الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُقَدِّمَةُ هُمُومُ العُلَمَاء:
=============
تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لَا يَغْفَلُ وَلَا يَنَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمَاً وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يحْيى وَيمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يمُوت، يُسَبِّحُ بحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءً امِنَ الذّرَّاتِ وَحَتىَّ المجَرَّات 00!!
إِلهِي لَكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ * علَى نِعَمٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لهَا أَهْلَا
إِذَا زِدْتُّ عِصْيَانَاً تَزِيدُ تَفَضُّلَا * كَأَنيَ بِالعِصْيَانِ أَسْتوْجِبُ الفَضْلَا
نُسِيءُ إِلَيْهِ وَيحْسِنُ إِلَيْنَا؛ فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ وَلَا نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا 00!!
اللهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا 00!!
إِلَهِي وَمَوْلَايَ مَا أَعْظَمَكْ * وَمَنْ في الْوَرَى لَا يَرَى أَنعُمَكْ
{يَاسِر الحَمَدَاني}
أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا * في الكَوْنِ كُنْتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ
وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً * حَتىَّ أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني
وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنَاً * وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني
{مِنْ نُونِيَّةِ الْقَحْطَاني بِتَصَرُّف}
إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنْتَ رَغْمَ إِسَاءتي * إِلَيْكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكْرُ
فَمَنْ كَانَ مُعْتَذِرَاً إِلَيْكَ بحُجَّةٍ * فَعُذْرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذْرُ
دَعَوْتُكَ مُفْتَقِرَاً إِلَيْكَ وَلَمْ يَكُنْ * لِيُعْجِبَني لَوْلَا محَبَّتُكَ الفَقْرُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ اللهُ هَادِيَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَا، وَدَاعِيَاً إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَا، اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا 00
أَنْتَ الَّذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلِقَاكَا
أَنْتَ الَّذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا
نَادَيْتَ أَشْجَارَاً أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا
وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى للهِ في يُمْنَاكَا
وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكْتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا
مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يجْمَعَ الكُتَّابُ مِنْ مَعْنَاكَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * وَأَدَامَ في أَذْهَانِنَا ذِكْرَاكَا
{شِهَابُ الدِّينِ الأَبْشِيهِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ المُسْتَطْرَف، بِشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّف}
اللهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محَمَّدٍ عَدَدَ أَوْرَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقْتَ مِنَ البَشَر
ثمَّ أَمَّا بَعْد
إِنَّ العُقُولَ لَتَظَلُّ حَائِرَة؛ عِنْدَمَا تَنْظُرُ إِلى أَحْوَالِ العُلَمَاءِ وَالعَبَاقِرَة؛ وَكَمَا يَقُولُونَ في الأَمْثَالِ السَّائِرَة: النَّائِحَةُ الثَّكْلَى لَيْسَتْ كَالمُسْتَأْجَرَة 00
تحْتَرِقُ وَاللهِ فَلَذَاتُ أَكْبَادِنَا؛ ونحْنُ نَنْظُرُ إِلى أَحْوَالهِمْ عِنْدَنَا في بِلَادِنَا، وَأُشِيرُ بِذَلِكَ إِلى البَاحِثِينَ وَالمُبْدِعِينَ الهُوَاة ـ مِنَ العُلَمَاءِ وَالأُدَبَاءِ وَالدُّعَاة ـ وَمَا هُمْ فِيهِ مِنَ المُعَانَاة، فَكَمْ مِنْ مَوْهُوبٍ لَوْذَعِيّ؛ حَرَمَهُ مَكْتَبُ التَّنْسِيقِ مِنَ التَّعْلِيمِ الجَامِعِيّ، وَكَأَنَّ اجْتِيَازَ الثَّانَوِيَّةِ العَامَّةِ بمَجَامِيعَ كَبِيرَة؛ هِيَ مِقْيَاسُ العَبْقَرِيَّةِ في الدُّوَلِ الفَقِيرَة، مَا ذَنْبُ الأُدَبَاءِ وَالعُلَمَاءِ وَالشُّعَرَاءِ الَّذِينَ عَمِلُواْ بِالتِّجَارَة، أَوْ بِدَوَاوِينِ الوَزَارَة، وَهُمْ غَايَةٌ في العَبْقَرِيَّةِ وَالمَهَارَة، وَمِنهُمْ مَن حَرَمُوهُ حَتىَّ مِن حَقِّهِ في التَّوْظِيف؛ وَأَقْعَدُوهُ عَلَى الرَّصِيف، وَطَالَمَا ضَيَّعَتْ خُطَّةُ التَّعْلِيمِ
في الدُّوَلِ المُتَخَلِّفَة؛ مِنَ النَّوَابِغِ وَالعَبَاقِرَةِ أُلُوفَاً مُؤَلَّفَة، وَإِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعَى، ثمَّ نَتَسَاءَ لُ بَعْدَ كُلِّ هَذَا العَجَب؛ عَنْ سِرِّ تخَلُّفِ العَرَب؟!
