الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَضْلُ الشِّعْر وَالشُّعَرَاء
============
إِنَّني أَحْمَدُ اللهَ أَنْ وَرَدَ في أَقْوَالِهِ صلى الله عليه وسلم وَسُنَّتِهِ ذِكْرُ الشِّعْرِ عَلَى سَبِيلِ الَاسْتِحْسَان، وَإِلَاّ لَقَامَ أَقْوَامٌ مُتَشَدِّقُونَ، وَكَفَّرُواْ أَوْ فَسَّقُواْ الشُّعَرَاء!!
عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً "[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6145 / فَتْح]
وَعَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رضي الله عنه قَال: " أَرْدَفَني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ شَيْء " 00؟
قُلْتُ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هِيهْ " 00 أَيْ أَسْمِعْني، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" هِيهْ " 00 ثمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتَاً، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" هِيهْ " 00 حَتىَّ أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْت "
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2255 / عَبْد البَاقِي]
وَعَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَرَاثَ الخَبرَ ـ أَيِ اسْتَبْطَأَهُ ـ تَمَثَّلَ فِيهِ بِبَيْتِ طَرَفَة:
وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: 8794، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 24610 / إِحْيَاءُ التُّرَاث]
مَتى يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّ الفَتى * بِلَا أَدَبٍ صُورَةٌ مِن خَشَبْ
فَمَا هُوَ شِعْرٌ وَنَثْرٌ وَلَكِن هُوَ الرُّوحُ لِلْجِسْمِ وَهْوَ العَصَبْ
يَقُولُ ابْنُ مَنْظُورٍ في لِسَانِ الْعَرَبِ عَنِ الأَدَب: " الأَدَب: الَّذِي يَتَأَدَّبُ بِهِ الأَدِيب؛ وَسُمِّيَ أَدَبَاً لأَنَّهُ يَأْدِبُ النَّاسَ إِلى المحَامِدِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المَقَابِح، وَالأَدَبُ هُوَ الظَّرْفُ وَحُسْنُ التَّنَاوُل "
[ابْنُ مَنْظُورٍ بِاخْتِصَارٍ في " لِسَانِ العَرَب " ص: 206/ 1]
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَكْرُمَاتِ أَصَابِعٌ * وَأَشْعَارُنَا في المَكْرُمَاتِ خَوَاتِمُ
وَلَوْلَا خِلَالٌ سَنَّهَا الشِّعْرُ مَا دَرَى * بُغَاةُ النَّدَى مِن أَيْنَ تُؤْتَى المَكَارِمُ
وَللهِ دَرُّ محْمُود غُنيم حَيْثُ قَال:
إِذَا لَمْ تَقُمْ لِلشِّعْرِ في الشَّعْبِ دَوْلَةٌ * تَيَقَّنْ بِأَنَّ الشَّعْبَ مَاتَتْ مَشَاعِرُه
وَمِمَّا قُلْتُهُ أَنَا في فَضْلِ الرَّقَائِقِ وَالأَدَبِ وَالشِّعْر:
كَمْ حِكْمَةٍ نُثِرَتْ في الدِّينِ وَالأَدَبِ وَشِعْرِنَا الْعَرَبي أَغْلَى مِنَ الذَّهَبِ
وَمَا أَقْبَحَ مَا قَالَهُ الشُّعَرَاءُ فِيمَنْ لَا يَتَذَوَّقُونَ الشِّعْر:
بَهَائِمُ أَلْهَاهَا قَدِيمَاً شَعِيرُهَا عَنِ الشِّعْرِ تَسْتَوْفي الغِذَاءَ وَتُرْكَبُ
أَلَمْ تَسْتَنْشِقْ نَسْمَةَ الصَّيْفِ البَارِدَةِ سَاعَةَ الفَجْرِ قَطّ 00؟
هِيَ أَنْفُسُ الشُّعَرَاءِ في غَسَقِ الدُّجَى تَتَنَفَّسُ
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" الشِّعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَام؛ فَحَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلَام، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلَام " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 3733، 447، وَصَحَّحَهُ في الأَدَبِ المُفْرَدِ بِرَقْم: 865، وَحَسَّنَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ لحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه مِنْبَرَاً في المَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمَاً يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ مَا نَافَحَ أَوْ فَاخَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 6058]
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
" إِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ أَنْزَلَ في الشِّعْرِ مَا أَنْزَل ـ أَيْ مَا حُكْمُ الشِّعْرِ إِذَنْ في الإِسْلَام، وَهَلْ هُوَ حَلَالٌ أَمْ حَرَام 00؟!
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ المُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِه، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه؛ لَكَأَنَّ مَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْل " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعيب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ ابْنِ حِبَّان، وَقَالَ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الثَّمَرِ المُسْتَطَاب: سَنَدٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين: (797)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
حَدَّثَ ثَابِتٌ الْبُنَانيُّ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ أَنَّهُ دَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللهُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ رضي الله عنه بَيْنَ يَدَيْهِ يَقُولُ الشُِّعْر؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه:
يَا ابْنَ رَوَاحَة؛ في حَرَمِ اللهِ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ هَذَا الشِّعْر؟!
فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " خَلِّ عَنْهُ؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه: لَكَلَامُهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْعِ النَّبْل " 0
[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ النَّسَائِيِّ بِرَقْم: 2893، وَقَالَ في الثَّمَرِ المُسْتَطَاب: سَنَدٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم: 797]
وَللهِ عِصَام الْغَزَالي حَيْثُ قَالَ في نَفْسِ المِنوَالِ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ الحُرُوفُ أَسِنَّةٌ لَكِنْ رَقِيقَة
وَيَكْفِيكَ عَنْ فَضْلِ الشُّعَرَاءِ أَيْضَاً قَوْلُ ابْنِ حَيُّوس:
تَتَزَلْزَلُ الدُّنيَا إِذَا غَضِبُواْ فَإِنْ * بَلَغُواْ الرِّضَا أَمِنَتْ مِنَ الزِّلْزَالِ
**********
وَاعْلَمْ بِأَنَّهُمُ إِذَا لَمْ يُنْصَفُواْ * حَكَمُواْ لأَنْفُسِهِمْ عَلَى الحُكَّامِ
وَجِنَايَةُ الجَاني عَلَيْهِمْ تَنْقَضِي * وَهِجَاؤُهُمْ يَبْقَى مَعَ الأَيَّامِ
**********
فَلِلشُّعَرَاءِ أَلْسِنَةٌ حِدَادٌ * عَلَى الأَعْرَاضِ وَطْأَتُهَا ثَقِيلَة
وَمَنْ نَالَتْ صَوَاعِقُهُمْ حِمَاهُ * وَإِنْ كَذَبُواْ فَلَيْسَ لَهُنَّ حِيلَة
فَأَحْسِنْ رِفْدَهُمْ وَاكْسَبْ رِضَاهُمْ * وَعَامِلْهُمْ مُعَامَلَةً جَمِيلَة
بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
أَشْعَار بَدِيعِ الزَّمَانِ الحَمَدَاني:
=================
النَّاقِدُونَ الحَاقِدُون
أَيَا مَنْ تَنَالُونَ مِنيِّ جِهَارَا * وَمِنْكُمُ دَوْمَاً أُلَاقِي الضِّرَارَا
كَأَنَّ التَّفَوُّقَ في كُلِّ فَنٍّ * عَلَيْكُمُ يَا قَوْمُ صَارَ احْتِكَارَا
إِذَا كُنْتُ أَبْدُو صَغِيرَاً لَكُمْ * كَذَلِكَ تَبْدُو النُّجُومُ صِغَارَا
وَيَكْفِي بِأَنيَّ وَإِنيِّ صَغِيرٌ * فَلِي لَا يَشُقُّ الْكِبَارُ غُبَارَا
وَلَا عَيْبَ لي غَيْرَ أَنَّ زَمَاني * تُعَاني الثَّقَافَةُ فِيهِ انحِدَارَا
زَعَمْتُمْ بِأَنَّكُمُ مُصْلِحُوهَا * وَإِصْلَاحُكُمْ لَيْسَ إِلَاّ شِعَارَا
وَفي كُلِّ يَوْمٍ أُلَاقِي أَدِيبَاً * يُقَدِّمُ عَنْكُمْ إِليَّ اعْتِذَارَا
وَلَوْ لَمْ أَكُنْ شَاعِرَاً لَا يُبَارَى * لَمَا لَقِيَ الْيَوْمَ شِعْرِي انْتِشَارَا
فَفِي عَيْنِنَا كِبْرُكُمْ لَمْ يَزِدْكُمْ * وَفي أَعْيُنِ الْكُلِّ إِلَاّ احْتِقَارَا
سَيُعْرَفُ أَيُّ الْفَرِيقَينِ خَيْرٌ * إِذَا مَا الزَّمَانُ عَلَيْنَا اسْتَدَارَا
وَلَا يَظُنَّنَّ قَصِيرُ النَّظَرِ أَنَّ البَيْتَ الثَّاني مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ أَبي مَاضِي:
فَإِذَا رَآني دُونَهُ مِنهُمْ غَبي * فَكَمَا يُرَى في المَاءِ ظِلُّ الكَوْكَبِ
{إِيلِيَّا أَبُو مَاضِي بِتَصَرُّف}
فَإِنَّ أَبَا مَاضِي يَتَحَدَّثُ عَنِ الدُّنُوّ، وَيُشَبِّهُهُ بِصُورَةِ الظِّلِّ في المَاء، بَيْنَمَا أَتحَدَّثُ أَنَا عَنِ الصِّغَر، وَأُشَبِّهُهُ بِصِغَرِ النَّجْمِ في السَّمَاء، وَكِلَا البَيْتَينِ يَتَحَدَّثُ عَنْ صِنْفِ المُتَكَبِّرِينَ مِنْ بَني الإِنْسَان، وَمَا أَكْثَرَهُمْ في هَذَا الزَّمَان 00!!
طُبُولٌ جَوْفَاء
رُءوسٌ ضِخَامٌ كَمِثْلِ العُجُولْ * سِوَى أَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا عُقُولْ
وَمِن عَجَبٍ أَنَّ إِعْلَامَنَا * يَدُقُّ لأَمْثَالِهِمْ بِالطُّبُولْ
يَبُثُّونَ أَفْكَارَهُمْ في فُصُولْ * وَأَغْلَبُ مَا تَحْتَوِيهِ فُضُولْ
فَتَسْمَعُ مِنهُمْ كَلَامَاً عَجِيبَاً * تَكَادُ الجِبَالُ لَهُ أَنْ تَزُولْ
وَشَعْبُ الْكِنَانَةِ شَعْبٌ جَهُولْ * يُقَابِلُ إِسْفَافَهُمْ بِالْقَبُولْ
فَلَا تَعْجَبَنَّ إِذَا مَا رَأَيْتَ * بِهَا أَرْؤُسَاً في محِلِّ الرُّجُولْ
لِذَلِكَ شَمْسُ الحَضَارَةِ غَابَتْ * وَنجْمُ النُّبُوغِ ابْتَدَا في الأُفُولْ
وَأَصْبَحْتُ في الشِّعْرِ أَبْكِي عَلَيْهِمْ * وَمَا عُدْتُ أَبْكِي كَغَيْرِي الطُّلُولْ
كَمْ فُقِّئَتْ مِنَّا الْعُيُونُ وَنحْنُ نَنْظُرُ في الدَّفَاتِرْ
دَهْرٌ مَضَى وَأَنَا في المَكْتَبَاتِ صَبي * قَصِيدَةُ الشِّعْرِ أُمِّي وَالْكِتَابُ أَبي
بَيْنَ المَرَاجِعِ أَقْضِي الْيَوْمَ في نَهَمٍ * حَتىَّ لَقَدْ عَرَفَتْني أَرْفُفُ الْكُتُبِ
أَمْتَصُّ ثَدْيَ المَرَاجِعِ غَيْرَ مُنْفَطِمٍ * حَتىَّ لَقَدْ عَرَفَتْني أَرْفُفُ الْكُتُبِ
حَتىَّ لَقَدْ بَلَغَ مَا قَرَأْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ مِلْيُون بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ الْعَرَبيّ، وَأَكْثَرَ مِنْ مِاْئَتيْ مجَلَّد 00
وَكَثِيرَاً مَا كَانَتْ تُعْجِبُني فِكْرَةٌ فَأَنْظِمُهَا، وَقَدْ أَزِيدُ عَلَيْهَا، وَكُنْتُ أُرَاعِي في ذَلِكَ الأَمَانَةَ الْعِلْمِيَّة، فَكُنْتُ أُحَدِّدُ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أُثْبِتُ نِسْبَتَهَا لِلشَّاعِرِ الأَصْلِيّ، وَللهِ دَرُّ الْقَائِل:
وَلَا أُغِيرُ عَلَى الأَشْعَارِ أَسْرِقُهَا * أَعُوذُ بِاللهِ شَرُّ النَّاسِ مَنْ سَرَقَا
وَإِنَّ أَحْسَنَ بَيْتٍ أَنْتَ قَائِلُهُ * بَيْتٌ يُقَالُ إِذَا أَنْشَدْتَهُ صَدَقَا
{طَرَفَةُ بْنُ العَبْد 0 بِتَصَرُّف}
تَهَكُّمٌ عَلَى الشِّعْرِ النَّبَضِي
وَأَنَا مُتَعَصِّبٌ لِلشِّعْرِ الْعَرَبيِّ تَعَصُّبَاً مَوْضُوعِيَّاً؛ حَتىَّ أَنيِّ قَرَأْتُ فِكْرَةً لأَحَدِ الشُّعَرَاءِ فَأَعْجَبَتْني فَنَظَمْتُهَا وَزِدْتُ عَلَيْهَا قَائِلاً:
هَذَواْ بِشِعْرٍ لَهُمْ مَرِيضِ * فَذَاعَ ذَا عَنهُمُ وَطَارَا
فَاسْتَحْسَنُواْ الهَذْيَ في الْقَرِيضِ * وَصَارَ في شِعْرِهِمْ شِعَارَا
لِذَا انْزَوَى الشِّعْرُ في الحَضِيضِ * وَكَادَ أَنْ يَشْهَدَ احْتِضَارَا
وَحَتىَّ شُعَرَاءُ التَّفْعِيلَةِ ـ وَرَغْمَ اهْتِمَامِهِمْ بِبَعْضِ الْقَوَاعِدِ ـ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُحَقِّقُواْ الإِبْدَاعَ المَطْلُوب، لأَنَّ الأَسَاسَ في الشِّعْرِ المَوْهِبَةُ قَبْلَ الأَوْزَانِ وَالْقَوَافي؛ وَحَوْلَ تِلِكَ الْفِكْرَةِ قُلْتُ أَيْضَاً مُقْتَبِسَاً:
لَيْتَ الشِّعْرَ كَمَا كَانَا * بِمَعْنَاهُ لَا مَبْنَاهُ
لَا تَقْطِيعَاً وَأَوْزَانَا * مِثْلَمَا اليَوْمَ نَرَاهُ
{وَهِيَ في الأَصْلِ فِكْرَةٌ لأَمِيرِ الشُّعَرَاءِ قُمْتُ بِنَظْمِهَا بَعْدَ مُعَالجَتِهَا}
نحْمَدُ اللهَ عَلَى مَا آتَانَا
سَلَلْتُ الصُّبْحَ مِن غِمْدِ الظَّلَامِ * وَأَنجُمُهُ نَثَرْتُ بِهَا كَلَامِي
لِذَلِكَ صَفْوَةُ الْقُرَّاءِ صَارَتْ * تُفَتِّشُ عَنْ مَقَالي بِاهْتِمَامِ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ مِنَ الْبَيْتِ الأَوَّلِ لِشَاعِرٍ عَرَبيٍّ آخَرَ لَا أَعْرِفُه}
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
لنَا شِعْرٌ يَرُوقُ السَّامِعِينَا * كَخَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّاربينَا
وَلَوْلَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطَ حَظَّاً * لأَضْحَي آيَةً لِلسَّائلينَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
اللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِفَضْلِهِ * وَاللهُ يَعْلَمُ حَيْثُ يجْعَلُ رِزْقَهُ
وَقُلْتُ أَيْضَاً بِتَصَرُّف:
هَلْ يحْسُدُ النَّاسُ شَيْئَاً غَيرَ محْمُودِ * لَا عَاشَ مَن عَاشَ يَوْمَاً غَيرَ محْسُودِ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ لي، وَالآخَرُ لِدِعْبِلٍ الخُزَاعِيّ}
وَقُلْتُ في ثَنَايَا حِوَارٍ قَصَصِيّ:
فَقَالَ أَنْتَ إِنْسَانٌ * أَمْثَالُكَ قَلِيلُونَا
فَقُلْتُ أَعْلَمُ لَكِنْ * لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَا
جَرِيدَةُ آفَاق عَرَبِيَّة
يَا رَبِّ أَبْقِ جَرِيدَةَ الآفَاقِ * رَيَّانَةَ الأَغْصَانِ وَالأَوْرَاقِ
وَاحْفَظْ إِدَارَتَهَا وَكُلَّ فَرِيقِهَا * مِنْ فُرْقَةٍ دَبَّتْ بِقَلْبِ رِفَاقِ
لَمَّا تَزَلْ مُتَنَفَّسَاً لِلشَّعْبِ مِن * هَذَا النِّظَامِ الْفَاسِدِ الخَنَّاقِ
لَيْسَتْ مُنَافِقَةً وَلَا زَمَّارَةً * حَتىَّ تَظَلُّمُهَا كَلَامٌ رَاقِ
قَنَاةُ الجَزِيرَة
بَهَرْتِ الْوَرَى يَا قَنَاةَ الجَزِيرَة * وَأَنْتِ بِكُلِّ احْتِرَامٍ جَدِيرَة
وَحُبُّكِ يَزْدَادُ يَوْمَاً فَيَوْمَاً * فَسِيرِي عَلَى نَفْسِ تِلْكَ الْوَتِيرَة
بِكُلِّ الحَقَائِقِ تَأْتِينَ دَوْمَاً * وَفي كُلِّ دَرْبٍ نَرَاكِ الخَبِيرَة
فَوَفَّقَكِ اللهُ كَيْمَا تُنِيرِي * طَرِيقَ الشُّعُوبِ بِتِلْكَ المَسِيرَة
مُذِيعَاتُهَا لَسْنَ مُسْتَرْجِلَاتٍ * وَلَكِن عُرِفْنَ بِطِيبِ السَّرِيرَة
وَكَمْ ذَا المُرَاسِلُ فِيهَا يُعَاني * لِيَأْتيَ بِالخَبَطَاتِ المُثِيرَة
بِرَغْمِ المخَاطِرِ مِن حَوْلِهِ * وَرَغْمِ حَرَارَةِ وَقْتِ الظَّهِيرَة
تَطِيرُ إِلى كُلِّ قُطْرٍ وَتَأْتي * إِلَيْنَا بِأَخْبَارِهِ كَالسَّفِيرَة
وَتَفْضَحُ تُوني بْلِيرَ وَبُوشَاً * إِذَا قَعَدَا يَقْسِمَانِ الْفَطِيرَة
وَلِلْغَرْبِ أَبْدَتْ ضَحَايَا الحُرُوبِ * لِكَيْ مَا تُحَرِّكَ فِيهِ ضَمِيرَه
تَقُولُ الحَقِيقَةَ مِن غَيرِ خَوْفٍ * وَلِلْحَقِّ دَوْمَاً تَكُونُ نَصِيرَة
تُصَوِّرُ كَيْفَ تُعَاني الشُّعُوبُ * وَلَا سِيَّمَا الطَّبَقَاتِ الْفَقِيرَة
فَأَخْبَارُهَا صَعْقَةٌ لِلأَعَادِي * كَصَعْقَةِ بَرْقِ اللَّيَالي المَطِيرَة
لِذَلِكَ تَلْتَفُّ مِن حَوْلِهَا * بِكُلِّ مَسَاءٍ جُمُوعٌ غَفِيرَة
وَصَارَتْ بِمَا حَقَّقَتْ مِنْ نَجَاحٍ * عَلَى رَأْسِ إِعْلَامِنَا كَالأَمِيرَة
لُغَتُنَا الجَمِيلَة
كَمْ ذَا في اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة * مِنْ مَقْطُوعَاتٍ أَدَبِيَّة
لَوْ دَخَلَتْ أَيَّ مُسَابَقَةٍ * فَازَتْ بِالْكَأْسِ الذَّهَبِيَّة
أَحْيى اللهُ مَن أَحْيَاهَا * وَرَعَى كَوْكَبَةً تَرْعَاهَا
لُغَةُ الحِكْمَةِ وَالأُدَبَاءِ * في كُلِّ مجَالٍ تَلْقَاهَا
مَا الضَّعْفُ بِهَا بَلْ هُوَ فِينَا * حَفِظَتْ سُنَّتَنَا وَالدِّينَا
مَا كَانَتْ يَوْمَاً عَاجِزَةً * حَتىَّ تحْتَاجَ التَّحْسِينَا
قَالُواْ لُغَةٌ تَقْلِيدِيَّة * وَقَوَاعِدُهَا تَعْقِيدِيَّة
وَإِذَا حَقَّقْنَا رَغْبَتَهُمْ * قَالُواْ لُغَةٌ تجْرِيدِيَّة
قَالُواْ تَفْتَقِدُ الأَسْمَاءَا * لَا بَلْ تَفْتَقِدُ الْعُلَمَاءَا
لُغَةٌ فَائِقَةٌ عَظَمَتُهَا * وَلِذَا تحْتَاجُ الْعُظَمَاءَا
الشِّعْرُ الْعَرَبي
كَمْ حِكْمَةٍ نُثِرَتْ في الدِّينِ وَالأَدَبِ * وَشِعْرِنَا الْعَرَبي أَغْلَى مِنَ الذَّهَبِ
كَمْ كُنْتُ أُنْشِدُ ضَيْفِي مِنْ قَصَائِدِهِ * فَكَانَ فَاكِهَةً أَحْلَى مِنَ الرُّطَبِ
وَقُلْتُ في دِيبَاجَةِ كِتَابٍ لي بِعُنوَان / هُمُومُ المُسْلِمِين:
أُهْدِي لِقُرَّائِي كِتَابي عَن هُمُومِ المُسْلِمِين
لِيَكُونَ كَالسُّلْوَانِ لِلإِنْسَانِ ذِي الْقَلْبِ الحَزِين
وَلِكُلِّ مَظْلُومٍ يُعَاني أَوْ مَرِيضٍ أَوْ سَجِين
آثَارُهُ مخْتَارَةٌ وَكَلَامُهُ دُرٌّ ثَمِين
اقْرَأْ بِهِ بَعْضَ السُّطُورِ تجِدْ بِهَا الخَبرَ الْيَقِين
الْيَأْسُ مِفْتَاحُ الْفَشَلْ
كُنْ ثَابِتَاً مِثْلَ الجَبَلْ * مَهْمَا تُوَاجِهُ يَا بَطَلْ
لَا تَنْدُبَنَّ مُصِيبَةً أَوْ تَبْكِيَنَّ عَلَى طَلَلْ
أَوْ تَيْأَسَنَّ لِعَثْرَةٍ فَالْيَأْسُ مِفْتَاحُ الْفَشَلْ
وَكَأَنَّني بِكَ عَنْ قَرِيبٍ سَوْفَ تَرْفُلُ في الحُلَلْ
إِنَّ بَعْدَ الْعُسْرِ يُسْرَا
اصْبِرْ عَلَى الزَّمَنِ الْعَصِيبْ * فَلِكُلِّ مجْتَهِدٍ نَصِيبْ
وَتَعَلَّمِ الصَّبْرَ الجَمِيلَ إِذَا نَظَرْتَ إِلى الحَبِيبْ
