الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُمُومُ المُسْلِمِين:
==========
فِتَنُ آخِرِ الزَّمَان
عَن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَال: " أَشْرَفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُطُمٍ مِن آطَامِ المَدِينَة ـ أَيْ عَلَى تَلٍّ مِنْ تلَالِهَا ـ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى 00؟
إِنيِّ لأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْر " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1878 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2885 / عَبْد البَاقِي]
قُلُوبُ الأَنْبِيَاءِ لَهَا عُيُونٌ * تَرَى مَا لَا يُرَى لِلنَّاظِرِينَا
وَأَجْنِحَةٌ تَطِيرُ بِغَيْرِ رِيشٍ * إِلى مَلَكُوتِ رَبِّ الْعَالَمِينَا
الْفِتَنُ نَوْعَان: فِتَنُ الشَّهَوَات: وَهِيَ فِتَنٌ قَلْبِيَّة، وَفِتَنُ الشُّبُهَات: وَهِيَ فِتَنٌ عَقْلِيَّة، أَمَّا فِتَنُ الشَّهَوَات [الْفِتَنُ الْقَلْبِيَّة] فَمَعْرُوفَة:[كَفِتْنَةِ النِّسَاءِ وَفِتْنَةِ المَال إِلخ]
وَأَمَّا فِتَنُ الشُّبُهَات [الْعَقْلِيَّة]: فَكَفِتْنَةِ التَّكْفِير، وَفِتْنَةِ خَلْقِ القُرْآن، وَفِتْنَةِ الدَّجَّال 000 إِلخ 0
وَأَمَّا المَلَاحِمُ: فَهِيَ المُوَاجَهَاتُ المُسَلَّحَةُ الَّتي قَدْ تَنجُمُ عَنْ فِتَنِ الشُّبُهَات: كَوَقْعَةِ الجَمَل، وَمَقْتَلِ عُثْمَان، وَكَالإِرْهَابِ في الْعَصْرِ الحَدِيث، وَاسْتِحْلَالِ الْبَعْضِ لِدِمَاءِ المُسْلِمِينَ أَوِ الأَبْرِيَاءِ مِن غَيرِ المُسْلِمِين، أَمَّا المَلَاحِمُ الَّتي سَنََعَرَّضُ لَهَا في هَذَا الْكِتَاب: فَهِيَ سِلْسِلَةُ المَلَاحِمِ المُقْبِلَة، بَعْدَ هَذِهِ الِمَرْحَلَة: فَهِيَ الحَلْقَةُ التَّالِيَة؛ بَعْدَ مَرْحَلَةِ الْفِتَنِ الحَالِيَة 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَشَارَ إِلى المَشْرِقِ وَقَال: " إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، مِن حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَان "[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3279 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2905/عَبْد البَاقِي]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَامِنَا ويَمَنِنَا 00 مَرَّتَيْن " 0
فَقَالَ رَجُل: وَفي مَشْرِقِنَا يَا رَسُولَ الله؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مِن هُنَالِكَ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَان، وَلَهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرّ "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 5642]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " سَتَكُونُ فِتَن، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِم، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ؛ فَمَنْ وَجَدَ مِنهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذَاً فَلْيَعُذْ بِه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7081 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2886 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " تَكُونُ فِتْنَةٌ: النَّائِمُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ المُضْطَجِع، وَالمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ الْقَاعِد، وَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ الْقَائِم، وَالْقَائِمُ خَيرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي خَيرٌ مِنَ الرَّاكِب، وَالرَّاكِبُ خَيرٌ مِنَ المُجْرِي " 0
قال رضي الله عنه: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ الله: وَمَتى ذَلِك 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" ذَلِكَ أَيَّامَ الهَرْج؛ حِينَ لَا يَأْمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَه " 0
قال رضي الله عنه: قُلْتُ: " فَبِمَ تَأْمُرُني إِن أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَان "؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " اكْفُفْ نَفْسَكَ وَيَدَكَ وَادْخُلْ دَارَك " 0
قال رضي الله عنه: قُلْتُ:
" يَا رَسُولَ الله: أَرَأَيْتَ إِنْ دُخِلَ عَلَيَّ دَارِي " 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَادْخُلْ بَيْتَك " 0
قال رضي الله عنه: قُلْتُ: " أَفَرَأَيْتَ إِنْ دُخِلَ عَلَيَّ بيتي " 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَادْخُلْ مَسْجِدَكَ وَاصْنَعْ هَكَذَا، وَقَبَضَ صلى الله عليه وسلم بِيَمِينِهِ عَلَى الْكُوع ـ أَيْ قَبَضَ يَدَيْهِ قَبْضَاً شَدِيدَاً ـ وَقُلْ: رَبِّيَ الله؛ حَتىَّ تَمُوتَ عَلَى ذَلِك " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8314]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" بَادِرُواْ ـ أَيْ تَعَجَّلُواْ ـ بِالأَعْمَالِ فِتَنَاً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِم، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنَاً وَيُمْسِي كَافِرَاً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنَاً وَيُصْبِحُ كَافِرَاً، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 118 / عَبْد البَاقِي]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَأْتي عَلَى النَّاسِ زَمَان؛ يَأْتي الرَّجُلُ الْقَبرَ فَيَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فَيَقُول: يَا لَيْتَني مَكَانَ صَاحِبِه، مَا بِهِ حُبُّ لِقَاءِ الله؛ إِلَاّ لِمَا يَرَى مِنْ شِدَّةِ الْبَلَاء " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8402]
عَن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه قَال: " إِنَّ لِلْفِتْنَةِ وَقَفَاتٌ وَتَعَبَات؛ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ في وَقَفَاتِهَا فَلْيَفْعَلْ " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8333]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِه؛ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الْعُلَمَاءِ زَمَان: المَوْتُ أَحَبُّ إِلى أَحَدِهِمْ مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَر " 0 [قَالَ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِم]
عَن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتي زَمَان؛ يَتَمَنَّوْنَ فِيهِ الدَّجَّال " 00 قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ بِأَبي وَأُمِّي ـ أَيْ أَفْدِيكَ بِأَبي وَأُمِّي ـ مِمَّ ذَاك 00؟
قال صلى الله عليه وسلم: " مِمَّا يَلْقَوْنَ مِنَ العَنَاء " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (3090)، وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع ص: 285/ 7، الحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الكَبِير]
عَن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلَامِ عُرْوَةٌ عُرْوَة، فَكُلَّمَا انْتُقِضَتْ عُرْوَة؛ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتي تَلِيهَا، وَأَوَّلهُنَّ نَقْضَاً الحُكْم، وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيبِ وَفي الجَامِعِ بِرَقْمَيْ: 572، 5075، وَقَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح: 281/ 7]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " تَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ العَرَب، قَتْلَاهَا في النَّار، اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْف " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6980، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال:
" كُنَّا قُعُودَاً عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الفِتَن، فَأَكْثَرَ في ذِكْرِهَا حَتىَّ ذَكَرَ فِتْنَةَ الأَحْلَاس؛ فَقَالَ قَائِل: يَا رَسُولَ الله؛ وَمَا فِتْنَةُ الأَحْلَاس 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هِيَ هَرَبٌ وَحَرْب، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاء، دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِن أَهْلِ بَيْتي، يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنيِّ، وَلَيْسَ مِنيِّ، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِيَ المُتَّقُون، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرْكٍ عَلَى ضِلْع، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاء، لَا تَدَعُ أَحَدَاً مِن هَذِهِ الأُمَّةِ إِلَاّ لَطَمَتْهُ لَطْمَة، فَإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنَاً وَيُمْسِي كَافِرَاً؛ حَتىَّ يَصِيرَ النَّاسُ إِلى فُسْطَاطَيْن: فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيه، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيه؛ فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ؛ فَانْتَظِرُواْ الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِن غَدِه " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6168،، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4242]
كَوَرْكٍ عَلَى ضِلْع: الأَصْلُ في الضِّلْعِ الَاعْوِجَاج؛ وَبِالتَّالي فَهُوَ لَا يَقُومُ بِالْوَرْك، حَيْثُ يَكُونُ الْوَرْكُ عَلَيْهِ كَالْعَضَلَةِ السَّمِينَةِ المَرْخِيَّة؛ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَيرُ خَلِيقٍ لِلْمُلْكِ وَفِيهِ عِوَج، لَا يَقُومُ بِالأَمْرِ خَيرَ قِيَام 0
عَن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا ـ أَيْ قَلْبًا قَلْبًا ـ فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا؛ نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاء، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا؛ نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاء؛ حَتىَّ تَصِيرَ عَلَى قَلْبَين: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا؛ فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْض، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا ـ أَيْ أَحْمَرُ مُسْوَدَّا ً ـ كَالكُوزِ مُجَخِّيَاً، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفَاً وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَاّ مَا أُشْرِبَ مِن هَوَاه " 00 مُجَخِّيَاً: أَيْ مَائِلٌ عَلَى الأَرْض، يَدْخُلُهُ كُلُّ شَيْء، وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْء؛ فَمَا بِهِ إِلَاّ الهَوَاء 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 144 / عَبْد البَاقِي]
عَنِ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَن، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَر " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (1637، 975)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4263]
بَعْضُ نُبُوءَاتِ المُصْطَفَى " صلى الله عليه وسلم "
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ تُقَاتِلُواْ قَوْمَاً نِعَالُهُمُ الشَّعَر، وَحَتىَّ تُقَاتِلُواْ التُّرْك، صِغَارَ الأَعْيُنِ حُمْرَ الوُجُوهِ ذُلْفَ الأُنُوف، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المجَانُّ المُطَرَّقَة، وَتجِدُونَ مِن خَيرِ النَّاسِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لهَذَا الأَمْرِ حَتىَّ يَقَعَ فِيه، وَالنَّاسُ مَعَادِن، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإِسْلَام، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَان؛ لأَنْ يَرَاني: أَحَبُّ إِلَيْهِ مِن أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِه " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3587 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2912 / عَبْد البَاقِي]
وَفي حَدِيثٍ آخَرَ عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ تُقَاتِلُواْ قَوْمَاً صِغَارَ الأَعْيُنِ عِرَاضَ الوُجُوه، كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ حَدَقُ الجَرَاد، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطَرَّقَة، يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ وَيَتَّخِذُونَ الدَّرَق، يَرْبُطُونَ خَيْلَهُمْ بِالنَّخْل "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 7416، 2429، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4099]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ حَتىَّ يَرْبِطُواْ خُيُولَهُمْ بِنَخْلِ الأَيْلَة [بَيْنَهَا وَبَينَ الْبَصْرَةِ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخ] فَيَبْعَثُونَ ـ أَيِ التُّرْك: أَنَ خَلُّواْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا ـ أَيْ بَيْنَنَا وَبَينَ الْبَصْرَة ـ فَيَلْحَقُ ثُلُثٌ بِهِمْ، وَثُلُثٌ بِالْكُوفَة، وَثُلُثٌ بِالأَعْرَاب، ثمَّ يَبْعَثُونَ إِلىَ أَهْلِ الْكُوفَة: أَنَ خَلُّواْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا فَيَلْحَقُ ثُلُثٌ بِهِمْ، وَثُلُثٌ بِالأَعْرَاب، وَثُلُثٌ بِالشَّام " 00 فَسُئِلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: مَا أَمَارَةُ ذَلِك 00؟
قَالَ رضي الله عنه: إِذَا طَبَّقَتِ الأَرْضُ إِمَارَةُ الصِّبْيَان " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8421]
وَعَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ أَيْضَاً سَيَرْبِطُونَ خُيُولَهُمْ بِسَوَارِي المَسْجِد؛ فَقِيل:
" يَا رَسُولَ الله؛ مَن هُمْ 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " التُّرْك " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8463]
عَن أَبي الأَسْوَدِ الدُّؤَليِّ رضي الله عنه قَال:
" سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه يَقُول: " يُوشِكُ بَنُو قَنْطُورَاءَ بْنِ كَرْكَرَ أَنْ يُخْرِجُواْ أَهْلَ الْعِرَاقِ مِن أَرْضِهِمْ؛ قُلْتُ: ثمَّ يَعُودُون؟
قَالَ رضي الله عنه: إِنَّكَ لَتَشْتَهِي ذَلِك 00؟
وَيَكُونُ لَهُمْ سَلْوَةٌ مِن عَيْش " 0 [أَيْ عَيْشٌ رَغِيد؛ يُنْسِيهِمْ ذَلِكَ التَّشْرِيد 0 قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8466]
عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ [أَيْ جَبَلُ الذَِّهَبِ الَّذِي سَيَنحَسِرُ عَنهُ الْفُرَات] ثَلَاثَة: كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَة، ثمَّ لَا يَصِيرُ إِلىَ وَاحِدٍ مِنهُمْ، ثمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ قِبَلَ المَشْرِق؛ فَيُقَاتِلُونَكُمْ قِتَالاً لَمْ يُقَاتِلْهُ قَوْم " 0
ثُمَّ ذَكَرَ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَقَال:
" إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوَاً عَلَى الثَّلْج؛ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهْدِيّ " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، وَقَالَ فِيهِ الحَافِظُ الْعَلَاّمَةُ ابْنُ كَثِير: إِسْنَادٌ قَوِيٌّ صَحِيح]
عَن أَبي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَنْزِلُ نَاسٌ مِن أُمَّتي بِغَائِطٍ يُسَمُّونَهُ الْبَصْرَة، عِنْدَ نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ دِجْلَة، يَكُونُ عَلَيْهِ جِسْرٌ يَكْثُرُ أَهْلُهَا، وَتَكُونُ مِن أَمْصَارِ المُسْلِمِين، فَإِذَا كَانَ في آخِرِ الزَّمَان؛ جَاءَ بَنُو قَنْطُورَاء ـ أَيِ التُّرْك ـ عِرَاضُ الْوُجُوهِ صِغَارُ الأَعْيُن، حَتىَّ يَنْزِلُواْ عَلَى شَطِّ النَّهَر، فَيَتَفَرَّقُ أَهْلُهَا ثَلَاثَ فِرَق: فِرْقَةٌ يَأْخُذُونَ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَالْبَرِّيَّة؛ وَهَلَكُواْ، وَفِرْقَةٌ يَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ؛ وَكَفَرُواْ، وَفِرْقَةٌ يَجْعَلُونَ ذَرَارِيَهُمْ ـ أَيْ ذَوِيهِمْ ـ خَلْفَ ظُهُورِهِمْ وَيُقَاتِلُونَهُمْ؛ وَهُمُ الشُّهَدَاء "[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4306]
رُبَّمَا كَانَ المَقْصُودُ بِبَني قَنْطُورَاء: التَّتَار؛ فَلَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ مَنْظُورٍ ـ صَاحِبُ لِسَانِ العَرَبِ ـ قَوْلاً في مُعْجَمِهِ الْعَظِيمِ جَاءَ فِيه: أَنَّ قَنْطُورَاءَ كَانَتْ جَارِيَةً لإِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادَاً، وَالتُّرْكُ وَالصِّينُ مِنْ نَسْلِهَا: وَالتَّتَارُ كَانَتْ مِن هَذِهِ الأَمَاكِن: [دُوَلِ جَنُوبِ وَشَرْقِ آسْيَا]
وَبِالتَّالي تَكُونُ نُبُوءةُ الحَدِيثِ قَدْ تحَقَّقَتْ في دَوْلَةِ المَمَالِيكِ بِذَلِكَ الهُجُومِ التَّتَرِيّ، وَالعِلْمُ عِنْدَ الله
وَرُبَّمَا كَانَتْ حَوَادِثُ الحَدِيثِ سَتَجْرِي في آخِرِ الزَّمَانِ؛ بِسَبَبِ النِّزَاعَاتِ المُزْمِنَةِ بَينَ تُرْكِيَا وَالحِزْبِ الكُرْدُسْتَاني؛ وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّوْضِيح؛ وُصُولاً إِلى التَّرْجِيح؛ دُونَكُمْ تَعْلِيقُ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى ذَلِكَ الحَدِيثِ الصَّحِيح:
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى في شَرْحِ هَذَا الحَدِيث:
" وَهَذِهِ كُلُّهَا مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ وُجِدَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ التُّرْكُ بِجَمِيعِ صِفَاتهمُ الَّتي ذَكَرَهَا صلى الله عليه وسلم: صِغَارَ الأَعْيُن، حُمْرَ الوُجُوه، ذُلْفَ الآنِف، عِرَاضَ الوُجُوه، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطَرَّقَة، يَنْتَعِلُونَ الشَّعَر، فَوُجِدُواْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا في زَمَانِنَا، وَقَاتَلَهُمُ المُسْلمُونَ مَرَّات " 0 [الإِمَامُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ في شَرْحِ هَذَا لِلْحَدِيثِ رَقْم: 2912 / عَبْد البَاقِي]
وَهَذَا مَا يُرَجِّحُ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ آنِفَاً ـ مِن أَنَّ التَّتَارَ هُمْ بَنُو قَنْطُورَاء: فَإِنَّ التَّتَارَ قَدْ خَرَجُواْ عَلَى الْبِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ في زَمَنِ الإِمَامِ النَّوَوِيّ؛ لِقَوْلِهِ " في زَمَانِنَا "، وَالتَّوَارِيخُ جَاءَتْ مُؤَيُِّدَةً لِذَلِك: فَهَجْمَةُ التَّتَارِ كَانَتْ سَنَةَ 656 هِجْرِيَّة، وَوَفَاةُ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ كَانَتْ سَنَةَ 676 هِجْرِيَّة 0
وَهُنَا مَعْلُومَةٌ مُهِمَّةٌ وَجَدِيرَةٌ بِالذِّكْرِ لَا يَعْرِفُهَا الْكَثِيرُون؛ نَظَرَاً لِلتَّغْيِيرِ الَّذِي طَرَأَ عَلَى أَسْمَاءِ الْعَوَاصِمِ وَالمُدُنِ الْقَدِيمَة: هَذِهِ المَعْلُومَةُ هِيَ أَنَّ بِلَادَ التُّرْك: كَانَتْ تُطْلَقُ قَدِيمَاً عَلَى مَا يُعْرَفُ الآنَ بِالاِتِّحَادِ السُّوفِيتِّيّ؛
وَتَتَأَكَّدُ مِن هَذَا عِنْدَمَا تَبْحَثُ في مَعَاجِمِ الْبُلْدَانِ عَنْ مُدُنِ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد وَكَاشْغَر، وَالَّتي سَتَجِدُهَا في الأَطْلَسِ كَاشْجَار 000 إِلخ تِلْكَ المُدُنِ السُّوفِيتُِّيَّة: سَتَكْتَشِفُ أَنَّ عُلَمَاءَ الجُغْرَافْيَا الْقُدَامَى كَانُواْ يُسَمُّونَهَا بِلَادَ التُّرْك 00
فَلَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللهِ بِلَادَ التُّرْكِ هَذِهِ في بَعْضِ الأَحَادِيث: حَيْثُ مِنهَا خُوزَاً وَكَرْمَان، وَهُمَا مِنْ دُوَلِ شَرْقِ آسْيَا بِإِيرَان:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ تُقَاتِلُواْ خُوزَاً وَكَرْمَان، مِنَ الأَعَاجِم، حُمْرَ الوُجُوهِ فُطْسَ الأُنُوفِ صِغَارَ الأَعْيُن، وُجُوهُهُمُ المجَانُّ المُطَرَّقَة، نِعَالُهُمُ الشَّعَر " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3590 / فَتْح]
فَبِلَادُ التُّرْك: كَانَتْ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ شَرْقِ بِلَادِ فَارِس [إِيرَان] وَشَمَالِ الهِنْد، حَتىَّ حُدُودِ الصِّين 0
وَلَكِنْ تَبْقَى نُبُوءةُ الحَرْبِ المَوْعُودَةِ مَعَ التُّرْكِ قَائِمَةً عَلَى قَدَمٍ وَسَاق؛ لِثُبُوتِ ذِكْرِ المَهْدِيِّ في هَذَا الحَدِيثِ إِنْ صَحّ:
عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ [أَيْ جَبَلُ الذَِّهَبِ الَّذِي سَيَنحَسِرُ عَنهُ الْفُرَات] ثَلَاثَة: كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَة، ثمَّ لَا يَصِيرُ إِلىَ وَاحِدٍ مِنهُمْ، ثمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ قِبَلَ المَشْرِق؛ فَيُقَاتِلُونَكُمْ قِتَالاً لَمْ يُقَاتِلْهُ قَوْم " 0
ثُمَّ ذَكَرَ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَقَال:
" إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوَاً عَلَى الثَّلْج؛ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهْدِيّ " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، وَقَالَ فِيهِ الحَافِظُ الْعَلَاّمَةُ ابْنُ كَثِير: إِسْنَادٌ قَوِيٌّ صَحِيح]
وَخَبَرُ هَذَا الْكَنْزِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَب؛ فَمَن حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئَاً " 00!!
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7119 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2894 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَيَنْزِلَنَّ الدَّجَّالُ خُوزَ وَكَرْمَانَ في سَبْعِينَ أَلْفَاً، وُجُوهُهُمْ كَالمَجَانِّ المُطَرَّقَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 8434، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
أَمَّا خُوز: فَهِيَ بَلْدَةٌ تَتَوَسَّطُ مُثَلَّثَاً مَقْلُوبَاً في إِيرَان: رَأْسُهُ كَرْمَان، وَقاعِدَتُهُ الشَّرْقِيَّةُ خُرَاسَان، وَالْغَرْبِيَّةُ أَصْفَهَان 0
غُرْبَةُ الإِسْلَام
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيبَاً، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبَاً؛ فَطُوبى لِلْغُرَبَاء " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 145 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي عَلَى الحَقِّ مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَن خَالَفَهُمْ، حَتىَّ يَأْتِيَ أَمْرُ الله "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 10]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي قَوَّامَةً عَلَى أَمْرِ اللهِ لَا يَضُرُّهَا مَن خَالَفَهَا "
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 7291، 1962، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 7]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" إِنَّ الإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبَاً وَسَيَعُودُ غَرِيبَاً كَمَا بَدَأ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ المَسْجِدَيْن ـ أَيْ يَأْوِي بَينَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَسْجِدِ المَدِينَة ـ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ في جُحْرِهَا " 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 146 / عَبْد البَاقِي]
لَا زَالَ الإِسْلَامُ بخَير
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِين ـ أَيْ أَقْوِيَاءَ ذَوِي غَلَبَة ـ حَتىَّ يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ ـ أَيْ قَدَرُ اللهِ ـ وَهُمْ ظَاهِرُون " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7311 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1921 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتىَّ يَأْتيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِك " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1920 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبي سُفْيَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا يَزَالُ في هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ لَا يَضُرُّهُمْ عَدَاوَةُ مَن عَادَاهُمْ، وَلَا خِذْلَانُ مَن خَذَلَهُمْ، حَتىَّ يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ تَعَالى وَهُمْ عَلَى ذَلِك " 0 [وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (596/ 7)، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَأَبُو يَعْلَى]
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلى يَوْمِ القِيَامَة، فَيَنْزِلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام؛ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا 00 فَيَقُولُ عليه السلام: لَا؛ إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاء، تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّة " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 156 / عَبْد البَاقِي]
وَأَمِيرُهُمْ يَوْمَئِذٍ هُوَ المَهْدِيّ؛ لِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم في رِوَايَةٍ أُخْرَى: " فَيَقُولُ أَمِيرُهُمُ المَهْدِيّ " 0
[صَحَّحَهَا الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 2236]
عَن عِمْرَانَ بْنِ حُصَين رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ، حَتىَّ يُقَاتِلَ آخِرُهُمُ المَسِيحَ الدَّجَّال " 0
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم 0 المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 2392، صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 13250، رَوَاهُ أَحْمَدُ بِرَقْم: 19419]
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَار، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَر ـ أَيْ مِنْ بُيُوتِ الْقُرَى وَلَا الْبَوَادِي ـ إِلَاّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيل " 0 [صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ وَالمِشْكَاةِ بِرَقْمَيْ: (3، 42)، وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:" تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُون، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُون، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكَاً عَاضَّاً، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُون، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكَاً جَبْرِيَّة، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُون، ثمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثمَّ تَكُونُ خلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 5، وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" مَثَلُ أُمَّتي مَثَلُ المَطَر؛ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُه " 0 [حَسَنٌ صَحِيح0كَذَا قَالَ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2869]
يُشِيرُ بِذَلِكَ صلى الله عليه وسلم إِلى الخِلَافَتَينِ اللَّتَينِ عَلَى مِنهَاجِ النُّبُوَّة: أَيْ عَهْدِ الخُلَفَاءِ الرَِّاشِدِين، وَعَهْدِ المَهْدِيِّ المُنْتَظَر 0
أَحْدَاثُ غَزْوِ الكَعْبَة
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَيَؤُمَّنَّ هَذَا البَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ، حَتىَّ إِذَا كَانُواْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوْسَطِهِمْ، وَيُنَادِي أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ، ثُمَّ يُخْسَفُ بِهِمْ، فَلَا يَبْقَى إِلَاّ الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ " 0 [لَيَؤُمَّنَّ: أَيْ لَيَقْصِدَنَّ 0 وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2883 / عَبْد البَاقِي]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا يَنْتَهِي النَّاسُ عَن غَزْوِ هَذَا الْبَيْت؛ حَتىَّ يَغْزُوَ جَيْش، حَتىَّ إِذَا كَانُواْ بِالبَيْدَاء، أَوْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْض؛ خُسِفَ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ " 00 قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُكْرَه 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى مَا في أَنْفُسِهِمْ " 00 أَيْ: عَلَى نِيَّاتِهِمْ 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (13422)، كَمَا صَحَّحَهُ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4064]
وَهَدَفُ هَذَا الجَيْشِ هُوَ اسْتِئْصَالُ الحَرَكَةِ المَهْدِيَّة، الَّتي سَتَظْهَرُ في آخِرِ الزَّمَان 00
خُرُوجُ المَهْدِي
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " المَهْدِيُّ مِنيِّ، أَجْلَى الجَبْهَة، أَقْنى الأَنْف، يمْلأُ الأَرْضَ قِسْطَاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْرَاً وَظُلْمَاً، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِين " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4285]
جَلَاءُ الجَبْهَة: أَيْ صَلَعٌ في مُقَدِّمَتِهَا، وَقِيلَ حُسْنُهَا 0
وَالْقَنَا في الأُنًوف: هُوَ طُولُهَا، مَعَ اِمْتِلَاءٍ في وسَطِهَا 0
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " المَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ البَيْت، يُصْلِحُهُ اللهُ في لَيْلَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 645، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ وَفي سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 2371، 4085]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " المَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْمَيْ: 4086، 4284]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَاّ يَوْم: لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ اليَوْمَ حَتىَّ يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلاً مِنيِّ أَوْ مِن أَهْلِ بَيْتي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبي، يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطَاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمَاً وَجَوْرَاً " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: (3571)، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4282]
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يَكُونُ في آخِرِ الزَّمَانِ خَليفَةٌ يَقْسِمُ المَالَ وَلَا يَعُدُّهُ عَدَّا " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2914 / عَبْد البَاقِي، وَرَوَاهُ الحَاكِمُ في مُسْتَدْرَكِهِ بِرَقْم: 8401]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " يَكُونُ في أُمَّتي المَهْدِيّ، إِنْ قَصَّرَ فَسَبْعٌ وَإِلَاّ فَتِسْع، فَتَنْعَمُ فِيهِ أُمَّتي نِعْمَةً لَمْ يَنْعَمُواْ مِثْلَهَا قَطّ، تُؤْتَى أُكُلَهَا وَلَا تَدَّخِرُ مِنْهُ شَيْئَاً، وَالمَالُ يَوْمَئِذٍ كُدُوس [أَيْ أَكْوَام] فَيَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُول: يَا مَهْدِيُّ أَعْطِني؛ فَيَقُولُ خُذْ " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 4083]
وَفي حَدِيثٍ آخَرَ عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
" وَتُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا وَيُعْطِى المَالَ صِحَاحَاً، وَتَكْثُرُ المَاشِيَة، وَتَعْظُمُ الأُمَّة ـ أَيْ يَكْثُرُ عَدَدُهَا ـ يَعِيشُ سَبْعَاً أَوْ ثَمَانِيَاً " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك، وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِم]
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " لَا تَقُوم السَّاعَةُ حَتىَّ تُمْلأَ الأَرْضُ ظُلْمَاً وَجَوْرَاً وَعُدْوَانَاً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِن أَهْلِ بَيْتي مَنْ يَمْلأُهَا قِسْطَاً وَعَدْلاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمَاً وَعُدْوَانَاً " 0 [قَالَ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك، وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِم]
عَنْ محَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَال:" كُنَّا عِنْدَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه؛ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ المَهْدِيّ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه: هَيْهَات، ثُمَّ عَقَدَ بِيَدِهِ سَبْعَاً فَقَال: ذَاكَ يَخْرُجُ في آخِرِ الزَّمَان، إِذَا قَالَ الرَّجُلُ اللهُ اللهُ قُتِل؛ فَيَجْمَعُ اللهُ تَعَالى لَهُ قَوْمَاً قُزَعَاً كَقُزَعِ السَّحَاب، يُؤَلِّفُ اللهُ بَينَ قُلُوبِهِمْ، لَا يُسْتَوْحَشُونَ إِلى أَحَد، وَلَا يَفْرَحُونَ بِأَحَدٍ يَدْخُلُ فِيهِمْ، عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْر، لَمْ يَسْبِقْهُمُ الأَوَّلُونَ وَلَا يُدْرِكُهُمُ الآخِرُون، وَعَلَى عَدَدِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُواْ مَعَهُ النَّهْر " 0
[قَالَ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك، وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِم]
وَلَنْ تَعْدِمَ هَذِهِ الْقِلَّةُ البرَكَة، فَسَيَزْدَادُ عَدَدُهَا حَتىَّ يَصِلَ إِلى اثْنيْ عَشَرَ أَلْفَاً 0
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَال:" سَتَكُونُ فِتْنَةٌ يَحْصُلُ النَّاسُ مِنهَا ـ أَيْ يَضْطَرِبُونَ وَيَخْتَلِطُونَ مِنهَا ـ كَمَا يَحْصُلُ الذَّهَبُ في المَعْدِن؛ فَلَا تَسُبُّواْ أَهْلَ الشَّامِ وَسُبُّواْ ظَلَمَتَهُمْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الأَبْدَال، وَسَيُرْسِلُ اللهُ إِلَيْهِمْ سَيْبَاً مِنَ السَّمَاءِ فَيُغْرِقُهُمْ ـ أَيْ مَطَرَاً غَزِيرَاً ـ حَتىَّ لَوْ قَاتَلَتْهُمُ الثَّعَالِبُ غَلَبَتْهُمْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ عِنْدَ ذَلِكَ رَجُلاً مِن عِتْرَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ مِنْ سُلَالَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في اثْنيْ عَشَرَ أَلْفَاً إِنْ قَلُّواْ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَاً إِنْ كَثُرُواْ، أَمَارَتُهُمْ أَوْ عَلَامَتُهُمْ: أَمِتْ أَمِتْ، عَلَى ثَلَاثِ رَايَات، يُقَاتِلُهُمْ أَهْلُ سَبْعِ
رَايَات، لَيْسَ مِنْ صَاحِبِ رَايَة؛ إِلَاّ وَهُوَ يَطْمَعُ بِالمُلْك، فَيُقْتَلُونَ وَيُهْزَمُون، ثُمَّ يَظْهَرُ الهَاشِمِيّ، فَيَرُدُّ اللهُ إِلى النَّاسِ أُلْفَتَهُمْ وَنِعْمَتَهُمْ، فَيَكُونُونَ عَلَى ذَلِك، حَتىَّ يَخْرُجَ الدَّجَّال " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك، وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِم]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَعُوذُ عَائِذٌ بِالبَيْت؛ فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْث، فَإِذَا كَانُواْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ " 0
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ فَكَيْفَ بمَنْ كَانَ كَارِهَاً 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ، وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2882 / عَبْد البَاقِي]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:" يَأْتي نَاسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ يُرِيدُونَ رَجُلاً عِنْدَ الْبَيْت، حَتىَّ إِذَا كَانُواْ بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ؛ فَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ تَخَلَّفَ؛ فَيُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَهُمْ " 0
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ كَيْفَ بِمَنْ كَانَ أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهَاً 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاس، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ كُلَّ امْرِئٍ عَلَى نِيَّتِه " 0 [قَالَ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ فِيهِ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الأَبْرَش؛ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيرُهُ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَة: 613/ 7، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُخْسَفُ بِهِمْ، يُبْعَثُونَ إِلى رَجُل؛ فَيَأْتي مَكَّةَ فَيَمْنَعُهُ اللهُ تَعَالى وَيَخْسِفُ بِهِمْ، مَصْرَعُهُمْ وَاحِد، وَمَصَادِرُهُمْ شَتىَّ، إِنَّ مِنهُمْ مَنْ يُكْرَهُ فَيَجِيءُ مُكْرَهَا " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (3906، 1924)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيّ]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَنْتَهِي الْبُعُوثُ عَن غَزْوِ بَيْتِ اللهِ عز وجل: حَتىَّ يُخْسَفَ بِجَيْشٍ مِنهُمْ " 0 [قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ غَرِيب، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8323]
خَبَرُ السُّفْيَاني
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يَخْرُجُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ السُّفْيَانيُّ في عُمْقِ دِمَشْق، وَعَامَّةُ مَنْ يَتَّبِعُهُ مِنْ كَلْب، فَيَقْتُلُ حَتىَّ يَبْقُرَ بُطُونَ النِّسَاء، وَيَقْتُلُ الصِّبْيَان، فَتُجْمِعُ لَهُمْ قَيْسٌ فَيَقْتُلُهَا حَتىَّ لَا يَمْنَعَ ذَنَبَ تَلْعَة، وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِن أَهْلِ بَيْتي في الحَرَّة، فَيَبْلُغُ السُّفْيَانيّ ـ أَيْ يَبْلُغُهُ خَبرُ هَذَا الرَّجُل ـ فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ جُنْدَاً مِنْ جُنْدِهِ، فَيَهْزِمُهُمْ ـ أَيْ يَهْزِمُهُمُ المَهْدِيّ ـ فَيَسِيرُ إِلَيْهِ السُّفْيَانيُّ بِمَنْ مَعَهُ، حَتىَّ إِذَا صَارَ بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ، فَلَا يَنْجُو مِنهُمْ إِلَاّ المُخْبِرُ عَنهُمْ " 0 [قَالَ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِم]
كَلْب: قَبِيلَةٌ قَحْطَانِيَّةٌ مِنْ بَني قُضَاعَة، تَعِيشُ بِسُورِيَّة 0
وَقَيْس: قَبِيلَةٌ مِنْ بَني مُضَر، تَعِيشُ في دِمَشْق 0
وَالحَرَّة: أَرْضٌ شَاسِعَةٌ بَينَ المَدِينَةِ وَالشَّامِ ذَاتِ حِجَارَةٍ سُود، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:" حَتىَّ لَا يُمْنَعَ ذَنَبُ تَلْعَة ": أَيْ يَنْتَهِكُ محَارِمَهَا وَيَجُوسَ خِلَالَ الدِّيَارِ فَلَا يَذَر؛ فَالتَّلْعَة: هِيَ الأُخْدُودُ الَّذِي يَصْنَعُهُ السَّيْلُ لِنَفْسِهِ في الجِبَالِ وَالصَّحَارِي لِيُوَاصِلَ مجْرَاه، وَيُضْرَبُ بِهَا المَثَلُ كِنَايَةً عَنِ الْوُصُولِ إِلى كُلِّ مَكَان 00 وَهِيَ في الحَدِيثِ كِنَايَةٌ عَنِ الدَّمَارِ وَالخَرَابِ وَالتَّشْرِيدِ الَِّذِي سَيُلْحِقُهُ السُّفْيَانيُّ بِقَبِيلَةِ قَيْس 00
عَن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إَنَّ هَذَا الحَيَّ مِنْ مُضَر ـ أَيْ قَبِيلَةَ قَيْس ـ لَا يَزَالُ بِكُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ يَقْتُلُهُ وَيُهْلِكُهُ وَيُفْنِيه؛ حَتىَّ يُدْرِكَهُمُ اللهُ بِجُنُودٍ مِن عِنْدِهِ فَتَقْتُلَهُمْ حَتىَّ لَا يُمْنَعَ ذَنَبُ تَلْعَة؛ فَإِذَا رَأَيْتَ قَيْسَاً قَدْ تَوَالَتِ الشَّام؛ فَخُذْ حِذْرَك " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8449]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَكُونُ اخْتلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَة؛ فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ بَني هَاشِمٍ فَيَأْتي مَكَّة، فَيَسْتَخْرِجُهُ النَّاسُ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ كَارِه، فَيُبَايِعُونَه بَينَ الرُّكْنِ وَالمَقَام، فَيُجَهَّزُ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنَ الشَّام، حَتىَّ إِذَا كَانُواْ بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بهِمْ؛ فَيَأْتِيهِ عَصَائِبُ الْعِرَاقِ وَأَبْدَالُ الشَّام، وَيَنْشَأُ رَجُلٌ بِالشَّامِ وَأَخْوَالُهُ كَلْب، فَيُجَهِّزُ إِلَيْهِ جَيْشَاً، فَيَهْزِمُهُمُ اللهُ فَتَكُونُ الدَّائِرَةُ عَلَيْهِمْ، فَذَلِكَ يَوْمُ كَلْب، الخَائِبُ مَن خَابَ مِن غَنِيمَةِ كَلْب، فَيَسْتَفْتِحُ الْكُنُوزَ وَيُقَسِّمُ الأَمْوَال، وَيُلْقِي الإِسْلَامُ بجِرَانِهِ إِلى الأَرْض ـ أَيْ يَسْتَقِرُّ وَيَهْدَأ ـ فَيَعِيشُ بِذَلِكَ سَبْعَ سِنِين، أَوْ قَالَ تِسْعَ سِنِين " 0
[قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: (613/ 7)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" المحْرُومُ مَن حُرِمَ غَنِيمَةَ كَلْب، وَلَوْ عِقَالاً، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه: لَتُبَاعَنَّ نِسَاؤُهُمْ عَلَى دَرَجَ دِمَشْق؛ حَتىَّ تُرَدَّ المَرْأَةُ مِنْ كَسْرٍ يُوجَدُ بِسَاقِهَا " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8329]
رَخَاءُ عَصْرِ المَهْدِي
وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي سَيَخْرُجُ عَلَى المَهْدِيّ: مَكِّيٌّ مِنْ قُرَيْش، غَيرَ أَنَّ أَخْوَالَهُ مِنْ قَبِيلَةِ كَلْب؛ كَمَا في رِوَايَةٍ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ 0
وَمِنَ المحْتَمَلِ أَنْ تَكُونَ إِسْرَائِيلُ هِيَ الَّتي تَقِفُ وَرَاءَ هَذَا الجَيْشِ الَّذِي سَيَغْزُو الكَعْبَةَ المُشَرَّفَة؛ كَرَدِّ فِعْلٍ عَلَى جَيْشِ المَدِينَةِ الَّذِي سَيَقِفُ في وَجْهِ الرُّوم؛ مِمَّا سَيُعَجِّلُ بِنِهَايَةِ اليَهُودِ في حَرْبِهِمُ المَوْعُودَةِ تحْتَ رَايَةِ الدَّجَّال، وَهَذَا كُلُّهُ طَبْعَاً مجَرَّدُ احْتِمَال 0
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " أُبَشِّرُكُمْ بِالمَهْدِيّ 00؟
يُبْعَثُ في أُمَّتي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ وَزَلَازِل، فَيَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطَاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْرَاً وَظُلْمَاً، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأَرْض، يَقْسِمُ المَالَ صِحَاحَاً " 00
فَقَالَ لَهُ رَجُل: مَا صِحَاحَاً 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" بِالسَّوِيَّةِ بَينَ النَّاس، وَيَمْلأُ اللهُ قُلُوبَ أُمَّةِ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم غِنىً، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُه؛ حَتىَّ يَأْمُرَ مُنَادِيَاً فَيُنَادِي فَيَقُول: مَنْ لَهُ في مَالٍ حَاجَة 00؟
فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاسِ إِلَاّ رَجُل، فَيَقُول ـ أَيْ يَقُولُ لَهُ المَهْدِيُّ نَضَّرَ اللهُ وَجْهَهُ ـ ائْتِ السَّدَّان ـ أَيِ الخَازِنَ ـ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ المَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَني مَالاً؛ فَيَقُولُ لَهُ احْثِ ـ أَيْ خُذْ بِكَفَّيْك ـ حَتىَّ إِذَا جَعَلَهُ في حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ؛ فَيَقُول: كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَفْسَاً، أَوَعَجَزَ عَنيِّ مَا وَسِعَهُمْ " 00؟!
أَيْ: أَوَعَجَزْتُ أَنْ تَسَعَني الْقَنَاعَةُ الَّتي وَسِعَتْهُمْ 00؟!
فَيَرُدُّهُ؛ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ؛ فَيُقَالُ لَه: إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئَاً أَعْطَيْنَاه؛ فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِين، ثُمَّ لَا خَيرَ في الْعَيْشِ بَعْدَه، أَوْ لَا خَيرَ في الحَيَاةِ بَعْدَه " 0
[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " ص: (610/ 7)، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 10933]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في أُمَّتي، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا؛ فَيَبْعَثُ اللهُ عز وجل عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عليه السلام كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُه، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَة، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّام؛ فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَاّ قَبَضَتْهُ، حَتىَّ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبَدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتىَّ تَقْبِضَهُ؛ فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاع،
لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفَاً وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا؛ فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُول: أَلَا تَسْتَجِيبُون 00؟ فَيَقُولُون: فَمَا تَأْمُرُنَا 00؟
فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَان، وَهُمْ في ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّور؛ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَاّ أَصْغَى ليتًا وَرَفَعَ ليتًا، وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِه ـ أَيْ يَطْلِيهِ بِالطِّين ـ فَيُصْعَقُ وَيُصْعَقُ النَّاس، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ عز وجل، أَوْ قَالَ يُنَزِّلُ اللهُ عز وجل مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ ـ أَيْ كَقَطَرَاتِ النَّدَى ـ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاس، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى؛ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُون، ثُمَّ يُقَال: يَا أَيُّهَا النَّاس؛ هَلُمَّ إِلى رَبِّكُمْ 00
{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُون {24} مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُون {25} بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمُون {26} وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُون {27} قَالُواْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليَمِين {28} قَالُواْ بَلْ لَمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِين {29} وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِن سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمَاً طَاغِين {30} فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُون} {الصَّافَّات}
ثُمَّ يُقَال: أَخْرِجُواْ بَعْثَ النَّار؛ فَيُقَالُ مِنْ كَمْ 00؟
فَيُقَال: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِاْئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِين؛ فَذَاكَ يَوْمَ يجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2940 / عَبْد البَاقِي]
مَلَاحِمُ آخِرِ الزَّمَان
عَن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" اعْدُدْ سِتَّاً بَينَ يَدَيِ السَّاعَة: مَوْتي، ثمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِس، ثمَّ مَوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَم، ثمَّ اسْتِفَاضَةُ المَال؛ حَتىَّ يُعْطَى الرَّجُلُ مِاْئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطَاً، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَاّ دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَني الأَصْفَر، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَة ـ أَيْ رَايَةً ـ تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلفَاً " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3176 / فَتْح]
وَحَكَى الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانيُّ في شَرْحِهِ لهَذَا الحَدِيثِ قَوْلاً هَذَا نَصُّه: " وَيُقَال: إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ ـ أَيِ الإِخْبَارُ بِالقُعَاص ـ ظَهَرَتْ في طَاعُون عَمْوَاسٍ في خِلَافَةِ عُمَر " 0 [الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانيُّ في كِتَابِهِ العَظِيم: فَتْحِ البَارِي؛ في شَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِيُّ في شَرْحِهِ لِلْحَدِيثِ رَقْم: 3587]
وَأَذْكُرُ أَنيِّ فَكَّرْتُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ في الرَّبْطِ بَينَ الْقُعَاصِ وَأَنْفِلْوَانْزَا الطُّيُور، لَا سِيَّمَا إِذَا مَا انْتَقَلَتِ الْعَدْوَى بِهِ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ ـ إِلى البَشَر، وَلَكِنيِّ لَمْ أَلْبَثْ إِلَاّ يَسِيرَاً حَتىَّ صَرَفْتُ النَّظَر؛ نَظَرَاً لِطُولِ الْفَتْرَاتِ الزَّمَنِيَّةِ الَّتي أَوْحَى بِهَا كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المَرَاحِلِ الَّتي تَضَمَّنَهَا حَدِيثُهُ الشَّرِيف 0
أَلَا تُلَاحِظْ مَعِي يَرْحَمُكَ اللهُ أَنَّ الأَحَادِيثَ أَبْهَمَتْ مَوْضِعَ هَذَا المَوْتَان؟
فَقَدْ يَقَعُ في الطُّيُورِ أَوِ الحَيَوَان، وَقَدْ لَا يَقَعُ في الإِنْسَان 00!!
وَلَاحِظْ مَعِي أَيْضَاً أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَوْتَانٌ كَقُعَاصِ الغَنَم: أَيْ سَرِيعُ الاِنْتِشَار، أَوْ شَبِيهٌ بِه 0
قَالَ الإِمَامُ ابْنُ حَجَرَ الْعَسْقَلَانيُّ في شَرْحِ هَذَا المَرَضِ المَذْكُور:
" دَاءٌ يُصِيبُ الدَّوَابَّ فَيَسِيلُ مِن أُنُوفِهَا شَيْءٌ فَتَمُوتُ فَجْأَة " 0
[الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانيُّ في كِتَابِهِ العَظِيم: فَتْحِ البَارِي؛ في شَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِيُّ في شَرْحِهِ لِلْحَدِيثِ رَقْم: 3587]
وَقَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ في لِسَانِ الْعَرَب: " وَالقُعَاصُ دَاءٌ يأْخُذُ في الصَّدْرِ كَأَنَّهُ يَكْسِر الْعُنُق، والقُعَاصُ دَاءٌ يَأْخُذُ الدَّوَابَّ فيَسِيلُ مِن أُنُوفِهَا شَيْء، والقُعَاصُ دَاءٌ يَأْخُذُ في الْغَنَمِ لَا يُلْبِثُهَا أَنْ تَمُوت " 00
[الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانيُّ في كِتَابِهِ العَظِيم: فَتْحِ البَارِي؛ في شَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِيُّ في شَرْحِهِ لِلْحَدِيثِ رَقْم: 3587]
وَبِرَغْمِ هَذَا الاِسْتِدْلَالِ فَإِنيِّ أَعُودُ لأُرَجِّحَ قَوْلَ مَنْ ذَهَبُواْ إِلى أَنَّ المَقْصُودَ بِدَاءِ الْقُعَاصِ هَذَا: طَاعُونُ عَمْوَاس ـ إِنْ كَانَتْ صِفَتُهُ وَأَعْرَاضُ الوَفَاةِ فِيهِ عَلَى النَّحْوِ المَذْكُور ـ وَالْبَاعِثُ عَلَى هَذَا التَّرْجِيحِ هُوَ التَّسَلْسُلُ التَّارِيخِيُّ الَّذِي أَوْرَدَهُ الحَدِيث، وَالَّذِي يُمْكِنُ تَوْفِيقُهُ عَلَى النَّحْوِ التَّالي:
1 ـ مَوْتي: وَقَدْ مَاتَ صلى الله عليه وسلم 0
2 ـ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِس: وَقَدْ فُتِحَ في عَهْدِ الْفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه 0
3 ـ المَوْتَان: طَاعُونُ عِمَوَاس؛ الَّذِي أَكَّدَ الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ وَقَعَ في خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه 0
وَهُوَ الطَّاعُونُ الَّذِي قَالَ فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاح:
" أَفِرَارَاً مِنْ قَدَرِ الله " 00!؟
فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عُمَرُ رضي الله عنه:
" لَوْ غَيْرُكَ قَالهَا يَا أَبَا عُبَيْدَة 00 نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ إِلى قَدَرِ الله " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (5729 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2219 / عَبْد البَاقِي]
4 ـ اسْتِفَاضَةُ المَال: وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ في عَصْرِ الخَلِيفَةِ العَادِل / عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز، وَالَّذِي بَلَغَ حَدَّ أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ في المَدَائِنِ وَالقُرَى: أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَجَزَ عَنْ قَضَائِهِ فَلْيَقْضِهِ مِنْ بَيْتِ المَال، وَمَنْ كَانَ أَعْزَبَ لِعَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى الزَّوَاجِ فَنَفَقَةُ زَوَاجِهِ مِنْ بَيْتِ المَال، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ بِصُورَةٍ فَاحِشَةٍ في عَهْدِ مُلُوكِ بَني الْعَبَّاس، وَعَطَايَا الخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ وَالأُمَرَاءِ وَالأَغْنِيَاءِ وَالبَرَامِكَةِ الَّتي كَانَتْ تَصِلُ إِلى أَلْفِ أَلْف، وَهَذَا مَشْهُورٌ في كُتُبِ التَّارِيخِ وَالأَدَب 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ الأَزْدِيِّ رضي الله عنه قَال: " بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَوْلَ المَدِينَةِ عَلَى أَقْدُمِنَا ـ أَيْ عَلَى أَقْدَامِنَا ـ لِنَغْنَم؛ فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ، وَعَرَفَ صلى الله عليه وسلم الجَهْدَ في وُجُوهِنَا؛ فَقَامَ صلى الله عليه وسلم فِينَا خَطِيبَاً؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ إِليَّ فَأَضْعُفَ عَنهُمْ، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلىَ أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجَزُواْ عَنهَا، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلىَ النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُواْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: لَتُفْتَحَنَّ الشَّامُ وَفَارِس ـ أَوِ الرُّومُ وَفَارِس ـ حَتىَّ يَكُونَ لأَحَدِكُمْ مِنَ الإِبِلِ كَذَا وَكَذَا وَمِنَ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا؛ حَتىَّ يُعْطَى أَحَدُكُمْ مِاْئَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطُهَا، ثُمَّ وَضَعَ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِي أَوْ عَلَى هَامَتي فَقَال: يَا ابْنَ حَوَالَة؛ إِذَا رَأَيْتَ الخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالأُمُورُ الْعِظَام؛ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ لِلنَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِك " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8309]
5 ـ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَاّ دَخَلَتْهُ: وَبَدَأَتْ تِلْكَ الْفِتَنُ بِظُهُورِ الخَوَارِجِ في عَهْدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، ثمَّ اسْتِفْحَالِ أَمْرِهِمْ في الحُرُوبِ اليَزِيدِيَّةِ زَمَنَ الحَجَّاج، وَالَّذِي أَسْفَرَ عَنْ مَقْتَلِ الحُسَينِ رضي الله عنه كَمَا قُتِلَ أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه، ثُمَّ أَقْبَلَتْ فِتَنُ الحُرُوبِ الصَّلِيبِيَّةِ وَالتَّتَارِ وَهَجَمَاتِهِمُ الشَّرِسَةِ عَلَى دِيَارِ الإِسْلَام، ثُمَّ تَوَالَتِ الهَجَمَاتُ الاِسْتِعْمَارِيَّةُ في العَصْرِ الحَدِيث،
ثمَّ النِّزَاعَاتُ العَرَبِيَّة، ثمَّ عَوْدَةُ الهَجَمَاتِ الَاسْتِعْمَارِيَّةِ مُؤَخَّرَاً عَلَى العِرَاق، وَإِرْهَاصَاتٌ بِاحْتلَالِ سُورِيَّةَ وَإِيرَان، وَلَا نَنْسَى مَسْجِدَنَا الأَقْصَى الَّذِي في أَيْدِي اليَهُود، وَفِتْنَةُ حُكَّامِ العَرَبِ وَوُلَاةِ الأَمْرِ لِشُعُوبِهِمُ الإِسْلَامِيَّةِ في دِينِهِمْ، وَمحَارَبَةُ الإِسْلَامِ في دِيَارِ الإِسْلَامِ بِنَفْسِ الحُجَجِ الأَمْرِيكِيَّةِ الْكَاذِبَة: حِفْظِ الأَمْنِ وَمحَارَبَةِ الإِرْهَاب؛ كُلُّ هَذَا مِنَ الْفِتَن، وَضِفْ إِلَيْهِ تحَرُّشَاتِ الإِعْلَامِ في الأَفْلَامِ الجِنْسِيَّةِ بِالشَّبَاب، وَفي الإِنْتَرْنِتِّ وَالْفَضَائِيَّات؛ كُلُّ هَذَا مِنَ الْفِتَن 0
6 ـ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَني الأَصْفَر: هَذِهِ الَّتي نَنْتَظِرُهَا، وَهِيَ تُوَاكِبُ خُرُوجَ المَهْدِيّ 0
أَمَّا إِنْ كَانَ المَقْصُودُ بِالْقُعَاصِ مَوْتَانَاً آخَرَ بِأَنْفِلْوَانْزَا الطُّيُورِ أَوْ بِسُونَامِي آخَرَ في الْبِلَادِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِسَارْز ـ لَا قَدَّرَ اللهُ ـ فَتَكُونُ اسْتِفَاضَةُ المَالِ المَقْصُودَةُ حِينَئِذٍ؛ تَتَمَثَّلُ في الاِنْتِعَاشِ الاِقْتِصَادِيِّ غَيْرِ العَادِيّ، الَّذِي سَتَشْهَدُهُ الْبِلَادُ بِإِذْنِ اللهِ في زَمَنِ المَهْدِيِّ المُنْتَظَر؛ وَيَكُونُ هَذَا الحَدِيثُ إِرْهَاصَاً بِفَتْحِ بَيْتِ المَقْدِسِ وَتَخْلِيصِهِ مِن أَيْدِي اليَهُود 0
نَعُودُ لِلْمَوْتَانِ وَالْفِتَن، وَلِلأَحْدَاثِ الَّتي سَتُمَهِّدُ لِظُهُورِ المَهْدِيّ:
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ السَّكُونِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يُفْني بَعْضُكُمْ بَعْضَاً، وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَوْتَانٌ شَدِيد، وَبَعْدَهُ سَنَوَاتُ الزَّلَازِل " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: (8383)، وَقَالَ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَد: إِسْنَادُهُ صَحِيح]
وَأَمَّا قَوْلُهُ في حَدِيثِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ السَّابِق: " ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَني الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ـ أَيْ رَايَةً ـ تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلفَاً " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3176 / فَتْح]
أَيْ: يَأْتُونَكُمْ بجَيْشٍ قِوَا مُهُ تِسْعُمِاْئَةٍ وَسِتُّونَ أَلْفَ جُنْدِيّ، يَجْمَعُونَهُ في تِسْعَةِ أَشْهُر:
فَقَدْ وَرَدَ في رِوَايَةٍ أُخْرَى عَن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَيْضَاً عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " ثُمَّ يَغْدِرُونَ بِكُمْ حَتىَّ حَمْلِ امْرَأَة " 0
[أَيْ يجْمَعُونَ هَذَا الجَيْشَ في تِسْعَةِ أَشْهُر0قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8303]
وَسَبَبُ غَدْرِهِمْ يَتَّضِحُ في هَذَا الحَدِيث:
عَنْ ذِي مِخْبَرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحَاً آمِنَاً، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوَّاً مِنْ وَرَائِكُمْ، فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ ثُمَّ تَرْجِعُون، حَتىَّ تَنْزِلُواْ بِمَرْجٍ ذِي تُلُول، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِن أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ فَيَقُول: غَلَبَ الصَّلِيب؛ فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنْ المُسْلِمِينَ فَيَدُقُّهُ ـ أَيْ يَقْتُلُه ـ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَة "[صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 5925، وَفي سُنَنيِ الإِمَامَينِ أَبي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 4292، 4089]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْحَاكِم: " فَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الرُّوم: غَلَبَ الصَّلِيب، وَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ المُسْلِمِين: بَلِ اللهُ غَلَب، فَيَتَدَاوَلَانِهَا بَيْنَهُمْ ـ أَيْ فَيُرَدِّدَانِهَا ـ فَيَثُورُ المُسْلِمُ إِلى صَلِيبِهِمْ وَهُمْ مِنهُ غَيرَ بَعِيدٍ فَيَدُقُّهُ، وَيَثُورُ الرُّومُ إِلى كَاسِرِ صَلِيبِهِمْ فَيَقْتُلُونَهُ، وَيَثُورُ المُسْلِمُونَ إِلى أَسْلِحَتِهِمْ فَيَقْتَتِلُون؛ فَيُكْرِمُ اللهُ عز وجل تِلْكَ الْعِصَابَةَ مِنَ المُسْلِمِينَ بِالشَّهَادَة " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَشُعيب الأَرْنَؤُوطُ في صَحِيحِ ابْنِ حِبَِّان، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8298]
وَزَادَ في رِوَايَة: " وَيَثُورُ المُسْلِمُونَ إِلى أَسْلِحَتِهِمْ فَيَقْتَتِلُون؛ فَيُكْرِمُ اللهُ تِلْكَ الْعِصَابَةَ بِالشَّهَادَة " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4293]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" يُوشِكُ المُسْلِمُونَ أَنْ يُحَاصَرُواْ إِلى المَدِينَة، حَتىَّ يَكُونَ أَبْعَدَ مَسَالحِهِمْ سَلَاح " 0
[قَالَ الذَّهَبيّ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: 8181/ 14141، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4250]
وَسَلَاح: مَوْضِعٌ أَسْفَلَ خَيْبر، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّ فِيهَا مَاءً شَدِيدَ المُلُوحَةِ مَنْ شَرِبَهُ يَسْلَحُ أَيْ يَتَغَوَّط
عَن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ فُسْطَاطَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بِالْغُوطَة، إِلى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْق، مِن خَيرِ مَدَائِنِ الشَّام " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " فَضَائِلِ الشَّامِ " وَفي " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4298]
وَالمَلْحَمَةُ ـ كَمَا جَاءَ في لِسَانِ الْعَرَب: هِيَ الْوَقْعةُ الْعَظِيمَةُ الْقَتْل، وَبِلُغَةِ الْيَوْم: الحَرْبُ المَصِيرِيَّة 0
فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّة " إِسْتَانْبُول "
عَنْ بِشْرٍ الْغَنَوِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّة، وَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الجَيْشُ ذَلِكَ الجَيْش " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8300]
وَهَذَا الْفَتْحُ المُنْتَظَر: هُوَ فَتْحٌ ثَانٍ غَيرُ الْفَتْحِ الَّذِي فَتَحَهُ محَمَّدٌ الفَاتِح؛ فَالفَتْحُ الأَوَّلُ لَمْ تَصْحَبْهُ أَوْ تَسْبِقْهُ أَوْ تَتْبَعْهُ الْقَرَائِنُ وَالحَوَادِثُ الَّتي وَرَدَتْ فِيمَا 0
وَجَيْشُ الرُّومِ الغَشُومِ هَذَا: سَوْفَ يَتَصَدَّى لَهُ جَيْشٌ إِسْلَامِيٌّ جَسُورٌ هَصُورٌ مَنْصُور 00
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا وَقَعَتِ المَلَاحِم؛ خَرَجَ بَعْثٌ مِنَ المَوَالي مِنْ دِمَشْق، هُمْ أَكْرَمُ الْعَرَبِ فَرَسَاً وَأَجْوَدُهُ سلَاحَاً، يُؤَيِّدُ اللهُ بهِمُ الدِّين " 0 [قَالَ الذَّهَبيّ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم، وَقَالَ الحَاكِم: عَلَى شَرْطِ البُخَارِي، وَحَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4090]
وَهَذَا الْبَعْثُ الَّذِي سَيُؤَيِّدُ اللهُ بِهِ الدِّين، وَيَهْزِمُ هَؤُلَاءِ الصَّلِيبِيِّين؛ مِنَ المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّة، وَبِالتَّحْدِيدِ مِنَ المَدِينَةِ المُنَوَّرَة، أَحْفَادِ الأَنْصَار، بَيَّضَ اللهُ وُجُوهَهُمْ وَأَسْكَنَهُمُ الجَنَّةَ مَعَ الأَبْرَار، وَممَّا صَحَّ في ذَلِكَ مِنَ الآثَار، الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ المَدِينَةَ وَقْتَئِذٍ سَتَكُونُ قَلْعَةَ المُسْلِمِينَ وَمِصْرَ الأَمْصَار:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِق ـ مَوْضِعٌ بَيْنَ حَلَبَ وَأَنْطَاكِيَة، بِشَمَالِ غَرْبِ سُورِيَّة ـ فَيخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ مِن خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّواْ قَالَتِ الرُّوم ـ أَيْ لأَهْلِ المَدِينَة ـ خَلُّواْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ 00؟
فَيَقُولُ المُسْلِمُونَ لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا؛ فَيُقَاتِلُونَهُمْ،
فَيَنْهَزِمُ ثُلُث ـ أَيْ يَنخَذِلُ وَيَفِرّ ـ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدَا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ 00 أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ الله، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُث، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدَا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّة ـ أَيْ إسْتَانْبُول ـ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُواْ سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُون؛ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَان: إِنَّ المَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ في أَهْلِيكُمْ، فَيخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِل ـ أَيْ كَذِب ـ فَإِذَا جَاءواْ الشَّامَ خَرَج، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَال، يُسَوُّونَ الصُّفُوف؛ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاة، فَنَزَلَ عِيسَى بْنُ مَرْيمَ عليه السلام فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ الله ـ أَيِ الدَّجَّال ـ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلْحُ في المَاء، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتىَّ يَهْلِك
ـ أَيْ لَذَابَ حَتىَّ يَهْلِك ـ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِه ـ أَيْ يَقْتُلُ اللهُ جل جلاله الدَّجَّالَ بِيَدِ عِيسَى بْنِ مَرْيم عليه السلام فَيُرِيهِمْ دَمَهُ في حَرْبَتِه "
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: 2897]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" سَمِعْتُمْ بمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنهَا في البَرِّ وَجَانِبٌ مِنهَا في البَحْر " 00؟
قَالُواْ نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفَاً مِنْ بَني إِسْحَاق، فَإِذَا جَاءوهَا؛ نَزَلُواْ فَلَمْ يُقَاتِلُواْ بِسلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُواْ بِسَهْم، قَالُواْ:
لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَر؛ فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا الَّذِي في البَحْر، ثُمَّ يَقُولُونَ الثَّانِيَة: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَاللهُ أَكْبر؛ فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الآخَر، ثمَّ يَقُولُونَ الثَّالِثَة: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَر؛ فَيُفَرَّجُ لَهُمْ فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُواْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ المَغَانِمَ إِذْ جَاءهُمُ الصَّرِيخُ فَقَال: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَج؛ فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُون " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2920 / عَبْد البَاقِي]
وَمحَارَبَةُ الرُّومِ في سُورِيَّة، ثمَّ النُّبُوءةُ بِفَتْحِ الْقُسْطَنْطِينِيَّة؛ يُعْطِي احْتِمَالاً أَنَّ تُرْكِيَا قَدْ تَتَحَالَفُ مَعَ الْغَرْبِ لِلْفَتْكِ بِسُورِيَّة، أَوْ أَنَّ تُرْكِيَا سَتَغْزُو الْعِرَاق؛ مِمَّا سَيَدْفَعُ المُسْلِمِينَ إِلى غَزْوِ إِسْتَانْبُول، وَنُزُولُ الرُّومِ بِدَابِقَ وَالأَعْمَاقِ بِسُورِيَّةَ عَلَى وَجْهِ الخُصُوص؛ يُؤَكِّدُ فَتْكَ الْغَرْبِ بِسُورِيَّة؛ عَلَى سَبِيلِ الاِنْتِقَامِ بِسَبَبِ التَّحَالُفِ السُّورِيِّ الإِيرَانيّ؛ أَوْ لِتَدَخُّلِهَا في الشَّأْنِ اللُّبْنَانيِّ وَالْفِلَسْطِينيّ 0
وَهَذَا كُلُّهُ طَبْعَاً عَلَى سَبِيلِ التَّخْمِين؛ بِمَا سَيَحْدُثُ بَينَ الْغَرْبِ وَالمُسْلِمِين
أَمَّا المَدِينَةُ الَّتي جَانِبٌ مِنهَا في البَرِّ وَجَانِبٌ مِنهَا في البَحْر: فَهَذِهِ الأَوْصَافُ تَنْطَبِقُ عَلَى إِيطَاليَا، وَبِالتَّالي فَهِيَ نُبُوءةٌ بِسُقُوطِ رُومَا وَالْفَاتِيكَان، وَقَدْ أَفْلَحَ مِن أَهْلِهَا يَوْمَئِذٍ مَن أَدْرَكَ الإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ الغَرَق، وَفَتْحُ رُومِيَّةَ سَوْفَ يَكُونُ بَعْدَ القُسْطَنْطِينِيَّة 00
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَال:
" بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَكْتُب: إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" أَيُّ المَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّة " 00؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً " 0
[يَعْني قُسْطَنْطِينِيَّة 0 صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6645، رَوَاهُ الإِمَامَانِ أَحْمَدُ وَالحَاكم]
هَذِهِ المَدِينَةُ هِيَ مَدِينَةُ قُسْطَنْطِينِيَّة " إِسْتَانبُول " 00
أَمَّا قَوْلُهُ: " مِنْ بَني إِسْحَاق ": أَيْ مِن غَيرِ العَرَب: كَمُسْلِمِي أُورُوبَّا أَوْ مِن أَيَّةِ سُلَالَةٍ أُخْرَى غَيرِ عَرَبِيَّةٍ مِنْ نَسْلِ نَبيِّ اللهِ إِسْحَاقَ عليه السلام 0
وَيَبْدُو أَنَّ الجِهَةَ الَّتي سَيَغْزُونَ مِنهَا هِيَ الجِهَةَُ الْغَرْبِيَّة؛ لأَنَّ الجَانِبَ الَّذِي سَيَسْقُطُ أَوَّلاً ـ بِنَصِّ الحَدِيثِ ـ هُوَ الجَانِبُ الَّذِي في البَحْر 00
حَجْمُ النَّارِ وَالدَّمَارِ في هَذِهِ الحَرْبِ المَوْعُودَة
عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال: " هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالكُوفَة، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَاّ ـ أَيْ لَا كَلَامَ لَهُ إِلَاّ ـ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُود، جَاءتِ السَّاعَة، فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئَاً فَقَال: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتىَّ لَا يُقْسَمَ مِيرَاث، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَة، ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا ـ أَيْ أَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا ـ وَنَحَّاهَا نحْوَ الشَّامِ فَقَال: عَدُوٌّ يُجْمِعُونَ لأَهْلِ الإِسْلَام، وَيُجْمِعُ لهُمْ أَهْلُ الإِسْلَام؛ قُلْتُ: الرُّومَ تَعْني 00؟
قَالَ رضي الله عنه نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ القِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَة ـ أَيْ حَمَاسَةٌ وَاضْطِرَابٌ شَدِيد، أَوْ فِرَارٌ أَوْ رِدَّة ـ فَيَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَاّ غَالِبَة ـ أَيْ يجَهِّزُ المُسْلِمُونَ كَتِيبَةً لَا تَرْجِعُ دَائِمَاً إِلَاّ مُظَفَّرَة ـ فَيَقْتَتِلُونَ حَتىَّ يحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْل، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء ـ أَيْ يَرْجِعُون ـ كُلٌّ غَيْرَ غَالِب، وَتَفْنى الشُّرْطَة، ثُمَّ يَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَاّ غَالِبَة؛ فَيَقْتَتِلُونَ حَتىَّ يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْل، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء ـ أَيْ يَرْجِعُونَ ـ كُلٌّ غَيْرَ غَالِب، وَتَفْنى الشُّرْطَة، ثُمَّ يَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَاّ غَالِبَة،
فَيَقْتَتِلُونَ حَتىَّ يُمْسُواْ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء ـ أَيْ يَرْجِعُونَ ـ كُلٌّ غَيرَ غَالِب، وَتَفْنى الشُّرْطَة، فَإِذَا كَانَ اليَوْمُ الرَّابِع؛ نَهَضَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلَامِ ـ أَيْ قَامُواْ إِلَيْهِمْ ـ فَيَجْعَلُ اللهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ ـ أَيْ يَجْعَلُ اللهُ النَّصْرَ لِلْمُسْلِمِين ـ فَيَقْتَتِلُونَ مَقْتَلَةً لَا يُرَى مِثْلُهَا، أَوْ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا، حَتىَّ إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بجَنَبَاتِهِمْ؛ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتىَّ يَخِرَّ مَيِّتَاً ـ أَيْ مِنْ شِدَّةِ النَّارِ وَالدَّمَارِ وَالَانْفِجَار ـ فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُواْ مِائَة؛ فَلَا يجِدُونَهُمْ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَاّ الرَّجُلُ الوَاحِد؛ فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَح؟!
أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَم 00؟!
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِك؛ إِذْ سَمِعُواْ بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِك: فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ في ذَرَارِيهِمْ؛ فَيَرْفُضُونَ مَا في أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُون، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَة، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنيِّ لأَعْرِفُ أَسْمَاءهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ؛ هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، أَوْ مِن خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ "
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2899 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَقُومُ السَّاعَة؛ حَتىَّ تخْرُجَ نَارٌ مِن أَرْضِ الحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 7118 / فَتْح، رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2902 / عَبْد البَاقِي]
ذَكَرَ الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ في شَرْحِ هَذَا الحَدِيثِ نَقْلاً عَنِ الإِمَامِ القُرْطُبيِّ في كِتَابِ التَّذْكِرَةِ أَنَّ نَارَاً عَظِيمَةً خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ بِالحِجَازِ في شَهْرِ جُمَادَى سَنَةَ سِتِّمِاْئَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ مِنَ الهِجْرَة، وَاسْتَمَرَّتْ ثَلَاثَةَ أَيَّام، وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ صَرَاحَةً أَنَّهَا أَضَاءتْ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى ـ وَهِيَ مَدِينَةٌ بَينَ الْعِرَاقِ وَسُورِيَّة ـ وَذَكَرَ أَنَّ أَهْلَ الشَّام قَدْ سَمِعُواْ بِهَا، وَلَكِنْ لَمْ
يَذْكُرْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا 0
وَقَالَ الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ في شَرْحِ هَذَا الحَدِيث:
" وَهَذَا يَنْطَبِق عَلَى النَّار المَذْكُورَة الَّتي ظَهَرَتْ في المِاْئَة السَّابِعَة " 0
[الإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ في شَرْحِ هَذَا الحَدِيثِ الَّذِي بِرَقْم: 7118 / فَتْح]
عَن أَبي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ أَهْلَ المَدِينَةِ يَوْمَاً فَقَال: " يُوشِكُ أَنْ يَدَعُوهَا أَحْسَنَ مَا كَانَتْ؛ لَيْتَ شِعْرِي ـ أَيْ لَيْتَني أَعْلَم: مَتىَ تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ جَبَلِ الْوَرَّاق [جَبَلٌ بِالمَدِينَة] فَتُضِيءُ لهَا أَعْنَاقُ الْبُخْتِ بِالْبُصْرَى سُرُوجَاً كَضَوْءِ النَّهَار " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8366]
وَهَذِهِ النَّارُ طَبْعَاً: خلَافُ النَّارِ الَّتيِّ سَتَخْرُجُ في آخِرِ الزَّمَانِ وَتَحْشُرُ النَّاسَ إِلى أَرْضِ المحْشَر 0
عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: " يُوشِكُ أَنْ يخْرُجَ ابْنُ حَمَلِ الضَّأْن 00 ثَلَاثَ مَرَّات، قُلْتُ: وَمَا حَمَلُ الضَّأْن 00؟
قَالَ رضي الله عنه: رَجُلٌ أَحَدُ أَبَوَيْهِ شَيْطَان، يَمْلِكُ الرُّوم، وَيَجِيءُ في أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ النَّاس، خمْسُمِاْئَةِ أَلْفٍ في البَرّ، وَخَمْسُمِاْئَةِ أَلْفٍ في الْبَحْر،
يَنْزِلُونَ أَرْضَاً يُقَالُ لَهَا: الْعَمِيق؛ فَيَقُولُ لأَصْحَابِه: إِنَّ لي في سَفِينَتِكُمْ بَقِيَّة، فَيَتَخَلَّفُ عَلَيْهَا فَيَحْرِقُهَا بِالنَّار ـ أَيْ لِئَلَاّ يَرْجِعُواْ ـ ثُمَّ يَقُول: لَا رُومِيَّةَ وَلَا قُسْطَنْطِينِيَّةَ لَكُمْ، مَنْ شَاءَ أَنْ يَفِرَّ فَلْيَفِرّ، وَيَسْتَمِدُّ المُسْلِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً حَتىَّ يَمُدَّهُمْ أَهْلُ عَدْنَ أَبْيَن، فَيَقُولُ لَهُمُ المُسْلِمُون: الحَقُواْ بِهِمْ فَكُونُواْ فَاجَّاً وَاحِدَاً؛ فَيَقْتَتِلُونَ شَهْرَاً؛ حَتىَّ إِنَّ الخَيْلَ لَتَخُوضُ في سَنَابِكِهَا الدِّمَاء، وَلِلْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ كِفْلَانِ مِنَ الأَجْر، عَلَى مَا كَانَ قَبْلَه، إِلَاّ مَنْ كَانَ مِن أَصْحَابِ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْر؛ قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: الْيَوْمَ أَسُلُّ سَيْفِي
وَأَنْصُرُ دِيني وَأَنْتَقِمُ مِن عَدُوِّي؛ فَيَجْعَلُ اللهُ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَهْزِمُهُمُ اللهُ حَتىَّ تُسْتَفْتَحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّة، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ ـ أَيْ أَمِيرُ جَيْشِ المُسْلِمِين: لَا غُلُولَ الْيَوْم، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَقْتَسِمُونَ بِتُرْسِهِمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّة؛ إِذْ نُودِيَ فِيهِمْ: أَلَا إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَكُمْ في دِيَارِكُمْ؛ فَيَدَعُونَ مَا بِأَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ إِلى الدَّجَّال " 0 [قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَعِ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْد: وَهُوَ حَسَنُ الحَدِيث، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَات 0 ص: 619/ 7، رَوَاهُ الإِمَامُ البَزَّار]
لَاحِظْ يَرْحَمُكَ اللهُ الشَّبَهَ الْكَبِيرَ بَينَ حُرُوفِ المَدِينَةِ المَذْكُورَةِ في بِدَايَةِ هَذَا الحَدِيث [مَدِينَةِ الْعَمِيق] وَمَدِينَةِ الأَعْمَاق؛ مِمَّا يُوحِي بِأَنَّ المَدِينَتينِ شَيْءٌ وَاحِد، وَتُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَحْدَاثُ الحَدِيثَين، وَرُبَمَا كَانَتْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ هِيَ الَّتي أُخِذَ مِنهَا اسْمُ بحَيرَةِ العُمْقِ بِشَمَالِ غَرْبِ سُورِيَّة 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَخْرُجُ مِن عَدَنِ أَبْينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَاً يَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَه، هُمْ خَيرُ مَنْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 2782، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 3079، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى]
عَنِ الإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ عَنِ الَّذِي تَوَلىَّ كِبرَ الخَوَارِج: " ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ مِنَ الجِنّ، هَذَا أَكْبَرُهُمْ، وَالثَّاني لَهُ جَمْعٌ كَثِير، وَالثَّالِثُ فِيهِ ضَعْف " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 1196، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
فَرُبَّمَا كَانَ المَقْصُودَ بِالثَّاني في هَذَا الحَدِيث: ذَلِكَ المَلِكُ الخَبِيث، الَّذِي أَحَدُ أَبَوَيْهِ شَيْطَان 0
تَأْرِيخُ تِلْكَ الأَحْدَاثِ بِعَلَامَات
حَسَنَاً، وَلَكِن هَلْ مِن أَمَارَةٍ لِبَدْءِ هَذِهِ الأَحْدَاث 00؟
يَبْدَأُ الأَمْرُ بِسَنَوَاتِ الخَسْفِ وَالزَّلَازِل؛ عَلَى النَّحْوِ المُبَيَّنِ في الأَحَادِيثِ السَّابِقَة 0
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الأَمَارَات: خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ بِسِلْك، فَإِذَا انْقَطَعَ السِّلْكُ تَبِعَ بَعْضُهَا بَعْضَاً " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 2755، 1762، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 7040]
عَن حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتىَّ تَكُونَ عَشْرُ آيَات 1 ـ خَسْفٌ بِالمَشْرِق 2 ـ وَخَسْفٌ بِالمَغْرِبِ، 3 ـ وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ العَرَب 4 ـ وَالدُّخَان 5 ـ وَالدَّجَّال 6 ـ وَدَابَّةُ الأَرْض 7 ـ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوج 8 ـ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا 9 ـ وَنَارٌ تخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنَ تَرْحَلُ النَّاس " 0 أَيْ تَسُوقُهُمْ 00 وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى:
" وَالعَاشِرَةُ نُزُولُ عِيسَى بْنِ مَرْيَم " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2901 / عَبْد البَاقِي]
وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ تَكُونَ عَشْرُ آيَات: خَسْفٌ بِالمَشْرِق، وَخَسْفٌ بِالمَغْرِب، وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ الْعَرَب، وَالدَّجَّال، والدُّخَان، وَنُزُولُ عِيسَى بْنِ مَرْيَم؛ فَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوج، وَالدَّابَّة، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدْن؛ تَسُوقُ النَّاسَ إِلىَ المحْشَر؛ تَحْشُرُ الذَّرَّ وَالنَّمْل " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8317]
عَنْ بُقَيْرَةَ الهلَالِيَّةِ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا سَمِعْتُمْ بِجَيْشٍ قَدْ خُسِفَ بِهِ قَرِيبَاً؛ فَقَدْ أَظَلَّتِ السَّاعَة " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (618، 1355)، رَوَاهُ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ في الشُّعَب]
وَسَيَظْهَرُ هَذَا الخَسْفُ تحْدِيدَاً في أَرْضِ الحِجَاز، بَينَ مَكَّةَ وَسُورِيَّة، وَيَلِيهِ مُبَاشَرَةً ظُهُورُ المَهْدِيّ 0
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ نَاسَاً مِن أُمَّتي يَؤُمُّونَ بِالبَيْت ـ أَيْ يَقْصِدُونَهُ ـ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْت، حَتىَّ إِذَا كَانُواْ بِالبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ " 0
فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله؛ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يجْمَعُ النَّاس 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" نَعَمْ، فِيهِمُ المُسْتَبْصِرُ وَالمجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيل، يَهْلِكُونَ مَهْلِكَاً وَاحِدَاً، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتىَّ، يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2884 / عَبْد البَاقِي]
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " عُمْرَانُ بَيْتِ المَقْدِس: خَرَابُ يَثْرِب، وَخَرَابُ يَثْرِب: خُرُوجُ المَلْحَمَة، وَخُرُوجُ المَلْحَمَة: فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّة، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّال " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (7545)، وَالإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ مَوْقُوفَاً، رَوَاهُ الإِمَامَانِ الطَّبرَانيُّ وَالحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك]
يَبْدُو أَنَّ المُؤَامَرَاتِ الْيَهُودِيَّةَ الَّتي تُحَاكُ حَوْلَ المَسْجِدِ الأَقْصَى سَتَنْتَهِيَ بِهَدْمِ المَسْجِدِ الأَقْصَى؛ لِيَبْلُغَ فِيهِ قَدَرُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَبْلَغَهُ بِعُمْرَانِهِ ثُمَّ خُرُوجِ المَلْحَمَة 0
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" المَلْحَمَةُ الْكُبْرَى، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّة، وَخُرُوجُ الدَّجَّال؛ في سَبْعَةِ أَشْهُر " 0 [ضَعَّفَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4295]
وَأَوَّلُ عَلَامَاتِ ظُهُورِ المَهْدِيّ:
1 ـ خُرُوجُ السُّفْيَانيّ ـ السَّفَّاحُ المُبِير ـ الَّذِي سَيُظْهِرُ في الأَرْضِ الْفَسَاد 0
2 ـ ثمَّ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِجَيْشِهِ وَهُوَ في طَرِيقِهِ مِنَ الشَِّامِ إِلى المَدِينَة؛ لِلْقَضَاءِ عَلَى المَهْدِيِّ وَمَنْ مَعَه
2 ـ ثمَّ يَكُونُ اخْتلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَة؛ فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ بَني هَاشِمٍ فَيَأْتي مَكَّة، فَيَسْتَخْرِجُهُ النَّاسُ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ كَارِه، فَيُبَايِعُونَه بَينَ الرُّكْنِ وَالمَقَام 00 كَمَا قَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ سَالِفِ الذُِّكْر
وَهَذِهِ الأَحْدَاثُ لَهَا مُقَدِّمَة: هِيَ كَثْرَةُ الزَّلَازِلِ وَالْفِتَن، وَأَنْ يَزْدَادَ المُؤْمِنُونَ إِيمَانَاً، وَالْفُجَّارُ فُجْرَاً
أَنْ يَصِيرَ أَمْرُ النَّاسِ بَعْدَ تِلْكَ الْفِتَنِ سَالِفَةِ الذِّكْرِ إِلى فَرِيقَينِ مُتَنَاقِضَينِ كُلَّ التَّنَاقُض 00
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَصِيرَ النَّاسُ إِلى فُسْطَاطَيْن: فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيه، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيه؛ فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ: فَانْتَظِرُواْ الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِن غَدِه " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَد، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 4242]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَال:
" يَأْتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَجْتَمِعُونَ في المَسَاجِدِ لَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِن " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8365]
بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الأَحْدَاثِ الجِسَام، سَتَكْثُرُ الأَمْوَالُ وَيَفْشُو الثَّرَاءُ في أُمَّةِ الإِسْلَام، اللهُمَّ أَشْهِدْنَا هَذِهِ الأَيَّام، فَقَدْ تَعِبَ المُسْلِمُونَ مِنْ كَثْرَةِ الهُمُومِ الآلَام 00
محْنَةُ العِرَاق
عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبي حَازِمٍ قَال: " خَرَجَ حُذَيْفَةُ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ وَمَعَهُ رَجُل، فَالْتَفَتَ إِلىَ جَانِبِ الْفُرَاتِ فَقَالَ لِصَاحِبِه: كَيْفَ أَنْتُمْ يَوْمَ تَرَاهُمْ يَخْرُجُونَ أَوْ يُخْرَجُونَ مِنهَا، لَا يَذُوقُونَ مِنهُ قَطْرَة " 0
قَالَ رَجُل: وَتَظُنُّ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله 00؟!
قَالَ رضي الله عنه: " مَا أَظُنُّهُ، وَلَكِن أَعْلَمُه " 0
[قَالَ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك، وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِم]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَامِنَا، اللهُمَّ بَارِكْ في يَمَنِنَا " 00
قَالَهَا مِرَارَاً، فَلَمَّا كَانَ في الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ قَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ وَفي عِرَاقِنَا 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ بِهَا الزَّلَازِلَ وَالفِتَن، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَان " 0
[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في فَضَائِلِ الشَّام، وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِيرِ وَالأَوْسَط]
وَلَيْسَ في قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَيَّةُ إِسَاءةٌ لِلْعِرَاقِيِّين؛ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَطَرَّقْ لِلْحَدِيثِ عَنِ العِرَاقِيِّينَ بِالسَّلْبِ وَلَا بِالإِيجَاب، وَإِنَّمَا قَالَ مَا مَفَادُهُ: كَيْفَ أَدْعُو لَهَا بِالأَمْنِ وَالبَرَكَة، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهَا سَيُصِيبُهَا مَا يُصِيبُهَا 0
فُرَاتٌ وَمَاءٌ سَلْسَبِيل؛ أَمْ رُفَاتٌ وَدِمَاءٌ تَسِيل
لَقَدْ تحَوَّل الفُرَات؛ إِلى مَقْبَرَةٍ لِلرُّفَات، وَصَارَ مَاؤُهُ السَّلْسَبِيل؛ دِمَاءً تَسِيل 00
كُلُّنَا يَعْرِفُ أَنَّ أَمْرِيكَا هِيَ الَّتي ضَلَّلَتِ العِرَاقَ وَشَجَّعَتْهَا عَلَى غَزْوِ الكُوَيْت، وَغَرَّرَتْ بِالعِرَاقِيِّينَ وَأَخَذَتْ تُمْلِي لَهُمْ: فَاسْتَغَلَّتِ الحِرْبَاءُ النِّزَاعَ الدَّائِرَ بَينَ الكُوَيْتِ وَالعِرَاقِ عَلَى حَقْلٍ مِن حُقُولِ البِتْرُول، وَقَامَتْ بِدَوْرِ دِمْنَةَ ذِي الوَجْهَينِ بَينَ الثَّوْرِ وَالأَسَد؛ فَذَهَبَتْ لِلْكُوَيْتِ وَقَالَتْ لَهَا: إِنَّ هَذَا الحَقْلَ مِن حَقِّكَ وَلَيْسَ لِلعِرَاقِ فِيهِ مِنْ قِطْمِير، وَذَهَبَتْ لِلْعِرَاقِ وَقَالَتْ لهَا: إِنَّ الكُوَيْت؛ تَقُولُ عَنْكِ كَيْتْ وَكَيْت، أَنْتِ الَّتي دَفَعْتِ عَنهَا خَطَرَ الإِيرَانِيِّين، في حَرْبٍ ذُقْتِ وَيْلَاتهَا بِضْعَ سِنِين، وَقَاسَمَتْهُمَا بِاللهِ أَنَّهَا لَهُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين، وَغَمَزَتِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ
وَقَالَتْ لهُمْ: إِنَّا مَعَكُمْ، وَهِيَ أَكْذَبُ مِنْ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّاب، وَأَغْدَرُ مِن عُرْقُوب ـ وَقَالَتْ لِصَدَّام: سَنُهَدِّدُكَ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْنَا، سَنَتَوَعَّدُكَ فَلَا تخَفْ مِنَّا، فَصَدَّقَهَا صَدَّام، جَاهِلاً بمَا أَزْمَعَ عَلَيْهِ اللِّئَام، وَمَا تخْفِيهِ لَهُ الأَيَّام، وَلِلأَسَف: فَسَلَامَةُ الضَّمِير، بَلَاءٌ كَبِير، في زَمَنِ الشَّيَاطِينِ وَالخَنَازِير، وَالمَكْرُ وَالخَدِيعَةُ هُمَا سَبِيلُ المجْدِ وَالرِّيَاسَة، في عَالَمِ السِّيَاسَة 00
وَهَكَذَا: خَدَعُوهُ الأَوْغَاد؛ لِيَفْتِكُواْ بِبَغْدَاد، حَتىَّ إِذَا مَا أَزِفَتِ الآزِفَة، الَّتي لَيْسَ لهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَة؛ قَالَتْ لَهُ أَمْرِيكَا:" أُمُّكَ في العُشِّ أَمْ طَارَتْ " 00؟
أَيْ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُون؛ إِنيِّ أَرَى مَا لَا تَرَوْن، وَرَكِبَتْ خَيْلَهَا وَخُيَلَاءهَا وَجَاسَتْ خِلَالَ الدِّيَار 00!!
رَاعِيَةُ السَّلَامِ في هَذَا الْعَالَم
هَذِهِ هِيَ أَمِرِيكَا الَّتي كَانَتْ تُرِيدُ إِنْقَاذَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ ظُلْمِ صَدَّام؛ سُرْعَانَ مَا تَكَشَّفَ الأَمْرُ وَانجَابَ الظَّلَام، وَعَرَفَ الجَمِيعُ أَنَّ جَنَّةَ أَمْرِيكَا أَهْوَنُ مِنهَا نَارُ صَدَّام، لِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّ الأَمْرِيكَان، هُمْ تَتَارُ آخِرِ الزَّمَان؛ يُذَكِّرُني دَائِمَاً وَصْفُهُمْ لأَمِرِيكَا بِأَنَّهَا رَاعِيَةُ السَّلَام؛ بِالْبَيْتِ الْقَائِل:
وَرَاعِي الشَّاةَ يحْمِي الذِّئْبَ عَنهَا * فَكَيْفَ لَوِ الذِّئَابُ هُمُ الرُّعَاةُ
كَمَا تُذَكِّرُني تِلْكَ الأُكْذُوبَةُ النَّكْرَاء؛ عَن هَذِهِ الحَيَّةِ الرَّقْطَاء؛ بِأُسْطُورَةِ الثَّعْلَبِ لأَمِيرِ الشُّعَرَاء:
أَقْبَلَ الثَّعْلَبُ يَوْمَاً * في ثِيَابِ الْوَاعِظِينَا
وَمَشَى في الأَرْضِ يَهْدِي * وَيَسُبُّ المَاكِرِينَا
وَيَقُولُ الحَمْدُ للَّهِ إِلَهِ الْعَالَمِينَا
يَا عِبَادَ اللهِ تُوبُواْ * فَهْوَ حِصْنُ التَّائِبِينَا
وَازْهَدُواْ في الطَّيْرِ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الزَّاهِدِينَا
وَاطْلُبُواْ الدِّيكَ يُؤَذِّنْ * لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فِينَا
فَأَتى الدِّيكَ رَسُولٌ * مِن إِمَامِ الزَّاهِدِينَا
فَأَجَابَ الدِّيكُ عُذْرَاً * يَا أَضَلَّ المُهْتَدِينَا
بَلِّغْ الثَّعْلَبَ عَنيِّ * عَنْ جُدُودِي الصَّالحِينَا
أَنَّهُمْ قَالُواْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ قَوْلُ الْعَارِفِينَا
مخْطِئٌ مَنْ ظَنَّ يَوْمَاً * أَنَّ لِلثَّعْلَبِ دِينَا
أَتحْمِينَ الضِّعَافَ وَكُنْتِ قِدْمَاً * بِأَضْعَفِ أُمَّةٍ تَسْتَنْجِدِينَا
{إِلْيَاس فَرَحَات}
خَطَأُ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّة؛ لَا يَقِلُّ عَن خَطَإِ الْكُوَيْت
إِنَّ الْكُوَيْتَ لَوْ وَجَدَتْ في الحُكُومَاتِ الْعَرَبِيَّةِ النَّاصِرَ وَالمُعِين؛ لَمَا تحَالَفَتْ مَعَ الشَّيَاطِين 0
وَيُذَكِّرُني اسْتِنْجَادُ الكُوَيْتِ بِأَمْرِيكَا ـ وَالَّذِي كَانَ مِسْمَارَ جُحَا؛ لِدُخُولِ قُوَّاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ في أَرَاضِينَا الْعَرَبِيَّة ـ يُذَكِّرُني اسْتِنْجَادُهَا بِهَذَا الْغُول؛ بِأُسْطُورَةٍ أُخْرَى تَقُول:
الكَبْشُ شَقَّ العَصَا يَوْمَاً عَلَى الرَّاعِي * وَقَالَ لِلشَّاءِ أَنْتُمْ بَعْضُ أَتْبَاعِي
حَتىَّ أَحَسَّ عَصَا الرَّاعِي تُؤَدِّبُهُ * كَمَا يُؤَدَّبُ عَبْدٌ غَيرُ مِطْوَاعِ
فَلَاذَ بِالذِّئْبِ يَدْعُوهُ لِنَجْدَتِهِ * وَمَنْ سِوَاهُ يُلَبيِّ دَعْوَةَ الدَّاعِي
تَنَاوَلَ الذِّئْبُ قَرْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ * أَقْبِلْ عَلَى الرَّحْبِ يَا رِيمَاً عَلَى القَاعِ
وَسَخَّرَ الكَبْشَ في صَيْدِ الشِّيَاهِ لَهُ * فَجَدَّ في السَّعْيِ خَابَ السَّعْيُ وَالسَّاعِي
وَظَلَّ يَرْتَعُ حِينَاً تحْتَ رَايَتِهِ * وَيَأْكُلُ الحَبَّ بِالقِنْطَارِ لَا الصَّاعِ
حَتىَّ إِذَا الصَّيْدُ أَعْيى الكَبْشَ مَزَّقَهُ * بِمِخْلَبٍ مِثْلِ حَدِّ السَّيْفِ قَطَّاعِ
فَلَا القَطِيعُ بَكَاهُ يَوْمَ مَصْرَعِهِ * وَلَا الذِّئَابُ نَعَاهُ مِنهُمُ نَاعِ
وَهَكَذَا رَاحَ ذُو القَرْنَينِ مَوْعِظَةً * لِكُلِّ صَاحِبِ عَقْلٍ سَامِعٍ وَاعِ
{محْمُود غُنَيْم 0 بِتَصَرُّف}
وَلِذَا أَقُولُ لِكُلِّ مَنِ اسْتَنْجَدَ بِالأَمْرِيكَانِ عَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ المُسْلِمِين:
قُلْ لي بِرَبِّكَ هَلْ أَخَذْتَ مِنَ الْغَرِيبِ سِوَى المحَن
وَفَرَاغِ جَيْبِكَ وَالْيَدَيْنِ وَقَتْلِ رُوحِكَ وَالْبَدَن
كَانَتْ تُدِرُّ الشَّهْدَ أَرْضُكَ وَالسُّلَافَةَ وَاللَّبَن
فَغَدَا الْوُقُوفُ عَلَى بِلَادِكَ كَالْوُقُوفِ عَلَى الدِّمَن
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
وَالسُّلَافَة: هِيَ خُلَاصَةُ الْعُصَارَةِ وَالرَّحِيق، وَقِيلَ هِيَ أَوَّلُ مَا يَكُونُ مِنهُ 0 {لِسَانُ الْعَرَب}
الاِسْتِعَانَةُ بِغَيرِ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِم
عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" لَئِن عِشْتُ إِنْ شَاءَ الله؛ لأُخْرِجَنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ " 0
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم / المُسْتَدْرَك: (7721)، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في التِّرْمِذِيِّ: (1606)، وَفي الجَامِع: 9184]
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأُخْرِجَنَّهُمْ، وَقَالَ بَعْضُ حُكَّامِ المُسْلِمِينَ لَنُدْخِلَنَّهُمْ 00
هَذَا 00 فَضْلاً عَلَى أَنَّ الاِسْتِعَانَةَ عَلَى المُشْرِكِينَ بِالمُشْرِكِينَ في قِتَالِ الْكَافِرِينَ لَا تَجُوز، مَهْمَا كَانَتِ المُلَابَسَاتُ وَشِدَّةُ الاِعْتِدَاء؛ فَكَيْفَ بِمَنِ اسْتَعَانَ بِالمُشْرِكِينَ عَلَى المُسْلِمِين 00؟!
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:" خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ بَدْر، فَلَمَّا كَانَ بحَرَّةِ الوَبَرَةِ ـ أَيْ مَوْضِعٍ أَقْصَى المَدِينَة ـ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنجْدَة؛ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْه، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَك 00؟
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِه " 00؟
قَالَ لَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَارْجِعْ، فَلَن أَسْتَعِينَ بمُشْرِك " 00 ثمَّ مَضَى، حَتىَّ إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُل، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّة، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّة:
" فَارْجِعْ، فَلَن أَسْتَعِينَ بمُشْرِك " 0
ثُمَّ رَجَع، فَأَدْرَكَهُ بِالبَيْدَاء؛ فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّة:
" تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِه " 00؟
قَالَ نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" فَانْطَلِقْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1817 / عَبْد البَاقِي]
عَن خُبَيْبِ بْنِ يَسَافَ رضي الله عنه قَال:
" أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوَاً، أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، وَلَمْ نُسْلِمْ، فَقُلْنَا: إِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدَاً لَا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَوَ أَسْلَمْتُمَا "
قُلْنَا: لَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالمُشْرِكِينَ عَلَى المُشْرِكِين " 0
فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا مَعَهُ " 0
[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 2292، 1101، وَوَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبرَانيُّ في الكَبِير]
لَقَدْ أَوْجَعَ الْقَلْبَ حَالُ الْعِرَاقِ * وَكَأْسُ الهَزِيمَةِ مُرُّ المَذَاقِ
وَمَا عَادَ يُغْني التَّأَسُّفُ شَيْئَاً * وَلَا عَادَ يَنْفَعُ دَمْعُ المَآقِي
فَقُبْحَاً لِمَا قَدْ جَنَاهُ عَلَى * أُوْلَاءِ الأَشِقَّاءِ طُولُ الشِّقَاقِ
وَلَنْ يَأْتيَ النَّصْرُ حَتىَّ نُبِيدَ * خِصَالَ النِّفَاقِ وَسُوءَ الخَلَاقِ
وَإِنَّ الهِلَالَ وَمَهْمَا اخْتَفَى * سَيَخْرُجُ مِنْ ظُلُمَاتِ المِحَاقِ
فَيَا رَبِّ رُحْمَاكَ بِالمُسْلِمِينَا * فَقَدْ بَلَغَتْ رُوحُهُمْ لِلتَّرَاقِي
فَلَا زَالَ في الْبَعْضِ يَا رَبِّ خَيرٌ * وَدِينُكَ يَا رَبِّ في الأَرْضِ بَاقِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
دَوْرُنَا نحْوَ الْعِرَاق
مِمَّا لَا شَكَّ فِيِهِ أَنَّ العِرَاقَ أَخْطَأَ حِينَ هَاجَمَ الكُوَيْت، وَغَرَّرَ بِشَعْبِهِ وَأَوْرَدَهُمُ المَهَالِك؛ وَذَلِكَ بِوُقُوعِهِ في ذَلِكَ الشَّرَكِ الَّذِي نُصِبَ لَه، وَلَكِنَّهُ في نَفْسِ الوَقْتِ مجْنيٌّ عَلَيْه، فَلَوْ كَانَ صَدَّامٌ يَدْرِي بِمَا سَتَجْرِي بِهِ الأَحْدَاث؛ لَمَا أَقْدَمَ عَلَى غَزْوِ الكُوَيْت، وَلَكِنَّ الأُمُورَ تجْرِي بِمَقَادِير، وَالإِنْسَانُ عَلَى خُطَاهَا يَسِير، وَحَتىَّ إِنْ كَانَ قَدْ أَخْطَأَ بِعَدَمِ التَّرَوِّي؛ فَإِنَّ الخَطَأَ لَا يُعَالجُ بِالخَطَأ:
فَهَذَا لَا يُعْطِينَا الحَقَّ في أَنْ نَقِفَ مَكْتُوفي الأَيْدِي، وَنحْنُ نَرَاهُ غَارِقَاً في دِمَائِه، وَالأُخُوَّةُ تَقْتَضِي مِنَّا الوُقُوفَ بجَانِبِهِ وَمُسَاعَدَتَهُ حَتىَّ يَتَمَاثَلَ لِلشِّفَاء 00
أَمَّا أَطْفَالُ الْعِرَاق: فَلَا قِبَلَ لَهُمْ بهَذَا الهُجُومِ الشَّرِس، مِنَ الْفَكِّ المُفْتَرِس 00
ضَاعَتِ الفُلْكُ وَهْيَ لَمْ تَجْنِ ذَنْبَاً * في اشْتِبَاكِ الرِّيَاحِ بِالأَمْوَاجِ
بَغْدَادُ يَا بَلَدَ الرَّشِيدْ * وَمَنَارَةَ المجْدِ التَّلِيدْ
يَا بَسْمَةً لَمَّا تَزَلْ * زَهْرَاءَ في ثَغْرِ الخُلُودْ
يَا مَوْطِنَ الحُبِّ القَدِيمِ وَمَضْرِبَ المَثَلِ الشَّرُودْ
يَا سَطْرَ مجْدٍ لِلْعُرُوبَةِ خُطَّ في لَوْحِ الوُجُودْ
لَيْتَ شِعْرِي؛ أَيْنَ ذَلِكَ الشَّاعِرُ الفَصِيحُ الَّذِي قَالَ في محْنَةِ الخَلِيج:
وَعَلَى الخَلِيجِ تَمَزَّقَتْ أَوْصَالُنَا * عَادَ التَّتَارُ تَقُودُهُمْ بَغْدَادُ
بَغْدَادُ تَفْتِكُ بِالكُوَيْتِ فَخُورَةً * صَدَّامُ يَفْخَرُ أَنَّهُ الجَلَاّدُ
وَالنَّارُ تَأْكُلُ خَيرَهُمْ وَخِيَارَهُمْ * ضُرِبَ الشُّيُوخُ وَيُتِّمَ الأَوْلَادُ
لَكُمُ اللهُ يَا أَطْفَالَ الْعِرَاق
أَيْنَ هُوَ الآنَ لِيرَى بَغْدَادَ وَأَبْنَاءَهَا الَّذِينَ يُعَانُونَ مِنْ نَقْصِ الأَغْذِيَةِ وَالأَدْوِيَة، وَالطَّوَاعِينُ وَالأَمْرَاضُ تَقِفُ لَهُمْ بِالمِرْصَاد، أَلَا رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكِ يَا بَغْدَاد؛ كَأَنيِّ بِالْعِرَاقِيِّ لَوِ اسْتُنْطِقَ في ذَلِكَ لَقَال:
لَقَدْ سَرَقُواْ كُلَّ زَادٍ مَعِي * وَجَاعَ صَغِيرِي مَعَ الجُوَّعِ
تَدُورُ اللَّيَالي عَلَى مَنْ بَغَى * وَتَأْتي الدَّعَاوَى عَلَى المُدَّعِي
{الْبَيْتُ الأَوَّلُ بِتَصَرُّف، وَالثَّاني بِالنَّصّ 0 عِصَام الْغَزَالي}
وَغَزْوُ بَلَدٍ مُسْلِمٍ مِنْ بَلَدٍ مُسْلِمٍ مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتي أَخْبرَ عَنهَا الصَّادِقُ المَصْدُوقُ صلى الله عليه وسلم:
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " سَأَلْتُ رَبيِّ ثَلَاثَاً، فَأَعْطَاني ثِنْتَينِ وَمَنَعَني وَاحِدَة: سَأَلْتُ رَبيِّ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتي بِالسَّنَة ـ أَيْ بِالْقَحْط ـ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتي بِالغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ؛ فَمَنَعَنِيهَا "
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2890 / عَبْد البَاقِي]
عَن خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه قَال:" صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً فَأَطَالَهَا؛ قَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ صَلَّيْتَ صَلَاةً لَمْ تَكُنْ تُصَلِّيهَا 00؟!
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَجَلْ؛ إِنَّهَا صَلَاةُ رَغْبَةٍ وَرَهْبَة، إِنيِّ سَأَلْتُ اللهَ فِيهَا ثَلَاثَاً؛ فَأَعْطَاني اثْنَتَينِ وَمَنَعَني وَاحِدَة: سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتي بِسَنَةٍ ـ أَيْ بِقَحْطٍ وَمجَاعَةٍ ـ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِن غَيرِهِمْ؛ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْض؛ فَمَنَعَنِيهَا " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 2175]
وَرَوَى الحَاكِمُ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحْوَهُ إِلَاّ أَنَّهُ قَالَ في آخِرِه:
" وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعَاً وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَني " 0
[صَحَّحَهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك]
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:" إِنَّ اللهَ زَوَى لي الأَرْض؛ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبهَا، وَإِنَّ أُمَّتي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَض، وَإِنيِّ سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّة، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ؛ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَال: يَا محَمَّد؛ إِنيِّ إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدّ، وَإِنيِّ أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّة، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ؛ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا، أَوْ مَنْ بَينَ
أَقْطَارِهَا، حَتىَّ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضَاً، وَيَسْبي بَعْضُهُمْ بَعْضَاً " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2889 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ مَرْحُومَة؛ عَذَابُهَا بِأَيْدِيهَا " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 4292]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" عَذَابُ أُمَّتي جُعِلَ بِأَيْدِيهَا في دُنيَاهَا " 0
[صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 انْظُرِ " المُسْتَدْرَك " بِرَقْم: (7650)، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: 7441]
أَيْنَ تَهْدِيدَاتُكَ يَا صَدَّام؟!
أَيْنَ صَدَّامٌ الَّذِي كَانَ يَقُولُ سَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ بِأَمْرِيكَا 00؟!
وَأَيْنَ حُكَّامُ العَرَب ـ أَسْوَأُ حُكَّامٍ عَرَفَهُمُ التَّارِيخ ـ حَيْثُ وَقَفُواْ كَعَادَتِهِمْ مَوْقِفَ المُتَفَرِّج؟!
مُلُوكٌ ظَنَنَّاهُمْ صُقُورَاً وَعِنْدَمَا * غُزِينَا وَجَدْنَا صَاحِبَ التَّاجِ هُدْهُدَا
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
حَسِبْنَاهُمْ إِذَا اعْتَرَكُواْ أُسُودَا * فَكَانُواْ في اعْتِرَكِهِمُ دُيُوكَا
حُقَّ وَاللهِ لِعِصَامِ الْغَزَالي أَنْ يَقُول:
نَعَمْ لِذَوِي المَنَاصِبِ وَالْكَرَاسِي * طَرَاطِيرٌ عَلَى عَيْني وَرَاسِياسِ
الشَّيْطَانُ الأَكْبَرُ في هَذَا الْعَالَم
إِنَّ العِرَاقَ بَغَى عَلَى الكُوَيْت، وَأَمْرِيكَا بَغَتْ عَلَى العِرَاق، وَهَكَذَا يُسَلِّطُ اللهُ الظَّالمِينَ عَلَى الظَّالمِين، وَلِذَا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجِ العِرَاقُ مِنَ الكُوَيْتِ إِلَاّ بِالقُوَّة؛ فَلَنْ تخْرُجَ أَمْرِيكَا مِنَ الْعِرَاقِ إِلَاّ بِالقُوَّة 0
حَقَّاً وَاللهِ: الضَّعِيفُ لَيْسَ لَهُ مَكَان، في هَذَا الزَّمَان؛ مَا دَامَتْ أَمْرِيكَا كَالحُوتِ الظَّمْآن، وَتَقُولُ بِمِلْءِ فِيهَا لِلأَكْوَان:
أَنَاْ أَمْرِيكَا مَلِكُ الْغَابَة * مَنْ يَمْلِكُ مِنْكُمْ إِغْضَابَه
مَن خَاصَمَني لَا أَرْحَمُهُ * وَحِصَارِي يُغْلِقُ أَبْوَابَه
{عِصَام الْغَزَالي}
غُولٌ تَصُولُ تُرِيدُ مَنْ تَغْتَالُهُ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر}
فَلَيْسَ وَرَاءَهَا غَيرُ التَّجَنيِّ * وَلَيْسَ أَمَامَنَا غَيرُ الدُّعَاءِ
وَانْفِجَارُ سَفَارَتَيْ أَمْرِيكَا بِكِينيَا وَتَنزَانيَا وَعَدَدٍ مِنَ الدُّوَل: يُؤَكِّدُ كَرَاهِيَةَ العَرَبِ وَغَيرِ العَرَبِ لأَمْرِيكَا، كُلُّ الصُّدُورِ تَغْلِي عَلَيْهِمْ غَلَيَانَا
عَلَواْ فَتَعَالَواْ، وَكَبرُواْ فَتَكَبَّرُواْ، لَا يُرِيدُونَ بِأَيَّةِ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ أَنْ تَقُومَ للإِسْلَامِ قَائِمَة 00 {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُون} {الصَّف/8}
صَدَقَ جل جلاله عِنْدَمَا قَالَ عَن هَذَا الْعُلُوُِّ وَالْعُتُوّ:
{وَقَضَيْنَا إِلى بَني إِسْرَائِيلَ في الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُواْ كَبِيرَا} {الإِسْرَاء/4}
أَبَعْدَمَا يَصْنَعُونَ هُمُ السِّلَاحَ النَّوَوِيّ؛ يَطْلُبُونَ مِنَّا نحْنُ التَّوْقِيعَ عَلَى مُعَاهَدَةِ حَظْرِ الأَسْلِحَة، وَهُمْ أَوَائِلُ دُوَلِ العَالَمِ في سِبَاقِ التَّسَلُّح 00؟!
وَكُلُّنَا يَعْرِفُ كَيْفَ اغْتَالَ أُوْلَئِكَ الجُبَنَاءُ يحْيى المَشَدّ، وَسَمِيرَة مُوسَى، وَمُصْطَفَى مُشَرَّفَة، وَغَيرَهُمْ وَغَيرَهُمْ؛ وَمِن هُنَا بَادَرَتْ كُلٌّ مِنَ الهِنْدِ وَبَاكِسْتَانَ بِتَجَارِبهِمَا النَّوَوِيَّة، قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُمَا الغَرَقُ فَيَقُولَا: أَلَا لَيْتَنَا أُكِلْنَا يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَض 00
لِمَا لَمْ تَكُنْ كُورْيَا كَبَغْدَادَ لُقْمَةً * وَمِصْرَ الَّتي سَاغَتْ لِمَن هُوَ آكِلُ
فَهَيْهَاتَ مَا كُلُّ البِلَادِ كِنَانَةً * وَلَا شَعْبُهُمْ كَالشَّعْبِ في مِصْرَ غَافِلُ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
هَذَا هُوَ الغَرْب، هَكَذَا فَكَّرَ وَقَدَّر 00!!
إِذَا رَأَيْتَ ثَنَايَا الذِّئْبِ بَادِيَةً * فَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ الذِّئْبَ يَبْتَسِمُ
{المُتَنَبيِّ بِتَصَرُّف}
فَمِلَّةُ الكُفْرِ وَاحِدَة، إِنْ كَانَتْ أُورُوبَّا أَوْ أَمْرِيكَا 00
ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْض، وَكَأَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُواْ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَة؛ وَلِذَا يُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِمْ بَينَ الحِينِ وَالحِين؛ الأَعَاصِيرَ الَّتي تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا 00
{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم} {الذَّارِيَات/42}
كَإِعْصَارِ كَاتْرِينَا؛ الَّذِي رَاحَ فِيهِ آلَافُ الأَمْرِيكِيِّين؛ وَكَأَنَّ عَدَالَةَ السَّمَاء؛ تَقْتَصُّ مِن هَؤُلَاء 00
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم:
{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبَاً مِنْ دَارِهِمْ} {الرَّعْد/31}
وَكَأَنَّهَا رِسَالَةٌ تَقُولُ لأَمْرِيكَا: إِنْ قَهَرْتِ مَنْ في الأَرْض؛ فَلَنْ تَقْهَرِي مَنْ في السَّمَاء؛ وَانْطِلَاقَاً مِنْ كُلِّ مَا تُمَارِسُهُ مِنْ صُوَرِ الْعَدَاء ـ تِلْكَ العَجُوزُ الشَّمْطَاء ـ كَتَبْتُ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ الْعَصْمَاء؛ وَهَذَيْنِ الْبَيْتَينِ عَلَى سَبِيلِ الهِجَاء؛ لِرَئِيسِهَا الَّذِي تَعْكِسُ تَصَرُّفَاتُهُ الرَّعْنَاء؛ مَا يُكِنُّ في صَدْرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْبَغْضَاء:
قَصَائِدُ في هِجَاءِ الرَّئِيس بُوش
لَا يُعْجِبَنَّكَ رِيشٌ فِيكَ مَنْفُوشُ * فَسَوْفَ يُنْتَفُ هَذَا الرِّيشُ يَا بُوشُ
رَشَّحْتَ نَفْسَكَ لِلطُّغْيَانِ ثَالِثَةً * أَبْشِرْ فَأَنْتَ بِإِذْنِ اللهِ مَقْلُوشُ
*********
يَا بُوشُ حَسْبُكَ تَلْفِيقَاً وَتَلْكِيكَا * إِبْلِيسُ في المَكْرِ أَمْسَى لَا يُبَارِيكَا
عَلِمْتُ حُبَّكَ لِلشِّعْرِ الطَّرِيفِ لِذَا * نَظَمْتُ يَا بُوشُ عِقْدَاً في أَهَاجِيكَا
الْكُلُّ قَدْ بَاتَ مِنْ ظُلْمٍ تُمَارِسُهُ * يَدْعُو عَلَيْكَ بِقُنْبُلَةٍ تُوَارِيكَا
شَنَنْتَ حَرْبَاً عَلَى بَغْدَادَ ظَالِمَةً * بَدَا لِكُلِّ الْوَرَى فِيهَا تجَنِّيكَا
وَقُلْتَ تَفْكِيكِيَ الإِرْهَابَ أَقْدَمَني * وَمَا أَرَدْتَ سِوَى لِلشَّرْقِ تَفْكِيكَا
يَا بُوشُ هَلْ مَنْظَرُ الْقَتْلَى لَهُ طَرَبٌ * لَدَيْكَ أَمْ رُؤْيَةُ الأَشْلَاءِ تُسْلِيكَا
لَا الْعَقْلُ يَا بُوشُ يُجْدِي مَعْكَ قَطُّ وَلَا * وَخْزُ الضَّمِيرِ وَلَا الإِيمَانُ يُثْنِيكَا
يَا مَنْ تُقَاضِي جَمِيعَ النَّاسِ إِنْ ظَلَمُواْ * لَقَدْ ظَلَمْتَ فَهَلْ قَاضٍ يُقَاضِيكَا
لَا بَارَكَ اللهُ في شَعْبٍ يُعِينُكَ في * ظُلْمِ الْوَرَى كُلَّمَا أَفْسَدْتَ يُعْلِيكَا
كَأَنَّني بِكَ إِنْ قَدْ مُتَّ لَا أَحَدٌ * تَلْقَاهُ يَا بُوشُ بَعْدَ المَوْتِ يَرْثِيكَا
وَإِن غَرِقْتَ كَفِرْعَوْنٍ فَمَا أَحَدٌ * في النَّاسِ يَوْمَئِذٍ يَا بُوشُ يُنْجِيكَا
مَنْ في الجَبَابِرِ طُولُ الظُّلْمِ خَلَّدَهُ * كَمَا طَوَى المَوْتُ هِتْلَرَ سَوْفَ يَطْوِيكَا
لَوْ كُنْتَ تُبْدِي لِفِعْلِ الخَيرِ بَادِرَةً * يَا بُوشُ يَوْمَاً لَقُلْنَا اللهُ يَهْدِيكَا
لَكِنْ نَقُولُ لَنَا رَبٌّ سَيَنْصُرُنَا * عَلَيْكَ يَا بُوشُ يَوْمَاً مَا وَيُخْزِيكَا
غَدَاً تُحَاسَبُ لَا تَلْقَى المَعُونَةَ في * ذَا الْيَوْمِ مِنْ دَوْلَةٍ أُخْرَى تُجَارِيكَا
فَمِحْوَرُ الشَّرِّ لَا كُورْيَا طَوَتْهُ وَلَا * سُورْيَا وَلَكِنْ بِرِيطَانيَا وَأَمْرِيكَا
هَذَا هُوَ بُوش، بُوشُ الَّذِي يَمُنُّ عَلَيْنَا بِالمَعُونَةِ الأَمْرِيكِيَّةِ لِمِصْر 00
أَتَظُنُّ اللهَ يَرْضَى عَنْكَ إِنْ * كُنْتَ خَوْفَ النَّقْدِ تُعْطِينَا النُّقُودَا
أَعِدِ القُدْسَ إِلى أَبْنَائِهَا * وَأَعِدْ شَعْبَ فِلَسْطِينَ الشَّرِيدَا
حَرَقُواْ الأَقْصَى وَلَوْ أَمْكَنَهُمْ * جَعَلُواْ الكَعْبَةَ لِلنَّارِ وَقُودَا
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
الْقِمَامَةُ هِيَ الَّتي تَطْفُو عَلَى السَّطْح
طَغَواْ وَبَغَواْ، وَقَالُواْ مَن أَشَدُّ مِنَّا قُوَّة 00!!
لَا تَغْتَرِّي يَا أَمْرِيكَا * بِعُلَاكِ لَا تَغْتَرِّي
فَالْقِمَامَةُ دائِمَاً * تَطْفُو فَوْقَ سَطْحِ البَحْرِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
رَبَّ رِزْقٍ يُصِيبُهُ الجُرَذُ الْيَقْ * ْظَانُ مِنْ شِدْقِ ضَيْغَمٍ مُتَثَائِبْ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
أَوْزَارَهَا الحَرْبُ قَدْ وَضَعَتْ عَلَى ثِخَنٍ * فَهَذِهِ هُدْنَةٌ لَكِن عَلَى دَخَنٍنِ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ لي، وَالآخَرُ لَابْنِ سَهْلٍ الأَنْدَلُسِيِّ بِتَصَرُّف}
فَصَبرٌ جَمِيل؛ هَذِهِ سُنَّةُ اللهِ في الكَوْن: فَلَيْسَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الحَجَرِ إِلَاّ السُّقُوط، وَلَيْسَ بَعْدَ الإِقْلَاعِ إِلَاّ الهُبُوط، وَلَيْسَ بَعْدَ اكْتِمَالِ البَدْرِ إِلَاّ الهلَال؛ وَلِذَا فَطِنَ إِلى هَذِهِ الفِكْرَةِ هَذَا الشَّاعِرُ فَقَال:
وَإِذَا غَلَا شَيْءٌ عَلَيَّ تَرَكْتُهُ * فَيَكُونُ أَرْخَصَ مَا يَكُونُ إِذَا غَلَا
{محْمُود الوَرَّاق}
وَفي الذِّكْرِ الحَكِيم: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفَاً وَشَيْبَةً يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ العَلِيمُ القَدِير} {الرُّوم/54}
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:
" كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُسَمَّى العَضْبَاء، وَكَانَتْ لَا تُسْبَق، فَجَاءَ أَعْرَابيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ ـ أَيْ جَمَلٍ ـ فَسَبَقَهَا؛ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ وَقَالُواْ: سُبِقَتِ العَضْبَاء؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ حَقَّاً عَلَى اللهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئَاً مِنَ الدُّنْيَا إِلَاّ وَضَعَه " 0 [أَيْ خَفَضَه 0 رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6501 / فَتْح]
أَلَمْ يَأْنِ لَكَ الفِرَاق؛ يَا بُوشُ عَنِ العِرَاق؟! أَلَمْ يَكْفِكُمْ مَا سَفَكْتُمْ مِنَ الدِّمَاءِ يَا هَؤُلَاء 00؟!
فَالذِّئْبُ يَتْرُكُ شَيْئَاً مِنْ فَرِيسَتِهِ * لِلْجَائِعِينَ وَأَهْلِ الأَرْضِ إِنْ شَبِعَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
يَا بُوشُ أَقْصِرْ سَوْفَ تَلْبِسُ تَاجَ قَيْصَرَ في المَنَامْ
وَلىَّ زَمَانُ القَيْصَرِيَّةِ وَالأَكَاسِرَةِ العِظَامْ
رُحْمَاكَ هَلْ شَكَتِ العِرَاقُ إِلَيْكَ مِنْ فَرْطِ الزِّحَامْ
سَفَهَاً تحَدَّيْتَ الأَنَامَ فَكُنْتَ سُخْرِيَةَ الأَنَامْ
عَجَبي عَلَى بَاغٍ يَقُولُ لِمَنْ بَغَى هَذَا حَرَامْ
الحَقُّ مِنْكَ وَمِنْ جُنُودِكَ أَكْبَرُ * فَاحْسِبْ حِسَابَكَ أَيُّهَا المُتَجَبِّرُ
فَلَقَدْ نَفُوزُ وَنحْنُ أَضْعَفُ أُمَّةٍ * وَتَئُوبُ مَغْلُوبَاً وَأَنْتَ الأَقْدَرُ
فَلَكَمْ نجَا مُتَوَاضِعٌ بِسُكُوتِهِ * وَكَبَا بِفَضْلِ رِدَائِهِ المُتَكَبِّرُ
الْبَاشِقُ وَالْعُصْفُور
يُذَكِّرُني وَاللهِ تَوَسُّلُ الْعَرَبِ وَالمُسْلِمِين؛ إِلى هَؤُلَاءِ الظَّالِمِين؛ بِقَصِيدَةِ البَاشِقِ وَالعُصْفُورِ، الَّتي قَالَهَا الشَّاعِرُ الْعَبْقَرِيُّ سَلِيمٌ الخُورِي؛ في صُورَةِ حِوَارٍ بَينَ الْقَوِيِّ المُسْتَبِدِّ وَالضَّعِيفِ المَقْهُورِ:
قَالَ العُصْفُورُ وَقَدْ وَقَعَ بَينَ مخَالِبِ الْبَاشِق ـ أَيِ الصَّقْر:
يَا بَاشِقُ ارْحَمْني وَرِقَّ لحَالَتي * دَعْني لأَفْرَاخِي الصِّغَارِ أَطِيرُ
فَتُصَفِّقُ الأَوْرَاقُ عِنْدَ سَمَاعِهَا * صَوْتي وَيَهْتِفُ بِالخَرِيرِ غَدِيرُ
مَاذَا جَنَيْتُ وَإِنَّني يَا سَيِّدِي * طَيرٌ ضَعِيفٌ جُنحُهُ مَكْسُورُ
مَا في حَيَاتي لِلرُّبى ضَرَرٌ وَلَا * جَوْرٌ وَيَكْفِي أَنَّني عُصْفُورُ
مُتَنَقِّلٌ بَينَ الغُصُونِ كَأَنَّني * ظِلٌّ أَظَلُّ مَدَى النَّهَارِ أَدُورُ
إِنيِّ خَطِيبٌ وَالْغُصُونُ مَنَابِرِي * وَالسَّامِعُونَ جَدَاوِلٌ وَزُهُورُ
فَرَدَّ الْبَاشِقُ عَلَيْهِ قَائِلاً:
خَلِّ الْبُكَاءَ فَلَيْسَ دَمْعُكَ مُشْبِعَاً * جَوْفي وَنَارُ الجُوعِ فِيهِ سَعِيرُ
أَنَا إِنْ رَثِيتُ لأَنَّةٍ أَوْ زَفْرَةٍ * أَيَسُدُّ جُوعِيَ أَنَّةٌ وَزَفِيرُ
أَنْتَ الْكَبِيرُ عَلَى الْبَعُوضِ تَصِيدُهُ * وَأَنَا عَلَى هَذَا الْكَبِيرِ كَبِيرُ
فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا * أَوَلَسْتَ أَنْتَ عَلَى الضَّعِيفِ تجُورُ
وَاصْبرْ عَلَى حُكْمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا * كَأْسُ الْقَضَاءِ عَلَى الجَمِيعِ تَدُورُ
{فَصَبْرٌ جَمِيل} {يُوسُف/18}
كَمْ منْ مُلُوكٍ مَضَىرَيبُ المَنُون بهِمْ * قَدْ أَصبَحُواْ عِبَرَاً فِينَا وَأَمْثَالَا
أَمَّا جُنُودُ التَّحَالُف، فَحَسْبي أَنَّهُمْ جَعَلُواْ مِن أَنْفُسِهِمْ مِنْجَلاً، يحْصُدُ شَعْبَاً أَعْزَلاً:
لَا يُبْغِضُونَ عَدُوَّهُمْ أَوْ يَعْرِفُونَ عَلَامَ عُودِي
{محْمُود غُنَيْم}
ضَحَايَا تِلْكَ الحَرْب
أَمَّا الشَّعْبُ العِرَاقِيّ: فَأَقَلُّ مَا نُقَدِّمُهُ لَهُ التَّبرُّعَات، واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا دَامَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيه، حَسْبُكَ أَنَّهُمْ:
يخَالُونَ الرَّغِيفَ كَقُرْصِ بَدْرٍ * وَأَمَّا اللَّحْمُ قَدْ أَمْسَى حَرَامَا
فَإِنْ وَجَدُواْ الرَّغِيفَ بِلَا هَوَانٍ * تُرَى هَلْ مِثْلُهُمْ يجِدُ الإِدَامَا
شِرَاءُ القُوتِ كَالْيَاقُوتِ يَغْلُو * لِذَلِكَ أَصْبَحُواْ دَوْمَاً صِيَامَا
{حَافِظ إِبْرَاهِيم}
يَا قَوْمِ إِنْ لَمْ تُسْعِفُواْ فُقَرَاءَكُمْ * فَلِمَ ادِّخَارُكُمُ إِذَنْ لِلْمَالِ
أَوَلَسْتُمُ أَبْنَاءَ مَنْ سَارَتْ بِهِمْ * في المَكْرُمَاتِ رَوَائِعُ الأَمْثَالِ
إِنيِّ نَظَرْتُ إِلى الذَّخَائِرِ لَمْ أَجِدْ * ذُخْرَاً يَكُونُ كَصَالحِ الأَعْمَالِ
وَجَزَاءُ رَبِّ المحْسِنِينَ يجِلُّ عَن * عَدٍّ وَعَنْ وَزْنٍ وَعَنْ مِكْيَالِ
صَدَّامٌ لَيْسَ شَيْطَانَاً وَلَا أَنْتُمْ مَلَائِكَة
لَا دَاعِيَ مِنَ المُبَالَغَةِ في الإِسَاءَ ةِ لِصَدَّام؛ فَلَوْ سَقَطَ أَيُّ زَعِيمٍ عَرَبيّ؛ لِقِيلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِمَّا قِيلَ في صَدَّام، وَلَنُفِّذَ فِيهِ حُكْمُ الإِعْدَام 00!!
أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي فَتَحَ لِلْمِصْرِيِّينَ بِلَادَه، أَمْ أَنَّا دَائِمَاً مَعَ الغَالِب، وَلَيْسَ لَنَا صَاحِب 00؟!
وَاللهِ مَا تجَرَّأَتْ أَمْرِيكَا عَلَى العِرَاقِ إِلَاّ وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّ الكُلَّ إِمَّا جُبَنَاء، أَوْ عُمَلَاء 00!!
دَمُنَا لَوْ مُرٌّ مَا كَانَتْ * وَلَغَتْ في الجُرْحِ الدِّيدَانُ
{عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
عَلَى أَيِّ شَيْءٍ نجَامِلُ أَمْرِيكَا عَلَى حِسَابِ العِرَاق، أَمْ أَنَّا تَعَوَّدْنَا أَنْ نُنَافِقَ حَتىَّ وَإِنْ لَمْ تَكُ لَنَا مَصْلَحَةٌ في النِّفَاق 00؟!
صَدَقَ فَضِيلَةُ الشَّيْخ / محَمَّد حَسَّان؛ عِنْدَمَا قَالَهَا كَلِمَةَ حَقٍّ مُدَوِّيَّة:
" المُشْكِلَةُ هِيَ أَنَّنَا أَصْبَحْنَا نَثِقُ في قُوَّةِ أَمْرِيكَا؛ أَكْثَرَ مِمَّا نَثِقُ في قُوَّةِ الله " 00!!