نحْنُ لَا نُطَالِبُ بِتَقْوِيضِ مَكَاتِبِ التَّنْسِيق؛ حَتىَّ لَا نُرْمَى بِالجُنُون، لَكِنْ كُلُّ مَا نُنَادِي لَهُ بِالتَّطْبِيق، هُوَ أَنْ يُقَوَّمَ المُبْدِعُونَ الهُوَاةُ بِإِبْدَاعِهِمْ في الآدَابِ وَالفُنُون؛ فَكَيْفَ يُحْرَمُونَ مِمَّا أَرَادُواْ مِنَ الجَامِعَات، لمجَرَّدِ انخِفَاضٍ في الدَّرَجَات، وَيُكَرِّمُ أَصْحَابُ المِيدَالْيَات، كَيْفَ نَتْرُكُ تَقْيِيمَهُمْ بِالإِبْدَاع، وَنُقَيِّمُهُمْ بِانخِفَاضٍ في المجْمُوعِ أَوِ ارْتِفَاع، وَنَتَجَاهَلُ بِذَلِكَ مُسْتَوَاهُمُ الأَدَبيَّ وَالعِلْمِيَّ المُتَقَدِّم، وَإِذَا وُجِدَ المَاءُ بَطَلَ التَّيَمُّم 00؟!
وَأَذْكُرُ مِن هَؤُلَاءِ العُلَمَاء؛ بَعْضَ الأَسْمَاء، الَّتي شَرُفْتُ بِلِقَائِهِمْ وَمَا كَانَ أَجْمَلَهُ مِنْ لِقَاء: الشَّيْخ مُصْطَفَى عَبْدُه، الَّذِي يُرَاجِعُ أَكْبَرَ الفُقَهَاءِ في عَصْرِنَا، وَيُقِرُّونَ لَهُ بِالفَضْل، وَمَعَ ذَلِكَ يَعْمَلُ في محِلٍّ لِبَيْعِ قِطَعِ غِيَارِ السَّيَّارَات 00!!
وَالشَّيْخِ شِحَاتَة سَعِيد عَبْد اللَّطِيف، ذَلِكَ الرَّجُلِ الْعَفِيف ـ الَّذِي هُوَ مِن أَبْنَاءِ الرِّيف ـ وَالَّذِي يحْفَظُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيث، وَسَيَأْتي عَنهُ الحَدِيث، وَمَعَ ذَلِكَ يَعْمَلُ أُسْطَى بَنَّاءً 00!!
وَالأَسْتَاذ محَمَّد عَبْد الحَلِيم، الَّذِي يَعْمَلُ مُهَنْدِسَاً في إِحْدَى شَرِكَاتِ البَطَّارِيَّات، بِرَغْمِ أَنَّهُ حُجَّةٌ في عُلُومِ الشَّرِيعَةِ كَافَّة، وَعَلَاّمَةٌ في التَّفْسِير 00!!
وَالشَّيْخ سَيِّد مهَنىَّ، العَالِمُ البَيْطَار، الضَّلِيعُ المِغْوَار، في أُصُولِ الفِقْهِ وَالحَدِيث، وَالَّذِي أَذْكُرُ أَنيَّ لَقِيتُهُ يَوْمَ لَقِيتُهُ بِلَا عَمَل، وَكَانَ حِينَهَا يُفَكِّرُ أَنْ يَعْمَلَ تُرَى أَيْن 00؟ في سُوبَر مَارْكِت 00!!
وَصَدِيقُنَا سَمِيرٌ القَاضِي، الَّذِي وَبِرَغْمِ بُلُوغِهِ السِّتِّين، لَمْ تُنْشَرْ لَهُ دَوَاوِين، رَغْمَ مَوْهِبَتِهِ الفَذَّة، وَرَغْمَ أَنَّهُ مَشْهُورٌ في الأَوْسَاطِ الأَدَبِيَّة، وَتِلْكَ عَادَتُنَا: نَقْتُلُ الأَدِيبَ وَنُوَارِيه، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ وَنَبْكِيه 00!!
مِن أَجْلِ كُلِّ هَؤُلَاءِ الغُرِّ المَيَامِين، وِمِن أَجْلِ أَمْثَالِهِمْ في سَائِرِ بِلَادِ المُسْلِمِين؛ قُمْتُ بِالكِتَابَةِ في هَذَا المَوْضُوعِ الحَزِين؛ عَسَى أَنْ يجِدَ الصَّدَىً لَدَى أَهْلِ المُرُوءةِ مِنَ الأَثْرِيَاء؛ فَيُنْشِئُواْ مُؤَسَّسَةً تَرْعَى هَؤُلَاء، تُنْقِذُهُمْ مِنَ الضَّيَاع، وَتُعِينُهُمْ عَلَى التَّفَرُّغِ لِلْعِلْمِ وَالبَحْثِ وَالإِبْدَاع 00!!
هَذَا 00 وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيل، عَلَيْهِ تَوَكَّلنَا وَهُوَ نِعْمَ الوَكِيل 0
الفَقِيرُ إِلى عَفْوِ رَبِّهِ وَدُعَائِكُمْ / يَاسِر الحَمَدَاني