوتُ لِيَحْيى 00!!

أَفَمَا شَبِعْتَ بَعْدُ مِنَ الدُّنيَا 00؟

الدُّنيَا الَّتي لَا يحْترِمُ أَهْلُهَا إِلَاّ القَوِيَّ المُسْتَبِدَّا، وَإِلَاّ الغَنيَّ الَّذِي إِذَا أَعْطَى أَعْطَى قَلِيلاً وَأَكدَى!!

الدُّنيَا الَّتي لَا تُنْصِفُ الطَّيِّبِينَ مِنَ العَقَارِبِ وَالثَّعَابِين 00!!

الدُّنيَا الَّتي لَمْ تَزَلْ تُلَاحِقُ الإِنْسَانَ الفَاضِلَ بِالضُّرِّ وَالأَذَى حَتىَّ يَقُول: يَا لَيْتني مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيَاً مَنْسِيَّا 00!!

وَلَا تَبرَحُ تُلَاحِقُهُ بِالضُّرِّ وَالأَذَى 00

حَتىَّ يُغَيَّبَ بَعْدَ ذَاكَ بحُفْرَةٍ * لَا أَهْلُهُ فِيهَا وَلَا جِيرَانُهُ

*********

لَا يُبْعِدُ اللهُ أَسْلَافَاً لَنَا سَبَقُواْ * وَلَوْ بَقُواْ لَلَقُواْ مَا لَا يُحِبُّونَا

ص: 3326

وَكُلُّ لَهْوٍ لَهَاهُ النَّاسُ مَشْغَلَةٌ * عَنْ ذِكْرِ مَا هُمْ مِنَ الأَحْدَاثِ لَاقُونَا

{ابْنُ الرُّومِي}

النَّاسُ في الدُّنيَا كَرُكَّابِ البَحْرِ إِنْ نجَواْ مِنَ الغَرَقِ لَمْ ينْجُواْ مِنَ الفَرَق

إِنَّ الدُّنيَا كَالبَحْرٍ وَالنَّاسُ فِيهَا كَرُكَّابِ سَفِينَة: إِن نجَواْ مِنَ الغَرَق: لَمْ ينْجُواْ مِنَ الفَرَق: أَيِ الخَوْف 00!!

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِر " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2956 / عَبْد البَاقِي]

نُعَلَّلُ بِالدَّوَاءِ إِذَا مَرِضْنَا * وَهَلْ يَشْفِي مِنَ المَوْتِ الدَّوَاءُ

وَنَأْتي بِالطَّبِيبِ وَهَلْ طَبِيبٌ * يُؤَخِّرُ مَا يُقَدِّمُهُ القَضَاءُ

ص: 3327

أَرَى جَرْعَ الحَيَاةِ أَمَرَّ شَيْءٍ * فَشَاهِدْ صِدْقَ ذَلِكَ إِذ تُقَاءُ

سَأَلْنَاهَا البَقَاءَ عَلَى أَذَاهَا * فَقَالَتْ عَنْكُمُ حُظِرَ البَقَاءُ

وَتُقَاءُ: مِنَ القَيْء 0

أَلَا تَرَاهُ إِذَا شَخَصَتْ عَيْنَاهُ عَرِقَ جَبِينُه، وَسُمِعَ أَنِينُه، وَاشْتَدَّ شَوْقُهُ إِلى الدُّنيَا وَحَنِينُه 00!!

حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ عَلَامَةٌ عَلَى ضَعْفِ المُسْلِمِين

عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا " 00 أَيْ: كَمَا يَتَدَاعَى النَّاسُ عَلَى الوَلِيمَة 0

قَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نحْنُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ الله 00؟

ص: 3328

قَالَ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِير، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْل، وَلَيَنْزَعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ في قُلُوبِكُمُ الوَهَن " 00 فَقَالَ قَائِلٌ: وَمَا الوَهَنُ يَا رَسُولَ الله؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْت " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: (4197)، وَفي " الصَّحِيحَةِ " بِرَقْم: 958]

إِنَّ المَوْتَ مُصَابٌ كَبِير، وَشَرٌّ مُسْتَطِير، سَمَّاهُ القُرْآنُ الكَرِيمُ مُصِيبَةً فَقَال:{فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ المَوْت} {المَائِدَة: 106}

ص: 3329

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" قَالَ اللهُ تَعَالى لِلنَّفْسِ اخْرُجِي؛ قَالَتْ: لَا أَخْرُجُ إِلَاّ كَارِهَة " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الأَدَبِ المُفْرَدِ وَفي الجَامِعِ بِرَقْمَيْ: 219، 7778]

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " قَالَ الله تبارك وتعالى للنَّفْس: اخْرُجِي، قَالَتْ: لَا أَخْرُجُ إِلَاّ كَارِهَة، قَال: اخْرُجِي وَإِنْ كَرِهْت " 0

[الإِمَامُ البَزَّار، وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: 325/ 2]

ص: 3330

وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" يَكْبُرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبُرُ مَعَهُ اثْنَان: حُبُّ المَال، وَطُولُ العُمُر " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6421 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1046 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3331

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَان: الحِرْصُ عَلَى المَال، وَالحِرْصُ عَلَى العُمُر " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1047 / عَبْد البَاقِي]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَين: طُولِ الحَيَاةِ وَكَثْرَةِ المَال "[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 2338، 4233، وَفي الجَامِعِ بِرَقْم: 7858]

ص: 3332

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" الشَّيْخُ يَكْبُرُ وَيَضْعُفُ جِسْمُه، وَقَلْبُهُ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَيْن: طُولِ العُمُرِ وَالمَال " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 8403، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

ص: 3333

عَنْ محْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَم: المَوْت، وَالمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَة، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ المَال، وَقِلَّةُ المَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَاب " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة، وَقَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح ص: 257/ 10، وَقَالَ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: إِسْنَادُهُ جَيِّد 0 ح / ر: 23625]

ص: 3334

الدُّنيَا لَا تَسْتَحِقُّ مِنْكُمْ كُلَّ هَذَا الحُبّ

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" هَلْ تَنْتَظِرُونَ مِنَ الدُّنيَا إِلَاّ فَقْرَاً مُنْسِيَاً، أَوْ غِنىً مُطْغِيَاً، أَوْ مَرَضَاً مُفْسِدَاً، أَوْ هَرَمَاً مُفنِّدَاً ـ أَيْ مُفْسِدَاً لِلْعَقْل ـ أَوْ مَوْتَاً مجْهِزَاً، أَوِ الدَّجَّال، فَالدَّجَّالُ شَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَر، أَوْ السَّاعَةُ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرّ " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2306]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مُثِّلَ ابْنُ آدَمَ وَإِلى جَنْبِهِ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ مَنِيَّة، إِن أَخْطَأَتْهُ المَنَايَا وَقَعَ في الهَرَم " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ بِرَقْم: (5825)، وَصَحَّحَهُ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2156]

ص: 3335

لَا خَيرَ في العَيْشِ مَا دَامَتْ مُنَغَّصَةً * لَذَّاتُهُ بِادِّكَارِ المَوْتِ وَالهَرَمِ

في المَوْتِ أَلْفُ فَضِيلَة لَا تُعْرَفُ

قَدْ قُلْتُ إِذْ مَدَحُواْ الحَيَاةَ وَأَسْرَفُواْ * في المَوْتِ أَلْفُ فَضِيلَةٍ لَا تُعْرَفُ

مِنهَا أَمَانُ لِقَائِهِ بِلِقَائِهِ * وَبِهِ نُفَارِقُ كُلَّ مَنْ لَا يُنْصِفُ

وَالعَجِيبُ أَنَّنَا نَكرَهُ لِقَاءَ اللهِ رَغمَ أَنَّ كُلاًّ مِنَّا يَدَّعي حُبَّ الله، وَمَن أَحَبَّ أَحَدَاً أَحَبَّ لقَاءه 0

وَلِذَا قَالَ أَحَدُ الحُكَمَاء وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ المَوْت؛ عِنْدَمَا رَأَى جَزَعَ بَنِيهِ ـ وَأَرَادَ أَنْ يخَفِّفَ عَنهُمْ مَا هُمْ فِيه ـ يَا بَنيّ: " أَيْنَ يُذْهَبُ بي "؟

ص: 3336

قالُواْ: إِلى الله عز وجل، قَال:

" فَمَا كَرَاهَتي أَن أَذْهَبَ إِلى مَنْ لَا أَرَى الخَيرَ إِلَاّ مِنه " 00؟!

[رَوَاهُ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " الشُّعَب " بِرَقْم: 7119]

يَكْفِي عَنِ المَوْتِ أَنَّهُ البَوَّابَةُ لِلِقَاءِ الله

عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّكُمْ لَنْ تَرَواْ رَبَّكُمْ عز وجل حَتىَّ تَمُوتُواْ " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيح، الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ وَابْنُ مَاجَةَ وَأَحْمَدُ في " مُسْنَدِهِ " بِرَقْم: 22258]

ص: 3337

عَن عَلِيِّ بْنِ وَهْبٍ الهَمْدَانيِّ، عَن الضَّحَّاكِ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ قَال:

" مَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بِالمَدِينَةِ وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ بَارَكَهَا الله، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامَاً فَقَال: هَلْ بِالمَدِينَةِ أَحَدٌ أَدْرَكَ أَحَدَاً مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؟

فَقَالُواْ لَه: أَبُو حَازِمٍ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؛ فَأَرْسَلَ إِلَيْه، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَازِمٍ مَا هَذَا الجَفَاء 00؟

قَالَ أَبُو حَازِم: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَأَيُّ جَفَاءٍ رَأَيْتَ مِني 00؟

ص: 3338

قَال: أَتَاني وُجُوهُ أَهْلِ المَدِينَةِ وَلَمْ تَأْتِني، قَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ؛ مَا عَرَفْتَني قَبْلَ هَذَا اليَوْمِ وَلَا أَنَا رَأَيْتُك، فَالتَفَتَ سُلَيْمَانُ إِلى محَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ فَقَال: أَصَابَ الشَّيْخُ وَأَخْطَأْت، قَالَ سُلَيْمَان: يَا أَبَا حَازِم؛ مَا لَنَا نَكْرَهُ المَوْت 00؟

قَال: لأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ الآخِرَةَ وَعَمَّرْتمْ الدُّنْيَا؛ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تُنْقَلُوا مِنْ العُمْرَانِ إِلى الخَرَاب، قَال: أَصَبْتَ يَا أَبَا حَازِم، فَكَيْفَ القُدُومُ غَدَاً عَلَى الله 00؟

قَال: أَمَّا المحْسِن؛ فَكَالغَائِبِ يَقْدُمُ عَلَى أَهْلِه، وَأَمَّا المُسِيءُ فَكَالآبِقِ يَقْدُمُ عَلَى مَوْلَاه؛ فَبَكَى سُلَيْمَانُ وَقَال: لَيْتَ شِعْرِي 00 مَا لَنَا عِنْدَ الله 00؟

ص: 3339

قَالَ أَبُو حَازِم: اعْرِضْ عَمَلَكَ عَلَى كِتَابِ الله، قَالَ سُلَيْمَان: وَأَيُّ مَكَانٍ أَجِدُه 00؟

قَال: {إِنَّ الَابْرَارَ لَفِي نَعِيم، وَإِنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيم} {الَانْفِطَار: 13}

قَالَ سُلَيْمَان: فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللهِ يَا أَبَا حَازِم 00؟

قَالَ أَبُو حَازِم: رَحْمَةُ اللهِ قَرِيبٌ مِنْ المحْسِنِين؛ قَالَ لَهُ سُلَيْمَان: يَا أَبَا حَازِم؛ فَأَيُّ عِبَادِ اللهِ أَكْرَم 00؟

قَال: أُولُو المُرُوءةِ وَالنُّهَى، قَالَ لَهُ سُلَيْمَان: فَأَيُّ الَاعْمَالِ أَفْضَل 00؟

قَالَ أَبُو حَازِم: أَدَاءُ الفَرَائِضِ مَعَ اجْتِنَابِ المحَارِم، قَالَ سُلَيْمَان: فَأَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَع 00؟

قَالَ أَبُو حَازِم: دُعَاءُ المحْسَنِ إِلَيْهِ لِلْمُحْسِن، قَالَ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَل 00؟

ص: 3340

قَالَ لِلسَّائِلِ البَائِس، وَجُهْدُ المُقِلّ، لَيْسَ فِيهَا مَنٌّ وَلَا أَذًى قَال: فَأَيُّ القَوْلِ أَعْدَل 00؟

قَال: قَوْلُ الحَقِّ عِنْدَ مَنْ تخَافُهُ أَوْ تَرْجُوه، قَال: فَأَيُّ المُؤْمِنِينَ أَكْيَس 00؟

قَال: رَجُلٌ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللهِ وَدَلَّ النَّاسَ عَلَيْهَا، قَال: فَأَيُّ المُؤْمِنِينَ أَحْمَق؟

قَال: رَجُلٌ انْحَطَّ في هَوَى أَخِيهِ ـ أَيْ سَارَ مَعَهُ ـ وَهُوَ ظَالِم، فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِه، قَالَ لَهُ سُلَيْمَان: أَصَبْت، فَمَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيه 00؟

قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَوَ تُعْفِيني 00؟

ص: 3341

قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ لَا، وَلَكِنْ نَصِيحَةٌ تُلْقِيهَا إِليّ، قَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنَّ آبَاءَكَ قَهَرُوا النَّاسَ بِالسَّيْف، وَأَخَذُوا هَذَا المُلْكَ عَنْوَةً ـ أَيْ غَصْبَاً ـ عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ وَلَا رِضَاهُمْ؛ حَتىَّ قَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَة، فَقَدِ ارْتَحَلُوا عَنْهَا، فَلَوْ أُشْعِرْتَ مَا قَالُواْ وَمَا قِيلَ لَهُمْ 00؟!

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِه: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا أَبَا حَازِم، قَالَ أَبُو حَازِم: كَذَبْت؛ إِنَّ اللهَ أَخَذَ مِيثَاقَ العُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَه، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ فَكَيْفَ لَنَا أَنْ نُصْلِح 00؟

ص: 3342

قَال: تَدَعُونَ الصَّلَفَ وَتَمَسَّكُونَ بِالمُرُوءةِ وَتَقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّة، قَالَ لَهُ سُلَيْمَان: كَيْفَ لَنَا بِالمَأْخَذِ بِه 00؟

قَالَ أَبُو حَاَزِم: تَأْخُذُهُ مِنْ حِلِّهِ وَتَضَعُهُ في أَهْلِه، قَالَ لَهُ سُلَيْمَان: هَلْ لَكَ يَا أَبَا حَازِمٍ أَنْ تَصْحَبَنَا فَتُصِيبَ مِنَّا وَنُصِيبَ مِنْك 00؟

قَالَ رضي الله عنه: أَعُوذُ بِالله، قَالَ لَهُ سُلَيْمَان: وَلِمَ ذَاك 00؟!

قَال: أَخْشَى أَن أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئَاً قَلِيلاً فَيُذِيقَني اللهُ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَات، قَالَ لَهُ سُلَيْمَان: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَك 00؟

قَال: تُنْجِيني مِنْ النَّارِ وَتُدْخِلُني الجَنَّة؛ قَالَ سُلَيْمَان: لَيْسَ ذَاكَ إِليّ!!