[الخُطَبُ المِنْبرِيَّة 0 محَمَّد حَسَّان: الثِّقَةُ بِالله]
{وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون} {يُوسُف/21}
بُورِكْتَ يَا شَبَابَ المُقَاوَمَة
وَسَيَظَلُّ شَعْبُ العِرَاقِ يَقُولُ لِلأَمْرِيكَان:
أَبَدَاً لَنْ تَخْنُقَ آمَالي لَنْ تَبْقَى في وَطَني الغَاليسَأُحَطِّمُ يَوْمَاً أَغْلَالي
فَعِرَاقِي مَا كَانَ صَبِيَّالِتَكُونَ عَلَى الأَرْضِ وَصِيَّا وَتُكَبِّلَ بِالقَيْدِ يَدَيَّا
فَسَأَمْلأُ صَدْرَكَ بِالضِّيقِ وَتَرَاني في كُلِّ طَرِيقِ أَسْحَقُ مَن حَاوَلَ تَمْزِيقِي
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" خَيرُ النَّاسِ في الْفِتَن: رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ خَلْفَ أَعْدَاءِ الله، يُخِيفُهُمْ وَيُخِيفُونَه، أَوْ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ في بَادِيَة، يُؤَدِّي حَقَّ اللهِ تَعَالى الَّذِي عَلَيْه " 0
[قَالَ الذَّهَبيُّ وَالحَاكِم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 3292، 698]
فَضِيحَةُ مُونِيكَا وَكِلِينْتُون
وَمِمَّا كَتَبْتُهُ في فَضِيحَةِ كِلِينْتُون وَمُونِيكَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيقِ السَّاخِر:
س: أَتَدْرُونَ السِّرَّ في تَفَشِّي ظَاهِرَةِ البِغَاءِ وَالدِّعَارَةِ بَينَ الأَمْرِيكِيِّين 00؟
ج: لَقَدْ قِيلَ النَّاسُ عَلَى دِينِ مُلُوكِهِمْ 00
وَإِنْ كَانَ رَبُّ البَيْتِ بِالطَّبْلِ ضَارِبَاً * فَلَا تَلُمِ الصِّبْيَانَ فِيهِ عَلَى الرَّقْصِ
{سِبْطُ بْنُ التَّعَاوِيذِي بِتَصَرُّف}
وَهَذَا هُوَ سِرُّ تمَسُّكِ الأَمْرِيكِيِّينَ بِهِ، تَرَكُواْ بَطْشَهُ بِالمُسْتَضْعَفِين، تَارَةً بِالشِّمَالِ وَأُخْرَى بِاليَمِين، وَحَاسَبُوهُ عَلَى الحِنْثِ في اليَمِين 00!!
أَمَّا السِّرُّ في غَضَبِ كِلِينْتُون عَلَى لِيبْيَا وَالعِرَاق: ضَبَطَ عَشِيقَتَهُ مُونِيكَا مَعَ شَابٍّ عِرَاقِيّ؛ لِذَا غَضِبَ عَلَى العِرَاقِ وَاحْتَجَّ بِغَزْوِهَا لِلْكُوَيْت 00!!
وَضَبَطَهَا أُخْرَى في وَضْعٍ شَاذٍّ مَعَ آخَرَ لِيبيّ؛ فَغَضِبَ عَلَى لِيبْيَا وَاحْتَجَّ بِطَائِرَةِ لُوكِيربي 00!!
وَبَعْد
أَعْتَذِرُ لِتَلْوِيثِ سُمْعَةِ لِيبْيَا وَالعِرَاق: بِاسْمِ هَذَا الأَفَّاق 00
أَزَالَ اللهُ دَوْلَتَهُ سَرِيعَاً * فَقَدْ ثَقُلَتْ عَلَى عُنُقِ اللَّيَالي
أَتَنْتَقِمُ مِنَ العِرَاقِ عَلَى مَا فَعَلَتْهُ بِكَ مُونِيكَا يَا لَطِيمَ الشَّيْطَان 00؟!
وَحُكُومَةٍ ظَلَمَتْ وَقَالَتْ لِلْوَرَى * إِنيِّ رَضِيتُ فَمَا لِعَبْدِي يَغْضَبُ
يَا قَالِبي عَرْشِ المَظَالِمِ قَلْبُنَا * لَا زَالَ في رَمْضَائِهِ يَتَقَلَّبُ
فَخُصُومُنَا حُكَّامُنَا فَلِمَنْ تُرَى * نَشْكُو وَأَيْنَ مِنَ الْقَضَاءِ المَهْرَبُ
قَامُواْ لحِفْظِ بِلَادِنَا مِنْ نَهْبِهَا * فَإِذَا هُمُ فِينَا لُصُوصٌ تَنهَبُ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي أَوْ إِلْيَاس فَرَحَات}
رَئِيسُ الْوِلَايَاتِ المُتَّحِدَة؛ كَالأَرْنَبِ أَمَامَ زَوْجَتِه
بَيْنَمَا أَنَا أَتَصَفَّحُ الصُّحُفَ ذَاتَ يَوْم؛ إِذْ بَصُرْتُ بِمَقَالٍ عَنْ زَوْجَتِهِ [هِيلَارِي كْلِينْتُون] مُرْفَقٌ بِهِ صُورَتُهَا، فَإِذَا بِهَا عَلَى قَدْرٍ عَالٍ مِنَ الحُسْنِ وَالجَمَال، فَقُلْتُ في نَفْسِي: أَيَكُونُ مَعَكَ القَمَرُ وتَنْظُرُ لِلنُّجُومِ يَا كَبِيرَ المُغَفَّلِين 00؟
ثُمَّ بَدَأْتُ في قِرَاءَ ةِ المَقَال؛ فَإِذَا بِهِ فَضَائِحُ أَغْرَبُ مِنَ الخَيَال، نُشِرَتْ عَن هَذِهِ السَّيِّدَةِ وَعَنْ ضَرْبهَا لِزَوْجِهَا عَلَى رُءوسِ الأَشْهَادِ في صَحْنِ البَيْتِ الأَبْيَض؛ فَقُلْتُ: الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ وَاتَّضَحَتِ الأُمُور، وَلأَمْرٍ مَا بَاعَتِ المَرْأَةُ سِمْسِمَاً مَقْشُورَاً بِغَيرِ مَقْشُور: أَيْ لأَمْرٍ مَا هَجَرَ عُشَّ الزَّوْجِيَّةِ وَأَخْلَدَ إِلى الْفَاحِشَةِ وَالفُجُور، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ بِلِسَانِ المَوْتُور:
لَقَدْ خُدِعْتُ وَكَمْ مِنْ زَهْرَةٍ حَسُنَتْ * لِلنَّاظِرِينَ وَسَاءتْ في الخَيَاشِيمِ
*********
أَخَلْقُ الغَزَالِ وَخُلُقُ النَّمِرْ * وَقَلْبُ الذِّئَابِ وَوَجْهُ القَمَرْ
وَكَيْفَ يَتِمُّ جَمَالُ الزُّهُورِ * إِذَا لَمْ تَفُحْ بِأَرِيجِ الزَّهَرْ
هِيلَاري تجُرُّ عَلَى زَوْجِهَا * مَآتِمَ تَبْقَى طِوَالَ العُمُرْ
فَيَخْلَعُ فِيهَا رِدَاءِ الشَّبَابِ * وَيَلْبِسُ فِيهَا رِدَاءَ الكِبرْ
وَبَعْضُ النِّسَاءِ شَبِيهُ السِّبَاعِ * وَبَعْضُ الرِّجَالِ شَبِيهُ الحُمُرْ
{محْمُود غُنيم}
أَرَأَيْتُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ أَهْوَنَ عَلَى أَمْرِيكَا مِنَّا 00؟!
يُضْرَبُ مِنَ امْرَأَتِهِ عَلَى قَفَاهُ وَيَضْرِبُ العَرَبَ عَلَى قَفَاهُمْ 00!!
هَكَذَا الدُّنيَا 00
إِذَا أَقْبَلَتْ بَاضَ الحَمَامُ عَلَى الوَتَدْ * وَإِن أَدْبَرَتْ بَصَقَ الحِمَارُ عَلَى الأَسَدْ
محْنَةُ كُوسُوفُو
كَتَبْتُ هَذَا المَقَالَ عِنْدَمَا بَدَأَتْ مَذَابِحُ الصِّرْبِ المَلَاعِين؛ في أَهْلِ كُوسُوفُو مِنَ المُسْلِمِينَ المُسْتَضْعَفِين، خَاصَّةً أَنَّهَا جَاءَتْ بَعْدَ مَذَابِحِهِمْ في البُوسْنَة، في ظِلِّ صَمْتِ المجْتَمَعِ الدَّوْليِّ وَحِلْفِ النِّيتُو، الَّذِي سَكَتَ عَلَى مَذَابِحِ البُوسْنَة، وَعِنْدَمَا بَدَأَتْ مَذَابِحُ كُوسُوفُو؛ عَسْكَرَ بجُنُودِهِ عَلَى حُدُودِهَا كَالمُتَفَرِّج، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ إِلَاّ بَعْدَ أَن أَوْشَكُواْ عَلَى الفَنَاء؛ وَلِذَا بَدَأْتُ مَقَالي بِهَذِهِ الأَبْيَات:
لَمَّا رَأَتْ أُخْتَهَا بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ * كَانَ الخَرَابُ لَهَا أَعْدَى مِنَ الجَرَبِ
أَبِالسِّلَاحِ اسْتَعَدُّواْ في كُوسُوفُو وَلَمْ * يحْمُواْ بِذَلِكَ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا حَطَبِ
كَالنَّخْلِ يَنْبُتُ شَوْكَاً لَا يَذُودُ بِهِ * مَنْ يَعْتَدُونَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الرُّطَبِ
{الْبَيْتَانِ الأَخِيرَانِ فَقَطْ لَابْنِ الرُّومِيِّ بِتَصَرُّف}
يَا مجْلِسَ الأَمْنِ جِدٌّ أَنْتَ أَمْ لَعِبُ * وَصُورَةٌ حَيَّةٌ أَمْ هَيْكَلٌ خَشَبُ
رُدُّواْ اعْتِبَارَكُمُ يَا قَوْمُ حَسْبُكُمُ * حِلْمَاً فَقَدْ فَقَدَتْ أَحْلَامَهَا العَرَبُ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر أَوْ محْمُود غُنيم}
لَمْ يَشْهَدِ التَّارِيخُ مَا شَهِدْنَاهُ في القَرْنِ العِشْرِين، مِنْ بَشَاعَةِ الصِّرْبِ في حَرْبِهَا ضِدَّ المُسْلِمِين 00!!
ظَلَلْتُمْ صَامِتِين؛ وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ ذَبْحَ الأَبْرِيَاءِ وَالمُسْتَضْعَفِين، عَلَى أَيْدِي الصِّرْبِ المَلَاعِين 00
فَإِلى مَتى يَا غَرْبُ * تَزِنُ بِمِكْيَالَينِ
وَلَوْ أُخِذَتِ الصِّرْبُ * لَمَا عَادَتْ مَرَّتَينِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
قُلُوبُهُمْ سَوْدَاء؛ وَيَتَّهِمُونَنَا بِالْبَغْضَاء
صَدَقَ تَعَالىَ عنْدَمَا قَالَ:
{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتىَّ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ}
{البَقَرَة/217}
لَا يُرِيدُونَ بِأَيَّةِ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ أَنْ تَقُومَ لِلإِسْلَامِ قَائِمَة؛ فَشِعَارُهُمْ: دَمِّرُواْ الإِسْلَامَ أَبِيدُواْ أَهْلَه، يَلْدَغُونَ لَدْغَةَ الْعَقْرَب؛ في لَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَب، لَا يُقِيمُونَ العَدْلَ إِلَاّ عَلَى الضُّعَفَاء!!
لَيْتَهُمْ غَضِبُواْ عَلَى الصِّرْبِ وَلَوْ مِعْشَارَ غَضْبَتِهِمْ عَلَى الْعِرَاق؛ رَغْمَ أَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تجْرِمْ حَتىَّ مِعْشَارَ جَرَائِمِ الصِّرْب، مَرَدُواْ عَلَى الْبَطْشِ وَاسْتَعْذَبُواْ التَّعْذِيب 00!!
لَيْسَ لِلمُسْلِمِ عِنْدَهُمْ دِيَةٌ وَلَا قِيمَةٌ تُذكَر؛ صَدَقَ اللهُ سبحانه وتعالى إِذْ يَقُول:
{إِنْ يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ في مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُواْ إِذَاً أَبَدَا} {الكَهْف/20}
{وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلَاّ أَنْ يُؤْمِنُواْ بِاللهِ العَزِيزِ الحَمِيد} {البرُوج/8}
كَأَنيِّ بِأَهْلِ كُوسُوفُو وَقَدْ خَرَجُواْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْت، جِيَاعَاً ضِيَاعَاً مُشَرَّدِين: كَانُواْ يَنْتَظِرُونَ جَيْشَ المُعْتَصِم، وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي 00
ذُوقُواْ فَإِنَّ سُقُوطَكُمْ يَشْفِي صُدُورَ المُؤْمِنِين
وَلِذَا فَرِحَ العَالَمُ أَجْمَعُ بِضَرْبِ الصِّرْب، وَمَا رَقَّ لَهُمْ أَحَد 00
فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ * وَالأَرْضُ مِنهُمْ كُلُّهَا دِمَاءُ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَلِذَا تَمَثَّلْتُ بِهَذَا الْبَيْتِ مُعَلِّقَاً، عَلَى نَفْسِ بحْرِ وَقَافِيَةِ أَبْيَاتِ مجْلِسِ الأَمْنِ سَالِفَةِ الذِّكْر:
هَذَا هُوَ الرَّدُّ لَا شِعْرٌ وَلَا خُطَبُ * وَإِنَّمَا ثَوْرَةٌ في الأَرْضِ تَلْتَهِبُ
لَقَدْ فَعَلَ الصِّرْبُ مِنَ الخَرَابِ وَالدَّمَار؛ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ التَّتَار 00!!
مَن هَؤُلَاءِ وَمَا تِلْكَ الوُجُوهُ وَمِن * أَيِّ الخَلَائِقِ هَذَا المَنْظَرُ البَشِعُ
مِن أَيِّ جُحْرٍ بِبَطْنِ الأَرْضِ قَدْ طَلَعُواْ * مِن أَيِّ مُسْتَنْقَعٍ في جَوْفِهَا نَبَعُواْعُ
سُبْحَانَ مَنْ زَيَّنَ الدُّنيَا وَشَوَّهَهُمْ * إِنَّ الخَلِيقَةَ ثَوْبٌ هُمْ بِهِ رُقَعُ
فَلَرُبَّ وَجْهٍ مُشْرِقٍ تحْتَ الرُّكَامِ خَبَا ضِيَاؤُهْ
وَلَرُبَّ صَخْرٍ أَحْمَرٍ منْ دَمِّ غَانِيَةٍ طِلَاؤُهْ
وَلَرُبَّ طِفْلٍ تحْتَهُ نَادَى فَلَم يسْمَع نِدَاؤُهْ
وَلَرُبَّ شَيْخٍ طَاعِنٍ في السِّنِّ قَدْ سَالتْ دِمَاؤُهْ
أَثْوَابُهُ منْ فَوْقِهِ كَفَنٌ وَمَدْفَنُهُ خِبَاؤُهْ
عِيسَى سَبِيلُكَ رَحْمَةٌ وَمَوَدَّةٌ * لِلعَالَمِينَ وَعِصْمَةٌ وَسَلَامُ
مَا كُنْتَ سَفَّاكَ الدِّمَاءِ وَلَا امْرَأً * هَانَ الضِّعَافُ عَلَيْهِ وَالأَيْتَامُ
يَا حَامِلَ الآلَامِ عَن هَذَا الوَرَى * كَثُرَتْ عَلَيْهِ بِاسْمِكَ الآلَامُ
أَنْتَ الَّذِي جَعَلَ العِبَادَ جَمِيعَهُمْ * رَحِمَاً وَبِاسْمِكَ تُقْطَعُ الأَرْحَامُ
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي بِتَصَرُّف}
لَنْ يَنْسَى التَّارِيخُ مَا جَرَى لمُسْلِمِي البُوسْنَة
لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ * فَلَا يَغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إِنْسَانُ
يَا غَافِلاً وَلَهُ في الدَّهْرِ مَوْعِظَةٌ * إِنْ كُنْتَ في سِنَةٍ فَالدَّهْرُ يَقْظَانُ
هِيَ الخُطُوبُ كَمَا عَايَنْتَهَا دُوَلٌ * مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَ تْهُ أَزْمَانُ
وَهَذِهِ الدَّارُ لَا تُبْقِي عَلَى أَحَدٍ * وَلَا يَدُومُ عَلَى حَالٍ لَهَا شَانُ
فَأَيْنَ مَا شَادَهُ شَدَّادُ في إِرَمٍ * وَأَيْنَ مَا سَاسَهُ في المُلْكِ سَاسَانُ
دَارَ الزَّمَانُ عَلَى دَارَا فَشَرَّدَهُ * وَذَلَّ كِسْرَى فَمَا آوَاهُ إِيوَانُ
تَبْكِي الحَنِيفِيَّةِ الغَرَّاءُ مِن أَسَفٍ * كَمَا بَكَى مِنْ فِرَاقِ الإِلْفِ هَيْمَانُ
عَلَى دِيَارٍ مِنَ الإِسْلَامِ خَاوِيَةٍ * قَدْ أَقْفَرَتْ وَلهَا بِالكُفْرِ عُمْرَانُ
حَيْثُ المَسَاجِدُ قَدْ صَارَتْ كَنَائِسَ مَا * فِيهِنَّ إِلَاّ قَسَاوِسَةٌ وَصُلْبَانُ
تِلْكَ البَلِيَّةُ أَنْسَتْ مَا تَقَدَّمَهَا * وَمَا لَهَا رَغْمَ طُولِ الدَّهْرِ نِسْيَانُ
لِكُلِّ فَاجِعَةٍ صَبْرٌ يُهَوّنُهَا * وَمَا لِمَا حَلَّ بِالإِسْلَامِ سُلْوَانُ
أَعِنْدَكُمْ نَبَأٌ عَنْ مُسْلِمِي كُوسُوفُو * فَقَدْ مَضَى بحَدِيثِ القَوْمِ رُكْبَانُ
كَمْ يَسْتَغِيثُ بهَا المُسْتَضْعَفُونَ وَهُمْ * قَتْلَى وَأَسْرَى فَمَا يَهْتَزُّ إِنْسَانُ
أَيْنَ الحَمِيَّةُ فِيكُمْ أَيْنَ غَيرَتُكُمْ * أَمَا عَلَى الحَقِّ أَنْصَارٌ وَأَعْوَانُ
يَا مَنْ لِذِلَّةِ قَوْمٍ بَعْدَ عِزِّهِمُ * أَبَادَ مُلْكَهُمُ كُفْرٌ وَطُغْيَانُ
بِالأَمْسِ كَانُواْ مُلُوكَاً في بِلَادِهُمُ * وَاليَوْمَ هُمْ فَوْقَ نَفْسِ الأَرْضِ عُبْدَانُ
فَلَوْ تَرَاهُمْ حَيَارَى لَا دَلِيلَ لَهُمْ * عَلَيْهِمُ مِنْ لِبَاسِ الذُّلِّ أَلْوَانُ
وَلَوْ رَأَيْتَهُمُ عِنْدَ ارْتِحَالِهِمُ * لَطَوَّفَتْ بِكَ أَحْزَانٌ وَأَشْجَانُ
الحُزْنُ غَيَّرَهُمْ وَالحُسْنُ غَادَرَهُمْ * أَلَمْ يَعُدْ قَطُّ لِلإِنْسَانِ أَثْمَانُ
يَا رَبِّ أُمٌّ وَطِفْلٌ حِيلَ بَيْنَهُمَا * كَمَا تُفَرَّقُ أَرْوَاحٌ وَأَبْدَانُ
وَغَادَةٍ مِثْلِ حُسْنِ البَدْرِ مَنْظَرُهَا * كَأَنَّمَا هِيَ يَاقُوتٌ وَمَرْجَانُ
يجُرُّهَا الْعِلْجُ لِلْفَحْشَاءِ مُرْغَمَةٌ * وَالعَينُ بَاكِيَةٌ وَالقَلْبُ حَسْرَانُ
لِمِثْلِ هَذَا يَئِنُّ القَلْبُ مِنْ كَمَدٍ * إِنْ كَانَ في القَلْبِ إِسْلَامٌ وَإِيمَانُ
{صَالحُ بْنُ شَرِيفٍ الرَّنْدِيُّ بِتَصَرُّف}
إِنَّني كُلَّمَا سَمِعْتُ في نَشَرَاتِ الأَخْبَارِ عَن أَسْبَانيَا قُلْتُ في نَفْسِي: إِنَّ هَذِهِ الْبِلَادَ كَانَتْ لَنَا!!
هَذِهِ الْبِلَادُ كَانَتْ لَنَا
غِرْنَاطَةُ يَا غِرْنَاطَة * أَيْنَ أَنْتَ مِنْ صَوْلَتِكْ
مَا نَهْرُكِ الجَارِي سِوَى * بُكَاءٍ عَلَى دَوْلَتِكْ
وَمَا النِّسْمَةُ الرَّائِحَة * إِلَاّ عَلَيْكِ نَائِحَة
تَكَادُ قُبُورُهُمْ مِمَّا حَوَتْهُ * يُقَدِّسُها الوَرَى حَجَراً وَطِينَا
كَسَواْ جَنَبَاتِها جُنْدَاً وَخَيْلاً * كَمَا مَلَئُواْ شَوَاطِئَهَا سَفِينَا
فَسَلْ عَنهُمْ طُلَيْطِلَةً سَتَلْقَى * لَدَيْهَا عَنهُمُ الخَبرَ اليَقِينَا
وَسَلْ كَمْ شَيَّدُواْ مِنْ جَامِعَاتٍ * بِقُرْطُبَةٍ فَكَانُواْ السَّابِقِينَا
فَحَسْبُكِ أَرْضَ أَنْدُلُسَ افْتِخَارَاً * بِأَنَّكِ كُنْتِ مَهْدَ الخَالِدِينَا
فَتَحَهَا آبَاؤُنَا وَضَيَّعْنَاهَا، كَانُواْ خَيرَ سَلَف، وَلَكِنْ لِلأَسَف؛ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ: أَصْبَحَ وَصْمَةَ عَارٍ في جَبِينِ هَؤُلَاءِ الآبَاءِ العُظَمَاء 00!!
إِنْ لَمْ تَكُونُواْ مِثْلَهُمْ فَتَشَبَّهُواْ * إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ فَلَاحُ
*********
أَضَاءُ واْ هَذِهِ الدُّنيَا قُرُونَا * وَمَاتُواْ حِينَ مَاتُواْ خَالِدِينَا
وَأَصْبَحَ لَا يُرَى في الرَّكْبِ قَوْمِي * وَقَدْ عَاشُواْ أَئِمَّتَهُ سِنِينَا
تُرَى هَلْ يَرْجِعُ المَاضِي فَإِنِّي * أَذُوبُ لِذَلِكَ المَاضِي حَنِينَا
فَسَطَّرْنَا صَحَائِفَ مِنْ ضِيَاءٍ * فَمَا نَسِيَ الزَّمَانُ وَلَا نَسِينَا
حَمَلْنَاهَا سُيُوفَاً لَامِعَاتٍ * غَدَاةَ الرَّوْعِ تَأْبى أَنْ تَلِينَا
إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الأَغْمَادِ يَوْمَاً * رَأَيْتَ الهَوْلَ وَالفَتْحَ المُبِينَا
وَكُنَّا حِينَ نُرْمَى مِن أُنَاسٍ * نُؤَدِّبُهُمْ أُبَاةً قَادِرِينَا
وَكُنَّا حِينَ نَلْقَى مِن عَدُوٍّ * محَارَبَةً نَدُوسُ لَهُ الجَبِينَا
تَفِيضُ سُيُوفُنَا حَرْبَاً وَضَرْبَاً * فَمَا نُغْضِي عَلَى الظُّلمِ الجُفُونَا
وَمَا فَتِئَ الزَّمَانُ يَدُورُ حَتىَّ * مَضَى بِالمجْدِ قَوْمٌ آخَرُونَا
وَآلَمَني وَآلَمَ كُلَّ حُرٍّ * سُؤَالُ النَّاسِ أَيْنَ المُسْلِمُونَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
ذا عَصْرُكِ الذَّهَبي * يَا أُمَّةَ العَرَبِ
{سَيِّد حِجَاب}
أَيْنَ نخْوَةُ الْعَرَبِ وَالمُسْلِمِين؟!
لَا تَقُولُواْ نَحْنُ عُرْبٌ إِنَّنَا * لَهُمُ لَا نَسْتَحِقُّ النَّسَبَا
كَانَ هَذَا الشَّرْقُ في الدَّهْرِ فَتىً * حِينَ كَانَ الغَرْبُ طِفْلاً مَا حَبَا
عَادَتِ الأَذْنَابُ رَأْسَاً في الوَرَى * وَغَدَا الرَّأْسُ لَدَيْهِمْ ذَنَبَا
أَيْنَ نَحْنُ اليَوْمَ مِنْ رَكْبِ الأُلى * صَوَّرُوُاْ الأَقْمَارَ بَلْ وَالشُّهُبَا
سَخَّرُواْ الذَّرَّةَ بَلْ قَدْ أَوْشَكُواْ * أَنْ يَنَالُواْ في السَّمَاءِ الكَوْكَبَا
بَلَغُواْ لِلْبَحْرِ قَاعَاً وَانْثَنَواْ * في فَخَارٍ يَرْكَبُونَ السُّحُبَا
وَأَضَاءَ الكَوْنَ مَا جَاءُ واْ بِهِ * مِنْ فُنُونٍ أَثَارَتِ العَجَبَا
قَدْ غَدَا العُرْبُ إِذَا مَا ضُرِبُواْ * لَا يَهُبُّونَ إِلى مَنْ ضَرَبَا
أَصْبَحُواْ مِثْلَ الدُّمَى عِنْدَ الْعِدَى * كَدَجَاجَاتٍ تَبِيضُ الذَّهَبَا
فَفِلَسْطِينُ أُضِيعَتْ وَغَدَتْ * يَنْدُبُ اليَوْمَ بِهَا مَنْ نَدَبَا
يَا بَني الإِسْلَامِ هُبُّواْ وَانهَضُواْ * لَا تَنَامُواْ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبى
رُبَّ سَيْفٍ صَارِمٍ يَوْمَاً نَبَا * وَجَوَادٍ سَابِقٍ يَوْمَاً كَبَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
إِنَّنَا لَفِي زَمَنٍ بَغِيض؛ تحَوَّلَتِ الأُمَّةُ فِيهِ مِنَ النَّقِيضِ إِلى النَّقِيض؛ حَتىَّ وَصَلَتْ إِلى الحَضِيض 00!!
يَنْتَظِرُونَ الإِنْصَافَ مِنَ اللَّجْنَةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَمجْلِسِ الأَمْن، وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا يُوعَدُون!!
يَتَوَسَّلُونَ إِلى الظَّلُومِ وَطَالَمَا * كَانَ الظَّلُومُ إِلَيْهِمُ يَتَوَسَّلُ
صَرَفَ الجُنُودَ عَنِ الرَّوِيَّةِ وَالهُدَى * قَوْلُ المُلُوكِ لَهُمْ جُنُودٌ بُسَّلُ
أَمْسَى الدَّخِيلُ كَأَنَّهُ رَبُّ الحِمَى * وَابْنُ البِلَادِ كَأَنَّهُ مُتَطَفِّلُ
قَدْ كَانَ قَتْلُ النَّفْسِ شَرَّ جَرِيمَةٍ * وَاليَوْمَ يُقْتَلُ كُلُّ مَنْ لَا يَقْتُلُ
تَتَحَوَّلُ الأَفْلَاكُ عَنْ دَوَرَانِهَا * وَالشَّرُّ في الإِنْسَانِ لَا يَتَحَوَّلُ
لَا تَبْسُطُواْ لِلْغَرْبِ يَا قَوْمِي يَدَاً * لِلْغَرْبِ طَرْفٌ في السِّيَاسَةِ أَحْوَلُ
لَا كَانَ مِنَّا مَن إِذَا انْتُهِكَ الحِمَى * بِالدَّمْعِ جَادُواْ بِاللِّسَانِ وَحَوْقَلُواْ
لَا كَانَ مِنَّا مَن عَلَى أَوْطَانِهِ * بِأَعَزِّ مَا مَلَكَتْ يَدَاهُ يَبْخَلُ
لَا كَانَ مِنَّا مَنْ بِأُمٍّ أَوْ أَبٍ * أَوْ طِفْلَةٍ في مَهْدِهَا يَتَعَلَّلُ
عَرَفَ اليَهُودَ محَمَّدٌ فَأَبَادَهُمْ * مَا ضَرَّ لَوْ بِمُحَمَّدٍ نَتَمَثَّلُ
هَذِهِ هِيَ حَضَارَةُ الْغَرْب، الَّتي يُرِيدُ تَصْدِيرَهَا لِلْعَالَمْ
لَا أَدْرِي كَيْفَ لمِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَتَحَدَّوُاْ العَالَم، وَمَا قِيمَةُ تَقَدُّمِهِمْ إِنْ لَمْ يَأْخُذُواْ عَلَى يَدِ الظَّالِم؟!
لَا تَفْخَرُواْ بِعُقُولِكُمْ وَنِتَاجِهَا * كَانَتْ لَكُمْ قَبْلَ الحُرُوبِ عُقُولُ
في كُلِّ يَوْمٍ مِنْكُمُ أَوْ عَنْكُمُ * نَبَأٌ تجِيءُ بِهِ الرُّوَاةُ مَهُولُ
يَا أَرْضَ أُورُوبَّا وَيَا أَبْنَاءَهَا * في عُنْقِ مَن هَذَا الدَّمُ المَطْلُولُ
في الشَّرْقِ قَوْمٌ لَمْ يَسُلُّواْ شَفْرَةً * وَالسَّيْفُ فَوْقَ رُءوسِهِمْ مَسْلُولُ
أَكْبَادُهُمْ مَقْرُوحَةٌ كَجُفُونهِمْ * وَزَفِيرُهُمْ بِأَنِينِهِمْ مَوْصُولُ
أَمَّا الرَّجَاءُ وَطَالَمَا عَاشُواْ بِهِ * فَالدَّمْعُ يَشْهَدُ أَنَّهُ مَقْتُولُ
وَاليَأْسُ مَوْتٌ غَيرَ أَنَّ صَرِيعَهُ * يَبْقَى وَأَمَّا نَفْسُهُ فَتَزُولُ
إِنْ كَانَ هَذَا مَا يُسَمَّى عِنْدَكُمْ * عِلْمَاً فَكَيْفَ الجَهْلُ وَالتَّضْلِيلُ
في اللهِ وَالوَطَنِ المُعَزَّزِ أُمَّةٌ * نُكِبُواْ فَذَا عَانٍ وَذَاكَ قَتِيلُ
لَوْ لَمْ يَمُتْ شَمَمُ النُّفُوسِ بِمَوْتِهِمْ * ثَارَ العِرَاقُ لِمَوْتهِمْ وَالنِّيلُ
رَبَّاهُ قَدْ بَلَغَ البَلَاءُ أَشُدَّهُ * رُحْمَاكَ إِنَّ الرَّاحِمِينَ قَلِيلُ
وَذَلِكَ عِنْدَمَا يُصْبِحُ سِلَاحُ القُوَّةِ وَالعِلْمِ لَدَى مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ 00
العِلْمُ عُنوَانُ السَّلَامِ وَإِنَّمَا * هُمْ أَفْسَدُوهُ بِسُوءِ الَاسْتِعْمالِ
{محْمُود غُنَيْم}
كَمْ شَرَّدَتْ سَنَوَاتُ الحَرْبِ أَطْفَالَا * وَكَمْ طَوَتْ قَبْلَ هَذَا الجِيلِ أَجْيَالَا
فَرُبَّ حَرْبٍ بِغَيرِ العِلْمِ مَا اشْتَعَلَتْ * وَرُبَّ جَيْشٍ بِغَيرِ العِلْمِ مَا صَالَا
تَأَمَّلتُ في هَذِي الحَيَاةِ فَلَمْ أَجِدْ * سِوَى ذُلِّ مَظْلُومٍ وَطُغْيَانِ ظَالِمِ
وَذِي قُوَّةٍ يَسْطُو بِنَابٍ وَمخْلَبٍ * عَلَى كُلِّ ذِي ضَعْفٍ وَدِيعٍ مُسَالِمِ
حَيَاةٌ مِنَ الْغَابِ اسْتَعَارَتْ شَرِيعَةً * فَلَا يَلْتَقِي فِيهَا الضَّعِيفُ بِرَاحِمِ
غَرَائِبُ لَمْ تخْطُرْ عَلَى الْبَالِ مَرَّةً * وَلَا خَطَرَتْ يَوْمَاً بِأَحْلَامِ نَائِمِ
أَصَابَتْ نُبُوءَ اتُ المَلَائِكِ عِنْدَمَا * عَلَى الأَرْضِ خَافَتْ مِنْ فَسَادِ ابْنِ آدَمِ
لَوْ تَعْلَمُ الأَرْضُ مَا أَفْعَالُ سَاكِنِهَا * لَطَالَ مِنهَا لِمَا يَأْتي بِهِ الْعَجَبُ
عِنْدَمَا يَكُونُ الْعِلْمُ في أَيْدِي الشَّيَاطِين
مَلَكُواْ أَذِمَّةَ كُلِّ عِلْمٍ سَامِي * وَالحَرْبُ تَمْلِكُهُمْ بِغَيْرِ زِمَامِ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
فَقُبْحَاً لِذَا الْعِلْمِ الَّذِي تَدَّعُونَهُ * إِذَا كَانَ في عِلْمِ النُّفُوسِ رَدَاهَا
وَلِذَا بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالى: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} {العَلَق/5}
قَالَ تَعَالى: {كَلَاّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} {العَلَق/6}
وَلَمْ يُخْطِئِ الحُكَمَاءُ عِنْدَمَا قَالُواْ:" شَرُّ النَّاسِ الْعُلَمَاء؛ إِذَا فَسَدُواْ " 00
إِنْ كَانَ عَصْرُ العِلْمِ هَذَا فِعْلُهُ * فِينَا فَعَصْرُ الجَاهِلِيَّةِ أَرْحَمُ
لَيْتَهُمْ عَرَفُواْ اللهَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ فَرِحُواْ بمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْم؛ فَأَهْلَكُواْ الحَرْثَ وَالنَّسْل 00
قُبْحَاً لِذَا الْعِلْمِ الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ * إِنْ كَانَ في عِلْمِ النُّفُوسِ رَدَاهَا
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}
صَدَقَ وَاللهِ شَاعِرُنَا الْعَظِيم / محْمُود غُنيم:
فَمَا أُوتيتُمُ إِلَاّ قَلِيلاً * عَلَامَا بَعْدَ ذَلِكَ الَاغْتِرَارُ
وَسِرُّ حَيَاتِكُمْ مَا زَالَ لُغْزَاً * عَوِيصَاً لَمْ يُزَحْ عَنهُ السِّتَارُ
فَمَا تِلك الحَيَاةُ وَكَيْفَ جِئْنَا * خِيَارٌ ذَا المجِيءُ أَمِ اضْطِرَارُ
أُمُورٌ قَبْلَنَا اختَلَفُواْ عَلَيْهَا * وَطَالَ البَحثُ وَاتَّصَلَ الحِوَارُ
سِوَى أَني أَرَى للكَوْنِ رَبَّاً * لَهُ في الكَوْنِ أَسْرَارٌ كِبَارُ
*********
إِنْ كَانَ لِلوَحْشِ مِنْ نُيُوبِ * فَالنَّاسُ أَنيَابُهُمْ حَدِيدُ
مَا كَانَ وَاللهِ لِلْحُرُوبِ * لَوْلَا بَنُو آدَمٍ وُجُودُ
إِنِّي عَرَفْتُ مِنَ الإِنْسَانِ مَا كَانَا * فَلَسْتُ أَحْمَدُ بَعْدَ اليَوْمِ إِنْسَانَا
وَجَدْتُهُ وَهْوَ مُشْتَدُّ القُوَى أَسَدَاً * صَعْبَ المِرَاسِ وَعِنْدَ الضَّعْفِ ثُعْبَانَا
تَعَوَّدَ الشَّرَّ حَتىَّ لَوْ نَبَتْ يَدُهُ * عَنهُ إِلى الخَيرِ بَاتَ اللَّيْلَ حَسْرَانَا
إِنَّ الحَدِيدَ إِذَا مَا لَان صَارَ مُدَىً * فَكُن عَلَى حَذَرٍ مِنهُ إِذَا لَانَا
كَأَنَّمَا المجْدُ رَبٌّ لَنْ يُقَرِّبَهُ * إِلَاّ إِذَا قَدَّمَ الأَرْوَاحَ قُرْبَانَا
قَدْ حَارَبَ الدِّينَ خَوْفَاً مِنْ زَوَاجِرِهِ * كَأَنَّ بَينَ الوَرَى وَالدِّينِ عُدْوَانَا
إِنِّي لَيَأْخُذُني مِن أَمْرِهِ عَجَبٌ * أَكُلَّمَا زَادَ عِلْمَاً زَادَ كُفْرَانَا
لَيْسَ الكَفِيفُ الَّذِي أَمْسَى بِلَا بَصَرٍ * صِرْنَا نَرَى مِنْ ذَوِي الأَبْصَارِ عُمْيَانَا
{محَمَّدٌ الأَسْمَر أَوْ محْمُود غُنيم}
السَّلَامُ الَّذِي يَتَشَدَّقُونَ بِهِ
يَفْعَلُونَ كُلَّ الكُبَر، ثمَّ يَتَّهِمُونَ المُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ أَعْدَاءُ البَشَر، وَأَنَّهُمْ مَصْدَرُ خَطَر 00!!
كُلٌّ تَطَلَّعَ لِلسَّلَامِ بِعَينِ ذِئْبٍ لَا تَنَامْ
وَالذِّئْبُ كَالإِنْسَانِ لَوْ يَتَعَلَّمُ الذِّئْبُ النِّظَامْ
{محْمُود غُنَيْم}
أَيْنَ السَّلَامُ الَّذِي يَتَشَدَّقُونَ بِهِ، أَيْنَ أَنْتَ أَيُّهَا السَّلَامُ المَنْشُود 00؟
أَدْرِكْ بِفَجْرِكَ عَالَمَاً مَكْرُوبَا * عَوَّذْتُ فَجْرَكَ أَنْ يَكُونَ كَذُوبَا
لَمْ تَبْقَ في مجْرَى الدِّمَاءِ بَقِيَّةٌ * شَكَتِ العُرُوقُ مِنَ الدِّمَاءِ نُضُوبَا
طَحَنَتْ بِقَرْنَيْهَا الوَغَى أَبْنَاءَهَا * لَا غَالِبَاً رَحِمَتْ وَلَا مَغْلُوبَا
رِيحٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ حَوْلَهَا * وَتُخَلِّفُ البُرْجَ الأَشَمَّ كَثِيبَا
مَلأُواْ الكُئُوسَ وَكُلَّمَا هَمُّواْ بِهَا * ذَكَرُواْ بحُمْرَتهَا الدَّمَ المَسْكُوبَا
يَا أَيُّهَا السِّلْمُ المُطِلُّ عَلَى الوَرَى * طُوبى لِعَهْدِكَ إِنْ تحَقَّقَ طُوبى
مَنْ فَارَقَتْهُ يَدَاهُ في سَاحِ الوَغَى * أَنَّى يُصَفِّقُ لِلسَّلَامِ طَرُوبَا
{محْمُود غُنَيْم}
نَارُ الحُرُوبِ الَّتي أَكَلَتِ الأَخْضَرَ وَاليَابِسَ في هَذَا العَالَم، وَمَنْ لَمْ تَطُلْهُ النَّارُ طَالَهُ لَهِيبُهَا 0
وَلَعَلَّهَا مِن أَجْلِ أُنْثَى أُوقِدَتْ * فَذَكَتْ وَشَبَّتْ وَالوَقُودُ رِجَالُهَا
وَمِنَ العَجَائِبِ أَنْ يُقَالَ عَنِ الأُلى * هُمْ مجْرِمُوهَا أَنَّهُمْ أَبْطَالُهَا
صَدَقَتْ نُبُوءَ اتُ المَلَائِكِ عِنْدَمَا * خَافَتْ عَلَى الأَرْضِ الفَسَادَ يَنَالُهَا
فَعَلَامَ لَا نَبْكِي لإِنْسَانِيَّةٍ * بَيْنَ الأَنَامِ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهَا
لِمَا كُلُّ هَذَا الحِقْدِ عَلَى المُسْلِمِين؟!
مَا أَدْرِي وَاللهِ لِمَا كُلُّ هَذَا الحِقْدِ عَلَى المُسْلِمِين، وَمَا عَدَلَتْ أُمَّةٌ حَكَمَتِ العَالَمَ عَدْلَ المُسْلِمِين؟!
وَيَكْفِيكَ عَنْ سَمَاحَةِ الإِسْلَام؛ أَنَّ تحِيَّتَهُ السَّلَام؛ فَكَيْفَ يَصِفُهُ المُغْرِضُونَ بِأَنَّهُ عَدُوٌّ لِلسَّلَام 00؟!
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: " حِينَ أَغَارَ الصَّلِيبِيُّونَ عَلَى بَيْتِ المَقْدِس: قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ سَبْعُونَ أَلفَ مُسْلِم 00!! [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 316/ 19]
وَلَكِن إِذَا نَظَرْنَا إِلى حَالِ المُتَكَلِّمِ عَذَرْنَاهُ في كَلَامِه 00
يَصِفُونَ الإِسْلَامَ بِأَنَّهُ عَدُوٌّ لِلسَّلَامِ وَهُمْ أَعْدَى أَعْدَاءِ سَلَامٍ عَرَفَهُمُ التَّارِيخ، وَلَهُمْ أَفْعَالٌ هِيَ أَجْدَرُ بِالتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخ 00!!
لَيْتَ المُسْلِمِينَ يَعْرِفُونَ أَنْ يَكُونُواْ أَعْدَاءَ سَلَام؛ إِذَنْ لَمَا تَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ أُوْلَئِكَ اللِّئَام، فَتِلْكَ هِيَ اللُّغَةُ الَّتي يَفْهَمُهَا أَعْدَاءُ الإِسْلَام 0
وَعَلَى العَالَمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عَدَمَ الإِنْكَار: لَا يَعْني سِوَى الإِقْرَار، وَالتَّبَاطُؤ: لَا يَعْني سِوَى التَّوَاطُؤ؛ وَالسَّاكِتُ عَلَى الحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَس 00
هَلَاّ كَفَّرْتِ يَا أُورُوبَّا عَن خِذْلَانِكِ لِلْبُوسْنَةِ بِنُصْرَةِ كُوسُوفُو 00؟!
هَا هِيَ الفُرْصَةُ قَدْ سَنَحَتْ أَمَامَكُمْ مَرَّتَين؛ فَأَدْرِكُواْ مَا يُمْكِنُ إِدْرَاكُه، وَالرُّجُوعُ إِلى الحَقِّ خَيرٌ مِنَ التَّمَادِي في البَاطِل؛ وَإِلَاّ 00 فَلَنْ يَنْسَى لَكُمُ التَّارِيخُ هَذَا التَّقَاعُسَ في الدِّفَاعِ عَنهُمْ، وَلَنْ يَغْفِرَ لأَمْرِيكَا ظُلْمَهَا لِلْعَرَب، وَسَتُقْرَنُ أَسْمَاؤُكُمْ بِشَرِّ مجْرِمِينَ عَرَفَهُمُ التَّارِيخ / التَّتَارِ وَالصَّلِيبِيِّين 00
وَشَرُّ مَا يَكْسِبُ الإِنْسَانُ مَا يَصِمُ
{المُتَنَبيِّ}
حَسنَاً: هَذِهِ دَوْلَتُكُمْ مَعْشَرَ الغَرْب، وَلَوْ كَانَتْ تَدُومُ لأَحَدٍ لَدَامَتْ لَنَا 00
هَذَا 00 وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبر 0
وَبَعْد
سَامحُواْ إِخْوَانَكُمُ الَّذِينَ قَعَدَ بِهِمُ الْعُذْرُ يَا أَهْلَ كُوسُوفُو؛ مَا حِيلَةُ السَّمَكَة، دَاخِلَ الشَّبَكَة 00؟!
أَمَّا عَنْ وَاجِبِكُمْ أَيُّهَا المُسْلِمُون: فَأَقَلُّ مَا تُقَدِّمُونَهُ لَهُمْ وَلأَمْثَالِهِمُ التَّبرُّعَاتُ الْعَيْنِيَّةُ وَغَيرُ الْعَيْنِيَّة، لَقَدْ أَسْبَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ؛ فَكُلُواْ مِنهَا وَأَطْعِمُواْ البَائِسَ الفَقِير 00
أَرَى المَالَ مِثْلَ المَاءِ يَفْسَدُ رَاكِدَاً * وَيَبْقَى صَلَاحُ المَاءِ مَا دَامَ جَارِيَا
فَلَا تَتْرُكُوهُ آسِنَاً يَنْقَلِبْ إِلى * مَبَاءةَ أَمْرَاضٍ وَقَدْ كَانَ شَافِيَا
أَغِيثُواْ بِهِ مَن أُخْرِجُواْ مِنْ دِيَارِهِمْ * حُفَاةً عُرَاةً جَائِعِينَ صَوَادِيَا
محْنَةُ فِلَسْطِين
عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا يَزَالُ مِن أُمَّتي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَن خَالَفَهُمْ؛ حَتىَّ يَأْتيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِك " 0
وَفي رِوَايَةٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ في آخِرِ الحَدِيث:
" وَهُمْ بِالشَّام " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3641 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1037 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَال:
" يَأْتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ: لَا يَبْقَى فِيهِ مُؤْمِنٌ إِلَاّ لَحِقَ بِالشَّام " 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8413]
عَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنيِّ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تحْتِ وِسَادَتي؛ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إِلىَ الشَّام، أَلَا إِنَّ الإِيمَانَ إِذَا وَقَعَتِ الْفِتَنُ بِالشَّام " 0 [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في فَضَائِلِ الشَّام، أَخْرَجَهُ الحَاكِم]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَن عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" بَيْنَا أَنَا في مَنَامي: أَتَتْني المَلَائِكَة، فَحَمَلَتْ عَمُودَ الْكِتَابِ مِنْ تحْتِ وِسَادَتي، فَعَمِدَتْ بِهِ إِلىَ الشَّام، أَلَا 00 فَالإِيمَانُ حَيْثُ تَقَعُ الفِتَنُ بِالشَّام " 0 [صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 17775، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في التَّرْغِيب بِرَقْم: 3094]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " 000 وَرَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي: عَمُودَاً أَبْيَضَ كَأَنَّهُ لُؤْلُؤٌ تحْمِلُهُ المَلَائِكَة؛ قُلْتُ مَا تحْمِلُون؟
قَالُواْ: نحْمِلُ عَمُودَ الإِسْلَام، أُمِرْنَا أَنْ نَضَعَهُ بِالشَّام، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ كِتَابَاً اخْتُلِسَ مِنْ تحْتِ وِسَادَتي؛ فَظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ تخَلَّى مِن أَهْلِ الأَرْض؛ فَأَتْبَعْتُ بَصَرِي؛ فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ بَينَ يَدَيّ، حَتىَّ وُضِعَ بِالشَّام؛ فَمَن أَبىَ فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِه، وَلْيَسْتَقِ مِن غُدُرِه؛ فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَكَفَّلَ لي بِالشَّامِ وَأَهْلِه " 0 [صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في فَضَائِلِ الشَّام]
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِين، وَإِنيِّ لأَرْجُو أَنْ تَكُونُواْ هُمْ يَا أَهْلَ الشَّام " 0 [قَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَع " رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح 0 ص: (287/ 7)، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالبَزَّارُ وَالطَّبرَاني]
عَن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِين، لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِين، لَا يَضُرُّهُمْ مَن جَابَهَهُمْ، إِلَاّ مَا أَصَابَهُمْ مِن لأْوَاء، حَتىَّ يَأْتِيهِمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِك " 00 قَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ وَأَيْنَ هُمْ 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " بِبَيْتِ المَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ المَقْدِس " 0
[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع ص: 288/ 7، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ بِنَحْوِهِ في الجَامِعِ بِرَقْم: 7296، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيّ]
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ السَّكُونِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاس، يَزْيِغُ اللهُ قُلُوبَ أَقْوَامٍ فَيُقَاتِلُونَهُمْ " 0
[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 16965]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" سَتُجَنَّدُونَ أَجْنَادَاً: جُنْدَاً بِالشَّام، وَجُنْدَاً بِالْعِرَاق، وَجُنْدَاً بِالْيَمَن " 00
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اخْتَرْ لي؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " عَلَيْكُمْ بِالشَّام؛ فَمَن أَبىَ فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِه، وَلْيَسْقِ مِن غُدُرِه؛ فَإِنَّ اللهَ عز وجل تَكَفَّلَ لي بِالشَّامِ وَأَهْلِه " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في فَضَائِلِ الشَّام، وَالحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّان]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " سَيَصِيرُ الأَمْرُ إِلىَ أَنْ تَكُونُوا جُنُودَاً مجَنَّدَة: جُنْدٌ بِالشَّام، وَجُنْدٌ بِاليَمَن، وَجُنْدٌ بِالعِرَاق " 0
قَالَ ابْنُ حَوَالَة: خِرْ لي يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِك؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " عَلَيْكَ بِالشَّام؛ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللهِ مِن أَرْضِه، يَجْتَبي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِن عِبَادِه، فَأَمَّا إِن أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِن غُدُرِكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَوَكَّلَ لي بِالشَّامِ وَأَهْلِه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في فَضَائِلِ الشَّامِ وَفي (سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُد) بِرَقْم: 2483]
وَهَذَا الحَدِيثُ الأَخِيرُ وَالَّذِي قَبْلَهُ: إِيحَاءٌ بِأَنَّ اليَمَنَ أَيْضَاً سَتَكُونُ سَاحَةَ حَرْبٍ كَالْعِرَاقِ وَالشَّام 0
مَوْقِفُكُمُ المُتَخَاذِلُ يَدْعُو لِلْعَجَب؛ يَا حُكَّامَ الْعَرَب
مَا دُمْتُمْ نُؤْثِرُونَ الرَّاحَة؛ سَوْفَ تَظَلُّ السَّاحَةُ مُسْتَبَاحَة 00!!
فَإِلى مَتى هَذَا الصَّمْتُ العَرَبيّ 00؟!
إِنيِّ بَحَثْتُ فَمَا وَجَدْتُ سَبِيلَا * إِلَاّ الجِهَادَ لِرَدْعِ إِسْرَائِيلَا
وَاللهِ إِنَّ صَنِيعَ هِتْلَرَ فِيهِمُ * قَدْ كَانَ حُكْمَاً عَادِلاً وَقَلِيلَا
أَيُحَرِّمُونَ عَلَى حَمَاسَ دِفَاعَهَا * وَيُحَلِّلُونَ لِغَيرِهَا التَّقْتِيلَا
فَتَفَرَّغُواْ لِلْقُدْسِ يَا حُكَّامَنَا * أَوْضَاعُهَا لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَا
للَّهِ هَارُونُ الرَّشِيدُ فَلَوْ رَأَى * أَحْوَالَهَا مَلأَ الْبِلَادَ صَهِيلَا
فَتَعَجَّلُواْ يَا قَوْمِ في إِنْقَاذِهَا * فَالْكُلُّ يَرْجُو مِنْكُمُ التَّعْجِيلَا
الْغَرْبُ لَنْ يَرْضَى وَأَمْرِيكَا وَلَوْ * أَوْسَعْتُمُ كَفَّيْهِمَا تَقْبِيلَا
لَنْ يَسْتَرِدَّ الْقُدْسَ مُؤْتَمَرٌ وَلَا * دُوَلٌ تُجِيدُ الزَّمْرَ وَالتَّطْبِيلَا
هَذِي السِّيَاسَةُ في التَّعَامُلِ مَعْهُمُ * تَحْتَاجُ يَا حُكَّامَنَا التَّعْدِيلَا
شَعْبُ الْعُرُوبَةِ مُنْذُ كَانَ مُنَاضِلاً * فَلِمَ ارْتَضَيْتُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِيلَا
الحَقُّ مَعْكُمْ وَالشُّعُوبُ وَرَاءكُمْ * فَعَلَامَ مَوْقِفُكُمْ يَكُونُ هَزِيلَا
إِنَّا شَبِعْنَا مِنْ شِعَارَاتٍ مَضَتْ * جَوْفَاءَ لَمْ نَعْرِفْ لَهَا تَأْوِيلَا
وَمُبَرِّرَاتٍ يَسْتَحِيلُ قَبُولُهَا * خَدَّاعَةً كَانَتْ لَنَا تَضْلِيلَا
إِنَّ الشُّعُوبَ تَحَمَّلَتْ بِسُكُوتِكُمْ * يَا قَوْمِ هَمَّاً في الصُّدُورِ ثَقِيلَا
وَعَلَى الْيَهُودِ تُرِيدُ نَصْرَاً فَاصِلاً * لِيَكُونَ فَوْقَ رُءوسِهَا إِكْلِيلَا
فَتَسَلَّحُواْ وَعَلَى الإِلَهِ تَوَكَّلُواْ * وَسَلُواْ المَعُونَةَ مِنهُ وَالتَّسْهِيلَا
حَتىَّ تُرِيحُواْ الْكَوْنَ مِنهُمْ إِنَّهُ * سَيَكُونُ مِن غَيْرِ الْيَهُودِ جَمِيلَا
وَثِقُواْ بِنَصْرِ اللهِ لَا بِإِشَاعَةٍ * قَدْ هَوَّلَتْ في حَجْمِهِمْ تَهْوِيلَا
وَاحْفَظْ لَنَا يَا رَبِّ كُلَّ مجَاهِدٍ * في الحقِّ لَمْ يَكُ بِالدِّمَاءِ بخِيلَا
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
اسْتَمِعْ لِمَعْرُوفٍ الرَّصَافيّ، وَهُوَ يُجَسِّدُ هَذَا الصَّمْتَ الْقَاتِل؛ فَيَقُولُ عَن هَذَا الجُبنِ وَالتَّخَاذُل:
إِنْ قِيلَ لَا تَتَكَلَّمُواْ * قَالُواْ الْكَلَامَ محَرَّمُ
أَوْ قِيلَ إِنَّ نَهَارَكُمْ كَاللَّيْلِ قَالُواْ مُظْلِمُ
أَوْ قِيلَ إِنَّ الشَّهْدَ مُرُّ الطَّعْمِ قَالُواْ عَلْقَمُ
أَوْ قِيلَ مَا هُوَ حَقُّكُمْ يَا قَوْمُ قَالُواْ نُعْدَمُ
وَيَرْحَمُ اللهُ شَاعِرَنَا الفَاضِلَ المُنَاضِلَ هَاشِمَاً الرِّفَاعِي؛ حَيْثُ يَقُولُ في المُسْلِمِينَ المُسْتَضْعَفِين:
الطِّفْلُ مُلْقَىً تَحْتَ أَرْجُلِ مُجْرِمِه * وَالرَّمْلُ يحْسِرُ مَا تَدَفَّقَ مِنْ دَمِه
قَتَلُواْ أَنَاشِيدَ الرَّجَاءِ عَلَى فَمِه * وَخَبَا عَلَى الصَّحْرَاءِ نُورُ تَبَسُّمِه
*********
وَقَدِ انحَنَتْ أُمُّ الشَّهِيدِ عَلَى الجِرَاحْ * تَبْكِي شَبَابَاً ضَاعَ في حَمْلِ السِّلَاحْ
هَذِي القِلَاعُ القَائِمَاتُ عَلَى الجَبَلْ * وَرَصَاصُهَا المَجْنُونُ في صَدْرِ البَطَلْ
لَنْ يُغْلِقَ الأَبْوَابَ في وَجْهِ الأَمَلْ * فَحَمَاسُ تَزْحَفُ نَحْوَهُمْ زَحْفَ الأَجَلْ
*********
اليَوْمَ كُنْتُ مَعَ الرِّفَاقِ أَسِيرُ في المُسْتَعْمَرَة * شَاكِي السِّلَاحِ وَكُلُّ شِبرٍ تحْتَ رِجْلِي مَقْبرَة
فَتَفَجَّرُواْ مِنْ جَوْفِ أَكْوَاخٍ هُنَاكَ مُبَعْثَرَة * طَلَعُواْ عَلَيْنَا في بَنَادِقِهِمْ وَكَانَتْ مجْزَرَة
*********
فَإِذَا نَفَضْتَ غُبَارَ قَبرِي عَنْ يَدِكْ * وَمَضَيْتَ تَلْتَمِسُ الطَّرِيقَ إِلى غَدِكْ
فَاذْكُرْ وَصِيَّةَ لَاجِئٍ تَحْتَ التُّرَابْ * سَلَبُوهُ آمَالَ الكُهُولَةِ في الشَّبَابْ
هُمْ أَخْرَجُوكَ فَعُدْ إِلى مَن أَخْرَجُوكْ * فَهُنَاكَ أَرْضٌ كَانَ يَزْرَعُهَا أَبُوكْ
*********
مَأْسَاتُنَا مَأْسَاةُ قَوْمٍ أَبْرِيَاءْ * حَمَلَتْ إِلى الآفَاقِ رَائِحَةَ الدِّمَاءْ
وَجَرِيمَتي كَانَتْ مُحَاوَلَةَ البَقَاءْ * أَنَاْ مَا اعْتَدَيْتُ وَلَمْ أُفَكِّرْ في اعْتِدَاءْ
*********
كَانَتْ لَنَا دَارٌ وَكَانَ لَنَا وَطَن * أَلقَتْ بِهِ أَيْدِي الخِيَانَةِ في المحَن
وَبَذَلْتُ في إِنْقَاذِهِ أَغْلَى ثَمَن * بِيَدِي دَفَنْتُ بَنيَّ فِيهِ بِلَا كَفَن
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
إِنَّكُمْ هُنَا تَأْكُلُونَ مَا تَشْتَهِي النُّفُوس، وَتَلْبِسُونَ أَحْسَنَ مَلْبُوس، وَلَا تَشْعُرُونَ بِإِخْوَانِكُمُ المُعَذَّبِينَ المُسْتَضْعَفِين، الجِيَاعِ الضِّيَاعِ في شَتىَّ البِقَاع، وَمَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ المُسْلِمِين فَلَيْسَ مِنهُمْ 00
عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَان، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2585 / عَبْد البَاقِي]
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ: مَثَلُ الجَسَد، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْو؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى " 00 تَدَاعَى لَهُ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى: أَيْ شَارَكَهُ الهَمَّا
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2586 / عَبْد البَاقِي)، وَالإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6011 / فَتْح]
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ المُؤْمِنَ مِن أَهْلِ الإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَد، يَأْلَمُ المُؤْمِنُ لأَهْلِ الإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الجَسَدُ لِمَا في الرَّأْس " 0
[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 6659، 1137، وَقَالَ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح]
وَاللهِ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَن هَذَا النَّعِيم 00 مَنْ مِنَّا نَسِيَ مَذَابِحَ صَبرَا وَشَتِيلَا 00؟ وَمَذَابِحَ جِينِين 00؟
وَالأُمَّهَاتُ تَنُوحُ بِالدَّمِ هَذِهِ * تَبْكِي الصَّغِيرَ وَتِلْكَ تَبْكِي الأَصْغَرَا
{الشَّاعِرُ القَرَوِي // رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي أَوْ شَوْقِي في المجْهُولِ مِنَ الشَّوْقِيَّات}
قُلْ لِلأُلى بَدَأُواْ بِدَايَةَ هِتْلَرَا * سَتُجَرَّعُونَ غَداً نِهَايَةَ هِتْلَرَا
إِنَّا تَرَكْنَا الخَصْمَ يَضْحَكُ أَوَّلاً * حَتىَّ نَرَاهُ وَهْوَ يَبْكِي آخِرَا
أَتُسَيْطِرُونَ عَلَى شُعُوبٍ حُرَّةٍ * وَعَلَيْكُمُ شَعْبُ اليَهُودِ تَسَيْطَرَا
لَيْسَتْ لإِبْرَاهِيمَ نِسْبَتُهُمْ وَلَا * لِبَنِيهِ لَكِنْ يُنْسَبُونَ لآزَرَا
لَوْ تَسْأَلُونَ أَبَا البَرِيَّةِ آدَماً * هَلْ مِنْ سُلَالَتِكَ اليَهُودُ لأَنْكَرَا
{محْمُود غُنَيْم؟}
بَهَرْتَ الْكُلَّ يَا أُولْمَرْت * بِبَحْرِ الدَّمِّ إِذْ أَبْحَرْتْ
عَرَفْنَا حُبَّكَ الدَّمَ يَا * دِرَاكُولَا وَإِن أَنْكَرْتْ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
المَسْجِدُ الأَقْصَى يَكَادُ يَذُوبُ مِنْ فَرْطِ الحَنِين
مَنْ مِنَّا نَسِيَ الَّلَاجِئِينَ المَطْرُودِينَ مِنْ سُكَّانِ مَرْجِ الزُّهُور 00؟
حَيٌّ بِهِ شَبَحُ الرَّدَى في كُلِّ زَاوِيَةٍ كَمِين
قَدْ كَانَ مبْكَىً لِلْيَهُودِ فَصَارَ مَبْكَى المُسْلِمِين
لَهْفِي عَلَى الشُّمِّ الأُبَاةِ عَنِ الدِّيَارِ مُشَرَّدِين
قَدْ أَوْشَكَتْ شُرُفاتُهَا تُومِي إِلَيْهِمْ بِالْيَمِين
يَرْنُو إِلَيْهِمْ صَخْرُهَا فَيَذُوبُ مِنْ فَرْطِ الحَنِين
وَيَظَلُّ يَدْعُوهُمْ بِصَوْتٍ في القُلُوبِ لَهُ أَنِين
سَكَنُواْ العَرَاءَ وَدُورُهُمْ مِنهُمْ عَلَى مَرْأَى العُيُون
قَرَّحْتِ مَنَّا يَا فِلَسْطِينُ الحَشَا قَبْلَ الجُفُون
قَسَمَاً بِمَن أَجْلَى قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ عَنِ الحُصُون
وَبِمَن أَتَاحَ لِجُنْدِهِ في خَيْبرَ النَّصْرَ المُبِين
لَنُرَتِّلَنَّ لَهُمْ غَدَاً كُونُواْ قُرُودَاً خَاسِئِين
وَلَنَدْخُلَنَّ مُحَلِّقِينَ رُءوسَنَا وَمُقَصِّرِين
وَلَنُنْقِذَنَّ المَسْجِدَ الأَقْصَى مِنَ الشَّعْبِ اللَّعِين
وَلَنَحْمِلَنَّ لِكُلِّ مَن عَبِثُواْ بِهِ الحِقْدَ الدَّفِين
حِقْدٌ نَعِيشُ بِهِ فَإِنْ مُتْنَا نُوَرِّثُهُ البَنِين
لَنْ يَعْرِفَ العَرَبيُّ بَعْدَ اليَوْمِ إِحْنَاءَ الجَبِين
أَبْنَاءَ يَعْرُبَ لَسْتُمُ نَسْلَ الكُمَاةِ الفَاتحِين
لَسْنَا إِلى المَأْمُونِ يَوْمَ الفَخْرِ نُنْسَبُ وَالأَمِين
إِنْ لَمْ نخَضِّبْ أَرْضَ يَعْرُبَ مِنْ دِمَاءِ الغَاصِبِين
مَنْ رَوَّعَواْ البَلَدَ الحَرامَ وَدَنَّسُواْ البَلَدَ الأَمِين
العُرْبُ لَا يَنْسَوْنَ ثَأْرَهُمُ عَلَى مَرِّ السِّنِين
فَلْتَثْأَرُواْ يَا قَوْمِ لِلشَّيْخِ المُحَطَّمِ وَالجَنِين
{محْمُود غُنيم}
وَمَضَتِ الدُّهُور، وَنَسِيَ النَّاسُ مَرْجَ الزُّهُور، وَلَا زَالَتْ رَحَى الْفِتَنِ تَدُور 00
إِذَا مَا بحَثْتَ بِهَذَا الْوُجُودْ * عَنِ الشَّرِّ كَانَ بِفِعْلِ الْيَهُودْ
خِدَاعٌ وَمَطْلٌ وَقَتْلٌ وَبَطْشٌ * وَغِشٌّ وَغَدْرٌ بِكُلِّ الْعُهُودْ
وَمَا سَفْكُهُمْ لِلدِّمَاءِ غَرِيبَاً * فَكَمْ قَتَلَ الأَنْبِيَاءَ الجُدُودْ
وَشَعْبُ فِلَسْطِينَ خَيْرُ دَلِيلٍ * عَلَى كُلِّ قَهْرٍ يَفُوقُ الحُدُودْ
تَحَمَّلَ أَبْنَاؤُهُ في السُّجُونِ * عَذَابَاً لَهُ تَقْشَعِرُّ الجُلُودْ
وَلَمَّا يَزَلْ صَامِدَاً وَاثِقَاً * بِتَحْرِيرِهِ الْقُدْسَ بَعْدَ الصُّمُودْ
فَيَا شَعْبُ وَاصِلْ وَقَاتِلْ وَجَاهِدْ * فَحَتْمَاً سَتُؤْتي الثِّمَارَ الجُهُودْ
فَلَمْ يَبْخَلِ اللهُ بِالنَّصْرِ يَوْمَاً * عَلَى أُمَّةٍ بِالدِّمَاءِ تَجُودْ
وَحَتْمَاً سَتَرْحَلُ عَن أَرْضِنَا * خَفَافِيشُهُمْ وَتَسُودُ الأُسُودْ
وَيَخْرُجُ مَهْدِيُّنَا عَنْ قَرِيبٍ * وَلِلدِّينِ عِزَّتُهُ سَتَعُودْ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
إِنَّ الخَيْبَة؛ هِيَ الَّتي ضَيَّعَتِ الهَيْبَة
فَما ضيَّعَ هَيْبَةَ الإِسْلَامَ إِلَاّ خَيْبَةُ المُسْلمِين 00!!
