الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَبَابُنَا وَالْقُدْوَةُ في عُيُونِهِمْ
===============
لَقَدْ كَانَتِ الْقُدْوَةُ في عُيُونِ شَبَابِ الأَمْس: زَعِيمًا مُنَاضِلاً، أَوْ أَدِيبَاً فَاضِلاً، أَمَّا شَبَابُ الْيَوْم: فَقُدْوَتُهُمْ [فُلَان] لَاعِبُ كُرَةٍ شَهِير، أَوْ مُمَثِّلٌ أَوْ مُغَنٍّ كَبِير؛ وَذَلِكَ لأَنَّ شَبَابَ هَذِهِ الأَيَّام؛ يَسْتَقُونَ قُدْوَتَهُمْ مِنَ المُسَلْسَلَاتِ وَالأَفْلَام، ثمَّ يُقَلِّدُونَهَا تَقْلِيدَاً أَعْمَى، وَلَيْتَهُمْ يَقْتَدُونَ بِأَحْسَنِ مَا يَرَوْنَهُ، بَلْ إِنَّهُمْ يَقْتَدُونَ بِالْقَصَّةِ النَّكْرَاء، أَوْ بِالنَّظَّارَةِ السَّوْدَاء 00 إِلى آخِرِ هَذِهِ الأَشْيَاء،
بَلْ وَيُطَوِّرُونَ مِنْ تِلْكَ السَّلْبِيَّات؛ حَتىَّ أَتَواْ بِأَسْوَأَ مِنهَا، وَكَمَا قَالَ الْقَائِل:
وَكُنْتُ امْرَءَاً مِنْ جُنْدِ إِبْلِيسَ فَارْتَقَى * بيَ الحَالُ حَتىَّ صَارَ إِبْلِيسُ مِنْ جُنْدِي
وَلَا يَقْتَصِرُ هَذَا التَّقْلِيدُ عَلَى مُطْرِبي وَفَنَّاني الْعَرَب، بَلْ يَمْتَدُّ إِلى المُطْرِبِينَ وَالمُطْرِبَاتِ الأَجَانِب 000 بَدْءَاً بِمَلَابِسِهِمْ وَعَادَاتِهِمْ، وَانْتِهَاءً بِمُفْرَدَاتِ لُغَاتِهِمْ 00!!
وَمِنَ المُؤْسِفِ لَنَا وَالمُنْصِفِ لهُمْ أَنْ نَعْتَرِفَ أَنَّ شَبَابَ الْغَرْبِ لَيْسَ بهَذِهِ الصُّورَةِ الَّتي عَلَيْهَا شَبَابُنَا: مِنَ السَّلْبِيَّةِ وَلَفْتِ الأَنْظَارِ بِالصَّرَخَاتِ الْغَرِيبَةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْعَجِيبَةِ الَّتي نَسْمَعُهَا بِالطُّرُقَات 00!!
يُبَاهِي بَعْضُهُمْ بِالْفِسْقِ بَعْضَا
فَفي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَنَافَسُ فِيهِ شَبَابُ الْغَرْبِ عَلَى وَسَائِلِ المَعْرِفَة بِصُورَةٍ مُشَرِّفَة؛ تجِدُ في شَبَابِنَا السَّطْحِيَّةَ المَعْلُومَاتِيَّة، إِلَاّ إِنْ كَانَتْ عَن أَحْدَثِ الأَفْلَامِ وَالأَغَاني، أَوْ عَنِ الَّلاعِبِ أَوِ المُمَثِّلِ الْفُلَاني، أَوْ عَنِ الجَدِيدِ في رَنَّاتِ المحْمُول، هَذَا هُوَ الَّذِي بِهِ شَبَابُنَا مَشْغُول،
في الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ شَبَابُ الْغَرْبِ مَشْغُولٌ بِالإِبْدَاعَاتِ وَالاِخْتِرَاعَات، وَكَيْفَ تَقَدَّمَتْ بِلَادُهُمْ، وَكَيْفَ يحَافِظُونَ هُمْ عَلَى هَذَا التَّقَدُّم، لَا تَكَادُ تَرَى بَينَ أُوْلَئِكَ الأَشْخَاصِ؛ مَنْ يَتَسَكَّعُ أَمَامَ المحِلَاّتِ أَوْ عَلَى النَّوَاصِي، بَلْ لَا تَكَادُ تَسْتَقِلُّ هُنَاكَ حَافِلَةً أَوْ تَسِيرُ بِالشَّارِع؛ مِن غَيرِ أَنْ تَرَى الشَّبَابَ مُمْسِكَاً بِإِحْدَى الدَّوْرِيَّاتِ الْعِلْمِيَّةِ أَوْ بِأَحَدِ المَرَاجِع، في حِينِ أَنَّكَ قَلَّمَا تجِدُ شَابَّاً مِنْ شَبَابِنَا يَقْتَني مجَلَّةً شَهْرِيَّة؛ إِلَاّ أَنْ تَكُونَ مجَلَّةً هَابِطَةً أَوْ جِنْسِيَّة 00!!
لَيْتَنَا قَلَّدْنَاهُمْ في التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيِّ أَوِ الطِّبّ، كَمَا قَلَّدْنَاهُمْ في المُوضَة وَالمِيني جِيبّ، لَيْتَنَا نَظَرْنَا إِلى محَاسِنِهِمْ فَنَقَلْنَاهَا إِلى بِلَادِنَا 00
وَلَرُبَّمَا انْتَفَعَ الفَتى بِعَدُوِّهِ * كَالسُّمِّ أَحْيَانَاً يَكُونُ دَوَاءَا
فَشَبَابُنَا لِلأَسَفِ الشَّدِيد: أَخَذُواْ مِنَ الْغَرْبِ أَسْوَأَ مَا عِنْدَهُ، نَظَرُواْ إِلى كُلِّ شَيْءٍ عَار: وَاتخَذُوهُ شِعَار؛ وَمِمَّا كَتَبْتُهُ في ذَلِكَ مِنَ الأَشْعَار:
نَظَرْتُ إِلى أُمُورِ شَبَا * بِنَا فَأُصِبْتُ بِالْيَأْسِ
وَصِرْتُ أَقُولُ وَاأَسَفَا * وَحَزَّ الأَمْرُ في نَفْسِي
لِسَاعَاتٍ مُضَيَّعَةٍ * عَلَى الأَفْلَامِ وَالهَلْسِ
وَفي شَاتٍ عَلَى نِتٍّ * وَبَيْنَ مَوَاقِعِ الجِنْسِ
وَقَصَّاتٍ غَرِيبَاتٍ * وَنَفْسُ الشَّيْءِ في اللِّبْسِ
يَاسِر الحَمَدَاني ـ