ص: 3343

قَالَ أَبُو حَازِم: فَمَا لي إِلَيْكَ حَاجَةٌ غَيْرُهَا، قَالَ فَادْعُ لي، قَالَ أَبُو حَازِم: اللهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَلِيَّكَ فَيَسِّرْهُ لخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَة، وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ فَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ قَطُّ ـ أَيْ كَفَى بِاللهِ عَلَيْك ـ قَالَ أَبُو حَازِم: قَدْ أَوْجَزْتُ وَأَكْثَرْتُ ـ أَيْ أَوْجَزْتُ بِرَغْمِ الكَثْرَةِ ـ إِنْ كُنْتَ مِن أَهْلِه، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِن أَهْلِهِ فَمَا يَنْفَعُني أَن أَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ لَيْسَ لَهَا وَتَرٌ ـ أَيْ فَمَا يَنْفَعُكَ نُصْحِي إِن أَرَدْتُ أَن أَنْصَحَ لَكَ ـ قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ أَوْصِني، قَال: سَأُوصِيكَ وَأُوجِز: عَظِّمْ رَبَّكَ وَنَزِّهْهُ أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاك، أَوْ يَفْقِدَكَ حَيْثُ أَمَرَك، فَلَمَّا خَرَجَ مِن عِنْدِهِ

ص: 3344

بَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَن أَنْفِقْهَا وَلَكَ عِنْدِي مِثْلُهَا كَثِير، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَيْه: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُكَ إِيَّايَ هَزْلاً، أَوْ رَدِّي عَلَيْكَ بَذْلاً ـ أَيْ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ يَكُونَ كَلَامُنَا في الزُّهْدِ عَبَثَاً ـ وَمَا أَرْضَاهَا لَكَ فَكَيْفَ أَرْضَاهَا لِنَفْسِي، وَكَتَبَ إِلَيْه:

ص: 3345

إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهَا رِعَاءً يَسْقُون، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ جَارِيَتَيْنِ تَذُودَانِ ـ قَالَ الطَّبرِيُّ في تَفْسِيرِهَا: أَيْ كَانَتَا تمْنَعَانِ غَنَمَهُمَا مِنَ السِّقَايَةِ حَتىَّ يُصْدِرَ الرِّعَاء: أَيْ يُقْلِعُونَ عَنِ المَاء ـ فَسَأَلَهُمَا فَقَالَتَا: لَا نَسْقِي حَتىَّ يُصْدِرَ الرِّعَاءوَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِير، فَسَقَى لَهُمَا، ثُمَّ تَوَلَّى إِلى الظِّلِّ فَقَال: رَبِّ إِنيِّ لِمَا أَنْزَلْتَ إِليَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ جَائِعَاً خَائِفَاً لَا يَأْمَن؛ فَسَأَلَ رَبَّهُ وَلَمْ يَسْأَلِ النَّاس، فَلَمْ يَفْطِنِ الرِّعَاءُ وَفَطِنَتْ الجَارِيتَان؛ فَلَمَّا رَجَعَتَا إِلى أَبِيهِمَا أَخْبَرَتَاهُ بِالقِصَّةِ وَبِقَوْلِهِ؛ فَقَالَ أَبُوهُمَا وَهُوَ شُعَيْب: هَذَا رَجُلٌ

ص: 3346

جَائِع؛ فَقَالَ لإِحْدَاهُمَا: اذْهَبي فَادْعِيه، فَلَمَّا أَتَتْهُ عَظَّمَتْهُ وَغَطَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا، فَشَقَّ عَلَى مُوسَى حِينَ ذَكَرَتْ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا، وَلَمْ يَجِدْ بُدَّاً مِن أَنْ يَتْبَعَهَا؛ إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ الجِبَالِ جَائِعَاً مُسْتَوْحِشَاً، فَلَمَّا تَبِعَهَا هَبَّتِ الرِّيحُ فَجَعَلَتْ تَصْفِقُ ثِيَابَهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَتَصِفُ لَهُ عَجِيزَتَهَا وَكَانَتْ ذَاتَ عَجُز، وَجَعَلَ مُوسَى يُعْرِضُ مَرَّةً وَيَغُضُّ أُخْرَى، فَلَمَّا عِيلَ صَبْرُهُ نَادَاهَا يَا أَمَةَ الله: كُوني خَلْفِي وَأَرِيني السَّمْتَ بِقَوْلِكِ ذَا ـ أَيْ وَأَرِيني الطَّرِيقَ بِقَوْلِكِ سِرْ مِن هُنَا ـ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى شُعَيْبٍ إِذَا هُوَ بِالعَشَاءِ مُهَيَّأ، فَقَالَ لَهُ شُعَيْب:

ص: 3347

اجْلِسْ يَا شَابُّ فَتَعَشَّ؛ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَعُوذُ بِالله، فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ لِمَ 00؟! أَمَا أَنْتَ جَائِع 00؟

قَالَ بَلَى، وَلَكِنيِّ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عِوَضَاً لِمَا سَقَيْتُ لَهُمَا؛ وَإِنَّا مِن أَهْلِ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ شَيْئَاً مِنْ دِينِنَا بِمِلْءِ الأَرْضِ ذَهَبَاً، فَقَالَ لَهُ شُعَيْب: لَا يَا شَابّ، وَلَكِنَّهَا عَادَتِي وَعَادَةُ آبَائِي، نُقْرِي الضَّيْفَ وَنُطْعِمُ الطَّعَام؛

ص: 3348

فَجَلَسَ مُوسَى فَأَكَل، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ المِائَةُ دِينَارٍ عِوَضَاً لِمَا حَدَّثْتُ فَالمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلحْمُ الخِنْزِيرِ في حَالِ الَاضْطِرَارِ أَحَلُّ مِنْ هَذِه، وَإِنْ كَانَ لِحَقٍّ لي في بَيْتِ المَالِ فَلِي فِيهَا نُظَرَاء؛ فَإِنْ سَاوَيْتَ بَيْنَنَا وَإِلَاّ فَلَيْسَ لي فِيهَا حَاجَة " 0 [الإِمَامُ في " سُنَنِ الدَّارِمِيُّ " بِكِتَابِ المُقَدِّمَةِ بَاب: إِعْظَامِ العِلم بِرَقْم: 647]

ص: 3349

قَالَ حَاتِمٌ الأَصَمّ:

" رَأَيْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ لَهُمْ بَيْتٌ وَمَأْوَىً، وَرَأَيْتُ مَأْوَايَ الْقَبْر؛ فُكُلُّ شَيْءٍ قَدَرْتُ عَلَيْهِ مِنَ الخَيْرِ قَدَّمتُهُ لِنَفْسِي لأُعَمِّرَ قَبْرِي " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 487/ 11]

وَقَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهْوَ يَعِظُهُ: " يَا بُنيّ: إِنَّ دَارَاً تَسِيرُ إِلَيْهَا: أَقرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ خَرَجْتَ مِنهَا " 0 [الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في الزُّهْدِ الكَبِير بِرَقْم: (501)، وَالمِشْكَاةُ بِرَقْم: 5220]

ص: 3350

مَتى أَكرَهُ الدُّنيَا إِذَا أَنَا شَرِبْتُ مَاءً بَارِدَاً

كَانَ دَاوُدُ بْنُ نَصِيرٍ الطَّائِيُّ لَا يُبْرِدُ المَاءَ في الصَّيْف؛ فَقِيلَ لَهُ: أَتَشْرَبُ في هَذَا الحَرِّ الشَّدِيدِ مَاءً سَاخِنَاً 00؟!

فَقَال: إِذَا أَنَا شَرِبْتُ في هَذَا الحَرِّ الشَّدِيدِ المَاءَ بَارِدَاً؛ فَمَتى أَسْتَبْشِرُ بِالمَوْت " 00؟!

ص: 3351

وَعَن عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" دَخَلنَا عَلَى بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ وَهُوَ في المَوْت، فَإِذَا هُوَ في سُرُورٍ عَظِيم؛ فَقُلنَا لَهُ في ذَلِكَ فَقَال: " أَأَخْرُجُ مِنْ دَارِ الحَاسِدِينَ الظَّالمِينَ المُغْتَابِينَ وَأَقدُمُ عَلَى رَبِّ العَالمِينَ وَلَا أُسَرّ " 00؟ [ابْنُ عَبْدِ رَبُّه في " العِقدُ الفَرِيد " طَبْعَةِ دَارِ الكُتُبِ العِلمِيَّة 0 بَيرُوت 0 ص: 146/ 3]

ص: 3352

كَرَاهِيَةُ تمَنيِّ المَوْت

وَلَيْسَ مَعْنى هَذَا أَنْ نَتَمَنى المَوْت 00

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِه، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيَاً لِلْمَوْتِ فَلْيَقُل: اللهُمَّ أَحْيِني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرَاً لي، وَتَوَفَّني إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرَاً لي " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6351 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2680 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3353

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَاً عَمَلُهُ الجَنَّة " قَالُواْ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ الله 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا، وَلَا أَنَا، إِلَاّ أَنْ يَتَغَمَّدَني اللهُ بِفَضْلٍ وَرَحمَة؛ فَسَدِّدُواْ وَقَارِبُواْ، وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْت؛ إِمَّا محْسِنَاً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرَاً، وَإِمَّا مُسِيئَاً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ المَرْضَى بَاب: تمَني المَرِيضِ المَوْت بِرَقْم: 5673 / فَتْح]

ص: 3354

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَا يَتَمَنىَّ أَحَدُكُمُ المَوْت، وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ؛ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ؛ انْقَطَعَ عَمَلُه، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَاّ خَيرَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2682 / عَبْد البَاقِي]

عَن عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ آخَى بَينَ رَجُلَين، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الآخَرُ بَعْدَه، فَصَلَّيْنَا عَلَيْه، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَا قُلْتُمْ " 00؟

ص: 3355

قَالُواْ: دَعَوْنَا لَهُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ أَلحِقْهُ بِصَاحِبِه؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

" فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِه 00؟! وَأَيْنَ عَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِه 00؟!

فَلَمَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرْض " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ " بِرَقْم: (1985)، وَصَحَّحَهُ أَيْضَاً في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 2524]

ص: 3356

عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلَينِ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعَاً، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادَاً مِنَ الآخَر، فَغَزَا المُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِد، ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَة: فَرَأَيْتُ في المَنَام: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الجَنَّة؛ إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الجَنَّة؛ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ؛ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِد، ثمَّ رَجَعَ إِليّ، فَقَالَ ارْجِعْ؛ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْد، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاس؛ فَعَجِبُواْ لِذَلِك، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَحَدَّثُوهُ الحَدِيث؛

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مِن أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُون " 00؟

ص: 3357

فَقَالُواْ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَينِ اجْتِهَادَاً، ثمَّ اسْتُشْهِد، وَدَخَلَ هَذَا الآخِرُ الجَنَّةَ قَبْلَه؟!

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً " 00؟

قَالُواْ بَلَى، قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَام؟ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ في السَّنَة "؟

[وَفي رِوَايَةٍ: سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَة]

ص: 3358

قَالُواْ بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرْض "[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 372، 3925، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْمَيْ: 1403، 8381]

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى لأَحْمَدَ وَالبزَّارِ وَأَبي يَعْلَى عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ رضي الله عنه أَنَّ نَفَرَاً مِنْ بَني عُذْرَةَ ثَلَاثَةً أَتَوْا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُواْ؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يَكْفِنِيهِمْ " 00؟

أَيْ مَنْ يَكْفِيني ضِيَافَتَهُمْ 00؟

ص: 3359

قَالَ طَلْحَةُ رضي الله عنه: أَنَا؛ فَكَانُواْ عِنْدَ طَلْحَةَ رضي الله عنه، فَبَعَثَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْثَاً، فَخَرَجَ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِد، ثُمَّ بَعَثَ بَعْثَاً، فَخَرَجَ فِيهِمْ آخَرُ فَاسْتُشْهِد، ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِه؛ قَالَ طَلْحَةُ رضي الله عنه: فَرَأَيْتُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ كَانُواْ عِنْدِي في الجَنَّة، فَرَأَيْتُ المَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيرَاً يَلِيه، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ؛ فَدَخَلَني مِنْ ذَلِكَ ـ أَيْ دَخَلَنيَ الْعَجَب ـ فَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 3360

" وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِك 00؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ في الإِسْلَام؛ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيبِ وَفي السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 3367، 654، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " كَمْ مَكَثَ في الأَرْضِ بَعْدَه " 00؟

قَالَ رضي الله عنه: حَوْلاً؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" صَلَّى أَلْفَاً وَثَمَانِمِاْئَةِ صَلَاةٍ وَصَامَ رَمَضَان " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1401، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

ص: 3361

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرٍ فَقَال: " مَنْ صَاحِبُ هَذَا القَبْر " 00؟

فَقَالُواْ: فُلَان؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ " 0

[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيب ح 0 ر: (391)، وَوَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِيرِ وَالأَوْسَط]

عَنْ بَشِيرِ بْنِ مَعْبَدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَرَّ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ فَقَال: " لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرَاً كَثِيرَاً " 00 ثَلَاثَاً، ثُمَّ مَرَّ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ المُسْلِمِينَ فَقَال:

ص: 3362

" لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرَاً كَثِيرَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 3230]

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَا مِن أَحَدٍ يمُوتُ إِلَاّ نَدِم؛ إِنْ كَانَ محْسِنَاً نَدِمَ أَلَاّ يَكُونَ ازْدَاد، وَإِنْ كَانَ مُسِيئَاً نَدِمَ أَلَاّ يَكُونَ نَزَع " 0

وَمَعْنى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " نَدِمَ أَلَاّ يَكُونَ نَزَع " 00

[أَيْ: نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ أَقْلَعَ عَن إِسَاءتِه 0 ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ بِالجَامِعِ وَالتِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: (2403)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42715]

اغْتَنِمْ خَمْسَاً قَبْلَ خَمْس

ص: 3363

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" اغْتَنِمْ خَمْسَاً قَبْلَ خَمْس: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِك، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِك، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِك، وَشَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِك، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِك " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيحِ بِرَقْم: (1957)، الإِحْيَاء 0 ص: (1847)، وَفي الْكَنْز بِرَقْم: 43490]

خَيْرُكُمْ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُه

وَعَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنهم عَن أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:

يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ خَير 00؟

ص: 3364

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُه " 0 قَال: فَأَيُّ النَّاسِ شَرّ 00؟

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَسَاءَ عَمَلُه "[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 20444، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2329]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " طُوبىَ لِمَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (7375)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَة]

ص: 3365

خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ وَتمَنيِّ المَوْت:

عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبي حَازِمٍ رضي الله عنه قَال:

" دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ رضي الله عنه نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ فَقَال: إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ سَلَفُواْ مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا، وَإِنَّا أَصَبْنَا مَا لَا نجِدُ لَهُ مَوْضِعَاً إِلَاّ التُّرَاب، وَلَوْلَا أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ، ثمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ يَبْني حَائِطَاً لَهُ فَقَال: " إِنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ في كُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ إِلَاّ في شَيْءٍ يجْعَلُهُ في هَذَا التُّرَاب " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ المَرْضَى بَاب: تمَني المَرِيضِ المَوْت بِرَقْم: 5672 / فَتْح]

ص: 3366

عَمَّارٌ وَتمَنيِّ المَوْت:

عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ رضي الله عنه قَال: " صَلَّى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِالقَوْمِ صَلَاةً أَخَفَّهَا فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا فَقَال: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُود 00؟

قَالُواْ بَلَى، قَال: أَمَا إِنيِّ دَعَوْتُ فِيهَا بِدُعَاءٍ كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِه:

ص: 3367

" اللهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الخَلْقِ أَحْيِني مَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيْرَاً لي، وَتَوَفَّني إِذَا عَلِمْتَ الوَفَاةَ خَيْرَاً لي، وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ في الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة، وَكَلِمَةَ الإِخْلَاصِ ـ وَفي رِوَايَةٍ: كَلِمَةَ الحَقِّ ـ في الرِّضَا وَالْغَضَب، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمَاً لَا يَنْفَدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاء، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ المَوْت، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلى لِقَائِك، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّة، وَفِتْنَةٍ مُضِلَّة، اللهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَان، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِين " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التَّوَسُّلِ ص: (46)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 1306]

ص: 3368

المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنَ النَّاس، وَالكَافِرُ يَسْترِيحُ مِنهُ النَّاس

عَن أَبي قَتَادَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرَّ عَلَيْهِ بجِنَازَةٍ فَقَال:

" مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْه؛ قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ 00؟

فَقَال: العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلى رَحْمَةِ الله، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابّ " 0

[رَوَاهُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6512 / فَتْح)، وَمُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (950 / عَبْد البَاقِي)، وَهُوَ في (الكَنْزِ) بِرَقْم: 42769]

مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه

ص: 3369

عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

[رَوَاهُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6508 / فَتْح)، وَمُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2686 / عَبْد البَاقِي)، وَفي " الكَنْزِ " بِرَقْم: 42121]

وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّ العِزَّةِ جل جلاله أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي أَحْبَبْتُ لِقَاءه، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي كَرِهْتُ لِقَاءه " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ التَّوْحِيدِ بَابِ: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُواْ كَلَامَ الله بِرَقْم: (7504 / فَتْح)، وَفي " الكَنْز " بِرَقْم: 42108]

ص: 3370

هَلْ كَرَاهِيَةُ المَوْتِ هِيَ كَرَاهِيَةُ لِقَاءِ الله

عَن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 00

قَالَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَة أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لَنَكرَهُ المَوْتَ يَا رَسُولَ الله 00؟

ص: 3371

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ ذَاك، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللهِ وَكَرَامَتِه؛ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ ممَّا أَمَامَه، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ وَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَعُقُوبَتِه؛ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ ممَّا أَمَامَه، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الرِّقَاقِ بَاب: مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه بِرَقْم: 6507]

عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 00

ص: 3372

فَقُلْتُ: يَا نَبيَّ اللهِ؛ أَكَرَاهِيَةُ المَوْت، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوْت 00؟!

ـ أَيْ أَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ هِيَ كَرَاهِيَةُ لِقَاءِ الله 00؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوْتَ يَا رَسُولَ الله ـ فَقَال صلى الله عليه وسلم:

" لَيْسَ كَذَلِك، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَسَخَطِهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالَاسْتِغْفَار، بَابِ: مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه بِرَقْم: 2684]

وَهَذِهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى تُوَضِّحُ مَفهُومَ هَذِهِ الكَرَاهِيَة:

ص: 3373

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

يَقُولُ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ ـ أَحَدُ رُوَاةِ الحَدِيث ـ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْت: يَا أُمَّ المُؤْمِنِين، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَاً، إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ هَلَكْنَا، فَقَالَتْ: إِنَّ الهَالِكَ مَنْ هَلَكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ إِنَّ ذَلِكَ لَهُوَ الهَلَاكُ المُبِين ـ وَمَا ذَاك 00؟!

قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 3374

" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

وَلَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَاّ وَهُوَ يَكْرَهُ المَوْت؛ فَقَالَتْ رضي الله عنها:

قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ بِالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْه، وَلَكِن إِذَا شَخَصَ البَصَرُ وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ وَاقْشَعَرَّ الجِلْدُ وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِع، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالَاسْتِغْفَار، بَاب: مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه بِرَقْم: 2685]

ص: 3375

عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي لَيْلَى رضي الله عنه عَن أَحَدِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ الله؛ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ الله؛ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

قَالُواْ: إِنَّا نَكْرَهُ المَوْت 00 قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ ذَلِك، وَلَكِنَّهُ إِذَا حَضَرَ ـ أَيِ المَوْتُ ـ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُقَرَّبِين: فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيم؛ فَإِذَا بُشِّرَ بِذَلِكَ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ وَاللهُ جل جلاله لِلِقَاءهِ أَحَبَّ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَّالِّين: فَنُزلٌ مِن حَمِيم، وَتَصْلِيَةُ جَحِيم؛ فَإِذَا بُشِّرَ بِذَلِكَ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وَاللهُ لِلِقَاءِ هِ أَكرَه " 0

ص: 3376

[الإِمَامُ أَحْمَدُ في أَوَّلِ مُسْنَدِ الكُوفِيِّين بِرَقْم: (18119)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42197]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ كُلُّنَا نَكرَهُ المَوْت 00؟

ص: 3377

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ المَوْت، وَلَكِنَّ المُؤمِنَ إِذَا حَضَرَ ـ أَيِ المَوْتُ ـ جَاءهُ البَشِيرُ مِنَ اللهِ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْه؛ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِن أَنْ يَكُونَ قَدْ لَقِيَ الله؛ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءه، وَإِنَّ الفَاجِرَ إِذَا حَضَرَ ـ أَيِ احْتَضَرَ ـ جَاءهُ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرّ؛ فَكَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءه " 0

[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: (320/ 2)، وَرَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيّ وَمُسْلِمٌ بمَعْنَاهُ كَمَا مَرَّ، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ في " مُسْنَدِهِ " بِرَقْم: (11636)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42197]

ص: 3378

حَدَّثَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" ثَلَاثَةٌ أُحِبُّهُنَّ وَيَكْرَهُهُنَّ النَّاس: الْفَقْر، وَالمَرَض، وَالمَوْت، أُحِبُّ الْفَقْرَ تَوَاضُعَاً لِرَبيِّ، وَالمَوْتَ اشْتِيَاقَاً لِرَبيِّ، وَالمَرَضَ تَكْفِيرَاً لِخَطِيئَتي " 0

[الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 350/ 2]

اللَّهُمَّ إِنَّ خَوْفِي مِنْكَ كبير، وَلَكِنَّ حُبيِّ لَكَ أَكْبَر؛ فَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِحُبيِّ: أَلَاّ تُعَذِّبَني يَا رَبيِّ 0

ص: 3379

نَكْرَهُ المَوْتَ وَالمَوْتُ خَيْرٌ لَنَا مِنَ الفِتْنَة

عَنْ محْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَم: المَوْت، وَالمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَة، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ المَال، وَقِلَّةُ المَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَاب " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة، وَقَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح ص: 257/ 10، وَقَالَ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: إِسْنَادُهُ جَيِّد 0 ح / ر: 23625]

ص: 3380

لَا يَكْرَهُ المَوْتَ إِلَاّ سَيِّئُ العَمَل

قَالَ العُتبيّ: حَدَّثَني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ فَقَال: " اشْتَكَى أَبي؛ فَكَتَبَ إِلى أَبي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَقُولُ لَهُ مَا مَعْنَاه: كُلُّهُ بِذُنُوبِك 00 ثمَّ قَالَ ضِمْنَ مَا قَال: حُقَّ لِمَن عَمِلَ ذَنْبَاً لَا عُذْرَ لَهُ فِيه، وَخَافَ مَوْتَاً لَابُدَّ لَهُ مِنهُ أَنْ يَكُونَ وَجِلاً مُشْفِقَاً " 0

[ابْنُ عَبْدِ رَبُّه في " العِقدُ الفَرِيد " طَبْعَةِ دَارِ الكُتُبِ العِلمِيَّة 0 بَيرُوت 0 ص: 175/ 3]

ص: 3381

وَسُبْحَانَ الله، فَفِي الوَقْتِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ الأَغْنِيَاءِ أَعْدَى أَعَادِيهِمْ؛ فَهُوَ عِنْدَ الفُقَرَاءِ أَشْهَى أَمَانِيهِمْ 0

وَالخُلَاصَةُ: لَا يَكْرَهُ المَوْتَ إِلَاّ سَيِّئُ العَمَل، أَمَّا المُؤمِنُ الَّذِي صَامَ وَصَلَّى، وَلَمْ يُضْمِرْ لأَحَدٍ حِقْدَاً وَلَا غِلاًّ: فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الظَّنِّ بِالله؛ لأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِين 0

ص: 3382

لِمَ الخَوْفُ مِنْ لِقَاءِ اللهِ يَا أَخِي مَا دُمْتَ قَدْ أَدَّيْتَ مَا عَلَيْك 00

إِنَّ اللهَ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِهِ بِه، وَهُوَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَن أَحْسَنَ عَمَلَا، أَلَا تحِبُّ أَنْ يُدْخِلَكَ اللهُ الجَنَّة 00؟

لَعَلَّكَ هَائِمٌ في الأَرْضِ عَلَى وَجْهِكَ تَبْحَثُ عَنْ شَقَّةٍ غُرْفَةٍ وَصَالَةٍ فَلَمْ تجِدْ 00!!

هَا هِيَ قَدْ جَاءَ تكَ {غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ} {الزُّمَر: 20}

اللهُمَّ اكْتُبْنَا مِن أَهْلِهَا نحْنُ وَعِبَادَكَ الصَّالحِينَ 00

ص: 3383

حُسْنُ الظَّنِّ بِالله

عَنْ جابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُول:

" لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَاّ وَهُوَ يحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عز وجل " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، بَاب: الأَمْرِ بحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ سبحانه وتعالى عِنْدَ المَوْت بِرَقْم: 2877]

ص: 3384

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّ العِزَّةِ جل جلاله أَنَّهُ قَال: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني؛ فَإِنْ ذَكَرَني في نَفْسِه: ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلإٍ: ذَكَرْتُهُ في مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ـ وَفي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: في مَلإٍ خَيْرٍ مِنْه ـ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ بِشِبْر: تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعَاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ ذِرَاعَاً: تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعَاً، وَإِن أَتَاني يَمْشِي: أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7405 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2675 / عَبْد البَاقِي]

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّ العِزَّةِ جل جلاله أَنَّهُ قَال: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَاني " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالَاسْتِغْفَارِ بَاب: فَضْلِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلى اللهِ بِرَقْم: 2675]

ص: 3385

عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّ العِزَّةِ جل جلاله أَنَّهُ قَال:

" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاء " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 7603، وَالأُسْتَاذ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 16016]

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللهِ عز وجل أَنَّهُ قَال: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي: إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرَاً فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرَّاً فَلَه " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (4315)، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: (8833)، وَالغَزَاليُّ في الإِحْيَاءِ ص: (1856)، وَهُوَ في كَنْزِ العُمَّالِ بِرَقْم: 42200]

ص: 3386

دَخَلَ وَائِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ عَلَى مَرِيضٍ فَقَالَ لَهُ:

" أَخْبرني كَيْفَ ظَنُّكَ بِالله 00؟

قَالَ المَرِيض: أَغْرَقَتْني ذُنُوبِي وَأَشْرَفْتُ عَلَى الهَلَكَة، وَلَكِنيِّ أَرْجُو رَحْمَةَ الله، فَكَبرَ وَائِلَةُ وَكَبَّرَ أَهْلُ البَيْتِ بِتَكْبِيرِهِ، ثُمَّ قَال: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:

" يَقُولُ اللهُ سبحانه وتعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاء "[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1856]

ص: 3387

أَرْجُو اللهَ وَأَخَافُ ذُنُوبي

عَن أَبِي نَضْرَةَ قَال: مَرِضَ رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَبَكَى؛ فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله 00؟

أَلَمْ يَقُلْ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" خُذْ مِنْ شَارِبِكَ ثُمَّ أَقِرَّهُ حَتىَّ تَلْقَاني " 00؟

ص: 3388

قَالَ رضي الله عنه بَلَى وَلَكِنيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ وَقَال: هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالي، وَقَبْضَ قَبْضَةً أُخْرَى بِيَدِهِ الأُخْرَى جَلَّ وَعَلَا فَقَال: هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالي " 00 فَلَا أَدْرِي في أَيِّ الْقَبْضَتَينِ أَنَا 00!!

[قَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح: 385/ 7، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في المِشْكَاةِ بِرَقْم: 120، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ]

ص: 3389

دَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَابٍّ وَهْوَ يحْتَضِر، فَقَالَ لَهُ:

" كَيْفَ تجِدُك " 00؟

قَال: أَرْجُو اللهَ يَا رَسُولَ اللهِ وَأَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا يجْتَمِعَانِ في قَلبِ عَبْدٍ في مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ إِلَاّ أَعْطَاهُ اللهُ الَّذِي يَرْجُو وَأَمَّنَهُ مِمَّا يخَاف " 0

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: (4261)، كَمَا حَسَّنَهُ أَيْضَاً في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 983]

ص: 3390

حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: " الخَوْفُ أَفْضَلُ مِنَ الرَّجَاءِ مَا دَامَ الرَّجُلُ صَحِيحَاً؛ فَإِذَا نَزَلَ بِهِ المَوْتُ فَالرَّجَاءُ أَفْضَل " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 433/ 8]

قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ مُفَسِّرَاً: " وَذَلِكَ لِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم: " لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عز وجل " 0

[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، بَاب: الأَمْرِ بحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ عز وجل عِنْدَ المَوْت بِرَقْم: 2877]

ص: 3391

عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَاّ بَينَ إِصْبَعَيْنِ مِن أَصَابِعِ الرَّحْمَن، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَه " 00

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:

" يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوب؛ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِك " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 199]

ص: 3392

وَقَالَ ثَابِتٌ البَنَانيّ: " كَانَ شَابٌّ بِهِ حِدَّة، وَكَانَ لَهُ أُمٌّ تَعِظُهُ كَثِيرَاً وَتَقُولُ لَهُ: يَا بُنيَّ إِنَّ لَكَ يَومَاً فَاذْكُرْ يَوْمَك، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ أَمرُ اللهِ أَكَبَّتْ عَلَيهِ أُمَّهُ وَجَعَلَتْ تَقُولُ لَه: يَا بُنيّ، قَدْ كُنْتُ أُحَذِّرُكَ مَصْرَعَكَ هَذَا وَأَقُول: إِنَّ لَكَ يَومَاً 00 فَقَالَ لَهَا: يَا أُمُّ إِنَّ لي رَبَّاً كَثِيرَ المَعْرُوفِ وَإِنيِّ لأَرْجُو أَلَاّ يَعْدِمَني اليَوْمَ بَعْضَ مَعْرُوفِه؛ فَرَحِمَهُ اللهُ بحُسْنِ ظَنِّهِ برَبِّه 00!!

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1856]

ص: 3393

وَبِرَغْمِ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ إِلَاّ أَنَّ المُؤْمِنَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجَل؛ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ عَلَى وَجَلٍ وَهْوَ لَا يَدْرِي هَلْ سَيُقَالُ لَهُ: أَبشِرْ يَا عَدوَّ اللهِ بِالنَّارِ أَمْ أَبشِر يَا وَليَّ اللهِ بِالجَنَّة 00؟!

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ العُقُوبَة؛ مَا طَمِعَ بجَنَّتِهِ أَحَد، وَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَة؛ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَد " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2755 / عَبْدُ البَاقِي]

ص: 3394

رَحْمَتُكَ بِلَا حُدُود، وَعَذَابُكَ بِلَا حُدُود؛ فَاكْتُبْ لَنَا رَحْمَتَكَ وَاصْرِفْ عَنَّا عَذَابَكَ يَا وَدُود 0

الَاسْتِعْدَادُ لِلمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِه

تَفَكَّرْتُ في حَشْرِي وَيَوْمِ وَفَاتِيَا * وَدَفْني وَتَرْكِي في المَقَابِرِ ثَاوِيَا

فَرِيدَاً وَحِيدَاً بَعْدَ عِزٍّ وَمَنعَةٍ * رَهِينَ ذُنُوبي وَالتُّرَابُ وِسَادِيَا

تَفَكَّرْتُ في طُولِ الحِسَابِ وَعَرْضِهِ * وَذُلِّ مَقَامِي حِينَ أُعْطَى كِتَابِيَا

لَعَمْرُكَ مَا يَدْرِي الْفَتى كَيْفَ يَتَّقِي * إِذَا هُوَ لَمْ يجْعَلْ لَهُ اللهَ وَاقِيَا

ص: 3395

الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْت

عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْت، وَالعَاجِزُ مَن أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتمَنىَّ عَلَى الله " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 7639]

يَا مَنْ بِدُنيَاهُ اشْتَغَلْ * قَدْ غَرَّهُ طُولُ الأَمَلْ

المَوْتُ يَأْتي بَغْتَةً * وَالْقَبرُ صُنْدُوقُ العَمَلْ

ص: 3396

قِيلَ لمحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ: " كَيْفَ أَصْبَحتَ 00؟

قَالَ رحمه الله: قَرِيبَاً أَجَلِي، بَعِيدَاً أَمَلِي، سَيِّئَاً عَمَلِي " 0

[الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 122/ 6]

تَزَوَّدْ مِنَ التَّقوَى فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي * إِذَا جَنَّ لَيْلٌ هَلْ تَعِيشُ إِلى الفَجْرِ

فَكَمْ مِنْ سَلِيمٍ مَاتَ مِن غَيرِ عِلَّةٍ * وَكَمْ مِنْ سَقِيمٍ عَاشَ حِينَاً مِنَ الدَّهْرِ

وَكَمْ مِن عَرُوسٍ زَيَّنُوهَا لِزَوْجِهَا * وَقَدْ نُسِجَتْ أَكْفَانُهَا وَهْيَ لَا تَدْرِيرِ

ص: 3397

لَا تَأْمَنِ الأَجَلَ الخَئُونَ وَخَفْ بَوَادِرَ آفَتِه

فَالمَوْتُ سَهْمٌ مُرْسَلٌ وَالْعُمْرُ قَدْرُ مَسَافَتِه

مِنْ كَلِمَاتِ الإِمَام / محَمَّد مُتْوَليِّ الشَّعْرَاوِي عَنْ قِيمَةِ الحَيَاةِ قَوْلُه:

" إِنَّ الحَيَاةَ هِيَ الفُرْصَة؛ الَّتي لَا نَعْرِفُ قِيمَتَهَا؛ إِلَاّ بَعْدَ فُقْدَانِهَا " 0

وَكَمَا يَقُولُ الدُّكْتُور مُصْطَفَى السِّبَاعِي في كِتَابِ هَكَذَا عَلَّمَتْني الحَيَاة:

" لَا يَعْرِفُ الإِنْسَانُ قِصَرَ الحَيَاة؛ إِلَاّ قُرْبَ نِهَايَتِهَا " 0 [الدُّكتُور مُصْطَفَى السِّبَاعِي في ((هَكَذَا عَلَّمَتْني الحَيَاة " طَبْعَةُ دَارِ السَّلَامِ بِالْقَاهِرَة 0 تحْتَ رَقْم: 38]

ص: 3398

يَا نَفْسُ قَدْ أَزِفَ الرَّحِيلْ * وَأَظَلَّكِ الخَطْبُ الجَلِيلْ

إِنيِّ أُعِيذُكَ أَنْ يَمِيلَ بِكِ الهَوَى فِيمَنْ يَمِيلْ

لَا تَعْمُرِي الدُّنيَا فَلَيْسَ إِلى الْبَقَاءِ بِهَا سَبِيلْ

كُلٌّ يُفَارِقُهَا وَفي أَحْشَائِهِ مِنهَا غَلِيلْ

فَتَأَهَّبي يَا نَفْسُ لَا يَلْعَبْ بِكِ الأَمَلُ الطَّوِيلْ

فَلَتَنْزِلِنَّ بِمَنْزِلٍ يَنْسَى الخَلِيلُ بِهِ الخَلِيلْ

وَلَيُوضَعَنَّ عَلَيْكَ فِيهِ مِنَ الثَّرَى ثِقَلٌ ثَقِيلْ

ص: 3399

قُرِنَ الْفَنَاءُ بِنَا فَمَا يَبْقَى الْعَزِيزُ وَلَا الذَّلِيلْ

وَالمَوْتُ آخِرُ عِلَّةٍ يَعْتَلُّهَا الْبَدَنُ الْعَلِيلْ

وَلَرُبَّ جِيلٍ قَدْ مَضَى يَتْلُوهُ بَعْدَ الجِيلِ جِيلْ

وَلَرُبَّ بَاكِيَةٍ عَلَيَّ بَقَاؤُهَا بَعْدِي قَلِيلْ

المَرْءُ يَقْضِي الْعُمْرَ في طَلَبِ المُنى * وَخُطَى المَنِيَّةِ مِنْ وَرَاءِ طِلَابِهِ