وَلِذَا أَصَابَتْهُمْ لَعْنَةُ السَّمَاء؛ مِنْ جَرَّاءِ هَذَا التَّخَاذُلِ فَصَارُواْ أَذَلَّ قَوْمٍ في العَالَمِين، وَأَصْبَحُواْ مُهَانِين، بَعْدَمَا كَانُواْ مُهَابِين، وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرم 00!!
تَسَاوَتِ النَّاسُ في البَلْوَى سوَى العَرَبِ * هَيْهَاتَ مَا هَانَ قَوْمٌ مِثْلَمَا هَانُواْ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر أَوْ إِيلِيَّا أَبُو مَاضٍ}
تَرَكَ المَسِيحِيُّونَ مَا أُمِرُواْ بِهِ * وَالمُسْلِمُونَ بَغَوْاْ عَلَى الإِسْلَامِ
كُنَّا بَني أُمٍّ فَفَرَّقَ شَمْلَنَا * خُبْثُ القُلُوبِ وَخِفَّةُ الأَحْلَامِ
فَكَأَنيِّ بِالعَرَبي اليَوْمَ مِنَ الخَلِيجِ إِلى المحِيط؛ لَوْ سَقَطَتْ صَفْعَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مَا حَطَّتْ عَلَى قَفَاه 00!!
فَهَلْ مِنْ بَعْدِ هَذَا العَارِ عَارٌ * لِشَعْبٍ يَسْتَجِيرُ مِنَ اليَهُودِ
لَقَد مِتْنَا أَجَلْ وَاللهِ مِتْنَا * فَغَيرُ المَيِّتِ لَمْ يخْضَعْ لِدُودِ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
وَانْظُرُواْ الآنَ إِلى حَالِ العِرَاقِ الحَزِين، بَلْ وَإِلى حَالِ فِلَسْطِين 00
عَلَانِيَةً صُلِبَتْ كَالمَسِيحِ * وَبِيعَتْ كَيُوسُفَ بِالدِّرْهَمِ
فَقُلْ لي بِرَبِّكَ يَا صَاحِ كَيْفَ * تجَرَّأَ ذِئْبٌ عَلَى القَشْعَمِ
{نِعْمَةُ الحَاجّ 0 بِتَصَرُّف}
لَكِ اللهُ يَا قُدْسُ 00
يَا وَاحَةً ظَلِيلَةً * وَيَا مَهْدَ الشَّرَائِعِ
يَا طِفْلَةً جَمِيلَةً * محْرُوقَةَ الأَصَابِعِ
وَمِمَّا كَتَبْتُهُ في الاِعْتِدَاءَاتِ الإِسْرَائِيلِيَّةِ المُتَكَرِّرَةِ عَلَى فِلَسْطِينَ وَلُبْنَان؛ هَاتَانِ القَصِيدَتَان:
أَحْزَانُنَا سَارَتْ بِهَا الرُّكْبَانُ * وَدِمَاؤُنَا لَيْسَتْ لَهَا أَثْمَانُ
تجْرِي بِنَا الأَمْوَاجُ دُونَ تَوَقُّفٍ * كَسَفِينَةٍ لَيْسَتْ بِهَا رُبَّانُ
تجْرِي بِأُمَّتِنَا بِبَحْرٍ هَائِجٍ * مُتَلَاطِمٍ لَيْسَتْ لَهُ شُطْآنُ
للهِ لُبْنَانٌ وَمُرْتَفَعَاتُهَا * للهِ ذَاكَ المَنْظَرُ الْفَتَّانُ
صَارَتْ كَسِجْنٍ الَاحْتِلَالُ بِهِ عَلَى * أَبْنَائِهَا الجَلَاّدُ وَالسَّجَّانُ
فَكَأَنَّهَا مِنْ كَثْرَةِ الْقَتْلَى بِهَا * في كُلِّ شِبْرٍ تحْتَهُ أَبْدَانُ
كَانَ السُّرُورُ لِبَاسَهُمْ وَالْيَوْمَ قَدْ * خَلَعَتْ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهَا الأَحْزَانُ
وَنَسِيمُهَا مِنْ قَبْلُ كَانَ مُعَطَّرَاً * وَالْيَوْمَ فِيهِ حَرَائِقٌ وَدُخَانُ
حَتىَّ المَسَاجِدُ مِنهُمُ لَمْ تَنْجُ بَلْ * قُصِفَتْ فَلَمْ يُسْمَعْ بِهِنَّ أَذَانُ
هَذَا مَصِيرُ الْكَوْنِ إِن عَبِثَتْ بِهِ * أَيْدِي الْيَهُودِ وَبُوشٌ الشَّيْطَانُ
الصَّمْتُ مِنْكُمْ طَالَ يَا حُكَّامَنَا * وَشُعُوبُكُمْ يَجْتَاحُهَا الْغَلَيَانُ
إِنيِّ نَظَرْتُ لِصَمْتِكُمْ مُتَعَجِّبَاً * فَأَصَابَني الإِحْبَاطُ وَالْغَثَيَانُ
فَقِفُواْ لإِسْرَائِيلَ صَفَّاً وَاحِدَاً * فَيَهُودُهَا لَيْسَتْ لَهُمْ أَيْمَانُ
هَيَّا انهَضُواْ بِبِلَادِكُمْ وَتحَرَّكُواْ * لَا يَسْتَرِدُّ حُقُوقَهُ خَيْبَانُ
لِمَتى سَنَبْكِي مجْدَ أَزْمِنَةٍ مَضَتْ * هَلْ بِالْبُكَاءِ سَتَرْجِعُ الأَوْطَانُ
كُونُواْ كَحِزْبِ اللهِ مَنْ قُدَّامَهُ * يَجْرِي الْيَهُودُ كَأَنَّهُمْ فِئْرَانُ
لَنْ يَسْتَرِيحَ المُسْلِمُونَ وَيَهْدَأُواْ * حَتىَّ يَعُودَ الْقُدْسُ وَالجُولَانُ
يَا رَبِّ وَحِّدْ صَفَّنَا بخِلَافَةٍ * بَلَغَ الزُّبى في أَرْضِكَ الْفَيَضَانُ
تِلْكَ هِيَ النُّونِيَّةُ الصُّغْرَى ـ وَهِيَ مِنْ بَحْرِ الكَامِل ـ فَلَمَّا رَأَيْتُ الأَوْضَاعَ قَدِ ازْدَادَتْ سُوءَاً كَتَبْتُ النُّونِيَّةَ الْكُبرَى ـ وَهِيَ مِنْ بَحْرِ الْبَسِيط ـ أَقُولُ فِيهَا:
الْعَيْنُ دَامِعَةٌ وَالْقَلْبُ حَسْرَانُ * لِمَا تُلَاقِي فِلَسْطِينٌ وَلُبْنَانُ
فَهَيْبَةُ المُسْلِمِينَ الْيَوْمَ ضَائِعَةٌ * وَلَمْ يَعُدْ لِدِمَاهُمْ قَطُّ أَثْمَانُ
لُبْنَانُ دَامِيَةٌ وَالْقُدْسُ بَاكِيَةٌ * وَمَسْجِدُ الْقُدْسِ طُولَ اللَّيْلِ سَهْرَانُ
لَوْ أَنَّنَا قَدْ أَرَدْنَا وَصْفَ حَالَتِهَا * لَمْ يَسْتَطِعْ وَصْفَ حَالِ الْقُدْسِ سَحْبَانُ
الْكُلُّ يُبْصِرُ في التِّلْفَازِ صُورَتَهُمْ * كَأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الأَرْضِ إِنْسَانُ
مَآذِنُ الْقُدْسِ صَارَتْ تَسْتَغِيثُ بِنَا * وَالأَرْضُ فِيهَا لإِسْرَائِيلَ نُكْرَانُ
قَدْ كَانَ يَمْلأُهَا الإِيمَانُ أَزْمِنَةً * وَالْيَوْمَ يَمْلأُهَا شِرْكٌ وَكُفْرَانُ
كَانَتْ مَنَازِلُهَا بِالأَهْلِ عَامِرَةً * فَهَلْ يَعُودُ لَهَا يَا رَبِّ عُمْرَانُ
فَظَائِعُ المُسْلِمِينَ الْيَوْمَ قَدْ كَثُرَتْ * فَهَلْ لَهَا بَعْدَ هَذَا الحَدِّ نِسْيَانُ
الدِّشُّ يَكْشِفُهَا وَالْكُلُّ يَعْرِفُهَا * سَارَتْ بِهَا في رُبُوعِ الْكَوْنِ رُكْبَانُ
فَالْعَالَمُ الْيَوْمَ مِثْلُ الْبَحْرِ مُضْطَرِبٌ * تَمَلَّكَتْهُ تَمَاسِيحٌ وَحِيتَانُ
النَّفْسُ مِنْ مَكْرِ أَمْرِيكَا عَلَى وَجَلٍ * وَالْقَلْبُ مِنْ بُغْضِ إِسْرَائِيلَ مَلآنُ
قَدْ جَاوَزَا كُلَّ حَدٍّ في احْتِلَالِهِمَا * فَكُلُّ بَيْتٍ بِهِ لِلسُّخْطِ بُرْكَانُ
وَصَمْتُنَا عِنْدَهُمْ سِلْمٌ يُرِيحُهُمُ * وَرَدُّنَا عِنْدَهُمْ بَغْيٌ وَعُدْوَانُ
لَا تَعْجَبُواْ إِنْ بَغَى أَعْدَاؤُنَا وَطَغَواْ * أَلَيْسَ في دُوَلِ الإِسْلَامِ طُغْيَانُ
أَتَنْصُرُ الْقُدْسَ بُلْدَانٌ مُمَزَّقَةٌ * هَيْهَاتَ لَنْ يَكْسُوَ الْعُرْيَانَ عُرْيَانُ
مَا بَالُ حُكَّامِنَا لِلْغَرْبِ لَمْ يَقِفُواْ * لَهُ كَمَا وَقَفَتْ كُورْيَا وَإِيرَانُ
يَا مُسْلِمُونَ قِفُواْ صَفَّاً وَلَا تَهِنُواْ * كَمَا تَقُولُ أَحَادِيثٌ وَقُرْآنُ
إِلى مَتىَ الصَّمْتُ إِسْرَائِيلُ مَا بَرِحَتْ * لَمْ يَنْجُ مِنْ قَصْفِهَا مَرْضَى وَصِبْيَانُ
إِنَّ الْيَهُودَ شُعُوبٌ كُلُّهَا عُقَدٌ * نُفُوسُهُمْ مِلْؤُهَا حِقْدٌ وَأَضْغَانُ
لَنْ يَأْمَنَ الْكَوْنُ مِنْ شَرِّ الْيَهُودِ سِوَى * إِنْ قُطِّعَتْ مِنهُمُ أَيْدٍ وَسِيقَانُ
صَنِيعُ هِتْلَرَ فِيهِمْ لَمْ يَكُن خَطَأً * أَلَيْسَ في المُسْلِمِينَ الْيَوْمَ أَفْرَانُ
حُيِّيتَ يَا جَيْشَ حِزْبِ اللهِ مِن أَسَدٍ * زَأَرْتَ فِيِهِمْ فَعَادُواْ مِثْلَمَا كَانُواْ
دِمَاؤُهُ غَسَلَتْهُ عِنْدَ مَقْتَلِهِ * فَوْقَ الحِمَى وَدُرُوعُ الحَرْبِ أَكْفَانُ
قَالُواْ كَأَنَّكَ مِنْ لُبْنَانَ قُلْتُ لَهُمْ * مِصْرٌ كَلُبْنَانَ عِنْدِي الْكُلُّ أَوْطَانُ
أَمَا بِمِصْرَ إِذَا أَجْفَانُنَا سَهِرَتْ * فَلَيْسَ تُغْمَضُ في لُبْنَانَ أَجْفَانُ
يَا رَبِّ وَحِّدْ صُفُوفَ المُسْلِمِينَ فَهُمْ * في ضَعْفِهِمْ قِطَطٌ في الثَّدْيِ عُمْيَانُ
فَلَا يُعَرِّضَ بِالإِخْوَانِ دَاعِيَةٌ * وَلَا يحِيدَ عَنِ المِنهَاجِ إِخْوَانُ
وَنَجِّ عَبْدَكَ يَا رَبيِّ وَمَنْ مَعَهُ * إِن أَهْلَكَ الْعَالَمَ الْغَدَّارَ طُوفَانُ
يَا يَهُودْ يَا يَهُود * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ
سَيَأْتي الْيَوْمُ المَوْعُود * وَسَتَلْتَقِي الجنُودْ
بِالدَّمِ سَوْفَ نجُودْ * وَسَتَسُودُ الأُسُودْ
وَنُعِيدُ لِلْيَهُودْ * مَا قَدْ مَضَى مِن عُهُودْ
يَا يَهُودْ يَا يَهُودْ * جَيْشُ محَمَّدْ سَوْفَ يَعُودْ
مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ قُوَّة * فَإِنَّ اللهَ مَوْجُودْ
يَا أَحْفَادَ الخَنَازِيرْ * وَيَا أَحْفَادَ الْقُرُودْ
غَدَرْتُمْ بِالمُسْلِمِينْ * كَمَا غَدَرَ الجُدُودْ
فَلَمْ تُحْسِنُواْ الجِوَارْ * وَلَمْ تَفُواْ بِالْوُعُودْ
رَغْمَ الضَّعْفِ رَغْمَ الخَوْفِ * لَمْ تَزَلْ فِينَا أُسُودْ
سَنُوَحِّدُ الصُّفُوفْ * وَسَنَحْشُدُ الحُشُودْ
سَنُعِيدُ لِلُبْنَانَ * وَالْقُدْسِ الحُلْمَ المَنْشُودْ
إِنَّ المُسْلِمِينَ قَوْمٌ * لَا يَعْرِفُونَ الْقُعُودْ
بَلْ يَعْرِفُونَ الجِهَادَ * وَيَعْرِفُونَ الصُّمُودْ
سَنُشْعِلُهَا نِيرَانَاً * أَنْتُمُ لَهَا وَقُودْ
زَرَعْتُمْ في الأَرْضِ الشَّوْكَا * وَسَنَزْرَعُ الْوُرُودْ
وَسَتَحْصُدُونَ مَا * قَدْ زَرَعْتُمْ في عُقُودْ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
تَبَارَكَتِ الحِجَارَةُ مِنْ سلَاحٍ * وَبُورِكَ في الصِّغَارِ الرَّاجِمِينَا
تَفَاقَمَتِ المَظَالِمُ مِنْ يَهُودٍ * وَمَا مِنْ رَادِعٍ لِلظَّالِمِينَا
إِلى كَمْ سَوْفَ نَزْعَقُ أَنْ تَعَالَواْ * إِلَيْنَا يَا جُنُودَ المُسْلِمِينَا
فَهَيَّا أَشْعِلُوهَا نَارَ حَرْبٍ * تُعِيدُ كَرَامَةً ضَاعَتْ سِنِينَا
وَأَلْقُواْ عَنْكُمُ الأَحْلَامَ جَنْبَاً * فَمَا تُجْدِي أَمَاني الخَامِلِينَا
تَعَالَواْ فَالدِّيَارُ تَئِنُّ حُزْنَاً * فَهَيَّا يَا أَحِبَّةُ أَدْرِكُونَا
فَمَا وَقَفَ الْيَهُودُ أَمَامَ جَيْشٍ * فَهُمْ جبَنَاءُ دَوْمَاً خَائِفُونَا
إِلى الأَقْصَى الَّذِي نَرْنُو إِلَيْهِ * فَنُوشِكُ أَنْ نُجَنَّ لَهُ جُنُونَا
يَحِيكُ لَهُ الْيَهُودُ مُؤَامَرَاتٍ * وَهَذَا حَالُهُ يُبْكِي الْعُيُونَا
تَرَاهُ جَنَّةً في الحُسْنِ لَكِن * خَنَازِيرٌ عَلَيْهَا رَاتِعُونا
دَوْلَةٌ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ تَخْدُمُ الإِسْلَامَ أَكْثَرَ منَ المُسْلِمين
قَسَمَاً بِمَن خَلَقَ الخَلَائِقَ وَالخَوَارِقَ وَالكَوَاكِبْ
سَأَقُولُ في كُتُبي عَنِ العَرَبِ الغَرَائِبَ وَالعَجَائِبْ
{نِزَار قَبَّاني}
لَقَدْ أُهِينَ العَرَبُ وَذَاقُواْ الهَوَانَ عَلَى أَيْدِي شَرِّ وَأَخْبَثِ مخْلُوقَاتِ اللهِ اليَهُود؛ فَقَيَّضَ اللهُ لَهُمْ إِيرَان، ذَلِكَ البَلَدَ الَّذِي أَخْرَجَ رِجَالاً صُدُقَاً في الحَرْب، لَمْ يخْشَواْ سَطْوَةَ أَمْرِيكَا وَلَا تحَالُفَ الْغَرْب!!
وَلِلْعِلْمِ فَإِيرَانُ لَيْسَتْ كُلُّهَا شِيعَة، وَالشِّيعَةُ لَيْسُواْ كُلُّهُمْ رَوَافِضَ يَلْعَنُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَر، وَلَيْسَ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ نُسَوِّيَ بَينَ الغَرْبِ المُشْرِك، الَّذِي نُقَبِّلُ يَدَ مَنْ يَبْتَسِمُ لَنَا مِنهُ ابْتِسَامَة، وَبَينَ مَنْ يَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله، إِنْ كَانُواْ كُفَّارَاً؛ فَهُمْ بِمَثَابَةِ الحُلَفَاء، وَقَدْ حَالَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اليَهُود، وَإِنْ كَانُواْ مُسْلِمِين: فَلْنَضَعْ أَيْدِيَنَا في أَيْدِيهِمْ لِقِتَالِ اليَهُود؛ وَفي الحَالَتَينِ لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ، وَمَن أَسْدَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفَاً فَكَافِئُوه؛ هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَان 00؟!
فَرَّحْتَنَا يَا جَيْشَ حِزْبِ اللهِ * فَأَدِمْ عَلَيْنَا النَّصْرَ مِنْهُ إِلَهِي
لَا زَالَ يَقْصِفُ لِلْيَهُودِ حُصُونَهُمْ * بِبَسَالَةٍ جَلَّتْ عَنِ الأَشْبَاهِ
وَلِذَا جُمُوعُ المُسْلِمِينَ تَرَاهُمُ * أَثْنَواْ عَلَيْهِ بِأَلْسُنٍ وَشِفَاهِ
لِلصِّدْقِ وَالإِخْلَاصِ فِيهِ فَإِنَّهُ * لَمْ يَسْعَ قَطُّ لِمَنْصِبٍ أَوْ جَاهِ
مَا لَمْ يَجِئْ بِالسِّلْمِ طَوْعَاً أَهْلَهُ * لَا شَكَّ سَوْفَ يَجِيءُ بِالإِكْرَاهِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَأَيَّاً كَانَ الأَمْر؛ فَفَرَحُنَا بِانْتِصَارِهِمْ شَيْءٌ لَا غُبَارَ عَلَيْه؛ فَلَقَدْ فَرِحَ الصَّحَابَةُ مِنْ قَبْلِنَا بِانْتِصَارِ الرُّومِ المُشْرِكِين؛ عَلَى الْفُرْسِ الْوَثَنِيِّين 00
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ في قَوْلِهِ تَعَالى:] غُلِبَتِ الرُّوم {2} في أَدْنى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُون {3} في بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُون {4} بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيم [{الرُّوم}
قَالَ رضي الله عنه: غُلِبَتْ وَغَلَبَتْ، كَانَ المُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّوم؛ لأَنَّهُمْ أَهْلُ أَوْثَان، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِس؛ لأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَاب، فَذَكَرُوهُ لأَبي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا إِنَّهُمْ سَيَغْلِبُون " 0
فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ ـ أَيْ لِلْمُشْرِكِين ـ فَقَالُواْ: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلاً؛ فَإِنْ ظَهَرْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ ظَهَرْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا؛ فَجَعَلَ أَجَلاً خَمْسَ سِنِين، فَلَمْ يَظْهَرُواْ؛ فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَلَا جَعَلْتَهَا إِلى دُونِ العَشْر، ثمَّ ظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْد، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى:{غُلِبَتِ الرُّوم {2} في أَدْنى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُون {3} في بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُون {4} بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيم} {الرُّوم} " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْمَيْ: 2495، 2770، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
إِنَّ إِيرَانَ الْيَوْمَ أَصْبَحَتْ حَدِيثَ السَّاعَة؛ فَكُلُّ الْعَالَمِ يُقَدِّرُهَا عَلَى هَذِهِ الشَّجَاعَة؛ حَيْثُ لَمْ تَفْزَعْ مِنَ الْفَزَّاعَة ـ وَلَمْ تَلْعَقِ الأَقْدَامَ بِالتَّمَلُّقِ مِثْلَ جَمَاعَة ـ بَلْ تُلْقِي بِتَهْدِيدَاتِ الْفَزَّاعَةِ في " الْبَلَاّعَة "
لَا تخْشَى الحِصَارَ وَلَا المجَاعَة 00!!
إِيرَانُ لَا تَتَرَاجَعِي * فِيمَا مَضَيْتِ وَتَابِعِي
إِنْ قِيلَ هَيَّا أَقْلِعِي * لَا تُقْلِعِي بَلْ أَسْرِعِي
وَعَلَى الطَّرِيقِ تَقَدَّمِي * قُولي لَهُمْ رَبيِّ مَعِي
وَإِذَا أَخَافَكِ خَائِفٌ * فَلِمِثْلِهِ لَا تَسْمَعِي
إِنَّ المُوَحِّدَ لَا يَخَا * فُ مِنَ الشُّجَاعِ الأَقْرَعِ
هَيَّا اصْنَعِيهَا وَاصْفَعِي * أَقْفَاءهُمْ ثُمَّ اصْفَعِي
لَكِ في قُلُوبِ المُسْلِمِينَ مَكَانَةٌ في الأَضْلُعِ
الْقُدْسُ أَوْ بَغْدَادُ لَنْ * يُسْتَنْقَذَا بِالأَدْمُعِ
إِنَّ الْعَرِينَ بِغَيْرِ مَا * أَسَدٍ بِهِ لَمْ يُمْنَعِ
هَيَّا اثْأَرِي لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَدُوِّ الأَبْقَعِ
{يَاسِر الحَمَدَاني}
إِنَّهَا الدَّوْلَةُ الوَحِيدَةُ الَّتي لَهَا جَيْشٌ يَتَصَدَّى لِلْيَهُودِ في بِلَادِ الشَّام: جَيْشُ حِزْبِ اللهِ المُوَالي لإِيرَان، إِيرَانُ الَّتي سَبَقَ مِنْ قبلُ أَنْ وَقَفَتْ في وَجْهِ الأُمَمِ المُتَحَدَّةِ وَتحَدَّتِ العَالَمَ كُلَّهُ وَبَعَثَتْ بِالسّلَاحِ إِلى أَبْنَاءِ البُوسْنَةِ العُزَّل؛ لِلتَّصَدِّي لمجْرِمِي الحَرْبِ مِنْ سَفَّاحِي الصِّرْب، هَذِهِ الشَّجَاعَةُ الَّتي جَلَبَتْ عَلَيْهَا المَتَاعِب، لَمْ تُبَالِ أَنْ يُقَالَ عَنهَا محْوَرُ الشَّرّ، أَوْ أَنَّهَا دوْلَةٌ تَرْعَى الإِرْهَاب، وَمَا أَخْلَدَتْ إِلى الأَرْضِ وَآثَرَتِ السَّلَامَةَ وَرَضِيَتِ الدَّنِيَّةَ في دِينِهَا ـ كَمَا فَعَلَ غَيرُهَا ـ بَلْ مَضَتْ في طَرِيقِهَا لَا تَلْوِي عَلَى شَيْء 00!!
تِلْكَ هِيَ البُطُولَةُ وَالشَّهَامَةُ النَّادِرَة، إِيتُوني بِدَوْلَةٍ عَرَبِيَّةٍ وَاحِدَةٍ عَمِلَتْ مِعْشَارَ مَا عَمِلَتْه 00؟!
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الفِضَّةِ وَالذَّهَب، خِيَارُهُمْ في الجَاهِليَّةِ خِيَارُهُمْ في الإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُواْ "
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2638 / عَبْد البَاقِي]
وَتَعَالَ بِنَا اليَوْمَ وَانْظُرْ إِلى العَرَبِ كَيْفَ يَرُدُّونَ الجَمِيلَ لَهَا 00؟! فَمَا انْثنَتْ وَلَا اسْتَحَواْ 00!!
بِأَفْعَالِنَا خَطَأٌ لُغَوِيٌّ * يُحَيِّرُ إِصْلَاحُهُ سِيبَوَيْه
نُحَارِبُ أَعْدَاءَ أَعْدَاءنَا * كَأَنَّ المُضَافَ المُضَافُ إِلَيْه
إِنَّ مَوَاقِفَهَا تَزِيدُ مِنْ قَدْرِهَا في عَيْني وَفي كُلِّ عَيْن، وَلَكَأَنيِّ بِهَا تَقُولُ بِلِسَانِ الحَالِ لِشَانِئِيهَا:
خَلَتِ الدِّيَارُ فَسُدْتُ غَيرَ مُسَوَّدِ * وَمِنَ البَلَاءِ تَفَرُّدِي بِالسُّؤْدَدِ
إِنَّ اللهَ وَحْدَهُ القَادِرُ عَلَى تَوْحِيدِنَا تحْتَ رَايَةِ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله؛ اللهُمْ كَمَا رَزَقْتَنَا كَلِمَةَ التَّوْحِيد؛ فَارْزُقْنَا تَوْحِيدَ الْكَلِمَة، وَانْزَعِ الْغِلَّ وَالتَّعَصُّبَ مِنْ نُفُوسِ هَذِهِ الأُمَّة 00
وَمِنَ العَجَب: تُخَوِّفُنَا أَمْرِيكَا مِن إِيرَان 00!!
يُخَوِّفُنَا مِن عَدُوٍّ بَعِيدٍ * عَدُوٌّ عَلَى صَدْرِنَا جَاثِمُ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
إِنَّ محْوَرَ الشَّرِّ في هَذَا العَالَمِ لَيْسَ كُورْيَا وَلَا إِيرَان، وَإِنَّمَا هُوَ البِرِيطَانِيُّونَ وَالأَمْرِيكَان 00!!
بِاسْمِ الحَضَارَةِ وَالتَّعْمِيرِ قَدْ دَخَلُواْ * وَمَا هُمُ غَيرَ سَفَّاكٍ وَسَفَّاحِ
اللِّصُّ أَصْبَحَ يَرْتَدِي في عَهْدِنَا ثَوْبَ المُقَاتِلْ
اقْتَرَبَ دَوْرُكَ أَيُّهَا الثَّوْرُ الأَسْوَد
فَهَا هُمُ اليَوْمَ بَعْدَمَا اسْتَفْرَدُواْ بِالعِرَاق؛ يخَطِّطُونَ لِلْفَتْكِ بِإِيرَان، وَلَا بُدَّ لِلْعَرَبِ مِنْ وَقْفَة، كَوَقْفَةِ العَاشِرِ مِنْ رَمَضَان؛ حَتىَّ لَا نَلْطِمَ فِيمَا بَعْدُ وَجْهَنَا وَنَنعِي حَظَّنَا وَنَقُول: أَلَا إِنَّنَا أُكِلْنَا يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَض، أَمَّا المُفَاوَضَات؛ فَلَوْ كَانَتْ تَحُلُّ المَشَاكِلَ لحَلَّتْ لَنَا مُشْكِلَةَ فِلَسْطِين، وَلَكِنْ جَرَّبْنَاهَا فَلمْ تُغْنِ شَيْئَاً، كَأَنيِّ بِهِمْ عَمَّا قَلِيلٍ 00
وَلَسْتُ بِعَلَاّمِ الغُيُوبِ وَإِنَّمَا * أَرَى بِلِحَاظِ الرَّأْيِ مَا هُوَ وَاقِعُ
كَأَنيِّ بِمِصْرَ إِذَا مَا أَتَى الدَّوْرُ عَلَيْهَا تَلْطِمُ وَجْهَهَا وَتَنعِي حَظَّهَا وَتَقُول: أَلَا إِنيِّ أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَض 00
كَانَ اليَهُودُ تحْسَبُهُمْ جَمِيعَاً وَقُلُوبُهُمْ شَتىَّ؛ فَأَصْبَحَ المُسْلِمُونَ هُمُ الَّذِينَ تحْسَبُهُمْ جَمِيعَاً وَقُلُوبُهُمْ شَتىَّ
تُحَاصِرُنَا كَالمَوْتِ أَلفُ مُصِيبَةٍ * بِبَغْدَادَ هُولَاكُو وَبِالقُدْسِ هِتْلَرُ
{محْمُود غُنيم}
عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ، كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلىَ قَصْعَتِهَا "
ـ أَيْ كَمَا يَتَدَاعَى النَّاسُ عَلَى الوَلِيمَة ـ قَالَ قَائِل: وَمِنْ قِلَّةٍ نحْنُ يَوْمَئِذٍ 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" بَلْ أَنْتُمُ يَوْمَئِذٍ كَثِير، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْل، وَلَيَنْزَعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ في قُلُوبِكُمُ الوَهَن " 0
فَقَالَ قَائِل: يَا رَسُولَ الله؛ وَمَا الوَهَن 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْت " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: (4297)، وَحَسَّنَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 8698]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " أَوَّلُ هَذَا الأَمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَة، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَة، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكَاً وَرَحْمَة، ثُمَّ يَكُونُ إِمَارَةً وَرَحْمَة، ثمَّ يَتَكادَمُونَ عَلَيْهِ تَكادُمَ الحُمُر ـ أَيْ يَتَكَالَبُونَ عَلَيْكُمْ ـ فَعَلَيْكُمْ بِالجِهَاد، وَإِنَّ أَفْضَلَ جِهَادِكُمُ الرِّبَاط ـ أَيْ حِرَاسَةُ الحُدُود ـ وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطِكُمْ عَسْقَلَان " 00 وَعَسْقَلَان: مَدِينَةٌ بَيْنَ غَزَّةَ وَبَيْتِ جِبْرِين، وَبَيْتُ جِبْرِين: مَدِينَةٌ بَينَ الْقُدْسِ وَغَزَّة 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: 3270، وَوَثَّقَهُ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
غَضَبُ الصَّبيِّ وَبَطْشُ الأَسَد
وَلَا تَسْأَلْني: أَتَعَرَّيْتُمْ حَتىَّ مِنَ السَّلَاح؛ فَسِلَاحُنَا مَوْجُودٌ وَلَكِن أَيْنَ الفُرْسَان 00؟!
لقَدْ نَام آسَادٌ وَرُوِّعَ غِزْلَانُ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
حَتىَّ أَصْبَحَ الْيَوْمَ لَا فَرْقَ بَينَ الرِّجَال؛ وَبَينَ رَبَّاتِ الحِجَال 00!!
وَلَكِن أَعُودُ فَأَقُول:
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَتَحَرَّكْ لجُوعٍ * فَيَسْعَى إِلى لُقْمَةٍ تُشْبِعُهْ
فَهَلْ يَتَحَرَّكُ شَخْصٌ كَهَذَا * لِبَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ إِذْ يَسْمَعُهْ
*********
مَنْ لَمْ يحَرِّكْهُمُ ظُلْمٌ يُجَوِّعُهُمْ * أَنىَّ يحَرِّكُهُمُ ظُلْمٌ إِذَا شَبِعُواْ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
نَامُواْ وَلَا تَسْتَيْقِظُواْ * مَا فَازَ إِلَاّ النُّوَّمُ
{الرَّصَّافي}
أَلَا إِنَّ قَوْمَاً لَمْ يحَرِّكْ إِبَاءَهُمْ * هَوَانٌ وَذُلٌّ هَلْ يحَرِّكُهُمْ شِعْرِي
وَاخَجْلَتَا مِنْكَ يَا وَطَني 00
كَفِّنُوهُ وَادْفِنُوهُ * دَاخِلَ الْقَبْرِ الْعَمِيقْ
وَانْدُبُوهُ وَهْوَ حَيٌّ * مِثْلَ مَيْتٍ لَا يَفِيقْ
رُبَّ عَارٍ رُبَّ نَارٍ * حَرَّكَتْ قَلْبَ الجَبَانْ
لَمْ تحَرِّكْ في بِلَادِي * مِنهُمُ غَيْرَ اللِّسَانْ
{نَسِيب عَرِيضَة}
كَمِثْلِ القَطَاةِ قَامُواْ * لَوْ يُتْرَكُون لَنَامُواْ
تَعَلَّلْنَا بِالسَّلَامِ * وَسَلَامُنَا اسْتِسْلَامُ
مَن هَانُواْ هَانَ عَلَيْهِمْ * أَنْ يُذَلُّواْ أَوْ يُضَامُواْ
مَا لجُرْحٍ بِمَيِّتٍ * كَمَا قَدْ قَالُواْ إِيلَامُ
مَنْ يهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيْهِ * مَا لجُرْحٍ بمَيِّتٍ إِيلَامُ
{المُتَنَبيِّ}
وَمَنْ يَمْتَلِكْ قَلْبَاً شُجَاعَاً وَصَارِمَاً * وَأَنْفَاً أَبِيَّاً تَجْتَنِبْهُ المَظَالِمُ
{عَمْرُو بْنُ بَرَّاقَةَ بِتَصَرُّف}
أَبُو نُوَاسٍ يُوَبِّخُ هَذِهِ السُّلَالَةَ مِنَ الْعَرَب
فَحُقَّ واللهِ لأَبي نُوَاسٍ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَهُ وَقَدْ أَوْغَرَ صُدُورَ بَني أَسَدٍ بهِجَائِهِمْ فَهَدَّدُواْ وَتَوَعَّدُواْ، وَأَبْرَقُواْ وَأَرْعَدُواْ؛ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو نُوَاس:
قَالُواْ بَنُواْ أَسَدٍ غَضْبى إِلى الأَبَدِ * فَقُلْتُ للَّهِ أَنْتُمْ مَنْ بَنُو أَسَدِ
وَمَنْ تَمِيمٌ وَمَنْ قَيْسٌ وَإِخْوَتُهُمْ * لَيْسَ الأَصَاغِرُ عِنْدَ اللهِ مِن أَحَدِ
تَفَاخَرْتُمُ شَرْقَاً وَغَرْبَاً عَلَى الْوَرَى * وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَاّ الدَّنَايَا مَآثِرُ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
أَيْنَ السَّمَوْءلُ وَالمُهَلْهَلُ وَالْعَمَالِيقُ الأَوَائِلْ
أَكَلَ القَوِيُّ ضَعِيفَهُمْ وَقَبَائِلٌ أَكَلَتْ قَبَائِلْ
{نِزَار قَبَّاني}
أَيْنَ العَرَبُ القَائِلُون:
إِذَا مَا المُلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفَاً * أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينَا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْوَاً * وَيَشْرَبُ غَيرُنَا كَدِرَاً وَطِينَا
إِذَا بَلَغَ الرَّضِيعُ لَنَا فِطَامَاً * تخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِدِينَا
{عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم 0 بِتَصَرُّف}
أَيْنَ العَرَبُ القَائِلُون:
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَدْنَسْ مِنَ اللُّؤْمِ ثَوْبُهُ * فَكُلُّ رِدَاءٍ يَرْتَدِيهِ جَمِيلُ
وَإِن هُوَ لَمْ يَدْفَعْ عَنِ النَّفْسِ ضَيْمَهَا * فَليْسَ إِلى حُسْنِ الثَّنَاءِ سَبِيلُ
يُعيِّرِّنَا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا * فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ الْكِرَامَ قَلِيلُ
وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلٌ وَجَارُنَا * عَزِيزٌ وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ
وَإِنَّا لَقَوْمٌ لَا نَرَى الْقَتْلَ سُبَّةً * إِذَا مَا رَأَتْهُ عَامِرٌ وَسَلُولُ
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوْتِ آجَالَنَا لَنَا * وَتَكْرَهُهُ آجَالُهُمْ فَتَطُولُ
وَنُنْكِرُ إِنْ شِئْنَا عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُمْ * وَلَا يُنْكِرُونَ الْقَوْلَ حِينَ نَقُولُ
فَسَلْ إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنهُمُ * فَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ
{السَّمَوْءل}
مَاتَ الجَمِيعُ فَمَا لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة * فَكَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة
قَبِلُواْ المَذَلَّةَ سَاكِتِينَ كَأَنمَا * كَبُرَتْ عَلَى أَحْنَاكِهِمْ لَا النَّاهِيَة
أَتُذِلُّ أَعْنَاقَ المُلُوكِ جُدُودُنَا * وَتَسُومُنَا خَسْفَاً رُعَاةُ المَاشِيَة
نِعْمَ الأَجْدَاد، وَبِئْسَ الأَحْفَاد
هَلْ كُلُّ مَا نَمْلِكُهُ مِنَ المجْدِ هُوَ افْتِخَارُنَا بِالآبَاءِ وَالأَجْدَاد 00؟!
وَمَا الحَسَبُ المَوْرُوثُ مِن غَيرِ مَا تَعَبْ * بِمُحْتَسَبٍ إِلَاّ بِآخَرَ مُكْتَسَبْ
فَلَا تَفْتَخِرْ إِلَاّ بِمَا قَدْ فَعَلْتَهُ * وَلَا تحْسَبنَّ المجْدَ يُورَثُ كَالنَّسَبْ
فَلَيْسَ يَسُودُ المَرْءُ إِلَاّ بِفِعْلِهِ * وَإِن عَدَّ آبَاءً كِرَامَاً ذَوِي حَسَبْ
إِذَا الْعُودُ لَمْ يُثْمِرْ وَإِنْ كَانَ عِرْقُهُ * أَصِيلاً تُسَمِّيهِ الْقَبَائِلُ بِالحَطَبْ
{ابْنُ الرُّومِيِّ بِتَصَرُّف}
وَقَدِيمَاً قِيلَ في الأَمْثَال:" مَنِ اتَّكَلَ عَلَى شَرَفِ آبَائِهِ فَقَدْ عَقَّهُمْ " 0
مَنْ يَقْتَرِبْ مِن أَمْسِ يَبْعُدْ عَن غَدٍ * وَيَعِشْ مَعَ المَوْتَى وَيُصْبِحْ مِنهُمُ
إِنِ افْتَخَرْتُمْ بِآبَاءٍ ذَوِي حَسَبٍ * نِعْمَ الأَبَاءُ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُواْدُ
{ابْنُ الرُّومِي}
بِتْنَا نُشِيدُ بِذِكْرَيَاتِ جُدُودِنَا * هَيْهَاتَ لَيْسَ الحُرُّ كَالمُسْتَعْبَدِ
قَدْ كَانَ هَمُّهُمُ الفُتُوحَ وَهَمُّنَا * مَا نَغْتَذِي أَوْ نَرْتَوِي أَوْ نَرْتَدِيدِ
يَا مَنْ رَأَى أَرْضَاً أُبِيحَ دَمَارُهَا * بِالأَمْسِ كَانَتْ في قَدَاسَةِ مَعْبَدِ
وَلَقَدْ تُهَانُ أَمَامَنَا جَارَاتُنَا * وَبُكَاؤُهُنَّ يُذِيبُ قَلْبَ الجَلْمَدِ
فَنَرَى وَنَسْمَعُ صَامِتِينَ كَأَنَّنَا * لَمْ نَسْتَمِعْ وَكَأَنَّنَا لَمْ نَشْهَدِ
فَإِذَا تحَمَّسْنَا مَدَدْنَا نحْوَهُمْ * كَفَّ الدُّعَاءِ وَغَيرُهَا لَمْ نَمْدُدِ
عُذْرَاً بَني أَعْمَامِنَا أَغْلَالُنَا * قَعَدَتْ بِنَا عَنْ نجْدَةِ المُسْتَنْجِدِ
أَعْزِزْ عَلَيْنَا أَنْ نَرَى جِيرَانَنَا * يُتَخَطَّفُونَ وَنحْنُ مَكْتُوفُو اليَدِ
رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ؛ مَاتُواْ 00 فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَات 00!!
جَنَواْ لَكُمُ أَنْ تُمْدَحُواْ وَجَنَيْتُمُ * لَهُمْ أَنْتُمُ أَنْ يُشْتَمُواْ في المَقَابِرِ
وَهَذَا هُوَ حَالُ الأُمَّةِ العَرَبِيَّةِ اليَوْم: مَوْتَى عَلَى قَيْدِ الحَيَاة، تَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظَاً وَهُمْ رُقُود 00
فُقْتُمْ وَاللهِ يَا قَوْمِي * أَصْحَابَ الكَهْفِ في النَّوْمِ
بأَيْدِيكُمُ نُورَانِ * في السُّنَّةِ وَالقُرْآنِ
فَمَا الَّذِي أَدَّى بِكُمْ * إِلى غَيَابَاتِ الظُّلَمْ
{فِكْرَةٌ لأَمِيرِ الشُّعَرَاءِ قُمْتُ بِنَظْمِهَا}
خَرَجْتُمْ مِنْ قَلْعَةِ الإِسْلَامِ فَاسْتَفْرَدَكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ
وَلَكِن أَعُودُ فَأَقُول: إِنَّهُ لَا يَهْلِكُ عَلَى اللهِ إِلَاّ هَالِك، فَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِن هُمُ الظَّالِمُون 00!!
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} {يُونُس/23}
{اسْتِكْبَارَاً في الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئ، وَلَا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلَاّ بِأَهْلِه} {فَاطِر/43}
{وَالَّذِي خَبُثَ لَا يخْرُجُ إِلَاّ نَكِدَا} {الأَعْرَاف/58}
وَلِذَا أَتَى اللهُ بُنيَانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ العَذَابُ مِن حَيْثُ لَا يَشْعُرُون 00!!
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ} {النَّحْل/61}
{إِنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُوبِكُمْ خَيرَاً يُّؤْتِكُمْ خَيرَاً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} {الأَنْفَال/70}
فَنَحْنُ قَوْمٌ: إِنَّمَا استزلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ ذُنُوبهِمْ؛ وَلِذَا ابْتَلَانَا اللهُ بِمَنْ يَسُومُنَا سُوءَ العَذَاب، وَكَمَا قَدْ قِيلَ في الأَثَر:" الظَّالِمُ سَيْفِي: أَنْتَقِمُ بِهِ، ثُمَّ أَنْتَقِمُ مِنه " 0
فَمَا مَثَلُ الَّذِي أَصَابَنَا إِلَاّ كمَا قَالَ سبحانه وتعالى: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِن أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون} {آلِ عِمْرَان/117}
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون} {الأَعْرَاف/96}
وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بحُكْمِ مُوسَى رَضِيَ بحُكْمِ فِرْعَوْن، وَقَدْ قِيل:" جَوِّعْ كَلبَكَ يَتْبَعْك " 0
ثُمَّ عَلَى اللهِ تَعْتِبُون، وَأَنتُمْ الظَّالِمُون، هَلْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرَاً مِمَّا تَعْمَلُون 00؟!
إِن أَنْتُمْ إِلَاّ تَظُنُّون 00 {إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتىَّ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} {الرَّعْد/11}
عَن أَبي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لَا يَزَالُ فِيكُمْ وَأَنْتُمْ وُلَاتُهُ مَا لَمْ تُحْدِثُواْ أَحْدَاثَاً، فَإِذَا فَعَلْتُمْ سَلَّطَ عَلَيْكُمْ شِرَارَ خَلْقِهِ فَيَلْحَتُوكُمْ كَمَا يُلْحَتُ الْقَضِيب " 00 أَيْ يُقَلَّمُونَكُمْ وَيَبْرُونَكُمْ كَمَا يُقَلَّمُونَ الْقَلَمَ وَيُبْرُونَهُ
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في ظِلَالِ الجَنَّةِ بِرَقْم: 1119]
فَدَعُواْ الشَّرَّ يَدَعْكُمْ، فَالشَّرُّ لِلشَّرِّ خُلِق 00
فَبِاللهِ عَلَيْك؛ شَعْبٌ بِهَذَا الحَال:
إِلى السَّمَاءِ دُعَاهُ كَيْفَ يَرْتَفِعُ * وَكَيْفَ بِالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَنْتَفِعُ
{المِصْرَاعُ الأَوَّلُ ليَاسِرٍ الحَمَدَاني / المُؤَلِّف، وَالآخَرُ لِلْنُّمَرِيّ}
أَرَى القَوْمَ في شَرْقِ البِلَادِ وَغَرْبِهَا * كَأَصْحَابِ كَهْفٍ في عَمِيقِ سُبَاتِ
بِأَيْدِيهِمُ نُورَانِ ذِكْرٌ وَسُنَّةٌ * فَمَا بَالُهُمْ في حَالِكِ الظُّلُمَاتِ
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}
يَا وَيْحَ قَوْمِي نَسُواْ اللهَ الكَبِيرَ فَلَمْ * يَذْكُرْهُمُ اللهُ نِسْيَانَاً بِنِسْيَانِ
وَاليَوْمَ دَارَ عَلَيْنَا الدَّهْرُ دَوْرَتَهُ * حَتىَّ أُكِلنَا كَشَاةٍ بَينَ ذؤْبَانِ
{محْمُود غُنَيْم}
رَكَنُواْ إِلى الضَّلَالَةِ لَا يَبْغُونَ عَنهَا حِوَلَا، بِئْسَ لِلسَّالِفِين بَدَلَا، أَمْوَاتٌ غَيرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون؛ وَمِن هُنَا قُلْتُ لِذَلِكَ الشَّاعِرِ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَهُوَ بَاخِعٌ نَفْسَهُ مِن أَجْلِهِمْ: هَوِّن عَلَى نَفْسِكَ يَا أَخِي؛ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِين يَسْمَعُون، وَهَؤُلَاءِ صُمٌ بُكْمٌ لَا يَعْقِلُون، إِن هُمْ إِلَاّ كَالأَنعَامِ بَلْ أَضَلُّ سَبِيلَا، أَفَتَنعِقُ بِمَنْ لَا يَسْمَعُ إِلَاّ دُعَاءً اوَنِدَاءَا، هَلْ يجْدِي فِيهِمْ قَوْلُكَ:
يَا قَوْمِ هَيَّا أَفِيقُواْ مِنْ سُبَاتِكُمُ * صَاحَ الأَذَانُ وَدَوَّتْ رَنَّةُ الجَرَسِ
{محْمُود غُنَيْم 0 بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
أَلِشَعْبِ العَرَبِ تَقُول:
لَقَدْ قَامَ كُلُّ العَالَمْ * وَلَا زِلْتَ أَنْتَ نَائِمْ
{فِكْرَةٌ لأَحَدِ الشُّعَرَاءِ قُمْتُ بِنَظْمِهَا}
لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيَّاً * وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي
وَلَوْ نَارَاً نَفَخْتَ بهَا أَضَاءَتْ * وَلَكِن أَنْتَ تَنْفُخُ في رَمَادِ
{عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يَكْرِب، وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحَكَم}
وَفِّرُواْ أَشْعَارَكُمْ مَعْشَرَ الشُّعَرَاء؛ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يَسْمَعُواْ لَكُمْ، وَلَوْ سَمِعُواْ مَا اسْتَجَابُواْ لَكُمْ 00!!
بِلَادٌ كُلُّ مَا فِيهَا يُبَشِّرُني * بِأَنَّ النَّصْرَ مِنَّا لَيْسَ يَقْتَرِبُ
{عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
لَيْتَ شِعْرِي 00 مَاذَا أَفْعَلُ لَوْ سَافَرْتُ إِلى أَحَدِ البِلَادِ الأُورُوبِّيَّةِ فَسَأَلَني أَحَدُهُمْ:
شَيْخَ القَوَافي مَا لِقَوْمِكَ أَصْبَحُواْ * لَا الحُزْنُ يجْمَعُهُمْ ولَا الأَفْرَاحُ
عَبِثَتْ بِهِمْ أَهْوَاؤُهُمْ فَتَفَرَّقُواْ * شِيَعَاً ولَيْسَ مَعَ الخِلَافِ نجَاحُ
صَارُواْ وَهُم لَا يمْلِكُونَ زِمَامَهُمْ * كَالفُلِكِ تجْرِي مَا لهَا مَلَاّحُ
*********
مَرَّتْ عَلَيْنَا سِنُونٌ كُلُّهَا نِقَمُ * مَا كَانَ أَسْعَدَهَا لَوْ أَنَّهَا نِعَمُ
كَأَنَّمَا خَصَّنَا بِالذُّلِّ بَارِئُنَا * أَوْ أَقْسَمَ الدَّهْرُ لَا يَعْلُو لَنَا عَلَمُ
وَالمَوْتُ أَجْمَلُ مِن عَيْشٍ عَلَى مَضَضٍ * إِنَّ الحَيَاةَ بِغَيرِ كَرَامَةٍ عَدَمُ
{إِيلِيَّا أَبُو مَاضِي بِتَصَرُّف}
دُمُوعُ المُسْلِمِين
كَأَنيِّ بِالخَنْسَاءِ لَوِ اطَّلَعَتْ عَلَى حَالِنَا لَقَالَتْ:
فَقَدْتُ تجَلُّدِي وَبَكَيْتُ دَهْرَا * وَعِشْتُ أُرَدِّدُ الأَنْفَاسَ حَرَّى
وَمِثْلِي إِنْ بَكَتْ بَكَتِ المَآقِي * وَيُنْشَرُ دَمْعُهَا في الْكَوْنِ شِعْرَا
وَلي فِيمَا تجِيءُ بِهِ اللَّيَالي * عَزَاءٌ يُلْهِمُ المَكْلُومَ صَبْرَا
فَكُلُّ العُرْبِ لي أَهْلٌ كِرَامٌ * وَكُلُّ فَتىً أُطَالِعُ فِيهِ صَخْرَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
*********
فُؤَادِي يَذُوبُ مِنَ التَّحَسُّرِ عِنْدَمَا * أَرَى فَيْئَنَا فِيمَنْ سِوَانَا مُقَسَّمَا
نَدِمْنَا عَلَى مَا ضَاعَ لَوْ كَانَ مُجْدِيَاً * لِطَالِبِ مجْدٍ ضَاعَ أَنْ يَتَنَدَّمَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
مِنْ مُقْلَتيَّ تَدَفَّقَتْ عَبَرَاتي * فَنَظَمْتُ مِن حَبَّاتِهَا أَبْيَاتياتِ
أَقْسَمْتُ لَا حُبَّاً شَكَوْتُ وَلَا هَوَىً * يُدْمِي القُلُوبَ فَيُرْسِلُ الآهَاتِ
كَلَاّ فَلَسْتُ مِنَ الَّذِينَ شَقَاؤُهُمْ * وَهَنَاؤُهُمْ بمَشِيئَةٍ لِفَتَاةِ
لَكِنَّني أَبْكِي وَحُقَّ ليَ البُكَا * مَجْدَاً أَضَعْنَاهُ بِطُولِ سُبَاتِ
مَنْ لي بِقَبرِ ابْنِ الوَلِيدِ أَبُثُّهُ * حُزْني وَأُسْمِعُهُ أَنِينَ شَكَاتي
يَا قَوْمِ بَعْضَاً مِنْ صَوَابٍ إِنَّنَا * نَمْشِي بِلَيْلٍ حَالِكِ الظُّلُمَاتِ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
قَدْ أَثْخَنَتْ قَوْمِي جِرَاحٌ جَمَّةٌ * فَمَتى يُتِيحُ لَهَا الإِلَهُ طَبِيبَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ يَسِير}
وَهَذِهِ أُنْشُودَةُ أُمٍّ فِلَسْطِينِيَّةٍ قَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا؛ فَقَالَتْ تُوصِي وَلِيدَهَا وَهِيَ تُرْضِعُهُ وَتُهَدْهِدُهُ كَيْ يَنَام:
أَشْدُو بِأُغْنِيَتي الحَزِينَةِ ثُمَّ يَغْلِبُني البُكَاءْ
وَأَمُدُّ كَفِّي لِلسَّمَاءِ لأَسْتَحِثَّ خُطَى السَّمَاءْ
*********
نَمْ يَا بُنيَّ وَلَا تُشَارِكْني المَرَارَةَ وَالمحَن
نَمْ يَا بُنيَّ فَسَوْفَ أُرْضِعُكَ الجِرَاحَ مَعَ اللَّبن
*********
نَمْ كَيْ أَنَالَ عَلَى يَدَيْكَ مُنىً وَهَبْتُ لَهَا الحَيَاة
يَا مَنْ رَأَى الدُّنيَا وَلَكِنْ مَا رَأَى فِيهَا أَبَاه
*********
سَتَمُرُّ أَعْوَامٌ طِوَالٌ في الأَنِينِ وَفي العَذَابْ
وَأَرَاكَ يَا وَلَدِي قَوِيَّ الجِسْمِ مَوْفُورَ الشَّبَابْ
وَهُنَاكَ تَسْأَلُني كَثِيرَاً عَن أَبِيكَ وَكَيْفَ غَابْ
هَذَا سُؤَالٌ يَا صَغِيرِي لَمْ أُعِدَّ لَهُ جَوَابْ
*********
فَإِذَا عَرَفْتَ جَرِيمَةَ الجَانِي وَمَا اقْتَرَفَتْ يَدَاهْ
فَانْثُرْ عَلَى قَبْرِي وَقَبْرِ أَبِيكَ بَعْضَاً مِنْ دِمَاهْ
*********
لَا تَرْحَمِ الجَاني إِذَا ظَفِرَتْ بِهِ يَوْمَاً يَدَاكْ
فَهْوَ الَّذِي جَلَبَ الشَّقَاءَ لَنَا وَلَمْ يَرْحَمْ أَبَاكْ
*********
لَا تُصْغِ يَا وَلَدِي إِلى مَا لَفَّقُوهُ وَرَدَّدُوهْ
مِن أَنَّهُمْ جَاءُ واْ إِلى الوَطَنِ الذَّلِيلِ فَحَرَّرُوهْ
*********
كَذَبُواْ وَقَالُواْ يَا بُنيَّ عَلَى بُطُولَتِهِ خِيَانَة
وَأَمَامَنَا التَّقْرِيرُ هَا هُوَ عَنهُ يَنْطِقُ بِالإِدَانَة
وَهُمُ الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ الفَرْدَ مِنْ دُونِ الإِلَهْ
وَيُسَبِّحُونَ بِحَمْدِهِ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ الصَّلَاةْ
فَإِلى مَتى وَالظَّالِمُونَ نِعَالُهُمْ فَوْقَ الجِبَاه
كَشِيَاهِ جَزَّارٍ وَهَلْ تَسْتَنْكِرُ الذَّبْحَ الشِّيَاه
مَاتَ الشَّهِيدُ بِنَا فَلَمْ نَسْمَعْ بِصَوْتٍ قَدْ بَكَاهْ
وَسَعَواْ إِلى الشَّاكِي الحَزِينِ فَأَلجَمُواْ بِالرُّعْبِ فَاهْ
*********
حَكَمُواْ بِمَا شَاءُجواْ وَسِيقَ أَبُوكَ في أَصْفَادِهِ
قَدْ كَانَ يَرْجُو رَحْمَةً بِبَنِيهِ مِنْ جَلَاّدِهِ
مَا كَانَ يَا وَلَدِي أَبُوكَ يَخُونُ حُبَّ بِلَادِهِ
لَكِنَّهُ حُكْمُ المُدِلِّ بِجُنْدِهِ وَعَتَادِهِ
*********
هَذَا الَّذِي قَالُوهُ في الإِعْلَامِ مَسْمُومُ المَذَاقْ
لَمْ يَبْقَ مَسْمُوعَاً سِوَى صَوْتِ التَّمَلُّقِ وَالنِّفَاقْ
ثمَّ تَوَجَّهَ الشَّاعِرُ بِالحَدِيثِ إِلى كُلِّ مُسْلِمٍ وَعَرَبيٍّ قَائِلاً:
سَأَظَلُّ أَذْكُرُ صَرْخَةَ المحْزُونِ وَالمُسْتَنْجِدِ
وَهُنَاكَ في فَصْلِ الشِّتَاءِ وَحَوْلَ دِفْءِ المَوْقِدِ
أَرْوِي لأَوْلَادِي الصِّغَارِ حَدِيثَ حُكْمٍ أَسْوَدِ
مَلأَتْ مَرَارَتُهُ فَمِي وَطَوَتْ سَلَاسِلُهُ يَدِيدِ
*********
أَنَاْ يَا أَخِي في مِصْرَ أَرْسُفُ في السَّلَاسِلِ وَالقُيُودْ
قَدْ ضِقْتُ ذَرْعَاً يَا أَخِي بِالمجْدِ وَالعَهْدِ الجَدِيدْ
بِالنَّارِ يحْكُمُنَا الطُّغَاةُ وَبِالمَشَانِقِ وَالحَدِيدْ
نَصَبُواْ لَنَا أَغْلَالَهُمْ فَمَضَتْ تُطَوِّقُ كُلَّ جِيدْ
لَا نَرْتَضِي هَذَا الهَوَانَ وَلَا مُعَامَلَةَ العَبِيدْ
ثمَّ قَالَ مُنَدِّدَاً بِالظَّلَمَةِ وَالطُّغَاةِ الَّذِينَ حَكَمُواْ مِصْرَ آنَذَاك:
إِنيِّ كَفَرْتُ بِمِصْرَ بِالأَهْرَامِ بِالنِّيلِ الحَبِيبْ
في أَرْضِ آبَائِي أَعِيشُ كَأَنَّني فِيهَا غَرِيبْ
*********
أَأَظَلُّ أَمْضِي في الحَيَاةِ بِلَا لِسَانٍ أَوْ فَمِ
أَبْكِي عَلَى حُرِّيَّتي بِالدَّمْعِ أَقْطُرُ وَالدَّمِ
وَأَعِيشُ عَيْشَ الذُّلِّ عَيْشَ العَبْدِ عَيْشَ الأَبْكَمِ
أَلْقَى الهَوَانَ وَأَنحَني لِلْمُسْتَبِدِّ المجْرِمِ
وَأَرَى البِلَادَ ذَلِيلَةً وَأَقُولُ يَا مِصْرُ اسْلَمِي
{الأُنْشُودَةُ بِأَكْمَلِهَا لِلشَّاعِرِ الْعَظِيم / هَاشِمٍ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
وَأَخْتِمُ دُمُوعَ المُسْلِمِينَ بهَذِهِ الْقَصِيدَةِ العَصْمَاء، الَّتي احْتَفَلَ بِمَوْلِدِهَا قَبْلَ أَهْلِ الأَرْضِ أَهْلُ السَّمَاء:
مَا لي وَلِلنَّجْم يَرْعَاني وَأَرْعَاهُ * أَمْسَى كلَانَا يَعَافُ الْغَمْضَ جَفْنَاهُ
إِنيِّ تَذَكَّرْتُ وَالذِّكْرَى مُؤَرِّقَةٌ * مجْدَاً تَلِيدَاً بِأَيْدِينَا أَضَعْنَاهُ
وَأُمَّةٍ حَكَمَتْ كَوْنَاً بِأَكْمَلِهِ * فَأَصْبَحَتْ تَتَوارَى في زَوَايَاهُ
قَالُواْ تَعُودُ إِلى الإِسْلَامِ كَبْوَتُنَا * وَيَظْلِمُ السَّيْفَ مَن خَانَتْهُ كَفَّاهُ
أَنَّى اتَّجَهْتَ إِلى الإِسْلَامِ في بَلَدٍ * تجِدْهُ كَالطَّيرِ مَقْصُوصَاً جَنَاحَاهُ
بِاللهِ سَلْ خَلْفَ بحْرِ الرُّومِ عَن عَرَبٍ * بِالأَمْسِ كَانُواْ هُنَا وَاليَوْمَ قَدْ تَاهُواْ
وَطُفْ بِبَغْدَادَ وَاسْأَلْ عَنْ مَقَابِرِهَا * عَلَّ امْرَأً مِنْ بَني العبَّاسِ تَلْقَاهُ
إِنيِّ لأَشْعُرُ إِذْ أَغْشَى مَعَالِمَهُمْ * بِأَنَّني رَاهِبٌ يَغْشَى مُصَلَاّهُ
تِلْكُمْ مَعَالِمُ خُرْسٌ كُلُّ وَاحِدَةٍ * مِنهُنَّ قَامَتْ خَطِيبَاً فَاغِرَاً فَاهُ
اللهُ يشْهَدُ مَا قَلَّبْتُ سِيرَتَهُمْ * يَوْمَاً وَأَخْطَأَ دَمْعُ الْعَيْنِ مجْرَاهُ
أَيْنَ الرَّشِيدُ وَقَدْ مَرَّ الغَمَامُ بِهِ * فَحِينَ جَاوَزَهُ قُدُمَاً تحَدَّاهُ
مَاضٍ تَعِيشُ عَلَى أَنْقَاضِهِ أُمَمٌ * وَتَسْتَمِدُّ القُوَى مِن وَحْيِ ذِكْرَاهُ
لَا دَرَّ دَرُّ امْرِئٍ يُطْرِي أَوَائِلَهُ * فَخْرَاً وَيُطْرِقُ إِنْ سَاءَ لْتَهُ مَا هُو
اسْتَرْشَدَ الغَرْبُ مَاضِيَهُ فَأَرْشَدَهُ * وَنحْنُ كَانَ لَنَا مَاضٍ نَسِينَاهُ
مَا بَال شَمْلِ بِلَادِ العُرْبِ مُنْصَدِعَاً * رَبَّاهُ وَحِّدْ صُفُوفَ العُرْبِ رَبَّاهُ
{محْمُود غُنَيْم 0 بِتَصَرُّف}
مَتى تخْرُجُ مِن أَصْلَابِ المُسْلِمِين؛ يَا صَلَاحَ الدِّين؟
عَن أَبي عِنَبَةَ الخَوْلَانِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا يَزَالُ اللهُ يَغْرِسُ في هَذَا الدِّينِ غَرْسَاً؛ يَسْتَعْمِلُهُمْ في طَاعَتِه " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 8]
مَنْ مِنَّا نَسِيَ قُطُز 00؟ أَوْ خَالِدَ بْنَ الوَلِيد 00؟ أَوِ العِمْلَاقَ صَلَاحَ الدِّين، قَاهِرَ الصَّلِيبِيِّين 00؟
نَادَيْتُهُ قُمْ لَنَا نحْتَاجُكَ الآنَا * فَفِي غِيَابِكَ فَاضَ النَّهْرُ أَحْزَانَا
وَأَقْفَرَ الرَّوْضُ وَارْتَاعَتْ بَلَابِلُهُ * أَنَّى نَظَرْنَا نَرَى بُومَاً وَغِرْبَانَا
مَرَارَةُ الذُّلِّ مَلَّتْ مِنْ بَلَادَتِنَا * وَهَلْ يَحُسُّ بِطَعْمِ الذُّلِّ مَن هَانَا
فَقَالَ هَبْ أَنَّني لَبَّيْتُ دَعْوَتَكُمْ * وَجِئتُ أَقْطَعُ تَارِيخَاً وَأَزْمَانَا
وَقُمْتُ مِنْ مَرْقَدِي حَتىَّ أُعَاوِنَكُمْ * لِكَيْ نُعِيدَ مِنَ الأَمجَادِ مَا كَانَا
هَلْ تَقْبَلُونَ مجِيئِي في بِلَادِكُمُ * وَهَلْ أَعُودُ كَمَا قَدْ كُنْتُ سُلْطَانَا
لأَبْنيَ الجَيْشَ بَدْءَاً مِن عَقِيدَتِهِ * وَأَشْحَذَ العَزْمَ إِخْلَاصَاً وَإِيمَانَا
أُثِيرُ في النَّاسِ طَاقَاتٍ مُعَطَّلَةً * وَأَنْصِبُ العَدْلَ بَينَ النَّاسِ مِيزَانَا
أُوَسِّدُ الأَمْرَ لِلأَتْقَى وَأُنْصِفُهُ * وَلَا أُقِيمُ عَلَى الأَغْنَامِ ذُؤبَانَا
أَخْتَارُ حَاشِيَةً بِاللهِ مُؤْمِنَةً * فَلَسْتُ فِرْعَوْنَ كَيْ أَحْتَاجَ هَامَانَا
وَقَالَ لي وَالأَسَى يَكْسُو مَلَامحَهُ * وَلَا يُطِيقُ لهَوْلِ الخَطْبِ كِتمَانَا
مَنْ في المُلُوكِ سَيُعْطِيني دُوَيْلَتَهُ * وَهَلْ سَأَلْقَى عَلَى ذَا الأَمْرِ أَعْوَانَا
وَلَوْ تَمَسَّكَ بي مِنْ بَيْنِكُمْ نَفَرٌ * وَأَصْبَحُواْ في سَبِيلِ القُدْسِ فُرْسَانَا
هَلْ يَسْمَحُونَ بحِزْبٍ تِلْكَ دَعْوَتُهُ * هَلْ يَقْبَلُونَ صَلَاحَ الدِّينِ عُنوَانَا
وَقَالَ لي إِنَّكُمْ بِعْتُمْ قَضِيَّتَكُمْ * بِاسْمِ السَّلَامِ فَذُوقُواْ الذُّلَّ أَلْوَانَا
إِن عُدْتُ سَيْفِي سَيُلْقَى في مَتَاحِفِكُمْ * أَمَّا حِصَاني فَلَنْ يَرْتَادَ مَيْدَانَا
وَرُبّمَا قَدْ دَفَعْتُمْ لِلسِّبَاقِ بِهِ * أَوْ بِعْتُمُوهُ لِشَرِّ الخَلْقِ إِنْسَانَا
وَقَدْ يمُوتُ اكْتِئَابَاً في مَزَارِعِكُمْ * وَالعَجْزُ يَفْتِكُ بِالأَحْرَارِ أَحْيَانَا
أَمَّا أَنَا رُبَّمَا قَامَتْ صَحَافَتُكُمْ * بحَمْلَةٍ تَزْدَرِي عَهْدِي الَّذِي كَانَا
وَرُبمَا أَلْصَقُواْ بي أَيَّ مَنْقَصَةٍ * وَصَيَّرُوني أَمَامَ النَّاسِ خَوَّانَا
فَهَلْ تُرِيدُ صَلَاحَ الدِّينِ يَا وَلَدِي * حَتىَّ يُقَدَّمَ لِلأَعْدَاءِ قُرْبَانَا
المُسْلِمُونَ قَادِمُون؛ يَا أَبْنَاءَ صِهْيُون
إِنيِّ لأُوشِكُ أَن أَعْتَدَّ وِحْدَتَنَا * دِينَاً وَأَنَّ افْتِرَاقَ الشَّمْلِ إِلحَادُ
مَا عُذْرُنَا إِنْ بَقِينَا أُمَّةً شِيَعَاً * لِكُلِّ جَيْشٍ بِهَا جُنْدٌ وَقُوَّادُ
في كُلِّ وَادٍ لِلاِسْتِعْمَارِ قَاعِدَةٌ * لَهَا أَسَاسَانِ تَدْمِيرٌ وَإِفْسَادُ
عَجَائِبُ الدَّهْرِ لَا تُحْصَى وَأَعْجَبُهَا * أَنْ يُخْلِيَ الْغَابَ لِلذُّؤْبَانِ آسَادُ
كَادَ الأَعَادِي لَنَا يَوْمَ اللِّقَاءِ وَلَوْ * أَنَّا وَقَفْنَا لَهُمْ صَفَّاً لَمَا كَادُواْ
الضَّعْفُ أَوْجَدَ إِسْرَائِيلَ مِن عَدَمٍ * وَلَنْ يَدُومُ لإِسْرَائِيلَ إِيجَادُ
وَإِنَّمَا الْقَدَرُ المحْتُومُ لَاحِقُهُمْ * يَوْمَاً وَلِلْقَدَرِ المحْتُومِ مِيعَادُ
إِنيِّ أُسِيءُ إِلى الأَوْغَادِ قَاطِبَةً * إِنْ قُلْتُ عَن عُصْبَةِ الصِّهْيُونِ أَوْغَادُ
هُمْ أَحْرَزُواْ النَّقْصَ حَتىَّ مَا لِغَيرِهِمُ * في النَّقْصِ نُونٌ وَلَا قَافٌ وَلَا صَادُ
أَبْنَاءَ يَعْرُبَ ذُودُواْ عَنْ كَرَامَتِكُمْ * إِنَّ الكَرِيمَ عَنِ الأَعْرَاضِ ذَوَّادُ
الَّلَاجِئُونَ سِقَامٌ في مَفَاصِلِنَا * وَلَا شِفَاءَ لَهُ إِلَاّ إِذَا عَادُواْ
أَلقُواْ بِصِهْيُونَ في عُرْضِ الفَلَاةِ فَهُمْ * مِن عَهْدِ فِرْعَوْنَ أَفَّاقُونَ شُرَّادُ
يَا يَوْمَ رَدِّ فِلَسْطِينَ السَّلِيبَةِ مَا * لِلْعُرْبِ غَيرُكَ في الأَيَّامِ أَعْيَادُ
لَا يحْسَبُ القَوْمُ أَنَّ نِسَاءَ نَا عَقِمَتْ * شَعْبُ العُرُوبَةِ لِلأَبْطَالِ وَلَاّدُ
لَا زَالَ فِينَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِنَا * لِخَالِدٍ وَصَلَاحِ الدِّينِ أَنْدَادُ
في السِّلْمِ لَوْ سُئِلُواْ أَمْوَالَهُمْ بَذَلُواْ * في الحَرْبِ لَوْ سُئِلُواْ أَرْوَاحَهُمْ جَادُواْ
يَا ابْنَةَ الإِسْلَامِ يَا أَنْدَلُسِيَّة * لَمْ تَزَلْ فِيكِ مِنَ الْعُرْبِ بَقِيَّة
حُرَّةٌ شَامخَةُ الرَّأْسِ أَبِيَّة * لَمْ تُفَرِّقْهَا مَسَاعٍ أَجْنَبِيَّة
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي بِتَصَرُّف}
وَمِمَّا كَتَبْتُهُ تَعْلِيقَاً عَلَى خَبرِ الإِعْلَانِ عَنْ قِيَامِ الدَّوْلَةِ الفِلَسْطِينِيَّة:
إِنَّ المُشْكِلَةَ لَيْسَتْ في كَلِمَةٍ تُقَال، أَوْ صَيْحَةٍ تُطْلَق، وَإِنَّمَا هِيَ في حَالٍ مَرِير، يحْتَاجُ إِلى تَغْيِير 00
وَهَلْ يخْرِجُ الأَمْوَاتَ مِن أَجْدَاثِهِمْ * إِذَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ القُصُورِ المَقَابِرُ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
أَمَّا المُغَفَّلُونَ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُونَ عَنِ السَّلَامِ وَالصُّلْح؛ أَيُّ سَلَامٍ مَعَ مَنْ تَعَدَّواْ عَلَى المُقَدَّسَاتِ وَالأَعْرَاضِ وَالحُرُمَات 00؟!