سَتَجِيءُ أَيَّامٌ غَدَاً أَصْفَى مِنَ اللَّبَنِ الحَلِيبْ
فَالصَّبْرُ يَأْتي دَائِمَاً مِنْ بَعْدِهِ فَرَجٌ قَرِيبْ
مَنْ كَانَ في كَنَفِ الإِلَهِ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يخِيبْ
وَكَتَبْتُ أَيْضَاً:
الدَّهْرُ يحْزِنُنَا لِيَوْمِ سُرُورِنَا * وَاليُسْرُ لَنْ تَلْقَاهُ قَبْلَ عَسِيرِ
اصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِين
كُنْ مُسْتَقِيمَاً دَائِمَاً * مَهْمَا رَأَيْتَ مِنَ الْعِوَجْ
وَاصْبِرْ قَلِيلاً يَا أَخِي * فَالصَّبْرُ مِفْتَاحُ الفَرَجْ
أَمْ كَيْفَ تُصْبِحُ نَاقِدَاً * لَوْ لَمْ تَعِشْ بَيْنَ الهَمَجْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
أَرَى الضِّيقَ مِن خَيْرِ البَشَائِرِ بِالفَرَجْ * وَيُوسُفُ لَوْ لَمْ يَدْخُلِ السِّجْنَ مَا خَرَجْ
رُحْمَاكَ يَا رَبّ
لَقَدْ جَاوَزَ الظَّالِمُونَ المَدَىَ * وَسَدُّواْ عَلَيْنَا سَبِيلَ الهُدَى
وَآذَواْ عِبَادَكَ يَا رَبَّنَا * وَفي الأَرْضِ كَمْ أَغْلَقُواْ مَسْجِدَا
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني 0 بِاسْتِثْنَاءِ المِصْرَاعِ الأَوَّلِ مِنَ الْبَيْتِ الأَوَّل}
اللُّحْمُ الرَّخِيص
لِمَاذَا لَا تَزِيدُ بِنَا الشُّجُونُ * وَقَدْ زَادَ التَّفَسُّخُ وَالمجُونُ
لِمَاذَا الْبِنْتُ إِن خَرَجَتْ تُعَرِّي * مَفَاتِنَهَا لِتَنهَشَهَا الْعُيُونُ
لِمَاذَا يَا ابْنَني هَذَا الَّذِي قَدْ * تُظَنُّ لأَجْلِهِ فِيكِ الظُّنُونُ
كَفَى أَنَّ الحِجَابَ يَكُونُ دَوْمَاً * عَلَى الحَسْنَاءِ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ
وَلَوْ كَانَ الحِجَابُ قَلِيلَ نَفْعٍ * لَمَا جُعِلَتْ عَلَى الْعَيْنِ الجُفُونُ
وَمِمَّا كَتَبْتُهُ في الحِجَابِ أَيْضَاً:
أَلَبِسْتِ ثَوْبَاً ضَيِّقَا * قَدْ كَادَ أَنْ يَتَفَتَّقَا
وَعَلَى الشَّبَابِ مَرَرْتِ مُعْجَبَةً بِهِ لِيُحَدِّقَا
وَيَقُولَ قَائِلُهُمْ لَقَدْ طَلَعَ الصَّبَاحُ وَأَشْرَقَا
وَيَقُولَ آخَرُ مَا لِغُصْنِكِ يَا صَبِيَّةُ أَوْرَقَا
وَلَرُبَّمَا قَدْ سَارَ خَلْفَكِ ثَالِثٌ لِيُحَمْلِقَا
مِثْلَ الحِمَارِ إِذَا رَأَى حُسْنَ الحِمَارَةِ نَهَّقَا
إِنَّ الجَمِيلَةَ في تحَجُّبِهَا تَزِيدُ تَأَلُّقَا
كَالْبَدْرِ إِن هُوَ بِالنُّجُومِ وَبِالْغُيُومِ تحَلَّقَا
حَالٌ يَسُرُّ الْعَدُو، وَيُبْكِي الحَبِيب
خُطُوَاتُنَا نحْوَ التَّقَدُّمِ أَصْبَحَتْ مُتَعَثِّرَة
وَالحَلُّ أَصْبَحَ عِنْدَنَا في الزَّارِ أَوْ في المَبْخَرَة
كَمْ ذَا نُقَاسِي كَيْ نَرَى بَعْضَ الْعُقُولِ النَّيِّرَة
فَشَبَابُنَا مُسْتَهْتِرٌ وَشُعُوبُنَا مُتَأَخِّرَة
حَتىَّ مُعَارَضَةُ الْفَسَادِ فَصَائِلٌ مُتَنَاحِرَة
وَلِذَاكَ أَصْبَحْنَا نُلَقَّبُ أُمَّةً مُتَأَخِّرَة
أَوْضَاعُهَا في كُلِّ شِبْرٍ أَصْبَحَتْ مُتَفَجِّرَة
أَعْدَاؤُهَا مِنْ جَهْلِهَا لَعِبُواْ بِهَا لِعْبَ الْكُرَة
وَقُلْتُ في أَسْبَابِ ضَعْفِ المُسْلِمِين:
تَرَكْتُمْ سُنَّةَ المَبْعُوثِ فِينَا * لِذَاكَ سَقَتْكُمُ الأَيَّامُ طِينَا
وَقُلْتُ بِالتَّصَرُّفِ في تخَلُّفِ الشَّعْبِ الْعَرَبيِّ وَخُرُوجِهِ عَن أَوَامِرِ الله:
إِلى السَّمَاءِ دُعَاهُ كَيْفَ يَرْتَفِعُ * وَكَيْفَ بِالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَنْتَفِعُ
حَالُ المُؤَلِّف؛ في المجْتَمَعِ المُتَخَلِّف
نحْنُ الجُلُوسُ عَلَى الرَّصِيفْ * الْبَاحِثُونَ عَنِ الرَّغِيفْ
الْعَاجِزُونَ عَنِ الْبَقَاءِ الْقَادِرُونَ عَلَى النَّزِيفْ
**********
في كُلِّ وَادٍ نُظْلَمُ * وَقُلُوبُنَا تَتَحَطَّمُ
لَا تَضْحَكُ الدُّنيَا لَنَا * وَالحَظُّ لَا يَتَبَسَّمُ
*********
يَا مَن إِلَيْهِ المُشْتَكَى * أَشْكُو لِمَن إِلَاّ لَكَا
ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ حَتىَّ لَمْ أَجِدْ لي مَسْلَكَا
وَلِذَا قُلْتُ:
تمَنىَّ أُنَاسٌ أَنْ يَنَالُواْ مَكَانَتي * وَلَمْ يَعْلَمُواْ كَيْفَ اجْتَرَعْتُ مَرِيرَهَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
قَدْ عَانَيْتُ وَقَاسَيْتُ * مَا لَوْ قَصَصْتُ عَلَيْكَا
لَتَحَدَّرَتْ دُمُوعِي * لِهَوْلِهِ مِن عَيْنَيْكَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
الْطُفْ بِحَالي يَا لَطِيفْ * وَاعْطِفْ عَلَى عَبْدٍ ضَعِيفْ
نَزَفَتْ شَرَايِيني دَمَاً فَإِلىَ مَتىَ هَذَا النَّزِيفْ
هَلْ سَوْفَ أَقْضِي طُولَ عُمْرِي بَائِعَاً فَوْقَ الرَّصِيفْ
فَمَتىَ يَرَى أَمْثَالُنَا الإِنْصَافَ يَا دُكْتُورْ نَظِيف
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
أَرْضُ الْكِنَانَةِ مُنْجِبَة * كَمْ أَنْبَتَتْ مِنْ مَوْهِبَة
لَكِنَّمَا تِلْكَ المَوَاهِبُ وَالْعُقُولُ مُعَذَّبَة
حَالَةُ الصَّحَافَةِ المُؤْسِفَة؛ في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة
كَمْ مِنْ كَوَادِرَ في الصُّحُفْ * لَيْسَتْ جَوَاهِرَ بَلْ صَدَفْ
فَكَلَامُهُمْ غَثٌّ وَمُضْطَرِبٌ وَأَكْثَرُهُ حَشَفْ
وَيُقَالُ عَنهُمْ هَؤُلَاءِ هُمُ النَّوَابِغُ لِلأَسَفْ
فَنُّ الْكِتَابَةِ كَانَ يُوجَدُ في الزَّمَانِ المُنْصَرِفْ
أَيَّامَ كَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظِرُ المَقَالَةَ في شَغَفْ
وَقُلْتُ في الخَوْفِ الَّذِي كَانَ يَنْتَابُني في أَحَدِ المَوَاقِف، فَكُنْتُ أَعْبرُهَا وَأَنَا خَائِف:
أَنَاخَ بيَ الخَوْفُ حَتىَّ كَأَنِّي * أَسِيرُ عَلَى الحَبْلِ فَوْقَ المحِيطِ
عِنْدَمَا يَنْتَصِرُ الشَّرُّ عَلَى أَهْلِ الخَير
الشَّرُّ أَبْيَضُ زَاهِرٌ * وَالخَيْرُ أَسْوَدُ فَاحِمُ
وَالْكَوْنُ بحْرٌ زَاخِرٌ * لَكِنَّهُ مُتَلَاطِمُ
حَقِيقَةُ الدُّنيَا
إِنَّمَا الدُّنيَا قَصِيرَة * في مَرَاحِلِهَا الأَخِيرَة
مِثْلَمَا مَرَّتْ عَلَيْنَا * لَيْلَةٌ كَانَتْ مَطِيرَة
طَالَمَا أَبْكَتْ عُيُونَاً * بَعْدَمَا كَانَتْ قَرِيرَة
كَمْ أَذَلَّتْ بَعْدَ عِزٍّ * غَادَةً كَانَتْ أَمِيرَة
فَهْيَ سِجْنٌ وَقُلُوبُ المُؤْمِنِينَ بِهِ أَسِيرَة
أَلَا مَا لي أَرَاكَ وَقَدْ فُتِنْتَا * وَبِالدُّنيَا وَزُخْرُفِهَا جُنِنْتَا
تُنَادِيكَ المَنَايَا كُلَّ يَوْمٍ * أَلَا يَا صَاحِ أَنْتَ أُرِيدُ أَنْتَا
بَلَغْتَ فَلَا تَقُلْ إِنيِّ صَبيٌّ * وَفَكِّرْ كَمْ صَبيٍّ قَدْ دَفَنْتَا
{الْبَيْتُ الأَوَّلُ لي، وَالآخَرَانِ لِشَاعِرٍ آخَرَ بِتَصَرُّف}
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
تَطَيَّرُواْ بِأَبِيكَ وَطَائِرُهُمْ مَعَهُمْ
أَنَا وَابْني (شِعْرٌ تِرَاجِيدِي)
أَسَمِعْتَ مَا قَدْ قَالَ عَنيِّ بَعْضُهُمْ يَا بَاسِمُ
وَصَفُواْ أَبَاكَ بِأَنَّهُ في شِعْرِهِ مُتَشَائِمُ
وَرَمَوْهُ قَوْلاً كَالرَّصَاصِ الْقَلْبُ مِنهُ وَارِمُ
وَبِرَغْمِ صِدْقِ جِهَادِهِ في مِصْرَ صَارَ يُهَاجَمُ
وَيُمَارِسُونَ ضُغُوطَهُمْ وَمَضَى أَبُوكَ يُقَاوِمُ
وَتُدَاسُ قَبْلَ الْفَجْرِ حُرْمَةُ بَيْتِهِ وَيُدَاهَمُ
وَيُقَالُ عَنهُ مُغْرِضٌ وَمحَرِّضٌ وَيُحَاكَمُ
وَعَلَى محَبَّتِهِ لِمِصْرَ هُنَاكَ صَارَ يُسَاوَمُ
كَمْ قُلْتُ ظُلْمٌ يَنْقَضِي لَكِنَّهُ يَتَفَاقَمُ
هَذَا زَمَانٌ لَيْسَ لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ محَارِمُ
فَيُطَاعُ فيهِ المُرْتَشِي وَيُضَاعُ فِيهِ الْعَالِمُ
لَمْ يَنْجُ دَاعٍ مِنهُمُ أَوْ كَاتِبٌ أَوْ نَاظِمُ
قَدْ ضَجَّ مِنهُمْ في الْقَصَائِدِ حَافِظٌ وَالجَارِمُ
وَعَلَى يَدَيْهِمْ مَاتَ بِالسِّكِّينِ طَعْنَاً هَاشِمُ
أَلأَجْلِ هَذَا بِالتَّشَاؤُمِ قَدْ رَمَاني وَاهِمُ
أَفَكُلُّ مَنْ ذَمَّ المَفَاسِدَ قِيلَ عَنهُ نَاقِمُ
أَنىَّ أُغَنيِّ وَالهَزَائِمُ حَوْلَنَا تَتَرَاكَمُ
وَالْكَوْنُ فِيهِ عَقَارِبٌ أَمْثَالُكُمْ وَأَرَاقِمُ
فَلَذَاتُ الأَكْبَاد
أَنَا وَابْني (شِعْرٌ كُومِيدِي)
لَكَمْ في حَيَاتي رَأَيْتُ عِيَالَا * وَلَمْ أَرَ لَابْنيَ قَطُّ مِثَالَا
فَلَا أَعْرِفُ النَّوْمَ مِنْ لَعْبِهِ * وَلَا أَسْتَطِيعُ أَخُطُّ مَقَالَا
وَإِنْ قُلْتُ شَيْئَاً لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ * إِلى خَارِجِ الْبَيْتِ شَدَّ الرِّحَالَا
فَأَمْضِي لأُمْسِكَهُ دُونَ جَدْوَى * كَأَنيِّ أُرِيدُ أَصِيدُ غَزَالَا
وَإِنْ قُلْتُ عَفْوَاً حَبِيبي تَعَالى * تَعَالى عَلَيَّ وَلَمْ يُلْقِ بَالَا
وَيُعْرِضُ عَنيِّ وَيَغْضَبُ مِنيِّ * كَأَنيِّ أَطْلُبُ مِنهُ محَالَا
فَأُوعِدُهُ ثُمَّ لَمْ يَلْقَ مِنيِّ * سِوَى الْقُبُلَاتِ تَكُونُ نَكَالَا
نُقَدِّمُ تَعْلِيقَنَا مُقَدَّمَاً (انْتِخَابَاتُ الرِّئَاسَةُ في أَمْرِيكَا)
لَا يُعْجِبَنَّكَ رِيشٌ فِيكَ مَنْفُوشُ * فَسَوْفَ يُنْتَفُ هَذَا الرِّيشُ يَا بُوشُ
رَشَّحْتَ نَفْسَكَ لِلطُّغْيَانِ ثَالِثَةً * أَبْشِرْ فَأَنْتَ بِإِذْنِ اللهِ مَقْلُوشُ
لَمْ نَكُنْ نَسْتَحِقُّ مِنْكِ هَذَا يَا مِصْر
أَيْنَ مَنْ كَانُواْ كِرَامَا * أَيْنَ أَخْلَاقُ الْقُدَامَى
كَمْ رَأَيْنَا في بِلَادِ النِّيلِ آلَامَاً جِسَامَا
مِن عَذَابٍ وَصِعَابٍ * كَسَّرَتْ مِنَّا الْعِظَامَا
لَيْسَ يَلْقَى مُبْدِعُوهَا * مِن أُوْلي الأَمْرِ اهْتِمَامَا
كَمْ لَيَالٍ قَدْ سَهِرْنَا * لَمْ نَذُقْ فِيهَا مَنَامَا
لَا تَلُمْني في كَلَامِي * أَدْرَكَ الْبَدْرُ التَّمَامَا
إِنَّهَا يَا صَاحِ سَاءتْ * مُسْتَقَرَّاً وَمُقَامَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
تُهَانُ كَرَامَةُ الكُرَمَاءِ فِيهَا * وَتُكْرِمُ ذَا المجَانَةِ وَالسَّفِيهَا
وَقُلْتُ مُتَصَرِّفَاً:
وَلَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْ مِصْرَ أَوْ كُنْتُ مُسْلِمَا * لَمَا كَانَ كُلُّ غَدٍ أَمَامِيَ مُظْلِمَا
فَهُبيِّ رِيَاحَ المَوْتِ هَيَّا وَأَطْفِئي * سِرَاجَ حَيَاتي قَبْلَ أَنْ يَتَحَطَّمَا
{الْبَيْتُ الأَوَّلُ لي، وَالآخَرُ لِشَاعِرِ النِّيلِ حَافِظ إِبْرَاهِيم}
وَقُلْتُ أَيْضَاً مُعَرِّضَاً بِرَغْبَتي في السَّفَرِ إِلى بَلَدٍ تُقَدِّرُ أُدَبَاءهَا وَمُبْدِعِيهَا:
كَمْ قَدْ ظُلِمْتُ كَثِيرَاً فِيكِ يَا بَلَدِي * وَلَمْ أَجِدْ قَوْلَةَ الإِنْصَافِ مِن أَحَدِ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
فَتىً غَضَّ الإِهَابِ دَفَنْتُمُوهُ * بِآمَالٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدُ
زَمَانٌ ضَاعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ * فَلَا المَأْمُونُ فِيهِ وَلَا الرَّشِيدُ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
في مِصْرَ قَدْ كَسَّرُواْ جَنَاحِي * وَأَمْعَنَ الْكُلُّ في جِرَاحِي
وَحِينَ جِئْتُ 00000 طِرْتُ * لِفَرْطِ فَرْحِي بِلَا جَنَاحِ
وَمِمَّا قُلْتُهُ فِيمَنْ يَعِيشُونَ تحْتَ خَطِّ الْفَقْر؛ هَذَانِ الْبَيْتَانِ وَمَا بَعْدَهُمَا مِنَ الشِّعْر:
وَمَنْ يَكُ ذَا فَقْرٍ يَعِشْ طُولَ عُمْرِهِ * ذَلِيلاً وَلَنْ يَلْقَى مِنَ النَّاسِ رَاحِمَا
فَإِمَّا يُقِيمُ عَلَى المَذَلَّةِ رَاضِيَاً * وَإِمَّا يُقِيمُ عَلَى المَذَلَّةِ رَاغِمَا
خَيْطُ الْفَجْر؛ وَخَطُّ الْفَقْر
إِلَهِي هَدَّنَا الْفَقْرُ * وَطَالَ بِعَبْدِكَ الصَّبْرُ
وَلَمْ تَسْطَعْ لَهُ شَمْسٌ * وَلَمْ يَطْلُعْ لَهُ فَجْرُ
فَكَمْ في مِصْرَ مِن عِبَرٍ * يحَارُ لِفَهْمِهَا الْفِكْرُ
يُهَانُ المُبْدِعُونَ بِهَا * وَلَيْسَ لهُمْ بهَا سِعْرُ
فَلَمْ يَنْفَعْهُمُ أَدَبٌ * وَلَا نَثْرٌ وَلَا شِعْرُ
طَرِيقُهُمُ بِهَا وَعْرُ * كَبِئْرٍ مَا لَهُ قَعْرُ
وَأَفْظَعُ مَا يَرَوْنَ بِهَا * هُوَ الإِذْلَالُ وَالْقَهْرُ
وَإِنْ مَاتُواْ وَإِنْ قُتِلُواْ * فَلَيْسَ لَهُمْ بِهَا ذِكْرُ
أَهَذَا مِنْكِ مَا يَرْجُو * هُ أَهْلُ الْعِلْمِ يَا مِصْرُ
لِمَا يَشْكُو بَنُوكِ وَأَنْتِ أَرْضٌ كُلُّهَا خَيْرُ
لِمَا دَوْمَاً تَفِرُّ بِمِصْرَ مِن أَعْشَاشِهَا الطَّيْرُ
فَنَشْكُو أَوْلِيَاءَ أُمُو * رِ مِصْرَ لِمَنْ لَهُ الأَمْرُ
أَمَا إِنيِّ لِكَثْرَةِ مَا بِمِصْرَ طَغَى بِهَا الشَّرُّ
عَلَيْهَا صِرْتُ أَخْشَى أَن * يحِينَ كَغَيْرِهَا الدَّوْرُ
حَالُ الشَّاعِرِ وَالأَدِيبِ وَالمُؤَلِّف؛ عِنْدَمَا يُمْنى بِمُجْتَمَعٍ جَاهِلٍ مُتَخَلِّف
إِلَهِي تَعِبْتُ بِهَذِي الحَيَاةِ * وَقَدْ طَالَ صَبرِي وَطَالَ ثَبَاتي
كَأَنَّ المَصَائِبَ تَبْحَثُ عَنيِّ * وَتَرْشُقُني مِنْ جَمِيعِ الجِهَاتِ
زَمَانٌ بَغِيضٌ تَمَزَّقْتُ فِيهِ * وَقَبْلَ وَفَاتي سَمِعْتُ نُعَاتي
فَهَلْ سَوْفَ تَجْمَعُ يَا رَبِّ يَوْمَاً * عَلَيَّ أُمُورِيَ بَعْدَ الشَّتَاتِ
وَإِن أَغْرَقَ الأَرْضَ طُوفَانُ سُخْطٍ * فَهَلْ سَيُقَدَّرُ فِيهِ نجَاتي
فَقَدْ قُصِّفَتْ رِيشَتي دُونَ ذَنْبٍ * وَصُبَّ عَلَى الأَرْضِ حِبرُ دَوَاتي
بِلَادٌ بِهَا قَوْلُكَ الحَقَّ طَيْشٌ * وَطِيبَةُ قَلْبِكَ شَرُّ الصِّفَاتِ
لَقَدْ صِرْتُ مِنْ كَثْرَةِ الجَوْرِ فِيهَا * أَوَدُّ الرَّحِيلَ لِعُرْضِ الْفَلَاةِ
مَتى يَسْتَرِيحُ مَتى يَا إِلَهِي * عِبَادُكَ مِنْ ظُلْمِ هَذِي الْفِئَاتِ
لَقَدْ صِرْتُ أَخْشَى عَلَى النِّيلِ مِن أَن * يُلَاقِيَ نَفْسَ مَصِيرِ الْفُرَاتِ
فَقَدْ بَلَغَ السَّيْلُ فِيهِ الزُّبى * وَضَاقَ الجَمِيعُ بِظُلْمِ الطُّغَاةِ
أَلَا كَيْفَ تَفْنى حَضَارَةُ قَوْمٍ * وَهُمْ يَمْلِكُونَ عَرُوسَ اللُّغَاتِ
فَيَا رَبِّ غِثْنَا فَإِنَّا يَئِسْنَا * مِنَ الْغَوْثِ عِنْدَ أُوْلَاءِ الرُّعَاةِ
وَعَفْوَكَ يَا رَبِّ عَنيِّ لأَنيِّ * تَنَاوَلْتُ في الشِّعْرِ بَعْضَ شَكَاتي
الشُّعَرَاءُ في مِصْر
كَمْ شَاعِرٍ في مِصْرَ فَذٍّ لَيْسَ يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِه
فَتَرَاهُ لَيْلَ نَهَارَ يَشْكُو في الْقَصَائِدِ ظُلْمَ قَوْمِه
النَّاسُ بَعْدَ الْعِيدِ تُفْطِرُ وَهْوَ مُضْطَرٌّ لِصَوْمِه
إِلى اللهِ المُشْتَكَى
يَا رَبِّ إِنيِّ مُمْتَعِضْ * لَكِنَّني لَا أَعْتَرِضْ
وَلَدَيْكَ يَا رَبيِّ سَنَحْتَسِبُ المَثُوبَةَ وَالْعِوَضْ
كَمْ ذَا لَقِيتُ بِمِصْرَ مِن حُزْنٍ وَمِن أَمْرٍ مُمِضْ
كَمْ كُنْتُ أُرْفَسُ تَارَةً فِيهَا وَتَارَاتٍ أُعَضْ
كَمْ قَدْ مَرِضْتُ فَلَمْ أَجِدْ ثَمَنَ الدَّوَاءِ مِنَ المَرَضْ
كَمْ بِتُّ يَوْمَاً جَائِعَاً مَعَ قُدْرَتي أَن أَقْتَرِضْ
النِّيلُ يَا ابْنَ النِّيلِ فَاضَ بخَيْرِهِ لِمَ لَمْ تَفِضْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً في إِيثَارِ المَوْتِ عَلَى الحَيَاةِ في هَذَا الزَّمَنِ الْبَغِيض:
فَلَلْمَوْتُ خَيْرٌ مِن حَيَاةٍ ذَمِيمَةٍ * إِذَا الْقِرْدُ كَانَ جَلَالَةَ السُّلْطَانِ
{المِصْرَاعُ الثَّاني لي، أَمَّا الأَوَّلُ فَهُوَ لاِبْنِ مَيَّادَة}
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
يَا صَاحِبَ الأَمْرِ قَدْ ضَاقَتْ بِنَا الحَالُ * وَمَرَّرَتْ عَيْشَنَا في مِصْرَ أَنْذَالُ
وَلَنْ يَزُولَ هَوَانُ الْعِلْمِ في بَلَدٍ * فِيهِ أُوْلَئِكَ إِلَاّ إِن هُمُ زَالُواْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً مُبَرِّرَاً عَدَاوَتي مَعَ هَذَا الزَّمَان:
فَلقَدْ رَمَانِي الدَّهْرُ * بِثَالِثَةِ الآثَافِي
وَلَا يَدْرِي مَا في الخُفِّ * إِلَاّ اللهُ وَالإِسْكَافِي
وَقُلْتُ:
فَكَمْ قَدْ حُرِمْنَا وَكَمْ قَدْ ظُلِمْنَا * وَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنَ الحَادِثَاتِ
أَرُوحُ وَأَغْدُو وَلَكِن حَزِينَاً * وَبَعْضُ الحَيَاةِ كَمِثْلِ المَمَاتِ
فَكَمْ حُرِمْنَا وَكَمْ ظُلِمْنَا * وَكَمْ رَأَيْنَا مِنَ الحَوَادِثْ
فَأَتْعَسُ الخَلْقِ فَيْلَسُوفٌ * وَكَاتِبٌ مُصْلِحٌ وَبَاحِثْ
فَكَمْ قَدْ حُرِمْنَا وَكَمْ قَدْ ظُلِمْنَا * إِلى أَنْ نَسِينَا مَذَاقَ السَّعَادَة
وَقُلْتُ:
فَمَا لي ظُلِمْتُ وَمَا لي حُرِمْتُ * وَضُيِّعْتُ في زُمْرَةِ الضَّائِعِينَا
{الشَّطْرَةُ الأُولى لي، وَالأَخِيرَةُ لإِيلِيَّا أَبي مَاضِي}
وَمِمَّا قُلْتُهُ أَيْضَاً في الشَّكْوَى وَالأَنِين، مِن هَذَا الزَّمَنِ اللَّعِين:
وَليسَتْ دُمُوعِي مِثْلَ غَيْرِيَ مِنْ مَاءٍ * وَلَكِنْ مَزِيجٌ مِنْ دُمُوعٍ وَدِمَاءٍ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَقُلْتُ في الإِحْبَاطِ مِنَ الْفَشَلِ المُزْمِن:
وَمَا سَعْيِي بِلَا أَمَلٍ * سِوَى مَوْتٍ بِلَا أَجَلٍ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
نَظَرْتُ إِلى أَمْوَالي * فَيَئِسْتُ مِن آمَالي
فَطمُوحِيَ كَبِيرٌ * وَلَكنْ بَاعِي قَصِيرٌ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
الشِّعْرُ في زَمَنِ التَّحَدِّي
مَاذَا سَتَفْعَلُ أَيُّهَا العُصْفُورُ في زَمَنِ الصُّقُورْ
الشِّعْرُ وَلىَّ في زَمَانِكَ بَعْدَمَا انعَدَمَ الشُّعُورْ
وَالقَطَّةُ الشَّقْرَاءُ لَنْ تَقْوَى عَلَى حَرْبِ النُّمُورْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
لَقَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِيَ في الغِرَاسِ * وَمُتُّ لِشِقْوَتي يَوْمَ الحَصَادِ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