*********

فَلَا تَغْتَرَّ بِالأَمَلِ الطَّوِيلِ * فَلَيْسَ إِلى الإِقَامَةِ مِنْ سَبِيلِ

فَدَعْ عَنْكَ التَّعَلُّلَ بِالأَمَاني * فَمَا بَعْدَ المَشِيبِ سِوَى الرَّحِيلِ

*********

تَنَامُ وَلَمْ تَنَمْ عَنْكَ المَنَايَا * تَنَبَّهْ لِلْمَنِيَّةِ يَا نَئُومُ

*********

يَغُرُّ الْفَتى مَرُّ اللَّيَالي هَنِيئَةً * وَهُنَّ بِهِ عَمَّا قَلِيلٍ غَوَادِرُ

وَمَن أَبْصَرَ الدُّنيَا بِعَيْنٍ بَصِيرَةٍ * رَأَى أَنَّهَا بَيْنَ الأَنَامِ تُقَامِرُ

ص: 3400

فَتَأَهَّبْ لِلمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِه 00

عَن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَاّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّه، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَان، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَاّ مَا قَدَّمَ مِن عَمَلِه، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ ـ أَيْ شِمَالَهُ ـ فَلَا يَرَى إِلَاّ مَا قَدَّم، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَاّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِه؛ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ التَّوْحِيدِ بِرَقْم: (7512)، الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1016]

ص: 3401

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: " كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَال: يَا رَسُولَ الله؛ أَيُّ المُؤْمِنِينَ أَفضَل 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَحْسَنُهُمْ خُلُقَا " 00 قَال: فَأَيُّ المُؤْمِنِينَ أَكْيَس 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَكثرُهُمْ لِلمَوْتِ ذِكْرَاً، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادَا، أُولَئِكَ الأَكْيَاس " 0 [صَحَّحَهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك، وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَحَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4259]

مِن خُطَبِ الرَّسُول

ص: 3402

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الجُمُعَةِ يخْطُبُ فَيَقُولُ بَعْدَ أَنْ يحْمَدَ اللهَ وَيُصَلِّيَ عَلَى أَنْبِيَائِه: " أَيُّهَا النَّاس: إِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ ـ أَيْ تُرْشِدُكُمُ الطَّرِيقَ ـ فَانْتَهُواْ إِلى مَعَالِمِكُمْ، وَإِنَّ لَكُمْ نهَايَةً فَانْتَهُواْ إِلى نِهَايَتِكُمْ، إِنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ بَينَ مخَافَتَين: بَينَ أَجَلٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا الله قَاض فِيه، وَبَينَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا اللهُ صَانِعٌ فِيه؛ فَليَأْخُذِ العَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِه، وَمِنْ دُنيَاهُ لآخِرَتِه، وَمِن الشَّبِيبَةِ قَبْلَ الكِبر، وَمِنَ الحَيَاةِ قَبْلَ المَمَات، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه: مَا بَعْدَ المَوْتِ مِنْ مُسْتَعتَب ـ أَيْ مِنْ تَوْبَةٍ

ص: 3403

وَاسْتِرْضَاء ـ وَمَا بَعْدَ الدُّنيَا منْ دَار: إِلَاّ الجَنَّةَ أَوِ النَّار " 0

[الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " الشُّعَب " بِرَقْم: (10581)، وَالقُرْطُبيُّ في تَفْسِيرِه 0 الطَّبْعَةُ الثَّانِيَةُ لِدَارِ الشَّعْب 0 القَاهِرَة: 116/ 18]

لَا تَعُدَّ غَدَاً مِن أَيَّامِكَ وَعَدَّ نَفْسَكَ مِن أَصْحَابِ القُبُور

عَنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه قَال: " أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ مَن أَزْهَدُ النَّاس 00؟

قالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَنْسَ القَبرَ وَالبِلَى، وَتَرَكَ فَضْلَ زِينَةِ الدُّنيَا، وَآثَرَ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنى، وَلَمْ يَعُدَّ غَدَاً مِن أَيَّامِهُ، وَعَدَّ نَفسَهُ مِنَ المَوْتَى " 0

ص: 3404

[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب بِرَقْم: (1868)، وَالإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " الشُّعَب " بِرَقْم: 10565]

وَكَمَا قَدْ قِيل: " اعْمَلْ لِدُنيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدَا وَاعْمَل لآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تمُوتُ غَدَا "

[وَالمَنَاوِيُّ في في " فَيْضِ القَدِيرِ " ص: 12/ 2]

يُؤَمِّلُ الدُّنيَا وَالمَوْتُ يَطْلُبُه

ص: 3405

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ رضي الله عنه قَال: " ثَلَاثٌ أَعْجَبَتْني ـ أَيْ جَعَلَتْني أَتَعَجَّبُ ـ حَتىَّ أَضْحَكَتْني: مُؤَمِّلُ الدُّنيَا وَالمَوْتُ يَطْلُبُه، وَغَافِلٌ وَلَيْسَ بمَغْفُولٍ عَنه، وَضَاحِكٌ لَا يَدْرِي أَسَاخِطٌ عَلَيْهِ رَبُّ العَالمِينَ أَمْ رَاضٍ، وَثَلَاثٌ أَحْزَنَتْني حَتىَّ أَبْكَتْني: فِرَاقُ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَحِزْبِهِ أَوْ فِرَاقُ محَمَّدٍ وَالأَحِبَّة، وَهَوْلُ المُطَّلَع، وَالوُقُوفُ بَينَ يَدَيِ اللهِ عز وجل لَا أَدْرِي إِلى جَنَّة يُؤْمَرُ بي أَوْ إِلى نَار "؟

[ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِع 0 البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: 10652، 10587، 10588]

وَمِنْ كَلِمَاتِ اللإِمَامِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ الخَالِدَةِ رضي الله عنه قَوْلُهُ:

ص: 3406

" مَا رَأَيْت يَقِينَا أَشْبَهَ بِالشَّكِ مِنْ يَقِينِ النَّاسِ بِالمَوْتِ وَغَفْلَتِهِمْ عَنه " 0

[المَيْدَانيُّ في " مجْمَعِ الأَمْثَالِ " بِطَبْعَةِ دَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت 0 ص: 456/ 2]

عَن حَفْصٍ بْنِ سلَيْمَانَ قَال: " دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبي ذَرٍّ فَجَعَلَ يقَلِبُ بَصَرَهُ في بَيْتِهِ فَقَال: يَا أَبَا ذَرّ 00 أَيْنَ مَتَاعُكُمْ 00؟

قَالَ رضي الله عنه: إِنَّ لَنَا بَيْتَا نوَجِّه إِلَيْهِ صَالحَ مَتَاعِنَا، قَال: إِنَّه لَا بدَّ لَكَ مِنْ مَتَاع مَا دمْتَ هَهُنَا 00؟

قَال: إِنَّ صَاحِبَ المَنزلِ لَا يَدَعُنَا فِيه " 0

[الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " بِرَقْم: 10651]

مَن خَافَ أَدْلَج

وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 3407

" مَن خَافَ أَدْلج، وَمَن أَدْلجَ بَلَغَ المَنزِل، أَلَا إِنَّ سِلعَةَ اللهِ غَالِيَة، أَلَا إِنَّ سِلعَةَ اللهِ الجَنَّة "

وَأَدْلَجَ أَيْ بَكَّرَ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 2450]

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" التُّؤَدَةُ ـ أَيِ التَّرَيُّثُ وَالرِّفْقُ ـ في كُلِّ شَيْءٍ إِلَاّ في عَمَلِ الآخِرَة " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4810]

وَخَطَبَ أَحَدُ الخُلَفَاءِ وَهْوَ عَلَى المِنْبرِ فَقَال:

" عِبَادَ الله: اتَّقُواْ اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَكُونُواْ قَوْمَاً صِيحَ بهِمْ فَانْتَبَهُواْ " 0

ص: 3408

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1849]

لَقدْ لَعِبْتُ وَجَدَّ المَوْتُ في طَلَبي * وَكَانَ في المَوْتِ لي شُغُلٌ عَنِ اللَّعِبِ

وَلَوْ فَطِنْتُ إِلى مَا قَدْ خُلِقْتُ لَهُ * مَا اشْتَدَّ حِرْصِي عَلَى الدُّنيَا وَلَا تَعَبي

لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّواْ

يَا قَوْمِ هَيَّا أَفِيقُواْ مِنْ سُبَاتِكُمُ * صَاحَ الأَذَانُ وَدَوَّتْ رَنَّةُ الجَرَسِ

عَنِ البرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في جِنَازَة، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ قَبر، فَبَكَى حَتىَّ بَلَّ الثَّرَى ثُمَّ قَال:" يَا إِخْوَاني؛ لِمِثلِ هَذَا اليَوْمِ فَأَعِدُّواْ " 0

ص: 3409

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَفي الصَّحِيحَةِ وَفي سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: (4195)، وَفي الْكَنْزِ بِرَقْم: 42102]

فَلَا بُدَّ أَنْ تَعْمَلَ لِلمَوْتِ حِسَابَا، وَمَن عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعِدَّ لِلسُّؤَالِ جَوَابَا، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْكَ يَوْمٌ تَقُولُ فِيه: يَا لَيْتَني كُنْتُ تُرَابَا 00!!

سَيَأْتِيكَ يَوْمٌ لَسْتَ فِيهِ بمُكْرَمٍ * بِأَكْثَرَ مِن حَثْوِ التُّرَابِ عَلَيْكَا

عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في خُطْبَتِه:

" حَاسِبُواْ أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تحَاسَبُواْ، وَزِنُواْ أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُواْ " 0

[ابْنُ أَبي شَيْبَةَ في مُصَنَّفِهِ بِرَقْم: (34459)، الضَّعِيفَة: 120]

ص: 3410

عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاه، فَإِنْ لَمْ تَكنْ تَرَاه فَإِنَّهُ يَرَاك، وَاحْسِبْ نَفْسَكَ مَعَ المَوْتَى، وَإِيَّاكَ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنهَا مُسْتَجَابَة "

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: (1037)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَة]

ص: 3411

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " اعْبُدِ اللهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئَا، وَاعْمَلْ للهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَاعْدُدْ نَفْسَكَ مَعَ المَوْتَى، وَاذْكُرِ اللهَ تَعَالى عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وَكُلِّ شَجَر، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَة فَاعْمَل بِجَنْبِهَا حَسَنَة، السِّرُّ بِالسِّر، وَالعَلَانِيَةُ بِالعَلَانِيَة "

[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيحِ " بِرَقْم: (1040)، الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ وَالطَّبرَاني]

وَرُوِيَ عَنِ السَّرِيِّ السَّقْطِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

" مَن حَاسَبَ نَفْسَهُ اسْتَحْيَا اللهُ مِن حِسَابِه " 0

[صَفْوَةُ الصَّفْوَةِ لأَبي الفَرَج 0 بَابِ: ذِكْرِ المُصْطَفَينَ مِن أَهْلِ بَغْدَاد 0 السَّرِيُّ السَّقْطِيّ 0 ص: 380/ 2]

ص: 3412

عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " لَا يَكُونُ العَبْدُ تَقِيَّاً حَتىَّ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ كَمَا يُحَاسِبُ شَرِيكَهُ: مِن أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَمَلْبَسُه " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ التِّرْمِذِيُّ " في كِتَابِ صِفَةِ القِيَامَةِ وَالرَّقَائِق بِرَقْم: 2459]

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيّ عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَال:

" ارْتحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَة، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَة، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُون؛ فَكُونُواْ مِن أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلَا تَكُونُواْ مِن أَبْنَاءِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدَاً حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الرِّقَاقِ بَابِ: الأَمَلِ وَطُولِه بِرَقْم: 6416]

ص: 3413

حُكْمُ المَنِيَّةِ في البَريَّةِ جَارٍ * مَا هَذِهِ الدُّنيَا بِدَارِ قَرَارِ

دَارٌ إِذَا مَا أَضْحَكَتْ في يَوْمِهَا * أَبْكَتْ غَدَاً تَبَّاً لَهَا مِنْ دَارِ

وَدَعُواْ الإِقَامَةَ تحْتَ ظِلٍّ زَائِلٍ * أَعْمَارُكُمْ سَفَرٌ مِنَ الأَسْفَارِ

وَللهِ دَرُّ ذَلِكَ الشَّاعِرِ العَظِيمِ الَّذِي قَالَ يُوصِي زَوْجَتَهُ أَنْ تجْعَلَ رَجَاءهَا في الحَيِّ الَّذِي لَا يمُوت:

لَئِنْ كُنْتُ لَا أَدْرِي مَتى المَوْتُ فَاعْلَمِي * بِأَنيَّ مَهْمَا عِشْتُ سَوْفَ أَمُوتُ

ص: 3414

فَمَهْمَا ظَنَنْتَ أَنَّ المَوْتَ بَعِيد: فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِن حَبْلِ الوَرِيد 00!!

{وَاتَّقُواْ يَوْمَاً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُون} [البَقَرَة: 281]

تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا * إِنَّ السَّفِينَةَ لَا تجْرِي عَلَى اليَبَسِ

*********

وَإِن أَنْتَ لَمْ تَزْرَعْ وَأَبْصَرْتَ حَاصِدَاً * نَدِمْتَ عَلَى التَّفْرِيطِ في زَمَنِ البَذرِ

{دِعْبِلٌ الخُزَاعِيّ}

ص: 3415

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:

" أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بمَنْكِبيَّ ثمَّ قَال:

" كُنْ في الدُّنيَا كَأَنَّكَ غَرِيب، أَوْ عَابِرُ سَبِيل " 0

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُول: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنتَظِرِ الصَّبَاح، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاء، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لمَرَضِك، وَمِن حَيَاتِكَ لمَوْتِك 00!! [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الرَّقَائِقِ بَابِ: كُنْ في الدُّنيَا كَأَنَّكَ غَرِيب، أَوْ عَابِرُ سَبِيل بِرَقْم: 6416]

وَزَادَ في رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ لأَحْمَدَ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم:

" وَعُدَّ نَفْسَكَ مِن أَهْلِ القُبُور " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 5002، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

ص: 3416

إِذَا كُنْتُ أَعْلَمُ عِلْمَاً يَقِينَاً * بِأَنَّ جَمِيعَ حَيَاتي كَسَاعَة

فَلَا بُدَّ أَنْ لَا تَضِيعَ هَبَاءً * لِتُحْسَبَ لي بَعْدَ مَوْتيَ طَاعَة

وَعَنْ شَقِيقٍ البَلخِيِّ رضي الله عنه قَال:

" قَالَ النَّاسُ ثَلَاثَةَ أَقوَالٍ وَخَالَفُوهَا بِأَفْعَالهِمْ، قَالُواْ: نحْنُ عَبِيدُ اللهِ وَعَمِلواْ عَمَلَ الأَحْرَار، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلهِمْ 00!!

وَقَالُواْ: المَوْتُ حَقٌّ وَعَمِلُواْ عَمَلَ مَنْ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ سَيَمُوت، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلهِمْ 00!!

وَقَالُواْ: إِنَّ اللهَ كَفِيلٌ بِأَرْزَاقِنَا وَلَمْ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ إِلَاّ بِالدُّنيَا وَحُطَامِهَا، وَهَذَا أَيْضَاً خِلَافُ قَوْلهِمْ " 0

[البَابُ السَّادِسُ مِنْ مُكَاشَفَةِ القُلُوبِ لِلغَزَّاليِّ بِتَصَرُّف: 20/ 6]

ص: 3417

لَيْتَنَا نهْتَمُّ بِالغِنى في الدِّينِ كَمَا نهْتَمُّ بِالغِنى في الدُّنيَا

تجِدُ الوَاحِدَ مِنهُمْ يَضَعُ أَرْصِدَةً في بُنُوكِ الدُّنيَا وَلَمْ يَضَعْ رَصِيدَاً في بَنْكِ الآخِرَة 00!!