طَرِيقُ الْعَوْدَة
إِنَّ ضَعْفَ المُسْلِمِينَ الْيَوْمَ لَمْ يَعُدْ عَلَيْنَا خَافِيَاً، شِئْنَا أَمْ أَبَيْنَا 00
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِين، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ في قَوْمٍ قَطُّ حَتىَّ يُعْلِنُوا بِهَا؛ إِلَاّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ في أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا المِكْيَالَ وَالمِيزَانَ إِلَاّ أُخِذُواْ بِالسِّنِين؛ وَشِدَّةِ المَئُونَة،
وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُواْ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ؛ إِلَاّ مُنِعُواْ الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاء، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُواْ، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِه؛ إِلَاّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِن غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُواْ بَعْضَ مَا في أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ الله، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ الله؛ إِلَاّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ " 0 [صَحَّحَهُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ وَفي سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ بِأَرْقَام: 7978، 106، 4019]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:" إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَر، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْع، وَتَرَكْتُمُ الجِهَاد؛ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لَا يَنْزِعُه، حَتىَّ تَرْجِعُواْ إِلى دِينِكُمْ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (423، 11)، وَفي سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ بِرَقْم: 3462]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا ظَهَرَ الزِّنَا وَالرِّبَا في قَرْيَةٍ؛ فَقَدْ أَحَلُّواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَذَابَ الله " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 2261، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (681)، رَوَاهُ الطَّبَرَنيّ]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ في الأَرْض؛ أَنْزَلَ اللهُ بَأْسَهُ بِأَهْلِ الأَرْض، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ قَوْمٌ صَالحُون؛ يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاس، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلى رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (682، 1372)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ وَأَبُو نُعَيْم]
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالمَعَاصِي يَقْدِرُونَ أَنْ يُغَيِّرُواْ عَلَيْهِمْ وَلَا يُغَيِّرُواْ إِلَاّ أَصَابَهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ قَبْلَ أَنْ يَمُوتُواْ " 0
[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّانَ بِرَقْم: 300]
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة
لَقَدْ قَالَ اللهُ: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة} {الأَنْفَال/60}
فَأَعْدَدْنَا الرَّقْصَ وَالطَّرَب، وَقِلَّةَ الحَيَاءِ وَسُوءَ الأَدَب، فَلَا غَرَابَةَ فِيمَا أَصَابَنَا وَلَا عَجَب 00
عَن أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَا تَرَكَ قَوْمٌ الجِهَادَ إِلَاّ عَمَّهُمُ اللهُ بِالْعَذَاب " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (2663)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط]
فَالجَبَان؛ لَيْسَ لَهُ مَكَان، في هَذَا الزَّمَان 00
وَمَنْ ضَمَّ في جَنْبَيْهِ قَلْبَ نَعَامَةٍ * فَلَا يَنْتَظِرْ إِلَاّ وُثُوبَ الضَّرَاغِمِ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
حَقٌّ بِأَقْصَى العَالَمِينَ وَقُوَّةٌ * يَتَنَازَعَانِ فَمَن هُنَاكَ الفَائِزُ
قَالُواْ السَّلَامُ فَقُلْتُ بِضْعَةُ أَحْرُفٍ * أَمَّا طِبَاعُ النَّاسِ فَهْيَ غَرَائِزُ
مَا دُمْتَ في دُنيَاكَ صَاحِبَ قُوَّةٍ * فَجَمِيعُ مَا تَهْوَاهُ شَيْءٌ جَائِزُ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر 0 بِتَصَرُّف}
فَإِنيِّ رَأَيْتُ الحَقَّ إِنْ لَمْ تُتَحْ لَهُ * كَتَائِبُ يخْشَى بَأْسُهَا فَهْوَ بَاطِلُ
فَلَا تحْسَبنَّ الحَقَّ يَنْفَعُ وَحْدَهُ * إِذَا مِلْتَ عَنهُ فَهْوَ لَا شَكَّ مَائِلُ
لَعَمرُكَ لَوْ أَغْنى عَنِ الحَقِّ أَنَّهُ * هُوَ الحَقُّ مَا قَامَ الرَّسُولُ يُقَاتِلُ
مِنَ العَقْلِ أَنْ لَا يَطْلُبَ الحَقَّ عَاجِزٌ * فَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ البَسِيطَةِ عَادِلُ
فَهَلَاّ نَهَضْتُمْ كُلُّكُمْ وَكَأَنَّمَا * سَيَقْتُلْكُمُ الأَعْدَاءُ إِنْ لَمْ تُقَاتِلُواْلُ
مَن عَاشَ بَينَ الكلَابْ * لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَابْ
وَمَنْ لَا ظُفْرَ لَهُ * تَظْفَرُ بِهِ الذِّئَابْ
{فِكْرَةٌ لأَمِيرِ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي قُمْتُ بِنَظْمِهَا عَلَى بحْرٍ آخَر}
هَلْ بَاتَ يُغْني أَنْ يُقَالَ لَهَا اسْلَمِي * إِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَاسْلَمِي ثُمَّ اسْلَمِي
يَا قَوْمِ إِنَّ اللهَ جل جلاله * لَا يَسْتَجِيبُ إِلى دُعَاءِ النُّوَّمِ
اليَوْمَ أَلْسِنَةُ المَدَافِعِ وَحْدَهَا * مَقْبُولَةُ الدَّعَوَاتِ طَاهِرَةُ الفَمِ
وَالأَرْضُ لِلأَقْوَى المُنَاضِلِ وَحْدَهُ * لَيْسَتْ لأَتْقَاهُمْ وَلَا لِلأَعْلَمِ
وَالحَقُّ لَيْسَ بِبَالِغٍ جُودِيَّهُ * حَتىَّ نجُودَ لَهُ بِطُوفَانِ الدَّمِ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر}
فَلَقَدْ أَصْبَحْنَا نَعِيشُ في عَالَم؛ مَلِيءٍ بِالمَظَالِم 00!!
وَطَني طَرِيحٌ كَالمُصَابِ بِفَرْشِهِ * وَالدَّاءُ يَطْلُبُ مِبْضَعَاً لَا مَرْهَمَا
قَالُواْ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَفْظٌ لَمْ أَجِدْ * عَنهُ كَأَلْسِنَةِ اللهِيبِ مُتَرْجِمَا
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
لَمْ أَلْقَ أَعْدَلَ مِنْ قَذِيفَةِ مِدْفَعٍ * حُكْمَاً وَأَخْطَبَ مِنْ لِسَانِ النَّارِ
*********
نَارٌ عَلَى جَنَبَاتِ النِّيلِ تحْتَدِمُ * فَلْيُنْصِفِ السَّيْفُ إِنْ لَمْ يُنْصِفِ الكَلِمُ
إِنيِّ رَأَيْتُ طِلَابَ الحَقِّ مَضْيَعَةً * لِلْوَقْتِ إِنْ لَمْ تَذُدْ عَن حَوْضِهِ الهِمَمُ
*********
قُلْنَا وَأَصْغَى السَّامِعُونَ طَوِيلَا * خَلُّواْ المَنَابِرَ لِلسُّيُوفِ قَلِيلَا
لُغَةُ الأَعَادِي مِنْ دَمٍ أَحْبَارُهَا * فَلتَقْرَءُ واْ دِيوَانَ إِسْرَائيلَا
قَالُواْ مُفَاوَضَةٌ فَقُلْتُ لَهُمْ مَتى * أَجْدَتْ مُفَاوَضَةُ اللِّئَامِ فَتِيلَا
سَئِمَ الفُؤَادُ الزُّورَ وَالتَّضْلِيلَا * لَا نَرْتَضِي غَيْرَ الجِهَادِ سَبِيلَا
سَبْعُونَ عَامَاً بِالمَذَلَّةِ قَدْ مَضَتْ * نَشْكُو عَدُوَّاً في البِلَادِ نَزِيلَا
كِدْنَا إِذَا ذَكَرَ الجَلَاءَ تَكَرُّمَاً * نَجْرِي لِنُوسِعَ كَفَّهُ تَقْبِيلَا
قَتَلُواْ الشُّيُوخَ العَاجِزِينَ وَأَعْمَلُواْ * في النِّسْوَةِ التَّعْذِيبَ وَالتَّنْكِيلَا
وَلَرُبَّ طِفْلٍ مُزِّقَتْ أَوْصَالُهُ * قَدْ أَمْطَرُوهُ بِالرَّصَاصِ سُيُولَا
يَا أُخْتَ عَمُّورِيَّةٍ لَبَّيْكِ قَدْ * دَقَّتْ حُمَاتُكِ لِلْحُرُوبِ طُبُولَا
نَادَيْتِ مُعْتَصِمَاً فَكَانَ جَوَابُهُ * جَيْشَاً شَرُوبَاً لِلدِّمَاءِ أَكُولَا
يَتَسَابَقُونَ إِلى الطِّعَانِ كَأَنَّمَا * يَجِدُونَ مُرَّ مَذَاقِهِ مَعْسُولَا
الطَّعْنَةُ النَّجْلَاءُ تَحْكِى عِنْدَهُمْ * طَرْفَاً غَضِيضَاً جَفْنُهُ مَكْحُولَا
وَيَكَادُ يَحْسِبُهَا الجَرِيحُ بِجِسْمِهِ * ثَغْرَاً فَيُومِئُ نَحْوَهُ تَقْبِيلَا
مَا كَانَ بِالأَلْفَاظِ جَرْسُ جَوَابِهِ * بَلْ كَانَ قَعْقَعَةً وَكَانَ صَلِيلَا
فَلَقَدْ بَحَثْتُ عَنِ السَّلَامِ فَلَمْ أَجِدْ * كَإِرَاقَةِ الدَّمِ بِالسَّلَامِ كَفِيلَا
يَا قَوْمِ جِدُّواْ وَاعْمَلُواْ فَعَدُوُّنَا * لَا يَعْرِفُ التَّصْفِيقَ وَالتَّهْلِيلَا
السَّيْفُ مِفتَاحُ الطَّرِيقِ إِلى العُلَا * تَعِسَ الَّذِي يَبْغِي سِوَاهُ بَدِيلَا
مَنْ يَسْتَدِلُّ عَلَى الحُقُوقِ فَلَنْ يَرَى * مِثْلَ السُّيُوفِ عَلَى الحُقُوقِ دَلِيلَا
نَعَمْ غَضِبَتْ أُمَّتُنَا، وَلَكِنْ لِلأَسَف:
فَمَا افْتَرَقَتْ لِغَضْبَتِهِ الثُّريَّا * ولَا اجْتَمَعَتْ لِذَاك بَنَاتُ نَعْشٍ
لَيْسَ بِالمُظَاهَرَاتِ وَالشِّعَارَات، وَلَكِنْ بِالَاخْتِرَاعَاتِ وَالمُبْتَكَرَات
هَلْ بِالمُظَاهَرَاتِ وَالهُتَافَاتِ سَنُعِيدُ حُقُوقَنَا 00؟!
عَرَفَ العَالَمُ كُلُّهُ أَنَّنَا غِضَابٌ لِمَا يحْدُثُ في فِلَسْطِين، لَكِنَّهَا عَفْوَاً غَضْبَةُ القِطَط، لَا غَضْبَةَ الأُسُود؛ فَمَاذَا فَعَلَ الفِلِسْطِينِيُّونَ بِغَضَبِنَا 00؟!
تحْلُو ليَ الإِجَابَةُ بِهَذِهِ القَصِيدَةِ الجَذَّابَة، الَّتي قَالَهَا شَاعِرُنَا الأَكْبر / الأُسْتَاذ محَمَّدٌ الأَسْمَر؛ عِنْدَمَا خَرَجَتْ جُمُوعُ المِصْرِيِّينَ تُنَدِّدُ بِالَاحْتِلَال، وَتُبَارِكُ جُهُودَ الحُكُومَةِ لحُصُولِهَا مِنَ المحْتَلِّ عَلَى تَصْرِيح [28] فَبرَايِر الكَذَّاب، الَّذِي ظَاهِرُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَبَاطِنُهُ فِيهِ العَذَاب، فَقَالَ هَذَا الشَّاعِرُ يُنَبِّهُ الشَّبَاب:
وَيْحَ الَّذِينَ اسْتَعْذَبُواْ أَوْهَامَهُمْ * وَمَشَواْ وَرَاءَ زَخَارِفِ الأَقْوَالِ
هَلَاّ سَمِعْتُمْ أَوْ رَأَيْتُمْ أُمَّةً * نَالَتْ مَآرِبَهَا بِغَيرِ قِتَالِ
قَالُواْ اسْتَقَلَّ النِّيلُ قُلتُ كَذَبْتُمُ * يَا نِيلُ هَلْ أَحْسَسْتَ بِاسْتِقْلَالِ
مَا كُلُّ شَعْبٍ مُسْتَقِلٍّ مُطْلَقَاً * بَلْ بَعْضُ الَاسْتِقْلَالِ طَيْفُ خَيَالِ
بِالجَيْشِ تَمْتَنِعُ البِلَادُ وَهَلْ تَرَى * مِن غَابَةٍ عَزَّتْ بِلَا رِئْبَالِ
فَابْنُواْ مِنَ الأَفْعَالِ أَعْظَمَ دَوْلَةٍ * وَدَعُواْ المَقَالَ فَلَاتَ حِينَ مَقَالِ
ضُمُّواْ الصُّفُوفَ إِلى الصُّفُوفِ وَجَنِّبُواْ * أَرْضَ العُرُوبَةِ ثَوْرَةَ الجُهَّالِ
لَمْ يجْلِبِ المُتَظَاهِرُونَ عَلَى الحِمَى * شَيْئَاً سِوَى الفَوْضَى وَسُوءِ الحَالِ
وَاسْمَعْ إِلَيْهِ وَهُوَ يَتَهَكَّمُ عَلَى بَعْضِ شِعَارَاتِهِمْ، الَّتي جَعَلُوهَا شُغْلَهُمُ الشَّاغِل: وَهِيَ مُقَاطَعَةُ بَضَائِعِ المُسْتَعْمِر، وَبَدَلاً مِن أَنْ تُصْبِحَ بَعْضَ حُلُولهِمْ صَارَتْ كُلَّ حُلُولهِمْ:
النَّصْرُ في الأَسْوَاقِ لَا في غَيرِهَا * وَأَرَى قِتَالَ السُّوقِ خَيرَ قِتَالِ
ظَهَرَتْ مَيَادِينُ القِتَالِ فَحَارِبُواْ * أَعْدَاءَكُمْ فِيهَا بِسَيْفِ المَالِ
وَدَعُواْ تجَارَتهُمْ فَلَا تَتَعَامَلُواْ * مَعْهُمْ بِقِنْطَارٍ وَلَا مِثْقَالِ
فَشِلَ الجِدَالُ فَهَيِّؤُواْ لِبِلَادِكُمْ * عَمَلاً نُؤَدِّيهِ بِغَيرِ جِدَالِ
لَوْ أَنَّ قَوْمَاً أَدْرَكُواْ آمَالَهُمْ * بِالقَوْلِ نِلْنَا أَعْظَمَ الآمَالِ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر 0 بِتَصَرُّف}
فَإِذَا الضَّلَالُ طَغَى عَلَى صَوْتِ الهُدَى * فَالسَّيْفُ بَعْضُ وَسَائِلِ الإِقْنَاعِ
*********
مَتى تَنْتَظِرْ مِنْ دَوْلَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ * مُؤَازَرَةً تُمْسِكْ بِأَوْهَامِ حَالِمِ
فَكُلُّهُمُ في الجَوْرِ غَرْبٌ وَتحْتَهُمْ * يُعَالِجُ محْكُومٌ سَلَاسِلَ حَاكِمِ
لُصُوصٌ عَلَى أَدْنى خِلَافٍ تَرَاهُمُ * عَلَا صَوْتهُمْ حَوْلَ اقْتِسَامِ الغَنَائِمِ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي 0 بِتَصَرُّفٍ في الْبَيْتِ الأَخِير}
وَكَعْكَةُ العِرَاقِ خَيرُ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِك 00
لَا زَالَ هَذَا العِلْجُ يحْسِبُ أَنَّنَا * بَقَرٌ تُدِرُّ عَلَيْهِ بِالأَلْبَانِ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
وَكَأَنيِّ بِالعِرَاقِيِّينَ لَوِ اسْتُنْطِقُواْ لَنَطَقُواْ قَائِلِينَ في هَؤُلَاءِ الْقَرَاصِنَة:
يَلُومُونَنَا جَهْلاً بحُبِّ انْجِلْتِرَا * وَنحْنُ لَعَمْرِي اليَوْمَ بِالحُبِّ أَخْلَقُ
أَمِنَّا اللُّصُوصَ بِهَا عَلَى أَوْطَانِنَا * فَمَا تَرَكَتْ شَيْئَاً بِبَغْدَادَ يُسْرَقُ
{إِلْيَاس فَرَحَات}
وَطَمَعُ الغَرْبِ في بِلَادِ المَشْرِقِ لَيْسَ غَرِيبَاً وَلَا جَدِيدَاً، فَقَبْلَ أَنْ يَطْمَعُواْ في العِرَاق؛ طَمِعُواْ مِنْ قَبْلُ في قَنَاةِ السُّوَيْسِ المِصْرِيَّة، وَاسْتَكْثَرُوهَا عَلَى المِصْرِيِّين، وَكُلُّنَا يَذْكُرُ العُدْوَانَ الثُّلَاثِيَّ عَلَى مِصْر، وَمِن أَرْوَعِ مَا قِيلَ في هَذَا العُدْوَانِ الغَاشِمِ قَوْلُ هَاشِمٍ الرِّفَاعِي:
بمِدْفَعِهِ المَغْرُورُ قَدْ صَالَ وَاعْتَدَى * وَرَاحَ عَلَيْنَا بِالقَذَائِفِ وَاغْتَدَى
وَحِينَ كَشَفْنَا لِلأَنَامِ قِنَاعَهُ * وَعُرِّيَ عَنْ ثَوْبِ الدَّهَاءِ الَّذِي ارْتَدَى
أَقَامَ لَنَا النِّيرَانَ في كُلِّ مَوْطِنٍ * وَإِنْ تَكُ نَارَاً قَدْ أَضَاءَتْ لَنَا الغَدَا
وَحَاوِلُ بِالتَّهْدِيدِ إِذْلَالَ أُمَّةٍ * وَإِلْقَاءَ شَعْبٍ في الهَوَانِ وَفي الرَّدَى
تخَاذُلُنَا وَلَّى مَعَ الأَمْسِ لَمْ نَعُدْ * عَبِيدَاً وَكَمْ ذَا يَصْنَعُ الخَوْفُ سَيِّدَا
قَنَاتي وَفي أَرْضِي وَجَدِّي لحَفْرِهَا * أَكَبَّ عَلَى الصَّحْرَاءِ بِالفَأْسِ مجْهَدَا
وَفَوْقَ ثَرَاهَا فَاضَ مَاءُ جَبِينِهِ * وَأَدْمَى لَهُ جَلَاّدُهُ الظَّهْرَ وَاليَدَا
فَلَا صَلُحَتْ هَذِي القَنَاةُ وَلَا جَرَتْ * لِصَالِحِ قَوْمٍ لَا يَمُرُّونَ سُجَّدَا
كَذَلِكَ نَحْمِي النِّيلَ مِنْ كُلِّ طَامِعٍ * وَنَسْعَى إِلى الهَيْجَاءِ كَهْلاً وَأَمْرَدَا
طَلَبْنَا حَيَاةً في سَلَامٍ فَلَمْ نجِدْ * مجَالاً لِكَيْ يَبْقَى لَنَا السَّيْفُ مُغْمَدَا
وَوَضْعُ النَّدَى في مَوْضِعِ السَّيْفِ مُفْسِدٌ * تمَامَاً كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النَّدَى
وَقَالَ أَيْضَاً مُرَحِّبَاً بِإِلغَاءِ مُعَاهَدَةِ {1936} وَمُنَدِّدَاً بِالمُسْتَعْمِرِ الإِنجِلِيزِيِّ قَائِلاً:
نَبْعُ الجِهَادِ يَفِيضُ مِنْ وَادِيكِ * وَسَنَا الخُلُودِ يَشِعُّ مِنْ مَاضِيكِ
وَإِلَيْكِ يَنْتَسِبُ الفَخَارُ وَكَيْفَ لَا * يَا مِصْرُ وَالنِّيلُ العَظِيمُ أَبُوكِ
شَيَّدْتِ لِلدُّنيَا صُرُوحَ حَضَارَةٍ * وَأَنَارَ لَيْلَ العَالَمِينَ بَنُوكِ
وَبِصَفْحَةِ التَّارِيخِ كَمْ لَكِ أَحْرُفٍ * قَدْ سَطَّرُوهَا بِالدَّمِ المَسْفُوكِ
لَكِ في سِجِلِّ المجْدِ ذِكْرٌ مُشْرِقٌ * سَيَظَلُّ تَاجَاً خَالِدَاً يَعْلُوكِ
لَوْ تَنْطِقُ الأَهْرَامُ يَوْمَاً لَانْبرَتْ * تَرْوِي حَدِيثَ المجْدِ عَن أَهْلِيكِ
فَإِلَامَ نَخْضَعُ أَوْ نَلِينُ لِعُصْبَةٍ * يَا مِصْرُ في الأَغْلَالِ قَدْ وَضَعُوكِ
إِنَّا لَنَأْبى أَنْ نَعِيشَ أَذِلَّةً * وَيَظَلُّ وَادِي النِّيلِ كَالمَمْلُوكِ
لعِصَابَةٍ لِلسُّوءِ عَاشُواْ عَالَةً * في كُلِّ قُطْرٍ عِيشَةَ الصُّعْلُوكِ
ثُمَّ يُخَاطِبُ إِنْجِلْتِرَا قَائِلاً:
أَوَلَيْسَ في " دِنْكَرْكَ " فِتْيَةُ هِتْلَرٍ * يَا دَوْلَةَ الجُبَنَاءِ قَدْ صَفَعُوكِ
لَوْلَا مُؤَازَرَةٌ مِنَ الحُلَفَاءِ مَا * نِلْتِ المُنى يَا لَيْتَهُمْ تَرَكُوكِ
يَا مِصْرُ لَمْ تَكُنِ المُعَاهَدَةُ الَّتي * قُطِعَتْ سِوَى قَيْدٍ لَنَا محْبُوكِ
حَتىَّ اسْتَبَانَ النُّورُ وَانْقَشَعَ الدُّجَى * وَعَرَفْتِ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَدَعُوكِ
*********
أُوْلَئِكَ تُجَّارُ الحُرُوبِ إِذَا مَحَواْ * بِتَضْلِيلِهِمْ لِلنَّاسِ شَرَّاً تَجَدَّدَا
تَرَنَّحَ رُكْنُ الأَمْنِ تحْتَ لِوَائِهِمْ * وَإِنْ شَغَلُواْ في مجْلِسِ الأَمْنِ مَقْعَدَا
تَتَبَّعْ طِبَاعَ الغَرْبِ في غيْرِهِ تجِدْ * تَشَاحُنَ أَطْمَاعٍ ولُؤْمَاً مُجَسَّدَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
هَيْئَةُ الرِّمَمِ المُتَّحِدَة
إِنَّ الأُمَمَ المُتَّحِدَةَ لَوْ كَانَتْ صَانِعَةً شَيْئَاً لَصَنَعَتْ لِلفِلَسْطِينِيِّين، أَوْ لِلْعِرَاقِيِّين؛ لَكُمُ اللهُ يَا أَحْبَاب 0
أَوَتِ الذِّئَابُ إِلى مَضَاجِعِكُمْ وَأَنْتُمْ بِالْعَرَاءْ
وَعُيُونُكُمْ حَيرَى تُفَتِّشُ عَنْ مَفَاتِيحِ الرَّجَاءْ
وَقُلُوبُكُمْ وَلْهَى مُسَعَّرَةٌ تَفُورُ بِهَا الدِّمَاءْ
صَدَّقْتُمُ بَعْضَ الْوُعُودِ وَمَا الْوُعُودُ سِوَى هُرَاءْ
{إِلْيَاس فَرَحَات}
وَتَأَلَّفَتْ دَارُ الْقَضَاءِ وَكَانَ مِنْ مَأْسَاتِهَا
أَنَّ الأُلىَ ارْتَكَبُواْ الجَرِيمَةَ مِنْ كِبَارِ قُضَاتِهَا
لَا دَرَّ دَرُّ يَوْمٍ اتخَذْنَا فِيهِ المُضِلِّينَ عَضُدَا 00
لَمَّا سَأَلْتُ عَنِ الحَقِيقَةِ قِيلَ لي * الحَقُّ مَا اتَّفَقَ السَّوَادُ عَلَيْهِ
فَعَجِبْتُ كَيْفَ ذَبحْتُ ثَوْرِيَ في الضُّحَى * وَالهِنْدُ سَاجِدَةٌ هُنَاكَ لَدَيْه
أَنُجِيزُ حُكْمَ الأَكْثَرِيَّةِ مِثْلَمَا * يَرْضَى الصَّغِيرُ الظُّلْمَ مِن أَبَوَيْهِ
إِمَّا لِغُنمٍ يَرْتجِيهِ مِنهُمَا * أَوْ خِيفَةً مِن أَنْ يُسَاءَ إِلَيْهِ
وَكَأَنِّي بِقَائِلٍ؛ يَسْتَنْكِرُ عَلَيْنَا حَتىَّ الدُّعَاءَ عَلَيْهِمْ؛ وَهَذَا أَقُولُ لَهُ: يَا مَنْ تُنَاقِشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيد؛ إِنَّكَ لأَنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيد 00
اسْكُتْ فَلَمْ تَرَ عَيْنَاكَ الَّذِي صَنَعَتْ * ذَاتُ الأَسَاطِيلِ مِن أَهْوَالِهَا فِينَا
أَجْرَتْ مَرَاكِبَهَا مَشْحُونَةً قَذَرَاً * وَأَفْرَغَتْهَا يَهُودَاً في فِلَسْطِينَا
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
طَبِيعَةُ اليَهُود
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يخْنَزِ اللَّحْم، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُن أُنْثَى زَوْجَهَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3399 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1470 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَوْ آمَنَ بي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ لآمَنَ بي اليَهُود " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3941 / فَتْح]
وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَيْضَاً في رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَوْ تَابَعَني عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُود؛ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُودِيٌّ إِلَاّ أَسْلَم " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2793 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ اليَهُودَ كَانُواْ يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: سَامٌ عَلَيْك، ثُمَّ يَقُولُونَ في أَنْفُسِهِمْ: لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُول؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة: {وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ في أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِير} {المجَادَلَة/8} " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 6589، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ يَهُودِيَّاً رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْن، قِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ 00؟ أَفُلَان 00؟
أَفُلَان 00 حَتىَّ سُمِّيَ اليَهُودِيّ 00؟
فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ فَاعْتَرَف؛ فَأَمَرَ بِهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُضَّ رَأْسُهُ بَينَ حَجَرَيْن " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2413 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1672 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: عَدَا يَهُودِيٌّ في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَارِيَة، فَأَخَذَ أَوْضَاحَاً كَانَتْ عَلَيْهَا ـ أَيْ أَخَذَ حُلِيَّهَا ـ وَرَضَخَ رَأْسَهَا، فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ في آخِرِ رَمَقٍ وَقَدْ أُصْمِتَتْ ـ أَيْ أُسْكِتَتْ ـ فَقَالَ لهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ قَتَلَكِ 00 فُلَان " 00 لِغَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا 00؟
فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا 00؟
فَأَشَارَتْ أَنْ لَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَفُلَانٌ " لِقَاتِلِهَا 00؟
فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْن " [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5295 / فَتْح]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" قَاتَلَ اللهُ اليَهُود؛ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُواْ أَثْمَانَهَا "
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2224 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ بِرَقْم: 1583 / عَبْد البَاقِي]
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ اليَهُودُ يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُون: السَّامُ عَلَيْك ـ وَالسَّامُ أَيِ المَوْت ـ فَفَطِنَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها إِلى قَوْلِهِمْ فَقَالَتْ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَة، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
" مَهْلاً يَا عَائِشَة؛ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأَمْرِ كُلِّه " 0
فَقَالَتْ: يَا نَبيَّ الله؛ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا يَقُولُون " 00؟
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6395 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2165 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:" مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: السَّامُ عَلَيْك؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَعَلَيْك، أَتَدْرُونَ مَا يَقُول " 00؟
قَالَ السَّامُ عَلَيْك " 00 قَالُواْ: يَا رَسُولَ الله؛ أَلَا نَقْتُلُهُ 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" لَا، إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكِتَاب؛ فَقُولُواْ وَعَلَيْكُمْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6926 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2163 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ اليَهُودَ إِذَا سَلَّمُواْ عَلَى أَحَدِكُمْ، إِنَّمَا يَقُولُونَ سَامٌ عَلَيْك؛ فَقُلْ عَلَيْك " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6928 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2164 / عَبْد البَاقِي]
وَيُسْتَفَادُ مِنَ الحَدِيثَينِ شَيْءٌ آخَر: أَنَّ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْنَا مِن أَهْلِ الكِتَابِ فَقَالَ السَّام عَلَيْكُمْ؛ نَقُولُ وَعَلَيْكُمْ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْنَا مِن أَهْلِ الكِتَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ؛ نَقُولُ وَعَلَيْكُمُ السَّلَام؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالى:{وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبَا} {النِّسَاء/86}
تحْرِيفُ اليَهُودِ لِكِتَابِ الله
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ اليَهُودَ جَاءواْ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا؛ فَقَالَ لهُمْ صلى الله عليه وسلم: " كَيْفَ تَفْعَلُونَ بمَنْ زَنى مِنْكُمْ " 00؟
قَالُواْ: نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" لَا تَجِدُونَ في التَّوْرَاةِ الرَّجْم " 00؟
فَقَالُواْ: لَا نجِدُ فِيهَا شَيْئَاً؛ فَقَالَ لهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ؛ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين، فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِي يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْم، فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ وَمَا وَرَاءَهَا ـ أَيْ فَأَخَذَ يَقْرَأُ مَا فَوْقَهَا وَمَا تحْتَهَا ـ وَلَا يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْم، فَنَزَعَ ـ أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ ـ يَدَهُ عَن آيَةِ الرَّجْم، فَقَالَ مَا هَذِهِ 00؟
فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُواْ: هِيَ آيَةُ الرَّجْم؛ فَأَمَرَ بِهِمَا صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (4556 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1699 / عَبْد البَاقِي]
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال: " مُرَّ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ محَمَّمَاً مجْلُودَاً؛ فَدَعَاهُمْ صلى الله عليه وسلم فَقَال:" هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّاني في كِتَابِكُمْ " 00؟
قَالُواْ نَعَمْ؛ فَدَعَا رَجُلاً مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَال:" أَنْشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى؛ أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّاني في كِتَابِكُمْ " 00؟
قَالَ لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَني بهَذَا لَمْ أُخْبِرْك، نجِدُهُ الرَّجْم، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ في أَشْرَافِنَا؛ فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاه، وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الحَدّ؛ قُلْنَا: تَعَالَوْا فَلْنجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالوَضِيع؛ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْم؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللهُمَّ إِنيِّ أَوَّلُ مَن أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوه " 00 فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِم؛ فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:
يَقُولُ جل جلاله: ائْتُواْ محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالجَلْدِ فَخُذُوه، وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُواْ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى:
{وَمَن لَّمْ يحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُون} {المَائِدَة/44}
{وَمَن لَّمْ يحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} {المَائِدَة/45}
{وَمَن لَّمْ يحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُون} {المَائِدَة/47}
في الكُفَّارِ كُلُّهَا " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1700 / عَبْد البَاقِي]
شَاعِرٌ وَأَمِير
" وَمَاذَا يُضِيرُكُمْ مَا دُمْتُ لَا أَكْتُبُ في السِّيَاسَة " 00؟!
فَكَانُواْ كُلَّمَا قُلْتُ لهُمْ ذَلِك؛ يَشْتَدُّونَ في ضَرْبي وَيَقُولُونَ لي: أَتُرِيدُ أَنْ تُصْبِحَ أَنِيس مَنْصُور، أَمْ يُوسُف إِدْرِيس؟ يَا ابْنَ كَذَا وَكَذَا 00؟!
وَمِمَّا شَفَّني وَجْدَاً كَرِيمٌ * يُحَاوِلُ قَهْرَهُ قِرْدٌ زَنِيمُ
وَتَرَكُوني في الحَجْزِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ عَلَى البَلَاطِ في شَهْرِ طُوبَة؛ حَتىَّ أُصِبْتُ في أَضْلُعِي بِالرُّطُوبَة، ثُمَّ أَخْرَجُوني بَعْدَ حَجْزٍ طَوِيل؛ حَتىَّ يَتَأَكَّدُواْ مِنْ زَوَالِ لَوْنِ الكَدَمَاتِ مِنْ جَسَدِيَ النَّحِيل، إِلَاّ أَنَّ أُصْبُعِي كَانَتْ قَدْ كُسِرَتْ وَأُصِيبَتْ بِعَاهَةٍ مُسْتَدِيمَة؛ تَشْهَدُ عَلَى هَذِهِ الجَرِيمَة 00!!
{أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَن أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمَاً لِّقَوْمٍ يُوقِنُون} {المَائِدَة/50} " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في (سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ) بِرَقْم: 4494]
سُبْحَانَ الله؛ كَانُواْ يَطْلُبُونَ العَدْلَ مِنَ المُسْلِمِينَ فَأَصْبَحَ المُسْلِمُونَ الْيَوْمَ هُمُ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ العَدْلَ مِنهُمْ
الْغَدْرُ بِالْعُهُود، وَالْكَذِبُ في الْوُعُود؛ مِنْ طَبِيعَةِ الْيَهُود
إِنَّ الأَمْثَالَ الَّتي أُطْلِقَتْ عَلَى الْيَهُودِ لَمْ تَكُنْ مِنْ فَرَاغ، وَإِنَّمَا لِعِلَّة، في هَذِهِ المِلَّة، مِن هَذَا قَوْلُهُمْ:
احْتَاجُواْ لِلْيَهُودِي * فَقَالَ الْيَوْمَ عِيدِي
تَأَمَّلْ خَرْقَهُمْ لجَمِيعِ الَاتِّفَاقِيَّاتِ الَّتي أَبْرَمُوهَا مَعَ المُسْلِمِين: كَاتِّفَاقِيَّةِ أُوسْلُو، وَخَارِطَةِ الطَّرِيق إِلخ 0
مِنْ يَوْمِهِ اليَهُودِي * خَائِنٌ لِلْعُهُودِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
وَصَدَقَ اللهُ سبحانه وتعالى حَيْثُ قَال: {كُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدَاً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} {البَقَرَة/100}
عَنْ ثَوْبَانَ الصَّحَابيِّ رضي الله عنه قَال: كُنْتُ قَائِمَاً عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حَبْرٌ مِن أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَال: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا محَمَّد، فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا، فَقَال:
لِمَ تَدْفَعُني 00؟ فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ يَا رَسُولَ الله 00؟
فَقَالَ اليَهُودِيّ: إِنمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُه، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اسْمِي محَمَّد، الَّذِي سَمَّاني بِهِ أَهْلي " 00 فَقَالَ اليَهُودِيّ: جِئْتُ أَسْأَلُك، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِن حَدَّثْتُك " 00؟
قَالَ ـ أَيِ اليَهُودِيّ ـ أَسْمَعُ بِأُذْني، فَنَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعُودٍ مَعَهُ فَقَالَ " سَلْ " 0
فَقَالَ اليَهُودِيّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَات 00؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" هُمْ في الظُّلْمَةِ دُونَ الجِسْر " 0 قَال: فَمَن أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَة؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فُقَرَاءُ المُهَاجِرِين " 00 قَالَ اليَهُودِيّ: فَمَا تحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّة؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " زِيَادَةُ كَبِدِ النُّون " 00 قَالَ ـ أَيِ اليَهُودِيّ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" يُنْحَرُ لهُمْ ثَوْرُ الجَنَّة، الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِن أَطْرَافِهَا " 0
قَالَ فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْه 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" مِن عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا " 00 قَالَ صَدَقْت، وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِن أَهْلِ الأَرْضِ إِلَاّ نَبيّ، أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَان، قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" يَنْفَعُكَ إِن حَدَّثْتُك " قَالَ أَسْمَعُ بِأُذْني، جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الوَلَد؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَض، وَمَاءُ المَرْأَةِ أَصْفَر، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنيُّ الرَّجُلِ مَنيَّ المَرْأَة؛ أَذْكَرَا بِإِذْنِ الله، وَإِذَا عَلَا مَنيُّ المَرْأَةِ مَنيَّ الرَّجُل؛ آنَثَا بِإِذْنِ الله " 0
قَالَ اليَهُودِيّ: لَقَدْ صَدَقْتَ وَإِنَّكَ لَنَبيّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَب، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ سَأَلَني هَذَا عَنِ الَّذِي سَأَلَني عَنْهُ؛ وَمَا لي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ، حَتىَّ أَتَاني اللهُ بِه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 315 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ اليَهُودِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: يَا أَبَا القَاسِم؛ حَدِّثْنَا عَن خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَاّ نَبيّ 00؟
فَكَانَ فِيمَا سَأَلُوه: أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاة 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ عليه السلام مَرِضَ مَرَضَاً شَدِيدَاً، فَطَالَ سَقَمُه؛ فَنَذَرَ للهِ نَذْرَاً: لَئِنْ شَفَاهُ اللهُ مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْه؛ فَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانُ الإِبِل، وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا، فَقَالُواْ: اللهُمَّ نَعَمْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2471، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: يَا أَبَا القَاسِم؛ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَن خَمْسَةِ أَشْيَاء؛ فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبيٌّ وَاتَّبَعْنَاك، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ ـ أَيْ يَعْقُوبُ عليه السلام عَلَى بَنِيهِ إِذْ قَالُواْ:{يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لحَافِظُون}
{يُوسُف/63}
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " هَاتُواْ " 0
قَالُواْ: أَخْبِرْنَا عَن عَلَامَةِ النَّبيّ 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُه " 0
قَالُواْ: أَخْبِرْنَا كَيْفَ تُؤَنِّثُ المَرْأَةُ وَكَيْفَ تُذْكِر 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَلْتَقِي المَاءَان؛ فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرْأَة: أَذْكَرَتْ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ المَرْأَةِ آنَثَتْ " 0
قَالُواْ: أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ ـ أَيْ يَعْقُوبُ عليه السلام عَلَى نَفْسِه؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا؛ فَلَمْ يجِدْ شَيْئَاً يُلَائِمُهُ إِلَاّ أَلْبَانَ كَذَا وَكَذَا ـ يَعْني الإِبِل ـ فَحَرَّمَ لحُومَهَا "
قَالُواْ: صَدَقْت؛ قَالُواْ: أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْد 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللهِ عز وجل مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ بِيَدِهِ أَوْ في يَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ ـ أَيْ سَوْطٌ مجْدُول ـ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَاب، يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ الله " 0
قَالُواْ: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَع 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " صَوْتُهُ " 0
قَالُواْ: صَدَقْت، إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الَّتي نُبَايِعُكَ إِن أَخْبَرْتَنَا بِهَا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبيٍّ إِلَاّ لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالخَبَر؛ فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبُك 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " جِبْرِيلُ عليه السلام " 0
قَالُواْ: جِبْرِيل 00؟
ذَاكَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالحَرْبِ وَالقِتَالِ وَالعَذَابِ عَدُوُّنَا، لَوْ قُلْتَ مِيكَائِيلَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالنَّبَاتِ وَالقَطْرِ لَكَان؛ فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:
{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوَّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقَاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين} {البَقَرَة/97} " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2483، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ اليَهُودِ نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَاً فَقَالُواْ: يَا أَبَا القَاسِم؛ حَدِّثْنَا عَن خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنّ، لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَاّ نَبيّ 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " سَلُوني عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُواْ لي ذِمَّةَ اللهِ وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عليه السلام عَلَى بَنِيهِ لَئِن حَدَّثْتُكُمْ شَيْئَاً فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُتَابِعُنَّني عَلَى الإِسْلَام " 0
قَالُواْ: فَذَلِكَ لَك؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَسَلُوني عَمَّا شِئْتُمْ " 0
قَالُواْ: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنّ:
أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاة؟
وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ المَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُل: كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ 00؟
وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبيُّ الأُمِّيُّ في النَّوْمِ وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ المَلَائِكَة 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِن أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنَّني " 0
فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ مِن عَهْدٍ وَمِيثَاق؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى عليه السلام: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ عليه السلام مَرِضَ مَرَضَاً شَدِيدَاً وَطَالَ سَقَمُه؛ فَنَذَرَ للهِ نَذْرَاً: لَئِنْ شَفَاهُ اللهُ تَعَالى مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْه، وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانُ الإِبِل، وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا " 00؟
قَالُواْ: اللهُمَّ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" اللهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى عليه السلام: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظ، وَأَنَّ مَاءَ المَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيق؛ فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ الله: إِن عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ عَلَى مَاءِ المَرْأَةِ كَانَ ذَكَرَاً بِإِذْنِ الله، وَإِن عَلَا مَاءُ المَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ الله " 00؟
قَالُواْ: اللهُمَّ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" اللهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى عليه السلام: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبيَّ الأُمِّيَّ ـ يَقْصِدُ نَفْسَهُ صلى الله عليه وسلم تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُه " 00؟
قَالُواْ: اللهُمَّ نَعَمْ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " اللهُمَّ اشْهَدْ " 0
قَالُواْ: وَأَنْتَ الآنَ فَحَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ المَلَائِكَة؛ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُك 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " فَإِنَّ وَلِيِّي جِبْرِيلُ عليه السلام، وَلَمْ يَبْعَثْ اللهُ نَبيَّاً قَطُّ إِلَاّ وَهُوَ وَلِيُّه "
قَالُواْ: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُك؛ لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنَ المَلَائِكَةِ لَتَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاك؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" فَمَا يَمْنَعُكُمْ مِن أَنْ تُصَدِّقُوه " 00؟!
قَالُواْ: إِنَّهُ عَدُوُّنَا؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ عز وجل:
{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوَّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقَاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين {97} مَنْ كَانَ عَدُوَّاً للهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِين {98} وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَاّ الفَاسِقُون {99} أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدَاً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُون {100} وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِن عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُون} {البَقَرَة}
فَعِنْدَ ذَلِكَ بَاءواْ بِغَضَبٍ مِنَ الله " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2514، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:" سَمِعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ في أَرْضٍ يخْتَرِف ـ أَيْ يَحْصُدُ ثِمَارَهَا ـ فَأَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنيِّ سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَاّ نَبيّ: فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَة 00؟
وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الجَنَّة 00؟
وَمَا يُنْزِعُ الوَلَدَ إِلى أَبِيهِ أَوْ إِلى أُمِّه 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَخْبرَني بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفَاً " 00 قَالَ ـ أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَام: جِبْرِيل 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم " نَعَمْ " 0
قَالَ ـ أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَام: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلَائِكَة؛ فَقَرَأَ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَة:
{مَنْ كَانَ عَدُوَّاً لجِبرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله} {البَقَرَة/97}
أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَة: فَنَارٌ تحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلى المَغْرِب، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّة: فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوت، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرْأَةِ نَزَعَ الوَلَد، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ نَزَعَتْ " 00 قَالَ ـ أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَام: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله، يَا رَسُولَ الله؛ إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهْت ـ أَيْ يَرْمُونَ الْبَرِيءَ بِالْكَذِبِ وَالْبُهْتَان ـ وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُواْ بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُوني ـ أَيْ يَرْمُونَني بِالْبَاطِلِ كَذِبَاً ـ فَجَاءتِ اليَهُود؛ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللهِ فِيكُمْ " 00؟
قَالُواْ: خَيرُنَا وَابْنُ خَيرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَام " 00؟
فَقَالُواْ: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِك؛ فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ فَقَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنَّ محَمَّدَاً رَسُولُ الله؛ فَقَالُواْ: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَانْتَقَصُوه؛ قَالَ ـ أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَام: فَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ الله " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 4480 / فَتْح]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ صلى الله عليه وسلم:" وَأَمَّا الشَّبَهُ في الوَلَد؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ المَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ؛ كَانَ الشَّبَهُ لَه، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا؛ كَانَ الشَّبَهُ لَهَا " 00 قَالَ ـ أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَام: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله، ثُمَّ قَالَ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ الله؛ إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهْت؛ إِن عَلِمُواْ بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُوني عِنْدَك، فَجَاءتِ اليَهُود، وَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ البَيْت؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَام " 00؟
قَالُواْ: أَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا، وَأَخْيَرُنَا وَابْنُ أَخْيَرِنَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" أَفَرَأَيْتُمْ إِن أَسْلَمَ عَبْدُ الله " 00؟
قَالُواْ: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِك؛ فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ إِلَيْهِمْ فَقَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً رَسُولُ الله؛ فَقَالُواْ: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَوَقَعُواْ فِيه " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3329 / فَتْح]
الحِقْدُ وَالحَسَدُ مِنْ طَبِيعَةِ اليَهُود
عَن أُمِّ المُؤمِنِينَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُبيِّ بْنِ أَخْطَبَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
" جَاءَ أَبي وَعَمِّي مِن عِنْدِكَ يَوْمَاً ـ وَكَانَا مِنْ زُعَمَاءِ اليَهُود ـ فقالَ أَبي لِعَمِّي: ما تَقُولُ فِيه؟!
قَال: أَقُولُ إِنَّهُ النَّبيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ مُوسَى، قَال: فَمَا تَرَى 00؟
قَال: أَرَى مُعَادَاتَهُ أَيَّامَ الحَيَاة " 0 [سِيرَةُ ابْنِ هِشَام 0 بَابُ شَهَادَةِ صَفِيَّة 0 ص: 126/ 1]
لَقَدْ بَلَغَ حَسَدُ اليَهُودِ حَدَّ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَذْهَبُونَ إِلى أَبي جَهْلٍ وَأُمَيَّةَ ابْنِ خَلَفٍ وَيَقُولُونَ لهُمْ:
" أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْ محَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ سَبِيلَا " 0
[الإِمَامُ الطَّبرِيُّ بِنَحْوِهِ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَةِ بِسُورَةِ النِّسَاء 0 طَبْعَةُ دَارِ الفِكْر 0 بَيرُوت: 135/ 5]
وَصَدَقَ اللهُ سبحانه وتعالى إِذْ يَقُول: {أَلَمْ تَرَ إِلى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبَاً مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلَا {51} أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرَا} {النِّسَاء}
وَلَمْ يَكْتَفُواْ بِهَذَا حَتىَّ حَاوَلُواْ قَتلَهُ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْ مَرَّة 00!!
وَضْعُ السُّمِّ لِرَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
انْظُرْ إِلى حَسَدِهِمُ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ أَنَّهُمْ تَآمَرُواْ عَلَى قَتْلِهِ مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ بَني جِلْدَتِهِمْ، فَدَعَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إِلى طَعَامٍ ـ وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا رَدَّ دَعْوَةَ أَحَدٍ قَطّ ـ فَأَجَابهَا صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَتْ لَهُ الخَبِيثَةُ سُمَّاً في الطَّعَام، فَلَمَّا أَنْ كَشَفَ اللهُ سِتْرَهُمْ، وَأَظْهَرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُمْ: سَأَلهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَهُ ـ وَانظُرْ إِلى مَكْرِ اليَهُود ـ مَا فَعَلْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَاّ لِنَتَبَيَّنَ صِدْقَكَ مِنْ كَذِبِك؛ فَإِنْ كُنْتَ نَبِيَّاً لَمْ يُصِبْكَ شَيْء، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبَاً اسْتَرَحْنَا مِنْك،
فَتَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00!!
عَن أَبي سَلَمَةَ رضي الله عنه قَال:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَة، فَأَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً مَصْلِيَّة ـ أَيْ مَشْوِيَّة ـ سَمَّتْهَا، فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنهَا وَأَكَلَ الْقَوْم، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" ارْفَعُواْ أَيْدِيَكُمْ؛ فَإِنَّهَا أَخْبرَتْني أَنَّهَا مَسْمُومَة " 0 فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ الأَنْصَارِيّ، فَأَرْسَلَ إِلى الْيَهُودِيَّة: مَا حَمَلَكِ عَلَى الَّذِي صَنَعْت 00؟!
قَالَتْ: إِنْ كُنْتَ نَبِيَّاً؛ لَمْ يَضُرَّكَ الَّذِي صَنَعْت، وَإِنْ كُنْتَ مَلِكَاً ـ أَيْ تُرِيدُ مُلْكَاً ـ أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْك، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُتِلَتْ ـ أَيْ قِصَاصَاً في بِشْر ـ ثُمَّ قَالَ في وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيه:
" مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنْ الأَكْلَةِ الَّتي أَكَلْتُ بِخَيْبَر، فَهَذَا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي " 0
[حَسَنٌ صَحِيح 0 كَذَا قَالَ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ أَبي دَاوُدَ " بِرَقْم: 4512]
وَعَن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ رضي الله عنه قَال:" لَمَّا فَتَحَ اللهُ خَيْبرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنهُمْ؛ أَهْدَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الحَارِثِ اليَهُودِيَّةُ شَاةً مَصْلِيَّةً ـ أَيْ مَشْوِيَّةً ـ وَسَمَّتْهُ فِيهَا ـ أَيْ وَضَعَتْ لَهُ فِيهَا السُّمَّ لِتَنْتَقِمَ لِيَهُودِ خَيْبر ـ وَأَكْثَرَتْ في الكَتِفِ وَالذِّرَاع، حِينَ أُخْبِرَتْ أَنهُمَا أَحَبُّ أَعْضَاءِ الشَّاةِ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَه بِشْرُ بْنُ البرَاءِ بْنُ مَعْرُورٍ الأَنْصَارِيّ؛ قَدَّمَتْ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَنَاوَل الكَتِفَ وَالذِّرَاعَ فَانْتَهَشَ مِنهُمَا، وَتَنَاوَلَ بِشرٌ عَظْمَا آخَرَ وَانْتَهَشَ منهُ،
فَلَمَّا أَدْغَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا في فيهِ ـ أَيْ مَضَغَهُ ـ أَدْغَمَ بِشْرٌ مَا في فِيه، فَقَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم:" ارْفَعُواْ أَيْدِيَكُمْ؛ فَإِنَّ كَتِفَ الشَّاةِ تخْبرُني أَنيِّ قَدْ بُغِيتُ فِيهَا " ـ أَيْ وُضِعَ لي فِيهَا السُّمَّ ـ فَقَالَ بِشْرُ بْنُ البرَاء: وَالَّذِي أَكْرَمَك؛ لَقَدْ وَجَدْتُ ذَلِكَ في أَكْلَتي الَّتي أَكَلْت، وَإِنْ مَنَعَني ـ أَيْ وَمَا مَنَعَني ـ أَن أَلْفِظَهَا إِلَاّ أَنيِّ كَرِهْتُ أَن أُنَغِّصَكَ طَعَامَك، فَلمَّا أَكَلْتَ مَا في فِيكَ لَمْ أَرْغَبْ بِنَفْسِيَ عَنْ نَفْسِك، وَرَجَوْتُ أَنْ لَا تَكُونَ أَدْغَمْتَهَا وَفيهَا بَغْي، فَلَمْ يَقُمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتىَّ عَادَ لَوْنُهُ كَالطَّيْلَسَان ـ أَيْ تَلَوَّنَ ـ وَمَاطَلَهُ وَجَعُه؛ حَتىَّ كَانَ مَا
يَتَحَوَّلُ إِلَاّ حُوِّل ـ أَيْ لَا يَتحَرَّكُ إِلَاّ إِذَا حُرِّك ـ وَبَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُدَّةَ ثَلَاثِ سِنِين، حَتىَّ كَانَ وَجَعُهُ الَّذِي مَاتَ فِيه "0
[قَالَ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ ": فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْف، وَحَدِيثُهُ حَسَن: (153/ 6)، رَوَاهُ الطَّبرَانيّ، " الكَنْز ": 18849]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال:" لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ فِيهَا سَمّ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْمَعُواْ لي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنَ اليَهُود "
فَجُمِعُواْ لَهُ، فَقَالَ لهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" إِنيِّ سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ " 00؟
فَقَالُواْ: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِم؛ فَقَالَ لهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" مَن أَبُوكُمْ " 00؟
قَالُواْ: أَبُونَا فُلَان؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلَان " 00 فَقَالُواْ: صَدَقْتَ وَبَرَرْت، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنهُ " 00؟ فَقَالُواْ: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِم، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ في أَبِينَا، قَالَ لهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَن أَهْلُ النَّار " 00؟
فَقَالُواْ: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرَاً ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا؛ فَقَالَ لهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" اخْسَئُواْ فِيهَا، وَاللهِ لَا نخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدَاً " 00 ثُمَّ قَالَ لهُمْ صلى الله عليه وسلم: " فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ " 00؟
قَالُواْ: نَعَمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
" هَلْ جَعَلْتُمْ في هَذِهِ الشَّاةِ سَمَّاً " 00؟
فَقَالُواْ نَعَمْ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِك "؟
فَقَالُواْ: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَّابَاً نَسْتَرِيحَ مِنْك، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيَّاً لَمْ يَضُرَّك "0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 5777 / فَتْح]
سِرُّ هَذَا الحِقْدِ وَالحَسَدِ عِنْدَ اليَهُود
لَكِنْ مَا السِّرُّ في حَسَدِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ لِلمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَهْلُ كِتَاب؟!
السِّرُّ في ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلى أَمْرَين:
الأَوَّل: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنَ العَرَبِ وَلَيْسَ مِنهُمْ؛ فَكَفَرُواْ بِهِ حَسَدَاً مِن عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَوْ خَرَجَ مِنهُمْ لَقَتَلُوهُ أَوْ صَلَبُوهُ كَمَا فَعَلُواْ بِغَيرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل 00!!