فَكُلَّ يَوْمٍ أَقُولُ * غَدَاً الضِّيقُ يَنْفَكُّ
وَدَوْمَاً غَدِي وَأَمْسِي * وَيَوْمِي كُلُّهَا ضَنْكُ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في الدُّوَلِ النَّامِيَةِ وَقَتْلِهَا لِكُلِّ مَعْنى الَانْتِمَاء:
فَتَاللهِ لَقَدْ كَانَا * بِأَيْدِيهِمْ أَنْ نَكُونَا
كَخَاتَمِ سُلَيْمَانَا * لَكِنَّهُمْ جَعَلُونَا
مِثْلَ عَصَا ابْنِ عِمْرَانَا * تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَا
شَاعِرٌ مِصْرِيّ
حَتىَّ مَتى بِدَمِي سَأَبْقَى في الْكِنَانَةِ نَازِفَا
بَلَدِي وَلَكِنيِّ أَسِيرُ بِهَا رُوَيْدَاً خَائِفَا
يَأْتِيكَ فِيهَا الشَّرُّ يُسْرِعُ طَائِرَاً أَوْ زَاحِفَا
كَمْ سِرْتُ فِيهَا مُتْعَبَاً لَمْ أَلْقَ ظِلاًّ وَارِفَا
لَكِنْ لَقِيتُ بِهَا مَصَاعِبَ جَمَّةً وَعَوَاصِفَا
وَلِذَا تَرَاني بِالرَّبَابَاتِ الحَزِينَةِ عَازِفَا
لَمْ أَلْقَ إِلَاّ في الْقَلِيلِ محَبَّةً وَتَعَاطُفَا
مِنهُمْ رِفَاقٌ طَابَ مخْبَرُهُمْ وَمَعْدِنُهُمْ صَفَا
وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُواْ طَبْعَاً لَهُمْ غَيْرَ الْوَفَا
يَا لَيْتَ كُلَّ الْكَوْنِ كَانَ كَمِثْلِهِمْ مُتَآلِفَا
عِنْدَمَا تَبْكِي الشُّمُوع، وَتَسِيلُ مِنهَا الدُّمُوع
حَتىَّ مَتى رَبيِّ تَسِيلُ مَدَامِعِي * وَأَنَا أَرَى تَهْمِيشَهُمْ لِبَدَائِعِي
فَلَقَدْ لَقِيتُ بِمِصْرَ ظُلْمَاً بَيِّنَاً * وَإِلَيْكَ يَا رَبيِّ شَكَوْتُ مَوَاجِعِي
وَلَرُبَّمَا لَاقَى فَظَائِعَ بَعْضُهُمْ * لَكِنَّهَا لَيْسَتْ كَمِثْلِ فَظَائِعِي
فَامْنُن عَلَى نَهْرِي بِغَيْثٍ هَاطِلٍ * أُسْقَى بِهِ كَيْ لَا تَجِفَّ مَنَابِعِي
لَوْ كُنْتُ مِنْ بَلَدِي لَقِيتُ رِعَايَةً * لَحَظِيتُ مِنْ زَمَنٍ بِصِيتٍ ذَائِعِ
لَاقَيْتُ مَا يَكْفِي لِقَتْلِ قَبِيلَةٍ * لَوْ لَمْ أُقَابِلْهُ بِصَدْرٍ وَاسِعِ
فَمَتى سَيُنْشَرُ لي فَقَدْ تَعِبَتْ مِنَ الْـ * إِمْسَاكِ بِالأَقْلَامِ رَبِّ أَصَابِعِي
وَتَمَقَّقَتْ عَيْني لِطُولِ قِرَاءتي * وَتَصَفُّحِي لِدَفَاتِرِي وَمَرَاجِعِي
فَالنَّشْرُ سُوقٌ فِيهِ سُوءٌ وَاضِحٌ * وَلِذَا بِهِ كَسَدَتْ جَمِيعُ بَضَائِعِي
نَقِمُواْ عَلَيَّ لأَنَّ شِعْرِي صَادِقٌ * وَلأَنَّهُ شِعْرٌ جَرِيءٌ وَاقِعِي
كَثُرَ الْفَسَادُ بِبَرِّنَا وَبِبَحْرِنَا * وَلِذَا اتَّجَهْتُ لَهُ بِنَقْدِي اللَاّذِعِ
إِنْ كَانَ قُدِّرَ أَن أَمُوتَ مُهَمَّشَاً * في مِصْرَ كَلَاّ لَنْ تَمُوتَ رَوَائِعِي
إِنيِّ قَدِ اسْتَوْدَعْتُ عِنْدَكَ تِرْكَتي * وَلَدَيْكَ رَبيِّ لَنْ تَضِيعَ وَدَائِعِي
الصَّلَاةَ الصَّلَاة؛ يَا مَنْ ضَيَّعْتَ الصَّلَاة
لَقَدْ بُحَّ وَاللهِ صَوْتُ الدُّعَاةِ * لإِيقَاظِ مَنْ فَرَّطُواْ في الصَّلَاةِ
وَمُنْذُ تَرَكْنَا الصَّلَاةَ فَقَدْنَا * مَهَابَتَنَا في عُيُونِ الْعُدَاةِ
وَأَوْشَكَ تَحْقِيقُ حُلْمِ الْيَهُودِ * مِنَ النِّيلِ حَتىَّ حُدُودِ الْفُرَاتِ
وَصِرْنَا نُعَاني لجَوْرِ الزَّمَانِ * وَمِنْ قَسْوَةٍ في قُلُوبِ الطُّغَاةِ
وَمَا ذَاكَ إِلَاّ بِذَنْبِ الْعُصَاةِ * وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَمَنعِ الزَّكَاةِ
وَكَيْفَ سَنَهْنَأُ يَوْمَاً وَفِينَا * مَنَازِلُ تُبْنى لأَجْلِ الزُّنَاةِ
مَفَاسِدُ لَوْ أَنَّنَا قَدْ أَرَدْنَا * لَهَا الحَصْرَ نَحْتَاجُ أَلْفَ دَوَاةِ
مَعَ اللهِ شَأْنَكُمُ أَصْلِحُوهُ * سَيُصْلِحُ مَا بَيْنَكُمْ وَالرُّعَاةِ
وَمُدُّواْ لِكُلِّ ضَّعِيفٍ أَتَاكُمْ * يَدَاً وَاضْرَبُواْ فَوْقَ أَيْدِي الجُنَاةِ
فَعُودُواْ إِلى اللهِ يَا مُسْلِمُونَ * يَعُودُ إِلَيْكُمْ سُرُورُ الحَيَاةِ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
أَهْلاً بِكَ يَا شَهْرَ الصِّيَام
أَطَلَّ عَلَى الْكَوْنِ شَهْرُ الصِّيَامْ * كَمَا عَوَّدَ النَّاسَ في كُلِّ عَامْ
فَأَوْقَدَ رَبيِّ مَصَابِيحَهُ * فَأَوْمَتْ إِلَيْنَا السَّمَا بِابْتِسَامْ
هِلَالُكَ فِينَا أَهَمُّ هِلَالٍ * وَأَنْتَ بِصَدْرِ الشُّهُورِ وِسَامْ
يُتَابِعُ رُؤْيَتَهُ المُسْلِمُونَا * بِكُلِّ اشْتِيَاقٍ وَكُلِّ اهْتِمَامْ
يُحَيِّرُنَا رَصْدُهُ كُلَّ عَامٍ * كَحَسْنَاءَ وَانْتَقَبَتْ بِالْغَمَامْ
وَيَخْتَصِمُ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ * مَعَ الْفَلَكِيِّينَ أَحْلَى اخْتِصَامْ
فَإِنَّ الشُّهُورَ كَمِثْلِ النُّجُومِ * فَشَهْرُ الصِّيَامِ كَبَدْرِ التَّمَامْ
وَتَزْدَادُ فِيهِ المَسَاجِدُ حُسْنَاً * وَتَمْتَدُّ بِالخَيْرِأَيْدِي الْكِرَامْ
وَتَسْهَرُ فِيهِ الْقُرَى وَالْبَوَادِي * وَتَخْلَعُ في اللَّيْلِ ثَوْبَ الظَّلَامْ
وَيَلْتَمِسُ النَّاسُ مِن خَيْرِهِ * لِذَلِكَ يَزْدَادُ فِيهِ الزِّحَامْ
وَيَشْبَعُ فِيهِ الْيَتَامَى الَّذِينَ * يَبِيتُونَ لَا يَجِدُونَ الإِدَامْ
وَيَنْسَى الْعِبَادُ بِهِ كُلَّ بُغْضٍ * وَيَلْتَحِمُونَ أَشَدَّ الْتِحَامْ
فَلِلْمُذْنِبِينَ بِهِ فُرْصَةٌ * لِتَرْكِ المَعَاصِي وَهَجْرِ الحَرَامْ
يُرَبِّيِ النُفُوسَ عَلَى الصَّالِحَاتِ * فَإِنَّ الصِّيَامَ لَهَا كَاللِّجَامْ
وَفي ضَبْطِ وَقْتِ الطَّعَامِ يُرَبِيِّ * عَلَى دِقَّةِ الْوَقْتِ وَالإِلْتِزَامْ
وَيَنْتَظِرُ الْكُلُّ بَعْدَ الْعِشَاءِ * صَلَاةَ الْقِيَامِ وَرَاءَ الإِمَامْ
وَمَهْمَا تَكَلَّمْتُ عَنْ فَضْلِهِ * فَلَنْ يُوفِيَ الحَقَّ فِيهِ الْكَلَامْ
فَمُذْ كَانَ شَهْرُ الصِّيَامِ عَظِيمَاً * لِذَا فِيهِ تَجْرِي الأُمُورُ الْعِظَامْ
لَقَدْ كَانَ شَهْرَ انْتِصَارٍ لَنَا * لِمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ شَهْرَ انهِزَامْ؟
*********
أَرِيحُواْ الْبُطُونَ قَلِيلاً بِهِ * وَلَا تُطْلِقُواْ لِلأَيَادِي الزِّمَامْ
شَرَاهَتُنَا فِيهِ لِلأَكْلِ شَيْءٌ * يَفُوقُ التَّشَفِّيَ وَالإِنْتِقَامْ
فَفِي الأَكْلِ إِسْرَافُنَا قَدْ أَحَا * لَ شَهْرَ الصِّيَامِ لِشَهْرِالْتِهَامْ
فَلَا هَمَ لِلنَّاسِ يُذْكَرُ فِيهِ * سِوَى طَبْخِ كُلِّ صُنُوفِ الطَعَامْ
أَنَا لَمْ أَقُلْ فِيهِ لَا يَأْكُلُواْ * وَلَكِن أَقُولُ كُلُواْ بِانْتِظَامْ
لِمَا بَعْدَهُ يَهْجُرُ الدِّينَ قَوْمٌ * كَأَنَّ اعْتَرَى طَبْعَهُمْ الاِنْفِصَامْ
كَمَا يَفْعَلُ الطِّفْلُ مِنَّا رَضِيعَاً * فَأَبْغَضُ شَيْءٍ إِلَيْهِ الْفِطَامْ
لِذَلِكَ نُوصَفُ في كُلِّ وَادٍ * بِأَنَّا شُعُوبٌ كُسَالى نِيَامْ
إِذَا نَحْنُ لَمْ نَحْتَرِمْ دِينَنَا * فَكَيْفَ سَنَحْظَى إِذَنْ بِاحْتِرَامْ
أَخْلَاقُنَا في رَمَضَان
رَمَضَانُ شَهْرٌ بَاسِمُ * وَتَفُوحُ فِيهِ نَسَائِمُ
تَتَبَسَّمُ الدُّنيَا لَهُ * وَبِهِ يُسَرُّ الْعَالَمُ
تَرْكُ الْمَظَالِمِ وَالْفَوَا * حِشِ فِيهِ شَيْءٌ لَازِمُ
فَمَعَ الصِّيَامِ الْفُحْشُ في الأَخْلَاقِ لَا يَتَلَاءمُ
وَالمُؤْمِنُ الحَقُّ الَّذِي * في صَوْمِهِ يَتَرَاحَمُ
مَا بَالُنَا مِنْ دُونِ خَلْقِ اللهِ لَا نَتَفَاهَمُ
وَتَزِيدُ في رَمَضَانَ مِنَّا ثَوْرَةٌ وَشَتَائِمُ
مَنْ قَالَ أَنَّا صَائِمُو * نَ فَذَاكَ شَخْصٌ وَاهِمُ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
ــ
رِسَالَةٌ إِلَى المُفْطِرِينَ في رَمَضَان
رَمَضَانُ أَقْبَلَ وَالجَمِيعُ اسْتَبْشَرُواْ * إِلَاّ الَّذِي مِن غَيْرِ عُذْرٍ يُفْطَرُ
النَّاسُ فِيهِ عَلَى المَسَاجِدِ أَقْبَلُواْ * وَهُوَ الْوَحِيدُ عَنِ المَسَاجِدِ مُدْبِرُ
فَتَرَاهُ في رَمَضَانَ يُفْطِرُ عَامِدَاً * وَكَأَنَّهُ بِالْفِطْرِ فِيهِ يُؤْجَرُ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّهُ يَشْكُو إِذَا * ذُكِرَتْ مَشَقَّاتُ الصِّيَامِ وَيُكْثِرُ
يُبْدِي الظَّمَا لِلنَّاظِرِينَ وَإِن خَلَا * في بَيْتِهِ الْتَقَفَ المِيَاهَ يُجَرْجِرُ
وَيَزُجُّ بَيْنَ الصَّائِمِينَ بِنَفْسِهِ * عَنْ مَوْعِدِ الإِفْطَارِ لَا يَتَأَخَّرُ
مَهْمَا نَظَرْتَ مُوَبِّخَاً لِصَنِيعِهِ * لَا يَسْتَحِي وَكَأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ
يَدْرِي كَرَاهِيَةَ الْعُيُونِ لِفِعْلِهِ * وَبِأَنَّ كُلَّ النَّاسِ مِنهُ يَسْخَرُ
وَإِذَا انْتَهَى رَمَضَانُ هَنَّأَ نَفْسَهُ * بِصِيَامِ شَهْرٍ لَمْ يَصُمْهُ وَيَفْخَرُ
لَمْ يَسْتَطِعْ شَهْرَاً يُهَذِّبُ نَفْسَهُ * الْفُجْرُ مِن أَكْمَامِهِ يَتَفَجَّرُ
مَنْ لَيْسَ يَصْبِرُ أَنْ يُغَالِبَ جُوعَهُ * فَعَلَى عَذَابِ اللهِ كَيْفَ سَيَصْبِرُ
يَكْفِي بِأَنَّ الصَّائِمِينَ إِذَا دَنَا * إِفْطَارُهُمْ فَرِحُواْ بِهِ وَاسْتَبْشَرُواْ
وَالمُفْطِرُونَ إِذَا رَأَيْتَ وُجُوهَهُمْ * لَعَلِمْتَ كَيْفَ قُلُوبُهُمْ تَتَحَسَّرُ
فَوُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ مِن خِزْيِهَا * لَكِنَّ وَجْهَ الصَّائِمِينَ مُنَوِّرُ
إِنْ كَانَ أَغْلَبُنَا أَضَاعَ صَلَاتَهُ * وَصِيَامَهُ بِاللهِ كَيْفَ سَنُنْصَرُ
الجَوُّ في رَمَضَانَ حُلْوٌ بَاسِمٌ * لَكِنَّهُ بِالمُفْطِرِينَ يُكَدَّرُ
شَهْرٌ يَجُودُ بِهِ الْكِرَامُ بِمَالِهِمْ * لِيُصِيببَ مِنهُ المُعْدِمُونَ وَيَشْكُرُواْ
مَا كَانَ أَحْرَى هَؤُلَاءِ إِذَا أَتَى * رَمَضَانُ لَوْ فِيهِ اتَّقَواْ وَتَطَهَّرُواْ
أَرْجُو مِمَّنْ يَقْرَأُ الْقَصِيدَةَ أَنْ يَنْشُرَهَا قَدْرَ الإِمْكَان، بَينَ أَهْلِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَان؛ عَسَى أَنْ يُذَكِّرُواْ بِهَا مَنِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَان؛ فَأَضْمَرُواْ أَنْ يُفْطِرُواْ في رَمَضَان؛ وَالدَّالُّ عَلَى الخَيرِ كَفَاعِلِه "، " وَمَنْ دَعَا إِلى هُدَىً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ مَن عَمِلَ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة "، وَ " مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ وَلَا يُعَلِّمُه؛ كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنِزُ الْكَنْزَ وَلَا يُنْفِقُ مِنهُ " (الْعِبَارَاتُ الثَّلَاثَةُ: أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ عَنِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم 0
بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
مَتى نَصْرُ الله؟
حَتىَّ مَتى يَا رَبَّنَا نَتَأَلَّمُ * وَنَظَلُّ بِالنَّصْرِ المُؤَزَّرِ نَحْلُمُ
أَفَنَصْرُنَا أَمْسَى لِبُعْدِ مَنَالِهِ * عَنَّا كَمَا ابْتَعَدَتْ عَلَيْنَا الأَنْجُمُ
ظُلْمٌ وَتخْوِيفٌ وَفَقْرٌ مُدْقِعٌ * وَالهَمُّ جَمٌّ في الصُّدُورِ وَنَكْتُمُ
لَمْ يَلْقَ ظُلْمَاً في الْوَرَى أَحَدٌ كَمَا * لَقِيَ المَظَالِمَ وَالهَوَانَ المُسْلِمُ
كَلَاّ وَلَا سَالَتْ دِمَاءٌ مِثْلَمَا * في أُمَّةِ الإِسْلَامِ سَالَ بِهَا الدَّمُ
وَكَأَنَّمَا الأَحْزَانُ قَدْ خُلِقَتْ لَنَا * أَوْ أَنَّ ذُلَّ المُسْلِمِينَ محَتَّمُ
وَكَأَنَّمَا الأَيَّامُ حُبْلَى أَوْشَكَتْ * في بَطْنِهَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ تَوْأَمُ
بِمَصَائِبِ النَّشَرَاتِ يَبْدَأُ يَوْمُنَا * وَبِمَا نَرَاهُ في الْكِنَانَةِ يُخْتَمُ
هَذَا يَمُوتُ وَلَمْ يجِدْ ثَمَنَ الدَّوَا * ءِ وَذَاكَ مَاتَ بِهِ وَذَلِكَ يُظْلَمُ
وَيَظَلُّ يَجْرِي في المحَاكِمِ عُمْرَهُ * وَلَقَدْ يَمُوتُ بِسَاحِهَا أَوْ يَهْرَمُ
كَمْ في سُجُونِ المُسْلِمِينَ فَظَائِعَاً * نَكْرَاءَ لَمْ يَنْطِقْ بِقَسْوَتِهَا فَمُ
وَتَوَدُّ جُدْرَانُ السُّجُونِ لِمَا بِهَا * مِنْ شِدَّةِ التَّعْذِيبِ لَوْ تَتَكَلَّمُ
كَمْ عَالِمٍ شَيْخٍ جَلِيلٍ لَمْ يُصِبْ * جُرْمَاً يُكَالُ لَهُ السِّبَابُ وَيُلْطَمُ
وَيَجُرُّهُ في السِّجْنِ بَلْ وَيُذِيقُهُ * كَأْسَ المَذَلَّةِ تَامِرٌ أَوْ هَيْثَمُ
وَفَظَائِعٌ أُخْرَى يَكَادُ لخُبْثِهَا * عَنْ ذِكْرِهَا يَنأَى اللِّسَانُ وَيُحْجِمُ
اللِّصُّ فِيهِمْ سَيِّدٌ وَمُكَرَّمٌ * وَمحَاوِلُ الإِصْلَاحِ شَخْصٌ مجْرِمُ
كَمْ مِن أَدِيبٍ قُصِّفَتْ أَقْلَامُهُ * في بَيْتِهِ ثَاوٍ وَفَاهُ مُلْجَمُ
لَوْ أَنَّهُمْ نَزَعُواْ الْكِمَامَةَ مَرَّةً * عَنهُ لأَصْغَى الْعَالَمُ المُتَقَدِّمُ
وَلِيَضْمَنُواْ حَتىَّ النِّهَايَةِ صَمْتَهُ * تُلْقَى لَهُ تُهَمٌ وَإِذْ بِهِ يُعْدَمُ
أَوْ في السُّجُونِ يَظَلُّ فِيهَا عُمْرَهُ * الْعَظْمُ يُسْحَقُ وَالأَصَابِعُ تُفْرَمُ
وَيُقَالُ في التَّبْرِيرِ إِنَّ بِدُونِ ذَا * كَ سَلَامَةُ الأَوْطَانِ لَيْسَتْ تَسْلَمُ
كَيْ يُقْنِعُوكَ وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّهُ * كَذِبٌ بِأَلْوَانِ الخَدِيعَةِ مُفْعَمُ
مَا أَن يُغَادِرَنَا لَئِيمٌ غَادِرٌ * حَتىَّ يَجِيءَ لَنَا الَّذِي هُوَ أَلأَمُ
وَالشَّعْبُ يَظْلِمُ بَعْضُهُ بَعْضَاً كَمَا * في الْغَابِ تَنْقَضُّ الْوُحُوشُ وَتَلْقَمُ
لَمْ يَبْقَ بَينَ النَّاسِ إِلَاّ ثَعْلَبٌ * أَوْ عَقْرَبٌ أَوْ حَيَّةٌ أَوْ أَرْقَمُ
الحَقُّ فِيهِمْ ضَائِعٌ وَالْعَدْلُ مَفْـ * قُودٌ لَدَيْهِمْ وَالأَمَانَةُ مَغْنَمُ
أَخْلَاقُهُمْ سَاءتْ وَسَاءَ سُلُوكُهُمْ * وَالشَّرُّ فِيهِمْ كُلَّ يَوْمٍ يَعْظُمُ
عَبَسَ الضَّرِيرُ إِلَيْهِمُ مِنْ قُبْحِهِمْ * وَبِفُحْشِهِمْ نَطَقَ اللِّسَانُ الأَبْكَمُ
يَا رَبِّ إِنَّ قُلُوبَنَا مِمَّا بِهَا * مِنْ كَثْرَةِ الأَحْزَانِ كَادَتْ تَسْأَمُ
إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ ذَا بِذُنُوبِنَا * وَبِأَنَّ عَيْنَ الْعَدْلِ فِيمَا تَحْكُمُ
لَكِنَّنَا يَا رَبِّ رَغْمَ ذُنُوبِنَا * سُرْعَانَ مَا كُنَّا نَتُوبُ وَنَنْدَمُ
لَا زَالَ يَغْمُرُنَا يَقِينٌ قَاطِعٌ * يَا رَبِّ أَنَّكَ في النِّهَايَةِ تَرْحَمُ
فَأَنِرْ طَرِيقَ المُسْلِمِينَ وَقَوِّهِمْ * فَطَرِيقُهُمْ وَعْرٌ طَوِيلٌ مُعْتِمُ
تَعَبٌ كُلُّهَا الحَيَاة
حَتىَّ مَتى يَا رَبَّنَا نَتَوَجَّعُ * أَكْبَادُنَا مِن حُزْنِهَا تَتَقَطَّعُ
مَا أَنْ نَفِيقَ مِنَ الهُمُومِ إِفَاقَةً * حَتىَّ نَرَى هَمَّاً جَدِيدَاً يُسْرِعُ
حَتىَّ مَتى سَنَظَلُّ نَزْرَعُ في الْوَرَى * خَيْرَاً وَنحْنُ نَرَى سِوَانَا يَقْلَعُ
رُحْمَاكَ بي وَبِأُسْرَتي وَأَحِبَّتي * إِنَّا إِلَيْكَ جَمِيعَنَا نَتَضَرَّعُ
فَقَدِ ابْتُلِينَا هَاهُنَا بحُسَالَةٍ * عَنْ ظُلْمِ كُلِّ الخَلْقِ لَا تَتَوَرَّعُ
فَمَتى ظَلَامُكِ يَا مَظَالِمُ يَنْقَضِي * وَمَتى بَشِيرُكِ يَا بَشَائِرُ يَسْطَعُ
أَفَكُلَّمَا هَمٍّ فَظِيعٌ مَرَّ بي * يَنْتَابُني هَمٌّ جَدِيدٌ أَفْظَعُ
فَزَمَانُنَا هُوَ فَتْرَةُ الْغُرَبَاءِ مَا * فِيهِ قَرِيبٌ أَوْ غَرِيبٌ يَنْفَعُ
وَالدِّينُ بَينَ النَّاسِ صَارَ كَأَنَّهُ * ثَوْبٌ وَمِنْ كُلِّ الرِّقَاعِ مُرَقَّعُ
هَجَرُواْ كِتَابَ اللهِ كَيْ يَتَقَدَّمُواْ * وَحَيَاتُهُمْ مِن غَيرِهِ مُسْتَنْقَعُ
فَبَنَاتُهُمْ خَلَعَتْ رِدَاءَ حَيَائِهَا * وَمَعَ الشَّبَابِ عَلَى المَلَا تَتَسَكَّعُ
وَرِجَالُهُمْ قَدْ أَهْمَلُواْ أَبْنَاءهُمْ * وَنِسَاؤُهُمْ لأَقَلِّ شَيْءٍ تخْلَعُ
وَفَقِيرُهُمْ يَرْنُواْ لِمَالِ غَنِيِّهِمْ * وَغَنِيُّهُمْ مَهْمَا اغْتَنى لَا يَشْبَعُ
وَيُهَانُ بَيْنَهُمُ الضَّعِيفُ وَيُشْتَرَى * وَيُبَاعُ في أَسْوَاقِهِمْ وَيُرَوَّعُ
كَمْ مِنْ قَصَائِدَ قُلْتُهَا في نُصْحِهِمْ * لَوْ فِيهِمُ مَنْ لِلنَّصَائِحِ يَسْمَعُ
في الْبَحْرِ أَلْقَوْهَا فَحَلَّتْ قَاعَهُ * وَالدُّرُّ في قَاعِ الْبِحَارِ مُضَيَّعُ
فَعَلَى هُمُومِ المُسْلِمِينَ وَهَمِّنَا * في الحَالَتَينِ تَسِيلُ مِنَّا الأَدْمُعُ
يَا رَبِّ أَدْرِكْنَا بِنَصْرٍ عَاجِلٍ * كُلُّ الْقُلُوبِ إِلى السَّمَا تَتَطَلَّعُ
مَتى يُنْصَفُ الضَّعِيف؛ في عَهْدِكَ يَا دُكْتُور نَظِيف؟!
إِلى كَمْ بِمِصْرَ أَنَا أُظْلَمُ * إِلى كَمْ حُقُوقِي بِهَا تُهْضَمُ
إِلى كَمْ أُهَانُ وَأَكْظِمُ غَيْظِي * كَأَنيَ أَخْرَسُ أَوْ أَبْكَمُ
تَزِيدُ هُمُومِي وَلَا تَنْقُصُ * وَيَقْسُو زَمَاني وَلَا يَرْحَمُ
إِلى كَمْ يُعَذَّبُ فِينَا التَّقِيُّ * وَيَطْغَى اللَّئِيمُ وَيَسْتَحْكِمُ
فَحَقُّ المُوَاطِنِ أَمْسَى مُبَاحَاً * لِمَنْ لَا يَفِيقُ وَلَا يَنْدَمُ
وَقَوْلُ الحَقِيقَةِ أَصْبَحَ مُرَّاً * وَمَنْ قَالهَا رُبَّمَا يُعْدَمُ
فَخُضْنَا السِّيَاسَةَ نُؤْذَى وَإِنْ * تَرَكْنَا السِّيَاسَةَ لَا نَسْلَمُ
أَمِثْلِيَ إِصْبَعُهُ يُكْسَرُ * وَمِثْلِي عَلَى وَجْهِهِ يُلْطَمُ
وَمَاذَا جَنَيْنَا لِيُجْنى عَلَيْنَا * وَنُضْرَبَ حَتىَّ يَسِيلَ الدَّمُ
وَفي أَيْنَ في بَلَدٍ مُسْلِمٍ * وَشَعْبٍ يَقُولُ أَنَا مُسْلِمُ
فَيَا رَبِّ رُحْمَاكَ إِنَّا ضِعَافٌ * وَأَنْتَ بِأَحْوَالِنَا أَعْلَمُ
وَخَلِّصْ عِبَادَكَ مِنْ ظُلْمِ بَعْضٍ * فَبَعْضُ عِبَادِكَ لَا يَرْحَمُ
كَمِثْلِ الثَّعَابِينِ في عَضِّهَا * وَمِثْلِ التَّمَاسِيحِ إِذْ تَلْقَمُ
إِلى مَنْ سَنَلْجَأُ يَا رَبِّ إِلَاّ * إِلَيْكَ فَخُذْ حَقَّنَا مِنهُمُ
هَلْ يَفْرَحُ بِالعِيد؛ إِنْسَانٌ غَيرُ سَعِيد؟!