نُعَمِّرُ دُنيَانَا بِإِفْسَادِ دِينِنَا * فَلَا الدِّينَ أَصْلَحْنَا وَلَا مَا نُعَمِّرُ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ {9} وَأَنفِقُواْ مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَني إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصَّالحِينَ {10} وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسَاً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} {المُنَافِقُون}

ص: 3418

عَنْ بُسْرِ بْنِ جَحَّاشٍ الْقُرَشِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ بَصَقَ بَصْقَةٍ وَأَشَارَ إِلَيْهَا فَقَال: " يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: يَا ابْنَ آدَم؛ أَنىَّ تُعْجِزُني وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ، حَتىَّ إِذَا سَوَّيْتُكَ وَعَدَّلْتُكَ مَشَيْتَ بَينَ بُرْدَتَينِ وَلِلأَرْضِ مِنْكَ وَئِيد [أَيْ صَوْتٌ لِقَدَمَيْك]، فَجَمَعْتَ وَمَنَعْتَ حَتىَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ قُلْتَ أَتَصَدَّق؛ وَأَنىَّ أَوَانُ الصَّدَقَة " 00؟! [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3855]

ص: 3419

عَن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَثَلُ الَّذِي يُعْتِقُ عِنْدَ المَوْت: كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِع " 0

[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 2846]

ص: 3420

فَتُوبُواْ إِلى اللهِ وَتَصَدَّقُواْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ تَقُولُونَ فِيه:

{رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالحَاً إِنَّا مُوقِنُون}

[السَّجْدَة: 12]

فَتَجِدُ هُنَالِكَ مَنْ يَقُولُ لَك: {لَقَدْ كُنتَ في غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَوْمَ حَدِيد} {ق/22}

ص: 3421

تُؤَمِّلُ أَنْ تُعَمَّرَ وَالمَنَايَا * يَثِبْنَ عَلَيْكَ مِنْ كُلِّ النَّوَاحِي

فَلَا تَغْتَرَّ إِن أَمْسَيْتَ حَيَّاً * فَعَلَّكَ لَا تَعِيشُ إِلى الصَّبَاحِ

تَرِكَةٌ تَرَكَهَا، لَكِنَّهَا لَمْ تَتْرُكُه

ص: 3422

عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ رضي الله عنه قَال:

" قِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ رضي الله عنه قَدْ مَاتَ؛ فَقَالَ رضي الله عنه: رحمه الله؛ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن؛ إِنَّهُ تَرَكَ مِاْئَةَ أَلْف؛ قَالَ رضي الله عنه: وَلَكِنَّهَا لَمْ تَتْرُكْهُ " 0

[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع: " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح " 0 ص: 206/ 3]

ص: 3423

عَن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاًَ مِن أَهْلِ الصُّفَّةِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ دِينَارَاً؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ: " كَيَّة "، ثُمَّ تُوُفِّيَ آخَر، فَتَرَكَ دِينَارَيْن؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَيَّتَان " 0

[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 22172، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 3994، وَالأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيب ح 0 ر: 936، وَحَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع]

ص: 3424

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " كُنْتُ جَالِسَاً مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بجِنَازَة؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تَرَكَ مِنْ دَيْن " 00؟

قَالُواْ لَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْء " 00؟

قَالُواْ لَا؛ فَصَلَّى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أُتِيَ بِأُخْرَى فَقَال:" هَلْ تَرَكَ مِنْ دَيْن " 00؟ قَالُواْ لَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْء " 00؟

قَالُواْ نَعَمْ: ثَلَاثَةَ دَنَانِير؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم بِأَصَابِعِهِ ثَلَاثَ كَيَّات، ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَال:" هَلْ تَرَكَ مِنْ دَيْن " 00؟

قَالُواْ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْء " 00؟

قَالُواْ لَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " صَلُّواْ عَلَى صَاحِبِكُمْ " 0

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رضي الله عنهم: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ الله؛ فَصَلَّى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم " 0

[قَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 ح / ر: 16510]

ص: 3425

فَبَادِرْ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَقُول: {رَبِّ ارْجِعُون {99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالحَاً فِيمَا تَرَكت، كَلَا 00 إِنهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُون {100} فَإِذَا نُفِخَ في الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَ لُون {101} فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفلِحُون {102} وَمَن خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ في جَهَنَّمَ خَالِدُون {103} تَلفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالحُون} {المُؤْمِنُون}

أَوْ تَقُول:

ضَيَّعْتُ عُمْرِيَ في نِسْيَانيَ الأَجَلَا * فَمَا ارْعَوَيْتُ وَشَيْبَاً رَأْسِيَ اشْتَعَلَا

فَبَادِرْ بِالتَّوْبَةِ يَا أَخِي؛ فَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ وَفَاتَكَ تَكُونُ قَرِيبَا 00

ص: 3426

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ الله؛ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَم 00؟

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيح، تخْشَى الفَقْرَ وَتَأْمُلُ الغِنى، وَلَا تُمْهِلَ حَتىَّ إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1032 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3427

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم:

{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّر} {فَاطِر/37}

أَيْ أَلَمْ نَترُكْ لَكُمْ فُرْصَةً كَافِيَةً لِلتَّذَكُّرِ وَالَاتِّعَاظ؛ فَمَا بَالُكُمْ لَمْ تَتَّعِظُواْ؟!

حَدَّثَ مجَاهِدٌ رضي الله عنه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ في مَعْنىَ هَذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَة: " سِتِّينَ سَنَة " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3596]

ص: 3428

وَيَقُولُ العَلَامَةُ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ:

" أَيْ: أَوَ مَا عِشْتُمْ في الدُّنيَا أَعْمَارَاً؟! لَوْ كُنْتُمْ مِمَّنْ يَنْتَفِعُ بِالحَقِّ لَانْتَفَعْتُمْ بِهِ في مُدَّةِ عُمْرِكُمْ " 0

[ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ 0 فَاطِر: 37]

ص: 3429

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" أَعْذَرَ اللهُ عز وجل إِلى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتىَّ بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَة " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6419 / فَتْح]

ص: 3430

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ عز وجل إِلى عَبْدٍ أَحْيَاهُ حَتىَّ بَلَغَ سِتِّينَ أَوْ سَبْعِينَ سَنَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7699، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

ص: 3431

فَبَادِرُواْ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَقُولُواْ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمَاً ضَالِّين {106} رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنهَا فَإِن عُدْنَا فَإِنَّا ظَالمُون} {المُؤْمِنُون}

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نٌهُواْ عَنهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون} [الأَنعَام: 28]

ص: 3432

قِيلَ لحَاتِمٍ الأَصَمّ: " عَلَامَ بَنَيْتَ أَمْرَكَ في التَّوَكُّل 00؟

قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: عَلَى خِصَالٍ أَرْبَعَة: عَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِي لَا يَأْكُلُهُ غَيْرِي، فَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسِي، وَعَلِمْتُ أَن عَمَلِي لَا يَعْمَلُهُ غَيْرِي؛ فَأَنَا مَشْغُولٌ بِهِ، وَعَلِمْتُ أَنَّ المَوْتَ يَأْتي بَغْتَةًَ؛ فَأَنَا أُبَادِرُهُ، وَعَلِمْتُ أَنيِّ لَا أَخْلُو مِن عَيْنِ الله؛ فَأَنَا مُسْتَحٍِ مِنهُ " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 486/ 11]

ص: 3433

يَا إِخْوَتي لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنيَا كَمَا غَرَّتني

وَعَن عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَا مِنْ مَيِّتٍ يُوضَعُ عَلَى سَرِيرِهِ ـ أَيْ عَلَى نَعْشِهِ ـ فَيُخْطَى بِهِ ثَلَاثُ خُطَىً إِلَاّ نَادَى بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ يَشَاءُ اللهُ: يَا إِخْوَتَاه، وَيَا حَمَلَةَ نَعْشَاه: لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنيَا كَمَا غَرَّتني، وَلَا يَلعَبَنَّ بِكُمُ الزَّمَانُ كَمَا لَعِبَ بِي " 0 [ابْنُ أَبِي الدُّنيَا، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42357]

كَفَى زَاجِرَاً للمَرْءِ أَيَّامُ دَهْرِهِ * تَرُوحُ لَهُ بِالوَاعظَاتِ وَتَغْتَدِي

*********

ص: 3434

إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالأَيَّامِ نَقْطَعُهَا * وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى قُرْبٌ مِنَ الأَجَلِ

حَتىَّ إِنَّ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ نَظَرَ يَوْمَاً إِلى الهِلَالِ فَقَال:

يَا وَيحَهُمْ قَدْ شَبَّهُوكَ بمِنْجَلٍ * مَاذَا حَصَدْتَ أَتحْصُدُ الأَيَّامَا

*********

إِنَّ النُّفُوسَ وَدِيعَةٌ وَكَذَا الفَتى * هَدْيٌ إِلى سَاحِ المَنُونِ يُسَاقُ

ص: 3435

الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمِ وَذِكْرُهُ لِلمَوْت

حَدَّثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رحمه الله عَنِ ابْنَةٍ لِلرَّبيعِ بْنُ خُثَيْمٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا قَالَتْ:

((كُنْتُ أَقُول: يَا أَبَتَاه؛ أَلَا تَنَام 00؟!

فَيَقُولُ رحمه الله: كَيْفَ يَنَامُ مَنْ يَخَافُ البَيَات)) 00 أَيْ يُبَيِّتَهُ المَوْتُ لَيْلاً 0

[الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 261/ 4]

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ: " كَانَ الرَّبيعُ بْنُ خُثَيْمٍ رحمه الله إِذَا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ 00؟

قَال: ضُعَفَاءَ مُذْنِبِين؛ نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا، وَنَنْتَظِرُ آجَالَنَا " 0 [الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في الزُّهْدِ الكَبِير مُؤَسَّسَةُ الكُتُبِ الثَّقَافِيَّة 0 بَيرُوت بِرَقْم:(572)، الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء]

ص: 3436

فَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى أَوْ لَيْلَةٍ دَرَسَتْ * فِيهَا النُّفُوسُ إِلى الآجَالِ تَزْدَلِفُ

بَلَغَ أَعْرَابِيٌّ أَرْذَلَ العُمُرِ حَتىَّ اشْتَعَلَ رَأْسُهُ شَيْبَاً فَقَال: " لَقَدْ كُنْتُ أُنْكِرُ الشَّعْرَةَ البَيْضَاءَ لِكَثرَةِ الشَّعْرِ الأَسْوَد، فَصِرْتُ أُنْكِرُ الشَّعْرَةَ السَّوْدَاءَ لِكَثْرَةِ الشَّعْرِ الأَبْيَض " 0

[عُيُونُ الأَخْبَارِ لَابْنِ قُتَيْبَةَ بِتَصَرُّف 0 طَبْعَةُ بَيرُوت: 348/ 2]

ص: 3437

قَدْ كَانَ يحْزِنُني شَيْبي فَصِرْتُ أَرَى * أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْلى بِأَحْزَاني

وَهَوَّنَ الأَمْرَ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ فَتىً * مَهْمَا تَنَعَّمَ في مَاءِ الصِّبَا فَاني

*********

أَرَى الْعُمْرَ كَنْزَاً نَاقِصَاً كُلَّ لَيْلَةٍ * وَمَا تَنْقَضِي الأَيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْقَضِيضِ

مَنْ بَلَغَ السَّبْعِينَ اشْتَكَى مِن غَيرِ عِلَّة

ص: 3438

فَفِي الشَّيْبِ عِبرَةٌ لِمَنْ يَعْتَبر، وَتَذْكِرَةٌ لِمَنْ يَدَّكِر، فَمَنْ بَلَغَ السَّبْعِينَ اشْتَكَى مِن غَيرِ عِلَّة 0

وَيَرْحَمُ اللهُ مَنْ قَال:

أَرَى الشَّيْبَ مُذ أَدْرَكْتُ خمْسِينَ حَجَّةً * يَدِبُّ دَبِيبَ الصُّبْحِ في غَسَقِ الظُّلَمْ

هُوَ السُّمُّ إِلَاّ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤْلِمٍ * وَلَمْ أَرَ مِثْلَ الشَّيْبِ سُمَّاً بِلَا أَلَمْ

عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ شَابَ شَيْبَةً في الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورَاً يَوْمَ القِيَامَة " 0

[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: (1635)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42641]

السِّيرَةُ الحَسَنَةُ وَكَيْفَ تَنْفَعُ صَاحِبَهَا بَعْدَ المَوْت

ص: 3439

وَعَلَيْكَ بِالعَمَلِ الصَّالحِ وَالسِّيرَةِ الحَسَنَةِ التي تَنْفَعُكَ بَعْدَ المَوْت 00

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: مَرُّواْ بجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرَاً فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

" وَجَبَتْ " 00 ثُمَّ مَرُّواْ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرَّاً؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" وَجَبَتْ " 00 فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب رضي الله عنه: مَا وَجَبَتْ 00؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرَاً فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرَّاً فَوَجَبَتْ لَهُ النَّار، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرْض " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى المَيِّت بِرَقْم: (1367)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42705]

ص: 3440

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " مُرَّ بجِنَازَةٍ فَأُثْنيَ عَلَيْهَا خَيْرَاً؛ فَقَالَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ " 00 وَمُرَّ بجِنَازَةٍ فَأُثْنيَ عَلَيْهَا شَرَّاً؛ فَقَالَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ " 00 قَالَ عُمَر: فِدىً لَكَ أَبي وَأُمِّي، مُرَّ بجِنَازَةٍ فَأُثْنيَ عَلَيْهَا خَيْرَاً؛ فَقُلْتَ " وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ " 00!!

وَمُرَّ بجِنَازَةٍ فَأُثْنيَ عَلَيْهَا شَرَّاً؛ فَقُلْتَ " وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ " 00!!

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَن أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرَاً وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة، وَمَن أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرَّاً وَجَبَتْ لَهُ النَّار، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرْض، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرْض، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرْض " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بِرَقْم: 949 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3441

وَفي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ مَعْنى وَجَبَتْ هُوَ أَبُو بَكر؛ فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا بَكْر: إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً في الأَرْضِ تَنْطِقُ عَلَى أَلسِنَةِ بَني آدَم " 0

[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم 0 وَأَقَرَّهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42985]

ص: 3442

عَن أَبي الأَسْوَدِ ظَالِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ رضي الله عنه قَال: " أَتَيْتُ المَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بهَا مَرَضٌ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتَاً ذَرِيعَاً، فَجَلَسْتُ إِلى عُمَرَ رضي الله عنه فَمَرَّتْ جِنَازَةٌ فَأُثْني خَيْرَاً؛ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْني خَيْرَاً، فَقَالَ رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْني شَرَّاً، فَقَالَ رضي الله عنه: وَجَبَتْ؛ فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين 00؟

قَالَ رضي الله عنه: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

" أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بخَيرٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّة " 00 قُلْنَا: وَثَلَاثَة 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَثَلَاثَة " 00 قُلْتُ: وَاثْنَان 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَاثنَان " 00 ثمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِد " 0 [الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الشَّهَادَاتِ بِرَقْم: (2643 / فَتْح)، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42746]

ص: 3443

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " كُنْتُ قَاعِدَاً عِنْدَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّتْ جِنَازَة، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا هَذِهِ الجِنَازَة " 00؟

فَقَالُواْ: جِنَازَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَان: كَانَ يحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَجَبَتْ " 00 ثمَّ مَرَّتْ أَخْرَى فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا هَذِه " 00؟

فَقَالُواْ: جِنَازَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَان: كَانَ يُبْغِضُ اللهَ وَرَسُولَه؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَجَبَتْ "[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم " المُسْتَدْرَك " بِرَقْم: 1397، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح ص: 5/ 3]

ص: 3444

حَدَّثَ مَعْمَرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانيِّ رضي الله عنه عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " مُرَّ بجِنَازَةٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: " أَثْنُواْ عَلَيْهَا "؛ فَقَالُواْ: كَانَ مَا عَلِمْنَا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَه، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَجَبَتْ "، ثُمَّ مُرَّ عَلَيْهِ بجِنَازَةٍ أُخْرَى؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَثْنُواْ عَلَيْهَا "؛ فَقَالُواْ: بِئْسَ المَرْءُ كَانَ في دِينِ الله؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَجَبَتْ: [أَيْ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة]، أَنْتُمْ شُهُودُ اللهِ في الأَرْض " 0 [قَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في تحْقِيقِهِ لِلْمُسْنَد: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 ح / ر: 13039]

ص: 3445

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِنَّ للهِ تَعَالى مَلَائِكَةً في الأَرْض، تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَني آدَم، بِمَا في المَرْءِ مِنَ الخَيرِ وَالشَّرّ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 3938]

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " أَهْلُ الجَنَّةِ مَنْ مَلأَ اللهُ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاس خَيرَاً وَهْوَ يَسْمَع، وَأَهْلُ النَّارِ مَنْ مَلأَ اللهُ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ شَرَّاً وَهْوَ يَسْمَع " 0 [حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَفي سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4224، وَوَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ بمَعْنَاهُ في المجْمَعِ 0 ص: 272/ 10]

وَلَيْسَ هَذَا رِيَاءً؛ مَا دَامَ الرَّجُلُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ النَّاسَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ هَدَفَاً 00

ص: 3446

بُشْرَى المُؤْمِنِ في الدُّنيَا

سَأَلَ أَبُو ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:

" أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيرِ وَيحْمَدَهُ النَّاسُ عَلَيْه 00؟

[وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلإِمَامِ مُسْلِم: وَيُحِبُّهُ النَّاسُ عَلَيْه 00؟]

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِن " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2642 / عَبْد البَاقِي، وَصَحَِّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ إِلَاّ أَنَّهُ قَالَ فِيه: يَعْمَلُ العَمَلَ لله]