قَالَ جَلَّ وَعَلَا عَنِ الْيَهُود: {وَكَانُواْ مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُمْ مَا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الكَافِرِين} {البَقَرَة/89}
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذِهِ الآيَة: " نَزَلَتْ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالسِّيَرِ في الْيَهُود " 0
قَالَ أَبُو العَاليَةِ وَغَيْرُهُ: " كَانَ الْيَهُودُ إِذَا اسْتَنْصَرُواْ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُشْرِكِي العَرَبِ يَقُولُون: اللَّهُمَّ ابْعَثْ هَذَا النَّبيَّ الَّذِي نجِدُهُ مَكْتُوبَاً عِنْدَنَا في التَّوْرَاةِ حَتىَّ نَغْلِبَ المُشْرِكِينَ وَنَقْتُلَهُمْ، فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ جل جلاله محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم وَرَأَوْاْ أَنَّهُ مِن غَيرِهِمْ كَفَرُواْ بِهِ حَسَدَاً لِلْعَرَب، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا هَذِهِ الآيَة " 0 [الْفَتَاوَى الْكُبْرَى لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة]
الأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ القُرْآنَ نَزَلَ عَلَى العَرَبِ وَبُلُغَتِهِمْ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَى بَني إِسْرَائِيل، وَلَوْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ لحَرَّفُوهُ كَمَا حَرَّفُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيل 00!!
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ رضي الله عنه وَكَانَ مِن أَصْحَابِ بَدْرٍ قَال: " كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ في بَني عَبْدِ الأَشْهَل، فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمَاً مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَسِير، فَوَقَفَ عَلَى مجْلِسِ عَبْدِ الأَشْهَلِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنَّاً، عَلَيَّ بُرْدَة، مُضْطَجِعَاً فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي، فَذَكَرَ البَعْثَ وَالقِيَامَةَ وَالحِسَابَ وَالمِيزَانَ وَالجَنَّةَ وَالنَّار، فَقَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوْثَان، لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثَاً كَائِنٌ بَعْدَ المَوْت؛ فَقَالُواْ لَهُ:
وَيْحَكَ يَا فُلَان؛ تَرَى هَذَا كَائِنَاً؟ إِنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَار، يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ 00؟
قَالَ نَعَمْ وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، يَوَدَّ أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ في الدُّنْيَا يُحْمُونَهُ ثمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فَيُطْبَقُ بِهِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدَاً؛ قَالُواْ لَهُ وَيْحَك، وَمَا آيَةُ ذَلِك 00؟
قَال: نَبيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نحْوِ هَذِهِ البِلَاد، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نحْوَ مَكَّةَ وَاليَمَنِ [فَإِنَّهُمَا جِهَةِ الجَنُوبِ مِنَ المَدِينَة]؛ قَالُواْ: وَمَتىَ نَرَاه 00؟
فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِن أَحْدَثِهِمْ سِنَّاً فَقَال: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ، فَوَاللهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتىَّ بَعَثَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؛ فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيَاً وَحَسَدَاً؛ فَقُلْنَا: وَيْلَكَ يَا فُلَان؛ أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْت 00؟
قَالَ بَلَى، وَلَيْسَ بِهِ " 0 [حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 15879، وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم]
وَسُبْحَانَ القَائِل:
{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتىَّ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البَقَرَة/120]
هَؤُلَاءِ هُمُ اليَهُودُ الَّذِينَ لُعِنُواْ في التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالقُرْآن، اللهُمَّ الْعَنهُمْ عَلَى كُلِّ لِسَان، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُودِ وَأَعْوَانِ اليَهُود، اللهُمَّ أَرِنَا فِيهِمْ آيَةً كَآيَةِ عَادٍ وَثَمُود 00!!
عُضْوٌ فَاسِدٌ لَا علَاجَ لَهُ إِلَاّ البَتْر
وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ يَذْكُرُ كَلِمَةَ وَزِيرِ الخَارِجِيَّةِ الأَمْرِيكِيّ، وَالَّتي نُحِّيَ بِسَبَبِهَا مِنَ العَمَلِ السِّيَاسِيّ، وَذَلِكَ عِنْدَمَا قَال:
" إِنَّ مَنْ يَمُدُّ لإِسْرَائِيلَ كَفَّهُ؛ تَطلُبُ مِنهُ إِسْرَائِيلُ الذِّرَاعَ كُلَّهَا " 0
وَطَبِيعَةُ الْيَهُودِ هَذِهِ الْقَائِمَةُ عَلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ وَعَلَى الْغَدْر؛ هِيَ الَّتي جَعَلَتْهُمْ كَالعُضْوِ الفَاسِدِ الَّذِي لَا علَاجَ لَهُ إِلَاّ البَتْر؛ وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَعَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُجْلِيهِمْ عَن خَيْبرَ في أُخْرَيَاتِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم 0
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَرَجَ إِلى خَيْبَرَ فَجَاءهَا لَيْلاً، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمَاً بِلَيْلٍ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتىَّ يُصْبح، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُواْ: محَمَّدٌ وَاللهِ، محَمَّدٌ وَالخَمِيس ـ أَيْ وَالجَيْش ـ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
" اللهُ أَكْبر، خَرِبَتْ خَيْبر، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِين " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (2945 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1365 / عَبْد البَاقِي]
وَهَذَا طَبْعَاً عِنْدَمَا كَانَ المُسْلِمُونَ أَصْحَابَ جِهَاد، وَكَانَ اليَهُودُ أَصْحَابَ أَرْضٍ وَزَرْع، أَمَّا اليَوْمَ فَتَغَيَّرَ الحَالُ وَصَارَ العَكْسُ هُوَ الصَّحِيح 00!!
حَتىَّ عُمَرُ الْفَارُوقُ رضي الله عنه لَمْ يَسْلَمْ مِنْ شَرِّهِمْ وَأَذَاهُمْ 00
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال:" لَمَّا فَدَعَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ـ أَيْ كَسَرُواْ عِظَامَهُ ـ قَامَ عُمَرُ رضي الله عنه خَطِيبَاً فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالهِمْ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ الله، وَإِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْل؛ فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاه، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ؛
هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا؛ وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَني أَبي الحُقَيْقِ ـ أَيْ زَعِيمِهِمْ آنَذَاك ـ فَقَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا ـ أَيْ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَالحَهُمْ عَلَى أَنْ يَظَلُّواْ فِيهَا، عَلَى أَنَّ لَهُمْ شَطْرَ الثَّمَرِ وَلِلْمُسْلِمِينَ الشَّطْرُ البَاقِي ـ فَقَالَ عُمَر: أَظَنَنْتَ أَنيِّ نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ لِذَلِكَ الرَّجُل:
" كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِن خَيْبرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ " 00؟
فَقَالَ ـ أَيْ زَعِيمُهُمْ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِن أَبي القَاسِمِ ـ أَيْ سَقْطَةً مِنهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:
كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ الله؛ فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لهُمْ مِنَ الثَّمَرِ مَالاً وَإِبِلاً "
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2730 / فَتْح]
نَوْعٌ مِنَ المَخْلُوقَاتِ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَف
سَنَّ العَدَاوَةَ آبَاءٌ لَهُمْ سَلَفُواْ * وَلَنْ تَمُوتَ وَلِلآبَاءِ أَبْنَاءُ
وَلَا غَرْوَ أَنْ يُوَرِّثَ الغَبَاوَةَ لِبَنِيه؛ مَنْ وَرِثَ الغَبَاوَةَ عَن أَبِيه 00!!
أَتَسْعَوْنَ لِلصُّلْحِ مَا بَيْنَنَا * وَمَا بَيْنَنَا الدَّمُ بَلْ أَفْظَعُ
فَيَا طَالِبَ الصُّلْحِ لِلْمُعْتَدِينْ * نَظَارِ سَتَحْصُدُ مَا تَزْرَعُ
قَرِيبَاً سَنَضْحَدُ عُدْوَانَكُمْ * بِصُلحٍ تَشِيبُ لَهُ الرُّضَّعُ
تَغْضَبُ إِسْرَائِيلُ إِنْ قُتِلَ مِنهُمْ وَاحِدٌ وَلَا تُبَالي بِقَتْلِ الآحَادِ بَلْ وَالعَشَرَاتِ مِنَ الفِلِسْطِينِيِّين 00
أَفَتَقْتُلُونَ كِرَامَنَا وَتَلُومُونَنَا عَلَى قَتْلِ كِلَابِكُمْ 00؟!
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا في الأُمِيِّينَ سَبِيل} {آلِ عِمْرَان/75}
يَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبيُّ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَة:
" أَيْ لَيْسَ عَلَيْنَا في العَرَبِ الأُمِّيِّينَ حَرَجٌ في ظُلْمِهِمْ لِمُخَالَفَتِهِمْ إِيَّانَا " 00!!
[الإِمَامُ القُرْطُبيُّ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَة]
قَالُواْ ارْتَقَى جَدُّنَا عَنْ جَدِّكُمْ وَهُمُ * أَحَطُّ مَا أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ مِنْ بَشَرِ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
صَبْرٌ جَمِيل، وَعَمَّا قَلِيل:
سَنَغْسِلُ القُدْسَ مِن أَوْسَاخِ أُمَّتِكُمْ * يَا أُمَّةَ الوَسَخِ المَطْلِيِّ بِالذَّهَبِ
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
سَنَعْبُرُ المُضَايَقَاتِ كَيْفَمَا تَكُون
{عِصَام الْغَزَالي بِتَصَرُّف}
فَمَا يحْدُثُ في فِلَسْطِينَ أَوْ في العِرَاقِ نَتِيجَةٌ طَبِيعِيَّةٌ؛ عِنْدَمَا تَكُونُ القُوَّةُ وَالغَلَبَةُ لَدَى الشَّيَاطِينِ مِنَ البَشَر 00 فَصَبرٌ جَمِيل؛ إِنمَا يُعَدُّ لهُمْ عَدَّا، يَرَوْنَهُ بَعِيدَاً وَنَرَاهُ قَرِيبَا 00
رَسَمُواْ خِنْزِيرَاً، وَقَالُواْ هَذَا رَسُولُ الله
وَمِمَّا كَتَبْتُهُ في اليَهُودِيِّ الَّذِي رَسَمَ خِنْزِيرَاً، وَقَالَ هَذَا رَسُولُ الله، هَذَا المَقَال:
أَيَا غَبِيَّاً عَلَى جَهْلٍ يُطَاوِلُنَا * وَرَّطْتَ نَفْسَكَ فَانْظُرْ كَيْفَ عُقْبَاهَا
مَن أَنْتَ هَلْ أَنْتَ ذُو قَدْرٍ فَنَخْفِضَهُ * أَوْ حُرْمَةٍ تَتَأَذَّى إِن هَتَكْنَاهَا
أَلَمْ تَعْرِفْ حُرْمَةَ الأَدْيَانِ وَقُبْحَ التَّطَاوُلِ عَلَى النَّبيّ: أَيُّهَا القِرْدُ الخَصِيّ 00؟!
وَلَكِن أَعُودُ فَأَقُول: إِنَّ هَذَا هُوَ دَيْدَنُ اللِّئَام؛ في عَدَاوَتِهِمْ لِلإِسْلَام 00
وَكُلُّ إِنَاءٍ بِالَّذِي فِيهِ يَنْضَحُ
فَمِنْ تِلْكَ العَصَا هَذِهِ العُصَيَّة، وَهَلْ تَلِدُ الحَيَّةُ إِلَاّ الحَيَّة 00؟!
وَلَكِنْ مِنَ المُؤَكَّدِ أَنَّ لِلْيَهُودِ فِيهِ أَصَابِعُ خَفِيَّة؛ فَمِنْ يَوْمِهِمُ اليَهُودُ وَهُمْ ـ عَلَى جُبْنِهِمْ ـ أَجْرَأُ شُعُوبِ اللهِ عَلَى الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاء، حَطَّمُواْ الأَرْقَامَ القِيَاسِيَّةَ في السَّفَالَةِ وَالنَّذَالَة، وَالتَّطَاوُلِ عَلَى الله وَأَصْحَابِ الرِّسَالَة 00!!
وَلي أَن أَسْأَلَ سُؤَالاً أُوَجِّهُهُ لِلْغَرْب: مَا بَالُنَا لَمْ نَرَ مُسْلِمَاً في ظِلِّ فَظَائِعِ الصِّرْب؛ وَمحَارَبَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ بِدُونِ مُبَرِّرٍ لِلْحَرْب؛ رَسَمَ خِنْزِيرَاً وَكَتَبَ تَحْتَهُ في انْتِهَاكٍ صَرِيح: هَذَا يَسُوعُ المَسِيح 00؟!
أَوْ في ظِلِّ فَظَائِعِ إِسْرَائِيلَ وَهَجْمَتِهِمْ عَلَى المُسْلِمِين ـ فَوْقَ أَرْضِ فِلَسْطِين ـ رَسَمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ سَكْرَان، وَكَتَبَ تحْتَهُ هَذَا هُوَ مُوسَى بْنُ عِمْرَان 00؟!
هَذَا إِنْ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّمَا يُبَرْهِنُ لِلْعَالَمِين؛ عَلَى أَدَبِ المُسْلِمِين، وَأَنَّا وَرَغْمَ عُيُوبِنَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِه، لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِه، وَلأَنَّا نَعْرِفُ حُرْمَةَ الأَدْيَان، وَلَا نَسِيرُ وِفْقَ هَوَى الشَّيْطَان؛ وَرَدَّاً مِنيِّ عَلَى هَذِهِ الحَمْلَةِ الشَّدِيدَة؛ كَتَبْتُ هَذِهِ الْقَصِيدَة:
لِمَ ذَلِكَ الحِقْدُ الْغَزِيرْ * أَفَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ضَمِيرْ
لَمْ يَحْتَقِرْ شَخْصَ النَّبيِّ محَمَّدٍ إِلَاّ حَقِيرْ
وَأَشَدُّ شُؤْمَاً في الْوَرَى مِنْ مُنْكَرٍ أَوْ مِنْ نَكِيرْ
أَتُرِيدُ يَا خِنْزِيرُ شَتْمَ نَبِيِّنَا في الْكَارْكَتِيرْ
مَاذَا جَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ لِيَحْصُدُواْ الحِقْدَ المَرِيرْ
مَاذَا جَنى يَا هَؤُلَاءِ المُصْطَفَى الهَادِي الْبَشِيرْ
وَهُوَ الَّذِي مَنْ لَيْسَ يُبْصِرُ فَضْلَهُ شَخْصٌ ضَرِيرْ
أَثْنى عَلَى أَخْلَاقِهِ مِنْ بَيْنِكُمْ خَلْقٌ كَثِيرْ
وَبِعَفْوِهِ في فَتْحِ مَكَّةَ يُضْرَبُ المَثَلُ الْكَبِيرْ
مَاذَا جَنَاهُ زَاهِدٌ وَرِعٌ يَنَامُ عَلَى الحَصِيرْ
حَتىَّ يُلَاقِيَ مِثْلُهُ مِنْ مِثْلِكُمْ هَذَا المَصِيرْ
السِّرُّ في نَكْبَةِ العَرَبِ وَالمُسْلِمِين
عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُون 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَث "0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7059 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2880 / عَبْد البَاقِي]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَة " 00 قِيل: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ الله 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:
" إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَة " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6496 / فَتْح]
وَهَذَا لَيْسَ في أُمُورِ الدُّنيَا فَحَسْب؛ بَلْ يَكُونُ أَيْضَاً في أُمُورِ الدِّين، مِمَّا يَكُونُ خَطَرَاً كَبِيرَاً عَلَى المُسْلِمِين 00
عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا تَبْكُواْ عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُه، وَلَكِنِ ابْكُواْ عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيرُ أَهْلِه " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وَالحَاكِمُ في مُسْتَدْرَكِه]
أُمَّةٌ لَا تُقَدِّرُ عُلَمَاءهَا
إِنَّ السِّرَّ في نَكْبَةِ العَرَبِ أَنَّهَا أُمَّةٌ لَا تَتَعَلَّمُ مِن أَخْطَائِهَا، وَلَا تَسْمَعُ إِلى حُكَمَائِهَا؛ إِنَّ العَرَبَ لَهُمْ سِجِلٌّ أَسْوَدُ مَعَ حُكَمَائِهِمْ وَفَلَاسِفَتِهِمْ مُنْذُ فَجْرِ التَّارِيخ، بَدْءً امِنْ بَشَّارٍ الَّذِي اتَّهَمُوهُ بِالزَّنْدَقَةِ وَالإِلحَادِ لِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ في إِحْدَى قَصَائِدِهِ العَبَثِيَّة:
الأَرْضُ مُظْلِمَةٌ سَوْدَاءُ قَاتِمَةٌ * وَالنَّارُ مَعْبُودَةٌ مُذْ كَانَتِ النَّارُ
فَاتَّهَمُوهُ بِالكُفْرِ لمجَرَّدِ أَنَّهُ فَضَّلَ النَّارَ عَلَى الطِّين؛ زَاعِمِينَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُفَضِّلُ إِبْلِيسَ عَلَى آدَم؛ وَلَمَّا آذَتْهُ ـ عَفَا اللهُ عَنهُ ـ سِيَاطُ المَهْدِيّ، وَأَخَذَتْ مِنهُ مَأْخَذَهَا؛ قَالَ حَسْ [كَلِمَةُ تَوَجُّع] فَقَالُواْ لِلْخَلِيفَةِ المَهْدِيّ، المُتَخَلِّفِ الغَبيّ: إِنَّهُ قَالَ كَلِمَةَ الكُفْر 00!!
وَالأُمَرَاءُ في كُلِّ زَمَان؛ يَغْضَبُونَ غَضَبَ الصَّبْيَان، وَيَبْطِشُونَ بَطْشَ العُمْيَان 00!!
فَاحْتَدَمَ السُّلطَانُ أَيَّ احْتِدَامْ * وَلَاحَ حُبُّ القَتْلِ في مُقْلَتَيْه
وَصَاحَ بِالجَلَاّدِ هَاتِ الحُسَامْ * فَأَسْرَعَ الجَلَاّدُ يَسْعَى إِلَيْه
فَقَالَ دَحْرِجْ رَأْسَ هَذَا الغُلَامْ * فَرَأْسُهُ عِبْءٌ عَلَى مِنْكَبَيْه
وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ القُدُّوسِ الَّذِي قُتِلَ صَبرَاً، دُونَ أَنْ يُعْطَى حَتىَّ حَقَّهُ في الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِه 00!!
قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله، فَقَالَ لَهُ المَهْدِيُّ لَا عَفَا اللهُ عَنهُ:
أَهْلَ الفَسَادِ وَزُمْرَةَ الشَّيْطَانِ * كَمْ تَدَّعُونَ محَبَّةَ الأَوْطَانِ
وَاسْتَلَّ صَارِمَهُ وَطَاحَ بِرَأْسِهِ * وَرَمَى بجُثَّتِهِ إِلى الغِرْبَانِ
وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الحُكَّامِ مَعَ الحُكَمَاء: الوَاحِدُ مِنهُمْ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَل 00!!
وَبِنَفْسِ الطَّرِيقَةِ قُتِلَ الطِّغْرَائِيّ، وَابْنُ المُقَفَّع، وَهَاشِمٌ الرِّفَاعِي، الَّذِي قَتَلَتْهُ أَجْهِزَةُ المُخَابَرَاتِ في عَهْدِ الرِّئِيس جَمَال عَبْدِ النَّاصِر؛ لِتَنْدِيدِهِ بِالرِّشْوَةِ وَالْفَسَاد، وَالظُّلْمِ وَالاِسْتِبْدَاد، الَّذِي يمْلأُ الْبِلَاد
فَالَّذِي يُحَقِّقُ وَيُدَقِّقُ في قَصَصِهِمْ جَمِيعَاً؛ يُلَاحِظُ شَيْئَاً: أَنَّ قِصَّةَ مَقْتَلِهِمْ كُلِّهِمْ، لَا تَخْلُو مِنَ الدَّسَائِسِ وَالمُؤَامَرَات، الَّتي لَا يخْلُو مِنهَا بَلَاطُ السَّلَاطِين، أَمَّا مَا قِيلَ في التُّهَمِ الَّتي أُلصِقَتْ بِهِمْ: فَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ في سَنَدٍ يُعْتَدُّ بِه، وَلَا بُدَّ مِنَ التَّثَبُّتِ قَبْلَ تَكْفِيرِ مُسْلِمٍ يَقُولُ " لَا إِلَهَ إِلَاّ الله " 00
وَإِلَاّ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، وَمَنْ دَقَّقَ في الرِّوَايَاتِ لَاحَظَ أَنَّهُمْ ـ بِاسْتِثْنَاءِ بَشَّار ـ كَانُواْ شُعَرَاءَ وَأُدَبَاءَ صَالحِين، لَمْ يَتَزَلَّفُواْ إِلى السَّلَاطِين، وَلَا أَرَاقُواْ عَلَى أَعْتَابِهِمْ مَاءَ الجَبِين؛ مِمَّا جَعَلَهُمْ مِنَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّين 00
أَمَّا الدَّسَائِسُ الَّتي أَشَرْتُ إِلَيْهَا؛ فَتَتَجَلَّى فِيمَا تحْكِيهِ كُتُبُ الأَدَبِ عَنهُمْ، مِن أَنَّهُ رُفِعَتْ إِلى المَهْدِيِّ قَصَائِدُ في الهِجَاء، نُسِبَتْ إِلى أُوْلَئِكَ الشُّعَرَاء 00!!
وَبِالتَّأْكِيدِ لَوْ كُنْتُ وَجَدْتُ قَوْلاً لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَة، أَوْ تِلْمِيذِهِ ابْنِ القَيِّم، أَوِ الإِمَامِ أَحْمَد؛ يَذْكُرُ نُصُوصَاً مِن أَقْوَالهِمْ بِسُوء؛ لَنَقَلْتُ كَلَامَهُمْ في ذَلِك؛ فَإِنَّهُمْ عِنْدِي أَعْظَمُ مِن أَنْ يَتَعَصَّبُواْ هَذَا التّعَصُّبَ الأَعْمَى، الَّذِي سَادَ الْبِلَادَ في زَمَانِنَا وَعَمَّا 00
عَن أَبي أُمَيَّةَ اللَّخْمِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ مِن أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ثَلَاثَة، إِحْدَاهُنَّ: أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الأَصَاغِر " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (2207، 695)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَنيُّ في الْكَبِير]
فَيَا حَسْرَةً عَلَى العِباد؛ مَا يَأْتِيهِمْ مِن حَكِيمٍ إِلَاّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُون 00!!
وَمِن أَشْعَارِ هَذَا الحَكِيم / صَالحِ بْنِ عَبْدِ الْقُدُّوس:
وَإِذَا الصَّدِيقُ لَقِيتَهُ مُتَمَلِّقَاً * فَهُوَ العَدُوُّ وَمِثْلُهُ يُتَجَنَّبُ
لَا خَيرَ في وُدِّ امْرِئٍ مُتَمَلِّقٍ * حُلْوِ اللِّسَانِ وَقَلْبُهُ يَتَلَهَّبُ
يُعْطِيكَ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ حَلَاوَةً * وَيَرُوغُ مِنْكَ كَمَا يَرُوغُ الثَّعْلَبُ
يَلْقَاكَ يَحْلِفُ أَنَّهُ بِكَ وَاثِقٌ * وَإِذَا تَوَارَى عَنْ سَوَادِكَ عَقْرَبُ
وَصِلِ الكِرَامَ وَإِنْ رَمَوْكَ بِجَفْوَةٍ * فَالصَّفْحُ عَن أَهْلِ المَكَارِمِ أَصْوَبُ
وَاخْترْ قَرِينَكَ يَا فَتى بِعِنَايَةٍ * إِنَّ القَرِينَ إِلى المُقَارِنِ يُنْسَبُ
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلأَقَارِبِ وَالْقَهُمْ * بحَفَاوَةٍ وَاسْمَحْ لَهُمْ إِن أَذْنَبُواْبُ
وَاحْذَرْ مُصَاحَبَةَ اللَّئِيمِ فَإِنَّهُ * يُعْدِي كَمَا يُعْدِي الصَّحِيحَ الأَجْرَبُ
وَدَعِ الكَذُوبَ فَلَا يَكُنْ لَكَ صَاحِبَاً * قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ يَكْذِبُ
وَابْدَأْ عَدُوَّكَ بِالتَّحِيَّةِ وَلْتَكُن * مِنهُ زَمَانَكَ خَائِفَاً تَتَرَقَّبُ
إِنَّ العَدُوَّ وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ * فَالحِقْدُ بَاقٍ في حَشَاهُ مُغَيَّبُ
وَزِنِ الكَلَامَ إِذَا نَطَقْتَ وَلَا تَكُن * ثَرْثَارَةً في كُلِّ وَادٍ تخْطُبُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَرِزْ مِنْ لَفْظِهِ * فَالمَرْءُ يَسْلَمُ بِاللِّسَانِ وَيَعْطَبُ
وَالسِّرَّ فَاكْتُمْهُ وَلَا تَنْطِقْ بِهِ * إِنَّ الزُّجَاجَةَ كَسْرُهَا لَا يُشْعَبُ
وَارْعَ الأَمَانَةَ في أُمُورِكَ كُلِّهَا * وَاعْدِلْ وَلَا تَظْلِمْ يَطِبْ لَكَ مَكْسَبُ
وَاحْذَرْ مِنَ المَظْلُومِ سَهْمَاً صَائِبَاً * وَاعْلَمْ بِأَنَّ دُعَاءَهُ لَا يُحْجَبُ
وَاضْرَعْ لِرَبِّكَ إِنَّهُ أَدْنى لِمَنْ * يَدْعُوهُ مِن حَبْلِ الوَرِيدِ وَأَقْرَبُ
فَلَقَدْ نَصَحْتُكَ إِنْ قَبِلْتَ نَصِيحَتي * وَالنُّصْحُ أَغْلَى مَا يُبَاعُ وَيُوهَبُ
وَمِن أَشْعَارِهِ أَيْضَاً:
المَرْءُ يجْمَعُ وَالزَّمَانُ يُفَرِّقُ * وَيَظَلُّ يَرْقَعُ وَالخُطُوبُ تُمَزِّقُ
وَلأَنْ يُعَادِيَ عَاقِلاً خَيْرٌ لَهُ * مِن أَنْ يَكُونَ لَهُ صَدِيقٌ أَحْمَقُ
فَارْغَبْ بِنَفْسِكَ أَنْ تُصَادِقَ أَحْمَقَاً * إِنَّ الصَّدِيقَ عَلَى الصَّدِيقِ مُصَدِّقُ
وَإِنِ امْرُؤٌ لَسَعَتْهُ أَفْعَى مَرَّةً * تَرَكَتْهُ حِينَ يُجَرُّ حَبْلٌ يَفْرَقُ
فَارْغَبْ بِنَفْسِكَ أَنْ تُصَادِقَ أَحْمَقَاً * إِنَّ الصَّدِيقَ عَلَى الصَّدِيقِ مُصَدِّقُ
وَزِنِ الكَلَامَ إِذَا نَطَقْتَ فَإِنَّمَا * يُبْدِي عُيُوبَ ذَوِي العُقُولِ المَنْطِقُ
وَمِنَ الرِّجَالِ إِذَا اسْتَوَتْ أَحْلَامُهُمْ * مَن إِنْ تُشَاوِرْهُ تَجِدْهُ يُطْرِقُ
حَتىَّ يَجُولَ بِكُلِّ وَادٍ قَلْبُهُ * وَيَقِيسَ كُلَّ صَغِيرَةٍ وَيُحَقِّقُ
وَالنَّاسُ في طَلَبِ المَعَاشِ وَإِنَّمَا * بِالحَظِّ يُرْزَقُ مِنهُمُ مَنْ يُرْزَقُ
كَمْ جَاهِلٍ وَعلَيْهِ رِزْقٌ وَاسِعٌ * كَمْ عَاقِلٍ وَعلَيْهِ رِزْقٌ ضَيِّقُ
مَا النَّاسُ إِلَاّ عَامِلَانِ فَعَامِلٌ * قَدْ مَاتَ مِن عَطَشٍ وَآخَرُ يَغْرَقُ
لَوْ سَارَ أَلْفُ مُدَجَّجٍ في حَاجَةٍ * لَمْ يَقْضِهَا إِلَاّ الَّذِي يَتَرَفَّقُ
وَكَأَنَّهُ بِأَشْعَارِهِ في الفَضِيلَة، وَإِحْيَائِهِ لِلْقِيَمِ النَّبِيلَة؛ يَقُولُ لِلنَّاسِ بِلِسَانِ الحَال:
أَنَاْ لَمْ أَجِئْ بِقَصِيدَةٍ خَمْرِيَّةٍ * مَا لي وَلِلتَّشْبِيبِ بِالصَّهْبَاءِ
أَنَاْ لَمْ أَجِئْ بِقَصِيدَةٍ خَمْرِيَّةٍ * مَا لي وَلِلتَّشْبِيبِ بِالصَّهْبَاءِ
لَا تَسْأَلُوني مَدْحَ كُلِّ مُتَوَّجٍ * إِنِّي نَبَذْتُ سَفَاسِفَ الشُّعَرَاءِ
بَاعُواْ لأَجْلِ المَالِ مَاءَ حَيَائِهِمْ * مَاذَا تَكُونُ النَّقْسُ دُونَ حَيَاءِ
لَمْ يَفْهَمُواْ مَا الشِّعْرُ إِلَاّ أَنَّهُ * قَدْ بَاتَ مَرْقَاةً إِلى الإِثْرَاءِ
وَلِذَاكَ مَا لَاقَيْتَ غَيْرَ مُشَبِّبٍ * بِالغَانِيَاتِ وَطَالِبٍ لِعَطَاءِ
ضَاقَتْ بِهِ الدُّنيَا الرَّحِيبَةُ فَانْثَنى * بِالشِّعْرِ يَسْتَجْدِي بَني حَوَّاءِ
شَقِيَ القَرِيضُ بِهِمْ وَمَا سَعِدُواْ بِهِ * لَوْلَاهُمُ لَغَدَا مِنَ السُّعَدَاءِ
وَكَذَلِكَ الطِّغْرَائِيّ، كَانَ شَاعِرَاً مجِيدَاً بَارِعَاً، وَأَكْتَفِي مِن شِعْرِهِ بهَذِهِ الأَبْيَاتِ مِنْ لَامِيَّتِهِ الشَّهِيرَة:
غَاضَ الوَفَاءُ وَفَاضَ الغَدْرُ وَاتَّسَعَتْ * مَسَافَةُ الْبُعْدِ بَينَ القَوْلِ وَالعَمَلِ
وَشَانَ صِدْقَكَ بَينَ النَّاسِ كِذْبُهُمُ * وَهَلْ يُقَارَنُ مُعْوَجٌّ بِمُعْتَدِلِ
وَمِنهَا قَوْلُهُ أَيْضَاً:
حُبُّ السَّلَامَةِ يُثْني عَزْمَ صَاحِبِهِ * عَن المَعَالي وَيُغْرِي المَرْءَ بِالكَسَلِ
وَمِنهَا قَوْلُهُ أَيْضَاً:
أُعَلِّلُ النَّفْسَ بِالآمَالِ في غَدِهَا * مَا أَضْيَقَ العَيْشَ لَوْلَا فُسْحَةُ الأَمَلِ
وَمِنهَا قَوْلُهُ أَيْضَاً:
وَإِنَّمَا رَجُلٌ الدُّنيَا وَوَاحِدُهَا * مَنْ لَا يُعَوِّلُ في الدُّنيَا عَلَى رَجُلِ
وَمِنهَا قَوْلُهُ أَيْضَاً في أَسَافِلِ النَّاسِ وَسَقَطِهِمْ عِنْدَمَا يُقَدِّمُون:
مَا كُنْتُ أُوثِرُ أَنْ يَمْتَدَّ بي زَمَني * حَتىَّ أَرَى دَوْلَةَ الأَوْغَادِ وَالسَّفَلِ
وَمِن أَشْعَارِهِ أَيْضَاً قَوْلُهُ في أَهْلِ الشَّرِّ عِنْدَمَا يجِيئُكَ مِنهُمْ بَعْضُ الخَير، أَوْ في العَدُوِّ عِنْدَمَا تَأْتِيكَ مِنهُ بَعْضُ المَنْفَعَة:
وَلَرُبَّمَا انْتَفَعَ الفَتى بِعَدُوِّهِ * كَالسُّمِّ أَحْيَانَاً يَكُونُ دَوَاءَا
وَلَقَدْ قَرَأْتُ وَلَا فَخْرَ أَكْثَرَ مِنْ مِاْتَيْ مجَلَّدٍ مِن خَيرِ مَا كُتِب، في الرَّقَائِقِ وَالأَدَب، وَأَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ مِليُون بَيْتٍ مِن خَيرِ مَا قَالَتِ العَرَب؛ فَلَمْ أَرَ قَطُّ في شِعْرِهِمْ مَا يَدْعُو إِلى الزَّنْدَقَةِ أَوِ الإِلحَاد، أَوْ حَتىَّ مَا يخْدِشُ جَانِبَ الاِعْتِقَاد، وَلَا في كِتَابَاتِ ابْنِ المُقَفَّعِ وَلَا في شِعْرِ بَشَّار، كَمَا هُوَ الحَالُ في أَشْعَارِ نِزَار، وَمَا يَتَخَلَّلُهَا مِنَ التَّهَتُّكِ وَالَاسْتِهْتَار، الَّذِي هُوَ إِلى الْفِسْقِ وَالمجُونِ وَالْفُجْر: أَقْرَبُ مِنهُ إِلى الإِلحَادِ وَالْكُفْر 00
وَهَكَذَا: فَمَا عَاشَ حُكَمَاءُ العَرَبِ إِلَاّ جِيَاعَاً ضِيَاعَاً مُشَرَّدِين، فَهَلْ سَمِعْتَ عَن حَكِيمٍ مِن حُكَمَائِهِمْ أَوْ شَاعِرَاً مَوْهُوبَاً إِلَاّ أَنْ يَكُونَ نِبْطِيَّاً، أَوْ عَبْدَاً مَمْلُوكَاً لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْء 00!!
كَمْ شَاعِرٍ في مِصْرَ فَذٍّ لَيْسَ يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِه
فَتَرَاهُ لَيْلَ نَهَارَ يَشْكُو في الْقَصَائِدِ ظُلْمَ قَوْمِه
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
فَهُمْ دَائِمَاً قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ في الأَرْضِ يخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَهُمُ النَّاس؛ وَلِذَا اتخَذَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِمْ رُءُوسَاً جُهَّالاً فَأَفْتَوْهُمْ بِغَيرِ عِلْمٍ فَضَلُّواْ وَأَضَلُّواْ كَثِيرَاًً، وَضَلُّواْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل 0
عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامَاً؛ يُرْفَعُ فِيهَا العِلْم، وَيَنْزِلُ فِيهَا الجَهْل " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7065 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2672 / عَبْد البَاقِي]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعَاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَاد، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاء؛ حَتىَّ إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسَاً جُهَّالاً، فَسُئِلُواْ فَأَفْتَوْا بِغَيرِ عِلْمٍ فَضَلُّواْ وَأَضَلُّواْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (100 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2673 / عَبْد البَاقِي]
وَلأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاء: يَكُونُ بِقَبْضَِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ رَفْعِ الْعِلْم 00
عَن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَظَرَ إِلىَ السَّمَاءِ يَوْمَاً فَقَال: " هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْم "[صَحَّحَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان، وَالإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيّ]
عَن أَبي أُمَيَّةَ اللَّخْمِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " إِنَّ مِن أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الأَصَاغِر " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (2207، 695)، وَرَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
فَإِلى مَتى نُهِينُ عُلَمَاءنَا حُكَمَاءنَا وَنحْنُ الَّذِينَ نَزَلَ فِينَا القُرْآنُ الْعَظِيم 00؟!
شَبِعْنَا تَقْرِيعَاً وَسُخْرِيَّة، وَمَقَالَاتٍ عَنْتَرِيَّة
قَدْ يَقُولُ قَائِل: لَقَدْ مَلَلْنَا العَزْفَ عَلَى هَذِهِ الرَّبَابَةِ الحَزِينَة، وَشَبِعْنَا تَقْرِيعَاً وَسُخْرِيَّة، وَمَقَالَاتٍ عَنْتَرِيَّة؛ فَمَا هُوَ الحَلُّ إِذَن 00؟
إِنَّ أَيَّةَ أَمَّةٍ إِذَا آذَنَتْ شَمْسُ حَضَارَتِهَا بِالمَغِيب؛ فَهَذَا يَعْني: أَنَّ عَلَى أَنْقَاضِهَا أُمَّةً أُخْرَى سَتُشْرِقُ شَمْسُهَا مِنْ جَدِيد، فَكُلُّ حَضَارَةٍ لَهَا فَتْرَةُ شَبَابٍ وَفَتْرَةُ شَيْخُوخَة، وَإِنَّ أُمَّةَ الإِسْلَامِ عَاشَتْ عَصْرَهَا الذَّهَبي، وَالَّذِي نَرْجُو أَنْ يَعُودَ بَعْدَ طُولِ رُكُود، وَيَظْهَرَ في الأَبْنَاء: مَنْ يُعِيدُ مجْدَ الآبَاء، الَّذِينَ أَنَارُواْ الأَرْضَ بِالعِلْمِ وَالعُلَمَاء 00
جِيلٌ عِنْدَمَا تُقَلِّبُ بَصَرَكَ فِيه ثمَّ تَعُودُ فَتُقَلِّبُهُ في جِيلِ اليَوْم؛ يَنْقَلِبُ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئَاً وَهُوَ حَسِير
وَمِمَّا يُذْكَرُ لِنِزَارٍ مِن حَسَنَاتِهِ (غَفَرَ اللهُ لَهُ) قَوْلُه:
" إِذَا كُنَّا قَدْ فَشِلْنَا فَلَا غَرَابَة؛ فَلأَنَّا تَسَلَّحْنَا بِالخَطَابَة، وَبِالعَنْتَرِيَّاتِ الَّتي مَا قَتَلَتْ ذُبَابَة "
طَرْحُ بَعْضِ الحُلُول؛ سَرِيعَةِ المَفْعُول:
فَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُفَكِّرَ في حُلُول، فَلَا بُدَّ أَنْ نُفَكِّرَ في الحَلِّ المَعْقُول 0
أَوَّلاً: بِالْعَوْدَةِ الحَقِيقِيَّةِ إِلىَ الإِسْلَام 0
إِنَّ الإسْلَامَ هُوَ الحَلُّ في الوَقْتِ الحَالي وفي كُلِّ وَقْت؛ بِالعَوْدَةِ إِلى تَعَاليمِهِ القَوِيمَة والتَّمَسُّكِ بِمَبَادِئِهِ السَّامِيَة، فَمَا تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الدُّوَلُ إِلَاّ بِإِتْقَانِ العَمَل، وَرِعَايَةِ حُقُوقِ الإِنْسَان 000 إِلخ
الإِسْلَامُ هُوَ سِرُّ نَهْضَةِ الْغَرْبِ قَدِيمَاً وَحَدِيثَاً
فَقَدِيمَاً تَقَدَّمُواْ بِمَا دَرَسُوهُ عَلَى يَدِ المُسْلِمِينَ في جَامِعَاتِ قُرْطُبَةَ وَإِشْبِيلِيَّة، وَبِمَا تَرْجَمُوهُ عَنَّا، وَتَقَدَّمُواْ حَدِيثَاً؛ لأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ بِالقُرْآن وَلَا يَعْلَمُونَ بِهِ، أَمَّا المُسْلِمُونَ فَيَعْلَمُونَ بِهِ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ!!
فَلَمْ يخْطِئِ الإِمَامُ المُصْلِحُ محَمَّد عَبْدُه عِنْدَمَا قَالَ فِيهِمْ:
" وَجَدْتُ هُنَاكَ إِسْلَامَاً بِلَا مُسْلِمِين، وَهُنَا وَجَدْتُ مُسْلِمِين بِلَا إِسْلَام " 0
وَصَدَقَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ رضي الله عنه عِنْدَمَا وَصَفَهُمْ فَقَال:" إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالاً أَرْبَعَاً: إِنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة ـ أَيْ أَعْقَلُ النَّاس ـ وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَة، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّة، وَخَيرُهُمْ لمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيف، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَة: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ المُلُوك "[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2898 / عَبْد البَاقِي]
وَفي رِوَايَةٍ: " وَأَجْبَرُ النَّاسِ عِنْدَ مُصِيبَة " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2898 / عَبْد البَاقِي]
لَيْتَ المُسْلِمِينَ عَمَدُواْ إِلى هَذِهِ السُّلُوكِيَّاتِ فَنَقَلُوهَا إِلى بِلَادِهِمْ 00
وَلَرُبَّمَا انْتَفَعَ الفَتى بِعَدُوِّهِ * كَالسُّمِّ أَحْيَانَاً يَكُونُ دَوَاءَ ا
{الطِّغْرَائِيّ}
لَيْتَهُمْ قَلَّدُوهُمْ في التُّكْنُولُوجْيَا وَالطِّبّ، كَمَا قَلَّدُوهُمْ في المُوضَةِ وَالمِيني جِيبّ 00!!
وَلَكِنَّهُمْ لِلأَسَف: أَخَذُواْ مِنهُمْ أَسْوَأَ مَا عِنْدَهُمْ، نَظَرُواْ إِلى كُلِّ شَيْءٍ عَار: وَاتخَذُوهُ شِعَار!
فَتَشَبَّهُواْ بِالغَرْبِ حَتىَّ أَوْشَكُواْ * أَنْ يَعْبُدُوهُ عِبَادَةَ الأَصْنامِ
تَقْلِيدَ أَعْمَىً قَلَّدُواْ وَلِذَا فَقَدْ * تَبِعُواْ نِظَامَهُمُ بِغَيرِ نِظَامِ
كُلَّ هَذَا لِيَكُونُواْ مِثْلَهُمْ، وَشَتَّانَ بَيْنَ جَرَّةِ الجُبْنِ القَدِيمِ وَجَرَّةِ العَسَل 00!!
فَلوْ لَبِسَ الحِمَارُ مِنَ الحَرِيرِ * لَقَالَ النَّاسُ يَا لَكَ مِن حِمَارِ
حَتىَّ في اللَّعِبِ مِنْ شِدَّةِ خَيْبَتِنَا لَا نَسْتَطِيعُ تَقْلِيدَهُمْ فِيه 00!!
أَلَسْنَا قَدْ أَهَنَّاهُ فَهَانَا * وَقُلْنَا كُنْ فِرِنْجِيَّاً فَكَانَا
{الشَّاعِرُ الْقَرَوِيّ / رَشِيد سَلِيمٌ الخُورِي}
** مَا المَرْءُ إِلَاّ حَيْثُ يجْعَلُ نَفْسَهُ **
جُحْرُ الضَّبِّ وَسِرُّ ضَرْبِ المَثَلِ بِه
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرَاً شِبْرَاً، وَذِرَاعَاً بِذِرَاع، حَتىَّ لَوْ دَخَلُواْ جُحْرَ ضَبّ؛ تَبِعْتُمُوهُمْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7320 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2669 / عَبْد البَاقِي]
وَهَذِهِ العِبَارَةُ الأَخِيرَة: بحَثْتُ عَنهَا في مَعَاجِمَ كَثِيرَة، حَتىَّ عَثَرْتُ عَلَيْهَا أَخِيرَاً في كُتُبِ الحَيَوَان، بَدَأْتُ أُفَكِّرُ مَا هُوَ السَّيِّئُ في حَيَاةِ الضَّبِّ حَتىَّ يَضْرِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ المَثَل 00؟!
اتَّضَحَ الآتي 00 أَوَّلاً: الضَّبُّ هَذَا حَيَوَانٌ كَالتِّمْسَاحِ في الشَّكْل، أَمَّا مِن حَيْثُ الطُّولِ فَهُوَ نِصْفُ مِتْرٍ تَقْرِيبَاً، يُؤْكَلْ لَحْمُه، إِلَاّ أَنَّهُ حَيَوَانٌ ضَعِيف، لَيْسَ لَهُ فَكٌّ كَفَكِّ التِّمْسَاح، وَلَا مخَالِبُ كَمَخَالِبِ النَّمِر، يُدَافِعَ بِهَا عَنْ نَفْسِه؛ فَمَاذا يَصْنَع 00؟!
يَأْوِي إِلى جُحْرِهِ الحَيَّاتِ وَالعَقَارِبَ وَالثَّعَابِين؛ وَمِن هُنَا ضَرَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِهِ المَثَلَ فَقَال:
" حَتىَّ لَوْ دَخَلُواْ جُحْرَ ضَبّ؛ تَبِعْتُمُوهُمْ " 0
أَمَّا شُرَّاحُ الحَدِيث؛ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ تِلْكَ النُّقْطَةَ مِنهُمْ إِلَاّ المَنَاوِيُّ في " فَيْضِ القَدِيرِ " فَقَال: " وَخَصَّ جُحْرَ الضَّبِّ صلى الله عليه وسلم لِشِدَّةِ ضِيقِه، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لاِقْتِفَائِهِمْ آثَارَهُمْ، وَاتِّبَاعِهِمْ مَنَاهِجَهِمْ؛ لَوْ دَخَلُواْ في مِثْلِ ذَلِكَ الضِّيقِ الرَّدِيءِ لَوَافَقُوهُمْ " 0
[المَنَاوِيُّ في " فَيْضِ القَدِيرِ " طَبْعَةِ المَكْتَبَةِ التِّجَارِيَّةِ الْكُبرَى بِمِصْر 0 ص: 261/ 5]
وَفي حَدِيثٍ آخَرَ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبرَاً بِشِبر، وَذِرَاعَاً بِذِرَاع؛ حَتىَّ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ، وَحَتىَّ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ جَامَعَ أُمَّهُ بِالطَّرِيقِ لَفَعَلْتُمُوه " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 5067، 1348، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 8404]
وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى التَّقْلِيدَ الأَعْمَى 00!!
خُطُوَاتُنَا نحْوَ التَّقَدُّمِ أَصْبَحَتْ مُتَعَثِّرَة
كَمْ ذَا نُقَاسِي كَيْ نَرَى بَعْضَ الْعُقُولِ النَّيِّرَة
فَشَبَابُنَا مُتَخَلِّفٌ وَشُعُوبُنَا مُتَأَخِّرَة
وَلِذَاكَ أَصْبَحْنَا نُلَقَّبُ أُمَّةً مُتَأَخِّرَة
أَوْضَاعُهَا في كُلِّ شِبْرٍ أَصْبَحَتْ مُتَفَجِّرَة
أَعْدَاؤُهَا مِنْ جَهْلِهَا لَعِبُواْ بِهَا لِعْبَ الْكُرَة
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
يَا أُمَّةً ضَحِكَت مِنْ جَهْلِهَا الأُمَمُ
في كُلِّ يَوْمٍ نَرَى لِلغَرْبِ خَارِقَةً * وَلَيْسَ لِلشَّرْقِ إِلَاّ السَّمْعُ وَالبَصَرُ
القَوْمُ يَبْتَكِرُونَ المُعْجِزَاتِ لَهُمْ * وَنحْنُ نَمْدَحُ مَا اخْتَرَعُواْ وَمَا ابْتَكَرُواْرُ
{محْمُود غُنَيْم 0 بِتَصَرُّف}
وَاأَسَفَا عَلَى قَوْمِي 00
تَقَدَّمَ كُلُّ بَطِيءِ الخُطَا * وَهُمْ وَحْدَهُمْ رَجَعُواْ القَهْقَرَى
أَذَلَّهُمُ كُلُّ شَعْبٍ ذَلِيلٍ * وَكَانَ لَهُمْ أَمْسِ مُلكُ الثَّرى
وَمَن خَطَبَ المجْدَ شَدَّ المَطَايَا * إِلَيْهِ وَخَاضَ الدَّمَ الأَحْمَرَا
{محْمُود غُنَيْم}
الْقَدَرُ لَيْسَ شَمَّاعَةً لِنُعَلِّقَ عَلَيْهِ أَخْطَاءنَا
وَهَكَذَا: جَعَلْنَا مِنَ القَدَرِ " شَمَّاعَةً " عَلَّقْنَا عَلَيْهَا تخُلُّفَنَا عَنْ سَائِرِ الأُمَم 00!!
نِمْنَا فَخِلْنَا كُلَّ طَرْفٍ نَائِمَاً * مَا أَجْهَلَ الْوسْنَانَ بِالْيَقظَانِ
قَالُواْ: عَامِرَ بْنَ رَبِيعَة؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاه 00؟!
إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِن أَخِيهِ مَا يُعْجِبُه: فَليَدْعُ لَهُ بِالبرَكَة " 0
ثُمَّ دَعَا صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ؛ فَأَمَرَ عَامِرَاً أَنْ يَتَوَضَّأ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيهِ إِلىَ المِرْفَقَين، وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِه، وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْه " 0
[وَدَاخِلَةُ الإِزَار: الجُزْءُ الدَّاخِلِيُّ مِنهُ مِمَّا يَلِي الجَسَد، وَالَّذِي يُلَفُّ عَلَيْهِ سَائِرُ الإِزَار 0 لِسَانُ العَرَب: 240/ 11، صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَة وَفي الجَامِعِ الصَّحِيحِ وَمِشْكَاةِ المَصَابِيحِ، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]
سَحَقَ القَوِيُّ بِهَا الضَّعِيفَ وَدَاسَهُ * وَمَشَى عَلَى أَرْضٍ مِنَ الأَبْدَانِ
بِئْسَ الْوَغَى يَجْني الجُنُودُ حُتُوفَهُمْ * في سَاحِهَا وَالفَخْرُ لِلتِّيجَانِ
مَا بَالُكُمْ لَا تَغْضَبُون لِدِينِكُمْ * غَضَبَاتِ مَلْطُومِ الجَبِينِ مُهَانِ
قُومُواْ عَلَيْهِمْ طَالِبُواْ بِحُقُوكِمْ * وَتَشَبَّهُواْ بِالصِّينِ وَاليَابَانِ
يَا أُمَّةً لَعِبَتْ بِدِينِ نَبِيِّهَا * مِنْ بَعْدِهِ كَتَلَاعُبِ الصِّبْيَانِ
تَرَكَ المَسِيحِيُّونَ مَا أُمِرُواْ بِهِ * وَالمُسْلِمُونَ بَغَوْاْ عَلَى القُرْآنِ
لَا ذَنْبَ لِلأَقْدَارِ في إِذْلَالِنَا * هَذَا جَزَاءُ الْغَافِلِ المُتَوَاني
{محَمَّدٌ الأَسْمَرُ وَآخَرُون 0 بِتَصَرُّف}
وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ الإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رحمه الله 00
فَقَالَ قَوْلَةَ حَقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً * وَأَصْبَحَ الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ يَرْوِيهَا:
{حَافِظ إِبْرَاهِيم؟}
" لَنْ يُصْلِحَ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلَاّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلهَا " 0
[ابْنُ القَيِّمِ في " إِغَاثَةِ اللهْفَان " بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 بَيرُوت 0 ص: 200/ 1]
مَا بَالُ رَمَضَان؛ لَمْ يَعُدْ شَهْرَ انْتِصَارَاتٍ كَمَا كَان
في نَفْسِ هَذَا الوَقْتِ مِنْ كُلِّ عَامٍ وَفي رَمَضَان؛ تُضْرَبُ دَوْلَةٌ مُسْلِمَةٌ وَتُهَان: مَرَّةً العِرَاقُ وَأُخْرَى أَفْغَانِسْتَان؛ فَمَا بَالُ رَمَضَانَ لَمْ يَعُدْ شَهْرَ انْتِصَارَاتٍ كَمَا كَان 00؟!
وَيجِيبُ رَمَضَانُ قَائِلاً: أَنَا كَمَا أَنَا لَمْ أَتَغَيَّرْ، إِنَّ نُفُوسَكُمْ هِيَ الَّتي تَغَيَّرَتْ 00
قَدْ يَقُولُ قَائِل: لِمَ لَا يَنْصُرُنَا اللهُ كَمَا نَصَرَ الصَّحَابَة 00؟!!
وَهَذَا أَقُولُ لَهُ: وَمَنْ نحْنُ حَتىَّ نُقَارَنَ بِالصَّحَابَة، الَّذِينَ نَظَرُواْ إِلى الدُّنيَا فَعَبَرُوهَا وَحَمِدُواْ اللهَ عَلَى السَّلَامَة، أَمَّا المُسْلِمُونَ اليَوْمَ فَنَظَرُواْ إِلى الدُّنيَا فَعَمَرُوهَا حَتىَّ نَسُواْ يَوْمَ القِيَامَة 00!!
الصَّحَابَةُ الَّذِينَ يُوجَدُ اليَوْمَ في المُسْلِمِينَ مَنْ يَسُبُّهُمْ، وَيُحَقِّرُ مِنْ شَأْنِهِمْ 00!!
عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيِّ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
" لَا تَسُبُّواْ أَصْحَابي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبَاً؛ مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَه " 0 [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3673 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْمَيْ: 2540، 2541 / عَبْد البَاقِي]
وَعَن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ رضي الله عنه قَال: قَالَتْ لي عَائِشَةُ رضي الله عنها: " يَا ابْنَ أُخْتي، أُمِرُواْ أَنْ يَسْتَغْفِرُواْ لأَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَبُّوهُمْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 3022 / عَبْد البَاقِي]
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يحْيىَ بْنَ مَعِينٍ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ يَقُول: " إِنَّا لَنَطْعَنُ عَلَى أَقْوَامٍ؛ لَعَلَّهُمْ قَدْ حَطُّواْ رِحَالَهُمْ في الجَنَّةِ مِن أَكْثَرَ مِنْ مِاْئَةِ سَنَة " 0 [الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 269/ 13]
لِمَاذَا يَا عَبَاقِرَةَ الْكِتَابَة * تَرَكْتُمْ مَنْ يَنَالُ مِنَ الصَّحَابَة
وَلَوْ ذُدْتُمْ عَنِ الإِسْلَامِ يَوْمَاً * سَيَحْسِبُ كُلُّ زِنْدِيقٍ حِسَابَه
فَأَيْنَ الأَزْهَرُ المَيْمُونُ مِنهُمْ * لِيَصْفَعَهُمْ وَأَيْنَ هِيَ الرَّقَابَة
لِهَذَا الحَدِّ في الإِعْلَامِ ضَاعَتْ * لِقَدْرِ الدِّينِ في مِصْرَ المَهَابَة
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
أَصْحَابُ الْفِكْرِ المَسْمُوم
كَيْفَ يَنْصُرُنَا اللهُ وَفِينَا مَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ القَبر، وَمَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَة، وَمَنْ طَعَنَ في البُخَارِي؟!
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَال: " خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَفي رِوَايَةٍ: خَطَبَنَا ـ فَحَمِدَ اللهَ تَعَالى وَأَثْنى عَلَيْه، فَذَكَرَ الرَّجْمَ فَقَال: لَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالى، أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَه، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَائِلُون: زَادَ عُمَرُ في كِتَابِ اللهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ:
لَكَتَبْتُهُ في نَاحِيَةٍ مِنْ المُصْحَف: شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، وَفي رِوَايَةٍ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَفُلَانٌ وَفُلَان: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِه، أَلَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّال، وَبِالشَّفَاعَةِ وَبِعَذَابِ القَبْر، وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امْتَحَشُواْ " 0 [امْتَحَشُواْ: أَيْ تَفَحَّمُواْ 0 ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ في " ظِلَالِ الجَنَّة " برَقْم: (393)، وَقَالَ فِيهِ الإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في " المجْمَعِ ": فِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْد 0 وَهُوَ سَيِّءُ الحِفْظ 0 وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَات 0 ص: (289/ 10)، رَوَاهُ أَحْمَدُ في " مُسْنَدِهِ " برَقْم: 157]
عَنِ المِقدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" أَلَا إِنيِّ أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَه؛ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُول: عَلَيْكُمْ بهَذَا القُرْآنِ فَمَا وَجَدْتمْ فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوه، وَمَا وَجَدْتمْ فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوه " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ أَبي دَاوُدَ برَقْم: 4604، وَفي سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ برَقْم: 12، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 17174]
وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ المِقدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الحَدِيثُ عَنيِّ وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُول: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ الله، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالاً اسْتَحْلَلنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامَاً حَرَّمْنَاه؛ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ كَمَا حَرَّمَ الله " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ وَفي الجَامِعِ برَقْمَيْ: 2664، 4422، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في المُسْنَدِ بِرَقْم: 17194]
وَفي حَدِيثٍ آخَرَ لأَبي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَا أَلفَيَنَّ ـ أَيْ لَا أَلقَينَّ ـ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئَاً عَلَى أَرِيكَتِه، يَأَتِيهِ الأَمْرُ مِن أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنهُ فَيَقُول: لَا أَدْرِي 00 مَا وَجَدْنَاهُ في كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاه " 0 [قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامَينِ أَبي دَاوُدَ وَفي ابْنِ مَاجَةَ برَقْم: 4605، 13]
عَن أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر: إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الحَضَرِ وَصَلَاةَ الخَوْفِ في الْقُرْآن، وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ في الْقُرْآن؛ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: يَا ابْنَ أَخِي؛ إِنَّ اللهَ عز وجل بَعَثَ إِلَيْنَا محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم وَلَا نَعْلَمُ شَيْئَاً، وَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَا محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم يَفْعَل " 0
[وَثَّقَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُننيِ الإِمَامَينِ النَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 1434، 1066]
ثمَّ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ الَّذِي يُؤْمِنُونَ بِهِ إِنْ كَانُواْ صَادِقِينَ سَلْهُمْ مَنِ الَّذِي أَتَانَا بِه 00؟
سَيَقُولُونَ: أَتَانَا بِهِ رَسُولُ الله؛ قُلْ لَهُمْ: فَكَيْفَ تُكَذِّبُونَهُ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون 00؟!
فَسَيُنغِضُونَ إِلَيْكَ رُءوسَهُمْ 00!!
ثمَّ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ الَّذِي يُؤمِنُونَ بِهِ عَلَى حَدِّ زَعْمِهِمْ يَقُول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنهُ فَانْتَهُواْ، وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَاب} {الحَشْر: 7}
وَيَقُولُ أَيْضَاً:
{فَليَحْذَرِ الَّذِينَ يخَالِفُونَ عَن أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [النُّور: 63]
انظُرْ: مجَرَّدُ المُخَالَفَةِ لِسُنَّتِهِ صلى الله عليه وسلم تُوجِبُ العَذَابَ الأَلِيمَ فَكَيْفَ بمَنْ يُنْكِرُهَا 00؟
صَحَافَةٌ أُصِيبَتْ بِالإِفْلَاسِ الفِكْرِيّ
يَرْحَمُ اللهُ فَضِيلَةَ الشَّيْخ عَبْدِ الحَمِيد كِشْك عِنْدَمَا قَالَ في حَادِثَةٍ مُشَابهَةٍ نُشِرَتْ بِالصُّحُف:
" 000 إِعْلَامُ مِصْرَ الَّذِي أُصِيبَ بِالإِفْلَاسِ الفِكْرِيّ؛ فَلَا يَنْشُرُ إِلَاّ مَا يُصَادِمُ العَقِيدَة، لَوْ كَانَ الإِعْلَامِيُّونَ عِنْدَنَا يُعَظِّمُونَ حُرُمَاتِ الله؛ مَا نَشَرُواْ هَذِهِ السُّمُومَ عَلَى النَّاس " 0
[فَضِيلَةُ الشَّيْخ / عَبْدِ الحَمِيد كِشْك في " الخُطَبُ المِنْبَرِيَّةُ " بِتَصَرُّف: 140/ 9]
اللهُمَّ إِنْ كَانُواْ ضَالِّينَ فَاهْدِهِمْ، أَمَّا إِنْ كَانُواْ يُضِلُّونَ النَّاسَ عَلَى عِلمٍ فَلَا تمِتهُمْ حَتىَّ تُرِيَنَا فِيهِمْ آيَةً أَوْ تُصِيبَهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم، وَاصْرِفِ اللهُمَّ كَيْدَهُمْ عَن عَوَامِّ المُسْلِمِين، اللهُمَّ آمِين 0
فَكَيْفَ لَا يَنزِلُ بِنَا غَضَبُ اللهِ وَنحْنُ أَحْسَنُ حَسَنَاتِنَا سَيِّئَة، وَأَصْغَرُ سَيِّئاتِنَا كَبِيرَة 0
وَلَيْسَ بِعَامِرٍ بُنيَانُ قَوْمٍ * إِذَا أَخْلَاقُهُمْ كَانَتْ خَرَابَا
{أَمِيرُ الشُّعَرَاء / أَحْمَد شَوْقِي}
كَيْفَ تُنْصَرُ أُمَّةٌ لَا يُنْصَرُ فِيهَا الضَّعِيف
وَهَذَا حَدِيثٌ أُهْدِيهِ لِلْعَامِلِينَ بِأَقْسَامِ الشُّرْطَةِ عَلَى وَجْهِ الخُصُوص، وَلِلْعَامِلِينَ بِوَزَارَتيِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالْعَدْلِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُوم؛ لأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ وَكَلَ اللهُ إِلَيْهِمْ نُصْرَةَ المَظْلُوم:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَال:" لَمَّا رَجَعَتْ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةُ البَحْر؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَلَاّ تُحَدِّثُوني بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الحَبَشَة " 00؟
قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوس؛ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاء، فَمَرَّتْ بِفَتىً مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَينَ كَتِفَيْهَا، ثمَّ دَفَعَهَا،
فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا؛ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ؛ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَر؛ إِذَا وَضَعَ اللهُ الْكُرْسِيّ، وَجَمَعَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِين، وَتَكَلَّمَتِ الأَيْدِي وَالأَرْجُلُ بمَا كَانُواْ يَكْسِبُون؛ فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدَاً؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللهُ أُمَّةً؛ لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقْم: (8727)، وَحَسَّنَهُ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4010]
عَيْني أَطَلَّتْ لحَالِ المُسْلِمِينَ بَكَتْ * كَمْ بَينَ أُمَّتِنَا وَالنَّصْرِ مِن حِقَبِ
إِنيِّ رَجَوْتُكَ يَا رَبيِّ عَلَى ثِقَةٍ * بِأَنَّ مَنْ يَرْتجِي الرَّحْمَنَ لَمْ يَخِبِ
يَا رَبِّ هَيِّئْ لَنَا مِن أَمْرِنَا رَشَدَاً * فَكَمْ تَعِبْنَا وَلَمْ نَرْبحْ سِوَى التَّعَبِ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني 0 بِاسْتِثْنَاءِ المِصْرَاعِ الثَّاني مِنَ الْبَيْتِ الأَخِير}
أَصْلِحُواْ أُمُورَ دِينِكُمْ؛ يُصْلِحِ اللهُ أُمُورَ دُنيَاكُمْ
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَة " 00 قَالُواْ: فَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ نَصْنَع 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم:" تَرْجِعُونَ إِلى أَمْرِكُمُ الأَوَّل " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ بِرَقْم: (3165)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِيرِ وَالأَوْسَط]
احفظ اللهَ يحْفَظك، وَكَأَنِّي بِقَائِلٍ يَقُول: يَا رَبّ؛ كَيْفَ أَحْفَظُكَ وَأَنْتَ رَبُّ العَالمِين 00؟!!