كَمْ شَاعِرٍ في مِصْرَ فَذٍّ لَيْسَ يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِه
فَتَرَاهُ لَيْلَ نَهَارَ يَشْكُو في الْقَصَائِدِ ظُلْمَ قَوْمِه
النَّاسُ بَعْدَ الْعِيدِ تُفْطِرُ وَهْوَ مُضْطَرٌّ لِصَوْمِه
رِسَالَةٌ إِلى أُمِّي
وَكَتَبْتُ في الْغُرْبَةِ بُنَاءً عَلَى طَلَبِ أَحَدِ الأُخْوَةِ المُغْتَرِبِين:
إِنيِّ أُسَافِرُ كَيْ أُحَقِّقَ رَغْبَتي * فَتَحَمَّلي يَا أُمُّ وَحْشَةَ غَيْبَتي
أُمَّاهُ لَا تَبْكِي عَلَيَّ وَتحْزَني * فَيَزِيدَ هَمِّي بِالْبُكَاءِ وَكُرْبَتي
وَإِذَا كَذَبْتُ عَلَيْكِ يَا أُمِّي لِكَيْ * مَا تَطْمَئِنيِّ فَاغْفِرِي لي كِذْبَتي
لَقَدِ اسْتَقَرَّتْ حَالُنَا مِنْ بَعْدِ مَا * عِشْنَا هُنَا كُلَّ الظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ
وَغَدَاً أَعُودُ وَتَفْرَحِينَ بِعَوْدَتي * وَنَظَلُّ نحْكِي مَا جَرَى في غُرْبَتي
حَالُ المُسْلِمِين؛ الَّذِي يَنْدَى لَهُ الجَبِين
عَيْني أَطَلَّتْ لحَالِ المُسْلِمِينَ بَكَتْ * كَمْ بَينَ أُمَّتِنَا وَالنَّصْرِ مِن حِقَبِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ ليَ في ذَا النَّصْرِ مِنْ شَرَفٍ * فَاجْعَلْهُ يَا رَبِّ في نَسْلِي وَفي عَقِبي
إِنيِّ رَجَوْتُكَ يَا رَبيِّ عَلَى ثِقَةٍ * بِأَنَّ مَنْ يَرْتجِي الرَّحْمَنَ لَمْ يَخِبِ
يَا رَبِّ هَيِّئْ لَنَا مِن أَمْرِنَا رَشَدَاً * فَكَمْ تَعِبْنَا وَلَمْ نَرْبَحْ سِوَى التَّعَبِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني 0 بِاسْتِثْنَاءِ المِصْرَاعِ الثَّاني مِنَ الْبَيْتِ الأَخِير}
وَمِمَّا قُلْتُهُ في حَالِ المُسْلِمِينَ أَيْضَاً:
إِلى السَّمَاءِ دُعَاهُ كَيْفَ يَرْتَفِعُ * وَكَيْفَ بِالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَنْتَفِعُ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ لي، أَمَّا الثَّاني: فَهُوَ لِلْنُّمَرِيّ}
حَالُ الأُدَبَاءِ وَالشُّعَرَاءِ الْفُقَرَاءِ في مِصْر
الظُّلْمُ في مِصْرَ عَلَّمَنَا المَهَابَةَ مِنْ * كُلِّ الأُمُورِ وَكُنَّا قَبْلُ لَمْ نَهَبِ
لِتَعْذُرُونيَ في الآهَاتِ إِنْ صَدَرَتْ * في الشِّعْرِ أَوْ في مَقَالَاتي وَفي كُتُبي
النَّاسُ مُنْذُ زَمَان، وَالنَّاسُ الآن
كَانَ الْوَرَى ثَمَرَاً لَا شَوْكَ بَيْنَهُمُ * فَأَصْبَحُواْ الْيَوْمَ شَوْكَاً مَا بِهِ ثَمَرُ
وَكَتَبْتُ أَيْضَاً مُضَمِّنَاً بَعْضَ أَبْيَاتي السَّابِقَةِ في الإِعْلَام:
كَانَتْ طِبَاعُ الْوَرَى أَحْلَى مِنَ الرُّطَبِ * فَأَصْبَحُواْ الْيَوْمَ أَشْرَارَاً ذَوِي شَغَبِ
فَكَمْ حُقُوقٍ لَنَا ضَاعَتْ بِلَا عِوَضٍ * وَكَمْ ظُلِمْنَا بِلَا ذَنْبٍ وَلَا سَبَبِ
مَنْ لِلأَدِيبِ سِوَاكَ يَصُونُ هَيْبَتَهُ * في ظِلِّ جِيلٍ بِلَا دِينٍ وَلَا أَدَبِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
قَضَيْتُ العُمْرَ في طَلَبِ الوِئَامِ * وَأَنىَّ لي بِهِ بَيْنَ اللِّئَامِ
وَمِمَّا قُلْتُهُ أَيْضَاً في سُوءِ طِبَاعِ النَّاس:
الأَرْضُ مِمَّا تَرَى * وَدَّتْ أَنْ تُطَهَّرَا * بِطُوفَانِ آخَرَا
{وَأَظُنُّهَا في الأَصْلِ فِكْرَةً لِلْمَعَرِّيِّ قُمْتُ بِنَظْمِهَا}
وَقُلْتُ في الطَّيِّبِينَ المُسْتَضْعَفِين:
كَمْ ذَا رَأَيْتُ بِأَرْضِ مِصْرَ مِنَ الضِّعَافِ الطَّيِّبِين
لَكِن إِذَا عَاشَ الضَّعِيفُ مَعَ الجَبَابِرِ لَا يُبِين
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
بِالأَمْسِ عَيْني اسْتَعْبَرَتْ * ثُمَّ الدُّمُوعُ تحَدَّرَتْ
أَسَفَاً عَلَى قَوْمٍ قُلُوبُهُمُ قَسَتْ وَتحَجَّرَتْ
أَخْلَاقُهُمْ سَاءتْ بِشَكْلٍ مُلْفِتٍ وَتَدَهْوَرَتْ
وَكَأَنَّ أَرْضَ النِّيلِ مِن أَهْلِ المُرُوءةِ أَقْفَرَتْ
حَتىَّ نُفُوسُ الطَّيِّبِينَ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
بحْرُ الْكِنَانَةِ كَانَ دَوْمَاً هَادِئَاً * وَالْيَوْمَ أَصْبَحَ مَوْجُهُ مُتَلَاطِمَا
مَاذَا أَصَابَ الشَّعْبَ في أَخْلَاقِهِ * قَدْ كَانَ شَعْبَاً طَيِّبَاً وَمُسَالِمَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
لهُمْ صُورَةُ الإِنْسِ * وَلَكِنَّهُمْ جِنَّة
فَبَاطِنُهُمْ نَارٌ * وَظَاهِرُهُمْ جَنَّة
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
فَمَا أَرَى غَيرَ قُطْعَان تُسَاقُ عَلى * كُرْهٍ وَلوْلَا سِيَاطُ رُعَاتِهِمْ فَجَرُواْ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في الطِّيبَةِ قَوْلي:
سَلَامَةُ قَلْبي أَوْرَدَتْني المَوَارِدَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
مَن عَاشَ بَينَ الْكِلَابْ * لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَابْ
وَمَنْ لَا ظُفْرَ لَهُ * تَظْفَرُ بِهِ الذِّئَابْ
{الْبَيْتُ الأَخِيرُ فِكْرَةٌ لأَمِيرِ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي قُمْتُ بِنَظْمِهَا}
وَقُلْتُ أَيْضَاً زَجَلاً:
" الدُّنيَا بَقِتْ غَابَة * مَا فِيهَا غِيْرْ دِيَابَة "
" الغُلْبِ مَا انْكَتَبْشِ * فِيهَا الَا عَالغَلَابَة "
وَالْبَيْتُ الأَخِيرُ في الأَصْلِ فِكْرَةٌ أَعْجَبَتْني لأَمِيرِ الشُّعَرَاءِ يَقُولُ فِيهَا:
وَمَنْ يَعْدِمِ الظُّفْرَ بَينَ الذِّئَابِ * فَإِنَّ الذِّئَابَ بِهِ تَظْفَرُ
وَكَتَبْتُ في ذَلِكَ أَيْضَاً وَفي الإِحْبَاطِ المُتَرَتِّبِ عَلَيْه، وَالنَّاتِجِ عَن عَجْزِ الإِنْسَانِ في الْوُصُولِ إِلى مَا يَصْبُو إِلَيْه:
لَوْ كُلُّ مَا يَتَمَنىَّ المَرْءُ يُدْرِكُهُ * مَا كُنْتَ تَلْقَى امْرَأً في الكَوْنِ مَهْمُومَا
حُرِمْتُ رَبيِّ كَثِيرَاً في الحَيَاةِ فَهَلْ * أَظَلُّ يَا رَبِّ بَعْدَ المَوْتِ محْرُومَا
كَانَتْ حَيَاتيَ بِالأَحْزَانِ حَافِلَةً * وَعِشْتُ يَا رَبِّ في دُنيَايَ مَظْلُومَا
تَغَيَّرَتْ مِصْرُ عَمَّا كُنْتُ أَعْهَدُهُ * حَتىَّ الهَوَاءُ بِهَا قَدْ صَارَ مَسْمُومَا
الْفِسْقُ في أَرْضِهَا قَدْ صَارَ مُنْتَشِرَاً * وَالصِّدْقُ في أَهْلِهَا قَدْ صَارَ مَذْمُومَا
لَمْ أَلْقَ دَاعِيَةً في مِصْرَ مجْتَهِدَاً * إِلَاّ وَكَانَ بِهَذَا الأَمْرِ مَغْمُومَا
أَمَّا الرِّثَاء؛ فَلَمْ أَقُلْ فِيهِ إِلَاّ هَذَا الْبَيْت:
بَكَتْ بِالدَّمْعِ لَعَمْرِي * عَلَيْكَ عُيُونُ الشِّعْرِ
أَشْعَارُ المَدِيح
كَتَبْتُ في أُخْتي الْغَالِيَة، وَأُمِّي الثَّانِيَة:
للهِ أُخْتي فَاطِمَة * ذَاتُ الهُدُوءِ الحَالِمَة
أُخْتٌ بِأُخْوَتِهَا وَأُسْرَتِهَا عَطُوفٌ رَاحِمَة
وَبِقَدْرِهَا بِنُفُوسِنَا وَقُلُوبِنَا هِيَ عَالِمَة
يَا رَبَّنَا احْفَظْهَا لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ سَالِمَة
عَطِّرْ مجَالِسَنَا بِهِمْ يَا رَاوِي * بِابْنِ الإِمَامِ محَمَّدِ الشَّعْرَاوِي
رَجُلٌ أَدِيبٌ لَا يُشَقُّ غُبَارُهُ * في الشِّعْرِ خِرِّيتٌ طَرُوبٌ هَاوِي
يَهْفُو عَبِيرُ أَبِيهِ في تَعْبِيرِهِ * عَلَاّمَةٌ في النَّحْوِ كَالحَمَلَاوِي
تَلْقَى بِهِ كَرَمَ الصَّعِيدِ وَجُودَهُ * رَغْمَ انَّهُ في أَصْلِهِ بَحْرَاوِي
لَوْ أَنَّ تَوْزِيعَ المَنَاصِبِ في يَدِي * لجَعَلْتُهُ في مَقْعَدِ الطَّنْطَاوِي
إِنَّ الدَّرَاهِمَ كَالمَرَاهِمِ دَاوِنَا * يَا شَيْخُ مِنْ تِلْكَ المَرَاهِمِ دَاوِي
وَمِمَّا قُلْتُهُ في شَيْخِي وَأُسْتَاذِي / مُصْطَفَى عَبْدُه:
عَلَيْنَا أَيَادٍ لَكُمْ جَمَّةٌ * تَفِيضُ بخَيْرٍ أَسَارِيرُهَا
الأُخُوَّةُ في الله
وَهَذِهِ أَبْيَاتٌ كَتَبْتُهَا في الصَّدِيق / إِيهَابِ المُرْسِي جَبْر، وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَني إِلى تِلْكَ المُسَابَقَةِ وَتَوَلىَّ بِنَفْسِهِ رَغْمَ ضِيقِ وَقْتِهِ إِرْسَالَهَا وَتَلَقِّي الرَّدِّ عَلَيْهَا، كَمَا يَفْعَلُ مَعِي في سَائِرِ كِتَابَاتي وَيَنْشُرُهَا لي عَلَى شَبَكَةِ الإِنْتَرْنِتّ:
أَلَا يَا لَيْتَ أَصْحَابي * جَمِيعَهُمُ كَإِيهَابِ
فَكَمْ نُشِرَتْ عَلَى يَدِهِ * كِتَابَاتي وَآدَابي
وَكَمْ بِالجُودِ مِنهُ أَزَا * حَ هَمَّ الْفَقْرِ عَنْ بَابي
وَكَتَبْتُ فِيهِ أَيْضَاً:
لي صَاحِبٌ مُهَنْدِسُ * في تُكْنُولُوجْيَا الطَّائِرَاتْ
وَعَاقِلٌ وَفَاضِلٌ * لَا يَعْرِفُ المُؤَامَرَاتْ
تَحَارُ في ذَكَائِهِ * كَوَادِرُ المُخَابَرَاتْ
وَرَغْمَ نُضْجِ عَقْلِهِ * يُوَاصِلُ المُذَاكَرَاتْ
يَا رَبِّ زِدْ بِشَعْبِنَا * مِنَ الْعُقُولِ النَّادِرَاتْ
وَكَتَبْتُ فِيهِ لِطَابِعَةٍ جَدِيدَةٍ اشْتَرَاهَا لي ـ وَكَانَ قَدِ اشْتَرَى لي قَبْلَهَا هَارْدَاً:
أَهْدَيْتَني يَا أَخِي جِهَازَا * مِن خَيْرِ مَا يُقْتَنى طِرَازَا
فَجُودُكَ الْيَوْمَ لَيْسَ يُحْصَى * وَبِرُّكَ الْيَوْمَ لَا يُجَازَى
وَسَافَرَ هَذَا الصَّدِيقُ في مُهِمَّةِ عَمَلٍ إِلى إِنجِلْتِرَا؛ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْقَصِيدَة:
إِنْ جُلْتَ في أَحْيَائِهَا فَحَذَارِ مِن حَسْنَائِهَا
إِنيِّ أَخَافُ عَلَيْكَ مِن إِنْجِلْتِرَا وَنِسَائِهَا
فَحَذَارِ مِنْ سَمْرَائِهَا وَحَذَارِ مِنْ شَقْرَائِهَا
أَسَدُ الرِّجَالِ يَظَلُّ حَيرَانَاً أَمَامَ ظِبَائِهَا
وَإِذَا تَزَوَّجْتَ الظِّبَاءَ احْتَرْتَ في إِرْضَائِهَا
فَتَنَحَّ عَنْ بَلَدٍ تَرَى الإِسْلَامَ مِن أَعْدَائِهَا
وَعَلَى مَدَى التَّارِيخِ لَوْ فَكَّرْتَ في أَخْطَائِهَا
في حَقِّنَا يَا صَاحِبي لَتَعِبْتَ في إِحْصَائِهَا
قَدْ أَشْعَلَتْ نَارَاً وَلَنْ تَقْوَى عَلَى إِطْفَائِهَا
فَغَدَاً نُسُورُ المُسْلِمِينَ تُصِيبُ مِن أَشْلَائِهَا
وَلَسَوْفَ نُلْجِئُ هَامَةَ الأَفْعَى إِلى إِحْنَائِهَا
وَلَسَوْفَ نَقْضِي بَعْدَ مَصْرَعهَا عَلَى حُلَفَائِهَا
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
وَعِنْدَمَا تَزَوَّجَ ذَهَبْتُ إِلَيْهِ مُهَنِّئَاً بِهَذِهِ الْقَصِيدَة:
هَا قَدْ دَخَلْتَ المَصْيَدَة * وَالحُبُّ نَارٌ مُوقَدَة
صَادَتْ فُؤَادَكَ يَا عَزِيزِي قِطَّةٌ مُتَفَرِّدَة
سِجْنٌ وَفِيهِ إِقَامَةُ الأَزْوَاجِ غَيرُ محَدَّدَة
وَمِنَ النِّسَاءِ بِهِ الحِرَاسَةُ صَعْبَةٌ وَمُشَدَّدَة
يَا حُسْنَ سَجَّانٍ عَلَيْكَ خُدُودُهُ مُتَوَرِّدَة
أَمَّا محَاوَلَةُ الهُرُوبِ فَإِنَّهَا مُسْتَبْعَدَة
ذُقْ يَا صَدِيقِي فَالزَّوَاجُ جَرِيمَةٌ مُتَعَمَّدَة
وَبِرَغْمِ ذَاكَ سَعَادَةُ الأَزْوَاجِ فِيهِ مُؤَكَّدَة
أَبْشِرْ بِطُولِ إِقَامَةٍ وَسَعَادَةٍ مُتَجَدِّدَة
وَهَذِهِ أَبْيَاتٌ كَتَبْتُهَا في الصَّدِيق / وَلِيد الشَّاذْلي ـ مُهَنْدِس كُمْبُيُوتَر، وَقَدْ كَانَ يَتَعَهَّدُني بَينَ الحِينِ وَالآخَرِ بِمَا أَحْتَاجُهُ مِنْ بَرَامِجِ الكُمْبُيُوتَرِ المُسَاعِدَة، كَمَا كَانَ يُرْسِلُ لي بَعْضَ الإِيمِيلَات؛ في فَتَرَاتِ غِيَابِ المُهَنْدِس إِيهَابِ المُرْسِي جَبر، كَتَبْتُ أَقُولُ فِيه:
لي صَاحِبٌ وَاسْمُهُ وَلِيدُ * حُبيِّ لَهُ دَائِمَاً يَزِيدُ
أَخْلَاقُهُ عَذْبَةٌ وَفِيهِ * يُسْتَعْذَبُ المَدْحُ وَالْقَصِيدُ
وَكُلُّ يَوْمٍ أَرَاهُ أَدْرِي * بِأَنَّهُ طَالِعٌ سَعِيدُ
وَكُلَّمَا أَبْصَرَتْهُ عَيْني * أَنْسَى بِهِ أَنَّني وَحِيدُ
وَهَذِهِ الأَبْيَاتُ كَتَبْتُهَا في صَدِيق، شَاعِرٍ رَقِيق، لَهُ زَجَلٌ هَادِفٌ وَعَمِيق:
يَا لَيْتَمَا كُلُّ الصِّحَابْ * كَمُحَمَّدٍ عَبْدِ الْوَهَابْ
أَخْلَاقُهُ شَفَّافَةٌ * أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ المُذَابْ
وَلَهُ قَصَائِدُ حُلْوَةٌ * غَنىَّ بِهَا كُلُّ الشَّبَابْ
لَا تَبْكِ عَيْنُكَ يَا حَبِيبي أَوْ تُصَبْ بِالإِكْتِئَابْ
هَذَا زَمَانٌ مَا عَلَيْهِ قَطُّ لَوْمٌ أَوْ عِتَابْ
لَوْ كَانَ فِيهِ مَنْ يُقَدِّرُ كَانَ قَدْرُكَ في السَّحَابْ
زَمَنٌ بِهِ الشُّعَرَاءُ حَقَّاً يَشْعُرُونَ بِالَاغْتِرَابْ
وَأَخُو الجَهَالَةِ صَارَ يَفْتَحُ بِالْوَسَاطَةِ أَلْفَ بَابْ
الرُّؤْيَةُ انعَدَمَتْ بِهِ * وَبجَوِّهِ كَثُرَ الضَّبَابْ
النَّاسُ تَرْغَبُ في الْقُشُورِ بِهِ وَتَزْهَدُ في اللُّبَابْ
مَا فِيهِ أَرْخَصَ قَطُّ مِنْ * دِيوَانِ شِعْرٍ أَوْ كِتَابْ
زَمَنٌ عَجِيبٌ يَا صَدِيقِي مِنهُ شَعْرُ الرَّأْسِ شَابْ
وَكَتَبْتُ أَخٍ لي مُدَرِّسٍ بِقَرْيَةِ أَصْهَارِي اسْمُهُ طَارِق، كَمَا أُهْدِيهَا أَيْضَاً لِصَدِيقِي الرَّقِيقِ الدُّكْتُور طَارِق سَعْد:
أَنَا لي أَخٌ وَاسْمُهُ طَارِقُ * إِلى كُلِّ مَكْرُمَةٍ سَابِقُ
إِذَا كَانَ لي عِنْدَهُ حَاجَةٌ * فَإِنيِّ بِتَحْقِيقِهَا وَاثِقُ
وَيُعْجِبُني أَنَّهُ صَالحٌ * تَقِيٌّ لَبِيبُ الحِجَا حَاذِقُ
وَلَا عَيْبَ فِيهِ سِوَى أَنَّهُ * لِكُلِّ الْقُلُوبِ فَتىً سَارِقُ
تَرَاهُ حَزِينَاً عَلَى المُسْلِمِينَا * وَفي الْفِكْرِ مِن أَجْلِهِمْ غَارِقُ
صَحِبْتُ الْكَثِيرَ فَإِذْ بَيْنَهُمْ * وَبَيْنَ أَخِي طَارِقٍ فَارِقُ
عَصَافِيرُ طَيْشٍ إِذَا قُورِنُواْ * وَلَكِنَّهُ فَوْقَهُمْ بَاشِقُ
وَإِنيِّ لأَهْلِ التُّقَى وَالصَّلَاحِ * وَكُلِّ الْكِرَامِ فَتىً عَاشِقُ
مُنْتَدَى الأَدْرِيجِي
وَكَتَبْتُ هَذِهِ الأَبْيَات؛ في مجَامَلَةِ بَعْضِ المُشْرِفِينَ وَالمُشْرِفَات بِمُنْتَدَى الأَدْرِيجِي، بِشَبَكَةِ الإِنْتَرْنِت:
لي صُحْبَةٌ في مُنْتَدَى الأَدْرِيجِي * بِإِخَائِهِمْ قَدْ قَرَّرُواْ تَتْوِيجِي
لَوْ أَنَّهُمْ سَمِعُواْ بِأَنيِّ عَازِبٌ * لَتَكَاتَفُواْ سَعْيَاً إِلى تَزْوِيجِي
وَلَكَمْ نَسَجْتُ الشِّعْرَ لَمْ أَرَ قَارِئَاً * بي مُعْجَبَاً إِعْجَابَهُمْ بِنَسِيجِي
فَلَمَسْتُ صِدْقَاً في صَدَاقَتِهِمْ مَعِي * وَرَأَيْتُ حُبَّاً لَيْسَ " بِالتَّهْرِيجِ "
مجَالَسُ الصَّالحِين
لَقَدْ كَتَبْتُ في مُنْتَدَيَاتٍ كَثِيرَة؛ لَمْ تُثَبَّتْ لي مَوَاضِيعُ إِلَاّ في الأَدِْيجِي 00!!
وَأُعْجِبَ بِأَعْمَالي وَأَثْنى عَلَيْهَا قُرَّاءٌ كَثِيرُون، بَيْدَ أَنَّ أَحَدَاً لَمْ يَتَّصِلْ بي تِلِيفُونِيَّاً مِنْ دَاخِلِ وَخَارِجِ مِصْرَ إِلَاّ في الأَدْرِيجِي!!
وَلَمْ أَعْتَقِدْ أَن أُقَابِلَ ـ وَجْهَاً لِوَجْهٍ صَدِيقَاً بَلْ وَعُضْوَاً في مُنْتَدَىً قَطّ ـ وَلَكِنَّ ذَلِكَ حَدَثَ في الأَدْرِيجِي 00!!
فَلَقَدْ دَعَاني الصَّدِيقُ الرَّقِيق / الأُسْتَاذ أَنِيق، وَفِرْعَوْني؛ لِلِقَاءٍ يجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْني، فَجَاءَا وَاكْتَمَلَتِ الصُّحْبَةُ بِأَسِيرِ الذِّكْرَيَاتِ وَأَيْمَنَ الجَنَايْني؛ فَكَيْفَ يَمُرُّ هَذَا مُرُورَاً عَابِرَاً، وَقَدْ صَادَفَ أَدِيبَاً شَاعِرَاً 00؟!
فَكَتَبْتُ بِطَبِيعَةِ الحَالِ هَذِهِ الْقَصِيدَة ـ وَالشِّعْرُ وَالأَدَبُ هُوَ ثَرْوَتُنَا الْوَحِيدَة:
لَقَدْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ لي أَصْدِقَاءْ
بِأَمْثَالِهِمْ يَحْسُنُ الإِقْتِدَاءْ
فَأَكْثِرْ لَنَا رَبِّ مِن هَؤُلَاءْ
لَدَيْهِمْ لمِصْرَ أَشَدُّ انْتِمَاءْ
فَنَشْجُبُ حِينَاً ظُهُورَ الْغَلَاءْ
وَنحْلُمُ حِينَاً بِعَصْرِ الرَّخَاءْ
مجَالِسُ عِلْمٍ وَفِيهَا ثَرَاءْ
وَفِيهَا لمَرْضَى الْقُلُوبِ الشِّفَاءْ
فَمَا كَانَ أَجْمَلَهُ مِنْ لِقَاءْ
وَيُعْجِبُني أَنَّهُمْ أَوْفِيَاءْ
وَأَنَّهُمُ رِقَّةً كَالظِّبَاءْ
بحُبٍّ وَصِدْقٍ وَلَيْسَ ادِّعَاءْ
كَذَلِكَ دَوْمَاً يَكُونُ الإِخَاءْ
الْكَرَمُ الحَاتِمِيّ
وَهَذِهِ الْقِطْعَةُ الصَّغِيرَةُ كَتَبْتُهَا في صَدِيقٍ لي مُتَفَوِّقٍ بِكُلِّيَّةِ الْعُلُوم؛ لِوُقُوفِهِ بجَانِبي في إِحْدَى مَتَاعِبي:
يَا أَيُّهَا الْعَالِمُ الصَّغِيرُ * لَدَيْكَ مُسْتَقْبَلٌ نَضِيرُ
فَاذْكُرْ إِذَا مَا عَلَوْتَ يَوْمَاً * مُشَرَّدَاً حَالُهُ مَرِيرُ
فَلَا غَدَاءٌ وَلَا عَشَاءٌ * وَلَا فُطُورٌ وَلَا فَطِيرُ
وَكَتَبْتُ في أَحْمَدَ هَذَا أَيْضَاً ـ وَهُوَ مُتَفَوِّقٌ في دِرَاسَتِهِ وَحَاذِقٌ في بَرَامِجِ الكُمْبُيُوتَر ـ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ لإِصْلَاحِهِ جِهَازِي الْعَاطِل، بِدُونِ أَجْرٍ وَلَا مُقَابِل:
أَنَاْ لي صَدِيقٌ عَبْقَرِي * أَخْلَاقُهُ كَالْعَنْبَرِ
فَلَهُ طِبَاعٌ حُلْوَةٌ * كَالْبُرْتُقَالِ السُّكَّرِي
مُتَمَايِلٌ في مَشْيِهِ * مِثْلُ النَّبَاتِ الأَخْضَرِ
وَيَدَاهُ بِالمَعْرُوفِ تَقْطُرُ كَالْغَمَامِ المُمْطِرِ
وَهَاتَانِ الْقَصِيدَتَانِ كَتَبْتُهَا في أَرْبَعَةِ أَصْدِقَاءَ كُلُّهُمُ اسْمُهُ أَحْمَد: الأَوَّلُ أَحْمَد فَتْحِي غَانِم، وَالثَّاني أَحْمَد صَادِق، وَالثَّالِث: أَحْمَد أَبُو غَالي:
حَلَّ النَّدَى مِن أَحْمَدَا * في شَخْصِهِ وَتجَسَّدَا
إِنْ شِئْتَ أَعْطَى فِضَّةً * أَوْ شِئْتَ أَعْطَى عَسْجَدَا
أَبْشِرْ فَإِنَّكَ يَا فَتى * سَتَصِيرُ يَوْمَاً سَيِّدَا
أَنْفِقْ وَلَا تَخْشَ الرَّدَى * مَا ضَاعَ مَعْرُوفٌ سُدَى
********* *
قُلْ لِلْكَحِيلَةِ لَيْسَ يُغْني الإِثْمِدُ * هَذَا الْفَتى مَنْ لَا يَرَاهُ أَرْمَدُ
مُتَلأْلئٌ كَالنَّجْمِ رَغْمَ عُلُوِّهِ * مُتَمَيِّزٌ بِسَخَائِهِ مُتَفَرِّدُ
عَشِقَ السَّخَاءَ وَصُنعَ كُلِّ جَمِيلَةٍ * حَتىَّ وَإِنْ قَالُواْ عَلَيْهِ مُبَدِّدُ
يُعْطِي الْفَقِيرَ إِذَا رَآهُ مَاشِيَاً * مِن غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا يَتَرَدَّدُ
وَعَطَاؤُهُ لَا يَنْتَهِي في مَرَّةٍ * لَكِن عَلَى طُولِ المَدَى يَتَجَدَّدُ
يَلْقَى الْفَقِيرُ البِرَّ دَاخِلَ بَيْتِهِ * وَيُهَانُ في بَيْتِ اللَّئَامِ وَيُطْرَدُ
يَأْتي لِمَنْزِلِهِ بِوَجْهٍ شَاحِبٍ * وَيَعُودُ مِنهُ خُدُودُهُ تَتَوَرَّدُ
يُعْطِي عَطَاءً فَاحِشَاً حَتىَّ لَقَدْ * كَادَ الْفَقِيرُ لجُودِهِ يَتَمَرَّدُ
جُدْرَانُ مَنْزِلِهِ تَعَلَّمَتِ النَّدَى * فَغَدَتْ إِذَا رَأَتِ الْفَقِيرَ تُزَغْرِدُ
النَّاسُ قَدْ حَصَدُواْ النُّقُودَ وَصَاحِبي * في الأَجْرِ وَالحَسَنَاتِ أَمْسَى يَحْصُدُ
لَا تَفْتَحِ الأَبْوَابَ لَيْلاً يَا فَتى * فَاللِّصُّ عَنْ كَثَبٍ لِبَابِكَ يَرْصُدُ
عَيْنَاكَ لَوْ رَأَتِ المَلَائِكَةَ الَّتي * تَرْقَى بِجُودِكَ لِلسَّمَاءِ وَتَصْعَدُ
وَرَأَيْتَ أَنهَارَاً هُنَاكَ وَجَنَّةً * فِيهَا قُصُورٌ لِلْكِرَامِ تُشَيَّدُ
وَرَأَيْتَ حُورَاً في انْتِظَارِكَ حُسْنُهَا * يَسْبي الْقُلُوبُ عَلَى الأَسِرَّةِ تَرْقُدُ
أَعْطَيْتَ لِلْفُقَرَاءِ مَالَكَ كُلَّهُ * وَجَمِيعَ مَا قَدْ ضُمِّنَتْ مِنْكَ الْيَدُ
فَبِفَضْلِ رَبِّكَ جُدْ وَلَا تَبْخَلْ بِهِ * أَبَدَاً فَيَسْلُبَ فَضْلَهُ يَا أَحْمَدُ
أَمَّا هَذِهِ الأَبْيَاتُ فَكَتَبْتُهَا في صَدِيقِي الرَّقِيقِ / 00000000:
لي صَاحِبٌ مُتَدَيِّنُ * أَثْنَتْ عَلَيْهِ الأَلْسُنُ
يَطْوِي عَلَى الخَيرِ السَّرِيرَةَ لَيْسَ فِيهِ تَلَوُّنُ
يَا لَيْتَهُ يَبْقَى عَلَى أَخْلَاقِهِ لَا يَلْحَنُ
لَمْ أَلْقَ مِنْ بَينِ الأَخِلَّةِ مَنْ بِهِ قَدْ يُوزَنُ
فَالأَصْلُ مِنهُ طَيِّبٌ وَكَذَاكَ طَابَ المَعْدِنُ
وَكَأَنَّهُ مِن حُبِّهِ لِلْجُودِ شَخْصٌ مُدْمِنُ
وَالجُودُ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ بِالتَّدَيُّنِ يُقْرَنُ
مَا كَانَ يُخْرِجُ مِنْ قَوَارِيرِ الْوُعُودِ وَيُدْهِنُ
كَالمَاءِ عَذْبٌ طَبْعُهُ لَكِنَّهُ لَا يَأْسِنُ
لَا لَسْتَ مَاءً يَا فَتى بَلْ سُكَّرٌ أَوْ مَلْبَنُ
يَا لَيْتَ كُلَّ النَّاسِ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ تَزَيَّنُواْ
أَعْطَاكَ رَبُّكَ مِثْلَمَا أَعْطَيْتَنَا يَا أَيْمَنُ
مَا دَامَ مِثْلُكَ بَيْنَنَا وَضْعُ الشَّبَابِ مُطَمْئِنُ
وَقُمْتُ أَيْضَاً بِنَظْمِ بَعْضِ أَبْيَاتِهَا عَلَى بحْرِ المُتَقَارِب:
لَنَا صَاحِبٌ وَاسْمُهُ أَيْمَنُ * وَلَا خِلَّ عِنْدِي بِهِ يُوزَنُ
صَدِيقٌ رَقِيقٌ سَخِيٌّ تَقِيٌّ * يَطِيبُ بِهِ الأَصْلُ وَالمَعْدِنُ
عَدِيدُ الْعَطَاءِ شَدِيدُ الإِخَاءِ * وَأَشْبَهُ شَيْءٍ بِهِ المَلْبَنُ
كَذَا لَا يَكُونُ التَّدَيُّنُ إِلَاّ * وَغُصْنُ السَّخَاءِ بِهِ يُقْرَنُ
يَقُولُ الَّذِينَ رَأَوْ حِرْصَهُ * عَلَى الجُودِ هَذَا الْفَتى مُدْمِنُ
وَمَا كَانَ مِن أَهْلِ جُودِ الْوُعُودِ * وَبِالْوَعْدِ بَيْنَ الْوَرَى يُدْهِنُ
وَهَذِهِ كَتَبْتُهَا في الصَّدِيقِ الرَّقِيق / محَمَّد رَأْفَتْ عَلِي مُوسَى:
محَمَّدُ بْنُ رَأْفَتِ * كَالْوَرْدِ وَسْطَ الْغُرْفَةِ
مُهَذَّبٌ وَرُوحُهُ كَجِسْمِهِ في الخِفَّةِ
وَعَاقِلٌ وَلَا يَسِيرُ خَلْفَ كُلِّ زَفَّةِ
وَقُلْتُ في صَدِيقٍ ليَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحِيم، مُثَقَّفٍ بِالسِّيَاسَةِ وَالْكِيمْيَاءِ عَلِيم، وَلَكِنَّهُ شَخْصٌ رَقِيقٌ وَحَسَّاس؛ وَلِذَا عَانىَ الأَمَرَّيْنِ مِنْ ظُلْمِ المجْتَمَعِ وَالنَّاس، فَأَرَدْتُ مُوَاسَاتَهُ عَلَى مَا يُوَاجِهُ مِنَ الصِّعَاب؛ فَكَتَبْتُ لَهُ مُشَجِّعَاً هَذِهِ الأَبْيَاتِ الْعِذَاب:
بِمَعْرِفَتي لَكَ عَبْدَ الرَّحِيمْ * لَقَدْ صَارَ عِنْدِي صَدِيقٌ حَمِيمْ
فَعَقْلُكَ صَافٍ وَعِلْمُكَ وَافٍ * وَنجْمُكَ خَافٍ بِلَيْلٍ بَهِيمْ
إِذَا قَلَّ قَدْرُكَ بَيْنَ الأَنَامِ * فَقَدْرُكَ عِنْدَ الإِلَهِ عَظِيمْ
مَتىَ كَانَ في الْفَقْرِ عَارٌ عَلَيْكَا * إِذَا أَنْتَ كُنْتَ بِقَلْبٍ سَلِيمْ
وَقُلْتُ في الأُسْتَاذ / أَحْمَدُ السَّقَّا ـ أَحَدِ شُرَكَاءِ مَعْرَضِ السَّقَّا:
صَدِيقِي أَحْمَدُ السَّقَّا * صَدِيقٌ كُلُّهُ رِقَّة
بَشُوشُ الْوَجْهِ مُبْتَسِمٌ * يُجَامِلُ كُلَّ مَنْ يَلْقَى
يُؤَدِّي الحَقَّ أَضْعَافَاً * لِصَاحِبِهِ وَإِنْ دَقَّا
وَلَيْسَ بِمَن إِذَا طَالَبْتَهُ يَوْمَاً لَوَى الشِّدْقَا
وَقُلْتُ في قَرْيَةِ حيدَر بِمِنْطَقَةِ خَلِيلٍ الجِنْدِي (أَصْهَارِيَ الْكِرَام):
صَاهَرْتُ بَيْتَاً في خَلِيلْ * مَا في الْبُيُوتِ لَهُ مَثِيلْ
لَوْ زُرْتَهُمْ يَا صَاحِ يَوْمَاً لَنْ تُفَكِّرَ في الرَّحِيلْ
فَلَهُمْ طِبَاعٌ عَذْبَةٌ شَفَّافَةٌ كَالسَّلْسَبِيلْ
قَلْبي لِغَيْبَتِهِمْ يَظَلُّ كَأَنَّهُ رَجُلٌ عَلِيلْ
يَا رَبَّنَا احْفَظْهُمْ فَلَيْسَ لَنَا إِذَا فُقِدُواْ بَدِيلْ
لِمَ دَائِمَاً أَمْثَالُهُمْ في هَذِهِ الدُّنيَا قَلِيلْ
زَحْفُ الَانحِرَاف؛ إِلى شَبَابِ الأَرْيَاف
إِكْرَامُهُمْ لِضُيُوفِهِمْ شَيْءٌ يَفُوقُ المَقْدِرَة
لَا يَقْبَلُونَ مِنَ الضُّيُوفِ تَعَلُّلاً أَوْ مَعْذِرَة
فَسَخَاءُ فَوْزِي صُورَةٌ في الجُودِ غَيْرُ مُكَرَّرَة
وَلَكَمْ لَقِينَا في مِسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ مُقْمِرَة
لَا يحْمِلُونَ شَهَادَةً وَلَهُمْ عُقُولٌ نَيِّرَة
وَعَلَى الطَّرِيقِ مِنَ الشَّبَابِ حُسَالَةٌ مُسْتَهْتِرَة
مِثْلُ الحَنُوتي وَاقِفُونَ عَلَى طَرِيقِ المَقْبَرَة
لِيُحَدِّقُواْ النَّظَرَاتِ فِيمَنْ مَرَّ فَوْقَ الْقَنْطَرَة
يَقِفُونَ مِثْلَ الْعَاطِلِينَ لِسَاعَةٍ مُتَأَخِّرَة
لَوْ كُنْتُ شُرْطِيَّاً حَجَزْتُ لَهُمْ مَكَانَاً في طُرَة
وَقُلْتُ في صَدِيقِي الحَمِيم، الْقَارِئِ الْكَرِيم / محَمَّد عَبْد الْعَلِيم:
مِصْرُ اسْمَعِي محَمَّدَا * مُرَتِّلاً مجَوِّدَا
مُهَذَّبٌ وَطَيِّبٌ * عَذْبٌ كَحَبَّاتِ النَّدَى
تَلْقَاهُ مُقْرِئَاً إِذَا * أَرَدْتَهُ أَوْ مُنْشِدَا
لَا لَسْتَ أَنْتَ مُقْرِئَاً * بَلْ طَائِرَاً مُغَرِّدَا
الدَّرْبُ لِلنَّجَاحِ لَيْ * ْسَ دَائِمَاً مُمَهَّدَا
إِنْ سِرْتَ فِيهِ يَا أَخِي * لَا بُدَّ مِن أَنْ تَصْمُدَا
فَإِنَّهُ مُلَغَّمٌ * بِالحَاسِدِينَ وَالْعِدَى
وَإِنْ بَلَغْتَ في سَمَا * ءِ المُقْرِئِينَ لِلْمَدَى
اذْكُرْ أَخَاكَ يَاسِرَاً * الْكَاتِبَ المُشَرَّدَا
وَقُلْتُ في صَدِيقٍ آخَرَ جَمِيل / حَسَنُ الصَّوْتِ في التَّرْتِيل:
أَمْتَعْتَنَا يَا فَيْصَلُ * حَقَّاً وَأَنْتَ تُرَتِّلُ
يَتْلُو المُفَصَّلَ خَاشِعَاً وَكَأَنَّهُ يَتَبَتَّلُ
مَهْمَا أَطَالَ صَلَاتَهُ قَالُواْ عَلَيْهِ مُعَجِّلُ
مُتَوَاضِعٌ وَرِعٌ بِهَدْيِ نَبِيِّنَا يَتَمَثَّلُ
اصْبِرْ قَلِيلاً فَالصِّعَابُ سَرِيعَةً تَتَذَلَّلُ
إِنَّ الْكَرِيمَ وَرَغْمَ كُلِّ هُمُومِهِ يَتَجَمَّلُ
وَلِكُلِّ مَا يَلْقَاهُ مِنْ سُنَنِ الْبَلَا يَتَأَوَّلُ
وَلَسَوْفَ تَأْتي لَا محَالَةَ فَتْرَةٌ هِيَ أَجْمَلُ
تَتَحَسَّنُ الأَوْضَاعُ فِيهَا وَالأَسَى يَتَحَوَّلُ
وَغَدَاً سَتَغْدُو في الرَّقِيقِ مِنَ الثِّيَابِ وَتَرْفُلُ
وَقُلْتُ أَيْضَاً في صَدِيقٍ ثَالِثٍ حَسَنِ الصَّوْتِ أَيْضَاً:
أَنْتَ امْرُؤٌ يَا يَاسِرُ * في كُلِّ شَيْءٍ نَادِرُ
مَهْمَا أَقُلْ فِيكَ المَدِيحَ فَإِنَّ وَصْفِي قَاصِرُ
يَا مِصْرُ يَا وَلَاّدَةٌ لَا زَالَ فِيكِ جَوَاهِرُ
*********
يَتْلُو بِصَوْتٍ خَاشِعٍ فِيهِ جَمَالٌ سَاحِرُ
وَبِصَوْتِهِ الرَّقْرَاقِ في الصَّلَوَاتِ لَا يَتَظَاهَرُ
مُتَبَتِّلٌ بِقِرَاءةِ الْقُرْآنِ لَيْسَ يُتَاجِرُ
وَمُهَذَّبٌ وَالشَّهْدُ مِن أَخْلَاقِهِ يَتَقَاطَرُ
وَكَأَنَّهُ في رِقَّةِ الإِحْسَاسِ شَخْصٌ شَاعِرُ
*********
في عَالَمٍ فِيهِ نَقَاءُ الْقَلْبِ لَا يَتَوَافَرُ
الْكُلُّ فِيهِ عَلَى الْكِرَامِ الطَّيِّبِينَ تَآمَرُواْ
مَا عَادَ فِيهِ مُرُوءةٌ أَوْ عَادَ فِيهِ ضَمَائِرُ
وَقُلْتُ في صَدِيقٍ لي دَمْثِ الأَخْلَاقِ يُقَالُ لَهُ نَاصِر عَلِي؛ وَكَانَ قَدْ أَهْدَى لي بَعْضَ البَرَامِجِ المُفِيدَة:
إِنَّ الطَّرِيقَ وَاعِرُ * تَحُفُّهُ المَخَاطِرُ
إِنْ سِرْتَ فِيهِ فَاجْتَهِدْ * وَلَا تَلِن يَا نَاصِرُ
إِنيِّ إِلَيْكَ يَا أَخِي * عَلَى الدَّوَامِ شَاكِرُ
سَبَرْتُ عِلْمَهُ فَمَا * بَدَا عَلَيْهِ آخِرُ
لَا بَلْ بَدَتْ لَنَا عَلَى * نُبُوغِهِ بَوَادِرُ
نَمُوذَجٌ مِنَ الشَّبَا * بِ مُفْرِحٌ وَنَادِرُ
وَلَيْسَ بِالْفَتى الَّذِي * تَغُرُّهُ المَظَاهِرُ
وَكَمْ بِمِصْرَ ضُيِّعَتْ * وَأُهْمِلَتْ كَوَادِرُ
وَقُلْتُ في صَدِيقٍ رَقِيقٍ (يَمْلِكُ مَطْعَمَاً) أَعْجَبَني تَوَاضُعُهُ وَطِيبَتُهُ مَعَ المُسْلِمِينَ فَقُلْتُ فِيه:
الْعَيْشُ مِثْلُ الْعَلْقَمِ * مِن غَيْرِ عَبْدِ المُنعِمِ
يُعْطِيكَ مَا في جَيْبِهِ بحَفَاوَةٍ وَتَبَسُّمِ
وَلَوِ اسْتَطَاعَ لجَادَ في إِكْرَامِهِ بِالأَنْجُمِ
إِنَّ الْفَقِيرَ إِذَا رَآهُ وَاقِفَاً في المَطْعَمِ
حَمِدَ الإِلَهَ وَقَالَ هَذَا الْيَوْمُ يَوْمُ المَوْسِمِ
لَمَّا تَزَلْ بَعْضُ النُّفُوسِ رَقِيقَةً كَالْبَلْسَمِ
وَطَبِيعَةُ الإِنْسَانِ تَظْهَرُ عِنْدَ صَرْفِ الدِّرْهَمِ
وَطِبَاعُ أَهْلِ الجُودِ تَظْهَرُ في وُجُودِ الدِّرْهَمِ
وَقُلْتُ في صَدِيقٍ آخَرَ وَدُود / اسْمُهُ خَالِد أَبُو السُّعُود، كَمَا أُهْدِيهَا أَيْضَاً لِلصَّدِيق / خَالِد مِكَّاوِي:
لَوْ أَنَّهُ يَتَوَاجَدُ * في مِصْرِنَا يَا خَالِدُ
اثْنَانِ مِثْلُكَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَقِيرٌ وَاحِدُ
فَالظُّلْمُ فِيهَا سَيِّدٌ وَالْفَقْرُ فِيهَا سَائِدُ
وَلِذَا ظَنَنْتُكَ لَسْتَ مِصْرِيَّاً وَأَنَّكَ وَافِدُ
فَلأَنْتَ بَينَ ذِئَابِ هَذَا الْعَصْرِ ظَبيٌ شَارِدُ
أَنَاْ لَمْ أُبَالِغْ أَنْتَ في أَهْلِ المُرُوء ةِ رَائِدُ
فَالخَيْرُ فِيكَ طَبِيعَةٌ وَالجُودُ عِنْدَكَ زَائِدُ
عُدْ لِلسَّخَاءِ فَإِنَّني لِلْمَدْحِ أَيْضَاً عَائِدُ
لَوْ لَمْ أَقُلْ فِيكَ المَدِيحَ فَإِنَّ قَلْبي جَاحِدُ
وَقُلْتُ في أَصْحَابِ مَعَارِضِ السَّقَّا:
أَيَا مَنْ تَطْلُبُ الصِّدْقَا * عَلَيْكَ بِمَعْرَضِ السَّقَّا
فَسَيَّارَاتُهُمْ لَيْسَتْ * بحَاجَاتٍ إِلى زَقَّة
وَلَا تَلْقَى عَلَى كَنَبَا * تِهَا الأَكَلَانَ وَالْبَقَّا
وَلَا تَلْقَى عَلَى عَجَلَا * تِهَا فَتْقَاً وَلَا رَتْقَا
وَلَا تَلْقَى عَلَى أَبْوَا * بِهَا خَدْشَاً وَلَا خَرْقَا
وَصَوْتُ كَلَكْسِهَا كَالنَّا * يِ لَا تَلْقَى بِهِ نَعْقَا
مُودِيللَاّتٌ جَمِيلَاتٌ * وَيَسْبِقُ جَرْيُهَا الْبَرْقَا
فَسَائِقُهَا تَطِيرُ بِهِ * تَشُقُّ طَرِيقَهَا شَقَّا
وَلَوْ جَرَّبْتَهَا يَوْمَاً * سَتَعْرِفُ عِنْدَهَا الْفَرْقَا
أَرْجُو أَنْ يَكُونُواْ دَائِمَاً عِنْدَ حُسْنِ الظَّنّ؛ فَلَا يَأْتِيَني يَوْمَاً مَا آتٍ فَيَقُول:
وَلَكِنيِّ اشْتَرَيْتُ فَلَمْ * أَجِدْ مَا قُلْتَهُ حَقَّا
وَقُلْتُ في الشَّاعِر يَاسِر قَطَامِش؛ لحَفَاوَتِهِ بي وَتَقْدِيرِهِ لي:
" مَا اعْرَفْشِ يَاسِرْ قَطَامِشْ * رَغْمِ انُّه شَاعِرْ محْبُوب "
" لِيهْ بِيْقُولْ عَائِشْ عَالْهَامِشْ * وَهُوَ عَائِشْ في القُلُوبْ "
وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ قُلْتُهُمَا في مَدْحِ مَأْذُونٍ آخَرَ قَابَلْتُهُ فَأَعْجَبَتْني أَخْلَاقُهُ وَسَجَايَاه:
في الحَيِّ لَدَيْنَا مَأْذُونُ * رَجُلٌ كَالْيُورُو مَضْمُونُ
أَحْلَى مَا أَعْجَبَني فِيهِ * خُلُقٌ بِالْعَنْبَرِ مَدْهُونُ
وَبِتَحْرِيفٍ ظَرِيفٍ في الْبَيْتَينِ قُلْتُهُمَا أَيْضَاً في هِجَاءِ مَأْذُونٍ آخَرَ قَابَلْتُهُ بِنَفْسِ الحَيّ:
في الحَيِّ لَدَيْنَا مَأْذُونُ * لِصٌّ سَفَّاحٌ مجْنُونُ
لَا يَرْدَعُهُ دِينٌ أَوْ يَرْ * دَعُهُ خُلُقٌ أَوْ قَانُونُ
وَقُلْتُ في إِحْدَى دُورِ النَّشْر:
مَنَحْتُ كِتَابَاً لِدَارِ [00000] * كَعِقْدٍ وَحَبَّاتُهُ كَالنُّجُومِ
وَأَحْسَنْتُ في صَاحِبِ الدَّارِ ظَنيِّ * فَكَانَ مِثَالَ الْكَفِيلِ الظَّلُومِ
ظَنَنْتُ بِأَنَّ فُؤَادِي سَيَخْلُو * مِنَ الهَمِّ مَعْهُ فَزَادَتْ هُمُومِي
وَقُلْتُ في جَزَّار:
[000]
قَصَّابٌ جَزَرَ النَّاسَ كَمِثْلِ الشَّاةِ بِلَا ذَنْبٍ
بِغَلَاءِ اللَّحْمِ وَبَيْعِ الشَّحْمِ وَمَيْلِ الكَيْلِ عَلَى جَنْبٍ
وَقُلْتُ بِتَصَرُّفٍ محَذِّرَاً مِن غَضْبَةِ الشُّعَرَاء:
لِلْقَوَافي غَضْبَةٌ * تَفْعَلُ في الأَعْرَاضِ
كَمِثْلِ فِعْلِ النَّبْلِ * تَمَامَاً في الأَغْرَاضِ
أَعْذَرَ مَن أَنْذَرَ * فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني أَوِ ابْنُ الرُّومِيِّ بِتَصَرُّف}
دُمُوعُ الشُّمُوع
وَلَوْ أَنَّ البُكَاءَ يُفِيدُ شَيْئَاً * لَعِشْتُ العُمْرَ أَبْكِي سُوءَ حَالي
وَدَمْعِي إِنَّمَا يجْرِي لِعِلْمِي * الَّذِي قَدْ صَارَ مَيْتَاً دُونَ مَالي
*********
حَتىَّ لَقَدْ صِرْتُ كَالشُّمُوعِ * مِنِ احْتِرَاقِي وَمِنْ دُمُوعِي
وَكَتَبْتُ في فِكْرَةٍ جَاشَ بِهَا خَاطِرِي؛ إِثْرَ التَّمَعُّنِ في مَعَاني لَامِيَّةِ صَرِيعِ الغَوَاني:
بِالجَيْشِ أَسْرَعَ لِلأَعْدَاءِ كَالأَجَلِ * كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ تَهْوِي مِنَ الجَبَلِ
وَمِمَّا قُلْتُهُ فِيمَنْ لَا يَتَذَوَّقُونَ الشِّعْر:
لَا يَصْلُحُ الشِّعْرُ لِلْحَمِيرْ * وَإِنَّمَا يَصْلُحُ الشَّعِيرْ
رَدَّاً عَلَى بَعْضِ الأَفْكَارِ الْعُنْصُرِيَّة
حَسْبُكُمْ عَنِ البَيَاضِ * بِأَنَّهُ بَعْضُ البَهَقْ
فَهَلْ أَتَى بِالأَمْرَاضِ * السَّوَادُ فِيمَا سَبَقْ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني 0 وَهِيَ فِكْرَةٌ في الأَصْلِ لَابْنِ الرُّومِيِّ قُمْتُ بِنَظْمِهَا}
إِيَّاكَ وَطَرِيقَ الظَّالمِين
وَقُلْتُ لِصَدِيقٍ لي يَعْمَلُ في الشُّرْطَة ـ لَدَيْهِ ابْنٌ رَضِيعٌ اسْمُهُ أَدْهَم ـ قُلْتُ أُوصِيهِ بِعَدَمِ الظُّلْم:
إِذَا كُنْتَ تَخْشَى عَلَى أَدْهَمَا * فَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَظْلِمَا
فَيَحْصُدَ مَا قَدْ جَنَاهُ أَبُوهُ * وَيَلْقَاهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُفْطَمَا
فَلَا تَقْبِضَنَّ عَلَى أَيِّ شَخْصٍ * بِظَنِّكَ مِنْ دُونِ أَنْ تَفْهَمَا
وَلَا تَبْطِشَنَّ بِكُلِّ بَرِيءٍ * بِحُجَّةِ أَنَّكَ حَامِي الحِمَى
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَقُلْتُ في مَدْحِ صَدِيقٍ اسْمُهُ سَيِّد:
كُلُّ الطُّيُورِ تُغَرِّدُ * يَا سَيِّدِي يَا سَيِّدُ
في النَّاسِ مِثْلُكَ في الشَّهَامَةِ لَيْسَ آخَرُ يُوجَدُ
سَيْفٌ عَلَى الْبَاغِينَ أُشْهِرَ بَاتِرٌ لَا يُغْمَدُ
عَن أَيِّ شَيْءٍ في سَبِيلِ الحَقِّ لَا يَتَرَدَّدُ
في الخَيْرِ يَسْعَى جَاهِدَاً مُتَفَانِيَاً لَا يَقْعُدُ
إِنَّ المُرُوءةَ في الصَّعِيدِ وَأَهْلِهِ تَتَجَسَّدُ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في عِفَّةِ النَّفْسِ وَكَفِّهَا عَنْ سُؤَالِ النَّاس:
فَاطْلُبْ مِنَ اللهِ لَا * تَطْلُبْ مِنَ الإِنْسَانِ
فَالسَّخَاءُ عِنْدَهُ * تَمَامَاً كَالإِحْسَانِ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
أَرَدْتَ عَلَيَّ تَفْتَخِرُ * بمَالِكَ أَنْتَ غَبيُّ
فَأَنْتَ إِلَيْهِ مفْتَقِرُ * وَإِنيِّ عَنهُ غَنيُّ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
فَلَا تَسْأَلِ النَّاسَ مِنْ فَضْلِهِمْ * وَلَكِنْ سَلِ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في التَّبْكِيرِ بِالتَّعْلِيم:
قَدْ يَنْفَعُ النُّصْحُ لِلأَطْفَالِ في الصِّغَرِ * وَلَيْسَ يَنْفَعُ بَعْدَ الشَّيْبِ وَالكِبَرِ
كَالطِّينِ تَشْكِيلُهُ سَهْلٌ إِلى الصُّوَرِ * وَلَيْسَ سَهْلاً إِذَا مَا صَارَ كَالحَجَرِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَمِمَّا قُلْتُهُ في فَلْسَفَةِ المَوْتِ وَالحَيَاة:
فَيَوْمَاً أُعَزِّي وَيَوْمَاً أُعَزَّى * وَيَوْمَاً عَلَيَّ يَكُونُ العَزَاءُ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
لَئِنْ كُنْتُ لَا أَدْرِي مَتى المَوْتُ فَاعْلَمِي * بِأَنيَ مَهْمَا عِشْتُ سَوْفَ أَمُوتُ
وَقُلْتُ في الْعُمْرِ الَّذِي يجْرِي كَالْقِطَار:
سَلَبْتَ عَهْدَ الصِّغَرْ * وَأَحْلَى ذِكْرَيَاتي
وَأَتَيْتَ في الكِبَرْ * تَسْلُبُ أُخْرَيَاتي
وَمِمَّا قُلْتُهُ في المُوَاسَاةِ قَوْلي لِصَدِيقٍ لي سُجِنَ أَحَدَ عَشَرَ عَامَاً في سُجُونِ مِصْر، وَكُنْتُ أَعْرِفُ عَنهُ الَاعْتِدَالَ في التَّفْكِيرِ وَحُسْنَ التَّدْبِير؛ فَقُلْتُ لَهُ مُوَاسِيَاً:
لَا تَبْتَئِسْ يَا خَالِدُ * هَذَا نِظَامٌ فَاسِدُ
الْبَطْشُ فِيهِ سَيِّدٌ * وَالظُّلْمُ فِيهِ سَائِدُ
كَمْ أُقْفِلَتْ بمَزَاعِمِ الإِرْهَابِ فِيهِ مَسَاجِدُ
زَمَنُ الخِلَافَةِ يَا صَدِيقِي عَنْ قَرِيبٍ عَائِدُ
بُيُوتٌ عَامِرَة، وَنُفُوسٌ فَاجِرَة
وَمِمَّا قُلْتُهُ في انْشِغَالِ النَّاسِ بِالْعُمْرَانِ وَقُلُوبُهُمْ خَرِبَة:
كُلُّ الْوَرَى يَتَفَنَّنُ * مِن أَجْلِ تَشْيِيدِ البُيُوتْ
وَلَدَيْهِ قَلْبٌ أَوْهَنُ * مِنْ خَيْطِ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتْ
السَّجَائِر
وَقُلْتُ في شُرْبِ السَّجَائِر:
يَا مُدْمِنَاً شُرْبَ السَّجَائِرْ * وَتَقُولُ لَيْسَ مِنَ الْكَبَائِرْ
وَلَقَدْ عَلِمْتَ بِمَا حَوَتْ تِلْكَ السُّمُومُ مِنَ المَخَاطِرْ
وَكَتَبْتُ أَيْضَاً:
لَوْ أَنَّهُمْ قَدْ قَنَّنُواْ * أَنَّ المُدَخِّنَ يُسْجَنُ
مَا كُنْتَ تَلْقَى وَاحِدَاً بَيْنَ الأَنَامِ يُدَخِّنُ
إِنَّ السَّجَائِرَ كَالمُخَدِّرِ وَالمُدَخِّنُ مُدْمِنُ
فَيَكَادُ في شَهْرِ الصِّيَامِ بِدُونِهَا يَتَجَنَّنُ
وَلِمَدْفَعِ الإِفْطَارِ طِيلَةَ يَوْمِهِ يَتَحَيَّنُ
وَالْبَعْضُ يَشْرَبُهَا وَفي إِخْفَائِهَا يَتَفَنَّنُ
يَا لَيْتَ كُلِّ مُدَخِّنٍ لأَذَى السَّجَائِرِ يَفْطِنُ
يَا لَيْتَهُ فِيمَا كَتَبْتُ لأَجْلِهِ يَتَمَعَّنُ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في الضُّيُوفِ الثُّقَلَاءِ وَالثَّرْثَارِين:
نَاشَدْتُكَ اللهَ يَا مَنْ قَدْ أَتَيْتَ إِليّ * إِنْ كُنْتَ تَرْفُقُ بي أَنْ لَا تُطِيلَ عَلَيّ
وَقُلْتُ في الْعَفْوِ إِنْ لَمْ يَكُن عَنْ قُدْرَة:
لسْتُ أَنَا الَّذِي يَعْفُو * عَنْكُمْ عَفْوَ الجُبَنَاءِ
وَلَا يَهُونُ الهَوَانُ * إِلَاّ عَلَى الأَذِلَاءِ
وَقُلْتُ في الْكَسْبِ غَيرِ المَشْرُوع، في ظِلِّ مَنْ يَمُوتُونَ مِنَ الجُوع:
" فِيهْ نَاسْ بِتِتْعَبْ مِن غِيرْ مَا تِكْسَبْ * وِنَاسْ بِتِكْسَبْ مِن غِيرْ مَا تِتْعَبْ "بْ
وَقُلْتُ في حِكْمَةِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ في الأَخْذِ بِالْقِصَاص:
نَفْسٌ تُرَى بَينَ الوَرَى أَشْلَاؤُهَا * أَحْيَتْ نُفُوسَاً أَنْ تُرَاقَ دِمَاؤُهَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً مجِيزَاً:
إِنَّ البِلَادَ إِلى القِصَاصِ ظِمَاءُ * وَلَطَالَمَا حَقَنَ الدِّمَاءَ دِمَاءُ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ لي، وَالمِصْرَاعُ الثَّاني لأَمِيرِ الشُّعَرَاء أَحْمَد شَوْقِي}
وَقُلْتُ في رِضَى الْوَالِدَيْن:
أَبي إِنَّ الحَيَاةَ رِضَاكَ عَنيِّ * فَكَيْفَ أَعِيشُ حِينَ غَضِبْتَ عَنيِّ
وَقُلْتُ في طَاعَةِ الرَّسُول:
فَمَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ * أَطَاعَ اللهَ يَا وَلَدِي
وَقُلْتُ نَاظِمَاً أَحَدَ الأَمْثَالِ الْعَرَبِيَّة:
بَيْتُكَ إِنْ كَانَ مِنْ زُجَاجٍ * لَا تَقْذِفِ النَّاسَ بِالحِجَارَة
وَقُلْتُ أَيْضَاً بِصِيَغٍ مخْتَلِفَةٍ في مَثَلٍ آخَر:
أَرَى الجِذْلَ في عَيْنَيْكَ يَبْدُو فَأَسْتَحِي * وَتَغْضَبُ إِن أَبْصَرْتَ في عَيْنيَ الْقَذَى
أَتَغْضَبُ إِن أَبْصَرْتَ في عَيْنيَ الْقَذَى * وَأَنْتَ تَرَى في عَيْنِكَ الجِذْلَ بَادِيَا