ص: 3447

قَالَ تَعَالىَ: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون {63} لَهُمُ البُشْرَى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيم} {يُونُس}

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَاّ المُبَشِّرَاتُ قَالُواْ وَمَا المُبَشِّرَاتُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالحَة " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6990 / فَتْح]

ص: 3448

سِيرَةُ عُمَرَ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ الحَسَنَة

عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبي صَالِحٍ رضي الله عنه قَال:

" كُنَّا بِعَرَفَةَ فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ وَهُوَ عَلَى المَوْسِم، فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْه، فَقُلْتُ لأَبي: يَا أَبَتِ إِنيِّ أَرَى اللهَ يحِبُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيز، قَال: وَمَا ذَاك 00؟ قُلْتُ: لِمَا لَهُ مِنَ الحُبِّ في قُلُوبِ النَّاس " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ البرِّ وَالصِّلَةِ وَالآدَاب، بَاب: إِذَا أَحَبَّ اللهُ سبحانه وتعالى عَبْدَاً حَبَّبَهُ إِلى عِبَادِهِ بِرَقْم: 2637]

ص: 3449

القَبُولُ بَينَ النَّاس

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدَاً نَادَى جِبْرِيل: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانَاً فَأَحِبَّه؛ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيل، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ في أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانَاً فَأَحِبُّوه؛ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في أَهْلِ الأَرْض " 0

[الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الأَدَبِ بَابِ: المِقَةِ مِنَ اللهِ بِرَقْم: (6040)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ البرِّ وَالصِّلَةِ بِرَقْم: 2637]

ص: 3450

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدَاً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَال: إِنيِّ أُحِبُّ فُلَانَاً فَأَحِبَّه؛ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيل، ثمَّ يُنَادِي في السَّمَاءِ فَيَقُول: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانَاً فَأَحِبُّوه؛ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاء، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأَرْض، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدَاً دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُول: إِنيِّ أُبْغِضُ فُلَانَاً فَأَبْغِضْهُ؛ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيل، ثُمَّ يُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلَانَاً فَأَبْغِضُوه؛ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ البَغْضَاءُ في الأَرْض " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ البرِّ وَالصِّلَةِ وَالآدَاب، بَاب: إِذَا أَحَبَّ اللهُ سبحانه وتعالى عَبْدَاً حَبَّبَهُ إِلى عِبَادِه بِرَقْم: 2637]

ص: 3451

الَّذِينَ سَيجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدَّاً

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدَاً نَادَى جِبْرِيلَ إِنيِّ قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانَاً فَأَحِبَّه؛ فَيُنَادِي في السَّمَاء، ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ المحَبَّةُ في أَهْلِ الأَرْض، فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدَّا} {مَرْيم/96}

وَإِذَا أَبْغَضَ اللهُ عَبْدَاً نَادَى جِبْرِيلَ إِنيِّ أَبْغَضْتُ فُلَانَاً فَيُنَادِي في السَّمَاء، ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ البَغْضَاءُ في الأَرْض " 0

[حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: (3161)، وَوَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " مُطَوَّلاً: 272/ 10]

ص: 3452

السِّيرَةُ الحَسَنَة: أَمَارَةٌ يُعْرَفُ بهَا أَهْلُ الجَنَّة

عَن أَبي زُهَيرٍ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَطَبَهُمْ يَوْمَاً فَقَال:

" يَا أَيُّهَا النَّاس؛ تُوشِكُونَ أَنْ تَعْرِفُواْ أَهْلَ الجَنَّةِ مِن أَهْلِ النَّار " 0

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ النَّاس: بِمَ يَا رَسُولَ الله 00؟

قَال صلى الله عليه وسلم: " بِالثَّنَاءِ الحَسَنِ وَالثَّنَاءِ السَّيِّئ، أَنْتُمْ شُهُودٌ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْض " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: 8345، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 27645]

ص: 3453

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرْض، وَالمَلَائِكَةُ شُهَدَاءُ اللهِ في السَّمَاء " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (2370/ 1490)، رَوَاهُ الإِمَامَانِ الطَّبَرَانيُّ وَالنَّسَائِيّ]

ص: 3454

السِّيرَةُ الحَسَنَةُ بَينَ الجِيرَان

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: " قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ لي أَن أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ وَإِذَا أَسَأْت 00؟

فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

" إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ قَدْ أَحْسَنْت: فَقَدْ أَحْسَنْت، وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ قَدْ أَسَأْت: فَقَدْ أَسَأْت " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: (3808)، وَالْعَلَاّمَة الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4223]

ص: 3455

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَهْلُ أَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إِلَاّ خَيْرَاً: إِلَاّ قَالَ الله: قَدْ قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فِيهِ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُون " 0 [قَالَ الهَيْثَمِيُّ في (المجْمَعِ) رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: 4/ 3، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 13129]

ص: 3456

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللهِ سبحانه وتعالى أَنَّهُ قَال: " مَا مِن عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَشْهَدُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ بِخَيْر: إِلَاّ قَالَ اللهُ عز وجل: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي عَلَى مَا عَلِمُواْ، وَغَفَرْتُ لَهُ مَا أَعْلَم " 0

[الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 9040، وَالإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ ص: 4/ 3]

ص: 3457

عَن أَبي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دُعِيَ لجِنَازَةٍ سَأَلَ عَنْهَا، فَإِن أُثْني عَلَيْهَا خَيْرٌ قَامَ فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَإِن أُثْني عَلَيْهَا غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِهَا: " شَأْنُكُمْ بِهَا، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا " [صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في التَّرْغِيبِ وَأَحْكَامِ الجَنَائِز، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ وَشُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين]

ص: 3458

هَوَانُ المُتَكَبرِينَ عَلَى اللهِ وَخَاتمَةُ السَّوْء

وَقَالَ وَهْبُ بنُ مُنَبِّه: " أَرَادَ مَلِكٌ مِنَ المُلُوكِ أَنْ يَرْكَبَ إِلى أَرْض؛ فَدَعَا بِثِيَاب لِيَلْبِسَهَا فَلَمْ تُعْجِبْهُ، فَطَلَبَ غَيرَهَا حَتىَّ لَبِسَ مَا أَعْجَبَه، وَكَذَلِكَ طَلَبَ دَابَّةً، فَأُتيَ بَهَا فَلَمْ تُعْجِبْهُ، حَتىَّ أُتيَ بدَوَابٍّ فَرَكِبَ أَحْسَنَهَا، فَجَاءَ إِبْلِيسُ فَنَفَخَ في مِنخَرِهِ نَفْخَةً فَمَلأَهُ كِبرَا، ثُمَّ سَارَ وَسَارَت مَعَهُ الخُيُولُ وَهُوَ لَا يَنْظُرُ إِلى النَّاسِ كِبرَاً، فَجَاءهُ رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عليه السلام، فَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ فَقَالَ لَهُ: أَرْسِلِ اللِّجَامَ لَقَدْ جِئتَ شَيْئَاً إِدَّاً، قَال: إِنَّ لي حَاجَة، قَالَ اصْبر حَتىَّ أَنْزِل، قَالَ لَا 00 الآن، فَقَهَرَهُ عَلَى اللِّجَامِ وَقال: أَنَا مَلَكُ المَوْت؛ فَتَغَيرَ لَوْنُ المَلِكِ وَاضْطَرَبَ لِسَانُهُ ثُمَّ قَالَ لَه: دَعْني حَتىَّ أَرْجِعَ إِلى أَهْلِي فَأَقضِيَ حَاجَتي وَأُوَدِّعَهُمْ، فَقال:

ص: 3459

لَا وَاللهِ لَا تَرَى أَهْلكَ أَبَدَا، فَقَبَضَ رُوحَهُ فَخَرَّ كَأَنَّهُ بُنيَانُ قَوْمٍ تهَدَّمَ 00!!

ثمَّ مَضَى فَلَقِيَ عَبْدَاً مُؤْمِنَاً عَلَى دَابَّتِهِ أَيْضَاً، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عليه السلام فَقَال: إِنَّ لي إِلَيْكَ حَاجَة أَذْكُرُهَا في أُذُنِك 00؟

قَالَ هَاتِ 00؟

فَسَارَّهُ فَقَال: أَنَا مَلَكُ المَوْت، فَقَالَ أَهلاً وَمَرْحَبَاً بمَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ عَلَيّ، فَوَاللهِ مَا كَانَ في الأَرْضِ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلي أَن أَلقَاهُ مِنْك، فَقَالَ مَلَكُ المَوْتِ: اقْضِ حَاجَتَكَ التي خَرَجْتَ لهَا،

ص: 3460

قَال: مَا لي حَاجَةٌ أَكبَرَ عِنْدِي وَلَا أَحَبَّ مِنْ لِقَاءِ اللهِ جل جلاله فَقَالَ مَلَكُ المَوْت: اخْتَرْ عَلَى أَيِّ حَالٍ شِئْتَ أَن أَقْبِضَك 00؟

قَال: تَقدِرُ عَلَى ذَلِك 00؟!

قَالَ نَعَمْ، بِذَلِك أُمِرْت، قَال: فَدَعْني حَتىَّ أَتَوَضَّأَ وَأُصَلي ثمَّ اقْبِضْ رُوحِي وَأَنَا سَاجد؛ فَقَبَضَ رُوحَهُ وَهْوَ سَاجِد " 0

[الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الغَزَاليُّ في " الإِحْيَاء " 0 طَبْعَةِ دَارِ الوَثَائِقِ المِصْرِيَّةِ لِلحَافِظِ العِرَاقِيّ 0كِتَابُ ذِكرِ المَوْتِ: 1857]

وَهَذِهِ قِصَّةٌ وَاقِعِيَّةٌ ذَكَرَهَا الدَّاعِيَة / أَيْمَن صَيْدَح في إِحْدَى محَاضَرَاتِهِ في الرَّقَائِق:

ص: 3461

يُقْسِمُ الشَّيْخُ وَيَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ ثِقَةٍ وَأَنَّ سَنَدَهَا عَالٍ عَالٍ، وَتَبْدَأُ أَحْدَاثُ القِصَّةِ بِفَتَاةٍ جَمِيلَةٍ غَايَةٍ في التَّبَرُّجِ وَالسُّفُور، رَكِبَتْ سَيَّارَةً أُجْرَةً مِن إِحْدَى المُدُنِ السَّاحِلِيَّة، وَجَلَسَتْ بِثِيَابِهَا الَّتي دُونَ الرُّكْبَةِ بجِوَارِ السَّائِق، وَأَرَادَتْ أَنْ تَضَعَ رِجْلاً عَلَى رِجْل، فَطَلَبَ مِنهَا ذَلِكَ السَّائِقُ الكَرِيمُ بِأُسْلُوبٍ مُهَذَّبٍ إِنْزَالَ رِجْلِهَا لِضِيقِ وَقِصَرِ ثِيَابِهَا، لَا سِيَّمَا أَنَّ الطَّرِيقَ طَوِيل، وَبِالسَّيَّارَةِ ذَاتِ السَّبْعَةِ رُكَّابٍ شَبَابٌ في سِنِّ المُرَاهَقَة، فَرَدَّتْ عَلَى السَّائِقِ وَقَالَتْ: هَذِهِ ثِيَابي مُنْذُ زَمَن، وَكُلُّ البَنَاتِ هَكَذَا، قَالَ لَهَا: يَا ابْنَتي إِنْ لَمْ يَكُنْ لأَجْلِي فَلأَجْلِ الله، قَالَتْ بِكُلِّ تَبَجُّح: إِنَّهُ يَرَاني وَيَعْرِفُ أَنَّ هَذِهِ ثِيَابي وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْء، إِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ خُذِ " المُوبَايِّلَ " وَعَرِّفْهُ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئَا 00!!

ص: 3462

فَتَعَجَّبَ السَّائِقُ مِنْ قِلَّةِ حَيَائِهَا حَتىَّ مَعَ اللهِ جل جلاله وَقَالَ لَهَا: اجْلِسِي كَمَا شِئْتِ يَا ابْنَتي، وَاعْتَمَدَ عَلَى اللهِ وَسَأَلَهُ السَّلَامَةَ في الطَّرِيقِ وَمَضَى في رِحْلَتِه، حَتىَّ وَصَلَ إِلى نُقْطَةِ النِّهَايَةِ في بَابِ الحَدِيد، فَجَمَعَ الأُجْرَةَ مِنَ الرُّكَّابِ كُلِّهِمْ، وَأَتَى عَلَى الفَتَاةِ وَطَلَبَ مِنهَا الأُجْرَةَ فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْه، فَقَالَ الأُجْرَةَ يَا آنِسَة، فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْه، فَظَنَّهَا سَارِحَةً أَوْ نَائِمَةً فَهَزَّ رَأْسَهَا بِإِصْبَعِهِ فَسَقَطَتْ مَيِّتَة 00!!

وَكَأَنَّ اللهَ جل جلاله أَرَادَ أَنْ يُرِيَهَا وَيُرِيَنَا؛ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَا لَمْ يخْطُرْ لَهَا بِبَال، وَأَنْ يُمِيتَهَا في الحَال 00

ص: 3463

الَانْتِحَار

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدَاً مخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمَّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يجَأُ بهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَاً مخَلَّدَاً فِيهَا أَبَدَا "[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الطِّبِّ بِرَقْم: (5778 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الإِيمَانِ بِرَقْم: 109 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3464

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" الَّذِي يخْنُقُ نَفْسَهُ؛ يخْنُقُهَا في النَّار، وَالَّذِي يَطْعُنُهَا؛ يَطْعُنُهَا في النَّار " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1365 / فَتْح]

عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ: رَجُلٌ بِهِ جُرْح؛ فَجَزِع؛ فَأَخَذَ سِكِّينَاً فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ؛ فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتىَّ مَات؛ قَالَ اللهُ تَعَالى: بَادَرَني عَبْدِي بِنَفْسِه؛ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّة " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3463 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 113 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3465

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى رَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ " 0 [حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 20904]

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَال: " أُتِيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بمَشَاقِص ـ أَيْ بِنَصْلِ السَّهْم ـ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْه " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 978 / عَبْد البَاقِي]

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أُخْبِرَ أَنَّ رَجُلاًَ قَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِذَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْه " 0

[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 20848]

ص: 3466

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلَام: " هَذَا مِن أَهْلِ النَّار " 00 فَلَمَّا حَضَرَ القِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالاً شَدِيدَاً، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيل: يَا رَسُولَ الله، الَّذِي قُلْتَ لَهُ إِنَّهُ مِن أَهْلِ النَّار، فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ اليَوْمَ قِتَالاً شَدِيدَاً وَقَدْ مَات، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِلى النَّار " 00 فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَاب، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيل: إِنَّهُ لَمْ يمُتْ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحَاً شَدِيدَاً، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْل، لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَه،

ص: 3467

فَأُخْبِرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَال صلى الله عليه وسلم: " اللهُ أَكْبر، أَشْهَدُ أَني عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه " ثُمَّ أَمَرَ بِلَالاً فَنَادَى بِالنَّاس: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَاّ نَفْسٌ مُسْلِمَة، وَإِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم:(3062 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 111 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3468

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَال: نَظَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى رَجُلٍ يُقَاتِلُ المُشْرِكِين، وَكَانَ مِن أَعْظَمِ المُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" مَن أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلى رَجُلٍ مِن أَهْلِ النَّار؛ فَلْيَنْظُرْ إِلى هَذَا " 00 فَتَبِعَهُ رَجُل، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتىَّ جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ المَوْت؛ فَقَالَ ـ أَيْ فَجَاءَ ـ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْه، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتىَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْه؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّة؛ وَإِنَّهُ لَمِن أَهْلِ النَّار، وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّار؛ وَهُوَ مِن أَهْلِ الجَنَّة، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بخَوَاتِيمِهَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6493 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 112 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3469

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَقَى هُوَ وَالمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُواْ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الآخَرُونَ إِلى عَسْكَرِهِمْ، وَفي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً ـ أَيْ لَمْ يَدَعْ فِيهِمْ مَوْضِعَ قُوَّةٍ ـ إِلَاّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقِيل: مَا أَجْزَأَ مِنَّا اليَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَان، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 3470

" أَمَا إِنَّهُ مِن أَهْلِ النَّار " 00 فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْم: أَنَا صَاحِبُهُ ـ أَيْ أَنَاْ بِهِ زَعِيم، آتِيكُمْ بخَبرِه ـ فَخَرَجَ مَعَهُ، كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحَاً شَدِيدَاً، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْه ـ أَيْ وَضَعَ رَأْسَ السَّيْفِ بَيْنَ ثَدْيَيْه ـ ثمَّ تحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَه؛ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَمَا ذَاك " 00؟!