حِفظُكَ للهِ بِأَنْ تحْفَظَ حُدُودَه، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تعَالى:{إِنْ تَنْصُرُواْ اللهَ يَنْصُرْكُمْ}
{محَمَد: 7}
{وَقَالَ اللهُ إِنيِّ مَعَكُمْ لَئِن أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي} {المَائِدَة/12}
ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ المُسْلِمِينَ اليَوْمَ لَا يُصَلُّون، وَالرُّبْعُ الَّذِي يُصَلِّي؛ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لَا يَعْمَلُ بِالصَّلَاة، أَوْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاة؛ كَمَا أَمَرَ الله:[رُبْعَ الْعُشْر]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَنَعَتِ العِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِن حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِن حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِن حَيْثُ بَدَأْتُمْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2896 / عَبْد البَاقِي]
وَالقَفِيز: مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لَدَى أَهْلِ العِرَاق، وَالمُدِيّ: مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لَدَى أَهْلِ الشَّام، وَكَذَلِكَ الإِرْدَبّ: مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لَدَى أَهْلِ مِصْر 0
أَحَجَّاجُ إِمَّا أَنْ تَمُنَّ بِرَدِّهِ * عَلَيَّ وَإِلَاّ الآنَ فَاقْتُلْني مَعَهْ
أَحَجَّاجُ لَا تَفْجَعْ بِهِ إِنْ قَتَلْتَهُ * أَبَاهُ وَزَوْجَتَهُ وَأَبْنَاءَ أَرْبَعَة
أَحَجَّاجُ لَا تَتْرُكْ عَلَيْهِ جَمَاعَةً * مِنَ الأَهْلِ وَالجِيرَانِ يَبْكُونَ مَصْرَعَه
{بِنْتُ عَبَّادِ بْنِ أَسْلَمَ البَكْرِيّ}
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
مَهْلاً أَبَيْتَ اللَّعْنَ لَا تَأْكُلْ مَعَهْ * إِنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ
وَإِنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا إِصْبَعَهْ * يُدْخِلُهَا حَتىَّ يُوَارِي أَشْجَعَهْ
وَكَأَنَّمَا يَطْلُبُ شَيْئَاً ضَيَّعَهْ
°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°
مَتى يَبْلُغُ البُنيَانُ يَوْمَاً تَمَامَهُ * إِذَا كُنْتَ تَبْنِيهِ وَغَيْرُكَ يَهْدِمُه
وَهَكَذَا المُسْلِمُون: لَا يُصَلُّون 00 لَا يُزَكُّون، لِمَحَارِمِ اللهِ يَنْتَهِكُون 00 يَزْنُونَ أَوْ يَأْكُلُونَ الحَرَامَ وَيَظْلِمُون، وَحَتىَّ في إِيمَانِهِمْ يُشْرِكُون 00!!
وَحَتىَّ يَكُونَ النَّصْرُ حَلِيفَنَا؛ لَا بُدَّ مِن عَقْدِ صُلْحٍ مَعَ الله، وَأَنْ نُعِيدَ تَرْمِيمَ إِيمَانِنَا؛ لِقَوْلِهِ جل جلاله:{وَكَانَ حَقَّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِين} {الرُّوم/47}
عَن أُمَّ الدَّرْدَاءِ رضي الله عنها قَالَتْ: " دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه وَهُوَ مُغْضَب؛ فَقُلْتُ: مَا أَغْضَبَك 00؟
فَقَالَ رضي الله عنه:" وَاللهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم شَيْئَا؛ إِلَاّ أَنَّهُمْ يُصَلُّون " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 650 / فَتْح]
وَعَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَال: " لَقَدْ فَتَحَ الفُتُوحَ قَوْمٌ؛ مَا كَانَتْ حِلْيَةُ سُيُوفِهِمُ الذَّهَبَ وَلَا الفِضَّة، إِنَّمَا كَانَتْ حِلْيَتُهُمُ العَلَابيُّ وَالآنِكُ وَالحَدِيد " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2909 / فَتْح]
وَالمَقْصُودُ بِالعَلَابيِّ وَالآنِكِ وَالحَدِيد: أَيْ أَدَوَاتُ الحَرْبِ وَالسّلَاح 0
عَن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِذَا زَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، وَحَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ؛ فَالدَّمَارُ عَلَيْكُمْ " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (585، 1351)، وَأَوْقَفَهُ غَيرُ الأَلْبَانيِّ عَلَى أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه]
وَكَمَا يَقُولُ فَضِيلَةُ الشَّيْخ عَبْدُ الحَمِيد كِشْك:
" بَدَلاً مِن أَنْ يجَاهِدُواْ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا وَكَلِمَةُ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى؛ جَاهَدُواْ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الأَهْلِي هِيَ العُلْيَا وَكَلِمَةُ الزَّمَالِكِ السُّفْلَى " 00!!
وَإِسْرَائِيلُ إِذَا عَقَدَتِ العَزْمَ عَلَى غَزْوِ مِصْرَ لَنْ نُغنيَ لَهَا أَوْ نُلَاعِبَهَا كُرَة، لَكِنَّهَا الحَرْب، نَارٌ وَدِمَارٌ وَفَظَائِعُ كَفَظَائِعِ الصِّرْب؛ وَلَا بُدَّ أَنْ نُعِدَّ لَهَا العُدَّةَ مِنَ الآن 0
مَتى يَعُودُ المِصْرِيُّونَ إِلى أَخْلَاقِ الزَّمَنِ الجَمِيل؟!
أَتَدْرُونَ مَاذَا أَذَاعَ التِّلِيفِزْيُونُ المِصْرِيُّ بَعْدَ فَضِيحَةِ مُونِيكَا وَكِلِينْتُونَ المُدَوِّيَة 00؟!
سَلَّطَ المُخْرِجُ العَبْقَرِيُّ الكَامِيرَا عَلَى وَجْهِ كِلِينْتُونَ وَهُوَ يَعْلُوهُ الحُزْنُ وَالأَسَى ثُمَّ أَذَاعَ بَعْدَهَا رَأْسَاً أُغْنِيَةَ مَهَا البَدْرِي:
" إِنْتَ عَنْدِي أَهَمّ صَدَّقني، إِنْتَ عَنْدِي أَهَمّ " 00!!
أَيْ مِصْرُ مَعَكَ يَا كِلِينْتُون؛ فَلَا تَبْتَئِسْ وَلَا تحْزَن، وَإِنْ لَمْ تُوَفَّقْ مَعَ مُونِيكَا فَلَدَيْنَا في مِصْرَ أَلفُ مُونِيكَا 00!!
وَهَكَذَا المجْرِمُ الخَطِيرُ * في قَوْمِنَا فَاتِحٌ كَبِيرُ
هَلْ تَعْلَمُونَ مَاذَا فَعَلَتِ البُوتِيكَاتُ وَمحِلَاّتُ الخِرْدَوَاتِ وَالإِكْسِسْوَارَاتِ الحَرِيمِي عِنْدَنَا 00؟
رُبَّمَا كَانَ المَوْضُوعُ لَا يَسْتَحِقُّ التَّعْلِيقُ لَوْ كَانَ المَسْئُولُ عَنهُ يُمَثِّلُ حَالَةً فَرْدِيَّة، لَقَدْ تحَوَّلَ اسْمُ الْعَشَرَاتِ مِنهَا إِلى " بُوتِيك مُونِيكَا " 00؛ لِيَكُونَ الَاسْمُ مَصْيَدَةً في يَدِ أَصْحَابِ الْبُوتِيكَات؛ تَقَعُ فِيهَا الْفَتَيَاتُ الصَّغِيرَات 00!!
بَلَغْنَا عَنَانَ السَّمَاء، في التَّبَجُّحِ وَقِلَّةِ الحَيَاء 00!!
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يُوشِكُ أَنْ يَأْتيَ زَمَانٌ: يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، وَيَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاس ـ أَيْ بَقِيَّةٌ رَدِيئَةٌ لَا خَيرَ فِيهَا ـ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ [أَيْ فَسَدَتْ] وَاخْتَلَفُواْ وَكَانُواْ هَكَذَا: وَشَبَّكَ صلى الله عليه وسلم بَينَ أَصَابِعِه " 00 قَالُواْ: فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ الله 00؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: " تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُون، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَد، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ ابْنِ مَاجَةَ وَأَبي دَاوُد]
وَمَعْنى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُون ": أَيْ تَأْخُذُونَ المَعْرُوفَ وَتَتْرُكُونَ هَذَا المُنْكَرَ مِن أَخْلَاقِهِمْ 0
قَالَ تَعَالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}
{المَائِدَة/105}
وَمَعْنى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ ": أَيْ لَا عَلَيْكُمْ إِذَا خَشِيتُمْ تَطَاوُلاً أَوْ سَفَالَة ـ مِن هَذِهِ الحُثَالَة ـ أَنْ تَدَعُوهُمْ وَمَا يَعْمَلُون، وَأَنْ تَكْتَفُواْ بِدَعْوَةِ ذَوِي الْقُرْبىَ وَجِيرَانِكُمْ وَمَنْ تَعْرِفُونَهُ مِنهُمْ وَتَأْنَسُونَ مِنهُ رُشْدَاً 00 قَالَ تَعَالى:
{خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِين} {الأَعْرَاف/199}
جَرَائِمُ لَمْ يَكُ يَعْرِفُهَا المِصْرِيُّون
حَضَرْتُ خُطْبَةً في إِحْدَى الجُمُعَاتِ لخَطِيبٍ أَعْرِفُه، فَذَكَرَ كَشَاهِدِ عَيَانٍ قِصَّةً رَآهَا بِنَفْسِه، هَذِهِ أَحْدَاثُهَا:
كَانَتْ تَسِيرُ بِالطَّرِيقِ فَتَاةٌ في السَّادِسَةَ عَشْرَةَ مِن عُمْرِهَا، عَائِدَةً مِنَ المَدْرَسَة، وَإِذْ بِوِسَادَةٍ تَسْقُطُ أَمَامَهَا مِن إِحْدَى الشُّرُفَات، فَرَفَعَتِ الفَتَاةُ رَأْسَهَا؛ فَإِذَا بِسَيِّدَةٍ تُلَوِّحُ لَهَا بِيَدٍ وَتمْسِكُ بِالأُخْرَى حَبْلاً مُعَلَّقَةً فِيهِ سَلَّة، فَتَنَاوَلَتِ الفَتَاةُ الوِسَادَةَ وَوَضَعَتْهَا في السَّلَّة، فَإِذْ بِالخَبِيثَةِ تُفْلِتُ الحَبْلَ لِتَسْقُطَ السَّلَّة؛ فَتُضْطَرُّ الفَتَاةُ المِسْكِينَةُ لِلصُّعُودِ بِنَفْسِهَا ـ وَلَوْلَا طَلَبي لِتِلكَ لَمَا أُعْطِيتُ هَذِه ـ فَصَعِدَتِ
الفَتَاة، فَشَكَرَتهَا الخَبِيثَةُ وَقَدَّمَتْ لَهَا كُوبَاً مِن عَصِير، وَمَا أَدْرَاكَ مَا في العَصِير؟!
وَمَا أَن غَابَتِ الفَتَاةُ عَنِ الوَعْيِ حَتىَّ قَامُواْ بِبَقْرِ بَطْنِهَا وَاسْتِخْرَاجِ كُلْيَتِهَا، ثمَّ خَيَّطُواْ بَطْنَهَا وَغَادَرُواْ الشَّقَّةَ عَلَى الفَوْر، يَقُولُ هَذَا الخَطِيبُ مُعَلِّقَاً: لَقَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ الحَادِثَةُ ـ حَسْبَ قَوْلِ الصُّحُف: سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً في أَمَاكِنَ مخْتَلِفَة، دُونَ الْوُصُولِ إِلى شَيْء 00!!
وَذَكَرَ أَيْضَاً قِصَّةً مُشَابهَةً حَدَثَتْ مَعَ رَجُلٍ رَأَى مُشَاجَرَةً في الطَّرِيق، فَأَرَادَ التَّدَخُّلَ لِيَكُفَّ الشَّرَّ وَالأَذَى ـ وَإِن أَرَدْتَ المحَاجَزَة: فَقَبْلَ المُنَاجَزَة ـ فَجَاءَ تْهُ طَعْنَةٌ بِمِطْوَاةٍ مِن أَحَدِهِمْ، نُقِلَ بَعْدَهَا عَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ لِلمُسْتَشْفَى، وَلَكِنَّ الأَجَلَ كَانَ أَسْرَع؛ فَخَرَجَتْ نَفْسُهُ قَبْلَ الوُصُولِ إِلَيْهَا، فَقَامُواْ بِانْتِزَاعِ قَرَنِيَّتَيْهِ وَخَيَّطُواْ عَيْنَيْهِ وَلَصَقُواْ عَلَيْهِمَا شَرِيطَاً لَاصِقَاً، وَكَفَّنُوهُ وَسَلَّمُوهُ لأَوْلَادِه، وَلَوْلَا
أَنَّهُمْ أَصَرُّواْ عَلَى النَّظَرِ إِلى وَالِدِهِمْ لَمَا اكْتَشَفُواْ هَذِهِ الجَرِيمَةَ البَشِعَة!!
فَتَيَاتُ المَدَارِس، وَتَحَرُّشُ الأَبَالِس
إِنَّ مَنْ يَتَتَبَّعُ التَّغْيِير؛ الَّذِي طَرَأَ عَلَى الشَّعْبِ المِصْرِيِّ في الْعِقْدِ الأَخِير؛ يَتَأَكَّدُ أَنَّا سَائِرُونَ في مُنْزَلَقٍ خَطِير، وَأَعْرِضُ عَلَى حَضَرَاتِكُمْ حَادِثَةً وَقَعَتْ مَعَ صَدِيقٍ رَقِيق، وَشَاعِرٍ لِشِعْرِهِ بَرِيقٌ وَرَحِيق، وَهُوَ رَجُلٌ كَبِير، وَجَدِيرٌ بِكُلِّ احْتِرَامٍ وَتَقْدِير، يحْتَرِمُهُ كُلُّ الْعَامِلِينَ مِنَ المُدِيرِ إِلى الْغَفِير، وَنَظَرَاً لأَنَّ الشِّعْرَ لَا يَفْتَحُ بَيْتَاً، وَلَا يَشْتَرِي سَمْنَاً وَلَا زَيْتَاً؛ وَلَا يَكْسُو وَلَدَاً وَلَا بِنْتَاً؛ لِذَلِكَ اشْتَرَى حَافِلَةً
يَنْقِلُ عَلَيْهَا أَبْنَاءَ المَدَارِس، بَدَأَتِ المُشْكِلَةُ مِنْ شَهْرِ مَارِس، عِنْدَمَا تجَمَّعَ عَلَيْهِ الأَبَالِس، الَّذِينَ يَنْقِلُونَ التِّلْمِيذَاتِ وَضَغَطُواْ عَلَيْهِ بِشِدَّة؛ لِيَرْفَعَ أُجْرَةَ الاِشْتِرَاكِ عِنْدَه، فَمَا كَانَ مِن أُسْتَاذِنَا إِلَاّ أَنَّهُ رَفَضَ الضَّغْط، وَلَمْ يَسْتَجِبْ لِهَؤُلَاءِ الرَّهْط؛ فَلَجَأُواْ إِلى الأُسْلُوبِ المُغْرِي ـ
وَانْظُرْ إِلى الَانحِدَارِ الَّذِي وَصَلَ إِلَيْهِ المجْتَمَعُ المِصْرِي ـ هَدَاهُمْ طَبْعُهُمُ الخَسِيس، وَزَيَّنَ لَهُمْ إِبْلِيس؛ فِكْرَةً غَايَةً في الْقَذَارَة، أَنْ يَشْتَرُواْ جِهَازَ فِيدْيُو لِعَرْضِ أَفْلَامِ الإِثَارَة، بَلْ وَلَمْ يَكْتَفُواْ بهَذِهِ الحُلُول؛ حَتىَّ لجَأَ مِنهُمْ شَخْصٌ غَيرُ مَسْئُول، إِلى عَرْضِ مَنَاظِرَ أَقْذَرَ مِنهَا عَلَى المحْمُول، وَالمَمْنُوعُ مَرْغُوبٌ وَيَسْرِقُ الْعُقُول، لَا سِيَّمَا عُقُولَ بَنَاتٍ في سِنِّ المُرَاهَقَة، وَلِيُظْهِرُواْ لَهُ المَزِيدَ مِن عَدَمِ المُوَافَقَة؛ بَدَأُواْ
بَالتَّحَرُّشِ يَتَسَبَّبُونَ لَهُ في بَعْضِ المُضَايَقَة، إِلى أَن وَصَلَ الأَمْرُ بِهَؤُلَاءِ الذِّئَاب؛ إِلى التَّطَاوُلِ عَلَى الأُسْتَاذ محَمَّد عَبْد الْوَهَاب، أَيْنَ أَجْهِزَةُ الرَّقَابَةِ وَشُرْطَةُ الآدَاب، أَيْنَ هُمْ مِن أُوْلَئِكَ الأَوْغَاد، الَّذِينَ يَعِيثُونَ في الأَرْضِ الْفَسَاد، أَيْنَ شُرْطَةُ الجَوَازَاتِ لِيُرَحِّلُواْ مَنِ انْتَهَتْ إِقَامَتُهُ في الْبِلَاد، وَيَسْتَعْرِضُ عَلَى ابْنِ الْبَلَدِ الْفُتُوَّة، وَتَمْتَدُّ يَدُهُ عَلَى رَجُلٍ كَبِيرٍ لَا حَوْلَ لَهُ وَلَا قُوَّة 00؟!
وَتَعْقِيبَاً مِنيِّ عَلَى تِلْكَ الحَادِثَةِ المُؤَثِّرَة؛ كَتَبْتُ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ المُعَبِّرَة:
قَدْ كَانَ يَمْدَحُ أَهْلَ مِصْرَ الْعَالَمُ * وَيَقُولُ شَعْبٌ طَيِّبٌ وَمُسَالِمُ
قَدْ كَانَ بَيْنَهُمُ إِخَاءٌ صَادِقٌ * وَكَأَنَّمَا أَبْنَاءُ مِصْرَ تَوَائِمُ
كَانَتْ حُقُوقُ ذَوِي الحُقُوقِ مَصُونَةً * وَتُصَانُ لِلرَّجُلِ الْكَبِيرِ محَارِمُ
وَالْيَوْمَ صَارَ أَخُو الْفَضِيلَةِ وَالتُّقَى * إِن عَاشَ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَتَلَاءمُ
وَيُهَانُ بَيْنَهُمُ وَيُشْتَمُ عِرْضُهُ * وَبِدُونِ أَسْبَابِ الهُجُومِ يُهَاجَمُ
لَوْ يَتْرُكُونَ الْعُنْفَ كَيْ يَتَفَاهَمُواْ * إِنَّ الْبَهَائِمَ يَا أَخِي تَتَفَاهَمُ
فَتَرَاهُمُ حَوْلَ الضَّعِيفِ تَفَرْعَنُواْ * وَلِنَهْشِهِ مِثْلَ الذِّئَابِ تَزَاحَمُواْ
أَمَعَ الْقَوِيِّ نَعَامَةٌ أَوْ أَرْنَبٌ * وَمَعَ الضَّعِيفِ ثَعَالِبٌ وَضَرَاغِمُ
الظُّلْمُ أَصْبَحَ سَائِدَاً حَتىَّ لَقَدْ * ضَاقَتْ بِظُلْمِ الظَّالمِينَ محَاكِمُ
مِن عُصْبَةٍ لِلشَّرِّ تَفْتِكُ بِالْوَرَى * يَقْتَادُهَا فَظٌّ وَضِيعٌ ظَالِمُ
رَكِبُواْ سَفِينَتَةَ بِكُلِّ حَمَاقَةٍ * حَتىَّ لَقَدْ غَرِقَتْ وَمَعْهَا الطَّاقَمُ
مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْعَفْوَ يُصْلِحُ مِنهُمُ * قُولُواْ لَهُ يَا صَاحِ إِنَّكَ وَاهِمُ
لَا بُدَّ مِنْ رَدٍّ وَرَدْعٍ صَارِمٍ * وَلمِثْلِهِمْ يَجِبُ الْعِقَابُ الصَّارِمُ
جُرْحُ الجُلُودِ لَهُ مَرَاهِمُ جَمَّةٌ * وَالْقَلْبُ مَا لِلْجُرْحِ فِيهِ مَرَاهِمُ
المَدْرَسَةُ الَّتي شَهِدَتْ تِلْكَ الحَادِثَة: مَدْرَسَة مِصْر الجَدِيدَة الثَّانَوِيَّة لِلْبَنَات بِنَفَقِ الْعُرُوبَة 0
لَقَدْ تَغَيَّرَتِ الْبِيئَةُ المِصْرِيَّةُ بِصُورَةٍ عَجِيبَةٍ مُقْلِقَة، وَصَارَتْ تُنْذِرُ بحُلُولِ كَارِثَةٍ قَرِيبَةٍ محَقَّقَة 00
كَانَ الشّيخ كِشْك كَثِيرَاً مَا يَقُولُ في خُطَبِهِ:" ضَاعَتِ الأَخْلَاق؛ فَضَاقَتِ الأَرْزَاق "
الْقَضَاءُ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْفَسَاد
ثَانِيَاً: بِالإِقْلَاعِ عَنِ الرِّشْوَةِ وَمحَارَبَتِهَا 0
نَظَرْتُ لأَغْلَبِ المُسْتَخْدِمِينَا * فَلَمْ أَرَ فِيهِمُ حُرَّاً أَمِينَا
وَلَوْلَا ذَاكَ مَا لَبِسُواْ حَرِيرَاً * وَلَا شَرِبُواْ خُمُورَ الأَنْدَرِينَا
تَنَسَّكَ مَعْشَرٌ مِنهُمْ وَعُدُّواْ * مِنَ الزُّهَّادِ وَالمُتَوَرِّعِينَا
وَقِيلَ لَهُمْ دُعَاءٌ مُسْتَجَابٌ * وَقَدْ مَلَئُواْ مِنَ السُّحْتِ البُطُونَا
وَأَصْبَحَ هَمُّهُمْ تحْصِيلَ تِبرٍ * وَكَانَتْ رَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ نُونَا
فَاليَوْمَ أَصْبَحَ تخْلِيصُ كُلِّ شَيْءٍ مَرْهُونَاً بِالرِّشْوَةِ أَوِ المحْسُوبِيَّة، وَكَمَا قُلْتُ في أَزْجَالي:
" بِالوَاسْطَة وِبِالفُلُوسْ * تِشْترِي وِتْبِيعْ في النُّفُوسْ "
{يَاسِرٌ الحَمَدَانيّ}
ثمَّ يَتَسَاءلُ عَوَامُّ المُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِك: لِمَ لَا يَنْصُرُنَا اللهُ عَلَى أَعْدَائِنَا، وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى أَحْوَالِنَا؟!
مَنْ ذَا الَّذِي رَكِبَ الْفَسَادَ فَسَادَا
وَخَيرُ فِكْرَةٍ ـ لَا تُكَلِّفُ الدَّوْلَةَ شَيْئَاً ـ هَدَاني اللهُ إِلَيْهَا في مُكَافَحَةِ الرِّشْوَةِ وَالفَسَاد؛ هِيَ في الخُطُوَاتِ التَّالِيَة:
1 ـ اخْتِيَارُ شَخْصٍ لَا يُطْعَنُ في أَمَانَتِه 0
2 ـ إِعْطَاؤُهُ مَكَانَاً في قَلْبِ المَدِينَةِ المُرَادُ تَطْهِيرُهَا مِنَ الْفَسَاد، وَسَوْفَ يُسَدِّدُ ثَمَنَهُ لِلدَّوْلَة 0
3 ـ تَزْوِيدُ هَذَا المَكَانِ بِغُرْفَةِ مُرَاقَبَةٍ تِلِيفِزْيُونِيَّةٍ تُسَاعِدُهُ في مُهِمَّتِه 0
4 ـ تَزْوِيدُ هَذَا الشَّخْصِ بِثَلَاثِ كَامِيرَاتٍ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ لأَيِّ شَخْصٍ إِخْفَاؤُهَا لِتَسْجِيلِ حَالَةِ التَّلَبُّسِ لِلْجُرْثُومَةِ المُرَادِ اسْتِئْصَالُهَا: كَمُوَاطِنٍ بَلْطَجِي، أَوْ مُوَظَّفٍ مُرْتَشٍ، أَوْ ضَابِطٍ يَسْتَخْدِمُ الْبَطْشَ وَالتَّعْذِيبَ إِلخ 0
5 ـ يَتِمُّ الإِعْلَانُ في أَجْهِزَةِ الإِعْلَامِ عَن هَذَا المَكَانِ أَنَّهُ مُؤَسَّسَةٌ لِشَكَاوَى المُوَاطِنِين 0
6 ـ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَتَقَدَّمَ المُوَاطِنُ إِلى تِلْكَ المُؤَسَّسَةِ بِشَكْوَاه؛ يَتِمُّ أَخْذُ التَّعَهُّدَاتِ وَالضَّمَانَاتِ الْقَانُونِيَّةِ عَلَيْهِ الَّتي يُقِرُّ فِيهَا بِصِدْقِ شَكْوَاهُ وَبِالتَّعَاوُنِ الْكَامِلِ مَعَ هَذَا الجِهَازِ في ضَبْطِ هَذَا المجْرِم 0
7 ـ يَتِمُّ تَزْوِيدُهُ بِإِحْدَى هَذِهِ الْكَامِيرَاتِ الْكَافِيَةِ ـ بَعْدَ أَخْذِ التَّعَهُّدِ عَلَيْهِ بِرَدِّهَا مَرَّةً أُخْرَى ـ ثُمَّ يُعِيدُ الْكَرَّةَ بِالذَّهَابِ إِلى ذَلِكَ الْعُضْوِ الْفَاسِد، فَإِنْ تَكَرَّرَ خَطَأُهُ ـ وَهَذَا مَا سَيَحْدُثُ غَالِبَاً ـ تَمَّ الإِبْلَاغُ عَنهُ وَفَصْلُهُ نِهَائِيَّاً مِن هَذَا المَنْصِبِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّه، وَتَغْرِيمُهُ غَرَامَةً تُقَدَّرُ بِقَدْرِ جَرِيمَتِهِ وَتَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ سِعْرِ الصَّرْف، وَتَكُونُ بِأَثَرٍ رَجْعِيّ، وَمِن هَذِهِ الْغَرَامَاتِ يَتِمُّ الإِنْفَاقُ عَلَى
المَبْنى وَدَفْعُ رَوَاتِبِ المُوَظَّفِينَ وَقِيمَةُ الأَرْض، وَمَا زَادَ ـ وَمَا أَكْثَرَ اللُّصُوصَ وَالمُرْتَشِين ـ يُسْتَخْدَمُ في تَطْوِيرِ هَذَا الجِهَاز، وَمَا زَادَ يُسْتَخْدَمُ في رِعَايَةِ الْكَوَادِرِ النَّادِرَة؛ مِنْ فُضَلَاءِ العُلَمَاءِ الْعَبَاقِرَة، وَالخَيِّرِينَ مِنَ المُبْتَكِرِينَ غَيرِ الْقَادِرِين، وَبهَذَا تَعْلُو رَايَةُ الحَقّ، وَتُسْتَأْصَلُ جُذُورُ الْفَسَاد 0
وَلَكِنْ فَقَطْ: تُوجَدُ النِّيَّةُ الحَقِيقِيَّةُ لَدَى الْبِلَاد؛ في محَارَبَةِ الْفَسَاد 00!!
وَأَخِيرَاً وَلَيْسَ آخِرَاً: بَثُّ المَوَادِّ الدِّينِيَّةِ وَالْوَعْظِيَّةِ عَبْرَ أَجْهِزَةِ الإِعْلَام؛ الَّتي تُسَاعِدُ عَلَى إِرْسَاءِ قَوَاعِدِ هَذَا الْكَلَام، وَتُنَفِّرُ المُوَاطِنَ مِنَ الدَّخْلِ الحَرَام، وَنَشْرُ اللَاّفِتَاتِ الدِّينِيَّة، وَالمُلْصَقَاتِ الَّتي يُكْتَبُ عَلَيْهَا مِنَ الأَحَادِيثِ وَالأَشْعَارِ وَالْعِبَارَاتِ مَا يُنَفِّرُ المُوَاطِنَ مِنْ تِلْكَ السُّلُوكِيَّات 0
عِنْدَئِذٍ يَنْصُرُنَا اللهُ عَلَى أَعْدَائِنَا
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَيَشُدُّ اللهُ عز وجل قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيمْنَعُونَ مَا في أَيْدِيهِمْ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (3180 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1370 / عَبْد البَاقِي]
مرَّ نَبيُّ اللهِ مُوسَى عليه السلام بِرَجُل يَدْعُو وَيَتَضَرَّع؛ فَقَالَ عليه السلام: يَا رَبّ؛ ارْحَمْهُ فَإِنيِّ قَدْ رَحِمْتُه، فَأَوْحَى اللهُ تَعَالى إِلَيْه: لَو دَعَاني حَتىَّ تَنْقَطِعَ قُوَاهُ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حَتىَّ يَنْظُرَ في حَقِّي عَلَيْه "
[ابْنُ القَيِّمِ في إِغَاثَةِ اللهْفَان بِالطَّبْعَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِ المَعْرِفَة 0 ص: 88/ 1]
كَيْفَ نُرِيدُ اللهَ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَنَا وَنَحْنُ لَا نَسْتَجِيبُ لَهُ 00؟!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}
{الأَنْفَال/24}
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَر، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلى السَّمَاءِ يَا رَبّ، يَا رَبّ؛ وَمَطْعَمُهُ حَرَام، وَمَشْرَبُهُ حَرَام، وَمَلْبَسُهُ حَرَام، وَغُذِّيَ بِالحَرَام؛ فَأَنىَّ يُسْتَجَابُ لِذَلِك " 00؟!
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1015 / عَبْد البَاقِي]
وَلَوْ نَصَرَ اللهُ المُسْلِمِينَ في كُلِّ مَوْضِعٍ لأَصْبَحَ كُلُّ النَّاسِ مُسْلِمِين، وَلَوْ كَانَ اللهُ يُرِيدُهُمْ كَذَلِكَ لخَلَقَهُمْ مُسْلِمِينَ مِن أَوَّلِ مَرَّة، وَلَكِنَّ اللهَ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَيَعْلَمَ الكَاذِبِين، وَلِيرْفَعَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الكَافِرِين؛ وَلِتَكُونَ أَعْمَالُنَا شَاهِدَةً عَلَيْنَا 00!!
بِطَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ الرَّسُول؛ تَنْكَشِفُ الْغُمَّةُ وَتَزُول
وَإِذَا نَظَرْنَا إِلى الدُّرُوسِ المُسْتَفَادَةِ مِن غَزْوَةِ أُحُدٍ وَجَدْنَا أَنَّ اللهَ تَعَالى لَمْ يَنْصُرِ المُسْلِمِينَ في أُحُدٍ لأَنَّهُمْ عَصَوُاْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أَمْرٍ وَاحِد؛ فَكَيْفَ وَقَدْ عَصَيْنَاهُ في أَكْثَرِ أُمُورِنَا؟!!
وَلي أَن أَسْأَلَ سُؤَالاً وَجِيهَاً: أَيُّنَا أَضَلُّ سَبِيلاً: نحْنُ اليَوْمَ أَمْ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُواْ كُفَّارَاً يَعْبُدُونَ أَحْجَارَاً أَوْ أَصْنَامَاً يَصْنَعُونَهَا مِنَ الحَلْوَى إِذَا جَاعُواْ أَكَلُوهَا 00؟!!
أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ بِالطَّبْعِ أَشَدُّ كُفرَاً وَنِفَاقَاً وَأَجْدَرُ أَلَاّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ الله، وَمَعَ ذَلِكَ فَتَحُواْ الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا بِالإِسْلَام 00!!
كُلُّ الشُّعُوبِ العَرَبِيَّةِ تَشْكُو حُكَّامَهَا، وَتُلْقِي التَّبِعَةَ عَلَيْهِمْ في ذَلِك، وَمِن أَنْفُسِكُمْ يُوَلِّي عَلَيْكُمْ، وَللهِ دَرُّ أَبي الطَّيِّبِ المُتَنَبيِّ حَيْثُ يَقُول:
سَادَاتُ كُلِّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمُ * وَسَادَةُ المُسْلِمِينَ البُهْمُ وَالغَنَمُ
ثَالِثَاً: بِالإِصْلَاحَاتِ الحَقِيقِيَّة 0
اعْلَمْ يَا بُنيَّ أَنَّ تَقَدُّمَ أَيَّةِ أُمَّةٍ مَبْنيٌّ عَلَى الَاقْتِصَاد، وَتَطْهِيرِ جَمِيعِ قِطَاعَاتِهَا مِنَ الرِّشْوَةِ وَالفَسَاد، وَالَارْتِقَاءِ بِمُسْتَوَى الخَدَمَاتِ في جَمِيعِ المُؤَسَّسَات، بِدَايَةً بِأَقْسَامِ الشُّرْطَةِ وَالمُسْتَشْفَيَات، وَانْتِهَاءً بِالتَّعْلِيمِ وَالمُوَاصَلَات، فَالإِصْلَاحُ لَيْسَ بِالشِّعَارَات، وَلَا بِالْقَرَارَاتِ الَّتي لَا تُطَبَّق، وَإِنَّمَا عِنْدَمَا يَرَى المُوَاطِنُ هَذَا الإِصْلَاحَ يَتَحَقَّق، عِنْدَئِذٍ سَوْفَ يَسْمَعُ لِوُعُودِ الحُكُومَةِ وَيُصَدِّق، عِنْدَمَا يخْتَفِي
الَابْتِزَاز؛ مِنْ كُلِّ جِهَاز، وَتَرْتَقِي فِيهِ الخِدْمَةُ إِلى المُسْتَوَى المُمْتَاز 0
رَابِعَاً: بِإِرْسَالِ الْبَعَثَاتِ إِلى الدُّوَلِ المُتَقَدِّمَةِ لَاكْتِسَابِ المَهَارَاتِ الإِدَارِيَّة، وَلِمَعْرِفَةِ أَحْدَثِ الطُّرُقِ المُثْلَى لمُكَافَحَةِ الفَسَادِ ومحَارَبَتِه، وَكَيْفِيَّةِ التَّعَرُّفِ عَلَى العُضْوِ الفَاسِدِ لِبَتْرِهِ مِنَ المجْتَمَع؛ إِنْ كُنَّا جَادِّينَ في محَاوَلَةِ الإِصْلَاحِ وَحَرْبِ الفَسَاد 0
وَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ حَاكِمٍ في شَعْبِه، وَكُلُّ مَسْئُولٍ في مُوَظَّفِيه؛ فَيُعَاقِبَ المُسِيءَ وَيُكَافِئَ المحْسِن، لأَنَّ الحُكُومَاتِ كَالرَّأْس، وَالشُّعُوبُ كَالجَسَد؛ وَلَنْ يَسْتَقِيمَ الجَسَد؛ إِذَا لَمْ تَسْتَقِمِ الرَّأْس 0
وَقَدْ قِيل: اثْنَانِ إِنْ صَلُحَا؛ صَلُحَ أَمْرُ النَّاسِ في الدِّينِ وَالدُّنيَا:" الأُمَرَاءُ وَالْعُلَمَاء "
فَالْعَالِمُ إِنْ كَانَ غَشِيمَاً؛ أَضَلَّ النَّاس، وَالحَاكِمُ إِنْ كَانَ غَشُومَاً؛ أَذَلَّ النَّاس 0
فَلَا بُدَّ مِنْ تحْكِيمِ الصَّالحِين، وَإِصْلَاحِ الحَاكِمِين، حَتىَّ لَا يَنْطَبِقَ عَلَيْنَا هَذَا الحَدِيث:
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَال: " بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبهَا فَضَرَبهَا؛ فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْث، فَقَالَ النَّاس: سُبْحَانَ الله 00 بَقَرَةٌ تَكَلَّم 00؟!
فَإِنيِّ أُومِنُ بِهَذَا، أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَر، وَمَا هُمَا ثَمَّ ـ أَيْ وَمَا كَانَا هُنَاك ـ وَبَيْنَمَا رَجُلٌ في غَنَمِهِ؛ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاة؛ فَطُلِبَ حَتىَّ كَأَنَّهُ ـ أَيْ كَأَنَّ الرَّجُلَ ـ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ؛ فَقَالَ لَهُ الذِّئْب هَذَا: اسْتَنْقَذْتَهَا مِنيِّ؛ فَمَنْ لهَا يَوْمَ السَّبُع، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لهَا غَيْرِي " 00؟! [البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم:(3471)، وَمُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2388]
فَمُشْكِلَةُ الدُّوَلِ النَّامِيَةِ هِيَ أَنَّ المَسْئُولِينَ لَيْسُواْ بِصَالحِين، وَأَنَّ الصَّالحِينَ لَيْسُواْ بمَسْئُولِين 00!!
اللهُمَّ حَكِّمِ الصَّالحِينَ وَأَصْلِحِ الحَاكِمِين 00
تَضَخُّمُ جِهَازِ الحُكُومَةِ الَّذِي لَا يَعْمَل
وَأَنْ يُسْتَغْنى عَنِ العَمَالَةِ الزَّائِدَة في كُلِّ مُؤَسَّسَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ حُكُومِيَّة، في نَظِيرِ تَعْوِيضِهِمْ وَلَوْ بِالتَسْوِيَةِ المُبَكِّرَةِ لِمَعَاشِهِمْ، أَوْ إِعْطَائِهِمْ أَكْشَاكَاً مُعْفَاةً مِنَ الضَرَائِب، وَالَاسْتِفَادَةِ بهَذِهِ المُرَتَّبَاتِ الضَّخْمَةِ في إِصْلَاحِ شُئُونِ البِلَاد، وَتَطْوِيرِ الجَيْشِ وَالمَرَافِقِ وَالبُحُوثِ العِلْمِيَّةِ وَالبَعْثَات 0
وَأَنْ يَتَّقِيَ اللهَ الشَّعْبُ وَيُسَاعِدَ بَعْضُهُ بَعْضَاً عَلَى ذَلِك؛ فَالمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ كَالبُنيَانِ المَرْصُوص؛ وَالحُكُومَةُ وَحْدَهَا لَنْ تَصْنَعَ شَيْئَاً بِدُونِ رَغْبَةِ الشَّعْبِ الحَقِيقِيَّةِ في الإِصْلَاح، وَمَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنهُمْ 00!!
الطُّيُورُ المُهَاجِرَة
أَمَّا الطُّيُورُ المُهَاجِرَة، مِنَ العُلَمَاءِ وَالعَبَاقِرَة؛ فَلَا يَسَعُنَا إِلَاّ أَن نَقُولَ لَهُمْ:
أَيَا أَيُّهَا العُلَمَاءُ إِنَّ بِلَادَكُمْ * تُنَادِيكُمُ لَوْ تَسْمَعُونَ المُنَادِيَا
وَأَنَا وَاثِقٌ مِنْ تَلْبِيَتِهِمْ لِنِدَاءِ المُنَادِي؛ لَوْ رَأَواْ أَنَّ الحُكُومَةَ فِعْلاً جَادَّةٌ في إِصْلَاحِ الْبِلَادِ 00
وَلْنَعْلَمْ جَيِّدَاً أَنَّنَا لَوْ قَاطَعْنَا الخَمْرَ فَلَمْ نَشْرَبْهَا؛ لَنْ نَلْقَى بَيْنَنَا خَمَّارَة، وَلَوْ قَاطَعْنَا الزِّنَا؛ سَتَخْتَفِي شُقَقُ الدَّعَارَة، وَلَنْ تَتَحَقَّقَ هَذِهِ الأُمُور؛ إِلَاّ بِتَكَاتُفِ الشَّعْبِ عَلَى محَارَبَةِ غَلَاءِ المُهُور 0
خَامِسَاً: تَسَامحِ المُسْلِمِينَ فِيمَا بَيْنَهُم 0
وَلَا بُدَّ مِنْ تَسَامحِ المُسْلِمِينَ فِيمَا بَيْنَهُم ـ حُكُومَةً وَشَعْبَاً ـ فَالَّذِي يَفْعَلُهُ المُسْلِمُونَ في المُسْلِمِين؛ لَا يخْتَلِفُ كَثِيرَاً عَمَّا يَفْعَلُهُ أَعْدَاءُ المُسْلِمِينَ في المُسْلِمِين 00!!
وَالَّذِي تَفْعَلُهُ الحُكُومَاتُ الإِسْلَامِيَّةُ في رِجَالِ الدِّينِ بِاسْمِ الحَرْبِ عَلَى الإِرْهَاب؛ لَا يخْتَلِفُ كَثِيرَاً عَمَّا تَفْعَلُهُ أَمْرِيكَا في العِرَاقِيِّيِنَ بِنَفْسِ الأَسْبَاب 0
{ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} {فُصِّلَت/34}
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في هَذِهِ الآيَة: الصَّبْرُ عِنْدَ الغَضَب، وَالعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءة، فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ الله، وَخَضَعَ لهُمْ عَدُوُّهُمْ كَأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيم " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في تَفْسِيرِهِ لآخِرِ آيَةٍ تحْتَ رَقْم: 4815 / فَتْح]
سَادِسَاً: الاِهْتِمَامُ بِتَسْلِيحِ الجَيْشِ خُفْيَةً عَلَى أَعْلَى مُسْتَوَىً يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْه 0
وَأَنْ نَأْخُذَ بمَا أَخَذَ بِهِ محَمَّد عَلِي في بِنَاءهِ لِلدَّوْلَةِ الحَدِيثَة؛ ممَّا جَعَلَ المُؤَرِّخِينَ يَعُدُّونَ عَصْرَهُ أَزْهَى عَصْر؛ شَهِدَتهُ مِصْر، وَبِنَاءُ الجَيْشِ هُوَ الَّذِي جَعَلَ أَمْرِيكَا مَعْرِفَةً بَعْدَمَا كَانَتْ نَكِرَة؛ فَعَوَّلَتْ عَلَيْهَا إِسْرَائِيلُ وَتَمَادَتْ في ظُلْمِهَا وَغَيِّهَا:
الحَلُّ هُوَ بِنَاءُ تَرْسَانَةٍ قَوِيَّة، فَعَلَيْنَا الَاهْتِمَامُ وَتَشْجِيعُ البُحُوثِ الذَّرِّيَّةِ وَالنَّوَوِيَّة، وَتُكنُولُوجْيَا الكُمْبُيُوتَر وَالصِّنَاعَاتِ الإِلِكْتُرُونِيَّة، خَاصَّةً مَا لَهُ عَلَاقَةٌ بِالدِّفَاعَاتِ العَسْكَرِيَّة، وَوَسَائِلِ التَّحَكُّمِ عَنْ بُعْد: كَالأَقْمَارِ الصِّنَاعِيَّةِ وَغَيرِهَا مِنَ الأَجْهِزَةِ المُتَطَوِّرَة، وَصَوَارِيخ أَرْض جَوّ، وَأَرْض أَرْض بِأَنوَاعِهَا وَمُضَادَّاتِهَا، وَالَاهْتِمَامُ بِكُلِّ مَا يَجْعَلنَا نَتَكَلَّم أَوْ نَتَفَاوَضُ مِنْ مُنطَلَقِ القُوَّة 00
مَا عَجِيبٌ فَنَاءُ شَعْبٍ ضَعِيفٍ * بَلْ بَقَاءُ الضَّعِيفِ شَيْءٌ عُجَابُ
وَإِذَا كَانَتِ الجِبَالُ بِلَا جَيْ * ـشٍ غَزَاهَا قَبْلَ النُّسُورِ الذُّبَابُ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر}
عَن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَنيَّ رضي الله عنه قَال:" سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَى المِنْبَر: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة} {الأَنْفَال/60}
أَلَا وَإِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْي 00 ثَلَاثَ مَرَّات " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في " سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ " بِرَقْم: 2813]
دَوْرُ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ وَالمُفَكِّرِين
فَإِلى مَتي يُضَيِّعُونَ الوَقْتَ في تَثْبِيتِ المَعْلُومِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَة، وَلَيْتَهُمْ في ذَلِكَ يُقَدِّمُونَ الجَدِيدَ في الرَّقَائِقِ وَالأَقْوَالِ المَأْثُورَة 00؟!
وَفي نَفْسِ الوَقْتِ الَّذِي نَدْعُو فِيهِ المُسْلِمِينَ إِلى التَّقَدُّم؛ عَلَيْنَا أَنْ نَدْعُوَ المُتَقَدِّمِينَ إِلى الإسْلَام، وَمَنْ سَافَرَ إِلى أَمْرِيكَا وَالدُّوَلِ الْغَرْبِيَّة؛ عَرَفَ تَعَطُّشَهُمْ إِلى الإِسْلَام؛ فَعَلَيْنَا تَكْثِيفَ الدَّعْوَةِ إِلى الإسْلَامِ في هَذِهِ البِلَادِ 0
هَذَا عَن عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ وَالشَّرِيعَة؛ أَمَّا عَن عُلَمَاءِ الكِيمْيَاءِ وَالْفَلَكِ وَالطَّبِيعَة: فَإِلى مَتى يَتْرُكُونَ التَّعَاوُنَ مَعَ الدُّوَلِ العَرَبِيَّةِ وَالإِسْلَامِيَّة؛ وَيَتَعَاوَنُونَ مَعَ أَمْرِيكَا وَشُرَكَائِهَا، أَلَمْ يَسْمَعُواْ المَثَلَ القَائِل:
" رِيقُ العَدُوِّ سُمٌّ قَاتِل " 00؟!
فَأَحَقُّ النَّاسِ بِعِلْمِكَ الغَزِير، وَفِكْرِكَ المُسْتَنِير ـ أَيُّهَا الْعَالِمُ الْكَبِير؛ أُولَئِكَ المُسْتَضْعَفُونَ المُسْتَذَلُّونَ الضِّعَاف، الَّذِينَ يُذَبَّحُونَ ذَبْحَ الخِرَاف، بِالعِرَاقِ وَالشِّيشَانِ وَكُوسُوفُو وَالفِلِيبِّينَ وَفِلَسْطِين، الَّذِينَ يجَاهِدُونَ رَغْمَ قِلَّةِ جُهْدِهِمْ أَعْدَاءَ اللهِ وَرَسُولِه؛ لإِقَامَةِ دَوْلَةِ المُوَحِّدِينَ في بِلَادِ المُلْحِدِين 0
اسْتَوْرَدُواْ عُلَمَاءَ الذَّرَّة، وَاسْتَوْرَدْنَا رَاقِصَاتِ البَالِيه
أَمَّا دَوْرُ الحُكُومَاتِ الإِسْلَامِيَّة: فَهُوَ تَبَنيِّ هَذِهِ المَوَاهِبِ عَلَى أَوْسَعِ نِطَاق، وَخَاصَّةً في مجَالِ الطَّاقَةِ الذَّرِّيَّة، يَكْفِي أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الَاتحادَ السُّوفِيتيَّ عِنْدَما انهار؛ كُلُّ دُوَلِ العَالَمِ ـ وَعَلَى رَأْسِهَا إِسْرَائِيل ـ أَخَذَتْ عُلَمَاءَ الذَّرَّة، الَّذينَ كَانَ الواحِدُ مِنهُمْ يَعِيشُ عِيشَةَ مَلِكٍ في رُوسْيَا 00!!
وَكَانَ أَقَلُّ مَنْ مَعَهُ لَهُ عِشْرُونَ طَبَّاخَا
{ابْنُ الرُّومِي}
أَمَّا ـ نحْنُ العَرَب ـ فَكُلُّ مَا أَخَذْنَاهُ رَاقِصَاتُ البَالِيه، صحيحٌ أَنَّنَا لَسْنَا الَّذِينَ اسْتَورَدْنَاهُمْ، لَكِنِ الَّذِينَ استَوْرَدُوهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُواْ عَلى يَقِينٍ بِأَنَّنَا سَنُشَاهِدُهُمْ لَمَا اسْتَوْرَدُوهُمْ 00!!
وَكُلُّ مَنْ قَرَأَ تَارِيخَ مِصْرَ الحَدِيثَةِ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا النِّظَامَ ـ أَعْني نِظَامَ البَحْثِ عَنِ النَّوَابِغِ وَالمَوْهُوبِينَ وَتَقْدِيرَهُمْ ـ هُوَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ محَمَّد عَلِي في تَأْسِيسِهِ لِمِصْرَ الحَدِيثِة،
وَالَّذِي أَخَذَتْ بِهِ كُلُّ الدُّوَلِ المُتَقَدِّمَة؛ حَيْثُ بَنَواْ تَقَدُّمَ بِلَادِهِمْ عَلَى أَكْتَافِ النَّابِغِينَ وَالمَوْهُوبِين 0
لَيْتَنَا قَلَّدْنَاهُمْ في رِعَايَتِهِمْ لِلْمَوْهُوبِين 00!!
عِنْدَمَا وَجَدُواْ أَدِيسُونَ الشَّابَّ الضَّعِيف ـ الَّذِي أَصْبَحَ فِيمَا بَعْدُ في غِنىً عَنِ التَّعْرِيف ـ يَبِيعُ الصُّحُفَ عَلَى الرَّصِيف؛ قَامُواْ بِتَبَنيِّ مَا لَدَيْهِ مِنْ مَوَاهِبَ وَقُدُرَات، فَظَلَّ يُبْدِعُ وَيخْتَرِعُ وَمَا مَات؛ حَتىَّ تَرَكَ مِنَ المُخْتَرَعَات؛ مَا يَصِلُ إِلى المِئَات 00!!
الدُّوَلُ الْعَرَبِيَّةُ دُوَلٌ طَارِدَةٌ لِلْعُلَمَاءِ وَالمُبْدِعِين
إِنَّ الدُّوَلَ الْعَرَبِيَّةَ تُعَدُّ دُوَلاً طَارِدَةً لِلْعُلَمَاءِ وَالمُبْدِعِين؛ نَظَرَاً لِمَا يُعَانُونَ فِيهَا مِنَ الذُّلِّ وَالهَوَان، وَتَدَهْوُرِ حُقُوقِ الإِنْسَان، هَلْ لَوْ كَانْ في بِلَادِنَا خَير، كَانَ يَهْجُرُهَا الطِّير 00؟!
يُشِيرُونَ بِالبَنَانِ إِلى عُظَمَاءِ الغَرْب، وَإِذَا مَا مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِعَظِيم؛ بَدَءُ واْ يَبْحَثُونَ فِيهِ عَنِ القِطَطِ الفَاطِسَةِ وَيخْتَلِقُونَ لَهُ الأَخْطَاء، كَاليَهُودِيِّ الَّذِي إِذَا لَقِيَ لحْمَاً رَخِيصَاً قَالَ إِنَّهُ مُنْتِن 00!!
وَإِذَا مَا سَدَدْنَا الأَبْوَابَ في وُجُوهِهِمْ؛ سَوْفَ يَتَّجِهُونَ إِلى الدُّوَلِ الغَرْبِيَّةِ لِلَاسْتِفَادَةِ بِنِتَاجِهِمُ العِلْمِيِّ وَالأَدَبيّ، وَلَا لَوْمَ في هَذَا عَلَى العَالِمِ وَالأَدِيبِ وَالعَبْقَرِيّ؛ فَحَيَاةُ العَالِمِ في الخَارِج؛ أَفْضَلُ مِنْ مَوْتِهِ في الدَّاخِل، وَالمَوْهُوبُونَ في ذَلِكَ مَعْذُورُون؛ أَهَذَا خَيرٌ أَمْ أَنْ يُصَابُواْ بِالجُنُون، أَوْ أَنْ يخْرُجُواْ عَلَى القَانُون، فَيُصْبِحُواْ نُزَلَاءَ السُّجُون 00!!
نحْنُ الآنَ سَبْعُونَ مِلْيُونَاً، لَوْ خَرَجَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَبْقَرِيٌّ وَاحِد؛ لأَصْبَحَ فِينَا سَبْعُونَ أَلْفَ عَالِمٍ عَبْقَرِيّ في السِّيَاسَةِ وَالفِكْر، أَوِ الأَدَبِ وَالشِّعْر، الَّذِي يَرْقَى بِالمَشَاعِرِ وَيُثَبِّتُ الأَخْلَاقِيَّات، وَلَكَانَ مِنَّا عُلَمَاءُ في الفَضَاءِ وَالذَّرَّةِ وَسَائِرِ التَّخَصُّصَات؛ لِمَ لَا يَكُونُ ابْني أَوِ ابْنُكَ زُوَيْل، أَوْ أَدِيسُون، أَوْ صَلَاحَ الدِّين 00؟!
لِمَ لَا يَكُونُ ابْني أَوِ ابْنُكَ ابْنَ الْقَيِّمِ أَوِ ابْنَ تَيْمِيَةَ أَوِ الشَّافِعِيّ 00؟!
لِمَ لَا يَكُونُ ابْني أَوِ ابْنُكَ أَحْمَد شَوْقِي أَوِ المُتَنَبيِّ أَوْ أَبَا مَاضٍ أَوْ محْمُود غُنيم 00؟!
لَمْ يُولَدْ أَحَدٌ مِن هَؤُلَاءِ في فَمِهِ مِلْعَقَةٌ مِنْ ذَهَب، كُلُّهُمْ تَقْرِيبَاً كَانُواْ مِنَ الطَّبَقَةِ الفَقِيرَة: الإمامْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ كَانَ حَمَّالاً، وَأَدِيسُون كَانَ بَائِعَاً لِلصُّحُف، وَفُلَانٌ وَفُلَان 000 إِلخ 0
لَقَدْ سَمِعْتُ بِبرْنَامَج " هَمْسَة عِتَاب " الَّذِي تُذِيعُهُ مَوْجَةُ البرْنَامجِ العَامّ: قِصَّةَ شَابٍّ حَصَلَ عَلَى المَاجِيسْتِير في عِلْمِ الذَّرَّة مِنْ كُلِّيَّةِ العُلُومِ بِتَقْدِيرٍ ممْتَاز، تُرَى أَيْنَ عَيَّنَتْهُ الحُكُومَة 00؟
هَلْ في مَعَامِلِ الذّرَّةِ وَالطَّاقَةِ النَّوَوِيَّة، وَفي مجَالِ تخَصُّصِه 00؟
كَلَاّ، بَلْ تَمَّ تَعْيِينُهُ بِالصَّرْفِ الصِّحِّي في مِنْطَقَةِ قَنَاةِ السُّوَيْس؛ فَكَتَبَ شَاكِيَاً: مَاذَا أَفْعَلُ هُنَاكَ؟!
هَلْ أَرْسَلُواْ بي إِلى هُنَاكَ لأَحَلِّلَ لهُمْ ذَرَّاتِ الصَّرْفِ الصِّحِّيّ " 00؟!
أُمُورٌ يَضْحَكُ السُّفَهَاءُ مِنهَا * وَيَبْكِي حِينَ يَسْمَعُهَا الحَكِيمُ
لَكَ اللهُ يَا أَبَا الْعَلَاء، وَيَرْحَمُكَ اللهُ يَا أَبَا الْعَيْنَاء
كَيْفَ تَغْفُلُ عَن هَذَا وَزَارَةُ البَحْثِ العِلْمِيّ، وَوَزَارَةُ الكَهْرَبَاءِ وَالطَّاقَة، وَوَزَارَةُ القُوَى العَامِلَة، وَمَا أَكْثَرَ الوَزَارَاتِ وَالهَيْئَاتِ وَالمُؤَسَّسَات، أَيْنَ هِيَ مِن أَمْثَالِ هَذِهِ اَلكَوَادِرِ النَّوَادِرِ الَّذِين يَضِيعُونَ بِالمِئِات؛ فَلَا بُدَّ مِن إِصْلَاحِ تِلْكَ الْوَزَارَات؛ حَتىَّ نُرَدِّدَ لَا قَوْلَ أَبي العَلَاءِ في ازْدِرَاء؛ عِنْدَمَا قَالَ في أَحَدِ الوُزَرَاء:
هُوَ الوَزِيرُ وَلَا أَزْرٌ يُشَدُّ بِهِ * مِثْلُ العَرُوضِ لَهُ بحْرٌ بِلَا مَاءِ
وَتحْضُرُني في ذَلِكَ أَيْضَاً أُطْرُوفَةٌ لأَبي العَيْنَاء، صَاحِبِ النَّوَادِرِ الشَّهِيرَةِ بَينَ الأُدَبَاء، يَقُولُ فِيهَا:" ذَهَبْتُ إِلى السُّوقِ يَوْمَاً لأَشْتَرِيَ حِمَارَاً، فَأَرَدْتُ أَن أُمَازِحَ النَّخَّاسَ فُقُلْتُ لَهُ: أُرِيدُ حِمَارَاً: لَا هُوَ بِالصَّغِيرِ المُحْتَقَر، وَلَا بِالكَبِيرِ المُشْتَهَر، إِن أَكثَرْتُ عَلَفَهُ شَكَر، وَإِنْ قَتَّرْتُ عَلَيْهِ صَبر، إِن خَلَا الطَّرِيقُ تَدَفَّقَا، وَإِنْ كَثُرَ الزِّحَامُ تَرَفَّقَا " 00!!
فَأَطْرَقَ النَّخَّاسُ مَلِيَّاً ثُمَّ قَال:" إِذَا مَسَخَ اللهُ الوَزِيرُ فُلَان؛ أَصَبْتَ طَلَبَك " 00!!
مِمَّا يُزَهِّدُ قَلْبي فِيكِ يَا بَلَدِي * أَسْمَاءُ مُعْتَمِدٍ تَعْلُو وَمُعْتَضِدِ
أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ في غَيرِ مَوْضِعِهَا * كَالقِطِّ يحْكِي انْتِفَاخَاً صُورَةَ الأَسَدِ
الْعَوْدَةُ لِلتُّرَاثِ وَغَرْسُ الْقِرَاءةِ في الشَّبَاب
سَابِعَاً: الَاهْتِمَامُ بِالشَّبَابِ وَتَثْقِيفُهُمْ بِالثَّقَافَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَالتُّرَاثِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ النَّافِعَة 0
تَعَالَ وَانْظُرْ إِلى القُدْوَةِ في عُيُونِ شَبَابِنَا اليَوْم: تجِدُ مَنْ قُدْوَتُهُ فُلَان [0000000] لَاعِبُ الكُرَةِ الشَّهِير، وَمَنْ قُدْوَتُهُ فُلَان {المُغَنيِّ المجْنُون} وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون 00!!
فَلَابُدَّ مِنْ تَوْجِيهِ أُوْلَئِكَ الشَّبَاب، وَإِعَادَةِ رَسْمِ الْقُدْوَةِ في عُيُونِهِمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَاّ بِتَصْحِيحِ أَوْضَاعِ المُبْدِعِين ـ لَا سِيَّمَا غَيرِ الأَكَادِيمِيِّيِن ـ وَوَضْعِهِمْ في الأَمَاكِنِ الَّتي يَسْتَحِقُّونَهَا، لأَنَّ سُوءَ أَحْوَالِ الْعَبَاقِرَةِ وَالْعُلَمَاء؛ هُوَ الَّذِي دَفَعَ هَؤُلَاءِ الأَبْنَاء؛ لَالْتِمَاسِ الْقُدْوَةِ في أَهْلِ الْغِنَاء 0
ثَامِنَاً: تَصْفِيةُ الحُكُومَاتِ العَرَبِيَّةِ لخِلَافَاتِهَا فِيمَا بَيْنَهَا، وَأَنْ يَنْتَقِلَ انْتِمَاؤُهُمْ إِلى الدِّينِ الوَاحِدِ وَالعُرُوبَةِ الصَّمِيمَة 00
وِحْدَةُ العَالَمِ الإِسْلَامِي
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ اثْنَتَينِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوِ اثْنَتَينِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَة " 0 [قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 441]
{آلِ عِمْرَان/103}
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: " الزَمُواْ هَذِهِ الجَمَاعَة؛ فَإِنَّهَا حَبْلُ اللهِ الَّذِي أَمَرَ بِه، وَإِنَّ مَا تَكْرَهُونَ في الجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ في الفُرْقَة، وَإِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئَاً قَطُّ إِلَاّ جَعَلَ لَهُ مُنْتَهًى، وَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ تَمّ، وَإِنَّهُ صَائِرٌ إِلى نُقْصَان، وَإِنَّ أَمَارَةَ ذَلِكَ أَنْ تُقْطَعَ الأَرْحَام، وَيُؤْخَذَ المَالُ مِن غَيْرِ حَقِّه، وَتُسْفَكَ الدِّمَاء، وَيَشْتَكِي ذُو القَرَابَةِ قَرَابَتَهُ؛ وَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِشَيْء، وَيَطُوفُ السَّائِلُ مَا بَيْنَ الجُمْعَتَيْنِ مَا يُوضَعُ في يَدِهِ شَيْء، فَبَيْنَمَا هُم كَذَلِكَ إِذْ خَارَتِ الأَرْضُ خُوَارَ البَقَر، إِذْ قَذَفَتْ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، فَلَا يُنْتَفَعُ بَعْدَهُ بِذَهَبٍ وَلَا فِضَّة " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ وَالطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ هُبُّواْ * فَإِنَّهُ قَدْ دَنَا الحَصَادُ
زَمَانُكُمْ كُلُّهُ وُحُوشٌ * إِنْ لَمْ تَصِيدُواْ بِهِ تُصَادُواْادُ
وَحَّدْتمُ اللهَ مِنْ قَدِيمٍ * فَأَيْنَ يَا قَوْمِ الَاتحَادُ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر}
اللَّيَالي غَادِيَاتٌ رَائِحَة * بِالدَّوَاهِي وَأَرَاكُمْ تَنْظُرُون
مَا اتَّعَظْتُمْ بِمَا كَانَ البَارِحَة * لَا وَلَا أَنْتُمْ غَدَاً مُتَّعِظُون
يَا لَهَوْلِ الخَطْبِ يَا لَلْفَادِحَة * أُمَّةٌ تَفْنى وَأَنْتُمْ تَلْعَبُون
تَذُوبُ حُشَاشَاتُ العَوَاصِمِ حَسْرَةً * إِذَا دَمِيَتْ مِنْ كَفِّ بَغْدَادَ إِصْبَعُ
وَلَوْ صُدِّعَتْ مِنْ سَفْحِ لُبْنَانَ صَخْرَةٌ * لَدَكَّ ذُرَا الإِسْلَامِ هَذَا التَّصَدُّعُ
لَقَدْ كَانَ حُلْمَاً أَنْ نَرَى الشَّرْقَ وَحْدَةً * وَمِنْ جُمْلَةِ الأَحْلَامِ مَا يُتَوَقَّعُ
فَلَيْسَتْ حُدُودُ الأَرْضِ تَفْصِلُ بَيْنَنَا * لَنَا الشَّرْقُ حَدٌّ وَالعُرُوبَةُ مَوْضِعُ
{عَلِي الجَارِم}
أَلَيْسَ تجْمَعُنَا في ظِلِّهِ لُغَةٌ * أُمٌّ وَتَمْضِي بِنَا نَحْوَ المُنى سُنَنُ
أَوَاصِرُ الدَّمِ وَالقُرْبى تُقَرِّبُنَا * فَكَيْفَ تُبْعِدُنَا الأَحْدَاثُ وَالمحَنُ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّفٍ في الْبَيْتِ الثَّاني}
لَقَدْ أَدْرَكَ آبَاؤُنَا وَأَجْدَادُنَا قِيمَةَ الَاتِّحَادِ فَأُثِرَ عَنهُمْ قَوْلُهُمْ: " الَاتِّحَادُ قُوَّة " 0
احْتَضَرَ أَعْرَابيٌّ حَكِيم؛ فَجَمَعَ أَبْنَاءهُ حَوْلَهُ لِيُوْصِيَهُمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يجْمَعُواْ حُزْمَةً مِنَ العِصِيّ، فَجَمَعُوهَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْزِمُوهَا فَحَزَمُوهَا، فَأَعْطَاهَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَهَا، فَعَجَزُواْ جَمِيعَاً، فَأَمَرَ بِتَفْرِيقِهَا فَفُرِّقَتْ، فَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ عِصِيٍّ فَكَسَرُوهَا، فَقَالَ الأَبُ الحَكِيم: هَكَذَا أَنْتُمْ إِذَا كُنْتُمْ جَمِيعَاً، وَهَكَذَا أَنْتُمْ إِذَا تَفَرَّقْتُمْ 00!!