أَتَغْضَبُ إِن أَبْصَرْتَ في عَيْنيَ الْقَذَى * وَأَنْتَ تَرَى في عَيْنِكَ الجِذْلَ يَا أَخِي
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني 0 وَهُوَ في الأَصْلِ مَثَلٌ عَرَبيٌّ قُمْتُ بِنَظْمِهِ}
وَهَذِهِ كَلِمَةٌ مِنَ الأَدَبِ الْعَرَبيِّ جَرَتْ مجْرَى المَثَلِ فَقُمْتُ بِنَظْمِهَا قَائِلاً:
فَأَطِعْ أَخَاكَ وَإِن عَصَاكَ وَصِلْ أَخَاكَ وَإِنْ جَفَاكْ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في لَفْتِ الأَنْظَارِ إِلى أَدَبي:
زَرَعْتُ لَكُمْ زَرْعَاً فَأَخْرَجَ شَطْأَهُ * فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمُ دَقَائِقَ شَطْرَهُ
وَقُلْتُ في الظَّالمِين، الَّذِينَ يحَارِبُونَ الدِّين؛ بحُجَّةِ محَارَبَةِ الإِرْهَابِ وَالتَّطَرُّف:
أَعْلَنُواْ عَلَى الإِسْلَامْ * الحَرْبَ بِاسْمِ الإِرْهَابْ
أَذَاقُواْ حَتىَّ الحَمَامْ * فِيهَا صُنُوفَ الْعَذَابْ
وَقُلْتُ مُنْتَقِدَاً الحُكُومَةَ وَالمُتَدَيِّنِينَ في بَعْضِ السَّلْبِيَّات:
فَالحُكُومَةُ غَشُومَة * وَالجَمَاعَاتُ غَشِيمَة
وَمِمَّا قُلْتُهُ في المُتَنَطِّعِينَ وَالمُتَعَصّبِينَ الحَاقِدِين:
لَيْتَ عُقُولَهُمْ كَانَتْ * كَقُلُوبِهِمْ صَفَاءَا
كَمْ حَاوَلْتُ أَن أَجْعَلَ * مِنهُمُ لي أَصْدِقَاءَا
فَأَضْرَبُواْ عَنيِّ صَفْحَاً * وَأَبَواْ إِلَاّ الْعَدَاءَا
وَقُلْتُ في هَذِهِ النَّوْعِيَّةِ أَيْضَاً:
لَوَ انَّ الدِّينَ كَانَ لحَىً طِوَالاً * لَكَانَ التَّيْسُ خَيرَ النَّاسِ دِينَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
إِنْ لَمْ تُشْبِهُواْ التُّيُوسْ * في اللِّحَى فَفِي الرُّءوسْ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في أَعْلَامِ وَكُتَّابِ هَذَا الزَّمَان:
كَمْ قَدْ رَأَيْتُ بِأَرْضِ مِصْرَ مِنَ القِمَمْ * يَتَحَدَّثُونَ عَنِ المَبَادِئِ وَالقِيَمْ
وَبِلَا ضَمَائِرَ هُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ ذِمَمْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
حَتىَّ النُّحَاةَ قَصَدْتُهُمْ فَوَجَدْتهُمْ * ذُرِّيَّةً هِيَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضِ
وَقُلْتُ مُقْتَبِسَاً الْفِكْرَةَ مِن أَشْعَارِ جُبرَان خَلِيل جُبرَان:
وَكَمِ الأَرْضُ مَلَاهَا * شَجَرٌ بِلَا ثَمَرْ
وَكَمِ السَّمَا عَلَاهَا * غَمَامٌ بِلَا مَطَرْ
وَقُلْتُ مُبَرِّرَاً تخَاذُلَهُمْ:
إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمَرْءِ نَفْسٌ كَرِيمَةٌ * فَكَيْفَ سَتَسْعَى نَفْسُهُ لِلْمَكَارِمِ
وَقُلْتُ حِينَ لَمْ أَجِدْ أَمَامِيَ إِلَاّ الأَحْلَامَ أُخْلِدُ إِلَيْهَا:
وَلَا عَيْبَ في الأَحْلَامْ * إِلَاّ أَنَّهَا أَحْلَامْ
فَالحُبُّ الحَقِيقِي لَا * يُوجَدُ إِلَاّ في الأَفْلَامْ
وَقُلْتُ فِيمَنْ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ النَّوْعِيَّةِ مِن عُمَّالِ السِّكِيرْتَارْيَة:
قَدْ جَعَلَتْكَ الحُجَّاب * كَسُورٍ وَلَهُ بَابْ
في بَاطِنِهِ الرَّحْمَة * وَظَاهِرِهِ العَذَابْ
وَقُلْتُ في مُدَرِّسَةٍ فَظَّةٍ في أَحَدِ المَعَاهِدِ الأَزْهَرِيَّة:
الكُلُّ يُبْلَى غَيْرَ أَنَّا نحْنُ بَلْوَتَنَا غَلِيظَة
فَلَقَدْ حَوَتْ كُلَّ البَلَاوِي يَا حَفِيظُ " مِسِزْ " حَفِيظَة
وَقُلْتُ ـ مِنَ الأَزْجَال ـ في أَحَدِ الرِّجَال:
" بِيهْ وَنَزِيهْ وِبْرَغْمِ سِنُّه * لِسَانُه مِتْبرِّي مِنُّه "
وَقُلْتُ في شَخْصٍ أَبخَر:
لَوْ قَامَ حَدَّثَكُمْ لَقُلْتُمْ فِيهِ * أَمحَدِّثٌ أَمْ محْدِثٌ مِنْ فِيهِ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ لي، وَالآخَرُ لَابْنِ المُعْتَزّ}
وَقُلْتُ في نَفْسِ الشَّخْصِ أَيْضَاً:
رَجُلٌ يَتَغَوَّطُ مِنْ فِيهِ * هَلْ مِن خَيرٍ يُرْجَى فِيهِ
وَقُلْتُ في آخَرَ أَبخَر:
لَهُ قِصَرٌ يُذَكِّرُنَا * بِأَطْفَالِ الأَنَابِيبِ
وَقُلْتُ في الْبِيئَةِ الْوَبِيئَة، وَالمَعَادِنِ الرَّدِيئَة:
وَمَنْ رَأَى مَا رَأَيْتُ * مِنهُمْ باللهِ اسْتَعَاذَا
وَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ * لَا يحْسِنُ مِثْلَ هَذَا
وذَاتَ يَوْمٍ قُلْتُ أَكْتُبُ شَيْئَاً في الفَخْر، فَنَظَرْتُ حَوْلي، وَقُلْتُ أَكْتُبُ في مِصْرَ وَالمِصْرِيِّينَ فَقُلْت:
نحْنُ الَّذِينَ بِنَا الْوَرَى يَسْتَنْصِرُ * حَتىَّ البُغَاثُ بِأَرْضِنَا تَسْتَنْسِرُ
فَلَمَّا مَرَّ بي مِنَ الأَعْوَامِ مَا مَرَّ، وَرَأَيْتُ فِيهِمْ مِنْ صُنُوفِ الأَذَى وَالضُّرّ، وَسُقِيتُ مِنَ المُرّ؛ مَا لَيْسَ لَهُ عَدٌّ وَلَا حَصْر؛ عَلَى أَيْدِي الْكَثِيرِينَ في مِصْر؛ قُلْتُ في نَفْسِي: لَن أُكَفِّرَ عَنْ كَذِبي في مَدْحِ هَذِهِ النَّوْعِيَّةِ مِنَ الْبَشَر؛ إِلَاّ بِصِدْقِي في هِجَائِهِمْ؛ فَقُلْتُ مُرَاعِيَاً التَّصْرِيعَ وَلُزُومَ مَا لَا يَلْزَم 00 بِقَافِيَةٍ مُعْضِلَة: [قُمْتُ بِشَطْبِ كُلِّ مَا كَتَبْتُهُ في ذَمِّهَا بَعْدَ ثَوْرَة 25 يَنَايِر 2011]
وَقُلْتُ في جِيرَةِ السَّوْء:
جِيرَانُ سُوءٍ لَا أَمَانَ لِجَارِهِمْ * إِنْ لَمْ تُشَاجِرْهُمْ تَضِقْ بِشِجَارِهِمْ
وَمِمَّا قُلْتُهُ مُبرِّرَاً ذَلِكَ بِأَنيِّ عَهِدْتُ عَلَى نَفْسِي:
بِأَن أَمْدَحَ الخَيْرَا * وَلَوْ كَانَ في خَصْمِي
وَأَن أَذُمَّ الشَّرَّا * وَلَوْ كَانَ في قَوْمِي
وَقُلْتُ أَيْضَاً مُعَقِّبَاً عَلَى أَحَدِهِمْ:
وَكَيْفَ تُرِيدُ أَن أَدَعَ الأَهَاجِي * وَبَينَ النَّاسِ يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا
وَقُلْتُ في الأُمَمِ المُتَّحِدَة:
الظُّلْمُ لِلْمُسْلِمِينَ لَدَيْهِمُ جِيزَا * وَاللهِ مَا تِلْكَ إِلَاّ قِسْمَةٌ ضِيزَى
وَمِمَّا قُلْتُهُ في هَزِيمَةِ الصِّرْب، بَعْدَمَا اقْتَرَفُوهُ في الْبُوسْنَةِ وَكُوسُوفُو مِنْ فَضَائِعِ الحَرْب:
فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ * وَالأَرْضُ مِنهُمْ كُلُّهَا دِمَاءُ
{وَالشَّطْرَةُ الأُولى اقْتِبَاسٌ قُرْآنيٌّ سَبَقَني إِلَيْهِ ابْنُ المُعْتَزّ}
وَمِمَّا قُلْتُهُ في انْتِهَاءِ الحَرْبِ الأَنْجِلُوأَمِرِيكِيَّةِ عَلَى سُقُوطِ بَغْدَاد:
أَوْزَارَهَا الحَرْبُ قَدْ وَضَعَتْ عَلَى ثِخَنٍ * فَتِلْكُمُ هُدْنَةٌ لَكِن عَلَى دَخَنٍ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ لي، وَالآخَرُ لَابْنِ سَهْلٍ الأَنْدَلُسِيِّ بِتَصَرُّف}
وَمِمَّا قُلْتُهُ النَّسِيبِ وَالْغَرَام، وَالحُسْنِ الَّذِي تَهْتَزُّ لَهُ الأَهْرَام، في غَيرِ الدُّخُولِ في دَائِرَةِ الحَرَام:
أَيَا مَنْ لُمْتَني إِنَّ الحِسَانَا * أَسَرْنَ القَلْبَ أَطْلَقْنَ اللِّسَانَا
وَمِمَّا قُلْتُهُ أَيْضَاً في شَبَابي أَيَّامَ الْبَحْثِ عَن عَرُوس؛ في فَتَاةٍ رَأَيْتُهَا في كُلِّيَّةِ الآدَابِ فَأَعْجَبَتْني:
وَخُصْلَةُ شَعْرٍ كَذَيْلِ الفَرَسْ * وَثَغْرٍ يُضِيءُ كَمِثْلِ الْقَبَسْ
وَوَجْهٍ مُنِيرٍ كَبَدْرِ التَّمَامِ * تُحِيطُ بِهِ أَوْجُهٌ كَالْغَلَسْ
ظَلَلْتُ أُرَاقِبُهُ في اشْتِيَاقٍ * مُرَاقَبَةَ الأَسَدِ المُفْتَرِسْ
أُسَارِقُهُ نَظَرَاً كَالرَّصَاصِ * وَظَلَّ يَرَاني وَلَا يَحْتَرِسْ
وَقُلْتُ في فَتَاةٍ اسْمُهَا مُنى؛ كُنْتُ قَدْ أَحْبَبْتُهَا وَسَعَيْتُ لِلزَّوَاجِ مِنهَا فَلَمْ يُقَدَّرْ لي:
قَدِ اتخَذْتِ فُؤَادِي يَا مُنى دَارَا * أَتُشْعِلِينَ دِيَارَكِ يَا مُنى نَارَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
إِذَا مُنى ضَحِكَتْ ضَحِكَ الزَّمَانُ لَهَا * وَالْكَوْنُ وَالنَّيِّرَانِ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ
وَقُلْتُ في فَتَاةٍ أُخْرَى اسْمُهَا أُمْنِيَّة، أَعْجَبَني حُسْنُ أَخْلَاقِهَا فَسَعَيْتُ لِلزَّوَاجِ بِهَا في شَبَابي:
أُمْنِيَّةُ الأُمْنِيَّةُ المَأْمُولَة * وَأَظُنُّهَا تُفَّاحَةٌ مَأْكُولَة
وَقُلْتُ أَيْضَاً في ثَالِثَة:
تَيَّمْتِني يَا مَارِيَة * عِشْقَاً وَلَيْتَكِ دَارِيَة
رُحْمَاكِ بي يَا جَارِيَة * فَلَقَدْ كَوَتْني نَارِيَة
وَقُلْتُ في زَوْجَتي وَأُمِّ أَوْلَادِي:
مَلأْتِ جَنْبيَّ يَا حَنَانُ * بِالحُبِّ وَالْوُدِّ وَالْوِئَامِ
فَلَمْ يَعُدْ فِيهِمَا مَكَانُ * لِلبُغْضِ وَالحِقْدِ وَالخِصَامِ
وَمِمَّا قُلْتُهُ فِيهَا مِنَ الزَّجَلِ اللَّطِيف؛ وَالْغَزَلِ الْعَفِيف:
" شَعْرَهَا زَيِّ الكُنَافَة * وْوِسْطَهَا زَيِّ الجَوَّافَة "
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
تَاللهِ لَوْ مَسَّتْ يَدَاهَا وَرْدَةً * لَازْدَادَ طِيبَاً فَوْقَ طِيبٍ طِيبُهَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
فَهَلْ سَمِعْتُمْ بِأَشْجَانٍ كَأَشْجَاني * وَهَلْ سَمِعْتُمْ بِمِثْلِي في الهَوَى ثَانِ
وَقُلْتُ أَيْضَاً بِصِيغَتَين:
كَأَنَّ أَدْمُعَهَا مِنْ فَوْقِ وَجْنَتِهَا * رَمْضَاءُ مِن عَسْجَدٍ حَصْبَاؤُهَا دُرَرُ
كَأَنَّ أَدْمُعَهَا مِنْ فَوْقِ وَجْنَتِهَا * رَمْضَاءُ مِنْ فِضَّةٍ حَصْبَاؤُهَا ذَهَبُ
{وَهُوَ مُسْتَوْحَىً مِنْ فِكْرَةٍ لأَبي نُوَاسٍ قُمْتُ بِتَطْوِيرِهَا}
وَبَيْتُ أَبي نُوَاسٍ هُوَ:
كَأَنَّ صُغْرَى وَكُبْرَى مِنْ فَوَاقِعِهَا * حَصْبَاءُ دُرٍّ عَلَى أَرْضٍ مِنَ الذَّهَبِ
وَقُلْتُ أَيْضَاً مجِيزَاً لِشِعْرِ غَيرِي:
وَأَمْسَى صَيُودُ الغِيدِ صَيْدً لأَغْيَدَا * وَقَدْ يُقْنَصُ البَازِي وَإِنْ كَانَ أَصْيَدَا
{محْمُود سَامِي البَارُودِي صَاحِبُ المِصْرَاعِ الثَّاني، وَأَجَزْتُهُ أَنَا بِالمِصْرَاعِ الأَوَّل}
وَقُلْتُ أَيْضَاً في الْغَيرَةِ عَلَيْهَا:
أَغَارُ عَلَيْكِ مِن أَشْعَارِ غَيْرِي * فَمَا شَبَّبْتُ فِيكِ سِوَى بِشِعْرِي
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
أَغَارُ عَلَيْكِ حَتىَّ مِن أَبِيكِ
وَقُلْتُ في تَقَلُّبِ قُلُوبِ الشُّعَرَاءِ بُنَاءً:
وَسُمِّيَ الْقَلْبُ قَلْبَاً مِنْ تَقَلُّبِهِ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في التَّهَاني:
بِالرَّفَاءِ وَالبَنِين * يَا سَعْدُ أَنْتَ وَسَلْوَى
عِشْتُمَا طُولَ السِّنِين * عَيْشَاً أَحْلَى مِنَ الحَلْوَى
وَلِذَا عِنْدَمَا عَثَرْتُ عَلَى فَتَاةِ أَحْلَامِي كَتَبْتُ فِيهَا لَيْلَةَ الْعُرْسِ هَذِهِ الرَّائِعَةَ الزَّجَلِيَّة:
" عَرُوسِتْنَا قَمَرْ مِلَالي * وِمِترَبِّيَّة عَالغَالي "
" شُوفْتَهَا وِاتْغَيرْ حَالي * وِجَرَالي اللِّي جَرَالي "
" غَاليَة عَلَيَّا غَاليَة عَلَيَّا * وَاغْلَى عَنْدِي مِن عِنَيَّا "
" دَانَا لَفِّيتِ الدُّنيَا دِيَّة * مَا لْقِيتْشِي زَيِّكْ يَا صَبِيَّة "
" جَمِيلَة وْأَمُّورَة وْحِلوَة * وَتِسْتَاهِلْ مِلْيُون غِنوَة "
" زَيِّ اخْوَاتْهَا نجْوَى وْنَشْوَى * وِأَجْمَلْ مِنهُمْ شِوَيَّة "
" جِسْمِ مِتقَسِّمْ تَقسِيمْ * وِرُوحْ أَحْلَى مْنِ النَّسِيمْ "
" وِالعُيُونْ زَيِّ البرْسِيمْ * بَايِنْ فِيهَا سَلَامْةِ النِّيَّة "
" طَيِّبَة وْقَنُوعَة جِدَّاً * وَبَاحِبَّهَا جِدَّاً جِدَّاً "
" وِأَصِيلَة أَبَّاً عَنْ جِدَّاً * رَبِّنَا يخَلِّيهَا لِيَّا "
" كُلَّهَا رِقَّة وْإِحْسَاسْ * وِبِتْحِبِّ تْسَاعِدِ النَّاسْ "
" وِشَايْلَاني فُوقِ الرَّاسْ * رَبِّنَا يُسْترْ عَلَيَّا "
" يَا أَبْيَضْ يَا أَبْيَضَاني * كُلِّ أَوْصَافَكْ عَجْبَاني "
" نَسِّيتْني هُمُومي وْأَحْزَاني * وِالمَتَاعِبْ وِالأَسِيَّة "
" دَا انَا مْشِيتْ مِشْوَارْ طَوِيلْ * أَدَوَّرْ عَلَى بِيتْ أَصِيلْ "
" جِيتْ وَحَطِّيتْ في خَلِيلْ * مَرَاكْبي وِمَرَاسِيَّا "
" وِانْسِي شْوَيَّة يَا جَمِيلَة * إِنِّي عَرِيسِكِ اللِّيلَة "
" وِاعْتبرِيني وَاحِدْ مِالعِيلَة * هَيْقُولْ لِكِ الكِلمَة الجَايَّة "
" جُوزِكِ ان قَدِّمْلِكْ لُقْمَة * كُلِيهَا وِارْضِي بِالْقِسْمَة "
" مِشْ لَازِمْ كُلِّ يُومْ لحْمَة * مَالُه الفُولْ مَالْهَا الطَّعَمِيَّة "
" وِعَشَانْ رَبِّنَا يْبَارِكْ * صُوني أَسْرَارُه وْأَسْرَارِكْ "
" لَا تِشْكِي لجَارْتِكْ وَلَا جَارِكْ * أَحْوَالكُمُ العَائِلِيَّة "
" عَلَى قَدِّ مَا تِقْدَرِي حِبِّيهْ * وِاوْعِي فْيُومْ تِزَعَّلِيهْ "
" أَوْ تِتْنَمْرَدِي عَلِيهْ * لَاحْسَن يِعْمِلْ زَيِّ عَطِيَّة "
" وِآخِرْ حَاجَة هَاقُولْهَالِكْ * خَلِّيهَا دَايْمَاً في بَالِكْ "
" أَوِّلْ مَا اللهْ يْعَدِّلْهَالِكْ * صَلِّي وْصُومِي يَا صَبِيَّة "
" أَنَا مِشْ غَاوِي غَنَاوِي * وَلَا بَاقْعُدْ عَالقَهَاوِي "
" دَا أَنَا شَاعِرْ وِهَاوِي * وِالكِتَابَة عَنْدِي غِيَّة "
" بَادْعُوكْ يَا رَبِّ الأَرْبَابْ * تُرْزُقْ زَيِّي كِدَة الشَّبَابْ "
" دَه حَيَاةِ العُزَّابْ عَذَابْ * وِجَرَّبْنَا العُزُوبِيَّة "
" وِشُكْرَاً لِلمَعَازِيمْ * وِلعَمِّ عَبْدِ الرِّحِيمْ "
" الرَّجُلِ الشَّهْمِ الكَرِيمْ * وِامْرَاتُه السِّتِّ بَدْرِيَّة "
وَقُلْتُ في الحَيرَة:
هَذَانِ أَمْرَانِ لي بِكِلَيْهِمَا ضُرٌّ * خَيَّرْتَني وَالَّذِي أَحْلَاهُمَا مُرٌّ
وَقُلْتُ في الهَدَايَا:
قَدِ اشْتَرَيْنَا لَهُ قَمِيصَا * لَا عَيْبَ فِيهِ وَلَا رَخِيصَا
وَفي الشُّكْرِ عَلَى الهَدَايَا:
أَهْدَيْتَني يَا أَخِي قَمِيصَا * لَا عَيْبَ فِيهِ وَلَا رَخِيصَا
وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ كَتَبْتُهُمَا في كَثِيرِي الثَّرْثَرَةِ بِالمَكْتَبَاتِ الْعَامَّة:
تَرَكُواْ الكُتُبْ حَتىَّ اشْتَكَتْ * وَمِنْ تَصْدِيعِهَا بَكَتْ
أَلَا مَنْ لي بِمَنْ لَوْ نَسِيَ فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ
طُرْفَةٌ مِنْبرِيَّة
كُنْتُ قَدْ حَضَرْتُ خُطْبَةً لِلشَّيْخِ محَمَّد حَسَّان، وَبَيْنَمَا هُوَ يخْطُب إِحْدَى الخُطَبِ الحَمَاسِيَّةِ السَّاخِنَة ـ وَكَانَ الحَدِيثُ فِيهَا عَنِ الهَوَى ـ وَحَوْلَهُ العَرَبَاتُ المُصَفَّحَة، بِصُورَةٍ مخِيفَةٍ مُفْزِعَة، وَبَيْنَمَا هُوَ في مُنْتَصَفِ الخُطْبَة؛ إِذْ سَمِعْنَا أَصْوَاتَ مَدَافِعَ أَوْ قَنَابِلَ مُتَفَجِّرَة ـ قَذَفَ اللهُ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ في الدُّنيَا وَالآخِرَة ـ فَفَرَرْنَا مَذْعُورِينَ حَذَرَ المَوْت، ثمَّ فُوجِئْنَا بِمَا لَمْ يَكُنْ يخْطُرُ لَنَا بِبَال، حَيْثُ اكْتَشَفْنَا أَنَّ هَذِهِ الأَصْوَات؛ لَمْ تَكُنْ سِوَى صَوْتِ المِظَلَاّت، أَحْدَثَهَا الهَوَاءُ في هَذَا القُمَاش؛ فَانْقَلَبَ الخَوْفُ وَالذُّعْرُ إِلى عَجَبٍ وَنِقَاش، وَكَتَبْتُ أَنَا هَذَا البَيْتَ الفَرْد:
غَضِبَ الهَوَا لَمَّا خَطَبْتَ عَنِ الهَوَى * فَحَذَارِ فِيمَا بَعْدُ مِن إِغْضَابِهِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
مَوَاهِبُ عَلَى الرَّصِيف؛ في حُكُومَةِ نَظِيف
لَمَّا كَانَ التَّأْلِيفُ لَا يَأْتِيني بِمَا يَكْفِيني؛ كُنْتُ أَبِيعُ الْكُتُبَ الدِّينِيَّةِ وَالمَصَاحِفَ أَمَامَ بَعْضِ المَسَاجِد؛ فَكَانَ إِمَامُ المَسْجِد [خَالِد عِزّ الدِّين] كَثِيرَاً مَا كَانَ يُدَاعِبُني قَائِلاً: حَمَدَاني سِنْتَر، الحَمَدَاني لِلصَّوْتِيَّات 000 إِلخ، وَكَانَ رَجُلاً مَعْرُوفَاً بِالصَّلَاح؛ وَكَانَ لَهُ صَاحِبٌ ظَرِيفٌ مَزَّاح 00 [اسْمُهُ مِعْبِد] 00 كَانَ كَثِيرَاً مَا كَانَ يُدَاعِبُني قَائِلاً: هَلْ تَأْخُذُ مِنهُ أَرْضِيَّةً يَا شَيخ خَالِد، أَيْنَ وَمَتى سَتَفْتَتِحُ الْفَرْعَ الثَّاني يَا حَمَدَاني 00؟
فَكُنْتُ أُجِيبُهُ الَابْتِسَام؛ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَام، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يُكَرِّرُ هَذَا دَائِمَاً وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ إِجَابَة؛ رَدَدْتُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَابَة:
عَلَامَ النَّقُّ يَا مِعْبِدْ * وَهَلْ ذَا حَالُ مَنْ يُحْسَدْ
وَلَيْسَ لَهُ سِوَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَحْدَهَا مَوْرِدْ
فَهَلْ مَا قُلْتُهُ فِيهِ الْكِفَايَةُ أَمْ أَنَا أَسْرِدْ
وَمَاذَا يَمْلِكُ الْكَرَوَانُ يُحْبَسُ غَيْرَ أَنْ يُنْشِدْ
أَمَا إِنيِّ أَجَبْتُ فَقَطْ وَلَمْ أَغْضَبْ وَلَمْ أَحْقِدْ
وَسَيْفُ هِجَائِيَ الْبَتَّارُ في أَثْوَابِهِ مُغْمَدْ
الأُحَيْمِقُ السَّفِيه
وَقُلْتُ زَجَلاً في إِنْسَانٍ لَا يَتَحَمَّلُ أَيَّةَ مَسْئُولِيَّة:
" وَاللهِ لَبْرِيقُهْ يِشْرَقْ * وِفي شِبرِ مَيَّة يِغْرَقْ "
" دَا اذَا شَبَّعْنَاهْ هَيِزْني * وِاذَا جَوَّعْنَاهْ هَيِسْرَقْ "
" دَلُّوعِةِ ابُوهْ تَرْبِيةِ امُّهْ * إِذَا شَالِ الهَمِّ يِعْرَقْ "
وَقُلْتُ في أُمَنَاءِ الشُّرْطَةِ الَّذِينَ يَسْتَغِلُّونَ مَنْصِبَهُمْ في إِجْبَارِ المُوَاطِنِ المِصْرِيِّ عَلَى دَفْعِ النُّقُود:
" كُلِّ اللِّي مْعَايَا يَا بِيهْ * مَا يْكَمِّلْشِ ثَلَاثَة جْنِيه "
" أَرَوَّحْ حَافي وَلَاّ إِيهْ "
وَقُلْتُ في أَفْرَادِ الشُّرْطَةِ الَّذِينَ عَلَى نَفْسِ الشَّاكِلَة:
مَرَدُواْ عَلَى الْبَطْشِ * وَاسْتَعْذَبُواْ التَّعْذِيبَا
وَقُلْتُ في الطُّغَاة:
ذَهَبَ الَاحْتِلَالُ * وَخَلَّفَ الْعُمَلَاءْ
لَا يُقِيمُونَ العَدْلَا * إِلَاّ عَلَى الضُّعَفَاءْ
وَقُلْتُ في التَّشَفِّي بِهَلَاكِ الظَّالمِين:
ذُوقُواْ فَإِنَّ سُقُوطَكُمْ يَشْفِي صُدُورَ المُؤْمِنِين
أَمْرِيكَا
لَا تَغْتَرِّي يَا أَمْرِيكَا * بِعُلَاكِ لَا تَغْتَرِّي
فَالْقِمَامَةُ دائِمَاً * تَطْفُو فَوْقَ سَطْحِ البَحْرِ
كَتَائِبُ الأَقْصَى
أُنْشُودَةٌ كَتَبْتُهَا لأُهْدِيَهَا لحَمَاسَ وَكَتَائِبِ الأَقْصَى، وَلمجَاهِدِي الَاحْتِلَالِ الأَنجِلُوأَمْرِيكِيِّ فَوْقَ أَرْضِ الْعِرَاق، وَلِكُلِّ مجَاهِدٍ عَلَى أَرْضِ اللهِ الْوَاسِعَة:
سَنَخُوضُ المَعْرَكَةُ الْكُبرَى * وَسَتُدْرِكُ أُمَّتُنَا النَّصْرَا
لَنْ نَتْرُكَ مَسْجِدَنَا الأَقْصَى * سَنُحَرِّرُهُ شِبرَاً شِبرَا
مِنْ زَمَنٍ مَرَّ وَأُمَّتُنَا * سَاهِرَةٌ تَنْتَظِرُ الْفَجْرَا
لَنْ يَرْدَعَ أَمْرِيكَا إِلَاّ * مَنْ يَكْسِرُ شَوْكَتَهَا كَسْرَا
لَنْ نُبْقِيَ في خَلَدِ الدُّنيَا * مِنْ سِيرَتِهَا إِلَاّ الذِّكْرَى
وَسَنَجْعَلُ سُودَ أَفَاعِلِهَا * في أُمَّتِنَا حُمَمَاً حُمْرَا
قَرْنٌ قَدْ مَرَّ وَكَوْكَبُنَا * لَمْ يَرَ مِنهَا قَطٌّ خَيرَا
إِلى مَسْئُول؛ في وَزَارَةِ الْبِتْرُول
لَقَدْ وَصَلَ سِعْرُ الأُسْطُوَانَة إِلى ثمَانِيَةِ جُنَيْهَاتٍ وَنِصْفٍ بِعِزْبَةِ الهَجَّانَة، وَلَا تُبَاعُ إِلَاّ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْل، فَإِلى مَتى نُعَاني هَذَا الْوَيْل 00؟!