ص: 3471

قَال: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفَاً أَنَّهُ مِن أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ في طَلَبِه، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحَاً شَدِيدَاً فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ في الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثمَّ تحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَه؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِك:" إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِن أَهْلِ النَّار، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِن أَهْلِ الجَنَّة " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (4202 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 112 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3472

وَهَذَا الحَدِيثُ هُوَ خَيرُ تَعْلِيقٍ نُعَلِّقُ بِهِ عَلَى قِصَّةِ ذَلِكَ الرَّجُل:

عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَعْجَبُواْ بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتىَّ تَنْظُرُواْ بِمَ يُخْتَمُ لَه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في (الجَامِعِ) وَفي (ظِلَالِ الجَنَّة) بِرَقْمَيْ: (13322، 393)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]

ص: 3473

الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيم

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيم " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6607 / فَتْح]

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبي سُفْيَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا، كَالْوِعَاء: إِذَا طَابَ أَعْلَاهُ طَابَ أَسْفَلُه، وَإِذَا خَبُث أَعْلَاهُ خَبُثَ أَسْفَلُه " 0 [حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 339]

ص: 3474

عَن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَن خُتِمَ لَهُ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ مُحْتَسِبًا عَلَى اللهِ عز وجل؛ دَخَلَ الجَنَّة، وَمَن خُتِمَ لَهُ بِصَوْمِ يَوْمٍ مُحْتَسِبًا عَلَى اللهِ عز وجل؛ دَخَلَ الجَنَّة، وَمَن خُتِمَ لَهُ بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ مُحْتَسِبًا عَلَى اللهِ عز وجل؛ دَخَلَ الجَنَّة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 6224، 1645، رَوَاهُ الإِمَامَانِ البَزَّارُ وَأَحْمَد]

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" مَنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ بَعَثَهُ اللهُ عَلَيْه " 0 [قَالَ الذَّهَبيُّ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 6543، 283، رَوَاهُ أَحْمَد]

ص: 3475

عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

((إِنَّ اللهَ عز وجل؛ إِذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلْجَنَّة؛ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّة؛ حَتىَّ يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِن أَعْمَالِ أَهْلِ الجَنَّة؛ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الجَنَّة، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّار؛ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّار؛ حَتىَّ يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِن أَعْمَالِ أَهْلِ النَّار؛ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّار)) 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4703، وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين]

ص: 3476

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّة؛ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّار، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّار؛ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّة " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2651 / عَبْد البَاقِي]

ص: 3477

حَدَّثَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَانَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ عِنْدَ اللهِ عز وجل لَمَكْتُوبٌ مِن أَهْلِ الجَنَّة، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَانَ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ عِنْدَ اللهِ عز وجل لَمَكْتُوبٌ مِن أَهْلِ النَّار " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 24767]

ص: 3478

عَنِ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ تَقَلُّبَاً مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلْيَاً " 0

[وَوَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة، وَقَالَ الذَّهَبيّ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِي، رَوَاهُ الطَّبرَاني]

ص: 3479

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

((لَا عَلَيْكُمْ أَلَاّ تَعْجَبُواْ بِأَحَدٍ حَتىَّ تَنْظُرُوا بِمَ يخْتَمُ لَهُ؛ فَإِنَّ العَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانَاً مِنْ عُمْرِهِ، أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ صَالحٍ؛ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الجَنَّة، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلاً سَيِّئَاً، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ؛ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّار، ثمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلاً صَالحَاً، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرَاً؛ اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِه)) 0

قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْه " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في ظِلالِ الجَنَّة وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 393، 1334، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح، رَوَاهُ أَحْمَد]

ص: 3480

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ عز وجل؛ إِذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلْجَنَّة؛ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّة؛ حَتىَّ يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِن أَعْمَالِ أَهْلِ الجَنَّة؛ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الجَنَّة، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّار؛ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّار؛ حَتىَّ يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِن أَعْمَالِ أَهْلِ النَّار؛ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّار " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: (4703)، وَقَالَ فِيهِ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين]

ص: 3481

حَدَّثَ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ عَن إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ قَال:

" رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ الشَّاذَكُونيَّ الحَافِظَ في النَّوْم [وَكَانَ يُتَّهَمُ بِالْكذِبِ في بَعْضِ الأَحَادِيث]؛ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِك 00؟

قَال: غَفَرَ لي؛ قُلْتُ: بِمَاذَا 00؟

قَال: كُنْتُ في طَرِيقِ أَصْبَهَان، فَأَخَذَني المَطَر، وَمَعِيَ كُتُب، وَلَمْ أَكُنْ تحْتَ سَقْفٍ؛ فَانْكَبَبْتُ عَلَى كُتُبي حَتىَّ أَصبَحْت؛ فَغَفَرَ لي بِذَلِك " 0

[الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 683/ 10]

كَأَنَّ اللهَ يَقُولُ لَهُمْ قَدْ غَفَرْتُ لَهُ مَا لَمْ تَغْفِرُوه، وَرُؤْيَا المُؤْمِنِ حَقّ، لَعَلَّهُ تَابَ وَأَنَاب 0

ص: 3482

يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْه

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْه " 0 [الإِمَامُ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الجَنَّةِ، بَابِ: الأَمْرِ بحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ عِنْدَ المَوْت بِرَقْم: (2878)، الكَنْزُ بِرَقْم: 42722]

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:

" اصْطَبَحَ الخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ نَاسٌ؛ ثمَّ قُتِلُواْ شُهَدَاء " 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 4044 / فَتْح]

ص: 3483

تُوُفِّيَ ابْنٌ لأَحَدِ الصَّالحِين؛ فَحَزِنَ لِذَلِكَ حُزْنَاً شَدِيدَاً؛ فَقِيلَ لَهُ: اصْبرْ وَاحْتَسِبْ، كُلُّنَا إِلى فَنَاء 00 فَقَال: أَنَاْ لَمْ أَبْكِ لأَنَّهُ مَات، وَإِنمَا لِمَوْتِهِ في الكَنِيف؛ فَوَاسَوْهُ وَصَبَّرُوهُ عَلَى أَمْرِه، وَإِنْ كَانُواْ قَدْ عَذَرُوهُ في قِلَّةِ صَبرِه، وَلَمْ تَكَدْ تَمْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّام؛ حَتىَّ رَآهُ أَبُوهُ في المَنَام؛ فَوَجَدَهُ مُكَرَّمَاً مُنَعَّمَاً أَشَدَّ مَا يَكُونُ التَّنعِيم، وَلَيْسَ مِن أَصْحَابِ الجَحِيم؛ فَسَأَلَهُ عَنِ السّبَب 00؟!

فَقَال: لأَنيِّ دَخَلْتُ الحَمَّام؛ عَلَى هَدِيِ النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام؛ فَكَتَبَ اللهُ لي حُسْنَ الخِتَام 00!! [قِصَّةٌ وَاقِعِيَّةٌ عَن أَحَدِ الدُّعَاة]

فَمَن عَمِلَ صَالحًا في حَيَاتِه؛ وَفَّقَهُ اللهُ لِعَمَلٍ صَالحٍ قَبْلَ وَفَاتِه 00

ص: 3484

وَحَتىَّ يَحْتَسِبَ اللهَ أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ ذَلِكَ الْوَالِدَ وَأَمْثَالُهُ مِنَ الآبَاء، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَحِيدَ الَّذِي خَصَّهُ اللهُ بِذَلِكَ الْبَلَاء؛ فَهَذَا وَاحِدٌ مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ الْعِظَام؛ مَاتَ أَيْضَاً في الحَمَّام:

حَدَّثَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ عَنْ يحْيىَ بْنِ مَعِينٍ قَال:

" مَاتَ الإِمَامُ الأَوْزَاعِيُّ في الحَمَّام " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 127/ 7]

ص: 3485

وَهَذِهِ بُشرَى مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعِبَادِ اللهِ الصَّالحِين:

عَن أُمِّنَا عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيرَاً: بَعَثَ إِلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ مَلَكَاً يُسَدِّدُهُ ـ أَيْ يُرْشِدُهُ ـ وَيُوَفِّقُهُ حَتىَّ يَمُوتَ عَلَى خَيْرِ أَحَايِينِهِ فَيَقُولُ النَّاس: مَاتَ فُلَانٌ عَلَى خَيْرِ أَحَايِينِه " 0

ص: 3486

ثمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم في آخِرِ الحَدِيث: " وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ شَرَّاً: قَيَّضَ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ شَيْطَانَاً يُضِلُّهُ وَيُغْوِيهِ حَتىَّ يمُوتَ عَلَى شَرِّ أَحَايِينِه؛ فَيَقُولُ النَّاس: قَدْ مَاتَ فُلَانٌ عَلَى شَرِّ أَحَايِينِه "

[وَافَقَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ وَالهَيْثَمِيُّ وَالعَلَامَة أَحْمَد شَاكِر 0 رَقم: (17151)، وَفي " الكَنْز " بِرَقْم: 42787]

ص: 3487

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْراً اسْتَعْمَلَه " 00

فَقِيل: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ الله 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ المَوْت " 0

[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 المُسْتَدْرَكُ بِرَقْم: (1257)، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَفي التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2142]

ص: 3488

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْراً اسْتَعْمَلَه " 00 قَالُواْ: وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ المَوْتِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيحِ بِرَقْم: (305)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِهِ " بِرَقْم: 11625]

ص: 3489

عَن أَبي عِنَبَةَ الخَوْلَانيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَرَادَ اللهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرَاً عَسَلَهُ [وَفي بَعْضِ الأَحَادِيثِ غَسَلَهُ]؛ قِيل: وَمَا عَسَلَهُ؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَفْتَحُ اللهُ عز وجل لَهُ عَمَلاً صَالِحَاً قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْه "[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ وَفي ظِلَالِ الجَنَّة بِرَقْمَيْ: 307، 400، الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِرَقْم: 173]

ص: 3490

عَن عَمْرِو بْنِ الحَمِقِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرَاً: عَسَلَهُ قَبْلَ مَوْتِه "؛ قِيل: وَمَا عَسَلَهُ 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتىَّ يَرْضَى عَنهُ " 0

[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 343]

ص: 3491

عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْراً طَهرَه قَبلَ مَوْتِه " 0

قَالُواْ: وَمَا طَهُورُ العَبْد 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم:

" عَمَلٌ صَالِحٌ يُلْهِمُهُ إِيَّاه؛ حَتىَّ يَقْبِضَهُ عَلَيْه " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ الصَّحِيح " بِرَقْم: 306، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيّ]

ص: 3492

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه قَال:

" أَسْنَدْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إِلى صَدْرِي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا دَخَلَ الجَنَّة، وَمَنْ صَامَ يَوْمَاً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا دَخَلَ الجَنَّة، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا دَخَلَ الجَنَّةَ " 0

[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيبِ وَفي أَحْكَامِ الجَنَائِزِ بِرَقْمَيْ: 985، 24، وَوَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، رَوَاهُ البَزَّارُ وَأَحْمَد]

ص: 3493

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ وَهِيَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنيِّ رَسُولُ الله، يَرْجِعُ ذَاكَ إِلىَ قَلْبٍ مُوقِن: إِلَاّ غَفَرَ اللهُ لَهَا " 0

[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 21998]

ص: 3494

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

" سَدِّدُواْ وَقَارِبُواْ؛ فَإِنَّ صَاحِبَ الجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِن عَمِلَ أَيَّ عَمَل، وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ لَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِن عَمِلَ أَيَّ عَمَل " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6563، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]

ص: 3495

وَهَذِهِ بُشرَى مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعِبَادِ اللهِ الصَّالحِين:

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا دَخَلَ الجَنَّة، وَمَنْ صَامَ يَوْمَاً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا دَخَلَ الجَنَّة، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بهَا دَخَلَ الجَنَّة " 0

[وَافَقَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ وَالهَيْثَمِيُّ، وَالحَدِيثُ في " الكَنْز " بِرَقْم: 42787]

ص: 3496

إِكْرَامُ اللهِ لِلْمُؤْمِنِ حَتىَّ بَعْدَ مَوْتِه

وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" إِنَّ اللهَ سبحانه وتعالى وَكَّلَ بِعَبْدِهِ المُؤمِنِ مَلَكَيْنِ يَكتُبَانِ عَمَلَه، فَإِذَا مَاتَ قَالَ المَلَكَانِ اللَّذَانِ وُكِّلَا بِه: قَدْ مَاتَ ـ أَيْ قَالَا لله ـ فَأَذَنْ لَنَا أَنْ نَصْعَدَ إِلى السَّمَاء، فَيَقُولُ اللهُ جل جلاله: سَمَائِي مَمْلُوءةٌ مِنْ مَلَائِكَةٍ يُسَبِّحُوني؛ فَيَقُولَانِ فَأَيْن 00؟

فَيَقُولُ قُومَا عَلَى قَبْرِ عَبْدِي فَسَبِّحَانِي وَاحمَدَاني وَكَبِّرَاني وَهَلِّلَاني وَاكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِي " 0 [الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ "، وَفي " كَنْزِ العُمَّالِ " بِرَقْم: 42967]

ص: 3497

تَوْبَةُ شَابَّينِ في المَطَارِ عَلَى يَدِ أَحَدِ الدُّعَاة

" عَلَى حَضَرَاتِ الرُّكَّابِ المُسَافِرِينَ عَلَى الرِّحْلَةِ رَقم [0000] التَّوَجُّه إِلى صَالَة المغَادَرَة "

دَوَّى هَذَا الصَّوْتِ في جَنَبَاتِ مَبْنى المَطَار، أَحَدُ الدُّعَاةِ كَانَ هُنَاكَ جَالِسَاً في الصَّالَةِ وَقَد حَزَمَ حَقَائِبَه، وَعَزَمَ عَلَى السَّفَرِ إِلى بِلَادِ اللهِ الوَاسِعَة لِلدَّعْوَة إِلى اللهِ جل جلاله سَمِعَ هَذَا النِّدَاءَ فَأَحَسَّ بِامْتِعَاضٍ في قَلبِه؛ لأَنَّهُ يَعْلَمُ لِمَاذَا يُسَافِر كَثِيرٌ مِنَ الشَّبَابِ إِلى تِلكَ البِلَاد،

وَفَجْأَةً: لَمَحَ هَذَا الشَّيْخُ شَابَّينِ في العِشْرِينَ مِن عُمْرِهمَا أَوْ يَزِيدُ قَلِيلَا، وَقَدْ بَدَا مِنْ ظَاهِرِهمَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنهُمَا لَا يُرِيدَان إِلَاّ المُتْعَةَ الحَرَامَ مِنَ السَّفَرِ إِلى تِلكَ البِلَاد الَّتي عُرِفَتْ بِذَلِك 0

ص: 3498

" لَا بُدَّ مِن إِنْقَاذِهِمَا قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان " 0

قَالهَا الشَّيْخُ في نَفْسِهِ وَعَزَمَ عَلَى الذَّهَابِ إِلَيْهِمَا وَنُصْحِهِمَا، فَوَقَفَ الشَّيْطَان في وَجْهِهِ وَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ وَلهُمَا، دَعْهُمَا يَمْضِيَان في طَرِيقِهِمَا وَيُرَفِّهَا عَنْ نَفْسَيْهِمَا، إِنهُمَا لَنْ يَسْتَجِيبَا لَك 00!!

وَلَكِنَّ الشَّيْخَ كَانَ قَوِيَّ العَزِيمةِ ثَابِتَ الجَأْش، عَالِمَاً بمَدَاخِلِ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسِه؛ فَبَصَقَ في وَجْهِ الشَّيْطَانِ وَمَضَى في طَرِيقِهِ لَا يَلْوِي عَلَى شَيْء، وَعِنْدَ بَوَّابَةِ الخُرُوجِ اسْتَوْقَفَ الشَّابَّينِ بَعْدَ أَن أَلْقَى عَلَيْهِمَا تحِيَّةَ الإِسْلَام، وَوَجَّهَ إِلَيْهِمَا النُّصْحَ بِأَبْلَغِ الكَلَام، وَكَانَ مِمَّا قَالَهُ لهُمَا: " مَا ظَنُّكُمَا لَوْ حَدَثَ خَلَلٌ في الطَّائِرَةِ وَلَقِيتُمَا ـ لَا قَدَّرَ اللهُ ـ حَتْفَيْكُمَا؛

ص: 3499

وَأَنْتُمَا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ قَدْ عَزَمْتُمَا عَلَى مُبَارَزَةِ الجبَّارِ جل جلاله؛ بِأَيِّ وَجْهٍ سَتُقَابِلَان رَبِّكُمَا يَوْمَ القِيَامَة 00؟

فَذَرَفَتْ عَيْنَا هَذَيْنِ الشَّابَّينِ وَرَقَّ قَلبُهُمَا لِمَوْعِظَةِ الشَّيْخ، وَقَامَا فَوْرَاً بِتَمْزِيقِ تَذَاكِرِ السَّفَرِ وَقَالَا: لَقَدْ كَذَبْنَا عَلَى أَهْلِينَا يَا شَيْخُ وَقُلنَا لهُمَا: إِنَّنَا ذَاهِبَانِ إِلى مَكَّةَ أَوْ جَدَّةَ؛ فَكَيْفَ الخَلَاصُ وَمَاذَا نَقُولُ لهُمْ 00؟

ص: 3500

أَرَادَ الشَّيْطَانُ شَيْئَاً وَأَرَادَ اللهُ شَيْئَا آخَر

وَكَانَ مَعَ الشَّيْخِ أَحَدُ طُلَابِهِ فَقَالَ لَهُمَا: اذْهَبَا مَعَ أَخِيكُمَا هَذَا وَسَوْفَ يَقُومُ بِالَّلَازِم، وَمَضَى الشَّابَّانِ مَعَ صَاحِبِهِمَا وَقَدْ عَزَمَا عَلَى أَن يَبِيتَا عِنْدَه أُسْبُوعَا كَامِلاً ثمَّ يَعُودَا إِلى أَهْلَيْهِمَا، وَفي تِلكَ اللَّيْلَةِ وَفي بَيْتِ ذَلِكَ الشَّابِّ أَلقَى أَحَدُ الدُّعَاةِ كَلمَةً مُؤَثِّرَةً زَادَتْ مِن حَمَاسِهِمَا؛ فَعَزَمَا عَلَى الذَّهَابِ إِلى مَكَّةَ لأَدَاءِ العُمْرَة 00!!