شَاوَرَ مَلِكُ الرُّومِ وُزَرَاءَهُ وَمُسْتَشَارِيهِ في الاِنْقِضَاضِ عَلَى المُسْلِمِينَ بَعْدَ فِتْنَةِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَوَقْعَتيْ صِفِّينَ وَالجَمَل، فَاسْتَصْوَبُواْ رَأْيَه، حَتىَّ جَاءَ رَجُلٌ مِن أَعْقَلهِمْ وَأَعْرَفِهِمْ بِطَبِيعَةِ المُسْلِمِينَ وَكَانَ غَائِبَاً، فَعَابَ رَأْيَهُمْ وَلَكِنْ بِتَجْرِبَةٍ عَمَلِيَّة: أَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُواْ بِكَلبَينِ وَذِئْب،
ثمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يحَرِّشُواْ بَينَ الكَلبَينِ فَفَعَلُواْ، حَتىَّ إِذَا مَا أَثْخَنَتْهُمَا الجِرَاحُ أَطْلَقَ الذِّئْبَ أَمَامَهُمَا، فَمَا كَانَ مِنهُمَا إِلَاّ أَنْ فَضَّا نِزَاعَهُمَا وَعَدَوَا خَلْفَه 00!!
وَمَا قَتْلُ بَعْضِ الحَيِّ بَعْضَاً بِنَاهِكٍ * قُوَاهُ إِذَا مَا جَاءَ خَصْمٌ يُحَارِبُهْ
وَمَا لَطْمُ بَعْضِ المَوْجِ في الْبَحْرِ بَعْضَهُ * بِمَانِعِهِ إِغْرَاقَ مَن هُوَ رَاكِبُهْ
{ابْنُ الرُّومِي}
وَخَرَجَ تِسْعَةُ رَهْطٍ مِنَ الأَعْرَابِ في حَاجَة، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ في الفَلَاةِ إِذْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ أَحَدُ الأُسُود، فَاخْتَارَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَاحِدَاً لِيَكُونَ فَرِيسَتَهُ، فَفَزِعُواْ وَأَشْفَقُواْ عَلَى صَاحِبِهِم؛ فَفَكَّرُواْ وَقَرَّرُواْ أَنْ يَهْجِمُواْ عَلَى الأَسَدِ هَجْمَةَ رَجُلٍ وَاحِد، فَفَعَلُواْ وَفَرَّ الأَسَدُ بَعْدَ الإِيَاسِ مِنهُمْ؛ فَأَكَبُّواْ عَلَى صَاحِبِهِمْ يَطْمَئِنُّونَ عَلَيْه؛ فَسَأَلُوه: هَلْ أَصَابَكَ بَأْس 00؟
قَالَ لَا، غَيرَ أَنَّ الأَسَدَ خَرِئَ في سَرَاوِيلِي 00!!
بَعْضُ أَحَادِيثِ الصَّادِقِ الأَمِين؛ الَّتي تَدْعُو لِوَحْدَةِ المُسْلِمِين
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَة " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (14025)، وَصَحَّحَهُ في " سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ " بِرَقْم: 2166]
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " الجَمَاعَةُ رَحْمَة، وَالْفُرْقَةُ عَذَاب " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ وَفي الظّلَالِ بِأَرْقَام: 3109، 667، 93]
فَعَلَى حُكُومَاتِ العَرَبِ أَنْ يَتَّحِدُواْ، وَأَنْ يَكُونُواْ يَدَاً عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ 00
عَن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَة، وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَة؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الَاثْنَيْنِ أَبْعَد، مَن أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَة " 0 [قَالَ الإِمَامَانِ الذَّهبيُّ وَالحَاكِم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين 0 صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2165]
عَن أَبي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " عَلَيْكَ بِعِظَمِ أُمَّةِ محَمَّد؛ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يجْمَعْ أُمَّةَ محَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ أَبَدَاً " 0 [قَالَ الإِمَامَان / الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَك، وَالذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَين، رَوَاهُ الحَاكِم]
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في الْفَتَاوَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة عَنْ الاِنْتِمَاءَات: " الوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ [أَيْ عَنِ انْتِمَائِهِ] أَنْ يَقُولَ لَا أَنَا شَكِيلِيٌّ وَلَا قَرْفَنْدِيّ: [فِرَقٌ كَانَتْ آنَذَاك] 00 بَلْ أَنَا مُسْلِمٌ مُتَّبِعٌ لِكِتَابِ اللهِ عز وجل، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم 00
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبي سُفْيَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ:
" أَنْتَ عَلَى مِلَّةِ عَلِيٍّ أَوْ مِلَّةِ عُثْمَان 00؟
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: لَسْتُ عَلَى مِلَّةِ عَلِيٍّ وَلَا عَلَى مِلَّةِ عُثْمَانَ رضي الله عنهما، بَلْ أَنَا عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00
وَكَذَلِكَ كَانَ كُلٌّ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُون: كُلُّ هَذِهِ الأَهْوَاءِ في النَّار، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَقُول: مَا أُبَالي أَيُّ النِّعْمَتَيْنِ أَعْظَم: أَن هَدَاني اللهُ لِلإِسْلَام، أَوْ أَنْ جَنَّبَني هَذِهِ الأَهْوَاء 00؟!
وَاللهُ تَعَالىَ قَدْ سَمَّانَا في القُرْآنِ المُسْلِمِينَ وَالمُؤْمِنِين؛ فَلَا نَعْدِلُ عَنِ الأَسْمَاءِ الَّتي سَمَّانَا اللهُ بِهَا إِلىَ أَسْمَاءٍ أَحْدَثَهَا قَوْمٌ سَمَّوْهَا هُمْ وَآبَاؤُهُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان 00
بَلِ الأَسْمَاءُ الَّتي قَدْ يَسُوغُ التَّسَمِّي بهَا: انْتِسَابِ النَّاسِ إِلىَ إِمَامٍ مِن أَئِمَّةِ المُسْلِمِين: كَقَوْلِنَا حَنَفِيّ، وَمَالِكِيّ، وَشَافِعِيّ، وَحَنْبَلِيّ، أَوْ قَادِرِيّ، أَوْ عَدَوِيّ 000 إِلخ 0
وَلَا يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَمْتَحِنَ النَّاسَ بِهَا، وَلَا يُوَاليَ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ وَلَا يُعَادِيَ عَلَيْهَا، بَلْ أَكْرَمُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاهُمْ مِن أَيِّ طَائِفَةٍ كَان " 00 مِنَ التَّبْلِيغِيِّينَ أَوِ الإِخْوَان؛ في كُلٍّ خَير 00
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرّ: أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِم " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2564 / عَبْد البَاقِي]
فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْحِيدِ الصُّفُوف؛ قَبْلَ سَنِّ السُّيُوف، وَلَا بُدَّ مِنَ الاِتحَاد، قَبْلَ إِعْدَادِ الْعُدَّةِ وَالْعَتَاد؛ عِنْدَئِذٍ يَتِمُّ المُرَادُ مِنْ رَبِّ الْعِبَاد، وَنَسْتَطِيعُ طَرْدَ الأَوْغَادِ مِنَ الْبِلَاد، حَتىَّ وَلَوْ كَانُواْ في الْكَثْرَةِ كَالجَرَاد
** وَقَبْلَ الغَيْثِ يجْتَمِعُ الغَمَامُ **
يَحْكُونَ أَنَّ أُمَّةَ الأَرانِبِ * قَدْ أَخَذَتْ مِنَ الثَّرَى بجَانِبِ
فَاخْتَارَهُ الْفِيلُ لَهُ طَرِيقَا * مُمَزِّقاً أَصْحَابَنَا تَمْزِيقَا
وَكَانَ فِيهِمْ أَرْنَبٌ لَبِيبُ * أَذْهَبَ جُلَّ شَعْرِهِ التَّجْرِيبُ
نَادَى بِهِمْ يَا مَعْشَرَ الأَرَانِبِ * مِن عَالِمٍ وَشَاعِرٍ وَكَاتِبِ
اتَّحِدُواْ ضِدَّ العَدُوِّ الجَافي * فَالاِتحَادُ قُوَّةُ الضِّعَافِ
فَأَقْبَلُواْ مُسْتَصْوِبِينَ رَايَهْ * وَعَقَدُواْ لِلاِجْتِمَاعِ رَايَه
وَانْتَخِبُواْ مِنْ بَيْنِهِمْ ثَلَاثَة * لَا هَرَماً راعَوْا وَلَا حَدَاثَة
بَلْ نَظَرُواْ إِلى كَمَالِ الْعَقْلِ * وَاعْتَبَرُواْ في ذَاكَ سِنَّ الفضْل
فَنَهَضَ الأَوَّلُ لِلْخِطِابِ * فَقَالَ اسْتَمِعُواْ إِلى جَوَابي
أَنْ نَتْرُكَ الأَرْضَ لِذِي الخُرْطُومِ * كَيْ نَسْتَرِيحَ مِن أَذَى الْغَشُومِ
فَصَاحَتِ الأَرَانِبُ الْغَوَالي * هَذَا أَضَرُّ مِن أَبي الأَفْيَالِ
وَوَثَبَ الثَّاني فَقَالَ إِنيِّ * أَعْهَدُ في الثَّعْلَبِ شَيْخَ الْفَنِّ
فَلْنَدْعُهُ يُمِدُّنَا بحِكْمَتِهْ * وَيَأْخُذُ اثْنيْنِ جَزَاءَ خِدْمَتِه
فَقِيلَ لَا يَا صَاحِبَ السُّمُوِّ * لَا يُدْفَعُ الْعَدُوُّ بِالْعَدُوِّ
وَانْتُدِبَ الثَّالِثُ لِلْكَلَامِ * فَقَالَ يَا مَعَاشِرَ الأَقْزَامِ
اجْتَمِعُواْ فَالاِجْتِمَاعُ قُوَّة * ثُمَّ احْفِرُواْ عَلَى الطَّرِيقِ هُوَّة
يَهْوِى بِهَا الْفيلُ عِنْدَ مُرُورِهِ * فَنَسْتَرِيحُ الدَّهْرَ مِنْ شُرُورِهِ
ثُمَّ يَقُولُ الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ * قَدْ أَكَلَ الأَرْنَبُ عَقْلَ الْفِيلِ
فَاسْتَصْوَبُواْ مَا قَالَهُ وَاسْتَحْسَنُواْ * وَعَمِلُواْ مِنْ فَوْرِهِمْ فَأَحْسَنُواْ
وَهَلَكَ الْفِيلُ الرَّفِيعُ الشَّانِ * فَأَمْسَتِ الأُمَّةُ في أَمَانِ
وَأَقْبَلَتْ لِصَاحِبِ التَّدْبِير * سَاعِيَةً بِالتَّاجِ وَالسَّرِيرِ
فَقَالَ مَهْلاً يَا بَني أَوْطَانِي * إِنَّ محِلِّي لَلْمَحِلُّ الثَّاني
فَصَاحِبُ الصَّوْتِ الْقَوِيِّ الْغَالَبِ * منْ قَدْ نَادَى يَا مَعْشَرَ الأَرَانِبِ
لِنَتَعَلَّمِ الصَّبرَ وَالجِهَادَ وَالَاتِّحَادَ مِنْ جَمَاعَةِ حِزْبِ الله
فَلْنَفِقْ وَلْنَقِفْ لِعَدُوِّنَا صَفَّاً وَاحِدَاً، كَالبُنيَانِ المَرْصُوص، وَلْنُطَهِّرِ الأَرْضَ المُقَدَّسَة؛ مِن هَهِهِ المَخْلُوقَاتِ المُدَنَّسَة، قَبْلَ أَنْ نَقُول: أَلَا إِنَّا أُكِلنَا يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَض 00
إِذَا الشَّعْبُ يَوْمَاً أَرَادَ الحَيَاةَ * فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ القَدَرْ
وَلَا بُدَّ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِي * وَلَا بُدَّ لِلْقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِرْ
جَمَاعَةُ حِزْبِ اللهِ بمُفرَدِهَا تَتَصَدَّى لِطَائِرَاتهِمْ وَتجْبرُهَا عَلَى الفِرَار، وَنحْنُ نَقُولُ لَا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِشَارُونَ وَجُنُودِه 00!!
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {وَلَا تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم} {آلِ عِمْرَان/105}
مَا رَاعَني في اللَّيْلِ إِلَاّ أَن أَرَى * شَبَحَاً بِأَثْوَابِ الدُّجَى يَتَلَفَّعُ
يَمْشِي الهُوَيْنى شَاكِيَاً وَكَأَنَّهُ * صَبٌّ عَلَى قَبرِ الحَبِيبَةِ يُصْرَعُ
فَدَنَوْتُ مِنهُ محَاذِرَاً فَإِذَا بِهِ * حَسْنَاءُ مِنْ فَرْطِ الْبُكَا تَتَقَطَّعُ
فَهَتَفْتُ مَا بَالُ الفَتَاةِ أَرَى لَهَا * قَلْبَاً يَفِيضُ أَسَىً وَعَيْنَاً تَدْمَعُ
مَن أَنْتِ يَا أُخْتَاهُ قَالَتْ يَا فَتىً * إِنيِّ أَنَا مِصْرُ الَّتي تَتَوَجَّعُ
أَبْكِي عَلَى مجْدِي وَأَنْدُبُ عِزَّتي * هَذَانِ فَقْدُهُمَا مُصَابٌ مُوجِعُ
يَا وَيْحَ قَوْمِي قَدْ أَضَاعُواْ دِينَهُمْ * فَإِذَا بِهِمْ شَعْبٌ ذَلِيلٌ خَاضِعُ
وَلَوُ اهْتَدَواْ رُشْدَاً لَظَلُّواْ سَادَةً * وَلَهُمْ مِنَ القُرْآنِ حِصْنٌ مَانِعُ
لَا يَسْتَوِي هَدْيٌ وَبَغْيٌ إِنَّمَا * بَينَ الهُدَى وَالبَغْيِ فَرْقٌ شَاسِعُ
تَاللهِ مَا اتَّقَتِ المَمَالِكُ بَأْسَنَا * إِلَاّ وَنَحْنُ بِهَدْيِهِ نَتَدَرَّعُ
كَلَاّ وَلَا هَانَتْ عَلَيْهِمْ رِيحُنَا * إِلَاّ وَدِينُ اللهِ فِينَا ضَائِعُ
فَالأَغْنِيَاءُ قُلُوبُهُمْ مُسْوَدَّةٌ * لَمْ يَبْقَ فِيهَا لِلتَّرَحُّمِ مَوْضِعُ
شَغَلَتْهُمُ الأَمْوَالُ عَن أَهْلِيهِمُ * لَا عَاشَ ذُو مَالٍ يَضِنُّ وَيَمْنَعُ
وَالنَّاسُ قَدْ ضَلُّواْ الطَّرِيقَ فَرَاعَني * في كُلِّ يَوْمٍ لِلفَضِيلَةِ مَصْرَعُ
وَالجَهْلُ يَضْرِبُ في القُرَى أَطْنَابَهُ * وَالفَقْرُ في شَتىَّ المَنَازِلِ يَقْبَعُ
نَادَيْتُهَا نَفْسِي فِدَاؤُكِ لَا البُكَا * يجْدِي وَلَا طُولُ التَّحَسُّرِ يَنْفَعُ
إِنْ كَانَ سَاءَ كِ أَنَّ أَرْضَكِ قَدْ غَدَتْ * مَرْعَىً بِهِ ذِئْبُ الغِوَايَةِ يَرْتَعُ
فَهُنَاكَ جُنْدٌ قَامَ يَسْعَى جَاهِدَاً * في الدِّينِ يَقْتَلِعُ الفَسَادَ وَيَنْزِعُ
" اللهُ أَكْبرُ " في الحَيَاةِ شِعَارُهُ * يَمْشِي بِهَا نحْوَ الجِهَادِ وَيُسْرِعُ
وَلَقَدْ أَذَاقَهُمُ الطُّغَاةُ مِنَ الأَذَى * لَوْنَاً يَشِيبُ لَهُ الصِّغَارُ الرُّضَّعُ
فَلَوِ اطَّلَعْتَ لَدَى السُّجُونِ عَلَيْهِمُ * لَرَأَيْتَ مَا يُدْمِي الفُؤَادَ وَيخْلَعُ
فَفَتى العَقِيدَةِ مُثْخَنٌ بِجِرَاحِهِ * وَالشَّيْخُ يُضْرَبُ بِالسِّيَاطِ وَيُصْرَعُ
فَمَتىَ دُجَى تِلْكَ اللَّيَالي يَنْقَضِي * وَمَتىَ النَّهَارُ عَلَى الْكِنَانَةِ يَسْطَعُ
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي بِتَصَرُّف}
يَا فِتيَةَ النِّيلِ المُبَارَكِ إِنَّنَا * نَأْبى وَنَرْفُضُ أَنْ نُسَاقَ قَطِيعَا
حُبُّ الجِهَادِ عَقِيدَةٌ أُشْرِبْتُهَا * مِنْ ثَدْيِ أُمِّي مُنْذُ كُنْتُ رَضِيْعَا
فَإِذَا دَعَتْني لِلْجِهَادِ شَرِيعَتي * لَبَّيْتُ دَاعِيَهَا الكَرِيمَ سَرِيعَا
وَحِّدُواْ صُفُوفَكُمْ وَأَعِدُّوا جُيُوشَكُمْ يَا حُكَّامَ الْعَرَب
لَقَدْ قَالَ شَاعِرُنَا الأَكْبَر / محَمَّدٌ الأَسْمَر؛ في مُؤْتمَر مِن عَشَرَاتِ المُؤْتمَرَاتِ الَّتي تُعْقَدُ كُلَّ حِين:
يَا مِصْرُ أَدِّي لِلْعُرُوبَةِ حَقَّهَا * هِيَ قَدَّمَتْكِ لأَمْرِهَا فَتَقَدَّمِيمِ
ظَلَمَ اليَهُودُ النَّاسَ ثُمَّ تَظَلَّمُواْ * مِنهُمْ فَمَنْ لِلظَّالِمِ المُتَظَلِّمِ
أَيْنَ السَّمَوْءَ لُ كَيْ يُشَاهِدَ غَدْرَهُمْ * بِوُعُودِهِمْ وَمِطَالَهُمْ لِلْمُسْلِمِ
أَمْ مَنْ لَنَا بِقُضَاةِ عَدْلٍ مَا إِذَا * حَكَمَتْ محَاكِمُهُمْ أَتَتْ بِالمحْكَمِ
فَدَعِ الْكَلَامَ فَمَا الْكَلَامُ بِنَافِعٍ * وَاسْتَلَّ سَيْفَكَ ثُمَّ قُمْ فَتَكَلَّمِ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر بِتَصَرُّف}
هَيَّا يَا مِصْر: العَالَمُ يَنتَظِرُ حِطِّينَ أُخْرَى 00
نحْنُ الَّذِينَ بِنَا الْوَرَى يَسْتَنْصِرُ * حَتىَّ البُغَاثُ بِأَرْضِنَا تَسْتَنْسِرُ
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
في عَينِ جَالُوتٍ غَضِبْنَا غَضْبَةً * كَشَفَتْ عَنِ الشَّرْقِ البَلَاءَ المحْدِقَا
حِطِّينُ تَشْهَدُ أَنَّنَا عَرَبٌ إِذَا * فَرِقَ الأُسُودُ مِنَ الرَّدَى لَنْ نَفْرَقَا
*********
قَاتِلْ وَلَا تخْفِضْ جَنَاحَكَ ذِلَّةً * إِنَّ العَدُوَّ سِلَاحُهُ مَفْلُولُ
قَاتِلْ فَخَلْفَكَ أُمَّةٌ قَدْ أَقْسَمَتْ * أَنْ لَا تَنَامَ وَفي البِلَادِ دَخِيلُ
*********
وَاعْلَمْ بِأَنَّ بِشَعْبِكَ الأُسْدَ الَّتي * عَن خَوْضِ بحْرِ المَوْتِ لَا تَترَدَّدُ
*********
تَاسِعَاً: الأَمَلُ الَّذِي تحْيى بِهِ الْقُلُوب، وَحُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ عَلَاّمِ الْغُيُوب 0
بَشَائِرُ النَّصْر
عَلَى الأَخْلَاقِ وَالإِسْلَامِ لَا تَبْكُواْ وَتَنْتَحِبُواْ
وَلَا تَبْكُواْ لأَلْسِنَةٍ بحَرْفِ الضَّادِ تَضْطَرِبُ
فَمَنْ يَبْكُونَ كُلَّ مُصِيبَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ تَعِبُواْ
قَالُواْ الْيَهُودُ فَقُلْتُ شَعْبٌ مِنْ قَدِيمِ الدَّهْرِ فَاجِرْ
لَا تَطْلُبُواْ إِنْصَافَكُمْ مِنْ مجْلِسٍ لِلأَمْنِ جَائِرْ
حُكَّامُهُ في النُّطْقِ بِالأَحْكَامِ لَيْسَ لَهُمْ ضَمَائِرْ
لَا تَبْسُطُواْ الأَعْذَارَ مَا في النَّاسِ لِلضُّعَفَاءِ عَاذِرْ
لَا تُوسِعُواْ الأَقْدَارَ لَوْمَاً أَوْ تَقُولُواْ الحَظُّ عَاثِرْ
شَرٌّ صَنَعْنَاهُ بِأَيْدِينَا فَمَا ذَنْبُ المَقَادِرْ
الجَوُّ لَا يَصْفُو لَنَا إِلَاّ إِذَا صَفَتِ السَّرَائِرْ
لَا تَيْأَسواْ يَا قَوْمِ سَوْفَ تُدَقُّ لِلنَّصْرِ البَشَائِرْ
أَنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَسَوْفَ يَعُودُ لِلْوَطَنِ المُسَافِرْ
دُكُّواْ المَدَافِعَ بِالفُئُوسِ وَبِالعِصِيِّ وَبِالخَنَاجِرْ
الحَقُّ يُؤْخَذُ بِالخَنَاجِرِ لَا بِصَيْحاتِ الحَنَاجِرْ
النَّاسُ أَنْصَارُ القَوِيِّ وَلَيْسَ لِلضُّعَفَاءِ نَاصِرْ
وَقَصَائِدُ البَارُودِ أَبْلَغُ مِنْ قَصَائِدِ أَلْفِ شَاعِرْ
العُرْبُ نحْنُ وَلَيْسَ يُفْلِتُ مِنْ يَدِ العَرَبيِّ وَاتِرْ
مَا مَاتَ مِنَّا وَاحِدٌ بِرَصَاصَةٍ مِنْ كَفِّ غَادِرْ
إِلَاّ وَطَالَبَكُمْ بِثَأْرٍ أَلْفُ ثَائِرَةٍ وَثَائِرْ
لَوْ مَاتَ مِنَّا تِسْعَةٌ لَمْ يَرْهَبِ الإِقْدَامَ عَاشِرْ
لَوْ لَمْ يجِدْ حَجَرَاً لِيَرْمِيَكُمْ لحَارَبَ بِالأَظَافِرْ
بِالرُّوحِ تَسْمَحُ نَفْسُهُ وَبِعِرْضِهِ في بخْلِ مَادِرْ
سُكِّرَتْ أَبْصَارُهُمْ
مِنَ الآيَاتِ البَاهِرَاتِ الَّتي يَسُوقُهَا اللهُ بَيْنَ الحِينِ وَالحِين؛ لِيُثَبِّتَ بِهَا المُسْلِمِين: هَذَا الأَمْرُ العَجِيب، طَالَعَنَا مَوْقِعُ الصَّلِيبِ الأَحْمَرِ ـ عَقِبَ أَحْدَاثِ الحَادِي عَشَرَ مِنْ سِبتَمْبِرَ ـ عَلَى صَفَحَاتِ الإِنْتَرْنِيت بِالخَبَرِ التَّالي: لَقَدْ وَجَدَ عُمَّالُ الإِغَاثَةِ أَنَّ جُثَثَ القَتْلَى مِنْ طَالِبَانَ لَمْ تَتَعَفَّنْ بَعْدَ مَوْتهَا، أَرْجَعَ الخُبَرَاءُ السَّبَبَ أَوَّلَ الأَمْرِ إِلى بُرُودَةِ الطَّقْس، حَتىَّ كَانَتِ المُفَاجَأَة: وَذَلِكَ أَنْ فُوجِئُواْ بِتَعَفُّنِ جُثَثِ القَتلَى
مِنْ جُنُودِ التَّحَالُفِ الشَّمَالي 00!!
وَبَدَلاً مِن أَنْ يَرْجِعُواْ إِلى أَنفُسِهِمْ فَيَقُولُواْ إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُون: قَالُواْ مَنْ فَعَلَ هَذَا 00؟!!
اللهُمْ ابْعَثْ لهُمْ مَنْ يجْعَلُهُمْ جُذَاذَا 00
إِنَّهَا حَقَّاً بَشِيرٌ مِنْ بَشَائِرِ النَّصْرِ يَقُول: إِنَّ هَؤُلَاءِ المُسْلِمِينَ كَانُواْ مَظْلُومِين 00!!
حَرْبُ اليَهُودِ المَوْعُودَة
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ تُقَاتِلُواْ اليَهُودَ حَتىَّ يَقُولَ الحَجَرُ وَرَاءهُ اليَهُودِيُّ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2926 / فَتْح]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُون، حَتىَّ يخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَر، فَيَقُولُ الحَجَرُ أَوِ الشَّجَر: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ الله؛ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفي؛ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَاّ الغَرْقَد؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُود " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2922 / عَبْد البَاقِي]
مَتى يَنْطِقُ الشَّجَرُ وَالحَجَرُ فَيَقُولُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ الله؛ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ 00؟!
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في خِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ وَإِدْبَارٍ مِنَ العِلْم، فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا في الأَرْض، اليَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَة، وَاليَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْر، وَاليَوْمُ مِنْهَا كَالجُمُعَة، ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ، وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُه، عَرْضُ مَا بَينَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعَاً، فَيَقُولُ لِلنَّاس: أَنَا رَبُّكُمْ، وَهُوَ أَعْوَر، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَر، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِر، ك ف ر مُهَجَّاة، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِب ـ
يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَمَنْهَل، إِلَاّ المَدِينَةَ وَمَكَّةَ حَرَّمَهُمَا اللهُ عَلَيْه؛ وَقَامَتِ المَلَائِكَةُ بِأَبْوَابِهَا، وَمَعَهُ جِبَالٌ مِن خُبْز، وَالنَّاسُ في جَهْد ـ أَيْ في مجَاعَةٍ وَحَاجَة ـ إِلَاّ مَنْ تَبِعَهُ، وَمَعَهُ نَهْرَانِ أَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا مِنْهُ: نَهَرٌ يَقُولُ الجَنَّة، وَنَهَرٌ يَقُولُ النَّار؛ فَمَن أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الجَنَّة؛ فَهُوَ النَّار، وَمَن أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّار؛ فَهُوَ الجَنَّة، وَيَبْعَثُ اللهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاس، وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَة، يَأْمُرُ
السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى النَّاس، وَيَقْتُلُ نَفْسَاً ثُمَّ يُحْيِيهَا فِيمَا يَرَى النَّاس، لَا يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ النَّاس، وَيَقُول: أَيُّهَا النَّاس؛ هَلْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا إِلَاّ الرَّبُّ عز وجل 00؟!
فَيَفِرُّ المُسْلِمُونَ إِلى جَبَلِ الدُّخَانِ بِالشَّام؛ فَيَأْتِيهِمْ فَيُحَاصِرُهُمْ، فَيَشْتَدُّ حِصَارُهُمْ وَيُجْهِدُهُمْ جَهْدَاً شَدِيدَاً، ثمَّ يَنْزِلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيُنَادِي مِنَ السَّحَرِ فَيَقُول: يَا أَيُّهَا النَّاس؛ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُواْ إِلى الكَذَّابِ الخَبِيث 00؟!
فَيَقُولُون: هَذَا رَجُلٌ جِنِّيّ؛ فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عليه السلام فَتُقَامُ الصَّلَاة؛ فَيُقَالُ لَهُ: تَقَدَّمْ يَا رُوحَ الله؛ فَيَقُولُ عليه السلام: لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ، فَإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ خَرَجُواْ إِلَيْه، فَحِينَ يَرَى الكَذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ المِلْحُ في المَاء ـ أَيْ فَحِينَ يَرَاهُ الدَّجَّالُ يَذُوبُ المِلْحُ في المَاء ـ فَيَمْشِي إِلَيْهِ فَيَقْتُلُه، حَتىَّ إِنَّ الشَّجَرَةَ وَالحَجَرَ يُنَادِي: يَا رُوحَ الله؛ هَذَا يَهُودِيّ؛ فَلَا يَتْرُكُ مِمَّنْ كَانَ يَتْبَعُهُ أَحَدَاً إِلَاّ قَتَلَه " 0 [قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الإِمَامِ مُسْلِم، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالحَاكِم]
أَمَّا الدَّلِيلُ الَّذِي يَرْبِطُ بَينَ اليَهُودِ وَالدَّجَّال، وَالَّذِي يُعَدُّ في هَذَا الصَّدَدِ فَصْلَ المَقَال:
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَان: سَبْعُونَ أَلْفَاً عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَة "
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2944 / عَبْد البَاقِي]
وَيُقَالُ أَصْبَهَانُ وَأَصْفَهَان؛ كَمَا في مُعْجَمِ الْبُلْدَان 0
وَأَصْبَهَانُ وَخُرَاسَان: مَدِينَتَانِ تَقَعَانِ في إِيرَان؛ مِمَّا يُعْطِي احْتِمَالاً أَنَّ ضُلَاّلَ الشِّيعَةِ المَخْدُوعِين؛ قَدْ يَظُنُّونَهُ إِمَامَهُمُ المَوْعُودَ فَيُقَاتِلُونَ مَعَه، وَيَبْدُو أَنَّ أَصْبَهَان: قِطْعَةٌ يَقْطُنُهَا الْيَهُودُ في إِيرَان، وَمَوْقِعُهَا في قَلْبِ إِيرَان، وَأَمَّا خُرَاسَان: فَتَقَعُ بَعْدَهَا جِهَةَ المَشْرِق 0
عَن أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِن أَرْضٍ بِالمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَان ـ تَقَعُ شَرْقَ إِيرَان ـ يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ المَجَانُّ المُطَرَّقَة " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَشُعَيْبُ الأَرْنَؤُوطُ في المُسْنَد، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنيِ الإِمَامَينِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ بِرَقْمَيْ: 2237، 4072]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" إِنَّكُمْ مَنْصُورُون، وَمُصِيبُون، وَمَفْتُوحٌ لَكُمْ؛ فَمَن أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَتَّقِ اللهَ وَلْيَأْمُرْ بِالمَعْرُوف " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 4156، كَمَا صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ أَيْضَاً في سُنَنِ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ بِرَقْم: 2257]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " يَنْزِلُ الدَّجَّالُ في هَذِهِ السَّبَخَة، بِمَرِّ قَنَاة ـ مَوْضِعٌ بَينَ المَدِينَةِ وَأُحُد ـ فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاء؛ حَتىَّ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلى حَمِيمِهِ ـ أَيْ حَبِيبَتِهِ ـ وَإِلى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ فَيُوثِقُهَا رِبَاطَاً؛ مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْه، ثمَّ يُسَلِّطُ اللهُ المُسْلِمِينَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُونَهُ وَيَقْتُلُونَ شِيعَتَهُ؛ حَتىَّ إِنَّ اليَهُودِيَّ لَيَخْتَبِئُ تحْتَ الشَّجَرَةِ أَوْ الحَجَر؛ فَيَقُولُ الحَجَرُ أَوِ الشَّجَرَةُ لِلْمُسْلِم: هَذَا يَهُودِيٌّ تحْتي فَاقْتُلْهُ " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 5353، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ في الأَرْض، وَمَن عَمِلَ مِنهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنيَا؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ في الآخِرَةِ مِنْ نَصِيب " 0
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، وَالْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في صَحِيحِ الجامِعِ بِرَقْم: 2825، رَوَاهُ الحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ في الشُّعَب]
وَلِذَا كَتَبْتُ هَذِهِ الأُنْشُودَةَ لأُهْدِيَهَا لحَمَاسَ وَكَتَائِبِ الأَقْصَى، وَلمجَاهِدِي الَاحْتِلَالِ الأَنجِلُوأَمْرِيكِيِّ فَوْقَ أَرْضِ الْعِرَاق، وَلِكُلِّ مجَاهِدٍ عَلَى أَرْضِ اللهِ الْوَاسِعَة:
سَنَخُوضُ المَعْرَكَةُ الْكُبرَى * وَسَتُدْرِكُ أُمَّتُنَا النَّصْرَا
لَنْ نَتْرُكَ مَسْجِدَنَا الأَقْصَى * سَنُحَرِّرُهُ شِبرَاً شِبرَا
مِنْ زَمَنٍ مَرَّ وَأُمَّتُنَا * سَاهِرَةٌ تَنْتَظِرُ الْفَجْرَا
لَنْ يَرْدَعَ أَمْرِيكَا إِلَاّ * مَنْ يَكْسِرُ شَوْكَتَهَا كَسْرَا
لَنْ نُبْقِيَ في خَلَدِ الدُّنيَا * مِنْ سِيرَتِهَا إِلَاّ الذِّكْرَى
وَسَنَجْعَلُ سُودَ أَفَاعِلِهَا * في أُمَّتِنَا حُمَمَاً حُمْرَا
قَرْنٌ قَدْ مَرَّ وَكَوْكَبُنَا * لَمْ يَرَ مِنهَا قَطٌّ خَيرَا
عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسَ عَن أَبِيهِ رضي الله عنه قَال:
" يَنْزِلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ إِمَامَاً هَادِيَاً، وَمُقْسِطَاً عَادِلاً فَإِذَا نَزَلَ كَسَرَ الصَّلِيبَ وَقَتَلَ الخِنْزِيرَ وَوَضَعَ الجِزْيَة، وَتَكُونُ المِلَّةُ وَاحِدَةً، وَيُوضَعُ الأَمْنُ في الأَرْض، حَتىَّ إِنَّ الأَسَدَ لَيَكُونُ مَعَ الْبَقَرِ تحْسِبُهُ ثَوْرَهَا، وَيَكُونُ الذِّئْبُ مَعَ الْغَنَمِ تحْسِبُهُ كَلْبُهَا، وَتُرْفَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ ـ أَيْ وَيُرْفَعُ سُمُّ كُلِّ سَامّ ـ حَتىَّ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الحَنَشِ فَلَا يَضُرُّه، وَحَتىَّ تُفِرُّ الجَارِيَةُ الأَسَدَ كَمَا يُفَرُّ وَلَدُ الْكَلْبِ
الصَّغِير، وَيُقَوَّمُ الْفَرَسُ الْعَرَبيُّ بِعِشْرِينَ دِرْهَمَاً، وَيُقَوَّمُ الثَّوْرُ بِكَذَا وَكَذَا، وَتَعُودُ الأَرْضُ كَهَيْئَتِهَا عَلَى عَهْدِ آدَم، وَيَكُونُ الْقِطْفُ ـ أَيْ عُنْقُودُ الْعِنَب ـ يَأْكُلُ مِنهُ النَّفَرُ ذُو الْعَدَد، وَتَكُونُ الرُّمَّانَةُ يَأْكُلُ مِنهَا النَّفَرُ ذُو الْعَدَد " 0 [قَالَ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في قِصَّةِ المَسِيحِ الدَّجَّال: إِسْنَادُهُ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ رِجَالُ الشَّيْخَين، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق]
عَن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " لَيَأْتِينَّ عَلَى النَّاسِ زَمَان؛ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَب؛ ثمَّ لَا يجِدُ أَحَدَاً يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ؛ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاء " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (1414 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1012 / عَبْد البَاقِي]
وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتىَّ يَكْثُرَ المَالُ وَيَفِيض، حَتىَّ يخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِه؛ فَلَا يَجِدُ أَحَدَاً يَقْبَلُهَا مِنْه، وَحَتىَّ تَعُودَ أَرْضُ العَرَبِ مُرُوجَاً وَأَنهَارَا " 00 أَيْ حَدَائِقَ وَأَنهَارَا 0
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في نُسْخَةِ " فُؤَاد عَبْد البَاقِي " بِرَقْم: (157)، وَالحَدِيثُ في " المُسْنَدِ " بِرَقْم: 9129]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" تَقِيءُ الأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، أَمْثَالَ الأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّة، فَيَجِيءُ القَاتِلُ فَيَقُول: في هَذَا قَتَلْت، وَيَجِيءُ القَاطِعُ فَيَقُول: في هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُول: في هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئَا " 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 1013 / عَبْد البَاقِي]
لَا بُدَّ مِنْ وَيْلِ الصَّبْر؛ قَبْلَ نَيْلِ النَّصْر
أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيب، وَسَيَعْلَمُ الكُفَّار: لِمَن عُقْبىَ الدَّار 0
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم: {حَتىَّ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المجْرِمِين} {يُوسُف/110}
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْر، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْب، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرَا " 0 [صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَة، وَفي الظِّلَال: 315، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالبَيْهَقِيُّ في الشُّعَب: 10000]
فَبِالصَّبرِ يَلِينُ الحَدِيد، وَيَقْتَرِبُ الْبَعِيد، حَتىَّ يُصْبِحَ أَدْنى إِلَيْنَا مِن حَبْلِ الْوَرِيد، وَكَمَا قِيل:
عِنْدَ الصَّبَاحِ سَيَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: " ثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ يُنَازَعُ اللهَ في كِبْرِيَائِه؛ فَإِنَّ رِدَاءهُ الكِبْرِيَاء، وَإِزَارَهُ العِزَّة ـ أَيْ رَجُلٌ مُتَكَبِّر ـ وَرَجُلٌ يَشُكُّ في أَمْرِ الله، وَالقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ الله " 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ وَفي التَّرْغِيب 0 ح 0 ر: (2900)، رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الْكَبِير]
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الكَبَائِرِ فَقَال:
" الشِّرْكُ بِالله، وَالإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ الله، وَالقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ الله " 0
[حَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: (4603، 2051)، وَوَثَّقَهُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَط]
عَاشِرَاً: كَثْرَةُ الاِسْتِغْفَار، وَتجْدِيدُ التَّوْبَةِ بِاسْتِمْرَار 0
قَالَ الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ:
" عَجَبَاً لِمَنْ يَهْلِكُ وَالنَّجَاةُ مَعَه " 00 قِيلَ لَهُ: وَمَا هِيَ 00؟
قَالَ رضي الله عنه: الاِسْتِغْفَار " 0 [ابْنُ عَبْدِ رَبُّه في " العِقدُ الفَرِيد " طَبْعَةِ دَارِ الكُتُبِ العِلمِيَّة 0 بَيرُوت 0 ص: 175/ 3]
وَذَلِكَ إِشَارَةً إِلى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: {اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارَا {10} يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارَا {11} وَيمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيجْعَلْ لَكُمْ أَنهَارَا} {نُوح}
وَسَمَاءٌ مِدْرَار: أَيْ كَثِيرَةُ الأَمْطَار 0
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: " مَن أَكْثَرَ مِنَ الاِسْتِغْفَار؛ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجَاً، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرَجَاً، وَرَزَقَهُ مِن حَيْثُ لَا يَحْتَسِب " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَة أَحْمَد شَاكِر في المُسْنَدِ بِرَقْم: 2234، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَد]
تُوبُواْ إِلى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحَاً
فَاصْطَلِحُواْ مَعَ اللهِ وَجَدِّدُواْ التَّوْبَة؛ لأَنَهُ مَا نَزَلَ بَلَاءٌ إِلَاّ بِذَنْب، وَمَا رُفِعَ إِلَاّ بِتَوْبَة 00
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير} {الشُّورَى/30}
فَدَعُواْ الشَّرَّ يَدَعْكُمْ؛ فَالشَّرُّ لِلشَّرِّ خُلِق 0
حَدَّثَ الإِمَامُ الحَافِظُ المُفَسِّرُ أَبُو العَالِيَةِ عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:
" لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ المَدِينَةَ وَآوَتْهُمُ الأَنْصَار: رَمَتْهُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَة؛ كَانُواْ لَا يَبِيتُونَ إِلَاّ بِالسِّلَاح، وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَاّ فِيه؛ فَقَالُواْ: تَرَوْنَ أَنَّا نَعِيشُ حَتىَّ نَبِيتُ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ لَا نَخَافُ إِلَاّ الله 00؟!
وَمَنْ كَفَرَ [يَعْني بِالنِّعْمَة]: فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُون " 0 [صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص، رَوَاهُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِرَقْم: 3512]
انْظُرْ: قَالَ جَلَّ وَعَلَا: {آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالحَاتِ}
قَبْلَ أَنْ يَقُولَ {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} 00!!
لِيَجْعَلُ بِذَلِكَ سبحانه وتعالى الإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ شَرْطَاً لِلتَّمْكِين 0
وَأَيَّدَ هَذَا الْفَهْمَ قَوْلُهُ تَعَالى:
وَقَالَ تَعَالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِين {171} إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُون {172} وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُون} {الصَّافَّات}
وَقَالَ جل جلاله: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون {63} لَهُمُ البُشْرَى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيم} {يُونُس}
وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ في اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون} {النَّحْل/41}
النُّقْطَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَالأَخِيرَة: اللُّجُوءُ إِلى اللهِ بِالتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاء 0
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَرْكَن إِلى اللهِ في الَّذِي * يحَاذِرُهُ مِنْ دَهْرِهِ فَهْوَ خَاسِرُ
وَإِن هُوَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ اللهَ نَاصِرَاً * فَلَيْسَ لَهُ في غُرْبَةِ الحَقِّ نَاصِرُ
{محَمَّدٌ الأَسْمَر أَوْ محْمُود سَامِي البَارُودِي}
عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
" الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ؛ فَعَليْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاء " 0
[حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في " الجَامِعِ " بِرَقْم: (5721)، رَوَاهُ الحَاكِم]
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" لَا يَزِيدُ في العُمْرِ إِلَاّ البرّ، وَلَا يَرُدُّ القَدَرَ إِلَاّ الدُّعَاء، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُه " 0 [حَسَّنَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 4022، وَالأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في صَحِيحِ الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان]
رُحْمَاكَ يَا رَبّ
اللهُمَّ انْصُرِ المُسْلمِينَ عَلَى مَن عَادَاهُمْ، وَأْذِ مَن آذَاهُمْ، ولَا تحَمِّلْهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لهُمْ بِهِ يَا رَبَّ العَالَمِين، وَانْصُرْهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ نَصْرَ عَزِيزٍ مُقْتَدِر، وَاجعَلْ كُلَّ مَن عَادَاهمْ عِبْرَةً لمنْ يَعْتَبر!!
اللهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُود، اللهُمَّ دَمِّرْهُمْ كَمَا دَمَّرْتَ عَادَاً وَثمُود، وَاجْعَلِ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ تَعُود 00!!
اللهُمَّ حَرِّرِ المَسْجِدَ الأَقْصَى الأَسِير، مِن أَبْنَاءِ القِرَدَةِ وَالخَنَازِير؛ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِير، وَبحَالِ المُسْلِمِينَ بَصِير، وَأَنْتَ نِعْمَ المَوْلى وَنِعْمَ النَّصِير 00!!
اللهُمَّ إِنَّكَ رَفِيقٌ تحِبُّ الرِّفقَ فَارْفُقْ بِنَا؛ إِنَّا وَإِنْ كُنَّا أَهْلاً لِكُلِّ عَذَاب؛ فَإِنَّكَ أَهْلٌ لِكُلِّ رَحْمَة 0
يَا رَبِّ نَصْرَكَ الَّذِي وَعَدْت؛ قَدْ أَخْبرَنَا رَسُولُكَ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبر 0
يَا رَبِّ فَرَجَكَ الَّذِي وَعَدْت؛ قَدْ أَخْبرَنَا رَسُولُكَ أَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْب 00
يَا رَبِّ يُسْرَكَ الَّذِي وَعَدْت؛ قَدْ أَخْبرْتَنَا أَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَا 00
اللهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى الْغَرْبِ الأَمْرِيكَانِ نَصْرَ عَزِيزٍ مُقتَدِر، وَأَرِنَا فِيهِمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ مُزْدَجَر، وَأَقِرَّ أَعْيُنَنَا بِأَنْ تُصِيبَهُمْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبَاً مِنْ دَارِهِمْ 00!!
أَفَتَنهَشُ فِينَا * يَا رَبيِّ أَعَادِينَا
وَكَأَنَّنَا لَسْنَا * لَنَا رَبٌّ يحْمِينَا
{يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
يَا رَبِّ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ فَامْنَعْ رِحَالَكْ
لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ أَبَدَاً محَالَكْ
{جَدُّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَبْدُ المُطَّلِب}
مَاذَا بِوُسْعِ الضُّعَفَاءِ أَنْ يَفْعَلُواْ إِنْ تَرَكْتَ نُصْرَتَهُمْ يَا رَبّ 00؟!
اللهُمَّ خَذِّلْ عَنهُمْ وَلَا تخْذُلْهُمْ، وَكُنْ لَهُمْ وَلَا تَكُن عَلَيْهِمْ 0
مَاذَا تَبَقَّى لَنَا يَا رَبِّ مَا تَرَكَتْ * فِينَا المَصَائِبُ عَظْمَاً غَيرَ مَكْسُورِ
لَيْسَ بَعْدَ المَوْتِ مَوْتُ
يَا رَبِّ نُسْبى هَكَذَا وَنُبَادُ * فَإِلى مَتى يَتَطَاوَلُ الأَوْغَادُ
وَإِلى مَتى تُدْمِي الجِرَاحُ قُلُوبَنَا * وَإِلى مَتى تَتَقَرَّحُ الأَكْبَادُ
نَصْحُو عَلَى صَوْتِ الرَّصَاصِ كَأَنَّنَا * بَقَرٌ يُسَاقُ لِذَبحِهِ وَيُقَادُ
يَتَسَامَرُ الأَعْدَاءُ في أَوْطَانِنَا * وَنَصِيبُنَا التَّشْرِيدُ وَالإِبْعَادُ
نُشْرَى كَأَنَّا في المحَافِلِ سِلْعَةٌ * وَنُبَاعُ كَيْ يَتَمَتَّعَ الأَسْيَادُ
رَبِّ لَقَدْ نَزَلَتْ بِنَا هُمُومٌ تَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولي القُوَّة؛ فَاكْشِفْهَا عَنَّا يَا كَاشِفَ الضُّرّ 00
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُون، إِنْ لَمْ يَكُنْ يَا رَبِّ مِن أَجْلِ المُسْلِمِينَ فَمِن أَجْلِ الإِسْلَام 0
{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرَاً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِين} {البَقَرَة/250}
يَا رَبِّ لَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا؛ فَاسْتَجِبْ لَنَا كَمَا وَعَدْتَنَا، مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيل؛ وَالمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل؛ فَرُحْمَاكَ يَا رَبّ، قَدِ اعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا 00
عَصَيْنَا وَأَجْرَمْنَا فَعَاقَبْتَ عَادِلاً * وَحَكَّمْتَ فِينَا اليَوْمَ مَنْ لَيْسَ يَرْحَمُ
لُطْفَكَ يَا رَبّ؛ فَقَدْ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى؛ نَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَات، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنيَا وَالآخِرَة: أَنْ تجْعَلَ لَنَا مِن أَمْرِنَا يُسْرَا، وَلَا تُرْهِقنَا مِن أَمْرِنَا عُسْرَا، وَلَا تحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِه، وَاعْفُ عَنَّا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا؛ أَنْتَ مَوْلَانَا؛ فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِين، وَرُدَّ كَيْدَ المُعْتَدِين 0
مُرِّغَ أَنْفُنَا في التُّرَاب، وَتَقَطَّعَتْ بِنَا الأَسْبَاب؛ فَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّاب 0
نَامَ الرُّعَاةُ عَنِ الخِرَافِ وَلَمْ تَنَمْ * فَإِلَيْكَ نَشْكُو الهَاجِعِينَ النُّوَّمَا
*********
يَا رَبِّ عِشْنَا في الكِنَانَةِ حِقْبَةً * نَهْبَ الكَوَارِثِ وَالخُطُوبِ النُّزَّلِ
مَرَّتْ بِنَا الأَعْوَامُ فِيهَا كَالدُّجَى * نَنْجُو بهَا مِنْ وَحْلَةٍ لِلأَوْحَلِ
وَاليَوْمَ وَالمَاضِي تَوَلىَّ وَانْقَضَى * بِصِعَابِهِ نَدْعُوكَ لِلْمُسْتَقْبَلِ
اللهُمَّ إِلَاّ أَنْ نَسْتَجِيرَ بِكَ فَلَا تُجِيرَنَا، ارْحَمْ دُمُوعَاً تحَدَّرَتْ، وَضُلُوعَاً تَكَسَّرَتْ 00!!
بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِر، وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنَ الحُلْقُومِ وَالحُلْقُومُ خَرَج؛ فَعَجِّلِ اللهُمَّ بِالْفَرَج 00!!
اللهُمَّ إِنَّ الطَّبِيبَ لَتَأْخُذُهُ الشَّفَقَةُ بِالمَرِيض ـ وَأَنْتَ أَرْفَقُ الرُّفَقَاء، وَأَرْحَمُ الرُّحَمَاء ـ فَيُعْطِيهِ الدَّوَاءَ وَيَكُفُّ عَنهُ الدَّاء؛ فَاللهُمَّ أَعْطِنَا الهِدَايَةَ وَكُفَّ عَنَّا العَذَاب؛ فَمَا أَيْسَرَ الهِدَايَةَ عَلَيْكَ وَمَا أَشَدَّ العَذَابَ عَلَيْنَا؛ فَهَبِ المُسِيءَ مِنَّا لِلْمُحْسِنِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين؛ إِنَّكَ تحِبُّ المحْسِنِين 00 اللهُمَّ هَذِّبْنَا وَلَا تُعَذِّبْنَا 00
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيم} {المَائِدَة/118}
اللهُمَّ أَلهِمْنَا الصَّبْرَ والثَّبَات، وَاكْفِنَا شَرَّ المَصَائِبِ وَالآفَات، وَاجْعَلْ مَا هُوَ آت: خَيرَاً مِمَّا قَدْ فَات، يَا وَاسِعَ الرَّحَمَات، وَيَا مجِيبَ الدَّعَوات، يَا رَبِّ إِنْ لَمْ نَكُن أَهْلاً لِعَفْوِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِلْعَفْوِ حَتىَّ عَمَّنْ لَا يَسْتَحِقّ؛ فَاعْفُ عَنَّا، وَادْفَعْ عَنَّا وَلَا تَدْفَعْنَا، وَارْفَعْ مَقْتَكَ وَغَضَبَكَ عَنَّا، وَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، وَإِنْ كُنَّا عَلَى ضَلَالٍ فَاهْدِنَا وَإِنْ كُنَّا عَلَى هُدَىً فَأَعِنَّا، وَلَا تَفْتِنَّا؛ إِنَّهُ مَنْ
يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئَا، اللهُمَّ اكْفِنَا شَرَّ الفِتَن، مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَن، وَارْزُقْنَا الإِخْلَاصَ في السِّرِّ وَفي العَلَن 0
وَأَخْتِمُ كِتَابي بِهَذِهِ الْقَصِيدَة، الَّتى نَظَمْتُهَا فِيمَا نَمُرُّ بِهِ في هَذِهِ الحِقْبَةِ الشَّدِيدَة:
مَتى نَصْرُ الله 00؟
حَتىَّ مَتى يَا رَبَّنَا نَتَأَلَّمُ * وَنَظَلُّ بِالنَّصْرِ المُؤَزَّرِ نَحْلُمُ
أَفَنَصْرُنَا أَمْسَى لِبُعْدِ مَنَالِهِ * عَنَّا كَمَا ابْتَعَدَتْ عَلَيْنَا الأَنْجُمُ
ظُلْمٌ وَتخْوِيفٌ وَفَقْرٌ مُدْقِعٌ * وَالهَمُّ جَمٌّ في الصُّدُورِ وَنَكْتُمُ
لَمْ يَلْقَ ظُلْمَاً في الْوَرَى أَحَدٌ كَمَا * لَقِيَ المَظَالِمَ وَالهَوَانَ المُسْلِمُ
كَلَاّ وَلَا سَالَتْ دِمَاءٌ مِثْلَمَا * في أُمَّةِ الإِسْلَامِ سَالَ بِهَا الدَّمُ
وَكَأَنَّمَا الأَحْزَانُ قَدْ خُلِقَتْ لَنَا * أَوْ أَنَّ ذُلَّ المُسْلِمِينَ محَتَّمُ
وَكَأَنَّمَا الأَيَّامُ حُبْلَى أَوْشَكَتْ * في بَطْنِهَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ تَوْأَمُ
بِمَصَائِبِ النَّشَرَاتِ يَبْدَأُ يَوْمُنَا * وَبِمَا نَرَاهُ في الْكِنَانَةِ يُخْتَمُ
هَذَا يَمُوتُ وَلَمْ يجِدْ ثَمَنَ الدَّوَا * ءِ وَذَاكَ مَاتَ بِهِ وَذَلِكَ يُظْلَمُ
وَيَظَلُّ يَجْرِي في المحَاكِمِ عُمْرَهُ * وَلَقَدْ يَمُوتُ بِسَاحِهَا أَوْ يَهْرَمُ
كَمْ في سُجُونِ المُسْلِمِينَ فَظَائِعَاً * نَكْرَاءَ لَمْ يَنْطِقْ بِقَسْوَتِهَا فَمُ
وَتَوَدُّ جُدْرَانُ السُّجُونِ لِمَا بِهَا * مِنْ شِدَّةِ التَّعْذِيبِ لَوْ تَتَكَلَّمُ
كَمْ عَالِمٍ شَيْخٍ جَلِيلٍ لَمْ يُصِبْ * جُرْمَاً يُكَالُ لَهُ السِّبَابُ وَيُلْطَمُ
وَيَجُرُّهُ في السِّجْنِ بَلْ وَيُذِيقُهُ * كَأْسَ المَذَلَّةِ تَامِرٌ أَوْ هَيْثَمُ
وَفَظَائِعٌ أُخْرَى يَكَادُ لخُبْثِهَا * عَنْ ذِكْرِهَا يَنأَى اللِّسَانُ وَيُحْجِمُ
اللِّصُّ فِيهِمْ سَيِّدٌ وَمُكَرَّمٌ * وَمحَاوِلُ الإِصْلَاحِ شَخْصٌ مجْرِمُ
كَمْ مِن أَدِيبٍ قُصِّفَتْ أَقْلَامُهُ * في بَيْتِهِ ثَاوٍ وَفَاهُ مُلْجَمُ
لَوْ أَنَّهُمْ نَزَعُواْ الْكِمَامَةَ مَرَّةً * عَنهُ لأَصْغَى الْعَالَمُ المُتَقَدِّمُ
وَلِيَضْمَنُواْ حَتىَّ النِّهَايَةِ صَمْتَهُ * تُلْقَى لَهُ تُهَمٌ وَإِذْ بِهِ يُعْدَمُ
أَوْ في السُّجُونِ يَظَلُّ فِيهَا عُمْرَهُ * الْعَظْمُ يُسْحَقُ وَالأَصَابِعُ تُفْرَمُ
وَيُقَالُ في التَّبْرِيرِ إِنَّ بِدُونِ ذَا * كَ سَلَامَةُ الأَوْطَانِ لَيْسَتْ تَسْلَمُ
كَيْ يُقْنِعُوكَ وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّهُ * كَذِبٌ بِأَلْوَانِ الخَدِيعَةِ مُفْعَمُ
مَا أَن يُغَادِرَنَا لَئِيمٌ غَادِرٌ * حَتىَّ يَجِيءَ لَنَا الَّذِي هُوَ أَلأَمُ
وَالشَّعْبُ يَظْلِمُ بَعْضُهُ بَعْضَاً كَمَا * في الْغَابِ تَنْقَضُّ الْوُحُوشُ وَتَلْقَمُ
لَمْ يَبْقَ بَينَ النَّاسِ إِلَاّ ثَعْلَبٌ * أَوْ عَقْرَبٌ أَوْ حَيَّةٌ أَوْ أَرْقَمُ
الحَقُّ فِيهِمْ ضَائِعٌ وَالْعَدْلُ مَفْـ * قُودٌ لَدَيْهِمْ وَالأَمَانَةُ مَغْنَمُ
أَخْلَاقُهُمْ سَاءَتْ وَسَاءَ سُلُوكُهُمْ * وَالشَّرُّ فِيهِمْ كُلَّ يَوْمٍ يَعْظُمُ
عَبَسَ الضَّرِيرُ إِلَيْهِمُ مِنْ قُبْحِهِمْ * وَبِفُحْشِهِمْ نَطَقَ اللِّسَانُ الأَبْكَمُ
يَا رَبِّ إِنَّ قُلُوبَنَا مِمَّا بِهَا * مِنْ شِدَّةِ الأَوْجَاعِ كَادَتْ تَسْأَمُ
إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ ذَا بِذُنُوبِنَا * وَبِأَنَّ عَيْنَ الْعَدْلِ فِيمَا تَحْكُمُ
لَكِنَّنَا يَا رَبِّ رَغْمَ ذُنُوبِنَا * سُرْعَانَ مَا كُنَّا نَتُوبُ وَنَنْدَمُ
لَا زَالَ يَغْمُرُنَا يَقِينٌ قَاطِعٌ * يَا رَبِّ أَنَّكَ في النِّهَايَةِ تَرْحَمُ
فَأَنِرْ طَرِيقَ المُسْلِمِينَ وَقَوِّهِمْ * فَطَرِيقُهُمْ وَعْرٌ طَوِيلٌ مُعْتِمُ
وَكَتَبْتُ قَصِيدَةً أُخْرَى اسْتَهْلَلْتُهَا بِنَفْسِ المِصْرَاعِ الأَوَّلِ مَعَ تَغْيِيرِ الْقَافِيَةِ كُلِّهَا فَقُلْتُ:
تَعَبٌ كُلُّهَا الحَيَاة
حَتىَّ مَتى يَا رَبَّنَا نَتَوَجَّعُ * أَكْبَادُنَا مِن حُزْنِهَا تَتَقَطَّعُ
مَا أَنْ نَفِيقَ مِنَ الهُمُومِ إِفَاقَةً * حَتىَّ نَرَى هَمَّاً جَدِيدَاً يُسْرِعُ
حَتىَّ مَتى سَنَظَلُّ نَزْرَعُ في الْوَرَى * خَيْرَاً وَنحْنُ نَرَى سِوَانَا يَقْلَعُ
رُحْمَاكَ بي وَبِأُسْرَتي وَأَحِبَّتي * إِنَّا إِلَيْكَ جَمِيعَنَا نَتَضَرَّعُ
فَقَدِ ابْتُلِينَا هَاهُنَا بِحُسَالَةٍ * عَنْ ظُلْمِ كُلِّ الخَلْقِ لَا تَتَوَرَّعُ
فَمَتى ظَلَامُكِ يَا مَظَالِمُ يَنْقَضِي * وَمَتى بَشِيرُكِ يَا بَشَائِرُ يَسْطَعُ
أَفَكُلَّمَا هَمٍّ فَظِيعٌ مَرَّ بي * يَنْتَابُني هَمٌّ جَدِيدٌ أَفْظَعُ
فَزَمَانُنَا هُوَ فَتْرَةُ الْغُرَبَاءِ مَا * فِيهِ قَرِيبٌ أَوْ غَرِيبٌ يَنْفَعُ
وَالدِّينُ بَينَ النَّاسِ صَارَ كَأَنَّهُ * ثَوْبٌ وَمِنْ كُلِّ الرِّقَاعِ مُرَقَّعُ
هَجَرُواْ كِتَابَ اللهِ كَيْ يَتَقَدَّمُواْ * وَحَيَاتُهُمْ مِن غَيرِهِ مُسْتَنْقَعُ
فَبَنَاتُهُمْ خَلَعَتْ رِدَاءَ حَيَائِهَا * وَمَعَ الشَّبَابِ عَلَى المَلَا تَتَسَكَّعُ
وَرِجَالُهُمْ قَدْ أَهْمَلُواْ أَبْنَاءَهُمْ * وَنِسَاؤُهُمْ لأَقَلِّ شَيْءٍ تخْلَعُ
وَفَقِيرُهُمْ يَرْنُواْ لِمَالِ غَنِيِّهِمْ * وَغَنِيُّهُمْ مَهْمَا اغْتَنى لَا يَشْبَعُ
وَيُهَانُ بَيْنَهُمُ الضَّعِيفُ وَيُشْتَرَى * وَيُبَاعُ في أَسْوَاقِهِمْ وَيُرَوَّعُ
كَمْ مِنْ قَصَائِدَ قُلْتُهَا في نُصْحِهِمْ * لَوْ فِيهِمُ مَنْ لِلنَّصَائِحِ يَسْمَعُ
في الْبَحْرِ أَلْقَوْهَا فَحَلَّتْ قَاعَهُ * وَالدُّرُّ في قَاعِ الْبِحَارِ مُضَيَّعُ
فَعَلَى هُمُومِ المُسْلِمِينَ وَهَمِّنَا * في الحَالَتَينِ تَسِيلُ مِنَّا الأَدْمُعُ
يَا رَبِّ أَدْرِكْنَا بِنَصْرٍ عَاجِلٍ * كُلُّ الْقُلُوبِ إِلى السَّمَا تَتَطَلَّعُ
هَذَا 00 وَسُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِين، وآخِرُ دَعْوَانَا: أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين 00
سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبحَمْدِك، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْت، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك 0
أَخِي الكَرِيم: احْرِصْ بَعْدَ قِرَاءَ تِكَ الكِتَابَ أَنْ تُعِيرَهُ لإِخْوَانِكَ وَجِيرَانِك؛ فَصَدَقَةُ العِلْمِ تَعْلِيمُه، وَالدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِه، وَلأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدَاً؛ خَيرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَم 0
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
" مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ العِلْمَ ثُمَّ لَا يُحَدِّثُ بِه؛ كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنزُ الكَنزَ فَلَا يُنْفِقُ مِنه " 0 [صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 5835، 3479، أَخْرَجَهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَطِ وَالْكَبِير]
فَلَا تَمْنَعْ كِتَابَاً مُسْتَعِيرَاً * فَإِنَّ الْبُخْلَ لِلإِنْسَانِ عَارُ
أَلَمْ تَسْمَعْ حَدِيثَاً عَنْ ثِقَاتٍ * جَزَاءُ الْبُخْلِ عِنْدَ اللهِ نَارُ
وَمَنْ كَانَتْ لَدَيْهِ مَلحُوظةٌ قَدْ تَنْفَعُ المُسْلِمِين، أَوْ أَيَّةُ إِضَافَة، أَوْ كَانَتْ في حَيَاتِهِ قِصَّةٌ مُؤَثِّرَةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَوْضُوعِ الكِتَاب؛ فَسَوْفَ أَكُونُ في غَايَةِ السُّرُورِ لَوْ تَفَضَّلَ عَلَيَّ بِهَا؛ فَالْكَاتِبُ كَالحَالِب، وَالْقَارِئُ كَالشَّارِب، اللهُمَّ اجْعَلْ كُلَّ كِتَابَاتي؛ في مِيزَانِ حَسَنَاتي 00
{الفَقِيرُ إِلى عَفْوِ رَبِّهِ وَدُعَائِكُمْ / يَاسِر الحَمَدَاني}