صَدَّعْتُمُ الآذَانَ بِالإِنْجَازِ * وَبِمَا اكْتَشَفْتُمْ مِن حُقُولِ الْغَازِ
فَلِمَا يُعَاني الْبَعْضُ يَا قَوْمِي إِذَنْ * في الْبَحْثِ عَن أُنْبُوبَةِ البُوتجَازِ
أَنىَّ سَيَطْبُخُ هَؤُلَاءِ طَعَامَهُمْ * هَلْ يَرْجِعُونَ إِلى وَبُورِ الجَازِ
" المِيكْرُوبَاظ بَاظ مِنْ زَمَان، وِاللِّي كَان كَان "
إِنَّا لَنَحْلُمُ بِالخَلَاصْ * مِنْ مُشْكِلَاتِ المِيكْرُوبَاصْ
نَضْطَرُّ نَرْكَبَهُ لأَنَّا مَا لَنَا عَنهُ مَنَاصْ
فَمَتىَ تُرِيحُواْ الشَّعْبَ مِنهُ يَا جِهَاتِ الإِخْتِصَاصْ
أَزْمَةُ التَّعْلِيم في مِصْر
قَدْ حَطَّمُونَا قَادَةُ التَّعْلِيمِ * في أَرْضِ مِصْرٍ أَيَّمَا تحْطِيمِ
وَمَنَارَةُ التَّعْلِيمِ يَا وُزَرَاءنَا * أَوْلى مِنَ الآثَارِ بِالتَّرْمِيمِ
*********
أَزْمَةُ الإِعْلَامِ؛ في مِصْر
أَفَلَمْ يَجِدْ إِعْلَامُنَا يَا لَلْهَوَان * شَيْئَاً يُحَدِّثُنَا بِهِ غَيرَ الخِتَان
*********
قَدْ صِرْتُ مِثْلَ الشُّعْلَةِ * وَتَرَكْتُ حُبَّ الْعُزْلَةِ
لَمْ أَنْجُ رَغْمَ تَسَاهُلِي * مِنْ شَرِّ أَمْنِ الدَّوْلَةِ
إِيذَاؤُهُمْ لِلْخَلْقِ لَا * يَحْتَاجُ أَيَّ أَدِلَّةِ
الحُكُومَةُ وَقَضَايَا الشَّبَاب
إِذَا مَا الشَّعْبُ عَدَّ لَنَا خُصُومَه * فَسَوْفَ يَكُونُ أَوَّلُهَا الحُكُومَة
تُحَمِّلُ شَعْبَهَا الأَخْطَاءَ دَوْمَاً * تَظَلُّ تَلُومُهُ وَهْيَ المَلُومَة
وَأَهْمَلَتِ الشَّبَابَ وَأَحْبَطَتْهُ * لِمَنْ يَشْكُو الشَّبَابُ إِذَن هُمُومَه
فَيَا لَيْتَ الحُكُومَةَ قَدْ رَعَتْنَا * كَمَا تَرْعَى الطُّفُولَةَ وَالأُمُومَة
الرُّوتِينُ وَالْفَسَاد، الَّذِي اشْتَكَتْ مِنهُ الْبِلَاد
كَمْ ذَا يُعَاني شَعْبُنَا الرُّوتِينَا * حَتىَّ لَهُ صَارَ الْعَنَاءُ قَرِينَا
وَكَأَنَّمَا صُوَرُ الْفَسَادِ بِأَسْرِهَا * في أَرْضِ مِصْرَ تَوَطَّنَتْ تَوْطِينَا
فَمَتىَ يَكُونُ الحَالُ في أَمْصَارِهَا * كَالحَالِ في بَارِيسَ أَوْ بَرْلِينَا
إِنَّا لَنَرْقُبُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي * فِيهِ سَيَشْهَدُ وَضْعُنَا التَّحْسِينَا
فَأَعِن إِلَهِي المُصْلِحِينَ وَقَوِّهِمْ * فِينَا وَمَكِّنْ دِينَهُمْ تَمْكِينَا
وَأَرِحْ عِبَادَكَ مِنْ تَسَلُّطِ عُصْبَةٍ * عَاثَتْ فَسَادَاً في الْبِلَادِ سِنِينَا
زَادَتْ مَظَالِمُهَا وَزَادَ غَلَاؤُهَا * فَنَثُورُ أَحْيَانَاً وَنَصْبِرُ حِينَا
لَيْتَ الحُكُومَةَ تَنْشُدُ الأَخْلَاقَ في * مَنْ قَدْ أَتَاهَا يَطْلُبُ التَّعْيِينَا
عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرَاً مِنْكُمْ إِنَّا إِلى رَبِّنَا رَاغِبُون
أَرِيحُونَا فَقَدْ ظَهَرَ الْفَسَادُ * وَضَجَّتْ مِنهُ في مِصْرَ الْعِبَادُ
مَضَتْ سَبْعُونَ عَامَاً في انْتِظَارٍ * وَلَمَّا تَنْتَهِي السَّبْعُ الشِّدَادُ
قَرَاصِنَةٌ أَبَادُواْ خَيْرَ مِصْرٍ * كَأَنَّهُمُ احْتِلَالٌ أَوْ جَرَادُ
سِوَى أَنَّ الجَرَادَ يَسُدُّ جُوعَاً * وَلَكِنْ مَا لجُوعِهِمُ انْسِدَادُ
يَظَلُّ الشَّعْبُ طُولَ الْعَامِ يَسْقِي * بِأَرْضٍ مَا لَهَا أَبَدَاً حَصَادُ
أَرِيحُواْ شَعْبَ مِصْرَ وَفَارِقُوهُ * فَوَاللهِ لَقَدْ شَكَتِ الْبِلَادُ
إِذَا في قُرْبِكُمْ لَمْ يُرْجَ نَفْعٌ * فَحَتْمَاً سَوْفَ يَنْفَعُ الَابْتِعَادُ
عَجِبْتُ لمِصْرَ تُسْرَقُ مِنْ قُرُونٍ * وَمَا لِكُنُوزِهَا أَبَدَاً نَفَادُ
أَشِيرُواْ لِلْفَسَادِ وَحَاصِرُوهُ * فَأَوَّلُ صَحْوَةِ الشَّعْبِ انْتِقَادُ
فَإِنَّهُمُ رَمَادٌ فَوْقَ جَمْرٍ * فَهَلْ يَبْقَى إِذَا نُفِخَ الرَّمَادُ
بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
الحُكُومَةُ المُسْتَبِدَّة، وَسِيَاسَةُ الشِّدَّة
إِنَّ الْفَسَادَ بِكُلِّ يَوْمٍ يَظْهَرُ * فَمَتى الْكِنَانَةُ مِنهُ سَوْفَ تُطَهَّرُ
مَا بَالُهُمْ إِصْلَاحُهُمْ مُتَبَاطِئٌ * في مَشْيِهِ وَإِذَا مَشَى يَتَعَثَّرُ
إِنَّ الْقَطِيعَ وَإِنْ تَظَاهَرَ بِالرِّضَا * تحْتَ السِّيَاطِ فَإِنَّهُ يَتَذَمَّرُ
عَيْبُ الحُكُومَةِ في الْكِنَانَةِ عِنْدَنَا * هُوَ أَنَّهَا بِالشَّعْبِ لَيْسَتْ تَشْعُرُ
عَنْ صَرْخَةِ المَظْلُومِ تُغْلِقُ أُذْنَهَا * وَعَلَى الْفَسَادِ وَأَهْلِهِ تَتَسَتَّرُ
قَدْ أَصْبَحَ الشَّعْبُ الضَّحُوكُ لِظُلْمِهَا * دَوْمَاً حَزِينَاً مُطْرِقَاً يَتَفَكِّرُ
وَلِذَاكَ مَهْمَا غَيَّرَتْ في شَكْلِهَا * لِيُحِبَّهَا فَالشَّعْبُ مِنهَا يَنْفِرُ
أَفَكُلَّمَا اكْتَشَفَتْ مَصَادِرَ ثَرْوَةٍ * تَزْدَادُ شُحَّاً بَيْنَنَا وَتُقَتِّرُ
وَتَظُنُّ أَنَّ الشَّعْبَ صَدَّقَ كِذْبَهَا * وَخِدَاعَهَا وَالشَّعْبُ مِنهَا يَسْخَرُ
خَيرَاتُ مِصْرَ كَثِيرَةٌ فَلِمَا إِذَن * لَسْنَا نَرَى مِنْ فَائِضٍ يَتَوَفَّرُ
نَهَبُواْ الْبِلَادَ وَأَوْدَعُواْ ثَرَوَاتِهَا * بِحِسَابِهِمْ وَالشَّعْبُ عَارٍ يَنْظُرُ
وَإِذَا اشْتَكَى المِصْرِيُّ كَثْرَةَ ظُلْمِهِمْ * قَالُواْ عَلَيْهِ إِنَّهُ يَتَبَطَّرُ
قِطَطٌ سِمَانٌ كُلَّمَا أَبْصَرْتُهَا * قُلْتُ الْبُغَاثُ بِأَرْضِنَا تَسْتَنْسِرُ
تِسْعُونَ عَامَاً في الْكِنَانَةِ شَعْبُنَا * دَمُهُ يَسِيلُ عَلَى الطَّرِيقِ وَيَقْطُرُ
إِنيِّ بِمِصْرٍ كُلَّمَا عَيْني رَأَتْ * ذَبْحَ الطُّيُورِ فَإِنَّني أَتَطَيَّرُ
أَغْرَى الحُكُومَةَ بِالتَّمَادِي أَنَّهَا * قَدْ صَادَفَتْ في مِصْرَ شَعْبَاً يَغْفِرُ
تَذَمَّرَ: أَيْ ثَارَ وَتَغَضَّبَ، الْبُغَاث: فِرَاخُ النُّسُور، وَتَسْتَنْسِرُ: أَيْ تُصْبِحُ نُسُورَاً كَبِيرَة 0
وَيَتَبَطَّرُ: فِعْلٌ صَحِيحٌ بِمَعْنىَ تَسَخَّطَ؛ وَمِنهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ الشَّاعِرِ الجَاهِلِيّ:
" إِذا ما تَمَطَّى في الحِزامِ تَبَطَّرا "
نُفَوِّضُ أَمْرَنَا إِلىَ اللهِ في الإِعْلَام
نَشْكُو للَّهِ مَوَاجِعَنَا * الظُّلْمُ أَقَضَّ مَضَاجِعَنَا
قَدْ مَلأَتْ لَيْلاً وَنَهَارَاً * صَرَخَاتُ النَّاسِ مَسَامِعَنَا
في كُلِّ طَرِيقٍ نَسْلُكُهُ * نَتَخَيَّلُ فِيهِ مَصَارِعَنَا
مِنْ زَمَنٍ نَبْكِي لَمْ يَمْسَحْ * أَحَدٌ في مِصْرَ مَدَامِعَنَا
فَمَتى الإِعْلَامُ سَيُنْصِفُنَا * كَيْ نَأْخُذَ فِيهِ مَوَاقِعَنَا
عَذَّبْتُمُ المُوَاطِنَ حَيَّاً وَمَيِّتَاً
هَذِهِ قِصَّةُ حَادِثَةٍ خَطِيرَة، رَأَيْتُ أَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ جَدِيرَة، تَدُورُ عَنْ فَتَاةٍ مِنَ الرِّيف، مِنْ بَيْتٍ مُتَدَيِّنٍ طَاهِرٍ وَشَرِيف، كَانَ لِلتَّعْلِيمِ لَدَيْهَا حُبٌّ عَنِيف، لَمْ تَلْتَحِقْ بِالمَكَانِ الَّذِي تُرِيدُهُ لِقَلَّةِ المجْمُوع؛ فَتحَطَّمَتْ آمَالُهَا بِخُصُوصِ هَذَا المَوْضُوع؛ فَقَرَّرَتِ الهُرُوبَ لَيْلاً مُفَارِقَةً الأَهْلَ وَالأَصْحَاب، جَاهِلَةً بِمَا سَتَلْقَاهُ بَعْدَ الهُرُوبِ مِنَ الْعَذَاب ـ وَكَانَتْ مَرِيضَةً بِالَاكْتِئَاب ـ فَجَاءَ الخَبرُ إِلى أَهْلِهَا كَالصَّاعِقَة، بِسُقُوطِهَا مِنْ فَوْقِ عِمَارَةٍ شَاهِقَة، وَلَكَ أَنْ تَتَخَيَّلَ حَجْمَ المَأْسَاة، الَّتي سَبَّبَتْهَا لأَبَوْيْهَا تِلْكَ الْفَتَاة، وَمِمَّا يجْعَلُ الْكَارِثَةَ شَدِيدَة؛ أَنَّهَا الَابْنَةُ الْوَحِيدَة، حَيْثُ لَمْ يُنْجِبَا سِوَاهَا في سَنَوَاتٍ عَدِيدَة 0
لَمْ تَرْحَمِ الحُكُومَةُ المِصْرِيَّةُ أَهْلَ الْفَتَاة، حَيْثُ ظَلُّواْ شَهْرَاً يُسَافِرُونَ لَاسْتِخْرَاجِ شَهَادَةِ الْوَفَاة، وَلَمْ يَسْتَخْرِجُوهَا حَتىَّ هَذِهِ اللَّحْظَة؛ لِمَا تَتَحَلَّى بِهِ الإِجْرَاءَاتُ المِصْرِيَّةُ مِنَ الْبِيرُوقْرَاطِيَّةِ الْبَغِيضَةِ الْفَظَّة، وَالمحْضَرُ لَا نَدْرِي هَلْ سَتَهْتَمُّ بِهِ النِّيَابَةُ أَمْ سَتُقَرِّرُ حِفْظَه، وَتُؤَيِّدُ الْقَضِيَّةَ ضِدَّ مجْهُول، وَيُفْلِتُ الْقَاتِلُ وَيُهْدَرُ دَمُ المَقْتُول، كَعَادَةِ تِلْكَ الحُكُومَةِ الْغَشُومَةِ في إِهْدَارِ حَقِّ المَسَاكِينِ وَمحْدُودِي الدُّخُول؛ وَتَعْلِيقَاً مِنيِّ عَلَى تِلْكَ المُنَغِّصَاتِ كَتَبْتُ أَقُول:
كَانَتْ لَنَا بِنْتٌ وَمَاتَتْ في ظُرُوفٍ غَامِضَة
كُلُّ الأَدِلَّةِ خَلْفَ قِصَّةِ مَوْتِهَا مُتَعَارِضَة
كَانَتْ لِدُنيَانَا الْغَرُورَةِ وَالرَّخِيصَةِ رَافِضَة
قَالُواْ قَدِ انْتَحَرَتْ فَقُلْنَا مِثْلُهَا لَا يَنْتَحِرْ
قَالُواْ بَحَثْنَا لَمْ نَجِدْ خَلْفَ الْقَضِيَّةِ مِن أَثَرْ
قُلْنَا المَبَاحِثُ لَيْسَ في إِمْكَانِهَا شَيْءٌ عَسِرْ
********
أَيُعَذَّبُ المِصْرِيُّ حَيَّاً عِنْدَنَا أَوْ مَيِّتَا
فَلَقَدْ رَأَيْنَا مَا عَجَزْنَا بَعْدَهُ أَنْ نَصْمُتَا
إِنَّ الحُكُومَةَ شُغْلُهَا في مِصْرَ أَنْ تَتَعَنَّتَا
عِزْبَةُ الهَجَّانَة
وَقُلْتُ في مِنْطَقَتِي " عِزْبَةِ الهَجَّانَة " ـ عَلَى مَا لَقِينَا فِيهَا مِنَ الظُّلْمِ وَالإِهَانَة:
فَعِزْبَتُنَا الحُكُومَةُ أَهْمَلَتْهَا * وَمِن إِصْلَاحِهَا نَفَضَتْ يَدَيْهَا
فَيَا نُوَّابَ هَذَا الشَّعْبِ قُومُواْ * وَأَلْقُواْ نَظْرَةً مِنْكُمْ عَلَيْهَا
جَشَعُ بَعْضِ المُسْتَثْمِرِين
مَا بَالُ قَوْمٍ عِنْدَهُمْ أَمْوَالُ * في مِصْرَ مِنهُمْ زَادَ الاِسْتِغْلَالُ
مَا دَامَ فِينَا هَؤُلَاءِ فَبَيْنَنَا * وَوُصُولِ مِصْرَ إِلىَ الْعُلَا أَمْيَالُ
لَمْ يَنْظُرُواْ لِشُعُوبِهِمْ تِلْكَ الَّتي * ثَقُلَتْ عَلَى أَعْنَاقِهَا الأَغْلَالُ
وَلَرُبَّمَا مَنَعُواْ الزَّكَاةَ وَأَظْهَرُواْ * إِفْلَاسَهُمْ بِبَرَاعَةٍ وَاحْتَالُواْ
إِنيِّ نَظَرْتُ بِمِصْرَ لَمْ أَرَ مَصْنَعَاً * إِلَاّ وَفِيهِ يَشْتَكِي الْعُمَّالُ
كُلُّ الْبِلَادِ غَنِيُّهَا مُتَعَاطِفٌ * إِلَاّ بِمِصْرَ غَنِيُّهَا مخْتَالُ
وَلِذَا أَصَابَتْ شَعْبَ مِصْرَ مجَاعَةٌ * وَنحَافَةٌ في جِسْمِهِ وَهُزَالُ
كَمْ فَوْقَ أَكْتَافِ الْفَقِيرِ مِنَ الأَسَى * قَدْ حُمِّلَتْ وَتَرَاكَمَتْ أَثْقَالُ
وَالْفَقْرُ دَاءٌ في سَبِيلِ دَوَائِهِ * لَا يَنْفَعُ التَّطْعِيمُ وَالأَمْصَالُ
يَا رَبِّ لُطْفَاً بِالْعِبَادِ وَرَحْمَةً * فَتَدَهْوَرَتْ بِعِبَادِكَ الأَحْوَالُ
تَعْلِيقٌ أَخِيرٌ عَلَى تَصْرِيحَاتِ الْبَابَا
أَرْجُو أَنْ يُسَامحَني عَلَى التَّأْخِيرِ كُلُّ قَارِئٍ وَقَارِئَة، فَلَقَدْ كَانَتْ عِنْدِي ظُرُوفٌ طَارِئَة، اسْتَدْعَتْ سَفَرِي بِصُورَةٍ مُفَاجِئَة 00!!
أَقُولُ لِلْغَرْبِ الَّذِي أَطَلَّ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ الْقَبِيحِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّة، وَلِلْبَابَا الَّذِي أَعَادَ الْكَرَّة، وَلِكُلِّ الحَاقِدِينَ عَلَى الإِسْلَام، الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ التَّعَايُشَ مَعَ الآخَرِ في سَلَام:
بِقُلُوبِكُمْ لِلمُسْلِمِينَ ضَغَائِنُ * وَالحِقْدُ فِيكُمْ مُسْتَقِرٌّ كَامِنُ
أَبْدَتْ لَنَا الأَحْقَادُ مَا بِنُفُوسِكُمْ * صَدَقَ الَّذِي قَالَ الشُّعُوبُ مَعَادِنُ
إِنْ تَفْخَرُواْ بِالصِّدْقِ أَوْ لَا تَفْخَرُواْ * لَنْ يَسْبِقَ الْفَرَسَ الأَصِيلَ بَرَاذِنُ
كَذَبُواْ عَلَى الإِسْلَامِ حِينَ تَيَقَّنُواْ * أَنْ لَيْسَ في الإِسْلَامِ قَطُّ مَطَاعِنُ
إِنْ كَانَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ تَهَاوَنُواْ * بِالدِّينِ كَيْفَ الْغَرْبُ لَا يَتَهَاوَنُ
تَجَاوُزَاتُ المُنْتَدَيَات، وَمَا يحْدُثُ بِهَا التَّعَدِّيَات
إِنيِّ كَتَبْتُ مُنَدِّدَا * بِتَجَاوُزَاتِ المُنْتَدَى
فَرَأَيْتُ فِيهِ مُصْلِحَاً * وَرَأَيْتُ فِيهِ المُفْسِدَا
وَرَأَيْتُ فِيهِ فِضَّةً * وَرَأَيْتُ فِيهِ عَسْجَدَا
وَرَأَيْتُ فِيهِ المُغْرِضِينَ الحَاقِدِينَ الحُسَّدَا
ثُقَلَاءُ يَأْبى السَّيْفُ أَنْ * يَبْقَى عَلَيْهِمْ مُغْمَدَا
كَمْ كُنْتُ أَبْحَثُ فَتْرَةً * لأَرَى مَقَالاً جَيِّدَا
وَرَأَيْتُ فِيهِ أَخَا المُرُوءةِ وَالشَّهَامَةِ وَالنَّدَى
كَأَخِي السَّعَادَةِ بَلْ وَلَن * أَنْسَى الْفَتى المُتَمَرِّدَا
وَكَمُشْرِفَاتٍ فُضْلَيَاتٍ مِثْلِ حَبَّاتِ النَّدَى
أَنَاْ لَمْ أُجَامِلْهُمْ بِشِعْرِي قَبْلَ أَن أَتَأَكَّدَا
نمُوذَجٌ مِنْ تَصَرُّفَاتي الشِّعْرِيَّة
لَا تَظْلِمَنَّ إِذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرَاً * الظُّلْمُ تَرْجِعُ عُقْبَاهُ إِلى النَّدَمِ
تَنَامُ عَيْنَاكَ وَالمَظْلُومُ مُنْتَبِهٌ * يَدْعُو عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللهِ لَمْ تَنَمِ
{الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِب}
تَصَرَّفْتُ فِيهِمَا كَعَادَتي بِوَضْعِ تَصْرِيعٍ لَهُمَا، وَبِتَلَافي اجْتِمَاعِ العَيْنَيْنِ المُتَتَالِيَتَيْنِ في كَلِمَتيْ:
" تَرْجِعُ عُقْبَاه " 00 فَقُلْت:
لَا تَظْلِمَنَّ فَإِنَّ الظُّلْمَ كَالظُّلَمِ * الظُّلْمُ تُفْضِي عَوَاقِبُهُ إِلى النَّدَمِ
تَنَامُ عَيْنَاكَ وَالمَظْلُومُ مُنْتَبِهٌ * يَدْعُو عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللهِ لَمْ تَنَمِ
وَقُلْتُ في الَاعْتِذَار:
أَتجْفُوني هَذِي الجَفْوَة * يَا خَيرَ النَّاسِ مِن هَفْوَة
لِكُلِّ حِصَانٍ كَبْوَة * وَكُلِّ يَمَانٍ نَبْوَة
وَقُلْتُ في قِلَّةِ الحِيلَة، الَّتي قَدْ تَدْفَعُ الشَّخْصِيَّةَ النَّبِيلَة؛ لِلرِّضَا في النِّهَايَةِ وَالتَّسْلِيم؛ لِلْوَضْعِ الْوَخِيم:
وَنِصْفَ العَمَى يَرْضَاهُ مَنْ ضَاقَ حَظُّهُ * عَلَيْهِ وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
وَقُلْتُ مُتَصَرِّفَاً في مَعْنى أَنَّ السَّابِقِين؛ لَمْ يَدَعُواْ شَيْئَاً لِلَاّحِقِين:
فَمَا أَفْلَتَتْ صُغْرَى مِنَ المُتَقَدِّمِ * وَهَلْ تَرَكَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدِّمِ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ لي، وَالآخَرُ لِعَنْتَرَة}
وَمَا نُرْسِلُ بِالآَيَاتِ إِلَاّ تَخْوِيفَا
وَقُلْتُ في الأَنْفِلْوَانْزَا الَّتي اجْتَاحَتِ الْعَالَمَ سَنَة 2005:
كُلُّ الْعَالَمِ يَشْكُو الْعَجْزَا * في مُشْكِلَةِ الأَنْفِلْوَانْزَا
بَعَثَ اللهُ حِينَ عَصَيْنَا * هَذَا الطَّاعُونَ لَنَا رِجْزَا
وَكَتَبْتُ أَيْضَاً:
إِنَّا عَجِبْنَا مِنْ دَجَاجٍ يَعْطَسُ * وَيُصَابُ مِنهُ بِالأُلُوفِ وَيَفْطَسُ
اللَّحْمُ غَالٍ وَالدَّجَاجُ مُقَارِبٌ * قَدْ كَانَ يَأْكُلُهُ الْفَقِيرُ المُفْلِسُ
فَاللهُ في عَوْنِ الْفَقِيرِ فُطُورُهُ * وَغَدَاؤُهُ طَعْمِيَّةٌ وَمُدَمَّسُ
وَمِمَّا قُلْتُهُ في المُنَاخِ وَالطَّقْس:
إِنَّ السَّمَا مَا أَمْطَرَتْ * لَكِنَّهَا تَتَبَوَّلُ
فَوْقَ الرُّءوسِ وَقَدْ رَأَتْ * أَحْوَالَنَا " تَتَقَنْدَلُ "
مُتْعَةُ السَّفَرِ بِالْقِطَار
أُفَضِّلُ أَن أُسَافِرَ بِالْقِطَارِ * يَشُقُّ طَرِيقَهُ بَينَ الصَّحَارِي
أُحِبُّ رُكُوبَهُ مِن غَيْرِ شَرْطٍ * أَبِالْبَنْزِينِ سَارَ أَمِ الْبُخَارِ
مُشَاهَدَةُ الحُقُولِ بِجَانِبَيْهِ * شِفَاءٌ لِلصِّغَارِ وَلِلْكِبَارِ
وَطَوْرَاً تحْتَ وَجْهِ الأَرْضِ يَمْشِي * وَيَمْشِي تَارَةً فَوْقَ الْكَبَارِي
تَرَاهُ مُسْرِعَاً دَوْمَاً كَلِصٍّ * يَلُوذُ مِنَ الحُكُوَمَةِ بِالْفِرَارِ
وَيَجْرِي فَوْقَ خَطٍّ مُسْتَقِيمٍ * لِذَلِكَ لَا يَحِيدُ عَنِ المَسَارِ
وَطَوْرَاً تحْتَ وَجْهِ الأَرْضِ يَجْرِي * وَيَجْرِي تَارَةً فَوْقَ الْكَبَارِي
فَيَبْلُغُ بِالمُسَافِرِ مُنْتَهَاهُ * وَحَيْثُ يُرِيدُ لَكِنْ في وَقَارِ
طَقْسٌ غَرِيب
وَقُلْتُ في تَقَلُّبَاتِ الطَّقْسِ الحَادَّةِ وَالسَّرِيعَة:
الصَّيْفُ يَلْعَبُ وَالشِّتَاءُ عَلَى حِسَابِ الصِّحَّةِ
وَالشَّعْبُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الخَصْمَينِ غَيْرَ " الكُحَّةِ "
وَمِمَّا قُلْتُهُ في المَطَرِ أَيْضَاً:
الأَرْضُ تَضْحَكُ وَالسَّمَاءُ تَبْكِي * وَالكُلُّ صُمٌّ وَالزَّمَانُ يَحْكِي
وَقُلْتُ في السَّحَاب:
جِبَالٌ فَوْقَنَا وَتَسِيرُ سَيرَا * إِذَا سَقَطَتْ عَلَيْنَا كَانَ خَيرَا
السِّكِيرْتِيرَةُ غَيرُ الحَسْنَاء
وَهَذِهِ أَبْيَاتٌ كَتَبْتُهَا في سِكِيرْتِيرَةٍ ثَقِيلَة، لَا هِيَ مُهَذَّبَةً وَلَا جَمِيلَة:
مَاذَا فَعَلْنَا يَا رِضَا * لِيَكُونَ وَجْهُكِ مُعْرِضَا
أَيْنَ الَّتي يَأْبى الْفَتى مِنْ لُطْفِهَا أَنْ يَنهَضَا
وَإِذَا رَآهَا قَالَ ذَا يَوْمٌ أَرَاهُ أَبْيَضَا
في بَعْضِهِنَّ شَرَاسَةُ الأَسَدِ الَّذِي مَا رُوِّضَا
وَتَكَادُ إِنْ كَلَّمْتَهَا مِنْ ثُقْلِهَا أَن تَمْرَضَا
كَفَاكِ يَا نَفْس
وَمِمَّا قُلْتُهُ في الإِحْسَاسِ بِالنَّدَمِ عَلَى بَعْضِ الخَطَايَا، الَّتي اقْتَرَفْتُهَا أَيَّامَ صِبَايَا:
أَفكُلَّمَا يَسَّرْتَ لي * سُبُلَ الهِدَايَةِ كَيْ أَتُوبْ
لَطَّخْتُ نَفْسِي بِالخَطَا * يَا وَالمَعَاصِي وَالذُّنُوبْ
وَقُلْتُ مُبْتَهِلاً إِلى الله؛ لِيُنْقِذَ المُسْلِمِينَ مِن هَذِهِ المُعَانَاة:
أَفَتَنهَشُ فِينَا * يَا رَبي أَعَادِينَا
وَكَأَنَّنَا لَسْنَا * لَنَا رَبٌّ يحْمِينَا
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
ارْحَمْ عِبَادَكَ يَا رَحِيمْ * وَاحْلُمْ عَلَيْهِمْ يَا حَلِيمْ
إِنْ كَانَ قَصَّرَ بَعْضُهُمْ * نَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمْ
فَأَنِرْ طَرِيقَ المُسْلِمِينَ بِذَلِكَ اللَّيْلِ الْبَهِيمْ
ثَبِّتْ خُطَاهُمْ أَجْمَعِينَ عَلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
أَلَا هَلْ يُوَفَّقُ رَبِّ أَهْلُ البَاطِلِ * وَيُتْرَكُ مِثْلِي كَالقِطَارِ العَاطِلِ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
أَيَعُوقُ مِثْلِي عَنْ مَسِيرَتِهِ القَدَرْ * وَيَسِيرُ أَهْلُ الفِسْقِ في ضَوْءِ القَمَرْ
إِنْ تُعَذِّبْنَا فَإِنَّا عِبَادُك
نَتَوَسَّلُ إِلَيْك: حَنَايْكَ بِنَا حَنَايْك
يَا رَبِّ فَضْلُكَ وَاسِعُ * وَلَدَيْكَ عَبْدٌ ضَائِعُ
فَاعْذِرْهُ يَا رَبيِّ إِذَا * كَانَتْ لَدَيْهِ مَطَامِعُ
طَالَ بِنَا المَسْعَى
وَقُلْتُ مُسْتَغِيثَاً بِاللهِ في بَعْضِ مَا مَرَّ بي مِنَ المحَنِ وَالْبَلْوَى، وَطُولِ السَّعْيِ بِدُونِ جَدْوَى:
سَعَيْتُ بِلَا جَدْوَى طَوِيلاً وَلَا أَمَلْ * وَلَاقَيْتُ في مَسْعَايَ مَا لَيْسَ يُحْتَمَلْ
لَقَدْ بَلِيَا خُفَّا حُنَينٍ مِنَ السُّرَى * بِلَا نَاقَةٍ يَا رَبِّ عُدْنَا وَلَا جَمَلْ
*********
أَيَا رَبِّ إِنَّ النَّجْمَ يَتْعَبُ في الفَلَكْ * وَلَسْتُ بِنَجْمٍ لَا يَئِنُّ وَلَا مَلَكْ
تَطِيشُ النُّجُومُ عَنِ المَدَارِ وَلَمْ أَطِشْ * وَلَوْ وَاحِدٌ غَيرِي رَأَى بُؤْسِي هَلَكْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
لَقَدْ أَصْبَحَ الإِحْبَاطُ يَا رَبِّ عَادَتي * وَأَوْشَكْتُ أَن أَنْسَى مَذَاقَ السَّعَادَةِ