وَهَكَذَا: أَرَادَ الشَّيْطَانُ شَيْئَاً وَأَرَادَ اللهُ شَيْئَاً آخَر، فَكَانَ مَا أَرَادَ الله، وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِه 00!!

ص: 3501

حُسْنُ الخاتمة

وَفي الصَّبَاحِ وَبَعْدَ أَن أَدَّى الجَمِيعُ صَلَاةَ الفَجْر؛ انْطَلَقَ الثَّلَاثَةُ صَوْبَ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللهُ، بَعْدَ أَن أَحْرَمُواْ مِنَ المِيقَات، وَفي الطَّرِيقِ كَانَتِ النِّهَايَة، وَفي الطَّرِيقِ كَانَتِ الخَاتِمَة: فَقَدْ وَقَعَ لَهُمَا حَادِثٌ بِالسَّيَّارَةِ ذَهَبُواْ فِيهِ جَمِيعَا؛ فَاخْتَلَطَتْ دِمَاؤُهُمُ الزَّكِيَّةُ بحُطَامِ الزُّجَاجِ المُتَنَاثِر، وَلَفَظواْ أَنْفَاسَهُمُ الأَخِيرَةَ تحْتَ الحُطَامِ وَهُمْ يرَدِّدُونَ هَذِهِ الكَلمَاتِ الخَالِدَة:" لَبيْكَ اللهُمَّ لَبيْك، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك " 0

كَمْ كَانَ بَينَ مَوْتهِمَا وَبَينَ تمْزِيقِ تَذَاكِرِ السَّفَرِ إِلى تِلْكَ البِلَادِ المَشْبُوهَة؟

إِنهِا أَيَّامٌ مَعْدُودَات، وَلَكنَّ اللهَ أَرَادَ لهمَا حُسْنَ الخِتَام 00!! [العَائِدُونَ إِلى اللهِ الجُزْءُ الثَّالِثُ بِتَصَرُّف 0 لِلشّيخ محَمَّد عَبْدِ العَزِيزِ المُسْنَد]

ص: 3502

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال:

" إِنَّ رَاهِبًا عَبَدَ اللهَ في صَوْمَعَتِهِ سِتِّينَ سَنَة، فَجَاءتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ إِلىَ جَنْبِهِ، فَنزَلَ إِلَيْهَا فَوَاقَعَهَا سِتَّ لَيَالٍ، ثُمَّ سُقِطَ في يَدِهِ ـ أَيْ نَدِمَ ـ فَهَرَبَ فَأَتَى مَسْجِدًا، فَأَوَى فِيهِ ثَلَاثًا لَا يَطْعَمُ شَيْئًا، فَأُتيَ بِرَغِيفٍ فَكَسَرَهُ، فَأَعْطَى رَجُلاً عَنْ يَمِينِهِ نِصْفَهُ، وَأَعْطَى آخَرَ عَنْ يَسَارِهِ نِصْفَه؛ فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكَ المَوْتِ فَقَبَضَ رُوحَه، فَوُضِعَتِ السِّتُّونَ في كِفَّةٍ وَوُضِعَتِ السِّتَّةُ في كِفَّة، فَرَجَحَتْ ـ أَيِ السِّتَّة ـ ثُمَّ وُضِعَ الرَّغِيفُ فَرَجَح " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ التَّرْغِيب ح 0 ر: 885]

ص: 3503

عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ في غَزَاةٍ، فَبَارَزَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِين، فَقَتَلَهُ المُشْرِك، ثُمَّ بَرَزَ لَهُ آخَرُ مِنَ المُسْلِمِين، فَقَتَلَهُ المُشْرِك، ثُمَّ دَنَا فَوَقَفَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:" عَلَى مَا تُقَاتِلُون " 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: " دِينُنَا: أَنْ نُقَاتِلَ النَّاسَ حَتىَّ يَشْهَدُواْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله، وَأَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، وَأَنْ نَفِيَ للهِ بِحَقِّه " 0

قَال: وَاللهِ إِنَّ هَذَا لحَسَن، آمَنْتُ بِهَذَا، ثمَّ تَحَوَّلَ إِلىَ المُسْلِمِينَ فَحَمَلَ عَلَى المُشْرِكِينَ فَقَاتَلَ حَتىَّ قُتِل، فَحُمِلَ رضي الله عنه فَوُضِعَ مَعَ صَاحِبَيْهِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" هَؤُلَاءِ أَشَدُّ أَهْلِ الجَنَّةِ تَحَابَّاً " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في مجْمَعِ الزَّوَائِد 0 طَبْعَةُ دَارِ الْفِكْرِ بِرَقْم: 9531، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ في الأَوْسَط]

ص: 3504

رُبَّ كَلِمَةٍ أَنْقَذَتْ صَاحِبَهَا مِنَ النَّار

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: " كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يخْدُمُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِض؛ فَأَتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَه: " أَسْلِمْ " 00 فَنَظَرَ إِلى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ 00؟

فَقَالَ لَه: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَم، فَخَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول:" الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّار "[الإِمَامُ البُخَارِيّ في كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: إِذَا أَسْلَمَ الصَّبيُّ فَمَات بِرَقْم: 1356]

ص: 3506

وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ المُرَادِيِّ قَال:

" دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى غُلَامٍ مِنَ اليَهُودِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَال صلى الله عليه وسلم: " أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله " 00؟

قَالَ نَعَمْ، قَال صلى الله عليه وسلم:" أَتَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً رَسُولُ الله "؟

قَالَ نَعَمْ، ثمَّ قُبِض، فَوَلِيَهُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ فَغَسَّلُوهُ وَدَفَنُوه " 0 [حَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " ص: 323/ 2، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَاني في الكَبِير]

ص: 3507

عَن أَبي صَخْرٍ العُقَيْلِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ نَاشِرًا التَّوْرَاةَ يَقْرَؤُهَا؛ يُعَزِّي بِهَا نَفْسَهُ عَلَى ابْنٍ لَهُ في المَوْت [أَيْ يَحْتَضِر]، كَأَحْسَنِ الفِتْيَانِ وَأَجْمَلِه؛ فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم:" أَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة؛ هَلْ تجِدُ في كِتَابِكَ ذَا صِفَتي وَمَخْرَجِي " 00؟

ص: 3508

فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا: أَيْ لَا، فَقَالَ ابْنُهُ: إِنيِّ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة ـ أَيْ إِنيِّ لأَجِدُ ذَلِكَ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة ـ إِنَّا لَنَجِدُ في كِتَابِنَا صِفَتَكَ وَمَخْرَجَك، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ الله؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

" أَقِيمُواْ اليَهُودَ عَن أَخِيكُمْ، ثُمَّ وَلِيَ كَفَنَهُ وَحَنَّطَهُ وَصَلَّى عَلَيْه " 0

[قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في صَحِيحِ السِّيرَة: إِسْنَادُهُ جَيِّد، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

ص: 3509

فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين؛ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُون

يحْكَى أَنَّ شَابَّاً كَانَ اسْمُهُ دِينَار، وَكَان لَهُ وَالِدَةٌ صَالحَةٌ تَعِظُهُ وَهُوَ لَا يَتَّعِظُ، فَمَرَّ في بَعْضِ الأَيَّامِ بمَقْبرَة، فَأَخَذ مِنهَا عَظْمَا فَتَفَتَّتَ في يَدِه؛ فَفَكَّرَ في نَفْسِهِ وَقَال: وَيحَكَ يَا دِينَار، كَأَنيِّ بِكَ وَقَدْ صَارَ عَظْمُكَ هَكَذَا رُفَاتَا؛ فَنَدِمَ عَلَى تَفْرِيطِهِ وَعَزَمَ عَلَى التَّوْبَة، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلى السَّمَاءِ وَقَال: إِلهِي وَسَيِّدِي: أَلْقَيْتُ إِلَيْكَ مَقَالِيدَ أَمْرِى فَاقْلِبني حَيْثُ شِئْت، ثمَّ أَقْبَلَ نحْوَ أُمِّهِ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ مُنْكَسِرَ القَلبِ فَقَال: يَا أُمَّاه: مَاذَا يُصْنَعُ بِالعَبْدِ الآبِقِ إِذَا أَخَذَهُ سَيِّدُه 00؟

ص: 3510

قَالَتْ: يخْشِّنُ مَلْبَسهُ وَمَطْعَمه، وَيَغُلُّ يَدَيْهِ وَقَدَمَيْه؛ فَقَال: أُرِيدُ جُبَّةً مِنْ صُوف وَأَقْرَاصَاً مِنْ شَعِيرٍ وَغُلَّين، وَافْعَلِي بي يَا أُمَّاهُ كَمَا يُفْعَلُ بِالعَبْدِ الآبِق؛ لَعَلَّ مَوْلَايَ إِذَا رَأَى ذُلي يَرْحمُنى، فَفَعَلَتْ بِهِ مَا أَرَاد، فَكَانَ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَخَذَ في البُكَاءِ وَالعَوِيلِ وَيقُولُ لِنَفْسِه: وَيحَكَ يَا دِينَار: أَلَكَ قوَّة عَلَى النَّار 00؟ كَيْفَ تَعَرَّضْتَ لِغَضَبِ الجَبَّار 00؟

وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتىَّ يَطْلُعَ الصُّبْح؛ فَقَالَتْ لَه أُمُّه: ارْفُقْ بِنَفْسِكَ يَا وَلَدِي 00؟

ص: 3511

فَقَال: دَعِيني يَا أُمَّاهُ أَتْعَبُ قَلِيلاً؛ لَعَلِّي أَسْتَرِيحُ طَوِيلاً، يَا أُمَّاهُ إِنَّ لي غَدَاً مَوْقِفَا طَوِيلاً، وَلَا أَدْرِي أَيُؤْمَرُ بي إِلى ظِلٍّ ظَلِيل، أَمْ إِلى ذُلٍّ طَوِيل 00؟

قَالَتْ: يَا بُنيَّ خُذْ لِنَفْسِكَ رَاحَة 00؟

قَال: لَسْتُ لِلرَّاحَةِ أَطْلُب، كَأَنَّكِ يَا أُمَّاهُ غَدَاً بِالخَلَائِقِ يُسَاقُونَ إِلى الجَنَّةِ وَأُسَاقُ إِلى النَّار؛ فَتَرَكَتْهُ وَمَا هُوَ عَلَيْه، فَأَخَذَ في البُكَاءِ وَالعِبَادَةِ وَقِرَاءةِ القُرْآن، فَقَرَأَ في بَعْضِ اللَّيَالي:

{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين؛ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} {الحِجْر/92، 93}

فَتَفَكَّرَ فِيهَا وَجَعَلَ يَبْكِي حَتىَّ غُشِيَ عَلَيْه؛ فَجَاءتْ أُمُّهُ فَنَادَتْهُ فَلَمْ يجِبْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: يَا حَبِيبي وَقُرَّةَ عَيْني أَيْنَ المُلتَقَى 00؟

ص: 3512

فَقَالَ بِصَوْتٍ ضَعِيف: يَا أُمَّاه 00 إِنْ لَمْ تجِدِيني في عَرَصَاتِ القِيَامَةِ فَاسْأَلي عَنيِّ مالِكَاً خَازِنَ النَّار، ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً فَخَرَجَتْ نَفْسُه، فَغَسَّلَتْهُ أُمُّهُ وَجَهَّزَتْهُ وَخَرَجَتْ تُنَادِي أَيُّهَا النَّاس: هَلُمُّواْ إِلى الصَّلَاةِ عَلَى قَتِيلِ النَّار 00؟

فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِب، فَلَمْ يُرَ أَكثَرَ جَمْعَاً وَلَا أَغْزَرَ دَمعَاً مِنْ ذَلِكَ اليَوْم، فَلَمَّا دَفَنُوهُ نَامَ بَعْضُ أَصْدقَائِهِ تِلكَ اللَّيْلَة، فَرَآهُ يَتَبَخْتَرُ في الجَنَّةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ خضْرَاء وَهُوَ يَقْرَأُ نَفْسَ الآيَة:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين؛ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} {الحِجْر/92، 93}

ص: 3513

وَيَقُول: وَعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ سَأَلَني وَرَحِمَني وَغَفَرَ لي وَتجَاوَزَ عَنيِّ، أَلَا أَخْبرُواْ عَنيِّ وَالِدَتي بِذَلِك " 0 [شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ في المُسْتَطْرَفِ في كُلِّ فَنٍّ مُسْتَظْرَف 0 بِالبَابِ: الحَادِي وَالثَّلَاثِين: مَنَاقِبُ الصَّالحِين]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " خَيرُ الْعَمَلِ أَنْ تُفَارِقَ الدُّنيَا وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ الله " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (5593)، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَة]

ص: 3514

حَسْرَةُ إِبْلِيسَ عَلَى حُسْنِ خِتَامِ الصَّالحِين

عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اللهَ إِذَا رَضِيَ عَن عَبْدٍ قَال: يَا مَلَكَ المَوْتِ اذْهَبْ إِلى فُلَان فَأْتِني بِرُوحِهِ لأُرِيحَه، حَسْبي مِن عَمَلِه ـ أَيْ يَكْفِيني مِن عَمَلِهِ الصَّالحِ مَا قَدْ عَمِل ـ قَدْ بَلَوْتُهُ فَوَجَدْتُهُ حَيْثُ أُحِب، فَيَنزِلُ مَلَكُ المَوتِ وَمَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ المَلَائكَةِ مَعَهُمْ قُضْبَانُ الرَّيحَان، وَأُصُولُ الزَّعْفَرَان، كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمْ يبَشِّرُهُ بِبِشَارَةٍ سِوَى بِشَارَةِ صَاحِبِه، وَتَقُومُ المَلَائِكَةُ صَفَّينِ لخُرُوجِ رُوحِهِ وَمَعَهُمُ الرَّيحَان، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمْ إِبْلِيسُ وَضَعَ يَدَه عَلَى رَأْسِهِ ثمَّ يَصْرُخُ فَيَقُولُ لَهُ جُنُودُهُ:

مَا لَكَ يَا سَيِّدَنَا 00؟!

ص: 3515

فَيَقُول: أَمَا تَرَونَ مَا أُعْطِيَ هَذَا العَبْدُ مِنَ الكَرَامَة 00؟

أَيْنَ كُنْتُمْ مِن هَذَا 00؟

فَيَقُولُون: قَد جَهِدْنَا بِهِ ـ أَيْ بَذَلْنَا مَعَهُ مجْهُودَاً ـ فَكَانَ مُمْتَنِعَاً " 0

[ضَعَّفَهُ الحَافِظُ العِرَاقِيُّ في " الإِحْيَاءِ " بِكِتَابُ المَوْتِ ص: (1854)، وَذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ في أَوَاخِرِ تَفْسِيرِ الآيَةِ 13/إِبْرَاهِيم]

نَمُوذَجٌ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَة

ص: 3516

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَمَّا أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَوْنَ قَال: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل؛ فَقَالَ جِبْرِيل: يَا محَمَّد؛ فَلَوْ رَأَيْتَني وَأَنَا آخُذُ مِن حَالِ البَحْر ـ أَيْ مِنْ طِينِهِ ـ فَأَدُسُّهُ في فِيهِ مخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحمَة " 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (9337)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: (3107)، رَوَاهُ أَحْمَد]

ص: 3517

عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:

" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ في عُمْرِه، وَيُوَسَّعَ لَهُ في رِزْقِه، وَيُدْفَعَ عَنْهُ مِيتَةُ السُّوء؛ فَلْيَتَّقِ اللهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1212، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال:

" آخِرُ شِدَّةٍ يَلْقَاهَا المُؤْمِنُ المَوْت " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1946، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]

اللهُمَّ ارْزُقْنَا حُسْنَ الخِتَام، وَتَوَفَّنَا عَلَى الإِسْلَام، وَأَخْتِمُ بِهَذَا الدُّعَاءِ لِلنَّبيِّ عليه الصلاة والسلام:

ص: 3518

عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبَّادٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو: " اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْم، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ وَالحَرَقِ وَالهَرَم، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَني الشَّيْطَانُ عِنْدَ المَوْت، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ في سَبِيلِكَ مُدْبِرَا، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ لَدِيغَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 1552]

ص: 3519