مَنْ لِلظَّالمِينَ غَيرُكَ يَا رَبّ
عَظُمَتْ مُصِيبَتُنَا عَلَى أَنْ نَصْبرَا * وَيَصُونُنَا إِيمَانُنَا أَنْ نَضْجَرَا
فَانْصِفْ عِبَادَكَ مِن عِبَادِكَ رَبَّنَا * وَاخْسِفْ بِكُلِّ مَنِ افْتَرَى وَتَجَبَّرَا
تَفَرْعُنُ أَبْنَاءِ الْفَرَاعِنَة
حَتىَّ مَتى يَا رَبِّ أَبْقَى هَكَذَا * وَأَظَلُّ أَحْتَمِلُ الأَذَى مِنْ ذَا وَذَا
لَمْ أُمْنَ قَطُّ بِنَكْبَةٍ وَيَجِيئُني * أَحَدُ الأَحِبَّةِ في الْكِنَانَةِ مُنْقِذَا
لَمْ أُمْنَ قَطُّ بِنَكْبَةٍ وَأُلَاقِ مَنْ * يَأْتي إِليَّ مِنَ الأَحِبَّةِ مُنْقِذَا
ابْنٌ لِفِرْعَوْنٍ يُرِيدُ تَفَرْعُنَاً * وَابْنٌ لِنُمْرُوذٍ يُرِيدُ تَنَمْرُذَا
وَكِلَاهُمَا يَرْمِي السِّهَامَ غَزِيرَةً * نحْوِي لَيَقْتُلَني لِكَيْ يَتَتَلْمَذَا
لَمْ يُجْدِ أَن أَلْقَاهُمَا مُتَدَرِّعَاً * أَوْ يُجْدِ أَن أَلْقَاهُمَا مُتَخَوِّذَا
قَوْمٌ لَوِ الشَّيْطَانُ أَبْصَرَ فِعْلَهُمْ * لَاحْتَاطَ خَوْفَاً مِنهُمُ وَتَعَوَّذَا
{الثَّاني بِالرَّفْع، وَالثَّالِثُ بِالجَزْم، يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
أَتُغْلِقُ في وَجْهِي بَابَكْ * وَتَقْطَعُ عَنيِّ أَسْبَابَكْ
غَضِبْتَ عَلَيْنَا أَمْ مَاذَا * أَلَسْنَا رَبيِّ أَحْبَابَكْ
محْنَةُ الْبَحْثِ عَن عَرُوس
لَا تَحْرِمَنِّيَ يَا رَبيِّ مِنِ امْرَأَةٍ * عَيْني تَقَرُّ بِهَا في الخَلْقِ وَالخُلُقِ
أَنْسَى بِهَا مُرَّ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ محَنٍ * وَيَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ الجَدْبِ بِالوَرَقِ
وَقُلْتُ بَعْدَ زَوَاجِي:
فَسُبْحَانَ مَن أَوْلَاني * فَرْحَةً بَعْدَ الأَحْزَاني
فَكُنْتُ تحْتَ التُّرَابْ * وَصِرْتُ فَوْقَ السَّحَابْ
وَقُلْتُ مُسْتَغْفِرَاً وَمُبْتَهِلاً:
رُحْمَاكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين
لَن أَبْرَحَ بَابَكَ يَا رَبيِّ * إِلَاّ أَنْ تَغْفِرَ لي ذَنْبي
أَنَاْ مُنْذُ عَصَيْتُكَ في نَدَمٍ * وَتَحُزُّ ذُنُوبيَ في قَلْبي
وَقُلْتُ:
أَفكُلَّمَا يَسَّرْتَ لي * سُبُلَ الهِدَايَةِ كَيْ أَتُوبْ
لَطَّخْتُ نَفْسِي بِالخَطَا * يَا وَالمَعَاصِي وَالذُّنُوبْ
وَقُلْتُ:
اعْفُ يَا مَوْلَايَ عَنيِّ * وَامْحُ مَا قَدْ كَانَ مِنيِّ
لَا تُعَاقِبْني فَإِنيِّ * فِيكَ قَدْ أَحْسَنْتُ ظَنيِّ
وَقُلْتُ:
يَا رَبِّ عَامِلْني بجُودِكَ لَا بِمَا كَسَبَتْ يَدِي
قَدْ قِيلَ لي مَنْ جَاءَ بَابَكَ رَاجِيَاً لَمْ يُطْرَدِ
وَلِذَا جَعَلْتُكَ وِجْهَتي يَا ذَا الجَلَالِ وَمَقْصِدِي
أَنَاْ مَا بَغَيْتُ وَلَا اعْتَدَيْتُ وَلَا أَعَنْتُ المُعْتَدِي
كَلَاّ وَلَا عِنْدِي صِفَاتُ الجَاحِدِ المُتَمَرِّدِ
وَلِغَيْرِ وَجْهِكَ جَبْهَتي يَا خَالِقِي لَمْ تَسْجُدِ
إِنْ كُنْتُ حِدْتُ عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنَّني لَمْ أَبْعُدِ
ذَلِّلْ لِعَبْدِكَ كُلَّ أَمْرٍ مُعْضِلٍ وَمُعَقَّدِ
مَا بَالُ حَظِّي أَغْلَبَ الأَوْقَاتِ مِثْلَ الإِثْمِدِ
قَدْ طَالَ صَبرِي في الحَيَاةِ عَلَى الأَذَى وَتجَلُّدِي
هَلْ سَوْفَ يَبْدَأُ بَعْدَ مَوْتي يَا إِلَهِي مَوْلِدِي
وَقُلْتُ أَيْضَاً مُتَضَرِّعَاً:
شَكَوْتُ هُمُومِي إِلى اللهِ رَبيِّ
فَقَدْ كِدْتُ أَقْضِي مِنَ الهَمِّ نَحْبي
وَمِنْ كَثْرَةِ الظُّلْمِ قَدْ ذَابَ قَلْبي
وَبَلَّتْ دُمُوعِي رِدَائِي وَثَوْبي
فَيَا رَبِّ فَرِّجْ هُمُومِي وَكَرْبي
وَقُلْتُ أَيْضَاً مُتَضَرِّعَاً مُتَخَيِّلاً يَوْمَ الحِسَابِ وَمَا سَأَقُولُ فِيه:
اغْفِرْ لِعَبْدِكَ يَا غَفُورْ * وَالْطُفْ بِهِ يَوْمَ النُّشُورْ
أَكْرِمْ وِفَادَتَهُ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ عَبْدٌ شَكُورْ
قَدْ كَانَ في الدُّنيَا لَهُ أَعْمَالُ خَيرٍ كَالزُّهُورْ
وَمُؤَلَّفَاتٌ في الْفَضِيلَةِ كُلُّهَا خَيرٌ وَنُورْ
وَالخَيرُ عِنْدَكَ يَا إِلَهِي لَا يَضِيعُ وَلَا يَبُورْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
يَا رَبِّ إِنْ لَمْ أَكُن أَهْلاً لمَكْرُمَةٍ * فَأَنْتَ أَهْلٌ لإِعْطَائِي بِلَا سَبَبِ
في ذِكْرَى المَوْلِدِ النَّبَوِيّ
الْيَوْمَ يَوْمُ المَوْلِدِ * وَالْكَوْنُ مِثْلُ الْعَسْجَدِ
قَدْ جَاءَ شَهْرُ المَوْلِدِ * وَالْكَوْنُ مِثْلُ الْعَسْجَدِ
قَدْ غَنَّتِ الْوَرْقَاءُ فِيهِ عَلَى الْغُصُونِ المُيَّدِ
أَيْنَ الَّذِي شَتَمَ الرَّسُولَ وَكُلُّ وَغْدٍ مُلْحِدِ
لِيرَى جُمُوعَ المُسْلِمِينَ وَحُبَّهَا لمحَمَّدِ
مَا قَلَّ قَدْرُكَ بِالإِسَاءةِ مِنهُمُ يَا سَيِّدِي
بَلْ زَادَ قَدْرُكَ في الْقُلُوبِ وَخَابَ سَعْيُ المُعْتَدِي
لَا خَيرَ في شِعْرِي إِذَا في المُصْطَفَى لَمْ يُنْشَدِ
مَنْ لَا يَرَى فِيهِ الْفَضِيلَةَ وَالتُّقَى كَالأَرْمَدِ
صَلِّي عَلَيْهِ يَا أَخِي مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ تَسْعَدِ
في ذِكْرَى الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاج
في حَادِثِ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ * الْكَوْنُ يَلْبَسُ حُلَّةَ الدِّيبَاجِ
لِيَقُولَ لِلْمَبْعُوثِ فِينَا رَحْمَةً * الْقَوْمُ لَا زَالُواْ عَلَى المِنهَاجِ
فَسَفِينَةُ الإِسْلَامِ تجْرِي كَالرَّحَى * في طَحْنِهَا لِلْبَحْرِ وَالأَمْوَاجِ
وَالمُقْبِلُونَ عَلَى اعْتِنَاقِ طَرِيقِهَا * يَأْتُونَ مخْتَارِينَ بِالأَفْوَاجِ
فَأَعِن إِلَهِي المُسْلِمِينَ وَقَوِّهِمْ * في ذَلِكَ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ الدَّاجِي
وَابْعَثْ إِلَيْهِمْ مَنْ يُوَحِّدُ صَفَّهُمْ * للهِ لَا لِلْعَرْشِ أَوْ لِلتَّاجِ
المَدِينَةُ المُنَوَّرَة (قَصِيدَةٌ عَمُودِيَّة)
نُفُوسُنَا تَتُوقُ لِلْمَدِينَةِ المُنَوَّرَة
وَدَائِمَاً تُحِبُّهَا * وَإِنْ تَكُنْ مُقَصِّرَة
لِذَا لأَجْلِهَا كَتَبْتُ مِدْحَةً مُعَبِّرَة
لِكَيْ تَكُونَ صُورَةً * لِحُبِّهَا مُصَغَّرَة
*
نَسِيمُهَا تَفُوحُ مِنهُ السِّيرَةُ المُعَطَّرَة
وَأَهْلُهَا وُجُوهُهُمْ * بَشُوشَةٌ وَمُقْمِرَة
نُفُوسُهُمْ نَقِيَّةٌ * تَقِيَّةٌ وَخَيِّرَة
لَيْسَتْ طِبَاعُهُمْ غَلِيظَةً وَلَا مُنَفِّرَة
*
إِنْ كُنْتُ لَمْ أَزُرْكِ قَطُّ مَرَّةً فَمَعْذِرَة
دَوْمَاً بِمِصْرَ حَالَةُ الأَدِيبِ غَيرُ مُوسِرَة
لِذَا اكْتَفَيْتُ أَن أَرَاكِ في الرُّؤَى المُبَشِّرَة
*
وَمَكَّةُ المُكَرَّمَة * مَدِينَةٌ مُعَظَّمَة
وَمَدْحُهَا يُحِبُّ كُلُّ شَاعِرٍ أَنْ يَنْظِمَه
قُلُوبُنَا بِحُبِّهَا * مَلِيئَةٌ وَمُفْعَمَة
وَحَوْلَ بَيْتِهَا الحَرَامِ رُوحُنَا مُحَوِّمَة
اللهُمَّ عَلَيْكَ بِالْيَهُود
إِذَا مَا بحَثْتَ بِهَذَا الْوُجُودْ * عَنِ الشَّرِّ كَانَ بِفِعْلِ الْيَهُودْ
خِدَاعٌ وَمَطْلٌ وَقَتْلٌ وَبَطْشٌ * وَغِشٌّ وَغَدْرٌ بِكُلِّ الْعُهُودْ
وَمَا سَفْكُهُمْ لِلدِّمَاءِ غَرِيبَاً * فَكَمْ قَتَلَ الأَنْبِيَاءَ الجُدُودْ
وَشَعْبُ فِلَسْطِينَ خَيْرُ دَلِيلٍ * عَلَى كُلِّ قَهْرٍ يَفُوقُ الحُدُودْ
تَحَمَّلَ أَبْنَاؤُهُ في السُّجُونِ * عَذَابَاً لَهُ تَقْشَعِرُّ الجُلُودْ
وَلَمَّا يَزَلْ صَامِدَاً وَاثِقَاً * بِتَحْرِيرِهِ الْقُدْسَ بَعْدَ الصُّمُودْ
فَيَا شَعْبُ وَاصِلْ وَقَاتِلْ وَجَاهِدْ * فَحَتْمَاً سَتُؤْتي الثِّمَارَ الجُهُودْ
فَلَمْ يَبْخَلِ اللهُ بِالنَّصْرِ يَوْمَاً * عَلَى أُمَّةٍ بِالدِّمَاءِ تَجُودْ
وَحَتْمَاً سَتَرْحَلُ عَن أَرْضِنَا * خَفَافِيشُهُمْ وَتَسُودُ الأُسُودْ
وَيَخْرُجُ مَهْدِيُّنَا عَنْ قَرِيبٍ * وَلِلدِّينِ عِزَّتُهُ سَتَعُودْ
وَمِمَّا كَتَبْتُهُ في الْيَهُودِ أَيْضَاً هَذَا النَّشِيد:
نَشيدُ اليَهُود
يَا يَهُودْ يَا يَهُود * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ
سَيَأْتي الْيَوْمُ المَوْعُود * وَسَتَلْتَقِي الجنُودْ
بِالدَّمِ سَوْفَ نجُودْ * وَسَتَسُودُ الأُسُودْ
وَنُعِيدُ لِلْيَهُودْ * مَا قَدْ مَضَى مِن عُهُودْ
* * * * * * * *
يَا يَهُودْ يَا يَهُود * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ
مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ قُوَّة * فَإِنَّ اللهَ مَوْجُودْ
يَا أَحْفَادَ الخَنَازِير * وَيَا أَحْفَادَ الْقُرُودْ
غَدَرْتُمْ بِالمُسْلِمِينْ * كَمَا غَدَرَ الجُدُودْ
فَلَمْ تُحْسِنُواْ الجِوَارْ * وَلَمْ تَفُواْ بِالْوُعُودْ
رَغْمَ الضَّعْفِ رَغْمَ الخَوْفِ * لَمْ تَزَلْ فِينَا أُسُودْ
سَنُوَحِّدُ الصُّفُوفْ * وَسَنَحْشُدُ الحُشُودْ
سَنُعِيدُ لِلُبْنَانَ * وَالْقُدْسِ الحُلْمَ المَنْشُودْ
إِنَّ المُسْلِمِينَ قَوْمٌ * لَا يَعْرِفُونَ الْقُعُودْ
بَلْ يَعْرِفُونَ الجِهَادَ * وَيَعْرِفُونَ الصُّمُودْ
سَنُشْعِلُهَا نِيرَانَاً * أَنْتُمُ لَهَا وَقُودْ
زَرَعْتُمْ في الأَرْضِ الشَّوْكَا * وَسَنَزْرَعُ الْوُرُودْ
وَسَتَحْصُدُونَ مَا * قَدْ زَرَعْتُمْ في عُقُودْ
مَعَكَ الله؛ يَا جَيْشَ حِزْبِ الله
فَرَّحْتَنَا يَا جَيْشَ حِزْبِ اللهِ * فَأَدِمْ عَلَيْنَا النَّصْرَ مِنْهُ إِلَهِي
لَا زَالَ يَقْصِفُ لِلْيَهُودِ حُصُونَهُمْ * بِبَسَالَةٍ جَلَّتْ عَنِ الأَشْبَاهِ
وَلِذَا جُمُوعُ المُسْلِمِينَ تَرَاهُمُ * أَثْنَواْ عَلَيْهِ بِأَلْسُنٍ وَشِفَاهِ
لِلصِّدْقِ وَالإِخْلَاصِ فِيهِ فَإِنَّهُ * لَمْ يَسْعَ قَطُّ لِمَنْصِبٍ أَوْ جَاهِ
مَا لَمْ يَجِئْ بِالسِّلْمِ طَوْعَاً أَهْلَهُ * لَا شَكَّ سَوْفَ يَجِيءُ بِالإِكْرَاهِ
بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني
مَوْقِفُكُمُ المُتَخَاذِلُ يَدْعُو لِلْعَجَب؛ يَا حُكَّامَ الْعَرَب
إِنيِّ بَحَثْتُ فَمَا وَجَدْتُ سَبِيلَا * إِلَاّ الجِهَادَ لِرَدْعِ إِسْرَائِيلَا
وَاللهِ إِنَّ صَنِيعَ هِتْلَرَ فِيهِمُ * قَدْ كَانَ حُكْمَاً عَادِلاً وَقَلِيلَا
أَيُحَرِّمُونَ عَلَى حَمَاسَ دِفَاعَهَا * وَيُحَلِّلُونَ لِغَيرِهَا التَّقْتِيلَا
فَتَفَرَّغُواْ لِلْقُدْسِ يَا حُكَّامَنَا * أَوْضَاعُهَا لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَا
للهِ هَارُونُ الرَّشِيدُ فَلَوْ رَأَى * أَحْوَالَهَا مَلأَ الْبِلَادَ صَهِيلَا
فَتَعَجَّلُواْ يَا قَوْمِ في إِنْقَاذِهَا * فَالْكُلُّ يَرْجُو مِنْكُمُ التَّعْجِيلَا
الْغَرْبُ لَنْ يَرْضَى وَأَمْرِيكَا وَلَوْ * أَوْسَعْتُمُ كَفَّيْهِمَا تَقْبِيلَا
لَنْ يَسْتَرِدَّ الْقُدْسَ مُؤْتَمَرٌ وَلَا * دُوَلٌ تُجِيدُ الزَّمْرَ وَالتَّطْبِيلَا
هَذِي السِّيَاسَةُ في التَّعَامُلِ مَعْهُمُ * تَحْتَاجُ يَا حُكَّامَنَا التَّعْدِيلَا
شَعْبُ الْعُرُوبَةِ مُنْذُ كَانَ مُنَاضِلاً * فَلِمَ ارْتَضَيْتُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِيلَا
الحَقُّ مَعْكُمْ وَالشُّعُوبُ وَرَاءكُمْ * فَعَلَامَ مَوْقِفُكُمْ يَكُونُ هَزِيلَا
إِنَّا شَبِعْنَا مِنْ شِعَارَاتٍ مَضَتْ * جَوْفَاءَ لَمْ نَعْرِفْ لَهَا تَأْوِيلَا
وَمُبَرِّرَاتٍ يَسْتَحِيلُ قَبُولُهَا * خَدَّاعَةً كَانَتْ لَنَا تَضْلِيلَا
إِنَّ الشُّعُوبَ تَحَمَّلَتْ بِسُكُوتِكُمْ * يَا قَوْمِ هَمَّاً في الصُّدُورِ ثَقِيلَا
وَعَلَى الْيَهُودِ تُرِيدُ نَصْرَاً فَاصِلاً * لِيَكُونَ فَوْقَ رُءوسِهَا إِكْلِيلَا
فَتَسَلَّحُواْ وَعَلَى الإِلَهِ تَوَكَّلُواْ * وَسَلُواْ المَعُونَةَ مِنهُ وَالتَّسْهِيلَا
حَتىَّ تُرِيحُواْ الْكَوْنَ مِنهُمْ إِنَّهُ * سَيَكُونُ مِن غَيْرِ الْيَهُودِ جَمِيلَا
وَثِقُواْ بِنَصْرِ اللهِ لَا بِإِشَاعَةٍ * قَدْ هَوَّلَتْ في حَجْمِهِمْ تَهْوِيلَا
وَاحْفَظْ لَنَا يَا رَبِّ كُلَّ مجَاهِدٍ * في الحقِّ لَمْ يَكُ بِالدِّمَاءِ بخِيلَا
وَمِمَّا قُلْتُهُ في رَئِيسِ الْوُزَرَاءِ الإِسْرَائِيلِيِّ المُتَغَطْرِسِ قَوْلي:
بَهَرْتَ الْكُلَّ يَا أُولْمَرْت * بِبَحْرِ الدَّمِّ إِذْ أَبْحَرْتْ
عَرَفْنَا حُبَّكَ الدَّمَ يَا * دِرَاكُولَا وَإِن أَنْكَرْتْ
وَقُلْتُ في الْيَهُودِ وَعَدَمِ وَفَائِهِمْ بِوُعُودِهِمْ لِلْفِلَسْطِينِيِّين:
مِنْ يَوْمِهِ اليَهُودِي * خَائِنٌ لِلْعُهُودِ
(النُّونِيَّةُ الْكُبْرَى)
(شِعْرٌ عَمُودِيٌّ في لُبْنَانَ وَفِلَسْطِين)
الْعَيْنُ دَامِعَةٌ وَالْقَلْبُ حَسْرَانُ * لِمَا تُلَاقِي فِلَسْطِينٌ وَلُبْنَانُ
فَهَيْبَةُ المُسْلِمِينَ الْيَوْمَ ضَائِعَةٌ * وَلَمْ يَعُدْ لِدِمَاهُمْ قَطُّ أَثْمَانُ
لُبْنَانُ دَامِيَةٌ وَالْقُدْسُ بَاكِيَةٌ * وَمَسْجِدُ الْقُدْسِ طُولَ اللَّيْلِ سَهْرَانُ
لَوْ أَنَّنَا قَدْ أَرَدْنَا وَصْفَ حَالَتِهَا * لَمْ يَسْتَطِعْ وَصْفَ حَالِ الْقُدْسِ سَحْبَانُ
الْكُلُّ يُبْصِرُ في التِّلْفَازِ صُورَتَهُمْ * كَأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الأَرْضِ إِنْسَانُ
مَآذِنُ الْقُدْسِ صَارَتْ تَسْتَغِيثُ بِنَا * وَالأَرْضُ فِيهَا لإِسْرَائِيلَ نُكْرَانُ
قَدْ كَانَ يَمْلأُهَا الإِيمَانُ أَزْمِنَةً * وَالْيَوْمَ يَمْلأُهَا شِرْكٌ وَكُفْرَانُ
كَانَتْ مَنَازِلُهَا بِالأَهْلِ عَامِرَةً * فَهَلْ يَعُودُ لَهَا يَا رَبِّ عُمْرَانُ
فَظَائِعُ المُسْلِمِينَ الْيَوْمَ قَدْ كَثُرَتْ * فَهَلْ لَهَا بَعْدَ هَذَا الحَدِّ نِسْيَانُ
الدِّشُّ يَكْشِفُهَا وَالْكُلُّ يَعْرِفُهَا * سَارَتْ بِهَا في رُبُوعِ الْكَوْنِ رُكْبَانُ
فَالْعَالَمُ الْيَوْمَ مِثْلُ الْبَحْرِ مُضْطَرِبٌ * تَمَلَّكَتْهُ تَمَاسِيحٌ وَحِيتَانُ
النَّفْسُ مِنْ مَكْرِ أَمْرِيكَا عَلَى وَجَلٍ * وَالْقَلْبُ مِنْ بُغْضِ إِسْرَائِيلَ مَلآنُ
قَدْ جَاوَزَا كُلَّ حَدٍّ في احْتِلَالِهِمَا * فَكُلُّ بَيْتٍ بِهِ لِلسُّخْطِ بُرْكَانُ
وَصَمْتُنَا عِنْدَهُمْ سِلْمٌ يُرِيحُهُمُ * وَرَدُّنَا عِنْدَهُمْ بَغْيٌ وَعُدْوَانُ
لَا تَعْجَبُواْ إِنْ بَغَى أَعْدَاؤُنَا وَطَغَواْ * أَلَيْسَ في دُوَلِ الإِسْلَامِ طُغْيَانُ
أَتَنْصُرُ الْقُدْسَ بُلْدَانٌ مُمَزَّقَةٌ * هَيْهَاتَ لَنْ يَكْسُوَ الْعُرْيَانَ عُرْيَانُ
مَا بَالُ حُكَّامِنَا لِلْغَرْبِ لَمْ يَقِفُواْ * لَهُ كَمَا وَقَفَتْ كُورْيَا وَإِيرَانُ
يَا مُسْلِمُونَ قِفُواْ صَفَّاً وَلَا تَهِنُواْ * كَمَا تَقُولُ أَحَادِيثٌ وَقُرْآنُ
إِلى مَتىَ الصَّمْتُ إِسْرَائِيلُ مَا بَرِحَتْ * لَمْ يَنْجُ مِنْ قَصْفِهَا مَرْضَى وَصِبْيَانُ
إِنَّ الْيَهُودَ شُعُوبٌ كُلُّهَا عُقَدٌ * نُفُوسُهُمْ مِلْؤُهَا حِقْدٌ وَأَضْغَانُ
لَنْ يَأْمَنَ الْكَوْنُ مِنْ شَرِّ الْيَهُودِ سِوَى * إِنْ قُطِّعَتْ مِنهُمُ أَيْدٍ وَسِيقَانُ
صَنِيعُ هِتْلَرَ فِيهِمْ لَمْ يَكُن خَطَأً * أَلَيْسَ في المُسْلِمِينَ الْيَوْمَ أَفْرَانُ
حُيِّيتَ يَا جَيْشَ حِزْبِ اللهِ مِن أَسَدٍ * زَأَرْتَ فِيِهِمْ فَعَادُواْ مِثْلَمَا كَانُواْ
دِمَاؤُهُ غَسَلَتْهُ عِنْدَ مَقْتَلِهِ * فَوْقَ الحِمَى وَدُرُوعُ الحَرْبِ أَكْفَانُ
قَالُواْ كَأَنَّكَ مِنْ لُبْنَانَ قُلْتُ لَهُمْ * مِصْرٌ كَلُبْنَانَ عِنْدِي الْكُلُّ أَوْطَانُ
أَمَا بِمِصْرَ إِذَا أَجْفَانُنَا سَهِرَتْ * فَلَيْسَ تُغْمَضُ في لُبْنَانَ أَجْفَانُ
يَا رَبِّ وَحِّدْ صُفُوفَ المُسْلِمِينَ فَهُمْ * في ضَعْفِهِمْ قِطَطٌ في الثَّدْيِ عُمْيَانُ
فَلَا يُعَرِّضَ بِالإِخْوَانِ دَاعِيَةٌ * وَلَا يحِيدَ عَنِ المِنهَاجِ إِخْوَانُ
وَنَجِّ عَبْدَكَ يَا رَبيِّ وَمَنْ مَعَهُ * إِن أَهْلَكَ الْعَالَمَ الْغَدَّارَ طُوفَانُ
(النُّونِيَّةُ الصُّغْرَى)
(شِعْرٌ عَمُودِيٌّ في لُبْنَانَ وَفِلَسْطِين)
أَحْزَانُنَا سَارَتْ بِهَا الرُّكْبَانُ * وَدِمَاؤُنَا لَيْسَتْ لَهَا أَثْمَانُ
تجْرِي بِنَا الأَمْوَاجُ دُونَ تَوَقُّفٍ * كَسَفِينَةٍ لَيْسَتْ بِهَا رُبَّانُ
تجْرِي بِأُمَّتِنَا بِبَحْرٍ هَائِجٍ * مُتَلَاطِمٍ لَيْسَتْ لَهُ شُطْآنُ
للهِ لُبْنَانٌ وَمُرْتَفَعَاتُهَا * للهِ ذَاكَ المَنْظَرُ الْفَتَّانُ
صَارَتْ كَسِجْنٍ الَاحْتِلَالُ بِهِ عَلَى * أَبْنَائِهَا الجَلَاّدُ وَالسَّجَّانُ
فَكَأَنَّهَا مِنْ كَثْرَةِ الْقَتْلَى بِهَا * في كُلِّ شِبْرٍ تحْتَهُ أَبْدَانُ
كَانَ السُّرُورُ لِبَاسَهُمْ وَالْيَوْمَ قَدْ * خَلَعَتْ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهَا الأَحْزَانُ
وَنَسِيمُهَا مِنْ قَبْلُ كَانَ مُعَطَّرَاً * وَالْيَوْمَ فِيهِ حَرَائِقٌ وَدُخَانُ
حَتىَّ المَسَاجِدُ مِنهُمُ لَمْ تَنْجُ بَلْ * قُصِفَتْ فَلَمْ يُسْمَعْ بِهَا آذَانُ
هَذَا مَصِيرُ الْكَوْنِ إِن عَبِثَتْ بِهِ * أَيْدِي الْيَهُودِ وَبُوشٌ الشَّيْطَانُ
الصَّمْتُ مِنْكُمْ طَالَ يَا حُكَّامَنَا * وَشُعُوبُكُمْ يَجْتَاحُهَا الْغَلَيَانُ
إِنيِّ نَظَرْتُ لِصَمْتِكُمْ مُتَعَجِّبَاً * فَأَصَابَني الإِحْبَاطُ وَالْغَثَيَانُ
فَقِفُواْ لإِسْرَائِلَ صَفَّاً وَاحِدَاً * فَيَهُودُهَا لَيْسَتْ لَهُمْ أَيْمَانُ
هَيَّا انهَضُواْ بِبِلَادِكُمْ وَتحَرَّكُواْ * لَا يَسْتَرِدُّ حُقُوقَهُ خَيْبَانُ
لِمَتى سَنَبْكِي مجْدَ أَزْمِنَةٍ مَضَتْ * هَلْ بِالْبُكَاءِ سَتَرْجِعُ الأَوْطَانُ
كُونُواْ كَحِزْبِ اللهِ مَنْ قُدَّامَهُ * يَجْرِي الْيَهُودُ كَأَنَّهُمْ فِئْرَانُ
لَنْ يَسْتَرِيحَ المُسْلِمُونَ وَيَهْدَأُواْ * حَتىَّ يَعُودَ الْقُدْسُ وَالجُولَانُ
يَا رَبِّ وَحِّدْ صَفَّنَا بخِلَافَةٍ * بَلَغَ الزُّبى في أَرْضِكَ الْفَيَضَانُ
بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني
وَقُلْتُ في الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ بِقَضَاءِ الله:
يَا رَبِّي إِنِّي رَاضٍ * فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ
وَقُلْتُ في الَاعْتِرَافِ بِنِعْمَةِ اللهِ وَفَضْلِهِ عَلَى الْعِبَاد:
إِلَهِي وَمَوْلَايَ مَا أَعْظَمَكْ * وَمَنْ في الْوَرَى لَا يَرَى أَنعُمَكْ
وَقُلْتُ أَيْضَاً:
يَا رَبِّ إِنَّكَ بِالمَعْرُوفِ مَعْرُوفُ * فَكُلُّنَا مِنْكَ بِالنَّعْمَاءِ محْفُوفُ
يَاسِر الحَمَدَاني:
قِيلَ مَنِ الَّذِي رَمَى بِالنَّوَاة 00؟
قَالُواْ مَنْ في يَدِهِ الرُّطَب!!
[مَثَلٌ مِنْ تَأْلِيفِي]
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
يَتَعَفَّفُ عَنِ الْبَيْضَةِ وَيَسْرِقُ الجَمَل 00!!
[مَثَلٌ مِنْ تَأْلِيفِي]
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
تَمَّ بحَمْدِ اللهِ جَمْعُ أَشْعَارِي المُنْفَرِدَةِ كَامِلَةً في هَذَا المَلَفّ، بِتَارِيخ:
1/مِن غُرَّةِ ذِي الحِجَّةِ لِعَام/1426 0 هـ ـ المُوَافِق: 1/يَنَايِر لِعَام/2006 0 م
وَيَلِيهِ الجُزْءُ الثَّاني مِن أَشْعَارِي، الَّتي ضَمَّنْتُهَا مَقَامَاتي 0
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°